- عربي - نصوص الآيات عثماني : ۞ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ ٱلْأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعًۢا بَصِيرًا
- عربى - نصوص الآيات : ۞ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ۚ إن الله نعما يعظكم به ۗ إن الله كان سميعا بصيرا
- عربى - التفسير الميسر : إن الله تعالى يأمركم بأداء مختلف الأمانات، التي اؤتمنتم عليها إلى أصحابها، فلا تفرطوا فيها، ويأمركم بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط، إذا قضيتم بينهم، ونِعْمَ ما يعظكم الله به ويهديكم إليه. إن الله تعالى كان سميعًا لأقوالكم، مُطَّلعًا على سائر أعمالكم، بصيرًا بها.
- السعدى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به. فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله. وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها. قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك. وفي قوله: { إِلَى أَهْلِهَا } دلالة على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن، ووكيلُه بمنزلته؛ فلو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديا لها. { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض، القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد، والبر والفاجر، والولي والعدو. والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام، وهذا يستلزم معرفة العدل ليحكم به. ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة قال: { إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون.
- الوسيط لطنطاوي : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
وبعد هذا الحديث الجامع عن أحوال أهل الكتاب من اليهود، وجه القرآن جملة من الأوامر الحكيمة إلى المؤمنين، فقال- تعالى-:
قال ابن كثير- عند تفسيره للآية الأولى-: ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة. وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبى طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم. وسبب نزولها فيه: حين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة منه يوم الفتح ثم رده عليه.
ثم قال: قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر عن عبيد الله بن أبى ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى أتى إلى البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده. فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ مفتاح الكعبة منه ففتحت له فدخلها.
ثم قام على باب الكعبة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. صدق وعده. ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين: إلا سدانة البيت وسقاية الحاج.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة؟ فدعى له. فقال: هاك مفتاحك يا عثمان!! اليوم يوم بر ووفاء.
هذا ونزول الآية الكريمة في هذا السبب الخاص لا يمنع عمومها إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
والأمانات: جمع أمانة وهي مصدر سمى به المفعول. فهي بمعنى ما يؤتمن الإنسان عليه.
والمعنى: إن الله تعالى- يأمركم- أيها المؤمنون- أن تؤدوا ما ائتمنتم عليه من الحقوق سواء أكانت هذه الحقوق لله- تعالى- أم للعباد. وسواء أكانت فعلية أم قولية أم اعتقادية.
وقد أسند- سبحانه- الأمر إليه مع تأكيده، اهتماما بالمأمور به، وحضا للناس على أداء ما يؤتمنون عليه من علم ومال، وودائع، وأسرار، وغير ذلك مما يقع في دائرة الائتمان، وتنبغي المحافظة عليه.
ومعنى أدائها إلى أهلها: توصيلها إلى أصحابها كما هي من غير بخس أو تطفيف أو تحريف أو غير ذلك مما يتنافى مع أدائها بالطريقة التي ترضى الله- تعالى-.
ومن الآيات القرآنية التي نوهت بشأن الأمانة وأمرت بأدائها وحفظها قوله- تعالى-:
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ.
وقوله- تعالى- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ. أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ .
وأما الأحاديث فمنها ما رواه الترمذي والنسائي عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم» .
وروى الترمذي وأبو داود عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) .
وقوله: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ أمر بإيصال الحقوق المتعلقة بذمم الغير إلى أصحابها إثر الأمر بإيصال الحقوق المتعلقة بذممهم.
وقوله حَكَمْتُمْ من الحكم ومعناه الفصل بين المتنازعين، وإظهار الحق لصاحبه.
وقوله بِالْعَدْلِ أى بالحق الذي أوجبه الله عليكم. وأصل العدل: التسوية. يقال: عدل كذا بكذا أى سواه به.
قال الجمل وقوله: وَإِذا حَكَمْتُمْ إذا معمول لمقدر على مذهب البصريين من أن ما بعد أن المصدرية لا يعمل فيما قبلها والتقدير: وأن تحكموا بالعدل إذا حكمتم بين الناس. أو معمول للمذكور على مذهب الكوفيين من إجازة عمل ما بعد أن فيما قبلها.
والمعنى: وكما أمركم الله- تعالى- أيها المؤمنون بأداء الأمانات إلى أهلها، فإنه يأمركم- أيضا- إذا حكمتم بين الناس أن تجعلوا حكمكم قائما على الحق والعدل، فإن الله- تعالى- ما أقام ملكه إلا عليهما، ولأن الأحكام إذا صاحبها الجور والظلم أدت إلى شقاء الأفراد والجماعات.
قال بعض العلماء: يرى بعضهم: أن الخطاب في هذا النص موجه إلى الذين يحكمون، وهم الحكام من ولاة وقضاة وغيرهم ممن يلون الحاكم. ولا مانع عندنا من أن يكون الخطاب موجها إلى الأمة كلها، لأن الأمة العزيزة التي تتولى أمور نفسها من غير تحكم من ملك أو طاغ قاهر، هي محكومة ومحكمة. فهي التي تختار حاكمها وهي في هذا محكمة، مطلوب منها العدل، فلا تختار لهوى أو لعطاء أو لمصلحة شخصية أيا كان نوعها. وهي محكمة في حاكمها فلا تقول فيه إلا حقا، ولا تطالبه إلا بما هو حق لا جور فيه، ولا تشتط في نقده، ولا تسكن عن نصيحته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
وحديث القرآن عن وجوب إقامة العدل ودفع الظلم حديث مستفيض. قال تعالى-:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ .
وقال- تعالى- يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى.
وقال- تعالى- وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى.
وقال- تعالى- وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا. اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى.
وأما حديث السنة النبوية عن ذلك فهو أيضا مستفيض. ومن الأحاديث التي وردت في هذا المعنى ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن. وكلتا يديه يمين. الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» .
وقوله إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ جملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها، متضمنة لمزيد اللطف بالمخاطبين، وحسن استدعائهم إلى الامتثال لما أمروا به وقوله إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ جملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها، متضمنة لمزيد اللطف بالمخاطبين، وحسن استدعائهم إلى الامتثال لما أمروا به وقوله نِعِمَّا أصله نعم ما فركبت نعم مع ما بعد طرح حركة الميم الأولى وتنزيلها منزلة الكلمة الواحدة ثم أدغمت الميمان وحركت العين الساكنة بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين.
وما إما منصوبة موصوفة بقوله يَعِظُكُمْ فكأنه قيل: نعم شيئا يعظكم به.
وإما مرفوعة موصولة فكأنه قيل: نعم الشيء الذي يعظكم به.
والمخصوص بالمدح محذوف وهو أداء الأمانة إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل.
والوعظ: التذكير بالخير، والتحذير من الشر، بأسلوب يرق له القلب.
والمعنى: إن الله- تعالى- قد أمركم- يا معشر المؤمنين- بأداء الأمانة، وبالحكم بالعدل، ولنعماهما شيئا جليلا يذكركم به، ويدعوكم إليه.
وقوله- تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً وعد للطائعين ووعيد للعاصين.
أى: إن الله- تعالى- كان سميعا لأقوالكم في الأحكام وفي غيرها. بَصِيراً بكل أحوالكم وتصرفاتكم. وسيجازيكم بما تفعلونه من خير أو شر.
- البغوى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
قوله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار ، وكان سادن الكعبة ، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح ، فقيل : إنه مع عثمان ، فطلبه منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى ، وقال : لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح ، فلوى علي رضي الله عنه يده فأخذ منه المفتاح وفتح الباب فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس المفتاح ، أن يعطيه ويجمع له بين السقاية والسدانة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ، ففعل ذلك علي رضي الله عنه ، فقال له عثمان : أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق ، فقال علي : لقد أنزل الله تعالى في شأنك قرآنا وقرأ عليه الآية ، فقال عثمان : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وكان المفتاح معه ، فلما مات دفعه إلى أخيه شيبة ، فالمفتاح والسدانة في أولادهم إلى يوم القيامة .
وقيل : المراد من الآية جميع الأمانات . أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي الزراد ، أنا أبو بكر محمد بن إدريس الجرجاني وأبو أحمد بن محمد بن أحمد المعلم الهروي ، قال : أنا أبو الحسن علي بن عيسى الماليني ، أنا الحسن بن سفيان النسوي ، أنا شيبان بن أبي شيبة ، أخبرنا أبو هلال عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : كلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له " .
قوله تعالى : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) أي : بالقسط ، ( إن الله نعما ) أي : نعم الشيء الذي ( يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنا أبو جعفر محمد بن حمد بن عبد الجبار الزيات ، أنا حميد بن زنجويه ، حدثنا ابن عباد ، ثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن أوس ، أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المقسطون عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، هم الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسا إمام عادل ، وإن أبغض الناس إلى الله وأشدهم عذابا إمام جائر " .
- ابن كثير : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها ، وفي حديث الحسن ، عن سمرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " . رواه الإمام أحمد وأهل السنن وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان ، من حقوق الله ، عز وجل ، على عباده ، من الصلوات والزكوات ، والكفارات والنذور والصيام ، وغير ذلك ، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد ، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك . فأمر الله ، عز وجل ، بأدائها ، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة ، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لتؤدن الحقوق إلى أهلها ، حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عبد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله بن مسعود قال : إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة ، يؤتى بالرجل يوم القيامة - وإن كان قد قتل في سبيل الله - فيقال : أد أمانتك . فيقول وأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا ؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم ، فيهوي إليها فيحملها على عاتقه . قال : فتنزل عن عاتقه ، فيهوي على أثرها أبد الآبدين . قال زاذان : فأتيت البراء فحدثته فقال : صدق أخي : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) .
وقال : سفيان الثوري ، عن ابن أبي ليلى عن رجل ، عن ابن عباس قوله : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال : هي مبهمة للبر والفاجر . وقال محمد بن الحنفية : هي مسجلة للبر والفاجر . وقال أبو العالية : الأمانة ما أمروا به ونهوا عنه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : قال أبي بن كعب : من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها .
وقال الربيع بن أنس : هي من الأمانات فيما بينك وبين الناس .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال : قال : يدخل فيه وعظ السلطان النساء . يعني يوم العيد . وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة - واسم أبي طلحة عبد الله - بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري ، حاجب الكعبة المعظمة ، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم ، أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية وفتح مكة ، هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص ، وأما عمه عثمان بن أبي طلحة ، فكان معه لواء المشركين يوم أحد ، وقتل يومئذ كافرا . وإنما نبهنا على هذا النسب ; لأن كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليهم هذا بهذا ، وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة يوم الفتح ، ثم رده عليه .
وقال محمد بن إسحاق في غزوة الفتح : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن صفية بنت شيبة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس ، خرج حتى جاء البيت ، فطاف به سبعا على راحلته ، يستلم الركن بمحجن في يده ، فلما قضى طوافه ، دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، ففتحت له ، فدخلها ، فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها ، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف له الناس في المسجد .
قال ابن إسحاق : فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى ، فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج " . وذكر بقية الحديث في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ، إلى أن قال : ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال : يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، صلى الله عليك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين عثمان بن طلحة ؟ " فدعي له ، فقال له : " هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم وفاء وبر " .
قال ابن جرير : حدثني القاسم حدثنا الحسين ، عن حجاج ، عن ابن جريج [ قوله : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) ] قال : نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة ، فدخل به البيت يوم الفتح ، فخرج وهو يتلو هذه فدعا عثمان إليه ، فدفع إليه المفتاح ، قال : وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة ، وهو يتلو هذه الآية : فداه أبي وأمي ، ما سمعته يتلوها قبل ذلك .
حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا الزنجي بن خالد ، عن الزهري قال : دفعه إليه وقال : أعينوه .
وروى ابن مردويه ، من طريق الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس في قول الله عز وجل : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، فلما أتاه قال : " أرني المفتاح " . فأتاه به ، فلما بسط يده إليه قام العباس فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، اجمعه لي مع السقاية . فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرني المفتاح يا عثمان " . فبسط يده يعطيه ، فقال العباس مثل كلمته الأولى ، فكف عثمان يده . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا عثمان ، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح " . فقال : هاك بأمانة الله . قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح باب الكعبة ، فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما للمشركين قاتلهم الله . وما شأن إبراهيم وشأن القداح " . ثم دعا بجفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه فيه ، ثم غمس به تلك التماثيل ، وأخرج مقام إبراهيم ، وكان في الكعبة فألزقه في حائط الكعبة ثم قال : " يا أيها الناس ، هذه القبلة " . قال : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت شوطا أو شوطين ثم نزل عليه جبريل ، فيما ذكر لنا برد المفتاح ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) حتى فرغ من الآية .
وهذا من المشهورات أن هذه الآية نزلت في ذلك ، وسواء كانت نزلت في ذلك أو لا فحكمها عام ; ولهذا قال ابن عباس ومحمد بن الحنفية : هي للبر والفاجر ، أي : هي أمر لكل أحد .
وقوله : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس ; ولهذا قال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب : إنما نزلت في الأمراء ، يعني الحكام بين الناس .
وفي الحديث : " إن الله مع الحاكم ما لم يجر ، فإذا جار وكله إلى نفسه " وفي الأثر : عدل يوم كعبادة أربعين سنة .
وقوله : ( إن الله نعما يعظكم به ) أي : يأمركم به من أداء الأمانات ، والحكم بالعدل بين الناس ، وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة .
وقوله : ( إن الله كان سميعا بصيرا ) أي : سميعا لأقوالكم ، بصيرا بأفعالكم ، كما قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرئ هذه الآية ( سميعا بصيرا ) يقول : بكل شيء بصير .
وقد قال ابن أبي حاتم : أخبرنا يحيى بن عبدك القزويني ، أنبأنا المقرئ - يعني أبا عبد الرحمن - عبد الله بن يزيد ، حدثنا حرملة - يعني ابن عمران - التجيبي المصري - حدثنا أبو يونس ، سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) إلى قوله : ( إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) ويضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ويقول : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع أصبعيه . قال أبو زكريا : وصفه لنا المقري ، ووضع أبو زكريا إبهامه اليمنى على عينه اليمنى ، والتي تليها على الأذن اليمنى ، وأرانا فقال : هكذا وهكذا .
رواه أبو داود ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه ، وابن مردويه في تفسيره ، من حديث أبي عبد الرحمن المقري بإسناده - نحوه وأبو يونس هذا مولى أبي هريرة ، واسمه سليم بن جبير .
- القرطبى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات هذه الآية من أمهات الأحكام تضمنت جميع الدين والشرع . وقد اختلف من المخاطب بها ؛ فقال علي بن أبي طالب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب وابن زيد : هذا خطاب لولاة المسلمين خاصة ، فهي للنبي صلى الله عليه وسلم وأمرائه ، ثم تتناول من بعدهم . وقال ابن جريج وغيره : ذلك خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة في أمر مفتاح الكعبة حين أخذه من عثمان بن أبي طلحة الحجبي العبدري من بني عبد الدار ومن ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وكانا كافرين وقت فتح مكة ، فطلبه العباس بن عبد المطلب لتنضاف له السدانة إلى السقاية ؛ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فكسر ما كان فيها من الأوثان ، وأخرج مقام إبراهيم ونزل عليه جبريل بهذه الآية . قال عمر بن الخطاب : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية ، وما كنت سمعتها قبل منه ، فدعا عثمان وشيبة فقال : خذاها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم . وحكى مكي : أن شيبة أراد ألا يدفع المفتاح ، ثم دفعه ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : خذه بأمانة الله . وقال ابن عباس : الآية في الولاة خاصة في أن يعظوا النساء في النشوز ونحوه ويردوهن إلى الأزواج . والأظهر في الآية أنها عامة في جميع الناس فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال ورد الظلامات والعدل في الحكومات . وهذا اختيار الطبري . وتتناول من دونهم من الناس في حفظ الودائع والتحرز في الشهادات وغير ذلك ، كالرجل يحكم في نازلة ما ونحوه ؛ والصلاة والزكاة وسائر العبادات أمانة الله تعالى . وروي هذا المعنى مرفوعا من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها أو قال : ( كل شيء إلا الأمانة - والأمانة في الصلاة والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع ) . ذكره أبو نعيم الحافظ في الحلية . وممن قال إن الآية عامة في الجميع البراء بن عازب وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب قالوا : الأمانة في كل شيء في الوضوء والصلاة والزكاة والجنابة والصوم والكيل والوزن والودائع ، وقال ابن عباس : لم يرخص الله لمعسر ولا لموسر أن يمسك الأمانة .
قلت : وهذا إجماع . وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها الأبرار منهم والفجار ؛ قاله ابن المنذر . والأمانة مصدر بمعنى المفعول فلذلك جمع . ووجه النظم بما تقدم أنه تعالى أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقولهم : إن المشركين أهدى سبيلا ، فكان ذلك خيانة منهم فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات ؛ فالآية شاملة بنظمها لكل أمانة وهي أعداد كثيرة كما ذكرنا . وأمهاتها في الأحكام : الوديعة واللقطة والرهن والعارية . وروى أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك . أخرجه الدارقطني . ورواه أنس وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في " البقرة " معناه . وروى أبو أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع : العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم . صحيح أخرجه الترمذي وغيره . وزاد الدارقطني : فقال رجل : فعهد الله ؟ قال : ( عهد الله أحق ما أدي ) . وقال بمقتضى هذه الآية والحديث في رد الوديعة وأنها مضمونة على كل حال كانت مما يغاب عليها أو لا يغاب تعدى فيها أو لم يتعد - عطاء والشافعي وأحمد وأشهب . وروي أن ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما ضمنا الوديعة . وروى ابن القاسم عن مالك أن من استعار حيوانا أو غيره مما لا يغاب عليه فتلف عنده فهو مصدق في تلفه ولا يضمنه إلا بالتعدي . وهذا قول الحسن البصري والنخعي ، وهو قول الكوفيين والأوزاعي قالوا : ومعنى قوله عليه السلام : العارية مؤداة هو كمعنى قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها . فإذا تلفت الأمانة لم يلزم المؤتمن غرمها لأنه مصدق فكذلك العارية إذا تلفت من غير تعد ؛ لأنه لم يأخذها على الضمان ، فإذا تلفت بتعديه عليها لزمه قيمتها لجنايته عليها . وروي عن علي وعمر وابن مسعود أنه لا ضمان في العارية . وروى الدارقطني عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا ضمان على مؤتمن . واحتج الشافعي فيما استدل به بقول صفوان للنبي صلى الله عليه وسلم لما استعار منه الأدراع : أعارية مضمونة أو عارية مؤداة ؟ فقال : ( بل عارية مؤداة ) .
الثانية : قوله تعالى : وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل قال الضحاك : بالبينة على المدعي واليمين على من أنكر . وهذا خطاب للولاة والأمراء والحكام ، ويدخل في ذلك بالمعنى جميع الخلق كما ذكرنا في أداء الأمانات . قال صلى الله عليه وسلم : إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا . وقال : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهله وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة عنه والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته . فجعل في هذه الأحاديث الصحيحة كل هؤلاء رعاة : وحكاما على مراتبهم ، وكذلك العالم الحاكم ؛ لأنه إذا أفتى حكم وقضى وفصل بين الحلال والحرام ، والفرض والندب ، والصحة والفساد ، فجميع ذلك أمانة تؤدى وحكم يقضى . وقد تقدم في البقرة القول في ( نعما )
قوله تعالى : إن الله كان سميعا بصيرا وصف الله تعالى نفسه بأنه سميع بصير يسمع ويرى ؛ كما قال تعالى : إنني معكما أسمع وأرى فهذا طريق السمع . والعقل يدل على ذلك ؛ فإن انتفاء السمع والبصر يدل على نقيضيهما من العمى والصمم ، إذ المحل القابل للضدين لا يخلو من أحدهما ، وهو تعالى مقدس عن النقائص ويستحيل صدور الأفعال الكاملة من المتصف ، بالنقائص ؛ كخلق السمع والبصر ممن ليس له سمع ولا بصر . وأجمعت الأمة على تنزيهه تعالى عن النقائص وهو أيضا دليل سمعي يكتفى به مع نص القرآن في مناظرة من تجمعهم كلمة الإسلام . جل الرب تبارك وتعالى عما يتوهمه المتوهمون ويختلقه المفترون الكاذبون سبحان ربك رب العزة عما يصفون .
- الطبرى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ
* * *
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل فيمن عُني بهذه الآية.
فقال بعضهم: عني بها ولاة أمور المسلمين.
*ذكر من قال ذلك:
9839 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا أبو أسامة، عن أبي مكين، عن زيد بن أسلم قال: نـزلت هذه الآية: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "، في ولاة الأمر. (37)
9840 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا ليث، عن شهر قال: نـزلت في الأمراء خاصة " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ".
9841 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا إسماعيل، عن مصعب بن سعد قال، قال علي رضي الله عنه كلماتٍ أصاب فيهن: " حقٌّ على الإمام أن يحكم بما أنـزل الله، وأن يؤدِّيَ الأمانة، وإذا فعل ذلك، فحقّ على الناس أن يسمعوا، وأن يُطيعوا، وأن يجيبوا إذا دُعوا ". (38)
9842 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح قال، حدثنا إسماعيل عن مصعب بن سعد، عن علي بنحوه.
9843 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا موسى بن عمير، عن مكحول في قول الله: وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ، قال: هم أهلُ الآية التي قبلها: " إن الله يأمرُكم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها "، إلى آخر الآية.
9844 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا ابن زيد قال، قال أبي: هم الوُلاة، أمرهم أن يؤدّوا الأمانات إلى أهلها.
وقال آخرون: أمر السلطان بذلك: أن يعِظوا النساء. (39)
*ذكر من قال ذلك:
9845 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " إن الله يأمرُكم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "، قال: يعني السلطان، يعظون النساء. (40)
* * *
وقال آخرون: الذي خوطب بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم في مفتاح الكعبة، أمر برَدّها على عثمان بن طلحة.
*ذكر من قال ذلك:
9846 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "، قال: نـزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة، ودخل به البيت يوم الفتح، (41) فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان &; 8-492 &; فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو هذه الآية: فداهُ أبي وأمي! (42) ما سمعته يَتلوها قبل ذلك!
9847 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا الزنجي بن خالد، عن الزهري قال: دفعه إليه وقال: أعينوه. (43)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قولُ من قال: هو خطاب من الله ولاةَ أمور المسلمين بأداء الأمانة إلى من وَلُوا أمره في فيئهم وحقوقهم، وما ائتمنوا عليه من أمورهم، بالعدل بينهم في القضية، والقَسْم بينهم بالسوية. يدل على ذلك ما وَعظ به الرعية (44) في: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ، فأمرهم بطاعتهم، وأوصى الرّاعي بالرعية، وأوصى الرعية بالطاعة، كما:-
9848 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ ) قال: قال أبي: هم السلاطين. وقرأ ابن زيد: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْـزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ [سورة آل عمران: 26]، وإنما نقول: هم العلماء الذي يُطيفون على السلطان، (45) ألا ترى أنه أمرهم فبدأ بهم، بالولاة فقال (46) " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "؟ و " الأمانات "، هي الفيء الذي استأمنهم على جمعه وقَسْمه، والصدقات التي استأمنهم على جمعها وقسمها =" وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " الآية كلها. فأمر بهذا الولاة. ثم أقبل علينا نحن فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ .
* * *
وأما الذي قال ابن جريج من أنّ هذه الآية نـزلت في عثمان بن طلحة، فإنه جائز أن تكون نـزلت فيه، وأريد به كل مؤتمن على أمانة، فدخلَ فيه ولاة أمور المسلمين، وكلّ مؤتمن على أمانة في دين أو دنيا. ولذلك قال من قال: عُني به قضاءُ الدين، وردّ حقوق الناس، كالذي:-
9849 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "
إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "، فإنه لم يرخص لموسِر ولا معسر أن يُمسكها.9850 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "، عن الحسن: أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. (47)* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذًا = إذ كان الأمر على ما وصفنا = : إن الله يأمركم، يا معشر ولاة أمور المسلمين، أن تؤدوا ما ائتمنتكم عليه رعيّتكم من فَيْئهم وحقوقهم وأموالهم وصدقاتهم إليهم، على ما أمركم الله بأداء كل شيء من ذلك إلى من هو له، بعد أن تصير في أيديكم، لا تظلموها أهلها، ولا تستأثروا بشيء منها، ولا تضعوا شيئًا منها في غير موضعه، ولا تأخذوها إلا ممن أذن الله لكم بأخذها منه قبل أن تصيرَ في أيديكم = ويأمركم إذا حكمتم بين رعيتكم أن تحكموا بينهم بالعدل والإنصاف، وذلك حكمُ الله الذي أنـزله في كتابه، وبيّنه على لسان رسوله، لا تعدُوا ذلك فتجورُوا عليهم.
* * *
القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر ولاة أمور المسلمين، إن الله نعم الشيء يَعظكم به، ونعمت العظة يعظكم بها في أمره إياكم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن تحكموا بين الناس بالعدل (48)
* * *
="
إن الله كان سميعًا "، يقول: إن الله لم يزل سميعًا بما تقولون وتنطقون، وهو سميع لذلك منكم إذا حكمتم بين الناس ولما تُحاورونهم به (49) " بصيرًا " بما تفعلون فيما ائتمنتم عليه من حقوق رعيتكم وأموالهم، (50) وما تقضون به بينهم من أحكامكم: بعدل تحكمون أو جَوْر، لا يخفى عليه شيء من ذلك، حافظٌ ذلك كلَّه، حتى يجازي محسنكم بإحسانه، ومسيئكم بإساءته، أو يعفو بفضله.------------------------
الهوامش :
(37) الأثر: 9839 -"
أبو أسامة" هو: حماد بن أسامة بن زيد القرشي ، مضى برقم: 5265. و"أبو مكين" هو: نوح بن ربيعة ، مضى برقم: 9742.(38) الأثر: 9841 -"
مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري". روى عن أبيه ، وعلي ، وطلحة ، وعكرمة ابن أبي جهل ، وغيرهم ، تابعي ثقة ، قال ابن سعد: "كان ثقة كثير الحديث". مترجم في التهذيب.(39) في المطبوعة: "
أن يعطوا الناس" ، غير ما في المخطوطة ، وهو الذي أثبته ، ولكنه كان في المخطوطة غير منقوط ، فلم يحسن قراءته ، فكتب ما لا معنى له. والمقصود بذلك أن على الأمراء أن يعظوا النساء في النشوز وغيره ، حتى يردوهن إلى أزواجهن. وهو القول المنسوب إلى ابن عباس في كتب التفسير.(40) في المطبوعة: "
يعظون الناس" ، وهو خطأ ، وانظر التعليق السالف.(41) في المطبوعة: "
مفاتيح الكعبة ، ودخل بها البيت" ، وكان في المخطوطة: "مفاتيح الكعبة ودخل به البيت" ، ورد اللفظ مفردًا"المفتاح" في هذا الأثر والذي يليه ، وكذلك نقله ابن كثير في تفسيره 2: 492"مفتاح الكعبة" بالإفراد ، فصححت نص المخطوطة ، كما في ابن كثير.(42) في المطبوعة: "
فداؤه أبي وأمي" ، وأثبت ما في المخطوطة وابن كثير.(43) الأثر: 9847 -"
الزنجي بن خالد" هو: مسلم بن خالد بن فروة ، أبو خالد الزنجي ، الفقيه المكي. وإنما سموه"الزنجي" قالوا: لأنه كان شديد السواد. وقالوا: لأنه كان أشقر كالبصلة. وقالوا: كان أبيض مشربًا بحمرة ، وإنما سمى"الزنجي" لمحبته التمر. قالت له جاريته: "ما أنت إلا زنجي" ، لأكل التمر ، فبقي عليه هذا اللقب.ومن الزنجي تعلم الشافعي الفقه قبل أن يلقى مالكًا. ولكنهم تكلموا في حديثه ، فقال البخاري: "
منكر الحديث ، يكتب حديثه ولا يحتج به". وذكروا عللا في ضعف حديثه وهو صدوق. مترجم في التهذيب.(44) في المطبوعة والمخطوطة: "
فدل على ذلك ما وعظ به الرعية" ، وهو كلام فاسد جدًا ، أخل بحجة الطبري ، والصواب ما أثبت.(45) حذف ناشر المطبوعة هذه الجملة إذ لم يفهمها ، وجعل سياق الكلام هكذا: "
... ممن تشاء ، ألا ترى أنه أمر فقال: إن الله يأمركم" ، وهذا فساد شديد ، وهجر للأمانة ، وعبث بكلام أهل التاويل. وقائل هذا الكلام هو ابن زيد ، بعد أن ذكر تأويل أبيه زيد بن أسلم.وقوله: "
يطيفون على السلطان" هم الذين يقاربونه ويدنيهم في مجالسه ويستشيرهم. من قوله: "طاف بالشيء وطاف عليه= وأطاف به وأطاف عليه": دار حوله.(46) في المطبوعة: "
أنه أمر فقال..." كما ذكرت في التعليق السالف. وسياق عبارته أنه أمر العلماء بالولاة - فبدأ بهم ، أي: بالعلماء. والعلماء هم الذين يفتون الولاة في قسمة الفيء والصدقات ، لأنهم هم أهل العلم بها. فهذا خطاب للعلماء الذين ائتمنوا على الدين. ثم قال للولاة: "وإذا حكمتم بين الناس" ، كما ترى في سياق الأثر.(47) الأثر: 9850 - قال ابن كثير في تفسيره 2: 490"
وفي حديث الحسن ، عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك". رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن".(48) انظر تفسير"
نعما" فيما سلف 5: 582.(49) في المطبوعة: "
ولم تجاوزوهم به" ، ولا معنى لها البتة ، والصواب ما في المخطوطة ، ولكنه لم يفهم ما أراد ، فحرفه وغيره. - ابن عاشور : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
استئناف ابتدائي قصد منه الإفاضة في بيان شرائع العدل والحكم ، ونظام الطاعة ، وذلك من الأغراض التشريعية الكبرى التي تضمّنتها هذه السورة ، ولا يتعيّن تطلّب المناسبة بينه وبين ما سبقه ، فالمناسبة هي الانتقال من أحكام تشريعية إلى أحكام أخرى في أغراض أخرى . وهنا مناسبة ، وهي أنّ ما استطرد من ذكر أحوال أهل الكتاب في تحريفهم الكلم عن مواضعه ، وليّهم ألسنتهم بكلمات فيها توجيه من السبّ ، وافترائهم على الله الكذب ، وحسدهم بإنكار فضل الله إذ آتاه الرسول والمؤمنين ، كلّ ذلك يشتمل على خيانة أمانة الدين ، والعلم ، والحقّ ، والنعمة ، وهي أمانات معنويّة ، فناسب أن يعقب ذلك بالأمر بأداء الأمانة الحسيّة إلى أهلها ويتخلّص إلى هذا التشريع .
وجملة { إنّ الله يأمركم } صريحة في الأمر والوجوب ، مثل صراحة النهي في قوله في الحديث « إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم » . ( وإنّ ) فيها لمجرد الاهتمام بالخبَر لظهور أنّ مثل هذا الخبر لا يقبل الشكّ حتّى يؤكّد لأنّه إخبار عن إيجاد شيء لا عن وجوده ، فهو والإنشاء سواء .
والخطاب لكلّ من يصلح لتلقّي هذا الخطاب والعمل به من كلّ مؤتمن على شيء ، ومن كلّ من تولّى الحكم بين الناس في الحقوق .
والأداء حقيقة في تسليم ذات لمن يستحقّها ، يقال : أدّى إليْه كذا ، أي دفعه وسلّمه ، ومنه أداء الدَّين . وتقدّم في قوله تعالى : { من إن تأمنّه بقنطار يؤدّه إليك } في سورة آل عمران ( 75 ) . وأصل أدَّى أن يكون مضاعفَ أدَى بالتخفيف بمعنى أوصل ، لكنّهم أهمْلوا أدى المخفّف واستغنوا عنه بالمضاعف .
ويطلق الأداء مجازاً على الاعتراف والوفاء بشيء . وعلى هذا فيطلق أداء الأمانة على قَول الحقّ والاعتراف به وتبليغ العلم والشريعة على حقّها ، والمراد هنا هو الأوّل من المعنيين ، ويعرف حكم غيره منهما أو من أحدهما بالقياس عليه قياس الأدْوَن .
والأمانة : الشيء الذي يجعله صاحبه عند شخص ليحفظه إلى أن يطلبه منه ، وقد تقدّم الكلام عليها عند قوله تعالى { فليؤدّ الذي ائتمن أمانَتهُ } في سورة البقرة ( 283 ) . وتطلق الأمانة مجازاً على ما يجب على المكلّف إبلاغه إلى أربابه ومُستحقيه من الخاصّة والعامّة كالدّين والعلم والعهود والجوار والنصيحة ونحوها ، وضدّها الخيانة في الإطلاقين . والأمر للوجوب .
والأمانات من صيغ العموم ، فلذلك قال جمهور العلماء فيمن ائتمنه رجل على شيء وكان للأمين حقّ عند المؤتَمَن جحدهُ إيّاه : إنّه لا يجوز له أخذ الأمانة عوض حقّه لأنّ ذلك خيانة ، ومنعه مالك في المدوّنة ، وعن ابن عبد الحكم : أنه يجوز له أن يجحده بمقدار ما عليه له ، وهو قول الشافعي . قال الطبري عن ابن عباس ، وزيد بن أسلم ، وشَهْر بن حَوشب ، ومكحول : أنّ المخاطب ولاة الأمور ، أمرهم أن يؤدّوا الأمانات إلى أهلها .
وقيل : نزلت في أمر عثمان بن طلحة بن أبي طلحة .
وأهل الأمانة هم مستحقّوها ، يقال : أهل الدار ، أي أصحابها . وذكر الواحدي في أسباب النزول ، بسند ضعيف : أنّ الآية نزلت يوم فتح مكة إذ سَلَّم عثمان بن طلحة ابننِ أبي طلحة العبدري الحَجَبي مفتاحَ الكعبة للنبيء صلى الله عليه وسلم وكانت سدانة الكعبة بيده ، وهو من بني عبد الدار وكانت السدانةُ فيهم ، فسأل العباس بن عبد المطلب من رسول الله أن يجعل له سدانة الكعبة يضمها مع السقاية وكانت السقاية بيده ، وهي في بني هاشم ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن طلحة وابنَ عمّه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، فدفع لهما مفتاح الكعبة وتلا هذه الآية ، قال عمر بن الخطاب : وما كنت سمعتُها منه قبلَ ذلك ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن طلحة « خذوها خالدة تالدة لا ينتزعها منكم إلاّ ظالم » ولم يكن أخْذ النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة أخذَ انتزاع ، ولكنّه أخذه ينتظر الوحي في شأنه ، لأنّ كون المفتاح بيد عثمان بن طلحة مستصحَب من قبل الإسلام ، ولم يغيّر الإسلامُ حوزه إيّاه ، فلمّا نزلت الآية تقرّر حقّ بني عبد الدار فيه بحكم الإسلام ، فبقيت سدانة الكعبة في بني عبد الدار ، ونزل عثمان بن طلحة عنها لابن عمّه شيبةَ بننِ عثمان ، وكانت السدانة من مناصب قريش في الجاهلية فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم بعضها في خطبة يوممِ الفتح أو حجّةِ الوداع ، ما عدا السقاية والسدانة .
فإطلاق اسم الأمانة في الآية حقيقة ، لأنّ عثمان سلّم مفتاح الكعبة للنبيء عليه الصلاة والسلام دون أن يُسقط حقّه .
والأداء حينئذٍ مستعمل في معناه الحقيقي ، لأنّ الحقّ هنا ذات يمكن إيصالها بالفعل لمستحقّها ، فتكون الآية آمرة بجميع أنواع الإيصال والوفاءات ، ومن جملة ذلك دفع الأمانات الحقيقية ، فلا مجاز في لفظ ( تؤدّوا ) .
وقوله : { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } عطف { أن تحكموا } على { أن تؤدّوا } وفصل بين العاطف والمعطوف الظرف ، وهو جائز ، مثل قوله : { وفي الآخرة حسنة } [ البقرة : 201 ] وكذلك في عطف الأفعال على الصحيح : مثل { وتتّخذون مصانع لعلّكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبّارين } [ الشعراء : 129 ، 130 ] .
والحكم مصدر حكم بين المتنازعين ، أي اعتنى بإظهار المحقّ منهما من المبطل ، أو إظهار الحقّ لأحدهما وصرَّح بذلك ، وهو مشتقّ من الحُكْم بفتح الحاء وهو الردْع عن فعللِ ما لا ينبغي ، ومنه سميّت حَكَمَة اللِّجام ، وهي الحديدة التي تجعل في فم الفرس ، ويقال : أحْكِمْ فُلاناً ، أي أمْسِكْه .
والعدل : ضدّ الجور ، فهو في اللغة التسوية ، يقال : عَدَل كذا بكذا ، أي سوّاه به ووازنه عدلاً { ثمّ الذين كفروا بربّهم يعدلون } [ الأنعام : 1 ] ، ثمّ شاع إطلاقه على إيصال الحقّ إلى أهله ، ودفع المعتدي على الحقّ عن مستحقّه ، إطلاقاً ناشئاً عمّا اعتاده الناس أنّ الجور يصدر من الطغاة الذين لا يَعدّون أنفسهم سواء مع عموم الناس ، فهم إن شاءوا عدلوا وأنصفوا ، وإن شاءوا جاروا وظلموا ، قال لبيد :
ومقسم يعطي العشيرة حقّها ... ومُغذمر لحقوقها هَضَّامها
فأطلق لفظ العدل الذي هو التسوية على تسوية نافعة يحصل بها الصلاح والأمن ، وذلك فك الشيء من يد المعتدي ، لأنّه تظهر فيه التسوية بين المتنازعين ، فهو كناية غالبة . ومَظهر ذلك هو الحكم لصاحب الحقّ بأخذ حقّه ممّن اعتدى عليه ، ولذلك قال تعالى هنا : { إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } ، ثم توسّعوا في هذا الإطلاق حتّى صار يطلق على إبلاغ الحقّ إلى ربّه ولو لم يحصل اعتداء ولا نزاع .
والعدل : مساواة بين الناس أو بين أفراد أمّة : في تعيين الأشياء لمستحقّها ، وفي تمكين كلّ ذي حقّ من حقّه ، بدون تأخير ، فهو مساواة في استحقاق الأشياء وفي وسائل تمكينها بأيدي أربابها ، فالأوّل هو العدل في تعيين الحقوق ، والثاني هو العدل في التنفيذ ، وليس العدل في توزيع الأشياء بين الناس سواء بدون استحقاق .
فالعدل وسط بين طرفين ، هما : الإفراط في تخويل ذي الحقّ حقّه ، أي بإعطائه أكثر من حقّه ، والتفريط في ذلك ، أي بالإجحاف له من حقّه ، وكلا الطرفين يسمّى جوراً ، وكذلك الإفراط والتفريط في تنفيذ الإعطاء بتقديمه على وقته ، كإعطاء المال بيد السفيه ، أو تأخيره كإبقاء المال بيد الوصي بعد الرشد ، ولذلك قال تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم إلى قوله : فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم } [ النساء : 5 ، 6 ] ؛ فالعدل يدخل في جميع المعاملات . وهو حسن في الفطرة لأنّه كما يصدُّ المعتدي عن اعتدائه ، كذلك يصدّ غيره عن الاعتداء عليه ، كما قال تعالى : { لا تَظْلِمُون ولا تُظلمون } [ البقرة : 279 ] . وإذ قد كان العدل بهذه الاعتبارات تجول في تحديده أفهام مخطئة تعيّن أن تسَنّ الشرائع لضبطه على حسب مدارك المشرّعين ومصطلحات المشَرَّع لهم ، على أنّها معظمها لم يسلم من تحريف لحقيقة العدل في بعض الْاحوال ، فإنّ بعض القوانين أسّست بدافعة الغضب والأنانية ، فتضمّنت أخطاء فاحشة مثل القوانين التي يمليها الثوار بدافع الغضب على من كانوا متَولين الأمور قبلهم ، وبعض القوانين المتفرّعة عن تخيّلات وأوهام ، كقوانين أهل الجاهلية والأمم العريقة في الوثنية .
ونجد القوانين التي سنّها الحكماء أمكن في تحقيق منافع العدل مثل قوانين أثينة وإسبَرطة ، وأعلى القوانين هي الشرائع الألهية لمناسبتها لحال من شرعت لأجلهم ، وأعظمها شريعةُ الإسلام لابتنائها على أساس المصالح الخالصة أو الراجحة ، وإعراضها عن أهواء الأمم والعوائد الضالّة ، فإنّها لا تعبأ بالأنانية والهوى ، ولا بعوائد الفساد ، ولأنّها لا تبنى على مصالح قبيلة خاصّة ، أو بلد خاصّ ، بل تبتنى على مصالح النوع البشري وتقويمه وهديه إلى سواء السبيل ، ومن أجل هذا لم يزل الصالحون من القادة يدوّنون بيان الحقوق حفظاً للعدل بقدر الإمكان وخاصّة الشرائع الإلهية ، قال تعالى :
{ لقد أرسلنا رُسُلَنا بالبيّنات وأنزلنا معهم الكتابَ والميزان ليقوم الناس بالقسط } [ الحديد : 25 ] أي العدل . فمنها المنصوص عليه على لسان رسول البشرية ومنها ما استنبطه علماء تلك الشريعة فهو مدرج فيها وملحق بها .
وإنّما قيّد الأمر بالعدل بحالة التصدّي للحكم بين الناس ، وأُطلق الأمر بردّ الأمانات إلى أهلها عن التقييد : لأنّ كلّ أحد لا يخلو من أن تقع بيده أمانة لغيره لا سيما على اعتبار تعميم المراد بالأمانات الشامل لما يجب على المرء إبلاغه لمستحقّه كما تقدّم ، بخلاف العدل فإنّما يؤمر به ولاة الحكم بين الناس ، وليس كلّ أحد أهلاً لتولّي ذلك . فتلك نكتة قوله : { وإذا حكمتم بين الناس } . قال الفخر : قوله : { وإذا حكمتم } هو كالتصريح بأنّه ليس لجميع الناس أن يشرّعوا في الحكم بل ذلك لبعضهم ، فالآية مجملة في أنّه بأي طريق يصير حاكماً ولمّا دلّت الدلائل على أنّه لا بد للأمّة من إمام وأنّه ينصب القضاة والولاة صارت تلك الدلائل كالبيان لهذه الآية .
وجملة { إنّ الله نعمّا يعظكم به } واقعة موقع التحريض على امتثال الأمر ، فكانت بمنزلة التعليل ، وأغنت ( إنَّ ) في صدر الجملة عن ذكر فَاء التعقيب ، كما هو الشأن إذا جاءت ( إنَّ ) للاهتمام بالخبر دون التأكيد .
و ( نعمّا ) أصله ( نعْمَ ما ) رُكّبت ( نعم ) مع ( ما ) بعد طرححِ حركة الميم الأولى وتنزيلها منزلة الكلمة الواحدة ، وأدغم الميمان وحرّكت العين الساكنة بالكسر للتخلّص من التقاء الساكنين .
و ( ما ) جَوّز النحاة أن تكون اسم موصول ، أو نكرة موصوفة ، أو نكرة تامّة والجملة التي بعد ( ما ) تجري على ما يناسب معنى ( مَا ) ، وقيل : إنّ ( ما ) زائدة كافّةٌ ( نعمَ ) عن العمل .
والوعظ : التذكير والنصح ، وقد يكون فيه زجر وتخويف .
وجملة { إنّ الله كان سميعاً بصيراً } أي عليماً بما تفعلون وما تقولون ، وهذه بشارة ونذارة .
- إعراب القرآن : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
«إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ» إن ولفظ الجلالة اسمها والجملة خبرها «أَنْ تُؤَدُّوا» المصدر المؤول في محل
جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بيأمركم والواو فاعل. «الْأَماناتِ» مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم «إِلى أَهْلِها» متعلقان بمحذوف حال من الأمانات «وَإِذا حَكَمْتُمْ» إذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بفعل محذوف تقديره : يأمركم «حَكَمْتُمْ» فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة «بَيْنَ» ظرف مكان متعلق بحكمتم «النَّاسِ» مضاف إليه «أَنْ تَحْكُمُوا» فعل مضارع منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعله والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر وهو معطوف على المصدر الأول «بِالْعَدْلِ» متعلقان بتحكموا «إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ» نعم فعل ماض لإنشاء المدح ما نكرة تامة مبنية على السكون في محل نصب على التمييز والفاعل ضمير مستتر موضح بما وقيل أن الفاعل ما وهي اسم موصول يعظكم فعل مضارع ومفعوله والجار والمجرور متعلقان بالفعل وجملة يعظكم صفة ما. «إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً» تقدم إعراب ما يشبهها.
- English - Sahih International : Indeed Allah commands you to render trusts to whom they are due and when you judge between people to judge with justice Excellent is that which Allah instructs you Indeed Allah is ever Hearing and Seeing
- English - Tafheem -Maududi : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا(4:58) Allah commands you to deliver trusts to those worthy of them; and when you judge between people, to judge with justice. *88 Excellent is the admonition Allah gives you. Allah is All-Hearing, All-Seeing.
- Français - Hamidullah : Certes Allah vous commande de rendre les dépôts à leurs ayants-droit et quand vous jugez entre des gens de juger avec équité Quelle bonne exhortation qu'Allah vous fait Allah est en vérité Celui qui entend et qui voit tout
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Allah befiehlt euch anvertraute Güter ihren Eigentümern wieder auszuhändigen und wenn ihr zwischen den Menschen richtet in Gerechtigkeit zu richten Wie trefflich ist das womit Allah euch ermahnt Gewiß Allah ist Allhörend und Allsehend
- Spanish - Cortes : Alá os ordena que restituyáis los depósitos a sus propietarios y que cuando decidáis entre los hombres lo hagáis con justicia ¡Qué bueno es aquello a que Alá os exhorta Alá todo lo oye todo lo ve
- Português - El Hayek : Deus manda restituir a seu dono o que vos está confiado; quando julgardes vossos semelhantes fazeio eqüidade Quãoexcelente é isso a que Deus vos exorta Ele é Oniouvinte Onividente
- Россию - Кулиев : Воистину Аллах велит вам возвращать вверенное на хранение имущество его владельцам и судить по справедливости когда вы судите среди людей Как прекрасно то чем увещевает вас Аллах Воистину Аллах - Слышащий Видящий
- Кулиев -ас-Саади : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
Воистину, Аллах велит вам возвращать вверенное на хранение имущество его владельцам и судить по справедливости, когда вы судите среди людей. Как прекрасно то, чем увещевает вас Аллах! Воистину, Аллах - Слышащий, Видящий.Слово аманат распространяется на все, что человеку доверяют сохранить или поручают выполнить. Аллах велел Своим рабам сохранять доверенное им имущество и выполнять порученное им самым совершенным образом. Он запретил присваивать себе часть вверенного на хранение имущества или задерживать его возврат. Это предписание распространяется на власть, имущество и тайны, которые могут быть доверены людям, а также на все праведные деяния, которые известны одному Аллаху. Богословы отмечали, что если человеку вверили имущество на хранение, то он обязан сберечь его, заботясь о нем так, как оно того заслуживает, поскольку человек может вернуть вверенное ему на хранение имущество только в том случае, если он сбережет его. Следовательно, бережливое отношение к нему обязательно. Из повеления возвращать вверенное на хранение имущество его владельцам следует, что возвращать его надо только тому, кто вверил его на хранение, или его полномочному представителю. Если же человек отдаст его не тому, кто является его владельцем, то он не выполнит своих обязанностей. Аллах повелел разрешать тяжбы между людьми по справедливости. Это относится ко всем тяжбам, связанным с покушением на жизнь, имущество или честь людей, независимо от размеров нанесенного ущерба. Судьи обязаны справедливо относиться к близким и чужим людям, к грешникам, правителям и даже своим врагам. А под справедливостью, которую велено соблюдать при вынесении приговоров, подразумеваются ограничения и законы, которые Аллах провозгласил устами Своего посланника, да благословит его Аллах и приветствует. Из этого также следует, что судьи должны быть хорошо осведомлены о том, какое решение является справедливым, ибо только в этом случае они смогут вынести его. Поскольку все Божьи повеления прекрасны и справедливы, далее Всевышний Аллах восславил Свои повеления и запреты. Они охватывают все, что приносит людям пользу в этом мире и после смерти, и все, что защищает их от неприятностей, потому что их ниспослал Слышащий и Видящий Господь. От Него ничего нельзя скрыть, Он знает о поступках, которые приносят пользу рабам и которые неизвестны им самим.
- Turkish - Diyanet Isleri : Hiç şüphesiz Allah size emanetleri ehline teslim etmenizi ve insanlar arasında hükmettiğiniz zaman adaletle hükmetmenizi emreder Allah size ne güzel öğüt veriyor Şüphesiz Allah işitir ve görür
- Italiano - Piccardo : Allah vi ordina di restituire i depositi ai loro proprietari e di giudicare con equità quando giudicate tra gli uomini Allah vi esorta al meglio Allah è Colui Che ascolta e osserva
- كوردى - برهان محمد أمين : بێگومان خوا فهرمانتان پێدهدات که ههموو ئهمانهتهکان سپاردهکان بگهڕێننهوه دهست خاوهنهکانیان و ههر کاتێکیش داوهریتان کرد لهنێوان خهڵکیدا دادپهروهرانه فهرمانڕهوایی بکهن چونکه بهڕاستی خوا بهجوانی و چاکی و تهواوی ئامۆژگاری و فهرمانتان پێدهدات بهڕاستی خوا ههمیشهو بهردهوام بیسهر و بینایه
- اردو - جالندربرى : خدا تم کو حکم دیتا ہے کہ امانت والوں کی امانتیں ان کے حوالے کردیا کرو اور جب لوگوں میں فیصلہ کرنے لگو تو انصاف سے فیصلہ کیا کرو خدا تمہیں بہت خوب نصیحت کرتا ہے بےشک خدا سنتا اور دیکھتا ہے
- Bosanski - Korkut : Allah vam zapovijeda da odgovorne službe onima koji su ih dostojni povjeravate i kada ljudima sudite da pravično sudite Uistinu je divan Allahov savjet – A Allah doista sve čuje i vidi
- Swedish - Bernström : GUD befaller er att till den rättmätige ägaren återlämna det som ni fått er anförtrott och att när ni dömer mellan människor döma rättvist Gott ja förträffligt är det som Gud förmanar er till Gud hör allt ser allt
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Sesungguhnya Allah menyuruh kamu menyampaikan amanat kepada yang berhak menerimanya dan menyuruh kamu apabila menetapkan hukum di antara manusia supaya kamu menetapkan dengan adil Sesungguhnya Allah memberi pengajaran yang sebaikbaiknya kepadamu Sesungguhnya Allah adalah Maha Mendengar lagi Maha Melihat
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
(Sesungguhnya Allah menyuruh kamu untuk menyampaikan amanat) artinya kewajiban-kewajiban yang dipercayakan dari seseorang (kepada yang berhak menerimanya) ayat ini turun ketika Ali r.a. hendak mengambil kunci Kakbah dari Usman bin Thalhah Al-Hajabi penjaganya secara paksa yakni ketika Nabi saw. datang ke Mekah pada tahun pembebasan. Usman ketika itu tidak mau memberikannya lalu katanya, "Seandainya saya tahu bahwa ia Rasulullah tentulah saya tidak akan menghalanginya." Maka Rasulullah saw. pun menyuruh mengembalikan kunci itu padanya seraya bersabda, "Terimalah ini untuk selama-lamanya tiada putus-putusnya!" Usman merasa heran atas hal itu lalu dibacakannya ayat tersebut sehingga Usman pun masuk Islamlah. Ketika akan meninggal kunci itu diserahkan kepada saudaranya Syaibah lalu tinggal pada anaknya. Ayat ini walaupun datang dengan sebab khusus tetapi umumnya berlaku disebabkan persamaan di antaranya (dan apabila kamu mengadili di antara manusia) maka Allah menitahkanmu (agar menetapkan hukum dengan adil. Sesungguhnya Allah amat baik sekali) pada ni`immaa diidgamkan mim kepada ma, yakni nakirah maushufah artinya ni`ma syaian atau sesuatu yang amat baik (nasihat yang diberikan-Nya kepadamu) yakni menyampaikan amanat dan menjatuhkan putusan secara adil. (Sesungguhnya Allah Maha Mendengar) akan semua perkataan (lagi Maha Melihat) segala perbuatan.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : নিশ্চয়ই আল্লাহ তোমাদিগকে নির্দেশ দেন যে তোমরা যেন প্রাপ্য আমানতসমূহ প্রাপকদের নিকট পৌছে দাও। আর যখন তোমরা মানুষের কোন বিচারমীমাংসা করতে আরম্ভ কর তখন মীমাংসা কর ন্যায় ভিত্তিক। আল্লাহ তোমাদিগকে সদুপদেশ দান করেন। নিশ্চয়ই আল্লাহ শ্রবণকারী দর্শনকারী।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நம்பி உங்களிடம் ஒப்படைக்கப்பட்ட அமானிதங்களை அவற்றின் சொந்தக்காரர்களிடம் நீங்கள் ஒப்புவித்து விடவேண்டுமென்றும் மனிதர்களிடையே தீர்ப்பு கூறினால் நியாயமாகவே தீர்ப்புக் கூறுதல் வேண்டும் என்றும் உங்களுக்கு நிச்சயமாக அல்லாஹ் கட்டளையிடுகிறான்; நிச்சயமாக அல்லாஹ் உங்களுக்கு இதில் மிகவும் சிறந்த உபதேசம் செய்கிறான்; நிச்சயமாக அல்லாஹ் யாவற்றையும் செவியுறுவோனாகவும் பார்ப்பவனாகவும் இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : แท้จริงอัลลอฮฺทรงใช้พวกเจ้าให้มอบคืนบรรดาของฝากแก่เจ้าของของมัน และเมื่อพวกเจ้าตัดสินระหว่างผู้คน พวกเจ้าก็จะต้องตัดสินด้วยความยุติธรรม แท้จริงอัลลอฮฺทรงแนะนำพวกเจ้าด้วยสิ่งซึ่งดีจริง ๆ แท้จริงอัลลอฮฺเป็นผู้ทรงได้ยินและได้เห็น
- Uzbek - Мухаммад Содик : Албатта Аллоҳ сизларга омонатларни ўз аҳлига эриштиришни ва агар одамлар орасида ҳукм қилсангиз адолат ила ҳукм қилишни амр қиладир Аллоҳ сизларга қандай ҳам яхши ваъз қилур Албатта Аллоҳ эшитувчи ва кўрувчи зотдир Омонатни турлари кўпдир Жумладан уламоларимиз Аллоҳни бандага юклаган омонатлари бор намоз рўза закот каффорот ва назрлар ҳам омонатдир дейдилар Шунингдек бандаларнинг бандалардаги турли ҳақлари ҳам омонат ҳисобланади Пайғамбаримиз с а в ҳадисларидан бирида Биров сенга бир калима айтиб сўнгра атрофга қараб қўйса билгинки шу сўз омонатдир деганлар Энг буюк омонат эса иймон омонатидир Ҳадиси шарифда Пайғамбаримиз с а в қуйидагиларни айтадилар Шаҳидлик омонатдан бошқа ҳамма гуноҳларни ювиб юборади Қиёмат куни агар Аллоҳнинг йўлида қатл этилган бўлса ҳам одамни келтириб омонатни адо қил дейилади У эса Қандай қилиб уни адо этаман ахир дунё тугадику дейди Шунда унга омонат жаҳаннамнинг қаъридан кўринади У тушиб елкасига кўтариб чиқади Энди чиқай деганда елкасидан тушиб кетади У ҳам омонатни изидан тушади Шу ҳолат абадий равишда давом этади деганлар
- 中国语文 - Ma Jian : 真主的确命令你们把一切受信托的事物交给应受的人,真主又命令你们替众人判决的时候要秉公判决。真主用来劝戒你们的事物真优美!真主确是全聪的,确是全明的。
- Melayu - Basmeih : Sesungguhnya Allah menyuruh kamu supaya menyerahkan segala jenis amanah kepada ahlinya yang berhak menerimanya dan apabila kamu menjalankan hukum di antara manusia Allah menyuruh kamu menghukum dengan adil Sesungguhnya Allah dengan suruhanNya itu memberi pengajaran yang sebaikbaiknya kepada kamu Sesungguhnya Allah sentiasa Mendengar lagi sentiasa Melihat
- Somali - Abduh : Eebe wuxuu idin Fari inaad u Gudaan siisaan Amaanada Ehelkeeda Ciddeeda haddaad kala Xukumaysaan Dadkana inaad ku kala Xukuntaan Caddaalad Eebe waxaa Wanaagsan wuu idinku waanin Eebana waa Maqle Arka
- Hausa - Gumi : Lalle ne Allah Yanã umurnin ku ku bãyar da amãnõni zuwa ga mãsu sũ Kuma idan kun yi hukunci a tsakãnin mutãne ku yi hukunci da ãdalci Lalle ne Allah mãdalla da abin da Yake yi muku wa'azi da shi Lalle ne Allah Yã kasance Mai ji ne Mai gani
- Swahili - Al-Barwani : Hakika Mwenyezi Mungu anakuamrisheni mzirudishe amana kwa wenyewe Na mnapo hukumu baina ya watu mhukumu kwa uadilifu Hakika haya anayo kuwaidhini Mwenyezi Mungu ni mazuri sana Hakika Mwenyezi Mungu ndiye Mwenye kusikia Mwenye kuona
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndia ju urdhëron që detyrat e besueshme t’ua besoni atyre që janë të denjë për to dhe kur të gjykoni në mes njerëzve – gjykoni drejt; Perëndia në të vërtetë ju këshillon mrekullueshëm E Perëndia me të vërtetë dëgjon çdo gjë dhe vështron të gjitha punët
- فارسى - آیتی : خدا به شما فرمان مىدهد كه امانتها را به صاحبانشان بازگردانيد. و چون در ميان مردم به داورى نشينيد به عدل داورى كنيد. خدا شما را چه نيكو پند مىدهد. هر آينه او شنوا و بيناست.
- tajeki - Оятӣ : Худо ба шумо фармон медиҳад, ки амонатҳоро ба соҳибонашон бозгардонед. Ва чун дар миёни мардум ба доварӣ нишинед, ба адл доварӣ кунед. Худо шуморо чӣ некӯ панд медиҳад. Албатта Ӯ шунаво ва биност!
- Uyghur - محمد صالح : شۈبھىسىزكى، اﷲ سىلەرنى ئامانەتلەرنى ئىگىسىگە قايتۇرۇشقا، كىشىلەر ئارىسىدا ھۆكۈم قىلغاندا ئادىل ھۆكۈم قىلىشقا بۇيرۇيدۇ، اﷲ سىلەرگە نەسىھەت قىلغان ئىشلار نېمىدېگەن ياخشى، اﷲ ھەقىقەتەن (سۆزۈڭلارنى) ئاڭلاپ تۇرغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അല്ലാഹു നിങ്ങളോടിതാ കല്പിക്കുന്നു: നിങ്ങളെ വിശ്വസിച്ചേല്പിച്ച വസ്തുക്കള് അവയുടെ അവകാശികളെ തിരിച്ചേല്പിക്കുക. ജനങ്ങള്ക്കിടയില് തീര്പ്പ് കല്പിക്കുകയാണെങ്കില് നീതിപൂര്വം വിധി നടത്തുക. എത്ര നല്ല ഉപദേശമാണ് അല്ലാഹു നിങ്ങള്ക്കു നല്കുന്നത്. അല്ലാഹു എല്ലാം കേള്ക്കുന്നവനും കാണുന്നവനുമാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : ان الله تعالى يامركم باداء مختلف الامانات التي اوتمنتم عليها الى اصحابها فلا تفرطوا فيها ويامركم بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط اذا قضيتم بينهم ونعم ما يعظكم الله به ويهديكم اليه ان الله تعالى كان سميعا لاقوالكم مطلعا على سائر اعمالكم بصيرا بها
*88). Here the Muslims are forewarned against the evils which had afflicted the Israelites. One of the fundamental mistakes committed by the Israelites was that in the time of their degeneration they had handed over positions of trust (i.e. religious and political leadership) to incompetent, mean, immoral, dishonest and corrupt people. The result was that corruption spread throughout the nation. The Muslims are directed to take heed of this, and to entrust positions of responsibility only to those who are capable of shouldering the burdens of such positions. The other major weakness of the Israelites was that they completely lost their sense of justice. In their pursuit of either personal or national interests, honesty and good faith were often sacrificed. The Muslims, in the time of the Prophet (peace be on him), were themselves subjected to gross injustice at their hands. On the one side were the Prophet (peace be on him) and his followers, to whose purity of life and conduct the Jews were themselves witnesses. On the other side were those who worshipped idols, buried their daughters alive, married their step-mothers and circumambulated the Ka'bah naked. Despite this, these so-called People of the Book felt no shame in declaring that the latter were closer to righteousness than the Muslims. After informing the Muslims of the iniquity of the Jews, God now warns them against committing similar injustices. They should rather declare what is right in the face of friend and foe alike, and judge between people with equity and justice.