- عربي - نصوص الآيات عثماني : يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
- عربى - نصوص الآيات : يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون
- عربى - التفسير الميسر : يعتقدون بجهلهم أنهم يخادعون الله والذين آمنوا بإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر، وما يخدعون إلا أنفسهم؛ لأن عاقبة خداعهم تعود عليهم. ومِن فرط جهلهم لا يُحِسُّون بذلك؛ لفساد قلوبهم.
- السعدى : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
وإنما هذا مخادعة لله ولعباده المؤمنين. والمخادعة: أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا, ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع، فهؤلاء المنافقون, سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك, فعاد خداعهم على أنفسهم، فإن هذا من العجائب؛ لأن المخادع, إما أن ينتج خداعه ويحصل له ما يريد أو يسلم, لا له ولا عليه، وهؤلاء عاد خداعهم عليهم, وكأنهم يعملون ما يعملون من المكر لإهلاك أنفسهم وإضرارها وكيدها؛ لأن الله تعالى لا يتضرر بخداعهم [شيئا] وعباده المؤمنون, لا يضرهم كيدهم شيئا، فلا يضر المؤمنين أن أظهر المنافقون الإيمان, فسلمت بذلك أموالهم وحقنت دماؤهم, وصار كيدهم في نحورهم, وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا, والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة. ثم في الآخرة لهم العذاب الأليم الموجع المفجع, بسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم, والحال أنهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك.
- الوسيط لطنطاوي : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
( يُخَادِعُونَ الله والذين آمَنُوا ) .
والخدع في أصل اللغة : الإِخفاء والإِبهام ، يقال خدعه - كمنعه - خدعا ، ختله وأراد به مكروها من حيث لا يعلم؛ وأصله من خدع الضب حارسه إذ أظهر الإِقبال عليه ثم خرج من باب آخر .
وخداعهم لله - تعالى - معناه إظهارهم الإِيمان وإبطانهم الكفر ليحقنوا دماءهم وأموالهم ، ويفوزوا بسهم من الغنائم ، وسمى فعلهم هذا خداعاً لله - تعالى - لأن صورته صورة الخداع ، فالجملة الكريمة مسوقة على أسلوب المشاكلة ، ولا يجوز حملها على الحقيقة ، لأنه - سبحانه - لا يخفى عليه صنع المنافقين؛ بل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء . قال - تعالى - ( إِنَّ المنافقين يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ )
أما خداعهم للمؤمنين فمن مظاهره إظهارهم لهم أنهم إخوانهم في العقيدة وأنهم لا يريدون لهم إلا الخير . بينما هم في الحقيقة يضمرون لهم إلا الخير . بينما هم في الحقيقة يضمرون لهم العداوة ويتربصون بهم الدوائر .
وجاءت الآية الكريمة هكذا بدون عطف ، لأنها جواب سؤال نشأ من الآية السابقة ، إذ أن قول المنافقين " آمنا " وما هم بمؤمنين ، يثير في نفس السامعين استفهاما عما يدعو هؤلاء لمثل تلك الحالة المضطربة والحياة القلقة المقامة على الكذب ، فكان الجواب : إنهم يفعلون ذلك محاولين مخادعة المؤمنين ، جهلا منهم بصفات خالقهم .
وقال القرآن : ( يُخَادِعُونَ الله والذين آمَنُوا ) . ولم يذكر مخادعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولعل الحكمة في ذلك أن القرآن يعتبر مخادعة لرسوله ، لأنه هو الذي بعثه إليهم ، وهو المبلغ عن الله أحكامه وشرائعه . قال - تعالى - :
( إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وقال - تعالى ( مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله ) ثم بين - سبحانه - غفلتهم وغباءهم فقال : ( وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ) .
الأنفس : جمع نفس بمعنى ذات الشيء وحقيقته . وتطلق على الجوهر اللطيف الذي يكون به الحس والحركة والإدراك .
ويشعرون : مضارع شعر بالشيء - كنصر وكرم - يقال : شعر بالشيء أي : فطن له ، ومنه الشاعر لفطنته ، لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره من غريب المعاني ودقائقها .
والشعور : العلم الحاصل بالحواس ، ومنه مشاعر الإنسان أي : حواسه .
والمعنى : أن هؤلاء المنافقين لم يخادعوا الله لعلمه بما يسرون ، ولم يخادعوا المؤمنين لأن الله يدفع عنهم ضرر خداع المنافقين ، وإنما يخدعون أنفسهم لأن ضرر المخادعة عائد عليهم ولكنهم لا يشعرون بذلك . لأن ظلام الغي خالط قلوبهم ، فجعلهم عديمي الشعور ، فاقدي الحس .
وأتى بجملة " وما يخدعون إلا أنفسهم " بأسلوب القصر مع أن خداعهم للمؤمنين قد ينالهم بسببه ضرر ، لأن أولئك المنافقين سيصيبهم عذاب شديد بسبب ذلك ، أما المؤمنون فحتى لو نالهم ضرر فلهم عند الله ثوابه .
ونفى عنهم الشعور مع سلامة مشاعرهم ، لأنهم لم ينتفعوا من نعمتها ، ولم يستعملوها فيما خلقت له ، فكانوا كالفاقدين لها .
- البغوى : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
{يخادعون الله}: أي يخالفون الله، وأصل الخدع في اللغة الإخفاء، ومنه المخدع للبيت الذي يخفى فيه المتاع فالمخادع يظهر خلاف ما يضمر.
والخدع من الله في قوله: {وهو خادعهم} [182-النساء] أي يظهر لهم ويعجل لهم من النعيم في الدنيا خلاف ما يغيب عنهم من عذاب الآخرة.
وقيل: أصل الخدع: الفساد؛ معناه يفسدون ما أظهروا من الإيمان بما أضمروا من الكفر.
وقوله: {وهو خادعهم}: أي يفسد عليهم نعيمهم في الدنيا بما يصيرهم إليه من عذاب الآخرة.
-فإن قيل ما معنى قوله: {يخادعون الله} والمفاعلة للمشاركة وقد جل الله تعالى عن المشاركة في المخادعة؟ قيل: قد ترد المفاعلة لا على معنى المشاركة كقولك عافاك الله وعاقبت فلاناً، وطارقت النعل.
وقال الحسن: "معناه يخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم"، كما قال الله تعالى: {إن الذين يؤذون الله} [57- الأحزاب] أي أولياء الله.
وقيل: ذكر الله ها هنا تحسين والقصد بالمخادعة الذين آمنوا كقوله تعالى: {فأن لله خمسه وللرسول} [41- الأنفال].
وقيل: معناه يفعلون في دين الله ما هو خداع في دينهم.
{والذين آمنوا}: أي و يخادعون المؤمنين بقولهم إذا رأوهم (آمنا) وهم غير مؤمنين.
{وما يخدعون} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وما يخادعون كالحرف الأول وجعلوه من المفاعلة التي تختص بالواحد، وقرأ الباقون: وما يخدعون على الأصل.
{إلا أنفسهم}: لأن وبال خداعهم راجع إليهم؛ لأن الله تعالى يُطْلِع نبيه صلى الله عليه وسلم على نفاقهم فيفتضحون في الدنيا ويستوجبون العقاب في العقبى.
{وما يشعرون}: أي لا يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم وأن وبال خداعهم يعود عليهم.
- ابن كثير : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
وقوله تعالى : ( يخادعون الله والذين آمنوا ) أي : بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر ، يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك ، وأن ذلك نافعهم عنده ، وأنه يروج عليه كما يروج على بعض المؤمنين ، كما قال تعالى : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) [ المجادلة : 18 ] ؛ ولهذا قابلهم على اعتقادهم ذلك بقوله : ( وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) يقول : وما يغرون بصنيعهم هذا ولا يخدعون إلا أنفسهم ، وما يشعرون بذلك من أنفسهم ، كما قال تعالى : ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ) [ النساء : 142 ] .
ومن القراء من قرأ : " وما يخادعون إلا أنفسهم " ، وكلا القراءتين ترجع إلى معنى واحد .
قال ابن جرير : فإن قال قائل : كيف يكون المنافق لله وللمؤمنين مخادعا ، وهو لا يظهر بلسانه خلاف ما هو له معتقد إلا تقية ؟
قيل : لا تمتنع العرب أن تسمي من أعطى بلسانه غير الذي في ضميره تقية ، لينجو مما هو له خائف ، مخادعا ، فكذلك المنافق ، سمي مخادعا لله وللمؤمنين ، بإظهاره ما أظهر بلسانه تقية ، مما تخلص به من القتل والسباء والعذاب العاجل ، وهو لغير ما أظهر ، مستبطن ، وذلك من فعله - وإن كان خداعا للمؤمنين في عاجل الدنيا - فهو لنفسه بذلك من فعله خادع ، لأنه يظهر لها بفعله ذلك بها أنه يعطيها أمنيتها ، ويسقيها كأس سرورها ، وهو موردها حياض عطبها ، ومجرعها بها كأس عذابها ، ومزيرها من غضب الله وأليم عقابه ما لا قبل لها به ، فذلك خديعته نفسه ، ظنا منه - مع إساءته إليها في أمر معادها - أنه إليها محسن ، كما قال تعالى : ( وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) إعلاما منه عباده المؤمنين أن المنافقين بإساءتهم إلى أنفسهم في إسخاطهم عليها ربهم بكفرهم ، وشكهم وتكذيبهم ، غير شاعرين ولا دارين ، ولكنهم على عمياء من أمرهم مقيمون .
وقال ابن أبي حاتم : أنبأنا علي بن المبارك ، فيما كتب إلي ، حدثنا زيد بن المبارك ، حدثنا محمد بن ثور ، عن ابن جريج ، في قوله تعالى : ( يخادعون الله ) قال : يظهرون لا إله إلا الله يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم ، وفي أنفسهم غير ذلك .
وقال سعيد ، عن قتادة : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) نعت المنافق عند كثير : خنع الأخلاق ، يصدق بلسانه وينكر بقلبه ويخالف بعمله ، يصبح على حال ويمسي على غيره ، ويمسي على حال ويصبح على غيره ، ويتكفأ تكفؤ السفينة ، كلما هبت ريح هب معها .
- القرطبى : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
قوله تعالى : يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون
قال علماؤنا : معنى يخادعون الله أي يخادعونه عند أنفسهم وعلى ظنهم . وقيل : قال ذلك لعملهم عمل المخادع . وقيل : في الكلام حذف ، تقديره : يخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن الحسن وغيره . وجعل خداعهم لرسوله خداعا له ، لأنه دعاهم برسالته ، وكذلك إذا خادعوا المؤمنين فقد خادعوا الله . ومخادعتهم : ما أظهروه من الإيمان خلاف ما أبطنوه من الكفر ، ليحقنوا دماءهم وأموالهم ، ويظنون أنهم قد نجوا وخدعوا ، قاله جماعة من المتأولين . وقال أهل اللغة : أصل الخدع في كلام العرب الفساد ، حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي . وأنشد :
أبيض اللون لذيذ طعمه طيب الريق إذا الريق خدع
قلت : ف يخادعون الله على هذا ، أي يفسدون إيمانهم وأعمالهم فيما بينهم وبين الله تعالى بالرياء . وكذا جاء مفسرا عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما يأتي . وفي التنزيل : يراؤون الناس . وقيل : أصله الإخفاء ، ومنه مخدع البيت الذي يحرز فيه الشيء ، حكاه ابن فارس وغيره . وتقول العرب : انخدع الضب في جحره .
قوله تعالى : وما يخدعون إلا أنفسهم نفي وإيجاب ، أي ما تحل عاقبة الخدع إلا بهم . ومن كلامهم : من خدع من لا يخدع فإنما يخدع نفسه . وهذا صحيح ، لأن الخداع إنما يكون مع من لا يعرف البواطن ، وأما من عرف البواطن فمن دخل معه في الخداع فإنما يخدع نفسه . ودل هذا على أن المنافقين لم يعرفوا الله ; إذ لو عرفوه لعرفوا أنه لا يخدع ، وقد تقدم من قوله عليه السلام أنه قال : لا تخادع الله فإنه من يخادع الله يخدعه الله ونفسه يخدع لو يشعر قالوا : يا رسول الله ، وكيف يخادع الله ؟ قال : تعمل بما أمرك الله به وتطلب به غيره . وسيأتي بيان الخدع من الله تعالى كيف هو عند قوله تعالى : الله يستهزئ بهم . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : يخادعون في الموضعين ، ليتجانس اللفظان . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر : " يخدعون " الثاني . والمصدر خدع ( بكسر الخاء ) وخديعة ، حكى ذلك أبو زيد . وقرأ مورق العجلي : " يخدعون الله " ( بضم الياء وفتح الخاء وتشديد الدال ) على التكثير . وقرأ أبو طالوت عبد السلام بن شداد والجارود بضم الياء وإسكان الخاء وفتح الدال ، على معنى وما يخدعون إلا عن أنفسهم ، فحذف حرف الجر ، كما قال تعالى : واختار موسى قومه أي من قومه .
قوله تعالى : وما يشعرون أي يفطنون أن وبال خدعهم راجع عليهم ، فيظنون أنهم قد نجوا بخدعهم وفازوا ، وإنما ذلك في الدنيا ، وفي الآخرة يقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا على ما يأتي . قال أهل اللغة : شعرت بالشيء أي فطنت له ، ومنه الشاعر لفطنته ; لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره من غريب المعاني . ومنه قولهم : ليت شعري ، أي ليتني علمت .
- الطبرى : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
القول في تأويل جل ثناؤه: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا
قال أبو جعفر: وخداعُ المنافق ربَّه والمؤمنينَ، إظهارُه بلسانه من القول والتصديق، خلافَ الذي في قلبه من الشكّ والتكذيب، ليدْرَأ عن نفسه، بما أظهر بلسانه، حكمَ الله عز وجلّ - اللازمَ مَن كان بمثل حاله من التكذيب، لو لم يُظْهِرْ بلسانه ما أظهرَ من التصديق والإقرار - من القَتْل والسِّباء. فذلك خِداعُه ربَّه وأهلَ الإيمان بالله.
فإن قال قائل: وكيف يكون المنافق لله وللمؤمنين مُخادِعًا، وهو لا يظهر بلسانه خلافَ ما هو له معتقدٌ إلا تَقِيَّةً؟
قيل: لا تمتنعُ العربُ من أنْ تُسمّي من أعطى بلسانه غيرَ الذي هو في ضميره تَقِيَّةً لينجو مما هو له خائف, فنجا بذلك مما خافه - مُخادِعًا لمن تخلص منه بالذي أظهر له من التَّقيّة. فكذلك المنافق، سمي مخادعًا لله وللمؤمنين، بإظهاره ما أظهر بلسانه تقيَّةً، مما تخلَّص به من القتل والسِّباء والعذاب العاجل, وهو لغير ما أظهر مستبطِنٌ. وذلك من فعلِه - وإن كان خِدَاعًا للمؤمنين في عاجل الدنيا - فهو لنفسه بذلك من فعله خادعٌ، لأنه يُظهر لها بفعله ذلك بها، أنه يُعطيها أمنيَّتها، وُيسقيها كأسَ سُرورها, وهو مُورِدُها به حِياض عَطَبها, ومجَرِّعها به كأس عَذابها, ومُزِيرُها من غَضب الله وأليم عقابه ما لا قبل لها به (49) . فذلك خديعَتُه نفسه، ظَنًّا منه - مع إساءته إليها في أمر معادها - أنه إليها محسن, كما قال جل ثناؤه: وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ، إعلامًا منه عبادَه المؤمنين أنَّ المنافقين بإساءتهم إلى أنفُسهم في إسخاطهم رَّبهم بكُفْرهم وشكِّهم وتكذيبهم - غيرُ شاعرين ولا دارين, ولكنهم على عَمْيَاء من أمرِهم مُقيمون.
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك، كان ابن زيد يقول.
320- حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألت عبد الرحمن بن زيد عن قوله الله جل ذكره: ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) إلى آخر الآية, قال: هؤلاء المنافِقُون، يخادعون الله ورسولَه والذين آمنوا, أنهم مؤمنون بما أظهروا (50) .
وهذه الآية من أوضح الدليل على تكذيب الله جلّ ثناؤه الزاعمين: أن الله لا يُعذِّب من عباده إلا من كَفَر به عنادًا, بعد علمه بوحدانيته, وبعد تقرُّر صحة ما عاندَ ربّه تبارك وتعالى عليه مِن تَوْحيده، والإقرار بكتبه ورُسله - عنده. لأن الله جلّ ثناؤه قد أخبرَ عن الذين وَصفهم بما وصفهم به من النفاق، وخِداعهم إياه والمؤمنين - أنهم لا يشعرون أنهم مُبْطلون فيما هم عليه من الباطل مُقِيمون, وأنَّهم بخداعهم - الذي يحسبون أنهم به يُخادعون ربهم وأهلَ الإيمان به - مخدوعون. ثم أخبر تعالى ذكره أنّ لهم عذابًا أليمًا بتكذيبهم بما كانوا يكذِّبون من نبوة نبيّه، واعتقاد الكفر به, وبما كانوا يَكذِبون في زعمهم أنهم مؤمنون, وهم على الكفر مُصِرُّون.
فإن قال لنا قائل: قد علمت أن " المُفاعلة " لا تكون إلا من فاعلَيْن, كقولك: ضاربتُ أخاك, وجالست أباك - إذا كان كل واحد مجالس صَاحبه ومضاربَه. فأما إذا كان الفعلُ من أحدهما، فإنما يقال: ضربتُ أخاك، وجلست إلى أبيك, فمَنْ خادع المنافق فجاز أن يُقال فيه: خادع الله والمؤمنين؟
قيل: قد قال بعضُ المنسوبين إلى العلم بلغات العرب (51) : إنّ ذلك حرفٌ جاء بهذه الصورة أعني" يُخَادِع " بصورة " يُفَاعل "، وهو بمعنى " يَفْعَل "، في حروفٍ أمثالها شاذةٍ من منطقِ العرب, نظيرَ قولهم: قاتَلك الله, بمعنى قَتَلك الله.
وليس القول في ذلك عندي كالذي قال, بل ذلك من " التفاعل " الذي لا يكون إلا من اثنين، كسائر ما يُعرف من معنى " يفاعل ومُفاعل " في كل كلام العرب. وذلك: أن المنافق يُخادع الله جل ثناؤه بكَذبه بلسانه - على ما قد تقدّم وصفه - والله تبارك اسمه خادِعُه، بخذلانه عن حسن البصيرة بما فيه نجاةُ نفسه في آجل مَعادِه, كالذي أخبر في قوله: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا [سورة آل عمران: 178]، وبالمعنى الذي أخبرَ أنه فاعلٌ به في الآخرة بقوله: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [سورة الحديد: 13]، فذلك نظيرُ سائر ما يأتي من معاني الكلام بـ " يُفاعِل ومُفاعل ". وقد كان بعض أهل النحو من أهل البصرة يقول: لا تكون المفاعلة إلا من شيئين, ولكنه إنما قيل: " يُخادِعون الله " عند أنفسهم، بظنِّهم أن لا يعاقَبُوا, فقد علموا خلافَ ذلك في أنفسهم، بحجة الله تبارك اسمه الواقعة على خلقه بمعرفته، وما يخدعون إلا أنفسهم. قال: وقد قال بعضُهم: وَمَا يَخْدَعُونَ يقول: يخدَعُون أنفسهم بالتَّخْلية بها (52) . وقد تكون المفاعلة من واحد في أشياء كثيرة.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ
إن قال قائل: أو ليس المنافقون قد خدعُوا المؤمنين - بما أظهرُوا بألسنتهم من قيل الحق - عن أنفسهم وأموالِهم وذَرَاريهم حتى سلمت لهم دنياهم، وإن ص[ 1-276 ] كانوا قد كانوا مخدوعين في أمر آخرتهم؟
قيل: خَطأٌ أن يقال إنهم خَدعوا المؤمنين. لأنَّا إذا قلنا ذلك، أوجبنا لهم حقيقةَ خدعةٍ جازت لهم على المؤمنين (53) . كما أنَّا لو قلنا: قتل فلان فلانًا, أوجبنا له حقيقةَ قتلٍ كان منه لفلان. ولكنا نقول: خادَع المنافقون رَبَّهم والمؤمنين, ولم يَخْدَعوهم بَل خَدعوا أنفسهم, كما قال جل ثناؤه, دون غيرها, نظيرَ ما تقول في رجل قاتَل آخر، فقتَل نفسَه ولم يقتُل صاحبه: قاتَل فلان فلانًا فلم يقتل إلا نفسه, فتوجبُ له مقاتَلةَ صاحبه, وتنفي عنه قتلَه صاحبَه, وتوجب له قتل نفسه. فكذلك تقول: " خادَعَ المنافقُ ربَّه والمؤمنين فلم يخدعْ إلا نفسه "، فتثبت منه مخادعةَ ربه والمؤمنين, وتنفي عنه أن يكونَ خَدع غير نَفسه، لأن الخادعَ هو الذي قد صحّت الخديعة له، وَوقع منه فعلُها. فالمنافقون لم يخدَعوا غيرَ أنفسهم, لأنّ ما كان لهم من مال وأهلٍ، فلم يكن المسلمون مَلَكوه عليهم - في حال خِداعهم إياهم عنه بنفاقهم وَلا قَبْلها - فيستنقِذُوه بخداعهم منهم, وإنما دافعوا عنه بكذبهم وإظهارهم بألسنتهم غيرَ الذي في ضمائرهم, ويحكُم الله لهم في أموالهم وأنفسهم وذراريهم في ظاهر أمورِهم بحُكْم ما انتسبوا إليه من الملّة, والله بما يُخْفون من أمورِهم عالم. وإنما الخادع من خَتَل غيرَهُ عن شيئِه, والمخدوعُ غير عالم بموضع خديعةِ خادعِهِ. فأما والمخادَع عارفٌ بخداعِ صاحبه إياه = غير لاحقِه من خداعه إيّاه مكروهٌ, بل إنما يَتجافى للظَّانّ به أنه له مُخادع، استدراجًا، ليبلغ غايةً يتكامل له عليه الحُجَّةُ للعقوبة التي هو بها مُوقع عند بلوغه إياها (54) ، والمُسْتَدرَج غيرُ عالم بحال نفسه عند مستدرِجِه, ولا عارف باطِّلاعه على ضميره, وأنّ إمهالَ مستدرِجِه إياه، تركه معاقبته على جرمه (55) ليبلغ المخاتِل المخادِعُ - من استحقاقه عقوبةَ مستدرِجِه، بكثرة إساءته، وطولِ عِصيانه إياه، وكثرة صفح المستدرِج، وطول عفوه عنه أقصى غايةٍ (56) = فإنما هو خادع نفسه لا شك، دون من حدّثته نفسه أنه له مخادعٌ. ولذلك نَفى الله جل ثناؤه عن المنافق أن يكونَ خدَعَ غيرَ نفسه, إذ كانت الصِّفةُ التي وَصَفنا صفتَه.
وإذ كان الأمر على ما وصفنا من خِدَاع المنافق ربَّه وأهلَ الإيمان به, وأنه غير صائر بخداعه ذلك إلى خديعةٍ صحيحة إلا لنفسه دون غيرها، لما يُوَرِّطها بفعله من الهلاك والعطب - فالواجب إذًا أن يكون الصحيح من القراءة: ( وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ ) دون ( وما يخادعون ) لأن لفظ " المخادع " غير مُوجب تثبيتَ خديعةٍ على صحَّة, ولفظ " خادع " موجب تثبيت خديعة على صحة. ولا شك أن المنافق قد أوْجبَ خديعة الله عز وجل لِنَفْسه بما رَكِبَ من خداعه ربَّه ورسولَه والمؤمنين - بنفاقه, فلذلك وجبَت الصِّحةُ لقراءة من قرأ: ( وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ ).
ومن الدلالة أيضًا على أن قراءة من قرأ: ( وَمَا يَخْدَعُونَ ) أولى بالصحة من قراءة من قرأ: ( وما يخادعون )، أن الله جل ثناؤه قد أخبر عنهم أنهم يُخادعون الله والمؤمنين في أول الآية, فمحال أن يَنفي عنهم ما قد أثبت أنهم قد فعلوه, لأن ذلك تضادٌّ في المعنى, وذلك غير جائزٍ من الله جلّ وعزّ.
القول في تأويل قول الله جل ثناؤه: وَمَا يَشْعُرُونَ (9)
يعني بقوله جل ثناؤه " وما يَشعرون "، وما يَدْرُون. يقال: ما شَعَرَ فلانٌ بهذا الأمر, وهو لا يشعر به -إذا لم يَدْرِ ولم يَعْلم- شِعرًا وشعورًا. وقال الشاعر:
عَقَّـوْا بِسَـهمٍ وَلَـمْ يَشْـعُر بِـهِ أَحَـدٌ
ثُـمَّ اسْـتَفَاءُوا وَقَـالُوا: حَـبَّذَا الوَضَحُ (57)
يعني بقوله: لم يَشعر به، لم يدر به أحد ولم يعلم. فأخبر الله تعالى ذكره عن المنافقين: أنهم لا يشعرون بأن الله خادِعُهم، بإملائه لهم واستدراجِه إياهم، الذي هو من الله جل ثناؤه إبلاغٌ إليهم في الحجة والمعذرة, ومنهم لأنفسهم خديعةٌ, ولها في الآجل مَضرة. كالذي-:
321- حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألت ابن زيد عن قوله: ( وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ )، قال: ما يشعرون أنهم ضَرُّوا أنفسهم، بما أسَرُّوا من الكفر والنِّفاق. وقرأ قول الله تعالى ذكره: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ، قال: هم المنافقون حتى بلغ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ [سورة المجادلة: 18]، قد كان الإيمان ينفعهم عندكم (58) .
--------------
الهوامش :
(49) في المطبوعة : "ومذيقها من غضب الله" ، وفي المخطوطة : "ومربدها . . . " ، وفي تفسير ابن كثير 1 : 87"ومز برها . . . " ، والصواب ما أثبتناه ، وأزاره : حمله على الزيارة . وفي حديث طلحة : " . . . حتى أزرته شعوب" ، وشعوب هي المنية ، أي أوردته المنية فزارها . وجعلها زيارة ، وهي هلاك . سخرية بهم واستهزاء ، لقبح غرورهم بربهم ، وفرحهم بما مد لهم من العمر والمال والمتاع .
(50) الأثر 320- في الدر المنثور 1 : 30 ، والشوكاني 1 : 30 بتمامه ، ويأتي تمامه في تفسير بقية الآية برقم : 321 .
(51) يعني أبا عبيدة في كتابه"مجاز القرآن" : 31 .
(52) يعني بقوله"بالتخلية بها" ، أي بالانفراد بها وإخفاء ما يبطنون من الكفر . كأن أراد أن يجعل اشتقاق"يخدعون" من المخدع ، وهو البيت الصغير داخل البيت الكبير ، وأراد الستر الشديد لما يبطنون . وأخلى بفلان يخلى به إخلاء : انفرد به في مكان خال . واستعمل"التخلية" بمعنى أنه حمل على الخلوة ، كأنه حمل نفسه على الخلوة بها والانفراد ، ليخفى ما فيها . وهذا الذي ذكره شرح لبقية الآية الذي سيأتي بعد .
(53) في المطبوعة : "جاءت لهم على المؤمنين" ، وهو خطأ .
(54) في المطبوعة : "التي هو بها موقع" ، وعنى : العقوبة التي هو موقعها به . . .
(55) في المطبوعة : "وأن إمهال مستدرجه ، وتركه إياه معاقبته على جرمه" ، وهو خطأ مفسد للمعنى .
(56) سياق هذه العبارة : "ليبلغ المخاتل المخادع . . . أقصى غاية" ، وسياق الذي يليها من صدر الجملة : "فأما والمخادع عارف . . . فإنما هو خادع نفسه . . . " ، وما بينهما فصل طويل .
(57) الشعر للمتنخل الهذلي ، ديوان الهذليين 2 : 31 ، وأمالي القالي 1 : 248 ، وسمط اللآلئ 563 . عقى بالسهم : رمى به في السماء لا يريد به شيئًا ، وأصله في الثأر والدية ، وذلك أنهم كانوا يجتمعون إلى أولياء المقتول بدية مكملة ، ويسألونهم قبول الدية . فإن كانوا أقوياء أبوا ذلك ، وإلا أخذوا سهمًا ورموا به في السماء ، فإن عاد مضرجًا بدم ، فقد زعموا أن ربهم نهاهم عن أخذ الدية . وإن رجع كما صعد ، فقد زعموا أن ربهم أمرهم بالعفو وأخذ الدية . وكل ذلك أبطل الإسلام . وفاء واستفاء : رجع . والوضح : اللبن . يهجوهم بالذلة والدناءة ، فأهدروا دم قتيلهم ، ورموا بالسهم الذي يزعمونه يأمرهم وينهاهم ، ورجعوا عن طلب الترة إلى قبول الدية ، وآثروا إبل الدية وألبانها على دم قاتل صاحبهم ، وقالوا في أنفسهم : اللبن أحب إلينا من القود وأنفع .
(58) الأثر 321- هو تمام الأثر الذي سلف : 320 .
- ابن عاشور : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
جملة : { يخادعون } بدل اشتمال من جملة : { يقول آمنا بالله } [ البقرة : 8 ] وما معها لأن قولهم ذلك يشتمل على المخادعة . والخداع مصدر خادع الدال على معنى مفاعلة الخدع ، والخدع هو فعل أو قول معه ما يوهم أن فاعله يريد بمدلوله نفع غيره وهو إنما يريد خلاف ذلك ويتكلف ترويجه على غيره ليغيره عن حالة هو فيها أو يصرفه عن أمر يوشك أن يفعله ، تقول العرب : خدع الضب إذا أوهم حارشه أنه يحاول الخروج من الجهة التي أدخل فيها الحارش يده حتى لا يرقبه الحارش لعلمه أنه آخذه لا محالة ثم يخرج الضب من النافقاء .
والخداع فعل مذموم إلا في الحرب والانخداع تمشي حيلة المخادع على المخدوع وهو مذموم أيضاً لأنه من البله وأما إظهار الانخداع مع التفطن للحيلة إذا كانت غير مضرة فذلك من الكرم والحلم قال الفرزدق :
استمطروا من قريش كل منخدع ... إن الكريمَ إذا خادعته انخدعا
وفي حديث " المؤمن غر كريم " أي من صفاته الصفح والتغاضي حتى يظن أنه غر ولذلك عقبه بكريم لدفع الغرية المؤذنة بالبله فإن الإيمان يزيد الفطنة لأن أصول اعتقاده مبنية على نبذ كل ما من شأنه تضليل الرأي وطمس البصيرة ألا ترى إلى قوله : " والسعيد من وعظ بغيره " مع قوله : " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " ، وكلها تنادي على أن المؤمن لا يليق به البله وأما معنى «المؤمن غر كريم» فهو أن المؤمن لما زكت نفسه عن ضمائر الشر وخطورها بباله وحمل أحوال الناس على مثل حاله فعرضت له حالة استئمان تشبه الغرية قال ذو الرمة :
تلك الفتاة التي علقتها عرضاً ... إِنَّ الحليم وذا الإسلام يختلب
فاعتذر عن سرعة تعلقه بها واختلابها عقله بكرم عقله وصحة إسلامه فإن كل ذلك من أسباب جودة الرأي ورقة القلب فلا عجب أن يكون سريع التأثر منها .
ومعنى صدور الخداع من جانبهم للمؤمنين ظاهر ، وأما مخادعتهم الله تعالى المقتضية أن المنافقين قصدوا التمويه على الله تعالى مع أن ذلك لا يقصده عاقل يعلم أن الله مطلع على الضمائر والمقتضية أن الله يعاملهم بخداع ، وكذلك صدور الخداع من جانب المؤمنين للمنافقين كما هو مقتضى صيغة المفاعلة مع أن ذلك من مذموم الفعل لا يليق بالمؤمنين فعله فلا يستقيم إسناده إلى الله ولا قصد المنافقين تعلقه بمعاملتهم لله كل ذلك يوجب تأويلاً في معنى المفاعلة الدال عليه صيغة { يخادعون } أو في فاعله المقدر من الجانب الآخر وهو المفعول المصرح به .
فأما التأويل في { يخادعون } فعلى وجوه :
أحدها : أن مفعول خَادع لا يلزم أن يكون مقصوداً للمخادِع بالكسر إذ قد يقصد خداع أحد فيصادف غيره كما يخادع أحد وكيلَ أحد في مال فيقال له أنت تخادع فلاناً وفلاناً تعني الوكيل وموكِّلَه ، فهم قصدوا خداع المؤمنين لأنهم يكذّبون أن يكون الإسلام من عند الله فلما كانت مخادعتهم المؤمنين لأجل الدِّين كان خداعهم راجعاً لشارع ذلك الدين ، وأمَّا تأويل معنى خداع الله تعالى والمؤمنين إياهم فهو إغضاء المؤمنين عن بوادرهم وفلتات أَلسُنهم وكبواتتِ أفعالهم وهفواتِهم الدال جميعها على نفاقهم حتى لم يزالوا يعاملونهم معاملة المؤمنين فإن ذلك لما كان من المؤمنين بإذن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لقد نهى من استأذنه في أن يقتل عبدَ الله بن أبي ابن سلول ، كان ذلك الصنيع بإذن الله فكان مرجعه إلى الله ، ونظيره قوله تعالى :
{ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم } في سورة النساء ( 142 ) ، كما رجع إليه خداعُهم للمؤمنين ، وهذا تأويل في المخادعة من جانبيها ، كل بما يلائمه .
الثاني : } ما ذكره صاحب «الكشاف» أن { يخادعون } استعارة تمثيلية تشبيهاً للهيئة الحَاصلة من معاملتهم للمؤمنين ولدين الله ، ومن معاملة الله إياهم في الإملاء لهم والإِبْقاء عليهم ، ومعاملة المؤمنين إياهم في إجراء أحكام المسلمين عليهم ، بهيئة فعل المتخادعَين .
الثالث : أن يكون خادع بمعنى خدع أي غير مقصود به حصول الفعل من الجانبين بل قَصْدُ المبالغة . قال ابن عطية عن الخليل : يقال خَادع مِنْ واحد لأن في المخادعة مُهْلةً كما يقال عَالجت المريضَ لمكان المهلة ، قال ابن عطية كأنه يرد فَاعَل إلى اثنين ولا بُدَّ من حيثُ إن فيه مهلة ومدافعة ومماطلة فكأنه يقاوم في المعنى الذي يجيء فيه فاعَلَ ا ه . وهذا يرجع إلى جعل صيغة المفاعلة مستعارة لِمعنى المبالغة بتشبيه الفعل القوي بالفعل الحاصل من فاعَلْين على وجه التبَعية ، ويؤيد هذا التأويل قراءة ابن عامر ومن معه : ( يخْدَعون الله ) . وهذا إنما يدفع الإشكال عن إسناد صدور الخداع من الله والمؤمنين مع تنزيه الله والمؤمنين عنه ، ولا يدفع إشكال صدور الخداع من المنافقين لله .
وأما التأويل في فَاعِل { يخادعون } المقدَّر وهو المفعول أيضاً فبأن يُجعل المراد أنهم يخادعون رسول الله فالإسناد إلى الله تعالى إما على طريقة المجاز العقلي لأجل الملابسة بين الرسول ومُرسله وإما مجازٌ بالحذف للمضاففِ ، فلا يكون مرادهم خداعَ الله حقيقة ، ويبقى أن يكون رسول الله مخدوعاً منهم ومخادعاً لهم ، وأما تجويز مخادعة الرسول والمؤمنين للمنافقين لأنها جزاءٌ لهم على خداعهم فذلك غير لائق .
وقوله : { يخادعون الله } قرأه نافع وابن كثير وأبو عَمرو وخلَف ( يخادعون ) بألف بعد الخاء وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب ( يخْدَعون ) بفتح التحتية وسكون الخاء .
وجملة { وما يخادعون إلا أنفسهم } حال من الضمير في { يُخادعون } الأول أي يخادعون في حال كونهم لا يخادعون إلا أنفسهم أي خداعهم مقصور عن ذواتهم لا يرجع شيء منه إلى الله والذين آمنوا ، فيتعين أن الخداع في قوله { وما يخادعون } عينُ الخِداع المتقدم في قوله : { يخادعون الله } فَيَرِد إشكال صحة قصر الخِداع على أنفسهم مع إثبات مخادعتهم الله تعالى والمؤمنين .
وقد أجاب صاحب «الكشاف» بما حاصله أن المخادعة الثانية مستعملة في لازم معنى المخادعة الأولى وهو الضُّر فإنها قد استعملت أولاً في مطلق المعاملة الشبيهة بالخداع وهي معاملة الماكر المستخف فأطلق عليها لفظُ المخادعة استعارة ثم أطلقت ثانياً وأريد منها لازِم معنى الاستعارة وهو الضُر لأن الذي يعامَل بالمكر والاستخفاف يتصدى للإنتقام من معامِلِه فقد يجد قدرة من نفسه أو غِرَّةً من صاحبه فيضره ضراً فصار حصول الضر للمعامِل أمراً عرفياً لازماً لمعامَله ، وبذلك صح استعمال يخادع في هذا المعنى مجازاً أو كناية وهو من بناء المجاز على المجاز لأن المخادعة أطلقت أولاً استعارة ثم نُزلت منزلة الحقيقة فاستعملت مجازاً في لازم المعنى المستعار له ، فالمعنى وما يَضُرون إلا أنفسهم فيجري فيه الوجوه المتعلقة بإطلاق مادة الخداع على فعلهم ، ويجىء تأويل معنى جَعل أنفسهم شقاً ثانياً للمخادعة مع أن الأنفس هي عينهم فيكون الخداع استعارة للمعاملة الشبيهة بفعل الجانبين المتخادعين بناء على ما شاع في وِجدان الناس من الإحساس بأن الخواطر التي تدعو إلى ارتكاب ما تَسوء عواقبه أنها فعلُ نفس هي مغايرة للعقل وهي التي تسول للإنسان الخير مرة والشر أخرى وهو تخيُّل بُني على خَطابة أخلاقية لإحداث العداوة بين المرء وبين خواطره الشريرة بجعلها واردة عليه من جهة غير ذاته بل من النَّفْس حتى يتأهب لمقارعتها وعصيان أمرها ولو انتسبت إليه لما رأى من سبيل إلى مدافعتها ، قال عمرو بن معديكرب :
فجاشَت عليَّ أوَّلَ مرة ... فرُدَّتْ على مكروهها فاستقرتِ
وذكر ابن عطية أن أبا عليّ الفارسي أنشد لبعض الأعراب :
لم تَدر ما ( لا ) ولستَ قائلَها ... عُمْرَك ما عِشْتَ آخر الأبد
ولم تُؤامر نفسيْك مُمتريا ... فيها وفي أختها ولم تكد
يريد بأختها كلمة ( نعم ) وهي أخت ( لا ) والمراد أنها أخت في اللسان . وقلت ومنه قول عروة بن أذينة :
وإذا وجدتُ لها وَسَاوِسَ سَلْوَة ... شَفَع الفؤاد إلى الضمير فَسَلَّها
فكأنهم لما عصوا نفوسهم التي تدعوهم للإيمان عند سماع الآيات والنذر إذ لا تخلو النفس من أوبة إلى الحق جعل معاملتهم لها في الإعراض عن نصحها وإعراضها عنهم في قلة تجديد النصح لهم وتركهم في غيهم كالمخادعة من هذين الجانبين .
واعلم أن قوله : { وما يخادعون إلا أنفسهم } أجمعت القراءات العشر على قراءته بضم التحتية وفتح الخاء بعدها ألف . والنفس في لسان العرب الذات والقوة الباطنية المعبر عنها بالروح وخاطر العقل .
وقوله : { وما يشعرون } عطف على جملة { وما يخادعون } والشعور يطلق على العلم بالأشياء الخفية ، ومنه سمي الشاعر شاعراً لعلمه بالمعاني التي لا يهتدي إليها كل أحد وقدرته على الوزن والتقفية بسهولة ، ولا يحسن لذلك كل أحد ، وقولهم ليت شعري في التحير في علم أمر خفي ، ولولا الخفاء لما تمنى علمه بل لعلمه بلا تمن ، فقولهم هو لا يشعر وصف بعدم الفطنة لا بعدم الإحساس وهو أبلغ في الذم لأن الذم بالوصف الممكن الحصول أنكى من الذم بما يتحقق عدمه فإن إحساسهم أمر معلوم لهم وللناس فلا يغيضهم أن يوصفوا بعدمه وإنما الذي يغيضهم أن يوصفوا بالبلادة .
على أن خفاء مخادعتهم أنفسهم مما لا يمتري فيه واختير مثله في نظيره في الخفاء وهو { ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون } [ البقرة : 12 ] لأن كليهما أثبت فيه ما هو المآل والغاية وهي مما يخفي واختير في قوله { ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون } [ البقرة : 13 ] نفي العلم دون نفي الشعور لأن السفه قد يبدو لصاحبه بأقل التفاتة إلى أحواله وتصرفاته لأن السفه أقرب لادعاء الظهور من مخادعة النفس عند إرادة مخادعة الغير ومن حصول الإفساد عند إرادة الإصلاح وعلى الإطلاق الثاني درج صاحب «الكشاف» قال : فهم لتمادي غفلتهم كالذي لا حس له .
- إعراب القرآن : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
«يُخادِعُونَ» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والواو فاعل. «اللَّهَ» لفظ الجلالة مفعول به منصوب ، والجملة مستأنفة وقيل حالية. «وَالَّذِينَ» الواو عاطفة ، الذين اسم موصول معطوف على اللّه. «آمَنُوا» فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل ، والجملة صلة موصول لا محل لها. «وَما» الواو حالية ، ما نافية ، «يَخْدَعُونَ» مثل يخادعون. «إِلَّا» أداة حصر ، «أَنْفُسَهُمْ» مفعول به والهاء في محل جر بالإضافة والميم للجمع. «وَما يَشْعُرُونَ» الواو استئنافية ، ما نافية ، وجملة يشعرون استئنافية لا محل لها.
- English - Sahih International : They [think to] deceive Allah and those who believe but they deceive not except themselves and perceive [it] not
- English - Tafheem -Maududi : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(2:9) They thus try to deceive Allah and the Believers, but they succeed in deceiving none except themselves and they realize it not *11 .
- Français - Hamidullah : Ils cherchent à tromper Allah et les croyants; mais ils ne trompent qu'eux-mêmes et ils ne s'en rendent pas compte
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Sie möchten Allah und diejenigen die glauben betrügen Aber sie betrügen nur sich selbst ohne zu merken
- Spanish - Cortes : Tratan de engañar a Alá y a los que creen; pero sin darse cuenta sólo se engañan a sí mismos
- Português - El Hayek : Pretendem enganar Deus e os fiéis quando só enganam a si mesmos sem se aperceberem disso
- Россию - Кулиев : Они пытаются обмануть Аллаха и верующих но обманывают только самих себя и не осознают этого
- Кулиев -ас-Саади : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
Они пытаются обмануть Аллаха и верующих, но обманывают только самих себя и не осознают этого.Под обманом здесь подразумевается показное выказывание одного отношения с целью скрыть обратное и добиться своей цели. На этой основе лицемеры строят свои взаимоотношения с Аллахом и Его рабами. Однако они обманывают только самих себя, и это весьма удивительно. Обычно, если один человек обманывает другого, то он либо добивается желаемого, либо ничего не приобретает и ничего не теряет. Однако лицемеры вредят самим себе. Они словно строят козни для того, чтобы погубить и перехитрить самих себя, поскольку они не могут навредить Всевышнему Аллаху и не в силах причинить вред правоверным. Они ничуть не вредят правоверным, когда выставляют себя верующими людьми, чтобы сохранить имущество и жизнь. Их козни обращаются против них самих, обрекая их на позор и бесчестие в мирской жизни. И всякий раз, когда они видят силу и могущество мусульман, ими овладевает беспредельная скорбь. А когда наступит Последняя жизнь, они будут ввергнуты в мучительное, болезненное и ужасное наказание, которое они заслужили тем, что сочли истину ложью, отказались уверовать и совершали грехи. Однако они настолько невежественны и глупы, что не способны осознать это.
- Turkish - Diyanet Isleri : Bunlar Allah'ı ve inananları aldatmaya çalışırlar oysa sadece kendilerini aldatırlar da farkında değildirler
- Italiano - Piccardo : Cercano di ingannare Allah e coloro che credono ma non ingannano che loro stessi e non se ne accorgono
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوانه بهخهیاڵی خۆیان وا دهزانن خوا و ئهو کهسانه دهخهڵهتێنن که باوهڕداری ڕاستهقینهن کهچی جگه له خۆیان کهسیان پێ ناخهڵهتێنرێ بهڵام ههست ناکهن و تێناگهن و بیرناکهنهوه
- اردو - جالندربرى : یہ اپنے پندار میں خدا کو اور مومنوں کو چکما دیتے ہیں مگر حقیقت میں اپنے سوا کسی کو چکما نہیں دیتے اور اس سے بے خبر ہیں
- Bosanski - Korkut : Oni nastoje prevariti Allaha i one koji vjeruju a oni i ne znajući samo sebe varaju
- Swedish - Bernström : De försöker bedra Gud och de troende men de bedrar inga andra än sig själva och inser det inte
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Mereka hendak menipu Allah dan orangorang yang beriman padahal mereka hanya menipu dirinya sendiri sedang mereka tidak sadar
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
(Mereka hendak menipu Allah dan orang-orang yang beriman) yakni dengan berpura-pura beriman dan menyembunyikan kekafiran guna melindungi diri mereka dari hukum-hukum duniawi (padahal mereka hanya menipu diri mereka sendiri) karena bencana tipu daya itu akan kembali menimpa diri mereka sendiri. Di dunia, rahasia mereka akan diketahui juga dengan dibuka Allah kepada Nabi-Nya, sedangkan di akhirat mereka akan menerima hukuman setimpal (tetapi mereka tidak menyadari) dan tidak menginsafi bahwa tipu daya mereka itu menimpa diri mereka sendiri. Mukhada`ah atau tipu-menipu di sini muncul dari satu pihak, jadi bukan berarti berserikat di antara dua belah pihak. Contoh yang lainnya mu`aqabatul lish yang berarti menghukum pencuri. Menyebutkan Allah di sana hanya merupakan salah satu dari gaya bahasa saja. Menurut suatu qiraat tidak tercantum 'wamaa yasy`uruuna' tetapi 'wamaa yakhda`uuna', artinya 'tetapi mereka tidak berhasil menipu'.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তারা আল্লাহ এবং ঈমানদারগণকে ধোঁকা দেয়। অথচ এতে তারা নিজেদেরকে ছাড়া অন্য কাউকে ধোঁকা দেয় না অথচ তারা তা অনুভব করতে পারে না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இவ்வாறு கூறி அவர்கள் அல்லாஹ்வையும் ஈமான் இறை நம்பிக்கை கொண்டோரையும் ஏமாற்ற நினைக்கின்றார்கள்; ஆனால் அவர்கள் உண்மையில் தம்மைத்தாமே ஏமாற்றிக்கொள்கிறார்களே தவிர வேறில்லை எனினும் அவர்கள் இதை உணர்ந்து கொள்ளவில்லை
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : เขาเหล่านั้นต่างหลอกลวงอัลลอฮฺ และบรรดาผู้ที่ศรัทธา และพวกเขาหาได้หลอกลวงใครไม่ นอกจากตัวของพวกเขาเองเท่านั้น แต่พวกเขาไม่รู้สึก
- Uzbek - Мухаммад Содик : Улар Аллоҳни ва иймон келтирганларни алдамоқчи бўладилар Ва ҳолбуки сезмасдан ўзларини алдайдилар
- 中国语文 - Ma Jian : 他们想欺瞒真主和信士,其实,他们只是自欺,却不觉悟。
- Melayu - Basmeih : Mereka hendak memperdayakan Allah dan orangorang yang beriman padahal mereka hanya memperdaya dirinya sendiri sedang mereka tidak menyedarinya
- Somali - Abduh : waxay khiyaameyn Eebe iyo kuwa Xaqa rumeeyey naftooda ahayn mase kasayaan
- Hausa - Gumi : Suna yaudarayya da Allah da waɗanda suka yi ĩmãni alhãli bã su yaudarar kõwa fãce kansu kuma bã su sakankancẽwa
- Swahili - Al-Barwani : Wanatafuta kumdanganya Mwenyezi Mungu na wale walio amini lakini hawadanganyi ila nafsi zao; nao hawatambui
- Shqiptar - Efendi Nahi : Ata përpiqen të mashtrojnë Perëndinë dhe ata që besojnë por vetëm mashtrojnë veten e ketë nuk e vërejnë
- فارسى - آیتی : اينان خدا و مؤمنان را مىفريبند، و نمىدانند كه تنها خود را فريب مىدهند.
- tajeki - Оятӣ : Инон Худову мӯъминонро мефиребанд ва намедонанд, ки танҳо худро фиреб медиҳанд.
- Uyghur - محمد صالح : ئۇلار اﷲ نى ۋە مۆمىنلەرنى ئالدىماقچى بولىدۇ، ھەقىقەتتە ئۇلار تۇيماستىن ئۆزلىرىنىلا ئالدايدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അല്ലാഹുവിനെയും വിശ്വാസികളെയും വഞ്ചിക്കുകയാണവര്. എന്നാല് തങ്ങളെത്തന്നെയാണവര് വഞ്ചിക്കുന്നത്; മറ്റാരെയുമല്ല. അവരത് അറിയുന്നില്ലെന്നുമാത്രം.
- عربى - التفسير الميسر : يعتقدون بجهلهم انهم يخادعون الله والذين امنوا باظهارهم الايمان واضمارهم الكفر وما يخدعون الا انفسهم لان عاقبه خداعهم تعود عليهم ومن فرط جهلهم لا يحسون بذلك لفساد قلوبهم
*11). These people delude themselves that their hypocritical behaviour will profit them when in fact it will prove harmful both in this world and the Next. A hypoctite may be able to fool people for a while, but it does not last long; his hypocrisy is ultimately seen through. As for the Next Life, it is obvious that his claim to be a true believer is contradicted by his own actions and is thus quite worthless.