- عربي - نصوص الآيات عثماني : أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوٓاْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ لَوْلَآ أَخَّرْتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ قَرِيبٍۢ ۗ قُلْ مَتَٰعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
- عربى - نصوص الآيات : ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ۚ وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ۗ قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا
- عربى - التفسير الميسر : ألم تعلم -أيها الرسول- أمر أولئك الذين قيل لهم قبل الإذن بالجهاد: امنعوا أيديكم عن قتال أعدائكم من المشركين، وعليكم أداء ما فرضه الله عليكم من الصلاة، والزكاة، فلما فرض عليهم القتال إذا جماعة منهم قد تغير حالهم، فأصبحوا يخافون الناس ويرهبونهم، كخوفهم من الله أو أشد، ويعلنون عما اعتراهم من شدة الخوف، فيقولون: ربنا لِمَ أَوْجَبْتَ علينا القتال؟ هلا أمهلتنا إلى وقت قريب، رغبة منهم في متاع الحياة الدنيا، قل لهم -أيها الرسول-: متاع الدنيا قليل، والآخرة وما فيها أعظم وأبقى لمن اتقى، فعمل بما أُمر به، واجتنب ما نُهي عنه.، لا يظلم ربك أحدًا شيئًا، ولو كان مقدار الخيط الذي يكون في شق نَواة التمرة.
- السعدى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
كان المسلمون -إذ كانوا بمكة- مأمورين بالصلاة والزكاة أي: مواساة الفقراء، لا الزكاة المعروفة ذات النصب والشروط، فإنها لم تفرض إلا بالمدينة، ولم يؤمروا بجهاد الأعداء لعدة فوائد: منها: أن من حكمة الباري تعالى أن يشرع لعباده الشرائع على وجه لا يشق عليهم؛ ويبدأ بالأهم فالأهم، والأسهل فالأسهل. ومنها: أنه لو فرض عليهم القتال -مع قلة عَدَدِهِم وعُدَدِهِم وكثرة أعدائهم- لأدى ذلك إلى اضمحلال الإسلام، فروعي جانب المصلحة العظمى على ما دونها ولغير ذلك من الحِكَم. وكان بعض المؤمنين يودون أن لو فرض عليهم القتال في تلك الحال، غير اللائق فيها ذلك، وإنما اللائق فيها القيام بما أمروا به في ذلك الوقت من التوحيد والصلاة والزكاة ونحو ذلك كما قال تعالى: { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } فلما هاجروا إلى المدينة وقوي الإسلام، كُتب عليهم القتال في وقته المناسب لذلك، فقال فريق من الذين يستعجلون القتال قبل ذلك خوفا من الناس وضعفا وخورا: { رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ } ؟ وفي هذا تضجرهم واعتراضهم على الله، وكان الذي ينبغي لهم ضد هذه الحال، التسليم لأمر الله والصبر على أوامره، فعكسوا الأمر المطلوب منهم فقالوا: { لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي: هلَّا أخرت فرض القتال مدة متأخرة عن الوقت الحاضر، وهذه الحال كثيرًا ما تعرض لمن هو غير رزين واستعجل في الأمور قبل وقتها، فالغالب عليه أنه لا يصبر عليها وقت حلولها ولا ينوء بحملها، بل يكون قليل الصبر. ثم إن الله وعظهم عن هذه الحال التي فيها التخلف عن القتال فقال: { قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى } أي: التمتع بلذات الدنيا وراحتها قليل، فتحمل الأثقال في طاعة الله في المدة القصيرة مما يسهل على النفوس ويخف عليها؛ لأنها إذا علمت أن المشقة التي تنالها لا يطول لبثها هان عليها ذلك، فكيف إذا وازنت بين الدنيا والآخرة، وأن الآخرة خير منها، في ذاتها، ولذاتها وزمانها، فذاتها -كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت عنه- "أن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها" . ولذاتها صافية عن المكدرات، بل كل ما خطر بالبال أو دار في الفكر من تصور لذة، فلذة الجنة فوق ذلك كما قال تعالى: { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } وقال الله على لسان نبيه: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" . وأما لذات الدنيا فإنها مشوبة بأنواع التنغيص الذي لو قوبل بين لذاتها وما يقترن بها من أنواع الآلام والهموم والغموم، لم يكن لذلك نسبة بوجه من الوجوه. وأما زمانها، فإن الدنيا منقضية، وعمر الإنسان بالنسبة إلى الدنيا شيء يسير، وأما الآخرة فإنها دائمة النعيم وأهلها خالدون فيها، فإذا فكّر العاقل في هاتين الدارين وتصور حقيقتهما حق التصور، عرف ما هو أحق بالإيثار، والسعي له والاجتهاد لطلبه، ولهذا قال: { وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى } أي: اتقى الشرك، وسائر المحرمات. { وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا } أي: فسعيكم للدار الآخرة ستجدونه كاملاً موفرًا غير منقوص منه شيئًا.
- الوسيط لطنطاوي : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
والاستفهام في قوله- تعالى- أَلَمْ تَرَ للتعجيب من حال أولئك الذين كانوا يظهرون التشوق إلى القتال فلما فرض عليهم جبنوا عنه.
وقوله كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ من الكف بمعنى الامتناع أى: امتنعوا عن مباشرة القتال إلى أن تؤمروا به.
والمعنى: ألم ينته علمك يا محمد أو ألم تنظر بعين الدهشة والغرابة إلى حال أولئك الذين كانوا يظهرون شدة الحماسة للقتال، فقيل لهم كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ أى: عن القتال لأنكم لم تؤمروا به بعد وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فإن الصلاة تخلص النفس من أدران المآثم، وتجعلها تتجه إلى الله وحده وَآتُوا الزَّكاةَ فإن الزكاة تطهر النفوس من الشح والبخل، وتربط بين الناس برباط المحبة والتعاون.
ثم بين- سبحانه- حالهم بعد أن فرض عليهم القتال فقال: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً.
أى: فحين فرض عليهم القتال وأمروا بمباشرته بعد أن صارت للمسلمين دولة بالمدينة، حين حدث ذلك، إذا فريق منهم- وهم الذين قل إيمانهم، وضعف يقينهم، وارتابت قلوبهم- يَخْشَوْنَ النَّاسَ أى يخافونهم خوفا شديدا كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً أى: يخافون من الكفار أن يقتلوهم كما يخافون من الله أن ينزل بهم بأسه، أو أشد من ذلك.
فالمراد بالناس في قوله يَخْشَوْنَ النَّاسَ أولئك الأعداء الذين كتب الله على المؤمنين قتالهم.
وعبر عن هؤلاء الأعداء بقوله النَّاسَ زيادة في توبيخ أولئك الذين خافوا منهم هذا الخوف الشديد، لأنهم لو كانوا مؤمنين حقا، لاستقبلوا ما فرضه الله عليهم بالسمع والطاعة، ولما خافوا هذا الخوف الشديد من أناس مثلهم.
وقوله كَخَشْيَةِ اللَّهِ مفعول مطلق، أى يخشونهم خشية كخشية الله.
وهو بيان لشدة خورهم وهلعهم، ولفساد تفكيرهم، حيث جعلوا خشيتهم للناس في مقابل خشيتهم لله، الذي يجب أن تكون خشيته- سبحانه- فوق كل خشية.
وقوله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً معطوف على ما قبله. وأشد حال من خشية لأن نعت النكرة إذا تقدم عليها أعرب حالا.
وفي هذه الجملة الكريمة زيادة في توبيخهم وذمهم وترق في توضيح حالتهم القبيحة، لأنه إذا كان من المقرر أنه لا يجوز للعاقل أن يجعل خشيته للناس كخشيته لله، فمن باب أولى لا يجوز له أن يجعل خشيته للناس أشد من خشيته لله- تعالى-.
قال الفخر الرازي ما ملخصه: فإن قيل: ظاهر أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً يوهم الشك. وذلك على علام الغيوب محال. أجيب بأن أَوْ بمعنى بل. أو هي للتنويع. على معنى أن خشية بعضهم كخشية الله وخشية بعضهم أشد منها أو هي للإبهام على السامع. على معنى أنهم على إحدى الصفتين من المساواة والشدة. وهو قريب مما في قوله- تعالى-: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ يعنى أن من يبصرهم يقول: أنهم مائة ألف أو يزيدون
ثم حكى- سبحانه- ما قاله أولئك الضعفاء عند ما فرض عليهم القتال فقال: وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ.
أى: أن هؤلاء الضعفاء لم يكتفوا بما اعتراهم من فزع وجزع عند ما كتب عليهم القتال وإنما أضافوا إلى ذلك أنهم قالوا على سبيل الضجر والألم: يا ربنا لم كتبت علينا القتال في هذا الوقت لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ أى: هلا عافيتنا وتركتنا حتى نموت موتة لا قتال معها عند حضور آجالنا، دون أن نتعرض لهذا التكليف الثقيل المخيف.
وهكذا يصور القرآن تخبط هؤلاء الضعفاء أكمل تصوير. إنهم قبل أن يفرض القتال يظهرون التحمس له، والتشوق لخوض معا معه، فإذا ما فرض عليهم القتال فزعوا وارتعدوا وقالوا ما قالوا من ضلال بضيق وهلع.
ويبدو أن هذه طبيعة أكثر المتهورين في كل وقت، إنهم قبل أن يجد الجد أشد الناس حماسة للقاء الأعداء، فإذا ماجد الجد ووقعت الواقعة كانوا أول الفارين، وأول الناكصين على أعقابهم.
وذلك لأن الشجعان العقلاء لا يتمنون لقاء الأعداء، ولا ينشئون القتال إنشاء، وإنما يقدرون الأمور حق قدرها، ويضعون الأشياء في مواضعها، فإذا ما اقتضت الضرورة خوض معركة من المعارك ثبتوا ثبات الأبطال.
أما المندفعون بدون إيمان يدفعهم، أو عقل يرشدهم، فإنهم لعدم تقديرهم للأمور يكونون في ساعة الشدة أول الناس جزعا ونكولا وانهيارا.
ولكن من هؤلاء الذين تحدثت عنهم الآية الكريمة ووصفتهم بأنهم حين كتب عليهم القتال «إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب..» ؟!!
إن الذي يراجع أقوال المفسرين يرى أن بعضهم يميل إلى أن الآية الكريمة في شأن المؤمنين، ويرى أن بعضهم يرجح أنها في شأن المنافقين، وقد لخص الإمام الرازي هذه الأقوال تلخيصا حسنا فقال:
«هذه الآية صفة للمؤمنين أو المنافقين؟ فيه قولان:
الأول: أن الآية نزلت في المؤمنين. قال الكلبي: نزلت في عبد الرحمن بن عوف، والمقداد، وقدامة بن مظعون، وسعد بن أبى وقاص. كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجروا إلى المدينة، ويلقون من المشركين أذى شديدا، فيشكون ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: ائذن لنا في قتالهم ويقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم كفوا أيديكم فإنى لم أومر بقتالهم، واشتغلوا بإقامة دينكم من الصلاة والزكاة، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كرهه بعضهم فأنزل الله هذه الآية.
ثم قال: واحتج الذاهبون إلى هذا القول بأن الذين يحتاج الرسول أن يقول لهم: كفوا عن القتال هم الراغبون في القتال والراغبون في القتال هم المؤمنون، فدل هذا على أن الآية في حق المؤمنين.. وأن كراهتهم للقتال إنما هي بمقتضى الجبلة البشرية ... وقولهم لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ محمول على التمني في التخفيف للتكليف لا على وجه الإنكار لإيجاب الله تعالى.
ثم قال: والقول الثاني: أن الآية نازلة في حق المنافقين. واحتج الذاهبون إلى هذا القول بأن الآية مشتملة على أمور تدل على أنها مختصة بالمنافقين، لأن الله وصفهم بأنهم يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ومعلوم أن هذا الوصف لا يليق إلا بالمنافق، لأن المؤمن لا يجوز أن يكون خوفه من الناس أزيد من خوفه من الله- تعالى- ولأنه- سبحانه- حكى عنهم أنهم قالوا: ربنا لما كتبت علينا القتال، والاعتراض على الله ليس إلا من صفة الكفار أو المنافقين، ولأن الله قال للرسول: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وهذا الكلام يذكر مع من كانت رغبته في الدنيا أكثر من رغبته في الآخرة، وذلك من صفات المنافقين.
ثم قال. والأولى حمل الآية على المنافقين لأنه- سبحانه- ذكر بعد هذه الآية قوله: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ولا شك أن هذا من كلام المنافقين، فإذا كانت هذه الآية معطوفة على الآية التي نحن في تفسيرها ثم المعطوف في المنافقين، وجب أن يكون المعطوف عليهم فيهم أيضا .
ونحن نوافق الإمام الرازي فيما ذهب إليه من أن حمل الآية الكريمة على أنها في المنافقين هو الأولى للأسباب التي ذكرها.
ونضيف إلى ما ذكره الإمام الرازي أن المتأمل في سياق الآيات السابقة واللاحقة يراها واضحة في شأن المنافقين، ومن هم على شاكلتهم من ضعاف الايمان، الذين أدى بهم ضعف نفوسهم، وحبهم للدنيا إلى كراهة القتال، والخوف من تكاليفه ...
فأنت إذا قرأت الآيات التي قبيل هذه الآية تراها تتحدث عن إرادة تحاكمهم إلى الطاغوت مع زعمهم الإيمان بما أنزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبما أنزل على الرسل من قبله. وتراها تتحدث عن تباطئهم عن القتال وفرحهم لنجاتهم من مخاطرة.
ثم إذا قرأت الآيات التي تأتى بعد هذه الآية تراها تتحدث عن نسبتهم الحسنة إلى الله، ونسبتهم السيئة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعن إذاعتهم لأسرار المؤمنين ... ألخ، فثبت أن الآية الكريمة تتحدث عن صفات المنافقين، وعمن هم قريبو الشبه بهم من ضعاف الإيمان الذين أخلدوا إلى الراحة. وآثروا القعود في بيوتهم على القتال من أجل إعلاء كلمة الله، ودفع الظلم عن المظلومين.
ونضيف أيضا أن القول الأول- الذي ذكره الإمام الرازي وهو أن الآية نزلت في المؤمنين- غير صحيح لأسباب من أهمها:
1- أن الرواية التي ذكرها الإمام الرازي نقلا عن الكلبي وهي أن الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف والمقداد وقدامة بن مظعون ... إلخ هذه الرواية يبدو عليها الضعف، لأنها لم ترد في كتب الحديث الموثوق بها، ولأن الكلبي نفسه قد عرف عنه عدم التثبت في النقل.
ولقد علق الإمام الشيخ محمد عبده على هذه الرواية بقوله: «إننى أجزم ببطلان هذه الرواية مهما كان سندها، لأننى أبرئ السابقين الأولين كسعد وعبد الرحمن مما رموا به. وهذه الآية متصلة بما قبلها، فإن الله- تعالى- أمر بأخذ الحذر والاستعداد للقتال، والنفر له، وذكر حال المبطئين لضعف قلوبهم. وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمر الإسلام أتباعه بالسلم وتهذيب النفوس بالعبادة والكف عن الاعتداء والقتال.. إلى أن اشتدت الحاجة إليه ففرضه الله عليهم فكرهه الضعفاء منهم» .
2- أن المؤمنين لم يعهد عنهم ما ذكرت الآية من خوف من القتال، ومن تمن لعدم حضوره، وإنما المعهود عنهم أنهم كانوا يبادرون إليه كلما اقتضت الضرورة ذلك ويتسابقون لخوض ساحته دفاعا عن دينهم، وانتصارا ممن بغى عليهم.
ولقد قال المقداد بن عمرو للرسول صلى الله عليه وسلم. في غزوة بدر يا رسول الله، امض لما أمرك الله فنحن معك. والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون. ولكن نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون. فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه ...
إلى غير ذلك من الأقوال والمواقف التي تدل على شجاعتهم وقوة إيمانهم.
ولقد رجح الإمام القرطبي عند تفسيره للآية الكريمة أنها في المنافقين فقال: قال مجاهد:
هي في اليهود. وقال الحسن: هي في المؤمنين لقوله «يخشون الناس» أى مشركي مكة «كخشية الله» فهي على ما طبع عليه البشر من المخافة لا على المخالفة. وقال السدى: هم قوم أسلموا قبل فرض القتال فلما فرض كرهوه. وقيل: هو وصف للمنافقين. والمعنى: يخشون القتل من المشركين كما يخشون الموت من الله «أو أشد خشبة» أى عندهم وفي اعتقادهم.
ثم قال: قلت وهذا أشبه بسياق الآية لقوله ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ومعاذ الله أن يصدر هذا القول من صحابى كريم، يعلم أن الآجال محدودة، والأرزاق مقسومة، بل كانوا لأوامر الله ممتثلين سامعين طائعين، يرون الوصول إلى الدار الآجلة خيرا من المقام في الدار العاجلة، على ما هو المعروف من سيرتهم- رضى الله عنهم- اللهم إلا أن يكون قائله ممن لم يرسخ في الإيمان قدمه، ولا انشرح بالإسلام جنانه، فإن أهل الإيمان متفاضلون فمنهم الكامل ومنهم الناقص، وهو الذي تنفر نفسه عما تؤمر به فيما تلحقه فيه المشقة وتدركه فيه الشدة» .
والخلاصة: أن الذي تطمئن إليه نفوسنا أن الآية الكريمة تحكى ما كان عليه المنافقون وضعاف الإيمان، من بعد عن طاعة الله، ومن جبن في النفوس ومن حب للحياة الدنيا وزينتها.
وأن المؤمنين بعيدون كل البعد عما اشتملت عليه الآية الكريمة من صفات وأحوال لأن ما عرف عنهم من إيمان وإقدام ينأى بهم عن أن يكونوا ممن قال الله فيهم فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وعن أن يقولوا: رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ.
هذا، وقوله- تعالى- قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا رد على التصرفات الذميمة، والأقوال الفاسدة التي صدرت عن المنافقين وضعاف الإيمان! وإرشاد من الله- تعالى- لعباده إلى أن متاع الحياة الدنيا قليل بالنسبة لما اشتملت عليه الآخرة من نعيم للمؤمنين الصادقين.
والمتاع: اسم لما يتمتع به الإنسان في هذه الحياة من مال وغيره.
والفتيل: هو الخيط الدقيق الذي يكون في شق نواة التمرة. ويضرب به المثل في القلة والتفاهة.
والمعنى: قل- يا محمد- لهؤلاء الذين يخشون لقاء الأعداء، ويفزعون من القتال طمعا في التمتع بزينة الحياة الدنيا، قل لهم: إن منافع الدنيا ولذاتها قليلة مهما كبرت في أعينكم لأنها زائلة فانية، أما الآخرة بما فيها من نعيم دائم فهي خير ثوابا، وأعظم أجرا لمن اتقى الله، وجاهد في سبيله. وإذا كان الأمر كذلك فاجعلوا خشيتكم من الله وحده، وبادروا إلى الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله، لكي تنالوا الثواب الجزيل من الله دون أن يذهب من ثوابكم شيئا مهما كان هذا الشيء ضئيلا أو قليلا، ودون أن ينقص من أعماركم شيئا لأن الجبن لا يؤخر الحياة كما أن الإقدام لا ينقص شيئا منها.
- البغوى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم ) الآية ، قال الكلبي : نزلت في عبد الرحمن بن عوف الزهري ، والمقداد بن الأسود الكندي ، وقدامة بن مظعون الجمحي ، وسعد بن أبي وقاص ، وجماعة كانوا يلقون من المشركين بمكة أذى كثيرا قبل أن يهاجروا ، ويقولون : يا رسول الله ائذن لنا في قتالهم فإنهم قد آذونا ، فيقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كفوا أيديكم فإني لم أؤمر بقتالهم " .
( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) فلما هاجروا إلى المدينة وأمرهم الله بقتال المشركين شق ذلك على بعضهم ، قال الله تعالى : ( فلما كتب ) فرض ، ( عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس ) يعني : يخشون مشركي مكة ، ( كخشية الله ) أي : كخشيتهم من الله ، ( أو أشد ) أكثر ، ( خشية ) وقيل : معناه وأشد خشية ، ( وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال ) الجهاد ( لولا ) هلا ( أخرتنا إلى أجل قريب ) يعني : الموت أي : هلا تركتنا حتى نموت بآجالنا؟ .
واختلفوا في هؤلاء الذين قالوا ذلك ، قيل : قاله قوم من المنافقين لأن قوله : ( لم كتبت علينا القتال ) لا يليق بالمؤمنين .
وقيل : قاله جماعة من المؤمنين لم يكونوا راسخين في العلم قالوه خوفا وجبنا لا اعتقادا ، ثم تابوا ، وأهل الإيمان يتفاضلون في الإيمان .
وقيل : هم قوم كانوا مؤمنين فلما فرض عليهم القتال نافقوا من الجبن وتخلفوا عن الجهاد ، ( قل ) يا محمد ، ( متاع الدنيا ) أي : منفعتها والاستمتاع بها ( قليل والآخرة ) أي : وثواب الآخرة خير وأفضل ، ( لمن اتقى ) الشرك ومعصية الرسول ، ( ولا تظلمون فتيلا ) قرأ ابن كثير وأبو جعفر وحمزة والكسائي بالياء والباقون تظلمون بالتاء .
أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن معاوية الصيدلاني ، أخبرنا الأصم ، أنا عبد الله بن محمد بن شاكر ، أنا محمد بن بشر العبدي ، أنا مسعر بن كدام عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم ، حدثني المستورد بن شداد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع " .
- ابن كثير : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
كان المؤمنون في ابتداء الإسلام - وهم بمكة - مأمورين بالصلاة والزكاة وإن لم تكن ذات النصب ، لكن كانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم ، وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين ، وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم ، ولم يكن الحال إذ ذاك مناسبا لأسباب كثيرة ، منها : قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم ، ومنها كونهم كانوا في بلدهم وهو بلد حرام وأشرف بقاع الأرض ، فلم يكن الأمر بالقتال فيه ابتداء لائقا . فلهذا لم يؤمر بالجهاد إلا بالمدينة ، لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار ، ومع هذا لما أمروا بما كانوا يودونه جزع بعضهم منه وخافوا من مواجهة الناس خوفا شديدا ( وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ) أي : لو ما أخرت فرضه إلى مدة أخرى ، فإن فيه سفك الدماء ، ويتم الأبناء ، وتأيم النساء ، وهذه الآية في معنى قوله تعالى ( ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال [ رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ] ) [ محمد : 20 ، 21 ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وعلي بن زنجة قالا حدثنا علي بن الحسن ، عن الحسين بن واقد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فقالوا : يا نبي الله ، كنا في عز ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة : قال : " إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم " . فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال ، فكفوا . فأنزل الله : ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم [ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ] ) الآية .
ورواه النسائي ، والحاكم ، وابن مردويه ، من حديث علي بن الحسن بن شقيق ، به .
وقال أسباط ، عن السدي : لم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة ، فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال ، فلما كتب عليهم القتال : ( إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ) وهو الموت ، قال الله تعالى : ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى )
وعن مجاهد : إن هذه الآيات نزلت في اليهود . رواه ابن جرير .
وقوله : ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ) أي : آخرة المتقي خير من دنياه .
( ولا تظلمون فتيلا ) أي : من أعمالكم بل توفونها أتم الجزاء . وهذه تسلية لهم عن الدنيا . وترغيب لهم في الآخرة ، وتحريض لهم على الجهاد .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن قال : قرأ الحسن : ( قل متاع الدنيا قليل ) قال : رحم الله عبدا صحبها على حسب ذلك ، ما الدنيا كلها أولها وآخرها إلا كرجل نام نومة ، فرأى في منامه بعض ما يحب ، ثم انتبه .
وقال ابن معين : كان أبو مسهر ينشد :
ولا خير في لمن لم يكن له من الله في دار المقام نصيب فإن تعجب الدنيا رجالا فإنها
متاع قليل والزوال قريب
- القرطبى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
قوله تعالى : ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا روى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فقالوا : يا نبي الله ، كنا في عز ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة ؟ فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم . فلما حوله الله تعالى إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا ، فنزلت الآية . أخرجه النسائي في سننه ، وقاله الكلبي . وقال مجاهد : هم يهود . قال الحسن : هي في المؤمنين ؛ لقوله : يخشون الناس أي مشركي مكة كخشية الله فهي على ما طبع عليه البشر من المخافة لا على المخالفة . قال السدي : هم قوم أسلموا قبل فرض القتال فلما فرض كرهوه . وقيل : هو وصف للمنافقين ؛ والمعنى يخشون القتل من المشركين كما يخشون الموت من الله . أو أشد خشية أي عندهم وفي اعتقادهم .
قلت : وهذا أشبه بسياق الآية ، لقوله : وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب أي هلا ، ولا يليها إلا الفعل . ومعاذ الله أن يصدر هذا القول من صحابي كريم يعلم أن الآجال محدودة والأرزاق مقسومة ، بل كانوا لأوامر الله ممتثلين سامعين طائعين ، يرون الوصول إلى الدار الآجلة خيرا من المقام في الدار العاجلة ، على ما هو معروف من سيرتهم رضي الله عنهم . اللهم إلا أن يكون قائله ممن لم يرسخ في الإيمان قدمه ، ولا انشرح بالإسلام جنانه ، فإن أهل الإيمان متفاضلون فمنهم الكامل ومنهم الناقص ، وهو الذي تنفر نفسه عما يؤمر به فيما تلحقه فيه المشقة وتدركه فيه الشدة . والله أعلم .
قوله تعالى : قل متاع الدنيا قليل ابتداء وخبر . وكذا والآخرة خير لمن اتقى أي المعاصي ؛ وقد مضى القول في هذا في " البقرة " ومتاع الدنيا منفعتها والاستمتاع بلذاتها وسماه قليلا لأنه لا بقاء له . وقال النبي صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل الدنيا كراكب قال قيلولة تحت شجرة ثم راح وتركها وقد تقدم هذا المعنى في " البقرة " مستوفى .
- الطبرى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
القول في تأويل قوله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ
قال أبو جعفر: ذكر أن هذه الآية نـزلت في قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا قد آمنوا به وصدقوه قبل أن يفرض عليهم الجهاد، وقد فرض عليهم الصلاة والزكاة، وكانوا يسألون الله أن يُفرض عليهم القتال، فلما فرض عليهم القتال شقّ عليهم ذلك، وقالوا ما أخبر الله عنهم في كتابه.
* * *
فتأويل قوله: " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم "، ألم تر بقلبك، يا محمد، فتعلم (13) =" إلى الذين قيل لهم "، من أصحابك حين سألوك أن تسأل ربك أن يفرض عليهم القتال =" كفوا أيديكم "، فأمسكوها عن قتال المشركين وحربهم =" وأقيموا الصلاة "، يقول: وأدُّوا الصلاة التي فرضها الله عليكم بحدودها (14) =" وآتوا الزكاة "، يقول: وأعطوا الزكاة أهلها الذين جعلها الله لهم من أموالكم، تطهيرًا لأبدانكم وأموالكم (15) = كرهوا ما أمروا به من كف الأيدي عن قتال المشركين وشق ذلك عليهم =" فلما كتب عليهم القتال "، يقول: فلما فرض عليهم القتال الذي كانوا سألوا أن يفرض عليهم (16) =" إذا فريق منهم "، يعني: جماعة منهم (17) =" يخشون الناس "، يقول: يخافون الناس أن يقاتلوهم =" كخشية الله أو أشد خشية "، أو أشد خوفًا (18) = وقالوا جزعًا من القنال الذي فرض الله عليهم: " لم كتبت علينا القتال "، لم فرضت علينا القتال؟ ركونًا منهم إلى الدنيا، وإيثارًا للدعة فيها والخفض، (19) على مكروه لقاء العدوّ ومشقة حربهم وقتالهم =" لولا أخرتنا "، يخبر عنهم، قالوا: هلا أخرتنا =" إلى أجل قريب "، يعني: إلى أن يموتوا على فُرُشهم وفي منازلهم. (20) .
* * *
وبنحو الذي قلنا إنّ هذه الآية نـزلت فيه، قال أهل التأويل.
ذكر الآثار بذلك، والرواية عمن قاله.
9951 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال، سمعت أبي قال، أخبرنا الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابًا له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، كنا في عِزّ ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذِلة! فقال: إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا. فلما حوَّله الله إلى المدينة، أمر بالقتال فكفوا، فأنـزل الله تبارك وتعالى: "
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم "، الآية (21) .9952 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: "
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم "، عن الناس =" فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم "، نـزلت في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم = قال: ابن جريج وقوله: " وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب "، قال: إلى أن نموت موتًا، هو " الأجل القريب ".9953 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة "، فقرأ حتى بلغ: " إلى أجل قريب "، قال: كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يومئذ بمكة قبل الهجرة، تسرَّعوا إلى القتال، فقالوا لنبي الله صلى الله عليه وسلم: ذَرْنا نتَّخذ مَعَاول فنقاتل بها المشركين بمكة! فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال: لم أؤمر بذلك. فلما كانت الهجرة، وأُمر بالقتال، كره القوم ذلك، فصنعوا فيه ما تسمعون، فقال الله تبارك وتعالى: قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا .9954 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة "، قال: هم قوم أسلموا قبل أن يُفرض عليهم القتال، ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة، فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال =" فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية " الآية، إلى " إلى أجل قريبٍ" (22) وهو الموت، قال الله: قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى .* * *
وقال آخرون: نـزلت هذه وآيات بعدها، في اليهود.
*ذكر من قال ذلك:
9955 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة " إلى قوله: لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا ، ما بين ذلك في اليهود.9956 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "
فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم " إلى قوله: " لم كتبت علينا القتال "، نهى الله تبارك وتعالى هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم.* * *
القول في تأويل قوله : قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا (77)
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "
قل متاع الدنيا قليل "، قل، يا محمد، لهؤلاء القوم الذين قالوا: رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ = : عيشكم في الدنيا وتمتعكم بها قليل، لأنها فانية وما فيها فانٍ (23) =" والآخرة خير "، يعني: ونعيم الآخرة خير، لأنها باقية ونعيمها باق دائم. وإنما قيل: " والآخرة خير "، ومعنى الكلام ما وصفت، من أنه معنيٌّ به نعيمها - لدلالة ذكر " الآخرة " بالذي ذكرت به، على المعنى المراد منه =" لمن اتقى "، يعني: لمن اتقى الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، فأطاعه في كل ذلك =" ولا تظلمون فتيلا "، يعني: ولا ينقصكم الله من أجور أعمالكم فتيلا.* * *
وقد بينا معنى: "
الفتيل "، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته ههنا. (24)-------------------
الهوامش :
(13) انظر تفسير: "
ألم تر" فيما سلف: 426 ، تعليق: 5 ، والمراجع هناك.(14) انظر تفسير: "
إقامة الصلاة" فيما سلف من فهارس اللغة (قوم).(15) انظر تفسير"
إيتاء الزكاة" فيما سلف من فهارس اللغة"أتى""زكا".(16) انظر تفسير"كتب" فيما سلف 525 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(17) انظر تفسير"فريق" سلف 2: 244 ، 245 ، 402 / 3: 549 / 6: 535.
(18) انظر تفسير"الخشية" فيما سلف 1: 599 ، 560 / 2: 239 ، 243.
(19) في المطبوعة: "وإيثارًا للدعة فيها والحفظ عن مكروه" ، وفي المخطوطة: "والحفظ على مكروه" ، وكلاهما خطأ فاسد ، والصواب: "والخفض" وهو لين العيش ، وأما قوله: "على مكروه لقاء العدو" فهو متعلق بقوله: "وإيثار للدعة ... على مكروه ...".
(20) انظر تفسير"الأجل" فيما سلف 5: 7 / 6: 43 ، 76.
(21) الأثر: 9951 -"محمد بن علي بن الحسن بن شقيق" مضى برقم: 1591 ، 2575 ، 2594.
وأبوه: "علي بن الحسن بن شقيق بن دينار" مضى برقم: 1909.
وكان في المطبوعة: "... بن الحسين بن شقيق" ، وهو خطأ.
وهذا الخبر ، رواه الحاكم في المستدرك 2: 307 مع اختلاف في لفظه ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. ورواه البيهقي في السنن 9: 11 ، ورواه ابن كثير في تفسيره 2: 514 ، من طريق ابن أبي حاتم ، وخرجه في الدر المنثور 2: 184 ، ونسبه إلى هؤلاء وزاد نسبته إلى النسائي.
(22) في المطبوعة والمخطوطة: "الآية إلى أجل قريب" ، والسياق يقتضي"إلى" الثانية.
(23) انظر تفسير"المتاع" فيما سلف 1: 539 ، 540 / 3: 55 / 5: 262 / 6: 258.
(24) انظر ما سلف: 456 - 460.
- ابن عاشور : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين قِيلَ لَهُمْ كفوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصلاة وَءَاتُواْ الزكواة فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ الناس كَخَشْيَةِ الله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القتال لولا أَخَّرْتَنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ متاع الدنيا قَلِيلٌ والاخرة خَيْرٌ لِّمَنِ اتقى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً * أَيْنَمَا } .
تهيّأ المقام للتذكير بحال فريق من المسلمين اختلف أولُ حاله وآخرهُ ، فاستطرد هنا التعجيب من شأنهم على طريقة الاعتراض في أثناء الحثِّ على الجهاد ، وهؤلاء فريق يودّون أن يؤذن لهم بالقتال فلمّا كتب عليهم القتال في إبّانه جبنوا . وقد علم معنى حرصهم على القتال قبل أن يعرض عليهم من قوله : { قيل لهم كفّوا أيديكم } ، لأنّ كفّ اليد مراد ، منه ترك القتال ، كما قال : { وهو الذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة } [ الفتح : 24 ] .
والجملة معترضة بين جملة { وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله } [ النساء : 75 ] والجمللِ التي بعدها وبين جملة { فليقاتِلْ في سبيل الله } [ النساء : 74 ] الآية اقتضت اعتراضها مناسبة العبرة بحال هذا الفريق وتقلّبها ، فالذين قيل لهم ذلك هم جميع المسلمين ، وسبب القول لهم هو سؤال فريق منهم ، ومحلّ التعجيب إنّما هو حال ذلك الفريق من المسلمين . ومعنى { كُتب عليهم القتال } أنّه كتب عليكم في عموم المسلمين القادرين . وقد دلّت ( إذا ) الفجائية على أنّ هذا الفريق لم يكن تترقّب منهم هذه الحالة ، لأنّهم كانوا يظهرون من الحريصين على القتال . قال جمهور المفسّرين : إنّ هاته الآية نزلت في طائفة من المسلمين كانوا لقوا بمكة من المشركين أذى شديداً ، فقالوا للنبيء صلى الله عليه وسلم «يا رسول الله كنّا في عزّ ونحن مشركون فلمّا آمنّا صرنا أذلّة» واستأذنوه في قتال المشركين ، فقال لهم : " أنّي أمرت بالعفو { فكُفُّوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } " فلمّا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وفُرض الجهاد جبن فريق من جملة الذين استأذنوه في القتال ، ففيهم نزلت الآية .
والمرويّ عن ابن عباس أنّ من هؤلاء عبد الرحمان بن عوف ، وسعد بن أبي وقّاص ، والمقداد بن الأسود ، وقدامة بن مظعون ، وأصحابهم ، وعلى هذا فقوله : { كخشية الله أو أشدّ خشية } مسوق مساق التوبيخ لهم حيث رغبوا تأخير العمل بأمر الله بالجهاد لخوفهم من بأس المشركين ، فالتشبيه جار على طريقة المبالغة لأنّ حمل هذا الكلام على ظاهر الإخبار لا يلائم حالَهم من فضيلة الإيمان والهجرة .
وقال السديّ : «الذين قيل لهم كفّوا أيديكم» قوم أسلموا قبل أن يفرض القتال وسألوا أن يُفرض عليهم القتال فلمّا فرض القتال إذا فريق يخشون الناس . واختلف المفسّرون في المعنيّ بالفريق من قوله تعالى : { إذا فريق منهم يخشون الناس } فقيل : هم فريق من الذين استأذنوا في مكة في أن يقاتلوا المشركين ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، والكلبي ، وهو ظاهر الآية ، ولعلّ الذي حَوّل عزمهم أنّهم صاروا في أمن وسلامة من الإذلال والأذى ، فزال عنهم الاضطرار للدفاع عن أنفسهم .
وحكى القرطبي : أنّه قيل : إنّ هذا الفريق هم المنافقون . وعلى هذا الوجه يتعيّن تأويل نظم الآية بأن المسلمين الذين استأذنوا في قتل المشركين وهم في مكة أنّهم لمّا هاجروا إلى المدينة كررّوا الرغبة في قتال المشركين ، وأعاد النبي صلى الله عليه وسلم تهدئتهم زماناً ، وأنّ المنافقين تظاهروا بالرغبة في ذلك تمويهاً للنفاق ، فلمّا كتب القتال على المسلمين جبن المنافقون ، وهذا هو الملائم للإخبار عنهم بأنّهم يخشون الناس كخشية الله أو أشدّ . وتأويل وصفهم بقوله { منهم } : أي من الذين قيل لهم : كفّوا أيديكم ، وهذا على غموضه هو الذي ينسجم مع أسلوب بقية الكلام في قوله : { وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله } وما بعده ، كما سيأتي ، أمّا على قول السدّي فلا حاجة إلى تأويل الآية .
فالاستفهام في قوله : { ألم تر } للتعجيب ، وقد تقدّمت نظائره . والمتعجّب منهم ليسوا هم جميع الذين قيل لهم في مكة : كُفّوا أيديكم ، بل فريق آخر من صفتهم أنّهم يخْشَوْن الناس كخشية الله . وإنّما عُلّق التعجيب بجميع الذين قيل لهم باعتبار أنّ فريقاً منهم حالُهم كما وصف ، فالتقدير : ألم تر إلى فريق من الذين قيل لهم : كفّوا أيديكم .
والقول في تركيب قوله : { كخشية الله أو أشدّ خشية } كالقول في نظيره ، وهو قوله تعالى : { فاذكروا الله كذكِركم آباءكم أو أشدّ ذكراً } في سورة البقرة ( 200 ) .
وقولهم : { ربّنا لم كتبت علينا القتال } إنّما هو قولهم في نفوسهم على معنى عدم الاهتداء لحكمة تعليل الأمر بالقتال وظنِّهم أنّ ذلك بلوى . ( والأجلُ القريب ) مدّة متأخّرة ريثما يتمّ استعدادهم ، مثل قوله : { فيقول ربّ لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصدّق } [ المنافقون : 10 ] . وقيل : المراد من ( الأجل ) العمر ، . بمعنى لولا أخرّتنا إلى أن تنقضي آجالنا دون قتال ، فيصير تمنّيا لانتفاء فرض القتال ، وهذا بعيد لعدم ملائمته لسياق الكلام ، إذ ليس الموت في القتال غير الموت بالأجل ، ولعدم ملاءمته لوصفه بقريب ، لأنّ أجل المرء لا يعرف أقريب هو أم بعيد إلاّ إذا أريد تقليل الحياة كلّها . وعلى كلا الوجهين فالقتال المشار إليه هنا هو أوّل قتال أمروا به ، والآية ذكّرتهم بذلك في وقت نزولها حين التهيُّؤ للأمر بفتح مكة . وقال السديّ : أريد بالفريق بعض من قبائل العرب دخلوا في الإسلام حديثاً قبل أن يكون القتال من فرائضه وكانوا يتمنّون أن يقاتلوا فلّما كتب عليهم القتال جبُنوا لضعف إيمانهم ، ويكون القتال الذين خافوه هو غزو مكة ، وذلك أنّهم خشوا بأس المشركين .
وقولهم : { ربّنا لم كتبت علينا القتال } يحتمل أن يكون قولاً في نفوسهم ، ويحتمل أنّه مع ذلك قول بأفواههم ، ويبدو هو المتعيّن إذا كان المراد بالفريق فريق المنافقين؛ فهم يقولون : ربّنا لم كتبت علينا القتال بألسنتهم علناً ليوقعوا الوهن في قلوب المستعدّينَ له وهم لا يعتقدون أنّ الله كتب عليهم القتال ، وقال ابن جرير عن مجاهد : نزلت في اليهود ، وعليه تكون الآية مثالاً ضربه الله للمسلمين الذين أوجب عليهم القتال ، تحذيراً لهم في الوقوع في مثل ذلك ، فيكون على طريقة قوله :
{ ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبيء لهم ابعث لنا ملكاً } الآية في سورة البقرة ( 246 ) .
والرؤية بَصَرية ، وهي على بعض الوجوه المرويَّة بصرية حقيقية ، وعلى بعضها بصرية تنزيلية ، للمبالغة في اشتهار ذلك .
وانتصب { خشيه } على التمييز لنسبة { أشد } ، كما تقدّم في قوله تعالى : { كذكركم رباءكم أو أشدّ ذِكراً } وقد مرّ ما فيه في سورة البقرة ( 200 ) .
والجواب بقوله : قل متاع الدنيا قليل } جواب عن قولهم : { لولا أخرتنا إلى أجل قريب } سواء كان قولهم لسانياً وهو بيّن ، أم كان نفسياً ، ليعلموا أنّ الله أطْلَع رسوله على ما تضمره نفوسهم ، أي أنّ التأخير لا يفيد والتعلُّق بالتأخير لاستبقاء الحياة لا يوازي حظّ الآخرة ، وبذلك يبطل ما أرَادوا من الفتنة بقولهم : { لولا أخرتنا إلى أجل قريب } .
وموقع قوله : { ولا تظلمون فتيلاً } موقع زيادة التوبيخ الذي اقتضاه قوله : { قل متاع الدنيا قليل } ، أي ولا تنقصون شيئاً من أعماركم المكتوبة ، فلا وجه للخوف وطلب تأخير فرض القتال؛ وعلى تفسير الأجل في : { لولا أخرتنا إلى أجل قريب } بأجل العُمر ، وهو الوجه المستبعد ، يكون معنى { ولا تظلمون فتيلاً } تغليطهم في اعتقادهم أنّ القتل يعجّل الأجل ، فيقتضي أن يكون ذلك عقيدة للمؤمنين إن كانوا هم المخاطبين قبل رسوخ تفاصيل عقائد الإسلام فيهم ، أو أنّ ذلك عقيدة المنافقين إن كانوا هم المخاطبين .
وقيل معنى نفي الظلم هنا أنّهم لا يظلمون بنقص ثواب جهادهم ، فيكون موقعه موقع التشجيع لإزالة الخوف ، ويكون نصبه على النيابة عن المفعول المطلق . وقيل : معناه أنّهم لا يظلمون بنقص أقلّ زمن من آجالهم ، ويجيء على هذا التفسير أن يجعل { تظلمون } بمعنى تنقصون ، كقوله تعالى : { ولم تَظْلِمْ منه شيئاً } [ الكهف : 33 ] ، أي كلتا الجنتين من أكلها ، ويكون { فتيلا } مفعولاً به ، أي لا تنقصون من أعماركم ساعة ، فلا موجب للجبن .
وقرأ الجمهور : { ولا تظلمون } بتاء الخطاب على أنّه أمِر الرسول أن يقوله لهم . وقرأه ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو جعفر ، وروْح عن يعقوب ، وخلف بياء الغيبة على أن يكون ممّا أخبر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ليبلّغه إليهم .
والفتيل تقدم آنفاً عند قوله تعالى : { بل الله يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا } [ النساء : 49 ] .
- إعراب القرآن : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
«أَلَمْ تَرَ» ألم سبق إعرابها تر مضارع مجزوم بحذف حرف العلة فاعله أنت «إِلَى الَّذِينَ» متعلقان بتر «قِيلَ لَهُمْ» الجار والمجرور متعلقان بالفعل المجهول قيل والجملة صلة الموصول «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» فعل أمر وفاعله ومفعوله والجملة مقول القول ومثلها الجملتان المعطوفتان «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ». «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ» كتب فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور والقتال نائب فاعله ولما ظرفية متضمنة معنى الشرط والجملة بعدها في محل جر بالإضافة أو هي حرف وجود لوجود «إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ» إذا فجائية حرف لا محل له من الإعراب وقيل هي ظرف فريق مبتدأ منهم متعلقان بمحذوف صفة فريق وجملة «يَخْشَوْنَ النَّاسَ» خبر «كَخَشْيَةِ اللَّهِ» الجار والمجرور متعلقان بمحذوف مفعول مطلق اللّه لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها وجملة «فَرِيقٌ مِنْهُمْ» في محل نصب حال. «أَوْ أَشَدَّ» عطف على خشية المحذوف وقيل معطوف على كخشية «خَشْيَةً» تمييز «وَقالُوا رَبَّنا» الجملة مستأنفة أو معطوفة ربنا منادى مضاف منصوب «لَمْ» اسم استفهام في محل جر والجار والمجرور متعلقان بكتبت «كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ» فعل ماض وفاعل ومفعول به والجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة مقول القول «لَوْ لا» حرف تحضيض «أَخَّرْتَنا» فعل ماض وفاعل ومفعول به والجار والمجرور متعلقان بالفعل
«قَرِيبٍ» صفة والجملة مقول القول. «قُلْ» الجملة مستأنفة والجملة الاسمية «مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ» مبتدأ وخبر والجملة مقول القول والدنيا مضاف إليه «وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ» مبتدأ وخبر والجملة مستأنفة «لِمَنِ» متعلقان بخير وجملة «اتَّقى » صلة الموصول من «وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا» لا نافية ومضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل فتيلا نائب مفعول مطلق والجملة معطوفة بالواو قبلها.
- English - Sahih International : Have you not seen those who were told "Restrain your hands [from fighting] and establish prayer and give zakah" But then when fighting was ordained for them at once a party of them feared men as they fear Allah or with [even] greater fear They said "Our Lord why have You decreed upon us fighting If only You had postponed [it for] us for a short time" Say The enjoyment of this world is little and the Hereafter is better for he who fears Allah And injustice will not be done to you [even] as much as a thread [inside a date seed]"
- English - Tafheem -Maududi : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا(4:77) Have you not seen those who were told: 'Restrain you hands, and establish the Prayer, and pay the Zakah'? But when fighting was enjoined upon them some of them feared men as one should fear Allah, or even more, *107 and said: 'Our Lord, why have You ordained fighting for us? Why did You not grant us a little more respite?' Say to them: 'There is little enjoyment in this world. The World to Come is much better for the God-fearing. And you shall not be wronged even to the extent of the husk of a date-stone. *108
- Français - Hamidullah : N'as-tu pas vu ceux auxquels on avait dit Abstenez-vous de combattre accomplissez la Salât et acquittez la Zakât Puis lorsque le combat leur fut prescrit voilà qu'une partie d'entre eux se mit à craindre les gens comme on craint Allah ou même d'une crainte plus forte encore et à dire O notre Seigneur Pourquoi nous as-Tu prescrit le combat Pourquoi n'as-Tu pas reporté cela à un peu plus tard Dis La jouissance d'ici-bas est éphémère mais la vie future est meilleure pour quiconque est pieux Et on ne vous lésera pas fût-ce d'un brin de noyau de datte
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Siehst du nicht jene zu denen gesagt wurde "Haltet eure Hände zurück und verrichtet das Gebet und entrichtet die Abgabe" Als ihnen dann aber vorgeschrieben wurde zu kämpfen fürchtete auf einmal eine Gruppe von ihnen die Menschen wie sie Furcht vor Allah haben oder mit noch größerer Furcht und sagten "Unser Herr warum hast Du uns vorgeschrieben zu kämpfen O würdest Du uns doch auf eine kurze Frist zurückstellen" Sag Der Genuß des Diesseits ist gering Und das Jenseits ist besser für jemanden der gottesfürchtig ist Und euch wird nicht um ein Fädchen Unrecht zugefügt
- Spanish - Cortes : ¿No has visto a aquéllos a quienes se dijo ¡Deponed las armas ¡Haced la azalá y dad el azaque Cuando se les prescribe el combate algunos de ellos tienen tanto miedo de los hombres como deberían tener de Alá o aún más y dicen ¡Señor ¿Por qué nos has ordenado combatir Si nos dejaras para un poco más tarde Di El breve disfrute de la vida de acá es mezquino La otra vida es mejor para quien teme a Alá No se os tratará injustamente en lo más mínimo
- Português - El Hayek : Não reparaste naqueles aos quais foi dito Contende as vossas mãos observai a oração e pagai o zakat Mas quandolhes foi prescrita a luta eis que grande parte deles temeu as pessoas tanto ou mais que a Deus dizendo Ó Senhor nosso porque nos prescreves a luta Por que não nos concedes um pouco mais de trégua Dizelhes O gozo terreno é transitório; emverdade o da outra vida é preferível para o temente; sabei que não sereis frustrados no mínimo que seja
- Россию - Кулиев : Разве ты не видел тех кому было сказано Уберите руки не пытайтесь сражаться совершайте намаз и выплачивайте закят Когда же им было предписано сражаться некоторые из них стали бояться людей так как боятся Аллаха или даже более того Они сказали Господь наш Зачем Ты предписал нам сражаться Вот если бы Ты предоставил отсрочку на небольшой срок Скажи Мирские блага непродолжительны а Последняя жизнь лучше для того кто богобоязнен Вы же не будете обижены даже на величину нити на финиковой косточке
- Кулиев -ас-Саади : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
Разве ты не видел тех, кому было сказано: «Уберите руки (не пытайтесь сражаться), совершайте намаз и выплачивайте закят». Когда же им было предписано сражаться, некоторые из них стали бояться людей так, как боятся Аллаха, или даже более того. Они сказали: «Господь наш! Зачем Ты предписал нам сражаться? Вот если бы Ты предоставил отсрочку на небольшой срок!» Скажи: «Мирские блага непродолжительны, а Последняя жизнь лучше для того, кто богобоязнен. Вы же не будете обижены даже на величину нити на финиковой косточке».Пока мусульмане жили в Мекке, им было приказано совершать намаз и выплачивать закят, то есть поддерживать бедняков. Это не был закят, который хорошо известен сегодня и выплачивается в соответствии с установленными правилами, когда имущество достигает облагаемого закятом минимума, поскольку выплата его была вменена в обязанность мусульманам только в Медине. Мусульманам также не было приказано сражаться с врагами, и тому было несколько причин. Во-первых, Всевышний Создатель по Своей мудрости ниспосылал религиозные законы так, чтобы они не обременяли рабов, и поэтому Он начинал с самых важных и простых законов и постепенно переходил к более сложным. Во-вторых, если бы мусульманам было приказано сражаться с неверующими, когда они были малочисленны и плохо оснащены, то это привело бы к исчезновению ислама. Аллах же позаботился о достижении мусульманами самой важной цели, не приняв во внимание менее важные вопросы. Были и другие причины, по которым мусульманам не было приказано сражаться во имя Аллаха. Несмотря на это, некоторые правоверные хотели, чтобы Аллах приказал им сражаться с неверующими даже при таких обстоятельствах. Безусловно, они были неподходящими для начала войны с неверующими, и поэтому мусульманам следовало исповедовать единобожие, совершать намаз, выплачивать закят и выполнять другие предписания, относящиеся к тому времени. Недаром Всевышний сказал: «А если бы они совершили то, чем их увещевают, то так было бы лучше для них и сильнее укрепило бы их» (4:66). После переселения в Медину ислам окреп, и мусульманам было приказано сражаться с неверующими. В то время обстоятельства позволяли им поступить так. Однако некоторые из тех, кто прежде торопился сразиться с врагами, испугались их, проявив слабость и малодушие. Они сказали: «Господи! Почему Ты приказал нам сражаться?» Так они выражали досаду и недовольство решением Аллаха. Им следовало вести себя иначе, покориться воле Аллаха и терпеливо выполнить Его повеление, но они поступили противоположным образом и сказали: «Господи! Вот если бы Ты немного повременил с повелением сражаться против неверующих!» Так поступают многие неблагоразумные люди, которые торопятся и хотят совершить большие дела до того, как наступил их черед. Когда же наступает пора перейти к ним, они чаще всего отказываются проявить должное терпение и понести свое тяжелое бремя. Аллах предостерег их от такого поведения и от отказа от участия в сражениях на Его пути. Он возвестил, что мирские блага непродолжительны, а Последняя жизнь лучше для тех, кто богобоязнен. Человек недолго наслаждается мирскими благами и земным покоем, и выполнять тяжелые предписания Аллаха в течение этого короткого срока для него не составляет труда. Знание о том, что все выпадающие на его долю неприятности непродолжительны, облегчает ему любые трудности. А еще легче ему становится, если он сравнивает этот мир с Последней жизнью и осознает, что она прекрасней, приятней и продолжительней жизни на земле. Что касается ее прелестей, то в достоверном хадисе говорится: «Участок в Раю величиной с кнут лучше, чем земной мир и все, что есть в нем». Ее удовольствия лишены всего, что может причинить людям беспокойство. Более того, какие бы удовольствия человек ни представил себе, райские прелести окажутся еще более приятными, поскольку Всевышний сказал: «Ни один человек не знает, какие услады для глаз сокрыты для них в воздаяние за то, что они совершали» (32:17). Пророк же, да благословит его Аллах и приветствует, поведал о том, что Всевышний Аллах сказал: «Я приготовил для своих праведных рабов то, чего не видывал взор, чего не слышали уши, о чем даже не помышляла человеческая душа». Мирские удовольствия сопряжены с обстоятельствами, которые доставляют множество неприятностей, и если сравнить их с теми страданиями, переживаниями и беспокойствами, которые приходится переживать людям ради них, то мирские удовольствия по сравнению с ними кажутся ничтожными. Они тленны и преходящи, и срок человеческой жизни по сравнению с их продолжительностью тоже ничтожен. В то же время наслаждения Последней жизни вечны, и люди в том мире никогда не познают смерти. Если благоразумный человек задумается над этими двумя обителями и даст им справедливую оценку, то поймет, какой из них следует отдавать предпочтение и ради какой из них следует трудиться. Вот почему Аллах сказал, что Последняя жизнь будет лучше только для тех, кто был богобоязнен и остерегался многобожия и прочих грехов. Люди не будут обижены даже на величину ниточки, которая помещается в бороздке на финиковой косточке, и если они стремились к будущей обители, то они сполна получат свою награду в самой совершенной форме, и их благодеяния не будут умалены.
- Turkish - Diyanet Isleri : Kendilerine "Elinizi savaştan çekin namaz kılın zekat verin" denenleri görmedin mi Onlara savaş farz kılındığında içlerinden bir takımı hemen insanlardan Allah'tan korkar gibi hatta daha çok korkarlar ve "Rabbimiz Bize savaşı niçin farz kıldın bizi yakın bir zamana kadar tehir edemez miydin" derler De ki "Dünya geçimliği azdır ahiret Allah'a karşı gelmekten sakınan için hayırlıdır size zerre kadar zulmedilmez"
- Italiano - Piccardo : Non hai visto coloro ai quali fu detto “Abbassate le mani eseguite l'orazione e pagate la decima” Quando fu loro ordinato di combattere ecco che una parte di loro fu presa da un timore per gli uomini come timore di Allah o ancora maggiore e dissero “O Signor nostro perché ci hai ordinato la lotta Se potessi rinviarci il termine” Di' “È infimo il godimento di questo mondo l'Altra vita è migliore per chi è timorato [di Allah] Non subirete neanche un danno grande come una pellicola di dattero
- كوردى - برهان محمد أمين : ئایا نهتڕوانیووهته ئهوانهی که پێیان وترا دهست بپارێزن کاتی جهنگ نیه بهڵکو ههر نوێژ بکهن و زهکات بدهن کهچی کاتێک جهنگیان بۆ بڕیاردرا دهستهیهکیان له خهڵکی دهترسان بهقهدهر ئهوهی که له خوا دهترسن یاخود زیاتریش و دهیانوت خوایه تۆ بۆچی جهنگت لهسهر فهرزکردین خۆزگه بۆ ماوهیهک دوات دهخستین بهوانه بڵێ ڕابواردنی ژیانی دنیا زۆر کهم و کورته ژیانی قیامهت چاکترو خۆشترو نهبڕاوهیه بۆ ئهو کهسهی له خوا دهترسێت و پارێزکاره لهوێ بهقهدهر تاڵی ناوکی خورمایهک ستهمتان لێناکرێت
- اردو - جالندربرى : بھلا تم نے ان لوگوں کو نہیں دیکھا جن کو پہلے یہ حکم دیا گیا تھا کہ اپنے ہاتھوں کو جنگ سے روکے رہو اور نماز پڑھتے رہو اور زکوه دیتے رہو پھر جب ان پر جہاد فرض کردیا گیا تو بعض لوگ ان میں سے لوگوں سے یوں ڈرنے لگے جیسے خدا سے ڈرا کرتے ہیں بلکہ اس سے بھی زیادہ اور بڑبڑانے لگے کہ اے خدا تو نے ہم پر جہاد جلد کیوں فرض کردیا تھوڑی مدت اور ہمیں کیوں مہلت نہ دی اے پیغمبر ان س ے کہہ دو کہ دنیا کا فائدہ بہت تھوڑا ہے اور بہت اچھی چیز تو پرہیزگار کے لئے نجات اخرت ہے اور تم پر دھاگے برابر بھی ظلم نہیں کیا جائے گا
- Bosanski - Korkut : Zar ne vidiš one kojima je rečeno "Dalje od boja već molitvu obavljajte i milostinju dajite" A kada im bî propisana borba odjednom se neki od njih pobojaše ljudi kao što se Allaha boje ili još više i uzviknuše "Gospodaru naš zašto si nam borbu propisao Da si nas toga još neko vrijeme poštedio" Reci "Uživanje na ovome svijetu je kratko a onaj svijet je bolji za one koji se grijeha klone; i nikome se od vas ni koliko trun jedan neće učiniti nepravda"
- Swedish - Bernström : HAR DU inte sett hur de som blivit tillsagda "Upphör med ert våld förrätta bönen och erlägg allmoseskatten" [beter sig] när de får befallning att kämpa Några av dem visar sådan fruktan för människorna som skall visas Gud ja större fruktan och de säger "Herre Varför har Du befallt oss att kämpa Ge oss ett kort uppskov" Säg "Livets fröjder är få; evigheten har mer att bjuda den som fruktar Gud och [ingen] skall få lida ens den orätt som ryms på en tråd
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Tidakkah kamu perhatikan orangorang yang dikatakan kepada mereka "Tahanlah tanganmu dari berperang dirikanlah sembahyang dan tunaikanlah zakat" Setelah diwajibkan kepada mereka berperang tibatiba sebahagian dari mereka golongan munafik takut kepada manusia musuh seperti takutnya kepada Allah bahkan lebih sangat dari itu takutnya Mereka berkata "Ya Tuhan kami mengapa Engkau wajibkan berperang kepada kami Mengapa tidak Engkau tangguhkan kewajiban berperang kepada kami sampai kepada beberapa waktu lagi" Katakanlah "Kesenangan di dunia ini hanya sebentar dan akhirat itu lebih baik untuk orangorang yang bertakwa dan kamu tidak akan dianiaya sedikitpun
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا
(Tidakkah kamu perhatikan orang-orang yang dikatakan kepada mereka, "Tahanlah tanganmu) dari memerangi orang-orang kafir tatkala hal itu mereka tuntut di Mekah disebabkan penganiayaan orang-orang kafir terhadap mereka. Dan mereka ini ialah segolongan sahabat (dan dirikanlah salat serta bayarkanlah zakat." Maka setelah diwajibkan atas mereka berperang tiba-tiba sebagian dari mereka takut kepada manusia) maksudnya kepada orang-orang kafir disebabkan tindakan dan keberanian mereka dalam peperangan itu (seperti menakuti) siksa (Allah bahkan lebih takut lagi) daripada itu. Asyadda dibaca manshub karena menjadi hal juga sebagai jawaban terhadap apa yang ditunjukkan oleh idzaa dan yang sesudahnya artinya tiba-tiba mereka didatangi oleh ketakutan. (kata mereka) karena cemas menghadapi maut ("Wahai Tuhan kami! Kenapa Engkau wajibkan atas kami berperang? Kenapa tidak Engkau tangguhkan agak beberapa waktu lagi?" Katakanlah) kepada mereka ("Kesenangan dunia) maksudnya apa-apa yang disenangi dan dinikmati di dunia ini (hanya sebentar) dan akan kembali lenyap (sedangkan akhirat) maksudnya surga (lebih baik bagi orang yang takwa) yakni yang menjaga diri dari siksa Allah dengan menjauhi larangan-Nya (dan kamu tidak akan dianiaya) dibaca dengan ta dan ya artinya tidak akan dikurangi amalmu (sedikit pun.") artinya walau sebesar kulit padi sekali pun, maka berjihad atau berusahalah.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তুমি কি সেসব লোককে দেখনি যাদেরকে নির্দেশ দেয়া হয়েছিল যে তোমরা নিজেদের হাতকে সংযত রাখ নামায কায়েম কর এবং যাকাত দিতে থাক অতঃপর যখন তাদের প্রতি জেহাদের নির্দেশ দেয়া হল তৎক্ষণাৎ তাদের মধ্যে একদল লোক মানুষকে ভয় করতে আরম্ভ করল যেমন করে ভয় করা হয় আল্লাহকে। এমন কি তার চেয়েও অধিক ভয়। আর বলতে লাগল হায় পালনকর্তা কেন আমাদের উপর যুদ্ধ ফরজ করলে আমাদেরকে কেন আরও কিছুকাল অবকাশ দান করলে না। হে রসূল তাদেরকে বলে দিন পার্থিব ফায়দা সীমিত। আর আখেরাত পরহেযগারদের জন্য উত্তম। আর তোমাদের অধিকার একটি সূতা পরিমান ও খর্ব করা হবে না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : "உங்களுடைய கைகளைப் போர் செய்வதினின்றும் தடுத்துக் கொண்டும் தொழுகையை நிலைநிறுத்தியும் ஜக்காத்தை கொடுத்தும் வருவீர்களாக" என்று எவர்களுக்குக் கூறப்பட்டதோ அவர்களை நபியே நீங்கள் பார்க்கவில்லையா பின்னர் போர் செய்ய வேண்டும் என்று அவர்களுக்குக் கட்டளையிடப்பட்டபோது அவர்களில் ஒரு பிரிவினர் அல்லாஹ்வுக்குப் பயப்படுபவதைப் போல் அல்லது அதைவிட அதிகமாகவே மனிதர்களுக்குப் பயப்பட்டு "எங்கள் இறைவனே எங்கள் மீது ஏன் இப் போரை விதியாக்கினாய் சிறிது காலம் எங்களுக்காக இதைப் பிற்படுத்தியிருக்கக் கூடாதா என்று கூறலானார்கள் நபியே நீர் கூறுவீராக "இவ்வுலக இன்பம் அற்பமானது மறுவுலகஇன்பம் பயபக்தியுடையோருக்கு மிகவும் மேலானது நீங்கள் எள்ளளவேனும் அநியாயம் செய்யப்படமாட்டீர்கள்"
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : เจ้ามิได้มองดูบรรดาผู้ที่ถูกกล่าวแก่พวกเขา ว่า จงระงับมือของพวกเจ้าก่อนเถิด และจงละหมาด และจงชำระซะกาต ครั้นเมื่อการสู้รบได้ถูกกำหนดขึ้นแก่พวกเขา ทันใดนั้นกลุ่มหนึ่งในหมู่พวกเขาก็กลัวมนุษย์เช่นเดียวกับกลัวอัลลอฮฺ หรือกลัวยิ่งกว่า และพวกเขากล่าวว่า โอ้พระเจ้าของเรา เพราะเหตุใดพระองค์จึงได้กำหนดการสู้รบขึ้นแก่พวกเรา พระองค์จะทรงเลื่อนให้แก่พวกเรายังกำหนดเวลาอันใกล้ไม่ได้หรือ จงกล่าวเถิด มุฮัมมัด สิ่งอำนวยประโยชน์แห่งโลกนี้นั้นเล็กน้อยเท่านั้น และปรโลกนั้นดียิ่งกว่าสำหรับผู้ที่ยำเกรงและพวกเจ้าจะไม่ถูกอธรรมแม้เท่าขนาดร่องเมล็ดอินทผาลัม
- Uzbek - Мухаммад Содик : Қўлингизни тийинг намоз ўқиб закот беринг деб айтилган кимсаларни кўрмайсанми Уларга уруш фарз қилинганда бирдан бир гуруҳлари одамлардан худди Аллоҳдан қўрққандек ёки ундан ҳам қаттиқроқ қўрқишмоқда Ва Эй Роббимиз бизга урушни нега фарз қилдинг бир оз ортга суриб турсанг бўлмасмиди демоқдалар Дунёнинг матоҳи оз охират эса тақво қилганларга яхшидир Ва қилчалик зулм қилинмассизлар деб айт
- 中国语文 - Ma Jian : 难道你没有看见吗?有人曾对他们说:你们当制止自己的武力,当谨守拜功,当完纳天课。当真主以抗战为他们的定制的时候,他们中有一部分人畏惧敌人,犹如畏惧真主,乃至更加畏惧。他们说:我们的主啊!你为什么以抗战为我们的定制呢?你为什么不让我们延迟到一个临近的日期呢?你说:今世的享受,是些微的;后世的报酬,对于敬畏者,是更好的。你们不受一丝毫的亏枉。
- Melayu - Basmeih : Tidakkah engkau hairan melihat wahai Muhammad akan orangorang yang pernah dikatakan kepada mereka "Tahanlah tangan kamu daripada bertindak melancarkan perang yang belum diizinkan dan dirikanlah sembahyang serta berikanlah zakat" Mereka meminta juga hendak berperang kemudian apabila mereka diperintahkan berperang tibatiba sepuak di antara mereka merasa gerun kepada manusia sama seperti mereka merasa gerun kepada azab Allah atau lebih gerun lagi Lalu mereka merayu kepada Allah dengan berkata "Wahai Tuhan kami mengapa Engkau wajibkan kami berperang pada saat ini Mengapa Engkau tidak biarkan kami hingga ke tempoh yang singkat iaitu akhir hayat kami" Katakanlah wahai Muhammad "Harba benda yang menjadi kesenangan di dunia ini adalah sedikit sahaja dan akhirnya akan lenyap dan balasan hari akhirat itu lebih baik lagi bagi orangorang yang bertaqwa kerana ia lebih mewah dan kekal selamalamanya dan kamu pula tidak akan dianiaya sedikit pun"
- Somali - Abduh : Ka warran kuwa loo yidhi Reeba Gaemihiinna Billoowgii Islaamka Oogana Salaadda Bixiyana Zakada markii lagu Faral yeelay Dagaalkana waxaa soo baxay Koox ka mid ah oo uga Cabsan Dadka Cabsida Eebe oo kale ama ka daran Cabsi waxayna dhaheen Eebow maxaad noogu Faral yeeshay Dagaalka maxaad Dib Noogu dhigi wayday Tan iyo Muddo dhaw waxaad dhahdaa Raaxada Adduunyo waa yartahay Aakhiraana u khayroon Ciddii Dhawrsan Laydinkama dulmiyo Fatiil oo kale wax yar
- Hausa - Gumi : Shin ba ka gani ba zuwa ga waɗanda aka ce musu "Ku kange hannuwanku kuma ku tsayar da salla kuma ku bãyar da zakka" To a lõkacin da aka wajabta musu yãƙi sai ga wani ɓangare daga cikinsu sunã tsõron mutãne kamar tsõron Allah kõ kuwa mafi tsanani ga tsõron kuma suka ce "Ya Ubangijinmu Don me Ka wajabta yãƙi a kanmu Me ya hana Ka jinkirta mana zuwa ga wani ajali na kusa"Ka ce "Jin dãɗin dũniya kaɗan ne kuma Lãhira ce mafi alhẽri ga wanda ya yi taƙawa Kuma bã a zãluntar ku da sĩlĩlin hancin gurtsun dabĩno
- Swahili - Al-Barwani : Je huwaoni wale walio ambiwa Izuieni mikono yenu na mshike Sala na mtoe Zaka Na walipo amrishwa kupigana mara kundi moja kati yao liliwaogopa watu kama kumwogopa Mwenyezi Mungu au kwa khofu kubwa zaidi Na wakasema Mola Mlezi wetu Kwa nini umetuamrisha kupigana Laiti unge tuakhirishia kiasi ya muda kidogo hivi Sema Starehe ya dunia ni ndogo na Akhera ni bora zaidi kwa mwenye kuchamngu Wala hamtadhulumiwa hata uzi wa kokwa ya tende
- Shqiptar - Efendi Nahi : A nuk i ke parë ata o Muhammed të cilëve u është thënë “Tërhiqni duart tuaja nga lufta falnie namazin dhe jepni zeqatin” e kur pas kësaj iu urdhërua që të luftojnë një grup prej tyre u frikua nga njerëzit mohuesit ashtu si i frikohen Perëndisë ose dhe më tepër dhe thirrën “O Zoti ynë Pse na urdhërove të luftojmë Ah sikur të na kishe kursyer edhe për një kohë të shkurtër” Thuaju atyre “Kënaqësitë e kësaj jete janë të vogla Jeta tjetër është më e mirë për ata që i druajnë Perëndisë e s’bëjnë mëkate Juve nuk do t’ju bëhet asnjë fije padrejtësi
- فارسى - آیتی : آيا نديدى كسانى را كه به آنها گفته شد كه اكنون از جنگ بازايستيد و نماز بخوانيد و زكات بدهيد، كه چون جنگيدن بر آنان مقرر شد، گروهى چنان از مردم ترسيدند كه بايد از خدا مىترسيدند؟ حتى ترسى بيشتر از ترس خدا. و گفتند: اى پروردگار ما، چرا جنگ را بر ما واجب كردهاى و ما را مهلت نمىدهى تا به مرگ خود -كه نزديك است- بميريم؟ بگو: متاع اينجهانى اندك است و آخرت از آن پرهيزگاران است و به شما حتى به قدر رشتهاى كه در ميان هسته خرماست ستم نمى شود.
- tajeki - Оятӣ : Оё надидӣ касонеро, ки ба онҳо гуфта шуд, ки акнун аз ҷанг бозистед ва намоз бихонед ва закот бидиҳед, ки чун ҷангидан бар онон муқаррар шуд, гурӯҳе чунон аз мардум тарсиданд, ки бояд аз Худо метарсиданд? Ҳатто тарсе бештар аз тарси Худо. Ва гуфтанд: «Эй Парвардигори мо, чаро ҷангро бар мо воҷиб кардаӣ ва моро мӯҳлат намедиҳӣ, то ба марги худ, ки наздик аст, бимирем?» Бигӯ: «Ма- тоъи инҷаҳони андак аст ва охират аз они парҳезгорон аст ва ба шумо ҳатто ба қадри риштае, ки дар миёни донаи хурмост, ситам намешавад».
- Uyghur - محمد صالح : (ئى مۇھەممەد!) ئۇلارغا (يەنى مەككىدە تۇرۇپ ئۇرۇشۇشنى تەلەپ قىلغانلارغا): «(ئۇرۇشتىن) قولۇڭلارنى يىغىڭلار، ناماز ئوقۇڭلار، زاكات بېرىڭلار» دېگەن كىشىلەرنى كۆرمىدىڭمۇ؟ (يەنى ئۇلاردىن ئەجەبلەنمەمسەن؟) بۇلارغا جىھاد پەرز قىلىنغان چاغدا، ئۇلارنىڭ ئارىسىدىكى بىر تۈركۈم كىشىلەر دۈشمەندىن گويا اﷲ (نىڭ ئازابى) دىن قورققاندەك بەلكى ئۇنىڭدىنمۇ بەتتەررەك قورقىدۇ. ئۇلار (ئۆلۈمدىن قورقۇپ): «پەرۋەردىگارىمىز! بىزگە نېمە ئۈچۈن جىھادنى پەرز قىلدىڭ؟ نېمە ئۈچۈن بىزنى ئۇزاققا قالماي كېلىدىغان ئەجەلگىچە تەخىر قىلمىدىڭ؟ (يەنى ئەجىلىمىز يەتكۈچە تەخىر قىلساڭ، ئۇرۇشتا ئۆلتۈرۈلمىسەك بولماسمىدى؟)» دېدى. (ئى مۇھەممەد!) ئېيتقىنكى، «دۇنيانىڭ مەنپەئىتى ئازدۇر (يەنى دۇنيانىڭ نېمىتى پانىيدۇر)، (اﷲ تىن) قورققان (ۋە ئۇنىڭ ئەمرىنى تۇتقانلار) ئۈچۈن ئاخىرەت ياخشىدۇر، سىلەرگە قىلچىلىك زۇلۇم قىلىنمايدۇ (يەنى قىلغان ئەمەلىڭلارنىڭ ساۋابى كېمەيتىلمەيدۇ)»
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : "നിങ്ങള് നിങ്ങളുടെ കൈകളെ നിയന്ത്രിച്ചു നിര്ത്തുക; നമസ്കാരം നിഷ്ഠയോടെ നിര്വഹിക്കുക; സകാത്ത് നല്കുകയും ചെയ്യുക; എന്ന കല്പന ലഭിച്ചവരെ നീ കണ്ടില്ലേ? പിന്നെ അവര്ക്ക് യുദ്ധം നിര്ബന്ധമാക്കിയപ്പോള് അവരിലൊരുവിഭാഗം ജനങ്ങളെ പേടിക്കുന്നു; അല്ലാഹുവെപേടിക്കും പോലെയോ അതിനേക്കാള് കൂടുതലോ ആയി. അവരിങ്ങനെ ആവലാതിപ്പെടുകയും ചെയ്യുന്നു: "ഞങ്ങളുടെ നാഥാ, നീ എന്തിനാണ് ഞങ്ങള്ക്ക് യുദ്ധം നിര്ബന്ധമാക്കിയത്. അടുത്ത ഒരവധിവരെയെങ്കിലും ഞങ്ങള്ക്ക് അവസരം തന്നുകൂടായിരുന്നോ?” അവരോടു പറയുക: "ഐഹിക ജീവിതവിഭവം നന്നെ നിസ്സാരമാണ്. ദൈവഭക്തര്ക്ക് പരലോകമാണ് കൂടുതലുത്തമം. അവിടെ നിങ്ങളോട് തീരേ അനീതി ഉണ്ടാവുകയില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : الم تعلم ايها الرسول امر اولئك الذين قيل لهم قبل الاذن بالجهاد امنعوا ايديكم عن قتال اعدائكم من المشركين وعليكم اداء ما فرضه الله عليكم من الصلاه والزكاه فلما فرض عليهم القتال اذا جماعه منهم قد تغير حالهم فاصبحوا يخافون الناس ويرهبونهم كخوفهم من الله او اشد ويعلنون عما اعتراهم من شده الخوف فيقولون ربنا لم اوجبت علينا القتال هلا امهلتنا الى وقت قريب رغبه منهم في متاع الحياه الدنيا قل لهم ايها الرسول متاع الدنيا قليل والاخره وما فيها اعظم وابقى لمن اتقى فعمل بما امر به واجتنب ما نهي عنه لا يظلم ربك احدا شيئا ولو كان مقدار الخيط الذي يكون في شق نواه التمره
*107). This verse .can be interpreted in three ways, and each meaning is equally valid: First, that those who now shirked to fight in the cause of God were themselves initially eager to fight. They often approached the Prophet (peace be on him), saying that they were being wronged, beaten, persecuted and abused, that' their patience was exhausted, and that they wanted permission to fight. They had then been told to be patient and continue to purify their souls by observing Prayers and dispensing Zakah. At that time they had felt disconcerted by this counsel of patience. Later on, some of those very same people were to tremble at the first sight of the enemy and the dangers of warfare.
Second, that they remained highly 'religious' as long as they were asked merely to pray and pay Zakah, which entailed no risk to their lives. But as soon as that phase was over and they were asked to expose themselves to danger, they began to shiver with fear.
Third, that in the former times the same people had unsheathed their swords for trivial causes. They had fought for loot and plunder, and engaged in feuds motivated by animal impulses, so much so that feuding had almost become their national pastime. At that time they had been told to abstain from bloodshed and to reform themselves by observing Prayers and dispensing Zakah. When, later on, the same people were told that the time had come for them to fight in the cause of God, those who had shown themselves to be lions while fighting for their own selfish causes turned out to be as meek as lambs. The strong hands which had wielded the sword so firmly, and had used it so fiercely for the sake of either personal or tribal honour, or for Satan's sake, became almost paralysed.
Each of these three meanings applies to a different kind of person, but the actual words of the verse seem to apply equally to all who shirked fighting in the cause of God.
*108). Were they to serve the religion of God and spend their energy in that cause, they would surely be rewarded by Him.