- عربي - نصوص الآيات عثماني : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْـَٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
- عربى - نصوص الآيات : تلك أمة قد خلت ۖ لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ۖ ولا تسألون عما كانوا يعملون
- عربى - التفسير الميسر : تلك أُمَّة من أسلافكم قد مضَتْ، لهم أعمالهم، ولكم أعمَالكم، ولا تُسْألون عن أعمالهم، وهم لا يُسْألون عن أعمالكم، وكلٌّ سيجازى بما فعله، لا يؤاخذ أحد بذنب أحد، ولا ينفعُ أحدًا إلا إيمانُه وتقواه.
- السعدى : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ثم قال تعالى: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } أي: مضت { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ } أي: كل له عمله, وكل سيجازى بما فعله, لا يؤخذ أحد بذنب أحد ولا ينفع أحدا إلا إيمانه وتقواه فاشتغالكم بهم وادعاؤكم, أنكم على ملتهم, والرضا بمجرد القول, أمر فارغ لا حقيقة له، بل الواجب عليكم, أن تنظروا حالتكم التي أنتم عليها, هل تصلح للنجاة أم لا؟
- الوسيط لطنطاوي : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ثم حذر الله- تعالى- أهل الكتاب من ترك طاعته اتكالا على انتسابهم لآباء كانوا أنبياء أو صالحين فقال تعالى: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ، لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.
الإشارة (بتلك) إلى إبراهيم وبنيه، أى أن إبراهيم وذريته، أمة قد مضت وانقرضت، لها جزاء ما كسبت من خير أو شر، ولا تسألون يوم القيامة عن أعمالهم في الدنيا فلا يقال لكم على وجه المحاسبة لم عملوا كذا وإنما ستسألون عن أعمالكم وحدها فأصلحوها وحسنوها، وآمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم الذي هو دعوة إبراهيم- عليه السلام- وعلى دينه وملته.
فالآية الكريمة واردة لتقرير سنة من سنن الله العامة في خلقه وهي أن لكل نفس وحدها ثواب ما كسبت من خير وعليها وحدها يقع عقاب ما اكتسبت من شر. وبذلك تكون الآيات الكريمة قد بينت بوضوح لبنى إسرائيل وغيرهم أن ملة إبراهيم الإسلام وأنه هو ويعقوب- عليهما السلام- قد أوصيا أبناءهما بأن يثبتوا على هذه الملة حتى الموت، وأن أبناء يعقوب قد عاهدوه عند موته أن يستمروا على ملته وملة إبراهيم عليهما السلام.
وهذا الذي بينته الآيات الكريمة يطابق ما دعاهم إليه محمد صلّى الله عليه وسلّم وهو الإيمان بالله- تعالى- وتصديق رسوله واتباع تعاليم الإسلام.
وفي القرآن الكريم آيات أخرى صرحت بأن الإسلام اسم للدين الذي دعا اليه كل الأنبياء، وانتسب إليه أتباعهم، فنوح قال لقومه: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وموسى قال لقومه: يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ والحواريون قالوا لعيسى- عليه السلام-: آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .
بل إن فريقا من أهل الكتاب حين سمعوا القرآن أشرقت قلوبهم لدعوته وقالوا: آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ .
وإلى هنا نكون قد ذكرنا بعض الآيات الكريمة التي أرشدت إلى أن ما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم يطابق ما جاء به الأنبياء السابقون، فعليهم أن يؤمنوا به ويصدقوا، لأن كفرهم به كفر بجميع الرسل السابقين.
وقبل أن نختم هذا الموضوع ننبه إلى مسألة مهمة. وهي أن ما جاء به النبي صلّى الله عليه وسلّم يطابق- كما قلنا- ما جاء به الأنبياء قبله في أصول الدين وكلياته كتوحيد الله- تعالى- واختصاصه بالعبادة، وتصديق الأنبياء السابقين فيما أتوا به عن الله- تعالى- والإيمان بالبعث وما يكون فيه من نعيم وعذاب والحض على مكارم الأخلاق، أما ما عدا ذلك مما يتعلق بتفاصيل العبادات وأحكام المعاملات فإن الشرائع تختلف فيه بوجه عام حسب ما يتناسب وحالة الأمة التي بعث الله لها رسولا من لدنه كما قال تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً.
ومن هنا جاءت الشريعة الإسلامية بما لم يكن موجودا في الشرائع السابقة، ومن مظاهر ذلك أن القرآن الكريم أعلن للناس، أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم من مميزات شريعته أنها أحلت للناس كل الطيبات وحرمت عليهم كل الخبائث ووضعت عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم وشرعت لهم أمورا تتعلق بعباداتهم ومعاملاتهم امتازت باليسر والتخفيف.
ويعجبني في هذا المقام قول فضيلة أستاذنا المرحوم الشيخ محمد عبد الله دراز: (يجب أن يفهم- أن تعديل الشريعة المتأخرة للمتقدمة- ليس نقضا لها، وإنما وقوفا بها عند وقتها المناسب وأجلها المقدر.
مثل ذلك كمثل ثلاثة من الأطباء جاء أحدهم إلى الطفل في الطور الأول من حياته، فقصر غذاءه على اللبن، وجاء الثاني من مرحلته التالية فقرر له طعاما لينا، وطعاما نشويا خفيفا، وجاء الثالث في المرحلة التي بعدها فأمر له بغذاء قوى كامل.
لا ريب أن هاهنا اعترافا ضمنيا من كل واحد منهم بأن صاحبه كان موفقا كل التوفيق في علاج الحالة التي عرضت عليه، نعم إن هناك قواعد صحية عامة في النظافة والتهوية والتدفئة ونحوها، لا تختلف باختلاف الأسنان فهذه لا تعديل فيها ولا تبديل، ولا يختلف فيها طب الأطفال والناشئين عن طب الكهول الناضجين.
هكذا الشرائع السماوية، كلها صدق وعدل في جملتها وتفصيلها، وكلها يصدق بعضها بعضا من ألفها إلى يائها، ولكن هذا التصديق على ضربين.
تصديق للقديم مع الإذن ببقائه واستمراره، وتصديق له مع إبقائه في حدود ظروفه الماضية، ذلك أن التشريعات السماوية تحتوى على نوعين من التشريعات.
(تشريعات خالدة)
لا تتبدل بتبديل الأصقاع والأوضاع (كالوصايا التسع ونحوها) .و (تشريعات موقوتة) بآجال طويلة أو قصيرة، فهذه تنتهي بانتهاء وقتها. وتجيء الشريعة التالية بما هو أوفق بالأوضاع الناشئة الطارئة.
فشريعة التوراة- مثلا- عنيت بوضع المبادئ الأولية لقانون السلوك (لا تقتل) .
(لا تسرق) فطابعها البارز تحديد الحقوق وطلب العدل والمساواة.
وشريعة الإنجيل تجيء بعدها فتقرر هذه الأمور، ثم تترقى فتزيد آدابا مكملة (أحسن إلى من أساء إليك) .
وأخيرا تجيء شريعة القرآن فتراها تقرر كلا المبدأين في نسق واحد إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ.
هكذا كانت الشرائع السماوية خطوات متصاعدة، ولبنات متراكمة في بنيان الدين والأخلاق وسياسة المجتمع. وكانت مهمة اللبنة الأخيرة منها أن أكملت البنيان وملأت ما بقي فيه من فراغ وأنها في الوقت نفسه كانت بمثابة حجر الزاوية الذي يمسك أركان البناء.
وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين صور الرسالات السماوية في جملتها أحسن تصوير فقال: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وجمله إلا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة. فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» «1» .
وبذلك يتبين لنا أن مطابقة الشريعة الإسلامية لغيرها من الشرائع السابقة إنما هي في الأصول والكليات، لا في الفروع والجزئيات.
ثم حكى القرآن بعد ذلك لونا من ألوان مزاعم أهل الكتاب ورد عليها بما يبطلها فقال:
- البغوى : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
{تلك أمة } جماعة.
{قد خلت} مضت
{لها ما كسبت} من العمل.
{ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون} يعني: يسأل كل عن عمله لا عن عمل غيره.
- ابن كثير : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
وقوله تعالى : ( تلك أمة قد خلت ) أي : مضت ( لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ) أي : إن السلف الماضين من آبائكم من الأنبياء والصالحين لا ينفعكم انتسابكم إليهم إذا لم تفعلوا خيرا يعود نفعه عليكم ، فإن لهم أعمالهم التي عملوها ولكم أعمالكم : ( ولا تسألون عما كانوا يعملون )
وقال أبو العالية ، والربيع ، وقتادة : ( تلك أمة قد خلت ) يعني : إبراهيم ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، والأسباط [ ولهذا جاء ، في الأثر : من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه
- القرطبى : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
قوله تعالى : تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون قوله تعالى : تلك أمة قد خلت تلك مبتدأ ، وأمة خبر ، قد خلت نعت لأمة ، وإن شئت كانت خبر المبتدأ ، وتكون أمة بدلا من تلك . لها ما كسبت ما في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة على قول الكوفيين . ولكم ما كسبتم مثله ، يريد من خير وشر . وفي هذا دليل على أن العبد يضاف إليه أعمال وأكساب ، وإن كان الله تعالى أقدره على ذلك ، إن كان خيرا فبفضله وإن كان شرا فبعدله ، وهذا مذهب أهل السنة ، والآي في القرآن بهذا المعنى كثيرة . فالعبد مكتسب لأفعاله ، على معنى أنه خلقت له قدرة مقارنة للفعل ، يدرك بها الفرق بين حركة الاختيار وحركة الرعشة مثلا ، وذلك التمكن هو مناط التكليف . وقال الجبرية بنفي اكتساب العبد ، وإنه كالنبات الذي تصرفه الرياح . وقالت القدرية والمعتزلة خلاف هذين القولين ، وإن العبد يخلق أفعاله .
قوله تعالى : ولا تسألون عما كانوا يعملون أي لا يؤاخذ أحد بذنب أحد ، مثل قوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى ، وسيأتي .
- الطبرى : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ } إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَوَلَدهمْ . يَقُول لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : يَا مَعْشَر الْيَهُود وَالنَّصَارَى دَعَوْا ذِكْر إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ أَوْلَادهمْ بِغَيْرِ مَا هُمْ أَهْله وَلَا تَنْحَلُوهُمْ كُفْر الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة فَتُضِيفُوهَا إلَيْهِمْ , فَإِنَّهُمْ أُمَّة - وَيَعْنِي بِالْأُمَّةِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْجَمَاعَة , وَالْقَرْن مِنْ النَّاس - قَدْ خَلَتْ : مَضَتْ لِسَبِيلِهَا . وَإِنَّمَا قِيلَ لِلَّذِي قَدْ مَاتَ فَذَهَبَ : قَدْ خَلَا , لِتَخَلِّيهِ مِنْ الدُّنْيَا , وَانْفِرَاده بِمَا كَانَ مِنْ الْأُنْس بِأَهْلِهِ وَقُرَنَائِهِ فِي دُنْيَاهُ , وَأَصْله مِنْ قَوْلهمْ : خَلَا الرَّجُل , إذَا صَارَ بِالْمَكَانِ الَّذِي لَا أَنِيس لَهُ فِيهِ وَانْفَرَدَ مِنْ النَّاس , فَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ فِي الَّذِي يَمُوت عَلَى ذَلِكَ الْوَجْه . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْره لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : إنَّ لِمَنْ نَحَلْتُمُوهُ بِضَلَالِكُمْ وَكُفْركُمْ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَنْبِيَائِي وَرُسُلِي مَا كَسَبَتْ . وَالْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله : { لَهَا } عَائِدَة إنْ شِئْت عَلَى " تِلْكَ " , وَإِنْ شِئْت عَلَى " الْأُمَّة " . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { لَهَا مَا كَسَبَتْ } أَيْ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر , وَلَكُمْ يَا مَعْشَر الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِثْل ذَلِكَ مَا عَمِلْتُمْ . وَلَا تُؤَاخَذُونَ أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاحِلُونَ مَا نَحَلْتُمُوهُمْ مِنْ الْمِلَل , فَسَأَلُوا عَمَّا كَانَ إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَوَلَدهمْ يَعْمَلُونَ فَيَكْسِبُونَ مِنْ خَيْر وَشَرّ ; لِأَنَّ لِكُلِّ نَفْس مَا كَسَبَتْ , وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ . فَدَعَوْا انْتِحَالهمْ وَانْتِحَال مِلَلهمْ , فَإِنَّ الدَّعَاوَى غَيْر مُغْنِيَتكُمْ عِنْد اللَّه , وَإِنَّمَا يُغْنِي عَنْكُمْ عِنْده مَا سَلَف لَكُمْ مِنْ صَالِح أَعْمَالكُمْ إنْ كُنْتُمْ عَمِلْتُمُوهَا وَقَدَّمْتُمُوهَا .
- ابن عاشور : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
عقبت الآيات المتقدمة من قوله : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه } [ البقرة : 124 ] بهذه الآية لأن تلك الآيات تضمنت الثناء على إبراهيم وبنيه والتنويه بشأنهم والتعريض بمن لم يقتف آثارهم من ذريتهم وكأن ذلك قد ينتحل منه المغرورون عذراً لأنفسهم فيقولون نحن وإن قصرنا فإن لنا من فضل آبائنا مسلكاً لنجاتنا ، فذكرت هذه الآية لإفادة أن الجزاء بالأعمال لا بالاتكال .
والإشارة بتلك عائدة إلى إبراهيم وبنيه باعتبار أنهم جماعة وباعتبار الإخبار عنهم باسم مؤنث لفظه وهو أمة .
والأمة تقدم بيانها آنفاً عند قوله تعالى : { ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } [ البقرة : 128 ] .
وقوله : { قد خلت } صفة لأمة ومعنى خلت مضت ، وأصل الخلاء الفراغ فأصل معنى خلت خلا منها المكان فأسند الخلو إلى أصحاب المكان على طريقة المجاز العقلي لنكتة المبالغة ، والخبر هنا كناية عن عدم انتفاع غيرهم بأعمالهم الصالحة وإلا فإن كونها خلت مما لا يحتاج إلى الإخبار به ، ولذا فقوله : { لها ما كسبت } الآية بدل من جملة { قد خلت } بدل مفصل من مجمل .
والخطاب موجه إلى اليهود أي لا ينفعكم صلاح آبائكم إذا كنتم غير متبعين طريقتهم ، فقوله : { لها ما كسبت } تمهيد لقوله : { ولكم ما كسبتم } إذ هو المقصود من الكلام ، والمراد بما كسبت وبما كسبتم ثواب الأعمال بدليل التعبير فيه بلها ولكم ، ولك أن تجعل الكلام من نوع الاحتباك والتقرير لها ما كسبت وعليكم ما كسبتم أي إثمه .
ومن هذه الآية ونظائرها انتزع الأشعري التعبير عن فعل العبد بالكسب .
وتقديم المسندين على المسند إليهما في { لها ما كسبت ولكم ما كسبتم } لقصر المسند إليه على المسند أي ما كسبت الأمة لا يتجاوزها إلى غيرها وما كسبتم لا يتحاوزكم ، وهو قصر إضافي لقلب اعتقاد المخاطبين فإنهم لغرورهم يزعمون أن ما كان لأسلافهم من الفضائل يزيل ما ارتكبوه هم من المعاصي أو يحمله عنهم أسلافهم .
وقوله : { ولا تسألون عما كانوا يعملون } معطوف على قوله : { لها ما كسبت } وهو من تمام التفصيل لمعنى خلت ، فإن جعلت { لها ما كسبت ولكم ما كسبتم } خاصاً بالأعمال الصالحة فقوله : { ولا تسألون } إلخ تكميل للأقسام أي وعلى كل ما عمل من الإثم ولذا عبر هنالك بالكسب المتعارف في الادخار والتنافس وعبر هنا بالعمل . وإنما نفى السؤال عن العمل لأنه أقل أنواع المؤاخذة بالجريمة فإن المرء يؤخذ بجريمته فيسأل عنها ويعاقب وقد يسأل المرء عن جريمة غيره ولا يعاقب كما يلام على القوم فعل بعضهم ما لا يليق وهو شائع عند العرب قال زهير :
لعمري لنِعْمَ الحيُّ جَرَّ عليهم ... بما لا يُواتيهم حُصَين بن ضَمْضمِ
فنفي أصل السؤال أبلغ وأشمل للأمرين ، وإن جعلت قوله : { ولكم ما كسبتم } مراداً به الأعمال الذميمة المحيطة بهم كان قوله : { ولا تسألون } إلخ احتراساً واستيفاء لتحقيق معنى الاختصاص أي كل فريق مختص به عمله أو تبعته ولا يلحق الآخر من ذلك شيء ولا السؤال عنه ، أي لا تحاسبون بأعمال سلفكم وإنما تحاسبون بأعمالكم .
- إعراب القرآن : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
«تِلْكَ» اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب. «أُمَّةٌ» خبر مرفوع والجملة ابتدائية. «قَدْ» حرف تحقيق. «خَلَتْ» فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هي. «لَها» جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم والجملة في محل رفع صفة لأمة. «ما كَسَبَتْ» ما اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ كسبت فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل هي والجملة صلة الموصول لا محل لها. «وَلَكُمْ» الواو عاطفة. «لَكُمْ ما كَسَبْتُمْ» مثل لها ما كسبت والجملة معطوفة. «وَلا» الواو عاطفة. «تُسْئَلُونَ» فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة معطوفة. «عَمَّا» الجار واسم الموصول المجرور متعلقان بالفعل قبلهما. «كانُوا» كان والواو اسمها. «يَعْمَلُونَ» فعل مضارع والواو فاعل والجملة خبر كان وجملة كانوا يعملون صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
- English - Sahih International : That was a nation which has passed on It will have [the consequence of] what it earned and you will have what you have earned And you will not be asked about what they used to do
- English - Tafheem -Maududi : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(2:134) They were a people who passed away; they shall receive the reward of what they earned and you shall have the reward of what you will earn; and you will not be questioned as to what they did. *134
- Français - Hamidullah : Voilà une génération bel et bien révolue A elle ce qu'elle a acquis et à vous ce que vous avez acquis On ne vous demandera pas compte de ce qu'ils faisaient
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Das ist eine Gemeinschaft die schon vergangen ist; ihr kommt zu was sie verdient hat und euch was ihr verdient habt Und ihr werdet nicht danach befragt werden was jene zu tun pflegten
- Spanish - Cortes : Ésa es una comunidad ya desaparecida Ha recibido lo que merecía como vosotros recibiréis lo que merezcáis No tendréis que responder de lo que ellos hacían
- Português - El Hayek : Aquela é uma nação que já passou; colherá o que mereceu e vós colhereis o que merecerdes e não sereisresponsabilizados pelo que fizeram
- Россию - Кулиев : Этот народ уже миновал Они получат то что они заслужили а вы получите то что вы заслужили и вы не будете спрошены о том что они совершали
- Кулиев -ас-Саади : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
Этот народ уже миновал. Они получат то, что они заслужили, а вы получите то, что вы заслужили, и вы не будете спрошены о том, что они совершали.О люди Писания! Каждому человеку остаются его деяния, и каждый человек получит воздаяние только за свои деяния. Никто не будет отвечать за прегрешения других, и никто не извлечет пользы из набожности и богобоязненности других людей. Вы утверждаете, что исповедуете религию Ибрахима и довольствуетесь голословными заявлениями, которые не имеют ничего общего с истиной. А ведь вы обязаны размышлять над воззрениями, которые вы исповедуете. Вы обязаны размышлять над тем, помогут они вам обрести спасение или нет.
- Turkish - Diyanet Isleri : Onlar geçmiş birer ümmettir Kazandıkları kendilerine sizin kazandıklarınız da sizedir Onların yapmış olduklarından sorumlu değilsiniz
- Italiano - Piccardo : Questa è gente del passato Avrà quello che ha meritato e voi avrete quello che meriterete e non dovrete rispondere della loro condotta
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوانه ئوممهتێك بوون ڕۆشتن بهخۆیان و كردهوهی چاكیانهوه ئێوهش ههرچی دهیكهن له چاكه بۆ خۆتانه و بهرپرس نابن له كارو كردهوهی ئهوان
- اردو - جالندربرى : یہ جماعت گزرچکی۔ ان کو ان کے اعمال کا بدلہ ملے گا اور تم کو تمھارے اعمال کا اور جو عمل وہ کرتے تھے ان کی پرسش تم سے نہیں ہوگی
- Bosanski - Korkut : Taj narod je bio i nestao; njega čeka ono što je zaslužio i vas će čekati ono što ćete zaslužiti i vi nećete biti pitani za ono što su oni radili
- Swedish - Bernström : Deras tid är förbi De skall lönas efter vad de har gjort och ni skall lönas efter vad ni har gjort Ni skall inte ställas till svars för deras handlingar
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Itu adalah umat yang lalu; baginya apa yang telah diusahakannya dan bagimu apa yang sudah kamu usahakan dan kamu tidak akan diminta pertanggungan jawab tentang apa yang telah mereka kerjakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(Itu) isyarat kepada Ibrahim dan Yakub serta anak cucu mereka, menjadi 'mubtada' atau subyek dan dipakai kata muannats/jenis wanita disebabkan predikatnya yang muannats pula, (adalah umat yang telah lalu) (bagi mereka apa yang telah mereka usahakan) maksudnya balasan atau ganjaran amal perbuatan mereka (dan bagi kamu) ditujukan kepada orang-orang Yahudi (apa yang kamu usahakan dan kamu tidak akan diminta pertanggungjawaban tentang apa-apa yang mereka kerjakan) sebagaimana mereka tidak pula akan diminta pertanggungjawaban tentang amal perbuatanmu. Kalimat yang di belakang ini memperkuat maksud kalimat di muka.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আমরা সবাই তাঁর আজ্ঞাবহ। তারা ছিল এক সম্প্রদায়যারা গত হয়ে গেছে। তারা যা করেছে তা তাদেরই জন্যে। তারা কি করত সে সম্পর্কে তোমরা জিজ্ঞাসিত হবে না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அந்த உம்மத்துசமூகம் சென்றுவிட்டது அவர்கள் சம்பாதித்தவை அவர்களுக்கே நீங்கள் சம்பாதித்தவை உங்களுக்கே அவர்கள் செய்து கொண்டிருந்தது பற்றி நீங்கள் கேட்கப்பட மாட்டீர்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : นั่นคือ หมู่ชนที่ล่วงลับไปแล้ว สิ่งที่พวกเขาขวนขวายไว้ ก็ย่อมได้แก่พวกเขา และสิ่งที่พวกเจ้าขวนขวายไว้ก็ย่อมได้แก่พวกเจ้า และพวกเจ้าจะไม่ถูกไต่สวนถึงสิ่งที่พวกเขากระทำ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Улар бир уммат эди ўтиб кетдилар Уларга ўзлари касб қилганлари бўлади Сизларга ўзингиз касб қилганингиз бўлади Уларнинг қилган амалларидан сиз сўралмайсиз
- 中国语文 - Ma Jian : 那是已逝去的民族,他们得享受他们的行为的报酬,你们得享受你们的行为的报酬,你们对他们的行为不负责任。
- Melayu - Basmeih : Mereka itu adalah satu umat yang telah lalu sejarahnya; bagi mereka balasan apa yang mereka telah usahakan dan bagi kamu pula balasan apa yang kamu usahakan; dan kamu tidak akan ditanya atau dipertanggungjawabkan tentang apa yang telah mereka lakukan
- Somali - Abduh : taasina waa ummad taktay waxayna Mudatay waxay kasbatay idinkuna waxaad mudanaysaan waxaad kasbateen laydina warsan maayo waxay Camalfalayeen
- Hausa - Gumi : Waccan wata al'umma ce ta riga ta shige tana da abin da ta sanã'anta kuma kuna da abin da kuka sanã'anta Kuma bã zã a tambaye ku ba daga abin da suka kasance suna aikatãwa
- Swahili - Al-Barwani : Hao ni watu walio kwisha pita Watapata waliyo yachuma nanyi mtapata mtakayo yachuma; wala hamtaulizwa nyinyi waliyo kuwa wakiyafanya wao
- Shqiptar - Efendi Nahi : Ai popull qe e shkoi; ata i pret ajo që kanë merituar edhe juve u pret ajo që e meritoni e ju nuk do të pyeteni për veprat që kanë punuar ata
- فارسى - آیتی : آنها امّتهايى بودهاند كه اكنون درگذشتهاند. آنچه كرده بودند از آنِ آنهاست و آنچه شما كنيد از آنِ شماست و شما را از اعمالى كه آنها مى كردهاند نمىپرسند.
- tajeki - Оятӣ : Онҳо умматҳое будаанд, ки акнун даргузаштаанд. Он чӣ карда буданд, аз они онҳост ва он чӣ шумо кунед, аз они шумост ва шуморо аз аъмоле, ки онҳо мекардаанд, намепурсанд.
- Uyghur - محمد صالح : ئۇلار ئۆتكەن بىر ئۈممەتتۇر، ئۇلارنىڭ ئەمەللىرى (نىڭ ساۋابى) ئۆزلىرى ئۈچۈندۇر. سىلەرنىڭ ئەمەلىڭلار (نىڭمۇ ساۋابى) ئۆزۈڭلار ئۈچۈندۇر، ئۇلارنىڭ قىلمىشىغا سىلەر جاۋابكار ئەمەس
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ഏതായാലും അത് കഴിഞ്ഞുപോയ ഒരു സമുദായം. അവര്ക്ക് അവര് ചെയ്തതിന്റെ ഫലമുണ്ട്. നിങ്ങള്ക്ക് നിങ്ങള് ശേഖരിച്ചുവെച്ചതിന്റെയും. അവര് പ്രവര്ത്തിച്ചിരുന്നതിനെപ്പറ്റി നിങ്ങളോട് ആരും ചോദിക്കുകയില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : تلك امه من اسلافكم قد مضت لهم اعمالهم ولكم اعمالكم ولا تسالون عن اعمالهم وهم لا يسالون عن اعمالكم وكل سيجازى بما فعله لا يواخذ احد بذنب احد ولا ينفع احدا الا ايمانه وتقواه
*134). What is being said here is that even though they might be their offspring in terms of blood - relationship they had, in fact, no true relationship with them. What right did they have to pretend to belong to them when they had departed far from their way? For God would not ask people what their forefathers did; it was rather about their own conduct and action that they would be questioned.
' Theirs is what they have earned ' is a characteristically Qur'anic expression. What we ordinarily characterize as either 'action' or 'doing' is termed by the Qur'an as 'earning'. The reason is that each and every human action has its ultimate effect, whether or not it is good, and will have its manifestation in God's approval or disapproval. It is this ultimate effect which is a man's earning. Since the Qur'an considers this to be of paramount importance, it characterizes man's actions as his 'earning'.