- عربي - نصوص الآيات عثماني : أَوْ كَٱلَّذِى مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍۢ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْىِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٍۢ ثُمَّ بَعَثَهُۥ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍۢ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍۢ فَٱنظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَٱنظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَٱنظُرْ إِلَى ٱلْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ
- عربى - نصوص الآيات : أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها ۖ فأماته الله مائة عام ثم بعثه ۖ قال كم لبثت ۖ قال لبثت يوما أو بعض يوم ۖ قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ۖ وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس ۖ وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ۚ فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير
- عربى - التفسير الميسر : أو هل رأيت -أيها الرسول- مثل الذي مرَّ على قرية قد تهدَّمت دورها، وخَوَتْ على عروشها، فقال: كيف يحيي الله هذه القرية بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام، ثم ردَّ إليه روحه، وقال له: كم قدر الزمان الذي لبثت ميتًا؟ قال: بقيت يومًا أو بعض يوم، فأخبره بأنه بقي ميتًا مائة عام، وأمره أن ينظر إلى طعامه وشرابه، وكيف حفظهما الله من التغيُّر هذه المدة الطويلة، وأمره أن ينظر إلى حماره كيف أحياه الله بعد أن كان عظامًا متفرقة؟ وقال له: ولنجعلك آية للناس، أي: دلالة ظاهرة على قدرة الله على البعث بعد الموت، وأمره أن ينظر إلى العظام كيف يرفع الله بعضها على بعض، ويصل بعضها ببعض، ثم يكسوها بعد الالتئام لحمًا، ثم يعيد فيها الحياة؟ فلما اتضح له ذلك عِيانًا اعترف بعظمة الله، وأنه على كل شيء قدير، وصار آية للناس.
- السعدى : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
وهذا أيضا دليل آخر على توحد الله بالخلق والتدبير والإماتة والإحياء، فقال: ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ) أي: قد باد أهلها وفني سكانها وسقطت حيطانها على عروشها، فلم يبق بها أنيس بل بقيت موحشة من أهلها مقفرة، فوقف عليها ذلك الرجل متعجبا و ( قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) استبعادا لذلك وجهلا بقدرة الله تعالى، فلما أراد الله به خيرا أراه آية في نفسه وفي حماره، وكان معه طعام وشراب، ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم ) استقصارا لتلك المدة التي مات فيها لكونه قد زالت معرفته وحواسه وكان عهد حاله قبل موته، فقيل له ( بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) أي: لم يتغير بل بقي على حاله على تطاول السنين واختلاف الأوقات عليه، ففيه أكبر دليل على قدرته حيث أبقاه وحفظه عن التغير والفساد، مع أن الطعام والشراب من أسرع الأشياء فسادا ( وانظر إلى حمارك ) وكان قد مات وتمزق لحمه وجلده وانتثرت عظامه، وتفرقت أوصاله ( ولنجعلك آية للناس ) على قدرة الله وبعثه الأموات من قبورهم، لتكون أنموذجا محسوسا مشاهدا بالأبصار، فيعلموا بذلك صحة ما أخبرت به الرسل ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ) أي: ندخل بعضها في بعض، ونركب بعضها ببعض ( ثم نكسوها لحما ) فنظر إليها عيانا كما وصفها الله تعالى، ( فلما تبين له ) ذلك وعلم قدرة الله تعالى ( قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ) والظاهر من سياق الآية أن هذا رجل منكر للبعث أراد الله به خيرا، وأن يجعله آية ودليلا للناس لثلاثة أوجه أحدها قوله ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) ولو كان نبيا أو عبدا صالحا لم يقل ذلك، والثاني: أن الله أراه آية في طعامه وشرابه وحماره ونفسه ليراه بعينه فيقر بما أنكره، ولم يذكر في الآية أن القرية المذكورة عمرت وعادت إلى حالتها، ولا في السياق ما يدل على ذلك، ولا في ذلك كثير فائدة، ما الفائدة الدالة على إحياء الله للموتى في قرية خربت ثم رجع إليها أهلها أو غيرهم فعمروها؟! وإنما الدليل الحقيقي في إحيائه وإحياء حماره وإبقاء طعامه وشرابه بحاله، والثالث في قوله: ( فلما تبين له ) أي: تبين له أمر كان يجهله ويخفى عليه، فعلم بذلك صحة ما ذكرناه، والله أعلم.
- الوسيط لطنطاوي : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ معطوف على سابقه- وهو قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ والكاف اسمية بمعنى مثل معمولة لأرأيت محذوفا. أى أو أرأيت مثل الذي مر على قرية.. وحذف لدلالة أَلَمْ تَرَ عليه. وقيل: إن الكاف زائدة والتقدير: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم أو الذي مر على قرية.. وقيل: إن العطف هنا محمول على المعنى كأنه قيل: أرأيت شيئا عجيبا- كالذي حاج إبراهيم في ربه، أو كالذي مر على قرية» .
والذي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ قيل هو عزيز بن شرخيا، وقيل حزقيال بن بوزى وقيل غير ذلك، والقرية قيل المراد بها بيت المقدس وكان قد خربها «بختنصر» البابلي.. والقرآن الكريم لم يهتم بتحديد الأشخاص والأماكن لأنه يقصد العبرة وبيان الحال والشأن. وجملة وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها في موضع الحال من الضمير المستتر في مَرَّ والواو رابطة بين الجملة الحالية وبين صاحبها والإتيان بها واجب لخلو الجملة من ضمير يعود على صاحبها وقيل هي حال من قرية، وسوغ إتيان الحال منها مع كونها نكرة وقوعها بعد الاستفهام المقدر وهو أرأيت ومعنى وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أن جدرانها ساقطة على سقوفها، أى أن الخراب قد عمها والدمار قد نزل بها، فأصبحت خالية من أهلها وفارغة ممن كان يعمرها وأصل الخواء الخلو. يقال خوت الدار وخربت تخوى خواء إذا سقطت وخلت.
والعروش جمع عرش وهو سقف البيت ويسمى العريش، وكل شيء يهيأ ليظل أو يكنّ فهو عريش وعرش.
وقوله- تعالى-: قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها حكاية لما قاله ذلك الذي مر على تلك القرية ورأى فيها ما رأى من مظاهر الخراب والدمار والمعنى: أو أرأيت مثل الذي مر على قرية وهي ساقطة حيطانها على سقوفها، وفارغة ممن كان يسكنها، فهاله أمرها، وراعه شأنها، وقال على سبيل التعجب كيف يحيى الله هذه القرية بعد موتها، بأن يعيد إليها العمران بعد الخراب، ويجعلها عامرة بسكانها الذين خلت منهم. فقوله: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ بمعنى كيف فتكون منصوبة على الحالية من اسم الإشارة ويجوز أن تكون أَنَّى هنا بمعنى متى أى: متى يحيى الله هذه القرية بعد موتها فتكون منصوبة على الظرفية.
وقال القرطبي: قوله: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها معناه من أى طريق وبأى سبب، وظاهر اللفظ السؤال عن إحياء القرية بعمارة وسكان، كما يقال الآن في المدن الخربة يبعد أن تعمر وتسكن أى: أنى تعمر هذه بعد خرابها. فكأن هذا تلهف من الواقف المعتبر على مدينته التي عهد فيها أهله وأحبته»
وقوله هذا إنما هو تساؤل عن كيفية الإعادة لا عن أصل الإعادة لأنه كان مؤمنا بالبعث والنشور، إلا أنه لما رأى حال القرية على تلك الصورة من الخراب تعجب من قدرة الله على إحيائها، وتشوق إلى عمارتها واعترف بالعجز عن معرفة طريق الإحياء. فماذا كانت نتيجة هذا التساؤل؟ كانت نتيجته كما حكاها القرآن: فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ؟ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ.
أى: بعد أن قال هذا الذي مر على تلك القرية الخاوية على عروشها ما قال، ألبثه الله- تعالى- في الموت مائة عام ثُمَّ بَعَثَهُ أى أحياه ببعث روحه إلى بدنه قالَ كَمْ لَبِثْتَ أى كم مدة من الزمان لبثتها على هذه الحال؟ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ.
وقال- سبحانه-: فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ولم يقل ثم أحياه، للدلالة على أنه عاد كهيئته يوم مات عاقلا فاهما مستعدا للنظر والاستدلال وكان ذلك بعد عمارة القرية وللإشهار بسرعته وسهولة تأتيه على الباري- سبحانه-.
قال ابن كثير: كان أول شيء أحيا الله فيه عينيه لينظر بهما إلى صنع الله فيه كيف يحيى بدنه فلما استقل سويا قال الله له بواسطة الملك كَمْ لَبِثْتَ؟ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وذلك أنه مات أول النهار ثم بعثه الله في آخر النهار فلما رأى الشمس باقية ظن أنها شمس ذلك اليوم فقال: أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ .
وقوله: قالَ كَمْ لَبِثْتَ استئناف مبنى على سؤال كأنه قيل: فماذا قال له بعد بعثه؟
فقيل: قال كم لبثت ليظهر له العجز عن الإحاطة بشئون الله- تعالى- على أتم وجه وتنحسم مادة استبعاده بالمرة.
وكم منصوبة على الظرفية ومميزها محذوف والتقدير كم يوما أو وقتا والناصب لها قوله:
لَبِثْتَ.
وفي هذه الجملة الكريمة بيان للناس بأن الموت يشبه النوم، وأن البعث يشبه اليقظة بعده وأنه لا شيء محال على الله- تعالى- فهو القائل: ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ.
وفي الحديث الشريف: والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءا، وإنها لجنة أبدا، أو لنار أبدا» .
وقوله- تعالى-: قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ معطوف على مقدر، أى: ليس الأمر كما قلت إنك لبثت يوما أو بعض يوم بل إنك لبثت مائة عام ثم أرشده- سبحانه- إلى التأمل في أمور فيها أبلغ دلالة على قدرة الله تعالى وعلى صحة البعث فقال- سبحانه-: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ، وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً.
قوله: لَمْ يَتَسَنَّهْ أى لم يتغير بمرور السنين الطويلة ولم تذهب طراوته فكأنه لم تمر عليه السنون ولفظ يتسنه: مشتق من السنة، والهاء فيه أصلية إذا قدر لام سنة هاء، وأصلها سنهة لتصغيرها على سنيهة وجمعها على سنهات كسجدة وسجدات، ولقولهم: سانهته إذا عاملته سنة فسنة، وتسنه عند القوم إذا أقام فيهم سنة. أو الهاء للوقف نحو كتابيه وجزمه بحذف حرف العلة إذا قدر لام سنه واوا، وأصلها سنوه لتصغيرها على سنية وجمعها على سنوات.
وقوله: نُنْشِزُها أى نرفعها. يقال: أنشز الشيء إذا رفعه من مكانه. وأصله من النشز- بفتحتين وبالسكون- وهو المكان المرتفع. وقرئ ننشرها- بضم النون والراء- أى نحييها من أنشر الله الموتى أى أحياهم. والمعنى: قال الله- تعالى- لهذا الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها إنك لم تلبث يوما أو بعض يوم في الموت كما تظن بل لبثت مائة عام فإن كنت في شك من ذلك فانظر إلى طعامك وشرابك لتشاهد أمرا آخر من دلائل قدرتنا فإن هذا الطعام والشراب كما ترى لم يتغير بمرور السنين وكر الأعوام بل بقي على حالته. وانظر إلى حمارك كيف نخرت عظامه، وتفرقت أوصاله مما يشهد بأنه قد مرت عليه السنوات الطويلة.
وقوله: وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ معطوف على محذوف متعلق بفعل مقدر قبله بطريق الاستئناف مقرر لمضمون ما سبق، والتقدير: فعلنا ما فعلنا لترى وتشاهد بنفسك مظاهر قدرة الله، ولنجعلك آية معجزة ودليلا على صحة البعث وقوله: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً أى انظر وتأمل في هذه العظام كيف نركب بعضها في بعض بعد أن نوجدها.
وقيل المعنى: وانظر إلى العظام أى عظام حمارك التي تفرقت وتناثرت لتشاهد كيف نرفعها من الأرض فنردها إلى أماكنها في جسده.
قال ابن كثير: قال السدى وغيره: تفرقت عظام حماره يمينا وشمالا حوله فنظر إليها وهي تلوح من بياضها، فبعث الله ريحا فجمعتها من كل موضع، ثم ركب كل عظم في موضعه، وذلك كله بمرأى من العزير» .
وجاء الضمير في قوله: لَمْ يَتَسَنَّهْ بالإفراد مع أن المتقدم طعام وشراب، لأنهما متلازمان بمعنى أن أحدهما لا يكتفى به عن الآخر فصارا بمنزلة شيء واحد، فكأنه قال: انظر إلى غذائك.
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أى:
فلما تبين له بالأدلة الناصعة، وبالمشاهدة الحسية قدرة الله- تعالى- على الإحياء والإماتة، وعلى البعث والنشور قال أعلم أى أستيقن وأومن وأعتقد أن الله- تعالى- على كل شيء قدير، وأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء. والفاء في قوله: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ ... عاطفة على مقدر يستدعيه المقام فكأنه قيل: رفع الله العظام من أماكنها وأكساها لحما فلما تبين له ذلك، وتيقنه قال أعلم أن الله على كل شيء قدير. وفاعل تَبَيَّنَ مضمر يفسره سياق الكلام والتقدير: فلما تبين له كيفية الإحياء أو فلما تبين له ما أشكل عليه من أمر إحياء الموتى قال أعلم أن الله على كل شيء قدير.
تلك هي القصة الأولى التي ساقها الله- تعالى كدليل على قدرته وعلى صحة البعث والنشور. أما القصة الثانية التي تؤكد هذا المعنى فقد حكاها القرآن في قوله:
- البغوى : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قوله تعالى : ( أو كالذي مر على قرية ) وهذه الآية منسوقة على الآية الأولى تقديره ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم ) وإلى الذي مر على قرية وقيل : تقديره : هل رأيت الذي حاج إبراهيم في ربه وهل رأيت الذي مر على قرية؟ واختلفوا في ذلك المار فقال قتادة وعكرمة والضحاك : هو عزير بن شرخيا ، وقال وهب بن منبه : هو أرميا بن حلقيا ، وكان من سبط هارون وهو الخضر وقال مجاهد : هو كافر شك في البعث واختلفوا في تلك القرية فقال وهب وعكرمة وقتادة : هي بيت المقدس ، وقال الضحاك : هي الأرض المقدسة وقال الكلبي : هي دير سابر أباد ، وقال السدي : مسلم باذ ، وقيل دير هرقل وقيل : هي الأرض التي أهلك الله فيها الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف وقيل : هي قرية العنب وهي على فرسخين من بيت المقدس ( وهي خاوية ) ساقطة يقال : خوي البيت بكسر الواو يخوي خوى مقصورا إذا سقط وخوى البيت بالفتح خواء ممدودا إذا خلا ( على عروشها ) سقوفها واحدها عرش وقيل : كل بناء عرش ومعناه : أن السقوف سقطت ثم وقعت الحيطان عليها .
( قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) وكان السبب في ذلك على ما روى محمد بن إسحاق بن منبه أن الله تعالى بعث إرمياء إلى ناشية بن أموص ملك بني إسرائيل يسدده في ذلك ويأتيه بالخبر من الله عز وجل فعظمت الأحداث في بني إسرائيل وركبوا المعاصي فأوحى الله تعالى إلى إرمياء : أن ذكر قومك نعمي وعرفهم أحداثهم وادعهم إلي فقال إرمياء إني ضعيف إن لم تقوني عاجز إن لم تبلغني مخذول إن لم تنصرني فقال الله عز وجل : أنا ألهمك فقام إرمياء فيهم ولم يدر ما يقول فألهمه الله في الوقت خطبة بليغة طويلة بين لهم فيها ثواب الطاعة وعقاب المعصية وقال في آخرها عن الله تعالى : وإني أحلف بعزتي لأقيضن لهم فتنة يتحير فيها الحكيم ولأسلطن عليهم جبارا فارسيا ألبسه الهيبة وأنزع من صدره الرحمة يتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم ثم أوحى الله إلى إرمياء إني مهلك بني إسرائيل بيافث ويافث من أهل بابل وهم من ولد يافث بن نوح عليه السلام فلما سمع إرمياء ذلك صاح وبكى وشق ثيابه ونبذ الرماد على رأسه فلما سمع الله تضرعه وبكاءه ناداه : يا أرمياء أشق عليك ما أوحيت إليك قال : نعم يا رب أهلكني قبل أن أرى في بني إسرائيل ما لا أسر به فقال الله تعالى : وعزتي لا أهلك بني إسرائيل حتى يكون الأمر في ذلك من قبلك ففرح إرمياء بذلك وطابت نفسه فقال : لا والذي بعث موسى بالحق لا أرضى بهلاك بني إسرائيل ، ثم أتى الملك فأخبره بذلك وكان ملكا صالحا فاستبشر وفرح فقال : إن يعذبنا ربنا فبذنوب كثيرة وإن عفا عنا فبرحمته .
ثم إنهم لبثوا بعد الوحي ثلاث سنين لم يزدادوا إلا معصية وتماديا في الشر وذلك حين اقترب هلاكهم فقل الوحي ودعاهم الملك إلى التوبة فلم يفعلوا فسلط الله عليهم بختنصر فخرج في ستمائة ألف راية يريد أهل بيت المقدس ، فلما فصل سائرا أتى الملك الخبر فقال لإرمياء : أين ما زعمت أن الله أوحى إليك؟ فقال إرمياء : إن الله لا يخلف الميعاد وأنا به واثق ، فلما قرب الأجل بعث الله إلى إرمياء ملكا قد تمثل له رجلا من بني إسرائيل فقال له إرمياء : من أنت؟ قال : أنا رجل من بني إسرائيل أتيتك أستفتيك في أهل رحمي وصلت أرحامهم ولم آت إليهم إلا حسنا ولا يزيدهم إكرامي إياهم إلا إسخاطا لي فأفتني فيهم قال : أحسن فيما بينك وبين الله وصلهم وأبشر بخير . فانصرف الملك فمكث أياما ثم أقبل إليه في صورة ذلك الرجل فقعد بين يديه فقال : أنا الذي أتيتك في شأن أهلي فقال له إرمياء : أما طهرت أخلاقهم لك بعد؟ قال : يا نبي الله والذي بعثك بالحق ما أعلم كرامة يأتيها أحد من الناس إلا رحمة إلا قدمتها إليهم وأفضل فقال له النبي إرمياء عليه السلام : ارجع فأحسن إليهم اسأل الله الذي يصلح عباده الصالحين أن يصلحهم فقام الملك فمكث أياما وقد نزل بختنصر وجنوده حول بيت المقدس بأكثر من الجراد ففزع منهم بنو إسرائيل فقال ملكهم لإرمياء : يا نبي الله أين ما وعدك الله؟ قال : إني بربي واثق ثم أقبل الملك إلى إرمياء وهو قاعد على جدار بيت المقدس يضحك ويستبشر بنصر ربه عز وجل الذي وعده فقعد بين يديه فقال : أنا الذي أتيتك في شأن أهلي مرتين فقال النبي : ألم يأن لهم أن يفيقوا من الذي هم فيه؟ فقال الملك : يا نبي الله كل شيء كان يصيبني منهم قبل اليوم كنت أصبر عليه فاليوم رأيتهم في عمل لا يرضي الله : فقال النبي : على أي عمل رأيتهم؟ قال : على عمل عظيم من سخط الله فغضب الله وأتيتك لأخبرك وإني أسألك بالله الذي بعثك بالحق نبيا إلا ما دعوت الله عليهم ليهلكهم فقال إرمياء : يا مالك السماوات والأرض إن كانوا على حق وصواب فأبقهم وإن كانوا على عمل لا ترضاه فأهلكهم فلما خرجت الكلمة من فم إرمياء أرسل الله صاعقة من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبوابها فلما رأى ذلك إرمياء صاح وشق ثيابه ونبذ الرماد على رأسه وقال : يا مالك السماوات أين ميعادك الذي وعدتني؟ فنودي أنه لم يصبهم ما أصابهم إلا بفتياك ودعائك فاستيقن النبي عليه السلام أنها فتياه وأن ذلك السائل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فطار إرمياء حتى خالط الوحوش .
ودخل بختنصر وجنوده بيت المقدس ووطئ الشام وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم وخرب بيت المقدس ، ثم أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا فيقذفه في بيت المقدس ، ففعلوا حتى ملئوه ثم أمرهم أن يجمعوا من كان في بلدان بيت المقدس فاجتمع عندهم صغيرهم وكبيرهم من بني إسرائيل ، فاختار منهم سبعين ألف صبي فقسمهم بين الملوك الذين كانوا معه فأصاب كل رجل منهم أربعة غلمة وكان من أولئك الغلمان دانيال وحنانيا وفرق من بقي من بني إسرائيل ثلاث فرق فثلثا قتلهم وثلثا سباهم وثلثا أقرهم بالشام ، وكانت هذه الواقعة الأولى التي أنزلها الله في بني إسرائيل بظلمهم فلما ولى عنهم بختنصر راجعا إلى بابل ومعه سبايا بني إسرائيل أقبل إرمياء على حمار له معه عصير عنب في ركوة وسلة تين حتى غشى إيلياء فلما وقف عليها ورأى خرابها قال : ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) .
وقال الذي قال إن المار كان عزيرا : وإن بختنصر لما خرب بيت المقدس وقدم بسبي بني إسرائيل ببابل كان فيهم عزير ودانيال وسبعة آلاف من أهل بيت داود فلما نجا عزير من بابل ارتحل على حمار له حتى نزل دير هرقل على شط دجلة فطاف في القرية فلم ير فيها أحدا وعامة شجرها حامل فأكل من الفاكهة واعتصر من العنب فشرب منه وجعل فضل الفاكهة في سلة وفضل العصير في زق فلما رأى خراب القرية وهلاك أهلها قال : ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) قالها تعجبا لا شكا في البعث .
رجعنا إلى حديث وهب قال : ثم ربط إرمياء حماره بحبل جديد فألقى الله تعالى عليه النوم فلما نام نزع الله منه الروح مائة عام وأمات حماره وعصيره وتينه عنده فأعمى الله عنه العيون فلم يره أحد وذلك ضحى ومنع الله السباع والطير لحمه فلما مضى من موته سبعون سنة أرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس يقال له نوشك فقال : إن الله يأمرك أن تنفر بقومك فتعمر بيت المقدس وإيلياء حتى يعود أعمر ما كان فانتدب الملك بألف قهرمان مع كل قهرمان ثلاثمائة ألف عامل وجعلوا يعمرونه فأهلك الله بختنصر ببعوضة دخلت دماغه ونجى الله من بقي من بني إسرائيل ، ولم يمت ببابل وردهم جميعا إلى بيت المقدس ونواحيه وعمروها ثلاثين سنة وكثروا حتى عادوا على أحسن ما كانوا عليه فلما مضت المائة أحيا الله منه عينيه وسائر جسده ميت ثم أحيا جسده وهو ينظر إليه ثم نظر إلى حماره فإذا عظامه متفرقة بيض تلوح فسمع صوتا من السماء : أيتها العظام البالية إن الله يأمرك أن تجتمعي فاجتمع بعضها إلى بعض واتصل بعضها ببعض ثم نودي أن الله يأمرك أن تكتسي لحما وجلدا فكانت كذلك ثم نودي : إن الله يأمرك أن تحيا فقام بإذن الله ونهق وعمر الله إرمياء فهو الذي يرى في الفلوات فذلك قوله تعالى : ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه ) أي أحياه ( قال كم لبثت ) أي : كم مكثت؟ يقال : لما أحياه الله بعث إليه ملكا فسأله كم لبثت؟ ( قال لبثت يوما ) وذلك أن الله تعالى أماته ضحى في أول النهار وأحياه بعد مائة عام في آخر النهار قبل غيبوبة الشمس فقال : لبثت يوما وهو يرى أن الشمس قد غربت ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال ( أو بعض يوم ) بل بعض يوم ( قال ) الملك ( بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك ) يعني التين ( وشرابك ) يعني العصير ( لم يتسنه ) أي لم يتغير فكان التين كأنه قطف في ساعته والعصير كأنه عصر في ساعته .
قال الكسائي : كأنه لم تأت عليه السنون . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب لم يتسن بحذف الهاء في الوصل وكذلك " فبهداهم اقتده " ( 90 - الأنعام ) وقرأ الآخرون بالهاء فيهما وصلا ووقفا فمن أسقط الهاء في الوصل جعل الهاء صلة زائدة وقال : أصله يتسنى فحذف الياء بالجزم وأبدل منه هاء في الوقف وقال أبو عمرو : هو من التسنن بنونين : وهو التغير كقوله تعالى : " من حمإ مسنون " ( 26 - الحج ) أي متغير فعوضت من إحدى النونين ياء كقوله تعالى : " ثم ذهب إلى أهله يتمطى " ( 33 - القيامة ) أي يتمطط وكقوله " وقد خاب من دساها " ( 10 - الشمس ) وأصله دسيتها ومن أثبت الهاء في الحالين جعل الهاء أصلية لام الفعل وهذا على قول من جعل أصل السنة السنهة وتصغيرها سنيهة والفعل من السانهة وإنما قال : لم يتسنه ولم يثنه مع أنه أخبر عن شيئين رد التغيير إلى أقرب اللفظين وهو الشراب واكتفى بذكر أحد المذكورين لأنه في معنى الآخر ( وانظر إلى حمارك ) فنظر فإذا هو عظام بيض فركب الله تعالى العظام بعضها على بعض فكساه اللحم والجلد وأحياه وهو ينظر ( ولنجعله آية للناس ) قيل الواو زائدة مقحمة . وقال الفراء أدخلت الواو فيه دلالة على أنها شرط لفعل بعدها معناه ولنجعلك آية أي : عبرة ودلالة على البعث بعد الموت قاله أكثر المفسرين وقال الضحاك وغيره : إنه عاد إلى قريته شابا وأولاده وأولاد أولاده شيوخ وعجائز وهو أسود الرأس واللحية .
قوله تعالى : ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ) قرأ أهل الحجاز والبصرة ننشرها بالراء معناه نحييها يقال : أنشر الله الميت إنشارا ونشرة ونشورا قال الله تعالى : " ثم إذا شاء أنشره " ( 22 - عبس ) وقال في اللازم " وإليه النشور " ( 15 - الملك ) وقرأ الآخرون بالزاي أي نرفعها من الأرض ونردها إلى مكانها من الجسد ونركب بعضها على بعض وإنشاز الشيء رفعه وإزعاجه يقال : أنشزته فنشز أي رفعته فارتفع .
واختلفوا في معنى الآية فقال الأكثرون : أراد به عظام حماره وقال السدي : إن الله تعالى أحيا عزيرا ثم قال له : انظر إلى حمارك قد هلك وبليت عظامه فبعث الله تعالى ريحا فجاءت بعظام الحمار من كل سهل وجبل وقد ذهبت بها الطير والسباع فاجتمعت فركب بعضها في بعض وهو ينظر فصار حمارا من عظام ليس فيها لحم ولا دم ( ثم نكسوها لحما ) ثم كسا العظام لحما ودما فصار حمارا لا روح فيه ثم أقبل ملك يمشي حتى أخذ بمنخر الحمار فنفخ فيه فقام الحمار ونهق بإذن الله .
وقال قوم أراد به عظام هذا الرجل وذلك أن الله تعالى لم يمت حماره بل أماته هو فأحيا الله عينيه ورأسه وسائر جسده ميت ثم قال : انظر إلى حمارك فنظر فرأى حماره قائما واقفا كهيئته يوم ربطه حيا لم يطعم ولم يشرب مائة عام ونظر إلى الرمة في عنقه جديدة لم تتغير وتقدير الآية : ( وانظر إلى حمارك ) وانظر إلى عظامك كيف ننشزها وفي الآية تقديم وتأخير وتقديرهما : وانظر إلى حمارك وانظر إلى العظام كيف ننشزها ولنجعلك آية للناس .
وقال قتادة عن كعب والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما والسدي عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما : لما أحيا الله تعالى عزيرا بعد ما أماته مائة سنة ركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس ومنازله فانطلق على وهم حتى أتى منزله فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت عرفته وعقلته فقال لها عزير : يا هذه هذا منزل عزير؟ قالت : نعم هذا منزل عزير وبكت وقالت : ما رأيت أحدا من كذا وكذا سنة يذكر عزيرا قال : فإني أنا عزير قالت : سبحان الله فإن عزيرا قد فقدناه من مائة سنة لم نسمع له بذكر قال : فإني أنا عزير كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني قالت : فإن عزيرا كان رجلا مستجاب الدعوة ويدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية فادع الله أن يرد لي بصري حتى أراك فإن كنت عزيرا عرفتك فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا وأخذ بيدها وقال : قومي بإذن الله تعالى فأطلق الله رجليها فقامت صحيحة فنظرت إليه فقالت : أشهد أنك عزير فانطلقت إلى بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم وابن لعزير شيخ كبير ابن مائة سنة وثماني عشرة سنة وبنو بنيه شيوخ في المجلس فنادت هذا عزير قد جاءكم ، فكذبوها فقالت : أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي وزعم أن الله كان أماته مائة سنة ثم بعثه فنهض الناس فأقبلوا إليه فقال ولده : كان لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير .
وقال السدي والكلبي : لما رجع عزير إلى قومه وقد أحرق بختنصر التوراة ولم يكن من الله عهد بين الخلق فبكى عزير على التوراة فأتاه ملك بإناء فيه ماء فسقاه من ذلك الماء فمثلت التوراة في صدره فرجع إلى بني إسرائيل وقد علمه الله التوراة وبعثه نبيا فقال : أنا عزير فلم يصدقوه فقال : إني عزير قد بعثني الله إليكم لأجدد لكم توراتكم قالوا : أملها علينا فأملاها عليهم عن ظهر قلبه فقالوا : ما جعل الله التوراة في صدر رجل بعدما ذهبت إلا أنه ابنه فقالوا : عزير ابن الله وستأتي القصة في سورة ( براءة ) إن شاء الله تعالى .
قوله تعالى : ( فلما تبين له ) ذلك عيانا ( قال أعلم ) قرأ حمزة والكسائي مجزوما موصولا على الأمر على معنى قال الله تعالى له اعلم وقرأ الآخرون " أعلم " بقطع الألف ورفع الميم على الخبر عن عزير أنه قال لما رأى ذلك أعلم ( أن الله على كل شيء قدير )
- ابن كثير : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
تقدم قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه [ أن آتاه الله الملك ] ) وهو في قوة قوله : هل رأيت مثل الذي حاج إبراهيم في ربه ؟ ولهذا عطف عليه بقوله : ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ) اختلفوا في هذا المار من هو ؟ فروى ابن أبي حاتم عن عصام بن رواد عن آدم بن أبي إياس عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي بن أبي طالب أنه قال : هو عزير .
ورواه ابن جرير عن ناجية نفسه . وحكاه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وسليمان بن بريدة وهذا القول هو المشهور .
وقال وهب بن منبه وعبد الله بن عبيد بن عمير : هو أرميا بن حلقيا . قال محمد بن إسحاق ; عمن لا يتهم عن وهب بن منبه أنه قال : وهو اسم الخضر عليه السلام .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي قال : سمعت سليمان بن محمد اليساري الجاري من أهل الجار ، ابن عم مطر فقال : سمعت رجلا من أهل الشام يقول : إن الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه اسمه : حزقيل بن بورا .
وقال مجاهد بن جبر : هو رجل من بني إسرائيل .
[ وذكر غير واحد أنه مات وهو ابن أربعين سنة ; فبعثه الله وهو كذلك ، وكان له ابن فبلغ من السن مائة وعشرين سنة ، وبلغ ابن ابنه تسعين وكان الجد شابا وابنه وابن ابنه شيخان كبيران قد بلغا الهرم ، وأنشدني به بعض الشعراء :
واسود رأس شاب من قبل ابنه ومن قبله ابن ابنه فهو أكبر يرى أنه شيخا يدب على عصا
ولحيته سوداء والرأس أشعر وما لابنه حبل ولا فضل قوة
يقوم كما يمشي الصغير فيعثر وعمر ابنه أربعون أمرها
ولابن ابنه في الناس تسعين غبر
]
وأما القرية : فالمشهور أنها بيت المقدس مر عليها بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها . ( وهي خاوية ) أي : ليس فيها أحد من قولهم : خوت الدار تخوي خواء وخويا .
وقوله : ( على عروشها ) أي : ساقطة سقوفها وجدرانها على عرصاتها ، فوقف متفكرا فيما آل أمرها إليه بعد العمارة العظيمة وقال : ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها ) وذلك لما رأى من دثورها وشدة خرابها وبعدها عن العود إلى ما كانت عليه . قال الله تعالى : ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه ) قال : وعمرت البلدة بعد مضي سبعين سنة من موته وتكامل ساكنوها وتراجعت بنو إسرائيل إليها . فلما بعثه الله عز وجل بعد موته كان أول شيء أحيا الله فيه عينيه لينظر بهما إلى صنع الله فيه كيف يحيي بدنه ؟ فلما استقل سويا قال الله له أي بواسطة الملك : ( كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم ) قالوا : وذلك أنه مات أول النهار ثم بعثه الله في آخر نهار ، فلما رأى الشمس باقية ظن أنها شمس ذلك اليوم فقال : ( أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) وذلك : أنه كان معه فيما ذكر عنب وتين وعصير فوجده كما فقده لم يتغير منه شيء ، لا العصير استحال ولا التين حمض ولا أنتن ولا العنب تعفن ( وانظر إلى حمارك ) أي : كيف يحييه الله عز وجل وأنت تنظر ( ولنجعلك آية للناس ) أي : دليلا على المعاد ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ) أي : نرفعها فتركب بعضها على بعض .
وقد روى الحاكم في مستدركه من حديث نافع بن أبي نعيم عن إسماعيل بن أبي حكيم عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ : ( كيف ننشزها ) بالزاي ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وقرئ : ( ننشرها ) أي : نحييها قاله مجاهد ( ثم نكسوها لحما ) .
وقال السدي وغيره : تفرقت عظام حماره حوله يمينا ويسارا فنظر إليها وهي تلوح من بياضها فبعث الله ريحا فجمعتها من كل موضع من تلك المحلة ، ثم ركب كل عظم في موضعه حتى صار حمارا قائما من عظام لا لحم عليها ثم كساها الله لحما وعصبا وعروقا وجلدا ، وبعث الله ملكا فنفخ في منخري الحمار فنهق ، كله بإذن الله عز وجل وذلك كله بمرأى من العزير ، فعند ذلك لما تبين له هذا كله ( قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ) أي : أنا عالم بهذا وقد رأيته عيانا فأنا أعلم أهل زماني بذلك ، وقرأ آخرون : " قال اعلم " على أنه أمر له بالعلم .
- القرطبى : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير
قوله تعالى : أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها " أو " للعطف حملا على المعنى والتقدير عند الكسائي والفراء : هل رأيت كالذي حاج إبراهيم في ربه ، أو كالذي مر على قرية . وقال المبرد : المعنى ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ، ألم تر من مر! كالذي مر على قرية . فأضمر في الكلام من هو . وقرأ أبو سفيان بن حسين " أو كالذي مر " بفتح الواو ، وهي واو العطف دخل عليها ألف الاستفهام الذي معناه التقرير . وسميت القرية قرية لاجتماع الناس فيها ، من قولهم : قريت الماء أي جمعته ، وقد تقدم . قال سليمان بن بريدة وناجية بن كعب وقتادة وابن عباس والربيع وعكرمة والضحاك : الذي مر على القرية هو عزير . وقال وهب بن منبه وعبد الله بن عبيد بن عمير وعبد الله بن بكر بن مضر : هو إرمياء وكان نبيا . وقال ابن إسحاق : إرمياء هو الخضر ، وحكاه النقاش عن وهب بن منبه . قال ابن عطية : وهذا كما تراه ، إلا أن يكون اسما وافق اسما ؛ لأن الخضر معاصر لموسى ، وهذا الذي مر على القرية هو بعده بزمان من سبط هارون فيما رواه وهب بن منبه .
قلت : إن كان الخضر هو إرمياء فلا يبعد أن يكون هو ؛ لأن الخضر لم يزل حيا من وقت موسى حتى الآن على الصحيح في ذلك ، على ما يأتي بيانه في سورة " الكهف " . وإن كان مات قبل هذه القصة فقول ابن عطية صحيح ، والله أعلم . وحكى النحاس ومكي عن مجاهد أنه رجل من بني إسرائيل غير مسمى . قال النقاش : ويقال هو غلام لوط عليه السلام . وحكى السهيلي عن القتبي هو شعيا في أحد قوليه . والذي أحياها بعد خرابها كوشك الفارسي . والقرية المذكورة هي بيت المقدس في قول وهب بن منبه وقتادة والربيع بن أنس وغيرهم . قال : وكان مقبلا من مصر وطعامه وشرابه المذكوران تين أخضر وعنب وركوة من خمر . وقيل من عصير . وقيل : قلة ماء هي شرابه . والذي أخلى بيت المقدس حينئذ بختنصر وكان واليا على العراق للهراسب ثم ليستاسب بن لهراسب والد اسبندياد . وحكى النقاش أن قوما قالوا : هي المؤتفكة . وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : إن بختنصر غزا بني إسرائيل فسبى منهم أناسا كثيرة فجاء بهم وفيهم عزير بن شرخيا وكان من علماء بني إسرائيل فجاء بهم إلى بابل ، فخرج ذات يوم في حاجة له إلى دير هزقل على شاطئ الدجلة . فنزل تحت ظل شجرة وهو على حمار له ، فربط الحمار تحت ظل الشجرة ثم طاف بالقرية فلم ير بها ساكنا وهي خاوية على عروشها فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها وقيل : إنها القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت ، قاله ابن زيد . وعن ابن زيد أيضا أن القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ، مر رجل عليهم وهم عظام نخرة تلوح فوقف ينظر فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام . قال : ابن عطية : وهذا القول من ابن زيد مناقض لألفاظ الآية ، إذ الآية إنما تضمنت قرية خاوية لا أنيس فيها ، والإشارة ب " هذه " إنما هي إلى القرية . وإحياؤها إنما هو بالعمارة ووجود البناء والسكان . وقال وهب بن منبه وقتادة والضحاك والربيع وعكرمة : القرية بيت المقدس لما خربها بختنصر البابلي . وفي الحديث الطويل حين أحدثت بنو إسرائيل الأحداث وقف إرمياء أو عزير على القرية وهي كالتل العظيم وسط بيت المقدس ؛ لأن بختنصر أمر جنده بنقل التراب إليه حتى جعله كالجبل ، ورأى إرمياء البيوت قد سقطت حيطانها على سقفها فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها .
والعريش : سقف البيت . وكل ما يتهيأ ليظل أو يكن فهو عريش ، ومنه عريش الدالية ، ومنه قوله تعالى : ومما يعرشون . قال السدي : يقول هي ساقطة على سقفها ، أي سقطت السقف ثم سقطت الحيطان عليها ، واختاره الطبري . وقال غير السدي : معناه خاوية من الناس والبيوت قائمة ، وخاوية معناها خالية ، وأصل الخواء الخلو ، يقال : خوت الدار وخويت تخوى خواء ( ممدود ) وخويا : أقوت ، وكذلك إذا سقطت ، ومنه قوله تعالى : فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ؛ أي خالية ، ويقال ساقطة ، كما يقال : فهي خاوية على عروشها أي ساقطة على سقفها . والخواء الجوع لخلو البطن من الغذاء . وخوت المرأة وخويت أيضا خوى أي خلا جوفها عند الولادة . وخويت لها تخوية إذا عملت لها خوية تأكلها وهي طعام . والخوي البطن السهل من الأرض على فعيل . وخوى البعير إذا جافى بطنه عن الأرض في بروكه ، وكذلك الرجل في سجوده .
قوله تعالى : قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها معناه من أي طريق وبأي سبب ، وظاهر اللفظ السؤال عن إحياء القرية بعمارة وسكان ، كما يقال الآن في المدن الخربة التي يبعد أن تعمر وتسكن : أنى تعمر هذه بعد خرابها . فكأن هذا تلهف من الواقف المعتبر على مدينته التي عهد فيها أهله وأحبته . وضرب له المثل في نفسه بما هو أعظم مما سأل عنه ، والمثال الذي ضرب له في نفسه يحتمل أن يكون على أن سؤاله إنما كان على إحياء الموتى من بني آدم ، أي أنى يحيي الله موتاها . وقد حكى الطبري عن بعضهم أنه قال : كان هذا القول شكا في قدرة الله تعالى على الإحياء ، فلذلك ضرب له المثل في نفسه . قال ابن عطية : وليس يدخل شك في قدرة الله تعالى على إحياء قرية بجلب العمارة إليها وإنما يتصور الشك من جاهل في الوجه الآخر ، والصواب ألا يتأول في الآية شك .
قوله تعالى : فأماته الله مائة عام " مائة " نصب على الظرف . والعام : السنة ، يقال : سنون عوم وهو تأكيد للأول ، كما يقال : بينهم شغل شاغل . وقال العجاج :
من مر أعوام السنين العوم
وهو في التقدير جمع عائم ، إلا أنه لا يفرد بالذكر ؛ لأنه ليس باسم وإنما هو توكيد ، قاله الجوهري . وقال النقاش : العام مصدر كالعوم ، سمي به هذا القدر من الزمان لأنها عومة من الشمس في الفلك . والعوم كالسبح ، وقال الله تعالى : كل في فلك يسبحون . قال ابن عطية : هذا بمعنى قول النقاش ، والعام على هذا كالقول والقال ، وظاهر هذه الإماتة أنها بإخراج الروح من الجسد . وروي في قصص هذه الآية أن الله تعالى بعث لها ملكا من الملوك يعمرها ويجد في ذلك حتى كان كمال عمارتها عند بعث القائل . وقد قيل : إنه لما مضى لموته سبعون سنة أرسل الله ملكا من ملوك فارس عظيما يقال له " كوشك " فعمرها في ثلاثين سنة .
قوله تعالى : ثم بعثه معناه أحياه ، وقد تقدم الكلام فيه .
قوله تعالى : قال كم لبثت اختلف في القائل له كم لبثت ، فقيل . الله جل وعز ، ولم يقل له إن كنت صادقا كما قال للملائكة على ما تقدم . وقيل : سمع هاتفا من السماء يقول له ذلك . وقيل : خاطبه جبريل . وقيل : نبي . وقيل : رجل مؤمن ممن شاهده من قومه عند موته وعمر إلى حين إحيائه فقال له : كم لبثت .
قلت : والأظهر أن القائل هو الله تعالى ، لقوله : وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما والله أعلم . وقرأ أهل الكوفة " كم لبت " بإدغام الثاء في التاء لقربها منها في المخرج . فإن مخرجهما من طرف اللسان وأصول الثنايا وفي أنهما مهموستان . قال النحاس : والإظهار أحسن لتباين مخرج الثاء من مخرج التاء . ويقال : كان هذا السؤال بواسطة الملك على جهة التقرير . و " كم " في موضع نصب على الظرف .
قال لبثت يوما أو بعض يوم إنما قال هذا على ما عنده وفي ظنه ، وعلى هذا لا يكون كاذبا فيما أخبر به ، ومثله قول أصحاب الكهف قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ، وإنما لبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين - على ما يأتي - ولم يكونوا كاذبين لأنهم أخبروا عما عندهم ، كأنهم قالوا : الذي عندنا وفي ظنوننا أننا لبثنا يوما أو بعض يوم . ونظيره قول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين : لم أقصر ولم أنس . ومن الناس من يقول : إنه كذب على معنى وجود حقيقة الكذب فيه ولكنه لا مؤاخذة به ، وإلا فالكذب الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه وذلك لا يختلف بالعلم والجهل ، وهذا بين في نظر الأصول . فعلى هذا يجوز أن يقال : إن الأنبياء لا يعصمون عن الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه إذا لم يكن عن قصد ، كما لا يعصمون عن السهو والنسيان . فهذا ما يتعلق بهذه الآية ، والقول الأول أصح . قال ابن جريج وقتادة والربيع : أماته الله غدوة يوم ثم بعث قبل الغروب فظن هذا اليوم واحدا فقال : لبثت يوما ، ثم رأى بقية من الشمس فخشي أن يكون كاذبا فقال : أو بعض يوم . فقيل : بل لبثت مائة عام ، ورأى من عمارة القرية وأشجارها ومبانيها ما دله على ذلك .
قوله تعالى : فانظر إلى طعامك وهو التين الذي جمعه من أشجار القرية التي مر عليها . وشرابك لم يتسنه قرأ ابن مسعود " وهذا طعامك وشرابك لم يتسنه " . وقرأ طلحة بن مصرف وغيره " وانظر لطعامك وشرابك لمائة سنة " . وقرأ الجمهور بإثبات الهاء في الوصل إلا الأخوان فإنهما يحذفانها ، ولا خلاف أن الوقف عليها بالهاء . وقرأ طلحة بن مصرف أيضا " لم يسن " " وانظر " أدغم التاء في السين ، فعلى قراءة الجمهور الهاء أصلية ، وحذفت الضمة للجزم ، ويكون " يتسنه " من السنة أي لم تغيره السنون . قال الجوهري : ويقال سنون ، والسنة واحدة السنين ، وفي نقصانها قولان : أحدهما الواو ، والآخر الهاء . وأصلها سنهة مثل الجبهة ؛ لأنه من سنهت النخلة وتسنهت إذا أتت عليها السنون . ونخلة سناء أي تحمل سنة ولا تحمل أخرى ، وسنهاء أيضا ، قال بعض الأنصار :
فليست بسنهاء ولا رجبية ولكن عرايا في السنين الجوائح
وأسنهت عند بني فلان أقمت عندهم ، وتسنيت أيضا . واستأجرته مساناة ومسانهة أيضا . وفي التصغير سنية وسنيهة . قال النحاس : من قرأ " لم يتسن " و " انظر " قال في التصغير : سنية وحذفت الألف للجزم ، ويقف على الهاء فيقول : " لم يتسنه " تكون الهاء لبيان الحركة . قال المهدوي : ويجوز أن يكون أصله من سانيته مساناة ، أي عاملته سنة بعد سنة ، أو من سانهت بالهاء ، فإن كان من سانيت فأصله يتسنى فسقطت الألف للجزم ، وأصله من الواو بدليل قولهم " سنوات " والهاء فيه للسكت ، وإن كان من سانهت فالهاء لام الفعل ، وأصل سنة على هذا سنهة . وعلى القول الأول سنوة . وقيل : هو من أسن الماء إذا تغير ، وكان يجب أن يكون على هذا يتأسن . أبو عمرو الشيباني : هو من قوله حمإ مسنون فالمعنى لم يتغير . الزجاج ، ليس كذلك ؛ لأن قوله ( مسنون ) ليس معناه ( متغير ) وإنما معناه ( مصبوب ) على سنة الأرض . قال المهدوي : وأصله على قول الشيباني " يتسنن " فأبدلت إحدى النونين ياء كراهة التضعيف فصار يتسنى ، ثم سقطت الألف للجزم ودخلت الهاء للسكت . وقال مجاهد : لم يتسنه لم ينتن . قال النحاس : أصح ما قيل فيه إنه من السنة ، أي لم تغيره السنون . ويحتمل أن يكون من السنة وهي الجدب ، ومنه قوله تعالى : ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ، وقوله عليه السلام اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف . يقال منه : أسنت القوم أي أجدبوا ، فيكون المعنى لم يغير طعامك القحوط والجدوب ، أو لم تغيره السنون والأعوام ، أي هو باق على طراوته وغضارته .
قوله تعالى : وانظر إلى حمارك قال وهب بن منبه وغيره : وانظر إلى اتصال عظامه وإحيائه جزءا جزءا . ويروى أنه أحياه الله كذلك حتى صار عظاما ملتئمة ، ثم كساه لحما حتى كمل حمارا ، ثم جاءه ملك فنفخ فيه الروح فقام الحمار ينهق ، على هذا أكثر المفسرين . وروي عن الضحاك ووهب بن منبه أيضا أنهما قالا : بل قيل له : وانظر إلى حمارك قائما في مربطه لم يصبه شيء مائة عام ، وإنما العظام التي نظر إليها عظام نفسه بعد أن أحيا الله منه عينيه ورأسه ، وسائر جسده ميت ، قالا : وأعمى الله العيون عن إرمياء وحماره طول هذه المدة .
قوله تعالى : ولنجعلك آية للناس قال الفراء : إنما أدخل الواو في قوله ( ولنجعلك ) دلالة على أنها شرط لفعل بعده ، معناه ولنجعلك آية للناس ودلالة على البعث بعد الموت جعلنا ذلك . وإن شئت جعلت الواو مقحمة زائدة . وقال الأعمش : موضع كونه آية هو أنه جاء شابا على حاله يوم مات ، فوجد الأبناء والحفدة شيوخا . عكرمة : وكان يوم مات ابن أربعين سنة . وروي عن علي رضوان الله عليه أن عزيرا خرج من أهله وخلف امرأته حاملا ، وله خمسون سنة فأماته الله مائة عام ، ثم بعثه فرجع إلى أهله وهو ابن خمسين سنة وله ولد من مائة سنة فكان ابنه أكبر منه بخمسين سنة . وروي عن ابن عباس قال : لما أحيا الله عزيرا ركب حماره فأتى محلته فأنكر الناس وأنكروه ، فوجد في منزله عجوزا عمياء كانت أمة لهم ، خرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة ، فقال لها : أهذا منزل عزير ؟ فقالت نعم! ثم بكت وقالت : فارقنا عزير منذ كذا وكذا سنة قال : فأنا عزير ، قالت : إن عزيرا فقدناه منذ مائة سنة . قال : فالله أماتني مائة سنة ثم بعثني . قالت : فعزير كان مستجاب الدعوة للمريض وصاحب البلاء فيفيق ، فادع الله يرد علي بصري ، فدعا الله ومسح على عينيها بيده فصحت مكانها كأنها أنشطت من عقال . قالت : أشهد أنك عزير ثم انطلقت إلى ملإ بني إسرائيل وفيهم ابن لعزير شيخ ابن مائة وثمان وعشرين سنة ، وبنو بنيه شيوخ ، فقالت : يا قوم ، هذا والله عزير فأقبل إليه ابنه مع الناس فقال ابنه : كانت لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه ، فنظرها فإذا هو عزير . وقيل : جاء وقد هلك كل من يعرف ، فكان آية لمن كان حيا من قومه إذ كانوا موقنين بحاله سماعا . قال ابن عطية : وفي إماتته هذه المدة ثم إحيائه بعدها أعظم آية ، وأمره كله آية غابر الدهر ، ولا يحتاج إلى تخصيص بعض ذلك دون بعض .
قوله تعالى : وانظر إلى العظام كيف ننشزها قرأ الكوفيون وابن عامر بالزاي والباقون بالراء ، وروى أبان عن عاصم " ننشرها " بفتح النون وضم الشين والراء ، وكذلك قرأ ابن عباس والحسن وأبو حيوة ، فقيل : هما لغتان في الإحياء بمعنى ، كما يقال رجع ورجعته ، وغاض الماء وغضته ، وخسرت الدابة وخسرتها ، إلا أن المعروف في اللغة أنشر الله الموتى فنشروا ، أي أحياهم الله فحيوا ، قال الله تعالى : ثم إذا شاء أنشره ويكون نشرها مثلا ( نشر الثوب ) . نشر الميت ينشر نشورا أي عاش بعد الموت ، قال الأعشى :
حتى يقول الناس مما رأوا يا عجبا للميت الناشر
فكأن الموت طي للعظام والأعضاء ، وكأن الإحياء وجمع الأعضاء بعضها إلى بعض نشر . وأما قراءة ننشزها بالزاي فمعناه نرفعها . والنشز : المرتفع من الأرض ، قال :
ترى الثعلب الحولي فيها كأنه إذا ما علا نشزا حصان مجلل
قال مكي : المعنى : انظر إلى العظام كيف نرفع بعضها على بعض في التركيب للإحياء ؛ لأن النشز الارتفاع ، ومنه المرأة النشوز ، وهي المرتفعة عن موافقة زوجها ، ومنه قوله تعالى : وإذا قيل انشزوا فانشزوا ؛ أي ارتفعوا وانضموا . وأيضا فإن القراءة بالراء بمعنى الإحياء ، والعظام لا تحيا على الانفراد حتى ينضم بعضها إلى بعض ، والزاي أولى بذلك المعنى ، إذ هو بمعنى الانضمام دون الإحياء . فالموصوف بالإحياء هو الرجل دون العظام على انفرادها ، ولا يقال : هذا عظم حي ، وإنما المعنى فانظر إلى العظام كيف نرفعها من أماكنها من الأرض إلى جسم صاحبها للإحياء . وقرأ النخعي " ننشزها " بفتح النون وضم الشين والزاي ، وروي ذلك عن ابن عباس وقتادة . وقرأ أبي بن كعب " ننشيها " بالياء .
والكسوة : ما وارى من الثياب ، وشبه اللحم بها . وقد استعاره لبيد للإسلام فقال :
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
وقد تقدم أول السورة .
قوله تعالى : فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير بقطع الألف . وقد روي أن الله جل ذكره أحيا بعضه ثم أراه كيف أحيا باقي جسده . قال قتادة : إنه جعل ينظر كيف يوصل بعض عظامه إلى بعض ؛ لأن أول ما خلق الله منه رأسه وقيل له : انظر ، فقال عند ذلك : ( أعلم ) بقطع الألف ، أي أعلم هذا . وقال الطبري : المعنى في قوله فلما تبين له أي لما اتضح له عيانا ما كان مستنكرا في قدرة الله عنده قبل عيانه قال : أعلم . قال ابن عطية : وهذا خطأ ؛ لأنه ألزم ما لا يقتضيه اللفظ ، وفسر على القول الشاذ والاحتمال الضعيف ، وهذا عندي ليس بإقرار بما كان قبل ينكره كما زعم الطبري ، بل هو قول بعثه الاعتبار ، كما يقول الإنسان المؤمن إذا رأى شيئا غريبا من قدرة الله تعالى : لا إله إلا الله ونحو هذا . وقال أبو علي : معناه أعلم هذا الضرب من العلم الذي لم أكن علمته .
قلت : وقد ذكرنا هذا المعنى عن قتادة ، وكذلك قال مكي رحمه الله ، قال مكي : إنه أخبر عن نفسه عندما عاين من قدرة الله تعالى في إحيائه الموتى ، فتيقن ذلك بالمشاهدة ، فأقر أنه يعلم أن الله على كل شيء قدير ، أي أعلم أنا هذا الضرب من العلم الذي لم أكن أعلمه على معاينة ، وهذا على قراءة من قرأ ( أعلم ) بقطع الألف وهم الأكثر من القراء . وقرأ حمزة والكسائي بوصل الألف ، ويحتمل وجهين : أحدهما قال له الملك : اعلم ، والآخر هو أن ينزل نفسه منزلة المخاطب الأجنبي المنفصل ، فالمعنى فلما تبين له قال لنفسه : اعلمي يا نفس هذا العلم اليقين الذي لم تكوني تعلمين معاينة ، وأنشد أبو علي في مثل هذا المعنى ( للشاعر الأعشى :
ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وعاك ما عاد السليم المسهدا
قال ابن عطية : وتأنس أبو علي في هذا الشعر بقول الشاعر :
تذكر من أنى ومن أين شربه يؤامر نفسيه كذي الهجمة الإبل
قال مكي : ويبعد أن يكون ذلك أمرا من الله جل ذكره له بالعلم ؛ لأنه قد أظهر إليه قدرته ، وأراه أمرا أيقن صحته وأقر بالقدرة فلا معنى لأن يأمره الله بعلم ذلك ، بل هو يأمر نفسه بذلك وهو جائز حسن . وفي حرف عبد الله ما يدل على أنه أمر من الله تعالى له بالعلم على معنى الزم هذا العلم لما عاينت وتيقنت ، وذلك أن في حرفه : قيل اعلم . وأيضا فإنه موافق لما قبله من الأمر في قوله انظر إلى طعامك و انظر إلى حمارك و انظر إلى العظام فكذلك واعلم أن الله وقد كان ابن عباس يقرؤها " قيل اعلم " ويقول أهو خير أم إبراهيم ؟ إذ قيل له : واعلم أن الله عزيز حكيم . فهذا يبين أنه من قول الله سبحانه له لما عاين من الإحياء .
- الطبرى : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
أو كالذي مر على قرية
القول في تأويل قوله تعالى : { أو كالذي مر على قرية } يعني تعالى ذكره بقوله : { أو كالذي مر على قريه } نظير الذي عنى بقوله : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه } من تعجيب محمد صلى الله عليه وسلم منه . وقوله : { أو كالذي مر على قريه } عطف على قوله : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه } . وإنما عطف قوله : { أو كالذي } على قوله : { إلى الذي حاج إبراهيم في ربه } وإن اختلف لفظاهما , لتشابه جنسهما , لأن قوله , { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه } بمعنى : هل رأيت يا محمد كالذي حاج إبراهيم في ربه , ثم عطف عليه بقوله : { أو كالذي مر على قريه } لأن من شأن العرب العطف بالكلام على معنى نظير له قد تقدمه وإن خالف لفظه لفظه . وقد زعم بعض نحويي البصرة أن " الكاف " في قوله , { أو كالذي مر على قريه } زائدة , وأن المعنى : ألم ترى إلى الذي حاج إبراهيم جميعا , أو الذي مر على قرية . وقد بينا قبل فيما مضى أنه غير جائز أن يكون في كتاب الله شيء لا معنى له بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . واختلف أهل التأويل في الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها , فقال بعضهم : هو عزير . ذكر من قال ذلك : 4591 - حدثنا محمد بن بشار , قال , ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن ناجية بن كعب . { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها } قال : عزير . 4592 - حدثنا ابن حميد . قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا أبو خزيمة , قال : سمعت سليمان بن بريدة في قوله : { أو كالذي مر على قريه } قال : هو عزير . 4593 - حدثنا بشر , قال , ثنا يزيد . قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { أو كالذي مر على قريه خاوية على عروشها } قال , ذكر لنا أنه عزير . 4594 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتاده مثله . 4595 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه قوله : { أو كالذي مر على قريه } قال : قال الربيع : ذكر لنا والله أعلم أن الذي أتى على القرية هو عزير . 4596 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج , عن عكرمة : { أو كالذي مر على قريه وهي خاوية على عروشها } قال : عزير . 4597 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط عن السدي : { أو كالذي مر على قرية } قال : عزير . 4598 - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { أو كالذي مر على قريه وهي خاويه على عروشها } إنه هو عزير . 4599 - حدثني يونس , قال : قال لنا سلم الخواص : كان ابن عباس يقول : هو عزير . وقال آخرون : هو إرميا بن حلقيا وزعم محمد بن إسحاق أن إرميا هو الخضر . 4600 - حدثنا بذلك ابن حميد , قال : ثنا سلمة , قال : ثنا ابن إسحاق , قال : اسم الخضر فيما كان وهب بن منبه يزعم عن بني إسرائيل , إرميا بن حلقيا , وكان من سبط هارون بن عمران . ذكر من قال ذلك : 4601 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : ثنا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول في قوله : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } إن إرميا لما خرب بيت المقدس وحرقت الكتب , وقف في ناحية الجبل , فقال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } . 4602 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , قال : ثني ابن إسحاق , عمن لا يتهم , عن وهب بن منبه , قال : هو إرميا . * - حدثني محمد بن عسكر , قال : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم , قال : سمعت عبد الصمد بن معقل , عن وهب بن منبه , مثله . 4603 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى بن ميمون , عن قيس بن سعد , عن عبد الله بن عبيد بن عمير في قول الله : { أو كالذي مر على قريه وهي خاوية على عروشها } قال : كان نبيا وكان اسمه إرميا . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن قيس بن سعد , عن عبد الله بن عبيد , مثله . 4604 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني بكر بن مضر قال : يقولون والله أعلم : إنه إرميا . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره عجب نبيه صلى الله عليه وسلم ممن قال إذ رأى قرية خاوية على عروشها : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } مع علمه أنه ابتدأ خلقها من غير شيء , فلم يقنعه علمه بقدرته على ابتدائها , حتى قال : أنى يحييها الله بعد موتها ! ولا بيان عندنا من الوجه الذي يصح من قبله البيان على اسم قائل ذلك , وجائز أن يكون ذلك عزيرا , وجائز أن يكون إرميا , ولا حاجة بنا إلى معرفة اسمه , إذ لم يكن المقصود بالآية تعريف الخلق اسم قائل ذلك . وإنما المقصود بها تعريف المنكرين قدرة الله على إحيائه خلقه بعد مماتهم , وإعادتهم بعد فنائهم , وأنه الذي بيده الحياة والموت من قريش , ومن كان يكذب بذلك من سائر العرب , وتثبيت الحجة بذلك على من كان بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل بإطلاعه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على ما يزيل شكهم في نبوته , ويقطع عذرهم في رسالته , إذ كانت هذه الأنباء التي أوحاها إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه من الأنباء التي لم يكن يعلمها محمد صلى الله عليه وسلم وقومه , ولم يكن علم ذلك إلا عند أهل الكتاب , ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم وقومه منهم , بل كان أميا وقومه أميون , فكان معلوما بذلك عند أهل الكتاب من اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجره أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يعلم ذلك إلا بوحي من الله إليه . ولو كان المقصود بذلك الخبر عن اسم قائل ذلك لكانت الدلالة منصوبة عليه نصبا يقطع العذر ويزيل الشك , ولكن القصد كان إلى ذم قيله , فأبان تعالى ذكره ذلك لخلقه . واختلف أهل التأويل في القرية التي مر عليها القائل : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } فقال بعضهم : هي بيت المقدس . ذكر من قال ذلك : 4605 - حدثني محمد بن سهل بن عسكر ومحمد بن عبد الملك , قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم , قال : ثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه , قال : لما رأى إرميا هدم بيت المقدس كالجبل العظيم , قال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } . 4606 - ثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه , قال : هي بيت المقدس . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , قال : ثني ابن إسحاق عمن لا يتهم أنه سمع وهب بن منبه يقول ذلك . 4607 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : ذكر لنا أنه بيت المقدس , أتى عزير بعدما خربه بختنصر البابلي . 4608 - حدثنا عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ , قال : ثنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { أو كالذي مر على قريه وهي خاوية على عروشها } أنه مر على الأرض المقدسة . 4609 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن عكرمة في قوله : { أو كالذي مر على قرية } قال : القرية : بيت المقدس , مر بها عزير بعد إذ خربها بختنصر . 4610 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { أو كالذي مر على قريه } قال : القرية بيت المقدس , مر عليها عزير وقد خربها بختنصر . وقال آخرون : بل هي القرية التي كان الله أهلك فيها الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت , فقال لهم الله موتوا . ذكر من قال ذلك : 4611 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قول الله تعالى ذكره : { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف } قال : قرية كان نزل بها الطاعون , ثم اقتص قصتهم التي ذكرناها في موضعها عنه , إلى أن بلغ فقال لهم الله موتوا في المكان الذي ذهبوا يبتغون فيه الحياة , فماتوا ثم أحياهم الله { إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون } . 2 243 قال : ومر بها رجل وهي عظام تلوح , فوقف ينظر , فقال { أنى يحيي هذه الله بعد موتها , فأماته الله مائة عام ثم بعثه } إلى قوله { لم يتسنه } . والصواب من القول في ذلك كالقول في اسم القائل : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } سواء لا يختلفان .وهي خاوية على عروشها
القول في تأويل قوله تعالى : { وهي خاوية على عروشها } . يعني تعالى ذكره بقوله : { وهي خاويه } وهي خالية من أهلها وسكانها , يقال من ذلك : خوت الدار تخوي خواء وخويا , وقد يقال للقرية : خويت , والأول أعرب وأفصح . وأما في المرأة إذا كانت نفساء فإنه يقال : خويت تخوى خوى منقوصا , وقد يقال فيها : خوت تخوي , كما يقال في الدار , وكذلك خوي الجوف يخوى خواء شديدا , ولو قيل في الجوف ما قيل في الدار وفي الدار ما قيل في الجوف كان صوابا , غير أن الفصيح ما ذكرت . وأما العروش : فإنها الأبنية والبيوت , واحدها عرش , وجمع قليله أعرش , وكل بناء فإنه عرش , ويقال : عرش فلان دارا يعرش ويعرش , وعرش تعريشا , ومنه قول الله تعالى ذكره : { وما كانوا يعرشون } 7 137 يعني يبنون , ومنه قيل عريش مكه , يعني به : خيامها وأبنيتها . وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك . 4612 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , قال , قال ابن جريج , قال ابن عباس : خاوية : خراب . قال ابن جريج : بلغنا أن عزيرا خرج فوقف على بيت المقدس وقد خربه بختنصر , فوقف فقال : أبعد ما كان لك من القدس والمقاتلة والمال ما كان ! فحزن . 4613 - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ , قال : ثنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وهي خاوية على عروشها } قال : هي خراب . 4614 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , قال : مر عليها عزير وقد خربها بختنصر . 4615 - حدثت عن موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { وهي خاوية على عروشها } يقول : ساقطة على سقفها .قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام
القول في تأويل قوله تعالى : { قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام } ومعنى ذلك فيما ذكرت : أن قائله لما مر ببيت المقدس , أو بالموضع الذي ذكر الله أنه مر به خرابا بعدما عهده عامرا , قال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها لا } ؟ فقال بعضهم : كان قيله ما قال من ذلك شكا في قدرة الله على إحيائه . فأراه الله قدرته على ذلك بضربه المثل له في نفسه , ثم أراه الموضع الذي أنكر قدرته على عمارته وإحيائه , أحيا ما رآه قبل خرابه , وأعمر ما كان قبل خرابه . وذلك أن قائل ذلك كان فيما ذكر لنا عهده عامرا بأهله وسكانه , ثم رآه خاويا على عروشه , قد باد أهله وشتتهم القتل والسباء , فلم يبق منهم بذلك المكان أحد , وخربت منازلهم ودورهم , فلم يبق إلا الأثر . فلما رآه كذلك بعد الحال التي عهده عليها , قال : على أي وجه يحيي هذه الله بعد خرابها فيعمرها ! استنكارا فيما قاله بعض أهل التأويل . فأراه كيفية إحيائه ذلك بما ضربه له في نفسه . وفيما كان من شرابه وطعامه , ثم عرفه قدرته على ذلك وعلى غيره بإظهاره إحياء ما كان عجيبا عنده في قدرة الله إحياؤه لرأي عينه حتى أبصره ببصره , فلما رأى ذلك قال : { أعلم أن الله على كل شيء قدير } . وكان سبب قيله ذلك كالذي : 4616 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عمن لا يتهم , عن وهب بن منبه اليماني أنه كان يقول : قال الله لإرميا حين بعثه نبيا إلى بني إسرائيل : يا إرميا من قبل أن أخلقك اخترتك , ومن قبل أن أصورك في رحم أمك قدستك , ومن قبل أن أخرجك من بطنها طهرتك , ومن قبل أن تبلغ السعي نبأتك , ومن قبل أن تبلغ الأشد اخترتك , ولأمر عظيم اجتبيتك , فبعث الله تعالى ذكره إرميا إلى ملك بني إسرائيل يسدده ويرشده , ويأتيه بالبر من الله فيما بينه وبينه ; قال : ثم عظمت الأحداث في بني إسرائيل , وركبوا المعاصي , واستحلوا المحارم , ونسوا ما كان الله صنع بهم , وما نجاهم من عدوهم سنحاريب , فأوحى الله إلى إرميا : أن ائت قومك من بني إسرائيل , فاقصص عليهم ما آمرك به , وذكرهم نعمتي عليهم وعرفهم أحداثهم , ثم ذكر ما أرسل الله به إرميا إلى قومه من بني إسرائيل , قال : ثم أوحى الله إلى إرميا : إني مهلك بني إسرائيل بيافث , ويافث أهل بابل , وهم من ولد يافث بن نوح ; فلما سمع إرميا وحي ربه , صاح وبكى وشق ثيابه , ونبذ الرماد على رأسه , فقال : ملعون يوم ولدت فيه , ويوم لقيت التوراة , ومن شر أيامي يوم ولدت فيه , فما أبقيت آخر الأنبياء إلا لما هو شر علي , لو أراد بي خيرا ما جعلني آخر الأنبياء من بني إسرائيل , فمن أجلي تصيبهم الشقوة والهلاك ; فلما سمع الله تضرع الخضر وبكاءه وكيف يقول : ناداه : إرميا أشق عليك ما أوحيت إليك ؟ قال : نعم يا رب أهلكني في بني إسرائيل ما لا أسر به , فقال الله : وعزتي العزيزة لا أهلك بيت المقدس وبني إسرائيل حتى يكون الأمر من قبلك في ذلك , ففرح عند ذلك إرميا لما قال له ربه , وطابت نفسه , وقال : لا والذي بعث موسى وأنبياءه بالحق , لا آمر ربي بهلاك بني إسرائيل أبدا , ثم أتى ملك بني إسرائيل , وأخبره بما أوحى الله إليه , ففرح واستبشر , وقال : إن يعذبنا ربنا فبذنوب كثيرة قدمناها لأنفسنا , وإن عفا عنا فبقدرته ; ثم إنهم لبثوا بعد هذا الوحي ثلاث سنين لم يزدادوا إلا معصية , وتمادوا في الشر , وذلك حين اقترب هلاكهم , فقل الوحي , حتى لم يكونوا يتذكرون الآخرة , وأمسك عنهم حين ألهتهم الدنيا وشأنها , فقال ملكهم : يا بني إسرائيل انتهوا عما أنتم عليه قبل أن يمسكم بأس من الله , وقبل أن يبعث عليكم ملوك لا رحمة لهم بكم , فإن ربكم قريب التوبة , مبسوط اليدين بالخير , رحيم من تاب إليه , فأبوا عليه أن ينزعوا عن شيء مما هم عليه , وإن الله ألقى في قلب بختنصر بن نعون بن زادان أن يسير إلى بيت المقدس , ثم يفعل فيه ما كان جده سنحاريب أراد أن يفعله , فخرج في ستمائة ألف راية يريد أهل بيت المقدس ; فلما فصل سائرا أتى ملك بني إسرائيل الخبر أن بختنصر أقبل هو وجنوده يريدكم , فأرسل الملك إلى إرميا , فجاءه فقال : يا إرميا أين ما زعمت لنا أن ربنا أوحى إليك أن لا يهلك أهل بيت المقدس حتى يكون منك الأمر في ذلك , فقال إرميا للملك : إن ربي لا يخلف الميعاد , وأنا به واثق ; فلما اقترب الأجل , ودنا انقطاع ملكهم , وعزم الله على هلاكهم , بعث الله ملكا من عنده , فقال له : اذهب إلى إرميا فاستفته , وأمره بالذي يستفتيه فيه , فأقبل الملك إلى إرميا , وقد تمثل له رجلا من بني إسرائيل , فقال له إرميا : من أنت ؟ قال : رجل من بني إسرائيل أستفتيك في بعض أمري , فأذن له , فقال الملك : يا نبي الله أتيتك أستفتيك في أهل رحمي , وصلت أرحامهم بما أمرني الله به , لم آت إليهم إلا حسنا , ولم آلهم كرامة , فلا تزيدهم كرامتي إياهم إلا إسخاطا لي , فأفتني فيهم يا نبي الله , فقال له : أحسن فيما بينك وبين الله , وصل ما أمرك الله به أن تصل , وأبشر بخير , فانصرف عنه الملك ; فمكث أياما ثم أقبل إليه في صورة ذلك الرجل الذي جاءه , فقعد بين يديه , فقال له إرميا : من أنت ؟ قال : أنا الرجل الذي أتيتك في شأن أهلي , فقال له نبي الله , أوما طهرت لك أخلاقهم بعد , ولم تر منهم الذي تحب , فقال : يا نبي الله , والذي بعثك بالحق ما أعلم كرامة يأتيها أحد من الناس إلى أهل رحمه إلا وقد أتيتها إليهم وأفضل من ذلك , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارجع إلى أهلك فأحسن إليهم , أسأل الله الذي يصلح عباده الصالحين أن يصلح ذات بينكم , وأن يجمعكم على مرضاته , ويجنبكم سخطه , فقال الملك من عنده , فلبث أياما , وقد نزل بختنصر بجنوده حول بيت المقدس أكثر من الجراد , ففزع بنو إسرائيل فزعا شديدا , وشق ذلك على ملك بني إسرائيل , فدعا إرميا , فقال : يا نبي الله , أين ما وعدك الله , إني بربي واثق , ثم إن الملك أقبل إلى إرميا وهو قاعد على جدار بيت المقدس يضحك ويستبشر بنصر ربه الذي وعده , فقعد بين يديه , فقال له إرميا : من أنت ؟ قال : أنا الذي كنت استفتيتك في شأن أهلي مرتين , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أولم يأن لهم أن يفيقوا من الذي هم فيه ؟ فقال الملك : يا نبي الله كل شيء كان يصيبني منهم قبل اليوم كنت أصبر عليه , وأعلم أنما قصدهم في ذلك سخطي , فلما أتيتهم اليوم رأيتهم في عمل لا يرضي الله , ولا يحبه الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : على أي عمل رأيتهم ؟ قال : يا نبي الله رأيتهم على عمل عظيم من سخط الله , ولو كانوا على مثل ما كانوا عليه قبل اليوم لم يشتد عليهم غضبي , وصبرت لهم ورجوتهم , ولكن غضبت اليوم لله ولك , فأتيتك لأخبرك خبرهم , وإني أسألك بالله الذي بعثك بالحق إلا ما دعوت عليهم ربك أن يهلكهم , فقال إرميا : يا مالك السموات والأرض , إن كانوا على حق وصواب فأبقهم , وإن كانوا على سخطك وعمل لا ترضاه , فأهلكهم ; فلما خرجت الكلمة من في إرميا أرسل الله صاعقة من السماء في بيت المقدس , فالتهب مكان القربان وخسف بسبعة أبواب من أبوابها ; فلما رأى ذلك إرميا صاح وشق ثيابه , ونبذ الرماد على رأسه , فقال يا ملك السماء , ويا أرحم الراحمين أين ميعادك الذي وعدتني ؟ فنودي إرميا إنه لم يصبهم الذي أصابهم إلا بفتياك التي أفتيت بها رسولنا , فاستيقن النبي صلى الله عليه وسلم أنها فتياه التي أفتى بها ثلاث مرات , وأنه رسول ربه , فطار إرميا حتى خالط الوحوش , ودخل بختنصر وجنوده بيت المقدس , فوطئ الشام وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم , وخرب بيت المقدس , ثم أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا ثم يقذفه في بيت المقدس , فقذفوا فيه التراب حتى ملئوه , ثم انصرف راجعا إلى أرض بابل , واحتمل معه سبايا بني إسرائيل , وأمرهم أن يجمعوا من كان في بيت المقدس كلهم , فاجتمع عنده كل صغير وكبير من بني إسرائيل , فاختار منهم تسعين ألف صبي ; فلما خرجت غنائم جنده , وأراد أن يقسمهم فيهم , قالت له الملوك الذين كانوا معه : أيها الملك , لك غنائمنا كلها , واقسم بيننا هؤلاء الصبيان الذين اخترتهم من بني إسرائيل , ففعل , فأصاب كل واحد منهم أربعة غلمة , وكان من أولئك الغلمان : دانيال , وعزاريا , ومسايل , وحنانيا . وجعلهم بختنصر ثلاث فرق : فثلثا أقر بالشام , وثلثا سبى , وثلثا قتل , وذهب بأسبية بيت المقدس حتى أقدمها بابل وبالصبيان التسعين الألف حتى أقدمهم بابل , فكانت هذه الواقعة الأولى التي ذكر الله تعالى ذكره نبي الله بأحداثهم وظلمهم , فلما ولى بختنصر عنه راجعا إلى بابل بمن معه من سبايا بني إسرائيل , أقبل إرميا على حمار له معه عصير من عنب في زكرة وسلة تين , حتى أتى إيليا , فلما وقف عليها , ورأى ما بها من الخراب دخله شك , فقال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام } وحماره وعصيره وسلة تينه عنده حيث أماته الله , ومات حماره معه , فأعمى الله عنه العيون , فلم يره أحد , ثم بعثه الله تعالى , فقال له : { كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } يقول : لم يتغير { وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما } فنظر إلى حماره يتصل بعضه إلى بعض , وقد مات معه بالعروق والعصب , ثم كيف كسي ذلك منه اللحم , حتى استوى , ثم جرى فيه الروح , فقام ينهق , ونظر إلى عصيره وتينه , فإذا هو على هيئته حين وضعه لم يتغير . فلما عاين من قدرة الله ما عاين قال : أعلم أن الله على كل شيء قدير , ثم عمر الله إرميا بعد ذلك , فهو الذي يرى بفلوات الأرض والبلدان . 4617 - حدثني محمد بن عسكر وابن زنجويه , قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم , قال : ثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول : أوحى الله إلى إرميا وهو بأرض مصر أن الحق بأرض إيليا , فإن هذه ليست لك بأرض مقام , فركب حماره , حتى إذا كان ببعض الطريق , ومعه سلة من عنب وتين , وكان معه سقاء حديد , فملأه ماء , فلما بدا له شخص بيت المقدس وما حوله من القرى والمساجد , ونظر إلى خراب لا يوصف , ورأى هدم بيت المقدس كالجبل العظيم , قال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } وسار حتى تبوأ منها منزلا , فربط حماره بحبل جديد . وعلق سقاءه , وألقى الله عليه السبات ; فلما نام نزع الله روحه مائة عام ; فلما مرت من المائة سبعون عاما , أرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس عظيم يقال له يوسك , فقال : إن الله يأمرك أن تنفر بقومك فتعمر بيت المقدس وإيلياء وأرضها , حتى تعود أعمر ما كانت , فقال الملك : أنظرني ثلاثه أيام حتى أتأهب لهذا العمل ولما يصلحه من أداء العمل , فأنظره ثلاثة أيام , فانتدب ثلاثمائة قهرمان , ودفع إلى كل قهرمان ألف عامل , وما يصلحه من أداة العمل , فسار إليها قهارمته , ومعهم ثلاثمائة ألف عامل ; فلما وقعوا في العمل رد الله روح الحياة في عين إرميا , وأخر جسده ميتا , فنظر إلى إيليا وما حولها من القرى والمساجد والأنهار والحروث تعمل وتعمر وتجدد , حتى صارت كما كانت . وبعد ثلاثين سنة تمام المائه , رد إليه الروح , فنظر إلى طعامه وشرابه لم يتسنه , ونظر إلى حماره واقفا كهيئته يوم ربطه لم يطعم ولم يشرب , ونظر إلى الرمة في عنق الحمار لم تتغير جديدة , وقد أتى على ذلك ريح مائة عام وبرد مائة عام وحر مائة عام , لم تتغير ولم تنتقض شيئا , وقد نحل جسم إرميا من البلى , فأنبت الله له لحما جديدا , ونشز عظامه وهو ينظر , فقال له الله : { انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير } . 4618 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول في قوله : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } إن إرميا لما خرب بيت المقدس وحرقت الكتب , وقف في ناحية الجبل , فقال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام } ثم رد الله من رد من بني إسرائيل على رأس سبعين سنة من حين أماته يعمرونها ثلاثين سنة تمام المائة ; فلما ذهبت المائة رد الله روحه وقد عمرت على حالها الأولى , فجعل ينظر إلى العظام كيف تلتام بعضها إلى بعض , ثم نظر إلى العظام كيف تكسى عصبا ولحما . { فلما تبين } له ذلك { قال أعلم أن الله على كل شيء قدير } فقال الله تعالى ذكره : { انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } قال : فكان طعامه تينا في مكتل , وقلة فيها ماء . 4619 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { أو كالذي مر على قريه وهي خاويه على عروشها } وذلك أن عزيرا مر جائيا من الشام على حمار له معه عصير وعنب وتين ; فلما مر بالقرية فرآها , وقف عليها وقلب يده وقال : كيف يحيي هذه الله بعد موتها ؟ ليس تكذيبا منه وشكا . فأماته الله وأمات حماره , فهلكا ومر عليهما مائة سنة . ثم إن الله أحيا عزيرا فقال له : كم لبثت ؟ قال له : لبثت يوما أو بعض . قيل له : بل لبثت مائة عام , فانظر إلى طعامك من التين والعنب , وشرابك من العصير { لم يتسنه } . الآية .ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام
القول في تأويل قوله تعالى : { ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل مائة عام } . يعني تعالى ذكره بقوله : { ثم بعثه } ثم أثاره حيا من بعد مماته . وقد دللنا على معنى البعث فيما مضى قبل . وأما معنى قوله : { كم لبثت } فإن كم استفهام في كلام العرب عن مبلغ العدد , وهو في هذا الموضع نصب ب " لبثت " , وتأويله : قال الله له : كم قدر الزمان الذي لبثت ميتا قبل . أن أبعثك من مماتك حيا ؟ قال المبعوث بعد مماته : لبثت ميتا إلى أن بعثتني حيا يوما واحدا أو بعض يوم . وذكر أن المبعوث هو إرميا أو عزير , أو من كان ممن أخبر الله عنه هذا الخبر . وإنما قال : { لبثت يوما أو بعض يوم } لأن الله تعالى ذكره كان قبض روحه أول النهار , ثم رد روحه آخر النهار بعد المائة عام فقيل له : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما ; وهو يرى أن الشمس قد غربت فكان ذلك عنده يوما لأنه ذكر أنه قبض روحه أول النهار وسئل عن مقدار لبثه ميتا آخر النهار وهو يرى أن الشمس قد غربت , فقال : لبثت يوما , ثم رأى بقية من الشمس قد بقيت لم تغرب , فقال : أو بعض يوم , بمعنى : بل بعض يوم , كما قال تعالى ذكره : { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } 37 147 بمعنى : بل يزيدون . فكان قوله : { أو بعض يوم } رجوعا منه عن قوله : { لبثت يوما } . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 4620 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم } قال : ذكر لنا أنه مات ضحى , ثم بعثه قبل غيبوبة الشمس , فقال : لبثت يوما . ثم التفت فرأى بقية من الشمس , فقال : أو بعض يوم . فقال : بل لبثت مائة عام . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } قال : مر على قرية فتعجب , فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ! فأماته الله أول النهار , فلبث مائة عام , ثم بعثه في آخر النهار , فقال : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما أو بعض يوم , قال : بل لبثت مائة عام . 4621 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , قال : قال الربيع : أماته الله مائة عام , ثم بعثه , قال : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما أو بعض يوم . قال : بل لبثت مائة عام . 4622 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال , ثني حجاج , قال : قال ابن جريج : لما وقف على بيت المقدس وقد خربه بختنصر , قال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ! كيف يعيدها كما كانت ؟ فأماته الله . قال : وذكر لنا أنه مات ضحى , وبعث قبل غروب الشمس بعد مائة عام , فقال : كم لبثت ؟ قال : يوما . فلما رأى الشمس , قال : أو بعض يوم .فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه
القول في تأويل قوله تعالى : { فانطر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } . يعني تعالى ذكره بقوله : { فانطر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } لم تغيره السنون التي أتت عليه . وكان طعامه فيما ذكر بعضهم سلة تين وعنب وشرابه قلة ماء . وقال بعضهم : بل كان طعامه سلة عنب وسلة تين وشرابه زق من عصير . وقال آخرون : بل كان طعامه سلة تين , وشرابه دن خمر أو زكرة خمر . وقد ذكرنا فيما مضى قول بعضهم في ذلك ونذكر ما فيه فيما يستقبل إن شاء الله . وأما قوله { لم يتسنه } ففيه وجهان من القراءة : أحدهما : " لم يتسن " بحذف الهاء في الوصل وإثباتها في الوقف . ومن قرأه كذلك فإنه يجعل الهاء في يتسنه زائدة صلة كقوله : { فبهداهم اقتده } 6 90 وجعل فعلت منه : تسنيت تسنيا , واعتل في ذلك بأن السنة تجمع سنوات , فيكون تفعلت على نهجه . ومن قال في السنه سنينة فجائز على ذلك وإن كان قليلا أن يكون تسننت تفعلت , أبدلت النون ياء لما كثرت النونات كما قالوا : تظنيت وأصله الظن ; وقد قال قوم . هو مأخوذ من قوله : { من حمإ مسنون } 15 26 وهو المتغير . وذلك أيضا إذا كان كذلك , فهو أيضا مما بدلت نونه ياء , وهو قراءة عامة قراء الكوفة . والآخر منهما : إثبات الهاء في الوصل والوقف , ومن قرأه كذلك فإنه يجعل الهاء في يتسنه لام الفعل ويحملها مجزومة بلم , ويحصل فعلت منه تسنهت , ويفعل : أتسنه تسنها , وقال في تصغير السنه : سنيهة , ومنه : أسنهت عند القوم , وتسنهت عندهم : إذا أقمت سنة , هذه قراءة عامة قراء أهل المدينة والحجاز . والصواب من القراءة عندي في ذلك , إثبات الهاء في الوصل والوقف , لأنها مثبتة في مصحف المسلمين , ولإثباتها وجه صحيح في كلتا الحالتين في ذلك . ومعنى قوله : { لم يتسنه } لم يأت عليه السنون فيتغير , على لغة من قال : أسنهت عندكم أسنه : إذا أقام سنة , وكما قال الشاعر : وليست بسنهاء ولا رجبية ولكن عرايا في السنين الجوائح فجعل الهاء في السنة أصلا , وهي اللغة الفصحى , وغير جائز حذف حرف من كتاب الله في حال وقف أو وصل لإثباته وجه معروف في كلامها . فإن اعتل معتل بأن المصحف قد ألحقت فيه حروف هن زوائد على نية الوقف , والوجه في الأصل عند القراءة حذفهن , وذلك كقوله : { فبهداهم اقتده } 6 90 وقوله : { يا ليتني لم أوت كتابيه } 69 25 فإن ذلك هو مما لم يكن فيه شك أنه من الزوائد , وأنه ألحق على نية الوقف . فأما ما كان محتملا أن يكون أصلا للحرف غير زائد فغير جائز , وهو في مصحف المسلمين مثبت صرفه إلى أنه من الزوائد والصلات . على أن ذلك وإن كان زائدا فيما لا شك أنه من الزوائد , فإن العرب قد تصل الكلام بزائد , فتنطق به على نحو منطقها به في حال القطع , فيكون وصلها إياه وقطعها سواء . وذلك من فعلها دلالة على صحة قراءة من قرأ جميع ذلك بإثبات الهاء في الوصل والوقف , غير أن ذلك وإن كان كذلك فلقوله : { لم يتسنه } حكم مفارق حكم ما كان هاؤه زائدا لا شك في زيادته فيه . ومما يدل على صحة ما قلنا , من أن الهاء في يتسنه من لغة من قال : " قد أسنهت " و " المسانهة " , ما : 4623 - حدثت به عن القاسم بن سلام , قال : ثنا ابن مهدي , عن أبي الجراح , عن سليمان بن عمير , قال : ثني هانئ مولى عثمان , قال : كنت الرسول بين عثمان وزيد بن ثابت , فقال زيد : سله عن قوله : لم يتسن , أو لم يتسنه ؟ فقال عثمان : اجعلوا فيها هاء . 4624 - حدثت عن القاسم , وحدثنا محمد بن محمد العطار , عن القاسم , وحدثنا أحمد والعطار جميعا , عن القاسم , قال : ثنا ابن مهدي , عن ابن المبارك , قال : ثني أبو وائل شيخ من أهل اليمن عن هانئ البربري , قال : كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف , فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها : " لم يتسن " و " فأمهل الكافرين " و " لا تبديل للخلق " . قال : فدعا بالدواة , فمحا إحدى اللامين وكتب : { لا تبديل لخلق الله } 30 30 ومحا " فأمهل " وكتب : { فمهل الكافرين } 86 17 وكتب : " لم يتسنه " ألحق فيها الهاء . ولو كان ذلك من " يتسنى " أو " يتسنن " لما ألحق فيه أبي هاء لا موضع لها فيه , ولا أمر عثمان بإلحاقها فيها . وقد روي عن زيد بن ثابت في ذلك نحو الذي روي فيه عن أبي بن كعب . واختلف أهل التأويل في تأويل قوله { لم يتسنه } فقال بعضهم بمثل الذي قلنا فيه من أن معناه لم يتغير . ذكر من قال ذلك : 4625 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة بن المفضل , عن محمد بن إسحاق , عمن لا يتهم , عن وهب بن منبه : { لم يتسنه } لم يتغير . 4626 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { لم يتسنه } لم يتغير . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , مثله . 4627 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } يقول : فانظر إلى طعامك من التين والعنب , وشرابك من العصير لم يتسنه , يقول : لم يتغير فيحمض التين والعنب , ولم يختمر العصير هما حلوان كما هما . وذلك أنه مر جائيا من الشام على حمار له معه عصير وعنب وتين , فأماته الله , وأمات حماره , ومر عليهما مائة سنة . 4628 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ , قال : أخبرنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } يقول : لم يتغير , وقد أتى عليه مائة عام . * - حدثني المثنى , قال : أخبرنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك , بنحوه . 4629 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس قوله : { لم يتسنه } لم يتغير . 4630 - حدثنا سفيان , قال : ثنا أبي , عن النضر , عن عكرمة : { لم يتسنه } لم يتغير . 4631 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { لم يتسنه } لم يتغير في مائة سنة . 4632 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني بكر بن مضر , قال : يزعمون في بعض الكتب أن إرميا كان بإيليا حين خربها بختنصر , فخرج منها إلى مصر فكان بها , فأوحى الله إليه أن اخرج منها إلى بيت المقدس . فأتاها فإذا هي خربة , فنظر إليها فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ! فأماته الله مائة عام ثم بعثه , فإذا حماره حي قائم على رباطه , وإذا طعامه سل عنب وسل تين لم يتغير عن حاله . قال يونس : قال لنا سلم الخواص : كان طعامه وشرابه سل عنب وسل تين وزق عصير . وقال آخرون : معنى ذلك : لم ينتن . ذكر من قال ذلك : 4633 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله : { لم يتسنه } لم ينتن . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 4634 - حدثني القاسم , قال : ثنا الحسن , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قال مجاهد قوله : { إلى طعامك } قال : سل تين , { وشرابك } دن خمر , { لم يتسنه } يقول : لم ينتن . وأحسب أن مجاهدا والربيع ومن قال في ذلك بقولهما رأوا أن قوله : { لم يتسنه } من قول الله تعالى ذكره : { من حمإ مسنون } 15 26 بمعنى المتغير الريح بالنتن من قول القائل : تسنن . وقد بينت الدلالة فيما مضى على أن ذلك ليس كذلك . فإن ظن ظان أنه من الآسن من قول القائل : أسن هذا الماء يأسن أسنا , كما قال الله تعالى ذكره : { فيها أنهار من ماء غير آسن } 47 15 فإنه ذلك لو كان كذلك لكان الكلام : فانطر إلى طعامك وشرابك لم يتأسن , ولم يكن يتسنه . فإنه منه , غير أنه ترك همزة , قيل : فإنه وإن ترك همزه فغير جائز تشديد نونه , لأن النون غير مشددة , وهي في يتسنه مشددة , ولو نطق من يتأسن بترك الهمزة لقيل يتسن بتخفيف نونه بغير هاء تلحق فيه , ففي ذلك بيان واضح أنه غير جائز أن يكون من الأسن .وانظر إلى حمارك
القول في تأويل قوله تعالى : { وانظر إلى حمارك } اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { وانظر إلى حمارك } فقال بعضهم : معنى ذلك : وانظر إلى إحيائي حمارك , وإلى عظامه كيف أنشزها ثم أكسوها لحما . ثم اختلف متأولو ذلك في هذا التأويل , فقال بعضهم : قال الله تعالى ذكره ذلك له بعد أن أحياه خلقا سويا , ثم أراد أن يحيي حماره ; تعريفا منه تعالى ذكره له كيفية إحيائه القرية التي رآها خاوية على عروشها , فقال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } مستنكرا إحياء الله إياها . ذكر من قال ذلك : 4635 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عمن لا يتهم , عن وهب بن منبه , قال : بعثه الله فقال : { كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم } إلى قوله : { ثم نكسوها لحما } قال : فنظر إلى حماره يتصل بعض إلى بعض , وقد كان مات معه بالعروق والعصب , ثم كسا ذلك منه اللحم حتى استوى ثم جرى فيه الروح , فقام ينهق . ونظر إلى عصيره وتينه , فإذا هو على هيئته حين وضعه لم يتغير . فلما عاين من قدرة الله ما عاين , قال : { أعلم أن الله على كل شيء قدير } . 4636 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : ثم إن الله أحيا عزيرا , فقال : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما أو بعض يوم . قال : بل لبثت مائة عام , فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه , وانظر إلى حمارك قد هلك وبليت عظامه , وانظر إلى عظامه كيف ننشزها ثم نكسوها لحما . فبعث الله ريحا , فجاءت بعظام الحمار من كل سهل وجبل ذهبت به الطير والسباع , فاجتمعت , فركب بعضها في بعض وهو ينظر , فصار حمارا من عظام ليس له لحم ولا دم . ثم إن الله كسا العظام لحما ودما , فقام حمارا من لحم ودم وليس فيه روح . ثم أقبل ملك يمشي حتى أخذ بمنخر الحمار , فنفخ فيه فنهق الحمار , فقال : أعلم أن الله على كل شيء قدير . فتأويل الكلام على ما تأوله قائل هذا القول : وانظر إلى إحيائنا حمارك , وإلى عظامه كيف ننشزها ثم نكسوها لحما , ولنجعلك آية للناس . فيكون في قوله : { وانظر إلى حمارك } متروك من الكلام , استغني بدلالة ظاهره عليه من ذكره , وتكون الألف واللام في قوله : { وانظر إلى العظام } بدلا من الهاء المرادة في المعنى , لأن معناه : وانظر إلى عظامه : يعني إلى عظام الحمار . وقال آخرون منهم : بل قال الله تعالى ذكره ذلك له بعد أن نفخ فيه الروح في عينه , قالوا : وهي أول عضو من أعضائه نفخ الله فيه الروح , وذلك بعد أن سواه خلقا سويا , وقبل أن يحيي حماره . ذكر من قال ذلك : 4637 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : كان هذا رجلا من بني إسرائيل نفخ الروح في عينيه , فنظر إلى خلقه كله حين يحييه الله , وإلى حماره حين يحييه الله . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله . 4638 - حدثنا القاسم , قال : حدثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : بدأ بعينيه فنفخ فيهما الروح , ثم بعظامه فأنشزها , ثم وصل بعضها إلى بعض , ثم كساها العصب , ثم العروق , ثم اللحم . ثم نظر إلى حماره , فإذا حماره قد بلي وابيضت عظامه في المكان الذي ربطه فيه , فنودي : يا عظام اجتمعي , فإن الله منزل عليك روحا ! فسعى كل عظم إلى صاحبه , فوصل العظام , ثم العصب , ثم العروق . ثم اللحم , ثم الجلد , ثم الشعر , وكان حماره جذعا , فأحياه الله كبيرا قد تشنن , فلم يبق منه إلا الجلد من طول الزمن , وكان طعامه سل عنب وشرابه دن خمر . قال ابن جريج عن مجاهد : نفخ الروح في عينيه , ثم نظر بهما إلى خلقه كله حين نشره الله , وإلى حماره حين يحييه الله . وقال آخرون : بل جعل الله الروح في رأسه وبصره وجسده ميتا , فرأى حماره قائما كهيئته يوم ربطه وطعامه وشرابه كهيئته يوم حل البقعة , ثم قال الله له : انظر إلى عظام نفسك كيف ننشزها . ذكر من قال ذلك : 4639 - حدثني محمد بن سهل بن عسكر , قال : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم , قال : ثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول : رد الله روح الحياة في عين إرميا وآخر جسده ميت , فنظر إلى طعامه وشرابه لم يتسنه , ونظر إلى حماره واقفا كهيئته يوم ربطه , لم يطعم ولم يشرب , ونظر إلى الرمة في عنق الحمار لم تتغير جديدة . 4640 - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ , قال : ثنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فأماته الله مائة عام ثم بعثه } فنظر إلى حماره قائما قد مكث مائة عام , وإلى طعامه لم يتغير قد أتى عليه مائة عام , { وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما } فكان أول شيء أحيا الله منه رأسه , فجعل ينظر إلى سائر خلقه يخلق . * - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : { فأماته الله مائة عام ثم بعثه } فنظر إلى حماره قائما , وإلى طعامه وشرابه لم يتغير , فكان أول شيء خلق منه رأسه , فجعل ينظر إلى كل شيء منه يوصل بعضه إلى بعض . فلما تبين له , قال : أعلم أن الله على كل شيء قدير . 4641 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : ذكر لنا أنه أول ما خلق الله منه رأسه , ثم ركبت فيه عيناه , ثم قيل له : انظر ! فجعل ينظر , فجعلت عظامه تواصل بعضها إلى بعض , وبعين نبي الله عليه السلام كان ذلك . فقال : أعلم أن الله على كل شيء قدير . 4642 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك } وكان حماره عنده كما هو , { ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها } . قال الربيع : ذكر لنا والله أعلم أنه أول ما خلق منه عيناه , ثم قيل انظر , فجعل ينظر إلى العظام يتواصل بعضها إلى بعض وذلك بعينيه . فقيل : أعلم أن الله على كل شيء قدير . 4643 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرنا ابن زيد قال قوله : { وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك } واقفا عليك منذ مائة سنة , { ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام } يقول : وانظر إلى عظامك كيف نحييها حين سألتنا كيف نحيي هذه الأرض بعد موتها . قال : فجعل الله الروح في بصره وفي لسانه , ثم قال : ادع الآن بلسانك الذي جعل الله فيه الروح , وانظر ببصرك ! قال : فكان ينظر إلى الجمجمة , قال : فنادى : ليلحق كل عظم بأليفه , قال : فجاء كل عظم إلى صاحبه , حتى اتصلت وهو يراها , حتى أن الكسرة من العظم لتأتي إلى الموضع الذي انكسرت منه , فتلصق به حتى وصل إلى جمجمته , وهو يرى ذلك . فلما اتصلت شدها بالعصب والعروق , وأجرى عليها اللحم والجلد , ثم نفخ فيها الروح , ثم قال : { انظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له } ذلك { قال أعلم أن الله على شيء قدير } . قال : ثم أمر فنادى تلك العظام التي قال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } كما نادى عظام نفسه , ثم أحياها الله كما أحياه . 4644 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني بكر بن مضر , قال : يزعمون في بعض الكتب أن الله أمات إرميا مائة عام , ثم بعثه , فإذا حماره حي قائم على رباطه . قال : ورد الله إليه بصره وجعل الروح فيه قبل أن يبعث بثلاثين سنة , ثم نظر إلى بيت المقدس وكيف عمر وما حوله . قال : فيقولون والله أعلم : إنه الذي قال الله تعالى ذكره : { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية . .. } آية . ومعنى الآية على تأويل هؤلاء : وانظر إلى حمارك , ولنجعلك آية للناس , وانظر إلى عظامك كيف ننشزها بعد بلاها , ثم نكسوها لحما , فنحييها بحياتك , فتعلم كيف يحيي الله القرى وأهلها بعد مماتها . وأولى الأقوال في هذه الآية بالصواب قول من قال : إن الله تعالى ذكره بعث قائل { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } من مماته , ثم أراه نظير ما استنكر من إحياء الله القرية التي مر بها بعد مماتها عيانا من نفسه وطعامه وحماره , فحمل تعالى ذكره ما أراه من إحيائه نفسه وحماره مثلا لما استنكر من إحيائه أهل القرية التي مر بها خاويه على عروشها , وحمل ما أراه من العبرة في طعامه وشرابه عبرة له وحجة عليه في كيفية إحيائه منازل القرية وجنانها , وذلك هو معنى قول مجاهد الذي ذكرناه قبل . وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية , لأن قوله : { وانظر إلى العظام } إنما هو بمعنى : وانظر إلى العظام التي تراها ببصرك كيف ننشزها , ثم نكسوها لحما , وقد كان حماره أدركه من البلى في قول أهل التأويل جميعا نظير الذي لحق عظام من خوطب بهذا الخطاب , فلم يمكن صرف معنى قوله : { وانظر إلى العظام } إلى أنه أمر له بالنظر إلى عظام الحمار دون عظام المأمور بالنظر إليها , ولا إلى أنه أمر له بالنطر إلى عظام نفسه دون عظام الحمار . وإذا كان ذلك كذلك , وكان البلى قد لحق عظامه وعظام حماره , كان الأولى بالتأويل أن يكون الأمر بالنظر إلى كل ما أدركه طرفه مما قد كان البلى لحقه لأن الله تعالى ذكره جعل جميع ذلك عليه حجة وله عبرة وعظة .ولنجعلك آية للناس
القول في تأويل قوله تعالى : { ولنجعلك آية للناس } يعني تعالى ذكره بذلك : { ولنجعلك آية للناس } أمتناك مائة عام ثم بعثناك . وإنما أدخلت الواو مع اللام التي في قوله : { ولنجعلك آية للناس } وهو بمعنى " كي " , لأن في دخولها في كي وأخواتها دلالة على أنها شرط لفعل بعدها , يعني : ولنجعلك كذا وكذا فعلنا ذلك , ولو لم تكن قبل اللام أعني لام كي واو كانت اللام شرطا للفعل الذي قبلها , وكان يكون معناه : وانظر إلى حمارك , لنجعلك آية للناس . وإنما عنى بقوله : { ولنجعلك آية } ولنجعلك حجة على من جهل قدرتي , وشك في عظمتي , وأنا القادر على فعل ما أشاء من إماتة وإحياء , وإنشاء , وإنعام وإذلال , وإقتار وإغناء , بيدي ذلك كله , لا يملكه أحد دوني , ولا يقدر عليه غيري . وكان بعض أهل التأويل يقول : كان آية للناس بأنه جاء بعد مائة عام إلى ولده وولد ولده شابا وهم شيوخ . ذكر من قال ذلك : 4645 - حدثني المثنى , قال : أخبرنا إسحاق , قال : ثنا قبيصة بن عقبة , عن سفيان , قال : سمعت الأعمش يقول : { ولنجعلك آية للناس } قال : جاء شابا وولده شيوخ . وقال آخرون : معنى ذلك أنه جاء وقد هلك من يعرفه , فكان آية لمن قدم عليه من قومه . ذكر من قال ذلك : 4646 - حدثني موسى , قال , ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : رجع إلى أهله , فوجد داره قد بيعت وبنيت , وهلك من كان يعرفه , فقال : اخرجوا من داري ! قالوا : ومن أنت ؟ قال : أنا عزير . قالوا : أليس قد هلك عزير منذ كذا وكذا ؟ قال : فإن عزيرا أنا هو , كان من حالي وكان . فلما عرفوا ذلك , خرجوا له من الدار ودفعوها إليه . والذي هو أولى بتأويل الآية من القول , أن يقال : إن الله تعالى ذكره , أخبر أنه حمل الذي وصف صفته في هذه الآية حجة للناس , فكان ذلك حجة على من عرفه من ولده وقومه ممن علم موته , وإحياء الله إياه بعد مماته , وعلى من بعث إليه منهم .وانظر إلى العظام كيف ننشزها
القول في تأويل قوله تعالى : { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } قد دللنا فيما مضى قبل على أن العظام التي أمر بالنظر إليها هي عظام نفسه وحماره , وذكرنا اختلاف المختلفين في تأويل ذلك وما يعني كل قائل بما قاله في ذلك بما أغنى عن إعادته . وأما قوله : { كيف ننشزها } فإن القراء اختلفت في قراءته , فقرأ بعضهم : { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } بضم النون وبالزاي , وذلك قراءة عامة قراء الكوفيين , بمعنى : وانظر كيف نركب بعضها على بعض , وننقل ذلك إلى مواضع من الجسم . وأصل النشز : الارتفاع , ومنه قيل : قد نشز الغلام إذا ارتفع طوله وشب , ومنه نشوز المرأة على زوجها , ومن ذلك قيل للمكان المرتفع من الأرض : نشز ونشز ونشاز , فإذا أردت أنك رفعته , قلت : أنشزته إنشازا , ونشز هو : إذا ارتفع . فمعنى قوله : { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } في قراءة من قرأ ذلك بالزاي : كيف نرفعها من أماكنها من الأرض فنردها إلى أماكنها من الجسم . وممن تأول ذلك هذا التأويل جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 4647 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس في قوله : { كيف ننشزها } كيف نخرجها . 4648 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { كيف ننشزها } قال : نحركها . وقرأ ذلك آخرون : " وانظر إلى العظام كيف ننشرها " بضم النون , قالوا من قول القائل : أنشر الله الموتى فهو ينشرهم إنشارا . وذلك قراءة عامة قراء أهل المدينة , بمعنى : وانظر إلى العظام كيف نحييها ثم نكسوها لحما . ذكر من قال ذلك : 4649 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : " كيف ننشرها " قال : انظر إليها حين يحييها الله . * - حدثنا المثنى قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 4650 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة مثله . 4651 - حدثنا يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : " وانظر إلى العظام كيف ننشرها " قال : كيف نحييها . واحتج بعض قراء ذلك بالراء وضم نون أوله بقوله : { ثم إذا شاء أن
- ابن عاشور : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
تَخيير في التشبيه على طريقة التشبيه ، وقد تقدم بيانها عند قوله تعالى : { أو كصيب من السماء } [ البقرة : 19 ] لأنّ قوله : { ألم تر إلى الذي حاجَ إبرهيم } [ البقرة : 258 ] في معنى التمثيل والتشبيه كما تقدم ، وهو مراد صاحب «الكشاف» بقوله : «ويجوز أن يحمل على المعنى دون اللفظ كأنه قيل : أرأيت كالذي حاجَّ أو كالذي مرَّ» وإذ قد قرّر بالآية قبلها ثبوت انفراد الله بالإلااهية ، وذلك أصل الإسلام ، أعقب بإثبات البعث الذي إنكاره أصل أهل الإشراك .
واعلم أنّ العرب تستعمل الصيغتين في التعجّب : يقولون ألم تر إلى كذا ، ويقولون أرأيتَ مثل كذا أو ككَذا ، وقد يقال ألم تر ككذا لأنّهم يقولون لم أر كاليوم في الخير أو في الشر ، وفي الحَديث «فلم أَره كاليوم مَنْظَرا قط» ، وإذا كان ذلك يقال في الخير جاز أن يدخل عليه الاستفهام فتقول : ألم تر كاليوم في الخير والشر ، وحيث حذف الفعل المستفهَم عنه فلك أن تقدره على الوجهين ، ومال صاحب «الكشاف» إلى تقديره : أرأيتَ كالذي لأنّه الغالب في التعجّب مع كاف التشبيه .
والذي مر على قريةٍ قيل هو أرْمِيَا بن حلقيا ، وقيل هو عُزَير بن شرخيا ( عزرا بن سَرَّيَّا ) . والقرية بيت المقدس في أكثر الأقوال ، والذي يظهر لي أنّه حزقيال ابن بوزي نبيء إسرائيل كان معاصراً لأرميا ودانيال وكان من جملة الذين أسرهم بختنصر إلى بابل في أوائل القرن السادس قبل المسيح ، وذلك أنه لما رأى عزم بختنصر على استئصال اليهود وجمعه آثار الهيكل ليأتي بها إلى بابل ، جمع كتب شريعة موسى وتابوتَ العهد وعصَا موسى ورماها في بئر في أورشليم خشية أن يحرقها بختنصر ، ولعله اتّخذ علامة يعرفها بها وجعلها سراً بينه وبين أنبياء زمانِه وورثتهم من الأنبياء . فلما أخرج إلى بابل بقي هنالك وكتب كتاباً في مَراءً رآها وَحْيا تدل على مصائب اليهودِ وما يرجى لهم من الخلاص ، وكان آخر ما كتبه في السنة الخامسة والعشرين بعد سبي اليهود ، ولم يعرف له خبر بعدُ كما ورد في تاريخهم ، ويظن أنّه مات أو قُتل . ومن جملة ما كتبه «أخْرَجَنِي روحُ الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاماً كثيرة وأمّرَني عليها وإذا تلك البقعة يابسة فقال لي : أتَحيَى هذه العظامُ؟ فقلت : يا سيدي الرّب أنتَ تعلم . فقال لي : تنبأْ على هذه العظام وقل لها : أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب قال ها أنا ذا أدخل فيكم الروح وأضع عليكم عصباً وأكسوكم لحماً وجلداً . فتنبأت ، كما أمرني فتقاربتْ العظام كل عظم إلى عطمه ، ونظرت وإذا باللحم والعصب كساها وبسط الجلد عليها من فوق ودخل فيهم الروح فحيُوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جداً» .
ولما كانت رؤيا الأنبياء وحيا فلا شكّ أن الله لما أعاد عُمران أورشليم في عهد عزرا النبي في حدود سنة450 قبل المسيح أحيا النبي حزقيال عليه السلام ليرى مصداق نبوته ، وأراه إحياء العظام ، وأراه آية في طعامه وشرابه وحماره وهذه مخاطبة بين الخالق وبعض أصفيائه على طريق المعجزة وجعل خبره آية للناس من أهل الإيمان الذين يوقنون بما أخبرهم الله تعالى ، أو لقوم أطلعهم الله على ذلك من أصفيائه ، أو لأهل القرية التي كان فيها وفُقِد من بينهم فجاءهم بعد مائة سنة وتحققه من يعرفه بصفاته ، فيكون قوله تعالى : { مرّ على قرية } إشارة إلى قوله : «أخرجني روح الرب وأمّرني عليها» . فقوله : { قال أنَّى يحيي هذه الله } إشارة إلى قوله أتحيي هذه العظام فقلت يا سيدي أنت تعلم لأنّ كلامه هذا ينبىء باستبعاد إحيائها ، ويكون قوله تعالى : { فأماته الله مائة عام } إلخ مما زاده القرآن من البيان على ما في كتب اليهود لأنّهم كتبوها بعد مرور أزمنة ، ويظن من هنا أنّه مات في حدود سنة 560 قبل المسيح ، وكان تجديد أورشليم في حدود 458 فتلك مائة سنة تقريباً ، ويكون قوله : { وانظر إلى العظام كيف ننشرها ثم نكسوها لحمَا } تذكرة له بتلك النبوءة وهي تجديد مدينة إسرائيل .
وقوله : { وهي خاوية على عروشها } الخاوية : الفارغة من السكان والبناء . والعروش جمع عرش وهو السقف . والظرف مستقرٌ في موضع الحال ، والمعنى أنّها خاوية ساقطة على سقفها وذلك أشدّ الخراب لأنّ أول ما يسقط من البناء السُقُف ثم تسقط الجدران على تلك السُقُف . والقرية هي بيت المقدس رآها في نومه كذلك أو رآها حين خربها رسل بختنصر ، والظاهر الأول لأنّه كان ممن سُبي مع ( يهويا قيم ) ملككِ إسرائيل وهو لم يقع التخريب في زمنه بل وقع رفي زمن ( صدقيا ) أخيه بعد إحدى عشرة سنة .
وقوله : { أنّى يحيي هذه الله بعد موتها } استفهامُ إنكار واستبعاد ، وقوله : { فأماته الله } التعقيب فيه بحسب المعقب فلا يلزم أن يكون أماته في وقت قوله : { أنَّى يحيي هذه الله } . وقد قيل : إنّه نام فأماته الله في نومه .
وقوله : { ثم بعثه } أي أحياه وهي حياة خاصة ردّت بها روحه إلى جسده؛ لأنّ جسده لم يبلَ كسائر الأنبياء ، وهذا بعث خارق للعادة وهو غير بعث الحشر .
وقوله : { لبثت يوماً أو بعض يوم } اعتقد ذلك بعلم أودعه الله فيه أو لأنّه تذكر أنّه نام في أول النهار ووجد الوقت الذي أفاق فيه آخر نهار .
وقوله : { فانظر إلى طعامك } تفريع على قوله : { لبثت مائة عام } . والأمرُ بالنظر أمر للاعتبار أي فانظُره في حال أنّه لم يتسنه ، والظاهر أنّ الطعام والشراب كانا معه حين أميت أو كانا موضوعين في قبره إذا كان من أمة أو في بلد يضعون الطعام للموتى المكرّمين كما يفعل المصريون القدماء ، أو كان معه طعام حين خرج فأماته الله في نومه كما قيل ذلك .
ومعنى { لم يتسنه } لم يتغيّر ، وأصله مشتق من السَّنَة لأنّ مر السنين يوجب التغيّر وهو مثل تحجَّرَ الطين ، والهاء أصلية لا هاء سكت ، وربما عاملوا هَاء سنة معاملة التاء في الاشتقاق فقالوا أسنت فلان إذا أصابته سنة أي مجاعة ، قال مطرود الخزاعي ، أو ابن الزبعري
: ... عَمْرُو الذي هشَم الثريدَ لقومِه
قوممٍ بمَكَة مُسنتين عجافِ ... وقوله : { وانظر إلى حمارك } قيل : كان حماره قد بلي فلم تبق إلاّ عظامه فأحياه الله أمامه . ولم يؤت مع قوله : { وانظر إلى حمارك } بذكر الحالة التي هي محل الاعتبار لأنّ مجرد النظر إليه كاف ، فٌّءّه رآه عظاماً ثم رآه حيا ، ولعلّه هلك فبقي بتلك الساحة التي كان فيها حزقيال بعيداً عن العُمران ، وقد جمع الله له أنواع الإحياء إذْ أحيى جسده بنفخ الروح عن غير إعادة وأحيى طعامه بحفظه من التغيّر وأحيى حماره بالإعادة فكان آية عظيمة للناس الموقنين بذلك ، ولعلّ الله أطْلَع على ذلك الإحياءِ بعض الأحياء من أصفيائه .
فقوله : { ولنجعلك آية } معطوف على مقدر دل عليه قوله { فانظر إلى طعامك } وانظر إلى حمارك؛ فإن الأمر فيه للاعتبار لأنّه ناظر إلى ذلك لا محالة ، والمقصود اعتباره في استبعاده أن يُحيي الله القرية بعد موتها ، فكان من قوة الكلام انظر إلى ما ذكر جعلناه آية لك على البعث وجعلناك آية للناس لأنّهم لم يروا طعامه وشرابَه وحماره ، ولكن رأوا ذاته وتحققّوه بصفاته . ثم قال له : وانظر إلى العظام كيف ننشرها ، والظاهر أنّ المراد عظام بعض الآدميين الذين هلكوا ، أو أراد عظام الحمار فتكون ( أل ) عوضاً عن المضاف إليه فيكون قوله إلى العظام في قوة البدل من حمارك إلاّ أنّه برز فيه العامل المنويّ تكريرُه .
وقرأ جمهور العشرة { نُنْشِرها } بالرّاء مضارع أنْشَر الرباعي بمعنى الإحياء . وقرأه ابن عامر وحمزة وعاصم والكسائي وخلف : { نُنشِزها } بالزاي مضارع أنشزه إذا رفعه ، والنشز الارتفاع ، والمراد ارتفاعها حين تغلظ بإحاطة العصب واللحم والدم بها فحصل من القراءتين معنيان لكملة واحدة ، وفي كتاب ( حزقيال ) «فتقاربت العِظام كل عظم إلى عظمه ، ونظرتُ وإذا بالعصب واللحم كساها وبسط الجلد عليها» .
وقوله : { قال أعلم أن الله على كل شيء قدير } قرأ الجمهور أعلم بهمزة قطع على أنّه مضارع عَلم فيكون جوابَ الذي مر على قرية عن قول الله له { فانظر إلى طعامك } الآية ، وجاء بالمضارع ليدل على ما في كلام هذا النبي من الدلالة على تجدد علمه بذلك لأنه عَلمِه في قبلُ وتجدد علمه إياه . وقرأه حمزة والكسائي بهمزة وصل على أنه من كلام الله تعالى ، وكان الظاهر أن يكون معطوفاً على { فانظر إلى طعامك } لكنّه ترك عطفه لأنّه جُعل كالنتيجة للاستدلال بقوله : { فانظر إلى طعامك وشرابك } الآية .
- إعراب القرآن : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
«أَوْ كَالَّذِي» أو حرف عطف الكاف اسم بمعنى مثل في محل نصب مفعول به لفعل محذوف والجملة معطوفة على ألم تر الأولى والتقدير : أو رأيت مثل ... وقيل الكاف زائدة الذي اسم موصول في محل جر بالإضافة «مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ» فعل ماض متعلق به الجار والمجرور والجملة صلة الموصول «وَهِيَ خاوِيَةٌ» الواو حالية والجملة الاسمية من المبتدأ والخبر في محل نصب حال «عَلى عُرُوشِها» متعلقان بخاوية «قالَ» فعل ماض والجملة استئنافية «أَنَّى» اسم استفهام في محل نصب حال وقيل ظرف «يُحْيِي» فعل مضارع والجملة مقول القول «هذِهِ» اسم إشارة مفعول به مقدم «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل مؤخر «بَعْدَ» ظرف زمان مفعول فيه متعلق بيحيي «مَوْتِها» مضاف إليه. «فَأَماتَهُ» الفاء عطف «أماته اللَّهُ» فعل ماض ومفعول به ولفظ الجلالة فاعل «مِائَةَ» ظرف زمان متعلق بأماته «عامٍ» مضاف إليه «ثُمَّ» حرف عطف «بَعَثَهُ» فعل ومفعول به والجملة معطوفة «قالَ» الجملة استئنافية «كَمْ» اسم استفهام مفعول به في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بلبثت وتمييزه محذوف والتقدير : كم عاما لبثت «لَبِثْتَ» فعل ماض وفاعل والجملة مفعول به «قالَ» ماض والجملة مستأنفة «لَبِثْتُ يَوْماً» فعل ماض وفاعل وظرف «أَوْ بَعْضَ» عطف على يوما «يَوْمٍ» مضاف إليه الجملة مقول القول «قالَ بَلْ لَبِثْتَ» قال جملة استئنافية بل حرف عطف والجملة مقول القول لبثت فعل ماض وفاعل «مِائَةَ» ظرف زمان متعلق بلبثت والجملة معطوفة على جملة محذوفة والتقدير : ألبثت يوما أو بعض يوم؟. «عامٍ» مضاف إليه «فَانْظُرْ» الفاء فاء الفصيحة «انظر إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ» الجار والمجرور متعلقان بانظر «لَمْ يَتَسَنَّهْ» يتسنه فعل مضارع مجزوم بالسكون الظاهرة على آخره ، وقيل مجزوم بحذف حرف العلة والهاء للسكت والجملة في محل نصب حال «وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ» عطف على وانظر الأولى. «وَلِنَجْعَلَكَ» الواو عاطفة اللام لام التعليل نجعل مضارع منصوب بأن المضمرة والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره : أمتناك ثم بعثناك لجعلك آية والكاف مفعول به أول «آيَةً» مفعول به ثان «لِلنَّاسِ» متعلقان بمحذوف صفة لآية «وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ» عطف على انظر قبلها. «كَيْفَ» اسم استفهام في محل نصب حال «نُنْشِزُها» فعل مضارع والهاء مفعول به والجملة في محل نصب حال «ثُمَّ» عاطفة «نَكْسُوها لَحْماً» فعل مضارع والهاء مفعول به أول ولحما مفعول به ثان
و الجملة معطوفة «فَلَمَّا» الفاء عاطفة لما ظرفية متعلقة بقال «تَبَيَّنَ لَهُ» جار ومجرور متعلقان بتبين والجملة في محل جر بالإضافة «قالَ» الجملة جواب لمّا لا محل لها من الإعراب «أَعْلَمُ» فعل مضارع «أَنَّ اللَّهَ» أن ولفظ الجلالة اسمها «عَلى كُلِّ» متعلقان بقدير «شَيْ ءٍ» مضاف إليه. «قَدِيرٌ» خبر وأن ومعمولها سدت مسد مفعولي أعلم وجملة أعلم مقول القول.
- English - Sahih International : Or [consider such an example] as the one who passed by a township which had fallen into ruin He said "How will Allah bring this to life after its death" So Allah caused him to die for a hundred years; then He revived him He said "How long have you remained" The man said "I have remained a day or part of a day" He said "Rather you have remained one hundred years Look at your food and your drink; it has not changed with time And look at your donkey; and We will make you a sign for the people And look at the bones [of this donkey] - how We raise them and then We cover them with flesh" And when it became clear to him he said "I know that Allah is over all things competent"
- English - Tafheem -Maududi : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(2:259) Or take the case of the one who passed by a township that had fallen down upon its roofs. *293 He exclaimed, "How shall Allah bring back to life this township that has become dead?" *294 At this Allah caused him to die and he lay dead for a hundred years. Then Allah brought him back to life and asked him, "How long have you lain here?" He answered. "I might have lain here for a day or a few hours." Allah said, "Nay, you have been lying here in this state for a hundred years: now, just have a look at your food and your drink; they have not become spoiled in the least. Then have a look at your ass, (and see that his very bones have become rotten) and We have done this in order to make you a Sign for the people. *295 Look, how We raise up the skeleton and set the bones (of the ass) and cover them with flesh and (put breath of life into them)." And when the Reality became manifest to him, he said, "I know that Allah has power over everything."
- Français - Hamidullah : Ou comme celui qui passait par un village désert et dévasté Comment Allah va-t-Il redonner la vie à celui-ci après sa mort dit-il Allah donc le fit mourir et le garda ainsi pendant cent ans Puis Il le ressuscita en disant Combien de temps as-tu demeuré ainsi Je suis resté un jour dit l'autre ou une partie d'une journée Non dit Allah tu es resté cent ans Regarde donc ta nourriture et ta boisson rien ne s'est gâté; mais regarde ton âne Et pour faire de toi un signe pour les gens et regarde ces ossements comment Nous les assemblons et les revêtons de chair Et devant l'évidence il dit Je sais qu'Allah est Omnipotent
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Oder kennst du nicht einen ähnlichen denjenigen der an einer Stadt vorbeikam die wüst in Trümmern lag Er sagte "Wie sollte Allah diese Stadt wieder lebendig machen nachdem sie ausgestorben ist" Da ließ Allah ihn für hundert Jahre tot sein Hierauf erweckte Er ihn und sagte "Wie lange hast du verweilt" Er sagte "Ich verweilte einen Tag oder den Teil eines Tages" Er sagte "Nein Vielmehr verweiltest du hundert Jahre Nun schau deine Speise und dein Getränk an Sie sind nicht verfault Und schau deinen Esel an - Und damit Wir dich zu einem Zeichen machen für die Menschen Und schau die Knochen an wie Wir sie zusammensetzen und sie hierauf mit Fleisch bekleiden" Nachdem es ihm klar geworden war sagte er "Ich weiß jetzt daß Allah zu allem die Macht hat"
- Spanish - Cortes : O como quien pasó por una ciudad en ruinas Dijo ¿Cómo va Alá a devolver la vida a ésta después de muerta Alá le hizo morir y quedar así durante cien años Luego le resucitó y dijo ¿Cuánto tiempo has permanecido así Dijo He permanecido un día o parte de un día Dijo No que has permanecido así cien años ¡Mira tu alimento y tu bebida N se han echado a perder ¡Mira a tu asno Para hacer de ti un signo para los hombres ¡Mira los huesos cómo los componemos y los cubrimos de carne Cuando lo vio claro dijo Ahora sé que Alá es omnipotente
- Português - El Hayek : Tampouco reparastes naquele que passou por uma cidade em ruínas e conjecturou Como poderá Deus ressuscitáladepois de sua morte Deus o manteve morto durante cem anos; depois o ressuscitou e lhe perguntou Quanto tempopermaneceste assim Respondeu Permaneci um dia ou parte dele Disselhe Qual Permaneceste cem anos Observa a tuacomida e a tua bebida; constata que ainda não se deterioraram Agora observa teu asno não resta dele mais do que aossada; isto é para fazer de ti um exemplo para os humanos Observa como dispomos os seus ossos e em seguida osrevestimos de carne Diante da evidência exclamou Reconheço que Deus é Onipotente
- Россию - Кулиев : Или над тем кто проходил мимо селения разрушенного до основания Он сказал Как Аллах воскресит это после того как все это умерло Аллах умертвил его на сто лет а затем оживил и сказал Сколько ты пробыл здесь Он сказал Я пробыл день или часть дня Он сказал Нет ты пробыл сто лет Посмотри на свою еду и воду они даже не изменились И посмотри на своего осла Мы непременно сделаем тебя знамением для людей Посмотри же как Мы соберем кости а затем покроем их мясом Когда это было показано ему он сказал Я знаю что Аллах способен на всякую вещь
- Кулиев -ас-Саади : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
Или о том, кто проходил мимо селения, разрушенного до основания? Он сказал: «Как Аллах воскресит это после того, как все это умерло?» Аллах умертвил его на сто лет, а затем оживил и сказал: «Сколько ты пробыл здесь?» Он сказал: «Я пробыл день или часть дня». Он сказал: «Нет, ты пробыл сто лет. Посмотри на свою еду и воду: они даже не изменились. И посмотри на своего осла. Мы непременно сделаем тебя знамением для людей. Посмотри же, как Мы соберем кости, а затем покроем их мясом». Когда это было показано ему, он сказал: «Я знаю, что Аллах способен на всякую вещь».В этом и последующем аятах упомянуты два великих знамения, свидетельствовавших об истинности воскрешения и воздаяния в этом мире, до наступления Последней жизни. Одно из этих чудес произошло с человеком, который усомнился в истинности воскрешения. Это - наиболее достоверное мнение, опирающееся на обсуждаемое нами откровение. Второе чудо произошло с возлюбленным Аллаха - Ибрахимом, доказавшим справедливость единобожия в истории, описанной в предыдущем аяте. Однажды мимо разрушенного до основания поселения проходил мужчина. Жители селения были мертвы, а строения и жилища - разорены и разрушены. Мужчина усомнился в том, что Аллах сможет воскресить этих людей после всего, что произошло с ними, и подумал: «Неужели Аллах воскресит их после того, как они померли? Их воскрешение также невероятно, как и воскрешение всех остальных людей!» Такие мысли возникли в его душе в тот момент, но Аллах смилостивился над ним и над остальными рабами. Господь умертвил его на сто лет и умертвил осла, который был рядом с ним, а его еду и питье сохранил нетронутыми, благодаря чему они не испортились, несмотря на прошествие долгих лет. Спустя сто лет Аллах воскресил его и спросил: «Сколько времени ты проспал?» Он ответил: «Я проспал день или часть дня!» Его ответ опирался на его предположение, и тогда Аллах сказал ему: «Ты проспал целых сто лет!» Очевидно, этот разговор происходил между воскрешенным человеком и одним из Божьих пророков. Божья милость по отношению к этому человеку и остальным людям была настолько совершенна, что он воочию увидел удивительное знамение, которое убедило его в том, что Аллах воскресил его после того после его смерти. Он увидел, что его продукты и питье по прошествии многих лет даже не изменились, и убедился в могуществе своего Господа. Продукты питания и напитки быстро изменяют свои качества, особенно, если речь идет о фруктах и фруктовых соках (именно этого мнения придерживались комментаторы), однако Всемогущий Аллах уберег их от гниения даже спустя сто лет. Мужчина увидел, что труп его осла сгнил и разложился, и от него остались только истлевшие кости. А затем Аллах собрал и соединил кости, которые уже успели превратиться в прах, покрыл их мясом и вернул осла к жизни. Он увидел это истинное событие своими глазами и больше не испытывал никаких сомнений. Он воскликнул: «Я твердо знаю, что Аллах способен на всякую вещь!» Признав безграничное могущество Аллаха, он стал знамением для многих людей, которые знали о его гибели и гибели его осла, прекрасно помнили его историю и смогли воочию увидеть одно из величайших чудес. Таково самое достоверное мнение по поводу этого человека. Тем не менее, многие комментаторы считали, что в этом аяте говорится об одном из угодников или даже Божьих пророков. Некоторые утверждали, что речь идет об Узейре, но по этому поводу есть и другие мнения. Если верить этим толкованиям, проходя мимо разрушенного поселения, этот праведник сказал: «Как Аллах вернет к жизни это поселение, если оно уже разорено и разрушено?» Тогда Аллах умертвил его на сто лет, чтобы показать ему, как люди вернутся в это разрушенное поселение. В течение этого срока в нем действительно поселились люди, и на месте разрушенных жилищ появился многолюдный поселок. Следует отметить, что текст и смысл обсуждаемого нами откровения не свидетельствуют в пользу такого толкования. Какое знамение можно усмотреть в том, что разрушенные поселения возвращаются к прежней жизни? Подобные события происходят довольно часто, поскольку одни города и жилища разрушаются, а другие - возводятся заново. Настоящим знамением является именно воскрешение усопшего человека и его осла, а также сохранение его еды и питья в неизмененном виде в течение целых ста лет. Кроме того, Всевышний Аллах сообщил, что чудо было показано воскресшему человеку, из чего следует, что он убедился в совершенном могуществе Аллаха только после того, как своими глазами увидел удивительное знамение.
- Turkish - Diyanet Isleri : Yahut altı üstüne gelmiş bir kasabaya uğrayan kimseyi görmedin mi "Allah burayı ölümünden sonra acaba nasıl diriltecek" dedi Bunun üzerine Allah onu yüz yıl ölü bıraktı sonra diriltti "Ne kadar kaldın" dedi "Bir gün veya bir günden az kaldım" dedi "Hayır yüz yıl kaldın yiyeceğine içeceğine bak bozulmamış; eşeğine bak ve hem seni insanlar için bir ibret kılacağız kemiklere bak onları nasıl birleştirip sonra onlara et giydiriyoruz" dedi; bu ona apaçık belli olunca "Artık Allah'ın her şeye Kadir olduğuna inanmış bulunuyorum" dedi
- Italiano - Piccardo : O colui che passando presso una città in completa rovina [disse] “Come potrà Allah ridarle la vita dopo che è morta” Allah allora lo fece morire per cento anni poi lo resuscitò e gli chiese “Quanto [tempo] sei rimasto” Rispose “Rimasi un giorno o una parte di esso” “No disse Allah sei rimasto cento anni Guarda il tuo cibo e la tua acqua sono intatti; poi guarda il tuo asino [Ti mostriamo tutto ciò] affinché tu divenga un segno per gli uomini Guarda come riuniamo le ossa e come le rivestiamo di carne” Davanti all'evidenza disse “So che Allah è onnipotente”
- كوردى - برهان محمد أمين : یاخود وهک ئهو کهسهی تێپهڕی بهلای شارۆچکهیهکدا که ههموو خانووهکانی بهسهر سهقفهکانیدا تهپی بوون لهبهر خۆیهوه وتی ئاخۆ خوای گهوره چۆن خهڵکی ئهم شارۆچکهیه دوای مردنیان زیندوو دهکاتهوه ئهو کهسه عوزهیر پێغهمبهر بوو صلی الله علیه وسلم یهکسهر خوای گهوره سهد ساڵ مراندی و پاشان زیندووی کردهوه و پێی فهرموو چهند مایتهوه عوزهیر وتی ڕۆژێک یان کهمتر له ڕۆژێک ماومهتهوه خوا فهرمووی نهخێر ئهوه سهد ساڵت پێچووه جا تهماشای خواردن و خواردنهوهکهت بکه لهو ماوه درێژهدا نهگۆڕاوه و تێک نهچووه تهماشای گوێدرێژهکهشت بکه بۆیه ئهمهمانکرد تا بهم بهسهرهاته بتکهینه موعجیزه بۆ خهڵکی جا سهیری ئێسکهکانی گوێدرێژهکهت بکه چۆن بهرزیان دهکهینهوه و بهیهکهوهیان دهبهستین و پاشان بهگۆشت دایاندهپۆشین کاتێک بینی و بۆی دهرکهوت وتی چاک دهزانم و دڵنیام بهڕاستی خوا دهسهڵاتی بهسهر ههموو شتێکدا ههیه
- اردو - جالندربرى : یا اسی طرح اس شخص کو نہیں دیکھا جسے ایک گاوں میں جو اپنی چھتوں پر گرا پڑا تھا اتفاق گزر ہوا۔ تو اس نے کہا کہ خدا اس کے باشندوں کو مرنے کے بعد کیونکر زندہ کرے گا۔ تو خدا نے اس کی روح قبض کرلی اور سو برس تک اس کو مردہ رکھا پھر اس کو جلا اٹھایا اور پوچھا تم کتنا عرصہ مرے رہے ہو اس نے جواب دیا کہ ایک دن یا اس سے بھی کم۔ خدا نے فرمایا نہیں بلکہ سو برس مرے رہے ہو۔ اور اپنے کھانے پینے کی چیزوں کو دیکھو کہ اتنی مدت میں مطلق سڑی بسی نہیں اور اپنے گدھے کو بھی دیکھو جو مرا پڑا ہے غرض ان باتوں سے یہ ہے کہ ہم تم کو لوگوں کے لئے اپنی قدرت کی نشانی بنائیں اور ہاں گدھے کی ہڈیوں کو دیکھو کہ ہم ان کو کیونکر جوڑے دیتے اور ان پر کس طرح گوشت پوست چڑھا دیتے ہیں۔ جب یہ واقعات اس کے مشاہدے میں ائے تو بول اٹھا کہ میں یقین کرتا ہوں کہ خدا ہر چیز پر قادر ہے
- Bosanski - Korkut : Ili za onoga koji je prolazeći pored jednog do temelja porušenog grada povikao "Kako će Allah oživiti ove što su pomrli" I Allah učini te on umre i tako ostade stotinu godina a onda ga oživi i zapita "Koliko si ostao" – "Dan ili dio dana" – odgovori "Ne" – reče On – "ostao si stotinu godina Pogledaj jelo svoje i piće svoje – nije se pokvarilo; a pogledaj i magarca svoga – da te učinimo dokazom ljudima – a pogledaj i kosti – vidi kako ih sastavljamo a onda ih mesom oblažemo" I kad njemu bi jasno on povika "Ja znam da Allah sve može"
- Swedish - Bernström : Eller [ ett annat exempel på dem som förnekar Guds Allmakt ] om mannen som färdades förbi en stad som hade jämnats med marken och utropade "Hur skulle Gud kunna ge liv åt denna [döda stad]" Och Gud lät honom dö och förbli död i hundra år Därefter väckte Han honom till liv och frågade "Hur länge har du varit borta" Han svarade "Jag har varit borta en dag eller en del av en dag" [Gud] sade "Nej du har varit borta i hundra år Men se på din mat och din dryck som inte har fördärvats och se på din åsna Vi har velat göra dig till ett tecken för människorna och se [nu] hur Vi ger liv åt de döda benen och sedan klär dem med kött" Och när allt detta stod klart för honom sade han "[Nu] vet jag att Gud har allt i Sin makt"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Atau apakah kamu tidak memperhatikan orang yang melalui suatu negeri yang temboknya telah roboh menutupi atapnya Dia berkata "Bagaimana Allah menghidupkan kembali negeri ini setelah hancur" Maka Allah mematikan orang itu seratus tahun kemudian menghidupkannya kembali Allah bertanya "Berapakah lamanya kamu tinggal di sini" Ia menjawab "Saya tinggal di sini sehari atau setengah hari" Allah berfirman "Sebenarnya kamu telah tinggal di sini seratus tahun lamanya; lihatlah kepada makanan dan minumanmu yang belum lagi beubah; dan lihatlah kepada keledai kamu yang telah menjadi tulang belulang; Kami akan menjadikan kamu tanda kekuasaan Kami bagi manusia; dan lihatlah kepada tulang belulang keledai itu kemudian Kami menyusunnya kembali kemudian Kami membalutnya dengan daging" Maka tatkala telah nyata kepadanya bagaimana Allah menghidupkan yang telah mati diapun berkata "Saya yakin bahwa Allah Maha Kuasa atas segala sesuatu"
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(Atau) tidakkah kamu perhatikan (orang) 'kaf' hanya tambahan belaka (yang lewat di suatu negeri). Orang itu bernama Uzair dan lewat di Baitulmakdis dengan mengendarai keledai sambil membawa sekeranjang buah tin dan satu mangkuk perasan anggur (yang temboknya telah roboh menutupi atap-atapnya), yakni setelah dihancurkan oleh raja Bukhtanashar. (Katanya, "Bagaimana caranya Allah menghidupkan kembali negeri ini setelah robohnya?") disebabkan kagumnya akan kekuasaan-Nya (Maka Allah pun mematikan orang itu) dan membiarkannya dalam kematian (selama seratus tahun, kemudian menghidupkannya). Untuk memperlihatkan kepadanya bagaimana caranya demikian itu. (Allah berfirman) kepadanya, (Berapa lamanya kamu tinggal di sini?) (Jawabnya, "Saya telah tinggal di sini sehari atau setengah hari) karena ia mulai tidur dari waktu pagi, lalu dimatikan dan dihidupkan lagi di waktu Magrib, hingga menurut sangkanya tentulah ia tidur sepanjang hari itu. (Firman Allah swt., "Sebenarnya sudah seratus tahun lamanya kamu tinggal; lihatlah makanan dan minumanmu itu) buah tin dan perasan anggur (yang belum berubah) artinya belum lagi basi walaupun waktunya sudah sekian lama. 'Ha' pada 'yatasannah' ada yang mengatakan huruf asli pada 'sanaha', ada pula yang mengatakannya sebagai huruf saktah, sedangkan menurut satu qiraat, tidak pakai 'ha' sama sekali (dan lihatlah keledaimu) bagaimana keadaannya. Maka dilihatnya telah menjadi bangkai sementara tulang belulangnya telah putih dan berkeping-keping. Kami lakukan itu agar kamu tahu, (dan akan Kami jadikan kamu sebagai tanda) menghidupkan kembali (bagi manusia. Dan lihatlah tulang-belulang) keledaimu itu (bagaimana Kami menghidupkannya) dibaca dengan nun baris di depan. Ada pula yang membacanya dengan baris di atas kata 'nasyara', sedang menurut qiraat dengan baris di depan berikut zai 'nunsyizuha' yang berarti Kami gerakkan dan Kami susun, (kemudian Kami tutup dengan daging) dan ketika dilihatnya tulang-belulang itu sudah tertutup dengan daging, bahkan telah ditiupkan kepadanya roh hingga meringkik. (Maka setelah nyata kepadanya) demikian itu dengan kesaksian mata (ia pun berkata, "Saya yakin") berdasar penglihatan saya (bahwa Allah Maha Kuasa atas segala sesuatu"). Menurut satu qiraat 'i`lam' atau 'ketahuilah' yang berarti perintah dari Allah kepadanya supaya menyadari.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তুমি কি সে লোককে দেখনি যে এমন এক জনপদ দিয়ে যাচ্ছিল যার বাড়ীঘরগুলো ভেঙ্গে ছাদের উপর পড়ে ছিল বলল কেমন করে আল্লাহ মরনের পর একে জীবিত করবেন অতঃপর আল্লাহ তাকে মৃত অবস্থায় রাখলেন একশ বছর। তারপর তাকে উঠালেন। বললেন কত কাল এভাবে ছিলে বলল আমি ছিলাম একদিন কংবা একদিনের কিছু কম সময়। বললেন তা নয়; বরং তুমি তো একশ বছর ছিলে। এবার চেয়ে দেখ নিজের খাবার ও পানীয়ের দিকেসেগুলো পচে যায় নি এবং দেখ নিজের গাধাটির দিকে। আর আমি তোমাকে মানুষের জন্য দৃষ্টান্ত বানাতে চেয়েছি। আর হাড়গুলোর দিকে চেয়ে দেখ যে আমি এগুলোকে কেমন করে জুড়ে দেই এবং সেগুলোর উপর মাংসের আবরণ পরিয়ে দেই। অতঃপর যখন তার উপর এ অবস্থা প্রকাশিত হল তখন বলে উঠলআমি জানি নিঃসন্দেহে আল্লাহ সর্ব বিষয়ে ক্ষমতাশীল।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அல்லது ஒரு கிராமத்தின் பக்கமாகச் சென்றவரைப் போல் அந்த கிராமத்திலுள்ள வீடுகளின் உச்சிகளெல்லாம் இடிந்து விழுந்து பாழடைந்து கிடந்தன இதைப் பார்த்த அவர் "இவ்வூர் இவ்வாறு அழிந்து மரித்தபின் இதனை அல்லாஹ் எப்படி உயிர்ப்பிப்பான்" என்று வியந்து கூறினார்; ஆகவே அல்லாஹ் அவரை நூறாண்டுகள் வரை இறந்து போகும்படிச் செய்தான்; பின்னர் அவரை உயிர்பெற்றெழுப்படிச் செய்து "எவ்வளவு காலம் இந்நிலையில் இருந்தீர்" என்று அவரைக் கேட்டான்; அதற்கவர் "ஒரு நாள் அல்லது ஒரு நாளின் சிறு பகுதியில் இவ்வாறு இருந்தேன்" என்று கூறினார்; "இல்லை நீர் இந்நிலையில் நூறாண்டுகள் இருந்தீர் இதோ பாரும் உம்முடைய உணவையும் உம்முடைய பானத்தையும்; கெட்டுப் போகாமையினால் அவை எந்த விதத்திலும் மாறுதலடையவில்லை ஆனால் உம்முடைய கழுதையைப் பாரும்; உம்மை மனிதர்களுக்கு ஓர் அத்தாட்சியாக்குவதற்காக இவ்வாறு மரிக்கச் செய்து உயிர் பெறச் செய்கிறோம் இன்னும் அக்கழுதையின் எலும்புகளைப் பாரும்; அவற்றை நாம் எப்படிச் சேர்க்கிறோம்; பின்னர் அவற்றின்மேல் சதையைப் போர்த்துகிறோம்" எனக்கூறி அதனை உயிர் பெறச் செய்தான் இதுவெல்லாம் அவருக்குத் தெளிவான போது அவர் "நிச்சயமாக அல்லாஹ் எல்லாப் பொருள்களின் மீதும் வல்லமையுடையவன் என்பதை நான் அறிந்து கொண்டேன்" என்று கூறினார்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : หรือเช่นผู้ที่ได้ผ่านเมืองหนึ่ง บัยตุลมักดิส โดยที่มันพังทับลงบนหลังคาของมัน เขาได้กล่าวว่า อัลลอฮ์จะทรงให้เมืองนี้มีชีวิตขึ้นได้อย่างไร หลังจากที่มันได้ตายพินาศไปแล้ว และอัลลอฮ์ก็ทรงให้เขาตายเป็นเวลาร้อยปี ภายหลังพระองค์ได้ทรงให้เขาฟื้นคืนชีพ พระองค์รงกล่าวว่า เจ้าพักอยู่นานเท่าใด เขากล่าวว่า ข้าพระองค์พักอยู่วันหนึ่งหรือบางส่วนของวันเท่านั้น พระองค์ทรงกล่าวว่ามิได้ เจ้าพักอยู่นานถึงร้อยปี เจ้าจงมองดูอาหารของเจ้า และเครื่องดื่มของเจ้า มันยังไม่บูดเลย และจงมองดูลาของเจ้าซิ และเพื่อเราจะให้เจ้าเป็นสัญญาณหนึ่งสำหรับมนุษย์ และจงมองบรรดากระดูก เหล่านั้น ดูว่าเรากำลังยกมันไว้ ณ ที่ของมัน และประกอบมันขึ้น แล้วให้มีเนื้อหุ้มห่อมันไว้อย่างไร ครั้นเมื่อสิ่งเหล่านั้นได้ประจักษ์แก่เขา เขาก็กล่าวว่า ข้าพระองค์รู้ว่า แท้จริงอัลลอฮ์นั้นทรงเดชานุภาพเหนือทุกสิ่งทุกอย่าง
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ёки шифтлари устига қулаган қишлоқдан ўтган кишига ўхшашни кўрмадингми У Аллоҳ буни ўлимидан кейин қандай тирилтиради деди Бас Аллоҳ уни юз йил ўлдирди сўнгра қайта тирилтирди У зот Қанча ётднг деди У Бир кун ёки бир куннинг баъзисича ётдим деди У зот Балки юз йил ётдинг таомингга ва шаробингга назар сол ўзгаргани йўқ ва эшагингга ҳам қара Сени одамларга ибрат қилиш учун шундай қилдик Ва суякларга назар сол уларни қандоқ ҳаракатга соламиз ва уларга қандоқ гўшт кийгизамиз деди Унга равшан бўлганда Албатта Аллоҳ ҳар бир нарсага қодирлигини билдим деди Демак ўша киши Аллоҳ таолонинг ҳар бир нарсага қодир эканига шубҳа билан қарарди Шунда Аллоҳ таоло унга ўлган нарсаларни қандай қилиб тирилтиришини тушунтириб ўтирмадида у банданинг ўзини тажриба қилиб қўя қолди Бас Аллоҳ уни юз йил ўлдирди сўнгра қайта тирилтирди Бўлиб ўтган воқеани тушуниб етиш учун Аллоҳ унга Қанча ётдинг деди У одам ўзининг қанча ётганини қаердан билсин Вақтни сезиш тирик ҳаёт нашидасини суриб турган кишиларга хос хусусият У бўлса юз йил ўлиб ётди Бунинг устига ҳистуйғу одамни алдайди ҳам Шунинг учун У Бир кун ёки бир кунининг баъзисича ётдим деди Ўзининг билганича жавоб берди Ўзининг юз йил ўлиб ётиб яна қайта тирилгани унга бир кун ёки бир кундан ҳам озроқ ётгандай бўлиб кўринди Бу ҳолати ўзига тасдиқлатиб олингандан сўнг бўлган ишнинг ҳақиқати унга айтилди Балки юз йил ётдинг дейилди
- 中国语文 - Ma Jian : 难道你没有看见那个人吗?他经过一个荒凉的颓废的城市,他说:真主怎样使这个已死的城市复活呢?故真主使他在死亡的状态下逗留了一百年,然後使他复活。他说:你逗留了多久?他说:我逗留了一日,或不到一日。他说:不然,你已逗留了一百年。你看你的饮食,没有腐败。你看你的驴子。我要以你为世人的迹象。你看这些骸骨,我怎样配合他,怎样以肉套在它的上面。当他明白这件事的时候,他说:我知道真主对於万事是全能的。
- Melayu - Basmeih : Atau tidakkah engkau pelik memikirkan wahai Muhammad tentang orang yang melalui sebuah negeri yang telah runtuh segala bangunannya orang itu berkata "Bagaimana Allah akan menghidupkan membina semula negeri ini sesudah matinya rosak binasanya " Lalu ia dimatikan oleh Allah dan dibiarkan tidak berubah selama seratus tahun kemudian Allah hidupkan dia semula lalu bertanya kepadanya "Berapa lama engkau tinggal di sini" Ia menjawab "Aku telah tinggal di sini sehari atau setengah hari" Allah berfirman" Tidak benar bahkan engkau telah tinggal berkeadaan demikian selama seratus tahun Oleh itu perhatikanlah kepada makanan dan minumanmu masih tidak berubah keadaannya dan perhatikanlah pula kepada keldaimu hanya tinggal tulangtulangnya bersepah dan Kami lakukan ini ialah untuk menjadikan engkau sebagai tanda kekuasaan Kami bagi umat manusia; dan lihatlah kepada tulangtulang keldai itu bagaimana Kami menyusunnya kembali kemudian Kami menyalutnya dengan daging " Maka apabila telah jelas kepadanya apa yang berlaku itu berkatalah dia Sekarang aku mengetahuinya dengan yakin sesungguhnya Allah Maha Kuasa atas tiaptiap sesuatu"
- Somali - Abduh : ka warran kii maray magaalo iyadoo la duntay darbigeedii oo cidla ah markaas yidhi sidee Eebe u nooleyn midan dhimasho kharaah kadib markaasaa Eebe dilay Boqol Sano qadarkeed markaasuu soo bixiyey wuxunna ku yidhi imisaad nagaatay adigoo mayd ah uuna yidhi waxaan nagaaday maalin ama maalin qaarkecd uu kuna yidhi Eebe waxaad nagaatay Boqol sano ee day Cuntadaada iyo Cabidaada oon doorsoomin day Dameerkaaga waxaan kaaga yeeleynaa calaamo Dadka day Lafaha sidaan u sookoryeeeleyno u nooleyn una huwinayno Hilib markuu u cadaaday xaalku wuxu yidhi waxaan ogahay in Eebe wax walba karo
- Hausa - Gumi : Kõ kuwa wanda ya shũɗe a kan wata alƙarya alhãli kuwa tana wõfintacciya a kan gadãjen rẽsunanta Ya ce "Yaya Allah zai rãyar da wannan a bãyan mutuwarta" Sai Allah Ya matar da shi shẽkara ɗari; sa'an nankuma ya tãyar da shi Ya ce "Nawa ka zauna" Ya ce "Na zauna yini ɗaya ko kuwa rabin yini" Ya ce "A'a kã zauna shẽkara ɗari" To ka dũba zuwa ga abincinka da abin shanka kõwanensu bai sãke ba kuma ka dũba zuwa ga jãkinka kuma dõmin Mu sanya ka wata ãyã ga mutãne Kuma ka duba zuwa ga ƙasũsuwa yadda Muke mõtsarda su sa'an nan kuma Mu tufãtar da su da nãma" To a lõkacin da abin ya bayyana a gare shi ya ce "Ina sanin cẽwa lalle Allah a kan dukan kõme Mai ĩkõn yi ne"
- Swahili - Al-Barwani : Au kama yule aliye pita karibu na mji ulio kwisha kuwa magofu tu akasema Ataufufuaje Mwenyezi Mungu mji huu baada ya kufa kwake Basi Mwenyezi Mungu alimfisha yeye muda wa miaka mia Kisha akamfufua Akamuuliza Je umekaa muda gani Akajibu Labda nimekaa siku moja au sehemu ya siku Akamwambia Bali umekaa miaka mia wewe Hebu angalia chakula chako na vinywaji vyako havikuharibika Na muangalie punda wako Na ili tukufanye uwe ni Ishara kwa watu iangalie hii mifupa yake jinsi tunavyo inyanyua kisha tunaivisha nyama Basi yalipo mbainikia alinena Najua kwamba Mwenyezi Mungu ni Mwenye uweza juu ya kila kitu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Ose a nuk ke dëgjuar për atë i cili duke kaluar pranë një qyteti të rrënuar për tokë thirri “Si do t’i ngjallë Perëndia këta që kanë vdekur” Dhe Perëndia e vdiq atë për njëqind vjet e pastaj e ringjalli atë dhe e pyeti “Sa kohë ke ndejtur këtu” – Ai u përgjegj “Një ditë ose gjysmë dite” – “Jo” – i tha Perëndia “por ke ndejtur njëqind vjet Shiko ushqimin dhe pijen tënde që nuk është prishur; e shikoje edhe gomarin tënd; andaj të bëmë ty dokument dëshmi të ringjalljes për njerëzit; e kqyri edhe eshtrat shih si i mbërthejmë lidhim e pastaj i veshim me mish” E kur atij iu bë e qartë ai thirri “Unë e di se Perëndia është i Plotëfuqishëm për çdo gjë”
- فارسى - آیتی : يا مانند آن كس كه به دهى رسيد. دهى كه سقفهاى بناهايش فروريخته بود. گفت: از كجا خدا اين مردگان را زنده كند؟ خدا او را به مدت صد سال ميراند. آنگاه زندهاش كرد. و گفت: چه مدت در اينجا بودهاى؟ گفت: يك روز يا قسمتى از روز. گفت: نه، صد سال است كه در اينجا بودهاى. به طعام و آبت بنگر كه تغيير نكرده است، و به خرت بنگر، مىخواهيم تو را براى مردمان عبرتى گردانيم، بنگر كه استخوانها را چگونه به هم مىپيونديم و گوشت بر آن مىپوشانيم. چون قدرت خدا بر او آشكار شد، گفت: مىدانم كه خدا بر هر كارى تواناست.
- tajeki - Оятӣ : Ё монанди он кас, ки ба деҳе расид. Деҳе, ки сақфҳои биноҳояш фурӯ рехта буд. Гуфт: «Аз куҷо Худо ин мурдагонро зинда кунад?» Худо ӯро ба муддати сад сол миронд. Он гоҳ зиндааш кард. Ва гуфт: «Чӣ муддат дар ин ҷо будӣ?» Гуфт; «Як рӯз ё қисмате аз рӯз». Гуфт: «На, сад сол аст, ки дар ин ҷо будаӣ. Ба таъому обат бингар, ки тағйир накардааст ва ба харат бингар, мехоҳем туро барои мардумол ибрате гардонем, бингар, ки устухонҳоро чӣ гуна ба ҳам мепайвандем ва гӯшт бар он мепӯшонем». Чун қудрати Худо бар ӯ ошкор шуд, гуфт: «Медонам, ки Худо бар ҳар коре тавоност!
- Uyghur - محمد صالح : ياكى سەن تام، ئۆگزىلىرى يىقىلىپ ۋەيران بولغان (خارابە) شەھەر (يەنى بەيتۇلمۇقەددەس) دىن ئۆتكەن كىشىنى (يەنى ئۇزەيرنى) كۆرمىدىڭمۇ؟ ئۇ (ئەجەبلىنىپ): «اﷲ بۇ شەھەرنىڭ ئۆلگەن ئاھالىسىنى قانداق تىرىلدۈرەر؟» دېدى. اﷲ ئۇنى يۈز يىل ئۆلۈك ھالىتىدە تۇرغۇزۇپ ئاندىن (كامالى قۇدرىتىنى كۆرسىتىش ئۈچۈن) تىرىلدۈردى. اﷲ (پەرىشتە ئارقىلىق) ئۇنىڭدىن: «(بۇ ھالەتتە) قانچىلىك تۇردۇڭ؟» دەپ سورىدى. ئۇ: «بىر كۈن ياكى بىر كۈنگە يەتمەيدىغان ۋاقىت تۇردۇم» دېدى. اﷲ ئېيتتى: «ئۇنداق ئەمەس، (تولۇق) 100 يىل تۇردۇڭ! يېمەك ئىچمىكىڭگە قارىغىنكى، بۇزۇلمىغان؛ ئېشىكىڭگە قارىغىنكى (ئۇنىڭ سۆڭەكلىرى چىرىپ كەتكەن). (ساڭا يۇقىرىقىدەك ئادەتتىن تاشقىرى ئىشلارنى قىلغانلىقىمىز) سېنى بىز كىشىلەرگە (قۇدرىتىمىزنىڭ) دەلىلى قىلىش ئۈچۈندۇر. بۇ سۆڭەكلەرگە قارىغىنكى، ئۇنى قانداق قۇراشتۇرىمىز، ئاندىن ئۇنىڭغا گۆش قوندۇرىمىز. (يۇقىرىقى ئىشلار) ئۇنىڭغا ئېنىق بولغان چاغدا (يەنى ئۇ روشەن مۆجىزىلەرنى كۆرگەن چاغدا)، ئۇ: «مەن اﷲ نىڭ ھەممە نەرسىگە قادىر ئىكەنلىكىنى بىلدىم» دېدى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അല്ലെങ്കിലിതാ മറ്റൊരു ഉദാഹരണം. തകര്ന്ന് കീഴ്മേല് മറിഞ്ഞുകിടക്കുന്ന ഒരു പട്ടണത്തിലൂടെ സഞ്ചരിക്കാനിടയായ ഒരാള്. അയാള് പറഞ്ഞു: "നിര്ജീവമായിക്കഴിഞ്ഞശേഷം ഇതിനെ അല്ലാഹു എങ്ങനെ ജീവിപ്പിക്കാനാണ്?" അപ്പോള് അല്ലാഹു അയാളെ നൂറുകൊല്ലം ജീവനറ്റ നിലയിലാക്കി. പിന്നീട് ഉയിര്ത്തെഴുന്നേല്പിച്ചു. അല്ലാഹു ചോദിച്ചു: "നീ എത്രകാലം ഇങ്ങനെ കഴിച്ചുകൂട്ടി?" അയാള് പറഞ്ഞു: "ഒരു ദിവസം; അല്ലെങ്കില് ഒരു ദിവസത്തിന്റെ ഏതാനും ഭാഗം." അല്ലാഹു പറഞ്ഞു: "അല്ല, നീ നൂറ് കൊല്ലം ഇങ്ങനെ കഴിച്ചുകൂട്ടിയിരിക്കുന്നു. നീ നിന്റെ അന്നപാനീയങ്ങള് നോക്കൂ. അവയൊട്ടും വ്യത്യാസപ്പെട്ടിട്ടില്ല. എന്നാല് നീ നിന്റെ കഴുതയെ ഒന്ന് നോക്കൂ. നിന്നെ ജനത്തിന് ഒരു ദൃഷ്ടാന്തമാക്കാനാണ് നാമിങ്ങനെയെല്ലാം ചെയ്തത്. ആ എല്ലുകളിലേക്ക് നോക്കൂ. നാം അവയെ എങ്ങനെ കൂട്ടിയിണക്കുന്നുവെന്നും പിന്നെ എങ്ങനെ മാംസം കൊണ്ട് പൊതിയുന്നുവെന്നും." ഇങ്ങനെ സത്യം വ്യക്തമായപ്പോള് അയാള് പറഞ്ഞു: "അല്ലാഹു എല്ലാറ്റിനും കഴിവുറ്റവനാണെന്ന് ഞാനറിയുന്നു."
- عربى - التفسير الميسر : او هل رايت ايها الرسول مثل الذي مر على قريه قد تهدمت دورها وخوت على عروشها فقال كيف يحيي الله هذه القريه بعد موتها فاماته الله مائه عام ثم رد اليه روحه وقال له كم قدر الزمان الذي لبثت ميتا قال بقيت يوما او بعض يوم فاخبره بانه بقي ميتا مائه عام وامره ان ينظر الى طعامه وشرابه وكيف حفظهما الله من التغير هذه المده الطويله وامره ان ينظر الى حماره كيف احياه الله بعد ان كان عظاما متفرقه وقال له ولنجعلك ايه للناس اي دلاله ظاهره على قدره الله على البعث بعد الموت وامره ان ينظر الى العظام كيف يرفع الله بعضها على بعض ويصل بعضها ببعض ثم يكسوها بعد الالتئام لحما ثم يعيد فيها الحياه فلما اتضح له ذلك عيانا اعترف بعظمه الله وانه على كل شيء قدير وصار ايه للناس
*293). It is irrelevant to ask who the person was and the place where this incident occurred. The real purpose in mentioning this event is to show how God showed light to the one who had chosen God as his protector and supporter. As for determining the name of the person and the locality, we neither possess the means to do so, nor is such an endeavour in any way beneficial. What seems to be evident from the statement that follows is that the person concerned must necessarily have been a Prophet.
*294). This question does not signify that the person concerned denied or entertained any doubts regarding life afterdeath. His enquiry merely indicates his wish to have direct knowledge of reality, like the Prophets of the past.
*295). The restoration of life to a man considered to have died a hundred years ago was in itself sufficient to make him, for his contemporaries, a living testimony.