- عربي - نصوص الآيات عثماني : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ لَعَنَّٰهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَٰسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ ۙ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍۢ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
- عربى - نصوص الآيات : فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية ۖ يحرفون الكلم عن مواضعه ۙ ونسوا حظا مما ذكروا به ۚ ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم ۖ فاعف عنهم واصفح ۚ إن الله يحب المحسنين
- عربى - التفسير الميسر : فبسبب نقض هؤلاء اليهود لعهودهم المؤكَّدة طردناهم من رحمتنا، وجعلنا قلوبهم غليظة لا تلين للإيمان، يبدلون كلام الله الذي أنزله على موسى، وهو التوراة، وتركوا نصيبًا مما ذُكِّروا به، فلم يعملوا به. ولا تزال -أيها الرسول- تجد من اليهود خيانةً وغَدرًا، فهم على منهاج أسلافهم إلا قليلا منهم، فاعف عن سوء معاملتهم لك، واصفح عنهم، فإن الله يحب مَن أحسن العفو والصفح إلى من أساء إليه. (وهكذا يجد أهل الزيغ سبيلا إلى مقاصدهم السيئة بتحريف كلام الله وتأويله على غير وجهه، فإن عجَزوا عن التحريف والتأويل تركوا ما لا يتفق مع أهوائهم مِن شرع الله الذي لا يثبت عليه إلا القليل ممن عصمه الله منهم).
- السعدى : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ ْ} أي: بسببه عاقبناهم بعدة عقوبات: الأولى: أنا { لَعَنَّاهُمْ ْ} أي: طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا، حيث أغلقوا على أنفسهم أبواب الرحمة، ولم يقوموا بالعهد الذي أخذ عليهم، الذي هو سببها الأعظم. الثانية: قوله: { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ْ} أي: غليظة لا تجدي فيها المواعظ، ولا تنفعها الآيات والنذر، فلا يرغبهم تشويق، ولا يزعجهم تخويف، وهذا من أعظم العقوبات على العبد، أن يكون قلبه بهذه الصفة التي لا يفيده الهدى, والخير إلا شرا. الثالثة: أنهم { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ ْ} أي: ابتلوا بالتغيير والتبديل، فيجعلون للكلم الذي أراد الله معنى غير ما أراده الله ولا رسوله. الرابعة: أنهم { نسوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ْ} فإنهم ذكروا بالتوراة، وبما أنزل الله على موسى، فنسوا حظا منه، وهذا شامل لنسيان علمه، وأنهم نسوه وضاع عنهم، ولم يوجد كثير مما أنساهم الله إياه عقوبة منه لهم. وشامل لنسيان العمل الذي هو الترك، فلم يوفقوا للقيام بما أمروا به، ويستدل بهذا على أهل الكتاب بإنكارهم بعض الذي قد ذكر في كتابهم، أو وقع في زمانهم، أنه مما نسوه. الخامسة: الخيانة المستمرة التي { لا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ ْ} أي: خيانة لله ولعباده المؤمنين. ومن أعظم الخيانة منهم، كتمهم [عن] من يعظهم ويحسن فيهم الظن الحق، وإبقاؤهم على كفرهم، فهذه خيانة عظيمة. وهذه الخصال الذميمة، حاصلة لكل من اتصف بصفاتهم. فكل من لم يقم بما أمر الله به، وأخذ به عليه الالتزام، كان له نصيب من اللعنة وقسوة القلب، والابتلاء بتحريف الكلم، وأنه لا يوفق للصواب، ونسيان حظ مما ذُكِّر به، وأنه لا بد أن يبتلى بالخيانة، نسأل الله العافية. وسمى الله تعالى ما ذكروا به حظا، لأنه هو أعظم الحظوظ، وما عداه فإنما هي حظوظ دنيوية، كما قال تعالى: { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ْ} وقال في الحظ النافع: { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ْ} وقوله: { إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ْ} أي: فإنهم وفوا بما عاهدوا الله عليه فوفقهم وهداهم للصراط المستقيم. { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ْ} أي: لا تؤاخذهم بما يصدر منهم من الأذى، الذي يقتضي أن يعفى عنهم، واصفح، فإن ذلك من الإحسان { إن اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ْ} والإحسان: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك. وفي حق المخلوقين: بذل النفع الديني والدنيوي لهم.
- الوسيط لطنطاوي : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
لقد بين- سبحانه- جانبا من رذائلهم، ومن العقوبات التي عاقبهم بها بسبب فسوقهم عن أمره فقال: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ، لَعَنَّاهُمْ، وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ.
والفاء في قوله: فَبِما نَقْضِهِمْ للتفريع على ما تقدم من الحديث عنهم، والباء للسببية و «ما» مزيدة لتوكيد الكلام وتمكينه في النفس والجار والمجرور- متعلق بقوله: لَعَنَّاهُمْ وقوله: وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً معطوف على ما قبله وقوله: قاسِيَةً بوزن فاعلة- من القسوة بمعنى الصلابة واليبوسة يقال: قسا قلبه يقسو فهو قاس، إذا غلظ واشتد وصار يابسا صلبا وقساوة القلب هنا مجاز عن عدم تأثره بالمواعظ والترغيب والترهيب أى فبسبب جرائمهم الشديدة أبعدناهم من رحمتنا وجعلنا قلوبهم يابسة غليظة تنبو عن قبول الحق ولا تتأثر بالمواعظ والنذر.
وقرأ حمزة والكسائي: وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً بتشديد الياء من غير ألف على وزن فعيلة.
وللمفسرين في معناها رأيان:
أحدهما: أن (قسية) بمعنى قاسية، غير أن فيها مبالغة، إذ هي على وزن فعيلة، وهذه الصفة تدل على تمكن صفة القسوة من قلوبهم.
والثاني: أن معنى (قسية) هنا غير معنى قاسية، لأن قسية في هذا الموضع مأخوذة من قولهم:
درهم قسى- على وزن شقي- أى: فاسد رديء لأنه مغشوش بنحاس أو غيره مما يخلو منه الدرهم السليم.
والمعنى على هذا الوجه: وجعلنا قلوبهم إيمانها ليس خالصا وإنما يخالطه كفر ونفاق كالدراهم القسية التي يخالط فضتها غش من نحاس أو رصاص أو غيرهما.
وقد رجح ابن جرير الرأى الأول- وهو أن قسية بمعنى قاسية غير أن فيها مبالغة- فقال (وأولى التأويلين عندي بالصواب تأويل من تأول فعيلة من القسوة كما قيل: نفس زكية وزاكية، وامرأة شاهدة وشهيدة، لأن الله- تعالى- وصف القوم بنقضهم ميثاقهم، وكفرهم به، ولم يصفهم بشيء من الإيمان فتكون قلوبهم موصوفة بأن إيمانها يخالطه كفر كالدراهم القسية التي يخالط فضتها غش) «1» وأما صاحب الكشاف فقد رد التفسير الثاني إلى الأول وجعل بينهما تعانقا وتلازما في المعنى فقال: وقرأ عبد الله (قسية) أى: ردية مغشوشة. من قولهم: درهم قسى وهو من القسوة، لأن الذهب والفضة الخالصين فيهما لين، والمغشوش فيه يبس وصلابة» «2» .
وقوله: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ استئناف مبين لشدة قساوة قلوبهم، فإنه لا قسوة أشد من تحريف كلام الله- تعالى- والميل به عن الحق والصواب.
أى: أنهم بلغ بهم الحال في قسوة قلوبهم، وعدم تأثرها بوعيد الله أنهم يميلون كلامه- سبحانه- عن الموضع الذي نزل فيه ولأجله عن طريق التأويل الباطل، أو التفسير الفاسد، أو التبديل للألفاظ بالزيادة تارة وبالنقصان أخرى، على حسب ما تمليه عليهم أهواؤهم وشهواتهم الممقوتة وعبر- سبحانه- بقوله: يُحَرِّفُونَ بصيغة الفعل المضارع، لاستحضار صورة هؤلاء المحرفين. والدلالة على أن أبناءهم قد نهجوا نهج آبائهم في هذا الخلق الذميم.
فإن هذا التحريف الذي حكاه الله- تعالى- في هذه الآية قد كان من بنى إسرائيل بعد عهد موسى- عليه السلام- واستمروا على ذلك دون أن يصدهم عنه ما كان من نصح النبي صلّى الله عليه وسلّم لهم ومن تحذيره إياهم.
والمراد بالنسيان في قوله: وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ الترك والإهمال قال الراغب:
(النسيان: ترك الإنسان ضبط ما استودع. إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة، وإما عن قصد حتى يزول عن القلب ذكره) .
والأنواع الثلاثة التي ذكرها الراغب كأسباب للنسيان قد فعلها بنو إسرائيل فهم قد أصابتهم الغفلة عن تدبر كتابهم والعمل بما فيه بسبب ضعف قلوبهم، واستيلاء المطامع والشهوات عليها وأهملوا أمر دينهم وشريعتهم ولم يقيدوا أنفسهم بها عن تعمد وإصرار، لأن تنفيذها يكلفهم الاستقامة على دين الله وهذا ما تأباه نفوسهم الجامحة وشهواتهم العارمة.
والتنكير في قوله: حَظًّا للتكثير والتهويل. أى: تركوا نصيبا كبيرا مما أمرتهم به شريعتهم وذكرتهم به توراتهم من وجوب اتباعهم للحق وإيمانهم بمحمد- صلّى الله عليه وسلّم- عند ظهوره.
وهذه الجملة الكريمة وما يشبهها مما أورده القرآن في هذا المعنى تعتبر من المعجزات الدالة على صدق القرآن الكريم فإن الناس قبل البعثة النبوية الشريفة لم يكونوا يعرفون أن اليهود نسوا حظا كبيرا مما ذكرتهم به توراتهم. فلما بين القرآن ذلك، عرفوا ما لم يكونوا يعرفونه من قبل.
ولما كانت أخلاق الآباء كثيرا ما يتوارثها الأبناء، فقد رأينا القرآن الكريم يحذر النبي صلّى الله عليه وسلّم من اليهود المعاصرين له، والذين ورثوا رذائل آبائهم فقال: وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ.
وقوله خائِنَةٍ بمعنى الخيانة أى عدم الوفاء بالعهد. فهي مصدر على وزن فاعله كالعافية والطاغية. قال- تعالى- فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ أى بالطغيان. ويحتمل أن يكون قوله خائِنَةٍ صفة لموصوف محذوف أى على فرقة خائنة أو طائفة.
والمعنى: ولا تزال- أيها الرسول الكريم- ترى في هؤلاء اليهود المعاصرين لك صورة السابقين في الغدر والخيانة. وإن تباعدت الأزمان فهؤلاء الذين يعاصرونك فيهم خيانة أسلافهم، وغدرهم ونقضهم لعهودهم. إلا قليلا منهم دخلوا في الإسلام فوفوا بعهودهم ولم يكونوا ناقضين لها.
وفي هذه الجملة الكريمة تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما لقيه من اليهود المعاصرين له من كيد ومكر وخيانة. فكأن الله- تعالى- يقول له إن ما تراه منهم من غدر وخداع ليس شيئا مستبعدا، بل هو طبيعة فيهم ورثوها عن آبائهم منذ زمن بعيد: وفيها- أيضا- تحذير له صلّى الله عليه وسلّم من شرورهم ومن مسالكهم الخبيثة لكيد الإسلام والمسلمين فإن التعبير بقوله وَلا تَزالُ المفيد للدوام والاستمرار يدل على استمرار خيانتهم ودوام نقضهم لعهودهم ومواثيقهم وقوله: إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ استثناء من الضمير المجرور في قوله خائِنَةٍ مِنْهُمْ والمراد بهذا العدد القليل منهم، أولئك الذين دخلوا في الإسلام، واتبعوا الحق كعبد الله بن سلام وأمثاله.
ثم ختم سبحانه- الآية بقوله: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ والعفو عدم مقابلة الإساءة بمثلها.
والصفح: ترك اللوم والمعاتبة. ولذا قالوا: الصفح أعلى رتبة من العفو، لأن العفو ترك المقابلة بالمثل ظاهرا. أما الصفح فهو يتناول السماحة النفسية واعتبار الإساءة كأن لم تكن في الظاهر والباطن.
وللعلماء أقوال في المراد بالذين أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالعفو والصفح عنه:
1- فيرى بعضهم أن المراد بهم، القلة اليهودية التي أسلمت، واستثناها الله بقوله إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهذا الرأى مردود بأنهم ماداموا قد آمنوا، فقد عصموا دماءهم وأموالهم، ولم يصبح للعفو والصفح عنهم موضع.
2- ويرى آخرون أن الذين أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالعفو والصفح عنهم هم كافة اليهود، إلا أن الآية نسخت بآية التوبة وهي قوله قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ، مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ وهذا الرأى ضعيف لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الآيتين وهو غير متعذر- كما سنبين.
3- ويرى أبو مسلّم أن المراد بهم اليهود الذين بقوا على كفرهم ولكنهم لم ينقضوا عهودهم.
والذي نراه أولى أن العفو والصفح عام لليهود، وأن من مظاهر ذلك مسالمتهم ومساكنتهم، ومجادلتهم بالتي هي أحسن ومعاملتهم بمبدأ لهم ما لنا وعليهم ما علينا، مع العفو عن زلاتهم التي لا تؤثر على كيان الدعوة الإسلامية.
فإذا ما نقضوا عهودهم وخانوا الله ورسوله والمؤمنين، وأصبح العفو عنهم فيه مضرة بالمسلمين ففي هذه الحالة تجب معاملتهم بالطريقة التي تقى المسلمين شرورهم، لأن العفو عنهم- عند استلزام قتالهم للدفاع عن النفس وعن العقيدة- يكون إلقاء بالنفس إلى التهلكة ويكون قد وضع العفو في غير موضعه. وهذا القول يقارب ما ذهب إليه أبو مسلم. وربما اعتبر توضيحا له. فكأن الله- تعالى- يقول لنبيه صلّى الله عليه وسلّم فاعف عن هؤلاء اليهود الذين ورثوا الخيانة عن آبائهم، واصفح عن زلاتهم التي لا تؤثر في سير الدعوة الإسلامية إلى الوقت المناسب لمحاسبتهم، إن الله تعالى يحب المحسنين.
وبذلك نرى السورة الكريمة قد بينت جانبا مما أخذ الله على بنى إسرائيل من عهود ومواثيق، ورغّبتهم في الوفاء بها وحذرتهم. من نقضها، كما بينت بعض العقوبات التي عاقبهم الله بها بسبب فسوقهم عن أمره ورسمت للنبي صلّى الله عليه وسلّم طريق معالجتهم ومعاملتهم بما يقي المسلمين من شرورهم ومكرهم.
وبعد أن بين- سبحانه- جانبا من قبائح اليهود ونقضهم لمواثيقهم عقب ذلك ببيان حال النصارى فقال- تعالى-:
- البغوى : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
( فبما نقضهم ) أي : فبنقضهم ، و " ما " صلة ، ( ميثاقهم ) قال قتادة : نقضوه من وجوه لأنهم كذبوا الرسل الذين جاءوا بعد موسى وقتلوا أنبياء الله ونبذوا كتابه وضيعوا فرائضه ( لعناهم ) قال [ عطاء ] أبعدناهم من رحمتنا ، قال الحسن ومقاتل : عذبناهم بالمسخ ، ( وجعلنا قلوبهم قاسية ) قرأ حمزة والكسائي قسية بتشديد الياء من غير ألف ، وهما لغتان مثل الذاكية والذكية ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : قاسية أي : يابسة . وقيل : غليظة لا تلين ، وقيل معناه : إن قلوبهم ليست بخالصة للإيمان بل إيمانهم مشوب بالكفر والنفاق ، ومنه الدراهم القاسية وهي الردية المغشوشة .
( يحرفون الكلم عن مواضعه ) قيل : هو تبديلهم نعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : تحريفهم بسوء التأويل ، ( ونسوا حظا مما ذكروا به ) أي : وتركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعته ، ( ولا تزال ) [ يا محمد ] ( تطلع على خائنة منهم ) أي : على خيانة ، فاعلة بمعنى المصدر كالكاذبة واللاغية ، وقيل : هو بمعنى الفاعل والهاء للمبالغة مثل [ رواية ] ونسابة وعلامة وحسابة ، وقيل : على فرقة خائنة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : على خائنة أي : على معصية ، وكانت خيانتهم نقضهم العهد ومظاهرتهم المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهمهم بقتله وسمه ، ونحوهما من خياناتهم التي ظهرت ، ( إلا قليلا منهم ) لم يخونوا ولم ينقضوا العهد وهم الذين أسلموا من أهل الكتاب ، ( فاعف عنهم واصفح ) أي : أعرض عنهم ولا تتعرض لهم ، ( إن الله يحب المحسنين ) وهذا منسوخ بآية السيف .
- ابن كثير : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
ثم أخبر تعالى عما أحل بهم من العقوبة عند مخالفتهم ميثاقه ونقضهم عهده ، فقال : ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم ) أي : فبسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم لعناهم ، أي أبعدناهم عن الحق وطردناهم عن الهدى ، ( وجعلنا قلوبهم قاسية ) أي : فلا يتعظون بموعظة لغلظها وقساوتها ، ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) أي : فسدت فهومهم ، وساء تصرفهم في آيات الله ، وتأولوا كتابه على غير ما أنزله ، وحملوه على غير مراده ، وقالوا عليه ما لم يقل ، عياذا بالله من ذلك ، ( ونسوا حظا مما ذكروا به ) أي : وتركوا العمل به رغبة عنه .
قال الحسن : تركوا عرى دينهم ووظائف الله التي لا يقبل العمل إلا بها . وقال غيره : تركوا العمل فصاروا إلى حالة رديئة ، فلا قلوب سليمة ، ولا فطر مستقيمة ، ولا أعمال قويمة .
( ولا تزال تطلع على خائنة منهم ) يعني : مكرهم وغدرهم لك ولأصحابك .
وقال مجاهد وغيره : يعني بذلك تمالؤهم على الفتك بالنبي ، صلى الله عليه وسلم .
( فاعف عنهم واصفح ) وهذا هو عين النصر والظفر ، كما قال بعض السلف : ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه . وبهذا يحصل لهم تأليف وجمع على الحق ، ولعل الله أن يهديهم ; ولهذا قال تعالى : ( إن الله يحب المحسنين ) يعني به : الصفح عمن أساء إليك .
وقال قتادة : هذه الآية ( فاعف عنهم واصفح ) منسوخة بقوله : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر [ ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ] ) [ التوبة : 29 ]
- القرطبى : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
قوله تعالى : فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين
قوله تعالى : فبما نقضهم ميثاقهم أي : فبنقضهم ميثاقهم ، " ما " زائدة للتوكيد ، عن قتادة وسائر أهل العلم ; وذلك أنها تؤكد الكلام بمعنى تمكنه في النفس من جهة حسن النظم ، ومن جهة تكثيره للتوكيد ; كما قال :
لشيء ما يسود من يسود
فالتأكيد بعلامة موضوعة كالتأكيد بالتكرير . لعناهم قال ابن عباس : عذبناهم بالجزية . وقال الحسن ومقاتل : بالمسخ . عطاء : أبعدناهم ; واللعن الإبعاد والطرد من الرحمة . وجعلنا قلوبهم قاسية أي : صلبة لا تعي خيرا ولا تفعله ; والقاسية والعاتية بمعنى واحد ، وقرأ الكسائي وحمزة : " قسية " بتشديد الياء من غير ألف ; وهي قراءة ابن مسعود والنخعي ويحيى بن وثاب ، والعام القسي الشديد الذي لا مطر فيه ، وقيل : هو من الدراهم القسيات أي : الفاسدة الرديئة ; فمعنى " قسية " على هذا ليست بخالصة الإيمان ، أي : فيها نفاق . قال النحاس : وهذا قول حسن ; لأنه يقال : درهم قسي إذا كان مغشوشا بنحاس أو غيره . يقال : درهم قسي ( مخفف السين مشدد الياء ) مثال شقي أي : زائف ; ذكر ذلك أبو عبيد وأنشد : ( الشاعر هو : أبو زيد الطائي )
لها صواهل في صم السلام كما صاح القسيات في أيدي الصياريف
يصف وقع المساحي في الحجارة ، وقال الأصمعي وأبو عبيد : درهم قسي كأنه معرب قاشي . قال القشيري : وهذا بعيد ; لأنه ليس في القرآن ما ليس من لغة العرب ، بل الدرهم القسي من القسوة والشدة أيضا ; لأن ما قلت نقرته يقسو ويصلب ، وقرأ الأعمش : " قسية " بتخفيف الياء على وزن فعلة نحو عمية وشجية ; من قسى يقسي لا من قسا يقسو ، وقرأ الباقون على وزن فاعلة ; وهو اختيار أبي عبيد ; وهما لغتان مثل العلية والعالية ، والزكية والزاكية . قال أبو جعفر النحاس : أولى ما فيه أن تكون قسية بمعنى قاسية ، إلا أن فعيلة أبلغ من فاعلة . فالمعنى : جعلنا قلوبهم غليظة نابية عن الإيمان والتوفيق لطاعتي ; لأن القوم لم يوصفوا بشيء من الإيمان فتكون قلوبهم موصوفة بأن إيمانها خالطه كفر ، كالدراهم القسية التي خالطها غش . قال الراجز :
قد قسوت وقست لداتي
يحرفون الكلم عن مواضعه أي : يتأولونه على غير تأويله ، ويلقون ذلك إلى العوام ، وقيل : معناه يبدلون حروفه . و ( يحرفون ) في موضع نصب ، أي : جعلنا قلوبهم قاسية محرفين ، وقرأ السلمي والنخعي " الكلام " بالألف وذلك أنهم غيروا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم . ونسوا حظا مما ذكروا به أي : نسوا عهد الله الذي أخذه الأنبياء عليهم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبيان نعته . ولا تزال تطلع أي : وأنت يا محمد لا تزال الآن تقف على خائنة منهم والخائنة الخيانة ; قال قتادة ، وهذا جائز في اللغة ، ويكون مثل قولهم : قائلة بمعنى قيلولة ، وقيل : هو نعت لمحذوف والتقدير فرقة خائنة ، وقد تقع خائنة للواحد كما يقال : رجل نسابة وعلامة ; فخائنة على هذا للمبالغة ; يقال : رجل خائنة إذا بالغت في وصفه بالخيانة . قال الشاعر :
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن للغدر خائنة مغل الإصبع
قال ابن عباس : على خائنة أي : معصية ، وقيل : كذب وفجور ، وكانت خيانتهم نقضهم العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومظاهرتهم المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ; كيوم الأحزاب وغير ذلك من همهم بقتله وسبه . إلا قليلا منهم لم يخونوا فهو استثناء من الهاء والميم اللتين في خائنة منهم . فاعف عنهم واصفح في معناه قولان : فاعف عنهم واصفح ما دام بينك وبينهم عهد وهم أهل الذمة ، والقول الآخر أنه منسوخ بآية السيف ، وقيل : بقوله عز وجل وإما تخافن من قوم خيانة .
- الطبرى : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
القول في تأويل قوله عز ذكره : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ
قال أبو جفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تعجبن من هؤلاء اليهود الذين همُّوا أن يبسطوا أيديهم إليك وإلى أصحابك، ونكثوا العهدَ الذي بينك وبينهم، غدرًا منهم بك وبأصحابك، فإن ذلك من عاداتهم وعادات سَلَفهم، ومن ذلك أنَّي أخذت ميثاق سلفهم على عهد موسى صلى الله عليه وسلم على طاعتي، وبعثت منهم اثني عشر نقيبًا وقد تُخُيِّرُوا من جميعهم ليتحسَّسُوا أخبار الجبابرة، ووعدتهم النصرَ عليهم، وأن أورثهم أرضَهم وديارهم وأموالهم، بعد ما أريتهم من العِبَر والآيات- بإهلاك فرعون وقومِه في البحر، وفلق البحر لهم، وسائر العبر- ما أريتهم، (85) فنقضوا مِيثاقهم الذي واثقوني ونكثوا عهدي، فلعنتهم بنقضهم ميثاقهم. فإذْ كان ذلك من فعل خيارهم مع أياديَّ عندهم، فلا تستنكروا مثله من فعل أرَاذلهم.
* * *
=وفى الكلام محذوف اكتُفِي بدلالة الظاهر عليه، وذلك أن معنى الكلام: فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ - فنقضوا الميثاق، فلعنتهم=" فبما نقضْهم ميثاقهم لعناهم " فاكتفى بقوله: " فبما نقضهم ميثاقهم " من ذكر " فنقضوا ". (86)
* * *
ويعني بقوله جل ثناؤه: "
فبما نقضهم ميثاقهم "، فبنقضهم ميثاقهم، كما قال قتادة.11584 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "
فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم " يقول: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم. (87)11585 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: "
فبما نقضهم ميثاقهم " قال: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه.* * *
وقد ذكرنا معنى "
اللعن " في غير هذا الموضع. (88)* * *
و "
الهاء والميم " من قوله: " فبما نقضهم " عائدتان على ذكر بني إسرائيل قبل.* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره : وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أهلِ المدينة وبعض أهل مكة والبصرة والكوفة: (قَاسِيَةً) بالألف=
* * *
=على تقدير "
فاعلة " من " قسوة القلب "، من قول القائل: " قَسَا قلبه، فهو يقسُو وهو قاسٍ"، وذلك إذا غلظ واشتدّ وصار يابسًا صلبًا (89) كما قال الراجز:وَقَدْ قَسَوْتُ وَقَسَتْ لِدَاتِي (90)
* * *
=فتأويل الكلام على هذه القراءة: فلعنَّا الذين نقضوا عهدي ولم يفُوا بميثاقي من بني إسرائيل، بنقضهم ميثاقهم الذي واثقوني="
وجعلنا قلوبهم قاسية "، غليظة يابسةً عن الإيمان بي، والتوفيق لطاعتي، منـزوعةً منها الرأفةُ والرحمة.* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: ( وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً ).
* * *
ثم اختلف الذين قرأوا ذلك كذلك في تأويله.
فقال بعضهم: معنى ذلك معنى "
القسوة "، لأن " فعيلة " في الذم أبلغ من " فاعلة "، فاخترنا قراءتها " قسية " على " قاسية " لذلك.* * *
وقال آخرون منهم: بل معنى "
قسِيَّة " غير معنى " القسوة "، وإنما " القسية " في هذا الموضع: القلوبُ التي لم يخلص إيمانها بالله، ولكن يخالط إيمانها كُفْر، كالدراهم " القَسِيَّة "، وهي التي يخالط فضّتها غشٌّ من نحاس أو رَصاص وغير ذلك، كما قال أبو زُبَيْد الطائي:لَهَـا صَـوَاهِلُ فِـي صُـمِّ السِّلامِ كَمَا
صَـاحَ القَسِـيَّاتُ فِي أَيْدِي الصَّيارِيفِ (91)
يصف بذلك وقع مَسَاحي الذين حفروا قبر عثمان على الصخور، وهي"
السِّلام ".* * *
قال أبو جعفر: وأعجبُ القراءتين إليّ في ذلك، قراءة من قرأ: ( وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً ) على "
فعيلة "، لأنها أبلغ في ذم القوم من " قاسية ". وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من تأوله: " فعيلة " من " القسوة "، كما قيل: " نفس زكيّة " و " زاكية "، و " امرأة شاهدة " و " شهيدة "، لأن الله جل ثناؤه وصف القوم بنقضهم ميثاقَهم وكفرِهم به، ولم يصفهم بشيء من الإيمان، فتكون قلوبهم موصوفة بأنّ إيمانها يخالطه كفر، كالدراهم القَسِيَّة التي يخالط فضَّتها غشٌّ.* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره : يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وجعلنا قلوب هؤلاء الذين نقضوا عهودَنا من بني إسرائيل قَسِيَّة، منـزوعا منها الخير، مرفوعًا منها التوفيق، فلا يؤمنون ولا يهتدون، فهم لنـزعِ الله عز وجل التوفيقَ من قلوبهم والإيمانَ، يحرّفون كلام ربِّهم الذي أنـزله على نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم، وهو التوراة، فيبدّلونه، ويكتبون بأيديهم غير الذي أنـزله الله جل وعز على نبيهم، ثم يقولون لجهال الناس: (92) "
هذا هو كلام الله الذي أنـزله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم، والتوراة التي أوحاها إليه ". (93) وهذا من صفة القرون التي كانت بعد موسى من اليهود، ممن أدرك بعضُهم عصرَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن الله عزّ ذكره أدخلهم في عِدَاد الذين ابتدأ الخبر عنهم ممن أدرَك موسى منهم، إذ كانوا من أبنائهم وعلى منهاجهم في الكذب على الله، والفرية عليه، ونقض المواثيق التي أخذها عليهم في التوراة، كما:-11586 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "
يحرّفون الكلم عن مواضعه " يعني: حدود الله في التوراة، ويقولون: إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا.* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره : وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ
يعني تعالى ذكره بقوله: "
ونسوا حظًّا " وتركوا نصيبا، وهو كقوله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [سورة التوبة: 67] أي: تركوا أمر الله فتركهم الله. (94)* * *
وقد مضى بيان ذلك بشواهده في غير هذا الموضع، فأغنى ذلك عن إعادته. (95)
* * *
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
11587 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
ونسوا حظًّا مما ذكروا به " يقول: تركوا نصيبًا.11588 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن في قوله: "
ونسوا حظًّا مما ذكروا به " قال: تركوا عُرَى دينهم، ووظائفَ الله جل ثناؤه التي لا تُقْبل الأعمال إلا بها. (96).................................................
................................................ (97)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره : وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ
قال أبو جعفر: يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تزال يا محمد تَطَّلع من اليهود= الذين أنبأتك نبأهم، من نقضهم ميثاقي، ونكثهم عهدي، مع أياديَّ عندهم، ونعمتي عليهم= على مثل ذلك من الغدر والخيانة="
إلا قليلا منهم "، إلا قليلا منهم [لم يخونوا]. (98)* * *
و "
الخائنة " في هذا الموضع: الخيانة، وُضع وهو اسمٌ- موضع المصدر، كما قيل: " خاطئة "، للخطيئة (99) و " قائلة " للقيلولة.* * *
وقوله: "
إلا قليلا منهم "، استثناء من " الهاء والميم " اللتين في قوله: " على خائنة منهم ".* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
11589 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "
ولا تزال تطلع على خائنة منهم " قال: على خيانة وكذب وفجور.11590 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل وعزّ: "
ولا تزال تطلع على خائنة منهم " قال: هم يهودُ مِثْلُ الذي هموا به من النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل حائطهم.11591 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
11592 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال مجاهد وعكرمة قوله: "
ولا تزال تطلع على خائنة منهم " من يهود مثلُ الذي همُّوا بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل عليهم.* * *
وقال بعض القائلين: (100) معنى ذلك: ولا تزال تطلع على خائن منهم، قال: والعرب تزيد "
الهاء " في آخر المذكر كقولهم: " هو راوية للشعر "، و " رجل علامة "، وأنشد: (101)حَـدَّثْتَ نَفْسَـكَ بِالوَفَـاءِ ولَـمْ تَكُـنْ
لِلغَــدْرِ خَائِنَــةً مُغِــلَّ الإصْبَـعِ (102)
فقال: "
خائنة "، وهو يخاطب رجلا.* * *
قال أبو جعفر: والصواب من التأويل في ذلك، القولُ الذي رويناه عن أهل التأويل. لأنّ الله عنى بهذه الآية، القوم من يهود بني النضير الذين همُّوا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إذ أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية العامريّين، فأطلعه الله عز ذكره على ما قد همُّوا به. ثم قال جل ثناؤه بعد تعريفِه أخبار أوائلهم، وإعلامه منهج أسلافهم، وأنَّ آخرهم على منهاج أوّلهم في الغدر والخيانة، لئلا يكبُر فعلُهم ذلك على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال جل ثناؤه: ولا تزال تطَّلع من اليهود على خيانة وغدرٍ ونقضِ عهد= ولم يرد أنّه لا يزال يطلع على رجل منهم خائنٍ. وذلك أن الخبر ابتُدِئ به عن جماعتهم فقيل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ، ثم قيل: "
وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ"، فإذ كان الابتداء عن الجماعة، فالختْمُ بالجماعة أولى. (103)* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره : فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)
قال أبو جعفر: وهذ أمر من الله عز ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالعفو عن هؤلاء القوم الذين همُّوا أن يبسطوا أيديهم إليه من اليهود. يقول الله جل وعز له: اعف، يا محمد، عن هؤلاء اليهود الذين همُّوا بما هموا به من بسط أيديهم إليك وإلى أصحابك بالقتل، واصفح لهم عن جُرْمهم بترك التعرُّض لمكروههم، فإني أحب من أحسنَ العفو والصَّفح إلى من أساء إليه. (104)
* * *
وكان قتادة يقول: هذه منسوخة. ويقول: نسختها آية "
براءة ": قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ الآية [سورة التوبة: 29].11593 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "
فاعف عنهم واصفح "، قال: نسختها: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ .11594 - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة: "
فاعف عنهم واصفح إنّ الله يحب المحسنين "، ولم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمره الله عز ذكره أن يعفو عنهم ويصفح. ثم نسخ ذلك في" براءة " فقال: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [سورة التوبة: 29]، وهم أهل الكتاب، فأمر الله جل ثناؤه نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم حتى يسلموا أو يقرُّوا بالجزية.11595 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، قرأت على ابن أبي عروبة، عن قتادة، نحوه.
* * *
قال أبو جعفر: والذي قاله قتادة غير مدفوع إمكانهُ، غير أن الناسخ الذي لا شك فيه من الأمر، هو ما كان نافيًا كلَّ معاني خلافهِ الذي كان قبله، فأمَّا ما كان غير نافٍ جميعَه، فلا سبيل إلى العلم بأنه ناسخ إلا بخبر من الله جل وعز أو من رسوله صلى الله عليه وسلم. وليس في قوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ دلالةٌ على الأمر بنفي معاني الصَّفح والعفو عن اليهود.
وإذ كان ذلك كذلك= وكان جائزًا مع إقرارهم بالصَّغار وأدائهم الجزية بعد القتال، الأمرُ بالعفو عنهم في غَدْرة همُّوا بها، أو نكثةٍ عزموا عليها، ما لم يَنْصِبُوا حربًا دون أداء الجزية، (105) ويمتنعوا من الأحكام اللازمَتِهم (106) = لم يكن واجبا أن يحكم لقوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ الآية، بأنه ناسخ قوله: "
فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ".* * *
-------------------
الهوامش :
(85) السياق: "
بعد ما أريتهم من العبر والآيات.. ما أريتهم" ، وما بين الخطين فصل مفسر.(86) انظر تفسير"
النقص" فيما سلف 9: 363.(87) الأثر: 11584- في المطبوعة والمخطوطة: "
حدثنا كثير ، قال حدثنا يزيد" ، وهو خطأ ، وهو إسناد دائر في التفسير.(88) انظر تفسير"
اللعن" فيما سلف 9: 213 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.(89) انظر تفسير"
القسوة" فيما سلف 2: 233.(90) مر تخريجه فيما سلف 2: 233 ، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 158.
(91) المعاني الكبير: 1024 ، 1025 ، وأمالي القالى 1: 28 ، وسمط اللآلئ: 128 ، 931 ، واللسان (أمر) (صهل) من قصيدته في رثاء أمير المؤمنين المقتول ظلمًا ، ذي النورين عثمان بن عفان ، يقول فيها:
يَـا لَهْـفَ نَفْسِـي إنْ كَانَ الَّذِي زَعَمُوا
حَقًّـا، وَمَـاذَا يَـرُدُّ الْيَـومَ تَلْهِيفِـي!!
إِنْ كَـانَ عُثْمَــانُ أَمْسَـى فَوْقَـهُ أَمَرٌ
كَـرَاقِبِ العُـونِ فَـوْقَ القُنَّـةِ المُوفِي
"
الأمر" (بفتحتين): الحجارة. و"العون" جمع"عانة" ، وهي حمر الوحش."وراقب العون": الفحل الذي يحوطها ويحرسها على مربأة عالية ، ينتظر مغيب الشمس فيرد بها الماء.ثم يقول بعد ذلك:
يَـا بُـؤْسَ لْلأرْضِ، مَا غَالَـتْ غَوَائِلُهَا
مِـنْ حُـكْمِ عَدْلٍ وَجُودٍ غَيْرِ مَكْفُوفِ!!
عــلى جَنَابَيْـهِ مِـنْ مَظَلُومَـةٍ قِيَـمٌ
تَعَاوَرَتْهَــا مَسَــاحٍ كَالْمَنَاسِــيفِ
لَهَـا صَـوَاهَلُ فِـي صُـمِّ السِّلامِ، كَمَا
صَـاحَ القَسِـيَّاتُ فِي أَيْدِي الصَّيَارِيفِ
كَــأنَّهُنَّ بِــأَيْدِي الْقَـوْمِ فِـي كَبَـدٍ
طَـيْرٌ تَكَشـفُ عَـنْ جُـونٍ مَزَاحِيفِ
قوله: "
جنابيه" أي: جانبيه."مظلومة": حفرت ولم تكن حفرت من قبل ، يعني أرض لحده."قيم" جمع"قامة": يعني ما ارتفع من ركام تراب القبر. و"المساحي" جمع"مسحاة": وهي المجرفة من الحديد. و"المناسيف" جمع"منسفة" ، وهي آلة يقلع بها البناء وينسف ، أصلب وأشد من المسحاة. و"الصواهل" جمع"صاهلة" مصدر على"فاعلة" ، بمعنى"الصهيل": وهو صوت الخيل الشديد ، وكل صوت يشبهه. و"الصم" جمع"أصم" ، يعني أنها حجارة صلبة تصهل منها المساحي. و"السلام" (بكسر السين) الصخور. و"الصياريف"هم"الصيارف" ، وزاد الياء للإشباع. و"الكبد": الشدة. و"الجون": السود. و"مزاحيف" ، تزحف من الإعياء ، يعني إبلا قد هلكت من الإعياء. شبه المساحي بأيدي القوم وهم يحفرون قبره ، بنسور تقع على الإبل المعيية ، ثم تنهض ، ثم تعود فتسقط عليها. وكان قبر عثمان في حرة المدينة ذات الحجارة السود ، فلذلك قال: "عن جون مزاحيف".(92) في المطبوعة: "
ويقولون" ، وأثبت ما في المخطوطة.(93) انظر تفسير"
تحريف الكلم عن مواضعه" فيما سلف 2: 248/8: 430-432.(94) انظر تفسير"
النسيان" فيما سلف 2: 9 ، 476/5: 164/6: 133- 135.(95) انظر التعليق السالف ، وتفسير"
حظ" فيما سلف من فهارس اللغة.(96) "
الوظائف" جمع"وظيفة" ، وهي من كل شيء ، ما يقدر له في كل يوم من رزق أو طعام أو علف أو شراب. ثم قالوا: "وظف الشيء على نفسه توظيفا" ، أي: ألزمها إياه ، وقالوا: "عليه كل يوم وظيفة من عمل" ، أي: ما ألزم عمله في يومه هذا. وعنى الحسن بقوله"وظائف الله" ، فروضه التي ألزمها عباده في الإيمان به ، وطاعته ، وإخلاص النية له سبحانه. وهذا حرف ينبغي تقييده في كتب اللغة ، من كلام الحسن رضي الله عنه.(97) وضعت هذه النقط دلالة على سقط أو خرم في نسخ ناسخ المخطوطة. وذلك أنه كتب في أول تفسير هذا الجزء من الآية: "
ونسوا حظًا" ، ثم ساق كلام أبي جعفر إلى آخر الخبر رقم: 11588.ثم بدأ بعد ذلك هكذا: "
القول في تأويل قوله عز ذكره: "مما ذكروا به" = ثم ساق تفسير الجزء التالي من الآية ، وهو: "ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم". ولم يكتب هذا الجزء من الآية ، والتفسير تفسيرها. فاتضح من ذلك أن الناسخ نسى تفسير"مما ذكروا" فسقط منه. ولم يذكر الآية التي يفسرها كلام أبي جعفر.هذا ، وانظر معنى"التذكير" فيما سلف 5: 580/6: 62-65 ، 211.
(98) في المطبوعة ، وقف عند قوله: "إلا قليلا منهم" ، وأسقط: "إلا قليلا منهم لم يخونوا". وفي المخطوطة سقط من الناسخ"لم يخونوا" فكتب"إلا قليلا منهم ، إلا قليلا منهم". واستظهرت"لم يخونوا"ووضعتها بين قوسين ، من قوله بعد: إنه استثناء من الهاء والميم في"خائنة منهم".
(99) في المطبوعة: "خاطئة ، للخطأة" ، كأنه استنكرها ، وسيأتي في تفسير أبي جعفر 29: 33 (بولاق) في تفسير قوله تعالى: "والموتفكات بالخاطئة" ، قال ، "بالخاطئة ، يعني بالخطيئة". وهكذا كتب أبو جعفر كما ترى ، وإن كان لا يعجبني هذا التمثيل ، بل كنت أوثر أن يقول إنه مصدر جاء على فاعلة ، مثل"العافية". إلا أن يكون أبو جعفر أراد أن"الخطيئة" مصدر على"فعيلة" كالشبيبة والفضيحة ، وأشباهها ، وهي قليلة.
(100) ما أشد استنكار أبي جعفر لمقالات أبي عبيدة معمر بن المثنى ، حتى يذكره مجهلا بأساليب مختلفة!! وهذا الآتي هو نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 158.
(101) هو رجل من السواقط ، من بني أبي بكر بن كلاب. و"السواقط" هم الذين يردون اليمامة لامتياز التمر.
(102) الكامل للمبرد 1: 211 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 158 ، وإصلاح المنطق: 295 ، واللسان (صبع) (غلل) (خون). وهذا من شعر له خبر. وذلك أن هذا الشاعر لما ورد اليمامة كان معه أخ له جميل ، فنزل جارا لعمير بن سلمى ، فقال قرين أخو عمير للكلابي: "لا تردن أبياتنا بأخيك هذا" ، مخافة جماله ، فرآه قرين بين أبياتهم بعد ، وأخوه عمير غائب ، فقتله. فجاء الكلابي قبر سلمى (أبي عمير ، وقرين) فاستجار به وقال:
وَإِذَا اسْـتَجَرْتَ مِـنَ الْيَمَامَـةِ فَاسْتَجِرْ
زَيْــدَ بــن يَرْبُــوعٍ وَآلَ مُجَـمِّعِ
وَأَتَيْــتُ سُــلْمِيَّا فَعُــذْتُ بِقَـبْرِهِ
وَأَخُــو الزَّمَانَــةِ عَــائِذٌ بِـالأمْنَعِ
أَقَــرِينُ إِنَّـكَ لَـوْ رَأَيْـتَ فَوَارِسِـي
بِعَمَــايَتَيْنَ إِلَــى جَـوَانِبِ ضَلْفَـعِ
حَــدَّثْتَ نَفْسَــك ..................
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فلجأ قرين إلى وجوه بني حنيفة (وهم زيد بن يربوع ، وآل مجمع) ، فحملوا إلى الكلابي ديات مضاعفة ، فأبى أن يقبلها. فلما قدم عمير ، فقالت له أمه: "لا تقتل أخاك ، وسق إلى الكلابي جميع ماله" ، فأبى الكلابي أن يقبل. فأخذ عمير أخاه قرينًا فقتله ، وقال:
قَتَلْنَــا أَخَانَــا لِلْوَفَــاءِ بِجَارِنَــا
وَكَــانَ أَبُونَـا قَـدْ تُجِـيرُ مَقـابِرُهْ
وقالت أم عمير لعمير:
تَعُــدُّ مَعَــاذِرًا لا عُــذْرَ فِيهَــا
وَمَــنْ يَقْتُــلْ أَخَــاهُ فَقَـدْ أَلاَمَـا
وقوله: "أخو الزمانة" ، هي العاهة ، يريد ضعفه عن درك ثأره. و"عمايتان" و"ضلفع" مواضع من بلاد هذا الكلابي. وقوله"مغل الإصبع" ، كناية عن الخيانة والسرقة."أغل يغل": خان الأمانة خلسة. ويقول بعضهم: "مغل الإصبع" ، منصوب على النداء.
(103) في المطبوعة: "فلتختم بالجماعة أولى" ، ولست أدري فيم يغير الصواب المستقيم!
(104) انظر تفسير"العفو" فيما سلف من فهارس اللغة = وتفسير"الصفح" فيما سلف 2: 503 = وتفسير"المحسنين" ، فيما سلف من فهارس اللغة.
(105) في المطبوعة: "ما لم يصيبوا حربًا" ، والصواب المحض من المخطوطة. يقال: "نصب له الحرب نصبًا": وضعها وأظهرها ، وأعلنها. و"ناصبه الحرب والعداوة": أي أظهرها ولج في إظهارها.
(106) في المطبوعة: "اللازمة منهم" ، غير صواب المخطوطة ، إلى ما درج عليه كلام أمثاله ، وقد مضى مثل ذلك مرارًا ، ومضى مثل ذلك من فعل الناشر.
- ابن عاشور : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
قوله : { فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم } قد تقدّم الكلام على نظيره في قوله تعالى : { فبما نقضهم ميثاقهم وكفرِهم } [ النساء : 155 ] ، وقوله : { فبظلم من الّذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات } في سورة النّساء ( 160 ) .
واللعن هو الإبعاد ، والمراد هنا الإبعادُ من رحمة الله تعالى ومن هديه إذ استوجبوا غضب الله لأجل نقض الميثاق .
وجَعلنا قلوبهم قاسية } قساوة القلب مجاز ، إذْ أصلها الصلابة والشدّة ، فاستعيرت لعدم تأثّر القلوب بالمواعظ والنذر . وقد تقدّم في قوله تعالى : { ثمّ قست قلوبكم من بعد ذلك } [ البقرة : 74 ] . وقرأ الجمهور : { قاسية } بصيغة اسم الفاعل . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف : { قَسِيَّة } فيكون بوزن فَعِيلة من قَسَا يَقْسو .
وجملة { يُحرّفون الكَلِم عن مواضعه } استئناف أو حال من ضمير { لَعنّاهم } . والتحريف : الميل بالشيء إلى الحرف ، والحرف هو الجانب . وقد كثر في كلام العرب استعارة معاني السير وما يتعلّق به إلى معاني العمل والهُدى وضدّه؛ فمن ذلك قولهم : السلوك ، والسيرة؛ والسعي؛ ومن ذلك قولهم : الصراط المستقيم ، وصراطاً سوياً ، وسواء السبيل ، وجادّة الطريق ، والطريقة الواضحة ، وسواء الطريق؛ وفي عكس ذلك قالوا : المراوغة ، والانحراف ، وقالوا : بنيَّات الطريق ، ويعْبُد الله على حرف ، ويشعِّبُ الأمور . وكذلك ما هنا ، أي يعدلون بالكلم النبويّة عن مواضعها فيسيرون بها في غير مسالكها ، وهو تبديل معاني كتبهم السماوية . وهذا التحريف يكون غالباً بسوء التأويل اتّباعاً للهوى ، ويكون بكتمان أحكام كثيرة مجاراة لأهواة العامّة ، قيل : ويكون بتبديل ألفاظ كتبهم . وعن ابن عبّاس : ما يدلّ على أنّ التحريف فساد التأويل . وقد تقدّم القول في ذلك عند قوله تعالى : { من الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه } في سورة النساء ( 46 ) . وجيء بالمضارع للدلالة على استمرارهم .
وجملة ونسوا حظّاً } معطوفة على جملة { يحرّفون } . والنسيان مراد به الإهمال المفضي إلى النسيان غالباً . وعبّر عنه بالفعل الماضي لأنّ النسيان لا يتجدّد ، فإذا حصل مضى ، حتّى يُذكّره مُذكِّر . وهو وإن كان مراداً به الإهمال فإنّ في صوغه بصيغة الماضي ترشيحاً للاستعارة أو الكناية لتهاونهم بالذكرى .
والحظّ النصيب ، وتنكيره هنا للتعظيم أو التكثير بقرينة الذمّ . وما ذكّروا به هو التّوراة .
وقد جمعت الآية من الدلائل على قلّة اكتراثهم بالدّين ورقّة اتِّباعهم ثلاثة أصول من ذلك : وهي التعمّد إلى نقض ما عاهدوا عليه من الامتثال ، والغرور بسوء التأويل ، والنسيان الناشىءُ عن قلّة تعهّد الدّين وقلّة الاهتمام به .
والمقصود من هذا أن نعتبر بحالهم ونتّعظ من الوقوع في مثلها . وقد حاط علماء الإسلام رضي الله عنهم هذا الدّين من كلّ مسارب التحريف ، فميّزوا الأحكام المنصوصة والمقيسة ووضعوا ألقاباً للتمييز بينها ، ولذلك قالوا في الحكم الثابت بالقياس : يجوز أن يقال : هو دين الله ، ولا يجوز أن يُقال : قاله الله .
وقوله : { ولا تزال تطّلع على خائنة منهم } انتقال من ذكر نقضهم لعهد الله إلى خيسهم بعهدهم مع النّبيء صلى الله عليه وسلم وفِعل { لا تزال } يدلّ على استمرار ، لأنّ المضارع للدلالة على استمرار الفعل لأنّه في قوة أن يقال : يدوم اطّلاعك . فالاطّلاع مجاز مشهور في العلم بالأمر ، والاطّلاع هنا كناية عن المطّلع عليه ، أي لا يزالون يخونون فتطّلع على خيانتهم .
والاطّلاع افتعال من طَلع . والطلوع : الصعود . وصيغة الافتعال فيه لمجرّد المبالغة ، إذ ليس فعله متعدّياً حتّى يصاغ له مطاوع ، فاطّلع بمنزلة تطّلع ، أي تكلّف الطلوع لقصد الإشراف . والمعنى : ولا تزال تكشف وتشاهد خائنة منهم .
والخائنة : الخيانة فهو مصدر على وزن الفاعلة ، كالعاقبة ، والطاغية . ومنه { يعلم خائنة الأعين } [ غافر : 19 ] . وأصْل الخيانة : عدم الوفاء بالعهد ، ولعلّ أصلها إظهار خلاف الباطن . وقيل : { خائنة } صفة لمحذوف ، أي فرقة خائنة .
واستثنى قليلاً منهم جُبلوا على الوفاء ، وقد نقض يهود المدينة عهدهم مع رسول الله والمسلمين فظاهروا المشركين في وقعة الأحزاب ، قال تعالى : { وأنزَل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم } [ الأحزاب : 26 ] . وأمْره بالعفو عنهم والصفح حمل على مكارم الأخلاق ، وذلك فيما يرجع إلى سوء معاملتهم للنّبيء صلى الله عليه وسلم وليس المقام مقام ذكر المناواة القومية أو الدّينية ، فلا يعارض هذا قوله في براءة { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } [ التوبة : 29 ] لأنّ تلك أحكام التصرّفات العامّة ، فلا حاجة إلى القول بأنّ هذه الآية نسخت بآية براءة .
- إعراب القرآن : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
«فَبِما نَقْضِهِمْ» جار ومجرور متعلقان بلعناهم وما زائدة «مِيثاقَهُمْ» مفعول به للمصدر قبله «لَعَنَّاهُمْ» فعل ماض وفاعل ومفعول به «وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً» قاسية مفعول به ثان والجملة معطوفة «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ» الجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة في محل نصب حال «وَنَسُوا حَظًّا» الجملة معطوفة «مِمَّا» متعلقان بمحذوف صفة حظا «ذُكِّرُوا بِهِ» ذكروا فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور والواو نائب فاعله والجملة صلة الموصول. «وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ» لا تزال مضارع ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره : أنت وجملة تطلع خبرها «مِنْهُمْ» متعلقان بخائنة «إِلَّا» أداة استثناء «قَلِيلًا» مستثنى منصوب تعلق به الجار والمجرور بعده. «فَاعْفُ عَنْهُمْ» اعف فعل أمر مبني على حذف حرف العلة تعلق به الجار والمجرور بعده والفاعل أنت والفاء هي الفصيحة والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها.
«وَاصْفَحْ» عطف «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» الجملة تعليلية لا محل لها. وجملة «يُحِبُّ» خبر إن.
- English - Sahih International : So for their breaking of the covenant We cursed them and made their hearts hard They distort words from their [proper] usages and have forgotten a portion of that of which they were reminded And you will still observe deceit among them except a few of them But pardon them and overlook [their misdeeds] Indeed Allah loves the doers of good
- English - Tafheem -Maududi : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(5:13) Then, for their breach of the covenant We cast them away from Our mercy and caused their hearts to harden. (And now they are in such a state that) they pervert the words from their context and thus distort their meaning, and have forgotten a good portion of the teaching they were imparted, and regarding all except a few of them you continue to learn that they committed acts of treachery. Pardon them, then, and overlook their deeds. Surely Allah loves those who do good deeds.
- Français - Hamidullah : Et puis à cause de leur violation de l'engagement Nous les avons maudits et endurci leurs cœurs ils détournent les paroles de leur sens et oublient une partie de ce qui leur a été rappelé Tu ne cesseras de découvrir leur trahison sauf d'un petit nombre d'entre eux Pardonne-leur donc et oublie [leurs fautes] Car Allah aime certes les bienfaisants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Dafür daß sie ihr Abkommen brachen haben Wir sie verflucht und ihre Herzen hart gemacht Sie verdrehen den Sinn der Worte und sie haben einen Teil von dem vergessen womit sie ermahnt worden waren Und du wirst immer wieder Verrat von ihnen erfahren - bis auf wenige von ihnen Aber verzeihe ihnen und übe Nachsicht Gewiß Allah liebt die Gutes Tuenden
- Spanish - Cortes : Por haber violado su pacto les hemos maldecido y hemos endurecido sus corazones Alteran el sentido de las palabras; olvidan parte de lo que se les recordó Siempre descubrirás en ellos alguna traición salvo en unos pocos ¡Borra sus faltas perdónales Alá ama a quienes hacen el bien
- Português - El Hayek : Porém pela violação de sua promessa amaldiçoamolos e endurecemos os seus corações Eles deturparam as palavras do Livro e se esqueceram de grande parte que lhes foi revelado; não cessas de descobrir a perfídia de todos eles salvo deuma pequena parte; porém indultaos e perdoalhes os erros porque Deus aprecia os benfeitores
- Россию - Кулиев : За то что они нарушили завет Мы прокляли их и ожесточили их сердца Они искажают слова меняя их местами и забыли долю из того чему их научили Ты всегда будешь обнаруживать их измену за исключением некоторых из них Прости же их и будь великодушен ведь Аллах любит творящих добро
- Кулиев -ас-Саади : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
За то, что они нарушили завет, Мы прокляли их и ожесточили их сердца. Они искажают слова, меняя их местами, и забыли долю из того, чему их научили. Ты всегда будешь обнаруживать их измену, за исключением некоторых из них. Прости же их и будь великодушен, ведь Аллах любит творящих добро.Сыны Исраила нарушили обещание, и поэтому Аллах подверг их сразу нескольким наказаниям. Во-первых, Он проклял их и отдалил от Своей милости. Они закрыли перед собой врата милости, когда не выполнили обещание, данное Аллаху, поскольку выполнение его является величайшим фактором, позволяющим заслужить Божью милость. Во-вторых, Он ожесточил их сердца настолько, что никакие проповеди и увещевания уже не приносили им пользы. Божьи знамения и назидания не воздействовали на них, горячие призывы не пробуждали в них никакого желания, а устрашающие речи не вселяли в них страха. Это - одно из величайших наказаний, которым только может быть подвергнут раб, поскольку его сердце оказывается в таком состоянии, когда даже верное руководство и добрые наставления не приумножают в нем ничего, кроме зла. В-третьих, они подверглись искушению и принялись искажать слова Аллаха и тот смысл, который в них вложили Аллах и Его посланник. В-четвертых, они забыли большую часть того, что им было сообщено. Это означает, что они предали забвению и потеряли многое из того, что было ниспослано в Торе, и того, что было внушено пророку Мусе. Аллах заставил их забыть многое из этого в наказание за то, что они натворили. Это также означает, что они перестали выполнять ниспосланные предписания и не были вдохновлены на выполнение возложенных на них обязанностей. Таким образом, если люди Писания отрицают некоторые откровения, которые были ниспосланы в их Писании, или некоторые события, произошедшие в те времена, то эти сведения относятся к тем, которые они предали забвению. В-пятых, они были обречены на совершение предательских и вероломных поступков. Поэтому они изменяют Аллаху и предают Его верующих рабов. Одним из самых ужасных проявлений их измены и предательства является сокрытие истины от тех, кто относится к ним с доверием. Они желают, чтобы люди оставались неверующими, и это - великое предательство с их стороны. Эти порочные качества присущи каждому, кто уподобляется сынам Исраила. Если человек не совершает того, что ему приказал совершать Аллах, и не выполняет взятых на себя обязательств, то он обрекает себя на проклятие, а его сердце становится черствым. Он уступает искушению и начинает искажать слова своего Господа. Аллах не помогает ему найти прямой путь, и он забывает многое из того, чем его увещевали. Наряду с этим такой человек обязательно оказывается предателем и изменником. Мы же просим Аллаха уберечь нас от этого! Всевышний назвал религиозные назидания долей, потому что они являются самой славной частью того, что выпадает на долю человека. Все остальные блага являются его мирской долей. Всевышний сказал: «Он вышел к своему народу в своих украшениях. Те, которые желали мирской жизни, сказали: “Вот если бы у нас было то, что даровано Каруну (Корею)! Воистину, он обладает великой долей”» (28:79). Говоря о доле, которая приносит человеку пользу, Всевышний Аллах сказал: «Но не будет это даровано никому, кроме тех, кто проявляет терпение, и не будет это даровано никому, кроме тех, кто обладает великой долей» (41:35). Затем Он сказал, что лишь некоторые из иудеев остались верны завету. Господь оказал им поддержку и повел их прямым путем. Затем Аллах приказал Своему посланнику, да благословит его Аллах и приветствует, прощать им обиды и оскорбления, которые они наносили ему и которые можно было простить им, потому что великодушие - это добродетель, а ведь Аллах любит творящих добро. Под добродетелью в отношениях с Аллахом подразумевается поклонение Ему так, словно человек видит Его, и даже если он не видит Его, то ведь Аллах видит его. А под добродетелью по отношению к творениям подразумевается стремление принести им пользу в духовных и мирских делах.
- Turkish - Diyanet Isleri : Sözlerini bozdukları için onlara lanet ettik kalblerini katılaştırdık Onlar sözleri yerlerinden değiştirirler Kendilerine belletilenin bir kısmını unuttular İçlerinden pek azından başkasının daima hainliklerini görürsün onları affet ve geç Allah iyilik yapanları şüphesiz sever
- Italiano - Piccardo : Ma essi ruppero l'alleanza e Noi li maledicemmo e indurimmo i loro cuori stravolgono il senso delle parole e dimenticano gran parte di quello che è stato loro rivelato Non cesserai di scoprire tradimenti da parte loro eccetto alcuni Sii indulgente con loro e dimentica Allah ama i magnanimi
- كوردى - برهان محمد أمين : جا بههۆی ئهوهوه که نهوهی ئیسرائیل بهردهوام پهیمان و بهڵێنهکانیان دهشکاند نهفرهتمان لێکردن و دڵهکانیانمان ڕهق و سهخت و ڕهش کرد چونکه یهکێک له سیفهتیان ئهوهیه که قسه له جێی خۆیدا ناکهن و جێی دهگۆڕن به ئارهزووی خۆیان دهستکاریی تهوراتیشیان کردووه ههروهها بهشێک لهو شتانهی که یاداوهری بوو بۆیان فهرامۆشیان کردو بهردهوام دهبینیت و بۆت دهردهکهوێت که زۆربهیان خیانهتکارو دوژمنکارن مهگهر کهمێکیان نهبێت لهگهڵ ئهوهشدا قهیناکات ههر لێیان خۆش ببهو چاوپۆشیان لێ بکه چونکه بهڕاستی خوا چاکهکارانی خۆشدهوێت
- اردو - جالندربرى : تو ان لوگوں کے عہد توڑ دینے کے سبب ہم نے ان پر لعنت کی اور ان کے دلوں کو سخت کر دیا یہ لوگ کلمات کتاب کو اپنے مقامات سے بدل دیتے ہیں اور جن باتوں کی ان کو نصیحت کی گئی تھی ان کا بھی ایک حصہ فراموش کر بیٹھے اور تھوڑے ادمیوں کے سوا ہمیشہ تم ان کی ایک نہ ایک خیانت کی خبر پاتے رہتے ہو تو ان کی خطائیں معاف کردو اور ان سے درگزر کرو کہ خدا احسان کرنے والوں کو دوست رکھتا ہے
- Bosanski - Korkut : Ali zato što su zavjet svoj prekršili Mi smo ih prokleli i srca njihova okrutnim učinili Oni su riječi s mjesta na kojima su bile uklanjali a dobar dio onoga čime su bili opominjani izostavili I ti ćeš kod njih osim malo njih neprestano na vjerolomstvo nailaziti ali im oprosti i ne karaj ih – Allah uistinu voli one koji čine dobro
- Swedish - Bernström : När de sedan svek sina löften fördömde Vi dem och lät deras hjärtan hårdna De förvränger [uppenbarelsens] ord och bryter ut dem ur deras sammanhang och de har glömt en del av det som de förmanades att lägga på minnet Och du kommer om och om igen att möta trolöshet och svek från deras sida utom hos ett fåtal men förlåt dem och glöm [vad de gjort] Gud älskar dem som gör gott [mot andra]
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Tetapi karena mereka melanggar janjinya Kami kutuki mereka dan Kami jadikan hati mereka keras membatu Mereka suka merubah perkataan Allah dari tempattempatnya dan mereka sengaja melupakan sebagian dari apa yang mereka telah diperingatkan dengannya dan kamu Muhammad senantiasa akan melihat kekhianatan dari mereka kecuali sedikit diantara mereka yang tidak berkhianat maka maafkanlah mereka dan biarkan mereka sesungguhnya Allah menyukai orangorang yang berbuat baik
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
(Maka disebabkan mereka melanggar) maa merupakan tambahan (janji itu, Kami kutuk mereka) artinya Kami jauhkan dari rahmat Kami (dan Kami jadikan hati mereka keras) tak hendak lunak untuk menerima keimanan. (Mereka ubah perkataan-perkataan)yang terdapat dalam Taurat berupa sifat-sifat dan ciri-ciri Muhammad (dari tempat-tempatnya) semula yang ditaruh oleh Allah (dan mereka lupakan) tinggalkan (sebagian dari peringatan-peringatan yang telah disampaikan kepada mereka) dalam Taurat mengenai ketaatan kepada Muhammad. (Dan selalulah kamu) perkataan ditujukan kepada Nabi saw. (melihat) secara jelas (pengkhianatan dari mereka) dengan mengingkari janji dan lain-lain (kecuali sedikit di antara mereka) yang masuk Islam. (Maka maafkanlah mereka itu dan biarkanlah, sesungguhnya Allah menyukai orang-orang yang berbuat baik) ini dimansukh oleh ayat perang.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : অতএব তাদের অঙ্গীকার ভঙ্গের দরুন আমি তাদের উপর অভিসম্পাত করেছি এবং তাদের অন্তরকে কঠোর করে দিয়েছি। তারা কালামকে তার স্থান থেকে বিচ্যুত করে দেয় এবং তাদেরকে যে উপদেশ দেয়া হয়েছিল তারা তা থেকে উপকার লাভ করার বিষয়টি বিস্মৃত হয়েছে। আপনি সর্বদা তাদের কোন না কোন প্রতারণা সম্পর্কে অবগত হতে থাকেন তাদের অল্প কয়েকজন ছাড়া। অতএব আপনি তাদেরকে ক্ষমা করুন এবং মার্জনা করুন। আল্লাহ অনুগ্রহকারীদেরকে ভালবাসেন।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அப்பால் அவர்கள் தம் உடன்படிக்கையை முறித்து விட்டதால் நாம் அவர்களைச் சபித்தோம்; அவர்களுடைய இருதயங்களை இறுகச் செய்தோம்; இறைவசனங்களை அதற்குரிய சரியான இடங்களிலிருந்து அவர்கள் மாற்றுகிறார்கள் அவர்களுக்கு வழங்கப்பட்டிருந்த போதனையின் பெரும் பகுதியை மறந்து விட்டார்கள்; ஆகவே அவர்களில் சிலரைத் தவிர அவர்களில் பெரும்பாலோரின் மோசடியைப் பற்றி நபியே நீர் தவறாமல் கண்டு கொண்டே இருப்பீர் எனவே நீர் அவர்களை மன்னத்துப் புறக்கணித்து விடுவீராக மெய்யாகவே நன்மை செய்வோரை அல்லாஹ் நேசிக்கிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : แต่เนื่องจากการที่พวกเขาทำลายสัญญาของพวกเขา เราจึงได้ให้พวกเขาห่างไกลจากความกรุณาเมตตาของเราและให้หัวใจของพวกเขาแข็งกระด้าง พวกเขากระทำการบิดเบือน บรรดาถ้อยคำให้เฉออกจากตำแหน่งของมัน และลืมส่วนหนึ่งจากสิ่งที่พวกเขาถูกเตือนไว้ และเจ้า ก็ยังคงมองเห็นอยู่ในการคดโกงจากพวกเขานอกจากเพียงเล็กน้อยในหมู่พวกเขาเท่านั้น จงอภัยให้แก่พวกเขาเถิด และเมินหน้าเสีย แท้จริงอัลลอฮ์นั้นทรงชอบผู้ทำดีทั้งหลาย
- Uzbek - Мухаммад Содик : Аҳдларини бузганлари учун уларни лаънатладик ва қалбларини қаттиқ қилдик Улар калималарни ўз ўрнидан ўзгартирдилар Ўзларига эслатма бўлган нарсадан кўп насибани унутдилар Уларнинг озгиналаридан бошқаларидан мудом хиёнат кўрасан Бас уларни авф эт ва айбларини ўтиб юбор Албатта Аллоҳ яхшилик қилувчиларни севади Бани Исроил яҳудийлигига борди Ҳатто Аллоҳ таоло билан бўлган аҳдномани ҳам бузди Уни бажо келтирмади Намозни қоим қилмади Намоз деб аталмиш улуғ ибодатни Аллоҳ айтганидек эмас ўзлари хоҳлаганларидек бузиб адо этадиган бўлишди Закот бериш у ёқда турсин ҳамма иқтисодий алоқаларга ҳаромхаришни қўшдилар Одамларнинг молини ботил йўл билан ейишни жорий қилдилар Аллоҳнинг барча Пайғамбарларига бирдай иймон келтиришмади аксинча уларнинг кўпчилигини ҳақорат қилдилар Ҳатто Закариё Яҳё алайҳиссаломларга ўхшашларини ўлдиришгача бориб етдилар Исо алайҳиссаломни ўлдирдик деб даъво қилдилар Охирги Пайғамбар Муҳаммадни с а в ҳам ўлдиришга ҳаракат қилдилар Аллоҳга яхши қарз бериш тугул бандага ҳам яхши қарз бермадилар Қарз беришда рибохўрликни бутун дунё бўйича йўлга қўйдилар
- 中国语文 - Ma Jian : 只为他们破坏盟约,我弃绝了他们,并使他们的心变成坚硬的;他们篡改经文,并抛弃自己所受的一部分劝戒。除他们中的少数人外,你常常发见他们奸诈,故你当饶恕他们,原谅他们。真主确是喜爱行善者的。
- Melayu - Basmeih : Maka dengan sebab mereka mencabuli perjanjian setia mereka Kami laknatkan mereka dan Kami jadikan hati mereka keras membatu tidak mahu menerima kebenaran Mereka sentiasa mengubah Kalimahkalimah yang ada di dalam kitab Taurat dengan memutarnya dari tempattempatnya dan maksudnya yang sebenar dan mereka melupakan meninggalkan sebahagian dari apa yang diperingatkan mereka mereka dengannya Dan engkau wahai Muhammad sentiasa dapat melihat perbuatan khianat yang mereka lakukan kecuali sedikit dari mereka yang tidak berlaku khianat Oleh itu maafkanlah mereka jika mereka sedia bertaubat dan janganlah dihiraukan kerana sesungguhnya Allah suka kepada orangorang yang berusaha supaya baik amalannya
- Somali - Abduh : Burintooda Ballankooda Yuhuud yaan u Lacnadnay kana Yeellay Quluubtooda mid Ingagan iyagoo ka leexin Kalimada meejeeda waxayna halmaameen qayb ka mid wixii lagu waaniyey kamana waydid Xaggooda inaad ku aragtid Khayaamo wax yar mooyee ee iska Cafi iskana Saamax Eebe wuxuu Jecelyahay samo Falayaashee
- Hausa - Gumi : To sabõda warwarewarsu ga alkawarinsu Muka la'ane su kuma Muka sanya zukãtansu ƙeƙasassu sunã karkatar da magana daga wurãrenta kuma suka manta da wani yanki daga abin da aka tunãtar da su da shi kuma bã zã ka gushe ba kana tsinkãyar yaudara daga gare su fãce kaɗan daga gare su To ka yãfe laifi daga gare su kuma ka kau da kai Lalle ne Allah Yanã son mãsu kyautatãwa
- Swahili - Al-Barwani : Basi kwa sababu ya kuvunja agano lao tuliwalaani na tukazifanya nyoyo zao kuwa ngumu Wanayabadilisha maneno kutoka pahala pake na wamesahau sehemu ya yale waliyo kumbushwa Na huachi kuvumbua khiana kutokana nao isipo kuwa wachache miongoni mwao Basi wasamehe na waache Hakika Mwenyezi Mungu huwapenda wafanyao wema
- Shqiptar - Efendi Nahi : Për shkak se ata e thyen obligimin e tyre Na i mallkuam ata dhe ua forcuam si gur zemrat e tyre Ata ngatërrojnë rendin e fjalëve nga vendet e tyre duke harruar një pjesë nga ato këshilla Ti përherë do të vërejsh tradhëtinë e tyre përpos një pakice të tyre pra falju atyre fajet dhe mos i qorto Se Perëndia i don bamirësat
- فارسى - آیتی : و اهل كتاب -جز اندكى از آنها- چون پيمانشان را شكستند، لعنتشان كرديم و دلهايشان را سخت گردانيديم. كلمات را از معنى خود منحرف مىسازند و از آن پند كه به ايشان داده شده بود بهره خويش فراموش كردهاند. و همواره از كارهاى خائنانهشان آگاه مىشوى. عفوشان كن و از گناهشان درگذر كه خدا نيكوكاران را دوست مىدارد.
- tajeki - Оятӣ : Ва аҳли китоб, ҷуз андаке аз онҳо, чун паймонашонро шикастанд, лаънаташон кардем ва дилҳояшонро сахт гардонидем. Калимотро аз маънии худ тағйир месозанд ва аз он панд, ки ба онҳо дода шуда буд, насиби хеш фаромӯш кардаанд ва ҳамеша аз корҳои хоинонаашон огоҳ мешавӣ. Афвашон кун ва аз гуноҳашон даргузар, ки Худо некӯкоронро дӯст медорад.
- Uyghur - محمد صالح : ئەھدىنى بۇزغانلىقلىرى ئۈچۈن ئۇلارنى رەھمىتىمىزدىن يىراق قىلدۇق، ئۇلارنىڭ دىللىرىنى (ئىماننى قوبۇل قىلىشقا يۇمشىمايدىغان دەرىجىدە) قاتتىق قىلدۇق، ئۇلار (تەۋراتنىڭ) سۆزلىرىنى ئۆزگەرتىۋېتىدۇ، ئۇلار (تەۋراتتا) ئۆزلىرى ئۈچۈن قىلىنغان نەسىھەتنىڭ بىر قىسمىنى ئۇنتۇدى. (ئى مۇھەممەد!) ئۇلارنىڭ ئازغىنىسىدىن باشقىسىنىڭ خىيانەت قىلغانلىقىنى بايقاپ تۇرىسەن، (ئەگەر تەۋبە قىلسا) ئۇلارنى ئەپۇ قىلغىن، (ئەگەر ئىمان ئېيتسا) ئۇلارنى كەچۈرگىن، اﷲ ھەقىقەتەن ياخشىلىق قىلغۇچىلارنى دوست تۇتىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : പിന്നീട് അവരുടെ കരാര് ലംഘനം കാരണമായി നാമവരെ ശപിച്ചു. അവരുടെ ഹൃദയങ്ങളെ കഠിനമാക്കുകയും ചെയ്തു. അവര് വേദവാക്യങ്ങള് വളച്ചൊടിക്കുന്നു. നാം നല്കിയ ഉദ്ബോധനങ്ങളില് വലിയൊരു ഭാഗം മറക്കുകയും ചെയ്തു. അവരില് അല്പം ചിലരൊഴിച്ച് ബാക്കിയുള്ളവരൊക്കെ ചെയ്തുകൊണ്ടിരിക്കുന്ന വഞ്ചന നീ കണ്ടുകൊണ്ടേയിരിക്കും. അതിനാല് നീ അവര്ക്ക് മാപ്പേകുക. അവരോടു വിട്ടുവീഴ്ച കാണിക്കുക. നന്മ ചെയ്യുന്നവരെ അല്ലാഹു ഇഷ്ടപ്പെടും; തീര്ച്ച.
- عربى - التفسير الميسر : فبسبب نقض هولاء اليهود لعهودهم الموكده طردناهم من رحمتنا وجعلنا قلوبهم غليظه لا تلين للايمان يبدلون كلام الله الذي انزله على موسى وهو التوراه وتركوا نصيبا مما ذكروا به فلم يعملوا به ولا تزال ايها الرسول تجد من اليهود خيانه وغدرا فهم على منهاج اسلافهم الا قليلا منهم فاعف عن سوء معاملتهم لك واصفح عنهم فان الله يحب من احسن العفو والصفح الى من اساء اليه وهكذا يجد اهل الزيغ سبيلا الى مقاصدهم السيئه بتحريف كلام الله وتاويله على غير وجهه فان عجزوا عن التحريف والتاويل تركوا ما لا يتفق مع اهوائهم من شرع الله الذي لا يثبت عليه الا القليل ممن عصمه الله منهم