- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَٱلَّذَانِ يَأْتِيَٰنِهَا مِنكُمْ فَـَٔاذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
- عربى - نصوص الآيات : واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ۖ فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ۗ إن الله كان توابا رحيما
- عربى - التفسير الميسر : واللذان يقعان في فاحشة الزنى، فآذُوهما بالضرب والهجر والتوبيخ، فإن تابا عمَّا وقع منهما وأصلحا بما يقدِّمان من الأعمال الصالحة فاصفحوا عن أذاهما. ويستفاد من هذه الآية والتي قبلها أن الرجال إذا فعلوا الفاحشة يُؤْذَوْن، والنساء يُحْبَسْنَ ويُؤذَيْنَ، فالحبس غايتة الموت، والأذية نهايتها إلى التوبة والصلاح. وكان هذا في صدر الإسلام، ثم نُسخ بما شرع الله ورسوله، وهو الرجم للمحصن والمحصنة، وهما الحران البالغان العاقلان، اللذان جامعا في نكاح صحيح، والجلدُ مائة جلدة، وتغريب عام لغيرهما. إن الله كان توابا على عباده التائبين، رحيمًا بهم.
- السعدى : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
{ و } كذلك { الَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا } أي: الفاحشة { مِنْكُمْ } من الرجال والنساء { فَآذُوهُمَا } بالقول والتوبيخ والتعيير والضرب الرادع عن هذه الفاحشة، فعلى هذا يكون الرجال إذا فعلوا الفاحشة يؤذون، والنساء يحبسن ويؤذين. فالحبس غايته إلى الموت، والأذية نهايتها إلى التوبة والإصلاح، ولهذا قال: { فَإِنْ تَابَا } أي: رجعا عن الذنب الذي فعلاه وندما عليه، وعزما على أن لا يعودا { وَأَصْلَحَا } العمل الدال على صدق التوبة { فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } أي: عن أذاهما { إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } أي: كثير التوبة على المذنبين الخطائين، عظيم الرحمة والإحسان، الذي -من إحسانه- وفقهم للتوبة وقبلها منهم، وسامحهم عن ما صدر منهم. ويؤخذ من هاتين الآيتين أن بينة الزنا، لا بد أن تكون أربعة رجال مؤمنين، ومن باب أولى وأحرى اشتراط عدالتهم؛ لأن الله تعالى شدد في أمر هذه الفاحشة، سترًا لعباده، حتى إنه لا يقبل فيها النساء منفردات، ولا مع الرجال، ولا ما دون أربعة. ولا بد من التصريح بالشهادة، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، وتومئ إليه هذه الآية لما قال: { فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ } لم يكتف بذلك حتى قال: { فَإِنْ شَهِدُوا } أي: لا بد من شهادة صريحة عن أمر يشاهد عيانًا، من غير تعريض ولا كناية. ويؤخذ منهما أن الأذية بالقول والفعل والحبس، قد شرعه الله تعزيرًا لجنس المعصية الذي يحصل به الزجر.
- الوسيط لطنطاوي : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
ثم بين- سبحانه- حكما آخر فقال: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما.
أى واللذان يأتيان فاحشة الزنا من رجالكم ونسائكم فآذوهما بالشتم والتوبيخ والزجر الشديد ليندما على ما فعلا، وليرتدع سواهما بهما.
وقد اختلف العلماء في المراد بقوله وَالَّذانِ.
فمنهم من قال المراد بهما الرجل والمرأة البكران اللذان لم يحصنا.
ومنهم من قال المراد بهما الرجلان يفعلان اللواط.
ومنهم من قال المراد بهما الرجل والمرأة لا فرق بين بكر وثيب.
والمختار عند كثير من العلماء هو الرأى الأول، قالوا: لأن الله- تعالى- ذكر في هاتين الآيتين حكمين:
أحدهما: الحبس في البيوت.
والثاني: الإيذاء. ولا شك أن من حكم عليه بالأول خلاف من حكم عليه بالثاني، والشرع يخفف في البكر ويشدد على الثيب، ولذلك لما نسخ هذا الحكم جعل للثيب الرجم وللبكر الجلد، فجعلنا الحكم الشديد وهو الحبس على الثيب، والحكم الأخف وهو الإيذاء على البكر.
قالوا: وقد نسخ حكم هذه الآية بآية النور، حيث جعل حكم الزانيين اللذين لم يحصنا جلد مائة.
فقد أخرجه ابن جرير عن الحسن البصري وعكرمة قالا في قوله- تعالى- وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما الآية، نسخ ذلك بآية الجلد وهي قوله- تعالى- في سورة النور: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ الآية .
ومن العلماء من قال بأن هذه الآية غير منسوخة بآية النور، فإن العقوبة ذكرت هنا مجملة غير واضحة المقدار لأنها مجرد الإيذاء، وذكرت بعد ذلك مفصلة بينة المقدار في سورة النور. أى أن ما ذكر هنا من قبيل المجمل، وما ذكر في سورة النور من قبيل المفصل، وأنه لا نسخ بين الآيتين.
هذا، ولأبى مسلم الأصفهاني رأى آخر في تفسير هاتين الآيتين، فهو يرى أن المراد باللاتى في قوله وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ النساء السحاقات اللاتي يستمتع بعضهن ببعض وحدهن الحبس، والمراد بقوله وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ اللائطون من الرجال وحدهم الإيذاء.
وأما حكم الزناة فسيأتى في سورة النور.
قال الآلوسى: وقد زيف هذا القول بأنه لم يقل به أحد، وبأن الصحابة قد اختلفوا في حكم اللوطي ولم يتمسك أحد منهم بهذه الآية، وعدم تمسكهم بها مع شدة احتياجهم إلى نص يدل على الحكم دليل على أن الآية ليست في ذلك. وأيضا جعل الحبس في البيت عقوبة السحاق
لا معنى له. لأنه مما لا يتوقف على الخروج كالزنا. فلو كان المراد السحاقات لكانت العقوبة لهن عدم اختلاط بعضهن ببعض لا الحبس والمنع من الخروج. وحيث جعل هو عقوبة دل ذلك على أن المراد باللاتى يأتين الفاحشة الزانيات ... » .
والذي نراه أن هذا الحكم المذكور في الآيتين منسوخ، بعضه بالكتاب وبعضه بالسنة.
أما الكتاب فهو قوله- تعالى- في سورة النور الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ الآية.
وأما السنة فحديث عباده بن الصامت الذي سبق ذكره.
وإنما قلنا ذلك لأن ظاهر الآيتين يدل على أن ما ذكر فيهما من الحبس والإيذاء هو تمام العقوبة، مع أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عاقب أحدا من الزناة بالحبس أو بالإيذاء بعد نزول آية سورة النور. بل الثابت عنه أنه كان يجلد البكر من الرجال والنساء، ويرجم المحصن منهما، ولم يضم إلى إحدى هاتين العقوبتين حبسا أو إيذاء، فثبت أن هذا الحكم المذكور في الآيتين قد نسخ.
ثم بين- سبحانه- الحكم فيما إذا أقلع الزاني والزانية عن جريمتهما فقال: فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً.
أى فإن تابا عما فعلا من الفاحشة، وأصلحا أعمالهما فَأَعْرِضُوا عَنْهُما أى فاصفحوا عنهما وكفوا عن أذاهما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً أى مبالغا في قبول التوبة ممن تاب توبة صادقة نصوحا رَحِيماً أى واسع الرحمة بعباده الذين لا يصرون على معصية بل يتوبون إليه منها توبة صادقة.
وبعد أن وصف- سبحانه- ذاته بأنه هو التواب الرحيم عقب ذلك ببيان من تقبل منهم التوبة، ومن لا تقبل منهم فقال:
- البغوى : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
قوله تعالى : ( واللذان يأتيانها منكم ) يعني : الرجل والمرأة ، والهاء راجعة إلى الفاحشة ، قرأ ابن كثير " اللذان ، واللذين ، وهاتان ، وهذان " مشددة النون للتأكيد ، ووافقه أهل البصرة في ( فذانك ) والآخرون بالتخفيف ، قال أبو عبيد : خص أبو عمرو ( فذانك ) بالتشديد لقلة الحروف في الاسم ( فآذوهما ) قال عطاء وقتادة : فعيروهما باللسان : أما خفت الله؟ أما استحييت من الله حيث زنيت؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : سبوهما واشتموهما ، قال ابن عباس : هو باللسان واليد يؤذى بالتعيير وضرب النعال .
فإن قيل : ذكر الحبس في الآية الأولى وذكر في هذه الآية الإيذاء ، فكيف وجه الجمع؟ . قيل : الآية الأولى في النساء وهذه في الرجال ، وهو قول مجاهد ، وقيل : الآية الأولى في الثيب وهذه في البكر .
( فإن تابا ) من الفاحشة ( وأصلحا ) العمل فيما بعد ، ( فأعرضوا عنهما ) فلا تؤذوهما ، ( إن الله كان توابا رحيما )
وهذا كله كان قبل نزول الحدود ، فنسخت بالجلد والرجم ، فالجلد في القرآن قال الله تعالى : " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " ( النور - 2 ) والرجم في السنة . أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود ، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : اقض يا رسول الله بيننا بكتاب الله ، وقال الآخر وكان أفقههما : أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله ، وائذن لي أن أتكلم ، قال : تكلم ، قال : إن ابني كان عسيفا على هذا ، فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب سنة ، وإنما الرجم على امرأته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، أما غنمك وجاريتك فرد عليك ، وجلد ابنه مائة وغربه عاما ، وأمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها " فاعترفت ، فرجمها .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال : قال عمر رضي الله عنه " أن الله تعالى بعث محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل الله تعالى آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله تعالى ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى ، والرجم في كتاب الله تعالى حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف " .
وجملة حد الزنا : أن الزاني إذا كان محصنا - وهو الذي اجتمع فيه أربعة أوصاف : العقل والبلوغ والحرية والإصابة بالنكاح الصحيح - فحده الرجم ، مسلما كان أو ذميا ، وهو المراد من الثيب المذكور في الحديث ، وذهب أصحاب الرأي إلى أن الإسلام من شرائط الإحصان ، ولا يرجم الذمي ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديين زنيا ، وكانا قد أحصنا .
وإن كان الزاني غير محصن بأن لم تجتمع فيه هذه الأوصاف نظر : إن كان غير بالغ أو كان مجنونا فلا حد عليه ، وإن كان حرا عاقلا بالغا ، غير أنه لم يصب بنكاح صحيح فعليه جلد مائة وتغريب عام ، وإن كان عبدا فعليه جلد خمسين ، وفي تغريبه قولان ، إن قلنا يغرب ، فيه قولان ، أصحهما نصف سنة ، كما يجلد خمسين على نصف حد الحر .
- ابن كثير : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
وقوله : ( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ) أي : واللذان يأتيان الفاحشة فآذوهما . قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير وغيرهما : أي بالشتم والتعيير ، والضرب بالنعال ، وكان الحكم كذلك حتى نسخه الله بالجلد أو الرجم .
وقال عكرمة ، وعطاء ، والحسن ، وعبد الله بن كثير : نزلت في الرجل والمرأة إذا زنيا .
وقال السدي : نزلت في الفتيان قبل أن يتزوجوا .
وقال مجاهد : نزلت في الرجلين إذا فعلا لا يكني ، وكأنه يريد اللواط ، والله أعلم .
وقد روى أهل السنن ، من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به "
وقوله : ( فإن تابا وأصلحا ) أي : أقلعا ونزعا عما كانا عليه ، وصلحت أعمالهما وحسنت ( فأعرضوا عنهما ) أي : لا تعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك; لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ( إن الله كان توابا رحيما ) وقد ثبت في الصحيحين " إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها " أي : ثم لا يعيرها بما صنعت بعد الحد ، الذي هو كفارة لما صنعت .
- القرطبى : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
قوله تعالى : واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما
فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : واللذان " اللذان " تثنية الذي ، وكان القياس أن يقال : اللذيان كرحيان ومصطفيان وشجيان . قال سيبويه : حذفت الياء ليفرق بين الأسماء المتمكنة والأسماء المبهمات . وقال أبو علي : حذفت الياء تخفيفا ، إذ قد أمن اللبس في اللذان ؛ لأن النون لا تنحذف ، ونون التثنية في الأسماء المتمكنة قد تنحذف مع الإضافة في رحياك ومصطفيا القوم ؛ فلو حذفت الياء لاشتبه المفرد بالاثنين . وقرأ ابن كثير " اللذان " بتشديد النون ؛ وهي لغة قريش ؛ وعلته أنه جعل التشديد عوضا من ألف " ذا " على ما يأتي بيانه في سورة " القصص " عند قوله تعالى : فذانك برهانان . وفيها لغة أخرى " اللذا " بحذف النون . هذا قول الكوفيين . وقال البصريون : إنما حذفت النون لطول الاسم بالصلة . وكذلك قرأ " هذان " و " فذانك برهانان " بالتشديد فيهما . والباقون بالتخفيف . وشدد أبو عمرو " فذانك برهانان " وحدها . و " اللذان " رفع بالابتداء . قال سيبويه : المعنى وفيما يتلى عليكم اللذان يأتيانها ، أي الفاحشة " منكم " . ودخلت الفاء في فآذوهما لأن في الكلام معنى الأمر ؛ لأنه لما وصل الذي بالفعل تمكن فيه معنى الشرط ؛ إذ لا يقع عليه شيء بعينه ، فلما تمكن الشرط والإبهام فيه جرى مجرى الشرط فدخلت الفاء ، ولم يعمل فيه ما قبله من الإضمار كما لا يعمل في الشرط ما قبله ؛ فلما لم يحسن إضمار الفعل قبلهما لينصبا رفعا بالابتداء ؛ وهذا اختيار سيبويه . ويجوز النصب على تقدير إضمار فعل ، وهو الاختيار إذا كان في الكلام معنى الأمر والنهي نحو قولك : اللذين عندك فأكرمهما .
الثانية : قوله تعالى : فآذوهما قال قتادة والسدي : معناه التوبيخ والتعيير . وقالت فرقة : هو السب والجفاء دون تعيير . ابن عباس : النيل باللسان والضرب بالنعال . قال النحاس : وزعم قوم أنه منسوخ .
قلت : رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : واللاتي يأتين الفاحشة و اللذان يأتيانها كان في أول الأمر فنسختهما الآية التي في " النور " . قاله النحاس : وقيل وهو أولى : إنه ليس بمنسوخ ، وأنه واجب أن يؤدبا بالتوبيخ فيقال لهما : فجرتما وفسقتما وخالفتما أمر الله عز وجل .
الثالثة : واختلف العلماء في تأويل قوله تعالى : واللاتي وقوله : واللذان فقال مجاهد وغيره : الآية الأولى في النساء عامة محصنات وغير محصنات ، والآية الثانية في الرجال خاصة . وبين لفظ التثنية صنفي الرجال من أحصن ومن لم يحصن ؛ فعقوبة النساء الحبس ، وعقوبة الرجال الأذى . وهذا قول يقتضيه اللفظ ، ويستوفي نص الكلام أصناف الزناة . ويؤيده من جهة اللفظ قوله في الأولى : من نسائكم وفي الثانية منكم ؛ واختاره النحاس ورواه عن ابن عباس . وقال السدي وقتادة وغيرهما : الأولى في النساء المحصنات . يريد : ودخل معهن من أحصن من الرجال بالمعنى ، والثانية في الرجل والمرأة البكرين . قال ابن عطية : ومعنى هذا القول تام إلا أن لفظ الآية يقلق عنه . وقد رجحه الطبري ، وأباه النحاس وقال : تغليب المؤنث على المذكر بعيد ؛ لأنه لا يخرج الشيء إلى المجاز ومعناه صحيح في الحقيقة . وقيل : كان الإمساك للمرأة الزانية دون الرجل ؛ فخصت المرأة بالذكر في الإمساك ثم جمعا في الإيذاء . قال قتادة : كانت المرأة تحبس ويؤذيان جميعا ؛ وهذا لأن الرجل يحتاج إلى السعي والاكتساب .
الرابعة : واختلف العلماء أيضا في القول بمقتضى حديث عبادة الذي هو بيان لأحكام الزناة على ما بيناه ؛ فقال بمقتضاه علي بن أبي طالب لا اختلاف عنه في ذلك ، وأنه جلد شراحة الهمدانية مائة ورجمها بعد ذلك ، وقال : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال بهذا القول الحسن البصري والحسن بن صالح بن حي وإسحاق . وقال جماعة من العلماء : بل على الثيب الرجم بلا جلد . وهذا يروى عن عمر وهو قول الزهري والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد وأبي ثور ؛ متمسكين بأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما ، وبقوله عليه السلام لأنيس : اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولم يذكر الجلد ؛ فلو كان مشروعا لما سكت عنه . قيل لهم : إنما سكت عنه ؛ لأنه ثابت بكتاب الله تعالى ، فليس يمتنع أن يسكت عنه لشهرته والتنصيص عليه في القرآن ؛ لأن قوله تعالى : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة يعم جميع الزناة . والله أعلم . ويبين هذا فعل علي بأخذه عن الخلفاء رضي الله عنهم ولم ينكر عليه فقيل له : عملت بالمنسوخ وتركت الناسخ . وهذا واضح .
الخامسة : واختلفوا في نفي البكر مع الجلد ؛ فالذي عليه الجمهور أنه ينفى مع الجلد ؛ قاله الخلفاء الراشدون : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وهو قول ابن عمر رضوان الله عليهم أجمعين ، وبه قال عطاء وطاوس وسفيان ومالك وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور . وقال بتركه حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن . والحجة للجمهور حديث عبادة المذكور ، وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد ، حديث العسيف وفيه : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك وجلد ابنه مائة وغربه عاما . أخرجه الأئمة . احتج من لم ير نفيه بحديث أبي هريرة في الأمة ، ذكر فيه الجلد دون النفي . وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال : غرب عمر ربيعة بن أبي أمية بن خلف في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر ؛ فقال عمر : لا أغرب مسلما بعد هذا . قالوا : ولو كان التغريب حدا لله تعالى ما تركه عمر بعد . ثم إن النص الذي في الكتاب إنما هو الجلد ، والزيادة على النص نسخ ؛ فيلزم عليه نسخ القاطع بخبر الواحد .
والجواب : أما حديث أبي هريرة فإنما هو في الإماء لا في الأحرار . وقد صح عن عبد الله بن عمر أنه ضرب أمته في الزنا ونفاها . وأما حديث عمر وقوله : لا أغرب بعده مسلما ، فيعني في الخمر - والله أعلم - لما رواه نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب ، وأن أبا بكر ضرب وغرب ، وأن عمر ضرب وغرب . أخرجه الترمذي في جامعه ، والنسائي في سننه عن أبي كريب محمد بن العلاء الهمداني عن عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع . قال الدارقطني : تفرد به عبد الله بن إدريس ولم يسنده عنه أحد من الثقات غير أبي كريب ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النفي فلا كلام لأحد معه ، ومن خالفته السنة خاصمته . وبالله التوفيق .
وأما قولهم : الزيادة على النص نسخ ، فليس بمسلم ، بل زيادة حكم آخر مع الأصل .
ثم هو قد زاد الوضوء بالنبيذ بخبر لم يصح على الماء ، واشترط الفقر في القربى ؛ إلى غير ذلك مما ليس منصوصا عليه في القرآن . وقد مضى هذا المعنى في البقرة ويأتي .
السادسة : القائلون بالتغريب لم يختلفوا في تغريب الذكر الحر ، واختلفوا في تغريب العبد والأمة ؛ فممن رأى التغريب فيهما ابن عمر جلد مملوكة له في الزنا ونفاها إلى فدك وبه قال الشافعي وأبو ثور والثوري والطبري وداود . واختلف قول الشافعي في نفي العبد ، فمرة قال : أستخير الله في نفي العبد ، ومرة قال : ينفى نصف سنة ، ومرة قال : ينفى سنة إلى غير بلده ؛ وبه قال الطبري .
واختلف أيضا قوله في نفي الأمة على قولين . وقال مالك : ينفى الرجل ولا تنفى المرأة ولا العبد ، ومن نفي حبس في الموضع الذي ينفى إليه . وينفى من مصر إلى الحجاز وشغب وأسوان ونحوها ، ومن المدينة إلى خيبر وفدك ؛ وكذلك فعل عمر بن عبد العزيز . ونفى علي من الكوفة إلى البصرة . وقال الشافعي : أقل ذلك يوم وليلة . قال ابن العربي : كان أصل النفي أن بني إسماعيل أجمع رأيهم على أن من أحدث حدثا في الحرم غرب منه ، فصارت سنة فيهم يدينون بها ؛ فلأجل ذلك استن الناس إذا أحدث أحد حدثا غرب عن بلده ، وتمادى ذلك في الجاهلية إلى أن جاء الإسلام فأقره في الزنا خاصة . احتج من لم ير النفي على العبد بحديث أبي هريرة في الأمة ؛ ولأن تغريبه عقوبة لمالكه تمنعه من منافعه في مدة تغريبه ، ولا يناسب ذلك تصرف الشرع ، فلا يعاقب غير الجاني . وأيضا فقد سقط عنه الجمعة والحج والجهاد الذي هو حق لله تعالى لأجل السيد ؛ فكذلك التغريب . والله أعلم .
والمرأة إذا غربت ربما يكون ذلك سببا لوقوعها فيما أخرجت من سببه وهو الفاحشة ، وفي التغريب سبب لكشف عورتها وتضييع لحالها ؛ ولأن الأصل منعها من الخروج من بيتها وأن صلاتها فيه أفضل . وقال صلى الله عليه وسلم : أعروا النساء يلزمن الحجال فحصل من هذا تخصيص عموم حديث التغريب بالمصلحة المشهود لها بالاعتبار . وهو مختلف فيه عند الأصوليين والنظار . وشذت طائفة فقالت : يجمع الجلد والرجم على الشيخ ، ويجلد الشاب ؛ تمسكا بلفظ " الشيخ " في حديث زيد بن ثابت أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة خرجه النسائي . وهذا فاسد ؛ لأنه قد سماه في الحديث الآخر " الثيب " .
السابعة : قوله تعالى : فإن تابا أي من الفاحشة . وأصلحا يعني العمل فيما بعد ذلك . فأعرضوا عنهما أي اتركوا أذاهما وتعييرهما . وإنما كان هذا قبل نزول الحدود . فلما نزلت الحدود نسخت هذه الآية . وليس المراد بالإعراض الهجرة ، ولكنها متاركة معرض ؛ وفي ذلك احتقار لهم بسبب المعصية المتقدمة ، وبحسب الجهالة في الآية الأخرى .
والله تواب أي راجع بعباده عن المعاصي .
- الطبرى : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
القول في تأويل قوله : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " واللذان يأتيانها منكم "، والرجل والمرأة اللذان يأتيانها، يقول: يأتيان الفاحشة. و " الهاء " و " الألف " في قوله: " يأتيانها " عائدة على " الفاحشة " التي في قوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ . والمعنى: واللذان يأتيان منكم الفاحشة فآذوهما.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في المعنِّي بقوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ".
فقال بعضهم: هما البكران اللذان لم يُحْصنا، وهما غير اللاتي عُنين بالآية قبلها. وقالوا: قوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ، معنيٌّ به الثيِّبات المحصنات بالأزواج - وقوله: " واللذان يأتيانها منكم "، يعني به البكران غير المحصنين.
*ذكر من قال ذلك:
8812 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط، عن السدي: ذكر الجواري والفتيان اللذين لم ينكِحوا فقال: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " .
8813 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واللذان يأتيانها منكم " البكرين = فآذوهما. (19)
* * *
وقال آخرون: بل عُني بقوله: " واللذان يأتيانها منكم "، الرجلان الزانيان.
ذكر من قال ذلك:
8814 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن مجاهد: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، قال: الرجلان الفاعلان، لا يَكْنى.
8815 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " واللذان يأتيانها منكم "، الزانيان.
* * *
وقال آخرون: بل عني بذلك الرجلُ والمرأة، إلا أنه لم يُقصَد به بكر دون ثيِّب.
ذكر من قال ذلك:
8816 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن عطاء: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، قال: الرجل والمرأة.
8817 - حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ إلى قوله: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا ، فذكر الرجل بعد المرأة، ثم جمعهما جميعًا فقال: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابًا رحيما ".
8818 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح قال، قال عطاء وعبد الله بن كثير، قوله: " واللذان يأتيانها منكم "، قال: هذه للرجل والمرأة جميعًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: " واللذان يأتيانها منكم "، قول من قال: " عُني به البكران غير المحصنين إذا زنيا، وكان أحدهما رجلا والآخر امرأة "، لأنه لو كان مقصودًا بذلك قصد البيان عن حكم الزناة من الرجال، كما كان مقصودًا بقوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ قصد البيان عن حكم الزواني، لقيل: " والذين يأتونها منكم فآذوهم "، أو قيل: " والذي يأتيها منكم "، كما قيل في التي قبلها: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ ، فأخرج ذكرهن على الجميع، ولم يقل: " واللتان يأتيان الفاحشة ".
وكذلك تفعل العرب إذا أرادت البيان على الوعيد على فعل أو الوعد عليه، أخرجت أسماءَ أهله بذكر الجميع أو الواحد = وذلك أن الواحد يدل على جنسه = ولا تخرجها بذكر اثنين. فتقول: " الذين يفعلون كذا فلهم كذا "،" والذي يفعل كذا فله كذا "، ولا تقول: " اللذان يفعلان كذا فلهما كذا "، إلا أن يكون فعلا لا يكون إلا من شخصين مختلفين، كالزنا لا يكون إلا من زانٍ وزانية. فإذا كان ذلك كذلك قيل بذكر الاثنين، يراد بذلك الفاعل والمفعول به. فأما أن يذكر بذكر الاثنين، والمراد بذلك شخصان في فعل قد ينفرد كل واحد منهما به، أو في فعل لا يكونان فيه مشتركين، فذلك ما لا يُعْرف في كلامها.
وإذا كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ فسادُ قول من قال: عني بقوله: " واللذان يأتيانها منكم الرجلان " = وصحةُ قول من قال: عني به الرجل والمرأة. (20)
وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أنهما غير اللواتي تقدم بيان حكمهن في قوله: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ ، لأن هذين اثنان، وأولئك جماعة.
وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الحبس كان للثيّبات عقوبة حتى يتوفَّين من قبل أن يجعل لهن سبيلا لأنه أغلظ في العقوبة من الأذى الذي هو تعنيف وتوبيخ أو سب وتعيير، كما كان السبيل التي جعلت لهن من الرجم، أغلظ من السبيل التي جعلت للأبكار من جلد المئة ونفي السنة.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في" الأذى " الذي كان الله تعالى ذكره جعله عقوبة للذين يأتيان الفاحشة، من قبل أن يجعل لهما سبيلا منه.
فقال بعضهم: ذلك الأذى، أذًى بالقول واللسان، كالتعيير والتوبيخ على ما أتيا من الفاحشة.
ذكر من قال ذلك:
8819 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فآذوهما "، قال: كانا يؤذَيَان بالقول جميعًا.
8820 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما "، فكانت الجارية والفتى إذا زنيا يعنَّفان ويعيَّران حتى يتركا ذلك.
* * *
وقال آخرون: كان ذلك الأذى، أذًى اللسان، غير أنه كان سبًّا.
ذكر من قال ذلك:
8821 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فآذوهما "، يعني: سبًّا.
* * *
وقال آخرون: بل كان ذلك الأذى باللسان واليد.
ذكر من قال ذلك:
8822 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، فكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب بالنعال.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره كان أمر المؤمنين بأذى الزانيين المذكورين، إذا أتيا ذلك وهما من أهل الإسلام. و " الأذى " قد يقع لكل مكروه نال الإنسان، (21) من قول سيئ باللسان أو فعل. (22) وليس في الآية بيان أيّ ذلك كان أمر به المؤمنون يومئذ، (23) ولا خبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقل الواحد ولا نقل الجماعة الموجب مجيئهما قطعَ العذر.
وأهل التأويل في ذلك مختلفون، وجائز أن يكون ذلك أذى باللسان أو اليد، وجائز أن يكون كان أذى بهما. (24) وليس في العلم بأيِّ ذلك كان من أيٍّ نفعٌ في دين ولا دنيا، ولا في الجهل به مضرة، (25) إذْ كان الله جل ثناؤه قد نسخ ذلك من مُحكمه بما أوجب من الحكم على عباده فيهما وفي اللاتي قبلهما. فأما الذي أوجب من الحكم عليهم فيهما، فما أوجب في" سورة النور: 2" بقوله: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ . وأما الذي أوجب في اللاتي قبلهما، فالرجم الذي قضى به رسول الله فيهما. وأجمع أهل التأويل جميعًا على أن الله تعالى ذكره قد جعل لأهل الفاحشة من الزناة والزواني سبيلا بالحدود التي حكم بها فيهم.
* * *
وقال جماعة من أهل التأويل: إن الله سبحانه نسخ بقوله: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [سورة النور: 2]، قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ".
ذكر من قال ذلك:
8823 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، قال: كل ذلك نسخته الآية التي في" النور " بالحدّ المفروض.
8824 - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن مجاهد: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " الآية، قال: هذا نسخته الآية في" سورة النور " بالحدّ المفروض.
8825 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي. عن عكرمة والحسن البصري قالا في قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " الآية، نسخ ذلك بآية الجلد فقال: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ .
8826 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، فأنـزل الله بعد هذا: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ، فإن كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
8827 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ الآية، جاءت الحدود فنسختها.
8828 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: نسخ الحدّ هذه الآية. (26)
8829 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ الآية، قال: نسختها الحدود، وقوله: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ ، نسختها الحدود. (27)
8830 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما "، الآية، ثم نسخ هذا، وجعل السبيل لها إذا زنت وهي محصنة، رجمت وأخرجت، وجعل السبيل للذكر جلد مئة.
8831 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، قال: نسختها الحدود.
* * *
وأما قوله: " فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " فإنه يعني به جل ثناؤه: فإن تابا من الفاحشة التي أتيا فراجعا طاعة الله بينهما =" وأصلحا "، يقول: وأصلحا دينهما بمراجعة التوبة من فاحشتهما، والعمل بما يرضي الله =" فأعرضوا عنهما "، يقول: فاصفحوا عنهما، (28) وكفوا عنهما الأذى الذي كنت أمرتكم أن تؤذوهما به عقوبة لهما على ما أتيا من الفاحشة، ولا تؤذوهما بعد توبتهما.
* * *
وأما قوله: "
إن الله كان توابًا رحيما "، فإنه يعني: إن الله لم يزل راجعًا لعبيده إلى ما يحبون إذا هم راجعوا ما يحب منهم من طاعته (29) =" رحيما " بهم، يعني: ذا رحمة ورأفة.--------------------
الهوامش :
(19) في المطبوعة: "
البكران" بالرفع كأنه استنكر ما كان في المخطوطة كما أثبته ، وهو الصواب.(20) قوله: "
وصحة قول من قال" معطوف على قوله"فساد قول من قال" مرفوعًا.(21) في المطبوعة"
قد يقع بكل مكروه" ، والصواب ما في المخطوطة ، ومعنى"يقع" هنا: يجيء ، أو يوضع ، أو ينزل في الاستعمال.(22) انظر تفسير"
الأذى" فيما سلف 4: 374 / 7: 455.(23) في المطبوعة: "
بيان أن ذلك كان" وهو خطأ ، والصواب ما في المخطوطة.(24) في المطبوعة: "
وجائز أن يكون ذلك أذى باللسان واليد ، وجائز أن يكون كان أذى بأيهما" ، وكان في المخطوطة: "أذى بهما" ، فرجحت أن هذا هو الصواب ، وجعلت الأولى"أذى باللسان أو اليد" بدلا من العطف بالواو.(25) في المخطوطة والمطبوعة: "
وليس في العلم بأن ذلك كان من أي نفع" ، وهو خطأ محض ، والصواب ما أثبت ، وهذا تعبير قد سلف مرارًا وعلقت عليه آنفًا 1: 520 ، س: 16 / 2: 517 ، س: 15 / 3: 64 ، تعليق: 1 / 6: 291 ، تعليق: 1.(26) الأثر: 8828 - في المطبوعة: "
عبيد بن سليمان" ، والصواب من المخطوطة ، وفي المخطوطة خطأ آخر كتب"عتبة بن سليمان" ، وهو خطأ ، وهذا إسناد دائر في التفسير.(27) الأثر: 8829 -"
أبو سفيان المعمري" هو: محمد بن حميد اليشكري ، سلف برقم: 1787 ، وهذا الإسناد مضى كثيرًا منه: 526 ، 1200 ، 1253 ، 1516 ، 1699.(28) انظر تفسير"
الإعراض" فيما سلف 2: 298 ، 299.(29) انظر تفسير"
كان" بهذا المعنى فيما سلف: 8: 51 / تعليق: 1 / وتفسير"التوبة" فيما سلف من مراجع اللغة. - ابن عاشور : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
وأمّا قوله { والذان يأتيانها } فهو مقتض نوعين من الذكور فإنّه تثنية الذي وهو اسم موصول للمذكّر ، وقد قوبل به اسمُ موصول النساء الذي في قوله : { واللاّتي يأتين الفاحشة } ولا شكّ أنّ المراد ب { اللذان } صنفان من الرجال : وهما صنف المحصنين ، وصنف غير المحصنين منهم ، وبذلك فسّره ابن عباس في رواية مجاهد ، وهو الوجه في تفسير الآية ، وبه يتقوّم معنى بيِّن غير متداخل ولا مُكَرّر .
ووجه الإشعار بصنفي الزناة من الرجال التحرّز من التماس العذر فيه لغير المحصنين . ويجوز أن يكون أطلق على صنفين مختلفين أي الرجال والنساء على طريقة التغليب الذي يكثر في مثله ، وهو تفسير السدّي وقتادة ، فعلى الوجه الأول تكون الآية قد جعلت للنساء عقوبة واحدة على الزنى وهي عقوبة الحبس في البيوت ، وللرجال عقوبة على الزنى ، هي الأذى سواء كانوا محصنين بزوجات أم غير محصنين ، وهم الأعزبون . وعلى الوجه الثاني تكون قد جعلت للنساء عقوبتين : عقوبة خاصّة بهنّ وهي الحبس ، وعقوبة لهنّ كعقوبة الرجال وهي الأذى ، فيكون الحبس لهنّ مع عقوبة الأذى . وعلى كلا الوجهين يستفاد استواء المحصن وغير المحصن من الصنفين في كلتا العقوبتين ، فأمّا الرجال فبدلالة تثنية اسم الموصول المراد بها صنفان اثنان ، وأمّا النساء فبدلالة عموم صيغة { نسائكم } .
وضمير النصب في قوله : { يأتيانها } عائد إلى الفاحشة المذكورة وهي الزنا . ولا التفات لكلام من توهّم غير ذلك . والإيذاء : الإيلام غير الشديد بالفعل كالضرب غير المبرح ، والإيلام بالقول من شتم وتوبيخ ، فهو أعمّ من الجلد ، والآية أجملته ، فهو موكول إلى اجتهاد الحاكم .
وقد اختلف أيمّة الإسلام في كيفية انتزاع هذين العقوبتين من هذه الآية : فقال ابن عباس ، ومجاهد : اللاتي يأتين الفاحشة يعمّ النساء خاصّة فشمل كلّ امرأة في سائر الأحوال بكراً كانت أم ثيّبا ، وقوله : { والذان } تثنية أريد بها نوعان من الرجال وهم المحصن والبكر ، فيقتضي أنّ حكم الحبس في البيوت يختصّ بالزواني كلّهنّ ، وحكم الأذى يختصّ بالزناة كلّهم ، فاستفيد التعميم في الحالتين إلاّ أن استفادته في الأولى من صيغة العموم ، وفي الثانية من انحصار النوعين ، وقد كان يغني أن يقال : واللاتي يأتين ، والذين يأتون ، إلاّ أنّه سلك هذا الأسلوب ليحصل العموم بطريقين مع التنصيص على شمول النوعين .
وجُعل لفظ ( اللاتى ) للعموم ليستفاد العموم من صيغة الجمع فقط .
وجعل لفظ و { الذان } للنوعين لأنّ مفرده وهو الذي صالح للدلالة على النوع ، إذ النوع يعبّر عنه بالمذكَّر مثل الشخص ، ونحو ذلك ، وحصل مع ذلك كلّه تفنّن بديع في العبارة فكانت بمجموع ذلك هاته الآية غاية في الإعجاز ، وعلى هذا الوجه فالمراد من النساء معنى ما قابل الرجال وهذا هو الذي يجدر حمل معنى الآية عليه .
والأذى أريد به هنا غير الحبس لأنّه سبق تخصيصه بالنساء وغير الجلد ، لأنّه لم يشرع بعدُ ، فقيل : هو الكلام الغليظ والشتم والتعيير . وقال ابن عباس : هو النيل باللسان واليد وضرب النعال ، بناء على تأويله أنّ الآيةَ شرعت عقوبة للزنا قبل عقوبة الجلد .
واتّفق العلماء على أنّ هذا حكم منسوخ بالجلد المذكور في سورة النور ، وبما ثبت في السنّة من رجم المحصنين وليس تحديد هذا الحكم بغايةِ قوله : { أو يجعل الله لهن سبيلاً } بصارف معنى النسخ عن هذا الحكم كما توهّم ابن العربي ، لأنّ الغاية جعلت مبهمة ، فالمسلمون يترقّبون ورود حكم آخر ، بعد هذا ، لا غِنى لهم عن إعلامهم به .
واعلَمْ أنّ شأن النسخ في العقوبات على الجرائم التي لم تكن فيها عقوبة قبل الإسلام ، أن تنسخ بأثقل منها ، فشرع الحبس والأذى للزناة في هذه السورة ، وشرع الجلد بآية سورة النور ، والجلد أشدّ من الحبس ومن الأذى ، وقد سوّي في الجلد بين المرأة والرجل ، إذ التفرقة بينهما لا وجه لبقائها ، إذ كلاهما قد خرق حكماً شرعياً تبعا لشهوة نفسية أو طاعة لغيره .
ثم إنّ الجلد المعيَّن شرع بآية سورة النور مطلقاً أو عامّا على الاختلاف في محمل التعريف في قوله : { الزانية والزاني } [ النور : 2 ] ؛ فإن كان قد وقع العمل به كذلك في الزناة والزواني : محصنين أو أبكاراً ، فقد نسخه الرجم في خصوص المحصنين منهم ، وهو ثابت بالعمل المتواتر ، وإن كان الجلد لم يعمل به إلاّ في البكرين فقد قيّد أو خصّص بغير المحصنين ، إذ جعل حكمهما الرجم . والعلماء متّفقون على أنّ حكم المحصنين من الرجال والنساء الرجم . والمحصن هو من تزوّج بعقد شرعي صحيح ووقع البناء بعد ذلك العقد بناء صحيحاً . وحكم الرجم ثبت من قبل الإسلام في شريعة التوراة للمرأة إذا زنت وهي ذات زوج ، فقد أخرج مالك ، في «الموطأ» ، ورجال الصحيح كلّهم ، حديث عبد الله بن عمر : أنّ اليهود جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أنّ رجلاً وامرأة زنيا ، فقال رسول الله " ما تجدون في التوراة في شأن الرجم " فقالوا «نفضحهم ويجلدون» فقال عبد الله بن سلام «كذبتم إنّ فيها الرجم» فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له عبد الله بن سلام «ارفع يدك» فرفع يده فإذا فيها آية الرجم . فقالوا : «صدق يا محمد فيها آية الرجم» فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجما وقد ذكر حكم الزنا في سفر التثنية ( 22 ) فقال " إذا وجد رجل مضطجعاً مع امرأة زوجةِ بعللٍ يُقتل الاثنان ، وإذا وجد رجل فتاة عذراء غير مخطوبة فاضطجع معها فوُجدا ، يعطي الرجل الذي اضطجع معها لأبي الفتاة خمسين من الفضّة وتكون هي له زوجة ولا يقدر أن يطلّقها كلّ ايّامه " . وقد ثبت الرجم في الإسلام بما رواه عبادة بن الصامت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خذوا عني خذوا عني . قد جعل الله لهنّ سبيلاً ، البكر بالبكر ضرب مائة وتغريب عام ، والثيّب بالثيّب جلد مائة والرجم " .
ومقتضاه الجمع بين الرجم والجلد ، ولا أحسبه إلاّ توهّما من الراوي عن عبادة أو اشتبه عليه ، وأحسب أنّه لذلك لم يعمل به العلماء فلا يجمع بين الجلد والرجم . ونسب ابن العربي إلى أحمد بن حنبل الجمع بين الرجم والجلد . وهو خلاف المعروف من مذهبه . وعن علي بن أبي طالب أنه جمع بين الجلد والرجم . ولم يصحّ . ثم ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء بالرجم ثلاثة أحاديث : أوّلها قضيّة ماعز بن مالك الأسلمي ، أنّه جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا فأعرض عنه ثلاث مرّات ثم بعث إلى إهله فقال : به جنون؟ قالوا : لا ، وأبكر هو أم ثيّب؟ قالوا : بل ثيِّب . فأمر به فرجم .
الثاني : قضيّة الغامدية ، أنّها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترفت بالزنا وهي حبلى فأمرها أن تذهب حتّى تضع ، ثم حتّى ترضعه ، فلمّا أتمّت رضاعه جاءت فأمر بها فرجمت .
الثالث : حديث أبي هريرة ، وخالد الجهني ، أنّ رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله . وقال الآخر وهو أفقههما : أجَلْ يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله واذَنْ لي في أن أتكلّم؟ قال : تكَلَّمْ . قال : إنّ ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ، ثم إنّي سألت أهلَ العلم فأخبروني أنَمَّا على ابني جلدُ مائة وتغريب عام ، وأخبروني أنّما الرجم على امرأته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَا والذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله ، أمَّا غنمك وجاريتك فرَدٌّ عليك وجلَد ابنه مائة وغربه عاما واغْدُ يا أُنَيْسُ ( هو أُنيْس بن الضَّحاك ويقال ابن مرثد الأَسلَمي ) على زوجةِ هذا ، فإن اعترفت فارجُمها ، فاعترفت فرَجَمَها . قال مالك والعسيف الأجير . هذه الأحاديث مرسل منها اثنان في «الموطأ» ، وهي مسندة في غيره ، فثبت بها وبالعمل حكم الرجم للمحصنَيْن ، قال ابن العربي : هو خبر متواتر نسخ القرآن . يريد أنّه متواتر لدى الصحابة فلتواتره أجمعوا على العمل به . وأمّا ما بلغ إلينا وإلى ابن العربي وإلى من قبله فهو أخبار آحاد لا تبلغ مبلغ متواتر ، فالحقّ أنّ دليل رجم المحصنين هو ما نقل إلينا من إجماع الصحابة وسنتعرّض إلى ذلك في سورة النور ، ولذلك قال بالرجم الشافعي مع أنّه لا يقول بنسخ القرآن بالسّنة .
والقائلون بأنّ حكم الرجم ناسخ لحكم الحبْس في البيوت قائلون بأنّ دليل النسخ هو حديث قد : { جعل الله لهن سبيلاً } وفيه ( والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ) فتضمنّ الجلد ، ونسب هذا القول للشافعي وجماعة ، وأورد الجصّاص على الشافعي أنّه يلزمه أنّ القرآن نُسخ بالسنّة ، وأنّ السنّة نسخت بالقرآن ، وهو لا يرى الأمرين ، وأجاب الخطابي بأنّ آية النساء مغياة ، فالحديث بيَّن الغاية ، وأنّ آية النور نزلت بعد ذلك ، والحديث خصّصها من قبللِ نزولها .
قلت : وعلى هذا تكون آية النور نزلت تقريراً لبعض الحكم الذي في حديث الرجم ، على أنّ قوله : إنّ آية النساء مغيّاة ، لا يُجدي لأنّ الغاية المبهمة لمّا كان بيانها إبطالا لحكم المغيَّي فاعتبارُها اعتبارُ النسخ ، وهل النسخ كلّه إلاّ إيذان بوصول غاية الحكم المرادة لله غير مذكورة في اللفظ ، فذكرها في بعض الأحكام على إبهامها لا يكسو النزول غير شعار النسخ . وقال بعضهم شُرع الأذى ثم نسخ بالحبس في البيوت وإن كان في القراءة متأخّرا . وهذا قول لا ينبغي الالتفات إليه فلا مخلص من هذا الإشكال إلاّ بأن نجعل إجماع الصحابة على ترك الإمساك في البيوت ، وعلى تعويضه بالحدّ في زمان النبوءة فيؤول إلى نسخ القرآن بالسنّة المتواترة ، ويندفع ما أورده الجصَّاص على الشافعي ، فإنّ مخالفة الإجماع للنصّ تتضمّن أنّ مستند الإجماع ناسخ للنصّ .
ويتعيّن أن يكون حكم الرجم للمحصَن شرع بعد الجلد ، لأنّ الأحاديث المروية فيه تضمّنت التغريب مع الجَلد ، ولا يتصوّر تغريب بعد الرجم ، وهو زيادة لا محالة لم يذكرها القرآن ، ولذلك أنكر أبو حنيفة التغريب لأنّه زيادة على النصّ فهو نسخ عنده . قال ابن العربي في الأحكام : أجمع رأي خيار بني إسماعيل على أنّ من أحدث حدثا في الحرم يغرّب منه ، وتمادى ذلك في الجاهلية فكان كلّ من أحدث حدثاً غرّب من بلده إلى أن جاء الإسلام فأقرّه في الزنا خاصَّة . قلت : وكان في العرب الخَلع وهو أن يُخلع الرجل من قبيلته ، ويشهدون بذلك في الموسم ، فإن جرّ جريرة لا يطالب بها قومه ، وإن اعتدي عليه لا يطلب قومه دية ولا نحوها ، وقد قال امرؤ القيس :
به الذيب يَعْوِي كالخَليع المُعَيَّلِ ... واتّفقوا على أنّ المرأة لا تغرّب لأنّ تغريبها ضيعة ، وأنكر أبو حنيفة التغريب لأنّه نقْل ضرّ من مكان إلى آخر وعوّضه بالسجن ولا يعرف بين أهل العلم الجمع بين الرجم والضرب ولا يظنّ بشريعة الإسلام ذلك ورُوي أنّ عليّا جَلد شراحة الهمْدانية ورجمها بعد الجلد ، وقال : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله .
وقرن بالفاء خبر الموصولين من قوله : { فاستشهدوا } وقوله { فآذوهما } لأنّ الموصول أشرب معنى الشرط تنبيها على أنّ صلة الموصول سبب في الحكم الدالّ عليه خبره ، فصار خبر الموصول مثل جواب الشرط ويظهر لي أنّ ذلك عندما يكون الخبر جملة ، وغير صالحة لمباشرة أدوات الشرط ، بحيث لو كانت جزَاء للزم اقترانها بالفاء . هكذا وجدنا من استقراء كلامهم ، وهذا الأسلوب إنّما يقع في الصلات التي تُومِىء إلى وجه بناء الخبر ، لأنّها التي تعطي رائحة التسبّب في الخبر الوارد بعدها .
ولك أن تجعل دخول الفاء علامة على كون الفاء نائبة عن ( أَمَّا ) .
ومن البيّن أنّ إتيانَ النساء بالفاحشة هو الذي سبّب إمساكهن في البيوت ، وإن كان قد بني نظم الكلام على جعل { فاستشهدوا عليهن } هو الخبر ، لكنّه خبر صوري وإلاّ فإنّ الخبر هو { فأمسكوهن } ، لكنّه جيء به جواباً لشرط هو متفرّع على { فإن شهدوا } ففاء { فاستشهدوا } هي الفاء المشبّهة لفاء الجواب ، وفاء { فإن شهدوا } تفريعية ، وفاء { فأمسكوهن } جزائية ، ولولا قصد الاهتمام بإعداد الشهادة قبل الحكم بالحبس في البيوت لقيل : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فأمسكوهنّ في البيوت إن شهد عليهنّ أربعة منكم .
- إعراب القرآن : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
«وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ» اسم موصول مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى أو مبني على الكسر في محل رفع وجملة
«يَأْتِيانِها مِنْكُمْ» صلة الموصول ومنكم متعلقان بمحذوف حال «فَآذُوهُما» الجملة خبر المبتدأ اللذان «فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا» تابا فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والألف فاعل وأصلحا عطف وجملة «فَأَعْرِضُوا عَنْهُما» في محل جزم جواب الشرط «إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً» تقدم إعراب ما يشبهها.
- English - Sahih International : And the two who commit it among you dishonor them both But if they repent and correct themselves leave them alone Indeed Allah is ever Accepting of repentance and Merciful
- English - Tafheem -Maududi : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا(4:16) Punish both of those among you who are guilty of this sin, then if they repent and mend their ways, leave them alone. For Allah is always ready to accept repentance. He is All-Compassionate. *26
- Français - Hamidullah : Les deux d'entre vous qui l'ont commise [la fornication] sévissez contre eux S'ils se repentent ensuite et se réforment alors laissez-les en paix Allah demeure Accueillant au repentir et Miséricordieux
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und die beiden von euch die es begehen - züchtigt sie Wenn sie dann bereuen und sich bessern so laßt von ihnen ab Gewiß Allah ist Reue-Annehmend und Barmherzig
- Spanish - Cortes : Si dos de los vuestros la cometen castigad a ambos severamente Pero si se arrepienten y enmiendan dejadles en paz Alá es indulgente misericordioso
- Português - El Hayek : E àqueles dentre vós que o cometerem homens e mulheres punios; porém caso se arrependam e se corrijam deixaios tranqüilos porque Deus é Remissório Misericordiosíssimo
- Россию - Кулиев : Если двое из вас совершат такой поступок прелюбодеяние то подвергните обоих наказанию Если они раскаются и станут поступать праведно то оставьте их ведь Аллах - Принимающий покаяния Милосердный
- Кулиев -ас-Саади : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
Если двое из вас совершат такой поступок (прелюбодеяние), то подвергните обоих наказанию. Если они раскаются и станут поступать праведно, то оставьте их, ведь Аллах - Принимающий покаяния, Милосердный.Если мусульманин и мусульманка совершат этот мерзкий поступок, то оба они должны понести наказание. Их следует упрекнуть, опозорить и побить для того, чтобы удержать от повторения этого преступления. Из сказанного следует, что изначально мужчин, совершивших прелюбодеяние, полагалось наказывать, а женщин - содержать под домашним арестом. Срок домашнего ареста продолжался до кончины женщины, а мужчину продолжали наказывать и порицать до тех пор, пока он не раскается и не станет праведным человеком. Если же оба прелюбодея раскаивались в своем преступлении, сожалели о содеянном, твердо вознамеривались не повторять этот грех и совершали праведные поступки, свидетельствующие об искренности их покаяния, то мусульманам было велено не причинять им больше страдания, ведь Аллах прощает грешникам многие прегрешения и обладает великой милостью. Одним из проявлений Его добродетели является то, что Он вдохновляет грешников на покаяние, принимает их покаяния и отпускает им совершенные грехи. Из этого и предыдущего аятов вытекает, что для обвинения в прелюбодеянии необходимо свидетельство четырех верующих мужчин. Безусловно, все они должны быть справедливыми людьми. Всевышний усложнил обвинение в совершении этого мерзкого поступка, чтобы покрыть Своих рабов. С этой же целью Он велел не принимать свидетельства женщин, даже если они свидетельствуют наряду с мужчинами, которых меньше четырех. Из достоверных хадисов известно, что при даче показаний свидетель обязан ясно произнести свидетельство. В аяте же содержится намек на это: «Против тех из ваших женщин, которые совершат мерзкий поступок (прелюбодеяние), призовите в свидетели четырех из вас» (4:15). Однако Аллах не довольствовался этим и сказал: «Если они засвидетельствуют это, то держите их в домах» (4:15). Это значит, что для обвинения в прелюбодеянии свидетели должны недвусмысленно засвидетельствовать то, что они видели воочию, не используя намеков и образных выражений. Из этих аятов также следует, что Аллах узаконил порицание словами, телесное наказание и арест для некоторых видов преступлений, от которых людей следует предостерегать.
- Turkish - Diyanet Isleri : İçinizden zina eden iki kimseye eziyet edin tevbe edip düzeltirlerse onları bırakın Doğrusu Allah tevbeleri daima kabul ve merhamet eder
- Italiano - Piccardo : E se sono due dei vostri a commettere infamità puniteli; se poi si pentono e si ravvedono lasciateli in pace Allah è perdonatore misericordioso
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهو ژن و پیاوهتان یان ئهو کوڕ و کچهتان که زینایان له دهست دهقهومێت ئهوه ئێوه لێیان بدهن و ئازاریان بدهن خۆ ئهگهر تهوبهیان کردو خۆیان پهروهرده و چاککرد ئهوه ئێوه وازیان لێ بهێنن تهعنهیان لێ مهدهن بهچاوی سوک تهماشایان مهکهن چونکه بهڕاستی خوا ههمیشه تهوبه وهرگره و بهڕهحم و میهرهبانیشه
- اردو - جالندربرى : اور جو دو مرد تم میں سے بدکاری کریں تو ان کو ایذا دو۔ پھر اگر وہ توبہ کرلیں اور نیکوکار ہوجائیں تو ان کا پیچھا چھوڑ دو۔ بےشک خدا توبہ قبول کرنے والا اور مہربان ہے
- Bosanski - Korkut : A ako dvoje to učine izgrdite ih; pa ako se pokaju i poprave onda ih na miru ostavite jer Allah prima pokajanje i samilostan je
- Swedish - Bernström : Om två begått en sådan handling straffa dem båda Men lämna dem i fred om de ångrar sin handling och bättrar sig Gud tar i Sin barmhärtighet emot den ångerfulles ånger
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan terhadap dua orang yang melakukan perbuatan keji di antara kamu maka berilah hukuman kepada keduanya kemudian jika keduanya bertaubat dan memperbaiki diri maka biarkanlah mereka Sesungguhnya Allah Maha Penerima taubat lagi Maha Penyayang
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
(Dan mengenai dua orang) dengan nun yang memakai atau tanpa tasydid (yang melakukannya) maksudnya perbuatan keji, yaitu berzina atau homoseksual (di antara kamu) maksudnya kaum lelaki (maka berilah mereka hukuman) dengan mencela dan memukul mereka dengan terompah. (Kemudian jika mereka bertobat) daripadanya (dan memperbaiki perbuatan mereka) (maka tinggalkanlah mereka) dan jangan disakiti lagi. (Sesungguhnya Allah Maha Penerima tobat) terhadap orang yang sadar (lagi Maha Penyayang) kepadanya. Ayat ini telah dihapus/dimansukh hukumnya dengan ayat had, jika yang dimaksud karena berzina. Demikian pula menurut Syafii jika yang dimaksud karena homoseksual. Hanya menurutnya pula, orang yang "dikerjai" tidaklah dirajam walaupun telah beristri, hanya dipukul dan diasingkan. Bahwa yang dimaksud itu homoseksual lebih kuat dengan alasan adanya dhamir tatsniah huma dan lain-lain. Menurut golongan yang pertama yang dimaksud dengan kedua mereka itu ialah pezina yang laki-laki dan yang perempuan. Tetapi pendapat ini ditolak oleh golongan Syafii dengan penjelasan yang diberikan kemudian dengan hubungannya yang berkaitan dengan dhamir laki-laki dan berserikatnya kedua mereka dalam menerima hukuman, bertobat dan diisolir. Dan ini khusus bagi pihak laki-laki, karena sebagaimana kita ketahui bagi pihak wanita ialah tahanan rumah.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তোমাদের মধ্য থেকে যে দু’জন সেই কুকর্মে লিপ্ত হয় তাদেরকে শাস্তি প্রদান কর। অতঃপর যদি উভয়ে তওবা করে এবং নিজেদের সংশোধন করে তবে তাদের থেকে হাত গুটিয়ে নাও। নিশ্চয় আল্লাহ তওবা কবুলকারী দয়ালু।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : உங்களில் அதை விபச்சாரத்தை செய்துவிடக்கூடிய இருவருக்கும் தண்டனை கொடுங்கள்; அவ்விருவரும் தாம் செய்த குற்றத்தை நினைத்து வருந்தி தவ்பா செய்து தங்களை திருத்திக் கொண்டால் அவர்களை விட்டு விடுங்கள் நிச்சயமாக அல்லாஹ் மன்னிப்போனும் கிருபையுடையோனுமாக இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และชายสองคนในหมู่ของพวกเจ้าที่กระทำการลามก นั้น พวกเจ้าจงลงโทษเขาเสียทั้งสองคน หากทั้งสองสำนึกผิดกลับเนื้อกลับตัวและปรับปรุงแก้ไขแล้ว ก็จงระงับการลงโทษเขาทั้งสองเสีย แท้จริงอัลลอฮฺนั้นเป็นผู้ทรงอภัยโทษ ผู้ทรงเมตตาเสมอ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Сизлардан ўшаФоҳиша ишни қилган икки эркакка озор беринглар Агар икковлари тавба қилсалар ва тузалсалар уларни тек қўйинг Албатта Аллоҳ тавбаларни қабул қилувчи ва раҳмли зотдир Бу оятдаги фоҳиша ишдан кўз тутилган нарса бачабозликдир Бу разилат ҳам кенг тарқалган жиноятлардан бўлган Озор беринглар дегани–сўкиш айблаш қўлга тушган нарсалар билан уриш деганидир ва булар вақтинчалик чора ҳисобланган Ишончли ҳадис китобларининг соҳиблари Абдуллоҳ ибн Аббосдан р а ривоят қилган ҳадисда Пайғамбаримиз алайҳиссалом Кимнинг Лут қавми амалини қилаётганини кўрсангиз қилувчини ҳам қилинувчини ҳам ўлдиринг деганлар Аммо ушбу оятда кўрсатилган вақтинчалик чора бўйича озор бергандан сўнг улар Агар икковлари тавба қилсалар ва тузалсалар уларни тек қўйинг
- 中国语文 - Ma Jian : 你们的男人,若作丑事,你们应当责备他们俩;如果他们俩悔罪自新,你们就应当原谅他们俩。真主确是至宥的,确是至慈的。
- Melayu - Basmeih : Dan manamana dua orang di antara kamu yang melakukan perbuatan yang keji itu setelah sabit kesalahannya maka hendaklah kamu menyakiti keduanya; kemudian jika mereka bertaubat dan memperbaiki keadaan diri mereka yang buruk itu maka biarkanlah mereka; kerana sesungguhnya Allah adalah sentiasa Menerima taubat lagi Maha Luas rahmatNya
- Somali - Abduh : Labadii la Timaadda Xumaanta Zinada oo idinka mid ah Dhiba Hadayse Toobadkeenaan ooy Wanaagsanaadaan ka Jeedsada Xagooda Eebana waa Toobad aqbale Naxariista
- Hausa - Gumi : Kuma waɗanda mazã biyu suka je mata daga ku to ku cũtar da su sa'an nan idan sun tũba kuma suka kyautata hãlãyensu sai ku kau da kai da ga barinsu Lalle ne Allah Yã kasance Mai kaɓar tũba ne Mai jin ƙai
- Swahili - Al-Barwani : Na wawili kati yenu wafanyao hayo waadhibuni Na wakitubia wakatengenea basi waacheni Hakika Mwenyezi Mungu ni Mwingi wa kupokea toba Mwenye kurehemu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dhe ata dy prej jush që kanë bërë këtë punë të turpshme mundoni ata me qortim; e nëse pendohen dhe përmirësohen lironi nga të munduarit ata Se Perëndia pranon pendimin dhe është mëshirues
- فارسى - آیتی : و آن دو تن را كه مرتكب آن عمل شدهاند، بيازاريد. و چون توبه كنند و به صلاح آيند از آزارشان دست برداريد زيرا خدا توبهپذير و مهربان است.
- tajeki - Оятӣ : Ва он ду танро, ки муртакиби он амал шудаанд, биёзоред. Ва чун тавба кунанд ва ба салоҳ оянд, аз озорашон даст бардоред, зеро Худо тавбапазиру меҳрубон аст.
- Uyghur - محمد صالح : ئاراڭلاردا ئىككى كىشى (يەنى ئەر بىلەن ئايال) پاھىشە قىلسا، ئۇلارنى ئەيىبلەڭلار؛ ئەگەر ئۇلار تەۋبە قىلىپ تۈزەلسە، ئۇلارنى كەچۈرۈڭلار، اﷲ تەۋبىنى بەكمۇ قوبۇل قىلغۇچىدۇر، تولىمۇ مېھرىباندۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിങ്ങളില്നിന്ന് ഈ ഹീനവൃത്തിയിലേര്പ്പെടുന്ന ഇരുവരെയും നിങ്ങള് പീഡിപ്പിക്കുക. അവരിരുവരും പശ്ചാത്തപിക്കുകയും സ്വയം നന്നാവുകയും ചെയ്താല് നിങ്ങളവരെ വെറുതെ വിട്ടേക്കുക. അല്ലാഹു പശ്ചാത്താപം സ്വീകരിക്കുന്നവനും ദയാപരനുമാകുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : واللذان يقعان في فاحشه الزنى فاذوهما بالضرب والهجر والتوبيخ فان تابا عما وقع منهما واصلحا بما يقدمان من الاعمال الصالحه فاصفحوا عن اذاهما ويستفاد من هذه الايه والتي قبلها ان الرجال اذا فعلوا الفاحشه يوذون والنساء يحبسن ويوذين فالحبس غايته الموت والاذيه نهايتها الى التوبه والصلاح وكان هذا في صدر الاسلام ثم نسخ بما شرع الله ورسوله وهو الرجم للمحصن والمحصنه وهما الحران البالغان العاقلان اللذان جامعا في نكاح صحيح والجلد مائه جلده وتغريب عام لغيرهما ان الله كان توابا على عباده التائبين رحيما بهم
*26). In these two verses (15-16) the first, preliminary directives for the punishment for unlawful sexual intercourse are stated. The first verse deals with women. The punishment laid down was to confine them until further directives were revealed. The second verse (i.e. 16) relates to both sexes. The injunction lays down that they should be punished - that is, they should be beaten and publicly reproached. Later, another injunction was revealed (see Surah al-Nur 24: 2) which laid down that both the male and female should be given a hundred lashes. These injunctions are necessarily of a preliminary nature since the people of Arabia were neither used to obeying the orders of any established government, the verdicts of any courts of law nor to following any legal code; it would therefore have been unwise to try to force acceptance of a penal code upon them so soon after the establishment of the Islamic state. In due course, the punishments for unlawful sexual intercourse, for slanderous accusations of unchastity against women, and for theft were laid down in their definitive form and served as the basis of that detailed penal code which was enforced by the Prophet (peace be on him) and the Rightly-Guided Caliphs.
The apparent difference between the contents of the two verses led al-Suddi to the misconceived belief that the first verse lays down the punishment for married women, and the second that for unmarried men and women. This is a tenuous explanation unsupported by any serious evidence and argument. Even less convincing is the opinion expressed by Abu Muslim al-Isfahani that the first verse relates to lesbian relations between females, and the second to homosexual relations between males. It is strange that al-Isfahani ignored the basic fact that the Qur'an seeks merely to chart a broad code of law and morality and hence deals only with fundamental questions. It is inconsistent with the majestic style of the Qur'an to discuss secondary details which have been left to people to decide through the exercise of their legal judgement. It is for this reason that when the problem of fixing a punishment for sodomy came up for consideration after the time of the Prophet (peace be on him), none of the Companions thought that the above-mentioned verse contained any relevant injunction.