- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلَا تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ۚ كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ۚ إن الله كان بما تعملون خبيرا
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إذا خرجتم في الأرض مجاهدين في سبيل الله فكونوا على بينة مما تأتون وتتركون، ولا تنفوا الإيمان عمن بدا منه شيء من علامات الإسلام ولم يقاتلكم؛ لاحتمال أن يكون مؤمنًا يخفي إيمانه، طالبين بذلك متاع الحياة الدنيا، والله تعالى عنده من الفضل والعطاء ما يغنيكم به، كذلك كنتم في بدء الإسلام تخفون إيمانكم عن قومكم من المشركين فمَنَّ الله عليكم، وأعزَّكم بالإيمان والقوة، فكونوا على بيِّنة ومعرفة في أموركم. إن الله تعالى عليم بكل أعمالكم، مطَّلع على دقائق أموركم، وسيجازيكم عليها.
- السعدى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
يأمر تعالى عباده المؤمنين إذا خرجوا جهادًا في سبيله وابتغاء مرضاته أن يتبينوا ويتثبتوا في جميع أمورهم المشتبهة. فإن الأمور قسمان: واضحة وغير واضحة. فالواضحة البيِّنة لا تحتاج إلى تثبت وتبين، لأن ذلك تحصيل حاصل. وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف هل يقدم عليها أم لا؟ فإن التثبت في هذه الأمور يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف لشرور عظيمة، ما به يعرف دين العبد وعقله ورزانته، بخلاف المستعجل للأمور في بدايتها قبل أن يتبين له حكمها، فإن ذلك يؤدي إلى ما لا ينبغي، كما جرى لهؤلاء الذين عاتبهم الله في الآية لمـَّا لم يتثبتوا وقتلوا من سلم عليهم، وكان معه غنيمة له أو مال غيره، ظنًّا أنه يستكفي بذلك قتلَهم، وكان هذا خطأ في نفس الأمر، فلهذا عاتبهم بقوله: { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } أي: فلا يحملنكم العرض الفاني القليل على ارتكاب ما لا ينبغي فيفوتكم ما عند الله من الثواب الجزيل الباقي، فما عند الله خير وأبقى. وفي هذا إشارة إلى أن العبد ينبغي له إذا رأى دواعي نفسه مائلة إلى حالة له فيها هوى وهي مضرة له، أن يُذَكِّرها ما أعد الله لمن نهى نفسه عن هواها، وقدَّم مرضاة الله على رضا نفسه، فإن في ذلك ترغيبًا للنفس في امتثال أمر الله، وإن شق ذلك عليها. ثم قال تعالى مذكرًا لهم بحالهم الأولى، قبل هدايتهم إلى الإسلام: { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ } أي: فكما هداكم بعد ضلالكم فكذلك يهدي غيركم، وكما أن الهداية حصلت لكم شيئًا فشيئًا، فكذلك غيركم. فنظر الكامل لحاله الأولى الناقصة، ومعاملته لمن كان على مثلها بمقتضى ما يعرف من حاله الأولى، ودعاؤه له بالحكمة والموعظة الحسنة - من أكبر الأسباب لنفعه وانتفاعه، ولهذا أعاد الأمر بالتبين فقال: { فَتَبَيَّنُوا } فإذا كان من خرج للجهاد في سبيل الله، ومجاهدة أعداء الله، وقد استعد بأنواع الاستعداد للإيقاع بهم، مأمورًا بالتبين لمن ألقى إليه السلام، وكانت القرينة قوية في أنه إنما سلم تعوذا من القتل وخوفا على نفسه - فإن ذلك يدل على الأمر بالتبين والتثبت في كل الأحوال التي يقع فيها نوع اشتباه، فيتثبت فيها العبد، حتى يتضح له الأمر ويتبين الرشد والصواب. { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } فيجازي كُلًّا ما عمله ونواه، بحسب ما علمه من أحوال عباده ونياتهم.
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
روى المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة روايات متعددة إلا أنها متقاربة في المعنى.
وقد حكى معظمها الإمام القرطبي فقال ما ملخصه:
هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين مروا في سفرهم برجل معه جمل وغنيمة يبيعها فسلم على القوم وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فحمل عليه أحدهم فقتله- ظنا منه أن المقتول نطق بالشهادتين ليأمن القتل- فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم شق عليه ونزلت الآية فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله ورد عليه غنيماته.
وقد قيل: إن القاتل محلم بن جثامة والمقتول عامر بن الأضبط. وقيل: إن القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن نهيك من بنى مرة من أهل فدك.
وفي سنن ابن ماجة عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا من المسلمين إلى المشركين فقاتلوهم قتالا شديدا فمنح المشركون المسلمين أكتافهم. فحمل رجل من المسلمين على رجل من المشركين بالرمح. فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله إنى مسلم. فطعنه فقتله.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت. قال: «وما الذي صنعت» مرة أو مرتين.
فأخبره بالذي صنع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه» ؟
فقال: «يا رسول الله لو شققت بطنه أكنت أعلم ما في قلبه؟ قال: لا فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه» ...
ثم قال القرطبي: ولعل هذه الأحوال جرت في زمان متقارب فنزلت الآية في الجميع .
والضرب في الأرض: السير فيها. تقول العرب: ضربت في الأرض إذا سرت لتجارة أو غزو أو غيره. وكأن السير في الأرض سمى بذلك لأنه يضرب الأرض برجليه في سيره. والمراد بالضرب في الأرض هنا: السفر والسير فيها من أجل الجهاد في سبيل الله.
وقوله فَتَبَيَّنُوا معناه: فتثبتوا وتأكدوا وتأملوا فيما تأتون وتذرون. وقرأ حمزة «فتثبتوا» .
قال القرطبي: والسلم والسلم والسلام بمعنى واحد. قال البخاري. وقرئ بها كلها.
واختار أبو عبيد «السلام» . وخالفه أهل النظر فقالوا السلم هنا أشبه لأنه بمعنى الانقياد والاستسلام. كما قال- تعالى- فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ.
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا وصدقوا بالحق، إذا خرجتم من بيوتكم وسرتم في الأرض من أجل الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته فَتَبَيَّنُوا أى فاطلبوا بيان الأمر في كل ما تأتون وما تذرون، واحذروا أن تضعوا سيوفكم في غير موضعها. فإن الأصل في الدماء الحرمة والصيانة وعدم الاعتداء عليها، وقد حرم الله- تعالى- قتل النفس إلا بالحق.
والتبين والتثبت في القتل واجب حضرا وسفرا. وإنما خص السفر بالذكر لأن الحادثة التي نزلت فيها الآية وقعت في السفر.
وقوله وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً أى: تأكدوا- أيها المؤمنون- وتثبتوا في كل أحكامكم وأفعالكم، ولا تقولوا لمن أظهر الانقياد لدعوتكم ودينكم فنطق بالشهادتين أو حياكم بتحية الإسلام. لا تقولوا له لست مؤمنا حقا وإنما قلت ما قلت بلسانك فقط لتأمن القتل. بل الواجب عليكم أن تقبلوا منه ما أظهره وعاملوه بموجبه فإن علم السرائر والبواطن إنما هو لله- تعالى- وحده.
وجملة لَسْتَ مُؤْمِناً مقول لقوله لا تَقُولُوا: أى لا تنفوا عنه الإيمان وهو يظهره أمامكم وفي هذا من الفقه- كما يقول القرطبي- باب عظيم، وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر لا على القطع واطلاع السرائر.
ولقد كان عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- ينهى عن قتل من أعلن الاستسلام ويحذر من يقتله بأنه سيقتله به، وقد أرسل بذلك إلى قواد جيوشه لأن الذين يقتلون من يطلب الأمان طمعا في ماله لا يكون جهادهم خالصا لله، ولا تكون أعمالهم محل رضا الله- تعالى- ولذا قال- سبحانه-:
تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ. والابتغاء: الطلب الشديد والرغبة الملحة.
وعرض الحياة الدنيا: جميع متاعها وأموالها. وسمى متاع الدنيا عرضا، لأنه مهما كثر فهو زائل غير دائم، وعارض غير باق.
قال الراغب: والعرض- بفتح الراء والعين- مالا يكون له ثبات. ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له إلا بالجوهر. وقيل: الدنيا عرض حاضر تنبيها على أنه لا ثبات لها ، والمغانم: جمع مغنم ويطلق على ما يؤخذ من مال العدو، من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول.
والمعنى: تثبتوا- أيها المؤمنون- في كل أقوالكم وأعمالكم، ولا تتعجلوا في أحكامكم، ولا تقولوا لمن حياكم بتحية الإسلام أو نطق بالشهادتين لست مؤمنا، وإنما فعلت ذلك تقية ثم تقتلونه. مبتغين من وراء قتله متاع الدنيا الزائل، وعرضها الفاني، إن هذا المسلك يتنافى مع الإيمان الصادق والجهاد الخالص. ومن كان منكم يريد متاع الدنيا فليطلبه من الله وحده- فإن خزائنه لا تنفد، وعطاءه لا يحد- ولا يطلبه عن طريق الاعتداء على من أظهر الإسلام أو التمس منكم الأمان.
وقوله تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا حال من فاعل لا تَقُولُوا لكن لا على أن يكون النهى راجعا للقيد فقط كما في قولك: لا تطلب العلم تبتغى به الجاه والتفاخر، بل على أنه راجع إليهما جميعا. أى: لا تقولوا له ذلك ولا تبتغوا العرض الفاني.
فالمقصود بهذه الجملة الكريمة توبيخهم على حرصهم على متاع الدنيا بطريقة لا تتناسب مع الإيمان الكامل، ومع الهدف الذي خرجوا من أجله: وهو إعلاء كلمة الله تعالى- وضم أكبر عدد من الناس إلى دعوة الحق التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ تعليل للنهى عن ابتغاء عرض الحياة الدنيا بهذا الأسلوب فكأنه قال: لا تعودوا إلى ما فعلتموه من قتل من ألقى إليكم السلام طلبا لما له، فإن الله- تعالى- عنده مغانم كثيرة، وفي مقدوره أن يغنيكم من فضله فالجأوا إلى جنابه وحده، وخصوه بالسؤال، وأخلصوا له العمل.
وقوله كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا تعليل للنهى عما قالوه وما فعلوه.
أى: أنتم- أيها المؤمنون- كنتم من قبل مثل ذلك الذي ألقى إليكم السلام، فقد كنتم في أول إسلامكم لا يظهر منكم للناس غير ما ظهر منه لكم من النطق بالشهادتين وتبادل تحية الإسلام، فمن الله عليكم بأن قبل منكم تلك المرتبة وعصم بها دماءكم وأموالكم ولم يأمر بالتفحص عن سرائركم.
وإلى هذا المعنى اتجه صاحب الكشاف فقد قال: قوله كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ أول ما دخلتم في الإسلام سمعت من أفواهكم كلمة الشهادة فحصنت من دماءكم وأموالكم من غير انتظار الاطلاع على مواطأة قلوبكم لألسنتكم بالاستقامة والاشتهار بالإيمان فعليكم أن تفعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل بكم، وأن تعتبروا ظاهر الإسلام في المكانة، ولا تقولوا إن تهليل هذا لاتقاء القتل لا لصدق النية، فتجعلوه سبيلا إلى استباحة دمه وماله وقد حرمهما الله .
فاسم الإشارة راجع إلى من في قوله: لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ.
ويجوز أن يكون اسم الإشارة راجعا إلى الحالة التي كانوا عليها في ابتداء إسلامهم. أى كحال هذا الذي يسر إيمانه ويخفيه عن قومه كنتم من قبل.
وقد رجح هذا المعنى ابن جرير فقال ما ملخصه: قوله كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ أى كذلك كنتم تخفون إيمانكم في وقومكم من المشركين، وأنتم مقيمون بين أظهرهم، كما كان هذا الذي قتلتموه مقيما بين أظهر قومه من المشركين مستخفيا بدينه منهم فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أى: فرفع منكم ما كنتم فيه من الخوف من أعدائكم بإظهار دينه وإعزاز أهله، حتى أمكنكم إظهار ما كنتم تستخفون به من توحيده وعبادته ... .
والذي يبدو لنا أن الآية الكريمة تتسع لهذين التفسيرين، إلا أن التفسير الأول الذي جرى عليه صاحب الكشاف أشمل وأنسب لسياق الآية لأن المقصد الرئيسى الذي تدعو إليه الآية الكريمة هو نهى المؤمنين عن سوء الظن بمن أظهر الإسلام وعن الاعتداء عليه. وأمرهم بان يعاملوا الناس بظواهرهم أما بواطنهم فأمرها إلى الله وحده.
والفاء في قوله فَتَبَيَّنُوا فصيحة. أى: إذا كان الأمر كذلك فتبينوا نعمة الله عليكم وداوموا على شكرها، وقيسوا أحوال غيركم بما سبق من أحوالكم، واقبلوا ظواهر الناس بدون فحص عن بواطنهم، ولا تصدروا أحكامكم عليهم إلا بعد التثبت والتأكد من صحتها ولا تشهروا سيوفكم في وجوههم إلا بعد التأكد من كفرهم وعدوانهم.
وقوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً تذييل قصد به تحذيرهم من مخالفة أمره.
أى: إن الله مطلع على دقيق الأمور وجليلها، خبير بما تسره نفوسكم وما تعلنه، لا يخفى عليه شيء من ظواهركم وبواطنكم، وسيحاسبكم على كل ذلك، وسيجازيكم بما تستحقون من خير أو شر.
هذا وقد أخذ العلماء من هذه الآية أن الكافر إذا نطق بالشهادتين حرم قتله لأنه قد اعتصم بعصام الإسلام المانع من إهدار دمه وماله وأهله.
كما أخذوا منها وجوب التثبت في الأحكام وفي الأقوال. وأخذ الناس بظواهرهم حتى يثبت خلاف ذلك.
قال الفخر الرازي: اعلم أن المقصود من هذه الآية المبالغة في تحريم قتل المؤمنين. وأمر المجاهدين بالتثبت فيه، لئلا يسفكوا دما حراما بتأويل ضعيف .
وقال بعض العلماء: وقد دلت الآية على حكمة عظيمة في حفظ الجامعة الدينية، وهي بث الثقة والأمان بين أفراد الأمة وطرح ما من شأنه إدخال الشك لأنه إذا فتح هذا الباب عسر سده، وكما يتهم المتهم غيره فللغير أن يتهم من اتهمه. وبذلك ترتفع الثقة، ويسهل على ضعفاء الإيمان المروق، إذ قد أصبحت التهمة تظل الصادق والمنافق. وانظر معاملة النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين معاملة المسلمين.
على أن هذا الدين سريع السريان في القلوب فيكتفى أهله بدخول الداخلين فيه من غير مناقشة. إذ لا يلبثون أن يألفوه وتخالط بشاشته قلوبهم. فهم يقتحمونه على شك وتردد فيصير إيمانا راسخا. ومما يعين على ذلك ثقة السابقين فيه باللاحقين.
ومن أجل ذلك أعاد الله الأمر فقال فَتَبَيَّنُوا تأكيدا لقوله فَتَبَيَّنُوا المذكور قبله .. .
وبعد أن أمر- سبحانه- المؤمنين بأن يعاملوا الناس على حسب ظواهرهم ونهاهم عند جهادهم عن التعجل في القتل. أتبع ذلك ببيان فضل المجاهدين المخلصين فقال- تعالى-
- البغوى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
قوله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ) الآية ، قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت هذه الآية في رجل من بني مرة بن عوف يقال له مرداس بن نهيك ، وكان من أهل فدك وكان مسلما لم يسلم من قومه غيره ، فسمعوا بسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم تريدهم ، وكان على السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي ، فهربوا وأقام الرجل لأنه كان على دين المسلمين ، فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من غير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل ، وصعد هو إلى الجبل فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون ، فلما سمع التكبير عرف أنهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكبر ونزل وهو يقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، السلام عليكم ، فتغشاه أسامة بن زيد فقتله واستاق غنمه ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وجدا شديدا ، وكان قد سبقهم قبل ذلك الخبر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قتلتموه إرادة ما معه " ؟ ثم قرأ هذه الآية على أسامة بن زيد ، فقال : يا رسول الله استغفر لي ، فقال فكيف بلا إله إلا الله؟ قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ، قال أسامة : فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيدها حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر لي بعد ثلاث مرات ، وقال : " اعتق رقبة " .
وروى أبو ظبيان عن أسامة رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله إنما قال خوفا من السلاح ، قال : " أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها خوفا أم لا " ؟
وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومعه غنم له فسلم عليهم ، قالوا : ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم فقاموا فقتلوه وأخذوا غنمه فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله ) . .
( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله ) يعني إذا سافرتم في سبيل الله ، يعني : الجهاد .
( فتبينوا ) قرأ حمزة والكسائي هاهنا في موضعين وفي سورة الحجرات بالتاء والثاء من التثبيت ، أي : قفوا حتى تعرفوا المؤمن من الكافر ، وقرأ الآخرون بالياء والنون من التبين ، يقال : تبينت الأمر إذا تأملته ، ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم ) هكذا قراءة أهل المدينة وابن عامر وحمزة ، أي : المقادة ، وهو قول " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، وقرأ الآخرون السلام ، وهو السلام الذي هو تحية المسلمين لأنه كان قد سلم عليهم ، وقيل : السلم والسلام واحد ، أي : لا تقولوا لمن سلم عليكم لست مؤمنا ، ( تبتغون عرض الحياة الدنيا ) يعني : تطلبون الغنم والغنيمة ، و " عرض الحياة الدنيا " منافعها ومتاعها ، ( فعند الله مغانم ) أي غنائم ، ( كثيرة ) وقيل : ثواب كثير لمن اتقى قتل المؤمن ، ( كذلك كنتم من قبل ) قال سعيد بن جبير : كذلك كنتم تكتمون إيمانكم من المشركين ( فمن الله عليكم ) بإظهار الإسلام ، وقال قتادة : كنتم ضلالا من قبل فمن الله عليكم بالإسلام والهداية .
وقيل معناه : كذلك كنتم من قبل تأمنون في قومكم بلا إله إلا الله قبل الهجرة فلا تخيفوا من قالها فمن الله عليكم بالهجرة ، فتبينوا أن تقتلوا مؤمنا .
( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) قلت : إذا رأى الغزاة في بلد أو قرية شعار الإسلام فعليهم أن يكفوا عنهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قوما فإن سمع أذانا كف عنهم ، وإن لم يسمع أغار عليهم .
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا سفيان ، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق ، عن ابن عصام ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية قال : " إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا " .
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، وحسين بن محمد ، وخلف بن الوليد ، قالوا : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسوق غنما له ، فسلم عليهم فقالوا : ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا . فعمدوا إليه فقتلوه ، وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا [ إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ] ) إلى آخرها .
ورواه الترمذي في التفسير ، عن عبد بن حميد ، عن عبد العزيز بن أبي رزمة ، عن إسرائيل ، به . وقال : هذا حديث حسن ، وفي الباب عن أسامة بن زيد . ورواه الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، به . ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
ورواه ابن جرير من حديث عبيد الله بن موسى وعبد الرحيم بن سليمان ، كلاهما عن إسرائيل ، به وقال في بعض كتبه غير التفسير - وقد رواه من طريق عبد الرحمن فقط - : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما ، لعلل منها : أنه لا يعرف له مخرج عن سماك إلا من هذا الوجه ، ومنها : أن عكرمة في روايته عندهم نظر ، ومنها : أن الذي أنزلت فيه الآية مختلف فيه ، فقال بعضهم : أنزلت في محلم بن جثامة ، وقال بعضهم : أسامة بن زيد . وقيل غير ذلك .
قلت : وهذا كلام غريب ، وهو مردود من وجوه أحدها : أنه ثابت عن سماك ، حدث به عنه غير واحد من الكبار . الثاني : أن عكرمة محتج به في الصحيح . الثالث : أنه مروي من غير هذا الوجه عن ابن عباس ، كما قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس : ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ) قال : قال ابن عباس : كان رجل في غنيمة له ، فلحقه المسلمون ، فقال : السلام عليكم . فقتلوه وأخذوا غنيمته [ فأنزل الله ذلك إلى قوله : ( تبتغون عرض الحياة الدنيا ) تلك الغنيمة . قرأ ابن عباس ( السلام ) وقال سعيد بن منصور : حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال : لحق المسلمون رجلا في غنيمة فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته ] فنزلت : ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا )
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من طريق سفيان بن عيينة ، به
وأما قصة محلم بن جثامة فقال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد عن أبيه عبد الله ابن أبي حدرد ، رضي الله عنه ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم ، فخرجت في نفر من المسلمين ، فيهم : أبو قتادة الحارث بن ربعي ، ومحلم بن جثامة بن قيس ، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي ، على قعود له ، معه متيع ووطب من لبن ، فلما مر بنا سلم علينا ، فأمسكنا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله ، بشيء كان بينه وبينه ، وأخذ بعيره ومتيعه ، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر ، نزل فينا القرآن : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله [ فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون ] خبيرا . )
تفرد به أحمد
وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا جرير ، عن ابن إسحاق ، عن نافع ; أن ابن عمر قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثا ، فلقيهم عامر بن الأضبط ، فحياهم بتحية الإسلام وكانت بينهم حنة في الجاهلية ، فرماه محلم بسهم فقتله ، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتكلم فيه عيينة والأقرع ، فقال الأقرع : يا رسول الله ، سن اليوم وغير غدا . فقال عيينة : لا والله ، حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي . فجاء محلم في بردين ، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا غفر الله لك " . فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه ، فما مضت له سابعة حتى مات ، ودفنوه ، فلفظته الأرض ، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له ، فقال : " إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ، ولكن الله أراد أن يعظكم من حرمتكم " ثم طرحوه بين صدفي جبل وألقوا عليه الحجارة ، ونزلت : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ) الآية .
وقال البخاري : قال حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد : " إذا كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار ، فأظهر إيمانه فقتلته ، فكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة من قبل " .
هكذا ذكر البخاري هذا الحديث معلقا مختصرا وقد روي مطولا موصولا فقال الحافظ أبو بكر البزار :
حدثنا أحمد بن علي البغدادي ، حدثنا جعفر بن سلمة ، حدثنا أبو بكر بن علي بن مقدم ، حدثنا حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، فيها المقداد بن الأسود ، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا ، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح فقال : أشهد أن لا إله إلا الله . وأهوى إليه المقداد فقتله ، فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله ؟ والله لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم . فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله ، فقتله المقداد . فقال : " ادعوا لي المقداد . يا مقداد ، أقتلت رجلا يقول : لا إله إلا الله ، فكيف لك بلا إله إلا الله غدا ؟ " . قال : فأنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد : " كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار ، فأظهر إيمانه ، فقتلته ، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل " .
وقوله : ( فعند الله مغانم كثيرة ) أي : خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام ، وأظهر إليكم الإيمان ، فتغافلتم عنه ، واتهمتموه بالمصانعة والتقية ; لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ، فما عند الله من المغانم الحلال خير لكم من مال هذا .
وقوله : ( كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ) أي : قد كنتم من قبل هذه الحال كهذا الذي يسر إيمانه ويخفيه من قومه ، كما تقدم في الحديث المرفوع آنفا ، وكما قال تعالى : ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض [ تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ] ) الآية [ الأنفال : 26 ] ، وهذا هو مذهب سعيد بن جبير ، كما رواه الثوري ، عن حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( كذلك كنتم من قبل ) تخفون إيمانكم في المشركين .
ورواه عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن كثير ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( كذلك كنتم من قبل ) تستخفون بإيمانكم ، كما استخفى هذا الراعي بإيمانه .
وهذا اختيار ابن جرير . وقال ابن أبي حاتم : وذكر عن قيس ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير قوله : ( كذلك كنتم من قبل ) [ تورعون عن مثل هذا ، وقال الثوري عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق : ( كذلك كنتم من قبل ) ] لم تكونوا مؤمنين ( فمن الله عليكم [ فتبينوا ) وقال السدي : ( فمن الله عليكم ) ] أي : تاب عليكم ، فحلف أسامة لا يقتل رجلا يقول : " لا إله إلا الله " بعد ذلك الرجل ، وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .
وقوله : ( فتبينوا ) تأكيد لما تقدم . وقوله : ( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) قال سعيد بن جبير : هذا تهديد ووعيد .
- القرطبى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا
فيه إحدى عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا هذا متصل بذكر القتل والجهاد . والضرب : السير في الأرض ؛ تقول العرب : ضربت في الأرض إذا سرت لتجارة أو غزو أو غيره ؛ مقترنة بفي . وتقول : ضربت الأرض دون " في " إذا قصدت قضاء حاجة الإنسان ؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يخرج الرجلان يضربان الغائط يتحدثان كاشفين عن فرجيهما فإن الله يمقت على ذلك . وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين مروا في سفرهم برجل معه جمل وغنيمة يبيعها فسلم على القوم وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ؛ فحمل عليه أحدهم فقتله . فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم شق عليه ونزلت الآية . وأخرجه البخاري عن عطاء عن ابن عباس قال : قال ابن عباس : كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته ؛ فأنزل الله تعالى ذلك إلى قوله : عرض الحياة الدنيا تلك الغنيمة . قال : قرأ ابن عباس " السلام " . في غير البخاري : وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله ورد عليه غنيماته . واختلف في تعيين القاتل والمقتول في هذه النازلة ، فالذي عليه الأكثر وهو في سير ابن إسحاق ومصنف أبي داود والاستيعاب لابن عبد البر أن القاتل محلم بن جثامة ، والمقتول عامر بن الأضبط فدعا عليه السلام على محلم فما عاش بعد ذلك إلا سبعا ثم دفن فلم تقبله الأرض ثم دفن فلم تقبله ثم دفن ثالثة فلم تقبله ؛ فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب ؛ وقال عليه السلام : إن الأرض لتقبل من هو شر منه . قال الحسن : أما إنها تحبس من هو شر منه ولكنه وعظ القوم ألا يعودوا . وفي سنن ابن ماجه عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا من المسلمين إلى المشركين فقاتلوهم قتالا شديدا ، فمنحوهم أكتافهم فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح فلما غشيه قال : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ إني مسلم ؛ فطعنه فقتله ؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هلكت ! قال : وما الذي صنعت ؟ مرة أو مرتين ، فأخبره بالذي صنع . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه فقال : يا رسول الله لو شققت بطنه أكنت أعلم ما في قلبه ؟ قال : لا فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه . فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات فدفناه ، فأصبح على وجه الأرض . فقلنا : لعل عدوا نبشه ، فدفناه ثم أمرنا غلماننا يحرسونه فأصبح على ظهر الأرض . فقلنا : لعل الغلمان نعسوا ، فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا فأصبح على ظهر الأرض ، فألقيناه في بعض تلك الشعاب . وقيل : إن القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن نهيك الغطفاني ثم الفزاري من بني مرة من أهل فدك . وقال ابن القاسم عن مالك . وقيل : كان مرداس هذا قد أسلم من الليلة وأخبر بذلك أهله ؛ ولما عظم النبي صلى الله عليه وسلم الأمر على أسامة حلف عند ذلك ألا يقاتل رجلا يقول : لا إله إلا الله . وقد تقدم القول فيه . وقيل : القاتل أبو قتادة . وقيل : أبو الدرداء . ولا خلاف أن الذي لفظته الأرض حين مات هو محلم الذي ذكرناه . ولعل هذه الأحوال جرت في زمان متقارب فنزلت الآية في الجميع . وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على أهل المسلم الغنم والجمل وحمل ديته على طريق الائتلاف والله أعلم . وذكر الثعلبي أن أمير تلك السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي . وقيل : المقداد حكاه السهيلي .
الثانية : قوله تعالى : " فتبينوا " أي : تأملوا . و " تبينوا " قراءة الجماعة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ، وقالا : من أمر بالتبين فقد أمر بالتثبيت ؛ يقال : تبينت الأمر وتبين الأمر بنفسه ، فهو متعد ولازم . وقرأ حمزة " فتثبتوا " من التثبت بالثاء مثلثة وبعدها باء بواحدة " وتبينوا " في هذا أوكد ؛ لأن الإنسان قد يتثبت ولا يبين . وفي إذا معنى الشرط ، فلذلك دخلت الفاء في قوله فتبينوا . وقد يجازى بها كما قال :
وإذا تصبك خصاصة فتجمل
والجيد ألا يجازى بها كما قال الشاعر :
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا ترد إلى قليل تقنع
والتبين التثبت في القتل واجب حضرا وسفرا ولا خلاف فيه ، وإنما خص السفر بالذكر لأن الحادثة التي فيها نزلت الآية وقعت في السفر .
الثالثة : قوله تعالى : ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا السلم والسلم ، والسلام واحد ، قاله البخاري . وقرئ بها كلها . واختار أبو عبيد القاسم بن سلام " السلام " . وخالفه أهل النظر فقالوا : " السلم " هاهنا أشبه ؛ لأنه بمعنى الانقياد والتسليم ، كما قال عز وجل : فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء فالسلم الاستسلام والانقياد . أي لا تقولوا لمن ألقى بيده واستسلم لكم وأظهر دعوتكم لست مؤمنا . وقيل : السلام قول السلام عليكم ، وهو راجع إلى الأول ؛ لأن سلامه بتحية الإسلام مؤذن بطاعته وانقياده ، ويحتمل أن يراد به الانحياز والترك . قال الأخفش : يقال فلان سلام إذا كان لا يخالط أحدا . والسلم ( بشد السين وكسرها وسكون اللام ) الصلح .
الرابعة : وروي عن أبي جعفر أنه قرأ " لست مؤمنا " بفتح الميم الثانية ، من آمنته إذا أجرته فهو مؤمن .
الخامسة : والمسلم إذا لقي الكافر ولا عهد له جاز له قتله ؛ فإن قال : لا إله إلا الله لم يجز قتله ؛ لأنه قد اعتصم بعصام الإسلام المانع من دمه وماله وأهله : فإن قتله بعد ذلك قتل به . وإنما سقط القتل عن هؤلاء لأجل أنهم كانوا في صدر الإسلام وتأولوا أنه قالها متعوذا وخوفا من السلاح ، وأن العاصم قولها مطمئنا ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه عاصم كيفما قالها ؛ ولذلك قال لأسامة : أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا أخرجه مسلم . أي تنظر أصادق هو في قوله أم كاذب ؟ وذلك لا يمكن فلم يبق إلا أن يبين عنه لسانه . وفي هذا من الفقه باب عظيم ، وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر لا على القطع واطلاع السرائر .
السادسة : فإن قال : سلام عليكم فلا ينبغي أن يقتل أيضا حتى يعلم ما وراء هذا ؛ لأنه موضع إشكال . وقد قال مالك في الكافر يوجد فيقول : جئت مستأمنا أطلب الأمان : هذه أمور مشكلة ، وأرى أن يرد إلى مأمنه ولا يحكم له بحكم الإسلام ؛ لأن الكفر قد ثبت له فلا بد أن يظهر منه ما يدل على قوله ، ولا يكفي أن يقول أنا مسلم ولا أنا مؤمن ولا أن يصلي حتى يتكلم بالكلمة العاصمة التي علق النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بها عليه في قوله : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله .
السابعة : فإن صلى أو فعل فعلا من خصائص الإسلام فقد اختلف فيه علماؤنا ؛ فقال ابن العربي : نرى أنه لا يكون بذلك مسلما ، أما أنه يقال له : ما وراء هذه الصلاة ؟ فإن قال : صلاة مسلم ، قيل له : قل لا إله إلا الله ؛ فإن قالها تبين صدقه ، وإن أبى علمنا أن ذلك تلاعب ، وكانت عند من يرى إسلامه ردة ، والصحيح أنه كفر أصلي ليس بردة . وكذلك هذا الذي قال : سلام عليكم ، يكلف الكلمة ، فإن قالها تحقق رشاده ، وإن أبى تبين عناده وقتل . وهذا معنى قوله : فتبينوا أي الأمر المشكل ، أو " تثبتوا " ولا تعجلوا المعنيان سواء . فإن قتله أحد فقد أتى منهيا عنه . فإن قيل : فتغليظ النبي صلى الله عليه وسلم على محلم ، ونبذه من قبره كيف مخرجه ؟ قلنا : لأنه علم من نيته أنه لم يبال بإسلامه فقتله متعمدا لأجل الحنة التي كانت بينهما في الجاهلية .
الثامنة : قوله تعالى : تبتغون عرض الحياة أي تبتغون أخذ ماله : ويسمى متاع الدنيا عرضا لأنه عارض زائل غير ثابت . قال أبو عبيدة : يقال جميع متاع الحياة الدنيا عرض بفتح الراء ؛ ومنه : ( الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر ) . والعرض ( بسكون الراء ) ما سوى الدنانير والدراهم ؛ فكل عرض عرض ، وليس كل عرض عرضا . وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس . وقد أخذ بعض العلماء هذا المعنى فنظمه :
تقنع بما يكفيك واستعمل الرضا فإنك لا تدري أتصبح أم تمسي
فليس الغنى عن كثرة المال إنما يكون الغنى والفقر من قبل النفس
وهذا يصحح قول أبي عبيدة : فإن المال يشمل كل ما يتمول . وفي كتاب العين : العرض ما نيل من الدنيا ؛ ومنه قوله تعالى : تريدون عرض الدنيا وجمعه عروض . وفي المجمل لابن فارس : والعرض ما يعترض الإنسان من مرض أو نحوه وعرض الدنيا ما كان فيها من مال قل أو كثر . والعرض من الأثاث ما كان غير نقد . وأعرض الشيء إذا ظهر وأمكن . والعرض خلاف الطول .
التاسعة : قوله تعالى : فعند الله مغانم كثيرة عدة من الله تعالى بما يأتي به على وجهه ومن حله دون ارتكاب محظور ، أي فلا تتهافتوا . كذلك كنتم من قبل أي كذلك كنتم تخفون إيمانكم عن قومكم خوفا منكم على أنفسكم حتى من الله عليكم بإعزاز الدين وغلبة المشركين ، فهم الآن كذلك كل واحد منهم في قومه متربص أن يصل إليكم ، فلا يصلح إذ وصل إليكم أن تقتلوه حتى تتبينوا أمره . وقال ابن زيد : المعنى كذلك كنتم كفرة فمن الله عليكم بأن أسلمتم فلا تنكروا أن يكون هو كذلك ثم يسلم لحينه حين لقيكم فيجب أن تتثبتوا في أمره .
العاشرة : استدل بهذه الآية من قال : إن الإيمان هو القول ، لقوله تعالى : ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا . قالوا : ولما منع أن يقال لمن قال لا إله إلا الله لست مؤمنا منع من قتلهم بمجرد القول . ولولا الإيمان الذي هو هذا القول لم يعب قولهم . قلنا : إنما شك القوم في حالة أن يكون هذا القول منه تعوذا فقتلوه ، والله لم يجعل لعباده غير الحكم بالظاهر ؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وليس في ذلك أن الإيمان هو الإقرار فقط ؛ ألا ترى أن المنافقين كانوا يقولون هذا القول وليسوا بمؤمنين حسب ما تقدم بيانه في " البقرة " وقد كشف البيان في هذا قوله عليه السلام : أفلا شققت عن قلبه ؟ فثبت أن الإيمان هو الإقرار وغيره ، وأن حقيقته التصديق بالقلب ، ولكن ليس للعبد طريق إليه إلا ما سمع منه فقط . واستدل بهذا أيضا من قال : إن الزنديق تقبل توبته إذا أظهر الإسلام ؛ قال : لأن الله تعالى لم يفرق بين الزنديق وغيره متى أظهر الإسلام . وقد مضى القول في هذا في أول البقرة . وفيها رد على القدرية ، فإن الله تعالى أخبر أنه من على المؤمنين من بين جميع الخلق بأن خصهم بالتوفيق ، والقدرية تقول : خلقهم كلهم للإيمان . ولو كان كما زعموا لما كان لاختصاص المؤمنين بالمنة من بين الخلق معنى .
الحادية عشرة : قوله تعالى : فتبينوا أعاد الأمر بالتبيين للتأكيد . إن الله كان بما تعملون خبيرا تحذير عن مخالفة أمر الله ؛ أي احفظوا أنفسكم وجنبوها الزلل الموبق لكم .
- الطبرى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " يا أيها الذين آمنوا "، يا أيها الذين صدَّقوا الله وصدَّقوا رسوله فيما جاءهم به من عند ربهم=" إذا ضربتم في سبيل الله "، يقول: إذا سرتم مسيرًا لله في جهاد أعدائكم (72) =" فتبينوا "، يقول: فتأنَّوا في قتل من أشكل عليكم أمره، فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره، (73) ولا تعجلوا فتقتلوا من التبس عليكم أمره، ولا تتقدموا على قتل أحد إلا على قتل من علمتموه يقينًا حرْبًا لكم ولله ولرسوله=" ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السَّلاَم "، (74) يقول: ولا تقولوا لمن استسلم لكم فلم يقاتلكم، مظهرًا لكم أنه من أهل ملتكم ودَعوتكم (75) =" لست مؤمنًا "، فتقتلوه ابتغاء=" عرض الحياة الدنيا "، يقول: طلبَ متاعِ الحياة الدنيا، (76) فإن=" عند الله مغانم كثيرة "، من رزقه وفواضل نِعَمه، فهي خير لكم إن أطعتم الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فأثابكم بها على طاعتكم إياه، فالتمسوا ذلك من عنده=" كذلك كنتم من قبل "، يقول، كما كان هذا الذي ألقى إليكم السلم فقلتم له (77) " لست مؤمنًا " فقتلتموه، كذلك كنتم أنتم من قبل، يعني: من قبل إعزاز الله دينه بتُبَّاعه وأنصاره، تستخفُون بدينكم، كما استخفى هذا الذي قتلتموه وأخذتم ماله، بدينه من قومه أن يُظهره لهم، حذرًا على نفسه منهم. وقد قيل إن معنى قوله: " كذلك كنتم من قبل " كنتم كفارًا مثلهم=" فمنَّ الله عليكم "، يقول: فتفضل الله عليكم بإعزاز دينه بأنصاره وكثرة تُبَّاعه. وقد قيل، فمنَّ الله عليكم بالتوبة من قتلكم هذا الذي قتلتموه وأخذتم ماله بعد ما ألقى إليكم السلم (78) =" فتبينوا "، يقول: فلا تعجلوا بقتل من أردتم قتلَه ممن التبس عليكم أمرُ إسلامه، فلعلَّ الله أن يكون قد مَنَّ عليه من الإسلام بمثل الذي منَّ به عليكم، وهداه لمثل الذي هداكم له من الإيمان. (79) =" إن الله كان بما تعملون خبيرًا "، يقول: إن الله كان بقتلكم من تقتلون، وكَفِّكم عمن تكفُّون عن قتله من أعداء الله وأعدائكم، وغير ذلك من أموركم وأمور غيركم=" خبيرًا "، يعني: ذا خبرة وعلم به، (80) يحفظه عليكم وعليهم، حتى يجازى جميعكم به يوم القيامة جزاءه، المحسن بإحسانه، والمسيءَ بإساءته. (81)
* * *
وذكر أن هذه الآية نـزلت في سبب قتيل قتلته سريّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما قال: "
إنيّ مسلم " = أو بعد ما شهد شهادة الحق= أو بعد ما سلَّم عليهم= لغنيمة كانت معه، أو غير ذلك من ملكه، فأخذوه منه.ذكر الرواية والآثار في ذلك: (82)
10211- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال (83) بعث النبي صلى الله عليه وسلم محلِّم بن جثَّامة مَبْعثًا، فلقيهم عامر بن الأضبط، فحياهم بتحية الإسلام، وكانت بينهم حِنَةٌ في الجاهلية، (84) فرماه محلم بسهم، فقتله. فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فيه عيينة والأقرع، فقال الأقرع: يا رسول الله، سُنَّ اليوم وغيِّر غدًا! (85) فقال عيينة: لا والله، حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي (86) فجاء محلِّم في بُرْدين، (87) فجلس بين يديْ رسول الله ليستغفر له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا غفر الله لك! فقام وهو يتلقى دموعه ببُرْديه، فما مضت به سابعة حتى مات، ودفنوه فلفظته الأرض. فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال: إن الأرض تقبل من هو شرٌّ من صاحبكم! ولكن الله جل وعز أراد أن يَعِظكم. ثم طرحوه بين صَدفَيْ جبل، (88) وألقوا عليه من الحجارة، ونـزلت: "
يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا "، الآية (89)10212- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد ابن عبد الله بن قسيط، (90) عن أبي القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضَمٍ، (91) فخرجت في نَفَرٍ من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن رِبْعيّ، ومحلِّم بن جَثَّامة بن قيس الليثي. فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضَم، مرّ بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قَعود له، معه مُتَيِّعٌ له، ووَطْبٌ من لبن. (92) فلما مر بنا سلَّم علينا بتحية الإسلام، فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلِّم بن جثَّامة الليثي لشيء كان بينه وبينه فقتله، وأخذ بعيره ومتَيِّعَه. فلما قدِمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه الخبر، (93) نـزل فينا القرآن: "
يا أيها الذين آمنوا إذا ضَرِبتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لستَ مؤمنًا "، الآية (94)10213- حدثني هارون بن إدريس الأصم قال، حدثنا المحاربي عبد الرحمن بن محمد، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن ابن أبي حدرد الأسلمي، عن أبيه بنحوه. (95)
10214- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لحق ناسٌ من المسلمين رجلا في غُنَيْمة له، فقال: السلام عليكم! فقتلوه وأخذوا تلك الغُنَيْمة، فنـزلت هذه الآية: "
ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا "، تلك الغُنَيْمة. (96)10215- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس بنحوه.
10216- حدثني سعيد بن الربيع قال، حدثنا سفيان، عن عمرو،عن عطاء، عن ابن عباس قال: لحق المسلمون رجلا ثم ذكر مثله. (97)
10217- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: مرّ رجل من بني سُلَيم على نفرٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو في غنم له، فسلم عليهم، فقالوا: ما سلّم عليكم إلا ليتعوذَ منكم! فَعَمَدوا إليه فقتلوه وأخذوا غنمه، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله عز وجل: "
يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا " إلى آخر الآية .10218- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. (98)
10219- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان الرجل يتكلم بالإسلام، ويؤمن بالله والرسول، ويكون في قومه، فإذا جاءت سريَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم أخبر بها حيّه= يعني قومه= ففرّوا، وأقام الرجل لا يخافُ المؤمنين من أجل أنه على دينهم، حتى يلقاهم فيلقي إليهم السلام، فيقولُ المؤمنون: "
لست مؤمنًا "، وقد ألقى السلام فيقتلونه، فقال الله تبارك وتعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا "، إلى " تبتغون عرض الحياة الدنيا "، يعني: تقتلونه إرادةَ أن يحلَّ لكم ماله الذي وجدتم معه -وذلك عرضُ الحياة الدنيا- فإن عندي مغانم كثيرة، فالتمسوا من فضل الله. وهو رجل اسمه " مِرْداس "، جَلا قومه هاربين من خيلٍ بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليها رجل من بني لَيْث اسمه " قُليب "، (99) ولم يجلُ معهم، (100) وإذْ لقيهم مرداس فسلم عليهم قتلوه، (101) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله بديته، ورد إليهم ماله، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك.10220- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "
يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا "، الآية، قال: وهذا الحديث في شأن مرداس، رجل من غطفان، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشًا عليهم غالب اللَّيثي إلى أهل فَدَك، وبه ناس من غطفان، وكان مرداس منهم، ففرّ أصحابه، فقال مرداس: " إني مؤمن وإنيّ غيرُ مُتّبعكم " ، فصبَّحته الخيلُ غُدْوة، (102) فلما لقوه سلم عليهم مرداس، فرماه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلوه، (103) وأخذوا ما كان معه من متاع، فأنـزل الله جل وعز في شأنه: " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا "، لأن تحية المسلمين السلام، بها يتعارفون، وبها يُحَيِّي بعضهم بعضًا. (104)10221- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم فتبينوا "، (105) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها أسامة بن زيد إلى بني ضَمْرة، فلقوا رجلا منهم يدعى مِرداس بن نهيك، معه غُنَيْمة له وجمل أحمر. فلما رآهم أوى إلى كهف جبل، واتّبعه أسامة. فلما بلغ مرداسٌ الكهفَ، وضع فيه غنمه، ثم أقبل إليهم فقال: " السلام عليكم، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ". فشدّ عليه أسامة فقتله، من أجل جمله وغُنَيْمته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أسامة أحبَّ أن يُثْنَى عليه خيرٌ، ويسأل عنه أصحابَه. فلما رجعوا لم يسألهم عنه، فجعل القوم يحدِّثون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: يا رسول الله، لو رأيت أسامة ولقيه رجل، فقال الرجل: " لا إله إلا الله، محمد رسول الله "، فشد عليه فقتله! وهو معرض عنهم. فلما أكثروا عليه، رفع رأسه إلى أسامة فقال: كيفَ أنت ولا إله إلا الله؟ قال: يا رسول الله، إنما قالها متعوذًا، تعوَّذ بها!. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هَلا شققت عن قلبه فنظرت إليه؟ قال: يا رسول الله، إنما قلبه بَضْعة من جسده! (106) فأنـزل الله عز وجل خبر هذا، وأخبره إنما قتله من أجل جمله وغنمه، فذلك حين يقول: " تبتغون عرض الحياة الدنيا "، فلما بلغ: " فمنَّ الله عليكم "، يقول: فتاب الله عليكم، فحلف أسامةُ أن لا يقاتل رجلا يقول: " لا إله إلا الله "، بعد ذلك الرجل، وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.10222- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "
ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا "، قال: بلغني أن رجلا من المسلمين أغار على رجل من المشركين فَحَمَل عليه، فقال له المشرك: " إنّي مسلم، أشهد أن لا إله إلا الله "، فقتله المسلم بعد أن قالها. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال للذي قتله: أقتلته، وقد قال لا إله إلا الله؟ فقال، وهو يعتذر: يا نبي الله، إنما قالها متعوذًا، وليس كذلك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهلا شققت عن قلبه؟ ثم ماتَ قاتلُ الرجل فقُبر، فلفظته الأرض. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمرهم أن يقبروه، ثم لفظته الأرض، حتى فُعل به ذلك ثلاث مرات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الأرض أبتْ أن تقبَله، فألقوه في غارٍ من الغيران= قال معمر: وقال بعضهم: إن الأرض تَقْبَل من هو شرٌّ منه، ولكن الله جعله لكم عِبْرَة.10223- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق: أن قومًا من المسلمين لقوا رجلا من المشركين في غُنَيْمة له، فقال: "
السلام عليكم، إنِّي مؤمن "، فظنوا أنه يتعوّذ بذلك، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمته. قال: فأنـزل الله جل وعز: " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا "، تلك الغُنَيْمة=" كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ".10224- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير قوله: "
يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا "، قال: خرج المقداد بن الأسود في سريّة، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فمُّروا برجل في غُنَيْمة له، فقال: " إنّي مسلم "، فقتله المقداد. (107) فلما قدموا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنـزلت هذه الآية: " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا "، قال: الغنيمة. (108)10225- حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: نـزل ذلك في رجل قتله أبو الدرداء=
= فذكر من قصة أبي الدرداء، نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد، وقد ذكرت في تأويل قوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً ، (109) ثم قال في الخبر:
= ونـزل الفرقان: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً ، فقرأ حتى بلغ: "
لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا "، غنمه التي كانت، عرض الحياة الدنيا =" فعند الله مغانم كثيرة "، خير من تلك الغنم، إلى قوله: " إن الله كان بما تعملون خبيرًا ".10226- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "
ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا "، قال: راعي غنم، لقيه نفر من المؤمنين فقتلوه، (110) وأخذوا ما معه، ولم يقبلوا منه: " السلام عليكم، فإني مؤمن ".10227- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "
ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا "، قال: حرم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن شهد أن لا إله إلا الله: " لست مؤمنًا "، كما حرم عليهم الميْتَة، فهو آمن على ماله ودمه، لا تردّوا عليه قوله.* * *
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: "
فَتَبَيَّنُوا ".فقرأ ذلك عامة قرأة المكيين والمدنيين وبعضُ الكوفيين والبصريين: ( فَتَبَيَّنُوا ) بالياء والنون، من "
التبين " بمعنى، التأني والنظر والكشف عنه حتى يتَّضح. (111)وقرأ ذلك عُظْم قرأة الكوفيين: ( فَتَثَبَّتُوا )، بمعنى التثبُّت، الذي هو خلاف العَجَلة.
قال أبو جعفر: والقولُ عندنا في ذلك أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة المسلمين بمعنى واحد، وإن اختلفت بهما الألفاظ. لأن "
المتثبت " متبيّن، و " المتبيِّن " متثبِّت، فبأي القراءتين قرأ القارئ، فمصيبٌ صوابَ القراءة في ذلك.واختلفت القرأة في قراءة قوله: "
ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام ". (112)فقرأ ذلك عامة قرأة المكيين والمدنيين والكوفيين: ( السَّلَمَ ) بغير ألف، بمعنى الاستسلام.
* * *
وقرأ بعض الكوفيين والبصريين: ( السَّلامَ ) بألف، بمعنى التحية.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: ( لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ) ، بمعنى: من استسلم لكم، مذعنًا لله بالتوحيد، مقرًّا لكم بملَّتكم.
وإنما اخترنا ذلك، لاختلاف الرواية في ذلك: فمن راوٍ رَوى أنه استسلم بأن شهد شهادة الحق وقال: "
إنّي مسلم " = ومن راوٍ رَوى أنه قال: " السلام عليكم "، فحياهم تحية الإسلام= ومن راوٍ رَوى أنه كان مسلمًا بإسلامٍ قد تقدم منه قبل قتلهم إياه= وكل هذه المعاني يجمعه " السَّلَم "، لأن المسلم مستسلم، والمحيي بتحية الإسلام مستسلم، والمتشهد شهادة الحق مستسلم لأهل الإسلام، فمعنى " السَّلم " جامع جميع المعاني التي رُويت في أمر المقتول الذي نـزلت في شأنه هذه الآية وليس ذلك في" السلام "، (113) لأن " السلام " لا وجه له في هذا الموضع إلا التحية. فلذلك وصفنا " السلم "، بالصواب.* * *
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "
كذلك كنتم من قبل ".فقال بعضهم: معناه: كما كان هذا الذي قتلتموه بعد ما ألقى إليكم السَّلَم، مستخفيًا في قومه بدينه خوفًا على نفسه منهم، كنتم أنتم مستخفين بأديانكم من قومكم حذرًا على أنفسكم منهم، فمنَّ الله عليكم.
*ذكر من قال ذلك:
10228- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني عبد الله بن كثير، عن سعيد بن جبير في قوله: "
كذلك كنتم من قبل "، تستخفون بإيمانكم، (114) كما استخفى هذا الراعي بإيمانه.10229- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير: "
كذلك كنتم من قبل "، تكتمون إيمانكم في المشركين.* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: كما كان هذا الذي قتلتموه، بعد ما ألقى إليكم السلم، (115) كافرًا، كنتم كفارًا، فهداه كما هداكم.
*ذكر من قال ذلك:
10230- حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "
كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم "، كفارًا مثله=" فتبينوا ".* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بتأويل الآية، القول الأول، وهو قول من قال: كذلك كنتم تخفون إيمانكم في قومكم من المشركين وأنتم مقيمون بين أظهرهم، كما كان هذا الذي قتلتموه مقيمًا بين أظهر قومه من المشركين مستخفيًا بدينه منهم.
وإنما قلنا: "
هذا التأويل أولى بالصواب "، لأن الله عز ذكره إنما عاتب الذين قتلوه من أهل الإيمان بعد إلقائه إليهم السلم ولم يُقَدْ به قاتلوه، (116) للبْس الذي كان دخل في أمره على قاتليه بمقامه بين أظهر قومه من المشركين، وظنِّهم أنه ألقى السلم إلى المؤمنين تعوّذًا منهم، ولم يعاتبهم على قتلهم إياه مشركًا فيقال: " كما كان كافرًا كنتم كفارًا "، بل لا وجه لذلك، لأن الله جل ثناؤه لم يعاتب أحدًا من خلقه على قتل محارِبٍ لله ولرسوله من أهل الشرك، بعد إذنه له بقتلِه.واختلف أيضًا أهل التأويل في تأويل قوله: "
فمنّ الله عليكم ".فقال بعضهم: معنى ذلك: فمنّ الله عليكم بإظهار دينه وإعزاز أهله، حتى أظهروا الإسلام بعد ما كانوا يكتتمون به من أهل الشرك. (117)
*ذكر من قال ذلك:
10231- حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير: "
فمن الله عليكم "، فأظهر الإسلام.* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فمن الله عليكم= أيها القاتلون الذي ألقى إليكم السلم (118) طلبَ عرض الحياة الدنيا= بالتوبة من قتلكم إياه.
*ذكر من قال ذلك:
10232- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
فمن الله عليكم "، يقول: تاب الله عليكم.* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، التأويل الذي ذكرته عن سعيد بن جبير، لما ذكرنا من الدِّلالة على أن معنى قوله: "
كذلك كنتم من قبل "، ما وصفنا قبل. فالواجب أن يكون عَقِيب ذلك: " فمن الله عليكم "، فرفع ما كنتم فيه من الخوف من أعدائكم عنكم، بإظهار دينه وإعزاز أهله، حتى أمكنكم إظهار ما كنتم تستخفون به من توحيده وعبادته، حِذَارًا من أهل الشرك. (119)* * *
---------------
(72) انظر تفسير"
سبيل الله" فيما سلف ص: 17 ، تعليق: 4 ، والمراجع هناك.(73) في المخطوطة: "
فلما تعلموا" ، وهو خطأ.(74) كان في المطبوعة هنا ، "
السلام" ، كقراءتنا اليوم في مصحفنا ، والسلام التحية ، وهي إحدى القراءتين ، ولكن تفسير أبي جعفر بعد ، هو تفسير"السلم" ، وهو الاستسلام والانقياد ، وهي القراءة الأخرى التي اختارها. فكتابتها هنا"السلام" خطأ. لا يصح به المعنى من تفسيره.(75) انظر تفسير"
السلم" فيما سلف ص: 23 ، 24 ، 29 ومادة"سلم" من فهارس اللغة في الأجزاء السالفة.(76) انظر تفسير"
الابتغاء" فيما سلف 8 : 316 تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(77) في المطبوعة: "
ألقى إليكم السلام" ، وانظر التعليق السالف ص: 70 ، رقم: 4.(78) في المطبوعة: "
ألقى إليكم السلام" ، وانظر التعليق السالف ص: 70 ، رقم: 4.(79) انظر تفسير"
من" فيما سلف 7: 369.(80) انظر تفسير"
خبير" فيما سلف من فهارس اللغة.(81) في المطبوعة: "
جزاء المحسن بإحسانه.." ، وهو غير مستقيم ، والصواب من المخطوطة.(82) في المطبوعة: "
والآثار بذلك" ، والصواب من المخطوطة.(83) في المطبوعة: "
عن نافع أن ابن عمر" ، وأثبت ما في المخطوطة.(84) في المطبوعة: "
إحنة في الجاهلية" ، وهو صواب ، و"الإحنة": الحقد في الصدر. من"أحن" وأما "حنة" كما أثبتها من المخطوطة ، فهي من"وحن" ، وهي أيضًا الحقد. وقد سلف التعليق على هذه اللفظة ، حيث وردت في الأثر رقم 2195 ، في الجزء الثالث: 152 ، 153 ، تعليق: 2. وقد ذكرت هناك إنكار الأصمعي"حنة" ، وزعم الأزهري أنها ليست من كلام العرب. وهذا دليل آخر على صواب هذه الكلمة ، وأن الذي قاله الأزهري ليس بشيء.(85) في ابن كثير 2: 546 : "
سر اليوم وغر غدا" وهو خطأ محض.(86) في المخطوطة: "
حتى تذوق بكاؤه" وهو تحريف من الناسخ ، والصواب من السياق ومن تفسير ابن كثير.(87) في المخطوطة: "
في برد" ، والصواب من ابن كثير ، وكما صححه في المطبوعة من سياق الخبر.(88) "
الصدف" (بفتحتين): جانب الجبل الذي يقابلك منه. والصدف: كل شيء مرتفع عظيم كالحائط والجبل.(89) الأثر: 10211 - في تفسير ابن كثير 2: 546 ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2 : 200 مختصرًا.
(90) في المطبوعة: "
عن يزيد عن عبد الله بن قسيط" ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة وسائر المراجع.(91) "
إضم": واد يشق الحجاز حتى يفرغ في البحر ، من عند المدينة ، وهو واد لأشجع وجهينة.(92) "
القعود": هو البكر من الإبل ، حين يمكن ظهره من الركوب ، وذلك منذ تكون له سنتان حتى يدخل في السادسة. و"متيع" تصغير"متاع": وهو السلعة ، وأثاث البيت ، وما يستمتع به الإنسان من حوائجه أو ماله. و"الوطب": سقاء اللبن.(93) في المطبوعة: "
وأخبرناه" بالواو ، وأثبت ما في المخطوطة.(94) الأثر: 10212 - هذا الأثر رواه ابن إسحاق في سيرته ، سيرة ابن هشام 4: 275 ، ورواه أحمد في مسنده 6: 11 ، وابن سعد في الطبقات 4 / 2 / 22 و2 / 1 / 96 (بغير إسناد) ، والطبري في تاريخه 3: 106 ، وابن عبد البر في الاستيعاب: 285 ، وابن الأثير في أسد الغابة 3 : 77 ، وابن كثير في تفسيره 2: 545 ، والحافظ ابن حجر في ترجمة"
عبد الله بن أبي حدرد" ، والسيوطي في الدر المنثور 2: 199 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، والطبراني ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي نعيم والبيهقي ، وكلاهما في الدلائل.وفي إسناد هذا الأثر اضطراب شديد أرجو أن أبلغ في بيانه بعض ما أريد في هذا المكان.
1- وإسناد محمد بن إسحاق في سيرة ابن هشام: "
حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد ، عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد".2- وإسناد أحمد في مسنده: "
حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق (وفي المطبوعة: عن إسحاق ، خطأ صوابه من تفسير ابن كثير) ، حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد ، عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد".3- وإسناد الطبري في تاريخه: "
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد= وقال بعضهم: عن ابن القعقاع= عن أبيه ، عن عبد الله بن أبي حدرد".4- وإسناد ابن سعد في الطبقات: "
أخبرنا محمد بن عمر قال ، حدثنا عبد الله بن يزيد بن قسيط ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي ، عن أبيه".والأسانيد الثلاثة الأولى ، وإسناد الطبري في التفسير ، جميعها من طريق محمد بن إسحاق ، وقد اتفق إسناد أحمد وإسناد ابن إسحاق في سيرة ابن هشام.
وأما إسنادا الطبري فقد خالف ما اتفق عليه أحمد وابن هشام في السيرة ، فجاء في التفسير هنا"
عن أبي القعقاع" لا"عن القعقاع" ، ثم زاد الطبري الأمر إشكالا في التاريخ فقال"عن أبي القعقاع.. عن أبيه ، عن عبد الله بن أبي حدرد" ، فزاد"عن أبيه" ، ولا ذكر لها في تفسيره ، ولا في سائر الأسانيد ، والظاهر أنه خطأ ، وأن صوابه كما في التفسير"عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد".وأما إسناد ابن سعد ، فقد خالف هذا كله فجعل مكان"
القعقاع" ، أو "أبي القعقاع" ، "عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي حدرد" ، ولم أجد لعبد الرحمن هذا ذكرًا في كتب تراجم الرجال. وجاء ابن عبد البر في الاستيعاب 2: 452 ، بما هو أغرب من هذا ، فسماه"عبد ربه بن أبي حدرد الأسلمي" ، وليس له ذكر في كتاب. ولكني وجدت في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2 / 2 / 228"عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي" ، سمع أبا هريرة. روى عنه أبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المديني. ولا أظنه هذا الذي في إسناد ابن سعد. (انظر أيضًا تهذيب التهذيب 6: 160).وأما "
القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد" فقد ترجم البخاري في الكبير 4 / 1 / 187 ، لصحابي هو"القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي" وامرأته"بقيرة" ، وهو كما ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة ، أخو"عبد الله بن أبي حدرد" ثم عقب البخاري على هذه الترجمة بقوله: "ويقال: القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد ، ولا يصح" ، يعني أنه هذا الأخير لا تصح له صحبة ، وأنه غير الأول. وكذلك فعل ابن أبي حاتم 3 / 2 / 136 ، كمثل ما في التاريخ الكبير.أما الحافظ في تعجيل المنفعة: 344 ، فقد ترجم للقعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي ووهم في نقله عن البخاري ، فظن البخاري قد ترجم له ، فذكر في ترجمته ما قال البخاري في ترجمة"
القعقاع بن أبي حدرد" ، مع أنه صحح ذلك في ترجمة"القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد" في القسم الثالث من الإصابة.أما ما ذكره الطبري من أنه"
أبو القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد" أو "ابن القعقاع" ، فلم أجده في مكان آخر ، ولكني تركت ما كان في نص إسناده في التفسير"أبو القعقاع" ، مع أنه لا ذكر له في الكتب ولا ترجمة ، لأنه وافق ما في التاريخ ، ولأن ما رواه من قوله: "ويقال: ابن القعقاع" ، يستبعد معه كل تحريف أو زيادة من ناسخ أو غيره.هذا ، وقد جاء في إسناد آخر في التاريخ 3: 125 عن ابن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق ، عن ابن شهاب الزهري ، عن ابن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي ، "
عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد". فلم يذكر اسمه ، كما ذكر في الإسناد السالف ، كما سيأتي في الإسناد التالي أيضًا: "عن ابن أبي حدرد ، عن أبيه".وهذا اضطراب غريب في إسناده ، أردت أن أجمعه في هذا المكان ، لأني لم أجد أحدًا استوفى ما فيه ، وعسى أن يتوجه لباحث فيه رأي ، وكتبه محمود محمد شاكر .
(95) الأثر: 10213 - انظر التعليق على الأثر السالف."
هارون بن إدريس الأصم" شيخ الطبري ، مضى برقم: 1455.و"
المحاربي""عبد الرحمن بن محمد بن زياد" مضى برقم: 221 ، 875 ، 1455.(96) "الغنيمة" تصغير"غنم" ، وهو قطيع من الغنم. وإنما أدخلت التاء في"غنيمة" ، لأنه أريد بها القطعة من الغنم. وانظر ما قاله أبو جعفر في دخول هذه التاء فيما سلف 6 : 412 ، 413.
(97) الأثر: 10216 - هذا الأثر ساقط من المخطوطة.
و"سعيد بن الربيع الرازي" مضى برقم: 3791 ، 5312.
(98) الأثران: 10217 ، 10218 - رواه أحمد في مسنده من طريق يحيى بن أبي بكير ، وحسين بن محمد ، وخلف بن الوليد ، ويحيى بن آدم ، جميعًا عن إسرائيل. وأرقامه في المسند: 2023 ، 2462 ، 2988 ، وإسناده صحيح. وقال ابن كثير في تفسيره 2: 544: "ورواه ابن جرير من حديث عبيد الله بن موسى ، وعبد الرحيم بن سليمان كلاهما عن إسرائيل به. وقال في بعض كتبه غير التفسير: وقد رواه من طريق عبد الرحمن فقط (هكذا في الأصل). وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما ، لعلل ، منها: أنه لا يعرف له مخرج عن سماك إلا عن هذا الوجه= ومنها: أن عكرمة في روايته عندهم نظر= ومنها: أن الذي نزلت فيه هذه الآية عندهم مختلف فيه ، فقال بعضهم: نزلت في محلم بن جثامة. وقال بعضهم: أسامة بن زيد. وقيل غير ذلك. قلت [القائل ابن كثير]: وهذا كلام غريب ، وهو مردود من وجوه ، أحدها: أنه ثابت عن سماك ، حدث به غير واحد من الأئمة الكبار. الثاني: أن عكرمة محتج به في الصحيح. الثالث: أنه مروي من غير هذا الوجه عن ابن عباس.."
وهذا الذي نقله ابن كثير من بعض كتب أبي جعفر ، أرجح ، بل أقطع ، أنه في كتابه تهذيب الآثار ، وبيانه هذا الذي نقله ابن كثير ، مطابق لنهجه في تهذيب الآثار ، ونقلت هذا هنا للفائدة ، ولأنه أول نقل رأيته في تفسير ابن كثير عن تهذيب الآثار فيما أرجح.
(99) انظر الاختلاف في اسمه"قليب" بالقاف والباء ، أو فليت" بالفاء والتاء ، في الإصابة في موضعه.
(100) في المطبوعة والمخطوطة: "ولم يجامعهم" وظاهر أنه تحريف من الناسخ ، صوابه ما أثبت.
(101) في المطبوعة: "إذا لقيهم مرداس فسلم عليهم فقتلوه" وأثبت ما في المخطوطة إلا أني جعلت"وإذا""وإذ" ، لأن السياق يقتضيها.
(102) "صبحتهم الخيل (بفتحتين) وصبحتهم (بتشديد الباء)": أتتهم صباحًا ، وكانت أكثر غاراتهم في الصباح. و"الغدوة" (بضم فسكون): البكرة ، ما بين صلاة الغداة (الفجر) وطلوع الشمس.
(103) في المخطوطة: "فدعاه" وهو تحريف ، صواب ما أثبت. وفي المطبوعة: "فتلقوه" ، وهو رديء ، خير منه ما في الدر المنثور: "فتلقاه".
(104) الأثر: 10220 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 200 ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.
(105) كان في المطبوعة: "... عرض الحياة الدنيا ، الآية ، قال: بعث..." ، وأثبت ما في المخطوطة ، وإن كان الناسخ قد غفل فأسقط من الآية في كتابته: "كذلك كنتم من قبل" .
(106) "البضعة" (بفتح فسكون): القطعة من اللحم.
(107) في المخطوطة: "فقتله الأسود" ، والصواب ما في المطبوعة ، أو أن تكون: "فقتله ابن الأسود".
(108) الأثر: 10224-"حبيب بن أبي عمرة" القصاب ، بياع القصب ، ويقال"اللحام" ، أبو عبد الله الحماني. روى عن مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأم الدرداء. روى عنه الثوري وجماعة. قال ابن سعد: "ثقة قليل الحديث". مترجم في التهذيب.
(109) انظر ما سلف رقم: 10221.
(110) في المخطوطة: "بعثه نفر من المؤمنين" ، وهو خطأ ، صوابه ما في المطبوعة.
(111) انظر تفسير"التبين" فيما سلف ص: 70.
(112) في المطبوعة: "... السلام" بالألف ، والصواب إثباتها كرسم المصحف هنا ، حتى يظهر سياق اختلاف القراءة.
(113) في المطبوعة: "وليس كذلك في الإسلام" ، والصواب الجيد من المخطوطة.
(114) في المخطوطة: "مستخفون بإيمانكم" ، وما في المطبوعة أجود.
(115) قوله"كافرًا" ليس في المخطوطة ، والسياق يقتضيها كما في المطبوعة ، وانظر اعتراض أبي جعفر بعد ، فهو يوجب إثبات هذه الكلمة في هذا الموضع.
(116) في المطبوعة في هذا الموضع وما يليه"السلام" مكان"السلم" ، ولكني أثبت ما في المخطوطة ، لأن تفسير أبي جعفر جار على"السلم" لا على"السلام". وقوله: "لم يقد" بالبناء للمجهول من"القود" (بفتح القاف والواو) وهو القصاص ، وقتل القاتل بدل القتيل ، يقال منه"أقدته به أقيده إقادة".
(117) في المطبوعة: "بعد ما كانوا يكتمونه" ، والجيد ما في المخطوطة."يكتتمون به" ، يستخفون به.
(118) في المخطوطة: "أيها القاتلو الذي ألقي إليكم السلم" ، وهو لا بأس به.
(119) في المطبوعة: "حذرًا" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهما سواء.
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
استئناف ابتدائي خوطب به المؤمنون ، استقصاء للتحذير من قتل المؤمن بذكر أحواللٍ قد يُتساهَل فيها وتعرِض فيها شبهٌ . والمناسبة ما رواه البخاري ، عن ابن عبّاس ، قال : كان رجل في غُنَيْمَة له فلَحقِه المسلمون ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمَتُه ، فأنزل الله في ذلك هذه الآية . وفي رواية وقال : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله . وفي رواية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حمل ديته إلى أهله وردّ غُنَيْمتَه واختلف في اسم القاتل والمقتول ، بعد الاتّفاق على أنّ ذلك كان في سريّة ، فروى ابن القاسم ، عن مالك : أنّ القاتل أسَامة بن زيد ، والمقتول مِرْدَاس بن نَهِيك الفَزَاري من أهل فَدَكَ ، وفي سيرة ابن إسحاق أنّ القاتل مُحلَّم من جَثامة ، والمقتول عامر بن الأضْبط . وقيل : القاتل أبو قتادة ، وقيل أبو الدرداء ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم وبّخ القاتل ، وقال له : " فَهَلاّ شققت عن بَطْنه فعلمتَ ما في قلبه " . ومخاطبتهم ب { أيها الذين آمنوا } تلوّح إلى أنّ الباعث على قتل من أظهر الإسلام منهي عنه ، ولو كان قصْد القاتل الحرصَ على تحقَّق أنّ وصف الإيمان ثابت للمقتول ، فإنّ هذا التحقّق غيرُ مراد للشريعة ، وقد ناطت صفة الإسلام بقول : «لا إله إلاّ الله محمد رسول الله» أو بتحية الإسلام وهي «السلام عليكم» .
والضرب : السير ، وتقدّم عند قوله تعالى : { وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض } في سورة آل عمران ( 156 ) . وقوله : في سبيل الله ظرف مستقرٌ هو حال من ضمير { ضربتم } وليس متعلّقاً ب«ضربتم» لأنّ الضرب أي السيّر لا يكون على سبيل الله إذ سبيل الله لقب للغزو ، ألا ترى قوله تعالى : { وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزىًّ } الآية .
والتبيّن : شدّة طلب البيان ، أي التأمّل القويّ ، حسبما تقتضيه صيغة التفعّل . ودخول الفاء على فِعل «تبيّنوا» لما في ( إذا ) من تضمّن معنى الاشتراط غالباً . وقرأ الجمهور : { فتبيّنوا } بفوقية ثم موحّدة ثم تحتيّة ثم نون من التبيّن وهو تفعّل ، أي تثبّتوا واطلبوا بيان الأمور فلا تعجلوا فتتّبعوا الخواطر الخاطفة الخاطئة . وقرأه حمزة ، والكسائي ، وخَلف : { فتثبّتوا } بفاء فوقية فمثلّثة فموحّدة ففوقيّة بمعنى اطلبوا الثابت ، أي الذي لا يتبدّل ولا يحتمل نقيض ما بَدَا لَكم .
وقوله : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لستَ مؤمناً } قرأ نافع ، وابن عامر ، وحمزة ، وخلف «السَّلَم» بدون ألف بعد اللام وهو ضدّ الحرْب ، ومعنى ألقى السلَم أظهره بينكم كأنّه رماه بينهم ، وقرأ البقية «السَّلام» بالألف وهو مشترك بين معنى السلم ضدّ الحرب ، ومعنى تحية الإسلام ، فهي قول : السلام عليكم ، أي من خاطبَكم بتحية الإسلام علامةً على أنّه مسلم .
وجملة { لست مؤمناً } مَقول { لا تقولوا } . وقرأ الحمهور : { مؤمناً } بكسر الميم الثانية بصيغة اسم الفاعل ، أي لا تنْفوا عنه الإيمان وهو يظهره لكم ، وقرأه ابن وردان عن أبي جعفر بفتح الميم الثانية بصيغة اسم المفعول ، أي لا تقولوا له لست مُحصّلاً تأمينَنَا إياك ، أي إنّك مقتولا أو مأسُور . و { عرض الحياة } : متاح الحياة ، والمراد به الغنيمة فعبّر عنها ب { عرض الحياة } تحقيراً لها بأنّها نفع عارض زائل .
وجملة { تبتغون } حالية ، أي ناقشتموه في إيمانه خشيَة أن يكون قصَد إحراز ماله ، فكان عدمُ تصديقه آئلاً إلى ابتغاء غنيمة ماله ، فأوخذوا بالمآل . فالمقصود من هذا القيد زيادة التوبيخ ، مع العلم بأنّه لو قال لمن أظهر الإسلام : لستَ مؤمناً ، وقتَله غير آخذ منه مالاً لكان حكمه أوْلى ممّن قصَد أخذ الغنيمة ، والقيد ينظر إلى سبب النزول ، والحكمُ أعّم من ذلك . وكذلك قوله : { فعند الله مغانم كثيرة } أي لم يحصر الله مغانمَكم في هذه الغَنيمة .
وزاد في التوبيخ قوله : { كذلك كنتم من قبل } أي كنتم كفّاراً فدخلتم الإسلام بكلمة الإسلام ، فلو أنّ أحداً أبى أن يصدّقكم في إسلامكم أكان يُرضيكم ذلك . وهذه تربية عظيمة ، وهي أن يستشعر الإنسان عند مؤاخذته غيره أحْوالاً كان هو عليها تساوي أحوال مَن يؤاخذه ، كمؤاخذة المعلّم التلميذ بسوء إذا لم يقصّر في إعمال جهده . وكذلك هي عظة لمن يمتحنون طلبة العلم فيعتادون التشديد عليهم وتطلّب عثراتهم ، وكذلك ولاة الأمور وكبار الموظّفين في معاملة من لنظرهم من صغار الموظّفين ، وكذلك الآباء مع أبنائهم إذا بلغت بهم الحماقة أن ينتهروهم على اللعب المعتاد أو على الضجر من الآلام .
وقد دلّت الآية على حكمة عظيمة في حفظ الجامعة الدينية ، وهي بثّ الثقة والأمان بين أفراد الأمّة ، وطرح ما من شأنه إدخال الشكّ لأنّه إذا فتح هذا الباب عسر سَدّه ، وكما يتّهم المتّهمُ غيرَه فللغير أن يتّهم مَن اتّهمه ، وبذلك ترتفع الثقة ، ويسهل على ضعفاء الإيمان المروق ، إذ قد أصبحت التهمة تُظلّ الصادق والمنافق ، وانظر معاملة النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين معاملة المسلمين . على أنّ هذا الدين سريع السريان في القلوب فيكتفي أهله بدخول الداخلين فيه من غير مناقشة ، إذ لا يلبثون أن يألفوه ، وتخالط بشاشتُه قلوبَهم ، فهم يقتحمونه على شكّ وتردّد فيصير إيماناً راسخاً ، وممّا يعين على ذلك ثقة السابقين فيه باللاحقين بهم .
ومن أجل ذلك أعاد الله الأمرَ فقال : { فتبَيّنوا } تأكيداً ل ( تبينّوا ) المذكورِ قبْله ، وذيَّله بقوله : { إنّ الله كان بما تعملون خبيراً } وهو يجمع وعيداً ووعداً .
- إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» سبق إعرابها «إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فعل ماض والتاء فاعله وتعلق به الجار والمجرور والجملة في محل جر بالإضافة لأنها وليت الظرف إذا «فَتَبَيَّنُوا» فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها «وَ لا تَقُولُوا» مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله والجملة معطوفة «لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ» فعل ماض فاعله هو تعلق به الجار والمجرور بعده والسلام مفعوله والجملة صلة من ، ولمن متعلقان بتقولوا. «لَسْتَ مُؤْمِناً» ليس واسمها وخبرها والجملة مقول القول «تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا» فعل مضارع وفاعله ومفعوله والدنيا صفة الحياة والجملة في محل نصب حال «فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ» الظرف متعلق بمحذوف خبر المبتدأ المؤخر مغانم والفاء تعليلية «كَثِيرَةٌ» صفة «كَذلِكَ كُنْتُمْ» الكاف اسم بمعنى مثل في محل نصب خبر كنتم واسم الإشارة في محل جر بالإضافة أو كذلك جار ومجرور
متعلقان بمحذوف خبر كنتم والتاء اسمها. «مِنْ قَبْلُ» ظرف زمان مبني على الضم لأنه قطع عن الإضافة في محل جر بمن متعلقان بمحذوف حال والجملة مستأنفة «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ» فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل والجملة معطوفة «فَتَبَيَّنُوا» الفاء هي الفصيحة والجملة لا محل لها جواب شرط مقدر : إذا أدركتم ذلك فتبينوا «إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً» تقدم إعراب ما يشبهها.
- English - Sahih International : O you who have believed when you go forth [to fight] in the cause of Allah investigate; and do not say to one who gives you [a greeting of] peace "You are not a believer" aspiring for the goods of worldly life; for with Allah are many acquisitions You [yourselves] were like that before; then Allah conferred His favor upon you so investigate Indeed Allah is ever with what you do Acquainted
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(4:94) Believers! When you go forth in the way of Allah, discern (between friend and foe), and do not say to him who offers you the greeting of peace: 'You are not a believer.' *126 If you seek the good of this worldly life, there lies with Allah abundant gain. After all, you too were such before, and then Allah was gracious to you. *127 Discern, then, for Allah is well aware of what you do.
- Français - Hamidullah : O les croyants Lorsque vous sortez pour lutter dans le sentier d'Allah voyez bien clair ne vous hâtez pas et ne dites pas à quiconque vous adresse le salut de l'Islam Tu n'es pas croyant convoitant les biens de la vie d'ici-bas Or c'est auprès d'Allah qu'il y a beaucoup de butin C'est ainsi que vous étiez auparavant; puis Allah vous a accordé Sa grâce Voyez donc bien clair Allah est certes Parfaitement Connaisseur de ce que vous faites
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt wenn ihr auf Allahs Weg umherreist dann unterscheidet klar und sagt nicht zu einem der euch Frieden anbietet "Du bist nicht gläubig" wobei ihr nach den Glücksgütern des diesseitigen Lebens trachtet Doch bei Allah ist Gutes in Fülle So wart ihr zuvor Aber dann hat Allah euch eine Wohltat erwiesen Unterscheidet also klar Gewiß Allah ist dessen was ihr tut Kundig
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes cuando acudáis a combatir por Alá cuidado no digáis al primero que os salude ¡Tú no eres creyente buscando los bienes de la vida de acá Alá ofrece abundantes ocasiones de obtener botín Vosotros también erais así antes s Alá os agració ¡Cuidado pues que Alá está bien informado de lo que hacéis
- Português - El Hayek : Ó fiéis quando viajardes pela causa de Deus sede ponderados; não digais a quem vos propõe a paz Tu não é fiel como intento de auferirdes matandoo e despojandoo a transitória fortuna da vida terrena Sabei que Deus vos tem reservadonumerosas fortunas Vós éreis como eles em outros tempos; porém Deus voa agraciou com o Islam Meditai pois porqueDeus está bem inteirado de tudo quanto fazeis
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Когда вы выступаете на пути Аллаха то удостоверяйтесь и не говорите тому кто приветствует вас миром Ты - неверующий - стремясь обрести тленные блага мирской жизни У Аллаха есть богатая добыча Такими вы были прежде но Аллах оказал вам милость и посему удостоверяйтесь Воистину Аллах ведает о том что вы совершаете
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
О те, которые уверовали! Когда вы выступаете на пути Аллаха, то удостоверяйтесь и не говорите тому, кто приветствует вас миром: «Ты - неверующий», - стремясь обрести тленные блага мирской жизни. У Аллаха есть богатая добыча. Такими вы были прежде, но Аллах оказал вам милость, и посему удостоверяйтесь. Воистину, Аллах ведает о том, что вы совершаете.Всевышний приказал Своим верующим рабам, отправляясь в поход на Его пути и стремясь снискать Его благоволение, проверять любые сомнительные сведения. Все сведения можно разделить на две группы: очевидные и сомнительные. Ясные и очевидные сведения не нуждаются в подтверждении, потому что нет необходимости доказывать уже доказанное. Что же касается неясных и сомнительных сведений, то они нуждаются в подтверждении, дабы люди могли решить, следует им опираться на них или нет. Проверка полученной информации может принести мусульманам много пользы и уберечь их от великого зла, и если раб всегда поступает так, то это свидетельствует о его набожности, здравомыслии и благоразумии. Если же он принимает поспешные решения, не удостоверившись в правдивости полученных сведений, то это обязательно приводит к нежелательным последствиям. Именно такой случай произошел с мусульманами, которых Аллах укорил в этом аяте. Они не пожелали удостовериться в искренности человека, который приветствовал их миром, убили его и забрали имущество, которое тот имел при себе. Это были добытые им военные трофеи или вверенное ему имущество других людей. Мусульмане решили, что он приветствовал их миром, чтобы спастись от смерти. Они не должны были поступать так, и поэтому Аллах упрекнул их за такой поступок. Им не следовало называть того, кто приветствовал их миром, неверующим, стремясь обрести преходящие мирские блага. Ничтожное и тленное земное богатство не должно было подталкивать их к совершению недостойного поступка, который лишил их щедрого и вечного вознаграждения у Аллаха. Воистину, Его вознаграждение лучше и долговечнее. Из этого следует, что если раб чувствует влечение к поступку, который угоден его душе, но может причинить ему вред, то ему следует вспомнить о вознаграждении, которое Аллах приготовил для тех, кто сопротивляется своим низменным желаниям и отдает предпочтение тому, что угодно Ему, перед тем, что угодно его собственной душе. Так Аллах призывает людей выполнять Его повеления, даже если они обременительны для них. Затем Аллах напомнил правоверным о том, в каком положении они находились до того, как Он помог им обратиться в ислам. Он наставил мусульман на прямой путь и избавил их от заблуждения, и таким же образом Он может наставить на прямой путь остальных людей. Мусульмане обращались в ислам постепенно, и таким же образом обращаются в ислам все остальные. И если человек, достигнув совершенства, задумается над недостатками, которыми он обладал прежде, если он станет обращаться с новообращенными мусульманами, опираясь на свои знания, если он будет проповедовать религию с мудростью и добрым увещеванием, то это позволит ему помочь другим и самому извлечь из этого пользу. Именно поэтому после упоминания об этом Аллах еще раз приказал удостоверяться и проверять полученные сведения. Если мусульманам, которые сражаются во имя Аллаха, борются против Его врагов и готовятся нанести им сокрушительное поражение, приказано удостоверяться в искренности тех, кто приветствует их миром, несмотря на то, что у них может быть достаточно оснований предположить, что неприятель приветствует их миром, опасаясь за свою жизнь и пытаясь спастись от смерти, то это значит, что мусульмане должны удостоверяться в сути происходящего при любых обстоятельствах, когда у них возникают сомнения или подозрения. Раб должен удостоверяться в сути происходящего до тех пор, пока ситуация полностью не прояснится и пока он не узнает истину. Аллах ведает о том, что совершают люди, и воздаст каждому человеку за его деяния и намерения, о которых Ему прекрасно известно.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey İnananlar Allah yolunda yürüdüğünüz vakit her şeyi iyice anlayın Size müslüman olduğunu bildirene dünya hayatının geçici menfaatine göz dikerek "Sen mümin değilsin" demeyin Allah katında birçok ganimetler vardır Evvelce siz de öyleydiniz Allah size iyilikte bulundu iyice araştırıp anlayın Allah işlediklerinizden şüphesiz haberdardır
- Italiano - Piccardo : O voi che credete quando vi lanciate sul sentiero di Allah siate ben certi prima di dire a chi vi rivolge il saluto “Tu non sei credente” al fine di procacciarvi i beni della vita terrena Presso Allah c'è bottino più ricco Già prima eravate così poi Allah vi ha beneficati State attenti ché Allah è perfettamente informato di quello che fate
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهوانهی باوهڕتان هێناوه کاتێک دهرئهچن بۆ گهیاندنی ئیسلام و جیهاد لهپێناوی خوادا وردبین بن و ههموو شتێک ڕوون بکهنهوه دووره پهرێزبن له پهلهو ههڵهشهیی و بهوکهسانه مهڵێن که سهلامتان لێدهکهن ڕاست ناکهیت تۆ ئیماندار نیت بهو ههڵوێسته مهبهستتان دهسکهوتی ژیانی دنیابێت لای خوا دهستکهوتی زۆر ههیه خۆ کاتی خۆی ئێوهش وابوون باوهڕتان شاراوه بوو تا خوا منهتی نایه سهرتان سهرکهوتنی پێبهخشین و دهرووی لێکردنهوه کهواته وردو دووربین بن چونکه بهڕاستی خوا ئاگاداره بهههموو ئهوکاروکردهوانهی که دهیکهن پێغهمبهر صلی الله علیه وسلم دهستهیهک له هاوهڵانی نارد بۆ گهیاندنی ئیسلام ئوسامهی کوڕی زهیدی کرده لێپرسراویان کابرایهک که ناوی مهرداس بوو مهڕو وشتری دهلهوهڕان ئوسامهو هاوهڵانی بینی ترساو بهپهله دوور کهوتهوهو خۆی کرد به ئهشکهوتێکدا ئهمانیش شوێنی کهوتن کاتێک چوونه بهردهم ئهشکهوتهکه کابرا هات بهپیریانهوهو سهلامی لێکردن و شایهتمانی هێنا بهڵام ئوسامه هێرشی کرده سهری و کوشتی دوایی که پێغهمبهر صلی الله علیه وسلم بیستی تووڕه بوو له ئوسامه و فهرمووی بۆچی کوشتت ئایا دڵ و سینهتان ههڵدڕی بوو بزانن بهڕاستێتی یان نا
- اردو - جالندربرى : مومنو جب تم خدا کی راہ میں باہر نکلو کرو تو تحقیق سے کام لیا کرو اور جو شخص تم سے سلام علیک کرے اس سے یہ نہ کہو کہ تم مومن نہیں اور اس سے تمہاری غرض یہ ہو کہ دنیا کی زندگی کا فائدہ حاصل کرو سو خدا کے نزدیک بہت سے غنیمتیں ہیں تم بھی تو پہلے ایسے ہی تھے پھر خدا نے تم پر احسان کیا تو ائندہ تحقیق کرلیا کرو اور جو عمل تم کرتے ہو خدا کو سب کی خبر ہے
- Bosanski - Korkut : O vjernici kada u boj krenete na Allahovu putu sve dobro ispitajte i onome ko vam nazove selam ne recite "Ti nisi vjernik" – kako biste se domogli ovozemaljskih dobara; ta u Allaha su mnoge dobiti I vi ste prije bili kao oni pa vam je Allah darovao milost Svoju; zato uvijek sve dobro ispitajte a Allahu je zaista poznato ono što radite
- Swedish - Bernström : Troende När ni går ut för [att kämpa för] Guds sak säg inte till den som hälsar er med fredshälsningen utan att ha förvissat er [om rätta förhållandet] "Du är inte en av de troende" i förhoppning om att göra en lättfången vinst [Tänk på att] många vinster väntar hos Gud En gång befann ni er själva i sådant [läge] men Gud visade er stor nåd Förvissa er därför [om rätta förhållandet] Gud är väl underrättad om vad ni gör
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai orangorang yang beriman apabila kamu pergi berperang di jalan Allah maka telitilah dan janganlah kamu mengatakan kepada orang yang mengucapkan "salam" kepadamu "Kamu bukan seorang mukmin" lalu kamu membunuhnya dengan maksud mencari harta benda kehidupan di dunia karena di sisi Allah ada harta yang banyak Begitu jugalah keadaan kamu dahulu lalu Allah menganugerahkan nikmatNya atas kamu maka telitilah Sesungguhnya Allah Maha Mengetahui apa yang kamu kerjakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
(Hai orang-orang yang beriman, jika kamu bepergian) maksudnya mengadakan perjalanan untuk berjihad (di jalan Allah maka selidikilah) menurut satu qiraat dengan tiga macam baris pada dua tempat (dan janganlah kamu katakan kepada orang yang mengucapkan salam kepadamu) ada yang memakai alif dan ada pula yang tidak sedangkan artinya ialah penghormatan atau ketundukan dengan membaca dua kalimat syahadat sebagai ciri-ciri bagi penganut agama Islam (kamu bukan seorang mukmin) kamu mengatakan itu hanyalah untuk menjaga diri dan hartamu, lalu kamu membunuhnya (dengan maksud, menuntut) artinya hendak mencari (harta benda kehidupan dunia) yakni barang rampasan (padahal di sisi Allah harta yang banyak) sehingga kamu tidak perlu membunuh untuk mendapatkan harta itu. (Begitu pulalah keadaan kamu dahulu) darah dan harta bendamu dipelihara berkat ucapan syahadat dari kamu (lalu Allah melimpahkan karunia-Nya kepadamu) hingga terkenal keimanan dan keteguhan pendirianmu (karena itu selidikilah) lebih dulu jangan sampai kamu membunuh orang yang telah beriman dan perlakukanlah terhadap orang yang baru masuk Islam sebagaimana kamu pernah diperlakukan. (Sesungguhnya Allah Maha Mengetahui apa yang kamu kerjakan) sehingga kamu akan mendapat balasan daripada-Nya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে ঈমানদারগণ তোমরা যখন আল্লাহর পথে সফর কর তখন যাচাই করে নিও এবং যে তোমাদেরকে সালাম করে তাকে বলো না যে তুমি মুসলমান নও। তোমরা পার্থিব জীবনের সম্পদ অন্বেষণ কর বস্তুতঃ আল্লাহর কাছে অনেক সম্পদ রয়েছে। তোমরা ও তো এমনি ছিলে ইতিপূর্বে; অতঃপর আল্লাহ তোমাদের প্রতি অনুগ্রহ করেছেন। অতএব এখন অনুসন্ধান করে নিও। নিশ্চয় আল্লাহ তোমাদের কাজ কর্মের খবর রাখেন।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : முஃமின்களே அல்லாஹ்வுடைய பாதையில் போருக்கு நீங்கள் சென்றால் போர் முனையில் உங்களை எதிர்த்துச் சண்டை செய்வோர் முஃமின்களா அல்லது மற்றவர்களா என்பதைத் தெளிவாக அறிந்து கொள்ளுங்கள் அவர்களில் எவரேனும் தாம் முஃமின் என்பதை அறிவிக்கும் பொருட்டு உங்களுக்கு "ஸலாம்" சொன்னால் இவ்வுலக வாழ்க்கையின் அற்பமான அழியக் கூடிய பொருட்களை அடையும் பொருட்டு "நீ முஃமினல்ல" என்று கூறி அவரைக் கொன்று விடாதீர்கள்; அல்லாஹ்விடம் ஏராளமான பொருட்கள் இருக்கின்றன இதற்கு முன்னர் நீங்களும் பயந்து பயந்து இவ்வாறே இருந்தீர்கள் அல்லாஹ் உங்கள் மீது அருள் புரிந்தான்; எனவே மேலே கூறியாவாறு போர் முனையில் நீங்கள் தெளிவு படுத்திக் கொள்ளுங்கள்; நிச்சயமாக அல்லாஹ் நீஙகள் செய்வதையெல்லாம் நன்கு அறிந்தவனாகவே இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : ผู้ที่ศรัทธาทั้งหลาย เมื่อพวกเจ้าเดินทางไปในทางของอัลลอฮฺ ก็จงให้ประจักษ์ชัดเสียก่อน และจงอย่ากล่าวแก่ผู้ที่กล่าวสลามแก่พวกเจ้าว่า “ท่านมิใช่เป็นผู้ศรัทธา” โดยแสวงหาสิ่งอำนวยประโยชน์ชั่วคราวแห่งชีวิตความเป็นอยู่ในโลกนี้ แต่ณ ที่อัลลอฮฺนั้นมีปัจจัยยังชีพอันมากมาย ในทำนองเดียวกันนั้นพวกเจ้าก็เคยเป็นมาก่อน แล้วอัลลอฮฺได้ทรงโปรดปรานแก่พวกเจ้า ดังนั้นพวกเจ้าจงให้ประจักษ์เสียก่อน แท้จริงอัลลอฮฺนั้นทรงรอบรู้อย่างถี่ถ้วนในสิ่งที่พวกเจ้ากระทำกันอยู่
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Аллоҳнинг йўлида жиҳодга чиқсангиз аниқлаб олинглар ва сизга салом берган кимсага мўмин эмассан деманглар Бу дунё ҳаётининг ўткинчи ўлжасини истайсизлар Аллоҳнинг ҳузурида эса кўплаб ўлжалар бор Авваллари сиз ҳам шундай эдингиз Аллоҳ сизга неъмат берди Бас аниқлаб олинг Албатта Аллоҳ нима қилаётганингиздан хабардордир Ушбу ояти кариманинг нозил бўлиш сабаби ҳақида Имом Аҳмад ибн Xанбал ҳазрати Абдуллоҳ ибн Аббосдан р а ривоят қилинган ҳадисда қуйидагилар айтилади Бану Салим қабиласидан бир одам бир гуруҳ саҳобанинг олдидан қўйларини боқиб ўтиб қолди ва уларга салом берди Саҳобалар Биздан қўрққанидан салом берди бўлмаса бермас эди дедиларда уни ўлдириб қўйларини Пайғамбарнинг с а в ҳузурларига ҳайдаб бордилар Шунда Аллоҳ таоло Эй иймон келтирганлар Аллоҳнинг йўлида жиҳодга чиқадиган бўлсангиз аниқлаб олинглар оятини нозил қилди
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊!当你们为主道而出征的时候,你们当事事审慎,你们不要对向你们表示和平的人说:你不是信士。你们欲图今世生活的浮利,但在真主那里有丰富的福利。以前,你们是象那样的。但真主施恩于你们,故你们应当事事审慎。真主确是彻知你们的行为的。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman apabila kamu pergi berperang pada jalan Allah untuk membela Islam maka hendaklah kamu menyelidik apa jua perkara dengan sebaikbaiknya dan janganlah kamu terburuburu mengatakan kepada orang yang menunjukkan kepada kamu sikap damai dengan memberi salam atau mengucap dua Kalimah Syahadat "Engkau bukan orang yang beriman" lalu kamu membunuhnya dengan tujuan hendak mendapat harta bendanya yang merupakan harta benda kehidupan dunia yang tidak kekal Janganlah kamu gelap mata kepada daki dunia itu kerana di sisi Allah ada disediakan limpah kurnia yang banyak Demikianlah juga keadaan kamu dahulu dapat diketahui oleh orang lain akan keIslaman kamu dengan memberi salam atau mengucap kalimah Syahadat lalu Allah mengurniakan nikmatNya kepada kamu Oleh itu selidikilah apaapa jua lebih dahulu dan janganlah bertindak dengan terburuburu Sesungguhnya Allah sentiasa memerhati dengan mendalam akan segala yang kamu lakukan
- Somali - Abduh : Kuwa xada Rumeeyow markaad u Safartaan Jidka Eebe wax caddaysta Hubsada hana dhihina Ruux Salaan idiin soo gudbiyey ma tihid Mu'min idinkoo dooni Dhalateedka Nolosha dhaq Eebe agtiisa yey tahay qaniimooyin Badan saasaad ahaydeen horay waxaana idinku Mannaystay Eebe korkiinna ee caddaysta Hubsada Eebana waxaad Camal falaysaan waa Ogyahay
- Hausa - Gumi : Yã kũ waɗanda suka yi ĩmãni Idan kun yi tafiya a cikin ƙasa dõmin jihãdi to ku nẽmi bãyani Kuma kada ku ce wa wanda ya jĩfa sallama zuwa gare ku "Bã Musulmi kake ba" Kunã nẽman hãjar rãyuwar dũniya to a wurin Allah akwai ganimõmi mãsu yawa Kamar wannan ne kuka kasance a gabãnin ku musulunta sa'an nan Allah Ya yi muku falala Sabõda haka ku zan nẽman bayãni Lalle ne Allah Yã kasance ga abin da kuke aikatãwa Masani
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Mnapo safiri katika Njia ya Mwenyezi Mungu basi hakikisheni wala msimwambie anaye kutoleeni salamu Wewe si Muumini; kwa kutaka manufaa ya maisha ya dunia hii hali ya kuwa kwa Mwenyezi Mungu zipo ghanima nyingi Hivyo ndivyo mlivyo kuwa nyinyi zamani na Mwenyezi Mungu akakuneemesheni Basi chunguzeni sawa sawa Hakika Mwenyezi Mungu anazo khabari za mnayo yatenda
- Shqiptar - Efendi Nahi : O besimtarë Kur të shkoni në luftë në rrugë të Perëndisë sqaroni çështjen ndaj njerëzve mos i thoni atij që ju përshëndet juve me përshëndetje islamike “Nuk je ti besimtar” me qëllim të kërkoni kënaqësi të kësaj jete; e te Perëndia ka fitime të shumta Të tillë keni qenë edhe ju më parë e Perëndia juve ju dha mirësi; prandaj gjithmonë të gjitha punët sqaroni mirë Se Perëndia është dijtës i veprave tuaja
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، چون براى جهاد رهسپر شويد نيك تفحص كنيد. و به آن كس كه بر شما سلام گويد، مگوييد كه مؤمن نيستى. شما برخوردارى از زندگى دنيا را مىجوييد و حال آنكه غنيمتهاى بسيار نزد خداست. شما پيش از اين چنان بوديد ولى خدا بر شما منت نهاد. پس تفحص كنيد كه خدا بر اعمالتان آگاه است.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, чун барои ҷиҳод раҳсипор шавед, нек тафаҳҳус (санҷиш) кунед. Ва ба он кас, ки ба, р шумо салом гӯяд, магӯед, ки мӯъмин нести. Шумо бархӯрдорӣ аз зиндагии дунёро меҷӯед ва ҳол он ки ғаниматҳои бисёр назди Худост. Шумо пеш аз ин чунон будед, вале Худо бар шумо миннат ниҳод. Пас санҷиш кунед, ки Худо бар амалҳоятон огоҳ аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! اﷲ يولىغا (يەنى غازاتقا) ئاتلانغان ۋاقتىڭلاردا ھەقىقەتلەپ ئىش قىلىڭلار (يەنى مۆمىن ياكى كاپىرلىقى ئېنىق بولغۇچە ئۆلتۈرۈشكە ئالدىراپ كەتمەڭلار)، سىلەرگە مۇسۇلمان بولغانلىقىنى بىلدۈرۈپ سالام بەرگەن ئادەمگە - دۇنيانىڭ مال - مۈلكىنى (غەنىيمەتنى) كۆزلەپ - سەن مۆمىن ئەمەسسەن دېمەڭلار (يەنى ئۆلۈشتىن قورقۇپ سالام بەردىڭ دەپ ئۇنى ئۆلتۈرۈۋەتمەڭلار)، اﷲ نىڭ دەرگاھىدا (مۇنداقلارنى ئۆلتۈرۈشتىن سىلەرنى بىھاجەت قىلىدىغان) نۇرغۇن غەنىيمەتلەر (يەنى ساۋاب) بار، ئىلگىرى سىلەرمۇ ئەنە شۇنداق (كاپىر) ئىدىڭلار، كېيىن اﷲ سىلەرگە (ئىماننى) ئىلتىپات قىلدى، (ئۇلارنى ئۆزۈڭلارغا سېلىشتۇرۇپ) ھەقىقەتلەپ ئىش قىلىڭلار. اﷲ سىلەرنىڭ قىلمىشىڭلاردىن خەۋەرداردۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിച്ചവരേ, നിങ്ങള് അല്ലാഹുവിന്റെ മാര്ഗത്തില് യുദ്ധത്തിനിറങ്ങിയാല് ശത്രുക്കളെയും മിത്രങ്ങളെയും വേര്തിരിച്ചറിയണം. ആരെങ്കിലും നിങ്ങള്ക്ക് സലാം ചൊല്ലിയാല് ഐഹികനേട്ടമാഗ്രഹിച്ച് “നീ വിശ്വാസിയല്ലെ”ന്ന് അയാളോടു പറയരുത്. അല്ലാഹുവിങ്കല് സമരാര്ജിത സമ്പത്ത് ധാരാളമുണ്ട്. നേരത്തെ നിങ്ങളും അവരിപ്പോഴുള്ള അതേ അവസ്ഥ യിലായിരുന്നല്ലോ. പിന്നെ അല്ലാഹു നിങ്ങളോട് ഔദാര്യം കാണിച്ചു. അതിനാല് കാര്യങ്ങള് വ്യക്തമായി മനസ്സിലാക്കുക. അല്ലാഹു നിങ്ങള് ചെയ്യുന്നതെല്ലാം സൂക്ഷ്മമായി അറിയുന്നവനാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اذا خرجتم في الارض مجاهدين في سبيل الله فكونوا على بينه مما تاتون وتتركون ولا تنفوا الايمان عمن بدا منه شيء من علامات الاسلام ولم يقاتلكم لاحتمال ان يكون مومنا يخفي ايمانه طالبين بذلك متاع الحياه الدنيا والله تعالى عنده من الفضل والعطاء ما يغنيكم به كذلك كنتم في بدء الاسلام تخفون ايمانكم عن قومكم من المشركين فمن الله عليكم واعزكم بالايمان والقوه فكونوا على بينه ومعرفه في اموركم ان الله تعالى عليم بكل اعمالكم مطلع على دقائق اموركم وسيجازيكم عليها
*126).In the early days of Islam the greeting as-salam 'alaykum ('peace be on you') was a distinguishing symbol of the Muslims. When a Muslim greeted another Muslim with this expression it signified that he was a member of the same community, that he was a friend and well-wisher, one who wished peace and security, from whom he need entertain no fear of hostility and towards whom, in return, he should not behave with hostility. The Islamic greeting occupied virtually the same position among Muslims as the passwords used by sentries to distinguish friend from foe. This was particularly important in those days because there were no distinctions in dress, language and so on by which Muslims could be conclusively marked off from their non-Muslim Arab compatriots.
The Muslims also encountered a strange problem on the battlefield. Whenever a Muslim was in danger of being harmed inadvertently by other Muslims during the fighting, he resorted to either the Islamic greeting (as-salam 'alaykum) or the Islamic creed There is no god save Allah' (ili-Jl^y) in order to indicate that he was their brother-in-faith. The Muslims, however, often suspected this to be merely a ruse of the enemy and therefore sometimes disregarded the utterance of the Islamic greeting or of the Islamic creed, and killed such people and seized their belongings as booty. Although whenever the Prophet (peace be on him) came to know of such incidents, he severely reproached the people concerned, it, nevertheless, continued to take place. In the end God solved the problem by revelation. The purport of the verse is that no one has the right summarily to judge those who profess to be Muslims, and assume them to be lying for fear of their lives. At least two possibilities exist: the claim may either be true or it may be false. The truth can only be ascertained by proper investigation. While it is impossible to investigate a person's case properly during fighting and this may enable him to save his life by lying, it is equally possible that an innocent, true believer might be put to death by mistake. The error of letting an unbeliever go unpunished is preferable to that of killing a true believer.
*127).The Muslims are now told that there was a time when they were scattered among different tribes of unbelievers. They were, therefore, forced to conceal the fact of being Muslims since they feared that they would be subjected to persecution and hardship. In those days they had nothing else besides their verbal profession to testify to their faith. Later on, some time before these verses were revealed, God benevolently enabled the Muslims to develop a collective entity of their own and thus to raise the banner of Islam in the face of strong opposition from the unbelievers. That the Muslims should fail to appreciate the hardships which other Muslims were enduring, and which they themselves had endured until not long before, and not to treat them with consideration and forbearance, did not seem an adequate way of thanking God for His benevolence.