- عربي - نصوص الآيات عثماني : ذَٰلِكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَٰمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
- عربى - نصوص الآيات : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ۚ وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون
- عربى - التفسير الميسر : ذلك الذي قصصناه عليك -أيها الرسول- من أخبار الغيب التي أوحاها الله إليك، إذ لم تكن معهم حين اختلفوا في كفالة مريم أيُّهم أحق بها وأولى، ووقع بينهم الخصام، فأجْرَوْا القرعة لإلقاء أقلامهم، ففاز زكريا عليه السلام بكفالتها.
- السعدى : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
، ولما أخبر الله نبيه بما أخبر به عن مريم، وكيف تنقلت بها الأحوال التي قيضها الله لها، وكان هذا من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا بالوحي. قال { ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم } أي: عندهم { إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم } لما ذهبت بها أمها إلى من لهم الأمر على بيت المقدس، فتشاحوا وتخاصموا أيهم يكفل مريم، واقترعوا عليها بأن ألقوا أقلامهم في النهر، فأيهم لم يجر قلمه مع الماء فله كفالتها، فوقع ذلك لزكريا نبيهم وأفضلهم، فلما أَخْبَرتَهُم يا محمد بهذه الأخبار التي لا علم لك ولا لقومك بها دل على أنك صادق وأنك رسول الله حقا، فوجب عليهم الانقياد لك وامتثال أوامرك، كما قال تعالى: { وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر } الآيات.
- الوسيط لطنطاوي : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
ثم بين- سبحانه- أن ما جاء به القرآن في شأن مريم- بل وفي كل شأن من الشئون- هو الحق الذي لا يحوم حوله باطل، وهو من أنباء الغيب التي لا يعلمها أحد سواه فقال- تعالى:
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ.
واسم الإشارة ذلِكَ يعود إلى ما تقدم الحديث عنه من قصة امرأة عمران وقصة زكريا وغير ذلك من الأخبار البديعة.
والأنباء: جمع نبأ، وهو الخبر العظيم الشأن.
والغيب: مصدر غاب، وهو الأمر المغيب المستور الذي لا يعلم إلا من قبل الله- تعالى-.
ونوحيه: من الإيحاء وهو إلقاء المعنى إلى الغير على وجه خفى، ويكون بمعنى إرسال الملك إلى الأنبياء وبمعنى الإلهام.
أى: ذلك القصص الحكيم الذي قصصناه عليك يا محمد، فيما يتعلق بما قالته امرأة عمران وما قاله زكريا، وما قالته الملائكة لمريم وفيما يتعلق بغير ذلك من شئون ذلك القصص الحكيم هو من أنباء الغيب التي لا يعلمها أحد سوى الله- عز وجل- وقد أخبرناك بها لتكون دليلا على صدقك فيما تبلغه عن ربك ولتكون عبرة وذكرى لقوم يعقلون.
وقوله ذلِكَ مبتدأ وخبره قوله- تعالى- مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب. وقوله نُوحِيهِ إِلَيْكَ جملة مستقلة مبينة للأولى. والضمير في نُوحِيهِ يعود إلى الغيب أى الأمر والشأن أنا نوحي إليك الغيب ونعلمك به، ونظهرك على قصص من تقدمك مع عدم مدارستك لأهل العلم والأخبار.
ولذا قال- تعالى- وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ والأقلام جمع قلم وهي التي كانوا يكتبون بها التوراة، وقيل المراد بها السهام.
أى وما كنت- يا محمد- لديهم أى عندهم معاينا لفعلهم وما جرى من أمرهم في شأن مريم، إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ التي جعلوا عليها علامات يعرف بها من يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون فيما بينهم بسببها تنافسا في كفالتها.
وقد سبق أن ذكرنا ما قاله صاحب الكشاف من أن مريم بعد أن ولدتها أمها خرجت بها إلى بيت المقدس فوضعتها عند الأحبار وقالت لهم: دونكم هذه النذيرة!! فقالوا: هذه ابنة إمامنا عمران- وكان في حياته يؤمهم في الصلاة، فقال لهم زكريا: ادفعوها إلى فأنا أحق بها منكم فإن خالتها عندي- فقالوا لا حتى نقترع عليها فانطلقوا إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم فارتفع قلم زكريا فوق الماء ورسبت أقلامهم، فتولى كفالتها زكريا- عليه السّلام- . فالضمير في قوله لَدَيْهِمْ يعود على المتنازعين في كفالة مريم لأن السياق قد دل عليهم.
والمقصود من هذه الجملة الكريمة «وما كنت لديهم إذ يلقون إلخ تحقيق كون الإخبار بما ذكر إنما هو عن وحى من الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن معاصرا لهؤلاء الذين تحدث القرآن عنهم. ولم يقرأ أخبارهم في كتاب من الكتب، ومع ذلك فقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أهل الكتاب وغيرهم بالحق الذي لا يستطيعون تكذيبه إلا على سبيل الحسد والجحود، فثبت أن القرآن من عند الله- تعالى- وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً.
- البغوى : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
قوله تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ) يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم ( ذلك ) الذي ذكرت من حديث زكريا ويحيى ومريم وعيسى ( من أنباء الغيب ) أي من أخبار الغيب ( نوحيه إليك ) رد الكناية إلى ذلك فلذلك ذكره ( وما كنت ) يا محمد ( لديهم إذ يلقون أقلامهم ) سهامهم في الماء للاقتراع ( أيهم يكفل مريم ) يحضنها ويربيها ( وما كنت لديهم إذ يختصمون ) في كفالتها .
- ابن كثير : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
ثم قال تعالى لرسوله [ عليه أفضل الصلوات والسلام ] بعدما أطلعه على جلية الأمر : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ) أي : نقصه عليك ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) أي : ما كنت عندهم يا محمد فتخبرهم عنهم معاينة عما جرى ، بل أطلعك الله على ذلك كأنك كنت حاضرا وشاهدا لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها ، وذلك لرغبتهم في الأجر .
قال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن القاسم بن أبي بزة ، أنه أخبره عن عكرمة - وأبي بكر ، عن عكرمة - قال : ثم خرجت بها - يعني أم مريم بمريم - تحملها في خرقها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى ، عليهما السلام - قال : وهم يومئذ يلون في بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة - فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي ابنتي ، ولا تدخل الكنيسة حائض ، وأنا لا أردها إلى بيتي ؟ فقالوا هذه ابنة إمامنا - وكان عمران يؤمهم في الصلاة - وصاحب قرباننا ، فقال زكريا : ادفعوها إلي : فإن خالتها تحتي . فقالوا : لا تطيب أنفسنا ، هي ابنة إمامنا فذلك حين اقترعوا بأقلامهم عليها التي يكتبون بها التوراة ، فقرعهم زكريا ، فكفلها
وقد ذكر عكرمة أيضا ، والسدي ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، وغير واحد - دخل حديث بعضهم في بعض - أنهم دخلوا إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم [ فيه ] فأيهم ثبت في جرية الماء فهو كافلها ، فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكريا ثبت . ويقال : إنه ذهب صعدا يشق جرية الماء ، وكان مع ذلك كبيرهم وسيدهم ، وعالمهم وإمامهم ونبيهم صلوات الله وسلامه عليه سائر النبيين والمرسلين .
- القرطبى : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
قوله تعالى : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : ذلك من أنباء الغيب أي الذي ذكرنا من حديث زكريا ويحيى ومريم عليهم السلام من أخبار الغيب . نوحيه إليك فيه دلالة على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث أخبر عن قصة زكريا ومريم ولم يكن قرأ الكتب ; وأخبر عن ذلك وصدقه أهل الكتاب بذلك ; فذلك قوله تعالى : نوحيه إليك فرد الكناية إلى " ذلك " فلذلك ذكر . والإيحاء هنا الإرسال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والوحي يكون إلهاما وإيماء وغير ذلك . وأصله في اللغة إعلام في خفاء ; ولذلك صار الإلهام يسمى وحيا ; ومنه وإذ أوحيت إلى الحواريين وقوله : وأوحى ربك إلى النحل وقيل : معنى أوحيت إلى الحواريين أمرتهم ; يقال : وحى وأوحى ، ورمى وأرمى ، بمعناه . قال العجاج :
أوحى لها القرار فاستقرت أي أمر الأرض بالقرار
.
وفي الحديث : ( الوحي الوحي ) وهو السرعة ; والفعل منه توحيت توحيا . قال ابن فارس : الوحي الإشارة والكتابة والرسالة ، وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى يعلمه وحي كيف كان . والوحي : السريع . والوحي : الصوت ; ويقال : استوحيناهم أي استصرخناهم . قال :
أوحيت ميمونا لها والأرزاق
الثانية : قوله تعالى : وما كنت لديهم أي وما كنت يا محمد لديهم ، أي بحضرتهم وعندهم . إذ يلقون أقلامهم جمع قلم ; من قلمه إذا قطعه . قيل : قداحهم وسهامهم . وقيل : أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة ، وهو أجود ; لأن الأزلام قد نهى الله عنها فقال ذلكم فسق . إلا أنه يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك على غير الجهة التي كانت عليها الجاهلية تفعلها . أيهم يكفل مريم أي يحضنها ، فقال زكريا : أنا أحق بها ، خالتها عندي . وكانت عنده أشيع بنت فاقود أخت حنة بنت فاقود أم مريم . وقال بنو إسرائيل : نحن أحق بها ، بنت عالمنا . فاقترعوا عليها وجاء كل واحد بقلمه ، واتفقوا أن يجعلوا الأقلام في الماء الجاري فمن وقف قلمه ولم يجره الماء فهو حاضنها . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فجرت الأقلام وعال قلم زكريا . وكانت آية له ; لأنه نبي تجري الآيات على يديه . وقيل غير هذا . و أيهم يكفل مريم ابتداء وخبر في موضع نصب بالفعل المضمر الذي دل عليه الكلام ; التقدير : ينظرون أيهم يكفل مريم . ولا يعمل الفعل في لفظ ( أي ) لأنها استفهام .
الثالثة : استدل بعض علمائنا بهذه الآية على إثبات القرعة ، وهي أصل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة ، وهي سنة عند جمهور الفقهاء في المستويين في الحجة ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم وترتفع الظنة عمن يتولى قسمتهم ، ولا يفضل أحد منهم على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد اتباعا للكتاب والسنة . ورد العمل بالقرعة أبو حنيفة وأصحابه ، وردوا الأحاديث الواردة فيها ، وزعموا أنها لا معنى لها وأنها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها . وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة أنه جوزها وقال : القرعة في القياس لا تستقيم ، ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالآثار والسنة . قالأبو عبيد : وقد عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء : يونس وزكريا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال ابن المنذر . واستعمال القرعة كالإجماع من أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء ، فلا معنى لقول من ردها . وقد ترجم البخاري في آخر كتاب الشهادات ( باب القرعة في المشكلات وقول الله عز وجل إذ يلقون أقلامهم ) وساق حديث النعمان بن بشير : مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها مثل قوم استهموا على سفينة . . . الحديث . وسيأتي في " الأنفال " إن شاء الله تعالى ، وفي سورة " الزخرف " أيضا بحول الله سبحانه ، وحديث أم العلاء ، وأن عثمان بن مظعون طار لهم سهمه في السكنى حين اقترعت الأنصار سكنى المهاجرين الحديث ، وحديث عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها ; وذكر الحديث .
وقد اختلفت الرواية عن مالك في ذلك ; فقال مرة : يقرع للحديث . وقال مرة : يسافر بأوفقهن له في السفر . وحديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه استهموا . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . وكيفية القرعة مذكورة في كتب الفقه والخلاف . واحتج أبو حنيفة بأن قال : إن القرعة في شأن زكريا وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت مما لو تراضوا عليه دون قرعة لجاز . قال ابن العربي : " وهذا ضعيف ، لأن القرعة إنما فائدتها استخراج الحكم الخفي عند التشاح ; فأما ما يخرجه التراضي فيه فباب آخر ، ولا يصح لأحد أن يقول : إن القرعة تجري مع موضع التراضي ، فإنها لا تكون أبدا مع التراضي ، وإنما تكون فيما يتشاح الناس فيه ويضن به . وصفة القرعة عند الشافعي ومن قال بها : أن تقطع رقاع صغار مستوية فيكتب في كل رقعة اسم ذي السهم ثم تجعل في بنادق طين مستوية لا تفاوت فيها ثم تجفف قليلا ثم تلقى في ثوب رجل لم يحضر ذلك ويغطي عليها ثوبه ثم يدخل يده ويخرج ، فإذا أخرج اسم رجل أعطي الجزء الذي أقرع عليه .
الرابعة : ودلت الآية أيضا على أن الخالة أحق بالحضانة من سائر القرابات ما عدا الجدة ، وقد قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابنة حمزة - واسمها أمة الله - لجعفر وكانت عنده خالتها ، وقال : إنما الخالة بمنزلة الأم وقد تقدمت في البقرة هذه المسألة . وخرج أبو داود عن علي قال : خرج زيد بن حارثة إلى مكة فقدم بابنة حمزة فقال جعفر : أنا آخذها أنا آخذها أنا أحق بها ابنة عمي وخالتها عندي ، وإنما الخالة أم . فقال علي : أنا أحق بها ابنة عمي وعندي ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي أحق بها . وقال زيد : أنا أحق بها ، أنا خرجت إليها وسافرت وقدمت بها ; فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر حديثا قال : وأما الجارية فأقضي بها لجعفر تكون مع خالتها وإنما الخالة أم . وذكر ابن أبي خيثمة أن زيد بن حارثة كان وصي حمزة ، فتكون الخالة على هذا أحق من الوصي ويكون ابن العم إذا كان زوجا غير قاطع بالخالة في الحضانة وإن لم يكن محرما لها .
- الطبرى : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
القول في تأويل قوله : ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله ذلك: الأخبارَ التي أخبرَ بها عبادَه عن امرأة عمران وابنتها مريم، وزكريا وابنه يحيى، وسائر ما قصَّ في الآيات من قوله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا ، ثم جمعَ جميعَ ذلك تعالى ذكره بقوله: " ذلك "، فقال: هذه الأنباء من " أنباء الغيب "، أي: من أخبار الغيب.
ويعني ب " الغيب "، أنها من خفيّ أخبار القوم التي لم تطَّلع أنت، يا محمد، عليها ولا قومك، ولم يعلمها إلا قليلٌ من أحبار أهل الكتابين ورهبانهم.
ثم أخبر تعالى ذكره نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه أوحى ذلك إليه، حجةً على نبوته، وتحقيقًا لصدقه، وقطعًا منه به عذرَ منكري رسالته من كفار أهل الكتابين، الذين يعلمون أنّ محمدًا لم يصل إلى علم هذه الأنباء مع خفائها، ولم يدرك معرفتها مع خُمولها عند أهلها، إلا بإعلام الله ذلك إياه. إذ كان معلومًا عندهم أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم أميٌّ لا يكتب فيقرأ الكتب، فيصل إلى علم ذلك من قِبَل الكتب، ولا صاحبَ أهل الكتُب فيأخذ علمه من قِبَلهم.
* * *
وأما " الغيْب " فمصدر من قول القائل: " غاب فلان عن كذا فهو يَغيب عنه غيْبًا وَغيبةً". (92)
* * *
وأما قوله: " نُوحيه إليك "، فإن تأويله: نُنَـزِّله إليك.
* * *
وأصل " الإيحاء "، إلقاء الموحِي إلى الموحَى إليه.
وذلك قد يكون بكتاب وإشارة وإيماء، وبإلهام، وبرسالة، كما قال جل ثناؤه: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [سورة النحل: 68]، بمعنى: ألقى ذلك إليها فألهمها، وكما قال: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ [سورة المائدة: 111]، بمعنى: ألقيت إليهم علمَ ذلك إلهامًا، وكما قال الراجز: (93)
* أَوْحَى لَهَا القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ * (94)
بمعنى ألقى إليها ذلك أمرًا، وكما قال جل ثناؤه: فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا [سورة مريم: 11]، بمعنى: فألقى ذلك إليهم إيماء. (95) والأصل فيه ما وصفتُ، من إلقاء ذلك إليهم. وقد يكون إلقاؤه ذلك إليهم إيماءً، ويكون بكتاب. ومن ذلك قوله: (96) وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ [سورة الأنعام: 121]، يلقون إليهم ذلك وسوسةً، وقوله: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [سورة الأنعام: 19]، (97) ألقى إلي بمجيء جبريل عليه السلام به إليّ من عند الله عز وجل.
وأما " الوحْي"، فهو الواقع من الموحِي إلى الموحَى إليه، ولذلك سمت العرب الخط والكتاب " وحيًا "، لأنه واقع فيما كُتِب ثابتٌ فيه، كما قال كعب بن زهير:
أَتَـى العُجْـمَ والآفَـاقَ مِنْـهُ قَصَـائِدٌ
بَقِيـنَ بَقَـاءَ الوَحْيِ فِي الحَجَرِ الأصَمّ (98)
يعني به: الكتابَ الثابت في الحجر. وقد يقال في الكتاب خاصةً، إذا كتبه الكاتب: " وحَى " بغير ألف، ومنه قول رؤبة:
كَأَنَّـــهُ بَعْــدَ رِيَــاحِ تَدْهَمُــهْ
وَمُرْثَعِنَّـــاتِ الدُّجُـــونِ تَثِمُــهْ
إنْجِيلُ أَحْبَارٍ وَحَى مُنَمْنِمُهْ (99)
* * *
القول في تأويل قوله : وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وما كنت لديهم "، وما كنت، يا محمد، عندهم فتعلم ما نعلِّمكه من أخبارهم التي لم تشهدها، ولكنك إنما تعلم ذلك فتدركُ معرفته، بتعريفناكَهُ.
* * *
ومعنى قوله: " لديهم "، عندهم.
* * *
ومعنى قوله: " إذ يلقون "، حينَ يلقون أقلامهم.
* * *
وأما " أقلامهم "، فسهامهم التي استهم بها المتسهمون من بني إسرائيل على كفالة مريم، على ما قد بينا قبل في قوله: وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا . (100)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
7052 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام بن عمرو، عن سعيد، عن قتادة في قوله: " وما كنت لديهم "، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم.
7053 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى،عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يلقون أقلامهم "، زكريا وأصحابه، استهموا بأقلامهم على مريم حين دخلتْ عليهم.
7054 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
7055 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون "، كانت مريم ابنة إمامهم وسيّدهم، فتشاحّ عليها بنو إسرائيل، فاقترعوا فيها بسهامهم أيُّهم يكفلها، فقَرَعهم زكريا، وكان زوجَ أختها،" فكفَّلها زكريا "، يقول: ضمها إليه. (101)
7056 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " يلقون أقلامهم "، قال: تساهموا على مريم أيُّهم يكفلها، فقرَعهم زكريا.
7057 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم "، وإنّ مريم لما وضعت في المسجد، اقترع عليها أهلُ المصلَّى وهم يكتبون الوَحْى، فاقترعوا بأقلامهم أيُّهم يكفُلها، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لدَيهم إذْ يختصمون ".
7058 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، قال، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم "، اقترعوا بأقلامهم أيُّهم يكفل مريم، فقرَعهم زكريا.
7059 - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم "، قال: حيث اقترعوا على مريم، وكان غَيبًا عن محمد صلى الله عليه وسلم حين أخبرَه الله.
* * *
وإنما قيل: " أيهم يكفل مريم "، لأن إلقاء المستهمين أقلامَهم على مريم، إنما كان لينظروا أيهم أولى بكفالتها وأحقّ. ففي قوله عز وجل: " إذ يلقون أقلامهم "، دلالة على محذوف من الكلام، وهو: " لينظروا أيهم يكفل، وليتبيَّنوا ذلك ويعلموه ".
* * *
فإن ظن ظانّ أنّ الواجب في" أيهم " النصبُ، إذ كان ذلك معناه، فقد ظن خطأ. وذلك أن " النظر " و " التبين " و " العلم " مع " أيّ" يقتضي استفهامًا واستخبارًا، وحظ " أىّ" في الاستخبار، الابتداءُ وبطولُ عمل المسألة والاستخبار عنه. وذلك أن معنى قول القائل: " لأنظُرَنّ أيهم قام "، لأستخبرنَ الناس: أيهم قام، وكذلك قولهم: " لأعلمن ".
* * *
وقد دللنا فيما مضى قبل أن معنى " يكفل "، يضمُّ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (102)
* * *
القول في تأويل قوله : وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وما كنتَ، يا محمد، عند قوم مريم، إذ يختصمون فيها أيُّهم أحقّ بها وأولى.
وذلك من الله عز وجل، وإن كان خطابًا لنبيه صلى الله عليه وسلم، فتوبيخٌ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين. يقول: كيف يشكّ أهل الكفر بك منهم وأنت تنبئهم هذه الأنباءَ ولم تشهدْها، ولم تكن معهم يوم فعلوا هذه الأمورَ، ولست ممن قرأ الكتب فعَلِم نبأهم، ولا جالَس أهلها فسمع خبَرَهم؟
كما:-
7060 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " وما كنت لديهم إذ يختصمون "، أي ما كنت معهم إذ يختصمون فيها. يخبره بخفيّ ما كتموا منه من العلم عندهم، لتحقيق نبوته والحجة عليهم لما يأتيهم به مما أخفوا منه. (103)
-----------------------
الهوامش :
(92) انظر تفسير"الغيب" فيما سلف 1: 236 ، 237.
(93) هو العجاج.
(94) ديوانه 5 ، واللسان"وَحَى" ، وسيأتي في التفسير 4: 142 (بولاق) ، وغيرها. ورواية ديوانه ، وإحدى روايتي اللسان"وحى" ثلاثيًا ، وقال: "أراد أوحى" ، إلا أن من لغة هذا الراجز إسقاط الهمزة مع الحرف" ، وانظر ما سيأتي في تفسير سورة مريم (16: 41 بولاق). والبيت من رجز للعجاج يذكر فيه ربه ويثني عليه بآلائه ، أوله:
الحَـــمْدُ لِلِــه الَّــذِي اسْــتَقَّلتِ
بِإِذْنِـــه السَّـــماءُ, وَاطْمــأَنَّتِ
بِإذْنِـــهِ الأَرْضُ ومــــا تَعَتَّــتِ
وَحَــى لَهَــا القــرارَ فَاسْـتَقَرَّتِ
وَشـــدَّهَا بِالرَّاسِـــيَاتِ الثَّبــتِ
رَبُّ البِـــلادِ والعِبَـــادِ القُنَّــتِ
(95) في المخطوطة والمطبوعة: "
فألقى ذلك إليهم أيضًا" ، وهو خطأ بين ، والصواب ما أثبته ، وانظر ما سلف قريبًا في بيان قوله تعالى: "رمزًا" ، ص: 388 ، وما بعدها.(96) في المخطوطة: "
وذلك قوله" ، والصواب ما في المطبوعة.(97) قوله: "
لأنذركم به ومن بلغ" ، ليس في المخطوطة.(98) ديوانه: 64 ، من قصيدة مضى منها بيت فيما سلف 1: 106 ، وهي قصيدة جيدة ، يرد فيها ما قاله فيه مزرد ، أخو الشماخ ، حين ذكر كعب الحطيئة في شعره وقدمه وقدم نفسه ، فغضب مزرد وهجاه ، فقال يفخر بأبيه ثم بنفسه ، بعد البيت السالف في الجزء الأول في التفسير:
فَـإِنْ تَسْـأَلِ الأَقْـوَامَ عَنِّـي, فَــإِنَّنِي
أَنَـا ابْنُ أبِي سُلْمَى عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمْ
أنَـا ابـنُ الَّـذِي قَدْ عَاشَ تِسْعِينَ حِجَّةً
فَلَـمْ يَخْـزَ يَوْمًـا فـي مَعَـدٍّ وَلَمْ يُلَمْ
وَأَكْرَمَـهُ الأكْفَـاءُ فِــي كُـلِّ مَعْشَـرٍ
كِـرَامٍ, فَـإِنْ كَـذَّبْتَني, فَاسْـأَلِ الأُمَمْ
أَتَـــى العُجْــمَ. . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(99) ديوانه: 149 ، من رجز طويل بارع غريب المعاني والوجوه ، يذكر فيه مآثر أبي العباس السفاح ، وهو غريب الكلام ، ولكنه حسن المعاني إذا فتشته ، فأقرأه وتأمله. وهذه الأبيات في مطلع الرجز ، والضمير عائد فيها على ربع دارس طال قدمه ، وعفته الرياح. وقوله: "
تدهمه" تغشاه كما يغشى المغير جيشًا فيبيده. وارثعن المطر (بتشديد النون): كثر وثبت ودام. فهو مرثعن. ووثم المطر الأرض يثمها وثمًا: ضربها فأثر فيها ، كما يثم الفرس الأرض بحوافره: أي يدقها ، إلا أن هذا أخفى وأكثر إلحاحًا. ونمنم الكتاب: رقشه وزخرفه وأدق حظه: وقارب بين حروفه الدقاق ، وتلك هي النمنمة.(100) انظر ما سلف ص: 345-352.
(101) قوله: "
وكان زوج أختها" ، يعني زوج أخت أم مريم ، لا زوج أخت مريم ، وكأن الخبر لما اختصر ، سقط منه ذكر أم مريم ، وبقي باقي الخبر على حاله ، وقد بينت ذلك فيما سلف ص: 349 ، تعليق: 4.(102) انظر ما سلف في هذا الجزء: 348.
(103) الأثر: 7060- سيرة ابن هشام 2: 229 ، وهو من بقية الآثار التي كان آخرها رقم: 6911.
- ابن عاشور : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
وقوله : { وما كنت لديهم } إيماء إلى خلوّ كتبهم عن بعض ذلك ، وإلاّ لقال : وما كنت تتلو كُتبهم مثل : «وما كنت تتلو من قبله من كتاب» أي إنّك تخبرهم عن أحوالهم كأنّك كنت لديهم .
وقوله : { إذ يلقون أقلامهم } وهي الأقلام التي يكتبون بها التوراة كانوا يقترعون بها في المشكلات : بأن يكتبوا عليها أسماء المقترعين أو أسماء الأشياء المقترع عليها ، والناس يصيرون إلى القرعة عند انعدام ما يرجّح الحق ، فكان أهل الجاهلية يستقسمون بالأزلام وجعل اليهود الاقتراع بالأقلام التي يكتبون بها التوراة في المِدراس رجاء أن تكون بركتها مرشدة إلى ما هو الخيْر . وليس هذا من شعار الإسلام وليس لإعمال القرعة في الإسلام إلاّ مواضع تمييز الحقوق المتساوية من كل الجهات وتفصيله في الفقه . وأشارت الآية إلى أنّهم تنازعوا في كفالة مريم حين ولدتها أمها حنّة ، إذ كانت يتيمة كما تقدم فحصل من هذا الامتنان إعلام بأنّ كفالة زكرياء مريم كانت بعد الاستقسام وفيه تنبيه على تنافسهم في كفالتها .
- إعراب القرآن : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
«ذلِكَ» ذا اسم إشارة مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب «مِنْ أَنْباءِ» متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ «الْغَيْبِ» مضاف إليه «نُوحِيهِ إِلَيْكَ» فعل مضارع والهاء مفعوله والفاعل نحن والجار والمجرور متعلقان بنوحي ، والجملة في محل نصب حال «وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ» الواو حالية. ما نافية وكان ملة في محل جر بالإضافة «أَيُّهُمْ» اسم استفهام مبتدأ وجملة «يَكْفُلُ مَرْيَمَ» خبره. وجملة «أَيُّهُمْ يَكْفُلُ ...» مفعول به.
«وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ» عطف على جملة «وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ» الأولى وهي مثلها في إعرابها.
- English - Sahih International : That is from the news of the unseen which We reveal to you [O Muhammad] And you were not with them when they cast their pens as to which of them should be responsible for Mary Nor were you with them when they disputed
- English - Tafheem -Maududi : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ(3:44) (O Muhammad!) We reveal to you this account from a realm which lies beyond the reach of your perception for you were not with them when they drew lots with their pens about who should be Mary's guardian, *43 and you were not with them when they disputed about it.
- Français - Hamidullah : - Ce sont là des nouvelles de l'Inconnaissable que Nous te révélons Car tu n'étais pas là lorsqu'ils jetaient leurs calames pour décider qui se chargerait de Marie Tu n'étais pas là non plus lorsqu'ils se disputaient
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Dies gehört zu den Nachrichten vom Verborgenen das Wir dir als Offenbarung eingeben Denn du warst nicht bei ihnen als sie ihre Rohre warfen um durch das Los zu bestimmen wer von ihnen Maryam betreuen sollte Und du warst nicht bei ihnen als sie miteinander stritten
- Spanish - Cortes : Esto forma parte de las historias referentes a lo oculto que Nosotros te revelamos Tú no estabas con ellos cuando echaban suertes con sus cañas para ver quién de ellos iba a encargarse de María Tú no estabas con ellos cuando disputaban
- Português - El Hayek : Estes são alguns relatos do incognoscível que te revelamos ó Mensageiro Tu não estavas presente com eles osjudeus quando com setas tiravam a sorte para decidir quem se encarregaria de Maria; tampouco estavam presentes quandorivalizavam entre si
- Россию - Кулиев : Это - часть рассказов о сокровенном которое Мы сообщаем тебе в откровении Ты не был с ними когда они бросали свои письменные трости чтобы решить кто из них будет опекать Марьям Марию Ты не был с ними когда они препирались
- Кулиев -ас-Саади : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
Это - часть рассказов о сокровенном, которое Мы сообщаем тебе в откровении. Ты не был с ними, когда они бросали свои письменные трости, чтобы решить, кто из них будет опекать Марьям (Марию). Ты не был с ними, когда они препирались.Эта история, как и многие другие коранические повествования, является одним из величайших доказательств истинности пророческой миссии Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует. Он рассказал людям о событиях минувших дней подробно и достоверно, без преувеличения и убавления. А это значит, что он приобрел знания через откровение от Могущественного и Мудрого Господа, а не обучился им от людей. Он не был среди сынов Исраила, когда мать Марьям привела к ним свою дочь, и они стали препираться относительно того, кто будет опекать дочь их старейшины и наставника. Каждый из них хотел совершить это доброе дело и заработать вознаграждение от Аллаха, и долгое препирательство закончилось тем, что они решили бросить жребий. Когда же они бросили свои трости, жребий выпал Закарие. Так Аллах оказал великую милость ему и Марьям. Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, не был свидетелем этих событий и не мог знать о них, чтобы поведать о них людям. Только Аллах мог сообщить ему об этой истории. Он ниспослал коранические повествования, чтобы люди делали из них полезные выводы, и самым важным из них является признание истинности единобожия, пророческой миссии Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует, воскрешения после смерти и других основных положений мусульманской религии.
- Turkish - Diyanet Isleri : Bu Sana vahyettiğimiz gayb haberlerindendir Meryem'e hangisi kefil olacak diye kalemlerini atarlarken sen yanlarında değildin çekişirlerken de orada bulunmadın
- Italiano - Piccardo : Ti riveliamo cose del mondo invisibile perché tu non eri con loro quando gettarono i loro calami per stabilire chi dovesse avere la custodia di Maria e non eri presente quando disputavano tra loro
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوشتانهی باسکران چهند ههواڵێک بوون له غهیبهوه ئێمه لهڕێگهی وهحی و سروشهوه بهتۆی دهگهیهنین خۆ تۆ ئهی محمد صلی الله علیه وسلم لهوێ نهبوویت کاتێک پێنوسهکانیان ههڵئهدایه ئاوهوه پێنوسی کێ سهرکهوت و ئاو نهیبرد ئهوهیان مهریهم پهروهرده بکات تۆ لهوێش نهبوویت کاتێک کێشهیان ههبوو لهسهر ئهوهی کێ بهخێوی بکات
- اردو - جالندربرى : اے محمدﷺ یہ باتیں اخبار غیب میں سے ہیں جو ہم تمہارے پاس بھیجتے ہیں اور جب وہ لوگ اپنے قلم بطور قرعہ ڈال رہے تھے کہ مریم کا متکفل کون بنے تو تم ان کے پاس نہیں تھے اور نہ اس وقت ہی ان کے پاس تھے جب وہ اپس میں جھگڑ رہے تھے
- Bosanski - Korkut : To su nepoznate vijesti koje ti objavljujemo Ti nisi bio među njima kada su pera svoja od trske pobacali da bi vidjeli koji će se od njih o Merjemi brinuti i ti nisi bio među njima kad su se prepirali
- Swedish - Bernström : Detta hör till de [för dig Muhammad] okända ting som Vi [nu] uppenbarar för dig; du var inte med dem när de kastade lott om vem som skulle ha ansvar för Maria; och du var inte med dem när de tvistade [om detta] med varandra
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Yang demikian itu adalah sebagian dari beritaberita ghaib yang Kami wahyukan kepada kamu ya Muhammad; padahal kamu tidak hadir beserta mereka ketika mereka melemparkan anakanak panah mereka untuk mengundi siapa di antara mereka yang akan memelihara Maryam Dan kamu tidak hadir di sisi mereka ketika mereka bersengketa
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
(Demikian itu) yakni apa yang telah disebutkan mengenai Zakaria dan Maryam (adalah sebagian dari berita-berita gaib) berita-berita yang kamu tidak ketahui (yang Kami wahyukan kepadamu) hai Muhammad (padahal kamu tidak hadir bersama mereka ketika mereka lemparkan anak-anak panah mereka) ke dalam air untuk mengundi (siapakah di antara mereka yang akan mengasuh) atau mendidik (Maryam. Dan kamu juga tidak hadir bersama mereka ketika mereka bersengketa) tentang pengasuhannya sehingga bagaimana kamu akan dapat mengetahui dan menceritakan kisahnya padahal kamu mengetahuinya hanyalah dengan perantaraan wahyu.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : এ হলো গায়েবী সংবাদ যা আমি আপনাকে পাঠিয়ে থাকি। আর আপনি তো তাদের কাছে ছিলেন না যখন প্রতিযোগিতা করছিল যে কে প্রতিপালন করবে মারইয়ামকে এবং আপনি তাদের কাছে ছিলেন না যখন তারা ঝগড়া করছিলো।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நபியே இவையெல்லாம் மறைவானவற்றில் நின்றுமுள்ள விஷயங்களாகும்; இவற்றை நாம் உமக்கு வஹீ மூலம் அறிவிக்கின்றோம்; மேலும் மர்யம் யார் பொருப்பில் இருக்க வேண்டுமென்பதைப் பற்றி குறி பார்த்தறிய தங்கள் எழுது கோல்களை அவர்கள் எறிந்த போது நீர் அவர்களுடன் இருக்கவில்லை இதைப்பற்றி அவர்கள் விவாதித்த போதும் நீர் அவர்களுடன் இருக்கவில்லை
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : นั่นคือส่วนหนึ่งจากบรรดาข่าวของสิ่งเร้นลับ ซึ่งเราชี้แจงให้เจ้า ทราบ และเจ้ามิได้อยู่ ณ ที่พวกเขา ขณะที่พวกเขาโยเครื่องเสี่ยงทายของพวกเขาเพื่อทราบว่า ใครในหมู่พวกเขาจะได้อุปการะมัรยัม และเจ้ามิได้อยู่ ณ ที่พวกเขา ขณะพวกเขาโต้เถียงกัน
- Uzbek - Мухаммад Содик : Бу ғайб хабарлардан бўлиб сенга ваҳий қилмоқдамиз Улар қайсилари Марямнинг кафили бўлишига қаламларини ташлашаётганларида олдиларида эмасдинг ва тортишаётганларида ҳам олдиларида эмасдинг Биби Марямнинг оналарининг исми Ҳинна эди У киши Марямни туққанларидан кейин ваъдасига вафо айлаб янги йўргакланган чақалоқни яҳудийларнинг Ҳайкал ибодатхонасига олиб келиб у ердаги диний ходимларнинг олдига қўйибди ва Бу назр қилинган қизни олинглар дебди Шунда улар мен оламанмен оламан деб талашиб кетибдилар Чунки қизча бошлиқлари ҳазрати Имроннинг қизи эдида Улар қаламларини қуръа сифатида дарёга ташлаб кафилни аниқлашибди Албатта бу ишлар Муҳаммад алайҳиссаломга қоронғи ғайб ишлар эди Бу маълумотни фақат Қуръон келтирган хабардан билмоқдалар
- 中国语文 - Ma Jian : 这是关于幽玄的消息,我把它启示你;当他们用拈阄法决定谁抚养麦尔彦的时候,你没有在场,他们争论的时候,你也没有在场。
- Melayu - Basmeih : Peristiwa yang demikian ialah sebahagian dari beritaberita ghaib yang Kami wahyukan kepadamu wahai Muhammad sedang engkau tidak ada bersamasama mereka ketika mereka mencampakkan qalam masingmasing untuk mengundi siapakah di antara mereka yang akan memelihara Maryam Dan engkau juga wahai Muhammad tidak ada bersamasama mereka ketika mereka berkelahi tentang perkara menjaga dan memelihara Maryam
- Somali - Abduh : Taasi waa warka waxa Maqan oonnu kuu waxyoon mana aadan la joogin markey tuurayeen Qalimadooda koodii kafaala qaadi Maryam mana aadan la joogin markey murmayeen
- Hausa - Gumi : Wannan yana daga lãbarun gaibi Munã yin wahayinsa zuwa gare ka Muhammadu Ba ka kasance ba a wurinsu a lõkacin da suke jẽfa alƙalumansu domin ƙuri'a wãne ne zai yi rẽnon Maryam Kuma ba ka kasance a wurinsu ba a lõkacin da suke ta yin husũma
- Swahili - Al-Barwani : Hizi ni khabari za ghaibu tunazo kufunulia; nawe hukuwa nao walipo kuwa wakitupa kalamu zao nani wao atamlea Maryamu na hukuwa nao walipo kuwa wakishindana
- Shqiptar - Efendi Nahi : Këto janë lajme të panjohura sekrete Na po t’i shpallim ty o Muhammed Ti nuk ishe i pranishëm kur ata hedhën short se kush nga ata do të marrë Merjemën në mbrojtje Dhe ti nuk ishe i pranishëm kur ata grindeshin
- فارسى - آیتی : اينها از خبرهاى غيب است كه به تو وحى مىكنيم. وگرنه آنگاه كه قرعه زدند تا چه كسى از ميانشان عهدهدار نگهدارى مريم شود، و آنگاه كه كارشان به نزاع كشيد، تو در نزدشان نبودى.
- tajeki - Оятӣ : Инҳо аз хабарҳои ғайб аст, ки ба ту ваҳй мекунем. Вагарна он гоҳ, ки қуръа заданд, то чӣ касе аз миёнашон ӯҳдадори нигаҳдории Марям шавад ва он гоҳ ки корашон ба низоъ кашид, ту дар наздашон набудӣ.
- Uyghur - محمد صالح : (ئى مۇھەممەد!) بۇ - ساڭا ۋەھيى قىلىۋاتقىنىمىز - غەيب خەۋەرلىرىدىندۇر. مەريەمنى ئۇلارنىڭ قايسىسى تەربىيىسىگە ئېلىش (مەسىلىسىدە چەك تاشلاش يۈزىسىدىن) قەلەملىرىنى (سۇغا) تاشلىغان چاغدا، سەن ئۇلارنىڭ يېنىدا يوق ئىدىڭ، (مەريەمنىڭ كىمنىڭ تەربىيىسىدە بولۇشىنى) ئۆزئارا جاڭجال قىلىشقانلىرىدا سەن ئۇلارنىڭ يېنىدا يوق ئىدىڭ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നാം നിനക്ക് ബോധനംനല്കുന്ന അഭൌതിക വിവരങ്ങളില്പെട്ടതാണിത്. തങ്ങളില് ആരാണ് മര്യമിന്റെ സംരക്ഷണം ഏറ്റെടുക്കേണ്ടതെന്ന് നിശ്ചയിക്കാന് അവര് തങ്ങളുടെ എഴുത്താണികള് എറിഞ്ഞപ്പോള് നീ അവരോടൊപ്പമുണ്ടായിരുന്നില്ല. അക്കാര്യത്തിലവര് തര്ക്കിച്ചുകൊണ്ടിരുന്നപ്പോഴും നീ അവിടെയുണ്ടായിരുന്നില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : ذلك الذي قصصناه عليك ايها الرسول من اخبار الغيب التي اوحاها الله اليك اذ لم تكن معهم حين اختلفوا في كفاله مريم ايهم احق بها واولى ووقع بينهم الخصام فاجروا القرعه لالقاء اقلامهم ففاز زكريا عليه السلام بكفالتها
*43). They drew lots to decide who should be the guardian of Mary, whose mother had consecrated her to the service of God in the Temple. Since she was a girl, it was a delicate matter as to who from among the priests of the Temple would be the appropriate person to take care of her.