- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُواْ فِى ٱلْأَرْضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
- عربى - نصوص الآيات : وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون
- عربى - التفسير الميسر : وإذا نُصحوا ليكفُّوا عن الإفساد في الأرض بالكفر والمعاصي، وإفشاء أسرار المؤمنين، وموالاة الكافرين، قالوا كذبًا وجدالا إنما نحن أهل الإصلاح.
- السعدى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
أي: إذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض, وهو العمل بالكفر والمعاصي, ومنه إظهار سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين { قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض, وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح, قلبا للحقائق, وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية, مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة, وأرجى لرجوعه.
- الوسيط لطنطاوي : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
ثم وصفهم الله - تعالى - بعد ذلك بجملة من الرذائل والقبائح مضافة إلى قبائحهم السابقة فقال :
( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض قالوا . . . ) .
الفساد : خروج الشيء عن حالة الاعتدال والاستقامة ، وعن كونه منتفعاً به ، وضده الصلاح ، يقال : فسد الشيء فساداً ، وأفسده إفساداً .
والمراد به هنا كفرهم ، ومعاصيهم ، ومن كفر بالله وانتهك محارمه فقد أفسد في الأرض ، لأن الأرض لا تصلح إلا بالتوحيد والطاعة .
ومن أبرز معاصي هؤلاء المنافقين ، ما كانوا يدعون إليه في السر من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم وإلقاء الشبه في طريق دعوته ، والتحالف مع المشركين ضد المسلمين كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا .
وسلك القرآن هذا الأسلوب فقال : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ) بالبناء للمفعول دون أن يسند الفعل إلى فاعله ، لأن مصدر القول المعبر عن النهي عن الإِفساد ليس مصدراً واحداً ، فقد يصل آذانهم هذا النهي مرة من صريح القول . وأخرى مما كانوا يقابلون به من ناحية الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من تجهم وإعراض .
وعلق بالفعل الذي هو الإِفساد قوله : ( فِي الأرض ) إيذاناً بأن الإِفساد مهما ضاقت حدوده ، فإنه لابد يوماً أن يتعدى الحدود إلى ما وراء ذلك فقد يعم ويشمل إذا لم يشتد في الاحتياط له ، لذلك جعل ظرف إفسادهم الأرض كلها مع أنهم موجودون في بقعة محصورة هي المدينة المنورة .
ولقد حكى القرآن جوابهم على نصيحة الناصحين وما فيه من تبجح وادعاء فقال :
( قالوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) .
فقد بالغوا في الرد فحصروا أنفسهم أولاً في الإصلاح مبالغة المفجوع الذي أذهلته المفاجأة بكشف أستار حقيقة ، فتراهم لم يقتصروا على أن يقولوا : ( إِنّا مُصْلِحُونَ ) بل قالوا " إنما " ثم أكدوا الجملة بكونها اسمية ليدلوا بذلك على أن شأنهم في الإصلاح ثابت لازم .
قال الراغب : صوروا إفسادهم بصورة الإِصلاح لما في قلوبهم من المر ، كما في قوله - تعالى - : ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ) وقوله : ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ ) وقوله : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بالأخسرين أَعْمَالاً . الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحياة الدنيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) ولقد كذبهم الله - تعالى - تكذيباً مؤكداً في دعواهم أنهم مصلحون فقال :
- البغوى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
{وإذا قيل}: قرأ الكسائي: (( قيل )) و(( غيض )) و(( جيء )) و(( حيل )) و(( سيق )) و(( سيئت )) بروم أوائلهن الضم - ووافق ابن عامر في (( سيق )) و(( حيل )) و(( سيئ )) و(( سيئت )) - ووافق أهل المدينة في: (سيء) و(سيئت) لأن أصلها قول بضم القاف وكسر الواو، مثل: قتل وكذلك في أخواته فأشير إلى الضمة لتكون دالة على الواو المنقلبة وقرأ الباقون بكسر أوائلهن، استثقلوا الحركة على الواو فنقلوا كسرتها إلى فاء الفعل وانقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها.
{وإذا قيل لهم}: يعني للمنافقين، وقيل: لليهود.
أي قال لهم المؤمنون {لا تفسدوا في الأرض} بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن.
وقيل: معناه لا تكفروا، والكفر أشد فساداً في الدين.
{قالوا إنما نحن مصلحون} يقولون هذا القول كذباً كقولهم (آمنا) وهم كاذبون.
- ابن كثير : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الطيب الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) أما لا تفسدوا في الأرض ، قال : الفساد هو الكفر ، والعمل بالمعصية .
وقال أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ) قال : يعني : لا تعصوا في الأرض ، وكان فسادهم ذلك معصية الله ؛ لأنه من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصية الله فقد أفسد في الأرض ؛ لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة .
وهكذا قال الربيع بن أنس ، وقتادة .
وقال ابن جريج ، عن مجاهد : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ) قال : إذا ركبوا معصية الله ، فقيل لهم : لا تفعلوا كذا وكذا ، قالوا : إنما نحن على الهدى ، مصلحون .
وقد قال وكيع ، وعيسى بن يونس ، وعثام بن علي ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن سلمان الفارسي : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) قال سلمان : لم يجئ أهل هذه الآية بعد .
وقال ابن جرير : حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم ، حدثنا عبد الرحمن بن شريك ، حدثني أبي ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب وغيره ، عن سلمان ، في هذه الآية ، قال : ما جاء هؤلاء بعد .
قال ابن جرير : يحتمل أن سلمان أراد بهذا أن الذين يأتون بهذه الصفة أعظم فسادا من الذين كانوا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، لا أنه عنى أنه لم يمض ممن تلك صفته أحد .
قال ابن جرير : فأهل النفاق مفسدون في الأرض بمعصيتهم فيها ربهم ، وركوبهم فيها ما نهاهم عن ركوبه ، وتضييعهم فرائضه ، وشكهم في دينه الذي لا يقبل من أحد عمل إلا بالتصديق به والإيقان بحقيقته ، وكذبهم المؤمنين بدعواهم غير ما هم عليه مقيمون من الشك والريب ، ومظاهرتهم أهل التكذيب بالله وكتبه ورسله على أولياء الله ، إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا . فذلك إفساد المنافقين في الأرض ، وهم يحسبون أنهم بفعلهم ذلك مصلحون فيها .
وهذا الذي قاله حسن ، فإن من الفساد في الأرض اتخاذ المؤمنين الكافرين أولياء ، كما قال تعالى : ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) [ الأنفال : 73 ] فقطع الله الموالاة بين المؤمنين والكافرين كما قال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) [ النساء : 144 ] ثم قال : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ) [ النساء : 145 ] فالمنافق لما كان ظاهره الإيمان اشتبه أمره على المؤمنين ، فكأن الفساد من جهة المنافق حاصل ؛ لأنه هو الذي غر المؤمنين بقوله الذي لا حقيقة له ، ووالى الكافرين على المؤمنين ، ولو أنه استمر على حالته الأولى لكان شره أخف ، ولو أخلص العمل لله وتطابق قوله وعمله لأفلح وأنجح ؛ ولهذا قال تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) أي : نريد أن نداري الفريقين من المؤمنين والكافرين ، ونصطلح مع هؤلاء وهؤلاء ، كما قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) أي : إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب .
- القرطبى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
قوله تعالى : وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ( إذا ) في موضع نصب على الظرف والعامل فيها : ( قالوا ) وهي تؤذن بوقوع الفعل المنتظر . قال الجوهري : ( إذا ) اسم يدل على زمان مستقبل ، ولم تستعمل إلا مضافة إلى جملة ، تقول : أجيئك إذا احمر البسر ، وإذا قدم فلان . والذي يدل على أنها اسم وقوعها موقع قولك : آتيك يوم يقدم فلان ، فهي ظرف وفيها معنى المجازاة . وجزاء الشرط ثلاثة : الفعل والفاء وإذا ، فالفعل قولك : إن تأتني آتك . والفاء : إن تأتني فأنا أحسن إليك . وإذا كقوله تعالى : وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون . ومما جاء من المجازاة بإذا في الشعر قول قيس بن الخطيم :
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها خطانا إلى أعدائنا فنضارب
فعطف " فنضارب " بالجزم على " كان " لأنه مجزوم ، ولو لم يكن مجزوما لقال : فنضارب ، بالنصب . وقد تزاد على " إذا " " ما " تأكيدا ، فيجزم بها أيضا ، ومنه قول الفرزدق :
فقام أبو ليلى إليه ابن ظالم وكان إذا ما يسلل السيف يضرب
قال سيبويه : والجيد ما قال كعب بن زهير :
وإذا ما تشاء تبعث منها مغرب الشمس ناشطا مذعورا
يعني أن الجيد ألا يجزم بإذا ، كما لم يجزم في هذا البيت . وحكي عن المبرد أنها في قولك في المفاجأة : خرجت فإذا زيد ، ظرف مكان ، لأنها تضمنت جثة . وهذا مردود ; لأن المعنى خرجت فإذا حضور زيد ، فإنما تضمنت المصدر كما يقتضيه سائر ظروف الزمان ، ومنه قولهم : " اليوم خمر وغدا أمر " فمعناه وجود خمر ووقوع أمر .
قوله : ( قيل ) من القول وأصله قول ، نقلت كسرة الواو إلى القاف فانقلبت الواو ياء . ويجوز : ( قيل لهم ) بإدغام اللام في اللام وجاز الجمع بين ساكنين ; لأن الياء حرف مد ولين . قال الأخفش : ويجوز ( قيل ) بضم القاف والياء . وقال الكسائي : ويجوز إشمام القاف الضم ليدل على أنه لما لم يسم فاعله ، وهي لغة قيس ، وكذلك جيء وغيض وحيل وسيق وسيء وسيئت . وكذلك روى هشام عن ابن عباس ، ورويس عن يعقوب . وأشم منها نافع سيء وسيئت خاصة . وزاد ابن ذكوان : حيل وسيق ، وكسر الباقون في الجميع . فأما هذيل وبنو دبير من أسد وبني فقعس فيقولون : " قول " بواو ساكنة .
قوله : لا تفسدوا " لا " نهي . والفساد ضد الصلاح ، وحقيقته العدول عن الاستقامة إلى ضدها . فسد الشيء يفسد فسادا وفسودا وهو فاسد وفسيد . والمعنى في الآية : لا تفسدوا في الأرض بالكفر وموالاة أهله ، وتفريق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . وقيل : كانت الأرض قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم فيها الفساد ، ويفعل فيها بالمعاصي ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ارتفع الفساد وصلحت الأرض . فإذا عملوا بالمعاصي فقد أفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ، كما قال في آية أخرى : ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها .
قوله : في الأرض الأرض مؤنثة ، وهي اسم جنس ، وكان حق الواحدة منها أن يقال أرضة ، ولكنهم لم يقولوا . والجمع أرضات ; لأنهم قد يجمعون المؤنث الذي ليست فيه هاء التأنيث بالتاء كقولهم : عرسات . ثم قالوا أرضون فجمعوا بالواو والنون ، والمؤنث لا يجمع بالواو والنون إلا أن يكون منقوصا كثبة وظبة ، ولكنهم جعلوا الواو والنون عوضا من حذفهم الألف والتاء وتركوا فتحة الراء على حالها ، وربما سكنت . وقد تجمع على أروض . وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون : أرض وآراض ، كما قالوا : أهل وآهال . والأراضي أيضا على غير قياس ، كأنهم جمعوا آرضا . وكل ما سفل فهو أرض . وأرض أريضة ، أي زكية بينة الأراضة . وقد أرضت بالضم ، أي زكت . قال أبو عمرو : نزلنا أرضا أريضة ، أي معجبة للعين ، ويقال : لا أرض لك ، كما يقال : لا أم لك . والأرض : أسفل قوائم الدابة ، قال حميد يصف فرسا :
ولم يقلب أرضها البيطار ولا لحبليه بها حبار
أي أثر والأرض : النفضة والرعدة . روى حماد بن سلمة عن قتادة عن عبد الله بن الحارث قال : زلزلت الأرض بالبصرة ، فقال ابن عباس : والله ما أدري أزلزلت الأرض أم بي أرض ؟ أي أم بي رعدة ، وقال ذو الرمة يصف صائدا :
إذا توجس ركزا من سنابكها أو كان صاحب أرض أو به الموم
والأرض : الزكام . وقد آرضه الله إيراضا ، أي أزكمه فهو مأروض . وفسيل مستأرض ، وودية مستأرضة ( بكسر الراء ) وهو أن يكون له عرق في الأرض ، فأما إذا نبت على جذع النخل فهو الراكب . والإراض ( بالكسر ) : بساط ضخم من صوف أو وبر . ورجل أريض ، أي متواضع خليق للخير . قال الأصمعي يقال : هو آرضهم أن يفعل ذلك ، أي أخلقهم . وشيء عريض أريض إتباع له ، وبعضهم يفرده ويقول : جدي أريض أي سمين .
قوله : ( نحن ) أصل ( نحن ) نحن ، قلبت حركة الحاء على النون وأسكنت الحاء ، قاله هشام بن معاوية النحوي . وقال الزجاج : نحن لجماعة ، ومن علامة الجماعة الواو ، والضمة من جنس الواو ، فلما اضطروا إلى حركة ( نحن ) لالتقاء الساكنين حركوها بما يكون للجماعة . قال : لهذا ضموا واو الجمع في قوله عز وجل : أولئك الذين اشتروا الضلالة وقال محمد بن يزيد : ( نحن ) مثل قبل وبعد ; لأنها متعلقة بالإخبار عن اثنين وأكثر ، ف " أنا " للواحد " و ( نحن ) للتثنية والجمع ، وقد يخبر به المتكلم عن نفسه في قوله : نحن قمنا ، قال الله تعالى : نحن قسمنا بينهم معيشتهم والمؤنث في هذا إذا كانت متكلمة بمنزلة المذكر ، تقول المرأة : قمت وذهبت ، وقمنا وذهبنا ، وأنا فعلت ذاك ، ونحن فعلنا . هذا كلام العرب فاعلم .
قوله تعالى : ( مصلحون ) اسم فاعل من أصلح . والصلاح : ضد الفساد . وصلح الشيء ( بضم اللام وفتحها ) لغتان ، قال ابن السكيت . والصلوح ( بضم الصاد ) مصدر صلح ( بضم اللام ) ، قال الشاعر :
فكيف بإطراقي إذا ما شتمتني وما بعد شتم الوالدين صلوح
وصلاح من أسماء مكة . والصلح ( بكسر الصاد ) : نهر .
وإنما قالوا ذلك على ظنهم ; لأن إفسادهم عندهم إصلاح ، أي أن ممالأتنا للكفار إنما نريد بها الإصلاح بينهم وبين المؤمنين . قال ابن عباس وغيره .
- الطبرى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ
اختلف أهلُ التأويل في تأويل هذه الآية:
فروُي عن سَلْمان الفارسيّ أنه كان يقول: لم يجئ هؤلاء بعدُ.
337- حدثنا أبو كُريب, قال: حدثنا عَثَّامُ بن علي, قال: حدثنا الأعمش, قال: سمعت المِنْهال بن عَمرو يُحدِّث، عن عَبَّاد بن عبد الله, عن سَلْمان, قال: ما جاء هؤلاء بعدُ, الَّذين ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) (75) .
338- حدثني أحمد بن عثمان بن حَكيم, قال: حدثنا عبد الرحمن بن شَرِيك, قال: حدثني أبي, قال: حدثني الأعمش, عن زيد بن وَهب وغيره, عن سَلْمان، أنه قال في هذه الآية: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ )، قال: ما جاء هؤلاء بعدُ (76) .
وقال آخرون بما-:
339- حدثني به موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حمّاد, قال: حدثنا أسْباط , عن السُّدّيّ في خبر ذكره, عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس - وعن مُرّة الهَمْداني, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ )، هم المنافقون. أما " لا تفسدوا في الأرض "، فإن الفساد، هو الكفر والعملُ بالمعصية.
340- وحدِّثت عن عمّار بن الحسن, قال: حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه، عن الرَّبيع: (وإذا قيل لهمْ لا تفسدوا في الأرض) يقول: لا تعْصُوا في الأرض قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ، قال: فكان فسادُهم ذلك معصيةَ الله جل ثناؤه, لأن من عَصى الله في الأرض أو أمر بمعصيته، فقد أفسدَ في الأرض, لأن إصلاحَ الأرض والسماء بالطاعة (77) .
وأولى التأويلين بالآية تأويل من قال: إن قولَ الله تبارك اسمه: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ )، نـزلت في المنافقين الذين كانوا على عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن كان معنيًّا بها كُلُّ من كان بمثل صفتهم من المنافقين بعدَهم إلى يوم القيامة.
وقد يَحْتمِل قولُ سلمان عند تلاوة هذه الآية: " ما جاء هؤلاء بعدُ"، أن يكون قاله بعد فناء الذين كانوا بهذه الصِّفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خبرًا منه عمَّن هو جَاء منهم بَعدَهم ولَمَّا يجئ بعدُ (78) ، لا أنَّه عنَى أنه لم يمضِ ممّن هذه صفته أحدٌ.
وإنما قلنا أولى التأويلين بالآية ما ذكرنا, لإجماع الحجّة من أهل التأويل على أنّ ذلك صفةُ من كان بين ظَهرَانْي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - من المنافقين, وأنّ هذه الآيات فيهم نَـزَلَتْ. والتأويل المجمع عليه أولى بتأويل القرآن، من قولٍ لا دلالةَ على صحته من أصل ولا نظير.
والإفساد في الأرض، العمل فيها بما نهى الله جلّ ثناؤه عنه, وتضييعُ ما أمر الله بحفظه، فذلك جملة الإفساد, كما قال جل ثناؤه في كتابه مخبرًا عن قِيلِ ملائكته: قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [سورة البقرة: 30]، يعنون بذلك: أتجعل في الأرض من يَعْصِيكَ ويُخالف أمرك؟ فكذلك صفة أهل النفاق: مُفسدون في الأرض بمعصِيَتهم فيها ربَّهم, وركوبهم فيها ما نَهاهم عن ركوبه, وتضييعِهم فرائضَه، وشكِّهم في دين الله الذي لا يقبَلُ من أحدٍ عملا إلا بالتَّصديق به والإيقان بحقيقته (79) ، وكذبِهم المؤمنين بدَعواهم غير ما هم عليه مقيمُون من الشّك والرَيب، وبمظاهرتهم أهلَ التكذيب بالله وكُتُبه ورسله على أولياء الله، إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا. فذلك إفساد المنافقين في أرض الله, وهم يحسبون أنهم بفعلهم ذلك مصلحون فيها. فلم يسقط الله جل ثناؤه عنهم عقوبتَه, ولا خفَّف عنهم أليمَ ما أعدَّ من عقابه لأهل معصيته - بحُسبانهم أنهم فيما أتَوْا من معاصي الله مصلحون - بل أوجبَ لهم الدَّرْكَ الأسفل من ناره، والأليمَ من عذابه، والعارَ العاجلَ بسَبِّ الله إياهم وشَتْمِه لهم, فقال تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ . وذلك من حكم الله جل ثناؤه فيهم، أدلّ الدليل على تكذيبه تعالى قولَ القائلين: إن عقوباتِ الله لا يستحقها إلا المعاند ربَّه فيما لزمه من حُقُوقه وفروضه، بعد علمه وثُبوت الحجّة عليه بمعرفته بلزوم ذلك إيّاه.
القول في تأويل قوله ثناؤه: قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)
وتأويل ذلك كالذي قالهُ ابن عباس, الذي-:
341- حدثنا به محمد بن حميد, قال: حدثنا سلمة بن الفضل, عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قوله: ( إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ )، أي قالوا: إنما نريد الإصلاحَ بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب.
وخالفه في ذلك غيره.
342- حدثنا القاسم بن الحسن, قال: حدثنا الحسين بن داود, قال: حدثني حجّاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ ، قال: إذا رَكِبُوا معصيةَ الله فقيل لهم: لا تفعلوا كذا وكذا, قالوا: إنما نحن على الهدى، مصلحون (80) .
قال أبو جعفر: وأيُّ الأمرين كان منهم في ذلك، أعني في دعواهم أنهم مُصْلحون، فهم لا شك أنهم كانوا يحسبون أنهم فيما أتوا من ذلك مصلحون. فسواءٌ بين اليهود والمسلمين كانت دعواهم الإصلاحَ، أو في أديانهم, وفيما ركبوا من معصية الله, وكذِبهم المؤمنينَ فيما أظهروا لهم من القول وهم لغير ما أظهرُوا مُستبْطِنون؛ لأنهم كانوا في جميع ذلك من أمرهم عند أنفسهم محسنين, وهم عند الله مُسيئون, ولأمر الله مخالفون. لأن الله جل ثناؤه قد كان فرض عليهم عداوةَ اليهودِ وحربَهم مع المسلمين, وألزمهم التصديق برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله، كالذي ألزم من ذلك المؤمنين. فكان لقاؤهم اليهودَ - على وجه الولاية منهم لهم, وشكُّهم في نبوَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما جاء به أنه من عند الله - أعظمَ الفساد, وإن كان ذلك كان عندهم إصلاحًا وهُدًى: في أديانهم أو فيما بين المؤمنين واليهود, فقال جل ثناؤه فيهم: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ دون الذين ينهونهم من المؤمنين عن الإفساد في الأرض، وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ
-------------------
الهوامش :
(75) الخبر 337- عثام -بفتح العين المهملة وتشديد الثاء المثلثة- بن علي العامري : ثقة ، وثقه أبو زرعة وابن سعد وغيرهما . ترجمه ابن سعد 6 : 273 ، والبخاري في الكبير 4/1/ 93 ، وابن أبي حاتم 3/2/44 . المنهال بن عمرو الأسدي : ثقة ، رجحنا توثيقه في المسند : 714 ، وقد جزم البخاري في الكبير 4/2/ 12 أن شعبة روى عنه ، ورواية شعبة عنه ثابتة في المسند : 3133 . عباد بن عبد الله : هو الأسدي الكوفي ، قال البخاري : "فيه نظر" ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وضعفه ابن المديني ، وذكر ابن أبي حاتم 3/1/82 أنه"سمع عليًّا" . وقد بينت في شرح المسند : 883 أن حديثه حسن . وسلمان : هو سلمان الخير الفارسي الصحابي ، رضي الله عنه . وهذا الخبر نقله ابن كثير 1 : 91 ، والسيوطي 1 : 30 ، ونسبه أيضًا لوكيع وابن أبي حاتم ، وذكره الشوكاني 1 : 31 ونسبه لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم ، ولم أجد نسبته لابن إسحاق عند غيره .
(76) الخبر 338- أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي : ثقة ، وثقه النسائي والبزار وغيرهما ، روى عنه البخاري ومسلم في الصحيحين ، وهو من الشيوخ القلائل الذين روى عنهم البخاري وهم أحياء ، فإنه مات سنة 260 أو 261 ، والبخاري مات سنة 256 . عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي : ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال أبو حاتم : "واهى الحديث" .
وإسناده عندي حسن ، وقد مضى قبله بإسناد آخر حسن . فكل منهما يقوي الآخر ، وقد نقله ابن كثير 1 : 91 عن الطبري بهذا الإسناد .
(77) الأثر 340- قوله : "قالوا إنما نحن مصلحون" ، من المخطوطة ، وليس في المطبوعة ، وفي المطبوعة والمخطوطة : "فكان فسادهم على أنفسهم ذلك معصية الله . . . " ، و"على أنفسهم" كأنها زيادة من الناسخ ، وليست فيما نقله ابن كثير عن الطبري .
(78) في المطبوعة : "عمن جاء منهم بعدهم" ، وهو محيل للمعنى ، والصواب من المخطوطة .
(79) في المطبوعة : "بحقيقه" ، والصواب من المخطوطة وابن كثير .
(80) الخبران 341 ، 342- ساقهما ابن كثير 1 : 91 ، والسيوطي 1 : 30 والشوكاني 1 : 30
- ابن عاشور : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
يظهر لي أن جملة { وإذا قيل لهم } عطف على جملة { في قلوبهم مرض } [ البقرة : 10 ] ؛ لأن قوله : { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون } إخبار عن بعض عجيب أحوالهم ، ومن تلك الأحوال أنهم قالوا { إنما نحن مصلحون } في حين أنهم مفسدون فيكون معطوفاً على أقرب الجمل الملظة لأحوالهم وإن كان ذلك آيلاً في المعنى إلى كونه معطوفاً على الصلة في قوله : { من يقول آمنا بالله } [ البقرة : 8 ] .
و ( إذا ) هنا لمجرد الظرفية وليست متضمنة معنى الشرط كما أنها هنا للماضي وليست للمستقبل وذلك كثير فيها كقوله تعالى : { حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر } [ آل عمران : 152 ] الآية . ومن نكت القرآن المغفول عنها تقييد هذا الفعل بالظرف فإن الذي يتبادر إلى الذهن أن محل المذمة هو أنهم يقولون { إنما نحن مصلحون } مع كونهم مفسدين ، ولكن عند التأمل يظهر أن هذا القول يكون قائلوه أجدر بالمذمة حين يقولونه في جواب من يقول لهم { لا تفسدوا في الأرض } فإن هذا الجواب الصادر من المفسدين لا ينشأ إلا عن مرض القلب وأفن الرأي ، لأن شأن الفساد أن لا يخفى ولئن خفي فالتصميم عليه واعتقاد أنه صلاح بعد الإيقاظ إليه والموعظة إفراط في الغباوة أو المكابرة وجهل فوق جهل . وعندي أن هذا هو المقتضى لتقديم الظرف على جملة { قالوا . . . } ، لأنه أهم إذ هو محل التعجيب من حالهم ، ونكت الإعجاز لا تتناهى .
والقائل لهم { لا تفسدوا في الأرض } بعض من وقف على حالهم من المؤمنين الذين لهم اطلاع على شؤونهم لقرابة أو صحبة ، فيخلصون لهم النصيحة والموعظة رجاء إيمانهم ويسترون عليهم خشية عليهم من العقوبة وعلماً بأن النبيء صلى الله عليه وسلم يغضي عن زلاتهم كما أشار إليه ابن عطية . وفي جوابهم بقولهم : { إنما نحن مصلحون } ما يفيد أن الذين قالوا لهم { لا تفسدوا في الأرض } كانوا جازمين بأنهم مفسدون لأن ذلك مقتضى حرف إنما كما سيأتي ويدل لذلك عندي بناء فعل قيل للمجهول بحسب ما يأتي في قوله تعالى : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } [ البقرة : 8 ] ولا يصح أن يكون القائل لهم الله والرسول إذ لو نزل الوحي وبلغ إلى معينين منهم لعلم كفرهم ولو نزل مجملاً كما تنزل مواعظ القرآن لم يستقم جوابهم بقولهم : { إنما نحن مصلحون } .
وقد عَنَّ لي في بيان إيقاعهم الفساد أنه مراتب :
أولها : إفسادهم أنفسهم بالإصرار على تلك الأدواء القلبية التي أشرنا إليها فيما مضى وما يترتب عليها من المذام ويتولد من المفاسد .
الثانية : إفسادهم الناس ببث تلك الصفات والدعوة إليها ، وإفسادُهم أبناءهم وعيالهم في اقتدائهم بهم في مساويهم كما قال نوح عليه السلام :
{ إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا } [ نوح : 27 ] .
الثالث : إفسادهم بالأفعال التي ينشأ عنها فساد المجتمع ، كإلقاء النميمة والعداوة وتسعير الفِتَن وتأليب الأحزاب على المسلمين وإحداث العقبات في طريق المصلحين .
والإفساد فعل ما به الفساد ، والهمزة فيه للجَعْل أي جعل الأشياء فاسدة في الأرض . والفساد أصله استحالة منفعة الشيء النافع إلى مضرة به أو بغيره ، وقد يطلق على وجود الشيء مشتملاً على مضرة ، وإن لم يكن فيه نفع من قبل يقال فسد الشيء بعدَ أن كان صالحاً ويقال فَاسِد إذا وُجد فاسداً من أول وَهلة ، وكذلك يقال أفسد إذا عمَد إلى شيء صالح فأزالَ صلاحه ، ويقال أفسَد إذا أَوْجد فساداً من أول الأمر . والأظهر أن الفساد موضوع للقدر المشترك من المعنيين وليس من الوضع المشترك ، فليس إطلاقه عليهما كما هنا من قبيل استعمال المشترك في معنييه . فالإفساد في الأرض منه تصيير الأشياء الصالحة مضرة كالغش في الأطعمة ، ومنه إزالة الأشياء النافعة كالحَرق والقتل للبرآء ، ومنه إفساد الأنظمة كالفِتن والجور ، ومنه إفساد المساعي كتكثير الجهل وتعليم الدعارة وتحسين الكفر ومناوأة الصالحين المصلحين ، ولعل المنافقين قد أخذوا من ضروب الإفساد بالجميع ، فلذلك حُذف متعلق { تفسدوا } تأكيداً للعموم المستفاد من وقوع في حَيز النفي .
وذُكِر المحل الذي أفسدوا ما يَحْتوي عليه وهو الأرضُ لتفظيع فسادهم بأنه مبثوث في هذه الأرض لأن وقوعه في رقعة منها تشويه لمجموعها . والمراد بالأرض هذه الكرة الأرضية بما تحتوي عليه من الأشياء القابلة للإفساد من الناس والحيوان والنبات وسائر الأنظمة والنواميس التي وضعها الله تعالى لها ، ونظيره قوله تعالى : { وإذا تولى سعي في الأرض ليفسد فيها ويُهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } [ البقرة : 200 ] .
وقوله تعالى : { قالوا إنما نحن مصلحون } جواب بالنقض فإن الإصلاح ضد الإفساد ، أي جعل الشيء صالحاً ، والصلاح ضد الفساد يقال صلح بعد أن كان فاسداً ويقال صلح بمعنى وجد من أول وهلة صالحاً فهو موضوع للقدر المشترك كما قلنا . وجاءوا بإنما المفيدة للقصر باتفاق أئمة العربية والتفسير ولا اعتداد بمخالفه شذوذاً في ذلك . وأفاد { إنما } هنا قصر الموصوف على الصفة رداً على قول من قال لهم { لا تفسدوا } ، لأن القائل أثبت لهم وصف الفساد إما باعتقاد أنهم ليسوا من الصلاح في شيء أو باعتقاد أنهم قد خلطوا عملاً صالحاً وفاسداً ، فردوا عليهم بقصر القلب ، وليس هو قصراً حقيقياً لأن قصر الموصوف على الصفة لا يكون حقيقياً ولأن حرف إنما يختص بقصر القلب كما في «دلائل الإعجاز» ، واختير في كلامهم حرف ( إنما ) لأنه يخاطب به مخاطب مُصِر على الخطأ كما في «دلائل الإعجاز» وجعلت جملة القصر اسمية لتفيد أنهم جعلوا اتصافهم بالإصلاح أمراً ثابتاً دائماً ، إذ من خصوصيات الجملة الاسمية إفادة الدَّوام .
- إعراب القرآن : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
«الفساد في الأرض» إثارة الحروب. «السفه» سخافة العقل ، والسفيه الجاهل.
«وَإِذا» الواو استئنافية ، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه ، «قِيلَ» فعل ماض مبني للمجهول ، ونائب الفاعل هو ، و«لَهُمْ» جار ومجرور متعلقان بقيل ، وجملة قيل في محل جر بالإضافة. «لا تُفْسِدُوا» لا ناهية جازمة ، تفسدوا فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون من آخره لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو فاعل. «فِي الْأَرْضِ» جار ومجرور متعلقان بالفعل تفسدوا ، وجملة لا تفسدوا في محل نصب مقول القول. «قالُوا» فعل ماض والواو فاعل ، والجملة جواب شرط غير جازم. «إِنَّما» كافة ومكفوفة ، «نَحْنُ» ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ ، «مُصْلِحُونَ» خبر مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم ، والجملة في محل نصب مقول القول.
- English - Sahih International : And when it is said to them "Do not cause corruption on the earth" they say "We are but reformers"
- English - Tafheem -Maududi : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(2:11) Whenever it is said to them, "Spread not disorder on the earth", their reply is, "We only seek to put things aright".
- Français - Hamidullah : Et quand on leur dit Ne semez pas la corruption sur la terre ils disent Au contraire nous ne sommes que des réformateurs
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und wenn man zu ihnen sagt "Stiftet nicht Unheil auf der Erde" sagen sie "Wir sind ja nur Heilstifter"
- Spanish - Cortes : Cuando se les dice ¡No corrompáis en la tierra dicen Pero ¡si somos reformadores
- Português - El Hayek : Se lhes é dito Não causeis corrupção na terra afirmaram Ao contrário somos conciliadores
- Россию - Кулиев : Когда им говорят Не распространяйте нечестия на земле - они отвечают Только мы и устанавливаем порядок
- Кулиев -ас-Саади : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
Когда им говорят: «Не распространяйте нечестия на земле!» - они отвечают: «Только мы и устанавливаем порядок».Лицемеры совершают различные грехи, раскрывают секреты правоверных их противникам и заводят дружбу с неверующими. Когда же их предостерегают от неверия и совершения грехов, посредством которых они распространяют нечестие на земле, они заявляют, что творят одно только добро. Они не только распространяют на земле нечестие, но и делают вид, что своими поступками наводят порядок. Они пытаются исказить истину и совершают порочные злодеяния, оставаясь убежденными в их правильности. Они совершают гораздо более тяжкое преступление, нежели грешники, которые признают, что совершаемые ими злодеяния являются запрещенными, поскольку последним легче обрести спасение и вернуться на прямой путь.
- Turkish - Diyanet Isleri : Kendilerine "Yeryüzünde bozgunculuk yapmayın" dendiği zaman "Bizler sadece ıslah edicileriz" derler
- Italiano - Piccardo : E quando si dice loro “Non spargete la corruzione sulla terra” dicono “Anzi noi siamo dei conciliatori”
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوانه کاتێک پێیان دهوترێت تۆوی گوناهو تاوان و خراپهکاری مهچێنن له زهویدا دهڵێن بهڕاستی ئێمه تهنها چاکسازی دهکهین
- اردو - جالندربرى : اور جب ان سے کہا جاتا ہے کہ زمین میں فساد نہ ڈالو تو کہتے ہیں ہم تو اصلاح کرنے والے ہیں
- Bosanski - Korkut : Kada im se kaže "Ne remetite red na Zemlji" – odgovaraju "Mi samo red uspostavljamo"
- Swedish - Bernström : Och när de manas att inte störa ordningen och sprida sedefördärv på jorden svarar de "Vi vill bara förbättra och ställa till rätta"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan bila dikatakan kepada mereka "Janganlah kamu membuat kerusakan di muka bumi" Mereka menjawab "Sesungguhnya kami orangorang yang mengadakan perbaikan"
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
(Dan jika dikatakan kepada mereka,) maksudnya kepada orang-orang munafik tadi ("Janganlah kamu membuat kerusakan di muka bumi!") yakni dengan kekafiran dan menyimpang dari keimanan. (Jawab mereka, "Sesungguhnya kami ini berbuat kebaikan.") dan tidak dijumpai pada perbuatan kami hal-hal yang menjurus pada kebinasaan. Maka Allah swt. berfirman sebagai sanggahan atas ucapan mereka itu:
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর যখন তাদেরকে বলা হয় যে দুনিয়ার বুকে দাঙ্গাহাঙ্গামা সৃষ্টি করো না তখন তারা বলে আমরা তো মীমাংসার পথ অবলম্বন করেছি।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : "பூமியில் குழப்பத்தை உண்டாக்காதீர்கள்" என்று அவர்களிடம் சொல்லப்பட்டால் "நிச்சயமாக நாங்கள் தாம் சமாதானவாதிகள்" என்று அவர்கள் சொல்கிறார்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และเมื่อได้ถูกกล่าวแก่พวกเขาว่า พวกท่านจงอย่าก่อความเสียหาแก่แผ่นดิน ซิ พวกเขาก็กล่าวว่า ที่จริงนั้น เราเป็นผู้ปรับปรุงให้ดีต่างหาก
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ва агар уларга ер юзида фасод қилманг дейилса биз фақат ислоҳ қилувчилармиз дейдилар
- 中国语文 - Ma Jian : 有人对他们说:你们不要在地方上作恶。他们就说:我们只是调解的人。
- Melayu - Basmeih : Dan apabila dikatakan kepada mereka "Janganlah kamu membuat bencana dan kerosakan di muka bumi" mereka menjawab " Sesungguhnya kami orangorang yang hanya membuat kebaikan"
- Somali - Abduh : marka lagu dhoho ha fasaadinina dhulka waxay dhahaan annagu waxaan uun nahay Hagaajiyayaal
- Hausa - Gumi : Kuma idan aka ce musu "Kada ku yi ɓarna a cikin ƙasa" sukan ce "Mũ mãsu kyautatawa kawai ne"
- Swahili - Al-Barwani : Na wanapo ambiwa Msifanye uharibifu ulimwenguni Husema Bali sisi ni watengenezaji
- Shqiptar - Efendi Nahi : Kur t’u thuhet “mos bëni çrregullime në Botë” ata thonë “Na vetëm zbatojmë rregullat në Botë”
- فارسى - آیتی : چون به آنان گفته شود كه در زمين فساد مكنيد، مىگويند: ما مصلحانيم.
- tajeki - Оятӣ : Чун ба онҳо гуфта шавад, ки дар замин фасод накунед, мегӯянд: «Мо муслеҳонем» (некӯкоронем).
- Uyghur - محمد صالح : ئۇلارغا: «يەر يۈزىدە بۇزغۇنچىلىق قىلماڭلار» دېيىلسە، «بىز ئىسلاھ قىلغۇچىلارمىز» دەيدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : “നിങ്ങള് ഭൂമിയില് കുഴപ്പമുണ്ടാക്കരുതെ"ന്ന് ആവശ്യപ്പെട്ടാല് അവര് പറയും: "ഞങ്ങള് നന്മ ചെയ്യുന്നവര് മാത്രമാകുന്നു.“
- عربى - التفسير الميسر : واذا نصحوا ليكفوا عن الافساد في الارض بالكفر والمعاصي وافشاء اسرار المومنين وموالاه الكافرين قالوا كذبا وجدالا انما نحن اهل الاصلاح