- عربي - نصوص الآيات عثماني : ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَٰنًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ
- عربى - نصوص الآيات : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
- عربى - التفسير الميسر : وهم الذين قال لهم بعض المشركين: إن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لاستئصالكم، فاحذروهم واتقوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم، فزادهم ذلك التخويف يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم، ولم يَثْنِهم ذلك عن عزمهم، فساروا إلى حيث شاء الله، وقالوا: حسبنا الله أي: كافينا، ونِعْم الوكيل المفوَّض إليه تدبير عباده.
- السعدى : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
وقال لهم: { إن الناس قد جمعوا لكم } وهموا باستئصالكم، تخويفا لهم وترهيبا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه. { وقالوا حسبنا الله } أي: كافينا كل ما أهمنا { ونعم الوكيل } المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم.
- الوسيط لطنطاوي : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
ثم مدحهم- سبحانه- على ثباتهم وشجاعتهم وحسن اعتمادهم على خالقهم- عز وجل-، بعد أن مدحهم قبل ذلك على حسن استجابتهم لله ولرسوله فقال- تعالى-:
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
قال الفخر الرازي ما ملخصه: نزلت هذه الآية في غزوة بدر الصغرى، وذلك أن أبا سفيان لما عزم على الانصراف إلى مكة في أعقاب غزوة أحد نادى: يا محمد موعدنا موسم بدر الصغرى فنقتتل بها إن شئت. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعمر: قل له بيننا وبينك ذلك إن شاء الله.
فلما حضر الأجل خرج أبو سفيان مع قومه حتى نزل بمر الظهران، فألقى الله الرعب في قلبه، فبدا له أن يرجع. فلقى نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فقال له: يا نعيم، إنى وعدت محمدا أن نلتقي بموسم بدر. وإن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر، ونشرب فيه اللبن. وقد بدا لي أن أرجع. ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاد بذلك جراءة علينا، فاذهب إلى المدينة فثبطهم ولك عندي عشرة من الإبل.
فخرج نعيم إلى المدينة فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم: ما هذا بالرأى. أتوكم في دياركم وقتلوا أكثركم فإن ذهبتم إليهم لم يرجع منكم أحد.
فوقع هذا الكلام في قلوب قوم منهم. فلما رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك قال: «والذي نفسي بيده لأخرجن إليهم ولو وحدي» .
ثم خرج صلّى الله عليه وسلّم في جمع من أصحابه، وذهبوا إلى أن وصلوا إلى بدر الصغرى- وهي ماء لبنى كنانة وكانت موضع سوق لهم يجتمعون فيها كل عام ثمانية أيام- ولم يلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه أحدا من المشركين.
ووافقوا السوق وكانت معهم نفقات وتجارات فباعوا واشتروا أدما وزبيبا، وربحوا وأصابوا بالدرهم درهمين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين.
أما أبو سفيان ومن معه فقد عادوا إلى مكة بعد أن وصلوا إلى مر الظهران ...
وقيل إن الذين قابلهم أبو سفيان عند خروجه من مكة جماعة من بنى عبد القيس، وقد قال لهم ما قاله لنعيم بن مسعود عند ما أزمع العودة إلى مكة بعد أن قذف الله الرعب في قلبه من لقاء المسلمين.
وعلى أية حال ففي سبب نزول هذه الآية والتي قبلها أقوال أخرى للمفسرين اكتفينا بما ذكرناه خشية الإطالة..
وقوله الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ بدل من قوله الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أو صفة له.
أو في محل نصب على المدح أى أمدح الذين قال لهم الناس ... إلخ.
والمراد في الموصول في الآيتين طائفة واحدة من المؤمنين وهم الذين لم تمنعهم الجراح عن الخروج للقتال، ولم يرهبهم قول من قال لهم بعد ذلك إن الناس قد جمعوا لكم.
والمراد من الناس الأول وهو قوله الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ جماعة بنى عبد القيس أو نعيم بن مسعود.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت كيف قيل «الناس» إن كان نعيم هو المثبط وحده؟
قلت: قيل ذلك لأنه من جنس الناس كما يقال: فلان يركب الخيل، ويلبس البرد وماله إلا فرس واحد وبرد فرد. أو لأنه حين قال ذلك لم يخل من ناس من أهل المدينة يضامونه، ويصلون جناح كلامه، ويثبطون مثل تثبيطه .
والمراد من الناس الثاني وهو قوله: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ أبو سفيان ومن معه. فأل فيهما للعهد، والناس الثاني غير الأول.
وقوله- تعالى- حكاية عن هؤلاء المثبطين: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ أى إن أعداءكم المشركين قد جمعوا لكم جموعا كثيرة ليستأصلوكم، فاخشوهم ولا تخرجوا لقتالهم.
وحذف مفعول جَمَعُوا فلم يقل: جمعوا جيشا كبيرا أو جمعوا أنفسهم وعددهم وأحلافهم وذلك ليذهب الخيال كل مذهب في مقدار ما جمعوا من رجال وسلاح وأموال، ولكن هذا القول الذي صدر من هؤلاء المثبطين، لم يلتفت إليه المؤمنون الصادقون المخلصون في جهادهم وفي اعتمادهم على خالقهم، بل كانوا كما أخبر الله تعالى- عنهم فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
أى أن هذا القول الذي قاله المثبطون، زاد المؤمنين إيمانا على إيمانهم، ويقينا على يقينهم، وثباتا على ثباتهم، وجعلهم يقولون للمرجفين بثقة واطمئنان: حَسْبُنَا اللَّهُ أى كافينا الله أمر أعدائنا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أى نعم النصير خالقنا- عز وجل- فهو الموكول إليه أمرنا ومصيرنا.
وقولهم هذا يدل دلالة واضحة على قوة إيمانهم، وشدة ثقتهم في نصر الله- تعالى- لهم، مهما كثر عدد أعدائهم، ومهما تعددت مظاهر قوتهم.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف زادهم نعيم أو مقوله إيمانا؟ قلت: لما لم يسمعوا قوله وأخلصوا عنده النية والعزم على الجهاد، وأظهروا حمية الإسلام، كان ذلك أثبت ليقينهم، وأقوى لاعتقادهم، كما يزداد الإيقان بتناصر الحجج. ولأن خروجهم على أثر تثبيطه إلى جهة العدو طاعة عظيمة، والطاعات من جملة الإيمان، لأن الإيمان اعتقاد وإقرار وعمل. وعن ابن عمر: قلنا يا رسول الله: إن الإيمان يزيد وينقص؟ قال: «نعم. يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار» . وعن عمر- رضى الله عنه- أنه كان يأخذ بيد الرجل
فيقول: قم بنا نزداد إيمانا. وعنه: «لو وزن إيمان أبى بكر بإيمان هذه الأمة لرجح به» .
وقال ابن كثير: روى البخاري عن ابن عباس: قال: «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» قالها إبراهيم- عليه السلام- حين ألقى به في النار. وقالها محمد صلّى الله عليه وسلّم حين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم» .
وعن أبى هريرة- رضى الله عنه- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا: «حسبنا الله ونعم الوكيل» .
- البغوى : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
( الذين قال لهم الناس ) ومحل " الذين " خفض أيضا مردود على الذين الأول وأراد بالناس : نعيم بن مسعود ، في قول مجاهد وعكرمة فهو من العام الذي أريد به الخاص كقوله تعالى : ( أم يحسدون الناس ) يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم وحده وقال محمد بن إسحاق وجماعة : أراد بالناس الركب من عبد القيس ، ( إن الناس قد جمعوا لكم ) يعني أبا سفيان وأصحابه ، ( فاخشوهم ) فخافوهم واحذروهم فإنه لا طاقة لكم بهم ، ( فزادهم إيمانا ) تصديقا ويقينا وقوة ( وقالوا حسبنا الله ) أي : كافينا الله ، ( ونعم الوكيل ) أي : الموكول إليه الأمور فعيل بمعنى مفعول .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أحمد بن يونس ، أخبرنا أبو بكر ، عن أبي حصين ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا : ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
- ابن كثير : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
وقوله : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا [ وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ] ) أي : الذين توعدهم الناس [ بالجموع ] وخوفوهم بكثرة الأعداء ، فما اكترثوا لذلك ، بل توكلوا على الله واستعانوا به ( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )
قال البخاري : حدثنا أحمد بن يونس ، أراه قال : حدثنا أبو بكر ، عن أبي حصين ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا : ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )
وقد رواه النسائي ، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم وهارون بن عبد الله ، كلاهما عن يحيى بن أبي بكير ، عن أبي بكر - وهو ابن عياش - به . والعجب أن الحاكم [ أبا عبد الله ] رواه من حديث أحمد بن يونس ، به ، ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
ثم رواه البخاري عن أبي غسان مالك بن إسماعيل ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس قال : كان آخر قول إبراهيم ، عليه السلام ، حين ألقي في النار : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
وقال عبد الرزاق : قال ابن عيينة : وأخبرني زكريا ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو قال : هي كلمة إبراهيم عليه السلام حين ألقي في البنيان . رواه ابن جرير .
وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا إبراهيم بن موسى الثوري أخبرنا عبد الرحيم بن محمد بن زياد السكري ، أنبأنا أبو بكر بن عياش ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له يوم أحد : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم . فأنزل الله هذه الآية .
وروى أيضا بسنده عن محمد بن عبيد الله الرافعي ، عن أبيه ، عن جده أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان ، فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم قالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل . فنزلت فيهم هذه الآية .
ثم قال ابن مردويه : حدثنا دعلج بن أحمد ، أخبرنا الحسن بن سفيان ، أنبأنا أبو خيثمة مصعب بن سعيد ، أنبأنا موسى بن أعين ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا : ( حسبنا الله ونعم الوكيل " .
هذا حديث غريب من هذا الوجه .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا حيوة بن شريح وإبراهيم بن أبي العباس قالا حدثنا بقية ، حدثنا بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن سيف ، عن عوف بن مالك أنه حدثهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما أدبر : حسبي الله ونعم الوكيل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ردوا علي الرجل " . فقال : " ما قلت ؟ " . قال : قلت : حسبي الله ونعم الوكيل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يلوم على العجز ، ولكن عليك بالكيس ، فإذا غلبك أمر فقل : حسبي الله ونعم الوكيل " .
وكذا رواه أبو داود والنسائي من حديث بقية عن بحير ، عن خالد ، عن سيف - وهو الشامي ، ولم ينسب - عن عوف بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أسباط ، حدثنا مطرف ، عن عطية ، عن ابن عباس [ في قوله : ( فإذا نقر في الناقور ) [ المدثر : 8 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ، يسمع متى يؤمر فينفخ " . فقال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : فما نقول ؟ قال : " قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا " .
وقد روي هذا من غير وجه ، وهو حديث جيد ، وروينا عن أم المؤمنين عائشة وزينب [ بنت جحش ] رضي الله عنهما ، أنهما تفاخرتا فقالت زينب : زوجني الله وزوجكن أهاليكن وقالت عائشة : نزلت براءتي من السماء في القرآن . فسلمت لها زينب ، ثم قالت : كيف قلت حين ركبت راحلة صفوان بن المعطل ؟ فقالت : قلت : حسبي الله ونعم الوكيل ، فقالت زينب : قلت كلمة المؤمنين .
- القرطبى : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
قوله تعالى : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
اختلف فقال مجاهد ومقاتل وعكرمة والكلبي : هو نعيم بن مسعود الأشجعي . واللفظ عام ومعناه خاص ; كقوله : أم يحسدون الناس يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - . السدي : هو أعرابي جعل له جعل على ذلك . وقال ابن إسحاق وجماعة : يريد بالناس ركب عبد القيس ، مروا بأبي سفيان فدسهم إلى المسلمين ليثبطوهم . وقيل : الناس هنا المنافقون . قال السدي : لما تجهز النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه للمسير إلى بدر الصغرى لميعاد أبي سفيان أتاهم المنافقون وقالوا : نحن أصحابكم الذين نهيناكم عن الخروج إليهم وعصيتمونا ، وقد قاتلوكم في دياركم وظفروا ; فإن أتيتموهم في ديارهم فلا يرجع منكم أحد . فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل . وقال أبو معشر : دخل ناس من هذيل من أهل تهامة المدينة ، فسألهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبي سفيان فقالوا : قد جمعوا لكم جموعا كثيرة فاخشوهم أي فخافوهم واحذروهم ; فإنه لا طاقة لكم بهم . فالناس على هذه الأقوال على بابه من الجمع ، والله أعلم .
قوله تعالى : فزادهم إيمانا أي فزادهم قول الناس إيمانا ، أي تصديقا ويقينا في دينهم ، وإقامة على نصرتهم ، وقوة وجراءة واستعدادا . فزيادة الإيمان على هذا هي في الأعمال . وقد اختلف العلماء في زيادة الإيمان ونقصانه على أقوال . والعقيدة في هذا على أن نفس الإيمان الذي هو تاج واحد ، وتصديق واحد بشيء ما ، إنما هو معنى فرد ، لا يدخل معه زيادة إذا حصل ، ولا يبقى منه شيء إذا زال ; فلم يبق إلا أن تكون الزيادة والنقصان في متعلقاته دون ذاته . فذهب جمع من العلماء إلى أنه يزيد وينقص من حيث الأعمال الصادرة عنه ، لا سيما أن كثيرا من العلماء يوقعون اسم الإيمان على الطاعات ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : الإيمان بضع وسبعون بابا فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق أخرجه الترمذي ، وزاد مسلم ( والحياء شعبة من الإيمان ) وفي حديث علي - رضي الله عنه - : إن الإيمان ليبدو لمظة بيضاء في القلب ، كلما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة . وقوله " لمظة " قال الأصمعي : اللمظة مثل النكتة ونحوها من البياض ; ومنه قيل : فرس ألمظ ، إذا كان بجحفلته شيء من بياض . والمحدثون يقولون " لمظة " بالفتح . وأما كلام العرب فبالضم ; مثل شبهة ودهمة وخمرة . وفيه حجة على من أنكر أن يكون الإيمان يزيد وينقص . ألا تراه يقول : كلما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة حتى يبيض القلب كله . وكذلك النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب كلما ازداد النفاق اسود القلب حتى يسود القلب كله . ومنهم من قال : إن الإيمان عرض ، وهو لا يثبت زمانين ; فهو للنبي - صلى الله عليه وسلم - وللصلحاء متعاقب ، فيزيد باعتبار توالي أمثاله على قلب المؤمن ، وباعتبار دوام حضوره . وينقص بتوالي الغفلات على قلب المؤمن . أشار إلى هذا أبو المعالي . وهذا المعنى موجود في حديث الشفاعة ، حديث أبي سعيد الخدري أخرجه مسلم . وفيه : ( فيقول المؤمنون يا ربنا إخواننا كانوا يصومون ويصلون ويحجون فقال لهم أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به فيقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه ) وذكر الحديث . وقد قيل : إن المراد بالإيمان في هذا الحديث أعمال القلوب ; كالنية والإخلاص والخوف والنصيحة وشبه ذلك . وسماها إيمانا لكونها في محل الإيمان أو عني بالإيمان ، على عادة العرب في تسمية الشيء باسم الشيء إذا جاوره ، أو كان منه بسبب . دليل هذا التأويل قول الشافعي بعد إخراج من كان في قلبه مثقال ذرة من خير : ( لم نذر فيها خيرا ) مع أنه تعالى يخرج بعد ذلك جموعا كثيرة ممن يقول لا إله إلا الله ، وهم مؤمنون قطعا ; ولو لم يكونوا مؤمنين لما أخرجهم . ثم إن عدم الوجود الأول الذي يركب عليه المثل لم تكن زيادة ولا نقصان . وقدر ذلك في الحركة . فإن الله سبحانه إذا خلق علما فردا وخلق معه مثله أو أمثاله بمعلومات فقد زاد علمه ; فإن أعدم الله الأمثال فقد نقص ، أي زالت الزيادة . وكذلك إذا خلق حركة وخلق معها مثلها أو أمثالها . وذهب قوم من العلماء إلى أن زيادة الإيمان ونقصه إنما هو طريق الأدلة ، فتزيد الأدلة عند واحد فيقال في ذلك : إنها زيادة في الإيمان ; وبهذا المعنى - على أحد الأقوال - فضل الأنبياء على الخلق ، فإنهم علموه من وجوه كثيرة ، أكثر من الوجوه التي علمه الخلق بها . وهذا القول خارج عن مقتضى الآية ; إذ لا يتصور أن تكون الزيادة فيها من جهة الأدلة . وذهب قوم : إلى أن الزيادة في الإيمان إنما هي بنزول الفرائض والأخبار في مدة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي المعرفة بها بعد الجهل غابر الدهر . وهذا إنما هو زيادة إيمان ; فالقول فيه إن الإيمان يزيد قول مجازي ، ولا يتصور فيه النقص على هذا الحد ، وإنما يتصور بالإضافة إلى من علم . فاعلم .
قوله تعالى : وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل أي كافينا الله . وحسب مأخوذ من الإحساب ، وهو الكفاية . قال الشاعر :
فتملأ بيتنا إقطا وسمنا وحسبك من غنى شبع وري
روى البخاري عن ابن عباس قال في قوله تعالى : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم - إلى قوله : وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم الخليل عليه السلام حين ألقي في النار . وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم ، والله أعلم .
- الطبرى : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
القول في تأويل قوله : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ،" الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم ".
* * *
و " الذين " في موضع خفض مردود على الْمُؤْمِنِينَ ، وهذه الصفة من صفة الذين استجابوا لله والرسول.
* * *
و " الناس " الأوّل، هم قوم -فيما ذكر لنا- كان أبو سفيان سألهم أن يثبِّطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين خرجوا في طلبه بعد منصرفه عن أحد إلى حمراء الأسد.
و " الناس " الثاني، هم أبو سفيان وأصحابه من قريش، الذين كانوا معه بأحد.
* * *
ويعني بقوله: " قد جمعوا لكم "، قد جمعوا الرجال للقائكم والكرّة إليكم لحربكم =" فاخشوهم "، يقول: فاحذروهم، واتقوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم =" فزادهم إيمانًا "، يقول: فزادهم ذلك من تخويف من خوَّفهم أمرَ أبي سفيان وأصحابه من المشركين، يقينًا إلى يقينهم، وتصديقًا لله ولوعده ووعد رسوله إلى تصديقهم، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسير فيه، ولكن ساروا حتى بلغوا رضوان الله منه، وقالوا = ثقة بالله وتوكلا عليه، إذ خوَّفهم من خوفَّهم أبا سفيان وأصحابه من المشركين =" حسبنا الله ونعم الوكيل "، يعني بقوله: " حسبنا الله "، كفانا الله، يعني: يكفينا الله = (65) " ونعم الوكيل "، يقول: ونعم المولى لمن وليَه وكفَله.
* * *
وإنما وصف تعالى نفسه بذلك، لأن "
الوكيل "، في كلام العرب، هو المسنَد إليه القيام بأمر من أسنِد إليه القيام بأمره. فلما كان القوم الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآيات، قد كانوا فوَّضوا أمرهم إلى الله، ووثِقوا به، وأسندوا ذلك إليه، وصف نفسه بقيامه لهم بذلك، وتفويضِهم أمرهم إليه بالوكالة فقال: ونعم الوكيل الله تعالى لهم.* * *
واختلف أهل التأويل في الوقت الذي قال من قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
إن الناس قد جمعوا لكم ".فقال بعضهم: قيل ذلك لهم في وجههم الذين خرجوا فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد إلى حمراء الأسد، في طلب أبي سفيان ومن معه من المشركين.
ذكر من قال ذلك، وذكر السبب الذي من أجله قيل ذلك، ومن قائله:
8243- حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: مرَّ به -يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم- معبدٌ الخزاعيّ بحمراء الأسد= وكانت خزاعة، مسلمُهم ومشركهم، عَيْبةَ نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة، (66) صفقتهم معه، (67) لا يخفون عليه شيئًا كان بها، =ومعبد يومئذ مشرك= فقال: والله يا محمد، أما والله لقد عزَّ علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله كان أعفاك فيهم! (68) ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد، (69) حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالرَّوحاء، قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقالوا: أصبنا! حَدَّ أصحابه وقادتهم وأشرافهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم؟! (70) لنَكرَّن على بقيَّتهم، فلنفرغنَّ منهم "
. فلما رأى أبو سفيان معبدًا قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد، قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرَّقون عليكم تحرُّقا، (71) قد اجتمع معه من كان تخلَّف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا، فيهم من الحنَق عليكم شيء لم أر مثله قط! (72) . قال: ويلك! ما تقول؟ قال: والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل! قال: فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم! قال: فإنّي أنهاك عن ذلك، فوالله لقد حملني ما رأيتُ على أن قلت فيه أبياتًا من شعر! قال: وما قلت؟ قال: قلت:كَـادَتْ تُهَـدُّ مِـنَ الأصْـوَاتِ رَاحِلَتي
إِذْ سَــالَتِ الأرَضُ بِـالجُرْدِ الأبَـابيِل (73)
تَــرْدِي بِأُسْــدٍ كِــرَامٍ لا تَنَابِلَـةٍ
عِنْــد اللِّقَــاء وَلا خُـرْقٍ مَعَـازِيِل (74)
فَظَلْـتُ عَـدْوًا, أَظُـنُّ الأرْضَ مَائِلَـةً
لَمَّـا سَـمَوْا بِـرَئيسٍ غَـيْرِ مَخْـذُولِ (75)
فَقُلْـتُ: وَيْـلَ ابْـنِ حَـرْبٍ منْ لِقَائِكُمُ
إِذَا تَغَطْمَطَــتِ البَطْحَــاءُ بِـالخِيِل (76)
إنِّـي نَذِيـرٌ لأهْـلِ البَسْـلِ ضَاحِيَـةً
لِكَــلِّ ذِي إرْبَــةٍ مِنْهُـمْ وَمَعْقُـولِ (77)
مِـنْ جَـيْشِ أَحْـمَدَ لا وَخْـشٍ قَنَابِلُـهُ
وَلَيْسَ يُـوصَفُ مَـا أَنْـذَرْتُ بِـالقِيلِ (78)
قال: فثنَى ذلك أبا سفيان ومن معه. ومرَّ به ركب من عبد القيس. فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة. قال: ولم؟ قالوا: نريد الميرة. قال: فهل أنتم مبلَّغون عني محمدًا رسالة أرسلكم بها، وأحمِّل لكم إبلكم هذه غدًا زبيبًا بعكاظ إذا وافيتموها؟ قالوا: نعم. قال: فإذا جئتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم! فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: (79) " حسبنا الله ونعم الوكيل ". (80)
8244 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: فقال الله: " الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل "، و " الناس " الذين قالوا لهم ما قالوا= النفر من عبد القيس الذين قال لهم أبو سفيان ما قال=: إنّ أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم! يقول الله تبارك وتعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ الآية. (81)
8245- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما ندموا= يعني أبا سفيان وأصحابه= على الرجوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقالوا: " ارجعوا فاستأصلوهم "، فقذف الله في قلوبهم الرعب فهزموا، فلقوا أعرابيًّا فجعلوا له جُعْلا فقالوا له: إن لقيت محمدًا وأصحابه فأخبرهم أنا قد جمعنا لهم! فأخبر الله جل ثناؤه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فلقوا الأعرابيَّ في الطريق، فأخبرهم الخبر، فقالوا: " حسبنا الله ونعم الوكيل "! ثم رجعوا من حمراء الأسد. فأنـزل الله تعالى فيهم وفي الأعرابي الذي لقيهم: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ".
8246 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: استقبل أبو سفيان في منصرفه من أحد عِيرًا واردةَ المدينة ببضاعة لهم، (82) وبينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم حِبال، (83) فقال: إنّ لكم عليَّ رضاكم إن أنتم رددتم عني محمدًا ومن معه، إن أنتم وجدتموه في طلبي، وأخبرتموه أنّي قد جمعت له جموعًا كثيرة. فاستقبلت العيرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: (84) يا محمد إنا نخبرك أنّ أبا سفيان قد جمع لك جموعًا كثيرة، وأنه مقبل إلى المدينة، وإن شئت أن ترجع فافعل! فلم يزده ذلك ومن معه إلا يقينًا، وقالوا: (85) " حسبنا الله ونعم الوكيل ". فأنـزل الله تبارك وتعالى: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم " الآية.
8247 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصابةٌ من أصحابه بعد ما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أحد خلفهم، حتى كانوا بذي الحليفة، فجعل الأعراب والناسُ يأتون عليهم فيقولون لهم: هذا أبو سفيان مائلٌ عليكم بالناس! فقالوا: " حسبنا الله ونعم الوكيل ". فأنـزل الله تعالى فيهم: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ".
* * *
وقال آخرون: بل قال ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قال ذلك له، في غزوة بدر الصغرى، وذلك في مسير النبي صلى الله عليه وسلم عامَ قابلٍ من وقعة أحد للقاء عدوِّه أبي سفيان وأصحابه، للموعد الذي كان واعده الالتقاءَ بها.
* ذكر من قال ذلك:
8248 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم "، قال: هذا أبو سفيان قال لمحمد: " موعدكم بدرٌ حيث قتلتم أصحابنا "، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: " عسى "! فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نـزل بدرًا، فوافقوا السوق فيها وابتاعوا، فذلك قوله تبارك وتعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ، وهي غزوة بدر الصغرى.
8249 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد بنحوه= وزاد فيه: وهي بدر الصغرى= قال ابن جريج: لما عبَّى النبي صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان، (86) فجعلوا يلقون المشركين ويسألونهم عن قريش، فيقولون: " قد جمعوا لكم "! يكيدونهم بذلك، يريدون أن يَرْعَبوهم، فيقول المؤمنون: " حسبنا الله ونعم الوكيل "، حتى قدموا بدرًا، فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد. (87) قال: وقدم رجل من المشركين وأخبر أهل مكة بخيل محمد عليه السلام، وقال في ذلك: (88)
نَفَـرَتْ قَلُـوصيِ عَـنْ خُـيولِ مُحَمَّدِ
وَعَجْـــوَةٍ مَنْثُـــورَةٍ كَــالعُنْجُدِ
وَاتَّخَذَتْ مَاءَ قُدَيْدٍ مَوْعِدِي
* * *
قال أبو جعفر: هكذا أنشدنا القاسم، وهو خطأ، وإنما هو:
قَــدْ نَفَــرَتْ مِـنْ رُفْقَتَـيْ مُحَـمَّدِ
وَعَجْــوَةٍ مِــنْ يَــثْرِبٍ كَـالعُنْجُدِ (89)
تَهْــوِي عَــلَى دِيـنِ أَبيهَـا الأتْلَـدِ
قَــدْ جَـعَلَتْ مَـاءَ قُدَيْـدٍ مَوْعِـدِي (90)
وَمَاءَ ضَجْنَانَ لَهَا ضُحَى الغَدِ (91)
* * *
8250 - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة قال: كانت بدر متجرًا في الجاهلية، فخرج ناس من المسلمين يريدونه، ولقيهم ناسٌ من المشركين فقالوا لهم: " إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم "! فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ الأهبة للقتال وأهبة التجارة، وقالوا: " حسبنا الله ونعم الوكيل "! فأتوهم فلم يلقوا أحدًا، فأنـزل الله عز وجل فيهم: " إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم "= قال ابن يحيى قال، عبد الرزاق قال، ابن عيينة: وأخبرني زكريا، عن الشعبي، عن عبدالله بن عمرو قال: هي كلمة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، فقال: " حسبنا الله ونعم الوكيل ".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: " إن الذي قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، كان في حال خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروج من خرج معه في أثر أبي سفيان ومن كان معه من مشركي قريش، مُنْصَرَفهم عن أحد إلى حمراء الأسد ". لأن الله تعالى ذكره إنما مدح الذين وصفهم بقيلهم: " حسبنا الله ونعم الوكيل "، لما قيل لهم: " إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم "، بعد الذي قد كان نالهم من القروح والكلوم بقوله: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ، ولم تكن هذه الصفة إلا صفة من تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جرحى أصحابه بأحد إلى حمراء الأسد.
وأما الذين خرجوا معه إلى غزوة بدر الصغرى، (92) فإنه لم يكن فيهم جريح إلا جريح قد تقادم اندمال جرحه وبرأ كلمُه. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج إلى بدر الخرجة الثانية إليها، لموعد أبي سفيان الذي كان واعده اللقاء بها، بعد سنة من غزوة أحد، في شعبان سنة أربع من الهجرة. وذلك أن وقعة أحد كانت في النصف من شوال من سنة ثلاث، وخروج النبي صلى الله عليه وسلم لغزوة بدر الصغرى إليها في شعبان من سنة أربع، ولم يكن للنبيّ صلى الله عليه وسلم بين ذلك وقعة مع المشركين كانت بينهم فيها حرب جرح فيها أصحابه، ولكن قد كان قتل في وقعة الرَّجيع من أصحابه جماعة لم يشهد أحد منهم غزوة بدر الصغرى. وكانت وقعة الرَّجيع فيما بين وقعة أحد وغزوة النبي صلى الله عليه وسلم بدرًا الصغرى.
* * *
---------------
الهوامش :
(65) انظر تفسير"حسب" فيما سلف 4: 244.
(66) العيبة: وعاء من أدم يكون في المتاع. ثم أخذوا منه على المثل قولهم: "عيبة الرجل" ، أي موضع سره ، وفي الحديث: "الأنصار كرشى وعيبتي" أي: خاصتي وموضع سرى. ويقال لأهل الرجل"هم عيبته" ، من ذلك.
(67) الصفقة: البيعة ، ثم استعملت في العهد والميثاق ، وفي الحديث: "إن أكبر الكبائر أن تقاتل أهل صفقتك" ، وذلك إذا أعطى الرجل عهده وميثاقه ثم يقاتله ، وأصل ذلك كله من الصفق باليد. لأن المتعاهدين والمتبايعين ، يضع أحدهما يده في يد الآخر. ومنه حديث ابن عمر: "أعطاه صفقة يده ، وثمرة قلبه". فالصفقة المرة من التصفيق باليد.
(68) عافاه الله وأعفاه: وهب له العافية من العلل والبلايا. وفي سيرة ابن هشام"عافاك فيهم" ، وهما سواء. وقوله: "عافاك فيهم" ، أي: صانك مما نزل بأصحابك.
(69) في المطبوعة: "من حمراء الأسد" ، والصواب من المخطوطة وسيرة ابن هشام ، وتاريخ الطبري.
(70) في المطبوعة: "أصبنا في أحد أصحابه. . ." ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة وسيرة ابن هشام والتاريخ. وحد كل شيء: طرف شباته ، كحد السكين والسيف والسنان. ومنه يقال: "حد الرجل" وهو بأسه ونفاذه في نجدته. و"رجل ذو حد": أي بأس ماض. وقوله: "أصبنا حد أصحابه" ، أي: كسرنا حدهم وثلمناه كما يثلم السيف ، فصاروا أضعف مما كانوا.
(71) يتحرق: يتلهب من الغيظ كمثل حريق النار.
(72) في المطبوعة: "فهم من الحنق عليكم بشيء لم أر مثله قط" ، غير ما في المخطوطة ، وهو الصواب الموافق لما في سيرة ابن هشام ، وتاريخ الطبري.
(73) هد البناء: ضعضعه وهدمه. ومنه"هده الأمر" إذا بلغ منه فضعضعه وكسره وأوهنه. يقول: كادت تنهار راحلته من الفزع. و"الجرد" جمع أجرد: وهو القصير الشعر من الخيل ، وهو من علامات عتقها وكرمها. و"الأبابيل" الجماعات المتفرقة ، واحدها"إبيل" (بكسر الهمزة وتشديد الباء المكسورة) ، وقيل غير ذلك ، وقيل: هو جمع لا واحد له. وزعم معبد كثرة خيل المسلمين في مخرجهم إلى حمراء الأسد ، والذي في السير أن المسلمين كانوا في أحد ألفًا ، فيهم مئة دارع. وفرسان: أحدهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآخر لأبي بردة بن نيار.
(74) ردت الخيل تردى (على وزن جرى يجري): رجمت الأرض بحوافرها في سيرها أو عدوها. و"التنابل" جمع تنبال وتنبالة (بكسر التاء) ، وهو القصير ، والقصر معيب ، لأن المقاتل القصير لا يطول باعه إذا قاتل بسيف أو رمح. وفي المطبوعة"ولا ميل معازيل" ، كما في سيرة ابن هشام ، ولكن الذي أثبته هو رواية الطبري في التفسير ، وفي التاريخ. و"الخرق" جمع. خرق: وهو الأحمق الذي لا رفق له في عمل. وأنا أرجح أنه أراد الصفة من قولهم: "خرق الظبي وغيره": إذا دهش وفزع ، فلصق بالأرض ولم يقدر على النهوض ، والصفة من ذلك"خرق" على وزن"فرح" ، ولكنه جمعه على باب"أفعل".
وأما"الميل" فهو جمع أميل: وهو الذي يميل على السرج في جانب ولا يستوي عليه ، لأنه لا يحسن الركوب ولا الفروسية. و"المعازيل" جمع معزال: وهو الذي لا سلاح معه. وأنا أرى أن"الأميل" ، هو الذي يميل عن عدوه من الخوف و"المعزال" ، الذي يعتزل المعركة من الفرق ، فلا يكاد يقاتل ، ولا ينجد من استغاث به.
(75) قوله: "فظلت عدوا" ، أي: فظللت أعدو عدوًا. و"سما الرجل لعدوه": إذ أشرف له وقصد نحوه ، عاليًا عليه.
(76) "تغطمطت القدر": اشتد غليانها ، وبان صوتها كصوت اضطراب الأمواج. و"البطحاء": مسيل الوادي ، فيه دقاق الحصى. و"الخيل" ، ضبطه السهيلي في الروض الأنف (2: 144) بفتح الخاء وسكون الباء ، وقال: "قوله: بالخيل ، جعل الردف حرف لين ، والأبيات كلها مردفة الروى بحرف مد ولين. وهذا هو السناد.. ونظيره قول ابن كلثوم: "ألا هبى بصحنك فاصبحينا" ثم قال: "تصفقها الرياح إذا جرينا". وهو وجه صحيح مقارب. وأما أبو ذر الخشني فقد ضبطه"الجيل" بكسر الجيم ، وقال: "الجيل: الصنف من الناس". وهذا لا معنى له. وهو في مطبوعة سيرة ابن هشام"الجيل" بالجيم ، وكذلك هو في تاريخ الطبري. فلو صح أنها بالجيم ، فأنا أرى أنها جماعة الخيل ، وذلك أنهم قالوا: "الجول" (بضم الجيم) و"الجول" بفتحها: هي جماعة الخيل أو الإبل ، وقالوا أيضا: "الجول" بضم الجيم و"الجال" و"الجيل" ناحية البئر وجانبها. فكأنه قاس هذا على هذا. أو كأنه جمع جائل من قولهم: "جالت الخيل بفرسانها" إذا طافت وذهبت وجاءت ، جمعه كجمع: هائم وهيم ، على شذوذه. فأما إذا كانت الرواية"الخيل" بكسر الخاء ، فهو جمع خائل أيضا كالذي سلف ، والخائل هو الحافظ للشيء الراعي له ، من خال المال يخوله: إذا ساسه وأحسن القيام عليه ، فهو خائل وخال. يقال: "من خال هذا الفرس" ، أي صاحبها القائم بأمرها.
(77) قال أبو ذر الخشني: "البسل: الحرام. وأراد بأهل البسل قريشًا ، لأنهم أهل مكة ، ومكة حرام". وقوله: "ضاحية" أي علانية من"ضحا" أي برز ، والضاحية من كل شيء ما برز منه. فهو إما مصدر على وزن"عافية" ، أو اسم فاعل قام مقامه. و"الإربة" البصر بالأمور. و"المعقول" مصدر كالمصادر التي جاءت على وزنه ، وهو العقل.
(78) "الوخش": رذالة الناس وسقاطهم وصغارهم. و"القنابل" جمع قنبلة (بفتح القاف) وهي الطائفة من الناس والخيل.
(79) أسقطت المطبوعة: "وأصحابه" ، وهي ثابتة في التاريخ وفي المخطوطة ، وفعل الناشر ذلك ليوافق ما في سيرة ابن هشام.
(80) الأثر: 8243 - سيرة ابن هشام 3: 108- 110 ، وهو بقية الأثر السالف: 8233 ، وتاريخ الطبري 3: 28- 29.
(81) الأثر: 8244 - سيرة ابن هشام 3: 128 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8235.
(82) "العير" (بكسر العين): القافلة من الإبل أو الحمير أو البغال ، تحمل عليها الميرة.
(83) "الحبال" جمع حبل: وهو العهد.
(84) في المطبوعة: "قالوا له" ، بحذف الفاء ، والصواب من المخطوطة.
(85) في المطبوعة: "ولم يزده ذلك" بالواو ، والصواب من المخطوطة.
(86) في المطبوعة: "لما عمد النبي. . ." ، وفي المخطوطة"لما عبد" ، ورجحت أن صحة قراءتها ما أثبت."عبى الجيش تعبئة": هيأه وأصلح أمره وجمعه ، مثل"عبأه". ورجحت ذلك ، لأن معناه وارد في الآثار الأخرى.
(87) قوله: "أسواقهم عافية" ، أي وافرة ، من قولهم: "أرض عافية": لم يرع أحد نبتها ، فوفر نبتها وكثر. يعني أن الأسواق لم يحضرها أحد يزاحمهم في تجارتها. وانظر الأثر الآتي رقم: 8252.
(88) هو معبد بن أبي معبد الخزاعي ، كما روى ابن هشام في سيرته 3: 220 ، 221 ، والطبري في تاريخه 3: 41.
(89) سيرة ابن هشام 2: 220 ، 221 ، وتاريخ الطبري 3: 41 ، ومعجم ما استعجم: 856 ، 857. وقوله: "رفقتي محمد" بالتثنية ، يعنى المهاجرين والأنصار. و"العجوة" ضرب من أجود التمر بالمدينة ، ونخلته هي"اللينة" المذكورة في قوله تعالى: "ما قطعتم من لينة" ، في سورة الحشر. و"يثرب" مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. و"العنجد": الزبيب الأسود.
(90) تهوي: تسرع ، هوت الناقة تهوى: أسرعت إسراعًا. والدين: الدأب والعادة. و"الأتلد" الأقدم ، من التليد ، وهو القديم. و"قديد": موضع ماء بين مكة والمدينة.
(91) و"ضجنان" (بفتح أوله وسكون الجيم): وهو جبل على طريق المدينة من مكة ، بينه وبين قديد ليلة ، كما بينه هذا الشعر. قاله أبو عبيد البكرى في معجم ما استعجم.
(92) في المطبوعة: "وأما قول الذين خرجوا معه" ، وهي زيادة فاسدة ، وليست في المخطوطة.
- ابن عاشور : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
يجوز أن يكون { الذين قال لهم الناس } إلى آخره ، بدلاً من { الذين استجابوا لله والرسول } [ آل عمران : 172 ] ، أو صفة له ، أو صفة ثانية للمؤمنين في قوله : { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } [ آل عمران : 171 ] على طريقة ترك العطف في الأخبار . وإنَّما جيء بإعادة الموصول ، دون أن تعطف الصلة على الصلة ، اهتماماً بشأن هذه الصلة الثانية حتّى لا تكون كجزء صلةٍ ، ويجوز أن يكون ابتداء كلام مستأنففٍ ، فيكون مبتدأ وخبره قوله : { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه } [ آل عمران : 175 ] أي ذلك القول ، كما سيأتي . وهذا تخلّص بذكر شأن من شؤون المسلمين كفاهم الله به بأس عدوّهم بعد يَوم أحُد بعاممٍ ، إنجازاً لوعدهم مع أبي سفيان إذ قال : مَوعدكم بدر في العام القابل ، وكان أبو سفيان قد كره الخروج إلى لقاء المسلمين في ذلك الأجل ، وكاد للمسلمين ليُظهر إخلاف الوعد منهم ليجعل ذلك ذريعة إلى الإرجاف بين العرب بضعف المسلمين ، فجَاعَل ركباً من عبدِ القيس مارينَ بمَرّ الظَّهْرانَ قرب مكّة قاصدين المدينة للميرة ، أن يخبروا المسلمين بأنّ قريشاً جمعوا لهم جيشاً عظيماً ، وكان مع الركب نعيم بن مسعود الأشجعي ، فأخبر نعيم ومن معه المسلمين بذلك فزاد ذلك المسلمين استعداداً وحميّة للدين ، وخرجوا إلى الموعد وهو بدر ، فلم يجدوا المشركين وانتظروهم هنالك ، وكانت هنالك سوق فاتّجَرُوا ورجعوا سالمين غير مذمومين ، فذلك قوله تعالى : { الذين قال لهم الناس أي الركب العَبْدِيُّون إن الناس قد جمعوا لكم } أي إنّ قريشاً قد جمعوا لكم . وحذف مفعول { جمعوا } أي جمعوا أنفسهم وعُددهم وأحلافهم كما فعلوا يوم بدر الأول .
وقال بعض المُفسّرين وأهل العربية : إنّ لفظ الناس هنا أطلق على نُعيم بن مسعود وأبي سفيان ، وجعلوه شاهداً على استعمال الناس بمعنى الواحد والآية تحتمله ، وإطلاق لفظ الناس مراداً به واحد أو نحوه مستعمل لقصد الإبهام ، ومنه قوله تعالى : { أم يحسدون الناس على ما ءاتاهم الله من فضله } [ النساء : 54 ] قال المفسّرون : يعني ب ( الناس ) محمداً صلى الله عليه وسلم
وقوله : { فزادهم إيماناً } أي زادهم قول الناس ، فضمير الرفع المستتر في { فزادهم } عائد إلى القول المستفاد من فعل { قال لهم الناس } أو عائد إلى الناس ، ولمّا كان ذاك القول مراداً به تخويف المسلمين ورجوعهم عن قصدهم . وحصل منه خلاف ما أراد به المشركون ، جُعل ما حصل به زائداً في إيمان المسلمين . فالظاهر أنّ الإيمان أطلق هنا على العمل ، أي العزم على النصر والجهاد ، وهو بهذا المعنى يزيد وينقص . ومسألة زيادة الإيمان ونقصه مسألة قديمة ، والخلاف فيها مبنيّ على أنّ الأعمال يطلق عليها اسم الإيمان ، كما قال تعالى : { وما كان اللَّه ليضيع إيمانكم } [ البقرة : 143 ] يعني صَلاتكم . أمّا التَّصديق القلبي وهو عقد القلب على إثبات وجود الله وصفاته وبعثة الرسل وصدق الرسول ، فلا يقبل النقص ، ولا يقبل الزيادة ، ولذلك لا خلاف بين المسلمين في هذا المعنى ، وإنّما هو خلاف مبني على اللفظ ، غير أنّه قد تقرّر في علم الأخلاق أنّ الاعتقاد الجازم إذا تكررت أدلّته ، أو طال زمانه ، أو قارنته التجارب ، يزداد جلاء وانكشافاً ، وهو المعبّر عنه بالمَلَكة ، فلعلّ هذا المعنى ممّا يراد بالزيادة ، بقرينة أنّ القرآن لم يطلق وصف النقص في الإيمان بل ما ذكر إلا الزيادة ، وقد قال إبراهيمُ عليه السلام :
{ بلى ولكن ليطمئنّ قلبي } [ البقرة : 260 ]
وقولهم : { حسبنا الله ونعم الوكيل } كلمة لعلّهمُ ألهموها أو تلقّوها عن النبي صلى الله عليه وسلم وحسب أي كاف ، وهو اسم جامد بمعنى الوصف ليس له فعل ، قالوا : ومنه اسمه تعالى الحَسيب ، فهو فعيل بمعنى مُفعل . وقيل : الإحساب هو الإكفاء ، وقيل : هو اسم فعل بمعنى كفى ، وهو ظاهر القاموس . وردّه ابن هشام في توضيحه بأنّ دخول العوامل عليه نحو { فإنّ حسبك الله } ، وقولهم : بحسبك درهم ، ينافي دعوى كونه اسم فعل لأنّ أسماء الأفعال لا تدخل عليها العوامل ، وقيل : هو مصدر ، وهو ظاهر كلام سيبويه . وهو من الأسماء اللازمة للإضافة لفظاً دون معنى ، فيبنى على الضمّ مثل : قبلُ وبعدُ ، كقولهم : اعطه درهيمن فَحَسْبُ ، ويتجدّد له معنى حينئذ فيكون بمعنى لا غير . وإضافته لا تفيده تعريفاً لأنّه في قوة المشتقّ ولذلك توصف به النكرة ، وهو ملازم الإفراد والتذكير فلا يثنّى ولا يجمعُ ولا يؤنّث لأنّه لجموده شابَه المصدر ، أو لأنّه لمّا كان اسم فعل فهو كالمصدر ، أو لأنّه مصدر ، ، وهو شأن المصادر ، ومَعناها : إنّهم اكتفوا بالله ناصراً وإن كانوا في قِلّة وضعف .
وجملة { ونعم الوكيل } معطوفة على { حسبنا الله } في كلام القائلين ، فالواو من المحكي لا من الحكاية ، وهو من عطف الإنشاء على الخبر الذي لا تطلب فيه إلا المناسبة . والمخصوص بالمدح محذوف لتقدّم دليله .
و { الوكيل } فعيل بمعنى مفعول أي موكول إليه . يقال : وكل حاجته إلى فلان إذا اعتمد عليه في قضائها وفوّض إليه تحصيلها ، ويقال للذي لا يستطيع القيام بشؤونه بنفسه : رَجل وَكَل بفتحتين أي كثير الاعتماد على غيره ، فالوكيل هو القائم بشأن من وكّله ، وهذا القيام بشأن الموكِّل يختلف باختلاف الأحوال الموكّل فيها ، وبذلك الاختلاف يختلف معنى الوكيل ، فإن كان القيام في دفع العداء والجور فالوكيل الناصر والمدافع { قل لست عليكم بوكيل } [ الأنعام : 66 ] ، ومنه { فمن يجادل اللَّه عنهم يوم القيامة أمَّن يكون عليهم وكيلاً } [ النساء : 109 ] . ومنه الوكيل في الخصومة ، وإن كان في شؤون الحياة فالوكيل الكافل والكافي منه : { أن لا تتخذوا من دوني وكيلاً } [ الإسراء : 2 ] كما قال : { قد جعلتم الله عليكم كفيلاً } [ النحل : 91 ] ولذلك كان من أسمائه تعالى : الوكيل ، وقولُه : { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } ومنه الوكيل على المال ، ولذلك أطلق على هذا المعنى أيضاً اسم الكفيل في قوله تعالى : { وقد جعلتم اللَّه عليكم كفيلاً } .
وقد حمل الزمخشري الوكيل على ما يشمل هذا عند قوله تعالى : { وهو على كل شيء وكيل } في سورة [ الأنعام : 102 ] ، فقال : وهو مالك لكلّ شيء من الأرزاق والآجال رقيب على الأعمال . وذلك يدل على أنّ الوكيل اسم جامع للرقيب والحافظ في الأمور التي يُعني الناس بحفظها ورقابتها وادّخارها ، ولذلك يتقيّد ويتعمّم بحسب المقامات .
- إعراب القرآن : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
«الَّذِينَ» بدل من الذين قبلها وجملة «قالَ لَهُمُ النَّاسُ» صلة الموصول «إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ» إنّ واسمها وجملة قد جمعوا لكم خبرها والجار والمجرور متعلقان بجمعوا «فَاخْشَوْهُمْ» الفاء هي الفصيحة «اخشوا» فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها «فَزادَهُمْ إِيماناً» الفاء عاطفة وماض ومفعوله الأول والفاعل مستتر إيمانا مفعول به ثان أو تمييز والجملة معطوفة «وَقالُوا» كذلك معطوفة «حَسْبُنَا اللَّهُ» اللّه لفظ الجلالة مبتدأ مؤخر وحسبنا خبره وجملة اللّه حسبنا مقول القول «وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» فعل ماض جامد لإنشاء المدح وفاعله والمخصوص بالمدح محذوف تقديره هو اللّه.
- English - Sahih International : Those to whom hypocrites said "Indeed the people have gathered against you so fear them" But it [merely] increased them in faith and they said "Sufficient for us is Allah and [He is] the best Disposer of affairs"
- English - Tafheem -Maududi : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ(3:173) When people said to them: 'Behold, a host has gathered around you and you should fear them', it only increased their faith and they answered: 'Allah is Sufficient for us; and what an excellent Guardian He is!'
- Français - Hamidullah : Certes ceux auxquels l'on disait Les gens se sont rassemblés contre vous; craignez-les - cela accrut leur foi - et ils dirent Allah nous suffit; Il est notre meilleur garant
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Diejenigen zu denen die Menschen sagten "Die Menschen haben sich bereits gegen euch versammelt; darum fürchtet sie" - Doch da mehrte das nur ihren Glauben und sie sagten "Unsere Genüge ist Allah und wie trefflich ist der Sachwalter"
- Spanish - Cortes : A aquéllos a quienes se dijo La gente se ha agrupado contra vosotros ¡tenedles miedo esto les aumentó la fe y dijeron Alá nos basta ¡Es un protector excelente
- Português - El Hayek : São aqueles aos quais foi dito Os inimigos concentraramse contra vós; temeios Isso aumentoulhes a fé e disseram Deus nos é suficiente Que excelente Guardião
- Россию - Кулиев : Люди сказали им Народ собрался против вас Побойтесь же их Однако это лишь приумножило их веру и они сказали Нам достаточно Аллаха и как прекрасен этот Попечитель и Хранитель
- Кулиев -ас-Саади : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
Люди сказали им: «Народ собрался против вас. Побойтесь же их». Однако это лишь приумножило их веру, и они сказали: «Нам достаточно Аллаха, и как прекрасен этот Попечитель и Хранитель!»Вернувшись в Медину после сражения при Ухуде, Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, призвал сподвижников вновь собраться в поход. Они отправились в путь, несмотря на полученные ими ранения, ответив на призыв Аллаха и Его посланника, да благословит его Аллах и приветствует. В местечке Хамра аль-Асад они повстречались с людьми, которые сказали им: «Курейшиты собрались сразиться с вами, и на этот раз они хотят уничтожить вас окончательно». Они хотели напугать мусульман, однако их слова лишь приумножили веру сподвижников и заставили их еще сильнее уповать на Аллаха. Они ответили: «Покровительства Аллаха для нас достаточно во всех важных делах. Мы вверяем Ему свою судьбу, поскольку Он лучше других управляет Своими рабами и заботится об их интересах».
- Turkish - Diyanet Isleri : İnsanlar onlara "Düşmanınız olan insanlar size karşı bir ordu topladılar onlardan korkun" dediler Bu onların imanını artırdı da "Allah bize yeter O ne güzel Vekil'dir" dediler
- Italiano - Piccardo : Dicevano loro “Si sono riuniti contro di voi temeteli” Ma questo accrebbe la loro fede e dissero “Allah ci basterà è il Migliore dei protettori”
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوانهی که خهڵکی باوهڕ لاواز پێیان دهڵێن بهڕاستی خهڵکی بێ باوهڕو خوانهناس خۆیان بۆ ئێوه کۆ کردۆتهوه و خۆیان بۆ ئێوه مهڵاس داوه لێیان بترسن خۆتان تووشی بهڵا مهکهن بهڵام ئهوان واته ئیمانداران بهو پڕوپاگهندهیه باوهڕیان زیاتر دامهزراو وتیان خوامان بهسه که یاریدهدهرو یارمهتیدهرێکی چاکه
- اردو - جالندربرى : جب ان سے لوگوں نے اکر بیان کیا کہ کفار نے تمہارے مقابلے کے لئے لشکر کثیر جمع کیا ہے تو ان سے ڈرو۔ تو ان کا ایمان اور زیادہ ہوگیا۔ اور کہنے لگے ہم کو خدا کافی ہے اور وہ بہت اچھا کارساز ہے
- Bosanski - Korkut : one kojima je kada su im ljudi rekli "Neprijatelji se okupljaju zbog vas trebate ih se pričuvati" – to učvrstilo vjerovanje pa su rekli "Dovoljan je nama Allah i divan je On Gospodar"
- Swedish - Bernström : De som kände sin tro växa när de varnades att [styrkor] hade dragits samman mot dem och att de borde vara på sin vakt och svarade "Vi behöver ingen annan hjälpare än Gud Var finns en mäktigare beskyddare"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Yaitu orangorang yang mentaati Allah dan Rasul yang kepada mereka ada orangorang yang mengatakan "Sesungguhnya manusia telah mengumpulkan pasukan untuk menyerang kamu karena itu takutlah kepada mereka" maka perkataan itu menambah keimanan mereka dan mereka menjawab "Cukuplah Allah menjadi Penolong kami dan Allah adalah sebaikbaik Pelindung"
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
(Yakni orang-orang) badal atau sifat dari 'alladziina' yang sebelumnya (kepada mereka ada yang mengatakan) yakni Na'im bin Masud Al-Asyjai ("Sesungguhnya manusia) yaitu Abu Sofyan dan kawan-kawannya (telah menghimpun pasukan untuk menyerang kamu) atau untuk membasmimu (maka takutlah kepada mereka") dan jangan hadapi mereka. (Maka ucapan itu menambah keimanan mereka) bertambah kepercayaan dan keyakinan mereka terhadap Allah swt. (dan jawaban mereka, "Cukuplah bagi kami Allah) sebagai pembela terhadap mereka (dan Dialah sebaik-baik pelindung") tempat menyerahkan segala urusan. Nabi saw. bersama kaum Muslimin pergi ke pasar Badar tetapi tidak menemui Abu Sofyan dan kawan-kawannya, Allah telah meniupkan rasa cemas dan ketakutan ke dalam hati mereka sehingga mereka tidak muncul. Sebaliknya di kalangan kaum Muslimin dan penduduk berlangsung jual beli sehingga mereka beroleh laba dan keuntungan. Firman Allah swt. selanjutnya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : যাদেরকে লোকেরা বলেছে যে তোমাদের সাথে মোকাবেলা করার জন্য লোকেরা সমাবেশ করেছে বহু সাজসরঞ্জাম; তাদের ভয় কর। তখন তাদের বিশ্বাস আরও দৃঢ়তর হয়ে যায় এবং তারা বলে আমাদের জন্য আল্লাহই যথেষ্ট; কতই না চমৎকার কামিয়াবীদানকারী।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : மக்களில் சிலர் அவர்களிடம்; "திடமாக மக்களில் பலர் உங்களுடன் போரிடுவதற்காகத் திரண்டு விட்டார்கள் எனவே அப்படையைப்பற்றி அஞ்சிக் கொள்ளுங்கள்" என்று கூறிஅச்சுறுத்தினர்; ஆனால் இது அவர்களின் ஈமானைப் பெருக்கி வலுப்படச் செய்தது "அல்லாஹ்வே எங்களுக்குப் போதுமானவன் அவனே எங்களுக்குச் சிறந்த பாதுகாவலன்" என்று அவர்கள் கூறினார்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : บรรดาที่ ผู้คน ได้กล่าวแก่พวกเขาว่า แท้จริงมีผู้คน ได้ชุมนุมสำหรับพวกท่าน ดังนั้นพวกท่านจงกลัวพวกเขาเถิดแล้วมัน ได้เพิ่มการอีมานแก่พวกเขา และพวกเขากล่าวว่าอัลลอฮ์นั้นเป็นผู้ที่พอเพียงแก่เราแล้ว และเป็นผู้รับมอบหมายที่ดีเยี่ยม
- Uzbek - Мухаммад Содик : Уларга кишилар Албатта одамлар сизга қарши куч тўпладилар улардан қўрқинглар деганда иймонлари зиёда бўлди ва Бизга Аллоҳнинг Ўзи етарли ва У қандай ҳам яхши вакил дедилар Яъни ўша мўминларга баъзи кишилар келиб қурайшликларнинг уларга қарши кўп куч тўплаганларини айтиб улардан қўрқинглар деганида мўминлар қўрқиш ўрнига иймонлари зиёда бўлди Шу билан бирга Бизга Аллоҳнинг Ўзи етарли ва У қандай ҳам яхши вакил дедилар Имом Аҳмад ибн Ҳанбал ва бошқа муҳаддислар ривоят қилган ҳадисда Пайғамбар с а в ўз саҳобаларидан бирига Бошингга оғир иш тушганда Ҳасбияллоҳу ва неъмал вакийл дегин деганлар
- 中国语文 - Ma Jian : 有人曾对他们说:那些人确已为进攻你们而集合队伍了,故你们应当畏惧他们。这句话却增加了他们的信念,他们说:真主是使我们满足的,他是优美的监护者!
- Melayu - Basmeih : Mereka juga ialah yang diberitahu oleh orangorang pembawa berita kepada mereka "Bahawa kaum kafir musyrik telah mengumpulkan tentera untuk memerangi kamu oleh itu hendaklah kamu gerun kepadanya" Maka berita itu makin menambahkan iman mereka lalu berkata "Cukuplah untuk menolong kami dan Ia sebaikbaik pengurus yang terserah kepadaNya segala urusan kami"
- Somali - Abduh : Ee ah kuwuu Dadku Gaaladu Dadkii baa idiin kulmay ee ka Cabsada oo u Siyaadiyey Rumeyn oy dhaheen Kaafiyahanagu waa Ilaahay Isagaana u Fiican Wakiil
- Hausa - Gumi : Waɗanda mutãne suka ce musu "Lalle ne mutãne sun tãra rundunõni sabõda ku don haka ku ji tsõrnsu Sai wannan magana ta ƙara musu ĩmãni kuma suka ce "Mai isarmu Allah ne kuma mãdalla da wakili Shĩ"
- Swahili - Al-Barwani : Walio ambiwa na watu Kuna watu wamekukusanyikieni waogopeni Hayo yakawazidishia Imani wakasema Mwenyezi Mungu anatutosha naye ni mbora wa kutegemewa
- Shqiptar - Efendi Nahi : atyre të cilëve u thanë njerëzit “Armiku është përgatitur kundër jush frikohuni” Kjo përkundrazi ua shtoi atyre besimin e thanë “Neve na mjafton Perëndia dhe Ai është mbrojtës i mrekullueshëm”
- فارسى - آیتی : كسانى كه مردم گفتندشان كه مردم براى جنگ با شما گرد آمدهاند، از آنها بترسيد، و اين سخن بر ايمانشان بيفزود و گفتند: خدا ما را بسنده است و چه نيكو ياورى است.
- tajeki - Оятӣ : Касоне, ки мардум гуфтандашон, ки мардум барои ҷанг бо шумо гирд омадаанд, аз онҳо битарсед ва ин сухан бар имонашон бияфзуд ва гуфтанд: «Худо моро басанда аст ва чӣ некӯ ёварест!»
- Uyghur - محمد صالح : (مۇشرىكلار تەرەپدارى بولغان) ئادەملەر ئۇلارغا: «شەك - شۈبھىسىزكى، كىشىلەر (يەنى قۇرەيشلەر) سىلەرگە قارشى قوشۇن توپلىدى، ئۇلاردىن قورقۇڭلار» دېدى. بۇ سۆز ئۇلارنىڭ ئىمانىنى كۈچەيتتى. ئۇلار: «بىزگە اﷲ كۇپايە، اﷲ نېمىدېگەن ياخشى ھامىي!» دېدى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : "നിങ്ങള്ക്കെതിരെ ജനം സംഘടിച്ചിരിക്കുന്നു. അതിനാല് നിങ്ങളവരെ പേടിക്കണം” എന്ന് ജനങ്ങള് അവരോടു പറഞ്ഞപ്പോള് അതവരുടെ വിശ്വാസം വര്ധിപ്പിക്കുകയാണുണ്ടായത്. അവര് പറഞ്ഞു: "ഞങ്ങള്ക്ക് അല്ലാഹു മതി. ഭരമേേല്പിക്കാന് ഏറ്റം പറ്റിയവന് അവനാണ്.”
- عربى - التفسير الميسر : وهم الذين قال لهم بعض المشركين ان ابا سفيان ومن معه قد اجمعوا امرهم على الرجوع اليكم لاستئصالكم فاحذروهم واتقوا لقاءهم فانه لا طاقه لكم بهم فزادهم ذلك التخويف يقينا وتصديقا بوعد الله لهم ولم يثنهم ذلك عن عزمهم فساروا الى حيث شاء الله وقالوا حسبنا الله اي كافينا ونعم الوكيل المفوض اليه تدبير عباده