- عربي - نصوص الآيات عثماني : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍۢ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَٰلَمِينَ
- عربى - نصوص الآيات : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين
- عربى - التفسير الميسر : إن أول بيت بُني لعبادة الله في الأرض لهو بيت الله الحرام الذي في "مكة"، وهذا البيت مبارك تضاعف فيه الحسنات، وتتنزل فيه الرحمات، وفي استقباله في الصلاة، وقصده لأداء الحج والعمرة، صلاح وهداية للناس أجمعين.
- السعدى : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
يخبر تعالى عن شرف هذا البيت الحرام، وأنه أول بيت وضعه الله للناس، يتعبدون فيه لربهم فتغفر أوزارهم، وتقال عثارهم، ويحصل لهم به من الطاعات والقربات ما ينالون به رضى ربهم والفوز بثوابه والنجاة من عقابه، ولهذا قال: { مباركا } أي: فيه البركة الكثيرة في المنافع الدينية والدنيوية كما قال تعالى { ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } { وهدى للعالمين } والهدى نوعان: هدى في المعرفة، وهدى في العمل، فالهدى في العمل ظاهر، وهو ما جعل الله فيه من أنواع التعبدات المختصة به، وأما هدى العلم فبما يحصل لهم بسببه من العلم بالحق بسبب الآيات البينات التي ذكر الله تعالى في قوله { فيه آيات بينات }
- الوسيط لطنطاوي : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
قال الفخر الرازي ما ملخصه: في اتصال هاتين الآيتين بما قبلهما وجوه:
الأول: أن المراد منهما الجواب عن شبهة أخرى من شبهات اليهود في إنكار نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وذلك لأنه لما حولت القبلة إلى الكعبة طعن اليهود في نبوته وقالوا: إن بيت المقدس أفضل من الكعبة وأحق بالاستقبال، وذلك لأنه وضع قبل الكعبة وهو أرض المحشر، وقبلة جملة الأنبياء، وإذا كان كذلك كان تحويل القبلة إلى الكعبة باطلا، فأجاب الله عنه بقوله: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ فبين- سبحانه- أن الكعبة أفضل من بيت المقدس وأشرف فكان جعلها قبلة أولى» .
والمراد بالأولية أنه أول بيت وضعه الله لعبادته في الأرض، وقيل المراد بها كونه أولا في الوضع وفي البناء، ورووا في ذلك آثارا ليس فيها ما يعتمد عليه.
وبكة: لغة في مكة عند الأكثرين، والباء والميم تعقب إحداهما الأخرى كثيرا، ومنه النميط والنبيط فهما اسم لموضع. وقيل هما متغايران: فبكة موضع المسجد ومكة اسم البلد بأسرها.
وأصل كلمة بكة من البك وهو الازدحام. يقال تباك القوم إذا تزاحموا، وكأنها سميت بذلك لازدحام الحجيج فيها. والبك أيضا دق العنق، وكأنها سميت بكة لأن الجبابرة تندق أعناقهم إذا أرادوها بسوء. وقيل إنها مأخوذة من بكأت الناقة أو الشاة إذا قل لبنها، وكأنها إنما سميت بذلك لقلة مائها وخصبها.
والمعنى: إن أول بيت وضعه الله- تعالى- للناس في الأرض ليكون متعبدا لهم، هو البيت الحرام الذي بمكة، حيث يزدحم الناس أثناء طوافهم حوله، وقد أتوا إليه رجالا وعلى كل ضامر من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم.
روى الشيخان عن أبى ذر قال: «قلت يا رسول الله: أى مسجد وضع في الأرض أول؟
قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أى؟ قال المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم قال: حيثما أدركتك الصلاة فصل. والأرض لك مسجد» .
قالوا: وقد أشكل هذا الحديث على من لم يعرف المراد منه فقال: معلوم أن سليمان بن داود هو الذي بنى المسجد الأقصى، والذي بنى المسجد الحرام هو إبراهيم وابنه إسماعيل، وبينهما وبين سليمان أكثر من ألف سنة فكيف قال صلّى الله عليه وسلّم: إن بين بناء المسجدين أربعين سنة!
والجواب أن الوضع غير البناء، فالذي أسس المسجد الأقصى ووضعه في الأرض بأمر الله سيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وبين إبراهيم ويعقوب هذه المدة التي جاءت في الحديث، أما سليمان فلم يكن مؤسسا للمسجد الأقصى أو واضعا له وإنما كان مجددا فلا إشكال ولا منافاة.
وإذن فالبيت الحرام أسبق بناء من المسجد الأقصى، وأجمع منه للديانات السماوية، وهو- أى البيت الحرام- أول بيت جعل الله الحج إليه عبادة مفروضة على كل قادر على الحج، وجعل الطواف حوله عبادة، وتقبيل الحجر الأسود الذي هو ضمن بنائه عبادة.. ولا يوجد بيت سواه في الأرض له من المزايا والخصائص ما لهذا البيت الحرام.
وبذلك ثبت كذب اليهود في دعواهم أن المسجد الأقصى أفضل من المسجد الحرام، وأن في تحول الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى الكعبة في صلاته مخالفة للأنبياء قبله.
ثم مدح الله- تعالى- بيته بكونه مُبارَكاً أى كثير الخير دائمه، من البركة وهي النماء والزيادة والدوام.
أى أن هذا البيت كثير الخير والنفع لمن حجه أو اعتمره أو اعتكف فيه، أو طاف حوله، بسبب مضاعفة الأجر، وإجابة الدعاء، وتكفير الخطايا لمن قصده بإيمان وإخلاص وطاعة الله رب العالمين.
وإن هذا البيت في الوقت ذاته وفير البركات المادية والمعنوية.
فمن بركاته المادية: قدوم الناس إليه من مشارق الأرض ومغاربها ومعهم خيرات الأرض، يقدمونها على سبيل تبادل المنفعة تارة وعلى سبيل الصدقة تارة أخرى لمن يسكنون حول هذا البيت الحرام، إجابة لدعوة سيدنا إبراهيم حيث قال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ، رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ومن بركاته المعنوية: أنه مكان لأكبر عبادة جامعة للمسلمين وهي فريضة الحج، وإليه يتجه المسلمون في صلاتهم على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأماكنهم.
وقوله مُبارَكاً حال من الضمير في «وضع» .
ثم مدحه بأنه هُدىً لِلْعالَمِينَ أى بذاته مصدر هداية للعالمين، لأنه قبلتهم ومتعبدهم، وفي استقباله توجيه للقلوب والعقول إلى الخير وإلى ما يوصلهم إلى رضا الله وجنته.
- البغوى : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
قوله تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ) سبب [ نزول هذه الآية ] أن اليهود قالوا للمسلمين : بيت المقدس قبلتنا ، وهو أفضل من الكعبة وأقدم ، وهو مهاجر الأنبياء ، وقال المسلمون بل الكعبة أفضل ، فأنزل الله تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين )
( فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ) وليس شيء من هذه الفضائل لبيت المقدس .
واختلف العلماء في قوله تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة ) فقال بعضهم : هو أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق [ السماء ] والأرض ، خلقه الله قبل الأرض بألفي عام ، وكانت زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحته ، هذا قول عبد الله بن عمر ومجاهد وقتادة والسدي .
وقال بعضهم : هو أول بيت بني في الأرض ، روي عن علي بن الحسين : أن الله تعالى وضع تحت العرش بيتا وهو البيت المعمور ، وأمر الملائكة أن يطوفوا به ، ثم أمر الملائكة الذين هم سكان الأرض أن يبنوا في الأرض بيتا على مثاله وقدره ، فبنوا واسمه الضراح ، وأمر من في الأرض أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور .
وروي أن الملائكة بنوه قبل خلق آدم بألفي عام ، وكانوا يحجونه ، فلما حجه آدم ، قالت الملائكة : بر حجك يا آدم حججنا هذا البيت قبلك بألف عام ، ويروى عن ابن عباس أنه قال : أراد به أنه أول بيت بناه آدم في الأرض ، وقيل : هو أول بيت مبارك وضع [ في الأرض ] هدى للناس ، يروى ذلك عن علي بن أبي طالب ، قال الضحاك : أول بيت وضع فيه البركة وقيل : أول بيت وضع للناس يحج إليه . وقيل : أول بيت جعل قبلة للناس . وقال الحسن والكلبي : معناه : أول مسجد ومتعبد وضع للناس يعبد الله فيه كما قال الله تعالى : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ) يعني المساجد .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا موسى بن إسماعيل ، أخبرنا عبد الواحد ، أنا الأعمش ، أخبرنا إبراهيم بن يزيد التيمي ، عن أبيه ، قال سمعت أبا ذر يقول : قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا؟ قال : " المسجد الحرام ، قلت ثم أي؟ قال : المسجد الأقصى قلت : كم كان بينهما؟ قال : أربعون سنة ، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فإن الفضل فيه " .
قوله تعالى : ( للذي ببكة ) قال جماعة : هي مكة نفسها ، وهو قول الضحاك ، والعرب تعاقب بين الباء والميم ، فتقول : سبد رأسه وسمده وضربة لازب ولازم ، وقال الآخرون : بكة موضع البيت ومكة اسم البلد كله .
وقيل : بكة موضع البيت والمطاف ، سميت بكة : لأن الناس يتباكون فيها ، أي يزدحمون يبك بعضهم بعضا ، ويصلي بعضهم بين يدي بعض ويمر بعضهم بين يدي بعض .
وقال عبد الله بن الزبير : سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة ، أي تدقها فلم يقصدها جبار بسوء إلا قصمه الله .
وأما مكة سميت بذلك لقلة مائها من قول العرب : مك الفصيل ضرع أمه وامتكه إذا امتص كل ما فيه من اللبن ، وتدعى أم رحم لأن الرحمة تنزل بها .
( مباركا ) نصب على الحال أي : ذا بركة ( وهدى للعالمين ) لأنه قبلة المؤمنين
- ابن كثير : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
يخبر تعالى أن أول بيت وضع للناس ، أي : لعموم الناس ، لعبادتهم ونسكهم ، يطوفون به ويصلون إليه ويعتكفون عنده ( للذي ببكة ) يعني : الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل [ عليه السلام ] الذي يزعم كل من طائفتي النصارى واليهود أنهم على دينه ومنهجه ، ولا يحجون إلى البيت الذي بناه عن أمر الله له في ذلك ونادى الناس إلى حجه . ولهذا قال : ( مباركا ) أي وضع مباركا ( وهدى للعالمين )
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال قلت : يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : " المسجد الحرام " . قلت : ثم أي ؟ قال : " المسجد الأقصى " . قلت : كم بينهما ؟ قال : " أربعون سنة " . قلت : ثم أي ؟ قال : ثم حيث أدركت الصلاة فصل ، فكلها مسجد " .
وأخرجه البخاري ، ومسلم ، من حديث الأعمش ، به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا شريك عن مجالد ، عن الشعبي عن علي في قوله تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ) قال : كانت البيوت قبلة ، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله [ تعالى ] .
[ قال ] وحدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة قال : قام رجل إلى علي فقال : ألا تحدثني عن البيت : أهو أول بيت وضع في الأرض ؟ قال لا ، ولكنه أول بيت وضع فيه البركة مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا . وذكر تمام الخبر في كيفية بناء إبراهيم البيت ، وقد ذكرنا ذلك مستقصى في سورة البقرة فأغنى عن إعادته .
وزعم السدي أنه أول بيت وضع على وجه الأرض مطلقا . والصحيح قول علي [ رضي الله عنه ] فأما الحديث الذي رواه البيهقي في بناء الكعبة في كتابه دلائل النبوة ، من طريق ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا : "
بعث الله جبريل إلى آدم وحواء ، فأمرهما ببناء الكعبة ، فبناه آدم ، ثم أمر بالطواف به ، وقيل له : أنت أول الناس ، وهذا أول بيت وضع للناس " فإنه كما ترى من مفردات ابن لهيعة ، وهو ضعيف . والأشبه ، والله أعلم ، أن يكون هذا موقوفا على عبد الله بن عمرو . ويكون من الزاملتين اللتين أصابهما يوم اليرموك ، من كلام أهل الكتاب .وقوله تعالى : ( للذي ببكة ) بكة : من أسماء مكة على المشهور ، قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الظلمة والجبابرة ، بمعنى : يبكون بها ويخضعون عندها . وقيل : لأن الناس يتباكون فيها ، أي : يزدحمون .
قال قتادة : إن الله بك به الناس جميعا ، فيصلي النساء أمام الرجال ، ولا يفعل ذلك ببلد غيرها .
وكذا روي عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وعمرو بن شعيب ، ومقاتل بن حيان .
وذكر حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : مكة من الفج إلى التنعيم ، وبكة من البيت إلى البطحاء .
وقال شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم : بكة : البيت والمسجد . وكذا قال الزهري .
وقال عكرمة في رواية ، وميمون بن مهران : البيت وما حوله بكة ، وما وراء ذلك مكة .
وقال أبو صالح ، وإبراهيم النخعي ، وعطية [ العوفي ] ومقاتل بن حيان : بكة موضع البيت ، وما سوى ذلك مكة .
وقد ذكروا لمكة أسماء كثيرة : مكة ، وبكة ، والبيت العتيق ، والبيت الحرام ، والبلد الأمين ، والمأمون ، وأم رحم ، وأم القرى ، وصلاح ، والعرش على وزن بدر ، والقادس ، لأنها تطهر من الذنوب ، والمقدسة ، والناسة : بالنون ، وبالباء أيضا ، والحاطمة ، والنساسة ، والرأس ، وكوثى ، والبلدة ، والبنية ، والكعبة .
- القرطبى : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
قوله تعالى : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين
فيه مسائل :
الأولى : ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أول مسجد وضع في الأرض قال : ( المسجد الحرام ) . قلت : ثم أي ؟ قال : ( المسجد الأقصى ) . قلت : كم بينهما ؟ قال : ( أربعون عاما ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل ) . قال مجاهد وقتادة : لم يوضع قبله بيت . قال علي - رضي الله عنه - : كان قبل البيت بيوت كثيرة ، والمعنى أنه أول بيت وضع للعبادة . وعن مجاهد قال : تفاخر المسلمون واليهود فقالت اليهود : بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة ; لأنه مهاجر الأنبياء وفي الأرض المقدسة . وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل ; فأنزل الله هذه الآية . وقد مضى في البقرة بنيان البيت وأول من بناه . قال مجاهد : خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة ، وأن قواعده لفي الأرض السابعة السفلى . وأما المسجد الأقصى فبناه سليمان عليه السلام ; كما خرجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو . وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن سليمان بن داود عليه السلام لما بنى بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثة سأل الله عز وجل حكما يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله عز وجل ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه ، وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه فأوتيه . فجاء إشكال بين الحديثين ; لأن بين إبراهيم وسليمان آمادا طويلة . قال أهل التواريخ : أكثر من ألف سنة . فقيل : إن إبراهيم وسليمان عليهما السلام إنما جددا ما كان أسسه غيرهما . وقد روي أن أول من بنى البيت آدم عليه السلام كما تقدم . فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس من بعده بأربعين عاما ، ويجوز أن تكون الملائكة أيضا بنته بعد بنائها البيت بإذن الله ; وكل محتمل ، والله أعلم . وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أمر الله تعالى الملائكة ببناء بيت في الأرض وأن يطوفوا به ; وكان هذا قبل خلق آدم ، ثم إن آدم بنى منه ما بنى وطاف به ، ثم الأنبياء بعده ، ثم استتم بناءه إبراهيم عليه السلام .
الثانية : قوله تعالى : للذي ببكة خبر " إن " واللام توكيد . و بكة موضع البيت ، ومكة سائر البلد ; عن مالك بن أنس . وقال محمد بن شهاب : بكة المسجد ، ومكة الحرم كله ، تدخل فيه البيوت . قال مجاهد : بكة هي مكة . فالميم على هذا مبدلة من الباء ; كما قالوا : طين لازب ولازم . وقاله الضحاك والمؤرج . ثم قيل : بكة مشتقة من البك وهو الازدحام . تباك القوم ازدحموا . وسميت بكة لازدحام الناس في موضع طوافهم . والبك : دق العنق . وقيل : سميت بذلك لأنها كانت تدق رقاب الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم . قال عبد الله بن الزبير : لم يقصدها جبار قط بسوء إلا وقصه الله عز وجل . وأما مكة فقيل إنها سميت بذلك لقلة مائها وقيل : سميت بذلك لأنها تمك المخ من العظم مما ينال قاصدها من المشقة ; من قولهم : مككت العظم إذا أخرجت ما فيه . ومك الفصيل ضرع أمه وامتكه إذا امتص كل ما فيه من اللبن وشربه ; قال الشاعر :
مكت فلم تبق في أجوافها دررا
وقيل : سميت بذلك لأنها تمك من ظلم فيها ، أي تهلكه وتنقصه . وقيل : سميت بذلك لأن الناس كانوا يمكون ويضحكون فيها ; من قوله : وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية أي تصفيقا وتصفيرا . وهذا لا يوجبه التصريف ; لأن " مكة " ثنائي مضاعف و " مكاء " ثلاثي معتل .
الثالثة : قوله تعالى : مباركا جعله مباركا لتضاعف العمل فيه ; فالبركة كثرة الخير ، ونصب على الحال من المضمر في ( وضع ) أو بالظرف من بكة ، المعنى الذي استقر ببكة مباركا ويجوز في غير القرآن ( مبارك ) ; على أن يكون خبرا ثانيا ، أو على البدل من الذي ، أو على إضمار مبتدأ .
وهدى للعالمين عطف عليه ، ويكون بمعنى وهو هدى للعالمين . ويجوز في غير القرآن " مبارك " بالخفض يكون نعتا للبيت .
- الطبرى : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: تأويله: إنّ أول بيت وضع للناس، يُعبَد الله فيه مباركًا وهُدًى للعالمين، الذي ببكة. قالوا: وليس هو أوّل بيت وضع في الأرض، لأنه قد كانت قبله بيوت كثيرة.
*ذكر من قال ذلك:
7422- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن خالد بن عرعرة قال: قام رجل إلى عليّ فقال: ألا تخبرني عن البيت؟ أهو أوّل بيت وُضع في الأرض؟ فقال: لا ولكنه أول بيت وضع في البرَكة مقامِ إبراهيم، ومن دَخَله كان آمنًا. (25)
7423- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سماك قال: سمعت خالدَ بن عرعرة قال: سمعت عليًّا، وقيل له: " إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة "، هو أوّل بيت كان في الأرض؟ قال: لا! قال: فأين كان قَوْم نُوح؟ وأين كان قوم هود؟ قال: ولكنه أوّل بيت وُضع للناس مبارَكًا وهدًى. (26)
7424- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء قال، سأل حفْصٌ الحسنَ وأنا أسمع عن قوله: " إنّ أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا " قال، هو أول مسجد عُبد الله فيه في الأرض.
7425- حدثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي قال، حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر في قوله: " إنّ أول بيت وضع للناس للذي ببكة " قال: قد كانت قبله بيوتٌ، ولكنه أول بيت وُضع للعبادة. (27)
7426- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا عباد، عن الحسن قوله: " إن أوّل بيت وضع للناس "، يُعبد الله فيه =" للذي ببكة ".
7427- حدثني المثني قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: "
إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا " قال، وضع للعبادة.* * *
وقال آخرون: بل هو أوّل بيت وضع للناس.
ثم اختلف قائلو ذلك في صفة وضعه أوّل.
فقال بعضهم: خُلق قبل جميع الأرَضين، ثم دُحِيت الأرَضون من تحته.
*ذكر من قال ذلك:
7428- حدثنا محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا شيبان، عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: خلق الله البيتَ قبل الأرض بألفي سنة، وكان -إذ كان عرشه على الماء- زَبْدةً (28) بيضاءَ، فدحيتُ الأرض من تحته.
7429- حدثني محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد قال، حدثنا خصيف قال: سمعت مجاهدًا يقول: إنّ أول ما خلق الله الكعبةَ، ثم دَحى الأرض من تحتها.
7430- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: "
إن أول بيت وضع للناس "، كقوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [سورة آل عمران: 110]7431- حدثني محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين "، أما " أول بيت "، فإنه يوم كانت الأرض ماء، كان زَبْدَة على الأرض، فلما خلق الله الأرضَ، خلق البيت معها، فهو أول بيت وضع في الأرض.7432- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا) قال، أوّل بيت وَضَعه الله عز وجل، فطاف به آدم وَمنْ بعده.
* * *
وقال آخرون: موضع الكعبة، موضع أوّل بيت وضعه الله في الأرض.
*ذكر من قال ذلك:
7433- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ذُكر لنا أن البيتَ هبط مع آدم حين هبط، قال: أهبِط معك بيتي يُطاف حوله كما يطاف حول عرشي. فطاف حوله آدم ومن كان بَعده من المؤمنين، حتى إذا كان زمنُ الطوفان، زَمنَ أغرقَ الله قوم نوح، رَفعه الله وطهَّره من أن يصيبهُ عقوبة أهل الأرض، فصار معمورًا في السماء. ثم إنّ إبراهيم تتبع منه أثرًا بعد ذلك، فبناه على أساسٍ قديم كانَ قبله.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قال جل ثناؤه فيه: إن أول بيت مباركٍ وهُدًى وُضع للناس، للذي ببكة. ومعنى ذلك: "
إن أول بيت وضع للناس "، أي: لعبادة الله فيه =" مباركًا وهدًى "، يعني بذلك: ومآبًا لنُسْك الناسكين وطواف الطائفين، تعظيما لله وإجلالا له =" للذي ببكة " = لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ما:-7434- حدثنا به محمد بن المثني قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال، قلت: يا رسول الله، أيُّ مسجد وضع أوّل؟ قال: "
المسجد الحرام. قال: ثم أيٌّ؟ قال: المسجد الأقصى. قال: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة " . (29)* * *
فقد بين هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ المسجد الحرام هو أوّل مسجد وضعه الله في الأرض، على ما قلنا. فأما في موضعه بيتًا، بغير معنى بيت للعبادة والهدى والبركة، (30) ففيه من الاختلاف ما قد ذكرت بعضَه في هذا الموضع، وبعضه في سورة البقرة وغيرها من سُور القرآن، وبينت الصواب من القول عندنا في ذلك بما أغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (31)
* * *
وأما قوله: "
للذي ببكة مباركا "،، فإنه يعني: للبيت الذي بمُزْدَحم الناس لطوافهم في حجهم وعمَرهم.* * *
وأصل "
البكّ": الزحم، يقال: منه: " بكّ فلانٌ فلانًا " إذا زحمه وصدمه -" فهو يَبُكه بَكًّا، وهم يتباكُّون فيه "، يعني به: يتزاحمون ويتصادمون فيه. فكأن " بَكَّة "" فَعْلة " من " بَكَّ فلان فلانًا " زحمه، سُميت البقعة بفعل المزدحمين بها.* * *
فإذا كانت " بكة " ما وصفنا، وكان موضع ازدحام الناس حَوْل البيت، وكان لا طوافَ يجوز خارج المسجد = كان معلومًا بذلك أن يكون ما حَوْل الكعبة من داخل المسجد، وأن ما كان خارجَ المسجد فمكة، لا " بكة ". لأنه لا معنى خارجَه يوجب على الناس التَّباكَّ فيه. وإذْ كان ذلك كذلك، كان بيّنًا بذلك فسادُ قول من قال: " بكة " اسم لبطن " مكة "، ومكة اسم للحرم. (32) .
* * *
*ذكر من قال في ذلك ما قلنا: من أن " بكة " موضع مزدحم الناس للطواف:
7435- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال،: حدثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك الغفاري في قوله: " إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة " قال،" بكة " موضع البيت،" ومكة " ما سوى ذلك.
7436- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم مثله.
7437- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن أبي جعفر قال: مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت، فدفعها. قال أبو جعفر: إنها بَكَّةٌ، يبكّ بعضُها بعضًا.
7438- حدثنا ابن المثني قال: حدثنا عبد الصمد قال،: حدثنا شعبة قال، حدثنا سلمة، عن مجاهد قال: إنما سميت " بكة "، لأن الناس يتباكُّون فيها، الرجالَ والنساءَ.
7439- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حماد، عن سعيد قال، قلت لأي شيء سُميت " بكة "؟ قال: لأنهم يتباكُّون فيها =قال: يعني: يزدحمون. (33)
7440- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن أبيه، عن ابن الزبير قال، إنما سميت " بكة "، لأنهم يأتونها حُجّاجًا. (34)
7441- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " إنّ أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا "، فإن الله بَكَّ به الناس جميعًا، فيصلي النساءُ قدّام الرجال، ولا يصلح ببلد غيره.
7442- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: " بكة "، بكّ الناس بعضهم بعضًا، الرجال والنساء، يصلي بعضُهم بين يدَيْ بعض، لا يصلح ذلك إلا بمكة.
7443- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي قال: " بكة "، موضع البيت، و " مكة ": ما حولها.
7444- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يحيى بن أزهر، عن غالب بن عبيد الله: أنه سأل ابن شهاب عن " بكة " قال،" بكة " البيت، والمسجد. وسأله عن " مكة "، فقال ابن شهاب: " مكة ": الحرم كله.
7445- حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حجاج، عن عطاء ومجاهد قالا " بكة ": بكّ فيها الرجالَ والنساءَ.
7446- حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي. قال: قال ضمرة بن ربيعة،" بكة ": المسجد،. و " مكة ": البيوت. (35)
* * *
وقال بعضهم بما:-
7447- حدثني به يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " إن أوّل بيت وُضع للناس للذي ببكة " قال، هي مكة.
* * *
وقيل: " مباركًا "، لأن الطواف به مغفرةٌ للذنوب. (36)
* * *
فأما نصب قوله: " مباركا "، فإنه على الخروج من قوله: " وضع "، لأن في" وضع " ذكرًا من " البيت " هو به مشغول، وهو معرفة، و " مبارك " نكرة لا يصلح أن يتبعه في الإعراب. (37)
* * *
وأما على قول من قال: " هو أول بيت وضع للناس "، على ما ذكرنا في ذلك قولَ من ذكرنا قوله، فإنه نصبٌ على الحال من قوله: " للذي ببكة ". لأن معنى الكلام على قولهم: إن أول بيت وضع للناس البيتُ [الذي] ببكة مباركًا. فـ " البيت " عندهم من صفته " الذي ببكة "، و " الذي" بصلته معرفته، و " المبارك " نكرة، فنصب على القطع منه، في قول بعضهم = وعلى الحال في قول بعضهم. (38) و " هدى " في موضع نصب على العطف على قوله " مباركا ".
-----------------
الهوامش :
(25) الأثر 7422- هو مختصر الأثر السالف رقم: 2058 ، وفي المخطوطة والمطبوعة هنا أيضا"وضع في البركة" ، كما كان في المطبوعة والمخطوطة هناك. ولكني صححته من المستدرك والدر المنثور: "فيه البركة" ، غير أني أعود فأقول إني أرجح أن ما كان هناك صواب ، وأنه غير مستساغ أن يكون هذا الخطأ قد تكرر في موضعين متباعدين من الكتاب. وإعراب الكلام فيما أرجح"مقام إبراهيم" بالجر ، بدلا من"البركة" ، على غير ما ضبطته هناك برفع"مقام إبراهيم". هذا ، وقد مضى الكلام على رجال إسناده في الأثر السالف.
(26) الأثر: 7423- مضى إسناده برقم: 2059 ، ولم يذكر لفظه. وقد مضى ذكر رجاله هناك.
(27) الأثر: 7325-"عبد الجبار بن يحيى الرملي" ، شيخ الطبري ، لم أجد ترجمته في مكان. وسيأتي برقم: 7446.
(28) "الزبدة": الطائفة من زبد الماء ، الأبيض الذي يعلوه.
(29) الحديث: 7434- سليمان: هو الأعمش. إبراهيم التيمي: هو إبراهيم بن يزيد بن شريك. مضى هو وأبوه في: 2998.
والحديث رواه أحمد في المسند 5: 166 - 167 (حلبى) ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة ، به ، بزيادة في آخره.
ورواه أيضا 5: 150 ، 156 ، 157 ، 160 (حلبي) ، بأسانيد ، عن الأعمش ، مطولا. وكذلك رواه مسلم 1: 146 - 147 ، من طريق علي بن مسهر ، عن الأعمش.
وذكره ابن كثير 2: 190 ، من رواية المسند (5 : 150) ، ثم قال: "وأخرجه البخاري ، ومسلم - من حديث الأعمش ، به". وذكره السيوطي 2: 52 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبيهقي في الشعب.
(30) في المطبوعة: "فأما في وضعه بيتا ..." ، غيروا ما في المخطوطة وهو صواب.
(31) انظر ما سلف 3: 57 - 64.
(32) انتهى جزء من التقسيم القديم ، وفي المخطوطة ما نصه:
"يتلوهُ ذكر مَنْ قال في ذلك ما قُلنا من أن بكة موضع مزدحم الناس للطواف والحمد لله على عونه وإحسانه ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليمًا" ثم يتلوه ما نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يَسِّر
أَخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان البغدادي قال حدثنا محمد بن جرير" فأعاد إسناد المخطوطة التي نقل عنها ، كما سلف في تعليقنا 6 : 495 ، 496 رقم : 5 ، وهذا هو الموضع الثاني لذكر هذا الإسناد الجديد.
(33) في المطبوعة: "يتزاحمون" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(34) الأثر: 7440-"الأسود بن قيس العبدي" ، روى عن أبيه وجماعة ، وروى عنه شعبة والثوري وشريك وغيرهم. وأبوه: "قيس العبدي" الكوفي ، مترجم في الكبير 4 / 1 / 149. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عن أخيه" ، وهو تصحيف والصواب ما أثبت.
(35) الأثر: 7446-"عبد الجبار بن يحيى الرملي" شيخ الطبري ، مضى برقم: 7425.
(36) هذا كلام الفراء في معاني القرآن 1: 227.
(37) "الخروج" هنا ، كأنه الحال ، وقد سلف في 5 : 253 ، 254 ما يشبه أن يكون أيضا بمعنى الحال. وانظر ما سلف 6: 586"أن الحال يجيء بعد فعل قد شغل بفاعله ، فينصب كما ينصب المفعول الذي يأتي بعد الفعل الذي شغل بفاعله".
(38) "القطع" كأنه باب من الحال ، انظر ما سلف 6: 270 ، 371 ، 415 وما قبلها في فهرس المصطلحات من الأجزاء السالفة.
- ابن عاشور : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
هذا الكلام واقع موقع التّعليل للأمر في قوله : { فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً } [ آل عمران : 95 ] لأنّ هذا البيت المنوّه بشأنه كان مقاماً لإبراهيم ففضائل هذا البيتتِ تحقّق فضيلة شرع بانيه في متعارف النَّاس ، فهذا الاستدلال خطابي ، وهو أيضاً إخبار بفضيلة الكعبة ، وحرمتها فيما مضى من الزّمان .
وقد آذن بكون الكلام تعليلاً موقع ( إنّ ) في أوّله فإنّ التأكيد بإنّ هنا لمجرّد الاهتمام وليس لردّ إنكار منكر ، أو شكّ شاكّ .
ومن خصائص ( إنّ ) إذا وردت في الكلام لمجرّد الاهتمام ، أن تغني غَناء فاء التفريع وتفيد التَّعليل والربط ، كما في دلائل الإعجاز .
ولِمَا في هذه من إفادة الربط استغني عن العطف لكون ( إنّ ) مؤذنة بالربط . وبيانُ وجه التعليل أن هذا البيت لمّا كان أوّل بيت وضع للهُدى وإعلان توحيد الله ليكون علماً مشهوداً بالحسّ على معنى الوحدانية ونفي الإشراك ، فقد كان جامعاً لدلائل الحنيفية ، فإذا ثبت له شرف الأولية ودوام الحرمة على ممرّ العصور ، دون غيره من الهياكل الدينية الَّتي نشأت بعده ، وهو مائل ، كان ذلك دلالة إلهية على أنَّه بمحلّ العناية من الله تعالى ، فدلّ على أنّ الدّين الَّذي قارن إقامته هو الدّين المراد لله ، وهذا يؤول إلى معنى قوله : { إن الدين عند اللَّه الإسلام } [ آل عمران : 19 ] .
وهذا التَّعليل خطابي جار على طريقة اللُّزوم العرفي .
وقال الواحدي ، عن مجاهد : تفاخر المسلمون واليهود ، فقالت اليهود : بيت المَقْدس أفضل وأعظم من الكعبة لأنَّه مُهَاجر الأنبياء وفي الأرض المقدّسة وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل ، فأنزل الله هذه الآية .
و { أوَّل } اسم للسابق في فِعللٍ مَّا فإذا أضيف إلى اسم جنس فهو السابق من جنس ذلك المضاف إليه في الشأن المتحدّث عنه .
والبيت بناء يأوِي واحداً أو جماعة ، فيكون بيتَ سكنى ، وبيت صلاة ، وبيت ندوة ، ويكون مبنياً من حَجَر أو من أثواببِ نسيج شعر أو صوف ، ويكون من أدم فيسمّى قبَّة قال تعالى : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } [ النحل : 81 ] .
ومعنى { وُضع } أسّسَ وأثْبِتَ ، ومنه سمّي المكان موضعاً . وأصل الوضع أنَّه الحطّ ضدّ الرفع ، ولمَّا كان الشيء المرفوع بعيداً عن التناول ، كان الموضوع هو قريب التناول ، فأطلق الوضع لمعنى الإدناء للمتناول ، والتَّهيئة للانتفاع .
و ( النَّاس ) تقدّم في قوله تعالى : { ومن النَّاس من يقول آمنا باللَّه } في سورة [ البقرة : 8 ] .
{ بكّة } اسم مكَّة . وهو لغة بإبدال الميم باء في كلمات كثيرة عدّت من المترادف : مثل لازب في لازم ، وأربد وأرمد أي في لون الرماد ، وفي سماع ابن القاسم من العتبية عن مالك : أنّ بكة بالباء اسم موضع البيت ، وأنّ مكَّة بالميم اسم بقية الموضع ، فتكون باء الجرّ هنا لظرفية مكان البيت خاصّة .
لا لسائر البلد الَّذي فيه البيت ، والظاهر عندي أنّ بكة اسم بمعنى البلدة وضعه إبراهيم علماً على المكان الَّذي عيّنه لسكنى ولده بنيّة أن يكون بلداً ، فيكون أصله من اللغة الكلدانية ، لغة إبراهيم ، ألا ترى أنَّهم سمّوا مدينة ( بعلبك ) أي بلد بَعل وهو معبود الكلدانيين ، ومن إعجاز القرآن اختيار هذا اللَّفظ عند ذكر كونه أوّل بيت ، فلاحظ أيضاً الاسم الأوّل ، ويؤيّد ذلك قوله : { ربّ هذه البلدة } [ النمل : 91 ] وقوله : { ربّ اجعل هذا البلد آمناً } [ إبراهيم : 35 ] . وقد قيل : إنّ بكّة مشتقّ من البَكّ وهو الازدحام ، ولا أحسب قصد ذلك لواضع الاسم .
وعدل عن تعريف البيت باسمه العلَم بالغلبة ، وهو الكعبة ، إلى تعريفه بالموصولية بأنَّه ( الَّذي ببكة ) : لأنّ هذه الصّلة صارت أشهر في تعيّنه عند السامعين ، إذ ليس في مكّة يومئذ بيت للعبادة غيره ، بخلاف اسم الكعبة : فقد أطلق اسم الكعبة على القليس الَّذي بناه الحبشة في صنعاء لدين النصرانية ولقّبوه الكعبة اليمانية .
والمقصود إثبات سبق الكعبة في الوجود قبل بيوت أخر من نوعها . وظاهر الآية أنّ الكعبة أوّل البيوت المبنيّة في الأرض ، فتمسّك بهذا الظَّاهر مجاهد ، وقتادة ، والسّدي ، وجماعة ، فقالوا : هي أوّل بناء ، وقالوا : إنَّها كانت مبنيّة من عهد آدم عليه السلام ثُمّ درست ، فجددها إبراهيم ، قال ابن عطية : ورويت في هذا أقاصيص أسانيدها ضعاف فلذلك تركتُها ، وقد زعموا أنَّها كانت تسمّى الضُراح بوزن غراب ولكنّ المحقّقين وجمهور أهل العلم لم يأخذوا بهذا الظاهر ، وتأوّلوا الآية . قال عليّ رضي الله عنه : «كان قبل البيت بيوت كثيرة» ولا شكّ أنّ الكعبة بناها إبراهيم وقد تعدّد في القرآن ذكر ذلك ، ولو كانت من بناء الأنبياء قبله لزيد ذكر ذلك زيادة في التنويه بشأنها ، وإذا كان كذلك فلا يجوز أن يكون أوّل بناء وقع في الأرض كان في عهد إبراهيم ، لأنّ قبل إبراهيم أمماً وعصوراً كان فيها البناء ، وأشهر ذلك برج بابل ، بُنِي إثر الطوفان ، وما بناه المصريّون قبل عهد إبراهيم ، وما بناه الكلدان في بدل إبراهيم قبل رحلته إلى مصر ، ومن ذلك بيت أصنامهم ، وذلك قبل أن تصير إليه هاجَر الَّتي أهداها له ملك مصر ، وقد حكى القرآن عنهم { قالوا ابْنُوا له بنياناً فَألْقُوه في الجحيم } [ الثافات : 97 ] فتعيّن تأويل الآية بوجه ظاهر ، وقد سلك العلماء مسالك فيه : وهي راجعة إلى تأويل الأوّل ، أو تأويل البيت ، أو تأويل فعل وُضع ، أو تأويل النَّاس ، أو تأويل نظم الآية ، والَّذي أراه في التأويل أنّ القرآن كتاب دين وهُدى ، فليس غرض الكلام فيه ضبط أوائل التَّاريخ ، ولكن أوائل أسباب الهدى ، فالأوَّلية في الآية على بابها ، والبيت كذلك ، والمعنى أنَّه أوّل بيت عبادة حقّة وضع لإعلان التَّوحيد ، بقرينة المقام ، وبقرينة قوله : { وُضع للنَّاس } المقتضى أنَّه من وضععِ واضععٍ لمصلحة النَّاس ، لأنَّه لو كان بيت سكنى لقيل وضعه النَّاس ، وبقرينة مجيء الحالين بعدُ؛ وهما قوله : { مباركاً وهدى للعالمين } .
وهذا تأويل في معنى بيت ، وإذا كان أوّلَ بيتتِ عبادة حقَ ، كان أوّل معهد للهدى ، فكان كُلّ هدى مقتبساً منه فلا محيص لكلّ قوم كانوا على هدى من الاعتراف به وبفضله ، وذلك يوجب اتّباع الملّة المبنيّة على أسس ملّة بانيه ، وهذا المفاد من تفريع قوله : { فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً } [ البقرة : 95 ] . وتأوّل الآية عليّ بن أبي طالب ، فروى عنه أنّ رجلاً سأله : أهو أوّل بيت؟ قال : «لا ، قد كان قبله بيوت ، ولكنَّه أوّل بيت وضع للنَّاس مباركاً وهدى» فجعل مباركاً وهدى حالين من الضمير في { وُضع } لا من اسممِ الموصول ، وهذا تأويل في النظم لا ينساق إليه الذهن إلاّ على معنى أنَّه أوّل بيت من بيوت الهدى كما قلنا ، وليس مراده أنّ قوله : { وضع } هو الخبَر لتعيّن أن الخبر هو قوله : { للذي ببكة } بدليل دُخول اللاّم عليه .
وعن مجاهد قالت اليهود : بيت المقدس أفضل من الكعبة لأنَّها مهاجَر الأنبياء ، وقال المسلمون : الكعبة ، فأنزل الله هذه الآية ، وهذا تأويل { أول } بأنَّه الأوّل من شيئين لا من جنس البيوت كلّها .
وقيل : أراد بالأول الأشرف مجازاً .
وعندي أنَّه يجوز أن يكون المراد من النَّاس المعهودين وهم أهل الكتب أعني اليهود والنَّصارى والمسلمين ، وكلّهم يعترف بأصالة دين إبراهيم عليه السلام ، فأوّل معبد بإجماعهم هو الكعبة فيلزمهم الاعتراف بأنَّه أفضل ممَّا سواه من بيوت عبادتهم .
وإنَّما كانت الأوّلية موجِبة التّفضيل لأنّ مواضع العبادة لا تتفاضل من جهة العبادة ، إذ هي في ذلك سواء ، ولكنَّها تتفاضل بما يحفّ بذلك من طول أزمان التعبّد فيها ، وبنسبتها إلى بانيها ، وبحسن المقصد في ذلك ، وقد قال تعالى في مسجد قُبَاء : { لمَسجِدٌ أسِّسَ على التَّقوَى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه } [ التوبة : 108 ] .
وقد جمعت الكعبة جميع هذه المزايا فكانت أسبق بيوت العبادة الحقّ ، وهي أسبق من بيت المقدس بتسعة قرون . فإنّ إبراهيم بنى الكعبة في حدود سنة 1900 قبل المسيح وسليمانَ بنى بيت المقدس سنة 1000 قبل المسيح ، والكعبة بناها إبراهيم بيده فهي مبنية بيد رسول . وأمَّا بيتُ المقدس فبناها العملة لسليمان بأمره . وروى في «صحيح مسلم» ، عن أبي ذرّ رضي الله عنه أنَّه قال : سألت رسول الله : أيّ مسجد وُضِعَ أولُ؟ قال : المسجدُ الحرام ، قلت : ثمّ أيّ؟ قال : المسجدُ الأقصى ، قلت : كم كان بينهما؟ قال : أربعون سنة . فاستشكله العلماء بأنّ بين إبراهيم وسليمان قروناً فكيف تكون أربعين سنة ، وأجاب بعضهم بإمكان أن يكون إبراهيم بنى مسجداً في موضع بيت المقدس ثُمّ درس فجدّده سليمان .
وأقول : لا شكّ أنّ بيت المقدس من بناء سليمان كما هو نص كتاب اليهود ، وأشار إليه القرآن في قوله :
{ يعملون له ما يشاء من محاريب } [ سبأ : 13 ] الآية ، فالظاهر أنّ إبراهيم لمَّا مرّ ببلاد الشَّام ووعده الله أن يورث تلك الأرض نسلهُ عيَّن الله له الوضع الَّذي سيكون به أكبر مسجدٍ تبنيه ذرّيّته ، فأقام هنالك مسجداً صغيراً شكراً لله تعالى ، وجعله على الصّخرة المجعولة مذبحاً للقربان . وهي الصّخرة الَّتي بنى سليمان عليها المسجد ، فلمَّا كان أهل ذلك البلد يومئذ مشركين دثر ذلك البناء حتَّى هدى الله سليمان إلى إقامة المسجد الأقصى عليه ، وهذا من العِلم الَّذي أهملتْه كتب اليهود ، وقد ثبت في سفر التَّكوين أنّ إبراهيم بنى مذابح في جهات مرّ عليها من أرض الكنعانيين لأنّ الله أخبره أنَّه يعطي تلك الأرض لنسله ، فالظاهر أنّه بنى أيضاً بموضع مسجد أرشليم مذبحاً .
و { مباركاً } اسم مفعول من بارك الشيء إذا جعل له بركة وهي زيادة في الخير . أي جُعلت البركة فيه بجعل الله تعالى ، إذ قَدّرَ أن يكون داخلُهُ مُثاباً ومحصّلا على خيْر يبلغه على مبلغ نيته ، وقدّر لمجاوريه وسكّان بلده أن يكونوا ببركة زيادةِ الثَّواببِ ورفاهية الحال ، وأمر بجعل داخله آمناً ، وقدّر ذلك بين النَّاس فكان ذلك كلّه بركة . وسيأتي معنى البركة عند قوله تعالى : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الَّذي بين يديه } في سورة [ الأنعام : 92 ] . ووصفه بالمصدر في قوله : { وهُدى } مبالغة لأنَّه سبب هدى .
وجُعل هدى للعالمين كلِّهم : لأنّ شهرته وتسامع النَّاس به ، يحملهم على التساؤل عن سبب وضعه ، وأنَّه لتوحيد الله ، وتطهير النُّفوس من خبث الشرك فيهتدي بذلك المهتدي ، ويرعوي المتشكك .
ومن بركة ذاته أنّ حجارته وضعتْها عند بنائه يد إبراهيم ، ويد إسماعيل ، ثُمّ يدُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ولا سيما الحجر الأسود . وانتصب { مباركاً وهدى } على الحال من الخبر ، وهو اسم الموصول .
- إعراب القرآن : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
«إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ» إن واسمها وبيت مضاف إليه «وُضِعَ لِلنَّاسِ» فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور ونائب الفاعل محذوف «لَلَّذِي بِبَكَّةَ» اللام هي المزحلقة الذي اسم موصول في محل رفع خبر إن ببكة اسم مجرور بالفتحة للعلمية والتأنيث ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول. «مُبارَكاً» حال من اسم الموصول «وَهُدىً» عطف «لِلْعالَمِينَ» متعلقان بهدى
- English - Sahih International : Indeed the first House [of worship] established for mankind was that at Makkah - blessed and a guidance for the worlds
- English - Tafheem -Maududi : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ(3:96) Behold, the first House (of Prayer) established for mankind is the one at Bakkah: it is full of blessing and a centre of guidance for the whole world. *79
- Français - Hamidullah : La première Maison qui ait été édifiée pour les gens c'est bien celle de Bakka la Mecque bénie et une bonne direction pour l'univers
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Das erste Gotteshaus das für die Menschen gegründet wurde ist wahrlich dasjenige in Bakka als ein gesegnetes Haus und eine Rechtleitung für die Weltenbewohner
- Spanish - Cortes : La primera Casa erigida para los hombres es ciertamente la de Bakka casa bendita y dirección para todos
- Português - El Hayek : A primeira Casa Sagrada erigida para o G6enero humano é a de Bakka onde reside a bênção servindo de orientaçãoà humanidade
- Россию - Кулиев : Воистину первым домом который воздвигнут для людей является тот что находится в Бекке Мекке Он воздвигнут как благословение и руководство для миров
- Кулиев -ас-Саади : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
Воистину, первым домом, который воздвигнут для людей, является тот, что находится в Бекке (Мекке). Он воздвигнут как благословение и руководство для миров.- Turkish - Diyanet Isleri : Doğrusu insanlar için ilk kurulan ev Mekke'de dünyalar için mübarek ve doğru yol gösteren Kabe'dir
- Italiano - Piccardo : La prima Casa che è stata eretta per gli uomini è certamente quella di Bakka benedetta guida del creato
- كوردى - برهان محمد أمين : بهڕاستی یهکهم خانه و ماڵ و مهنزڵگهیهک که بۆ خهڵکی دانرا لهسهر زهوی بۆ خواپهرستی ئهوهیه له مهککهدایه که پیرۆزه و هیدایهت و ڕێنموویی بهخشه بۆ ههموو خهڵکی جیهان
- اردو - جالندربرى : پہلا گھر جو لوگوں کے عبادت کرنے کے لیے مقرر کیا گیا تھا وہی ہے جو مکے میں ہے بابرکت اور جہاں کے لیے موجب ہدایت
- Bosanski - Korkut : Prvi hram sagrađen za ljude jeste onaj u Mekki blagoslovljen je on i putokaz svjetovima
- Swedish - Bernström : Det första tempel som restes för människornas bruk var helt visst Helgedomen i Bakkah en välsignelse och en ledstjärna för hela världen
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Sesungguhnya rumah yang mulamula dibangun untuk tempat beribadat manusia ialah Baitullah yang di Bakkah Mekah yang diberkahi dan menjadi petunjuk bagi semua manusia
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
(Sesungguhnya rumah yang mula-mula dibangun) untuk tempat ibadah (bagi manusia) di muka bumi (ialah yang terdapat di Bakkah) dengan ba sebagai nama lain dari Mekah. Dinamakan demikian karena Kakbah mematahkan leher orang-orang durhaka lagi aniaya. Baitullah ini dibina oleh malaikat sebelum diciptakannya Adam dan setelah itu baru dibangun pula Masjidilaksa dan jarak di antara keduanya 40 tahun sebagai tersebut dalam kedua hadis sahih. Pada sebuah hadis lain disebutkan pula bahwa Kakbahlah yang mula-mula muncul di permukaan air ketika langit dan bumi ini diciptakan sebagai buih yang putih, maka dihamparkanlah tanah dari bawahnya (diberi berkah) hal dari alladzii tadi (dan menjadi petunjuk bagi seluruh alam) karena ia merupakan kiblat mereka.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : নিঃসন্দেহে সর্বপ্রথম ঘর যা মানুষের জন্যে নির্ধারিত হয়েছে সেটাই হচ্ছে এ ঘর যা মক্কায় অবস্থিত এবং সারা জাহানের মানুষের জন্য হেদায়েত ও বরকতময়।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இறை வணக்கத்திற்கென மனிதர்களுக்காக வைக்கப் பெற்ற முதல் வீடு நிச்சயமாக பக்காவில் மக்காவில் உள்ளதுதான் அது பரக்கத்து பாக்கியம் மிக்கதாகவும் உலக மக்கள் யாவருக்கும் நேர்வழியாகவும் இருக்கிறது
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : แท้จริงบ้านหลักแรกที่ถูกตั้งขึ้นสำหรับมนุษย์เพื่อการอิบาดะฮ์ นั้นคือบ้านที่มักกะฮ์ โดยเป็นที่ที่ถูกให้มีความจำเริญ และเป็นที่แนะนำแก่ประชาชาติทั้งหลาย
- Uzbek - Мухаммад Содик : Одамларга муборак оламларга ҳидоят қилиб қўйилган биринчи уй Баккадаги уйдир
- 中国语文 - Ma Jian : 为世人而创设的最古的清真寺,确是在麦加的那所吉祥的天房、全世界的向导。
- Melayu - Basmeih : Sesungguhnya Rumah Ibadat yang mulamula dibina untuk manusia beribadat kepada Tuhannya ialah Baitullah yang di Makkah yang berkat dan dijadikan petunjuk hidayah bagi umat manusia
- Somali - Abduh : Guriga ugu horreevey ee loo soo dejiyey Dadka waa kan Maka Kachada waana barakaysanyahay waana Hanuunka Caalamka
- Hausa - Gumi : Kuma lalle ne ¦aki na farko da aka aza dõmin mutãne haƙĩƙa shi ne wanda ke Bakka mai albarka kuma shiriya ga tãlikai
- Swahili - Al-Barwani : Hakika Nyumba ya kwanza walio wekewa watu kwa ibada ni ile iliyoko Bakka iliyo barikiwa na yenye uwongofu kwa walimwengu wote
- Shqiptar - Efendi Nahi : Me të vërtetë Faltorja e parë e ngritur për njerëz është ajo në Bekke Mekke e uruar dhe udhërrëfyese e popujve
- فارسى - آیتی : نخستين خانهاى كه براى مردم بنا شده همان است كه در مكه است. خانهاى كه جهانيان را سبب بركت و هدايت است.
- tajeki - Оятӣ : Нахустин хонае, ки барои мардум бино шуда, ҳамон аст, ки дар Макка аст. Хонае, ки ҷаҳониёнро сабаби баракат ва ҳидоят аст!
- Uyghur - محمد صالح : ھەقىقەتەن ئىنسانلارغا (ئىبادەت ئۈچۈن) تۇنجى سېلىنغان ئۆي (يەنى بەيتۇللا) مەككىدىدۇر، مۇبارەكتۇر، جاھان ئەھلىگە ھىدايەتتۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : തീര്ച്ചയായും മനുഷ്യര്ക്കായി ഉണ്ടാക്കിയ ആദ്യദേവാലയം മക്കയിലേതുതന്നെ. അത് അനുഗൃഹീതമാണ്. ലോകര്ക്കാകെ വഴികാട്ടിയും.
- عربى - التفسير الميسر : ان اول بيت بني لعباده الله في الارض لهو بيت الله الحرام الذي في "مكه" وهذا البيت مبارك تضاعف فيه الحسنات وتتنزل فيه الرحمات وفي استقباله في الصلاه وقصده لاداء الحج والعمره صلاح وهدايه للناس اجمعين
*79). The second objection raised by the Jews was that the direction for Prayer had been changed from Jerusalem to the Ka'bah. This objection is answered in Surah 2 (see verses 142 ff. and nn. 142 and 147 above). The Bible, itself, testifies that Jerusalem was built by Solomon more than four and a half centuries after Moses (see 1 Kings 6: 1), and that it was during his time that the worshippers of the One God began to pray towards it (1 Kings 8: 29-30). It is established by traditions from numerous sources which are undisputed throughout Arabia, however, that the Ka'bah was constructed by Abraham who lived some eight or nine centuries before Moses. That the Ka'bah was older than the Temple of Jerusalem was beyond dispute.