- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
- عربى - نصوص الآيات : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون
- عربى - التفسير الميسر : والذين إذا ارتكبوا ذنبًا كبيرًا أو ظلموا أنفسهم بارتكاب ما دونه، ذكروا وعد الله ووعيده فلجأوا إلى ربهم تائبين، يطلبون منه أن يغفر لهم ذنوبهم، وهم موقنون أنه لا يغفر الذنوب إلا الله، فهم لذلك لا يقيمون على معصية، وهم يعلمون أنهم إن تابوا تاب الله عليهم.
- السعدى : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
ثم ذكر اعتذارهم لربهم من جناياتهم وذنوبهم، فقال: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم } أي: صدر منهم أعمال [سيئة] كبيرة، أو ما دون ذلك، بادروا إلى التوبة والاستغفار، وذكروا ربهم، وما توعد به العاصين ووعد به المتقين، فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم، مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها، فلهذا قال: { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }
- الوسيط لطنطاوي : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
أما الصفة الرابعة من صفات هؤلاء المتقين فقد ذكرها - سبحانه - فى قوله : { والذين إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظلموا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله فاستغفروا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله وَلَمْ يُصِرُّواْ على مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } .
والفاحشة من الفحش وهو مجاوزة الحد فى السوء . والمراد بها الفعلة البالغة فى القبح كالزنا والسرقة وما يشبههما من الكبائر .
والمعنى : سارعوا أيها المؤمنون إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدها خالقكم - عز وجل - للمتقين الذين من صفاتهم أنهم ينفقون أموالهم فى السراء والضراء ، ويكظمون غيظهم ، ويعفون عن الناس ، وأنهم إذا فعلوا فعلة فاحشة متناهية فى القبح ، أو ظلموا أنفسهم ، بارتكاب أى نوع من أنواع الذنوب " ذكروا الله " أى تذكروا حقه العظيم ، وعذابه الشديد ، وحسابه العسير للظالمين يوم القيامة " فاستغفروا لذنوبهم " أى طلبوا منه - سبحانه - المغفرة لذنوبهم التى ارتكبوها ، وتابوا إليه توبة صادقة نصوحا .
وعلى هذا يكون قوله - تعالى - { والذين إِذَا فَعَلُواْ } معطوفا على الصفة الأولى من صفات المتقين ، ويكون قوله - تعالى - { والله يُحِبُّ المحسنين } جملة معترضة بين الصفات المتعاطفة .
قال الفخر الرازى : واعلم أن وجه النظم من وجهين :
الأول : أنه - تعالى - لما وصف الجنة بأنها معدة للمتقين بين أن المتقين قسمان :
أحدهما : الذين أقبلوا على الطاعات والعبادات ، وهم الذين وصفهم بالانفاق فى السراء والضراء ، وكظم الغيظ والعفو عن الناس .
وثانيهما : الذين أذنبوا ثم تابوا وهو المراد بقوله - تعالى - { والذين إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً } وبين - سبحانه - أن هذه الفرقة كالفرقة الأولى فى كونها متقية .
والوجه الثانى : أنه فى الآية الأولى ندب إلى الإحسان إلى الغير ، وندب فى هذه الآية إلى الإحسان إلى النفس ، فإن الذنب إذا تاب كانت توبته إحسانا منه إلى نفسه " .
وقوله { أَوْ ظلموا أَنْفُسَهُمْ } معطوف على { فَعَلُواْ فَاحِشَةً } من باب عطف العام على الخاص ، وهذا على تفسير الفاحشة بأنها كبائر الذنوب ، أما ظلم النفس فيتناول كل ذنب سواء أكان صغيرا أم كبيراً .
وبعضهم يرى أن الفاحشة وظلم النفس وجهان للمعصية لا ينفصلان عنها ، بمعنى أن كل معصية لا تخلو منهما فهى فاحشة وظلم للنفس ، وعلى هذا تكون "
أو " بمعنى الواو .ويكون المعنى : ومن يرتكب فاحشة ويظلم نفسه ، ويتذكر الله عند ارتكابها فيعود إليه تائباً منيبا يكون من المتقين .
وفى التعبير بقوله : { إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظلموا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله } بصيغة الشرط الجواب ، إشعار بوجوب اقتران الجواب بالشرط . أى أن الشخص الذى يدخل فى جملة المتقين هو الذاى يعود إلى ربه تائبا فور وقوع المعصية ، بحيث لا يسوف ولا يؤخر التوبة حتى إذا حصره الموت .
قال : إنى تبت الآن .
وقوله : { وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله } جملة معترضة بين قوله { فاستغفروا } وبين قوله { وَلَمْ يُصِرُّواْ } .
والاستفهام فى قوله : { وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله } للإنكار والنفى .
أى : لا أحد يقبل توبة التائبين ، ويغفر ذنوب المذنبين ، ويمسح خطايا المخطئين ، إلا الله العلى الكبير "
الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل ، ويتوب الله على من تاب " - كما جاء فى الحديث الشريف - ولذا قال صاحب الكشاف عند تفسيره لهذه الجملة ما ملخصه : فى هذه الجملة وصف لذاته - تعالى - بسعة الرحمة ، وقرب المغفرة ، وأن التائب من ذنبه كمن لا ذنب له ، وأنه لا مفزع للمذنبين إلا فضله وكرمه . وفيها تطييب لنفوس العباد ، وتنشيط للتوبة ، وبعث عليها ، وردع عن اليأس والقنوط ، وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل ، وكرمه أعظم . والمعنى أنه وحده عنده مصححات المغفرة ، وهذه جملة معترضة بين المعطوف ، والمعطوف عليه " .وقوله { وَلَمْ يُصِرُّواْ على مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } بيان لشروط الاستغفار المقبول عند الله - تعالى - .
أى أن من صفات المتقين أنهم إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ، سارعوا بالتوبة إلى الله - تعالى - ، ولم يصروا على الفعل القبيح الذى فعلوه ، وهم عالمون بقبحه ، بل يندمون على ما فعلوا ، ويستغفرون الله - تعالى - مما فعلوا ، ويتوبن إليه توبة صادقة .
وقوله { وَلَمْ يُصِرُّواْ } معطوف على قوله { فاستغفروا لِذُنُوبِهِمْ } .
وقوله { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } جملة حالية من فاعل " يصروا " أى ولم يصروا على ما فعلوا وهم عالمون بقبحه .
ومفعول يعلمون محذوف للعمل به أى يعلمون سوء فعلهم ، أو يعلمون أن الله يتوب على من تاب ، أو يعلمون عظم غضب الله على المذنبين الذين يداومون على فعل القبائح دون أن يتوبوا إليه .
فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد فتحت باب التوبة أمام المذنبين ، وحرضتهم على ولوجه بعزيمة صادقة ، وقلب سليم ، ولم تكتف بذلك بل بشرتهم بأنهم متى أقلعوا عن ذنوبهم ، وندموا على ما فعلوا ، وعاهدوا الله على عدم العودة على ما ارتكبوه من خطايا ، وردوا المظالم إلى أهلها ، فإن الله - تعالى - يغفر لهم ما فرط منهم ، ويحشرهم فى زمرة عباده المتقين .
إنه - سبحانه - لا يغلق فى وجه عبده الضعيف المخطىء باب التوبة ، ولا يلقيه حئرا منبوذا فى ظلام المتاهات ، ولا يدعه مطرودا خائفا من المصير ، وإنما يطمعه فى مغفرته - سبحانه - ويرشده إلى أسبابها ، ويغريه بمباشرة هذه الأسباب حتى ينجو من العقاب .
ولقد ساق - سبحانه - فى عشرات الآيات ما يبشر التائبين الصادقين فى توبتهم بمغفرته ورحمته ورضوانه ، ومن ذلك قوله - تعالى - :
{ والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى الله مَتاباً } وقد وردت أحاديث كثيرة فى هذا المعنى ومن ذلك ما رواه أبو داود والترمذى عن أبى بكر الصديق - رضى الله عنه - قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصر من استغفر وإن عاد فى اليوم سبعين مرة " .
وقال القرطبى : وأخرج الشيخان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه " .
وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم " .
ثم قال القرطبى : " والذنوب التى يتاب منها إما كفر أو غيره فتوبة الكافر إيمانه مع ندمه على ما سلف من كفره ، وغير الكفر إما حق الله - تعالى - وإما حق لغيره؛ فحق الله - تعالى - يكفى فى التوبة منه الترك ، غير أن منها ما لم يكتف الشرع فيها بمجرد الترك ، بل أضاف إلى ذلك فى بعضها قضاء كالصلاة والصوم . ومنها ما أضاف إليها كفارة كالحنث فى الإيمان والظهار وغير ذلك وأما حقوق الآدميين فلا بد من إيصالها إلى مستحقيها ، فإن لم يوجدوا تصدق عنهم ، ومن لم يجد السبيل لخروج ما عليه لإعسار فعفو الله مأمول ، وفضله مبذول ، فكم ضمن من التبعات ، وبدل من السيئات بالحسنات " .
ويرشده إلى أسبابها، ويغريه بمباشرة هذه الأسباب حتى ينجو من العقاب.
ولقد ساق- سبحانه- في عشرات الآيات ما يبشر التائبين الصادقين في توبتهم بمغفرته ورحمته ورضوانه، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً. إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً .
وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى ومن ذلك ما رواه أبو داود والترمذي عن أبى بكر الصديق- رضى الله عنه- قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة» .
وقال القرطبي: وأخرج الشيخان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه» .
وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم» .
ثم قال القرطبي: «والذنوب التي يتاب منها إما كفر أو غيره فتوبة الكافر إيمانه مع ندمه على ما سلف من كفره، وغير الكفر إما حق الله- تعالى- وإما حق لغيره فحق الله- تعالى- يكفى في التوبة منه الترك، غير أن منها ما لم يكتف الشرع فيها بمجرد الترك، بل أضاف إلى ذلك في بعضها قضاء كالصلاة والصوم. ومنها ما أضاف إليها كفارة كالحنث في الأيمان والظهار وغير ذلك وأما حقوق الآدميين فلا بد من إيصالها إلى مستحقيها، فإن لم يوجدوا تصدق عنهم، ومن لم يجد السبيل لخروج ما عليه لإعسار فعفو الله مأمول، وفضله مبذول، فكم ضمن من التبعات، وبدل من السيئات بالحسنات» .
- البغوى : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
قوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية قال ابن مسعود : قال المؤمنون : يا رسول الله كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منا ، كان أحدهم إذا أذنب أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه " اجدع أنفك وأذنك " ، افعل كذا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقال عطاء : نزلت في نبهان التمار وكنيته أبو معبد أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فقال لها إن هذا التمر ليس بجيد ، وفي البيت أجود منه فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها فقالت له : اتق الله فتركها وندم على ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك له ، فنزلت هذه الآية .
وقال مقاتل والكلبي : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين أحدهما من الأنصار والآخر من ثقيف فخرج الثقفي في غزاة واستخلف الأنصاري على أهله فاشترى لهم اللحم ذات يوم فلما أرادت المرأة أن تأخذ منه دخل على أثرها وقبل يدها ، ثم ندم وانصرف ووضع التراب على رأسه وهام على وجهه ، فلما رجع الثقفي لم يستقبله الأنصاري فسأل امرأته عن حاله فقالت : لا أكثر الله في الإخوان مثله ووصفت له الحال ، والأنصاري يسيح في الجبال تائبا مستغفرا ، فطلبه الثقفي حتى وجده فأتى به أبا بكر رجاء أن يجد عنده راحة وفرجا . فقال الأنصاري : هلكت : وذكر له القصة فقال أبو بكر : ويحك أما علمت أن الله تعالى يغار للغازي ما لا يغار للمقيم ، ثم أتيا عمر رضي الله عنه فقال مثل ذلك ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مثل مقالتهما ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ( والذين إذا فعلوا فاحشة ) يعني : قبيحة خارجة عما أذن الله تعالى له فيه ، وأصل الفحش القبح والخروج عن الحد قال جابر : الفاحشة : الزنا .
( أو ظلموا أنفسهم ) ما دون الزنا من القبلة والمعانقة والنظر واللمس .
وقال مقاتل والكلبي : الفاحشة ما دون الزنا من قبلة أو لمسة أو نظرة فيما لا يحل أو ظلموا أنفسهم بالمعصية .
وقيل : فعلوا فاحشة الكبائر ، أو ظلموا أنفسهم بالصغائر .
وقيل : فعلوا فاحشة فعلا أو ظلموا أنفسهم قولا .
( ذكروا الله ) أي : ذكروا وعيد الله ، وأن الله سائلهم ، وقال مقاتل بن حيان : ذكروا الله باللسان عند الذنوب .
( فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ) أي : وهل يغفر الذنوب إلا الله .
( ولم يصروا على ما فعلوا ) أي : لم يقيموا ولم يثبتوا عليه ولكن تابوا وأنابوا واستغفروا ، وأصل الإصرار : الثبات على الشيء وقال الحسن : إتيان العبد ذنبا عمدا إصرار حتى يتوب .
وقال السدي : الإصرار : السكوت وترك الاستغفار . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أنا يحيى بن يحيى ، أنا عبد الحميد بن عبد الرحمن ، عن عثمان بن واقد العمري ، عن أبي نصيرة ، قال : لقيت مولى لأبي بكر رضي الله عنه فقلت له : أسمعت من أبي بكر شيئا؟ قال : نعم سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصر من استغفر ، وإن عاد في اليوم سبعين مرة " .
( وهم يعلمون ) قال ابن عباس والحسن ومقاتل والكلبي : وهم يعلمون أنها معصية ، وقيل : وهم يعلمون أن الإصرار ضار ، وقال الضحاك : وهم يعلمون أن الله يملك مغفرة الذنوب ، وقال الحسين بن الفضل وهم يعلمون أن لهم ربا يغفر الذنوب ، وقيل : وهم يعلمون أن الله لا يتعاظمه العفو عن الذنوب وإن كثرت ، وقيل : وهم يعلمون أنهم إن استغفروا غفر لهم .
- ابن كثير : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
وقوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) أي : إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار .
قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا همام بن يحيى ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن رجلا أذنب ذنبا ، فقال : رب إني أذنبت ذنبا فاغفره . فقال الله [ عز وجل ] عبدي عمل ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ، ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره . فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي . ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره لي . فقال عز وجل : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب ، إني عملت ذنبا فاغفره فقال عز وجل : عبدي علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي ، فليعمل ما شاء " .
أخرجه في الصحيح من حديث إسحاق بن أبي طلحة ، بنحوه .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر وأبو عامر قالا حدثنا زهير ، حدثنا سعد الطائي ، حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - سمع أبا هريرة ، قلنا : يا رسول الله ، إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد ، فقال لو أنكم تكونون على كل حال ، على الحال التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم ، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " . قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال : " لبنة ذهب ، ولبنة فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ولا يبأس ، ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .
ورواه الترمذي ، وابن ماجه ، من وجه آخر عن سعد ، به .
ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة ، لما رواه الإمام أحمد بن حنبل :
حدثنا وكيع ، حدثنا مسعر ، وسفيان - هو الثوري - عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن علي بن ربيعة ، عن أسماء بن الحكم الفزاري ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه ، وإذا حدثني عنه [ غيري استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني ] وصدق أبو بكر - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن - الوضوء - قال مسعر : فيصلي . وقال سفيان : ثم يصلي ركعتين - فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له " .كذا رواه علي بن المديني ، والحميدي وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأهل السنن ، وابن حبان في صحيحه والبزار والدارقطني ، من طرق ، عن عثمان بن المغيرة ، به . وقال الترمذي : هو حديث حسن وقد ذكرنا طرقه والكلام عليه مستقصى في مسند أبي بكر الصديق ، [ رضي الله عنه ] وبالجملة فهو حديث حسن ، وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] عن خليفة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أبي بكر الصديق ، رضي الله عنهما ومما يشهد لصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه ، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو : فيسبغ - الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء " .وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، أنه توضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه " .فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، عن سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين ، كما دل عليه الكتاب المبين من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين .
وقد قال عبد الرزاق : أخبرنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : بلغني أن إبليس حين نزلت : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) الآية ، بكى .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محرز بن عون ، حدثنا عثمان بن مطر ، حدثنا عبد الغفور ، عن أبي نضيرة عن أبي رجاء ، عن أبي بكر ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار ، فأكثروا منهما ، فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب ، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار ، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء ، فهم يحسبون أنهم مهتدون " .عثمان بن مطر وشيخه ضعيفان .
وروى الإمام أحمد في مسنده ، من طريق عمرو بن أبي عمرو وأبي الهيثم العتواري ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
قال إبليس : يا رب ، وعزتك لا أزال أغوي [ عبادك ] ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الله : وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني " .وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عمر بن أبي خليفة ، سمعت أبا بدر يحدث عن ثابت ، عن أنس قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ، أذنبت ذنبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
إذا أذنبت فاستغفر ربك " . [ قال : فإني أستغفر ، ثم أعود فأذنب . قال فإذا أذنبت فعد فاستغفر ربك ] " فقالها في الرابعة فقال : " استغفر ربك حتى يكون الشيطان هو المحسور " .وهذا حديث غريب من هذا الوجه .
وقوله : ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ) أي : لا يغفرها أحد سواه ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا سلام بن مسكين ، والمبارك ، عن الحسن ، عن الأسود بن سريع ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير فقال : اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " عرف الحق لأهله " .
وقوله : ( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) أي : تابوا من ذنوبهم ، ورجعوا إلى الله عن قريب ، ولم يستمروا على المعصية ويصروا عليها غير مقلعين عنها ، ولو تكرر منهم الذنب تابوا عنه ، كما قال الحافظ أبو يعلى الموصلي ، رحمه الله ، في مسنده :
حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل وغيره قالوا : حدثنا أبو يحيى عبد الحميد الحماني ، عن عثمان بن واقد عن أبي نصيرة ، عن مولى لأبي بكر ، عن أبي بكر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة " .
ورواه أبو داود ، والترمذي ، والبزار في مسنده ، من حديث عثمان بن واقد - وقد وثقه يحيى بن معين - به وشيخه أبو نصيرة الواسطي واسمه مسلم بن عبيد ، وثقه الإمام أحمد وابن حبان وقول علي بن المديني والترمذي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك ، فالظاهر إنما [ هو ] لأجل جهالة مولى أبي بكر ، ولكن جهالة مثله لا تضر ، لأنه تابعي كبير ، ويكفيه نسبته إلى [ أبي بكر ] الصديق ، فهو حديث حسن والله أعلم .
وقوله : ( وهم يعلمون ) قال مجاهد وعبد الله بن عبيد بن عمير : ( وهم يعلمون ) أن من تاب تاب الله عليه .
وهذا كقوله تعالى : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ) [ التوبة : 104 ] وكقوله ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 110 ] ونظائر هذا كثيرة جدا .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد أخبرنا جرير ، حدثنا حبان - هو ابن زيد الشرعبي - عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - وهو على المنبر - : " ارحموا ترحموا ، واغفروا يغفر لكم ، ويل لأقماع القول ، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " .
تفرد به أحمد ، رحمه الله .
- القرطبى : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
قوله تعالى : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون
فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكر الله تعالى في هذه الآية صنفا ، هم دون الصنف الأول فألحقهم به برحمته ومنه ; فهؤلاء هم التوابون . قال ابن عباس في رواية عطاء : نزلت هذه الآية في نبهان التمار - وكنيته أبو مقبل - أتته امرأة حسناء باع منها تمرا ، فضمها إلى نفسه وقبلها فندم على ذلك ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له ; فنزلت هذه الآية . وذكر أبو داود الطيالسي في مسنده عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : حدثني أبو بكر ، وصدق أبو بكر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم تلا هذه الآية والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم الآية ، والآية الأخرى ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه . وخرجه الترمذي وقال : حديث حسن . وهذا عام . وقد تنزل الآية بسبب خاص ثم تتناول جميع من فعل ذلك أو أكثر منه . وقد قيل : إن سبب نزولها أن ثقيفيا خرج في غزاة وخلف صاحبا له أنصاريا على أهله ، فخانه فيها بأن اقتحم عليها فدفعت عن نفسها فقبل يدها ، فندم على ذلك فخرج يسيح في الأرض نادما تائبا ; فجاء الثقفي فأخبرته زوجته بفعل صاحبه ، فخرج في طلبه فأتى به إلى أبي بكر وعمر رجاء أن يجد عندهما فرجا فوبخاه ; فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بفعله ; فنزلت هذه الآية . والعموم أولى للحديث . وروي عن ابن مسعود أن الصحابة قالوا : يا رسول الله ، كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منا ، حيث كان المذنب منهم تصبح عقوبته مكتوبة على باب داره ، وفي رواية : كفارة ذنبه مكتوبة على عتبة داره : اجدع أنفك ، اقطع أذنك ، افعل كذا ; فأنزل الله تعالى هذه الآية توسعة ورحمة وعوضا من ذلك الفعل ببني إسرائيل . ويروى أن إبليس بكى حين نزلت هذه الآية . والفاحشة تطلق على كل معصية ، وقد كثر اختصاصها بالزنا حتى فسر جابر بن عبد الله والسدي هذه الآية بالزنا . و " أو " في قوله : أو ظلموا أنفسهم قيل هي بمعنى الواو ; والمراد ما دون الكبائر . ذكروا الله معناه بالخوف من عقابه والحياء منه . الضحاك : ذكروا العرض الأكبر على الله . وقيل تفكروا في أنفسهم أن الله سائلهم عنه ; قاله الكلبي ومقاتل . وعن مقاتل أيضا : ذكروا الله باللسان عند الذنوب .
فاستغفروا لذنوبهم أي طلبوا الغفران لأجل ذنوبهم . وكل دعاء فيه هذا المعنى أو لفظه فهو استغفار . وقد تقدم في صدر هذه السورة سيد الاستغفار ، وأن وقته الأسحار . فالاستغفار عظيم وثوابه جسيم ، حتى لقد روى الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه . غفر له . وإن كان قد فر من الزحف . وروى مكحول عن أبي هريرة قال : ما رأيت أكثر استغفارا من رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - . وقال مكحول : ما رأيت أكثر استغفارا من أبي هريرة . وكان مكحول كثير الاستغفار . قال علماؤنا : الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان ، لا التلفظ باللسان . فأما من قال بلسانه : أستغفر الله ، وقلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار ، وصغيرته لاحقة بالكبائر . وروي عن الحسن البصري أنه قال : استغفارنا يحتاج إلى استغفار .
قلت : هذا يقوله في زمانه ، فكيف في زماننا هذا الذي يرى فيه الإنسان مكبا على الظلم ، حريصا عليه لا يقلع ، والسبحة في يده زاعما أنه يستغفر الله من ذنبه ، وذلك استهزاء منه واستخفاف . وفي التنزيل ولا تتخذوا آيات الله هزوا . وقد تقدم .
الثانية : قوله تعالى : ومن يغفر الذنوب إلا الله أي ليس أحد يغفر المعصية ولا يزيل عقوبتها إلا الله . ولم يصروا على ما فعلوا أي ولم يثبتوا ويعزموا على ما فعلوا . وقال مجاهد : أي ولم يمضوا . وقال معبد بن صبيح : صليت خلف عثمان وعلي إلى جانبي ، فأقبل علينا فقال : صليت بغير وضوء ثم ذهب فتوضأ وصلى . ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون . الإصرار هو العزم بالقلب على الأمر وترك الإقلاع عنه . ومنه صر الدنانير أي الربط عليها ; قال الحطيئة يصف الخيل :
عوابس بالشعث الكماة إذا ابتغوا علالتها بالمحصدات أصرت
أي ثبتت على عدوها . وقال قتادة : الإصرار الثبوت على المعاصي ; قال الشاعر :
يصر بالليل ما تخفي شواكله يا ويح كل مصر القلب ختار
قال سهل بن عبد الله : الجاهل ميت ، والناسي نائم ، والعاصي سكران ، والمصر هالك ، والإصرار هو التسويف ، والتسويف أن يقول : أتوب غدا ; وهذا دعوى النفس ، كيف يتوب غدا لا يملكه ! . وقال غير سهل : الإصرار هو أن ينوي ألا يتوب فإذا نوى التوبة النصوح خرج عن الإصرار . وقول سهل أحسن . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا توبة مع إصرار
الثالثة : قال علماؤنا : الباعث على التوبة وحل الإصرار إدامة الفكر في كتاب الله العزيز الغفار ، وما ذكره الله سبحانه من تفاصيل الجنة ووعد به المطيعين ، وما وصفه من عذاب النار وتهدد به العاصين ، ودام على ذلك حتى قوي خوفه ورجاؤه فدعا الله رغبا ورهبا ; والرغبة والرهبة ثمرة الخوف والرجاء ، يخاف من العقاب ويرجو الثواب ، والله الموفق للصواب . وقد قيل : إن الباعث على ذلك تنبيه إلهي ينبه به من أراد سعادته ; لقبح الذنوب وضررها إذ هي سموم مهلكة .
قلت : وهذا خلاف في اللفظ لا في المعنى ، فإن الإنسان لا يتفكر في وعد الله ووعيده إلا بتنبيهه ; فإذا نظر العبد بتوفيق الله تعالى إلى نفسه فوجدها مشحونة بذنوب اكتسبها وسيئات اقترفها ، وانبعث منه الندم على ما فرط ، وترك مثل ما سبق مخافة عقوبة الله تعالى صدق عليه أنه تائب ، فإن لم يكن كذلك كان مصرا على المعصية وملازما لأسباب الهلكة . قال سهل بن عبد الله : علامة التائب أن يشغله الذنب عن الطعام والشراب ; كالثلاثة الذين خلفوا .
الرابعة : قوله تعالى : وهم يعلمون فيه أقوال . فقيل : أي يذكرون ذنوبهم فيتوبون منها . قال النحاس : وهذا قول حسن . وقيل : وهم يعلمون أني أعاقب على الإصرار . وقال عبد الله بن عبيد بن عمير : وهم يعلمون أنهم إن تابوا تاب الله عليهم . وقيل : يعلمون أنهم إن استغفروا غفر لهم . وقيل : يعلمون بما حرمت عليهم ; قاله ابن إسحاق . وقال ابن عباس والحسن ومقاتل والكلبي : وهم يعلمون أن الإصرار ضار ، وأن تركه خير من التمادي . وقال الحسن بن الفضل : وهم يعلمون أن لهم ربا يغفر الذنب .
قلت : وهذا أخذه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه عز وجل قال : أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي . فذكر مثله مرتين ، وفي آخره : اعمل ما شئت فقد غفرت لك أخرجه مسلم . وفيه دليل على صحة التوبة بعد نقضها بمعاودة الذنب ; لأن التوبة الأولى طاعة وقد انقضت وصحت ، وهو محتاج بعد مواقعة الذنب الثاني إلى توبة أخرى مستأنفة ، والعود إلى الذنب وإن كان أقبح من ابتدائه ; لأنه أضاف إلى الذنب نقض التوبة ، فالعود إلى التوبة أحسن من ابتدائها ; لأنه أضاف إليها ملازمة الإلحاح بباب الكريم ، وإنه لا غافر للذنوب سواه . وقوله في آخر الحديث ( اعمل ما شئت ) أمر معناه الإكرام في أحد الأقوال ; فيكون من باب قوله : ادخلوها بسلام . وآخر الكلام خبر عن حال المخاطب بأنه مغفور له ما سلف من ذنبه ، ومحفوظ إن شاء الله تعالى فيما يستقبل من شأنه . ودلت الآية والحديث على عظيم فائدة الاعتراف بالذنب والاستغفار منه ، قال - صلى الله عليه وسلم - : إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه أخرجاه في الصحيحين . وقال :
يستوجب العفو الفتى إذا اعترف بما جنى من الذنوب واقترف
وقال آخر :
أقرر بذنبك ثم اطلب تجاوزه إن الجحود جحود الذنب ذنبان
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم . وهذه فائدة اسم الله تعالى الغفار والتواب ، على ما بيناه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى .
الخامسة : الذنوب التي يتاب منها إما كفر أو غيره ، فتوبة الكافر إيمانه مع ندمه على ما سلف من كفره ، وليس مجرد الإيمان نفس توبة ، وغير الكفر إما حق لله تعالى ، وإما حق لغيره ، فحق الله تعالى يكفي في التوبة منه الترك ; غير أن منها ما لم يكتف الشرع فيها بمجرد الترك بل أضاف إلى ذلك في بعضها قضاء كالصلاة والصوم ، ومنها ما أضاف إليها كفارة كالحنث في الأيمان والظهار وغير ذلك ، وأما حقوق الآدميين فلا بد من إيصالها إلى مستحقيها ، فإن لم يوجدوا تصدق عنهم ، ومن لم يجد السبيل لخروج ما عليه لإعسار فعفو الله مأمول ، وفضله مبذول ; فكم ضمن من التبعات وبدل من السيئات بالحسنات . وستأتي زيادة بيان لهذا المعنى .
السادسة : ليس على الإنسان إذا لم يذكر ذنبه ويعلمه أن يتوب منه بعينه ، ولكن يلزمه إذا ذكر ذنبا تاب منه . وقد تأول كثير من الناس فيما ذكر شيخنا أبو محمد عبد المعطي الإسكندراني - رضي الله عنه - أن الإمام المحاسبي - رحمه الله - يرى أن التوبة من أجناس المعاصي لا تصح ، وأن الندم على جملتها لا يكفي ، بل لا بد أن يتوب من كل فعل بجارحته وكل عقد بقلبه على التعيين . ظنوا ذلك من قوله ، وليس هذا مراده ، ولا يقتضيه كلامه ، بل حكم المكلف إذا عرف حكم أفعاله ، وعرف المعصية من غيرها ، صحت منه التوبة من جملة ما عرف ; فإنه إن لم يعرف كون فعله الماضي معصية لا يمكنه أن يتوب منه لا على الجملة ولا على التفصيل ; ومثاله رجل كان يتعاطى بابا من أبواب الربا ولا يعرف أنه ربا فإذا سمع كلام الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله عظم عليه هذا التهديد ، وظن أنه سالم من الربا ، فإذا علم حقيقة الربا الآن ، ثم تفكر فيما مضى من أيامه وعلم أنه لابس منه شيئا كثيرا في أوقات متقدمة ، صح أن يندم عليه الآن جملة ، ولا يلزمه تعيين أوقاته ، وهكذا كل ما واقع من الذنوب والسيئات كالغيبة والنميمة وغير ذلك من المحرمات التي لم يعرف كونها محرمة ، فإذا فقه العبد وتفقد ما مضى من كلامه تاب من ذلك جملة ، وندم على ما فرط فيه من حق الله تعالى ، وإذا استحل من كان ظلمه فحال له على الجملة وطابت نفسه بترك حقه جاز ; لأنه من باب هبة المجهول ، هذا مع شح العبد وحرصه على طلب حقه ، فكيف بأكرم الأكرمين المتفضل بالطاعات وأسبابها والعفو عن المعاصي صغارها وكبارها . قال شيخنا ، رحمه الله تعالى : هذا مراد الإمام ، والذي يدل عليه كلامه لمن تفقده ، وما ظنه به الظان من أنه لا يصح الندم إلا على فعل فعل وحركة حركة وسكنة سكنة على التعيين هو من باب تكليف ما لا يطاق ، الذي لم يقع شرعا وإن جاز عقلا ، ويلزم عنه أن يعرف كم جرعة جرعها في شرب الخمر ، وكم حركة تحركها في الزنا ، وكم خطوة مشاها إلى محرم ، وهذا ما لا يطيقه أحد ، ولا تتأتى منه توبة على التفصيل . وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان من أحكام التوبة وشروطها في " النساء " وغيرها إن شاء الله تعالى .
السابعة : في قوله تعالى : ولم يصروا حجة واضحة ودلالة قاطعة لما قاله سيف السنة ، ولسان الأمة القاضي أبو بكر بن الطيب : أن الإنسان يؤاخذ بما وطن عليه بضميره ، وعزم عليه بقلبه من المعصية .
قلت : وفي التنزيل : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وقال : فأصبحت كالصريم . فعوقبوا قبل فعلهم بعزمهم وسيأتي بيانه . وفي البخاري ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) قالوا : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ قال : ( إنه كان حريصا على قتل صاحبه ) . فعلق الوعيد على الحرص وهو العزم وألغى إظهار السلاح ، وأنص من هذا ما خرجه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري وصححه مرفوعا إنما الدنيا لأربعة نفر رجل أعطاه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا ، فهذا بأفضل المنازل ، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء ، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل به رحمه ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل ، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول : لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء . وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين ، ولا يلتفت إلى خلاف من زعم أن ما يهم الإنسان به وإن وطن عليه لا يؤاخذ به . ولا حجة له في قوله عليه السلام : من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه فإن عملها كتبت سيئة واحدة لأن معنى ( فلم يعملها ) فلم يعزم على عملها بدليل ما ذكرنا ، ومعنى ( فإن عملها ) أي أظهرها أو عزم عليها بدليل ما وصفنا . وبالله توفيقنا .
- الطبرى : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " الذين ينفقون في السراء والضراء "، أعدت الجنة التي عرضها السموات والأرض للمتقين، وهم المنفقون أموالهم في سبيل الله، إما في صرفه على محتاج، وإما في تقوية مُضعِف على النهوض لجهاده في سبيل الله. (12)
* * *
وأما قوله: " في السراء "، فإنه يعني: في حال السرور، بكثرة المال ورخاء العيش
* * *
" والسراء " مصدر من قولهم " سرني هذا الأمر مسرَّة وسرورًا "
* * *
" والضراء " مصدر من قولهم: " قد ضُرّ فلان فهو يُضَرّ"، إذا أصابه الضُّر، وذلك إذا أصابه الضيق، والجهد في عيشه. (13)
* * *
7838- حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " الذين ينفقون في السراء والضراء "، يقول: في العسر واليسر.
* * *
فأخبر جل ثناؤه أن الجنة التي وصف صفتها، لمن اتقاه وأنفق ماله في حال الرخاء والسعة، (14) وفي حال الضيق والشدة، في سبيله.
* * *
وقوله: " والكاظمين الغيظ "، يعني: والجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه.
* * *
يقال منه: " كظم فلان غيظه "، إذا تجرَّعه، فحفظ نفسه من أن تمضي ما هي قادرةٌ على إمضائه، باستمكانها ممن غاظها، وانتصارها ممن ظلمها.
وأصل ذلك من " كظم القربة "، يقال منه: " كظمتُ القربة "، إذا ملأتها ماء. و " فلان كظيمٌ ومكظومٌ"، إذا كان ممتلئًا غمٌّا وحزنًا. ومنه قول الله عز وجل، وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ [سورة يوسف: 84] يعني: ممتلئ من الحزن. ومنه قيل لمجاري المياه: " الكظائم "، لامتلائها بالماء. ومنه قيل: " أخذت بكَظَمِه " يعني: بمجاري نفسه.
* * *
و " الغيظ " مصدر من قول القائل: " غاظني فلان فهو يغيظني غيظًا "، وذلك إذا أحفظه وأغضبهُ.
* * *
وأما قوله: " والعافين عن الناس "، فإنه يعني: والصافحين عن الناس عقوبَةَ ذنوبهم إليهم وهم على الانتقام منهم قادرون، فتاركوها لهم.
* * *
وأما قوله: " والله يحب المحسنين "، فإنه يعني: فإن الله يحب من عمل بهذه الأمور التي وصف أنه أعدَّ للعاملين بها الجنة التي عرضُها السموات والأرض، والعاملون بها هم " احسنون "، وإحسانهم، هو عملهم بها،. كما:-
7839- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " الذين ينفقون في السراء والضراء " الآية: " والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "، أي: وذلك الإحسان، وأنا أحب من عمل به. (15)
7840- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "، قوم أنفقوا في العسر واليسر، والجهد والرخاء، فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل، ولا قوة إلا بالله. فنِعْمت والله يا ابن آدم، الجرعة تجترعها من صبر وأنت مغيظ، وأنت مظلومٌ.
7841- حدثني موسى بن عبد الرحمن قال، حدثنا محمد بن بشر قال، حدثنا محرز أبو رجاء، عن الحسن قال: يقال يوم القيامة: ليقم من كان له على الله أجر. فما يقوم إلا إنسان عفا، ثم قرأ هذه الآية: " والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ". (16)
7842- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن رجل من أهل الشام يقال له عبد الجليل، عن عم له، عن أبي هريرة في قوله: " والكاظمين الغيظ ": أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كظم غيظًا وهو يقدر على إنفاذه، ملأه الله أمنًا وإيمانًا. (17)
7843- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " والكاظمين الغيظ " إلى " والله يحب المحسنين "، فـ" الكاظمين الغيظ " كقوله: وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [سورة الشورى: 37]، يغضبون في الأمر لو وقعوا به كان حرامًا، فيغفرون ويعفون، يلتمسون بذلك وجه الله =" والعافين عن الناس " كقوله: وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ إلى أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [سورة النور: 22]، يقول: لا تقسموا على أن لا تعطوهم من النفقة شيئًا واعفوا واصفحوا.
-------------------------
الهوامش :
(12) في المطبوعة: "
للجهاد" ، بلامين ، وأثبت ما في المخطوطة. والمضعف: الذي قد ضعفت دابته.(13) انظر تفسير"
الضراء" فيما سلف 3: 350 - 352.(14) في المخطوطة: "
في حال الرضا" ، وكأنها صواب أيضًا.(15) الأثر: 7839- سيرة ابن هشام 3: 115 وهو من تمام الآثار التي آخرها: 7837.
(16) الأثر: 7841-"
موسى بن عبد الرحمن المسروقي" سلفت ترجمته برقم: 3345. و"محمد بن بشر بن الفرافصة العبدي" مضت ترجمته أيضًا برقم: 4557. و"محرز""أبو رجاء" هو"محرز بن عبد الله الجزري" ، مولى هشام بن عبد الملك. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "كان يدلس عن مكحول".(17) الحديث 7842- داود بن قيس الفراء: سبق توثيقه في: 5398. زيد بن أسلم: تابعي ثقة معروف ، مضى في 5465.
وأما عبد الجليل ، الذي ذكر غير منسوب ، إلا بأنه من أهل الشام -: فإنه مجهول. وعمه أشد جهالة منه.
وقد ذكره الذهبي في الميزان ، والحافظ في اللسان ، في ترجمة"عبد الجليل" ، وقالا: "قال البخاري: لا يتابع عليه".
وترجمه ابن أبي حاتم 3 / 1 / 33 ، وقال: "روى عنه داود بن قيس. وقال بعضهم: عن داود ابن قيس ، عن زيد بن أسلم". أي كمثل رواية الطبري هنا.
وهذا الإسناد ضعيف ، لجهالة اثنين من رواته. وقد نقله ابن كثير 2: 244 ، عن عبد الرزاق ، به.
ونقله السيوطي 2: 71 - 72 ، ونسبه لعبد الرزاق ، والطبري وابن المنذر.
وذكره في الجامع الصغير: 8997 ، ونسبه لابن أبي الدنيا في ذم الغضب؛ ولم ينسبه لغيره ، فكان عجبًا!!
وفي معناه حديثان ، رواهما أبو داود: 4777 ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه. و: 4778 ، عن سويد بن وهب ، عن رجل من أبناء الصحابة ، عن أبيه.
وقد روى أحمد في المسند: 6114 ، عن علي بن عاصم ، عن يونس بن عبيد ، أخبرنا الحسن ، عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ ، يكظمها ابتغاء وجه الله تعالى".
وهذا إسناد صحيح. ونقله ابن كثير 2: 244 ، من تفسير ابن مردويه. من طريق علي بن عاصم ، عن يونس بن عبيد ، به. ثم قال: "رواه ابن جرير. وكذا رواه ابن ماجه ، عن بشر بن عمر ، عن حماد بن سلمة ، عن يونس بن عبيد ، به". فنسبه ابن كثير -في هذا الموضع- لرواية الطبري. ولم يقع إلينا فيه في هذا الموضع. فلا ندري: أرواه ابن جرير في موضع آخر ، أم سقط هنا سهوًا من الناسخين؟ فلذلك أثبتناه في الشرح احتياطًا.
- ابن عاشور : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
إن كان عطفَ فريققٍ آخر ، فهم غيرُ المتّقين الكاملين ، بل هم فريق من المتّقين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً ، وإن كان عطفَ صفات ، فهو تفضيل آخر لحال المتَّقين بأن ذُكر أوّلاً حال كمالهم ، وذكر بعده حال تداركهم نقائصهم .
والفاحشة الفَعلة المتجاوزة الحدّ في الفساد ، ولذلك جمعت في قوله تعالى : { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش } [ النجم : 32 ] واشتقاقها من فَحُش بمعنى قال قولاً ذميماً ، كما في قول عائشة : «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحّشاً» ، أو فعلَ فعلاً ذميماً ، ومنه { قل إن الله لا يأمر بالفحشاء } [ الأعراف : 28 ] .
ولا شك أنّ التَّعريف هنا تعريف الجنس ، أي فعلوا الفواحش ، وظلمُ النفس هو الذنوب الكبائر ، وعطفها هنا على الفواحش كعطف الفواحش عليها في قوله : { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش } [ النجم : 32 ] . فقيل : الفاحشة المعصية الكبيرة ، وظلم النَّفس الكبيرة مطلقاً ، وقيل : الفاحشة هي الكبيرة المتعدية إلى الغير ، وظلم النَّفس الكبيرة القاصرة على النَّفس ، وقيل : الفاحشة الزنا ، وهذا تفسير على معنى المثال .
والذكر في قوله : { ذكروا الله } ذكر القلب وهو ذِكر ما يجب لله على عبده ، وما أوصاه به ، وهو الَّذي يتفرّع عنه طلب المغفرة؛ وأمّا ذكر اللّسان فلا يترتّب عليه ذلك . ومعنى ذكر الله هنا ذكر أمره ونهيه ووعده ووعيده .
والاستغفار : طلب الغَفْر أي الستر للذنوب ، وهو مجاز في عدم المؤاخذة على الذنب ، ولذلك صار يعدّي إلى الذنب باللام الدالة على التَّعليل كما هنا ، وقوله تعالى : { واستغفر لذنبك } [ غافر : 55 ] . ولمَّا كان طلب الصفح عن المؤاخذة بالذنب لا يصدر إلا عن ندامة ، ونية إقلاع عن الذنب ، وعدم العودة إليه ، كان الاستغفار في لسان الشارع بمعنى التوبة ، إذ كيف يطلب العفو عن الذنب من هو مستمرّ عليه ، أو عازم على معاودته ، ولو طلب ذلك في تلك الحالة لكان أكثر إساءة من الذنب ، فلذلك عدّ الاستغفار هنا رتبة من مراتب التَّقوى . وليس الاستغفار مجرّد قول ( أستغفر الله ) باللّسان والقائلُ ملتبس بالذنوب . وعن رابعة العدوية أنَّها قالت : «استغفارنا يحتاج إلى الاستغفار» وفي كلامها مبالغة فإنّ الاستغفار بالقول مأمور به في الدّين لأنَّه وسيلة لتذكّر الذنب والحيلة للإقلاع عنه .
وجملة { ومن يغفر الذنوب إلاّ الله } معترضة بين جملة { فاستغفروا } وجملة { ولم يُصِرُّوا على ما فعلوا } .
والاستفهام مستعمل في معنى النَّفي ، بقرينة الاستثناء منه ، والمقصود تسديد مبادرتهم إلى استغفار الله عقب الذنب ، والتعريض بالمشركين الَّذين اتّخذوا أصنامهم شفعاء لهم عند الله ، وبالنَّصارى في زعمهم أنّ عيسى رفع الخطايا عن بني آدم ببلية صَلبه .
وقوله : { ولم يصروا } إتمام لركْني التَّوبة لأنّ قوله : { فاستغفروا لذنوبهم } يشير إلى الندم ، وقوله : { ولم يصروا } تصريح بنفي الإصرار ، وهذان ركنا التَّوبة .
وفي الحديث : " النَّدم توبة " ، وأما تدارك ما فرّط فيه بسبب الذنب فإنَّما يكون مع الإمكان ، وفيه تفصيل إذا تعذّر أو تعسّر ، وكيف يؤخذ بأقصى ما يمكن من التدارك .
وقوله : { ولم يصروا على ما فعلوا } حال من الضّمير المرفوع في «ذكروا» أي : ذكروا الله في حال عدم الإصرار . والإصرار : المُقام على الذنب ، ونفيُه هو معنى الإقلاع . وقوله : { وهم يعلمون } حال ثانية ، وحذف مفعول يعلمون لظهوره من المقام أي يعلمون سوء فعلهم ، وعظم غضب الربّ ، ووجوبَ التوبة إليه ، وأنَّه تفضّل بقبول التَّوبة فمحا بها الذنوب الواقعة .
وقد انتظم من قوله : { ذكروا الله فاستغفروا } وقوله : { ولم يصروا } وقوله : { وهم يعلمون } الأركان الثلاثة الَّتي ينتظم منها معنى التَّوبة في كلام أبي حامد الغزالي في كتاب التَّوبة من «إحياء علوم الدّين» إذ قال : «وهي عِلْم ، وحال ، وفعل . فالعلم هو معرفة ضرّ الذنوب ، وكونها حجاباً بين العبد وبين ربِّه ، فإذا علم ذلك بيقين ثار من هذه المعرفة تألّم للقلب بسبب فوات ما يحبّه من القرب من ربِّه ، ورضاه عنه ، وذلك الألم يسمّى ندماً ، فإذا غلب هذا الألم على القلب انبعثت منه في القلب حالة تسمّى إرادة وقصداً إلى فعل له تعلّق بالحال والماضي والمستقبل ، فتعلّقه بالحال هو ترك الذنب ( الإقلاع ) ، وتعلّقه بالمستقبل هو العزم على ترك الذنب في المستقبل ( نفي الإصرار ) ، وتعلّقه بالماضي بتلافي ما فات» .
فقوله تعالى : { ذكروا الله } إشارة إلى انفعال القلب .
وقوله : { ولم يصروا } إشارة إلى الفعل وهو الإقلاع ونفي العزم على العودة .
وقوله : { وهم يعلمون } إشارة إلى العلم المثير للانفعال النفساني . وقد رتّبت هاته الأركان في الآية بحسب شدّة تعلّقها بالمقصود : لأنّ ذكر الله يحصل بعد الذنب ، فيبعث على التَّوبة ، ولذلك رتّب الاستغفار عليه بالفاء ، وأمَّا العلم بأنَّه ذنب ، فهو حاصل من قبل حصول المعصية ، ولولا حصوله لما كانت الفعلة معصية . فلذلك جيء به بعد الذكر ونفي الإصرار ، على أنّ جملة الحال لا تدلّ على ترتيب حصول مضمونها بعد حصول مضمون ما جيء به قبلَها في الأخبار والصّفات .
ثُمّ إن كان الإصرار ، وهو الاستمرار على الذنب ، كما فُسِّر به كان نفيه بمعنى الإقلاع لأجل خَشية الله تعالى ، فلم يدلّ على أنَّه عازم على عدم العود إليه ، ولكنَّه بحسب الظاهر لا يرجع إلى ذنب ندِمَ على فعله ، وإن أريد بالإصرار اعتقاد العود إلى الذنب فنفيه هو التَّوبة الخالصة ، وهو يستلزم حصول الإقلاع معه إذ التلبّس بالذنب لا يجتمع مع العزم على عدم العود إليه ، فإنَّه متلبّس به من الآن .
- إعراب القرآن : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
«وَالَّذِينَ» عطف على الذين قبلها «إِذا» ظرف للمستقبل «فَعَلُوا فاحِشَةً» فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة في محل جر بالإضافة «أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ» الجملة معطوفة على ما قبلها «ذَكَرُوا اللَّهَ» فعل ماض والواو فاعل ولفظ الجلالة مفعول به والجملة جواب الشرط إذ لا محل لها «فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ» ماض وفاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما والجملة معطوفة بالفاء على ما قبلها «وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ» الواو استئنافية من اسم استفهام مبتدأ وجملة يغفر الذنوب خبره إلا أداة حصر «اللَّهَ» لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في يغفر مرفوع بالضمة وجملة ومن يغفر استئنافية.
«وَلَمْ يُصِرُّوا» الواو عاطفة يصروا فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل «عَلى ما فَعَلُوا» ما مصدرية أو موصولة والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بيصروا «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» الجملة حالية وجملة يعلمون خبر هم.
- English - Sahih International : And those who when they commit an immorality or wrong themselves [by transgression] remember Allah and seek forgiveness for their sins - and who can forgive sins except Allah - and [who] do not persist in what they have done while they know
- English - Tafheem -Maududi : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ(3:135) These are the ones who, when they commit any indecency and wrong against themselves, instantly remember Allah and implore forgiveness for their sins - for who will forgive sins save Allah? - and who do not wilfully persist in the wrong they did.
- Français - Hamidullah : et pour ceux qui s'ils ont commis quelque turpitude ou causé quelque préjudice à leurs propres âmes en désobéissant à Allah se souviennent d'Allah et demandent pardon pour leurs péchés - et qui est-ce qui pardonne les péchés sinon Allah - et qui ne persistent pas sciemment dans le mal qu'ils ont fait
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : und diejenigen die wenn sie eine Abscheulichkeit begangen oder sich selbst Unrecht zugefügt haben Allahs gedenken und dann für ihre Sünden um Vergebung bitten - und wer sollte die Sünden vergeben außer Allah - und die nicht auf dem beharren was sie getan haben wo sie doch wissen
- Spanish - Cortes : que si cometen una indecencia o son injustos consigo mismos recuerdan a Alá piden perdón por sus pecados -¿y quién puede perdonarlos pecados sino Alá- y no reinciden a sabiendas
- Português - El Hayek : Que quando cometem uma obscenidade ou se condenam mencionam a Deus e imploram o perdão por seus pecados mas quem senão Deus perdoa os pecados e não reincidem com conhecimento no que cometeram
- Россию - Кулиев : Тем же которые совершив мерзкий поступок или несправедливо поступив против самих себя помянули Аллаха и попросили прощения за свои грехи - ведь кто прощает грехи кроме Аллаха - и тем которые сознательно не упорствуют в том что они совершили
- Кулиев -ас-Саади : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
Тем же, которые, совершив мерзкий поступок или несправедливо поступив против самих себя, помянули Аллаха и попросили прощения за свои грехи, - ведь кто прощает грехи, кроме Аллаха? - и тем, которые сознательно не упорствуют в том, что они совершили,- Turkish - Diyanet Isleri : Onlar fena bir şey yaptıklarında veya kendilerine zulmettiklerinde Allah'ı anarlar günahlarının bağışlanmasını dilerler Günahları Allah'tan başka bağışlayan kim vardır Onlar yaptıklarında bile bile direnmezler
- Italiano - Piccardo : e quelli che quando hanno commesso qualche misfatto o sono stati ingiusti nei confronti di loro stessi si ricordano di Allah e Gli chiedono perdono dei loro peccati e chi può perdonare i peccati se non Allah e non si ostinano nel male consapevolmente
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوانهش که تاوان یان گوناهێک ئهنجام دهدهن یاخود ستهم له خۆیان دهکهن دوایی به خۆیاندا دێنهوهو سزای خوا دێتهوه یادیان ئهوسا داوای لێخۆشبوون دهکهن جا کێ ههیه که له گوناهان خۆش ببێت جگه له خوا ههروهها لهسهر گوناهو تاوانیان بهردهوام نابن له کاتێکدا دهزانن ئهوه تاوانه
- اردو - جالندربرى : اور وہ کہ جب کوئی کھلا گناہ یا اپنے حق میں کوئی اور برائی کر بیٹھتے ہیں تو خدا کو یاد کرتے اور اپنے گناہوں کی بخشش مانگتے ہیں اور خدا کے سوا گناہ بخش بھی کون سکتا ہے اور جان بوجھ کر اپنے افعال پر اڑے نہیں رہتے
- Bosanski - Korkut : i za one koji se kada grijeh počine ili kad se prema sebi ogriješe Allaha sjete i oprost za grijehe svoje zamole – a ko će oprostiti grijehe ako ne Allah – i koji svjesno u grijehu ne ustraju
- Swedish - Bernström : de som om de begår en skamlös handling eller [på annat sätt] tillfogat sig själva orätt minns Gud och ber Honom om förlåtelse för sina synder vem kan förlåta synderna utom Gud och som inte fortsätter att begå sådana handlingar mot bättre vetande
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan juga orangorang yang apabila mengerjakan perbuatan keji atau menganiaya diri sendiri mereka ingat akan Allah lalu memohon ampun terhadap dosadosa mereka dan siapa lagi yang dapat mengampuni dosa selain dari pada Allah Dan mereka tidak meneruskan perbuatan kejinya itu sedang mereka mengetahui
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
(Dan juga orang-orang yang apabila mereka berbuat kekejian) artinya dosa yang keji seperti perzinahan (atau menganiaya diri mereka sendiri) artinya melakukan dosa yang lebih ringan dari itu misalnya mencium (mereka ingat kepada Allah) maksudnya ingat akan ancaman-Nya (lalu memohon ampun terhadap dosa-dosa mereka dan siapakah) artinya tidak ada (yang dapat mengampuni dosa itu melainkan Allah. Dan mereka tidak meneruskan perbuatan mereka itu) menghentikannya sama sekali (sedangkan mereka mengetahui) bahwa apa yang mereka lakukan itu adalah perbuatan maksiat adanya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তারা কখনও কোন অশ্লীল কাজ করে ফেললে কিংবা কোন মন্দ কাজে জড়িত হয়ে নিজের উপর জুলুম করে ফেললে আল্লাহকে স্মরণ করে এবং নিজের পাপের জন্য ক্ষমা প্রার্থনা করে। আল্লাহ ছাড়া আর কে পাপ ক্ষমা করবেন তারা নিজের কৃতকর্মের জন্য হঠকারিতা প্রদর্শন করে না এবং জেনেশুনে তাই করতে থাকে না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : தவிர மானக் கேடான ஏதேனும் ஒரு செயலை அவர்கள் செய்துவிட்டாலும் அல்லது ஏதேனும் பாவத்தினால் தமக்குத் தாமே தீங்கிழைத்துக் கொண்டாலும் உடனே அவர்கள் மனப்பூர்வமாக அல்லாஹ்வை நினைத்து தங்கள் பாவங்களுக்காக மன்னிப்புத் தேடுவார்கள்; அல்லாஹ்வைத் தவிர வேறு யார் பாவங்களை மன்னிக்க முடியும் மேலும் அவர்கள் அறிந்து கொண்டே தங்கள் பாவ காரியங்களில் தரிபட்டிருந்து விடமாட்டார்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : บรรดาผู้ที่เมื่อพวกเขากระทำสิ่งชั่วใด ๆ หรือ อยุติธรรมแก่ตัวเองแล้ว พวกเขาก็รำลึกถึงอัลลอฮ์ แล้วขออภัยโทษในบรรดาความผิดของพวกเขา และใครเล่าที่จะอภัยโทษบรรดาความผิดทั้งหลายให้ได้ นอกจากอัลลอฮ์แล้ว และพวกเขามิได้ดื้อรั้นปฏิบัติในสิ่ง ที่เขาเคยปฏิบัติมาโดยที่พวกเขารู้กันอยู่
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ва улар фоҳиша иш ёки ўзларига зулм қилган чоғларида Аллоҳни эслаб гуноҳларини мағфират қилишни сўрайдилар гуноҳларини Аллоҳдан ўзга ким ҳам мағфират қиларди Ва улар билиб туриб қилган гуноҳларида бардавом бўлмаслар Демак бир марта билмасдан ёки заифлик тутиб гуноҳ қилиб қўйган одам дарров тавба қилса ва гуноҳдан тўхтаса шундагина тавбаси қабул экан Бу қоида ва мағфират бобидаги бир оят ва ҳадисларга тегишлидир Баъзи нафси бузуқ одамлар ўйлаганидек оғзида тавба қилдим деб қўйиб қайтақайта гуноҳ қилаверадиганлар бу ҳукмга кирмайдилар
- 中国语文 - Ma Jian : 敬畏者,当做了丑事或自欺的时候,记念真主,且为自己的罪恶而求饶除真主外,谁能赦宥罪恶呢?他们没有明知故犯地怙恶不悛。
- Melayu - Basmeih : Dan juga orangorang yang apabila melakukan perbuatan keji atau menganiaya diri sendiri mereka segera ingat kepada Allah lalu memohon ampun akan dosa mereka dan sememangnya tidak ada yang mengampunkan dosadosa melainkan Allah dan mereka juga tidak meneruskan perbuatan keji yang mereka telah lakukan itu sedang mereka mengetahui akan salahnya dan akibatnya
- Somali - Abduh : Kuwa markay falaan Xumaan ama Dulmiyaan Naftooda Xuse Eebe Warsadana Dambi dhaafid dambigooda wax dambi dhaafana ma jiro Eebe mooyee oon daa'imin Xumaantay faleen iyagoona og
- Hausa - Gumi : Kuma waɗanda suke idan suka aikata wata alfãsha ko suka zãlunci kansu sai su tunã da Allah sabõda su nẽmi gãfarar zunubansu ga Allah Kuma wãne ne ke gãfara ga zunubai fãce Allah Kuma ba su dõge a kan abin da suka aikata ba alhãli kuwa suna sane
- Swahili - Al-Barwani : Na ambao pindi wafanyapo uchafu au wakajidhulumu nafsi zao humkumbuka Mwenyezi Mungu na wakamwomba msamaha kwa dhambi zao na nani anaye futa dhambi isipo kuwa Mwenyezi Mungu na wala hawaendelei na waliyo yafanya na hali wanajua
- Shqiptar - Efendi Nahi : dhe ata që kur bëjnë vepra të turpshme ose i bëjnë dëm vetes e kujtojnë Perëndinë – dhe kërkojnë falje për mëkatet e tyre E kush falë mëkatet përveç Perëndisë – Ata nuk ngulmojnë në atë që kanë punuar e ata e dinë këtë
- فارسى - آیتی : و آن كسان كه چون مرتكب كارى زشت شوند يا به خود ستمى كنند، خدا را ياد مىكنند و براى گناهان خويش آمرزش مىخواهند و كيست جز خدا كه گناهان را بيامرزد؟ و چون به زشتى گناه آگاهند در آنچه مىكردند پاى نفشرند.
- tajeki - Оятӣ : Ва он касон, ки чун коре зишт кунанд ё ба худ ситаме кунанд, Худоро ёд мекунанд ва барои гуноҳони хеш омурзиш мехоҳанд ва кист ҷуз Худо, ки гуноҳонро биёмурзад? Ва чун ба зиштии гуноҳ огоҳанд, дар он чӣ мекарданд, пой нафушуранд.
- Uyghur - محمد صالح : تەقۋادارلار يامان بىر گۇناھ قىلىپ قالسا ياكى ئۆزلىرىگە زۇلۇم قىلسا اﷲ نى ياد ئېتىدۇ، گۇناھلىرى ئۈچۈن مەغپىرەت تەلەپ قىلىدۇ، گۇناھنى كەچۈرىدىغان اﷲ تىن باشقا كىم بار؟ ئۇلار قىلمىشلىرىنى بىلىپ تۇرۇپ داۋاملاشتۇرمايدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വല്ല നീചകൃത്യവും ചെയ്യുകയോ, തങ്ങളോടുതന്നെ എന്തെങ്കിലും അതിക്രമം കാണിക്കുകയോ ചെയ്താല് അപ്പോള്തന്നെ അല്ലാഹുവെ ഓര്ക്കുന്നവരാണവര്; തങ്ങളുടെ പാപങ്ങള്ക്ക് മാപ്പിരക്കുന്നവരും. പാപങ്ങള് പൊറുക്കാന് അല്ലാഹുവല്ലാതെ ആരുണ്ട്? അവരൊരിക്കലും തങ്ങള് ചെയ്തുപോയ തെറ്റുകളില് ബോധപൂര്വം ഉറച്ചുനില്ക്കുകയില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : والذين اذا ارتكبوا ذنبا كبيرا او ظلموا انفسهم بارتكاب ما دونه ذكروا وعد الله ووعيده فلجاوا الى ربهم تائبين يطلبون منه ان يغفر لهم ذنوبهم وهم موقنون انه لا يغفر الذنوب الا الله فهم لذلك لا يقيمون على معصيه وهم يعلمون انهم ان تابوا تاب الله عليهم