- عربي - نصوص الآيات عثماني : يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِىٓ أَوْلَٰدِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٍۢ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٌ وَوَرِثَهُۥٓ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُۥٓ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ ۚ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍۢ يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ۗ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
- عربى - نصوص الآيات : يوصيكم الله في أولادكم ۖ للذكر مثل حظ الأنثيين ۚ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ۖ وإن كانت واحدة فلها النصف ۚ ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ۚ فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ۚ فإن كان له إخوة فلأمه السدس ۚ من بعد وصية يوصي بها أو دين ۗ آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ۚ فريضة من الله ۗ إن الله كان عليما حكيما
- عربى - التفسير الميسر : يوصيكم الله ويأمركم في شأن أولادكم: إذا مات أحد منكم وترك أولادًا: ذكورًا وإناثًا، فميراثه كله لهم: للذكر مثل نصيب الأنثيين، إذا لم يكن هناك وارث غيرهم. فإن ترك بنات فقط فللبنتين فأكثر ثلثا ما ترك، وإن كانت ابنة واحدة، فلها النصف. ولوالِدَي الميت لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد: ذكرًا كان أو أنثى، واحدًا أو أكثر. فإن لم يكن له ولد وورثه والداه فلأمه الثلث ولأبيه الباقي. فإن كان للميت إخوة اثنان فأكثر، ذكورًا كانوا أو إناثًا، فلأمه السدس، وللأب الباقي ولا شيء للإخوة. وهذا التقسيم للتركة إنما يكون بعد إخراج وصية الميت في حدود الثلث أو إخراج ما عليه من دَيْن. آباؤكم وأبْناؤكم الذين فُرِض لهم الإرث لا تعرفون أيهم أقرب لكم نفعًا في دنياكم وأخراكم، فلا تفضلوا واحدًا منهم على الآخر. هذا الذي أوصيتكم به مفروض عليكم من الله. إن الله كان عليمًا بخلقه، حكيمًا فيما شرعه لهم.
- السعدى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
هذه الآيات والآية التي هي آخر السورة هن آيات المواريث المتضمنة لها. فإنها مع حديث عبد الله بن عباس الثابت في صحيح البخاري "ألْحِقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" - مشتملات على جل أحكام الفرائض، بل على جميعها كما سترى ذلك، إلا ميراث الجدات فإنه غير مذكور في ذلك. لكنه قد ثبت في السنن عن المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس، مع إجماع العلماء على ذلك. فقوله تعالى: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } أي: أولادكم -يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. وهذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين، حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهم، عليهم. ثم ذكر كيفية إرثهم فقال: { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } أي: الأولاد للصلب، والأولاد للابن، للذكر مثل حظ الأنثيين، إن لم يكن معهم صاحب فرض، أو ما أبقت الفروض يقتسمونه كذلك، وقد أجمع العلماء على ذلك، وأنه -مع وجود أولاد الصلب- فالميراث لهم. وليس لأولاد الابن شيء، حيث كان أولاد الصلب ذكورًا وإناثا، هذا مع اجتماع الذكور والإناث. وهنا حالتان: انفراد الذكور، وسيأتي حكمها. وانفراد الإناث، وقد ذكره بقوله: { فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ } أي: بنات صلب أو بنات ابن، ثلاثا فأكثر { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَة } أي: بنتا أو بنت ابن { فَلَهَا النِّصْفُ } وهذا إجماع. بقي أن يقال: من أين يستفاد أن للابنتين الثنتين الثلثين بعد الإجماع على ذلك؟ فالجواب أنه يستفاد من قوله: { وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ } فمفهوم ذلك أنه إن زادت على الواحدة، انتقل الفرض عن النصف، ولا ثَمَّ بعده إلا الثلثان. وأيضا فقوله: { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } إذا خلَّف ابنًا وبنتًا، فإن الابن له الثلثان، وقد أخبر الله أنه مثل حظ الأنثيين، فدل ذلك على أن للبنتين الثلثين. وأيضًا فإن البنت إذا أخذت الثلث مع أخيها - وهو أزيد ضررًا عليها من أختها، فأخذها له مع أختها من باب أولى وأحرى. وأيضا فإن قوله تعالى في الأختين: { فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } نص في الأختين الثنتين. فإذا كان الأختان الثنتان -مع بُعدهما- يأخذان الثلثين فالابنتان -مع قربهما- من باب أولى وأحرى. وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنتي سعد الثلثين كما في الصحيح. بقي أن يقال: فما الفائدة في قوله: { فَوْقَ اثْنَتَيْن } ؟. قيل: الفائدة في ذلك -والله أعلم- أنه ليعلم أن الفرض الذي هو الثلثان لا يزيد بزيادتهن على الثنتين بل من الثنتين فصاعدًا. ودلت الآية الكريمة أنه إذا وجد بنت صلب واحدة، وبنت ابن أو بنات ابن، فإن لبنت الصلب النصف، ويبقى من الثلثين اللذين فرضهما الله للبنات أو بنات الابن السدس، فيعطى بنت الابن، أو بنات الابن، ولهذا يسمى هذا السدس تكملة الثلثين. ومثل ذلك بنت الابن، مع بنات الابن اللاتي أنزل منها. وتدل الآية أنه متى استغرق البنات أو بنات الابن الثلثين، أنه يسقط مَنْ دونهن مِنْ بنات الابن لأن الله لم يفرض لهن إلا الثلثين، وقد تم. فلو لم يسقطن لزم من ذلك أن يفرض لهن أزيَد من الثلثين، وهو خلاف النص. وكل هذه الأحكام مجمع عليها بين العلماء ولله الحمد. ودل قوله: { مِمَّا تَرَكَ } أن الوارثين يرثون كل ما خلف الميت من عقار وأثاث وذهب وفضة وغير ذلك، حتى الدية التي لم تجب إلا بعد موته، وحتى الديون التي في الذمم ثم ذكر ميراث الأبوين فقال: { وَلِأَبَوَيْهِ } أي: أبوه وأمه { لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ } أي: ولد صلب أو ولد ابن ذكرًا كان أو أنثى، واحدًا أو متعددًا. فأما الأُم فلا تزيد على السدس مع أحد من الأولاد. وأما الأب فمع الذكور منهم، لا يستحق أزيد من السدس، فإن كان الولد أنثى أو إناثا ولم يبق بعد الفرض شيء -كأبوين وابنتين- لم يبق له تعصيب. وإن بقي بعد فرض البنت أو البنات شيء أخذ الأب السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا، لأننا ألحقنا الفروض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر، وهو أولى من الأخ والعم وغيرهما. { فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } أي: والباقي للأب لأنه أضاف المال إلى الأب والأُم إضافة واحدة، ثم قدر نصيب الأُم، فدل ذلك على أن الباقي للأب. وعلم من ذلك أن الأب مع عدم الأولاد لا فرض له، بل يرث تعصيبا المال كله، أو ما أبقت الفروض، لكن لو وجد مع الأبوين أحد الزوجين -ويعبر عنهما بالعمريتين- فإن الزوج أو الزوجة يأخذ فرضه، ثم تأخذ الأُم ثلث الباقي والأب الباقي. وقد دل على ذلك قوله: { وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } أي: ثلث ما ورثه الأبوان. وهو في هاتين الصورتين إما سدس في زوج وأم وأب، وإما ربع في زوجة وأم وأب. فلم تدل الآية على إرث الأُم ثلثَ المال كاملا مع عدم الأولاد حتى يقال: إن هاتين الصورتين قد استثنيتا من هذا. ويوضح ذلك أن الذي يأخذه الزوج أو الزوجة بمنزلة ما يأخذه الغرماء، فيكون من رأس المال، والباقي بين الأبوين. ولأنا لو أعطينا الأُم ثلث المال، لزم زيادتها على الأب في مسألة الزوج، أو أخذ الأب في مسألة الزوجة زيادة عنها نصفَ السدس، وهذا لا نظير له، فإن المعهود مساواتها للأب، أو أخذه ضعفَ ما تأخذه الأم. { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ } أشقاء، أو لأب، أو لأم، ذكورًا كانوا أو إناثًا، وارثين أو محجوبين بالأب أو الجد [لكن قد يقال: ليس ظاهرُ قوله: { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ } شاملا لغير الوارثين بدليل عدم تناولها للمحجوب بالنصف، فعلى هذا لا يحجبها عن الثلث من الإخوة إلا الإخوة الوارثون. ويؤيده أن الحكمة في حجبهم لها عن الثلث لأجل أن يتوفر لهم شيء من المال، وهو معدوم، والله أعلم] ولكن بشرط كونهم اثنين فأكثر، ويشكل على ذلك إتيان لفظ "الإخوة" بلفظ الجمع. وأجيب عن ذلك بأن المقصود مجرد التعدد، لا الجمع، ويصدق ذلك باثنين. وقد يطلق الجمع ويراد به الاثنان، كما في قوله تعالى عن داود وسليمان { وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } وقال في الإخوة للأُم: { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ } فأطلق لفظ الجمع والمراد به اثنان فأكثر بالإجماع. فعلى هذا لو خلف أمًّا وأبًا وإخوة، كان للأُم السدس، والباقي للأب فحجبوها عن الثلث، مع حجب الأب إياهم [إلا على الاحتمال الآخر فإن للأم الثلث والباقي للأب] ثم قال تعالى: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ } أي: هذه الفروض والأنصباء والمواريث إنما ترد وتستحق بعد نزع الديون التي على الميت لله أو للآدميين، وبعد الوصايا التي قد أوصى الميت بها بعد موته، فالباقي عن ذلك هو التركة الذي يستحقه الورثة. وقدم الوصية مع أنها مؤخرة عن الدين للاهتمام بشأنها، لكون إخراجها شاقًّا على الورثة، وإلا فالديون مقدمة عليها، وتكون من رأس المال. وأما الوصية فإنها تصح من الثلث فأقل للأجنبي الذي هو غير وارث. وأما غير ذلك فلا ينفذ إلا بإجازة الورثة، قال تعالى: { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا } فلو ردَّ تقدير الإرث إلى عقولكم واختياركم لحصل من الضرر ما الله به عليم، لنقص العقول وعدم معرفتها بما هو اللائق الأحسن، في كل زمان ومكان. فلا يدرون أَيُّ الأولادِ أو الوالِدين أنفع لهم، وأقرب لحصول مقاصدهم الدينية والدنيوية. { فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي: فرضها الله الذي قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحكم ما شرعه وقدَّر ما قدَّره على أحسن تقدير لا تستطيع العقول أن تقترح مثل أحكامه الصالحة الموافقة لكل زمان ومكان وحال.
- الوسيط لطنطاوي : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لقوله- تعالى- يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ الآية:
«هذه الآية الكريمة والتي بعدها والآية التي هي خاتمة هذه السورة هن آيات علم الفرائض.
وهو مستنبط من هذه الآيات الثلاث، ومن الأحاديث الواردة في ذلك مما هو كالتفسير لذلك.
وقد ورد الترغيب في تعلم الفرائض فقد روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة- أى غير منسوخة- أو سنة قائمة- أى ثابتة- أو فريضة عادلة- أى عادلة في قسمتها بين أصحابها-» .
وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم. وهو أول شيء ينسى.. وهو أول شيء ينزع من أمتى» .
ثم قال ابن كثير: وقال البخاري عند تفسير هذه الآية: عن جابر بن عبد الله قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بنى سلمة ماشيين فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل شيئا. فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش على فأفقت. فقلت: يا رسول الله ما تأمرنى أن أصنع في مالي؟ فنزلت يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ الآية.
وفي حديث آخر رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله!! هاتان ابنتا سعد بن الربيع. قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا. وان عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا. ولا تنكحان إلا ولهما مال. فقال صلى الله عليه وسلم: «يقضى الله في ذلك» فنزلت آية الميراث. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال صلى الله عليه وسلم: أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك» .
ثم قال ابن كثير: والظاهر أن حديث جابر الأول إنما نزل بسببه الآية الأخيرة من هذه السورة كما سيأتى، فإنه إنما كان له إذ ذاك أخوات ولم يكن له بنات، وإنما كان يورث كلالة.
والحديث الثاني عن جابر أشبه بنزول هذه الآية. هذا، وقوله- تعالى- يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بيان لما إذا مات الميت وترك أولادا من الذكور والإناث.
وقوله يُوصِيكُمُ من الوصية، وهي- كما يقول الراغب-: التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من قولهم: أرض واصية أى متصلة النبات ويقال: أوصاه ووصاه ... ويقال:
تواصى القوم إذا أوصى بعضهم بعضا ... » والمراد بقوله يُوصِيكُمُ: أى يأمركم أمرا مؤكدا.
والأولاد: جمع ولد- بوزن فعل مثل أسد- والولد: اسم للمولود ذكرا كان أو أنثى والحظ: النصيب المقدر.
والمعنى: يعهد الله إليكم ويأمركم أمرا مؤكدا في شأن ميراث أولادكم من بعد موتكم أن يكون نصيب الذكر منهم في الميراث نصيب الأنثيين.
وصدر- سبحانه- هذه الأحكام بقوله يُوصِيكُمُ اهتماما بشأنها، وإيذانا بوجوب سرعة الامتثال لمضمونها، إذ الوصية من الله- تعالى- إيجاب مؤكد، بدليل قوله- تعالى- وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ أى أوجب عليكم الانقياد لهذا الحكم إيجابا مؤكدا.
وحرف في هنا للظرفية المجازية، ومجرورها محذوف قام المضاف إليه مقامه، لأن ذوات الأولاد لا تصلح ظرفا للوصية، والتقدير: يوصيكم الله في توريث أولادكم أو في شأنهم.
وبدأ- سبحانه- ببيان ميراث الأولاد، لأنهم أقرب الناس إلى الإنسان، ولأن تعلق الإنسان بأولاده أشد من تعلقه بأى إنسان آخر.
وقوله لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب لأنها في موضع التفصيل والبيان لجملة يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ.
وقد جعل- سبحانه- نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى، لأن التكليفات المالية على الأنثى تقل كثيرا عن التكليفات المالية على الذكر، إذ الرجل مكلف بالنفقة على نفسه وعلى أولاده وعلى زوجته وعلى كل من يعولهم بينما المرأة نصيبها من الميراث لها خاصة لا يشاركها فيه مشارك.
وبهذا يتبين أن الإسلام قد أكرم المرأة غاية الإكرام حيث أعطاها هذا النصيب الخاص بها من الميراث بعد أن كانت في الجاهلية لا ترث شيئا.
ولم يقل- سبحانه- للذكر ضعف نصيب الأنثى، لأن الضعف قد يصدق على المثلين فصاعدا، فلا يكون نصا.
ولم يقل للأنثيين مثل حظ الذكر ولا للأنثى نصف حظ الذكر، لأن المقصود تقديم الذكر لبيان فضله ومزيته على الأنثى.
وعبر بالذكر والأنثى دون الرجال والنساء، للتنصيص على استواء الكبار والصغار من الفريقين في الاستحقاق من غير دخل للبلوغ والكبر في ذلك أصلا، كما هو زعم أهل الجاهلية حيث كانوا لا يورثون الأطفال ولا النساء.
وبعد أن بين- سبحانه- كيفية قسمة التركة إذا كان الورثة أولادا ذكورا وإناثا، عقب ذلك ببيان كيفية تقسيم التركة إذا كان الورثة من الأولاد الإناث فقط فقال- تعالى-: فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك.
قال الآلوسى: الضمير للأولاد مطلقا، ولزوم تغليب الإناث على الذكور لا يضر، لأن ذلك مما صرحوا بجوازه مراعاة للخبر ومشاكلة له. ويجوز أن يعود إلى المولودات أو البنات اللاتي في ضمن مطلق الأولاد.. والمراد من الفوقية زيادة العدد لا الفوقية الحقيقية.
والمعنى: فإن كانت المولودات أو البنات نساء خلصا زائدات على اثنتين بالغات ما بلغن فلهن ثلثا ما ترك المتوفى.
وهذه الجملة الكريمة قد بينت بالقول الصريح نصيب الأكثر من البنتين وهو الثلثان إلا أنها لم تبين نصيب البنتين بالقول الصريح.
وقد روى عن ابن عباس أنه قال: الثلثان فرض الثلاث من البنات فصاعدا وأما فرض البنتين فهو النصف. ودليله صريح منطوق الآية، فقد اشترطت أن أخذ ثلثى التركة للنساء يكون إذا كن فوق اثنتين أى ثلاثا فصاعدا، وذلك ينفى حصول الثلثين للبنتين.
وقال جمهور العلماء: البنتان لاحقتان بالبنات، فلهما الثلثان إذا انفردتا عن البنين كما أن البنات لهن الثلثان كذلك.
وقد بسط الفخر الرازي أدلة الجمهور على أن للبنتين الثلثين كالبنات فقال ما ملخصه:
وأما سائر الأمة فقد أجمعوا على أن فرض البنتين الثلثان. قالوا: وإنما عرفنا ذلك بوجوه: أولها: من قوله- تعالى- لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وذلك لأن من مات وترك ابنا وبنتا فههنا يجب أن يكون نصيب الابن الثلثين لقوله- تعالى- لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فإذا كان نصيب الذكر مثل نصيب الأنثيين. ونصيب الذكر هاهنا هو الثلثان، وجب لا محالة أن يكون نصيب الابنتين الثلثين.
الثاني: إذا مات وترك ابنا وبنتا فههنا يكون نصيب البنت الثلث بدليل لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فإذا كان نصيب البنت مع الولد الذكر هو الثلث فبأن يكون نصيبها مع ولد آخر أنثى هو الثلث أولى، لأن الذكر أقوى من الأنثى وإذا كان للبنت الثلث مع أختها وللأخرى كذلك فقد صار لهما الثلثان.
الثالث: أن قوله- تعالى- لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يفيد أن حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى الواحدة، وإلا لزم أن يكون حظ الذكر مثل حظ الأنثى الواحدة وذلك خلاف النص.
وإذا ثبت أن حظ الأنثيين أزيد من حظ الواحدة فتقول: وجب أن يكون ذلك هو الثلثان، لأنه لا قائل بالفرق والرابع: أنا ذكرنا في سبب نزول الآية أنه صلى الله عليه وسلم أعطى بنتي سعد بن الربيع الثلثين، وذلك يدل على ما قلناه.
الخامس: أنه- سبحانه- ذكر في هذه الآية حكم الواحدة من البنات وحكم الثلاث فما فوقهن ولم يذكر حكم الثنتين وذكر في شرح ميراث الأخوات- في آخر السورة إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ... فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ فهنا ذكر ميراث الأخت الواحدة والأختين دون الأخوات، فصارت كل واحدة من هاتين الآيتين مجملة من وجه ومبينة من وجه فنقول: لما كان نصيب الأختين الثلثين كانت البنتان أولى بذلك، لأنهما أقرب إلى الميت من الأختين.
والوجوه الثلاثة الأول مستنبطة من الآية. والرابع مأخوذ من السنة. والخامس من القياس الجلى».
هذا وقد صح عن ابن عباس أنه رجع إلى قول الجمهور فانعقد الإجماع على أن للبنتين الثلثين.
ثم بين- سبحانه- الحكم فيما إذا ترك الشخص بنتا واحدة فقال: وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ.
أى وإن كانت المولودة أنثى واحدة ليس معها أخ ولا أخت فلها النصف أى نصف ما تركه المتوفى.
وإلى هنا تكون الآية قد ذكرت ثلاث حالات للأولاد في الميراث:
الأولى: أن يترك الميت ذكورا وإناثا. وفي هذه الحالة يكون الميراث بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
الثانية: أن يترك الميت بنتين فأكثر وليس معهما أخ ذكر: وفي هذه الحالة يكون لهما أو لهن الثلثان خلافا لابن عباس في البنتين- كما سبق أن بينا.
الثالثة: أن يترك الميت بنتا واحدة وليس معها أخ ذكر. وفي هذه الحالة يكون لها النصف.
قال بعض العلماء: هذا توريث الأولاد. ويلاحظ ما يأتى:
أولا: أن نصيب الأولاد إذا كانوا ذكورا وإناثا إنما يكون بعد أن يأخذ الأبوان والأجداد والجدات وأحد الزوجين أنصبتهم. فإذا كان للمتوفى أب وزوجة وأبناء وبنات، فان القسمة للذكر مثل حظ الأنثيين تكون بعد أخذ الأب والزوجة نصيبيهما.
ثانيا: أن الأولاد يطلقون على كل فروع الشخص من صلبه: أى أبناؤه وأبناء أبنائه وبناته وبنات أبنائه. أما أولاد بناته فليسوا من أولاده. وقد خالف في ذلك الشيعة فلم يفرقوا في نسبة الأولاد بين من يكون من أولاد الظهور ومن يكون من أولاد البطون. أى: لا يفرقون بين من تتوسط بينه وبين المتوفى أنثى ومن لا تتوسط.
ثالثا: أن أبناء المتوفى وبناته يقدمن على أبناء أبنائه وبنات ابنه. أى: أن الطبقة الأولى تمنع من يليها:
رابعا: أن بنات الابن يأخذن حكم البنات تماما إذا لم يكن للشخص أولاد قط لا ذكور ولا إناث».
وبعد أن بين- سبحانه- ميراث الأولاد أعقبه ببيان ميراث الأبوين فقال: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ. فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ.
وقد ذكر- سبحانه- هنا ثلاث حالات للأبوين.
أما الحالة الأولى: فيشترك فيها الأب والأم بأن يأخذ كل واحد منهما السدس إذا كان للميت ولد. وقد عبر- سبحانه- عن هذه الحالة بقوله: وَلِأَبَوَيْهِ أى لأبوى الميت ذكرا كان أو أنثى: والضمير في لِأَبَوَيْهِ كناية عن غير مذكور. وجاز ذلك لدلالة الكلام عليه.
والمراد بالأبوين: الأب والأم. والتثنية على لفظ الأب للتغليب.
وقوله لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا بدل من قوله وَلِأَبَوَيْهِ بتكرير العامل وهو اللام في قوله لِكُلِّ. وفائدة هذا البدل أنه لو قيل: ولأبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه.
وقوله السُّدُسُ بيان للنصيب الذي يستحقه كل واحد من الأبوين.
أى: أن لكل واحد من أبوى الميت السدس مما ترك من المال إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ أى: إن كان لهذا الميت ولد ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر قال القرطبي: فرض الله- تعالى- لكل واحد من الأبوين مع الولد السدس، وأبهم الولد فكان الذكر والأنثى فيه سواء. فإن مات رجل وترك ابنا وأبوين فلابويه لكل واحد منهما السدس وما بقي فللابن. فإن ترك ابنة وأبوين فللابنة النصف وللأبوين السدسان وما بقي فلأقرب عصبة وهو الأب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر، فاجتمع للأب الاستحقاق بجهتين التعصيب والفرض».
والحالة الثانية: وهي ما إذا مات وورثه أبواه، وقد بين- سبحانه- حكمها بقوله: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ.
أى فإن لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن وورثه أبواه فقط، ففي هذه الحالة يكون لأم الميت ثلث التركة، ولأبيه الباقي من التركة وهو الثلثان، إذ لا وارث له سواهما. فإذا كان معهما أحد الزوجين كان للأم ثلث الباقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة وثلثاه للأب وهذا رأى جمهور الصحابة وهو الذي اختاره الأئمة الأربعة وأكثر فقهاء الأمصار.
أما الحالة الثالثة: وهي ما إذا مات الميت وترك الأبوين ومعهما إخوة أو أخوات فقد بين- سبحانه- حكمها بقوله: «فإن كان له إخوة فلأمه السدس أى: فإن كان للميت إخوة من الأب والأم. أو من الأب فقط، أو من الأم فقط ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلطين ففي هذه الحالة يكون لأم الميت سدس التركة والباقي للأب ولا ميراث للإخوة لحجبهم بالأب وبهذا نرى أن إخوة الميت ينقصون الأم من الثلث إلى السدس وإن كانوا محجوبين بالأب.
وإذ شرط الله في إنقاص نصيبها من الثلث إلى السدس الجماعة من الإخوة علم أن الأخ الواحد لا يحجبها عن الثلث بل يبقى لها الثلث.
أما الأخوان فيرى جمهور الصحابة والعلماء المجتهدين أنهما ينقصانها من الثلث إلى السدس.
لأنه قد ورد في اللغة إطلاق الجمع على الاثنين كما في قوله- تعالى- إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما.
ولأن الشارع قد جعل الأختين كالثلاث في الميراث. وكذلك جعل البنتين كالثلاث. ولا فرق بين الذكور والإناث.
ويروى عن ابن عباس أن الأخوين لا ينقصان الأم من الثلث إلى السدس فشأنهما شأن الأخ الواحد لأن الله- تعالى- قال فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ بصيغة الجمع، والجمع أقله ثلاثة بخلاف التثنية. والعمل على ما ذهب إليه الجمهور.
وإلى هنا تكون الآية الكريمة قد بينت ميراث الأولاد والأبوين. ثم عقبت ذلك ببيان الوقت الذي تدفع فيه هذه الأموال إلى مستحقيها من الورثة فقالت: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ.
أى هذه الفروض المذكورة إنما تقسم للورثة من بعد إنفاذ وصية يوصى بها الميت إلى الثلث.
ومن بعد قضاء دين على الميت.
فالجملة الكريمة متعلقة بما تقدم قبلها من قسمة المواريث فكأنه قال: قسمة هذه الأنصبة من بعد وصية يوصى بها لميت ومن بعد قضاء دين عليه.
ثم بين- سبحانه- حكمة هذا التقسيم، وأكد وجوب تنفيذه فقال: آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.
قال الآلوسى: الخطاب للورثة. وقوله آباؤُكُمْ مبتدأ، وقوله وَأَبْناؤُكُمْ معطوف عليه.
وقوله لا تَدْرُونَ مع ما في حيزه خبر له. وأىّ إما استفهامية مبتدأ. وقوله أَقْرَبُ خبره والفعل معلق عنها فهي سادة مسد المفعولين. واما موصولة، وقوله أَقْرَبُ خبر مبتدأ محذوف والجملة صلة الموصول. وأيهم مفعول أول مبنى على الضم لإضافته وحذف صدر صلته.
والمفعول الثاني محذوف. وقوله نَفْعاً نصب على التمييز وهو منقول من الفاعلية. وجملة آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً اعتراضية مؤكدة لوجوب تنفيذ الوصية.
والمعنى أن الله- تعالى- قد فرض لكم هذه الفرائض وقسم بينكم الميراث هذا التقسيم العادل فعليكم أن تلتزموا بتنفيذ قسمة الله التي قسمها لكم، ولا يصح لكم أن تحكموا أهواءكم في أموالكم، فإنكم لا تعلمون من أنفع لكم من أصولكم وفروعكم في دنياكم وآخرتكم.
وقد صدر- سبحانه- الجملة الكريمة بذكر الآباء والأبناء لقوة قرابتهم واتحاد اتصالهم،ومع ذلك لا يدرون النافع منهم، لأن الله- تعالى- وحده هو العليم بأحوال عباده، وبما تسره وتعلنه نفوسهم.
ثم أكد الله- تعالى- وجوب الانقياد لما شرعه لهم في شأن المواريث بتأكيدين:
أولهما: قوله- تعالى- فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ.
أى: فرض الله ذلك التقسيم للميراث فريضة، وقدره تقديرا فلا يجوز لكم أن تخالفوه، لأنه تقدير الله وقسمته، وليس لأحد أن يخالف قسمة الله وشرعه.
وقوله فَرِيضَةً منصوب على أنه مصدر مؤكد لنفسه، على حد قولهم هذا ابني حقا، لأنه واقع بعد جملة لا محتمل لها غيره، فيكون فعله الناصب له محذوفا وجوبا. أى فرض ذلك فريضة من الله.
وأما التأكيد الثاني: فهو قوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً أى إن الله- تعالى- كان عليما بما يصلح أمر العباد في دنياهم وآخرتهم، حكيما فيما قضى وقدر من شئون وتشريعات، فعليكم أن تقفوا عند ما قضى وشرع لتفوزوا بمثوبته ورعايته ورضاه.
قال الفخر الرازي ما ملخصه: ومناسبة هذا الكلام هنا أنه- تعالى- لما ذكر أنصباء الأولاد والأبوين، وكانت تلك الأنصباء مختلفة.. والإنسان ربما خطر بباله أن القسمة لو وقعت على غير هذا الوجه لكانت أنفع له وأصلح، لا سيما وقد كانت قسمة العرب للمواريث مخالفة لما جاء به الإسلام. لما كان الأمر كذلك أزال الله هذه الشبهة بأن قال: إنكم تعلمون أن عقولكم لا تحيط بمصالحكم، فربما اعتقدتم في شيء أنه صالح لكم وهو عين المضرة، وربما اعتقدتم فيه أنه عين المضرة وهو عين المصلحة، وأما الإله الحكيم الرحيم فهو عالم بمغيبات الأمور وعواقبها، فاتركوا تقدير المواريث بالمقادير التي تستحسنها عقولكم، وكونوا مطيعين لأمر الله في هذه التقديرات التي قدرها لكم، فقوله آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً إشارة إلى ترك ما يميل إليه الطبع من قسمة المواريث على الورثة. وقوله: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إشارة إلى وجوب الانقياد لهذه القسمة التي قدرها الشرع وقضى بها».
- البغوى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) الآية ، اعلم أن الوراثة كانت في الجاهلية بالذكورة والقوة فكانوا يورثون الرجال دون النساء والصبيان ، فأبطل الله ذلك بقوله : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) الآية ، وكانت أيضا في الجاهلية وابتداء الإسلام بالمحالفة ، قال الله تعالى : " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " ( النساء - 33 ) ثم صارت الوراثة بالهجرة ، قال الله تعالى " والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا " ( الأنفال - 72 ) فنسخ ذلك كله وصارت الوراثة بأحد الأمور الثلاثة بالنسب أو النكاح أو الولاء ، فالمعني بالنسب أن القرابة يرث بعضهم من بعض ، لقوله تعالى " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " ( الأحزاب - 6 ) ، والمعني بالنكاح : أن أحد الزوجين يرث صاحبه ، وبالولاء : أن المعتق وعصباته يرثون المعتق ، فنذكر بعون الله تعالى فصلا وجيزا في بيان من يرث من الأقارب ، وكيفية توريث الورثة فنقول :
إذا مات ميت وله مال فيبدأ بتجهيزه ثم بقضاء ديونه ثم بإنفاذ وصاياه فما فضل يقسم بين الورثة . ( ثم الورثة ) على ثلاثة أقسام : منهم من يرث بالفرض ومنهم من يرث بالتعصيب ، ومنهم من يرث بهما جميعا ، فمن يرث بالنكاح لا يرث إلا بالفرض ، ومن يرث بالولاء لا يرث إلا بالتعصيب ، أما من يرث بالقرابة فمنهم من يرث بالفرض كالبنات والأخوات والأمهات والجدات ، وأولاد الأم ، ومنهم من يرث بالتعصيب كالبنين والإخوة وبني الإخوة والأعمام وبنيهم ، ومنهم من يرث بهما كالأب يرث بالتعصيب إذا لم يكن للميت ولد ، فإن كان للميت ابن : يرث الأب بالفرض السدس ، وإن كان للميت بنت فيرث الأب السدس بالفرض ويأخذ الباقي بعد نصيب البنت بالتعصيب ، وكذلك الجد ، وصاحب التعصيب من يأخذ جميع المال عند الانفراد ويأخذ ما فضل عن أصحاب الفرائض .
وجملة الورثة سبعة عشر : عشرة من الرجال وسبع من النساء ، فمن الرجال : الابن وابن الابن وإن سفل والأب والجد أبو الأب وإن علا والأخ سواء كان لأب وأم أو لأب أو لأم ، وابن الأخ للأب والأم أو للأب وإن سفل والعم للأب والأم أو للأب وأبناؤهما وإن سفلوا ، والزوج ومولى العتاق ، ومن النساء البنت وبنت الابن وإن سفلت ، والأم والجدة أم الأم وأم الأب ، والأخت سواء كانت لأب وأم أو لأب أو لأم ، والزوجة ومولاة العتاق .
وستة من هؤلاء لا يلحقهم حجب الحرمان بالغير : الأبوان والولدان ، والزوجان ، لأنه ليس بينهم وبين الميت واسطة .
والأسباب التي توجب حرمان الميراث أربعة : اختلاف الدين ، والرق ، والقتل وعمي الموت .
ونعني باختلاف الدين أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر ، لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أنا ابن عيينة عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " .
فأما الكفار فيرث بعضهم من بعض مع اختلاف مللهم ، لأن الكفر كله ملة واحدة ، لقوله تعالى : " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " ( الأنفال - 73 ) .
وذهب بعضهم إلى أن اختلاف الملل في الكفر يمنع التوارث حتى لا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني المجوسي ، وإليه ذهب الزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يتوارث أهل ملتين شتى " ، وتأوله الآخرون على الإسلام مع الكفر فكله ملة واحدة فتوريث بعضهم من بعض لا يكون فيه إثبات التوارث بين أهل ملتين شتى .
والرقيق لا يرث أحدا ولا يرثه أحد لأنه لا ملك له ، ولا فرق فيه بين القن والمدبر والمكاتب وأم الولد .
والقتل يمنع الميراث عمدا كان أو خطأ لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القاتل لا يرث " .
ونعني بعمي الموت أن المتوارثين إذا عمي موتهما بأن غرقا في ماء أو انهدم عليهما بناء فلم يدر أيهما سبق موته فلا يورث أحدهما من الآخر ، بل ميراث كل واحد منهما لمن كانت حياته يقينا بعد موته من ورثته .
والسهام المحدودة في الفرائض ستة : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس .
فالنصف فرض ثلاثة : فرض الزوج عند عدم الولد وفرض البنت الواحدة للصلب أو بنت الابن عند عدم ولد الصلب ، وفرض الأخت الواحدة للأب والأم أو للأب إذا لم يكن ولد لأب وأم .
والربع فرض الزوج إذا كان للميتة ولد وفرض الزوجة إذا لم يكن للميت ولد .
والثمن : فرض الزوجة إذا كان للميت ولد .
والثلثان فرض البنتين للصلب فصاعدا ولبنتي الابن فصاعدا عند عدم ولد الصلب ، وفرض الأختين لأب وأم أو للأب فصاعدا .
والثلث فرض ثلاثة : فرض الأم إذا لم يكن للميت ولد ولا اثنان من الأخوات والإخوة ، إلا في مسألتين : إحداهما زوج وأبوان ، والثانية زوجة وأبوان ، فإن للأم فيهما ثلث ما بقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة ، وفرض الاثنين فصاعدا من أولاد الأم ، ذكرهم وأنثاهم فيه سواء ، وفرض الجد مع الإخوة إذ لم يكن في المسألة صاحب فرض ، وكان الثلث خيرا للجد من المقاسمة مع الإخوة .
وأما السدس ففرض سبعة : فرض الأب إذا كان للميت ولد ، وفرض الأم إذا كان للميت ولد أو اثنان من الإخوة والأخوات ، وفرض الجد إذا كان للميت ولد ومع الإخوة والأخوات إذا كان في المسألة صاحب فرض ، وكان السدس خيرا للجد من المقاسمة مع الإخوة ، وفرض الجدة والجدات وفرض الواحد من أولاد الأم ذكرا أو أنثى ، وفرض بنات الابن إذا كان للميت بنت واحدة للصلب تكملة الثلثين ، وفرض الأخوات للأب إذا كان للميت أخت واحدة لأب وأم تكملة الثلثين .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، أنا وهيب أنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر " .
وفي الحديث دليل على أن بعض الورثة يحجب البعض ، والحجب نوعان حجب نقصان وحجب حرمان :
فأما حجب النقصان فهو أن الولد وولد الابن يحجب الزوج من النصف إلى الربع والزوجة من الربع إلى الثمن ، والأم من الثلث إلى السدس ، وكذلك الاثنان فصاعدا من الإخوة يحجبون الأم من الثلث إلى السدس .
وحجب الحرمان هو أن الأم تسقط الجدات ، وأولاد الأم - وهم الإخوة والأخوات للأم - يسقطون بأربعة : بالأب والجد وإن علا وبالولد وولد الابن وإن سفل ، وأولاد الأب والأم يسقطون بثلاثة بالأب والابن وابن الابن وإن سفلوا ، ولا يسقطون بالجد على مذهب زيد بن ثابت ، وهو قول عمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ، وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله .
وأولاد الأب يسقطون بهؤلاء الثلاثة وبالأخ للأب والأم ، وذهب قوم إلى أن الإخوة جميعا يسقطون بالجد كما يسقطون بالأب ، وهو قول أبي بكر الصديق وابن عباس ومعاذ وأبي الدرداء وعائشة رضي الله عنهم ، وبه قال الحسن وعطاء وطاوس وأبو حنيفة رحمهم الله .
وأقرب العصبات يسقط الأبعد من العصوبة ، وأقربهم الابن ثم ابن الابن وإن سفل ، ثم الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا فإن كان مع الجد أحد من الإخوة أو الأخوات للأب والأم أو للأب فيشتركان في الميراث ، فإن لم يكن جد فالأخ للأب والأم ثم الأخ للأب ثم بنو الإخوة يقدم أقربهم سواء كان لأب وأم أو لأب ، فإن استويا في الدرجة فالذي هو لأب وأم أولى ثم العم للأب والأم ثم العم للأب ثم بنوهم على ترتيب بني الإخوة ، ثم عم الأب ثم عم الجد على هذا الترتيب .
فإن لم يكن أحد من عصبات النسب وعلى الميت ولاء فالميراث للمعتق ، فإن لم يكن حيا فلعصبات المعتق .
وأربعة من الذكور يعصبون الإناث ، الابن وابن الابن والأخ للأب والأم والأخ للأب ، حتى لو مات عن ابن وبنت أو عن أخ وأخت لأب وأم أو لأب فإنه يكون المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولا يفرض للبنت والأخت .
وكذلك ابن الابن يعصب من في درجته من الإناث ، ومن فوقه إذا لم يأخذ من الثلثين شيئا حتى لو مات عن بنتين وبنت ابن فللبنتين الثلثان ولا شيء لبنت الابن ، فإن كان في درجتها ابن ابن أو أسفل منها ابن ابن ابن كان الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين .
والأخت للأب والأم وللأب تكون عصبة مع البنت حتى لو مات عن بنت وأخت كان النصف للبنت والباقي للأخت ، فلو مات عن بنتين وأخت فللبنتين الثلثان والباقي للأخت .
والدليل عليه ما أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا آدم ، أنا شعبة ، أنا أبو قيس ، قال : سمعت هذيل بن شرحبيل قال : سئل أبو موسى عن ابنة وبنت ابن وأخت فقال : للبنت النصف وللأخت النصف ، وائت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم : للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت ، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود رضي الله عنه ، فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم .
رجعنا إلى تفسير الآية : واختلفوا في سبب نزولها . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو الوليد ، أنا شعبة عن محمد بن المنكدر : سمعت جابرا يقول جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصب علي من وضوئه فعقلت ، فقلت : يا رسول الله لمن الميراث إنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض .
وقال مقاتل والكلبي : نزلت في أم كجة امرأة أوس بن ثابت وبناته .
وقال عطاء : استشهد سعد بن الربيع النقيب يوم أحد وترك امرأة وبنتين وأخا ، فأخذ الأخ المال فأتت امرأة سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتي سعد [ فقالت : يا رسول الله إن هاتين ابنتا سعد وإن سعدا قتل يوم أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما ولا تنكحان إلا ولهما مال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ارجعي فلعل الله سيقضي في ذلك " ، فنزل ( يوصيكم الله ) إلى آخرها ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمهما فقال له : " أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك " ، فهذا أول ميراث قسم في الإسلام .
قوله عز وجل : ( يوصيكم الله في أولادكم ) أي : يعهد إليكم ويفرض عليكم في أولادكم ، أي : في أمر أولادكم إذا متم ، للذكر مثل حظ الأنثيين . ( فإن كن ) يعني : المتروكات من الأولاد ، ( نساء فوق اثنتين ) أي : ابنتين فصاعدا ( فوق ) صلة ، كقوله تعالى : " فاضربوا فوق الأعناق " ( الأنفال - 12 ) ، ( فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت ) يعني : البنت ، ( واحدة ) قراءة العامة بالنصب على خبر كان ، ورفعها أهل المدينة على معنى : إن وقعت واحدة ، ( فلها النصف ولأبويه ) يعني لأبوي الميت ، كناية عن غير مذكور ، ( لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ) أراد أن الأب والأم يكون لكل واحد منهما سدس الميراث عند وجود الولد أو ولد الابن ، والأب يكون صاحب فرض ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) قرأ حمزة والكسائي ( فلأمه ) بكسر الهمزة استثقالا للضمة بعد الكسرة ، وقرأ الآخرون بالضم على الأصل ( فإن كان له إخوة ) اثنان أو أكثر ذكورا أو إناثا ( فلأمه السدس ) والباقي يكون للأب إن كان معها أب ، والإخوة لا ميراث لهم مع الأب ، ولكنهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لا يحجب الإخوة الأم من الثلث إلى السدس إلا أن يكونوا ثلاثة ، وقد تفرد به ، وقال : لأن الله تعالى قال : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) ولا يقال للاثنين إخوة ، فنقول اسم الجمع قد يقع على التثنية لأن الجمع ضم شيء إلى شيء وهو موجود في الاثنين كما قال الله تعالى : " فقد صغت قلوبكما " ( التحريم - 4 ) ذكر القلب بلفظ الجمع ، وأضافه إلى الاثنين
قوله تعالى : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر ( يوصي ) بفتح الصاد على ما لم يسم فاعله ، وكذلك الثانية ، ووافق حفص في الثانية ، وقرأ الآخرون بكسر الصاد لأنه جرى ذكر الميت من قبل ، بدليل قوله تعالى : ( من بعد وصية يوصين بها ) و ( توصون )
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه " إنكم تقرءون الوصية قبل الدين ، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية " . وهذا إجماع أن الدين مقدم على الوصية . ومعنى الآية الجمع لا الترتيب ، وبيان أن الميراث مؤخر عن الدين والوصية جميعا ، معناه : من بعد وصية إن كانت ، أو دين إن كان ، فالإرث مؤخر عن كل واحد منهما .
( آباؤكم وأبناؤكم ) يعني : الذين يرثونكم آباؤكم وأبناؤكم ، ( لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) أي : لا تعلمون أنهم أنفع لكم في الدين والدنيا فمنكم من يظن أن الأب أنفع له ، فيكون الابن أنفع له ، ومنكم من يظن أن الابن أنفع له فيكون الأب أنفع له ، وأنا العالم بمن هو أنفع لكم ، وقد دبرت أمركم على ما فيه المصلحة فاتبعوه ، وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أطوعكم لله عز وجل من الآباء والأبناء أرفعكم درجة يوم القيامة ، والله تعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض ، فإن كان الوالد أرفع درجة في الجنة رفع إليه ولده وإن كان الولد أرفع درجة رفع إليه والده لتقر بذلك أعينهم ، ( فريضة من الله ) أي : ما قدر من المواريث ، ( إن الله كان عليما ) بأمور العباد ، ( حكيما ) بنصب الأحكام .
- ابن كثير : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
هذه الآية الكريمة والتي بعدها والآية التي هي خاتمة هذه السورة هن آيات علم الفرائض ، وهو مستنبط من هذه الآيات الثلاث ، ومن الأحاديث الواردة في ذلك مما هي كالتفسير لذلك ولنذكر منها ما هو متعلق بتفسير ذلك ، وأما تقرير المسائل ونصب الخلاف والأدلة ، والحجاج بين الأئمة ، فموضعه كتاب " الأحكام " فالله المستعان .
وقد ورد الترغيب في تعلم الفرائض ، وهذه الفرائض الخاصة من أهم ذلك . وقد روى أبو داود وابن ماجه ، من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ، عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي ، عن عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العلم ثلاثة ، وما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة ، أو سنة قائمة ، أو فريضة عادلة " .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة ، تعلموا الفرائض وعلموه فإنه نصف العلم ، وهو ينسى ، وهو أول شيء ينتزع من أمتي " .
رواه ابن ماجه ، وفي إسناده ضعف .
وقد روي من حديث عبد الله بن مسعود وأبي سعيد وفي كل منهما نظر . قال [ سفيان ] ابن عيينة : إنما سمى الفرائض نصف العلم; لأنه يبتلى به الناس كلهم .
وقال البخاري عند تفسير هذه الآية : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام : أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني ابن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين ، فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل شيئا ، فدعا بماء فتوضأ منه ، ثم رش علي ، فأفقت ، فقلت : ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله ؟ فنزلت : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) .
وكذا رواه مسلم والنسائي ، من حديث حجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج به ، ورواه الجماعة كلهم من حديث سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر .
حديث آخر عن جابر في سبب نزول الآية : قال الإمام أحمد : حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا عبيد الله - هو ابن عمرو الرقي - عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد بن الربيع ، قتل أبوهما معك في أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما ، فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال . قال : فقال : " يقضي الله في ذلك " . قال : فنزلت آية الميراث ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال : " أعط ابنتي سعد الثلثين ، وأمهما الثمن ، وما بقي فهو لك " .
وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، من طرق ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، به . قال الترمذي : ولا يعرف إلا من حديثه .
والظاهر أن حديث جابر الأول إنما نزل بسببه الآية الأخيرة من هذه السورة كما سيأتي ، فإنه إنما كان له إذ ذاك أخوات ، ولم يكن له بنات ، وإنما كان يورث كلالة ، ولكن ذكرنا الحديث هاهنا تبعا للبخاري ، رحمه الله ، فإنه ذكره هاهنا . والحديث الثاني عن جابر أشبه بنزول هذه الآية ، والله أعلم .
فقوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) أي : يأمركم بالعدل فيهم ، فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث ، فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث ، وفاوت بين الصنفين ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين; وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتجشم المشقة ، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى .
وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالد بولده ، حيث أوصى الوالدين بأولادهم ، فعلم أنه أرحم بهم منهم ، كما جاء في الحديث الصحيح .
وقد رأى امرأة من السبي تدور على ولدها ، فلما وجدته أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أترون هذه طارحة ولدها في النار وهي تقدر على ذلك ؟ " قالوا : لا يا رسول الله : قال : " فوالله لله أرحم بعباده من هذه بولدها " .
وقال البخاري هاهنا : حدثنا محمد بن يوسف ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : كان المال للولد ، وكانت الوصية للوالدين ، فنسخ الله من ذلك ما أحب ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث ، وجعل للزوجة الثمن والربع ، وللزوج الشطر والربع .
وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض ، للولد الذكر والأنثى والأبوين ، كرهها الناس أو بعضهم وقالوا : تعطى المرأة الربع أو الثمن وتعطى البنت النصف . ويعطى الغلام الصغير . وليس أحد من هؤلاء يقاتل القوم ، ولا يحوز الغنيمة . . اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه ، أو نقول له فيغير ، فقال بعضهم : يا رسول الله ، نعطي الجارية نصف ما ترك أبوها ، وليست تركب الفرس ، ولا تقاتل القوم ونعطي الصبي الميراث وليس يغني شيئا . . وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ، لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم ، ويعطونه الأكبر فالأكبر . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير أيضا .
وقوله : ( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ) قال بعض الناس : قوله : ( فوق ) زائدة وتقديره : فإن كن نساء اثنتين كما في قوله [ تعالى ] ( فاضربوا فوق الأعناق ) [ الأنفال : 12 ] وهذا غير مسلم لا هنا ولا هناك; فإنه ليس في القرآن شيء زائد لا فائدة فيه وهذا ممتنع ، ثم قوله : ( فلهن ثلثا ما ترك ) لو كان المراد ما قالوه لقال : فلهما ثلثا ما ترك . وإنما استفيد كون الثلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة ، فإنه تعالى حكم فيها للأختين بالثلثين . وإذا ورث الأختان الثلثين فلأن يرث البنتان الثلثين بطريق الأولى وقد تقدم في حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم لابنتي سعد بن الربيع بالثلثين ، فدل الكتاب والسنة على ذلك ، وأيضا فإنه قال : ( وإن كانت واحدة فلها النصف ) فلو كان للبنتين النصف [ أيضا ] لنص عليه ، فلما حكم به للواحدة على انفرادها دل على أن البنتين في حكم الثلاث والله أعلم .
وقوله : ( ولأبويه لكل واحد منهما السدس [ مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ] ) إلى آخره ، الأبوان لهما في الميراث أحوال :
أحدها : أن يجتمعا مع الأولاد ، فيفرض لكل واحد منهما السدس فإن لم يكن للميت إلا بنت واحدة ، فرض لها النصف ، وللأبوين لكل واحد منهما السدس ، وأخذ الأب السدس الآخر بالتعصيب ، فيجمع له - والحالة هذه - بين هذه الفرض والتعصيب .
الحال الثاني : أن ينفرد الأبوان بالميراث ، فيفرض للأم - والحالة هذه - الثلث ويأخذ الأب الباقي بالتعصيب المحض ، ويكون قد أخذ ضعفي ما فرض للأم ، وهو الثلثان ، فلو كان معهما - والحالة هذه - زوج أو زوجة أخذ الزوج النصف والزوجة الربع . ثم اختلف العلماء : ما تأخذ الأم بعد فرض الزوج والزوجة على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها تأخذ ثلث الباقي في المسألتين; لأن الباقي كأنه جميع الميراث بالنسبة إليهما . وقد جعل الله لها نصف ما جعل للأب فتأخذ ثلث الباقي ويأخذ ثلثيه وهو قول عمر وعثمان ، وأصح الروايتين عن علي . وبه يقول ابن مسعود وزيد بن ثابت ، وهو قول الفقهاء السبعة ، والأئمة الأربعة ، وجمهور العلماء - رحمهم الله .
والقول الثاني : أنها تأخذ ثلث جميع المال لعموم قوله : ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) فإن الآية أعم من أن يكون معها زوج أو زوجة أو لا . وهو قول ابن عباس . وروي عن علي ، ومعاذ بن جبل ، نحوه . وبه يقول شريح وداود بن علي الظاهري واختاره الإمام أبو الحسين محمد بن عبد الله بن اللبان البصري في كتابه " الإيجاز في علم الفرائض " .
وهذا فيه نظر ، بل هو ضعيف; لأن ظاهر الآية إنما هو [ ما ] إذا استبد بجميع التركة ، فأما في هذه المسألة فيأخذ الزوج أو الزوجة الفرض ، ويبقى الباقي كأنه جميع التركة ، فتأخذ ثلثه ، كما تقدم .
والقول الثالث : أنها تأخذ ثلث جميع المال في مسألة الزوجة ، فإنها تأخذ الربع وهو ثلاثة من اثني عشر ، وتأخذ الأم الثلث وهو أربعة ، فيبقى خمسة للأب . وأما في مسألة الزوج فتأخذ ثلث الباقي; لئلا تأخذ أكثر من الأب لو أخذت ثلث المال ، فتكون المسألة من ستة : للزوج النصف ثلاثة وللأم ثلث ما بقي وهو سهم ، وللأب الباقي بعد ذلك وهو سهمان . ويحكى هذا عن محمد بن سيرين ، رحمه الله ، وهو مركب من القولين الأولين ، موافق كلا منهما في صورة وهو ضعيف أيضا . والصحيح الأول ، والله أعلم .
والحال الثالث من أحوال الأبوين : وهو اجتماعهما مع الإخوة ، وسواء كانوا من الأبوين ، أو من الأب ، أو من الأم ، فإنهم لا يرثون مع الأب شيئا ، ولكنهم مع ذلك يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس ، فيفرض لها مع وجودهم السدس ، فإن لم يكن وارث سواها وسوى الأب أخذ الأب الباقي .
وحكم الأخوين فيما ذكرناه كحكم الإخوة عند الجمهور . وقد روى البيهقي من طريق شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث ، قال الله تعالى : ( فإن كان له إخوة ) فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة . فقال عثمان : لا أستطيع تغيير ما كان قبلي ، ومضى في الأمصار ، وتوارث به الناس .
وفي صحة هذا الأثر نظر ، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس ، ولو كان هذا صحيحا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به ، والمنقول عنهم خلافه .
وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه أنه قال : الأخوان تسمى إخوة وقد أفردت لهذه المسألة جزءا على حدة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة ، حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد ، عن قتادة قوله : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) أضروا بالأم ولا يرثون ، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث ويحجبها ما فوق ذلك ، وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث أن أباهم يلي إنكاحهم ونفقته عليهم دون أمهم .
وهذا كلام حسن . لكن روي عن ابن عباس بإسناد صحيح أنه كان يرى أن السدس الذي حجبوه عن أمهم يكون لهم ، وهذا قول شاذ ، رواه ابن جرير في تفسيره فقال :
حدثنا الحسن بن يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه عن ابن عباس ، قال : السدس الذي حجبته الإخوة لأم لهم ، إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أبيهم .
ثم قال ابن جرير : وهذا قول مخالف لجميع الأمة ، وقد حدثني يونس ، أخبرنا سفيان ، أخبرنا عمرو ، عن الحسن بن محمد ، عن ابن عباس أنه قال : الكلالة من لا ولد له ولا والد .
وقوله : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) أجمع العلماء سلفا وخلفا : أن الدين مقدم على الوصية ، وذلك عند إمعان النظر يفهم من فحوى الآية الكريمة . وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وأصحاب التفاسير ، من حديث أبي إسحاق ، عن الحارث بن عبد الله الأعور ، عن علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] قال : إنكم تقرءون ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية ، وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ، يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه . ثم قال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث الحارث الأعور ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم .
قلت : لكن كان حافظا للفرائض معتنيا بها وبالحساب فالله أعلم .
وقوله : ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) أي : إنما فرضنا للآباء وللأبناء ، وساوينا بين الكل في أصل الميراث على خلاف ما كان عليه الأمر في الجاهلية ، وعلى خلاف ما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من كون المال للولد وللوالدين الوصية ، كما تقدم عن ابن عباس ، إنما نسخ الله ذلك إلى هذا ، ففرض لهؤلاء ولهؤلاء بحسبهم; لأن الإنسان قد يأتيه النفع الدنيوي - أو الأخروي أو هما - من أبيه ما لا يأتيه من ابنه ، وقد يكون بالعكس; فلهذا قال : ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) أي : كأن النفع متوقع ومرجو من هذا ، كما هو متوقع ومرجو من الآخر; فلهذا فرضنا لهذا ولهذا ، وساوينا بين القسمين في أصل الميراث ، والله أعلم .
وقوله : ( فريضة من الله ) أي : [ من ] هذا الذي ذكرناه من تفصيل الميراث ، وإعطاء بعض الورثة أكثر من بعض - هو فرض من الله حكم به وقضاه ، والله عليم حكيم الذي يضع الأشياء في محالها ، ويعطي كلا ما يستحقه بحسبه; ولهذا قال : ( إن الله كان عليما حكيما )
- القرطبى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
قوله تعالى : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما
فيه خمس وعشرون مسألة :
الأولى : قوله تعالى : يوصيكم الله في أولادكم بين تعالى في هذه الآية ما أجمله في قوله : للرجال نصيب و للنساء نصيب فدل هذا على جواز تأخير البيان عن وقت السؤال . وهذه الآية ركن من أركان الدين ، وعمدة من عمد الأحكام ، وأم من أمهات الآيات ؛ فإن الفرائض عظيمة القدر حتى إنها ثلث العلم ، وروي نصف العلم . وهو أول علم ينزع من الناس وينسى . رواه الدارقطني ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم وهو أول شيء ينسى وهو أول شيء ينتزع من أمتي . وروي أيضا عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس وتعلموا العلم وعلموه الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان من يفصل بينهما . وإذا ثبت هذا فاعلم أن الفرائض كانت جل علم الصحابة ، وعظيم مناظرتهم ، ولكن الخلق ضيعوه . وقد روى مطرف ، عن مالك ، قال عبد الله بن مسعود : ( من لم يتعلم الفرائض والطلاق والحج فبم يفضل أهل البادية ؟ ) وقال ابن وهب ، عن مالك : كنت أسمع ربيعة يقول : ( من تعلم الفرائض من غير علم بها من القرآن ما أسرع ما ينساها ) . قال مالك : وصدق .
الثانية : روى أبو داود والدارقطني ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة . قال الخطابي أبو سليمان : الآية المحكمة هي كتاب الله تعالى : واشترط فيها الإحكام ؛ لأن من الآي ما هو منسوخ لا يعمل به ، وإنما يعمل بناسخه . والسنة القائمة هي الثابتة مما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من السنن الثابتة . وقوله : أو فريضة عادلة يحتمل وجهين من التأويل : أحدهما : أن يكون من العدل في القسمة ؛ فتكون معدلة على الأنصباء والسهام المذكورة في الكتاب والسنة . والوجه الآخر : أن تكون مستنبطة من الكتاب والسنة ومن معناهما ؛ فتكون هذه الفريضة تعدل ما أخذ من الكتاب والسنة إذ كانت في معنى ما أخذ عنهما نصا .
روى عكرمة قال : أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت يسأل عن امرأة تركت زوجها وأبويها . قال : للزوج النصف ، وللأم ثلث ما بقي . فقال : تجده في كتاب الله أو تقول برأي ؟ قال : أقوله برأي ؛ لا أفضل أما على أب . قال أبو سليمان : فهذا من باب تعديل الفريضة إذا لم يكن فيها نص ؛ وذلك أنه اعتبرها بالمنصوص عليه ، وهو قوله تعالى : وورثه أبواه فلأمه الثلث . فلما وجد نصيب الأم الثلث ، وكان باقي المال هو الثلثان للأب ، قاس النصف الفاضل من المال بعد نصيب الزوج على كل المال إذا لم يكن مع الوالدين ابن أو ذو سهم ؛ فقسمه بينهما على ثلاثة ، للأم سهم وللأب سهمان وهو الباقي . وكان هذا أعدل في القسمة من أن يعطي الأم من النصف الباقي ثلث جميع المال ، وللأب ما بقي وهو السدس ، ففضلها عليه فيكون لها وهي مفضولة في أصل الموروث أكثر مما للأب وهو المقدم والمفضل في الأصل . وذلك أعدل مما ذهب إليه ابن عباس من توفير الثلث على الأم ، وبخس الأب حقه برده إلى السدس ؛ فترك قوله وصار عامة الفقهاء إلى زيد . قال أبو عمر : وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه في زوج وأبوين : ( للزوج النصف ، وللأم ثلث جميع المال ، وللأب ما بقي ) . وقال في امرأة وأبوين : ( للمرأة الربع ، وللأم ثلث جميع المال ، والباقي للأب ) . وبهذا قال شريح القاضي ومحمد بن سيرين وداود بن علي ، وفرقة منهم أبو الحسن محمد بن عبد الله الفرضي المصري المعروف بابن اللبان في المسألتين جميعا . وزعم أنه قياس قول علي في المشتركة . وقال في موضع آخر : إنه قد روي ذلك عن علي أيضا . قال أبو عمر : المعروف المشهور عن علي وزيد وعبد الله وسائر الصحابة وعامة العلماء ما رسمه مالك . ومن الحجة لهم على ابن عباس : ( أن الأبوين إذا اشتركا في الوراثة ، ليس معهما غيرهما ، كان للأم الثلث وللأب الثلثان ) . وكذلك إذا اشتركا في النصف الذي يفضل عن الزوج ، كانا فيه كذلك على ثلث وثلثين . وهذا صحيح في النظر والقياس .
الثالثة : واختلفت الروايات في سبب نزول آية المواريث ؛ فروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارقطني ، عن جابر بن عبد الله أن امرأة سعد بن الربيع قالت : يا رسول الله ، إن سعدا هلك وترك بنتين وأخاه ، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد ، وإنما تنكح النساء على أموالهن ؛ فلم يجبها في مجلسها ذلك . ثم جاءته فقالت : يا رسول الله ، ابنتا سعد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادع لي أخاه فجاء فقال له : ادفع إلى ابنته الثلثين وإلى امرأته الثمن ولك ما بقي . لفظ أبي داود . في رواية الترمذي وغيره : فنزلت آية المواريث . قال : هذا حديث صحيح .
وروى جابر أيضا قال : عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة يمشيان ، فوجداني لا أعقل ، فدعا بماء فتوضأ ، ثم رش علي منه فأفقت . فقلت : كيف أصنع في مالي يا رسول الله ؟ فنزلت يوصيكم الله في أولادكم . أخرجاه في الصحيحين . وأخرجه الترمذي وفيه " فقلت يا نبي الله كيف أقسم مالي بين ولدي ؟ فلم يرد علي شيئا فنزلت يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين الآية . قال : " حديث حسن صحيح " .
وفي البخاري ، عن ابن عباس ( أن نزول ذلك كان من أجل أن المال كان للولد ، والوصية للوالدين ؛ فنسخ ذلك بهذه الآيات ) . وقال مقاتل والكلبي : نزلت في أم كجة ؛ وقد ذكرناها . السدي : نزلت بسبب بنات عبد الرحمن بن ثابت أخي حسان بن ثابت . وقيل : إن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون إلا من لاقى الحروب وقاتل العدو ؛ فنزلت الآية تبيينا أن لكل صغير وكبير حظه . ولا يبعد أن يكون جوابا للجميع ؛ ولذلك تأخر نزولها . والله أعلم .
قال الكيا الطبري : وقد ورد في بعض الآثار أن ما كانت الجاهلية تفعله من ترك توريث الصغير كان في صدر الإسلام إلى أن نسخته هذه الآية ولم يثبت عندنا اشتمال الشريعة على ذلك ، بل ثبت خلافه ؛ فإن هذه الآية نزلت في ورثة سعد بن الربيع . وقيل : نزلت في ورثة ثابت بن قيس بن شماس . والأول أصح عند أهل النقل . فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الميراث من العم ، ولو كان ذلك ثابتا من قبل في شرعنا ما استرجعه . ولم يثبت قط في شرعنا أن الصبي ما كان يعطى الميراث حتى يقاتل على الفرس ويذب عن الحريم .
قلت : وكذلك قال القاضي أبو بكر بن العربي قال : ودل نزول هذه الآية على نكتة بديعة ؛ وهو أن ما كانت عليه الجاهلية تفعله من أخذ المال لم يكن في صدر الإسلام شرعا مسكوتا مقرا عليه ؛ لأنه لو كان شرعا مقرا عليه لما حكم النبي صلى الله عليه وسلم على عم الصبيتين برد ما أخذ من مالهما ؛ لأن الأحكام إذا مضت وجاء النسخ بعدها إنما يؤثر في المستقبل فلا ينقض به ما تقدم وإنما كانت ظلامة رفعت . قاله ابن العربي .
الرابعة : قوله تعالى : يوصيكم الله في أولادكم قالت الشافعية : قول الله تعالى يوصيكم الله في أولادكم حقيقة في أولاد الصلب ، فأما ولد الابن فإنما يدخل فيه بطريق المجاز ؛ فإذا حلف أن لا ولد له وله ولد ابن لم يحنث ؛ وإذا أوصى لولد فلان لم يدخل فيه ولد ولده . وأبو حنيفة يقول : إنه يدخل فيه إن لم يكن له ولد صلب . ومعلوم أن الألفاظ لا تتغير بما قالوه .
الخامسة : قال ابن المنذر : لما قال تعالى : يوصيكم الله في أولادكم فكان الذي يجب على ظاهر الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد ، المؤمن منهم والكافر ؛ فلما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يرث المسلم الكافر علم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض ، فلا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم على ظاهر الحديث .
قلت : ولما قال تعالى : في أولادكم دخل فيهم الأسير في أيدي الكفار ؛ فإنه يرث ما دام تعلم حياته على الإسلام . وبه قال كافة أهل العلم ، إلا النخعي فإنه قال : لا يرث الأسير . فأما إذا لم تعلم حياته فحكمه حكم المفقود . ولم يدخل في عموم الآية ميراث النبي صلى الله عليه وسلم لقوله : لا نورث ما تركنا صدقة وسيأتي بيانه في "
مريم " إن شاء الله تعالى . وكذلك لم يدخل القاتل عمدا لأبيه أو جده أو أخيه أو عمه بالسنة وإجماع الأمة ، وأنه لا يرث من مال من قتله ولا من ديته شيئا ؛ على ما تقدم بيانه في البقرة . فإن قتله خطأ فلا ميراث له من الدية ، ويرث من المال في قول مالك ، ولا يرث في قول الشافعي وأحمد وسفيان وأصحاب الرأي ، من المال ولا من الدية شيئا ؛ حسبما تقدم بيانه في البقرة . وقول مالك أصح ، وبه قال إسحاق وأبو ثور . وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح ومجاهد والزهري والأوزاعي وابن المنذر ؛ لأن ميراث من ورثه الله تعالى في كتابه ثابت لا يستثنى منه إلا بسنة أو إجماع . وكل مختلف فيه فمردود إلى ظاهر الآيات التي فيها المواريث .السادسة : اعلم أن الميراث كان يستحق في أول الإسلام بأسباب : منها الحلف والهجرة والمعاقدة ، ثم نسخ على ما يأتي بيانه في هذه السورة عند قوله تعالى : ولكل جعلنا موالي . إن شاء الله تعالى . وأجمع العلماء على أن الأولاد إذا كان معهم من له فرض مسمى أعطيه ، وكان ما بقي من المال للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ لقوله عليه السلام : ألحقوا الفرائض بأهلها رواه الأئمة . يعني الفرائض الواقعة في كتاب الله تعالى . وهي ستة : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس . فالنصف فرض خمسة : ابنة الصلب ، وابنة الابن ، والأخت الشقيقة ، والأخت للأب ، والزوج . وكل ذلك إذا انفردوا عمن يحجبهم عنه . والربع فرض الزوج مع الحاجب ، وفرض الزوجة والزوجات مع عدمه . والثمن فرض الزوجة والزوجات مع الحاجب . والثلثان فرض أربع : الاثنتين فصاعدا من بنات الصلب ، وبنات الابن ، والأخوات الأشقاء ، أو للأب . وكل هؤلاء إذا انفردن عمن يحجبهن عنه . والثلث فرض صنفين : الأم مع عدم الولد ، وولد الابن ، وعدم الاثنين فصاعدا من الإخوة والأخوات ، وفرض الاثنين فصاعدا من ولد الأم . وهذا هو ثلث كل المال . فأما ثلث ما يبقى فذلك للأم في مسألة زوج أو زوجة وأبوان ؛ فللأم فيها ثلث ما يبقى . وقد تقدم بيانه . وفي مسائل الجد مع الإخوة إذا كان معهم ذو سهم وكان ثلث ما يبقى أحظى له . والسدس فرض سبعة : الأبوان والجد مع الولد وولد الابن ، والجدة والجدات إذا اجتمعن ، وبنات الابن مع بنت الصلب ، والأخوات للأب مع الأخت الشقيقة ، والواحد من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى . وهذه الفرائض كلها مأخوذة من كتاب الله تعالى إلا فرض الجدة والجدات فإنه مأخوذ من السنة . والأسباب الموجبة لهذه الفروض بالميراث ثلاثة أشياء : نسب ثابت ، ونكاح منعقد ، وولاء عتاقة . وقد تجتمع الثلاثة الأشياء فيكون الرجل زوج المرأة ومولاها وابن عمها . وقد يجتمع فيه منها شيئان لا أكثر ، مثل أن يكون زوجها ومولاها ، أو زوجها وابن عمها ؛ فيرث بوجهين ويكون له جميع المال إذا انفرد : نصفه بالزوجية ونصفه بالولاء أو بالنسب . ومثل أن تكون المرأة ابنة الرجل ومولاته ، فيكون لها أيضا المال إذا انفردت : نصفه بالنسب ونصفه بالولاء .
السابعة : ولا ميراث إلا بعد أداء الدين والوصية ؛ فإذا مات المتوفى أخرج من تركته الحقوق المعينات ، ثم ما يلزم من تكفينه وتقبيره ، ثم الديون على مراتبها ، ثم يخرج من الثلث الوصايا ، وما كان في معناها على مراتبها أيضا ، ويكون الباقي ميراثا بين الورثة . وجملتهم سبعة عشر . عشرة من الرجال : الابن وابن الابن وإن سفل ، والأب وأب الأب وهو الجد وإن علا ، والأخ وابن الأخ ، والعم وابن العم ، والزوج ومولى النعمة . ويرث من النساء سبع : البنت وبنت الابن وإن سفلت ، والأم والجدة وإن علت ، والأخت والزوجة ، ومولاة النعمة وهي المعتقة . وقد نظمهم بعض الفضلاء فقال :
والوارثون إن أردت جمعهم مع الإناث الوارثات معهم عشرة من جملة الذكران
وسبع أشخاص من النسوان وهم ، وقد حصرتهم في النظم
الابن وابن الابن وابن العم والأب منهم وهو في الترتيب
والجد من قبل الأخ القريب وابن الأخ الأدنى أجل والعم
والزوج والسيد ثم الأم وابنة الابن بعدها والبنت
وزوجة وجدة وأخت والمرأة المولاة أعني المعتقه
خذها إليك عدة محققه
الثامنة : لما قال تعالى : في أولادكم يتناول كل ولد كان موجودا أو جنينا في بطن أمه ، دنيا أو بعيدا ، من الذكور أو الإناث ما عدا الكافر كما تقدم . قال بعضهم : ذلك حقيقة في الأدنين مجاز في الأبعدين . وقال بعضهم : هو حقيقة في الجميع ؛ لأنه من التولد ، غير أنهم يرثون على قدر القرب منه ؛ قال الله تعالى : يا بني آدم . وقال عليه السلام : أنا سيد ولد آدم قال : يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان راميا إلا أنه غلب عرف الاستعمال في إطلاق ذلك على الأعيان الأدنين على تلك الحقيقة ؛ فإن كان في ولد الصلب ذكر لم يكن لولد الولد شيء ، وهذا مما أجمع عليه أهل العلم . وإن لم يكن في ولد الصلب ذكر وكان في ولد الولد بدئ بالبنات للصلب ، فأعطين إلى مبلغ الثلثين ، ثم أعطي الثلث الباقي لولد الولد إذا استووا في القعدد ، أو كان الذكر أسفل ممن فوقه من البنات ، للذكر مثل حظ الأنثيين . هذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي . وبه قال عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ؛ إلا ما يروى عن ابن مسعود أنه قال : ( إن كان الذكر من ولد الولد بإزاء الأنثى رد عليها ، وإن كان أسفل منها يرد عليها ) ؛ مراعيا في ذلك قوله تعالى : فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك فلم يجعل للبنات وإن كثرن إلا الثلثين .
قلت : هكذا ذكر ابن العربي هذا التفصيل عن ابن مسعود ، والذي ذكره ابن المنذر والباجي عنه : ( أن ما فضل عن بنات الصلب لبني الابن دون بنات الابن ) ، ولم يفصلا . وحكاه ابن المنذر ، عن أبي ثور . ونحوه حكى أبو عمر ، قال أبو عمر : وخالف في ذلك ابن مسعود فقال : وإذا استكمل البنات الثلثين فالباقي لبني الابن دون أخواتهم ، ودون من فوقهم من بنات الابن ، ومن تحتهم . وإلى هذا ذهب أبو ثور وداود بن علي . وروي مثله عن علقمة . وحجة من ذهب هذا المذهب حديث ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر خرجه البخاري ومسلم وغيرهما . ومن حجة الجمهور قول الله عز وجل : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين لأن ولد الولد ولد . ومن جهة النظر والقياس أن كل من يعصب من في درجته في جملة المال فواجب أن يعصبه في الفاضل من المال ؛ كأولاد الصلب . فوجب بذلك أن يشرك ابن الابن أخته ، كما يشرك الابن للصلب أخته . فإن احتج لأبي ثور وداود أن بنت الابن لما لم ترث شيئا من الفاضل بعد الثلثين منفردة لم يعصبها أخوها . فالجواب أنها إذا كان معها أخوها قويت به وصارت عصبة معه . وظاهر قوله تعالى : يوصيكم الله في أولادكم وهي من الولد .
التاسعة : قوله تعالى فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك الآية . فرض الله تعالى للواحدة النصف ، وفرض لما فوق الثنتين الثلثين ، ولم يفرض للثنتين فرضا منصوصا في كتابه ؛ فتكلم العلماء في الدليل الذي يوجب لهما الثلثين ما هو ؟ فقيل : الإجماع وهو مردود ؛ لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنتين النصف ؛ لأن الله عز وجل قال : فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وهذا شرط وجزاء . قال : فلا أعطي البنتين الثلثين . وقيل : أعطيتا الثلثين بالقياس على الأختين ؛ فإن الله سبحانه لما قال في آخر السورة : وله أخت فلها نصف ما ترك وقال تعالى : فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك فألحقت الابنتان بالأختين في الاشتراك في الثلثين ، وألحقت الأخوات إذا زدن على اثنتين بالبنات في الاشتراك في الثلثين . واعترض هذا بأن ذلك منصوص عليه في الأخوات ، والإجماع منعقد عليه فهو مسلم بذلك . وقيل : في الآية ما يدل على أن للبنتين الثلثين ، وذلك أنه لما كان للواحدة مع أخيها الثلث إذا انفردت ، علمنا أن للاثنتين الثلثين . احتج بهذه الحجة وقال هذه المقالة إسماعيل القاضي وأبو العباس المبرد . قال النحاس : وهذا الاحتجاج عند أهل النظر غلط ؛ لأن الاختلاف في البنتين وليس في الواحدة . فيقول مخالفه : إذا ترك بنتين وابنا فللبنتين النصف ؛ فهذا دليل على أن هذا فرضهم . وقيل : فوق زائدة أي إن كن نساء اثنتين . كقوله تعالى : فاضربوا فوق الأعناق أي الأعناق . ورد هذا القول النحاس وابن عطية وقالا : هو خطأ ؛ لأن الظروف وجميع الأسماء لا يجوز في كلام العرب أن تزاد لغير معنى . قال ابن عطية : ولأن قوله تعالى : فاضربوا فوق الأعناق هو الفصيح ، وليست فوق زائدة بل هي محكمة للمعنى ؛ لأن ضربة العنق إنما يجب أن تكون فوق العظام في المفصل دون الدماغ . كما قال دريد بن الصمة : اخفض عن الدماغ وارفع عن العظم ، فهكذا كنت أضرب أعناق الأبطال . وأقوى الاحتجاج في أن للبنتين الثلثين الحديث الصحيح المروي في سبب النزول . ولغة أهل الحجاز وبني أسد الثلث والربع إلى العشر . ولغة بني تميم وربيعة الثلث بإسكان اللام إلى العشر . ويقال : ثلثت القوم أثلثهم ، وثلثت الدراهم أثلثها إذا تممتها ثلاثة ، وأثلثت هي ؛ إلا أنهم قالوا في المائة والألف : أمأيتها وآلفتها وأمأت وآلفت .
العاشرة : قوله تعالى : وإن كانت واحدة فلها النصف قرأ نافع وأهل المدينة "
واحدة " بالرفع على معنى وقعت وحدثت ، فهي كانت التامة ؛ كما قال الشاعر :إذا كان الشتاء فأدفئوني فإن الشيخ يهرمه الشتاء
والباقون بالنصب . قال النحاس : وهذه قراءة حسنة . أي وإن كانت المتروكة أو المولودة "
واحدة " مثل فإن كن نساء . فإذا كان مع بنات الصلب بنات ابن ، وكان بنات الصلب اثنتين فصاعدا حجبن بنات الابن أن يرثن بالفرض ؛ لأنه لا مدخل لبنات الابن أن يرثن بالفرض في غير الثلثين . فإن كانت بنت الصلب واحدة فإن ابنة الابن أو بنات الابن يرثن مع بنات الصلب تكملة الثلثين ؛ لأنه فرض يرثه البنتان فما زاد . وبنات الابن يقمن مقام البنات عند عدمهن . وكذلك أبناء البنين يقومون مقام البنين في الحجب والميراث . فلما عدم من يستحق منهن السدس كان ذلك لبنت الابن ، وهي أولى بالسدس من الأخت الشقيقة للمتوفى . على هذا جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ؛ إلا ما يروى عن أبي موسى وسليمان بن أبي ربيعة أن للبنت النصف ، والنصف الثاني للأخت ، ولا حق في ذلك لبنت الابن . وقد صح عن أبي موسى ما يقتضي أنه رجع عن ذلك ؛ رواه البخاري : حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أبو قيس سمعت هزيل بن شرحبيل يقول : سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت . فقال : ( للابنة النصف ، وللأخت النصف ) ؛ وأت ابن مسعود فإنه سيتابعني . فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال : ( لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ! أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم : للابنة النصف ، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت ) . فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال : ( لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم ) . فإن كان مع بنت الابن أو بنات الابن ابن في درجتها أو أسفل منها عصبها ، فكان النصف الثاني بينهما ، للذكر مثل حظ الأنثيين بالغا ما بلغ - خلافا لابن مسعود على ما تقدم إذا استوفى بنات الصلب ، أو بنت الصلب وبنات الابن الثلثين وكذلك يقول في الأخت لأب وأم ، وأخوات وإخوة لأب : للأخت من الأب والأم النصف ، والباقي للإخوة والأخوات ، ما لم يصبهن من المقاسمة أكثر من السدس ؛ فإن أصابهن أكثر من السدس أعطاهن السدس تكملة الثلثين ، ولم يزدهن على ذلك . وبه قال أبو ثور .الحادية عشرة : إذا مات الرجل وترك زوجته حبلى فإن المال يوقف حتى يتبين ما تضع . وأجمع أهل العلم على أن الرجل إذا مات وزوجته حبلى أن الولد الذي في بطنها يرث ويورث إذا خرج حيا واستهل . وقالوا جميعا : إذا خرج ميتا لم يرث ؛ فإن خرج حيا ولم يستهل فقالت طائفة : لا ميراث له وإن تحرك أو عطس ما لم يستهل . هذا قول مالك والقاسم بن محمد وابن سيرين والشعبي والزهري وقتادة . وقالت طائفة : إذا عرفت حياة المولود بتحريك أو صياح أو رضاع أو نفس فأحكامه أحكام الحي . هذا قول الشافعي وسفيان الثوري والأوزاعي . قال ابن المنذر : الذي قال الشافعي يحتمل النظر ، غير أن الخبر يمنع منه وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه . وهذا خبر ، ولا يقع على الخبر النسخ .
الثانية عشرة : لما قال تعالى : في أولادكم تناول الخنثى وهو الذي له فرجان . وأجمع العلماء على أنه يورث من حيث يبول ؛ إن بال من حيث يبول الرجل ورث ميراث رجل ، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث المرأة . قال ابن المنذر : ولا أحفظ عن مالك فيه شيئا ، بل قد ذكر ابن القاسم أنه هاب أن يسأل مالكا عنه . فإن بال منهما معا فالمعتبر سبق البول ؛ قاله سعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق . وحكي ذلك عن أصحاب الرأي . وروى قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال في الخنثى : يورثه من حيث يبول ؛ فإن بال منهما جميعا فمن أيهما سبق ، فإن بال منهما معا فنصف ذكر ونصف أنثى . وقال يعقوب ومحمد : من أيهما خرج أكثر ورث ؛ وحكي عن الأوزاعي . وقال النعمان : إذا خرج منهما معا فهو مشكل ، ولا أنظر إلى أيهما أكثر . وروي عنه أنه وقف عنه إذا كان هكذا . وحكي عنه قال : إذا أشكل يعطى أقل النصيبين . وقال يحيى بن آدم : إذا بال من حيث يبول الرجل ويحيض كما تحيض المرأة ورث من حيث يبول ؛ لأن في الأثر : يورث من مباله . وفي قول الشافعي : إذا خرج منهما جميعا ولم يسبق أحدهما الآخر يكون مشكلا ، ويعطى من الميراث ميراث أنثى ، ويوقف الباقي بينه وبين سائر الورثة حتى يتبين أمره أو يصطلحوا ، وبه قال أبو ثور . وقال الشعبي : يعطى نصف ميراث الذكر ، ونصف ميراث الأنثى ؛ وبه قال الأوزاعي ، وهو مذهب مالك . قال ابن شاس في جواهره الثمينة على مذهب مالك عالم المدينة : الخنثى يعتبر إذا كان ذا فرجين فرج المرأة وفرج الرجل بالمبال منهما ؛ فيعطى الحكم لما بال منه فإن بال منهما اعتبرت الكثرة من أيهما ، فإن تساوى الحال اعتبر السبق ، فإن كان ذلك منهما معا اعتبر نبات اللحية أو كبر الثديين ومشابهتهما لثدي النساء ، فإن اجتمع الأمران اعتبر الحال عند البلوغ ، فإن وجد الحيض حكم به ، وإن وجد الاحتلام وحده حكم به ، فإن اجتمعا فهو مشكل . وكذلك لو لم يكن فرج ، لا المختص بالرجال ولا المختص بالنساء ، بل كان له مكان يبول منه فقط انتظر به البلوغ ؛ فإن ظهرت علامة مميزة وإلا فهو مشكل . ثم حيث حكمنا بالإشكال فميراثه نصف نصيبي ذكر وأنثى .
قلت : هذا الذي ذكروه من العلامات في الخنثى المشكل . وقد أشرنا إلى علامة في "
البقرة " وصدر هذه السورة تلحقه بأحد النوعين ، وهي اعتبار الأضلاع ؛ وهي مروية عن علي رضي الله عنه وبها حكم . وقد نظم بعض الفضلاء العلماء حكم الخنثى في أبيات كثيرة أولها :وأنه معتبر الأحوال بالثدي واللحية والمبال
وفيها يقول :
وإن يكن قد استوت حالاته ولم تبن وأشكلت آياته
فحظه من مورث القريب ستة أثمان من النصيب
هذا الذي استحق للإشكال وفيه ما فيه من النكال
وواجب في الحق ألا ينكحا ما عاش في الدنيا وألا ينكحا
إذ لم يكن من خالص العيال ولا اغتدى من جملة الرجال
وكل ما ذكرته في النظم قد قاله سراة أهل العلم
وقد أبى الكلام فيه قوم منهم ولم يجنح إليه لوم
لفرط ما يبدو من الشناعه في ذكره وظاهر البشاعه
وقد مضى في شأنه الخفي حكم الإمام المرتضى علي
بأنه إن نقصت أضلاعه فللرجال ينبغي إتباعه
في الإرث والنكاح والإحرام في الحج والصلاة والأحكام
وإن تزد ضلعا على الذكران فإنها من جملة النسوان
لأن للنسوان ضلعا زائده على الرجال فاغتنمها فائده
إذ نقصت من آدم فيما سبق لخلق حواء وهذا القول حق
عليه مما قاله الرسول صلى عليه ربنا دليل
قال أبو الوليد بن رشد : ولا يكون الخنثى المشكل زوجا ولا زوجة ، ولا أبا ولا أما . وقد قيل : إنه قد وجد من له ولد من بطنه وولد من ظهره . قال ابن رشد : فإن صح ورث من ابنه لصلبه ميراث الأب كاملا ، ومن ابنه لبطنه ميراث الأم كاملا . وهذا بعيد ، والله أعلم . وفي سنن الدارقطني عن أبي هانئ عمر بن بشير قال : سئل عامر الشعبي عن مولود ليس بذكر ولا أنثى ، ليس له ما للذكر ولا ما للأنثى ، يخرج من سرته كهيئة البول والغائط ؛ فسئل عامر عن ميراثه فقال عامر : نصف حظ الذكر ونصف حظ الأنثى .
الثالثة عشرة : قوله تعالى : ولأبويه أي لأبوي الميت . وهذا كناية عن غير مذكور ، وجاز ذلك لدلالة الكلام عليه ؛ كقوله : حتى توارت بالحجاب و إنا أنزلناه في ليلة القدر . والسدس رفع بالابتداء ، وما قبله خبره : وكذلك الثلث . والسدس . وكذلك نصف ما ترك وكذلك فلكم الربع . وكذلك لهن الربع . و فلهن الثمن وكذلك فلكل واحد منهما السدس . والأبوان تثنية الأب والأبة . واستغني بلفظ الأم عن أن يقال لها أبة . ومن العرب من يجري المختلفين مجرى المتفقين ؛ فيغلب أحدهما على الآخر لخفته أو شهرته . جاء ذلك مسموعا في أسماء صالحة ؛ كقولهم للأب والأم : أبوان . وللشمس والقمر : القمران . ولليل والنهار : الملوان . وكذلك العمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما . غلبوا القمر على الشمس لخفة التذكير ، وغلبوا عمر على أبي بكر لأن أيام عمر امتدت فاشتهرت . ومن زعم أنه أراد بالعمرين عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز فليس قوله بشيء ؛ لأنهم نطقوا بالعمرين قبل أن يروا عمر بن عبد العزيز ؛ قال ابن الشجري . ولم يدخل في قوله تعالى : ولأبويه من علا من الآباء دخول من سفل من الأبناء في قوله أولادكم ؛ لأن قوله : ولأبويه لفظ مثنى لا يحتمل العموم والجمع أيضا ؛ بخلاف قوله أولادكم . والدليل على صحة هذا قوله تعالى : فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث والأم العليا جدة ولا يفرض لها الثلث بإجماع ، فخروج الجدة عن هذا اللفظ مقطوع به ، وتناوله للجد مختلف فيه . فممن قال هو أب وحجب به الإخوة أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولم يخالفه أحد من الصحابة في ذلك أيام حياته ، واختلفوا في ذلك بعد وفاته ؛ فممن قال إنه أب ابن عباس وعبد الله بن الزبير وعائشة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأبو الدرداء وأبو هريرة ، كلهم يجعلون الجد عند عدم الأب كالأب سواء ، يحجبون به الإخوة كلهم ولا يرثون معه شيئا . وقاله عطاء وطاوس والحسن وقتادة . وإليه ذهب أبو حنيفة وأبو ثور وإسحاق . والحجة لهم قوله تعالى : ملة أبيكم إبراهيم يا بني آدم ، وقوله عليه السلام : يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان راميا . وذهب علي بن أبي طالب وزيد وابن مسعود إلى توريث الجد مع الإخوة ، ولا ينقص من الثلث مع الإخوة للأب والأم أو للأب إلا مع ذوي الفروض ؛ فإنه لا ينقص معهم من السدس شيئا في قول زيد . وهو قول مالك والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي . وكان علي يشرك بين الإخوة والجد إلى السدس ولا ينقصه من السدس شيئا مع ذوي الفرائض وغيرهم . وهو قول ابن أبي ليلى وطائفة . وأجمع العلماء على أن الجد لا يرث مع الأب وأن الابن يحجب أباه . وأنزلوا الجد بمنزلة الأب في الحجب والميراث إذا لم يترك المتوفى أبا أقرب منه في جميع المواضع . وذهب الجمهور إلى أن الجد يسقط بني الإخوة من الميراث ؛ إلا ما روي عن الشعبي عن علي أنه أجرى بني الإخوة في المقاسمة مجرى الإخوة . والحجة لقول الجمهور إن هذا ذكر لا يعصب أخته فلا يقاسم الجد كالعم وابن العم . قال الشعبي : أول جد ورث في الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ مات ابن لعاصم بن عمر وترك أخوين فأراد عمر أن يستأثر بمال فاستشار عليا وزيدا في ذلك فمثلا له مثلا فقال : ( لولا أن رأيكما اجتمع ما رأيت أن يكون ابني ولا أكون أباه ) . روى الدارقطني عن زيد بن ثابت أن عمر بن الخطاب استأذن عليه يوما فأذن له ، ورأسه في يد جارية له ترجله ، فنزع رأسه ؛ فقال له عمر : دعها ترجلك . فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلي جئتك . فقال عمر : إنما الحاجة لي ، إني جئتك لتنظر في أمر الجد . فقال زيد : لا والله ! ما تقول فيه . فقال عمر : ليس هو بوحي حتى نزيد فيه وننقص ، إنما هو شيء تراه ، فإن رأيته وافقني تبعته ، وإلا لم يكن عليك فيه شيء . فأبى زيد ، فخرج مغضبا وقال : قد جئتك وأنا أظن ستفرغ من حاجتي . ثم أتاه مرة أخرى في الساعة التي أتاه في المرة الأولى ، فلم يزل به حتى قال : فسأكتب لك فيه . فكتبه في قطعة قتب وضرب له مثلا . إنما مثله مثل شجرة تنبت على ساق واحدة ، فخرج فيها غصن ثم خرج في غصن غصن آخر ؛ فالساق يسقي الغصن ، فإن قطعت الغصن الأول رجع الماء إلى الغصن ، وإن قطعت الثاني رجع الماء إلى الأول . فأتى به فخطب الناس عمر ثم قرأ قطعة القتب عليهم ثم قال : إن زيد بن ثابت قد قال في الجد قولا وقد أمضيته . قال : وكان عمر أول جد كان ؛ فأراد أن يأخذ المال كله ، مال ابن ابنه دون إخوته ، فقسمه بعد ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
الرابعة عشرة : وأما الجدة فأجمع أهل العلم على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم . وأجمعوا على أن الأم تحجب أمها وأم الأب . وأجمعوا على أن الأب لا يحجب أم الأم . واختلفوا في توريث الجدة وابنها حي ؛ فقالت طائفة : ( لا ترث الجدة وابنها حي ) . روي عن زيد بن ثابت وعثمان وعلي . وبه قال مالك والثوري والأوزاعي وأبو ثور وأصحاب الرأي . وقالت طائفة : ( ترث الجدة مع ابنها ) . روي عن عمر وابن مسعود وعثمان وعلي وأبي موسى الأشعري ، وقال به شريح وجابر بن زيد وعبيد الله بن الحسن وشريك وأحمد وإسحاق وابن المنذر . وقال : كما أن الجد لا يحجبه إلا الأب كذلك الجدة لا يحجبها إلا الأم . وروى الترمذي عن عبد الله قال في الجدة مع ابنها : ( إنها أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم سدسا مع ابنها وابنها حي ) . والله أعلم .
الخامسة عشرة : واختلف العلماء في توريث الجدات ؛ فقال مالك : لا يرث إلا جدتان ، أم أم وأم أب وأمهاتهما . وكذلك روى أبو ثور عن الشافعي ، وقال به جماعة من التابعين . فإن انفردت إحداهما فالسدس لها ، وإن اجتمعتا وقرابتهما سواء فالسدس بينهما . وكذلك إن كثرن إذا تساوين في القعدد ؛ وهذا كله مجمع عليه . فإن قربت التي من قبل الأم كان لها السدس دون غيرها ، وإن قربت التي من قبل الأب كان بينها وبين التي من قبل الأم وإن بعدت . ولا ترث إلا جدة واحدة من قبل الأم . ولا ترث الجدة أم أب الأم على حال . هذا مذهب زيد بن ثابت ، وهو أثبت ما روي عنه في ذلك . وهو قول مالك وأهل المدينة . وقيل : إن الجدات أمهات ؛ فإذا اجتمعن فالسدس لأقربهن ؛ كما أن الآباء إذا اجتمعوا كان أحدهم بالميراث أقربهم ؛ فكذلك البنون والإخوة ، وبنو الإخوة وبنو العم إذا اجتمعوا كان أحقهم بالميراث أقربهم ؛ فكذلك الأمهات . قال ابن المنذر : وهذا أصح ، وبه أقول . وكان الأوزاعي يورث ثلاث جدات : واحدة من قبل الأم واثنتين من قبل الأب . وهو قول أحمد بن حنبل ؛ رواه الدارقطني عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وروي عن زيد بن ثابت عكس هذا ؛ أنه كان يورث ثلاث جدات : ثنتين من جهة الأم وواحدة من قبل الأب . وقول علي رضي الله عنه كقول زيد هذا . وكانا يجعلان السدس لأقربهما ، من قبل الأم كانت أو من قبل الأب . ولا يشركها فيه من ليس في قعددها ، وبه يقول الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور . وأما عبد الله بن مسعود وابن عباس فكانا يورثان الجدات الأربع ؛ وهو قول الحسن البصري ومحمد بن سيرين وجابر بن زيد . قال ابن المنذر : وكل جدة إذا نسبت إلى المتوفى وقع في نسبها أب بين أمين فليست ترث ، في قول كل من يحفظ عنه من أهل العلم .
السادسة عشرة : قوله تعالى لكل واحد منهما السدس فرض تعالى لكل واحد من الأبوين مع الولد السدس ؛ وأبهم الولد فكان الذكر والأنثى فيه سواء . فإن مات رجل وترك ابنا وأبوين فلأبويه لكل واحد منهما السدس ، وما بقي فللابن . فإن ترك ابنة وأبوين فللابنة النصف وللأبوين السدسان ، وما بقي فلأقرب عصبة وهو الأب ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر . فاجتمع للأب الاستحقاق بجهتين : التعصيب والفرض .
فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فأخبر جل ذكره أن الأبوين إذا ورثاه أن للأم الثلث . ودل بقوله : وورثه أبواه وإخباره أن للأم الثلث ، أن الباقي وهو الثلثان للأب . وهذا كما تقول لرجلين : هذا المال بينكما ، ثم تقول لأحدهما : أنت يا فلان لك منه ثلث ؛ فإنك حددت للآخر منه الثلثين بنص كلامك ؛ ولأن قوة الكلام في قوله : وورثه أبواه يدل على أنهما منفردان عن جميع أهل السهام من ولد وغيره ، وليس في هذا اختلاف .
قلت : وعلى هذا يكون الثلثان فرضا للأب مسمى لا يكون عصبة ، وذكر ابن العربي أن المعنى في تفضيل الأب بالثلث عند عدم الولد الذكورية والنصرة ، ووجوب المؤنة عليه ، وثبتت الأم على سهم لأجل القرابة .
قلت : وهذا منتقض ؛ فإن ذلك موجود مع حياته فلم حرم السدس . والذي يظهر أنه إنما حرم السدس في حياته إرفاقا بالصبي وحياطة على ماله ؛ إذ قد يكون إخراج جزء من ماله إجحافا به . أو أن ذلك تعبد ، وهو أولى ما يقال . والله الموفق .
السابعة عشرة : إن قيل : ما فائدة زيادة الواو في قوله : وورثه أبواه ، وكان ظاهر الكلام أن يقول : فإن لم يكن له ولد ورثه أبواه . قيل له : أراد بزيادتها الإخبار ليبين أنه أمر مستقر ثابت ، فيخبر عن ثبوته واستقراره ، فيكون حال الوالدين عند انفرادهما كحال الولدين ، للذكر مثل حظ الأنثيين . ويجتمع للأب بذلك فرضان السهم والتعصيب إذ يحجب الإخوة كالولد . وهذا عدل في الحكم ، ظاهر في الحكمة . والله أعلم .
الثامنة عشرة : قوله تعالى : فلأمه الثلث قرأ أهل الكوفة "
فلإمه الثلث " وهي لغة حكاها سيبويه . قال الكسائي : هي لغة كثير من هوازن وهذيل ؛ ولأن اللام لما كانت مكسورة وكانت متصلة بالحرف كرهوا ضمة بعد كسرة ، فأبدلوا من الضمة كسرة ؛ لأنه ليس في الكلام فعل . ومن ضم جاء به على الأصل ؛ ولأن اللام تنفصل لأنها داخلة على الاسم . قال جميعه النحاس .التاسعة عشرة : قوله تعالى : فإن كان له إخوة فلأمه السدس الإخوة يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس ، وهذا هو حجب النقصان ، وسواء كان الإخوة أشقاء أو للأب أو للأم ، ولا سهم لهم . وروي عن ابن عباس أنه كان يقول : ( السدس الذي حجب الإخوة الأم عنه هو للإخوة ) . وروي عنه مثل قول الناس ( إنه للأب ) . قال قتادة : وإنما أخذه الأب دونهم ؛ لأنه يمونهم ويلي نكاحهم والنفقة عليهم . وأجمع أهل العلم على أن أخوين فصاعدا ذكرانا كانوا أو إناثا من أب وأم ، أو من أب أو من أم يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس ؛ إلا ما روي عن ابن عباس أن ( الاثنين من الإخوة في حكم الواحد ، ولا يحجب الأم أقل من ثلاثة ) . وقد صار بعض الناس إلى أن الأخوات لا يحجبن الأم من الثلث إلى السدس ؛ لأن كتاب الله في الإخوة وليست قوة ميراث الإناث مثل قوة ميراث الذكور حتى تقتضي العبرة الإلحاق . قال الكيا الطبري : ومقتضى أقوالهم ألا يدخلن مع الإخوة ؛ فإن لفظ الإخوة بمطلقه لا يتناول الأخوات ، كما أن لفظ البنين لا يتناول البنات . وذلك يقتضي ألا تحجب الأم بالأخ الواحد والأخت من الثلث إلى السدس ؛ وهو خلاف إجماع المسلمين . وإذا كن مرادات بالآية مع الإخوة كن مرادات على الانفراد . واستدل الجميع بأن أقل الجمع اثنان ؛ لأن التثنية جمع شيء إلى مثله ، فالمعنى يقتضي أنها جمع . وقال عليه السلام : الاثنان فما فوقهما جماعة . وحكي عن سيبويه أنه قال : سألت الخليل عن قوله "
ما أحسن وجوههما " ؟ فقال : الاثنان جماعة . وقد صح قول الشاعر :ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل ظهور الترسين
وأنشد الأخفش :
لما أتتنا المرأتان بالخبر فقلن إن الأمر فينا قد شهر
وقال آخر :
يحيى بالسلام غني قوم ويبخل بالسلام على الفقير
أليس الموت بينهما سواء إذا ماتوا وصاروا في القبور
ولما وقع الكلام في ذلك بين عثمان وابن عباس قال له عثمان : ( إن قومك حجبوها - يعني قريشا - وهم أهل الفصاحة والبلاغة ) . وممن قال : ( إن أقل الجمع ثلاثة ) - وإن لم يقل به هنا - ابن مسعود والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم . والله أعلم .
الموفية عشرين : قوله تعالى : من بعد وصية يوصي بها أو دين قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم "
يوصى " بفتح الصاد . الباقون بالكسر ، وكذلك الآخر . واختلفت الرواية فيهما عن عاصم . والكسر اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ؛ لأنه جرى ذكر الميت قبل هذا . قال الأخفش : وتصديق ذلك قوله تعالى : يوصين وتوصون .الحادية والعشرون : إن قيل : ما الحكمة في تقديم ذكر الوصية على ذكر الدين ، والدين مقدم عليها بإجماع . وقد روى الترمذي عن الحارث عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية ، وأنتم تقرون الوصية قبل الدين . قال : والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أنه يبدأ بالدين قبل الوصية . وروى الدارقطني من حديث عاصم بن ضمرة عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدين قبل الوصية وليس لوارث وصية . رواه عنهما أبو إسحاق الهمداني . فالجواب من أوجه خمسة : الأول : إنما قصد تقديم هذين الفصلين على الميراث ولم يقصد ترتيبهما في أنفسهما ؛ فلذلك تقدمت الوصية في اللفظ .
جواب ثان : لما كانت الوصية أقل لزوما من الدين قدمها اهتماما بها ؛ كما قال تعالى : لا يغادر صغيرة ولا كبيرة .
جواب ثالث : قدمها لكثرة وجودها ووقوعها ؛ فصارت كاللازم لكل ميت مع نص الشرع عليها ، وأخر الدين لشذوذه ، فإنه قد يكون وقد لا يكون . فبدأ بذكر الذي لا بد منه ، وعطف بالذي قد يقع أحيانا . ويقوي هذا : العطف بأو ، ولو كان الدين راتبا لكان العطف بالواو .
جواب رابع : إنما قدمت الوصية إذ هي حظ مساكين وضعفاء ، وأخر الدين إذ هو حظ غريم يطلبه بقوة وسلطان وله فيه مقال .
جواب خامس : لما كانت الوصية ينشئها من قبل نفسه قدمها ، والدين ثابت مؤدى ذكره أو لم يذكره .
الثانية والعشرون : ولما ثبت هذا تعلق الشافعي بذلك في تقديم دين الزكاة والحج على الميراث فقال : إن الرجل إذا فرط في زكاته وجب أخذ ذلك من رأس ماله . وهذا ظاهر ببادئ الرأي ؛ لأنه حق من الحقوق فيلزم أداؤه عنه بعد الموت كحقوق الآدميين لا سيما والزكاة مصرفها إلى الآدمي . وقال أبو حنيفة ومالك : إن أوصى بها أديت من ثلثه ، وإن سكت عنها لم يخرج عنه شيء . قالوا : لأن ذلك موجب لترك الورثة فقراء ؛ إلا أنه قد يتعمد ترك الكل حتى إذا مات استغرق ذلك جميع ماله فلا يبقى للورثة حق .
الثالثة والعشرون : قوله تعالى : آباؤكم وأبناؤكم رفع بالابتداء والخبر مضمر ، تقديره : هم المقسوم عليهم وهم المعطون .
الرابعة والعشرون : قوله تعالى : لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا قيل : في الدنيا بالدعاء والصدقة ؛ كما جاء في الأثر ( إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده ) . وفي الحديث الصحيح إذا مات الرجل انقطع عمله إلا من ثلاث - فذكر - أو ولد صالح يدعو له . وقيل : ( في الآخرة ؛ فقد يكون الابن أفضل فيشفع في أبيه ) ؛ عن ابن عباس والحسن . وقال بعض المفسرين : إن الابن إذا كان أرفع من درجة أبيه في الآخرة سأل الله فرفع إليه أباه ، وكذلك الأب إذا كان أرفع من ابنه ؛ وسيأتي في "
الطور " بيانه . وقيل : في الدنيا والآخرة ؛ قال ابن زيد . واللفظ يقتضي ذلك .الخامسة والعشرون : قوله تعالى : فريضة فريضة نصب على المصدر المؤكد ، إذ معنى يوصيكم يفرض عليكم . وقال مكي وغيره : هي حال مؤكدة ؛ والعامل يوصيكم وذلك ضعيف . والآية متعلقة بما تقدم ؛ وذلك أنه عرف العباد أنهم كفوا مؤنة الاجتهاد في إيصاء القرابة مع اجتماعهم في القرابة ، أي إن الآباء والأبناء ينفع بعضهم بعضا في الدنيا بالتناصر والمواساة ، وفي الآخرة بالشفاعة . وإذا تقرر ذلك في الآباء والأبناء تقرر ذلك في جميع الأقارب ؛ فلو كان القسمة موكولة إلى الاجتهاد لوجوب النظر في غنى كل واحد منهم . وعند ذلك يخرج الأمر عن الضبط إذ قد يختلف الأمر ، فبين الرب تبارك وتعالى أن الأصلح للعبد ألا يوكل إلى اجتهاده في مقادير المواريث ، بل بين المقادير شرعا .
إن الله كان عليما أي بقسمة المواريث حكيما حكم قسمتها وبينها لأهلها . وقال الزجاج : عليما أي بالأشياء قبل خلقها حكيما فيما يقدره ويمضيه منها . وقال بعضهم : إن الله سبحانه لم يزل ولا يزال ، والخبر منه بالماضي كالخبر منه بالاستقبال . ومذهب سيبويه أنهم رأوا حكمة وعلما فقيل لهم : إن الله عز وجل كان كذلك لم يزل على ما رأيتم .
- الطبرى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
القول في تأويل قوله تعالى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " يوصيكم الله "، يعهد الله إليكم، (44) =" في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "، يقول: يعهد إليكم ربكم إذا مات الميت منكم وخلَّف أولادًا ذكورًا وإناثًا، فلولده الذكور والإناث ميراثه أجمع بينهم، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن له وارث غيرهم، سواء فيه صغار ولده وكبارهم وإناثهم، (45) في أن جميع ذلك بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ورفع قوله: "
مثل " بالصفة، (46) وهي" اللام " التي في قوله: " للذكر "، ولم ينصب بقوله: " يوصيكم الله "، لأن " الوصية " في هذا الموضع عهد وإعلامٌ بمعنى القول، و " القول " لا يقع على الأسماء المخبر عنها. (47) فكأنه قيل: يقول الله تعالى ذكره لكم: في أولادكم للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.* * *
قال أبو جعفر: وقد ذكر أن هذه الآية نـزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، تبيينًا من الله الواجبَ من الحكم في ميراث من مات وخلّف ورثة، على ما بيَّن. لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده، ممن كان لا يلاقي العدوَّ ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم. وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية. فأخبر الله جل ثناؤه أن ما خلفه الميت بين من سَمَّى وفرض له ميراثًا في هذه الآية، وفي آخر هذه السورة، فقال في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم: لهم ميراث أبيهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ذكر من قال ذلك:
8725 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظ الأنثيين "، كان أهل الجاهلية لا يورِّثون الجواريَ ولا الصغارَ من الغلمان، لا يرث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر، وترك امرأة يقال لها أم كجَّة، وترك خمس أخواتٍ، فجاءت الورثة يأخذون ماله، فشكت أم كجَّة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تبارك وتعالى هذه الآية: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ = ثم قال في أم كجة: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ . (48)8726 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "
يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "، وذلك أنه لما نـزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين، كرهها الناس أو بعضهم، وقالوا: " تعطى المرأة الربع والثمن، وتعطى الابنة النصف، ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة!! اسكتوا عن هذا الحديث لعلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه، أو نقول له فيغيِّره ". فقال بعضهم: يا رسول الله، أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم، ونعطي الصبيَّ الميراث وليس يغني شيئًا؟! = وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، لا يعطون الميراث إلا من قاتل، يعطونه الأكبر فالأكبر. (49)* * *
وقال آخرون: بل نـزل ذلك من أجل أنّ المال كان للولد قبل نـزوله، وللوالدين الوصية، فنسخ الله تبارك وتعالى ذلك بهذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
8727 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أو عطاء، عن ابن عباس في قوله: "
يوصيكم الله في أولادكم " قال، كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس مع الولد، وللزوج الشطر والربع، وللزوجة الربع والثمن. (50)8728 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "
يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " قال، كان ابن عباس يقول: كان المال، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسح الله تبارك وتعالى من ذلك ما أحبّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ذكر نحوه.8729 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد عن ابن عباس مثله.
وروي عن جابر بن عبد الله ما: -
* * *
8730- حدثنا به محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال، سمعت جابر بن عبد الله قال، دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض، فتوضأ ونضَح عليّ من وَضوئه، فأفقتُ فقلت: يا رسول الله، إنما يرثني كَلالةٌ، فكيف بالميراث؟ فنـزلت آية الفرائض. (51)
8731 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر قال، عادَني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه في بني سَلمة يمشيان، فوجداني لا أعقِل، فدعا بماءٍ فتوضأ ثم رشَّ عليّ، فأفقتُ فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي؟ فنـزلت "
يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ". ... (52)* * *
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ
قال أبو جعفر: يعني بقوله: "
فإن كن "، فإن كان المتروكات =" نساء فوق اثنتين "، ويعني بقوله: " نساءً"، بنات الميت،" فوق اثنتين "، يقول: أكثر في العدد من اثنتين =" فلهن ثلثا ما ترك "، يقول: فلبناته الثلثان مما ترك بعده من ميراثه، دون سائر ورثته، إذا لم يكن الميت خلّف ولدًا ذكرًا معهن. واختلف أهل العربية في المعنى بقوله: " فإن كنّ نساء ".* * *
فقال بعض نحوييّ البصرة بنحو الذي قلنا: فإن كان المتروكات نساء = وهو أيضًا قول بعض نحوييّ الكوفة.
* * *
وقال آخرون منهم: بل معنى ذلك، فإن كان الأولاد نساء، وقال، إنما ذكر الله الأولاد فقال، يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ ، ثم قسمَ الوصية فقال،"
فإن كنّ نساء "، وإن كان الأولاد [نساءً، وإن كان الأولاد واحدة]، (53) ترجمة منه بذلك عن " الأولاد ".* * *
قال أبو جعفر: والقول الأول الذي حكيناه عمن حكيناه عنه من البصريين، أولى بالصواب في ذلك عندي. لأن قوله: "
وإن كُنّ"، لو كان معنيًّا به " الأولاد " لقيل: " وإن كانوا "، لأن " الأولاد " تجمع الذكور والإناث. وإذا كان كذلك، فإنما يقال،" كانوا "، لا " كُنّ".* * *
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ
قال أبو جعفر: يعني بقوله: "
وإن كانت "، [وإن كانت] المتروكة ابنة واحدة (54) =" فلها النصف "، يقول: فلتلك الواحدة نصف ما ترك الميت من ميراثه، إذا لم يكن معها غيرها من ولد الميت ذكرٌ ولا أنثى.* * *
فإن قال قائل: فهذا فرضُ الواحدة من النساء وما فوق الاثنتين، فأين فريضة الاثنتين؟
قيل: فريضتهم بالسنة المنقولة نقل الوراثة التي لا يجوز فيها الشك. (55)
* * *
وأما قوله: "
ولأبويه "، فإنه يعني: ولأبوي الميت =" لكل واحد منهما السدس "، من تَرِكته وما خلَّف من ماله، سواءٌ فيه الوالدة والوالد، لا يزداد واحد منهما على السدس =" إن كان له ولد "، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة.* * *
فإن قال قائل: فإن كان كذلك التأويل، (56) فقد يجب أن لا يزاد الوالدُ مع الابنة الواحدة على السدس من ميراثه عن ولده الميت. وذلك إن قلته، قولٌ خلاف لما عليه الأمة مجمعة، (57) من تصييرهم باقي تركة الميت = مع الابنة الواحدة بعد أخذها نصيبها منها = لوالده أجمع!
قيل: ليس الأمر في ذلك كالذي ظننتَ، وإنما لكل واحد من أبوي الميت السدس من تركته مع ولده، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة، فريضة من الله له مسماة. فإمَّا زيد على ذلك من بقية النصف مع الابنة الواحدة إذا لم يكن غيره وغير ابنة للميت واحدة، (58) فإنما زيدها ثانيًا بقرب عصبة الميت إليه، (59) إذ كان حكم كل ما أبقته سهام الفرائض، فلأولي عصبَة الميت وأقربهم إليه، بحكم ذلك لها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، (60) وكان الأب أقرب عصبَة ابنه وأولاها به، إذا لم يكن لابنه الميت ابن.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "
فإن لم يكن له "، فإن لم يكن للميت =" ولد " ذكر ولا أنثى =" وورثه أبواه "، دون غيرهما من ولد وارث =" فلأمه الثلث "، يقول: فلأمه من تركته وما خلف بعده، ثلث جميع ذلك.* * *
فإن قال قائل: فمن الذي له الثلثان الآخران.
قيل له الأب.
فإن قال، بماذا؟ (61) قلت: بأنه أقرب أهل الميت إليه، (62) ولذلك ترك ذكر تسمية من له الثلثان الباقيان، إذ كان قد بيَّن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباده (63) أن كل ميِّت فأقربُ عصبته به، أولى بميراثه، بعد إعطاء ذوي السهام المفروضة سهامهم من ميراثه.
وهذه العلة، هي العلة التي من أجلها سُميّ للأمّ ما سُمىَ لها، إذا لم يكن الميت خلًف وارثًا غير أبويه، لأن الأم ليست بعصبة في حالٍ للميت. فبيّن الله جل ثناؤه لعباده ما فرض لها من ميراث ولدها الميت، وترك ذكرَ مَن له الثلثان الباقيان منه معه، إذ كان قد عرّفهم في جملة بيانه لهم مَنْ له بقايا تركة الأموال بعد أخذ أهل السهام سهامهم وفرائضهم، وكان بيانه ذلك، مغنيًا لهم على تكرير حكمه مع كل من قَسَم له حقًّا من ميراث ميت، وسمي له منه سهمًا. (64)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ
قال أبو جعفر: إن قال قائل: وما المعنى الذي من أجله ذكر حكم الأبوين مع الإخوة، (65) وترك ذكر حكمهما مع الأخ الواحد؟
قلت (66) اختلاف حكمهما مع الإخوة الجماعة والأخ الواحد، فكان في إبانة الله جل ثناؤه لعباده حكمهما فيما يرثان من وَلدهما الميت مع إخوته، غنًّى وكفاية عن أن حكمهما فيما ورثا منه غيرَ متغيِّر عما كان لهما، ولا أخ للميت ولا وارث غيرهما. إذ كان معلومًا عندهم أن كل مستحق حقًّا بقضاء الله ذلك له، لا ينتقل حقُّه الذي قضى به له ربه جل ثناؤه عما قَضى به له إلى غيره، إلا بنقل الله ذلك عنه إلى من نقله إليه من خلقه. فكان في فرضه تعالى ذكره للأم ما فرض، إذا لم يكن لولدها الميت وارث غيرها وغير والده، ولا أخ = (67) الدلالة الواضحة للخلق أن ذلك المفروضَ - وهو ثلث مال ولدها الميت (68) - حق لها واجب، حتى يغيِّر ذلك الفرض من فَرَض لها. فلما غيَّر تعالى ذكره ما فرض لها من ذلك مع الإخوة الجماعة، وترك تغييره مع الأخ الواحد، عُلم بذلك أن فرضها غير متغيِّر عما فرض لها إلا في الحال التي غيَّره فيها مَن لزم العبادَ طاعتُه، دون غيرها من الأحوال.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في عدد الإخوة الذين عناهم الله تعالى ذكره بقوله: "
فإن كان له إخوة ".فقال جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان، ومن بعدهم من علماء أهل الإسلام في كل زمان: عنى الله جل ثناؤه بقوله: "
فإن كان له إخوة فلأمه السدس " اثنين كان الإخوة أو أكثر منهما، أنثيين كانتا أو كن إناثًا، أو ذكرين كانا أو كانوا ذكورًا، أو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى. واعتل كثيرٌ ممن قال ذلك، بأن ذلك قالته الأمة عن بيان الله جل ثناؤه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فنقلته أمة نبيه نقلا مستفيضًا قطع العذر مجيئه، ودفع الشك فيه عن قلوب الخلق وروده. (69)* * *
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: بل عنى الله جل ثناؤه بقوله: "
فإن كان له إخوة "، جماعة أقلها ثلاثة. وكان ينكر أن يكون الله جل ثناؤه حجَب الأم عن ثلثها مع الأب بأقل من ثلاثة إخوة. فكان يقول في أبوين وأخوين: للأم الثلث، وما بقي فللأب، كما قال أهل العلم في أبوين وأخ واحد.ذكر الرواية عنه بذلك:
8732 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا ابن أبي فديك قال، حدثني ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أنه دخل على عثمان رضي الله عنه فقال، لم صار الأخوان يردَّان الأم إلى السدس، وإنما قال الله: "
فإن كان له إخوة "، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة؟ فقال عثمان رحمه الله (70) هل أستطيع نقض أمر كان قبلي، وتوارثه الناس ومضى في الأمصار؟ (71)* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن المعنيَّ بقوله: "
فإن كان له إخوة "، اثنان من إخوة الميت فصاعدًا، على ما قاله أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما، لنقل الأمة وراثةً صحةَ ما قالوه من ذلك عن الحجة، وإنكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك. (72)* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل في الأخوين "
إخوة "، وقد علمت أن لـ" الأخوين " في منطق العرب مثالا لا يشبه مثالَ" الإخوة "، في منطقها؟ (73)قيل: إنّ ذلك وإن كان كذلك، فإن من شأنها التأليف بين الكلامين يتقارب معنياهما، (74) وإن اختلفا في بعض وجوههما. فلما كان ذلك كذلك، وكان مستفيضًا في منطقها منتشرًا مستعملا في كلامها: "
ضربت من عبد الله وعمرو رؤوسهما، وأوجعتُ منهما ظهورهما "، وكان ذلك أشد استفاضة في منطقها من أن يقال،" أوجعت منهما ظهريهما "، وإن كان مقولا " أوجعت ظهْريهما "، (75) كما قال الفرزدق:بِمَـا فِـي فُؤَادَيْنَـا مِنَ الشَّوْقِ وَالْهَوَى
فَيَــبْرَأُ مُنْهَـاضُ الفُـؤَادِ الْمُشَـعَّفُ (76)
= غير أن ذلك وإن كان مقولا فأفصح منه: "
بما في أفئدتنا "، كما قال جل ثناؤه: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [سورة التحريم: 4].فلما كان ما وصفت = من إخراج كل ما كان في الإنسان واحدًا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين، بلفظ الجميع، أفصحَ في منطقها وأشهرَ في كلامها (77) = وكان "
الأخوان " شخصين كل واحد منهما غير صاحبه، من نفسين مختلفين، أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من أعضائه واحدًا لا ثاني له، (78) فأخرج اثناهما بلفظ اثنى العضوين اللذين وصفت، (79) فقيل " إخوة " في معنى " الأخوين "، كما قيل " ظهور " في معنى " الظهرين "، و " أفواه " في معنى " فموين "، و " قلوب " في معنى " قلبين ".* * *
وقد قال بعض النحويين: إنما قيل "
إخوة "، لأن أقل الجمع اثنان. وذلك أن ذلك ضم شيء إلى شيء صارا جميعًا بعد أن كانا فردين، (80) فجمعا ليعلم أن الاثنين جمع.* * *
قال أبو جعفر: وهذا وإن كان كذلك في المعنى، فليس بعلة تنبئ عن جواز إخراج ما قد جرى الكلام مستعملا مستفيضًا على ألسن العرب لاثنيه بمثال وصورةٍ غير مثال ثلاثة فصاعدًا منه وصورتها. لأن من قال،"
أخواك قاما "، فلا شك أنه قد علم أنّ كل واحد من " الأخوين " فردٌ ضم أحدهما إلى الآخر فصارا جميعًا بعد أن كانا شتى. غير أن الأمر وإن كان كذلك، (81) فلا تستجيز العرب في كلامها أن يقال،" أخواك قاموا "، فيخرج قولهم " قاموا "، وهو لفظ للخبر عن الجميع، خبرًا عن " الأخوين " وهما بلفظ الاثنين. لأن كل ما جرى به الكلام على ألسنتهم معروفًا عندهم بمثال وصورة، إذا غيَّر مغيِّر عما قد عرفوه فيهم، نَكِروه. (82) فكذلك " الأخوان " وإن كان مجموعين ضُمَّ أحدهما إلى صاحبه، فلهما مثالٌ في المنطق وصورة، غير مثال الثلاثة منهم فصاعدًا وصورتهم. فغير جائز أن يغيَّر أحدهما إلى الآخر إلا بمعنى مفهوم. وإذا كان ذلك كذلك، فلا قول أولى بالصحة مما قلنا قبل.* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: ولم نُقصت الأم عن ثلثها بمصير إخوة الميت معها اثنين فصاعدًا؟
قيل: اختلفت العلماء في ذلك.
فقال بعضهم: نُقصت الأم عن ذلك دون الأب، لأن على الأب مُؤَنهم دون أمهم.
ذكر من قال ذلك:
8733 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "
فإن لم يكن له ولد ورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس "، أضرُّوا بالأم ولا يرثون، (83) ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث، ويحجبها ما فوق ذلك. وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث لأن أباهم يلي نكاحهم والنفقة عليهم دون أمهم. (84)* * *
وقال آخرون: بل نُقصت الأم السدس، وقُصِر بها على سدس واحد، معونةً لإخوة الميت بالسدس الذي حَجَبوا أمهم عنه.
ذكر من قال ذلك:
8734 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال، السدس الذي حجبتْه الإخوة الأمَّ لهم، إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم.
* * *
وقد روي عن ابن عباس خلاف هذا القول، وذلك ما: -
8735 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال، الكلالة من لا ولد له ولا والِد.
* * *
قال أبو جعفر، وأولى ذلك بالصواب أن يقال في ذلك: إن الله تعالى ذكره فرض للأم مع الإخوة السدس، لما هو أعلم به من مصلحة خلقه = وقد يجوز أن يكون ذلك كان لما ألزم الآباء لأولادهم = وقد يجوز أن يكون ذلك لغير ذلك. وليس ذلك مما كلَّفنا علمه، وإنما أمرنا بالعمل بما علمنا.
* * *
وأما الذي روي عن طاوس عن ابن عباس، فقول لما عليه الأمة مخالف. وذلك أنه لا خلاف بين الجميع: أنْ لا ميراث لأخي ميت مع والده. فكفى إجماعهم على خلافه شاهدًا على فساده.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "
من بعد وصية يوصي بها أو دين "، أنّ الذي قسم الله تبارك وتعالى لولد الميت الذكور منهم والإناث ولأبويه من تركته من بعد وفاته، إنما يقسمه لهم على ما قسمه لهم في هذه الآية من بعد قضاء دين الميت الذي مات وهو عليه من تركته، ومن بعد تنفيذ وصيته في بابها بعد قضاء دينه كله. (85) فلم يجعل تعالى ذكره لأحد من ورثة الميت، ولا لأحد ممن أوصى له بشيء، إلا من بعد قضاء دينه من جميع تركته، وإن أحاط بجميع ذلك. ثم جعل أهل الوصايا بعد قضاء دينه شركاء ورثته فيما بقي لما أوصى لهم به، ما لم يجاوز ذلك ثلثه. فإن جاوز ذلك ثلثه، جعل الخيار في إجازة ما زاد على الثلث من ذلك أو ردِّه إلى ورثته: إن أحبوا أجازوا الزيادة على ثلث ذلك، وإن شاءوا ردوه. فأما ما كان من ذلك إلى الثلث، فهو ماضٍ عليهم.وعلى كل ما قلنا من ذلك، الأمة مجمعة. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خبرٌ، وهو ما: -
8736 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن عليّ رضي الله عنه قال، إنكم تقرأون هذه الآية: "
من بعد وصية يُوصي بها أو دين "، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية. (86)8737 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضوان الله عليه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
8738 - حدثنا أبو السائب قال، حدثنا حفص بن غياث قال، حدثنا أشعث، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. (87)
8739 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون بن المغيرة، عن ابن مجاهد، عن أبيه: "
من بعد وصية يوصي بها أو دين " قال، يبدأ بالدين قبل الوصية.* * *
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق: ( يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) .
* * *
وقرأه بعض أهل مكة والشأم والكوفة، ( يُوصَى بِهَا ) ، على معنى ما لم يسمَّ فاعله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك: ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) على مذهب ما قد سُمِّي فاعله، لأن الآية كلها خبر عمن قد سمي فاعله. ألا ترى أنه يقول: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ؟ فكذلك الذي هو أولى بقوله: "
يوصي بها أو دين "، أن يكون خبرًا عمن قد سمي فاعله، لأن تأويل الكلام: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد = من بعد وصية يوصي بها أو دين = يُقضى عنه.* * *
القول في تأويل قوله تعالى : آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "
آباؤكم وأبناؤكم "، هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم - من قسمة ميراث ميِّتكم فيهم على ما سمي لكم وبيَّنه في هذه الآية - "آباؤكم وأبناؤكم (88) = لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا آباؤكم : أعطوهم حقوقهم من ميراث ميتهم الذي أوصيتُكم أن تعطوهموها، فإنكم لا تعلمون أيهم أدنى وأشد نفعًا لكم في عاجل دنياكم وآجل أخراكم.* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ".
فقال بعضهم: يعني بذلك أيهم أقرب لكم نفعًا في الآخرة.
ذكر من قال ذلك:
8740 -" حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا " ، يقول: أطوعكم لله من الآباء والأبناء، أرفعكم درجة يوم القيامة، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا في الدنيا.
ذكر من قال ذلك:
8741 - دثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " أيهم أقرب لكم نفعًا "، في الدنيا.
8742 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
8743 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا "، قال بعضهم: في نفع الآخرة، وقال بعضهم: في نفع الدنيا.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما قلنا.
ذكر من قال ذلك:
8744 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا "، قال: أيهم خيرٌ لكم في الدين والدنيا، الوالد أو الولدُ الذين يرثونكم، لم يدخلِ عليكم غيرهم، فرَضَ لهم المواريث، (89) لم يأت بآخرين يشركونهم في أموالكم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " فريضة من الله "،" وإن كان له إخوة فلأمه السدس "، فريضةً، يقول: سهامًا معلومة موقتة بيَّنها الله لهم. (90)
* * *
ونصب قوله: " فريضة " على المصدر من قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ =" فريضة "، فأخرج " فريضة " من معنى الكلام، إذ كان معناه ما وصفت.
وقد يجوز أن يكون نصبه على الخروج من قوله: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ =" فريضة "، فتكون " الفريضة " منصوبة على الخروج من قوله: (91) فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ، كما تقول: " هو لك هبة، وهو لك صدقة مني عليك ". (92)
* * *
وأما قوله: " إن الله كان عليمًا حكيمًا "، فإنه يعني جل ثناؤه: إنّ الله لم يزل ذا علم بما يصلح خلقه، (93) أيها الناس، فانتهوا إلى ما يأمركم، يصلح لكم أموركم. =" حكيما "، يقول: لم يزل ذا حكمة في تدبيره، وهو كذلك فيما يقسم لبعضكم من ميراث بعض، وفيما يقضي بينكم من الأحكام، لا يدخل حكمه خَلَل ولا زلل، لأنه قضاء من لا تخفى عليه مواضع المصلحة في البدء والعاقبة.
--------------
الهوامش :
(44) انظر تفسير"أوصى" فيما سلف 3: 94 ، 405.
(45) في المخطوطة: "وكباره" ، وما في المطبوعة أجود.
(46) "الصفة" ، هي حرف الجر ، وانظر ما سلف 1: 299 ، تعليق: 1 ، وفهارس المصطلحات في الأجزاء السالفة.
(47) "الوقوع" ، هو التعدي إلى المفعول ، كما سلف 4: 293 ، تعليق: 1 ، وفهارس المصطلحات.
(48) الأثر: 8725 -"أم كجة" ، انظر ما سلف في التعليق على الأثر: 8656 ، وخبرها هناك. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أم كحة" بالحاء. أما "عبد الرحمن أخو حسان الشاعر" ، فإنه يعني: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري ، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة ، وساق أثر السدي ، ثم قال ، "قلت: ولم أره لغيره ، ولا ذكر أهل النسب لحسان أخًا اسمه عبد الرحمن".
(49) في المطبوعة: "ويعطونه الأكبر" بزيادة واو لا محل لها ، وأثبت ما في المخطوطة.
(50) الأثر: 8727 - رواه البخاري من طريق محمد بن يوسف ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس. (الفتح 8: 184 ، 12: 19).
(51) الحديث: 8730 - رواه البخاري 1: 261 (فتح) ، من طريق شعبة ، به. وسيأتي عقب هذا ما رواية ابن جريج ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر. وكذلك رواه البخاري 8: 182 ، من طريق ابن جريج ، ورواه البخاري أيضًا 10: 98 ، و 12: 2- من رواية سفيان ، عن محمد بن المنكدر.
وذكره ابن كثير 2: 362 ، من رواية البخاري - من طريق ابن جريج - ثم قال ، "كذا رواه مسلم ، والنسائي ، من حديث حجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج ، به. ورواه الجماعة كلهم من حديث سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر".
وذكره السيوطي 2: 124-125 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه.
(52) الحديث: 8731 - هو مكرر الحديث قبله ، كما أشرنا إليه.
وفي المطبوعة"فدعا بوضوء فتوضأ". وفي المخطوطة"فدعا فتوضأ". والذي في البخاري - من هذا الوجه -"فدعا بماء". فالراجح أنها كانت كذلك عن الطبري ، وسقطت من الناسخ سهوًا كلمة"بماء" ، اشتبه عليه الحرفان الأخيران من"فدعا" ، بكلمة"بما" لأنهم في الأكثر لا يثبتون الهمزة = فسقطت الكلمة منه.
وفي المطبوعة لم تكمل الآية بعد"في أولادكم" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(53) في المطبوعة: "وإن كان الأولاد واحدة ، ترجمة منه..." ، وفي المخطوطة: "وإن كان الأولاد واحده" ، ولم أجد لكليهما معنى ، فرجحت نصها كما أثبته بين القوسين ، استظهارًا من معنى هذه الآية كما ذكره آنفًا في صدر الكلام ، ورجحت أن قوله: "واحدة" مجلوبة من الآية التي تليها"وإن كانت واحدة" ، وفسرها كذلك ، وساقها قبل مجيئها.
(54) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن كانت المتروكة ابنة واحدة" ، وهو لا يستقيم ، فرجحت زيادة ما زدته بين القوسين ، على سياقه في تفسير أخواتها.
(55) كأنه يعني بذلك حديث جابر بن عبد الله ، في خبر موت سعد بن الربيع ، وإعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنتيه الثلثين (السنن الكبرى للبيهقي 6: 229) ، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من طرق = وخبر زيد بن ثابت: "إذا ترك رجل وامرأة بنتًا ، فلها النصف ، وإن كانتا اثنتين أو أكثر ، فلهن الثلثان..." ، أخرجه البخاري (الفتح 12: 8).
هذا ، وعجيب أن يترك أبو جعفر سياق الآثار لحجته في هذا الموضع ، فأخشى أن يكون قد سقط من النساخ الأوائل شيء من كتابه = أو أن يكون هو قد أراد أن يسوق الآثار ، ثم غفل عنها ، وبقيت النسخ بعده ناقصة من دليل احتجاجه. وهذه أول مرة يخالف فيها أبو جعفر نهجه في تأليف هذا التفسير.
(56) في المطبوعة: "فإذ كان كذلك" ، والجيد ما في المخطوطة.
(57) في المطبوعة: "مجمعون" ، وكذلك كان في المخطوطة ، إلا أن الناسخ عاد فضرب على النون ، وجعل الواو"تاء" مربوطة منقوطة ، وتبع الناشر الأول خطأ الناسخ ، وأغفل تصحيحه!! فرددته إلى الصواب.
(58) في المطبوعة: "فإن زيد على ذلك من بقية النصف" ، وأثبت ما كان في المخطوطة ، وهو صواب جيد.
(59) في المطبوعة: "لقرب عصبة الميت" وفي المخطوطة"قرب" ، وأجودهما ما أثبت.
(60) يعني بذلك ما رواه الشيخان بإسنادهما إلى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ، "أًلْحِقوا الفرائضً بِأَهْلِهَا ، فما بَقي فهو لأوْلَى رَجُلٍ ذكر" (الفتح 2: 8 ، 9 / السنن الكبرى 6: 234) ، ويروى"لأدنى رجل" ، ومعناه: لأقرب رجل من العصبة. وهذا أيضًا غريب من أبي جعفر في ترك ذكر حجته من الحديث ، كشأنه في جميع ما سلف ، وانظر ص: 36 ، تعليق: 1 ، وكأنه كان يختصر في هذا الموضع ، وترك ذكر حجته؛ لأنه لا بد أن يكون قد استوفاها في موضعها من كتبه الأخرى.
(61) في المطبوعة: "فإن قال قائل: بماذا" ، و"قائل" زيادة لا شك فيها ، والصواب ما في المخطوطة.
(62) في المخطوطة: "بأنه أقرب ولد الميت إليه" ، وهو خطأ وسهو من الناسخ ، والصواب ، من المطبوعة.
(63) انظر التعليق السالف ص 37 ، تعليق: 3.
(64) في المطبوعة: "وكان بيانه ذلك معينًا لهم على تكرير حكمه" ، وهو خطأ محض وتصريف قبيح ، وفي المخطوطة: "معينا لهم عن تكرير حكمه" غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت.
(65) في المخطوطة: "حكم أبوين من الأخوة" ، والصواب ما في المطبوعة.
(66) قوله: "قلت" ليست في المخطوطة ، ولكن السياق يقتضيها ، فأحسن طابع التفسير في إثباتها.
(67) في المطبوعة: "... وغير والده لوائح الدلالة الواضحة..." وهو شيء لا يكتبه أبو جعفر!! وفي المخطوطة: "وغير والده ولاح الدلالة..." ، وصواب قراءتها"ولا أخ" معطوفًا على قوله"إذا لم يكن لولدها الميت وارث...". وقوله: "الدلالة الواضحة" اسم"كان" في قوله: "وكان في فرضه تعالى ذكره...".
(68) في المخطوطة والمطبوعة: "هو ثلث مال ولدها الميت" ، بغير "واو" ، والصواب إثباتها. وإلا اختل الكلام.
(69) وهذا أيضًا موضع في النفس منه شيء ، فإن أبا جعفر ترك سياق حجته من الآثار ، كما فعل في الموضعين السالفين انظر ص: 36 تعليق: 1 / وص: 37 ، تعليق: 3 ، / ثم انظر السنن الكبرى للبيهقي 6: 227 ، 228.
(70) في المطبوعة: "رضي الله عنه" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(71) الأثر: 8732 - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 227 من طريق: إسحاق بن إبراهيم ، عن شبابة ، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، ونقله عنه ابن كثير في تفسيره 2: 367. وقد عقب ابن كثير عليه بقوله: "وفي صحة هذا الأثر نظر ، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس. ولو كان هذا صحيحًا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به ، والمنقول عنهم خلافه. وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه أنه قال ، "الأخوان ، تسمى إخوة" ، وقد أفردت لهذه المسألة جزءًا على حدة".
أما "شعيب مولى ابن عباس" ، فهو: شعيب بن دينار الهاشمي ، وهو غير الكوفي ، وقد قال فيه ابن حبان: "روى عن ابن عباس ما لا أصل له ، حتى كأنه ابن عباس آخر" ، وانظر اختلاف قولهم فيه في التهذيب ، وأكثرهم على ترك الاحتجاج به ، وهو مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 2 / 244 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 367.
(72) هذا أيضًا موضع كان يجب أن يسوق عنده أبو جعفر حجته ، أو يحيل على حجة سالفة ، ولكنه لم يفعل ، وانظر التعليق السالف ص: 40 تعليق: 1: والإشارة إلى المواضع السالفة هناك.
(73) في المخطوطة والمطبوعة: "وقد علمت أن الأخوين في منطق العرب مثالا..." ، وهو فاسد ، والصواب"أن للأخوين" ، كما أثبتها بزيادة"اللام".
(74) في المطبوعة: "بتقارب معنييهما" ، غير ما في المخطوطة ، لأنه قرأ"يتقارب" فعلا ، "بتقارب" اسمًا مصدرًا.
(75) في المطبوعة: "ظهرهما" مكان"ظهريهما" ، وهو خطأ ، لأنه ليس شاهدًا في هذا الموضع ، بل الشاهد ما جاء في المخطوطة كما أثبته ، على التثنية.
(76) ديوانه: 554 ، والنقائض: 553 ، وسيبويه 2: 202 ، وأمالي الشجرى 1: 12 ، وغيرها. وهو من قصيدته التي مضى بيت منها قريبًا ص: 27 ، تعليق: 3 ، يقول قبله ما لهج به من لهوه وكذبه وعبثه ، ويذكرها صاحبته وأمره معها. دَعَـوْتُ الَّـذِي سَـمَّى السَّـمَوَاتِ أَيْدُهُ
وَللـهُ أَدْنَـى مِـنْ وَرِيِـدي وأَلْطَـفُ
لِيَشْــغَلَ عَنِّــي بَعْلَهَــا بِزَمَانَــهٍ
تُدَلِّهُــهُ عَنِّــي وعَنْهَــا فَنُسْـعَفُ
بِمَــا فــي فُؤَادَيْنَـا .............
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَأَرْسَـلَ فِـي عَيْنَيْـهِ مـاءً عَلاهُمَـا
وَقَـدْ عَلِمُـوا أَنِّـي أَطَـبُّ وأَعْـرَفُ
فَدَاوَيْتُــهُ عَـامَيْنِ وَهْـيَ قَـرِ يَبـةٌ
أَرَاهَـا، وتَدْنُـو لِـي مِـرَارًا فَأرْشُفُ
يقول: دعا الله أن يبتلي زوجها بمرض مزمن ، يدلهه ويحيره ، فيبقى دهشا متغير العقل أو البصر ، فلا يتفقدها ، حتى يصل إلى ما يريد وتريد. فاستجاب دعاءه ، وأنزل على عينيه ماء ، فطلبوا له الأطباء والعرفاء ، وزعم الفرزدق أنهم عرفوا أنه أطب الناس بهذا الداء ، فأدخلوه إليه ، فظل يطببه عامين ، وهي قريبة منه.
وقوله: "منهاض الفؤاد" الذي هاضه الحزن والوجد ، من"هاض العظم" إذا كسره ، يريد شدة ما يجد من اللوعة ، حتى شفه وأمرض قلبه. و"المشعف" ، هو الذي شعفه الحب: إذا أحرق قلبه ، مع لذة يجدها المحب ، ولم يذكر أصحاب المعاجم"شعف" مشددة العين ، ولكنه قياس هذه العربية. وفي المخطوطة والمطبوعة: "المشغف" بالغين المعجمة ، وكأنه صواب أيضًا ، من"شغفه الحب" إذا بلغ شغاف قلبه.
وأما رواية الديوان ، والنقائض ، فهي"المسقف" ، وهي رواية رديئة ، قال أبو عبيدة في شرحها: "هو الذي عليه خشب الجبائر ، والجبائر: هي السقائف تشد على الكسر". وهو لا شيء ، وإنما حمله على ذلك ذكر"منهاض" ، وأن"المشغف" من صفته ، و"المنهاض" هو العظم الذي كسر بعد الجبر. ولكن صواب المعنى والرواية ، هو ما ذكرت.
(77) في المطبوعة: "فلفظ الجمع أفصح في منطقها" ، والصواب ما أثبته من المخطوطة ، وقوله: "أفصح" منصوب خبر قوله: "فلما كان ما وصفت".
(78) في المطبوعة: "أشبه معناهما" على الإفراد ، والصواب من المخطوطة مثنى. وقوله: "وكان الأخوان" ، معطوف على قوله: "فلما كان ما وصفت" ، يريد: "ولما كان الأخوان...". وسياق الجملة: "وكان الأخوان شخصين... أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من أعضائه واحدًا".
(79) في المطبوعة: "فأخرج أنثييهما بلفظ أنثى العضوين" ، وهو كلام لا معنى له ، والصواب من المخطوطة ، فالكلام في"الاثنين" و"الجمع" ، لا في"الأنثى" و"الذكر".
(80) في المطبوعة: "وذلك أنه إذا ضم شيء إلى شيء" ، غير ما كان في المخطوطة كما أثبته ، وهو صواب محض لا يغير.
(81) في المطبوعة والمخطوطة: "بعد أن كانا شتى عنوان الأمر وإن كان كذلك" ، وهو كلام مستهجن لا معنى له ، والناسخ عجل كما رأيت وعلمت ، فكتب"غير أن الأمر" ، "عنوان الأمر" ففسد الكلام ، وأفسد على الناشر الأول فهمه للمعاني.
(82) في المطبوعة: "لأن لكل ما جرى به الكلام على ألسنتهم مثالا معروفًا عندهم وصورة ، إذا غير مغير ما قد عرفوه فيهم أنكره" ، بدل ما كان في المخطوطة تبديلا ، جعل"بمثال""مثالا" وقدمها عن مكانها ، وغير سائر الجملة كما رأيت. والذي أوقعه في ذلك أن الناسخ كتب"لأن لكل ما جرى" وصوابه"لأن كل ما جرى" كما أثبته.
أما "نكروه" ، فقد جعلها"أنكروه" وهما صواب جميعًا ، إلا أن الواجب عليه كان يقتضي إثبات ما في المخطوطة. يقال ، "أنكر الشيء إنكارًا ونكره" (على وزن سمع) ، قال الله تعالى في سورة هود: 70: { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً {
(83) في المطبوعة: "أنزلوا الأم ولا يرثون" ، وفي المخطوطة: "أمروا بالأمر ولا يرثون" وهو تحريف ما أثبته عن الدر المنثور وابن كثير ، كما سترى في التخريج.
(84) الأثر: 8733 - خرجه ابن كثير في تفسيره 2: 367 ، 368 ، وقال ، "هذا كلام حسن" ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 126.
(85) هكذا في المطبوعة"في بابها" ، وفي المخطوطة غير منقوطة ، وهي لفظة غريبة هاهنا ، لا أظنها مما كان يجري على ألسنة القوم يومئذ على هذا المعنى ، ولو خيرت لاخترت"في أهلها" ، ولكني تركتها على حالها مخافة أن يكون ظني رجما.
(86) في المطبوعة: "أن رسول الله" بإسقاط الواو ، وأثبت ما في المخطوطة.
(87) الآثار: 8736 ، 8737 ، 8738 - حديث ضعيف ، لضعف"الحارث الأعور" ، وهو: الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني ، وهو ضعيف جدًا ، وقال الشعبي وغيره: "كان كذابًا". وقد مضى الكلام عنه في رقم: 174 فيما كتبه أخي السيد أحمد ، وفي المسند رقم: 565.
وأسانيده الثلاثة تدور على"الحارث الأعور" ، وقد رواه أحمد في مسنده رقم: 595 ، 1091 ، 1221 مطولا ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 267 ، والحاكم في المستدرك 4: 336 ، وابن كثير في تفسيره 2: 368 ، وقال ، "رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأصحاب التفاسير" ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 126 ، ونسبه لأبي أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، والبيهقي في سننه. ورواه الشافعي في الأم 4: 29 ، مختصرًا كما رواه الطبري ، قال الشافعي: "وقد روى في تبدئة الدين قبل الوصية حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت أهل الحديث مثله". وساق الحديث عن سفيان عن أبي إسحاق.
قال البيهقي: "امتناع أهل الحديث عن إثبات هذا ، لتفرد الحارث الأعور بروايته عن علي رضي الله عنه ، والحارث لا يحتج بخبره لطعن الحفاظ فيه". أما الحاكم ، فقد ذكر مثل هذه العلة في الحارث الأعور ، وقال ، "لذلك لم يخرجه الشيخان ، وقد صحت هذه الفتوى عن زيد بن ثابت" ، ثم ساق فتوى زيد بن ثابت بإسناده.
وقال ابن كثير: "ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث الحارث الأعور. وقد تكلم فيه بعض أهل العلم. قلت (القائل ابن كثير): لكن كان حافظًا للفرائض معتنيًا بها وبالحساب".
(88) سياق هذه الجملة: "هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم... آباؤكم وأبناؤكم" ، يريد إعراب"آباؤكم وأبناؤكم" ، وأنه خبر لمبتدأ محذوف. ولم يشر أحد من المفسرين إلى هذا الإعراب. بل قال القرطبي في تفسيره: "رفع بالابتداء ، والخبر مضمر ، تقديره: هم المقسوم عليهم ، وهم المعطون". وقال الألوسي في تفسيره: "الخطاب للورثة ، وآباؤكم مبتدأ ، وأبناؤكم معطوف عليه ، ولا تدرون مع ما في حيزه خبر له". وكذلك قال العكبري في إعراب القرآن 1: 94. وأجود القول ما قال أبو جعفر في سياق هذه الآية.
(89) في المطبوعة والمخطوطة: "فرضي لهم المواريث" ، وهو تحريف وسوء كتابة من الناسخ ، ولا معنى له ، والصواب ما أثبت.
(90) قوله: "موقتة" ، أي محددة مقدرة بحد ، وقد سلف شرح هذه الكلمة فيما مضى الجزء 7: 597 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك ، وفي فهرس المصطلحات.
ثم انظر تفسير"الفرض" و"الفريضة" فيما سلف 4: 121 / 5: 120 / 7: 597.
(91) "الخروج" ، انظر تفسيره فيما سلف 7: 25 ، تعليق: 3 ، كأنه يعني به خروج الحال المؤكدة.
(92) انظر ما سلف 7: 599.
(93) انظر تفسير: "كان" نظيرة ما في هذه الآية ، فيما سلف: 7: 523.
- ابن عاشور : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
{ يُوصِيكُمُ الله فى أولادكم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثيين فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ واحدة فَلَهَا النصف } .
تتنزّل آية { يوصيكم الله في أولادكم } منزلة البيان والتفصيل لقوله { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } [ النساء : 7 ] وهذا المقصد الذي جعل قوله : { للرجال نصيب } [ النساء : 7 ] إلخ بمنزلة المقدّمة له فلذلك كانت جملة : { يوصيكم } مفصولة لأنّ كلا الموقعين مقتض للفصل .
ومن الاهتمام بهذه الأحكام تصدير تشريعها بقوله : { يوصيكم } لأنّ الوصاية هي الأمر بما فيه نفع المأمور وفيه اهتمام الآمر لشدّة صلاحه ، ولذلك سمّي ما يعهد به الإنسان ، فيما يصنع بأبنائه وبماله وبذاته بعد الموت ، وصية .
وقد رويت في سبب نزول الآية أحاديث كثيرة . ففي «صحيح البخاري» ، عن جابر بن عبد الله : أنّه قال : «مرضت فعادني رسول الله وأبو بكر في بني سلمة فوجداني لا أعقل فدعا رسول الله بماء فتوضّأ ، ثم رشّ عليّ منه فأفقت فقلت «كيف أصنع في مالي يا رسول الله» فنزلت { يوصيكم الله في أولادكم } .
وروى الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن جابر ، قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت لرسول الله «إنّ سعداً هلك وترك ابنتين وأخاه ، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد ، وإنّما تنكح النساء على أموالهنّ» فلم يجبها في مجلسها ذلك ، ثمّ جاءته فقالت «يا رسول الله ابنتَا سعد» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ادعُ لي أخاه " فجاء ، فقال : " ادفع إلى ابنتيه الثلثين وإلى امرأته الثمن ولك ما بقي " ونزلت آية الميراث .
بيَّن الله في هذه الآيات فروض الورثة ، وناط الميراث كلّه بالقرابة القريبة ، سواء كانت جبلّية وهي النسب ، أو قريبة من الجبلّية ، وهي عصمة الزوجية ، لأنّ طلب الذكر للأنثى جبليّ ، وكونُها المرأةَ المعيَّنة يحصل بالإلف ، وهو ناشىء عن الجبلّة . وبيَّن أهل الفروض ولم يبيّن مرجع المال بعد إعطاء أهل الفروض فروضَهم ، وذلك لأنّه تركه على المتعارف عندهم قبل الإسلام من احتواء أقرب العصبة على مال الميّت ، وقد بيّن هذا المقصد قول النبي صلى الله عليه وسلم " أَلِحقُوا الفَرَائِضَ بأهْلِهَا فما بَقِي فلأوْلىَ رَجُلٍ ذَكَرٍ " . ألا ترى قوله تعالى بعد هذا { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمِّه الثلث } فلم يبيّن حظّ الأب ، لأنّ الأب في تلك الحالة قد رجع إلى حالته المقرّرة ، وهي احتواء المال فاحتيج إلى ذكر فرض الأم .
وابتدأ الله تعالى بميراث الأبناء لأنّهم أقرب الناس .
والأولاد جمع ولد بوزن فَعَل مثل أسَد ووثَن ، وفيه لغة ولِدْ بكسر الواو وسكون اللام وكأنه حينئذ فِعْل الذي بمعنى المفعول كالذِّبْح والسِّلخ . والولد اسم للابن ذكرا كان أو أنثى ، ويطلق على الواحد وعلى الجماعة من الأولاد ، والوارد في القرآن بمعنى الواحد وجمعه أولاد .
و { في } هنا للظرفية المجازية ، جعلت الوصية كأنّها مظروفة في شأن الأولاد لشدّة تعلّقها به كاتّصال المظروف بالظرف ، ومجرورها محذوف قام المضاف إليه مقامه ، لظهور أنّ ذوات الأولاد لا تصلح ظرفاً للوصيّة ، فتعيّن تقدير مضاف على طريقة دلالة الاقتضاء ، وتقديره : في إرثثِ أولادكم ، والمقام يدلّ على المقدّر على حدّ { حرمت عليكم أمهاتكم } [ النساء : 23 ] فجعل الوصيّة مظروفة في هذا الشأن لشدّة تعلقها به واحتوائه عليها .
وجملة : { للذكر مثل حظ الأنثيين } بيان لجملة { يوصيكم } لأنّ مضمونها هو معنى مضمون الوصية ، فهي مثل البيان في قوله تعالى : { فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم } وتقديم الخبر على المبتدأ في هذه الجملة للتنبيه من أوّل الأمر على أنّ الذكر صار له شريك في الإرث وهو الأنثى لأنّه لم يكن لهم به عهد من قبل إذ كان الذكور يأخذون المال الموروث كلّه ولاحظّ للإناث ، كما تقدّم آنفاً في تفسير قوله تعالى : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } [ النساء : 7 ] .
وقوله : { للذكر مثل حظ الأنثيين } جعل حظّ الأنثيين هو المقدار الذي يقدّر به حظّ الذكر ، ولم يكن قد تقدّم تعيين حظّ للأنثيين حتّى يقدّر به ، فعُلم أنّ المراد تضعيف حظّ الذكر من الأولاد على حظّ الأنثى منهم ، وقد كان هذا المراد صالحاً لأن يؤدّى بنحو : للأنثى نصف حظّ ذكر ، أو للأنثيين مثلّ حظّ ذكر ، إذ ليس المقصود إلاّ بيان المضاعفة . ولكن قد أوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي الإيماء إلى أن حظّ الأنثى صار في اعتبار الشرع أهَمّ من حظّ الذكر ، إذ كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية فصار الإسلام ينادي بحظّها في أول ما يقرع الأسماع قد عُلم أنّ قسمة المال تكون باعتبار عدد البنين والبنات .
وقوله : { فإن كن نساء فوق اثنتين } إلخ معاد الضمير هو لفظ الأولاد ، وهو جمع ولد فهو غير مؤنّث اللفظ ولا المدلول لأنّه صالح للمذكّر والمؤنث ، فلمّا كان ما صدَقُه هُنا النساء خاصّة أعيد عليه الضمير بالتأنيث .
ومعنى : { فوق اثنتين } أكثر من اثنتين ، ومن معاني ( فوق ) الزيادة في العدد ، وأصل ذلك مجاز ، ثم شاع حتّى صار كالحقيقة ، والآية صريحة في أنّ الثلثين لا يعطيان إلاّ للبنات الثلاث فصاعداً لأنّ تقسيم الأنصباء لا يُنتقل فيه من مقدار إلى مقدار أزيدَ منه إلاّ عند انتهاء من يستحقّ المقدار الأول .
والوصف ب { فوق اثنتين } يفيد مفهوما وهو أنّ البنتين لا تعطيان الثلثين ، وزاد فقال : { وإن كانت واحدة فلها النصف } فبقي ميراث البنتين المنفردتين غير منصوص في الآية فألحقهما الجمهور بالثلاث لأنّهما أكثر من واحدة ، وأحسن ما وجِّه به ذلك ما قاله القاضي إسماعيل بن إسحاق «إذا كانت البنت تأخذ مع أخيها إذا انفرد الثلث فأحرى أن تأخذ الثلثَ مع أختها» يعني أنّ كلّ واحدة من البنتين هي مقارنة لأختها الأخرى فلا يكون حظّها مع أخت أنثى أقلّ من حظّها مع أخ ذكر ، فإنّ الذكر أولى بتوفير نصيبه ، وقد تلقّفه المحقّقون من بعده ، وربما نسب لبعض الذين تلقّفوه .
وعلَّله ووَجَّهه آخرون : بأنّ الله جعل للأختين عند انفرادهما الثلثين فلا تكون البنتان أقلّ منهما . وقال ابن عباس : للبنتين النصف كالبنت الواحدة ، وكأنّه لم ير لتوريثهما أكثر من التشريك في النصف محمَلا في الآية ، ولو أريد ذلك لما قال { فوق اثنتين } . ومنهم من جعل لفظ ( فوق ) زائداً ، ونظّره بقوله تعالى : { فاضربوا فوق الأعناق } [ الأنفال : 12 ] . وشتَّان بين فوق التي مع أسماء العدد وفوق التي بمعنى مكان الفعل . قال ابن عطية : وقد أجمع الناس في الأمصار والأعصار على أنّ للبنتين الثلثين ، أي وهذا الإجماع مستند لسنّة عرفوها . وردّ القرطبي دعوى الإجماع بأنّ ابن عباس صحّ عنه أنّه أعطى البنتين النصف . قلت : لعلّ الإجماع انعقد بعدما أعطى ابن عباس البنتين النصف على أنّ اختلال الإجماع لمخالفة واحد مختلف فيه ، أمّا حديث امرأة سعد بن الربيع المتقدّم فلا يصلح للفصل في هذا الخلاف ، لأنّ في روايته اختلافا هل ترك بنتين أو ثلاثاً .
وقوله : { فلهن } أعيد الضمير إلى نساء ، والمراد ما يصدق بالمرأتين تغليبا للجمع على المثنى اعتمادا على القرينة .
وقرأ الجمهور : «وإن كانت واحدة» بنصب واحدة على أنّه خبر كانت ، واسم كانت ضمير عائد إلى ما يفيده قوله : { في أولادكم } من مفرد ولد ، أي وإن كانت الولد بنتا واحدة ، وقرأ نافع ، وأبو جعفر بالرفع على أنّ كان تامّة ، والتقدير : وإن وجدت بنت واحدة ، لما دلّ عليه قوله : { فإن كن نساء } .
وصيغة { أولادكم } صيغة عموم لأنّ أولاد جمع معرّف بالإضافة ، والجمع المعرّف بالإضافة من صيغ العموم ، وهذا العموم ، خصّصه أربعة أشياء :
الأوّل : خصّ منه عند أهل السنّة النبي صلى الله عليه وسلم لما رواه عنه أبو بكر أنّه قال : " لا نورث ما تركنا صدقة " ووافقه عليه عمر بن الخطاب وجميع الصحابة وأمَّهات المؤمنين . وصحّ أنّ علياً رضي الله عنه وافق عليه في مجلس عمر بن الخطاب ومن حضر من الصحابة كما في «الصحيحين» .
الثاني : اختلاف الدين بالإسلام وغيره ، وقد أجمع المسلمون على أنّه لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ .
الثالث : قاتل العمد لا يرث قريبه في شيء .
الرابع : قاتل الخطأ لا يرث من الدية شيئاً .
الضمير المفرد عائد إلى الميّت المفهوم من قوله : { يوصيكم الله في أولادكم } إذ قد تقرّر أنّ الكلام في قسمة مال الميّت . وجاء الكلام على طريقة الإجمال والتفصيل ليكون كالعنوان ، فلذلك لم يقل : ولكلّ من أبويه السدس ، وهو كقوله السابق :
{ في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } [ النساء : 11 ] .
وقوله : { وورثه أبواه } زاده للدلالة على الاقتصار أي : لا غيرهما ، ليعلم من قوله : { فلأمه الثلث } أنّ للأب الثلثين ، فإن كان مع الأمّ صاحب فرض لا تحجبه كان على فرضه معها وهي على فرضها . واختلفوا في زوجة وأبوين وزوج وأبوين : فقال ابن عباس : للزوج أو الزوجة فرضهما وللأمّ ثلثها وما بقي للأب ، حملا على قاعدة تعدّد أهل الفروض ، وقال زيد بن ثابت : لأحد الزوجين فرضه وللأمّ ثلث ما بَقي وما بقي للأب ، لئلا تأخذ الأمّ أكثر من الأب في صورة زوج وأبوين ، وعلى قول زيد ذهب جمهور العلماء . وفي «سنن ابن أبي شيبة» : أنّ ابن عباس أرسل إلى زيد «أين تجد في كتاب الله ثلث ما بقي» فأجاب زيد «إنما أنت رجل تقول برأيك وأنا أقول برأيي» .
وقد علم أنّ للأب مع الأمّ الثلثين ، وترك ذكره لأنّ مبني الفرائض على أنّ ما بقي بدون فرض يرجع إلى أصل العصابة عند العرب .
وقرأ الجمهور : فلأمَّه بضمّ همزة أمّه ، وقرأه حمزة ، والكسائي بكسر الهمزة اتّباعاً لكسرة اللام .
وقوله : { فإن كان له إخوة فلأمة السدس } أي إن كان إخوة مع الأبوين وهو صريح في أنّ الإخوة يحجبون الأمّ فينقلونها من الثلث إلى السدس . والمذكور في الآية صيغة جمع فهي ظاهرة في أنّها لا ينقلها إلى السدس إلاّ جماعة من الإخوة ثلاثة فصاعداً ذكوراً أو مختلطين . وقد اختلف فيما دون الجمع ، وما إذا كان الإخوة إناثاً : فقال الجمهور الأخوان يحجبان الأمّ ، والأختان أيضاً ، وخالفهم ابن عباس أخذا بظاهر الآية . أمّا الأخ الواحد أو الأخت فلا يحجب الأمّ والله أعلم بحكمة ذلك . واختلفوا في السدس الذي يحجب الإخوة عنه الأمّ : هل يأخذه الإخوة أم يأخذه الأب ، فقال بالأوّل ابن عباس رضي الله عنه وهو أظهر ، وقال بالثاني الجمهور بناء على أنّ الحاجب قد يكون محجوباً . وكيفما كان فقد اعتبر الله للأخوة حظّا مع وجود الأبوين في حالة خاصّة ، ولو كان الإخوة مع الأمّ ولم يكن أب لكان للأمّ السدس وللأخوة بقية المال باتّفاق ، وربما كان في هذا تعضيد لابن عباس .
المجرور في موضع الحال ، فهو ظرف مستقرّ ، وهو قيد يرجع إلى الجمل المتقدّمة : أي تقتسمون المال على حسب تلك الأنصباء لكلّ نصيبه حالة كونه من بعد وصيّة أو دين .
وجيء بقوله : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } بعد ذكر صنفين من الفرائض : فرائض الأبناء ، وفرائض الأبوين ، لأنّ هذين الصنفين كصنف واحد إذ كان سببهما عمود النسب المباشر . والمقصد هنا التنبيه على أهمّية الوصيَّة وتقدّمها . وإنَّما ذكر الدين بعدها تتميماً لما يتعيّن تقديمه على الميراث مع علم السامعين أنّ الدين يتقدّم على الوصيّة أيضاً لأنّه حقّ سابق في مال الميّت ، لأنّ المدين لا يملك من ماله إلاّ ما هو فاضل عن دين دائنه .
فموقع عطف { أو دين } موقع الاحتراس ، ولأجل هذا الاهتمام كرّر الله هذا القيد أربع مرات في هذه الآيات .
ووصف الوصية بجملة { يوصي بها } لئلا يُتوهّم أنّ المراد الوصيّة التي كانت مفروضة قبل شرع الفرائض ، وهي التي في قوله : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين } [ البقرة : 180 ] . وقرأ الجمهور : { يوصي بها } في الموضعين في هذه الآية بكسر الصاد والضمير عائد إلى معلوم من الكلام وهو الميّت ، كما عاد ضمير { ما ترك } [ النساء : 7 ] وقرأه ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم ، في الموضعين أيضاً : يوصَى بفتح الصاد مبنيا للنائب أي يوصى بها موصٍ .
ختم هذه الفرائض المتعلّقة بالأولاد والوالدين ، وهي أصول الفرائض بقوله : { آباؤكم وأبناؤكم } الآية ، فهما إمّا مسند إليهما قُدّ ما للاهتمام ، وليتمكّن الخبر في ذهن السامع إذ يُلقي سمعه عند ذكر المسند إليهما بشراشره ، وإمّا أن تجعلهما خبرين عن مبتدأ محذوف هو المسند إليه ، على طريقة الحذف المعبّر عنه عند علماء المعاني بمتابعة الاستعمال ، وذلك عندما يتقدّم حديث عن شيء ثم يراد جمع الخبر عنه كقول الشاعر :
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل وزلّت
بعد قوله :
سأشكر عمرا إن تدانت منيّتي ... أيادي لم تُمنن وإن هي جلَّت
أي : المذكورون آباؤكم وأبناؤكم لا شكّ في ذلكّ . ثم قال : { لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً } فهو إما مبتدأ وإما حال ، بمعنى أنهم غير مستوين في نفعكم متفاوتون تفاوتاً يتبع تفاوت الشفقة الجبلية في الناس ويتبع البرور ومقدار تفاوت الحاجات . فربّ رجل لم تعرض له حاجة إلى أن ينفعه أبواه وأبناؤه ، وربما عرضت حاجات كثيرة في الحالين ، وربما لم تعرض فهم متفاوتون من هذا الأعتبار الذي كان يعتمده أهل الجاهلية في قسمة أموالهم ، فاعتمدوا أحوالاً غير منضبطه ولا موثوقاً بها ، ولذلك قال تعالى : { لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً } فشرع الإسلام ناط الفرائض بما لا يقبل التفاوت وهي الأبوة والبنوة ، ففرض الفريضة لهم نظراً لصلتهم الموجبة كونهم أحقّ بمال الأبناء أو الآباء .
والتذييل بقوله : { الله كان عليماً حكيماً } واضح المناسبة .
- إعراب القرآن : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
«يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ» فعل مضارع ومفعوله ولفظ الجلالة فاعله والجملة مستأنفة «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم مثل مبتدأ مؤخر حظ مضاف إليه والأنثيين مضاف إليه مجرور بالباء لأنه مثنى والجملة مقول القول لأنّ يوصيكم بمعنى : القول وقيل مفسرة «فَإِنْ كُنَّ نِساءً» الفاء استئنافية إن شرطية كن فعل ماض ناقص ونون النسوة اسمها وهو في محل جزم فعل الشرط نساء خبرها «فَوْقَ» ظرف مكان متعلق بمحذوف صفة لنساء أو خبر ثان لكن ، «اثْنَتَيْنِ» مضاف إليه. «فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ» الفاء رابطة لجواب الشرط لهن متعلقان بمحذوف خبر ثلثا مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى ما اسم موصول في محل جر بالإضافة وجملة ترك صلته وجملة «فَلَهُنَّ ...» في محل جزم جواب الشرط «وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً» عطف على «فَإِنْ كُنَّ ...» واسم كان ضمير مستتر تقديره : هي «واحِدَةً» خبرها. «فَلَهَا النِّصْفُ» مبتدأ وخبر والجملة في محل جزم جواب الشرط «وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ» الواو عاطفة لأبويه متعلقان بمحذوف خبر مقدم لكل بدل من أبويه منهما متعلقان بمحذوف حال من السدس. وجملة ترك صلة «إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ» كان واسمها وجار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله والجملة مستأنفة «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ» الفاء استئنافية والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر يكن وولد اسمها والجملة مستأنفة. «وَوَرِثَهُ أَبَواهُ» فعل ماض ومفعول به وفاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى «فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ» مبتدأ وخبر والجملة في محل جزم جواب الشرط. «فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ» الجملة معطوفة «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ» الجار والمجرور علقهما بعضهم بيوصيكم أو بمحذوف حال من السدس أو بفعل محذوف تقديره : يستقر وعلقها آخرون بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف أي : هذه القسمة كائنة وصية مضاف إليه وجملة «يُوصِي بِها» الجار والمجرور متعلقان بالفعل المضارع والجملة في محل جر صفة «أَوْ دَيْنٍ» عطف على وصية.
«آباؤُكُمْ» مبتدأ «وَأَبْناؤُكُمْ» عطف وجملة «لا تَدْرُونَ» خبره «أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً» أي اسم استفهام مبني على الضم في محل رفع مبتدأ والجار والمجرور متعلقان بالخبر أقرب نفعا تمييز والجملة سدت مسد مفعولي تدرون المعلقة بالاستفهام ويجوز إعراب أيهم اسم موصول مفعول به أول والمفعول الثاني محذوف وأقرب خبر لمبتدأ محذوف «فَرِيضَةً» مفعول مطلق منصوب «مِنَ اللَّهِ» متعلقان بمحذوف صفة فريضة «إِنَّ اللَّهَ» إن واسمها والجملة تعليلية «كانَ عَلِيماً» كان وخبرها واسمها ضمير مستتر «حَكِيماً» خبر ثان والجملة خبر إن.
- English - Sahih International : Allah instructs you concerning your children for the male what is equal to the share of two females But if there are [only] daughters two or more for them is two thirds of one's estate And if there is only one for her is half And for one's parents to each one of them is a sixth of his estate if he left children But if he had no children and the parents [alone] inherit from him then for his mother is one third And if he had brothers [or sisters] for his mother is a sixth after any bequest he [may have] made or debt Your parents or your children - you know not which of them are nearest to you in benefit [These shares are] an obligation [imposed] by Allah Indeed Allah is ever Knowing and Wise
- English - Tafheem -Maududi : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(4:11) Allah thus commands you concerning your children: the share of the male is like that of two females. *15 If (the heirs of the deceased are) more than two daughters, they shall have two-thirds of the inheritance; *16 and if there is only one daughter, then she shall have half the inheritance. If the deceased has any offspring, each of his parents shall have a sixth of the inheritance; *17 and if the deceased has no child and his parents alone inherit him, then one-third shall go to his mother; *18 and if the deceased has brothers and sisters, then one-sixth shall go to his mother. *19 All these shares are to be given after payment of the bequest he might have made or any debts outstanding against him. *20
You do not know which of them, your parents or your children, are more beneficial to you. But these portions have been determined by Allah, for He indeed knows all, is cognizant of all beneficent considerations. *21- Français - Hamidullah : Voici ce qu'Allah vous enjoint au sujet de vos enfants au fils une part équivalente à celle de deux filles S'il n'y a que des filles même plus de deux à elles alors deux tiers de ce que le défunt laisse Et s'il n'y en a qu'une à elle alors la moitié Quant aux père et mère du défunt à chacun d'eux le sixième de ce qu'il laisse s'il a un enfant S'il n'a pas d'enfant et que ses père et mère héritent de lui à sa mère alors le tiers Mais s'il a des frères à la mère alors le sixième après exécution du testament qu'il aurait fait ou paiement d'une dette De vos ascendants ou descendants vous ne savez pas qui est plus près de vous en utilité Ceci est un ordre obligatoire de la part d'Allah car Allah est certes Omniscient et Sage
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Allah empfiehlt euch hinsichtlich eurer Kinder Einem männlichen Geschlechts kommt ebensoviel zu wie der Anteil von zwei weiblichen Geschlechts Wenn es aber ausschließlich Frauen sind mehr als zwei dann stehen ihnen zwei Drittel dessen zu was er hinterläßt; wenn es nur eine ist dann die Hälfte Und den Eltern steht jedem ein Sechstel von dem zu was er hinterläßt wenn er Kinder hat Wenn er jedoch keine Kinder hat und seine Eltern ihn beerben dann steht seiner Mutter ein Drittel zu Wenn er Brüder hat dann steht seiner Mutter in diesem Fall ein Sechstel zu Das alles nach Abzug eines etwaigen Vermächtnisses das er festgesetzt hat oder einer Schuld Eure Väter und eure Söhne - ihr wißt nicht wer von ihnen euch an Nutzen näher steht Das alles gilt für euch als Verpflichtung von Allah Gewiß Allah ist Allwissend und Allweise
- Spanish - Cortes : Alá os ordena lo siguiente en lo que toca a vuestros hijos que la porción del varón equivalga a la de dos hembras Si éstas son más de dos les corresponderán dos tercios de la herencia Si es hija única la mitad A cada uno de los padres le corresponderá un sexto de la herencia si deja hijos; pero si no tiene hijos y le heredan sólo sus padres un tercio es para la madre Si tiene hermanos un sexto es para la madre Esto luego de satisfacer sus legados o deudas De vuestros ascendientes o descendientes no sabéis quiénes os son más útiles Ésta es obligación de Alá Alá es omnisciente sabio
- Português - El Hayek : Deus vos prescreve acerca da herança de vossos filhos Daí ao varão a parte de duas filhas; se apenas houver filhas eestas forem mais de duas corresponderlhesá dois terços do legado e se houver apenas uma esta receberá a metade Quanto aos pais do falecido a cada um caberá a sexta parte do legado se ele deixar um filho; porém se não deixar prole ea seus pais corresponder a herança à mãe caberá um terço; mas se o falecido tiver irmãos corresponderá à mãe um sexto depois de pagas as doações e dívidas É certo que vós ignorais quais sejam os que estão mais próximos de vós quanto aobenefício quer sejam vossos pais ou vossos filhos Isto é uma prescrição de Deus porque Ele é Sapiente Prudentíssimo
- Россию - Кулиев : Аллах заповедует вам относительно ваших детей мужчине достается доля равная доле двух женщин Если все дети являются женщинами числом более двух то им принадлежит две трети того что он оставил Если же есть всего одна дочь то ей принадлежит половина Каждому из родителей принадлежит одна шестая того что он оставил если у него есть ребенок Если же у него нет ребенка то ему наследуют родители и матери достается одна треть Если же у него есть братья то матери достается одна шестая Таков расчет после вычета по завещанию которое он завещал или выплаты долга Ваши родители и ваши дети - вы не знаете кто из них ближе и приносит вам больше пользы Таково предписание Аллаха Воистину Аллах - Знающий Мудрый
- Кулиев -ас-Саади : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
Аллах заповедует вам относительно ваших детей: мужчине достается доля, равная доле двух женщин. Если все дети являются женщинами числом более двух, то им принадлежит две трети того, что он оставил. Если же есть всего одна дочь, то ей принадлежит половина. Каждому из родителей принадлежит одна шестая того, что он оставил, если у него есть ребенок. Если же у него нет ребенка, то ему наследуют родители, и матери достается одна треть. Если же у него есть братья, то матери достается одна шестая. Таков расчет после вычета по завещанию, которое он завещал, или выплаты долга. Ваши родители и ваши дети - вы не знаете, кто из них ближе и приносит вам больше пользы. Таково предписание Аллаха. Воистину, Аллах - Знающий, Мудрый.Эти откровения и последний аят этой суры относятся к так называемым «аятам о наследстве», содержащим предписания, связанные с его распределением. Есть также хадис Абдуллаха б. Аббаса, приведенный в «Ас-Сахихе» имама аль-Бухари. В нем говорится: «Отдавайте соответствующие части наследства тем, кому они полагаются, а все оставшееся после распределения имущество должно достаться мужчине, который является ближайшим родственником покойного». Аяты о наследстве и этот хадис содержат большую часть предписаний, связанных с распределением наследства. Можно сказать, что они содержат почти все эти предписания, в чем вы сможете убедиться. Единственное предписание, которое в них не упоминается, - это предписание о доли в наследстве, которая достается бабушке покойного. Оно упоминается в хадисе аль-Мугиры б. Шубы и Мухаммада б. Масламы о том, что Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, отдал бабушке покойного одну шестую часть наследства. Среди богословов нет разногласий по этому поводу. {НАСЛЕДСТВО, РАСПРЕДЕЛЯЕМОЕ СРЕДИ ДЕТЕЙ}: Аллах доверил родителям их детей и заповедал им заботиться об их религиозных и мирских интересах. Родители должны обучать и воспитывать их, оберегать их от неприятностей, повелевать им совершать богоугодные поступки и призывать их бояться Аллаха при любых обстоятельствах. Всевышний сказал: «О те, которые уверовали! Оберегайте себя и свои семьи от Огня, растопкой которого будут люди и камни» (66:6). Если они сумеют соблюсти эту заповедь, то получат щедрое вознаграждение. Но если они пренебрегут ею, то будут удостоены сурового наказания. Это свидетельствует о том, что Всевышний Аллах более сострадателен к Своим рабам, чем их собственные родители, ведь Он заповедал им заботиться о детях, несмотря на то, что те и без того проявляют к ним наивысшее милосердие. Затем Аллах сообщил о том, как следует распределять наследство среди своих детей и детей своих сыновей. Мужчина должен получить долю, равную доле двух женщин, и если помимо них нет других прямых наследников, то наследство должно быть распределено среди них таким образом. Богословы единодушны по поводу того, что если у покойника остались родные дети, то наследство распределяется только между ними, и дети его сыновей не получают наследства. Это предписание действительно в тех случаях, когда покойник оставил после себя как сыновей, так и дочерей. Однако может случиться, что покойник оставит после себя только сыновей или только дочерей. Первый из этих случаев мы рассмотрим впоследствии. Предписание по поводу второго случая Аллах ниспослал в этом откровении. {НАСЛЕДСТВО, РАСПРЕДЕЛЯЕМОЕ СРЕДИ ДОЧЕРЕЙ}: Если покойник оставил после себя только дочерей или дочерей своих сыновей числом более двух, то они должны распределить между собой две трети его наследства. Если же он оставил после себя только одну дочь или дочь своего сына, то ей принадлежит половина наследства, причем богословы единодушны по этому поводу. Остается лишь спросить, на каком основании богословы полагают, что двум дочерям принадлежат две трети наследства? Тому есть несколько объяснений. Во-первых, Всевышний Аллах сказал, что одной дочери принадлежит половина наследства. Из этого следует, что если дочерей больше, чем одна, то их доля в наследстве возрастает с половины до двух третей. Во-вторых, Аллах сообщил, что мужчине достается доля, равная доле двух женщин. Если же покойник оставил после себя сына и дочь, то сын должен получить две трети наследства, поскольку его доля должна быть вдвое больше доли его сестры. Из этого также следует, что если покойник оставил после себя только двух дочерей, то им принадлежат две трети наследства. В-третьих, если дочь покойного при наличии у нее одного брата получает треть наследства и если брат лишает сестру большей части наследства, нежели сестра, то при наличии у нее одной сестры она имеет гораздо больше прав получить свою треть наследства. В-четвертых, говоря о доле, которую сестры получают из наследства покойного брата, Аллах сказал: «Если умрет мужчина, у которого нет ребенка, но есть сестра, то ей принадлежит половина того, что он оставил. Он также наследует ей, если у нее нет ребенка. Если их две сестры, то им принадлежат две трети того, что он оставил» (4:176). Всевышний ясно сказал, что двум сестрам полагается две трети наследства покойного брата. А поскольку дочери являются более близкими родственниками для человека, чем его сестры, то две дочери имеют еще больше прав получить две трети наследства покойного. В-пятых, известно, что Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, отдал двум дочерям Саада две трети его наследства. Об этом сообщается в достоверном хадисе. Но возникает вопрос, почему Всевышний Аллах сказал, что две трети наследства принадлежат женщинам числом более двух? Лучше всего об этом известно Аллаху, но существует мнение, что так Аллах дал понять, что доля дочерей не увеличивается, если их будет больше двух. Из этого прекрасного аята следует, что если покойник оставил после себя одну родную дочь, и одну или несколько дочерей своего сына, то его родная дочь должна получить половину наследства. А поскольку дочерям и дочерям сыновей покойного полагается всего две трети наследства, то оставшаяся одна шестая часть наследства должна быть распределена между одной или несколькими дочерьми сына покойного. Эта одна шестая часть наследства называется дополнением до двух третей. Таким же образом распределяется наследство между дочерью сына покойного и дочерьми сыновей его сына. Из этого аята следует, что если дочери покойного и дочери сыновей покойного получат две трети наследства, то дочери сыновей в следующем колене лишаются наследства, потому что Аллах определил для дочерей только две трети наследства, которые уже распределены между наследницами. Если бы им полагалось наследство, то доля дочерей превысила бы две трети, но это противоречит ясному кораническому откровению. Между богословами нет противоречий по этому поводу. Хвала же за это надлежит одному Аллаху! Также следует отметить, что наследники наследуют все, что оставил покойник, в том числе недвижимость, мебель, золото, серебро и прочие ценности. Они наследуют выкуп за убийство человека и долги, которые должен был получить покойник. {НАСЛЕДСТВО, КОТОРОЕ ПОЛУЧАЮТ РОДИТЕЛИ}: Если покойный оставил после себя родных детей или детей своего сына, будь то сыновья или дочери в любом количестве, то его отец и мать получают по одной шестой части наследства. Следует отметить, что если у покойного остались дети, то его мать ни при каких обстоятельствах не получает больше одной шестой части. Что же касается отца, то если у покойного остались сыновья, то ему также не полагается больше одной шестой части наследства. Если же у покойного остались одна или несколько дочерей, если его единственными наследниками являются родители и дочери, и если у него нет других родственников по мужской линии (асаба), то после распределения наследства между дочерьми отец, помимо полагающейся ему одной шестой, получает оставшуюся часть наследства как родственник по мужской линии. Это объясняется тем, что после распределения наследства между наследниками в соответствии с полагающимися им долями, оставшаяся часть наследства достается самому близкому родственнику по мужской линии. Отец же считается более близким родственником, чем родной брат, дядя со стороны отца или остальные родственники. Если же покойный не оставил после себя детей, то его единственными наследниками являются родители, причем его матери полагается одна треть наследства. Оставшиеся две трети принадлежат его отцу, поскольку Аллах сказал, что при таких обстоятельствах покойному наследуют только родители, и если мать получает установленную для нее долю, то все остальное должно достаться отцу покойного. Из всего сказанного следует, что если у покойного не осталось детей, то его отец не получает определенную часть наследства, а наследует от него все имущество, которое остается после распределения между наследниками соответствующих долей, как ближайший родственник по мужской линии. Но если помимо родителей покойный оставил после себя супругу, то она получает установленную для нее долю, после чего мать покойника получает треть оставшейся части, а вся оставшаяся часть наследства достается его отцу. Это значит, что мать покойника наследует треть доли, которая установлена для обоих родителей. При этом возможны два варианта. Если покойница - женщина, то ее мать получает одну шестую часть наследства, поскольку наряду с ней ей наследуют муж и отец. Если же покойник - мужчина, то его мать получает четвертую часть наследства, поскольку наряду с ней ему наследуют жена и отец. Из обсуждаемого аята не следует, что мать покойного получает одну треть всего наследства во всех случаях, когда покойник не оставил после себя детей, и упомянутые нами два варианта не являются исключениями из этого предписания. Это объясняется тем, что доля супругов в наследстве друг друга подобна тому, что получают кредиторы по долговым обязательствам покойника. Они получают свою долю от всего наследства, после чего оно распределяется между родителями. Кроме того, если мать получит одну треть наследства своей дочери, то ее доля превысит долю отца после вычета доли, которая установлена для мужа покойницы. А если мать получит одну треть наследства своего сына, то после вычета доли, которая установлена для жены покойного, доля его отца превысит долю его матери всего на одну двенадцатую часть наследства. Подобное распределение наследства недопустимо, потому что либо доли обеих родителей должны быть одинаковы, либо доля отца должна превышать долю матери не менее чем в два раза. Если у покойного есть родные или сводные братья или сестры по отцу либо по матери, то его матери достается только одна шестая часть наследства. Братья или сестры покойного могут наследовать часть его имущества, но могут быть лишены этого наследства, если живы их отец или дед. Однако нельзя однозначно утверждать, что это откровение распространяется на братьев и сестер, которые лишены доли в наследстве, потому что они не получают права на половину наследства. На этом основании некоторые богословы считают, что мать покойного не получает одну треть наследства полностью только при наличии у покойного братьев и сестер, которые имеют право на часть его наследства. Это мнение подтверждается тем, что если братья и сестры имеют право на наследство, то они получают его значительную часть, в результате чего мать покойного лишается возможности получить одну треть наследства полностью. А лучше всего об этом известно Аллаху. Следует отметить, что это предписание вступает в силу только тогда, когда братьев и сестер покойного двое и больше, хотя слово «ихва» («братья») в аяте стоит во множественном числе. Это объясняется тем, что множественное число здесь выражает наличие более одного брата или сестры, а не наличие сразу нескольких братьев или сестер. В арабском языке допустимо использование формы множественного числа в отношении к двум лицам. Всевышний сказал о пророках Давуде и Сулеймане: «Мы были Свидетелями их суда» (21:78). Здесь использовано местоимение множественного числа. Говоря о сводных братьях и сестрах по матери, Всевышний Аллах сказал: «Если мужчина или женщина, которые оставили наследство, не имеют родителей или детей, но имеют брата или сестру, то каждому из них достается одна шестая. Но если их больше, то они имеют равные права на одну треть» (4:12). Богословы единодушны в том, что здесь использовано множественное число, хотя речь идет о тех случаях, когда братьев и сестер двое и больше. Из сказанного следует, что если покойник оставил после себя мать, отца и братьев, то матери принадлежит одна шестая часть наследства, а все остальное достается его отцу. Наличие у покойного братьев или сестер лишает мать права на одну треть наследства, а существование живого отца лишает братьев и сестер на наследство покойного вообще. Такое распределение наследства опирается на мнение богословов, которые принимают во внимание наличие братьев и сестер, не имеющих права на наследство. Согласно мнению других богословов, они не влияют на распределение наследства, и поэтому матери принадлежит одна треть наследства, а все остальное достается его отцу. Затем Всевышний Аллах сообщил, что имущество покойного распределяется между наследниками только после выплаты его долгов перед Аллахом или людьми и после вычета по составленному завещанию. Оставшаяся часть его имущества называется наследством, которое достается его наследникам. В этом аяте Аллах упомянул о завещании до выплаты долгов для того, чтобы наследники осознавали важность этого предписания, которое является для них тяжелым и обременительным. Несмотря на это, долги покойного должны быть выплачены из его основного капитала до распределения его имущества по завещанию. Что же касается самого завещания, то человеку разрешается завещать до одной трети своего имущества людям, которые не являются его наследниками. Если же он завещал свое имущество тем, кто имеет право на часть наследства, то такое завещание выполняется только с согласия остальных наследников. Затем Всевышний Аллах сказал, что людям не известно, кто из родителей и детей приносит им больше пользы. Если бы они распределяли наследство по своему усмотрению, то причинили бы окружающим много зла, о чем доподлинно известно только Аллаху. А причина этого в том, что человеческий разум несовершенен, и они не знают того, что принесет им больше пользы. Это относится ко всем людям, проживающим во все времена и во всех уголках земли. Никто из них не знает, кто из родителей и детей будет ближе к ним, принесет им больше пользы и поможет им в достижении религиозных и мирских целей. Таково предписание Аллаха, Который объемлет знанием все сущее, издает только мудрые законы и определяет всему меру самым совершенным образом. Что же касается творений, то их разум не способен придумать законы, подобные законам Аллаха, которые идеально подходили бы для любой эпохи, любой страны и любых обстоятельств.
- Turkish - Diyanet Isleri : Allah çocuklarınız hakkında erkeğe iki dişinin hissesi kadar tavsiye eder Eğer kadınlar ikinin üstünde ise bırakılanın üçte ikisi onlarındır; şayet bir ise yarısı onundur Ana babadan her birine ölenin çocuğu varsa yaptığı vasiyetten veya borcundan arta kalanın altıda biri çocuğu yoksa anası babası ona varis olur anasına üçte bir düşer Kardeşleri varsa altıda biri annesinindir; babalarınız ve oğullarınızdan menfaatçe hangisinin size daha yakın olduğunu siz bilmezsiniz Bunlar Allah tarafından tesbit edilmiştir Doğrusu Allah bilendir Hakim olandır
- Italiano - Piccardo : Ecco quello che Allah vi ordina a proposito dei vostri figli al maschio la parte di due femmine Se ci sono solo femmine e sono più di due a loro [spettano] i due terzi dell'eredità e se è una figlia sola [ha diritto al] la metà Ai genitori [del defunto] tocca un sesto se [egli] ha lasciato un figlio Se non ci sono figli e i genitori [sono gli unici] eredi alla madre tocca un terzo Se ci sono fratelli la madre avrà un sesto dopo [l'esecuzione de]i legati e [il pagamento de]i debiti Voi non sapete se sono i vostri ascendenti o i vostri discendenti ad esservi di maggior beneficio Questo è il decreto di Allah In verità Allah è saggio sapiente
- كوردى - برهان محمد أمين : خوا ڕێنموویتان دهکات و فهرمانتان پێ دهدا دهربارهی نهوهکانتان له بواری میراتی گرتندا ئهویش ئهوهیه که بهشی نێرینهیهکیان ئهندازهی بهشی دوو مێینهیانه خۆ ئهگهر مناڵهکان تهنها ئافرهت بوون دووان و له دووان زیاتر بوون ئهوه دووبهش له سێ بهشی میراتیهکه لهوان بهش دهکرێت خۆ ئهگهر مردووهکه تهنها کچێکی ههبوو ئهوه نیوهی داراییهکهی دهدرێتێ شهشیهکیش دهدرێت بهههریهک له دایک و باوکی ئهگهر مردووهکه منداڵی ههبوو خۆ ئهگهر مردووهکه منداڵی نهبوو تهنها دایک و باوکی ههبوو ئهوه دایکی سێیهکی دهبات و ئهوی تریشی بۆ باوکی دهبێت خۆ ئهگهر باوکی نهبوو دایک و براو خوشکی ههبوو شهشیهکی میرات بۆ دایکی دهبێت ئهمانه ههمووی دوای وهسیهتێک که مردووهکه کردوویهتی و دانهوهی قهرزو قهرزاری دهبێت ئێوه نازانن که باوانتان و نهوهکانتان نازانن کام لایان سوودی زیاتره بۆتان لهبهرئهوه بهگوێرهی فهرمانی خوا میراتی دابهش بکهن ئابهم شێوهیه میراتی دابهش کردن فهرزه لهسهرتان که پهیڕهوی بکهن چونکه لهلایهن خواوه دیاریکراوه بهڕاستی خوایش ههمیشه و بهردهوام زاناو دانایه
- اردو - جالندربرى : خدا تمہاری اولاد کے بارے میں تم کو ارشاد فرماتا ہے کہ ایک لڑکے کا حصہ دو لڑکیوں کے حصے کے برابر ہے۔ اور اگر اولاد میت صرف لڑکیاں ہی ہوں یعنی دو یا دو سے زیادہ تو کل ترکے میں ان کادو تہائی۔ اور اگر صرف ایک لڑکی ہو تو اس کا حصہ نصف۔ اور میت کے ماں باپ کا یعنی دونوں میں سے ہر ایک کا ترکے میں چھٹا حصہ بشرطیکہ میت کے اولاد ہو۔ اور اگر اولاد نہ ہو اور صرف ماں باپ ہی اس کے وارث ہوں تو ایک تہائی ماں کا حصہ۔ اور اگر میت کے بھائی بھی ہوں تو ماں کا چھٹا حصہ۔ اور یہ تقسیم ترکہ میت کی وصیت کی تعمیل کے بعد جو اس نے کی ہو یا قرض کے ادا ہونے کے بعد جو اس کے ذمے ہو عمل میں ائے گی تم کو معلوم نہیں کہ تمہارے باپ دادوں اور بیٹوں پوتوں میں سے فائدے کے لحاظ سے کون تم سے زیادہ قریب ہے یہ حصے خدا کے مقرر کئے ہوئے ہیں اور خدا سب کچھ جاننے والا اور حکمت والا ہے
- Bosanski - Korkut : Allah vam naređuje da od djece vaše – muškom pripadne toliko koliko dvjema ženskima A ako bude više od dvije ženskih njima – dvije trećine onoga što je ostavio a ako je samo jedna njoj – polovina A roditeljima svakome posebno – šestina od onoga što je ostavio ako bude imao dijete; a ako ne bude imao djeteta a nasljeđuju ga samo roditelji onda njegovoj materi – trećina A ako bude imao braće onda njegovoj materi – šestina pošto se izvrši oporuka koju je ostavio ili podmiri dug Vi ne znate ko vam je bliži roditelji vaši ili sinovi vaši To je Allahova zapovijed – Allah zaista sve zna i mudar je
- Swedish - Bernström : GUD föreskriver följande om [arvsrätt för] era barn sonens [lott] är lika med två döttrars lott; om döttrarna är fler än två är deras lott två tredjedelar av kvarlåtenskapen och om endast en dotter finns skall hon ärva hälften [Den dödes] föräldrar skall ärva en sjättedel var av kvarlåtenskapen om han efterlämnat barn; men om han inte efterlämnar barn och föräldrarna är enda arvtagare är moderns lott en tredjedel Har han efterlämnat bröder är moderns lott en sjättedel efter [avdrag för] legat och skulder Ni vet inte vem som är er närmast era föräldrar eller barn genom det som de har gjort för er Gud har nu gett Sina föreskrifter; Gud är allvetande vis
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Allah mensyari'atkan bagimu tentang pembagian pusaka untuk anakanakmu Yaitu bahagian seorang anak lelaki sama dengan bagahian dua orang anak perempuan; dan jika anak itu semuanya perempuan lebih dari dua maka bagi mereka dua pertiga dari harta yang ditinggalkan; jika anak perempuan itu seorang saja maka ia memperoleh separo harta Dan untuk dua orang ibubapa bagi masingmasingnya seperenam dari harta yang ditinggalkan jika yang meninggal itu mempunyai anak; jika orang yang meninggal tidak mempunyai anak dan ia diwarisi oleh ibubapanya saja maka ibunya mendapat sepertiga; jika yang meninggal itu mempunyai beberapa saudara maka ibunya mendapat seperenam Pembagianpembagian tersebut di atas sesudah dipenuhi wasiat yang ia buat atau dan sesudah dibayar hutangnya Tentang orang tuamu dan anakanakmu kamu tidak mengetahui siapa di antara mereka yang lebih dekat banyak manfaatnya bagimu Ini adalah ketetapan dari Allah Sesungguhnya Allah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
(Allah mewasiatkan atau menitahkan padamu mengenai anak-anakmu) dengan apa yang akan disebutkan ini: (yaitu bagian seorang anak lelaki sama dengan bagian dua orang anak perempuan) di antara mereka. Jika ketiga mereka itu berkumpul, maka bagi yang lelaki seperdua harta dan bagi kedua anak perempuan seperdua pula. Sedangkan jika yang ditemui itu hanya seorang anak lelaki dan seorang perempuan, maka bagi yang perempuan itu hanya sepertiga sementara bagi yang laki-laki dua pertiga. Dan sekiranya yang laki-laki itu tunggal, maka ia menghabisi semua harta (jika mereka) maksudnya anak-anak itu (hanya perempuan) saja (lebih dari dua orang maka bagi mereka dua pertiga harta yang ditinggalkan) mayat; demikian pula jika jumlah mereka dua orang karena mereka itu dua bersaudara yang tercakup dalam firman Allah swt., "... maka bagi mereka dua pertiga dari harta peninggalan," mereka lebih utama apalagi mengingat bahwa seorang anak perempuan berhak sepertiga harta jika bersama seorang anak laki-laki sehingga dengan demikian jika dia bersama seorang anak perempuan lebih utama lagi dan lebih didahulukan dari hubungan apa pun. Ada pula yang mengatakan bahwa demikian itu ialah untuk menghilangkan dugaan bertambahnya bagian dengan bertambahnya bilangan, yakni tatkala timbul pengertian bahwa dengan diberikannya sepertiga bagian untuk seorang anak perempuan jika ia bersama seorang anak laki-laki, maka dua orang anak perempuan beroleh dua pertiga bagian. (Jika dia) maksudnya anak perempuan itu (seorang saja) menurut qiraat dengan baris di depan sehingga kaana dianggap sebagai tam dan bukan naqish. (maka ia memperoleh seperdua harta sedangkan untuk kedua orang tuanya) maksudnya orang tua mayat yang di sini diberi badal dengan (bagi masing-masing mereka seperenam dari harta pusaka; yakni jika si mayat itu mempunyai anak) baik laki-laki maupun wanita. Ditekankannya badal ialah untuk menyatakan bahwa kedua orang tua itu tidaklah berserikat padanya. Dan terhadap adanya anak dianggap adanya cucu, begitu pula terhadap adanya bapak adanya kakek. (Jika si mayat tidak mempunyai anak dan dia diwarisi oleh kedua orang tuanya) saja atau bersama istrinya (maka bagi ibunya) dapat dibaca li-ummihi dengan hamzah baris di depan dan boleh pula limmihi dengan hamzah baris di bawah untuk meringankan bertemunya dhammah dan kasrah pada dua tempat yang berdekatan (sepertiga) maksudnya sepertiga dari harta yang telah dibagikan kepada pihak istri, sedangkan sisanya buat bapak. (Jika yang meninggal itu mempunyai beberapa orang saudara) maksudnya dua orang atau lebih, baik laki-laki atau perempuan (maka bagi ibunya seperenam) sedangkan sisanya untuk bapaknya, sementara saudara-saudaranya itu tidak beroleh bagian apa-apa. Dan pembagian warisan seperti tersebut di atas itu ialah (setelah) dilaksanakannya (wasiat yang dibuatnya) dibaca yuushii atau yuushaa dalam bentuk aktif atau pun pasif (atau) dibayarnya (utangnya). Dan disebutkannya lebih dulu pemenuhan wasiat daripada pembayaran utang, walaupun pelaksanaannya dibelakangkan ialah dengan maksud untuk tidak mengabaikannya. (Mengenai orang tuamu dan anak-anakmu) menjadi mubtada sedangkan khabarnya ialah: (tidaklah kamu ketahui manakah yang lebih dekat kepadamu manfaatnya) di dunia dan di akhirat. Ada orang yang mengira bahwa putranyalah yang lebih banyak kegunaannya kepadanya, lalu diberinya harta warisan sehingga dengan demikian ternyatalah bahwa bapaklah yang lebih bermanfaat bagi manusia, demikian sebaliknya. Maka yang mengetahui soal itu hanyalah Allah swt. dan itulah sebabnya diwajibkan-Nya pembagian pusaka. (Ini adalah ketetapan dari Allah; sesungguhnya Allah Maha Mengetahui) terhadap makhluk-Nya (lagi Maha Bijaksana) tentang peraturan-peraturan yang diberikan-Nya kepada mereka; artinya Dia tetap bersifat bijaksana dalam semuanya itu.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আল্লাহ তোমাদেরকে তোমাদের সন্তানদের সম্পর্কে আদেশ করেনঃ একজন পুরুষের অংশ দুজন নারীর অংশের সমান। অতঃপর যদি শুধু নারীই হয় দু' এর অধিক তবে তাদের জন্যে ঐ মালের তিন ভাগের দুই ভাগ যা ত্যাগ করে মরে এবং যদি একজনই হয় তবে তার জন্যে অর্ধেক। মৃতের পিতামাতার মধ্য থেকে প্রত্যেকের জন্যে ত্যাজ্য সম্পত্তির ছয় ভাগের এক ভাগ যদি মৃতের পুত্র থাকে। যদি পুত্র না থাকে এবং পিতামাতাই ওয়ারিস হয় তবে মাতা পাবে তিন ভাগের এক ভাগ। অতঃপর যদি মৃতের কয়েকজন ভাই থাকে তবে তার মাতা পাবে ছয় ভাগের এক ভাগ ওছিয়্যতের পর যা করে মরেছে কিংবা ঋণ পরিশোধের পর। তোমাদের পিতা ও পুত্রের মধ্যে কে তোমাদের জন্যে অধিক উপকারী তোমরা জান না। এটা আল্লাহ কতৃক নির্ধারিত অংশ নিশ্চয় আল্লাহ সর্বজ্ঞ রহস্যবিদ।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : உங்கள் மக்களில் ஓர் ஆணுக்கு இரண்டு பெண்களுக்குக் கிடைக்கும் பங்குபோன்றது கிடைக்கும் என்று அல்லாஹ் உங்களுக்கு உபதேசிக்கின்றான் பெண்கள் மட்டும் இருந்து அவர்கள் இரண்டு அல்லது அதற்கு மேற்பட்டிருந்தால் அவர்களுக்கு இறந்து போனவர்விட்டுச் சென்றதில் மூன்றில் இரண்டு பாகம் கிடைக்கும் ஆனால் ஒரே பெண்ணாக இருந்தால் அவள் பங்கு பாதியாகும்; இறந்தவருக்கு குழந்தை இருக்குமானால் இறந்தவர் விட்டுச் சென்றதில் ஆறில் ஒரு பாகம் அவரது பெற்றோர் ஒவ்வொருவருக்கும் உண்டு ஆனால் இறந்தவருக்கு குழந்தை இல்லாதிருந்து பெற்றோர் மாத்திரமே வாரிசாக இருந்தால் அவர் தாய்க்கு மூன்றில் ஒரு பாகம் மீதி தந்தைக்கு உரியதாகும் இறந்தவருக்கு சகோதரர்கள் இருந்தால் அவர் தாய்க்கு ஆறில் ஒரு பாகம் தான் மீதி தந்தைக்கு சேரும் இவ்வாறு பிரித்துக் கொடுப்பது அவர் செய்துள்ள மரண சாஸனத்தையும் கடனையும் நிரைவேற்றிய பின்னர்தான்; உங்கள் பெற்றோர்களும் குழந்தைகளும் இவர்களில் யார் நன்மை பயப்பதில் உங்களுக்கு நெருக்கமாக இருப்பவர்கள் என்று நீங்கள் அறிய மாட்டீர்கள்; ஆகையினால் இந்த பாகப்பிரிவினை அல்லாஹ்விடமிருந்து வந்த கட்டளையாகும்; நிச்சயமாக அல்லாஹ் யாவற்றையும் நன்கறிந்தவனாகவும் மிக்க ஞானமுடையவனாகவும் இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : อัลลอฮฺได้ทรงสั่งพวกเจ้าไว้ในลูก ๆของพวกเจ้าว่า สำหรับเพศชายนั้นจะได้รับ เท่ากับส่วนได้ของเพศหญิงสองคน แต่ถ้าลูกๆ เป็นหญิงเกินกว่าสองคน พวกนางก็จะได้สองในสามของสิ่งที่เขา ได้ทิ้งไว้ และถ้าลูกเป็นหญิงคนเดียว นางก็จะได้ครึ่งหนึ่ง และสำหรับบิดาและมารดาของเขานั้น แต่ละคนในทั้งสองนั้นจะได้หนึ่งในหกจากสิ่งที่เขา ได้ทิ้งไว้หากเขามีบุตร แต่ถ้าเขาไม่มีบุตรและมีบิดามารดาของเขาเท่านั้นที่รับมรดกของเขาแล้ว มารดาของเขาก็ได้รับหนึ่งในสาม ถ้าเขามีพี่น้องหลายคน มารดาของเขาก็ได้รับหนึ่งในหกทั้งนี้หลังจากพินัยกรรมที่เขาได้สั่งเสียมันไว้หรือหลังจากหนี้สิน บรรดาบิดาของพวกเจ้าและลูก ๆ ของพวกเจ้านั้น พวกเจ้าไม่รู้ดอกว่าฝ่ายไหนในพวกเขานั้นเป็นผู้ที่มีคุณประโยชน์แก่พวกเจ้าใกล้กว่ากัน ทั้งนี้เป็นบัญญัติที่มาจากอัลลอฮฺ แท้จริงอัลลอฮฺเป็นผู้ทรงรอบรู้ ผู้ทรงปรีชาญาณ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Аллоҳ сизга фарзандларингиз ҳақида васият этиб бир ўғилга икки қиз насибасича беришни амр этади Агар улар иккитадан кўп аёл бўлсалар уларга у ота қолдирганнинг учдан иккиси Агар қиз битта бўлса унга ярми Агар унинг боласи бўлса у тарк қилган нарсадан отаонасининг ҳар бирига олтидан бир Агар унинг боласи бўлмаса ва отаонаси меросхўр бўлса онасига учдан бир Агар унинг акаукалари бўлса онасига олтидан бир У қилган васият ёки қарзини адо этгандан сўнг оталарингиз ва болаларингиздан қайси бирлари сизга манфаатлироқ эканини билмассизлар Бу Аллоҳ жорий қилган фарздир Албатта Аллоҳ билувчи ва ҳикматли зотдир АлАвфий Ибн Аббосдан қуйидагиларни ривоят қилади Аллоҳ таоло ўғил ва қизларга отаоналарга мерос бобида фарз қилган ҳукмлар ҳақида оятлар туширганда баъзи одамларга ёқмади Расулуллоҳнинг с а в ҳузурларига келиб Эй Аллоҳнинг Расули Қиз болага отасининг меросидан ярми бериладими Ахир у от миниб душманга қарши урушмайдику Қўлидан ҳеч нарса келмайдиган гўдакка ҳам мерос бериладими дейишди Уларнинг бу тутимларига жавобан Аллоҳ таоло Аллоҳ сизга фарзандларингиз ҳақида васият этиб бир ўғилга икки қиз насибасича беришни амр қилади деб бошланувчи ояти каримани нозил қилди
- 中国语文 - Ma Jian : 真主为你们的子女而命令你们。一个男子,得两个女子的分子。如果亡人有两个以上的女子,那末,她们共得遗产的三分之二;如果只有一个女子,那末,她得二分之一。如果亡人有子女,那末,亡人的父母各得遗产的六分之一。如果他没有子女,那末,只有父母承受遗产,那末,他的母亲得三分之一。如果他有几个兄弟姐妹,那末,他母亲得六分之一。(这种分配),须在亡人所嘱的遗赠或清偿亡人所欠的债务之后。棗你们的父母和子女,谁对于你们是更有裨益的,你们不知道棗这是从真主降示的定制。真主确是全知的,确是至睿的。
- Melayu - Basmeih : Allah perintahkan kamu mengenai pembahagian harta pusaka untuk anakanak kamu iaitu bahagian seorang anak lelaki menyamai bahagian dua orang anak perempuan Tetapi jika anakanak perempuan itu lebih dari dua maka bahagian mereka ialah dua pertiga dari harta yang ditinggalkan oleh si mati Dan jika anak perempuan itu seorang sahaja maka bahagiannya ialah satu perdua separuh harta itu Dan bagi ibu bapa si mati tiaptiap seorang dari keduanya satu perenam dari harta yang ditinggalkan oleh si mati jika si mati itu mempunyai anak Tetapi jika si mati tidak mempunyai anak sedang yang mewarisinya hanyalah kedua ibu bapanya maka bahagian ibunya ialah satu pertiga Kalau pula si mati itu mempunyai beberapa orang saudara adikberadik maka bahagian ibunya ialah satu perenam Pembahagian itu ialah sesudah diselesaikan wasiat yang telah diwasiatkan oleh si mati dan sesudah dibayarkan hutangnya lbubapa kamu dan anakanak kamu kamu tidak mengetahui siapa di antaranya yang lebih dekat serta banyak manfaatnya kepada kamu Pembahagian harta pusaka dan penentuan bahagian masingmasing seperti yang diterangkan itu ialah ketetapan dari Allah; sesungguhnya Allah adalah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana
- Somali - Abduh : Wuxuu idiin Dardaarmi Eebe Caruurtiinna kan Lab la mid Qaybta Labo Dhadig Hadday Yihiin Hawween ka Sarreeya Labo waxay Mudun Labo Dalool wiixuu ka Tagay hadday tahay mid waxay Mudan Nus Labada Waalidna mid kastoo ka mid ah wuxuu Mudan Sudus Iix meelood meel Hadduu ka Dhintay Ilmahoodu Caruur hadduu Caruur lahayn oy Dhaxlayaan Labada Waalid Hooyadu waxay Mudan Saddex Meelood Mcel Hadduu Walaalo leeyahay Hooyadu waxay Mudan Sudus Dardaaranka iyo Daynta ka Dib Aabayaalkiina iyo Wiilashana ma Ogidin Kooda idinku Dhaw Nacfi waa Faralyeel Qaddaraad Eebe Ilahayna waa Oge Falsan
- Hausa - Gumi : Allah Yanã yi muku wasiyya a cikin 'ya'yanku; namiji yanã da rabon mãtã biyu Idan sun kasance mãtã ne fiye da biyu kuwa to suna da biyu daga kashi uku ɗin abin da ya bari kuma idan ta zama guda ce kawai to tana da rabi Kuma iyãyensa biyu kõwane ɗaya daga cikinsu yanã da ɗaya daga kashi shida ɗin abin da ya bari idan wani rẽshe ya kasance gare shi to idan rẽshe bai kasance gare shi ba kuma iyãyensa ne kawai suka gãje shi to uwa tanã da sulusi ɗaya daga cikin kashi uku Sa'an nan idan 'yan'uwa sun kasance gare shi to uwarsa tana da sudusi ɗaya daga cikin kashi shida daga bayan wasiyya wadda ya yi kõ kuwa bãshi Ubanninku da 'yã'yan ku ba ku sani ba wannensu ne mafi kusantar amfani a gare ku Yankawa daga Allah Lalle ne Allah Yã kasance Masani Mai hikima
- Swahili - Al-Barwani : Mwenyezi Mungu anakuusieni juu ya watoto wenu Fungu la mwanamume ni kama fungu la wanawake wawili Na ikiwa wanawake zaidi ya wawili basi watapata thuluthi mbili za alicho kiacha maiti Lakini akiwa mtoto mwanamke ni mmoja basi fungu lake ni nusu Na wazazi wake wawili kila mmoja wao apate sudusi ya alicho kiacha ikiwa anaye mtoto Akiwa hana mtoto na wazazi wake wawili wamekuwa ndio warithi wake basi mama yake atapata thuluthi moja Na akiwa anao ndugu basi mama yake atapata sudusi Haya ni baada ya kutolewa alicho usia au kulipa deni Baba zenu na watoto wenu nyinyi hamjui ni nani baina yao aliye karibia zaidi kwenu kwa manufaa Hiyo ni Sharia iliyo toka kwa Mwenyezi Mungu Bila ya shaka Mwenyezi Mungu ni Mjuzi na Mwenye hikima
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndia ju urdhëron juve në pështjen e trashëgimit për fëmijët tuaj mashkullit i takon aq sa pjesa e dy femrave; nëse trashëgimtarë janë femrat – dy e më tepër atyre u takojnë dy të tretat nga trashëgimia; nëse trashëgimtar është një femër – i takon gjysma e pasurisë; e për çdonjërin prind të të vdekurit – u përket një e gjashta nga pasuria e trashëguar nëse i vdekuri ka lënë fëmijë; e nëse i vdekuri nuk ka fëmijë e që e trashëgojnë prindërit nënës së tij i bie e treta; nëse i vdekuri ka vëllezër nënës së tij i bie e gjashta pas kryerjes së testamentit të lënë dhe larjes së borxhit Ju nuk dini se cili është më i afërt për ju – përkah dobia prindërit tuaj apo fëmijët tuaj – Ky caktim është nga ana e Perëndisë Se Perëndia me të vërtetë është i Gjithëdijshëm dhe Plotëdijshëm
- فارسى - آیتی : خدا درباره فرزندانتان به شما سفارش مىكند كه سهم پسر برابر سهم دو دختر است. و اگر دختر باشند و بيش از دو تن، دو سوم ميراث از آنهاست. و اگر يك دختر بود نصف برد و اگر مرده را فرزندى باشد هر يك از پدر و مادر يك ششم ميراث را برد. و اگر فرزندى نداشته باشد و ميراثبران تنها پدر و مادر باشند، مادر يك سوم دارايى را برد. اما اگر برادران داشته باشد سهم مادر، پس از انجام وصيتى كه كرده و پرداخت وام او يك ششم باشد. و شما نمىدانيد كه از پدران و پسرانتان كدام يك شما را سودمندتر است. اينها حكم خداست، كه خدا دانا و حكيم است.
- tajeki - Оятӣ : Худо дар бораи фарзандонатон ба шумо супориш мекунад, ки саҳми писар баробари сахми ду духтар аст. Ва агар духтар бошанд ва беш аз ду тан, ду саввуми мерос аз онҳост. Ва агар як духтар бувад, нисф барад ва агар мурдаро фарзанде бошад, ҳар як аз падару модар як шашуми меросро барад. Ва агар фарзанде надошта бошад ва меросбарон танҳо падару модар бошанд, модар як саввуми дороиро барад. Аммо агар бародарон дошта бошад, саҳми модар пас аз анҷоми васийяте, ки карда ва баъди пардохти қарзи ӯ як шашум бошад. Ва шумо намедонед, ки аз падарону писаронатон кадом як шуморо фоиданоктар аст. Инҳо ҳукми Худост, ки Худо донову ҳаким аст!
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ بالىلىرىڭلار (غا تېگىدىغان مىراس) ھەققىدە تەۋسىيە قىلىدۇكى، بىر ئەرگە ئىككى ئايالنىڭ ھەسسىسى تېگىدۇ، ئەگەر مېيىتنىڭ قىزى (ئىككى ياكى) ئىككىدىن كۆپ بولسا، ئۇ چاغدا ئۇلارغا مىراسنىڭ ئۈچتىن ئىككى ھەسسىسى تېگىدۇ، ئەگەر (ۋارىس) بىر قىز بولىدىغان بولسا، ئۇنىڭغا مىراسنىڭ يېرىمى تېگىدۇ، ئەگەر مېيىتنىڭ بالىلىرى بولسا، بۇ چاغدا ئۇنىڭ ئاتا - ئانىسىنىڭ ھەر بىرىگە مىراسنىڭ ئالتىدىن بىرى تېگىدۇ. ئەگەر ئۇنىڭ بالىلىرى بولماي مىراسقا پەقەت ئۇنىڭ ئاتا - ئانىسى ۋارىسلىق قىلىدىغان بولسا، بۇ چاغدا ئۇنىڭ ئانىسىغا مىراسنىڭ ئۈچتىن بىرى تېگىدۇ (قالغىنى ئاتىسىغا تېگىدۇ). ئەگەر مېيىتنىڭ (ئاتا - ئانىسىدىن باشقا يەنە) قېرىنداشلىرى بولسا، ئانىسىغا مىراسنىڭ ئالتىدىن بىرى تېگىدۇ (قالغىنىنى ئاتىسى ئالىدۇ). (بۇ تەقسىمات) مېيىتنىڭ ۋەسىيىتى ئورۇنلانغان ۋە قەرزى تۆلىنىپ بولغاندىن كېيىن ئېلىپ بېرىلىدۇ. ئاتا - ئاناڭلار ۋە بالىلىرىڭلاردىن (يەنى بۇ ئىككىسىدىن) قايسىسىنىڭ مەنپەئەت جەھەتتىن ئۆزۈڭلارغا ئەڭ يېقىن ئىكەنلىكىنى بىلمەيسىلەر، بۇلار اﷲ تەرىپىدىن بېكىتىلگەن بەلگىلىمىدۇر. اﷲ ھەقىقەتەن ھەممىنى بىلگۈچى، ھېكمەت بىلەن ئىش قىلغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിങ്ങളുടെ മക്കളുടെ കാര്യത്തില് അല്ലാഹു നിങ്ങളെ ഉപദേശിക്കുന്നു: പുരുഷന്ന് രണ്ടു സ്ത്രീയുടെ വിഹിതത്തിന് തുല്യമായതുണ്ട്. അഥവാ, രണ്ടിലേറെ പെണ്മക്കള് മാത്രമാണുള്ളതെങ്കില് മരിച്ചയാള് വിട്ടേച്ചുപോയ സ്വത്തിന്റെ മൂന്നില് രണ്ട് ഭാഗമാണ് അവര്ക്കുണ്ടാവുക. ഒരു മകള് മാത്രമാണെങ്കില് അവള്ക്ക് പാതി ലഭിക്കും. മരിച്ചയാള്ക്ക് മക്കളുണ്ടെങ്കില് മാതാപിതാക്കളിലോരോരുത്തര്ക്കും അയാള് വിട്ടേച്ചുപോയ സ്വത്തിന്റെ ആറിലൊന്നു വീതമാണുണ്ടാവുക. അഥവാ, അയാള്ക്ക് മക്കളില്ലാതെ മാതാപിതാക്കള് അനന്തരാവകാശികളാവുകയാണെങ്കില് മാതാവിന് മൂന്നിലൊന്നുണ്ടായിരിക്കും. അയാള്ക്ക് സഹോദരങ്ങളുണ്ടെങ്കില് മാതാവിന് ആറിലൊന്നാണുണ്ടാവുക. ഇതെല്ലാം മരണമടഞ്ഞയാളുടെ വസ്വിയ്യത്തും കടവും കഴിച്ചുള്ളവയുടെ കാര്യത്തിലാണ്. മാതാപിതാക്കളാണോ മക്കളാണോ നിങ്ങള്ക്ക് കൂടുതലുപകരിക്കുകയെന്ന് നിങ്ങള്ക്കറിയില്ല. ഈ ഓഹരി നിര്ണയം അല്ലാഹുവില് നിന്നുള്ളതാണ്. അല്ലാഹു എല്ലാം അറിയുന്നവനും തികഞ്ഞ യുക്തിമാനുമത്രെ.
- عربى - التفسير الميسر : يوصيكم الله ويامركم في شان اولادكم اذا مات احد منكم وترك اولادا ذكورا واناثا فميراثه كله لهم للذكر مثل نصيب الانثيين اذا لم يكن هناك وارث غيرهم فان ترك بنات فقط فللبنتين فاكثر ثلثا ما ترك وان كانت ابنه واحده فلها النصف ولوالدي الميت لكل واحد منهما السدس ان كان له ولد ذكرا كان او انثى واحدا او اكثر فان لم يكن له ولد وورثه والداه فلامه الثلث ولابيه الباقي فان كان للميت اخوه اثنان فاكثر ذكورا كانوا او اناثا فلامه السدس وللاب الباقي ولا شيء للاخوه وهذا التقسيم للتركه انما يكون بعد اخراج وصيه الميت في حدود الثلث او اخراج ما عليه من دين اباوكم وابناوكم الذين فرض لهم الارث لا تعرفون ايهم اقرب لكم نفعا في دنياكم واخراكم فلا تفضلوا واحدا منهم على الاخر هذا الذي اوصيتكم به مفروض عليكم من الله ان الله كان عليما بخلقه حكيما فيما شرعه لهم
*15). This is the first general rule in connection with inheritance, viz., that the share of the male should be double that of the female. Since Islamic law imposes greater financial obligations on men in respect of family life and relieves women of a number of such obligations, justice demands that a woman's share in inheritance should be less than that of a man.
*16). The same applies in the case where there are two daughters. If the deceased leaves only daughters, and if there are two or more daughters then they will receive two-thirds of the inheritance and the remaining one-third will go to the other heirs. But if the deceased has only one son there is a consensus among jurists that in the absence of other heirs he is entitled to all the property and if the deceased has other heirs, he is entitled to the property left after their shares have been distributed.
*17). If the deceased leaves issue each of his parents will receive one-sixth of the inheritance irrespective of whether the issue consists either only of daughters, only of sons, of both sons and daughters, of just one son or just one daughter. The remaining two-thirds will be distributed among the rest of the heirs.
*18). If there are no other heirs than the parents, the remaining two-thirds will go to the share of the father; otherwise the two-thirds will be distributed between the father and other heirs.
*19). In the case where the deceased also has brothers and sisters the share of the mother will be one-sixth rather than one-third. In this case the sixth that was deducted from the share of the mother will be added to that of the father, for in this circumstance the father's obligations are heavier. It should be noted that if the parents of the deceased are alive, the brothers and sisters will not be entitled to any share in the inheritance.
*20). The mention of bequest precedes the mention of debt, for although not everyone need be encumbered with debt it is necessary that everyone should make a bequest. (However, other Mufassirun (exegetes) regard making a bequest as a discretionary act - Ed.) As for legalities, there is consensus among Muslims that the payment of debts takes precedence over the payment of bequests, i.e. if the deceased owes a debt and also leaves a bequest, the debt will first be paid out of the inheritance, and only then will his bequest be fulfilled.
We have already stated in connection with bequest (see Towards Understanding the Qur'an, vol. I, Surah 2, n. 182) that a man has the right to bequeath up to a maximum of one-third of his inheritance. The principle laid down in regard to bequest is that a man can -^ot a portion of his inheritance either to a relative who is not legally entitled to any prescribed share in the inheritance or to others whom he considers deserving of help, e.g. either an orphaned grandson or grand-daughter, the widow of a son in financial distress, any brother, sister, brother's wife, nephew, and other relatives who seem to be in need of support. If there are no such relatives bequests can be made either to other needy people or for charitable purposes. In short, the Law has fixed regulations for the distribution of two-thirds or more of one's inheritance, out of which the legal heirs are to receive their shares according to the regulations laid down by the Law. A maximum of one-third of the inheritance has been left to the discretion of the person concerned, who can dispose of it by means of bequest in light of his particular family circumstances. If anyone makes either an inequitable bequest or misuses his discretion so as to hurt the legitimate rights of others, it is permissible for the members of the family to rectify the situation either by mutual agreement or by requesting a judge to intervene. For further details see my booklet Yatim Pot6 ki Wirathat ka Mas'alah, Lahore, 1954.
*21). This is in response to those feeble-minded people who do not fully appreciate God's law of inheritance and try to fill, with the help of their limited intellect, what they see as gaps in God's Laws.