- عربي - نصوص الآيات عثماني : ۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰٓ أَن تَعْدِلُواْ ۚ وَإِن تَلْوُۥٓاْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
- عربى - نصوص الآيات : ۞ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ۚ إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ۖ فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ۚ وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، كونوا قائمين بالعدل، مؤدين للشهادة لوجه الله تعالى، ولو كانت على أنفسكم، أو على آبائكم وأمهاتكم، أو على أقاربكم، مهما كان شأن المشهود عليه غنيًّا أو فقيرًا؛ فإن الله تعالى أولى بهما منكم، وأعلم بما فيه صلاحهما، فلا يحملنَّكم الهوى والتعصب على ترك العدل، وإن تحرفوا الشهادة بألسنتكم فتأتوا بها على غير حقيقتها، أو تعرضوا عنها بترك أدائها أو بكتمانها، فإن الله تعالى كان عليمًا بدقائق أعمالكم، وسيجازيكم بها.
- السعدى : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا { قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ْ} والقوَّام صيغة مبالغة، أي: كونوا في كل أحوالكم قائمين بالقسط الذي هو العدل في حقوق الله وحقوق عباده، فالقسط في حقوق الله أن لا يستعان بنعمه على معصيته، بل تصرف في طاعته. والقسط في حقوق الآدميين أن تؤدي جميع الحقوق التي عليك كما تطلب حقوقك. فتؤدي النفقات الواجبة، والديون، وتعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، من الأخلاق والمكافأة وغير ذلك. ومن أعظم أنواع القسط القسط في المقالات والقائلين، فلا يحكم لأحد القولين أو أحد المتنازعين لانتسابه أو ميله لأحدهما، بل يجعل وجهته العدل بينهما، ومن القسط أداء الشهادة التي عندك على أي وجه كان، حتى على الأحباب بل على النفس، ولهذا قال: { شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا ْ} أي: فلا تراعوا الغني لغناه، ولا الفقير بزعمكم رحمة له، بل اشهدوا بالحق على من كان. والقيام بالقسط من أعظم الأمور وأدل على دين القائم به، وورعه ومقامه في الإسلام، فيتعين على من نصح نفسه وأراد نجاتها أن يهتم له غاية الاهتمام، وأن يجعله نُصْب عينيه، ومحل إرادته، وأن يزيل عن نفسه كل مانع وعائق يعوقه عن إرادة القسط أو العمل به. وأعظم عائق لذلك اتباع الهوى، ولهذا نبه تعالى على إزالة هذا المانع بقوله: { فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ْ} أي: فلا تتبعوا شهوات أنفسكم المعارضة للحق، فإنكم إن اتبعتموها عدلتم عن الصواب، ولم توفقوا للعدل، فإن الهوى إما أن يعمي بصيرة صاحبه حتى يرى الحق باطلا والباطل حقا، وإما أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه، فمن سلم من هوى نفسه وفق للحق وهدي إلى الصراط المستقيم. ولما بيَّن أن الواجب القيام بالقسط نهى عن ما يضاد ذلك، وهو لي اللسان عن الحق في الشهادات وغيرها، وتحريف النطق عن الصواب المقصود من كل وجه، أو من بعض الوجوه، ويدخل في ذلك تحريف الشهادة وعدم تكميلها، أو تأويل الشاهد على أمر آخر، فإن هذا من اللي لأنه الانحراف عن الحق. { أَوْ تُعْرِضُوا ْ} أي: تتركوا القسط المنوط بكم، كترك الشاهد لشهادته، وترك الحاكم لحكمه الذي يجب عليه القيام به. { فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ْ} أي: محيط بما فعلتم، يعلم أعمالكم خفيها وجليها، وفي هذا تهديد شديد للذي يلوي أو يعرض. ومن باب أولى وأحرى الذي يحكم بالباطل أو يشهد بالزور، لأنه أعظم جرما، لأن الأولين تركا الحق، وهذا ترك الحق وقام بالباطل.
- الوسيط لطنطاوي : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
وقوله قَوَّامِينَ جمع قوام وهو صيغة مبالغة من قائم. والقوام: هو المبالغ في القيام بالشيء وفي الإتيان به على أتم وجه وأحسنه.
وقوله شُهَداءَ جمع شهيد بوزن فعيل. والأصل في هذه الصيغة أنها تدل على الصفات الراسخة في النفس ككريم وحكيم.
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بالحق إيمانا صادقا. كونوا مواظبين على إقامة العدل فيما بينكم في جميع الظروف والأحوال دون أن يصرفكم عن ذلك صارف، وكونوا «شهداء لله» أى: مقيمين للشهادة بالحق ابتغاء وجه الله لا لغرض من الأغراض الدنيوية. ولا لمطمع من المطامع الشخصية، فإن الإيمان الحق يستلزم منكم أن تعدلوا في أحكامكم وأن تؤدوا الشهادة على وجهها.
وفي ندائه- سبحانه- لهم بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تنبيه إلى الأمر الخير الذي ناداهم من أجله ودعاهم إلى تنفيذه وهو التزام العدالة في كل أمورهم، وتحريك لعاطفة الإيمان في قلوبهم بمقتضى وصفهم- بهذه الصفة الجليلة.
وعبر- سبحانه- بقوله كُونُوا قَوَّامِينَ بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة والمداومة على الشيء، لتمكين صفة العدالة في نفوسهم، وترسيخها في قلوبهم.
فكأنه- سبحانه- يقول لهم: روضوا أنفسكم على التزام كلمة الحق، وعودوها على نصرة المظلوم وخذلان الظلم، وليكن ذلك خلقا من أخلاقكم. وسجية من سجاياكم، فلا يكفى أن تعدلوا في أحكامكم مرة أو مرتين، وإنما الواجب عليكم أن تداوموا على إقامة العدل في كل الأحوال، ومع كل الأشخاص.
قال صاحب المنار: وهذه العبارة- وهي قوله- تعالى- كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ أبلغ ما يمكن أن يقال في تأكيد أمر العدل والعناية به فالأمر بالعدل والقسط مطلقا يكون بعبارات مختلفة بعضها آكد من بعض تقول: اعدلوا أو أقسطوا. وتقول: كونوا عادلين أو مقسطين.
وهذه العبارة أبلغ لأنها أمر بتحصيل الصفة لا بمجرد الإتيان بالقسط الذي يصدق بمرة.
وتقول: أقيموا القسط. وأبلغ منه: كونوا قائمين بالقسط. وأبلغ من هذا وذاك: كونوا قوامين بالقسط. أى: لتكن المبالغة والعناية بإقامة القسط على وجهه صفة من صفاتكم، بأن تتحروه بالدقة التامة حتى تكون ملكة راسخة في نفوسكم. والقسط يكون في العمل كالقيام بما يجب من العدل بين الزوجات والأولاد ويكون في الحكم بين الناس.. .
وقوله شُهَداءَ خبر ثان لكونوا. وقوله لِلَّهِ متعلق بمحذوف حال من ضمير شُهَداءَ.
أى: كونوا ملازمين للعدل في كل أموركم وكونوا مقيمين للشهادة على وجهها حالة كونها لوجه الله، لا لعرض من أعراض الدنيا.
قال الفخر الرازي: وإنما قدم- سبحانه- الأمر بالقيام بالقسط على الأمر بالشهادة لوجوه:
الأول: أن أكثر الناس من عادتهم أنهم يأمرون غيرهم بالمعروف، فإذا آل الأمر إلى أنفسهم تركوه حتى إن أقبح القبيح إذا صدر عنهم كان في محل المسامحة وأحسن الحسن. وإذا صدر عن غيرهم كان محل المنازعة. فالله- تعالى- نبه في هذه الآية على سوء هذه الطريقة. وذلك أنه- سبحانه- أمرهم بالقيام بالقسط أولا، ثم أمرهم بالشهادة على الغير ثانيا، تنبيها على أن الطريقة الحسنة أن تكون مضايقة الإنسان مع نفسه فوق مضايقته مع الغير.
الثاني: أن القيام بالشهادة عبارة عن دفع ضرر العقاب عن الغير، وهو الذي عليه الحق.
ودفع الضرر عن النفس مقدم على دفع الضرر عن الغير.
الثالث: أن القيام بالقسط فعل، والشهادة قول والفعل أقوى من القول .
وقوله: وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ تأكيد للأمر بالتزام الحق في الأحكام والشهادات.
أى: كونوا قوامين بالقسط، وكونوا مقيمين للشهادة بالحق خالصة لوجه الله، ولو كانت الشهادة على أنفسكم- بأن تقروا بأن الحق عليها إذا كان واقع الأمر كذلك- ولو كانت- أيضا. على والديكم وعلى أقرب الناس إليكم.
قال القرطبي: وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها ثم ذكر الوالدين لوجوب برهما وعظم قدرهما. ثم ثنى بالأقربين إذ هم مظنة المودة والتعصب فكان الأجنبى من الناس أحرى أن يقام عليه بالقسط ويشهد عليه ... ولا خلاف بين أهل العلم في صحة أحكام هذه الآية، وأن شهادة الولد على الوالدين ماضية، ولا يمنع ذلك من برهما، بل أن يشهد عليهما ويخلصهما من الباطل. وكان من مضى من السلف الصالح يجيزون شهادة الوالدين والأخ، لأنه لم يكن أحد يتهم في ذلك من السلف. ثم ظهرت من الناس أمور حملت الولاة على اتهامهم، فتركت شهادة من يتهم. وأجاز قوم شهادة بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا .
ولَوْ في قوله وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ شرطية. والجار والمجرور خبر لكان المحذوفة مع اسمها. وجواب لو محذوف. والتقدير: ولو كانت الشهادة على أنفسكم فاشهدوا عليها بأن تقروا على أنفسكم بالحق ولا تكتموه.
وقوله- تعالى- إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما تأكيد لوجوب التزام الحق مع الغنى والفقير والصغير والكبير.
أى: إن يكن المشهود عليه غنيا يرجى في العادة ويخشى أو فقيرا يترحم عليه في الغالب ولا يخشى، فلا تمتنعوا عن الشهادة، لأن الله- تعالى- هو الأولى والأجدر بحساب كل من الغنى والفقير، وهو الأعلم بمصالح الناس، والأرحم بهم منكم. وجواب الشرط محذوف، أى: إن يكن المشهود عليه غنيا أو فقيرا فلا تتركوا الشهادة لأن الشهادة في مصلحتهما.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم ثنى الضمير في «أولى بهما» وكان حقه أن يوحد لأن قوله: إن يكن غنيا أو فقيرا في معنى إن يكن أحد هذين؟
قلت قد رجع الضمير إلى ما دل عليه قوله: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً لا إلى المذكور، فلذلك ثنى ولم يفرد، وهو جنس الغنى وجنس الفقير. فكأنه قيل: فالله أولى بجنسى الغنى والفقير.
أى: بالأغنياء والفقراء. وفي قراءة أبى: فالله أولى بهم وهي شاهدة على ذلك.
وقال ابن جرير: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم إذ اختصم إليه رجلان: غنى وفقير. وكان ضلعه- أى ميله- مع الفقير لأنه يرى أن الفقير لا يظلم الغنى. فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغنى والفقير فقال: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما .
والذي يستفاد من هذه الرواية ومن ظاهر الآية أن الغنى أو الفقر لا يصح أن يكونا سببا في التفاوت في الحكم. ويقاس عليهما غيرهما من أحوال الناس، لأن الله- تعالى- هو الذي نظم الكون بحكمته، وهو أعلم بمصالح الناس من أنفسهم، وجعل فيهم الغنى والفقير لأن الغنى والفقر أمران ثابتان في هذا الوجود، ولا يمكن أن تخلو منهما الجماعة الإنسانية، لأن ذلك تنظيم الله- تعالى، وإرادته الخالدة، وهو الذي يتفق مع الطبيعة الإنسانية، إذ العقول متفاوتة، والعزائم مختلفة، والأعمال متنوعة، ونتيجة لذلك كانت الثمار ليست متحدة.
والمراد بالهوى في قوله: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا الخضوع للشهوات والميل مع نزعات النفس الأمارة بالسوء.
وقوله أَنْ تَعْدِلُوا في موضع المفعول لأجله ويحتمل أن يكون بمعنى العدل فيكون علة للمنهى عنه، ويكون في الجملة مضاف مقدر. والمعنى: فلا تتبعوا الهوى والميل مع الشهوات كراهة أن تعدلوا بين الناس ويحتمل أن يكون بمعنى العدول عن الحق فيكون علة للنهى بتقدير لا، أى: أنهاكم عن اتباع الهوى لئلا تميلوا عن الحق وتتركوا العدل.
قال ابن كثير: أى: لا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إليكم، على ترك العدل في شئونكم. بل الزموا العدل على أى حال كان. كما قال- تعالى- وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى. ومن هذا قول عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم، فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلى. ولأنتم أبغض الخلق إلى. وما يحملني حبى إياه وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض .
وقوله- تعالى- وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً تذييل قصد به تهديدهم ووعيدهم على ترك العدل، وعلى الامتناع عن الشهادة بالحق.
قال الفخر الرازي ما ملخصه: وفي الآية قراءتان. فقد قرأ الجمهور تَلْوُوا- بواوين قبلهما لام ساكنة- بمعنى الدفع والإعراض من قولهم: لواه حقه إذا مطله ودفعه. أو بمعنى التحريف والتبديل من قولهم لوى الشيء إذا فتله.
وقرأ ابن عامر وحمزة تلوا بلام مضمومة بعدها واو ساكنة- من الولاية بمعنى مباشرة الشيء والاشتغال به .
والمعنى على قراءة الجمهور: وإن تلووا ألسنتكم عن الشهادة بالحق بأن تحرفوها وتقيموها على غير وجهتها أو تعرضوا عنها رأسا وتتركوها يعاقبكم الله عقابا شديدا فإنه- سبحانه- عليم بدقائق الأشياء، خبير بخفايا النفوس، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه.
والمعنى على القراءة الثانية: وإن تلوا الشهادة فتباشروها على وجهها يعطكم الله أجرا حسنا، وإن تعرضوا عنها وتتركوها يعاقبكم الله عقابا أليما، فإن الله- تعالى- خبير بكل أقوالكم وأعمالكم.
وقيل: إن القراءتين بمعنى واحد لأن أصل (تلوا) - وهي قراءة حمزة وابن عامر- تلووا- وهي قراءة الجمهور- نقلت حركة الواو- في قراءة الجمهور- إلى الساكن قبلها فالتقى واوان ساكنان فحذفت إحداهما فصارت الكلمة (تلوا) .
هذا، والمتأمل في هذه الآية الكريمة يراها تبنى المجتمع الإسلامى على أقوى القواعد، وأمتن الأسس وأشرف المبادئ. إنها تبنيه على قواعد العدل والقسط، وتأمر المؤمنين أن يلتزموا كلمة الحق مع أنفسهم ومع أقرب المقربين إليهم مهما تكلفوا في ذلك من جهاد شاق يقتضيه التزام الحق، فإن كلمة الحق كثيرا ما تجعل صاحبها عرضة للإيذاء والاعتداء والاتهام بالباطل من الأشرار والفجار. بل إن كلمة الحق قد تفضى بصاحبها إلى الموت. ولكن لا بأس، فإن الموت مع التمسك بالحق، خير من الحياة في ظلمات الباطل.
- البغوى : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) يعني : كونوا قائمين بالشهادة بالقسط ، أي : بالعدل لله ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : كونوا قوامين بالعدل في الشهادة على من كانت ، ( ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ) في الرحم ، أي : قولوا الحق ولو على أنفسكم بالإقرار أو الوالدين والأقربين ، فأقيموها عليهم لله ، ولا تحابوا غنيا لغناه ولا ترحموا فقيرا لفقره ، فذلك قوله تعالى : ( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ) منكم أي أقيموا على المشهود عليه وإن كان غنيا وللمشهود له وإن كان فقيرا فالله أولى بهما منكم ، أي كلوا أمرهما إلى الله . وقال الحسن : معناه الله أعلم بهما ، ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) أي تجوروا وتميلوا إلى الباطل من الحق ، وقيل : معناه لا تتبعوا الهوى لتعدلوا ، أي : لتكونوا عادلين كما يقال : لا تتبع الهوى لترضي ربك .
( وإن تلووا ) أي : تحرفوا الشهادة لتبطلوا الحق ( أو تعرضوا ) عنها فتكتموها ولا تقيموها ، ويقال : تلووا أي تدافعوا في إقامة الشهادة ، يقال : لويته حقه إذا دفعته ، ومطلته ، وقيل : هذا خطاب مع الحكام في ليهم الأشداق ، يقول : وإن تلووا أي تميلوا إلى أحد الخصمين أو تعرضوا عنه ، قرأ ابن عامر وحمزة ( تلوا ) بضم اللام ، قيل : أصله تلووا ، فحذفت إحدى الواوين تخفيفا ، وقيل : معناه وإن تلوا القيام بأداء الشهادة أو تعرضوا فتتركوا أداءها ( فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) .
- ابن كثير : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ، أي بالعدل ، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا يصرفهم عنه صارف ، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه .
وقوله : ( شهداء لله ) كما قال ( وأقيموا الشهادة لله ) أي : ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله ، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقا ، خالية من التحريف والتبديل والكتمان ; ولهذا قال : ( ولو على أنفسكم ) أي : اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه ، وإن كان مضرة عليك ، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليه .
وقوله : ( أو الوالدين والأقربين ) أي : وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك ، فلا تراعهم فيها ، بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم ، فإن الحق حاكم على كل أحد ، وهو مقدم على كل أحد .
وقوله : ( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ) أي : لا ترعاه لغناه ، ولا تشفق عليه لفقره ، الله يتولاهما ، بل هو أولى بهما منك ، وأعلم بما فيه صلاحهما .
وقوله ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) أي : فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغضة الناس إليكم ، على ترك العدل في أموركم وشؤونكم ، بل الزموا العدل على أي حال كان ، كما قال تعالى : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) [ المائدة : 8 ]
ومن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة ، لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزرعهم ، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم ، فقال : والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ، ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير ، وما يحملني حبي إياه وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم . فقالوا : " بهذا قامت السماوات والأرض " . وسيأتي الحديث مسندا في سورة المائدة ، إن شاء الله [ تعالى ] .
وقوله : ( وإن تلووا أو تعرضوا ) قال مجاهد وغير واحد من السلف : ( تلووا ) أي : تحرفوا الشهادة وتغيروها ، " واللي " هو : التحريف وتعمد الكذب ، قال الله تعالى : ( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب [ لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ] ) [ آل عمران : 78 ] . و " الإعراض " هو : كتمان الشهادة وتركها ، قال الله تعالى : ( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) [ البقرة : 283 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها " . ولهذا توعدهم الله بقوله : ( فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) أي : وسيجازيكم بذلك .
- القرطبى : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا
ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين قوامين بناء مبالغة ، أي ليتكرر منكم القيام بالقسط ، وهو العدل في شهادتكم على أنفسكم ، وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها . ثم ذكر الوالدين لوجوب برهما وعظم قدرهما ، ثم ثنى بالأقربين إذ هم مظنة المودة والتعصب ؛ فكان الأجنبي من الناس أحرى أن يقام عليه بالقسط ويشهد عليه ، فجاء الكلام في السورة في حفظ حقوق الخلق في الأموال .
الثانية : لا خلاف بين أهل العلم في صحة أحكام هذه الآية ، وأن شهادة الولد على الوالدين الأب والأم ماضية ، ولا يمنع ذلك من برهما ، بل من برهما أن يشهد عليهما ويخلصهما من الباطل ، وهو معنى قوله تعالى : قوا أنفسكم وأهليكم نارا فإن شهد لهما أو شهدا له وهي :
الثالثة : فقد اختلف فيها قديما وحديثا ؛ فقال ابن شهاب الزهري : كان من مضى من السلف الصالح يجيزون شهادة الوالدين والأخ ، ويتأولون في ذلك قول الله تعالى : كونوا قوامين بالقسط شهداء لله فلم يكن أحد يتهم في ذلك من السلف الصالح رضوان الله عليهم . ثم ظهرت من الناس أمور حملت الولاة على اتهامهم ، فتركت شهادة من يتهم ، وصار ذلك لا يجوز في الولد والوالد والأخ والزوج والزوجة ، وهو مذهب الحسن والنخعي والشعبي وشريح ومالك والثوري والشافعي وابن حنبل . وقد أجاز قوم شهادة بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا . وروي عن عمر بن الخطاب أنه أجازه ؛ وكذلك روي عن عمر بن عبد العزيز ، وبه قال إسحاق والثوري والمزني . ومذهب مالك جواز شهادة الأخ لأخيه إذا كان عدلا إلا في النسب . وروى عنه ابن وهب أنها لا تجوز إذا كان في عياله أو في نصيب من مال يرثه . وقال مالك وأبو حنيفة : شهادة الزوج لزوجته لا تقبل ؛ لتواصل منافع الأملاك بينهما وهي محل الشهادة . وقال الشافعي : تجوز شهادة الزوجين بعضهما لبعض ؛ لأنهما أجنبيان ، وإنما بينهما عقد الزوجية وهو معرض للزوال . والأصل قبول الشهادة إلا حيث خص فيما عدا المخصوص فبقي على الأصل ؛ وهذا ضعيف ؛ فإن الزوجية توجب الحنان والمواصلة والألفة والمحبة ، فالتهمة قوية ظاهرة . وقد روى أبو داود من حديث سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة وذي الغمر على أخيه ، ورد شهادة القانع لأهل البيت وأجازها لغيرهم . قال الخطابي : ذو الغمر الذي بينه وبين المشهود عليه عداوة ظاهرة ، فترد شهادته عليه للتهمة . وقال أبو حنيفة : شهادته على العدو مقبولة إذا كان عدلا . والقانع السائل والمستطعم ، وأصل القنوع السؤال . ويقال في القانع : إنه المنقطع إلى القوم يخدمهم ويكون في حوائجهم ؛ وذلك مثل الأجير أو الوكيل ونحوه . ومعنى رد هذه الشهادة التهمة في جر المنفعة إلى نفسه ؛ لأن القانع لأهل البيت ينتفع بما يصير إليهم من نفع . وكل من جر إلى نفسه بشهادته نفعا فشهادته مردودة ؛ كمن شهد لرجل على شراء دار هو شفيعها ، أو كمن حكم له على رجل بدين وهو مفلس ، فشهد المفلس على رجل بدين ونحوه . قال الخطابي : ومن رد شهادة القانع لأهل البيت بسبب جر المنفعة فقياس قوله أن يرد شهادة الزوج لزوجته ؛ لأن ما بينهما من التهمة في جر المنفعة أكثر ؛ وإلى هذا ذهب أبو حنيفة . والحديث حجة على من أجاز شهادة الأب لابنه ؛ لأنه يجر به النفع لما جبل عليه من حبه والميل إليه ؛ ولأنه يمتلك ماله ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : أنت ومالك لأبيك . وممن ترد شهادته عند مالك البدوي على القروي ؛ قال : إلا أن يكون في بادية أو قرية ، فأما الذي يشهد في الحضر بدويا ويدع جيرته من أهل الحضر عندي مريب . وقد روى أبو داود والدراقطني عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية . قال محمد بن عبد الحكم : تأول مالك هذا الحديث على أن المراد به الشهادة في الحقوق والأموال ، ولا ترد الشهادة في الدماء وما في معناها مما يطلب به الخلق . وقال عامة أهل العلم : شهادة البدوي إذا كان عدلا يقيم الشهادة على وجهها جائزة ؛ والله أعلم . وقد مضى القول في هذا في " البقرة " ، ويأتي في " براءة " تمامها إن شاء الله تعالى .
الرابعة : قوله تعالى : شهداء لله نصب على النعت ل ( قوامين ) ، وإن شئت كان خبرا بعد خبر . قال النحاس : وأجود من هذين أن يكون نصبا على الحال بما في قوامين من ذكر الذين آمنوا ؛ لأنه نفس المعنى ، أي كونوا قوامين بالعدل عند شهادتكم . قال ابن عطية : والحال فيه ضعيفة في المعنى ؛ لأنها تخصيص القيام بالقسط إلى معنى الشهادة فقط . ولم ينصرف شهداء لأن فيه ألف التأنيث .
الخامسة : قوله تعالى : لله معناه لذات الله ولوجهه ولمرضاته وثوابه . ولو على أنفسكم متعلق ب شهداء ؛ هذا هو الظاهر الذي فسر عليه الناس ، وأن هذه الشهادة المذكورة هي في الحقوق فيقر بها لأهلها ، فذلك قيامه بالشهادة على نفسه ؛ كما تقدم . أدب الله جل وعز المؤمنين بهذا ؛ كما قال ابن عباس : أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم . ويحتمل أن يكون قوله : شهداء لله معناه بالوحدانية لله ، ويتعلق قوله : ولو على أنفسكم ب قوامين والتأويل الأول أبين .
السادسة : قوله تعالى : إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما في الكلام إضمار وهو اسم كان ؛ أي إن يكن الطالب أو المشهود عليه غنيا فلا يراعى لغناه ولا يخاف منه ، وإن يكن فقيرا فلا يراعى إشفاقا عليه . فالله أولى بهما أي فيما اختار لهما من فقر وغنى . قال السدي : اختصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم غني وفقير ، فكان ضلعه صلى الله عليه وسلم مع الفقير ، ورأى أن الفقير لا يظلم الغني ؛ فنزلت الآية .
السابعة : قوله تعالى : فالله أولى بهما إنما قال بهما ولم يقل " به " وإن كانت أو إنما تدل على الحصول الواحد ؛ لأن المعنى فالله أولى بكل واحد منهما . وقال الأخفش : تكون أو بمعنى الواو ؛ أي إن يكن غنيا وفقيرا فالله أولى بالخصمين كيفما كانا ؛ وفيه ضعف . وقيل : إنما قال : بهما لأنه قد تقدم ذكرهما ؛ كما قال تعالى : وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس .
الثامنة : قوله تعالى : فلا تتبعوا الهوى نهي ، فإن اتباع الهوى مرد ، أي مهلك ؛ قال الله تعالى : فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله فاتباع الهوى يحمل على الشهادة بغير الحق ، وعلى الجور في الحكم ، إلى غير ذلك . وقال الشعبي : أخذ الله عز وجل على الحكام ثلاثة أشياء : ألا يتبعوا الهوى ، وألا يخشوا الناس ويخشوه ، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا . أن تعدلوا في موضع نصب .
التاسعة : قوله تعالى : وإن تلووا أو تعرضوا قرئ " وإن تلووا " من لويت فلانا حقه ليا إذا دفعته به ، والفعل منه " لوى " والأصل فيه " لوى " قلبت الياء ألفا لحركتها وحركة ما قبلها ، والمصدر " ليا " والأصل لويا ، وليانا والأصل لويانا ، ثم أدغمت الواو في الياء . وقال القتبي : " تلووا " من اللي في الشهادة والميل إلى أحد الخصمين . وقرأ ابن عامر والكوفيون " تلوا " أراد قمتم بالأمر وأعرضتم ، من قولك : وليت الأمر ، فيكون في الكلام . التوبيخ للإعراض عن القيام بالأمر وقيل : إن معنى " تلوا " الإعراض . فالقراءة بضم اللام تفيد معنيين : الولاية والإعراض ، والقراءة بواوين تفيد معنى واحدا وهو الإعراض . وزعم بعض النحويين أن من قرأ " تلوا " فقد لحن ؛ لأنه لا معنى للولاية هاهنا . قال النحاس وغيره : وليس يلزم هذا ولكن تكون " تلوا " بمعنى " تلووا " وذلك أن أصله " تلووا " فاستثقلت الضمة على الواو بعدها واو أخرى . فألقيت الحركة على اللام وحذفت إحدى الواوين لالتقاء الساكنين ؛ وهي كالقراءة بإسكان اللام وواوين ؛ ذكره مكي . وقال الزجاج : المعنى على قراءته " وإن تلووا " ثم همز الواو الأولى فصارت " تلئوا " ثم خففت الهمزة بإلقاء حركتها على اللام فصارت " تلوا " وأصلها " تلووا " . فتتفق القراءتان على هذا التقدير . وذكره النحاس ومكي وابن العربي وغيرهم . قال ابن عباس : هو في الخصمين يجلسان بين يدي القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر ؛ فاللي على هذا مطل الكلام وجره حتى يفوت فصل القضاء وإنفاذه للذي يميل القاضي إليه . قال ابن عطية : وقد شاهدت بعض القضاة يفعلون ذلك ، والله حسيب الكل . وقال ابن عباس أيضا والسدي وابن زيد والضحاك ومجاهد : هي في الشهود يلوي الشاهد الشهادة بلسانه ويحرفها فلا يقول الحق فيها ، أو يعرض عن أداء الحق فيها . ولفظ الآية يعم القضاء والشهادة ، وكل إنسان مأمور بأن يعدل . وفي الحديث : لي الواجد يحل عرضه وعقوبته . قال ابن الأعرابي : عقوبته حبسه ، وعرضه شكايته .
العاشرة : وقد استدل بعض العلماء في رد شهادة العبد بهذه الآية ؛ فقال : جعل الله تعالى الحاكم شاهدا في هذه الآية ، وذلك أدل دليل على أن العبد ليس من أهل الشهادة ؛ لأن المقصود منه الاستقلال بهذا المهم إذا دعت الحاجة إليه ، ولا يتأتى ذلك من العبد أصلا فلذلك ردت الشهادة .
- الطبرى : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا
وهذا تقدُّم من الله تعالى ذكره إلى عباده المؤمنين به وبرسوله (1) أن يفعلوا فعل الذين سَعَوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر بني أبيرقٍ أن يقوم بالعذر لهم في أصحابه، وذَبَّهم عنهم، وتحسينَهم أمرهم بأنهم أهل فاقة وفقر. يقول الله لهم: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقسط"، يقول: ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام بالقسط (2) =يعني: بالعدل=" شهداء لله ".
* * *
= و "
الشهداء " جمع " شهيد ". (3)* * *
ونصبت "
الشهداء " على القطع مما في قوله: " قوامين " من ذكر " الذين آمنوا "، (4) ومعناه: قوموا بالقسط لله عند شهادتكم= أو: حين شهادتكم.="
ولو على أنفسكم "، يقول: ولو كانت شهادتكم على أنفسكم، أو على والدين لكم أو أقربيكم، (5) فقوموا فيها بالقسط والعدل، وأقيموها على صحّتها بأن تقولوا فيها الحق، ولا تميلوا فيها لغنيٍّ لغناه على فقير، ولا لفقير لفقره على غنيّ، فتجوروا. فإن الله الذي سوَّى بين حكم الغنيّ والفقير فيما ألزمكم، أيها الناس، من إقامة الشهادة لكل واحد منهما بالعدل=" أولى بهما "، وأحق منكم، (6) لأنه مالكهما وأولى بهما دونكم، فهو أعلم بما فيه مصلحة كلّ واحد منهما في ذلك وفي غيره من الأمور كلها منكم، فلذلك أمركم بالتسوية بينهما في الشهادة لهما وعليهما=" فلا تتبعوا الهوى أن تَعْدِلوا "، يقول: فلا تتبعوا أهواءَ أنفسكم في الميل في شهادتكم إذا قمتم بها -لغني على فقير، أو لفقير على غني- إلا أحد الفريقين، فتقولوا غير الحق، ولكن قوموا فيه بالقسط، وأدُّوا الشهادة على ما أمركم الله بأدائها، بالعدل لمن شهدتم له وعليه.* * *
فإن قال قائل: وكيف يقوم بالشهادة على نفسه الشاهدُ بالقسط؟ وهل يشهد الشاهد على نفسه؟ (7)
قيل: نعم، وذلك أن يكون عليه حق لغيره فيقرّ له به، فذلك قيام منه له بالشهادة على نفسه.
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الآية عندي تأديبٌ من الله جل ثناؤه عبادَه المؤمنين أن يفعلوا ما فعله الذين عذَروا بني أبيرق= في سرقتهم ما سرقوا، وخيانتهم ما خانوا ممن ذكرنا قبل (8) = عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهادتهم لهم عنده بالصلاح. فقال لهم: إذا قمتم بالشهادة لإنسان أو عليه، فقولوا فيها بالعدل، (9) ولو كانت شهادتكم على أنفسكم وآبائكم وأمهاتكم وأقربائكم، ولا يحملنكم غِنَى من شهدتم له أو فقره أو قرابته ورَحِمُه منكم، (10) على الشهادة له بالزور، ولا على ترك الشهادة عليه بالحق وكتمانها.
* * *
وقد قيل إنها نـزلت تأديبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
*ذكر من قال ذلك:
10678- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: "
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله "، قال: نـزلت في النبيّ صلى الله عليه وسلم، واختصم إليه رجلان: غنيٌّ وفقير، وكان ضِلَعه مع الفقير، يرى أن الفقير لا يظلم الغنيَّ، فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير فقال: " إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا "، الآية.* * *
وقال آخرون: في ذلك نحو قولنا: إنها نـزلت في الشهادة، أمرًا من الله المؤمنين أن يسوُّوا -في قيامهم بشهاداتهم- لمن قاموا بها، (11) بين الغني والفقير.
*ذكر من قال ذلك:
10679- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "
كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين "، قال: أمر الله المؤمنين أن يقولوا الحقَّ ولو على أنفسهم أو آبائهم أو أبنائهم، ولا يحابوا غنيًّا لغناه، ولا يرحموا مسكينًا لمسكنته، وذلك قوله: " إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا "، فتذروا الحق، فتجوروا.10680- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن يونس، عن ابن شهاب في شهادة الوالد لولده وذي القرابة قال: كان ذلك فيما مضى من السُّنة في سلف المسلمين، وكانوا يتأولون في ذلك قول الله: "
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما " الآية، فلم يكن يُتَّهَمُ سلفُ المسلمين الصالحُ في شهادة الوالد لولده، ولا الولد لوالده، ولا الأخ لأخيه، ولا الرجل لامرأته، ثم دَخِلَ الناسُ بعد ذلك، (12) فظهرت منهم أمور حملت الولاةَ على اتهامهم، فتركت شهادةُ من يتهم، إذا كانت من أقربائهم. وصار ذلك من الولد والوالد، والأخ والزوج والمرأة، لم يتهم إلا هؤلاء في آخر الزمان. (13)10681- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله " إلى آخر الآية، قال: لا يحملك فقرُ هذا على أن ترحَمه فلا تقيم عليه الشهادة. قال: يقول هذا للشاهد.10682- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله " الآية، هذا في الشهادة. فأقم الشهادة، يا ابن آدم، ولو على نفسك، أو الوالدين، أو على ذوي قرابتك، أو شَرَفِ قومك. (14) فإنما الشهادة لله وليست للناس، وإن الله رضي العدل لنفسه، والإقساط والعدل ميزانُ الله في الأرض، به يردُّ الله من الشديد على الضعيف، ومن الكاذب على الصادق، ومن المبطل على المحق. وبالعدل يصدِّق الصادقَ، ويكذِّب الكاذبَ، ويردُّ المعتدي ويُرَنِّخُه، (15) تعالى ربنا وتبارك. وبالعدل يصلح الناس، يا ابن آدم=" إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما "، يقول: أولى بغنيكم وفقيركم. قال: وذكر لنا أن نبيَّ الله موسى عليه السلام قال: " يا ربِّ، أي شيء وضعت في الأرض أقلّ؟"، قال: " العدلُ أقلُّ ما وضعت في الأرض ". فلا يمنعك غِنى غنيّ ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم، فإن ذلك عليك من الحق، وقال جل ثناؤه: " فالله أولى بهما ".* * *
وقد قيل: "
إن يكن غنيًّا أو فقيرًا "، الآية، أريد: فالله أولى بغنى الغني وفقر الفقير. لأن ذلك منه لا من غيره، فلذلك قال: " بهما "، ولم يقل " به ".* * *
وقال آخرون: إنما قيل: "
بهما "، لأنه قال: " إن يكن غنيًّا أو فقيرًا "، فلم يقصد فقيرًا بعينه ولا غنيًّا بعينه، وهو مجهول. وإذا كان مجهولا جاز الردُّ منه بالتوحيد والتثنية والجمع. (16)* * *
وذكر قائلو هذا القول، أنه في قراءة أبيّ: ( فالله أولى بهم ) .
* * *
وقال آخرون: "
أو " بمعنى " الواو " في هذا الموضع. (17)* * *
وقال آخرون: جاز تثنية قوله: "
بهما "، لأنهما قد ذكرا، كما قيل.وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا [سورة النساء: 12].
* * *
وقيل: جاز، لأنه أضمر فيه "
مَن "، كأنه قيل: إن يكن مَن خاصم غنيًّا أو فقيرًا= بمعنى: غنيين أو فقيرين=" فالله أولى بهما ".* * *
وتأويل قوله: "
فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا "، أي: عن الحق، فتجوزوا بترك إقامة الشهادة بالحق. ولو وُجِّه إلى أن معناه: فلا تتَّبعوا أهواء أنفسكم هربًا من أن تعدلوا عن الحق في إقامة الشهادة بالقسط، لكان وجهًا. (18)* * *
وقد قيل: معنى ذلك: فلا تتبعوا الهوى لتعدلوا= كما يقال: "
لا تتبع هواك لترضيَ ربك "، بمعنى: أنهاك عنه، كما ترضي ربّك بتركه. (19)* * *
القول في تأويل قوله : وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: عنى: "
وإن تلووا "، أيها الحكام، في الحكم لأحد الخصمين على الآخر=" أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرًا ".ووجهوا معنى الآية إلى أنها نـزلت في الحكام، على نحو القول الذي ذكرنا عن السدِّي من قوله: إن الآية نـزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا قبل. (20)
*ذكر من قال ذلك:
10683- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس في قول الله: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، قال: هما الرجلان يجلسان بين يدي القاضي، فيكون لَيُّ القاضي وإعراضُه لأحدهما على الآخر. (21)* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: وإن تلووا، أيها الشهداء، في شهاداتكم فتحرِّفوها ولا تقيموها= أو تعرضوا عنها فتتركوها.
*ذكر من قال ذلك:
10684- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، يقول: إن تلووا بألسنتكم بالشهادة، أو تعرضوا عنها.10685- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ إلى قوله: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، يقول: تلوي لسانك بغير الحق، وهي اللَّجلجة، فلا تقيم الشهادة على وجهها. و " الإعراض "، الترك.10686- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "
وإن تلووا "، أي تبدّلوا الشهادة=" أو تعرضوا "، قال: تكتموها.10687- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "
وإن تلووا "، قال: بتبديل الشهادة، و " الإعراض " كتمانها.10688- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، قال: إن تحرفوا أو تتركوا.10689- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، قال: تلجلجوا، أو تكتموا. وهذا في الشهادة.10690- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، أما " تلووا "، فتلوي للشهادة فتحرفها حتى لا تقيمها= وأما " تعرضوا " فتعرض عنها فتكتمها، وتقول: ليس عندي شهادة!10691- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "
وإن تلووا "، فتكتموا الشهادة، يلوى ببعض منها (22) = أو يُعرض عنها فيكتمها، فيأبى أن يَشهد عليه، يقول: أكتم عنه لأنه مسكين أرحَمُه! فيقول: لا أقيم الشهادة عليه. ويقول: هذا غنيٌّ أبقّيه وأرجو ما قِبَله، فلا أشهد عليه! فذلك قوله: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا .10692- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "
وإن تلووا "، تحرّفوا=" أو تعرضوا "، تتركوا. (23)10693- حدثنا محمد بن عمارة قال، حدثنا حسن بن عطية قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية في قوله: "
وإن تلووا "، قال: إن تلجلجوا في الشهادة فتفسدوها=" أو تعرضوا "، قال: تتركوها. (24)10694- حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، قال: إن تلووا في الشهادة، أن لا تقيمها على وجهها (25) =" أو تعرضوا "، قال: تكتموا الشهادة.10695- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال، حدثنا شيبان، عن قتادة: أنه كان يقول: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، يعني: تلجلجوا=" أو تعرضوا "، قال: تدعها فلا تشهد.10696- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "
وإن تلووا أو تعرضوا "، أما " تلووا "، فهو أن يلوي الرجل لسانَه بغير الحق. يعني: في الشهادة.* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك، تأويلُ من تأوله، أنه لَيُّ الشاهد شهادته لمن يشهد له وعليه، وذلك تحريفه إياها بلسانه، (26) وتركه إقامتها، ليبطل بذلك شهادته لمن شهد له، وعمن شهد عليه. (27)
وأما إعراضه عنها، فإنه تركه أداءَها والقيام بها، فلا يشهد بها. (28)
وإنما قلنا: هذا التأويل أولى بالصواب، لأن الله جل ثناؤه قال: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ، فأمرهم بالقيام بالعدل شهداء. وأظهر معاني"
الشهداء "، ما ذكرنا من وصفهم بالشهادة.* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: "
وإن تلووا ".فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار سوى الكوفة: ( وَإِنْ تَلْوُوا ) بواوين، من: "
لواني الرجل حقي، والقوم يلوونني دَيْني"= وذلك إذا مطلوه=" ليًّا ".* * *
وقرأ ذلك جماعة من قرأة أهل الكوفة: ( وإن تلوا ) بواو واحدة.
* * *
ولقراءة من قرأ ذلك كذلك وجهان:
أحدهما: أن يكون قارئها أراد همز "
الواو " لانضمامها، ثم أسقط الهمز، فصار إعراب الهمز في اللام إذْ أسقطه، وبقيت واو واحدة. كأنه أراد: " تَلْؤُوا " ثم حذف الهمز. وإذا عني هذا الوجه، كان معناه معنى من قرأ: " وإن تلووا "، بواوين، غير أنه خالف المعروف من كلام العرب. وذلك أن " الواو " الثانية من قوله: " تلووا " واو جمع، وهي علم لمعنى، فلا يصح همزها، ثم حذفها بعد همزها، فيبطل علَم المعنى الذي له أدخلت " الواو " المحذوفة. (29)والوجه الآخر: أن يكون قارئها كذلك، أراد: أن "
تلوا " من " الولاية "، فيكون معناه: وأن تلوا أمور الناس وتتركوا. وهذا معنى= إذا وجّه القارئ قراءته على ما وصفنا، إليه= خارج عن معاني أهل التأويل، وما وجّه إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون، تأويلَ الآية.* * *
قال أبو جعفر: فإذْ كان فساد ذلك واضحًا من كلا وجهيه، فالصواب من القراءة الذي لا يصلح غيره أن يقرأ به عندنا: ( وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا ) ، بمعنى: "
اللي" الذي هو مطل.* * *
فيكون تأويل الكلام: وإن تدفعوا القيام بالشهادة على وجهها لمن لزمكم القيامُ له بها، فتغيروها وتبدلوا، أو تعرضوا عنها فتتركوا القيام له بها، كما يلوي الرجل دينَ الرجل فيدافعه بأدائه إليه على ما أوجب عليه له مطلا منه له، (30) كما قال الأعشى:
يَلْــوِينَني دَيْنِـي النَّهـارَ, وأَقْتَضِـي
دَيْنِــي إذَا وَقَــذَ النُّعَــاسُ الرُّقَّـدَا (31)
* * *
وأما تأويل قوله: "
فإن الله كان بما تعملون خبيرًا "، فإنه أراد: " فإن الله كان بما تعملون "، من إقامتكم الشهادة وتحريفكم إياها، وإعراضكم عنها بكتمانكموها=" خبيرًا "، يعني ذا خبرة وعلم به، يحفظ ذلك منكم عليكم، حتى يجازيكم به جزاءكم في الآخرة، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته. يقول: فاتقوا ربكم في ذلك. (32)------------------
الهوامش :
(1) يقال: "
تقدم إليه في كذا" أي أمره بأمر أو نهي ، وأراد هنا معنى النهي.(2) انظر تفسير"
القسط" فيما سلف 6 : 77 ، 270 / 7 : 541.(3) انظر تفسير"
شهيد" و"شهداء" فيما سلف من فهارس اللغة.(4) "
القطع" ، باب من الحال ، انظر ما سلف في فهارس المصطلحات.(5) في المطبوعة: "
أو على والديكم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(6) انظر تفسير"
أولى" فيما سلف 6: 497.(7) في المطبوعة: "
وهل يشهد الشاهد" ، وفي المخطوطة: "وبما يشهد".وأرجح أن ما في المطبوعة هو الصواب ، لقوله في جوابه"
نعم" ، وكدت أقرؤها: "وبم يشهد الشاهد" ، لولا أن جواب أبي جعفر دل على غير ذلك.(8) في المطبوعة: "
وخيانتهم ما خانوا من ذكر ما قيل عند رسول الله ..." ، وهو كلام فاسد ، غير ما في المخطوطة ، وهو كما أثبت ، إلا أنه كتب"من ذكرنا قبل" ووضع فتحة على الميم من"من" ، وهو خطأ في نسخ الناسخ ونقله ، إنما هذه الفتحة ميم أخرى في"ممن" أساء قراءتها ، فأساء نقلها. وقد مضى مثل هذا في مثل هذا الحرف ، مرارًا فيما سلف ونبهت إليه.(9) في المطبوعة: "
فقوموا فيها بالعدل" ، والذي في المخطوطة صواب محض.(10) في المطبوعة"
فلا يحملنكم" ، والجيد ما أثبت من المخطوطة.(11) في المطبوعة: "
لمن قاموا له بها" زاد"له" ، وهي مفسدة للكلام ، غمض عليه السياق. وإنما سياق الكلام: أمرًا من الله المؤمنين ... لمن قاموا بها" أي: لمن قام من المؤمنين بالشهادة ، وذكرها معترضة في كلام آخر ، وهو قوله: "في قيامهم بشهاداتهم".(12) "دخل" على وزن"فرح" ، يقالك: "دخل أمره دخلا (بفتحتين)": أي فسد ، و"الدخل" (بفتحتين): الغش والفساد. و"فلان مدخول الإسلام" ، إذا كان فيه غش وفساد ، وهو النفاق.
(13) فليت شعري ما كان يقول ابن شهاب لو أدرك زماننا الذي نحن فيه!! نسأل السلامة ، ونستهديه في القيام بما أمرنا به في كتابه.
(14) في المطبوعة: "أو أشراف قومك" ، كأنه ظن"شرفًا" خطأ ، وهو محض صواب ، يجمع"شريف" على"أشراف" و"شرفاء" و"شرف" (بفتح الشين والراء). كما قالوا: "رجل كريم" و"قوم كرم". ولو قيل: وهو وصف بالمصدر مثل"عدل" لكان صوابًا.
(15) في المطبوعة: "ويوبخه" والتوبيخ لا معنى له هنا. وفي المخطوطة غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. يقال: "رنخ الرجل": ذلَّلـه. ولو قرئت"يريخه" بالياء لكان صوابًا ، يقال: "ضربوا فلانًا حتى ريخوه" ، أي أوهنوه وأذلوه. هذا وقتادة السدوسي ، كان يكثر في كلامه غريب اللغة.
(16) في المطبوعة: "الرد عليه بالتوحيد ..." ، والذي أثبت من المخطوطة هو محض الصواب.
(17) انظر "أو" بمعنى"الواو" فيما سلف 1 : 336 ، 337 / 2 : 237.
(18) في المطبوعة: "كان وجها" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(19) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 291.
(20) هو الأثر السالف رقم: 10678.
(21) الأثر: 10683 -"قابوس بن أبي ظبيان الجنبي" ، روى عن أبيه"حصين بن جندب" وآخرين. قال ابن معين: "ثقة ، ضعيف الحديث". وقال ابن حبان: "ينفرد عن أبيه بما لا أصل له ، فربما رفع المرسل ، وأسند الموقوف. وأبوه ثقة". وانظر ما سلف رقم: 9745.
وأبوه: "أبو ظبيان" ، هو: "حصين بن جندب". روى عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود. ثقة ، انظر ما سلف رقم: 9745.
(22) في المطبوعة: "تلوى تنقص منها" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب جيد. من قولهم: "لوى عنه الخبر" ، إذا طواه ، أو أخبره به على غير وجهه.
وكان سياق الكلام في المطبوعة بالتاء على معنى الخطاب ، "تلوى""تعرض" الخ ، فأثبت ما هو في المخطوطة منقوطًا كذلك.
(23) في المخطوطة: "تحرفوا أو تحرفوا" مكررة ، لا أظنه تحريفًا.
(24) في المطبوعة: "فتتركوها" ، والجيد ما في المخطوطة.
(25) في المطبوعة: "أن لا تقيموها" بالجمع ، والذي في المخطوطة حسن جيد.
(26) في المطبوعة: "لسانه" بغير باء ، والصواب من المخطوطة.
(27) انظر تفسير"اللي" فيما سلف 6 : 535-537 / 8 : 435.
(28) انظر تفسير"الإعراض" فيما سلف ص: 268 ، تعليق: 4 ، والمراجع هناك.
(29) هذا موضع وهم غريب من مثل أبي جعفر ، فإن الهمز في"تلؤوا" على واو الفعل ، وهي عين الفعل"لوى" ، والحذف بعد طرح الهمزة ، واقع بواو الفعل لا بواو الجماعة ، وهي أصل ، لم تدخل لمعنى. فكيف أخطأ أبو جعفر فظنها واو الجماعة!! وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 291.
(30) انظر مراجع تفسير"اللي" فيما سلف ص: 309 ، تعليق: 5 وفي المطبوعة"على ما أوجب عليه" ، والصواب من المخطوطة.
(31) ديوانه: 151 ، واللسان (لوى) و(وقذ) ، من أبيات ، جياد أولها فيما قبله:
وَأَرَى الغَـوَانِي حِـينَ شِـبْتُ هَجَرْنَنِي
أَنْ لا أَكُــونَ لَهُــنّ مِثْـلِيَ أَمْـرَدَا
إنَّ الغَــوَانِي لا يُــوَاصِلْنَ امْـرَءًا
فَقَـدَ الشَّـبَابَ، وَقَـدْ يَصِلْـنَ الأَمْرَدَا
بَـلْ لَيْـتَ شِـعْرِي! هَلْ أَعُودَنْ نَاشِئًا
مِثْـلِي زُمَيْــنَ أَحُـلُّ بُرْقَـةَ أَنْقَـدَا
إذْ لِمَّتِــي سَــوْدَاءُ أَتْبَــعُ ظِلَّهَـا
دَدَنًــا قُعُــودَ غَوَايَـةٍ أَجْـرِي دَدَا
يَلْـــوِينَنِي دَيْنِــي ...............
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هذا ، ورواية الديوان: "وأجتزى ديني" ، يقال: "اجتزى دينه" أي: تقاضاه ، ومثله"تجازى دينه". و"وقذه": ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت. و"وقذه النعاس" مجاز منه ، أي صاروا كأنهم سكارى قد استرخوا وهمدوا من النعاس.
(32) انظر تفسير"الخبير" فيما سلف من فهارس اللغة.
- ابن عاشور : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
انتقال من الأمر بالعدل في أحوال معيّنة من معاملات اليتامى والنساء إلى الأمر بالعدل الذي يعمّ الأحوال كلّها ، وما يقارنه من الشهادة الصادقة ، فإنّ العدل في الحكم وأداء الشهادة بالحقّ هو قوام صلاح المجتمع الإسلامي ، والانحراف عن ذلك ولو قيد أنملة يَجرّ إلى فساد متسلسل .
وصيغة { قوّامين } دالّة على الكثرة المراد لازمها ، وهو عدم الإخلال بهذا القيام في حال من الأحوال .
والقِسط العدل ، وقد تقدّم عند قوله تعالى : { قائماً بالقسط } في سورة آل عمران ( 18 ) . وعدل عن لفظ العدل إلى كلمة القسط لأنّ القسط كلمة معرّبَة أدخلت في كلام العرب لدلالتها في اللغة المنقولة منها على العدل في الحُكم ، وأمّا لفظ العدل فأعمّ من ذلك ، ويدلّ لذلك تعقيبه بقوله : { شُهداء لله } فإنّ الشهادة من علائق القضاء والحكممِ .
و { لله } ظرف مستقرّ حال من ضمير { شهداء } أي لأجل الله ، وليست لام تعدية { شهداء } إلى مفعوله ، ولم يذكر تعلّق المشهود له بمتعلَّقه وهو وصف { شهداء } لإشعار الوصف بتعيينه ، أي المشهود له بحقّ . وقد جمعت الآية أصليَ التحاكم ، وهما القضاء والشهادة .
وجملة { ولو على أنفسكم } حالية ، و ( لو ) فيها وصلية ، وقد مضى القول في تحقيق موقع ( لو ) الوصلية عند قوله تعالى : { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به } في سورة آل عمران ( 91 ) .
ويتعلّق { على أنفسكم } بكلَ من { قوّامين } و { شُهداء } ليشمل القضاء والشهادة .
والأنفس : جمع نفس؛ وأصلها أن تطلق على الذات ، ويطلقها العرب أيضاً على صميم القبيلة ، فيقولون : هو من بني فلان من أنفسهم .
فيجوز أن يكون { أنفسكم } هنا بالمعنى المستعمل به غالباً ، أي : قوموا بالعدل على أنفسكم ، واشهدوا لله على أنفسكم ، أي قضاء غالباً لأنفسكم وشهادة غالبة لأنفسكم ، لأنّ حرف ( على ) مؤذن بأنّ متعلّقة شديد فيه كلفة على المجرور بعلى ، أي ولو كان قضاء القاضي منكم وشهادة الشاهد منكم بما فيه ضرّ وكراهة للقاضي والشاهد ، وهذا أقصى ما يبالغ عليه في الشدّة والأذى ، لأنّ أشقّ شيء على المرء ما يناله من أذى وضرّ في ذاته ، ثمّ ذكر بعد ذلك الوالدان والأقربون لأنّ أقضية القاضي وشهادة الشاهد فيما يلحق ضرّاً ومشقّة بوالديه وقرابته أكثر من قضائه وشهادته فيما يؤول بذلك على نفسه .
ويجوز أن يراد : ولو على قيبلتكم أو والديكم وقرابتكم . وموقع المبالغة المستفادة من ( لو ) الوصلية أنّه كان من عادة العرب أن ينتصروا بمواليهم من القبائل ويدفعوا عنهم ما يكرهونه ، ويرون ذلك من إباء الضيم ، ويرون ذلك حقّاً عليهم ، ويعدّون التقصير في ذلك مسبّة وعاراً يقضي منه العجب . قال مرّة بن عداء الفقسي :
رأيت مواليّ الآلَى يخذلونَني ... على حدثان الدهر إذ يتقلب
ويعدّون الاهتمام بالآباء والأبناء في الدرجة الثانية ، حتّى يقولون في الدعاء : ( فذاك أبي وأمي ) ، فكانت الآية تبطل هذه الحميّة وتبعث المسلمين على الانتصار للحقّ والدفاع عن المظلوم .
فإن أبيتَ إلاّ جعل الأنفس بمعنى ذوات الشاهديِنَ فاجعل عطف «الوالدين والأقربين» بعد ذلك لقصد الاحتراس لئلاّ يظنّ أحد أنّه يشهد بالحقّ على نفسه لأنّ ذلك حقّه ، فهو أمير نفسه فيه ، وأنّه لا يصلح له أن يشهد على والديه أو أقاربه لما في ذلك من المسبّة والمعرّة أو التأثمّ ، وعلى هذا تكون الشهادة مستعملة في معنى مشترك بين الإقرار والشهادة ، كقوله : { شهد الله أنّه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط } [ آل عمران : 18 ] .
وقوله { إن يكن غنياً أو فقيراً } استئناف واقع موقع العلّة لمجموع جملة { كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله } : أي إن يكن المُقْسَط في حقّه ، أو المشهودُ له ، غنيّاً أو فقيراً ، فلا يكن غناه ولا فقره سبباً للقضاء له أو عليه والشهادة له أو عليه . والمقصود من ذلك التحذير من التأثّر بأحوال يَلتبس فيها الباطل بالحقّ لما يحفّ بها من عوارض يتوهّم أنّ رعيها ضرب من إقامة المصالح ، وحراسة العدالة ، فلمّا أبطلت الآية التي قبلها التأثّر للحميّة أعقبت بهذه الآية لإبطال التأثّر بالمظاهر التي تستجلب النفوسَ إلى مراعاتها فيتمحّض نظرها إليها . وتُغضي بسببها عن تمييز الحقّ من الباطل . وتذهل عنه ، فمن النفوس من يَتوهّم أنّ الغنى يربأ بصاحبه عن أخذ حقّ غيره ، يقول في نفسه : هذا في غنية عن أكل حقّ غيره ، وقد أنعم الله عليه بعدم الحاجة . ومن الناس من يميل إلى الفقير رقّة له ، فيحسبه مظلوماً ، أو يحسب أنّ القضاء له بمال الغنيّ لا يضرّ الغنيّ شيئاً؛ فنهاهم الله عن هذه التأثيرات بكلمة جامعة وهي قوله : { إن يكن غنياً أو فقيراً فاللهاُ أولى بهما } . وهذا الترديد صالح لكلّ من أصحاب هذين التوهّمين ، فالذي يعظّم الغنيّ يَدحض لأجله حقّ الفقير ، والذي يَرقّ للفقير يَدحض لأجله حقّ الغنيّ ، وكِلاَ ذلك باطل ، فإنّ الذي يراعي حال الغنيّ والفقير ويقدّر إصلاح حال الفريقين هو الله تعالى .
فقوله : { فالله أولى بهما } ليس هو الجواب ، ولكنّه دليله وعلّته ، والتقدير : فلا يهمّكم أمرهما عند التقاضي ، فالله أولى بالنظر في شأنهما ، وإنّما عليكم النظر في الحقّ .
ولذلك فرّع عليه قوله : { فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا } فجعل الميل نحو الموالي والأقارب من الهوى ، والنظر إلى الفقر والغنى من الهوى .
والغنيّ : ضد الفقير ، فالغِنَى هو عدم إلى الاحتياج إلى شيء ، وهو مقول عليه بالتفاوت ، فيُعْرَف بالمتعلّق كقوله : «كلانا غَنيّ عَن أخيه حياتَه» ، ويُعْرف بالعرف يقال : فلان غني ، بمعنى له ثروة يستطيع بها تحصيل حاجاته من غير فضل لأحد عليه ، فوجدان أجور الأجرَاء غنى ، وإن كان المستأجر محتاجاً إلى الأجراء ، لأنّ وجدان الأجور يجعله كغير المحتاج ، والغنى المطلق لا يكون إلاّ لله تعالى .
والفقير : هو المحتاج إلاّ أنه يقال افتقر إلى كذا ، بالتخصيص ، فإذا قيل : هو فقير ، فمعناه في العرف أنّه كثير الاحتياج إلى فضل الناس ، أو إلى الصبر على الحاجة لقلّة ثروته ، وكلّ مخلوق فقيرٌ فقراً نسبياً ، قال تعالى : { والله الغني وأنتم الفقراء } [ محمد : 38 ] .
واسم { يكن } ضمير مستتر عائد إلى معلوم من السياق ، يدلّ عليه قوله : { قوّامين بالقسط شهداء لله } من معنى التخاصم والتقاضي . والتقدير : أن يكن أحد الخصمين من أهل هذا الوصف أو هذا الوصف ، والمراد الجنسان ، و ( أو ) للتقسيم ، وتثنية الضمير في قوله : { فالله أولى بهما } لأنّه عائد إلى «غنياً وفقيراً» باعتبار الجنس ، إذ ليس القصد إلى فرد معيّن ذي غني ، ولا إلى فرد معيّين ذي فقر ، بل فرد شائع في هذا الجنس وفي ذلك الجنس .
وقوله : { أن تعدلوا } محذوف منه حرف الجرّ ، كما هو الشأن مع أن المصدرية ، فاحتمل أن يكون المحذوف لام التعليل فيكون تعليلاً للنهي ، أي لا تتّبعوا الهوى لتعدلوا ، واحتمل أن يكون المحذوف ( عن ) ، أي فلا تتّبعوا الهوى عن العدل ، أي معرضين عنه . وقد عرفتُ قاضياً لا مطعن في ثقته وتنزّهه ، ولكنّه كان مُبتلًى باعتقاد أنّ مظنّة القدرة والسلطان ليسوا إلاّ ظلمة : من أغنياء أو رجال . فكان يعتبر هذين الصنفين محقوقين فلا يستوفي التأمّل من حججهما .
وبعد أن أمر الله تعالى ونهى وحذّر ، عقّب ذلك كلّه بالتهديد فقال : { وإن تَلْوا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً } .
وقرأ الجمهور : { تَلْوُوا } بلام ساكنة وواوين بعدها ، أولاهما مضمومة فهو مضارع لَوَى ، واللّي : الفَتل والثَّنْي . وتفرّعت من هذا المعنى الحقيقي معان شاعت فساوت الحقيقة ، منها : عدول عن جانب وإقبالٌ على جانب آخر فإذا عُدّي بعن فهو انصراف عن المجرور بعن ، وإذا عديّ بإلى فهو انصراف عن جانب كان فيه ، وإقبالٌ على المجرور بعلى ، قال تعالى : { ولا تَلْوُون على أحد } [ آل عمران : 153 ] أي لا تعطفون على أحد . ومن معانيه : لوى عن الأمر تثاقل ، ولوى أمره عنّي أخفاه ، ومنها : ليّ اللسان ، أي تحريف الكلام في النطق به أو في معانيه ، وتقدّم عند قوله تعالى : { يَلْوُون ألسنتهم بالكتاب } في سورة آل عمران ( 78 ) ، وقولِه : { ليَّا بألسنتهم } في هذه السورة ( 46 ) . فموقع فعل { تَلووا } هنا موقع بليغ لأنّه صالح لتقدير متعلِّقِه المحذوففِ مجروراً بحرف ( عن ) أو مجروراً بحرف ( على ) فيشمل معاني العدول عن الحقّ في الحكم ، والعدول عن الصدق في الشهادة ، أو التثاقل في تمكين المحقّ من حقّه وأداء الشهادة لطالبها ، أو الميْل في أحد الخصمين في القضاء والشهادة . وأمّا الإعراض فهو الامتناع من القضاء ومن أداء الشهادة والمماطلة في الحكم مع ظهور الحقّ ، وهو غير الليّ كما رأيت . وقرأه ابن عامر ، وحمزة ، وخلف : { وأن تَلُوا } بلام مضمومة بعدها واو ساكنة فقيل : هو مضارع وَلِيَ الأمرَ ، أي باشره . فالمعنى : وإن تلوا القضاء بين الخصوم ، فيكون راجعاً إلى قوله : { أن تعدلوا } ولا يتّجه رجوعه إلى الشهادة ، إذ ليس أداء الشهادة بولاية . والوجه أنّ هذه القراءة تخفيف { تَلْوُوا } نقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها فالتقى واوان ساكنان فحذف أحدهما ، ويكون معنى القراءتين واحداً .
وقوله : { فإنّ الله كان بما تعملون خبيراً } كناية عن وعيد ، لأنّ الخبير بفاعل السوء ، وهو قدير ، لا يعوزه أن يعذبّه على ذلك . وأكّدت الجملةُ ب«إنّ» و«كَانَ» .
- إعراب القرآن : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» تقدم إعرابها «كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ» كان واسمها وخبرها الذي تعلق به الجار والمجرور بعده «شُهَداءَ لِلَّهِ» خبر ثان تعلق به الجار والمجرور بعده. «وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ» الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر كان المحذوفة مع اسمها والتقدير : ولو كانت الشهادة على أنفسكم ، لو حرف شرط وجملة الشرط ابتدائية لا محل لها وجواب الشرط محذوف أي : ولو كانت الشهادة على أنفسكم فأدوها.
«أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» عطف على أنفسكم «إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا» فعل مضارع ناقص مجزوم لأنه فعل الشرط واسمها ضمير مستتر أي : المشهود عليه وغنيا خبرها «أَوْ فَقِيراً» عطف «فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما» لفظ الجلالة مبتدأ وأولى خبر تعلق به الجار والمجرور والجملة في محل جزم جواب الشرط «فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى » فعل مضارع
مجزوم بلا الناهية وفاعله ومفعوله والجملة جواب شرط مقدر بعد فاء الفصيحة. «أَنْ تَعْدِلُوا» المصدر المؤول في محل جر بحرف الجر أي : للعدل أو لكراهية العدل إذا كانت بمعنى الميل «وَإِنْ تَلْوُوا» فعل الشرط والواو فاعله «أَوْ تُعْرِضُوا» عطف. وجواب الشرط محذوف تقديره : يجازيكم وجملة «فَإِنَّ اللَّهَ» تعليلية وجملة «كانَ بِما» خبر وجملة «تَعْمَلُونَ» صلة الموصول. «خَبِيراً» خبر كان.
- English - Sahih International : O you who have believed be persistently standing firm in justice witnesses for Allah even if it be against yourselves or parents and relatives Whether one is rich or poor Allah is more worthy of both So follow not [personal] inclination lest you not be just And if you distort [your testimony] or refuse [to give it] then indeed Allah is ever with what you do Acquainted
- English - Tafheem -Maududi : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(4:135) Believers! Be upholders of justice, *164 and bearers of witness to truth for the sake of Allah, *165 even though it may either be against yourselves or against your parents and kinsmen, or the rich or the poor: for Allah is more concerned with their well-being than you are. Do not, then, follow your own desires lest you keep away from justice. If you twist or turn away from (the truth), know that Allah is well aware of all that you do.
- Français - Hamidullah : O les croyants Observez strictement la justice et soyez des témoins véridiques comme Allah l'ordonne fût-ce contre vous-mêmes contre vos père et mère ou proches parents Qu'il s'agisse d'un riche ou d'un besogneux Allah a priorité sur eux deux et Il est plus connaisseur de leur intérêt que vous Ne suivez donc pas les passions afin de ne pas dévier de la justice Si vous portez un faux témoignage ou si vous le refusez [sachez qu'] Allah est Parfaitement Connaisseur de ce que vous faites
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt seid Wahrer der Gerechtigkeit Zeugen für Allah auch wenn es gegen euch selbst oder die Eltern und nächsten Verwandten sein sollte Ob er der Betreffende reich oder arm ist so steht Allah beiden näher Darum folgt nicht der Neigung daß ihr nicht gerecht handelt Wenn ihr die Wahrheit verdreht oder euch davon abwendet gewiß so ist Allah dessen was ihr tut Kundig
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes Sed íntegros en la equidad cuando depongáis como testigos de Alá aun en contra vuestra o de vuestros padres o parientes más cercanos Lo mismo si es rico que si es pobre Alá está más cerca de él No sigáis la pasión faltando a la justicia Si levantáis falso testimonio u os zafáis Alá está bien informado de lo que hacéis
- Português - El Hayek : Ó fiéis sede firmes em observardes a justiça atuando de testemunhas por amor a Deus ainda que o testemunho sejacontra vós mesmos contra os vossos pais ou contra os vossos parentes seja contra vós mesmos contra os vossos pais oucontra os vossos parentes seja o acusado rico ou pobre porque a Deus incumbe protegêlos Portanto não sigais os vossoscaprichos para não serdes injustos; e se falseardes o vosso testemunho ou vos recusardes a prestálo sabei que Deus estábem inteirado de tudo quanto fazeis
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Свидетельствуя перед Аллахом отстаивайте справедливость если даже свидетельство будет против вас самих или против родителей или против близких родственников Будет ли он богатым или неимущим Аллах ближе к ним обоим Не потакайте желаниям чтобы не отступить от справедливости Если же вы скривите или уклонитесь то ведь Аллах ведает о том что вы совершаете
- Кулиев -ас-Саади : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
О те, которые уверовали! Свидетельствуя перед Аллахом, отстаивайте справедливость, если даже свидетельство будет против вас самих, или против родителей, или против близких родственников. Будет ли он богатым или бедным, Аллах ближе к ним обоим. Не потакайте желаниям, чтобы не отступить от справедливости. Если же вы скривите или уклонитесь, то ведь Аллах ведает о том, что вы совершаете.Слово каввам ‘стойкий’ является формой преувеличения. Это означает, что Всевышний Аллах приказал Своим верующим рабам быть стойкими в справедливости при любых обстоятельствах. Под справедливостью подразумевается выполнение обязанностей перед Аллахом и Его рабами. Для того чтобы соблюдать справедливость в отношениях с Аллахом, человек не должен использовать Божьи щедроты для совершения грехов, а должен пользоваться ими для совершения богоугодных поступков. Для того чтобы соблюдать справедливость в отношениях с людьми, он должен выполнять свои обязанности перед ними так, как он требует от них выполнения обязанностей перед ним. Он должен материально обеспечивать тех, кто находится на его попечении, выплачивать обязательные пожертвования и долги, обращаться с людьми так, как ему хочется, чтобы они обращались с ним, проявлять высокую нравственность, быть признательным за оказанные услуги и т.п. Одним из величайших проявлений справедливости является беспристрастное отношение к словам и тем, кто их произносит. Человек не должен отдавать предпочтение одной из двух тяжущихся сторон по причине родства или личной симпатии. Напротив, он должен рассматривать позиции обеих сторон через призму справедливости. Еще одним проявлением справедливости является принесение правдивого свидетельства, каким бы оно ни было, даже если оно обращено против любимых людей или самого свидетеля. Вот почему Аллах приказал свидетельствовать по справедливости, даже если свидетельство будет против самого человека, его родителей или ближайших родственников. Будет ли обвиняемый богатым или бедным, только Аллах сможет защитить его лучшим образом. Посему люди не должны склоняться на сторону богачей ради их богатства или на сторону бедняков, полагая, что тем самым они проявляют к ним сострадание. Напротив, они обязаны приносить правдивое свидетельство, против кого бы оно ни было обращено. Твердая приверженность справедливости является одним из величайших подтверждений набожности, богобоязненности и религиозности человека, и если раб желает себе добра и хочет обрести спасение, то он обязан уделять этому обстоятельству особое внимание, всегда иметь его в виду, сделать его объектом собственных устремлений и избавиться от всего, что мешает ему стремиться к справедливости или соблюдать ее. А поскольку величайшим препятствием на пути к справедливости является потакание низменным страстям, далее Аллах запретил людям потакать своим желаниям, дабы они никогда не отступали от справедливости. Люди не должны уступать страстям, которые противоречат истине, ибо если они станут поступать так, то непременно уклонятся от истины и не будут беспристрастными. А причина этого в том, что желания либо лишают человека проницательности, после чего он начинает считать истину ложью, а ложь - истиной, либо заставляют его сознательно отказываться от истины. Но если он убережет себя от собственных страстей, то Аллах поможет ему поступать правильно и проведет его прямым путем. После разъяснения того, что справедливость является обязанностью мусульман, Всевышний Аллах запретил искажать истину устами во время принесения свидетельств и при других обстоятельствах. Аллах запретил искажать истину как целиком, так и частично, и этот запрет распространяется на ложные свидетельства, неполные показания или искаженное представление событий. Именно это называется кривить языком и уклоняться от истины. Аллах также запретил уклоняться от справедливости, если она вменена в обязанность человеку. Это значит, что свидетель не может отказаться от дачи показаний, а судья не может отказаться от вынесения приговора, который он обязан вынести. Аллах объемлет знанием все, что совершают люди, и ведает об их явных и скрытых деяниях. Упоминание об этом является грозным предупреждением для тех, кто кривит душой и уклоняется от своих обязанностей. А это значит, что в еще большей степени оно распространяется на тех, кто сознательно выносит неправильный приговор или приносит лжесвидетельство. Эти преступления - еще более тяжкие, чем два предыдущих, потому что предыдущие поступки являются просто уклонением от истины, а эти дополняются утверждением лжи.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey İnananlar Kendiniz ana babanız ve yakınlarınız aleyhlerine de olsa Allah için şahit olarak adaleti gözetin; ister zengin ister fakir olsun Allah onlara daha yakındır Adaletinizde heveslere uymayın Eğer eğriltirseniz veya yüz çevirirseniz bilin ki Allah işlediklerinizden şüphesiz haberdardır
- Italiano - Piccardo : O voi che credete attenetevi alla giustizia e rendete testimonianza innanzi ad Allah foss'anche contro voi stessi i vostri genitori o i vostri parenti si tratti di ricchi o di poveri Allah è più vicino [di voi] agli uni e agli altri Non abbandonatevi alle passioni sì che possiate essere giusti Se vi destreggerete o vi disinteresserete ebbene Allah è ben informato di quello che fate
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهوانهی باوهڕتان هێناوه ههمیشه ڕاگری دادوهری بن و شایهتیی بۆ خوا بدهن با شایهتیهکهشتان زیانی بۆ خۆتان و دایک و باوکتان یان خزمانیش ههبێت ئهگهر کهسانێک لهوانه دهوڵهمهندبێت یان ههژار خوا بهرژهوهندی ئهوان چاکتر دهزانێت له ئێوه واته بهتهماعی دهوڵهمهندی له دادپهروهری لامهدهن و بههۆی نهداریی و بهزهیی بێ جێ له حهق لامهدهن نهکهن شوێن ئارهزووی نهفس بکهون له دادپهروهری لابدهن جا ئهگهر ئێوه پێچ لێ بدهن زمان بگۆرن و شایهتی ناحهق بدهن یان پشت ههڵکهن ئهوه چاک بزانن خوا ئاگاداره به کارو کردهوهتان
- اردو - جالندربرى : اے ایمان والو انصاف پر قائم رہو اور خدا کے لئے سچی گواہی دو خواہ اس میں تمہارا یا تمہارےماں باپ اور رشتہ داروں کا نقصان ہی ہو۔ اگر کوئی امیر ہے یا فقیر تو خدا ان کا خیر خواہ ہے۔ تو تم خواہش نفس کے پیچھے چل کر عدل کو نہ چھوڑ دینا۔ اگر تم پیچیدا شہادت دو گے یا شہادت سے بچنا چاہو گے تو جان رکھو خدا تمہارے سب کاموں سے واقف ہے
- Bosanski - Korkut : O vjernici budite uvijek pravedni svjedočite Allaha radi pa i na svoju štetu ili na štetu roditelja i rođaka bio on bogat ili siromašan ta Allahovo je da se brine o njima Zato ne slijedite strasti – kako ne biste bili nepravedni A ako budete krivo svjedočili ili svjedočenje izbjegavali – pa Allah zaista zna ono što radite
- Swedish - Bernström : TROENDE Slå vakt om rätten och rättvisan som Guds vittnen även om det skulle vara till skada för er själva eller era föräldrar och nära anförvanter Vare sig det gäller en rik man eller en fattig stackare är Gud närmast [att döma] såväl den ene som den andre Låt därför inte era känslor [för eller emot någon] påverka er; då är det fara att ni avviker [från rättens väg] Och om ni förvanskar sanningen eller undandrar er [att vittna] är Gud väl underrättad om vad ni gör
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Wahai orangorang yang beriman jadilah kamu orang yang benarbenar penegak keadilan menjadi saksi karena Allah biarpun terhadap dirimu sendiri atau ibu bapa dan kaum kerabatmu Jika ia kaya ataupun miskin maka Allah lebih tahu kemaslahatannya Maka janganlah kamu mengikuti hawa nafsu karena ingin menyimpang dari kebenaran Dan jika kamu memutar balikkan katakata atau enggan menjadi saksi maka sesungguhnya Allah adalah Maha Mengetahui segala apa yang kamu kerjakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
(Hai orang-orang yang beriman! Hendaklah kamu menjadi penegak) atau benar-benar tegak dengan (keadilan) (menjadi saksi) terhadap kebenaran (karena Allah walaupun) kesaksian itu (terhadap dirimu sendiri) maka menjadi saksilah dengan mengakui kebenaran dan janganlah kamu menyembunyikannya (atau) terhadap (kedua ibu bapak dan kaum kerabatmu. Jika ia) maksudnya orang yang disaksikan itu (kaya atau miskin, maka Allah lebih utama bagi keduanya) daripada kamu dan lebih tahu kemaslahatan mereka. (Maka janganlah kamu mengikuti hawa nafsu) dalam kesaksianmu itu dengan jalan pilih kasih, misalnya dengan mengutamakan orang yang kaya untuk mengambil muka atau si miskin karena merasa kasihan kepadanya (agar) tidak (berlaku adil) atau menyeleweng dari kebenaran. (Dan jika kamu mengubah) atau memutarbalikkan kesaksian, menurut satu qiraat dengan membuang huruf wawu yang pertama sebagai takhfif (atau berpaling) artinya enggan untuk memenuhinya (maka sesungguhnya Allah Maha Mengetahui apa yang kamu kerjakan) hingga akan diberi-Nya balasannya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে ঈমানদারগণ তোমরা ন্যায়ের উপর প্রতিষ্ঠিত থাক; আল্লাহর ওয়াস্তে ন্যায়সঙ্গত সাক্ষ্যদান কর তাতে তোমাদের নিজের বা পিতামাতার অথবা নিকটবর্তী আত্নীয়স্বজনের যদি ক্ষতি হয় তবুও। কেউ যদি ধনী কিংবা দরিদ্র হয় তবে আল্লাহ তাদের শুভাকাঙ্খী তোমাদের চাইতে বেশী। অতএব তোমরা বিচার করতে গিয়ে রিপুর কামনাবাসনার অনুসরণ করো না। আর যদি তোমরা ঘুরিয়েপেঁচিয়ে কথা বল কিংবা পাশ কাটিয়ে যাও তবে আল্লাহ তোমাদের যাবতীয় কাজ কর্ম সম্পর্কেই অবগত।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : முஃமின்களே நீங்கள் நீதியின்மீது நிலைத்திருப்பவர்களாகவும் உங்களுக்கோ அல்லது உங்கள் பெற்றோருக்கோ அல்லது நெருங்கிய உறவினருக்கோ விரோதமாக இருப்பினும் அல்லாஹ்வுக்காகவே சாட்சி கூறுபவர்களாகவும் இருங்கள்; நீங்கள் யாருக்காக சாட்சியம் கூறுகிறீர்களோ அவர்கள் செல்வர்களாக இருந்தாலும் ஏழைகளாக இருந்தாலும் உண்மையான சாட்சியம் கூறுங்கள் ஏனெனில் அல்லாஹ் அவ்விருவரையும் காப்பதற்கு அருகதையுடையவன்; எனவே நியாயம் வழங்குவதில் மன இச்சையைப் பின்பற்றி விடாதீர்கள்; மேலும் நீங்கள் மாற்றிக் கூறினாலும் அல்லது சாட்சி கூறுவதைப் புறக்கணித்தாலும் நிச்சயமாக அல்லாஹ் நீங்கள் செய்வதையெல்லாம் நன்கு அறிந்தவனாகவே இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : ผู้ศรัทธาทั้งหลาย จงเป็นผู้ที่ดำรงไว้ซึ่งความยุติธรรม จงเป็นพยานเพื่ออัลลอฮฺ และแม้ว่าจะเป็นอันตรายแก่ตัวของพวกเจ้าเอง หรือผู้บังเกิดเกล้าทั้งสองและญาติที่ใกล้ชิดก็ตาม หากเขาจะเป็นคนมั่งมีหรือคนยากจน อัลลอฮฺก็สมควรยิ่งกว่าเขาทั้งสอง ดังนั้นจงอย่าปฏิบัติตามความใคร่ใฝ่ต่ำในการที่พวกเจ้าจะมีความยุติธรรม และหากพวกเจ้าบิดเบือนหรือผินหลังให้แท้จริงอัลลอฮฺทรงรอบรู้อย่างถี่ถ้วนในสิ่งที่พวกเจ้ากระทำกัน
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Адолат ила туринг ҳамда агар ўзингиз отаонангиз ва қариндошларингиз зиддига бўлса ҳам Аллоҳ учун тўғри гувоҳлик берувчи бўлинг Агар у бой бўлса ҳам камбағал бўлса ҳам Аллоҳ унга яқинроқдир Ҳавои нафсга эргашиб адолатсизлик қилманг Агар тилингизни бурсангиз ёки юз ўгириб кетсангиз албатта Аллоҳ нима қилаётганингиздан хабардордир Демак гувоҳлик Аллоҳ учун бўлиши керак Бошқа нарса учун эмас Бирор шахс учун эмас қабила учун эмас ҳизб ёки халқ учун эмас Ана шундагина адолатли гувоҳлик бўлади Албатта одамнинг ўзига қарши гувоҳлик бериши отаонаси ёки қариндошуруғига қарши гувоҳлик бериши осон эмас Бу иш гапиришга осон холос Лекин илоҳий таълимот шуни ирода қилади Ана шундагина ҳақиқий адолат юзага чиқиши мумкин
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊!你们当维护公道,当为真主而作证,即使不利于你们自身,和父母和至亲。无论被证的人,富足的,还是贫穷的,你们都应当秉公作证;真主是最宜于关切富翁和贫民的。你们不要顺从私欲,以致偏私。 如果你们歪曲事实,或拒绝作证,那末,真主确是彻知你们的行为的。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman Hendaklah kamu menjadi orangorang yang sentiasa menegakkan keadilan lagi menjadi saksi yang menerangkan kebenaran kerana Allah sekalipun terhadap diri kamu sendiri atau ibu bapa dan kaum kerabat kamu Kalaulah orang yang didakwa itu kaya atau miskin maka janganlah kamu terhalang daripada menjadi saksi yang memperkatakan kebenaran disebabkan kamu bertimbang rasa kerana Allah lebih bertimbang rasa kepada keduanya Oleh itu janganlah kamu turutkan hawa nafsu supaya kamu tidak menyeleweng dari keadilan Dan jika kamu memutarbalikkan keterangan ataupun enggan daripada menjadi saksi maka sesungguhnya Allah sentiasa Mengetahui dengan mendalam akan apa yang kamu lakukan
- Somali - Abduh : kuwa Xaqa rumeeyow noqda kuwo u istaaaga Caddaalad oo ah marag Eebe naftiinnaba ha ahaato ama Waalidkiin ama qaraabo hadday hodan yihiin ama faqiir Eebaa u mudnaansho badan ee ha ka raacina hawada inaad Caddaalo fashaan haddaadse iilataan ama jeedsataan Eebe waxaad camal falaysaan waa ogyahay
- Hausa - Gumi : Yã ku waɗanda suka yi ĩmãni Ku kasance mãsu tsayuwa da ãdalci mãsu shaida sabõda Allah kuma kõ dã a kanku ne kõ kuwa mahaifa da mafi kusantar zumunta ko wanda ake yi wa shaida kõ a kansa ya kasance mawadãci kõ matalauci to Allah ne Mafi cancanta da al'amarinsu Sabõda haka kada ku bĩbiyi son zũciya har ku karkata Kuma idan kuka karkatar da magana kõ kuwa kuka kau da kai to lalle ne Allah Yã kasance Masani ga abin da kuke aikatãwa
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Kuweni wenye kusimamisha uadilifu mtowao ushahidi kwa ajili ya Mwenyezi Mungu ijapo kuwa ni juu ya nafsi zenu au wazazi wawili na jamaa zenu Akiwa tajiri au masikini Mwenyezi Mungu anawastahikia zaidi Basi msifuate matamanio mkaacha kufanya uadilifu Na mkiupotoa au mkajitenga nao basi Mwenyezi Mungu anajua vyema mnayo yatenda
- Shqiptar - Efendi Nahi : O besimtarë Bëhuni ithtarë të së vërtetës duke dëshmuar në emër të Perëndisë ajo qoftë madje edhe kundër jush ose kundër prindërve dhe të afërmëve tuaj Qoftë i pasur ose i varfër ai për të cilin dëshmoni Perëndia është për ata vlerësuesi më i drejtë Dhe mos shkoni pas epsheve tuaja e të shtrembëroni drejtësinë E nëse ju ngatërroni dëshminë ose tërhiqeni nga të dëshmuarit Perëndia me të vërtetë di ate ç’punoni ju
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، به عدالت فرمانروا باشيد و براى خدا شهادت دهيد، هر چند به زيان خود يا پدر و مادر يا خويشاوندان شما -چه توانگر و چه درويش- بوده باشد. زيرا خدا به آن دو سزاوارتر است. پس، از هوا نفس پيروى مكنيد تا از شهادت حق عدول كنيد. چه زبانبازى كنيد يا از آن اعراض كنيد، خدا به هر چه مىكنيد آگاه است.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, ба адолат фармонраво бошед ва барои Худо шоҳидӣ диҳед, ҳарчанд ба зиёни худ ё падару модар ё хешовандони шумо — чӣ тавонгар ва чӣ дарвеш бошад. Зеро Худо ба он ду сазовортар аст. Пас ба ҳавои нафс паправӣ макунед, то аз шаҳодати ҳақ рӯй гардонед. Чӣ забонбозӣ кунед ё аз он рӯй тобед, Худо ба ҳар чӣ мекунед, огоҳ аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! خۇدالىق ئۈچۈن گۇۋاھلىق بېرىشتە، ئۆزۈڭلارنىڭ ياكى ئاتا - ئاناڭلارنىڭ ياكى تۇغقانلىرىڭلارنىڭ زىيىنىغا (گۇۋاھلىق بېرىشكە) توغرا كەلگەن تەقدىردىمۇ، ئادالەتنى بەرپا قىلىشقا تىرىشىڭلار، (گۇۋاھلىق بېرىلگۈچى) باي بولسا (ئۇنىڭغا رىئايە قىلماستىن)، ياكى پېقىر بولسا (ئۇنىڭغا ئىچ ئاغرىتماستىن) ھامان ئادىل گۇۋاھ بولۇڭلار، اﷲ سىلەردىن ئۇلارغا يېقىندۇر (يەنى ئۇلارنىڭ مەنپەئىتىنىڭ نېمىدە بولىدىغانلىقىنى ئوبدان بىلىدۇ)، نەپسى خاھىشىڭلارغا ئەگىشىپ (ھەقىقەتتىن) بۇرۇلۇپ كەتمەڭلار. ئەگەر تىلىڭلارنى تولغۇساڭلار (يەنى گۇۋاھلىقتىكى پاكىتنى بۇرمىلىساڭلار)، ياكى گۇۋاھلىقتىن باش تارتساڭلار، مۇنداقتا اﷲ ھەقىقەتەن سىلەرنىڭ قىلمىشىڭلاردىن خەۋەردار بولۇپ تۇرغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിച്ചവരേ, നിങ്ങള് നീതി നടത്തി അല്ലാഹുവിനുവേണ്ടി സാക്ഷ്യം വഹിക്കുന്നവരാവുക. അത് നിങ്ങള്ക്കോ നിങ്ങളുടെ മാതാപിതാക്കള്ക്കോ അടുത്ത ബന്ധുക്കള്ക്കോ എതിരായിരുന്നാലും. കക്ഷി ധനികനോ ദരിദ്രനോ എന്നു നോക്കേണ്ടതില്ല. ഇരുകൂട്ടരോടും കൂടുതല് അടുപ്പമുള്ളവന് അല്ലാഹുവാണ്. അതിനാല് നിങ്ങള് സ്വന്തം ഇഷ്ടാനിഷ്ടങ്ങളുടെ പേരില് നീതി നടത്താതിരിക്കരുത്. വസ്തുതകള് വളച്ചൊടിക്കുകയോ സത്യത്തില്നിന്ന് തെന്നിമാറുകയോ ചെയ്യുകയാണെങ്കില് അറിയുക. തീര്ച്ചയായും നിങ്ങള് ചെയ്യുന്നതിനെപ്പറ്റിയെല്ലാം സൂക്ഷ്മമായി അറിയുന്നവനാണ് അല്ലാഹു.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه كونوا قائمين بالعدل مودين للشهاده لوجه الله تعالى ولو كانت على انفسكم او على ابائكم وامهاتكم او على اقاربكم مهما كان شان المشهود عليه غنيا او فقيرا فان الله تعالى اولى بهما منكم واعلم بما فيه صلاحهما فلا يحملنكم الهوى والتعصب على ترك العدل وان تحرفوا الشهاده بالسنتكم فتاتوا بها على غير حقيقتها او تعرضوا عنها بترك ادائها او بكتمانها فان الله تعالى كان عليما بدقائق اعمالكم وسيجازيكم بها
*164). It is not enough for believers to uphold justice themselves: they are expected to be its standard-bearers. They are supposed not merely to practise justice in their own dealings but to strive for its triumph. They have to do all within their power to ensure that injustice is eradicated and replaced by equity and justice. A true believer is required to be the pillar supporting the establishment of right and justice.
*165). The testimony of the believers should be solely for the sake of God. Their testimony should not be biased in favour of any of the parties concerned, they should not use any opportunity for personal aggrandizement, and they should not seek to please anyone but God.