- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذْنَا مِيثَٰقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
- عربى - نصوص الآيات : ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ۚ وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون
- عربى - التفسير الميسر : وأخذنا على الذين ادَّعوا أنهم أتباع المسيح عيسى -وليسوا كذلك- العهد المؤكد الذي أخذناه على بني إسرائيل: بأن يُتابعوا رسولهم وينصروه ويؤازروه، فبدَّلوا دينهم، وتركوا نصيبًا مما ذكروا به، فلم يعملوا به، كما صنع اليهود، فألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يوم الحساب، وسيعاقبهم على صنيعهم.
- السعدى : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
أي: وكما أخذنا على اليهود العهد والميثاق، فكذلك أخذنا على { الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ْ} لعيسى ابن مريم، وزكوا أنفسهم بالإيمان بالله ورسله وما جاءوا به، فنقضوا العهد، { فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ْ} نسيانا علميا، ونسيانا عمليا. { فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ْ} أي: سلطنا بعضهم على بعض، وصار بينهم من الشرور والإحن ما يقتضي بغض بعضهم بعضا ومعاداة بعضهم بعضا إلى يوم القيامة، وهذا أمر مشاهد، فإن النصارى لم يزالوا ولا يزالون في بغض وعداوة وشقاق. { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ْ} فيعاقبهم عليه.
- الوسيط لطنطاوي : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
وقوله- تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى معطوف على قوله قبل ذلك: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ.
ونسب- سبحانه- تسميتهم نصارى إلى أنفسهم فقال: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى جمع نصران كندامى جمع ندمان، ولم يستعمل نصران إلا بياء النسب. وقد صارت كلمة نصراني لكل من اعتنق المسيحية.
وقد سموا بذلك لدعواهم أنهم أنصار عيسى على أعدائهم. أو نسبة إلى بلدة الناصرة التي فيها نشأ عيسى- عليه السلام- وأعلن دعوته للناس.
والمعنى: وكما أخذنا على بنى إسرائيل الميثاق بأن يعبدوا الله وحده ويطيعوا أنبياءه، ويستجيبوا لمحمد صلّى الله عليه وسلّم الذي بشرت به الكتب السماوية، فقد أخذنا- أيضا- من الذين قالوا إنا نصارى الميثاق بذلك، ولكنهم كان شأنهم في الكفر ونقض العهود كشأن اليهود، إذ ترك هؤلاء الذين قالوا إنا نصارى قدرا كبيرا، ونصيبا عظيما مما ذكروا به على لسان عيسى عليه السلام- فقد أمرهم بتوحيد الله، وبشرهم بظهور رسول من بعده هو محمد صلّى الله عليه وسلّم ودعاهم إلى الإيمان به، ولكنهم استحبوا الكفر على الإيمان، فكان دأبهم كدأب بنى إسرائيل في العناد والضلال.
ونسب- سبحانه- تسميتهم نصارى إلى أنفسهم فقال: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ولم يقل: «ومن النصارى» للإشارة إلى أن ادعاءهم النصرانية وهي الدين الذي جاء به عيسى.
إنما هو قول يقولونه بأفواههم دون أن يتبعوه بقلوبهم إذ لو كانوا متبعين حقا لما جاء به عيسى عليه السلام- لأقروا لله- تعالى- بالوحدانية ولآمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم الذي بشر به عيسى- عليه السلام-.
وإلى هذا المعنى أشار- صاحب الكشاف بقوله: فإن قلت: فهلا قيل: ومن النصارى؟
قلت: لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصرة الله، وهم الذين قالوا لعيسى: نحن أنصار الله. ثم اختلفوا بعد: نسطورية، ويعقوبية، وملكانية، أنصارا للشيطان».
وقوله- تعالى: وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ بيان لما حدث منهم بعد أخذ الميثاق.
أى: أخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم على أن يعبدوا الله وحده ويطيعوا أنبياءه ورسله ولكنهم لم يكونوا أوفياء بعهودهم، بل تركوا نصيبا كبيرا مما أمروا بفعله ومما ذكروا به على لسان المسيح عيسى بن مريم. والمراد بالنسيان هنا الترك والإهمال عن تعمد وقصد، لأن الناسي حقيقة لا يؤاخذه الله- تعالى-:
والإتيان بالفاء في قوله: فَنَسُوا للإشارة إلى أن تركهم لما أخذ عليهم من ميثاق، كان عن تعجل وعدم تمهل بسبب استيلاء الأهواء والشهوات على نفوسهم.
والتنكير في قوله تعالى: حَظًّا للتهويل والتكثير. أى تركوا نصيبا كبيرا مما أمرتهم به شريعتهم من وجوب اتباعهم للحق وإيمانهم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم عند ظهوره فكان تركهم لهذا النصيب العظيم مما ذكروا به سببا في ضلالهم وسوء عاقبتهم.
قال بعض العلماء: «وسبب نسيان حظ أى نصيب كبير مما ذكروا به، هو اضطهاد النصارى اضطهادا شديدا في عهد الرومان حتى ضاعت كتبهم ولم يعرف شيء منها إلا قليل غير سليم بعد مائتي سنة من ترك المسيح هذه الدنيا. وما ظهرت هذه الأناجيل التي يتدارسونها- ولا يزالون يغيرون ويبدلون فيها على حسب الطبعات المختلفة- إلا بعد أن دخل قسطنطين أمبراطور الرومان في المسيحية، وغير وبدل في مجمع نيقية الذي انعقد في سنة 325 ميلادية.
وقد ذهب لب الديانة وهو التوحيد» .
وقوله: فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وعيد شديد لهم بسبب تركهم لما أرشدوا إليه، ولما ذكروا به.
فالفاء في قوله- تعالى- فَأَغْرَيْنا للسببية وأغرينا أى: ألقينا وهيجنا وألصقنا. يقال:
أغريت فلانا بكذا حتى أغرى به، أى: ألزمته به وألصقته وأصل ذلك من الغراء وهو ما يلتصق به الشيء.
وقوله: بَيْنَهُمُ ظرف لأغرينا. والضمير فيه يعود إلى فرق النصارى المتعددة عند جمهور المفسرين.
والمعنى: بسبب ترك هؤلاء الذين قالوا إنا نصارى لما ذكروا به فرقناهم شيعا وأحزابا وجعلنا كل فرقة منهم تعادى الأخرى وتبغضها إلى يوم القيامة.
ويرى بعضهم أن الضمير في قوله: بَيْنَهُمُ تعود إلى اليهود والنصارى، فيكون المعنى:
بسبب ما عليه الطائفتان من عناد وضلال، ألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، فهم في عداوة شديدة، وكراهية مستحكمة.
وقد رجح ابن جرير عودة الضمير إلى فرق النصارى فقال:
وأولى التأويلين بالآية عندي: ما قاله الربيع بن أنس وغيره. وهو أن المعنى بالإغراء بينهم:
النصارى في هذه الآية خاصة وأن الهاء والميم عائدتان على النصارى، دون اليهود، لأن ذكر الإغراء في خبر الله عن النصارى بعد تقضى خبره عن اليهود، وبعد ابتداء خبره عن النصارى، فلأن يكون ذلك معنيا به النصارى خاصة. أولى من أن يكون معنيا به الحزبان جميعا لما ذكرناه»
وقال ابن كثير: قوله- تعالى-: فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ أى: فألقينا بينهم العداوة والبغضاء لبعضهم بعضا، ولا يزالون كذلك إلى يوم قيام الساعة. وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، فكل فرقة تحرم الأخرى ولا تدعها تلج معبدها.
فالملكانية تكفر اليعقوبية، وكذلك الآخرون. وكذلك النسطورية الآريوسية كل طائفة تكفر الأخرى في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد» .
والذي تطمئن إليه النفس أن قوله- تعالى- فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يشمل ما بين اليهود والنصارى من عداوة ظاهرة مستحكمة يراها الرائي في كل العصور والأزمان، كما يشمل ما بين فرق النصارى من اختلاف وتباغض وتقاتل بسبب عقائدهم الزائغة وأهوائهم الفاسدة. وما نراه من تصارع وتقاتل بين طائفتى الكاثوليك والبروستانت في. إيرلاندا وفي غيرها خير شاهد على صدق القرآن الكريم، وأنه من عند الله- عز وجل- وقوله- تعالى: وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ بيان لسوء عاقبتهم في الآخرة بعد بيان ما حكم به عليه في الدنيا من عداوة وبغضاء. وسَوْفَ هنا لتأكيد الخبر وتقويته وبيان أنه وإن تأخر آت لا محالة.
والمعنى: لقد ألقينا العداوة والبغضاء بين هذه الطوائف الضالة وسوف يخبرهم الله في الآخرة بما كانوا يصنعونه من كتمان الحق، ومخالفة للرسل، وانغماس في الباطل، وسيجازيهم على كل ذلك بما يستحقون من عذاب شديد.
وبعد أن بين- سبحانه- بعض الرذائل التي انغمس فيها اليهود والنصارى. وجه إليهم نداء دعاهم فيه إلى الدخول في الدين الحق الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم فقال: تعالى:
- البغوى : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
قوله عز وجل : ( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم ) قيل : أراد بهم اليهود والنصارى فاكتفى بذكر أحدهما ، والصحيح أن الآية في النصارى خاصة لأنه قد تقدم ذكر اليهود ، وقال الحسن : فيه دليل على أنهم نصارى بتسميتهم لا بتسمية الله تعالى ، أخذنا ميثاقهم في التوحيد والنبوة ، ( فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) بالأهواء المختلفة والجدال في الدين ، قال مجاهد وقتادة : يعني بين اليهود والنصارى ، وقال قوم : هم النصارى وحدهم صاروا فرقا ، منهم اليعقوبية والنسطورية والملكانية ، وكل فرقة تكفر الأخرى ، ( وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) في الآخرة .
- ابن كثير : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
وقوله : ( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم ) أي : ومن الذين ادعوا لأنفسهم أنهم نصارى يتابعون المسيح ابن مريم عليه السلام ، وليسوا كذلك ، أخذنا عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول ومناصرته ومؤازرته واقتفاء آثاره ، والإيمان بكل نبي يرسله الله إلى أهل الأرض ، أي : ففعلوا كما فعل اليهود خالفوا المواثيق ونقضوا العهود ; ولهذا قال : ( فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) أي : فألقينا بينهم العداوة والتباغض لبعضهم بعضا ، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة . وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين ، يكفر بعضهم بعضا ، ويلعن بعضهم بعضا ; فكل فرقة تحرم الأخرى ولا تدعها تلج معبدها ، فالملكية تكفر اليعقوبية ، وكذلك الآخرون ، وكذلك النسطورية والأريوسية كل طائفة تكفر الأخرى في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .
ثم قال تعالى : ( وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) وهذا تهديد ووعيد أكيد للنصارى على ما ارتكبوه من الكذب على الله وعلى رسوله ، وما نسبوه إلى الرب ، عز وجل ، وتعالى وتقدس عن قولهم علوا كبيرا ، من جعلهم له صاحبة وولدا ، تعالى الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
- القرطبى : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
قوله تعالى : ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون
قوله تعالى : ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم أي : في التوحيد والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ; إذ هو مكتوب في الإنجيل ، فنسوا حظا وهو الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام ; أي : لم يعملوا بما أمروا به ، وجعلوا ذلك الهوى والتحريف سببا للكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم . ومعنى أخذنا ميثاقهم هو كقولك : أخذت من زيد ثوبه ودرهمه ; قاله الأخفش ، ورتبة ( الذين ) أن تكون بعد ( أخذنا ) وقبل ( الميثاق ) ; فيكون التقدير : أخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم ; لأنه في موضع المفعول الثاني لأخذنا ، وتقديره عند الكوفيين ومن الذين قالوا إنا نصارى من أخذنا ميثاقه ; فالهاء والميم تعودان على " من " المحذوفة ، وعلى القول الأول تعودان على الذين ، ولا يجيز النحويون أخذنا ميثاقهم من الذين قالوا إنا نصارى ، ولا ألينها لبست من الثياب ; لئلا يتقدم مضمر على ظاهر ، وفي قولهم : إنا نصارى ولم يقل من النصارى دليل على أنهم ابتدعوا النصرانية وتسموا بها ; روي معناه عن الحسن .
قوله تعالى : فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء أي : هيجنا ، وقيل : ألصقنا بهم ; مأخوذ من الغراء وهو ما يلصق الشيء بالشيء كالصمغ وشبهه . يقال : غري بالشيء يغرى غرا " بفتح الغين " مقصورا وغراء " بكسر الغين " ممدودا إذا أولع به كأنه التصق به ، وحكى الرماني : الإغراء تسليط بعضهم على بعض ، وقيل : الإغراء التحريش ، وأصله اللصوق ; يقال : غريت بالرجل غرا - مقصور وممدود مفتوح الأول - إذا لصقت به ، وقال كثير :
إذا قيل مهلا قالت العين بالبكا غراء ومدتها حوافل نهل
وأغريت زيدا بكذا حتى غري به ; ومنه الغراء الذي يغرى به للصوقه ; فالإغراء بالشيء الإلصاق به من جهة التسليط عليه ، وأغريت الكلب أي : أولعته بالصيد . بينهم ظرف للعداوة . والبغضاء البغض . أشار بهذا إلى اليهود والنصارى لتقدم ذكرهما . عن السدي وقتادة : بعضهم لبعض عدو ، وقيل : أشار إلى افتراق النصارى خاصة ; قاله الربيع بن أنس ، لأنهم أقرب مذكور ; وذلك أنهم افترقوا إلى اليعاقبة والنسطورية والملكانية ; أي : كفر بعضهم بعضا . قال النحاس : ومن أحسن ما قيل في معنى فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء أن الله عز وجل أمر بعداوة الكفار وإبغاضهم ، فكل فرقة مأمورة بعداوة صاحبتها وإبغاضها لأنهم كفار . وقوله : وسوف ينبئهم الله تهديد لهم ; أي : سيلقون جزاء نقض الميثاق .
- الطبرى : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
القول في تأويل قوله عز ذكره : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وأخذنا من النصارى الميثاقَ على طاعتي وأداء فرائضي، واتباع رسلي والتصديق بهم، فسلكوا في ميثاقي الذي أخذتُه عليهم منهاج الأمة الضالة من اليهود، فبدلوا كذلك دينَهم، ونقضوه نقضَهم، (1) وتركوا حظّهم من ميثاقي الذي أخذته عليهم بالوفاء بعهدي، وضيَّعوا أمري، (2) كما:-
11596 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ومن الذين قالوا إنّا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظًّا مما ذكروا به "، نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهدَ الله الذي عهده إليهم، وأمرَ الله الذي أمرهم به.
11597 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: قالت النصارى مثل ما قالت اليهود، ونسوا حظًّا مما ذكروا به.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره : فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فأغرينا بينهم " حرّشنا بينهم وألقينا، كما تغري الشيء بالشيء.
يقول جل ثناؤه: لما ترك هؤلاء النصارى، الذين أخذتُ ميثاقهم بالوفاء بعهدي، حظَّهم مما عهدتُ إليهم من أمري ونهيي، أغريتُ بينهم العداوة والبغضاء.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة " إغراء الله عز ذكره بينهم العداوة، والبغضاء ". (3)
فقال بعضهم: كان إغراؤه بينهم بالأهواء التي حَدَثت بينهم.
ذكر من قال ذلك:
11598 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم النخعي في قوله: " فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء "، قال: هذه الأهواء المختلفة والتباغُض، فهو الإغراء.
11599 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب قال: سمعت النخعي يقول: " فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء "، قال: أغرى بعضهم ببعض بخصُومات بالجدال في الدين.
11600 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني هشيم قال، أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم النخعي والتّيمي، قوله: " فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء "، قال: ما أرى " الإغراء " في هذه الآية إلا الأهواء المختلفة= وقال معاوية بن قرة: الخصومات في الدين تُحْبِط الأعمال.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك هو العداوة التي بينهم والبغضاء.
ذكر من قال ذلك:
11601 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة " الآية، إنّ القوم لما تركوا كتابَ الله، وعصَوْا رسله، وضَيّعوا فرائضه، وعطّلوا حدُوده، ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، بأعْمالهم أعمالِ السوء، ولو أخذ القوم كتاب الله وأمرَه، ما افترقوا ولا تباغَضُوا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأولين في ذلك عندنا بالحق، تأويلُ من قال: " أغرى بينهم بالأهواء التي حدثت بينهم "، كما قال إبراهيم النخعي، لأن عداوة النصارى بينَهم، إنما هي باختلافهم في قولهم في المسيح، وذلك أهواءٌ، لا وحيٌ من الله.
* * *
واختلف أهل التأويل في المعنيِّ بـ" الهاء والميم " اللتين في قوله: " فأغرينا بينهم ".
فقال بعضهم: عني بذلك اليهود والنصارى. فمعنى الكلام على قولِهم وتأويلهم: فأغرينا بين اليهود والنصارى، لنسيانهم حظًّا مما ذكّروا به.
ذكر من قال ذلك:
11602 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: وقال في النصارى أيضا: فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ، فلما فعلوا ذلك، أغرى الله عز وجل بينَهم وبين اليهود العداوةَ والبغضاءَ إلى يوم القيامة.
11603 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة "، قال: هم اليهود والنصارى. قال ابن زيد: كما تُغْري بين اثنين من البهائم.
11604 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء "، قال: اليهود والنصارى.
11605 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
11606 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة قال: هم اليهود والنصارى، أغرى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون: بل عنى الله بذلك النصارَى وحدَها. وقالوا: معنى ذلك: فأغرينا بين النصارى، عقوبةً لها بنسيانها حظًّا مما ذكرت به. قالوا: وعليها عادت " الهاء والميم " في" بينهم "، دون اليهود.
ذكر من قال ذلك:
11607 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، (4) عن أبيه، عن الربيع قال: إن الله عز ذكره تقدَّم إلى بني إسرائيل: أن لا تشتروا بآيات الله ثمنًا قليلا وعلموا الحكمة ولا تأخذوا عليها أجرًا، فلم يفعل ذلك إلا قليل منهم، فأخذُوا الرّشوة في الحكم، وجاوزوا الحدود، فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله: وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [سورة المائدة: 64]، وقال في النصارى: " فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأولين بالآية عندي ما قاله الربيع بن أنس، وهو أنّ المعنيّ بالإغراء بينهم، النصارى، في هذه الآية خاصة= وأنّ" الهاء والميم " عائدتان على النصارى دون اليهود، لأن ذكر " الإغراء " في خبر الله عن النصارى، بعد تقضِّي خبره عن اليهود، وبعد ابتدائه خبَره عن النصارى، فلأنْ يكون ذلك معنيًّا به النصارى خاصًّة، (5) أولى من أن يكون معنيًّا به الحزبان جميعًا، لما ذكرنا.
* * *
فإن قال قائل: وما العداوة التي بين النصارى، فتكون مخصوصة بمعنى ذلك؟ قيل: ذلك عداوة النسطوريةِ واليعقوبيةِ، الملكيةَ= والملكيةِ النسطوريةَ واليعقوبيةَ. (6) وليس الذي قاله من قال: " معنيٌّ بذلك: إغراء الله بين اليهود والنصارى " ببعيد، غير أن هذا أقرب عندي، وأشبهُ بتأويل الآية، لما ذكرنا.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره : وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمَّد صلى الله عليه وسلم: اعفُ عن هؤلاء الذين همُّوا ببسط أيديهم إليك وإلى أصحابك واصفح، فإن الله عز وجل من وراء الانتقام منهم، وسينبئهم الله عند ورودهم عليه في معادهم، بما كانوا في الدنيا يصنعون، من نقضهم ميثاقه، ونكثهم عهده، وتبديلهم كتابه، وتحريفهم أمره ونهيه، فيعاقبهم على ذلك حسب استحقاقهم.
-------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة: "ونقضوا" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(2) انظر تفسير"أخذ الميثاق" فيما سلف ص: 110 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك= وتفسير"النسيان" و"الحظ" فيما سلف ص: 129 ، تعليق: 3 ، 4 ، والمراجع هناك= وتفسير"التذكير" فيما سلف ص: 130 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(3) انظر تفسير"البغضاء" فيما سلف 7: 146.
(4) في المطبوعة والمخطوطة: "عبيد الله بن أبي جعفر" ، والصواب"عبد الله" كما أثبته ، وهو"عبد الله بن أبي جعفر الرازي" ، مضى مئات من المرات في الأسانيد السالفة.
(5) في المطبوعة: "فأن لا يكون ذلك معنيا به إلا النصارى خاصة" ، وهو كلام بريء من العربية. وفي المخطوطة: "فلا يكون ذلك معنيا به إلا النصارى خاصة" ، وهو مثله ، ولكنه سهو من الناسخ وغفلة ، أخطأ فكتب"فلأن يكون""فلا يكون" ، ثم زاد"إلا". وهذا كله فساد ، صوابه ما أثبت.
(6) في المطبوعة: "
ذلك عداوة النسطورية واليعقوبية والملكية النسطورية واليعقوبية". وهو كلام خال من المعنى ، صوابه من المخطوطة. يعني عداوة هؤلاء لهؤلاء= وعداوة هؤلاء لهؤلاء. - ابن عاشور : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
ذكر بعد ميثاق اليهود ميثاق النصارى . وجاءت الجملة على سبه اشتغال العامل عن المعمول بضميره حيث قُدّم متعلِّق { أخَذْنا ميثاقهم } وفيه اسْم ظاهر ، وجيء بضميره مع العامل للنكتة الداعية للاشتغال من تقرير المتعلِّق وتثبيته في الذهن إذ يتعلّق الحكم باسمه الظاهر وبضميره ، فالتقدير : وأخذنا ، من الذين قالوا : إنّا نصارى ، ميثاقهم ، وليس تقديم المجرور بالحرف لقصد الحصر . وقيل : ضمير { ميثاقهم } عائد إلى اليهود ، والإضافة على معنى التشبيه ، أي من النصارى أخذنا ميثاقَ اليهود ، أي مثلَه ، فهو تشبيه بليغ حذفت الأداة فانتصب المشبّه به . وهذا بعيد ، لأنّ ميثاق اليهود لم يفصّل في الآية السابقة حتّى يشبّه به ميثاق النّصارى .
وعبّر عن النصارى ب { الذين قالوا إنّا نصارى } هُنا وفي قوله الآتي : { ولتجدنّ أقبربهم مودّة للّذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى } [ المائدة : 82 ] تسجيلاً عليهم بأنّ اسم دينهم مشير إلى أصل من أصوله ، وهو أن يكون أتباعه أنصاراً لِما يأمر به الله ، { كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاريَ إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله } [ الصف : 14 ] . ومن جملة ذلك أن ينصروا القائم بالدّين بعْد عيسى من أتباعه ، مثل بُولس وبَطرس وغيرهما من دعاة الهدى؛ وأعظم من ذلك كلّه أن ينصروا النبيءَ المبشَّر به في التَّوراة والإنجيل الّذي يجيء بعد عيسى قبل منتهى العالم ويخلِّص النّاس من الضلال { وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لَمَا آتيتكم من كتاب وحكمة ثُمّ جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمِنُنّ به ولتَنْصُرُنَّه } [ آل عمران : 81 ] الآية . فجميع أتباع الرسل قد لزمهم ما التزمه أنبياؤهم وبخاصّة النّصارى ، فهذا اللقب ، وهو النصارى ، حجّة عليهم قائمة بهم متلبّسة بجماعتهم كلّها .
ويفيد لفظ { قالوا } بطريق التعريض الكنائي أنّ هذا القول غير موفًّى به وأنّه يجب أن يوفّى به . هذا إذا كان النصارى جمعاً لنَاصرِيّ أو نصْرانِي على معنى النسبة إلى النّصر مبالغة ، كقولهم : شَعْرَاني ، ولِحيَاني ، أي النّاصر الشديد النصر؛ فإن كان النّصارى اسم جمع ناصريّ ، بمعنى المنسوب إلى الناصري ، والناصري عيسى ، لأنّه ظهر من مدينة الناصرة . فالناصري صفة عرف بها المسيح عليه السّلام في كتب اليهود لأنّه ظهر بدعوة الرسالة من بلد النّاصرة في فلسطين؛ فلذلك كان معنى النسبة إليه النسبة إلى طريقته وشرعه؛ فكلّ من حاد عن شرعه لم يكن حقيقاً بالنسبة إليه إلاّ بدعوى كاذبة ، فلذلك قال : { قالوا إنَّا نصارى } . وقيل : إنّ النصارى جمع نصراني ، منسوب إلى النصْر : كما قالوا : شعراني ، ولِحياني ، لأنّهم قالوا : نحن أنصار الله . وعليه فمعنى { قالوا : إنّا نصارى } أنّهم زعموا ذلك بقولهم ولم يؤيّدوه بفعلهم .
وقد أخذ الله على النصارى ميثاقاً على لسان المسيح عليه السّلام . وبعضه مذكور في مواضع من الأناجيل .
وقوله : { فأغرينا بينهم العداوة } حقيقة الإغراء حَثّ أحدٍ على فعل وتحسينُه إليه حتّى لا يتوانى في تحصيله؛ فاستعير الإغراء لتكوين ملازمة العداوة والبغضاء في نفوسهم ، أي لزومهما لهم فيما بينهم ، شُبّه تكوين العداوة والبغضاء مع استمرارهما فيهم بإغراء أحد أحداً بعمل يعمل تشبيه معقول بمحسوس . ولمّا دلّ الظرف ، وهو { بينَهم } ، على أنّهما أغْرِيَتَا بهم استُغني عن ذكر متعلّق { أغرينا } . وتقدير الكلام : فأغرينا العداوة والبغضاء بِهم كائنتين بينهم . ويُشبه أن يكون العدول على تعدية «أغرينا» بحرف الجرّ إلى تعليقه بالظرف قرينة أو تجريداً لبيان أنّ المراد ب { أغرينا } ألْقينا .
وما وقع في «الكشاف» من تفسير { أغرينا } بمعنى ألصقنا تطوّح عن المقصود إلى رائحة الاشتقاق من الغِرَاءِ ، وهو الدهن الذي يُلْصق الخشب به ، وقد تنوسي هذا المعنى في الاستعمال . والعداوة والضمير المجرور بإضافة بينَ إليه يعود إلى النصارى لتنتسق الضّمائر .
والعداوَة والبغضاءُ اسمان لمعنيين من جنس الكراهية الشديدة ، فهما ضدّان للمحبّة .
وظاهر عطف أحدِ الاسمين على الآخر في مواضع من القرآن ، في هذه الآية وفي الآيتين بعدها في هذه السورة وفي آية سورة الممتحنة ، أنّهما ليسا من الأسماء المترادفة؛ لأنّ التزام العطف بهذا الترتيب بُبعِّد أن يكون لمجرّد التّأكيد ، فليس عطف أحدهما على الآخر من قبيل عطف المرادف لمجرّد التّأكيد ، كقوله عَدِي :
وألْفَى قَولهَا كَذِبا وَمَيْنا ... وقد ترك علماء اللّغة بيان التفرقة بين العداوة والبغضاء ، وتابعهم المفسّرون على ذلك؛ فلا تجد من تصدّى للفرق بينهما سوى الشيخ ابن عرفة التّونسي ، فقال في «تفسيره» «العداوة أعمّ من البغضاء لأنّ العداوة سبب في البغضاء؛ فقد يتعادى الأخ مع أخيه ولا يتمادى على ذلك حتّى تنشأ عنه المباغضة ، وقد يتمادى على ذلك» اه .
ووقع لأبي البقاء الكفوي في كتاب «الكليّات» أنّه قال : «العداوة أخصّ من البغضاء لأنّ كلّ عدوّ مبغض ، وقد يُبغِض من ليس بعدوّ» . وهو يخالف كلام ابن عرفة . وفي تعليليْهما مصادرة واضحة ، فإن كانت العداوة أعمّ من البغضاء زادتْ فائدةُ العطف لأنّه يصير في معنى الاحتراس ، وإن كانت العداوة أخصّ من البغضاء لم يكن العطف إلاّ للتّأكيد ، لأنّ التأكيد يحصل بذكر لفظ يدلّ على بعْضضٍ مُطلققٍ من معنى الموكَّذ ، فيتقرّر المعنى ولو بوجه أعمّ أو أخصّ ، وذلك يحصل به معنى التّأكيد .
وعندي : أنّ كلا الوجهين غير ظاهر ، والذي أرى أنّ بين معنيي العداوة والبغضاء التضادّ والتباين؛ فالعداوة كراهية تصدر عن صاحبها : معاملةٌ بجفاء ، أو قطيعة ، أو إضرار ، لأنّ العداوة مشتقّة من العدو وهو التجاوز والتباعد ، فإنّ مشتقّات مادة ( ع د و ) كلّها تحوم حول التفرّق وعدم الوئام . وأمّا البغضاء فهي شدّة البغض ، وليس في مادة ( ب غ ض ) إلاّ معنَى جنس الكراهية فلا سبيل إلى معرفة اشتقاق لفظها من مادتها . نعم يمكن أن يرجع فيه إلى طريقة القلب ، وهو من علامات الاشتقاق ، فإنّ مقلوب بَغِض يكون غَضِب لا غير ، فالبغضاء شدّة الكراهية غير مصحوبة بَعَدوْ ، فهي مضمرة في النفس .
فإذا كان كذلك لم يصحّ اجتماع معنيي العداوة والبغضاء في موصوف واحد في وقتتٍ واحد فيتعيّن أن يكون إلقاؤهما بينهما على معنى التّوزيع ، أي أغرينا العداوة بين بعض منهم والبغضاءَ بين بعضضٍ آخر . فوقع في هذا النظم إيجاز بديع ، لأنّه يرجع إلى الاعتماد على علم المخاطبين بعدم استقامة اجتماع المعنيين في موصوف واحد .
ومن اللّطائف ما ذكره ابن هشام ، في شرح قصيدة كعب بن زهير عند قول كعب :
لكنَّها خُلّة قد سِيط من دَمها ... فَجْع وولْع وإخلاف وتبديل
أنّ الزمخشري قال : إنّه رأى نفسه في النّوم يقول : العداوة مشتقّة من عُدوة الوادي ، أي جانبه ، لأنّ المتعاديين يكون أحدهما مفارقاً للآخر فكأنّ كلّ واحد منهما على عدوة اه . فيكون مشتقّاً من الاسم الجامد وهو بعيد .
وإلقاء العداوة والبغضاء بينهم كان عقاباً في الدنيا لقوله : { إلى يوم القيامة وسوف ينبّئهم الله بما كانوا يصنعون } جزاء على نكثهم العهد . وأسباب العداوة والبغضاء شدّة الاختلاف : فتكون من اختلافهم في نحَل الدّين بين يعاقبة ، وملكانية ، ونسطورية ، وهراتقة ( بروتستانت ) ؛ وتكون من التحاسد على السلطان ومتاع الدّنيا ، كما كان بين ملوك النّصرانية ، وبينهم وبين رؤساء ديانتهم .
فإن قيل : كيف أغريت بينهم العداوة وهم لم يزالوا إلْبا على المسلمين؟ فجوابه : أنّ العداوة ثابتة بينهم في الدين بانقسامهم فِرقاً ، كما قدّمناه في سورة النساء ( 171 ) عند قوله تعالى : { وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروح منه } ، وذلك الانقسام يجرّ إليهم العداوة وخذْل بعضهم بعضاً . ثمّ إنّ دولهم كانت منقسمة ومتحاربة ، ولم تزل كذلك ، وإنّما تألّبوا في الحروب الصّليبية على المسلمين ثمّ لم يلبثوا أن تخاذلوا وتحاربوا ، ولا يزال الأمر بينهم كذلك إلى الآن . وكم ضاعت مساعي الساعين في جمعهم على كلمة واحدة وتأليف اتّحاد بينهم ، وكان اختلافهم لطفاً بالمسلمين في مختلف عصور التّاريخ الإسلامي ، على أنّ اتّفاقهم على أمّة أخرى لا ينافي تمكُّن العداوة فيما بينهم ، وكفى بذلك عقاباً لهم على نسيانهم ما ذكّروا به .
وقيل : الضمير عائد على الفريقين ، أي بين اليهود والنصارى ، ولا إشكال في تجسّم العداوة بين الملّتين .
وقوله : وسوف ينبّئُهم الله } تهديد لأنّ المراد بالإنباء إنباء المؤاخذة بصنيعهم ، كقوله : { فسوف تعلمون } [ الأنعام : 135 ] . وهذا يحتمل أن يحصل في الآخرة فالإنباء على حقيقته ، ويحتمل أن يحصل في الدنيا ، فالأنباء مجاز في تقدير الله لهم حوادث يعرفون بها سوء صنيعتهم .
- إعراب القرآن : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
«وَمِنَ الَّذِينَ» متعلقان بالفعل أخذنا بعدها وجملة «قالُوا» صلة الموصول «إِنَّا نَصارى » إن ونا اسمها ونصارى خبرها والجملة مقول القول «أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ» فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة مستأنفة «فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ» تقدم إعرابها في الآية السابقة ، والجملة معطوفة «فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ» أغرينا فعل ماض وفاعل والعداوة مفعول به والظرف بين متعلق بالفعل والجملة معطوفة «إِلى يَوْمِ» متعلقان بمحذوف حال مما قبلها «الْقِيامَةِ» مضاف إليه «وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ» ينبئهم اللّه فعل مضارع ومفعول به ولفظ الجلالة فاعل وسوف حرف استقبال والجملة معطوفة «بِما كانُوا يَصْنَعُونَ» الجملة صلة الموصول ما وجملة «يَصْنَعُونَ» خبر كانوا وبما متعلقان بينبئهم.
- English - Sahih International : And from those who say "We are Christians" We took their covenant; but they forgot a portion of that of which they were reminded So We caused among them animosity and hatred until the Day of Resurrection And Allah is going to inform them about what they used to do
- English - Tafheem -Maududi : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(5:14) We also took a covenant from those who said: 'We are Christians'; *36 but they forgot a good portion of the teaching they had been imparted with. Wherefore We aroused enmity and spite between them till the Day of Resurrection, and ultimately Allah will tell them what they had contrived.
- Français - Hamidullah : Et de ceux qui disent Nous sommes chrétiens Nous avons pris leur engagement Mais ils ont oublié une partie de ce qui leur a été rappelé Nous avons donc suscité entre eux l'inimitié et la haine jusqu'au Jour de la Résurrection Et Allah les informera de ce qu'ils faisaient
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und auch mit denen die sagen "Wir sind Christen'" haben Wir ihr Abkommen getroffen Aber dann vergaßen sie einen Teil von dem womit sie ermahnt worden waren So erregten Wir unter ihnen Feindschaft und Haß bis zum Tag der Auferstehung Und Allah wird ihnen kundtun was sie zu machen pflegten
- Spanish - Cortes : Concertamos un pacto con quienes decían Somos cristianos Pero olvidaron parte de lo que se les recordó y por eso provocamos entre ellos enemistad y odio hasta el día de la Resurrección Pero ya les informará Alá de lo que hacían
- Português - El Hayek : E também aceitamos a promessa daqueles que disseram Somos cristãos Porém esqueceramse de grande parte do quelhes foi recomendado pelo que disseminamos a inimizade e o ódio entre eles até ao Dia da Ressurreição Deus os inteirará então do que cometeram
- Россию - Кулиев : Мы также взяли завет с тех которые сказали Мы - христиане Они забыли долю из того что им напомнили и тогда Мы возбудили между ними вражду и ненависть до Дня воскресения Аллах поведает им о том что они творили
- Кулиев -ас-Саади : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
Мы также взяли завет с тех, которые сказали: «Мы - христиане». Они забыли долю из того, что им напомнили, и тогда Мы возбудили между ними вражду и ненависть до Дня воскресения. Аллах поведает им о том, что они творили.Аллах заключил завет не только с иудеями. Завет также был заключен с теми, которые считают себя последователями Исы, сына Марьям. Они заявляют, что уверовали в Аллаха и Его посланников, а также во все, что те проповедовали, однако они нарушили свое обещание. Они предали забвению многое из того, чем их увещевали, потеряв знания и не выполняя соответствующих предписаний. Аллах посеял между ними вражду и ненависть, от которых они не избавятся до самого Судного дня. Одни из них подчиняют себе других, и между ними возникают злоба и ненависть. Они будут враждовать друг с другом и ненавидеть друг друга вплоть до наступления Дня воскресения, и в этом легко убедиться. Христиане действительно питают друг к другу ненависть, относятся друг к другу враждебно и страдают от раскола в их рядах. А очень скоро Аллах поведает им обо всем, что они совершили, и подвергнет их наказанию.
- Turkish - Diyanet Isleri : "Biz hıristiyanız" diyenlerden de söz almıştık; onlar kendilerine belletilenin bir kısmını unuttular bu yüzden aralarına kıyamete kadar düşmanlık ve kin saldık Allah yapmakta olduklarını kendilerine haber verecektir
- Italiano - Piccardo : Con coloro che dicono “Siamo cristiani” stipulammo un Patto Ma dimenticarono una parte di quello che era stato loro ricordato Suscitammo tra loro odio e inimicizia fino al Giorno della Resurrezione Presto Allah li renderà edotti su quello che facevano
- كوردى - برهان محمد أمين : ههروهها پهیمانمان لهوانهش وهرگرتووه که دهیانوت ئێمه گاورین کهچی بهشێک لهو شتانهیان فهرامۆشکرد کهپێی یاداوهری کرابوون بهتایبهتی دهربارهی پێغهمبهرایهتی محمد صلی الله علیه وسلم ئێمهش ههتا ڕۆژی قیامهت دوژمنایهتی و ڕق و کینهمان پێوهلکاندن له ئایندهشدا خوا ههموو ئهو کارو کردهوانهیان دهخاتهوه بهرچاوو پێیان ڕادهگهیهنێت
- اردو - جالندربرى : اور جو لوگ اپنے تئیں کہتے ہیں کہ ہم نصاری ہیں ہم نے ان سے بھی عہد لیا تھا مگر انہوں نے بھی اس نصیحت کا جو ان کو کی گئی تھی ایک حصہ فراموش کر دیا تو ہم نے ان کے باہم قیامت تک کے لیے دشمنی اور کینہ ڈال دیا اور جو کچھ وہ کرتے رہے خدا عنقریب ان کو اس سے اگاہ کرے گا
- Bosanski - Korkut : Mi smo zavjet prihvatili i od onih koji govore "Mi smo kršćani" – ali su i oni dobar dio onoga čime su bili opominjani zaboravili zato smo među njih neprijateljstvo i mržnju do Sudnjega dana ubacili; a Allah će ih sigurno obavijestiti o onome što su radili
- Swedish - Bernström : [I Vårt förbund] med dem som säger "Vi är kristna" tog Vi löften [också] av dem och även de har glömt en del av det som de förmanades att lägga på minnet Därför har Vi låtit fiendskap och hat uppstå bland dem [och så skall det fortgå] till Uppståndelsens dag Gud skall [en gång] låta dem veta vad deras handlingar [var värda]
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan diantara orangorang yang mengatakan "Sesungguhnya kami ini orangorang Nasrani" ada yang telah kami ambil perjanjian mereka tetapi mereka sengaja melupakan sebagian dari apa yang mereka telah diberi peringatan dengannya; maka Kami timbulkan di antara mereka permusuhan dan kebencian sampai hari kiamat Dan kelak Allah akan memberitakan kepada mereka apa yang mereka kerjakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
(Dan di antara orang-orang yang mengatakan, "Sesungguhnya kami ini orang-orang Nasrani,") berkaitan dengan firman-Nya (ada yang telah Kami ambil pula janji mereka) sebagaimana halnya orang-orang Yahudi dari kalangan Bani Israel (maka mereka lupakan sebagian dari peringatan yang telah disampaikan kepada mereka) yakni dalam Injil berupa keimanan dan lain-lain hingga mereka ingkari perjanjian itu (maka Kami bangkitkan di antara mereka permusuhan dan kebencian sampai hari kiamat) dengan pertikaian dan perbedaan keinginan mereka, hingga setiap golongan mengafirkan yang lain (dan Allah akan memberitakan kepada mereka kelak) yakni di akhirat (apa-apa yang mereka perbuat) lalu mendapat pembalasan daripada-Nya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : যারা বলেঃ আমরা নাছারা আমি তাদের কাছ থেকেও তাদের অঙ্গীকার নিয়েছিলাম। অতঃপর তারাও যে উপদেশ প্রাপ্ত হয়েছিল তা থেকে উপকার লাভ করা ভুলে গেল। অতঃপর আমি কেয়ামত পর্যন্ত তাদের মধ্যে পারস্পরিক শত্রুতা ও বিদ্বেষ সঞ্চারিত করে দিয়েছি। অবশেষে আল্লাহ তাদেরকে তাদের কৃতকর্ম সম্পর্কে অবহিত করবেন।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அன்றியும் எவர்கள் தங்களை "நிச்சயமாக நாங்கள் கிறிஸ்தவர்கள்" என்று கூறிக்கொள்கிறார்களோ அவர்களிடமிருந்தும் நாம் உறுதிமொழி வாங்கினோம்; ஆனால் அவர்களும் அவர்களுக்கு வழங்கப்பட்டிருந்த போதனையின் பெரும் பகுதியை மறந்து விட்டார்கள்; ஆகவே இறுதி நாள் வரை அவர்களிடையே பகைமையும் வெறுப்பும் நிலைக்கச் செய்தோம்; இன்னும் அவர்கள் செய்து கொண்டிருந்தவை பற்றி அல்லாஹ் அவர்களுக்கு எடுத்துக் காட்டுவான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และจากบรรดาผู้ที่กล่าวว่า พวกเราเป็นคริสต์นั้น เราได้เอาสัญญาจากพวกเขา แต่แล้วพวกเขาก็ลืมส่วนหนึ่งจากสิ่งที่พวกเขาถูกเตือนไว้ เราจึงได้ให้เกิดขึ้นระหว่างพวกเขาซึ่งการเป็นศัตรูและการเกลียดชังกันจนกระทั่งวันกิยามะฮ์ และอัลลอฮ์จะทรงบอกเขาเหล่านั้นถึงสิ่งที่เขาเหล่านั้นได้กระทำมาก่อน
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ва Биз насоролармиз деганларнинг ҳам аҳдномасини олдик Бас улар ўзларига эслатма бўлган нарсадан кўп насибани унутдилар Биз улар орасида адоват ва ёмон кўришни қиёмат кунигача қўзғатдик Аллоҳ албатта уларга қилмишлари ҳақида хабар беради Ийсо алайҳиссаломга биринчи эргашганлар Носиро номли қишлоқ аҳолиси экан Шунинг учун ҳам уларга насоролар деб ном берилган Бошқа бир талқинларга кўра Ийсо алайҳиссалом Ким менга нусрат ёрдам беради деганларида биз деб чиққан эканлар Шунинг учун насоро номини олганлар Насороларнинг ўзаро адоватлари ҳаммага маълум ва машҳур Католик протестант билан православ моруний билан ёки бошқаси яна бири билан ҳамиша душман Ҳар бир черков ўзини алоҳида динда деб ҳисоблайди ва бошқасини душман билиб ёмон кўради Уларнинг ўзаро олиб борган диниймазҳабий урушлари оқибатида қонлар дарё бўлиб оққани тарихда машҳур
- 中国语文 - Ma Jian : 自称基督教徒的人,我曾与他们缔约,但他们抛弃自己所受的一部分劝戒,故我使他们互相仇恨,至于复活日。那时,真主要把他们的行为告诉他们。
- Melayu - Basmeih : Dan di antara orangorang yang berkata" Bahawa kami ini orangorang Nasrani" Kami juga telah mengambil perjanjian setia mereka maka mereka juga melupakan meninggalkan sebahagian dari apa yang diperingatkan mereka dengannya lalu Kami tanamkan perasaan permusuhan dan kebencian di antara mereka sampai ke hari kiamat; dan Allah akan memberitahu mereka dengan apa yang telah mereka kerjakan
- Somali - Abduh : Kuwa Yidhi waxaan nahay Nasaara waxaan ka qaadnay Ballankooda waxayna halmaameen qayb wixii lagu Waaniyey markaasaan ku sii daynay Dhexdooda Colnimo iyo Cadho Tan iyo Maalinta Qiyaame wuuna uga warrami Eebe waxay Samaynayeen
- Hausa - Gumi : Kuma daga waɗanda suka ce "Lalle ne mu Nasãra ne" Mun riƙi alkawarinsu sai suka manta da wani yanki daga abin da aka tunãtar da su da shi sai Muka shushuta adãwa da ƙeta a tsakãninsu har ya zuwa ga Rãnar ¡iyãma Kuma Allah zai bã su lãbari da abin da suka kasance sunã sanã'antawa
- Swahili - Al-Barwani : Na kutoka kwa wale walio sema Sisi ni Manasara tulichukua ahadi yao lakini wakasahau sehemu ya waliyo kumbushwa Kwa hivyo tukaweka kati yao uadui na chuki mpaka Siku ya Kiyama Na hapo Mwenyezi Mungu atawaambia waliyo kuwa wakiyafanya
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dhe prej atyre që thanë “Jemi të krishterë” kemi marrë premtimin e tyre por edhe këta kanë harruar një pjesë nga ato që janë këshilluar prandaj ua shtiem armiqësinë dhe urrejtjen në mes tyre deri në Ditën e Kijametit Se Perëndia me të vërtetë di t’i lajmërojë ata për ato që kanë punuar
- فارسى - آیتی : و از كسانى كه گفتند كه ما نصرانى هستيم پيمان گرفتيم. پس قسمتى از اندرزهايى را كه به آنها داده بوديم فراموش كردند و ما نيز ميان آنها تا روز قيامت كينه و دشمنى افكنديم. به زودى خدا آنان را از كارهايى كه مىكنند آگاه خواهد ساخت.
- tajeki - Оятӣ : Ва аз касоне, ки гуфтанд, ки мо насронӣ ҳастем, паймон гирифтем. Пас қисмате аз пандҳоеро, ки ба онҳо дода будем, фаромӯш карданд ва Мо низ миёни онҳо то рӯзи қиёмат кинаву душманӣ афкандем. Ба зуди Худо ононро аз корҳое, ки мекунанд, огоҳ хоҳад сохт!
- Uyghur - محمد صالح : بىز ناسارامىز دېگەنلەردىنمۇ (اﷲ نى بىر دەپ تونۇشقا ۋە مۇھەممەد ئەلەيھىسسالامغا ئىمان ئىېيتىشقا) مەھكەم ئەھدە ئالدۇق، ئۇلار (ئىنجىلدا) ئۆزلىرىگە قىلىنغان نەسىھەتنىڭ بىر قىسمىنى ئۇنتۇدى، (بۇنىڭ جازاسى ئۈچۈن) ئۇلارنىڭ ئارىسىغا قىيامەتكىچە ئاداۋەت ۋە دۈشمەنلىك سالدۇق، (شۇ چاغدا) اﷲ ئۇلارغا قىلمىشلىرىنى ئېيتىپ بېرىدۇ (يەنى ئۇلار ئۆزلىرىنىڭ قەبىھ ئەمەللىرىنىڭ جازاسىنى تارتىدۇ)
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ഞങ്ങള് ക്രിസ്ത്യാനികളാണ് എന്ന് അവകാശപ്പെടുന്നവരില് നിന്നും നാം കരാര് വാങ്ങിയിരുന്നു. എന്നാല് അവരും തങ്ങള്ക്കു ലഭിച്ച ഉദ്ബോധനങ്ങളില് വലിയൊരുഭാഗം മറന്നുകളഞ്ഞു. അതിനാല് അവര്ക്കിടയില് നാം ഉയിര്ത്തെഴുന്നേല്പുനാള് വരെ പരസ്പര വൈരവും വെറുപ്പും വളര്ത്തി. അവര് ചെയ്തുകൊണ്ടിരുന്നതിനെപ്പറ്റിയെല്ലാം അല്ലാഹു പിന്നീടവരെ അറിയിക്കുന്നതാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : واخذنا على الذين ادعوا انهم اتباع المسيح عيسى وليسوا كذلك العهد الموكد الذي اخذناه على بني اسرائيل بان يتابعوا رسولهم وينصروه ويوازروه فبدلوا دينهم وتركوا نصيبا مما ذكروا به فلم يعملوا به كما صنع اليهود فالقينا بينهم العداوه والبغضاء الى يوم القيامه وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يوم الحساب وسيعاقبهم على صنيعهم
*36). Some are of the opinion that the word Nasara (meaning Christians) is derived from Nasirah (Nazareth), the birth-place of the Messiah. In fact this word is not derived from Nasirah (Nazareth) but from the word nusrah, and the basis of this derivation is the question posed by the Messiah to his disciples: 'Who are my supporters (ansari) in the way of God?' In response to this they had said: 'We are the supporters (ansar) (in the way) of God.' Christian authors have been misled by the resemblance between the words Nasirah and Nasara into believing that the name of the sect founded in the early history of Christianity, and contemptuously characterized as either Nazarenes or Ebonites served as the basis of the Qur'anic designation of the Christians. But here the Qur'ijo categorically states that they had declared that they were 'Nasara' and it is obvious that the Christians never called themselves 'Nazarenes'.
In this connection it should be recalled that Jesus never called his followers 'Christians' for he had not come to found a new religion named after him. His mission was to revive the religion of Moses and of all the Prophets who preceded him as well as of the one who was to appear after him. Hence, he neither formed any cult divorced from the Israelites and the followers of the Mosaic Law nor designated his followers by any distinctive name. Likewise, his early followers neither considered themselves to be separate from the Israelite community nor developed into an independent group nor adopted any distinctive symbol and name. They worshipped in the temple of Jerusalem along with other Jews and considered themselves to be followers of the Mosaic Law (see Acts 3:1-10; 21: 14-15,21). Later on the process of alienation began to operate on both sides. On the one hand, Paul, one of the followers of Jesus, declared independence from the Mosaic Law holding that faith in Christ was all that one needed for salvation. On the other hand, the Jewish rabbis declared the followers of Christ to be heretics and excommunicated them. Despite this, for some time the new sect had no distinct appellation of its own. The followers of Christ variously described themselves as 'disciples', as 'brethren', as 'those who believed', and as 'saints' (see Acts 2: 44; 4: 32; 9: 26; 11: 29; 13: 52; 15: 1; 23: 1 and Romans 15: 25 and Colossians 1: 2). The Jews sometimes designated them as 'Galileans' and as 'the sect of Nazarenes' (see Acts 24: 5; Luke 13: 2). These nicknames, which were originally contrived in,.ojder to ridicule them, referred to Nazareth, the home town of Jesus in the district of Galilee. These names, however, did not gain sufficient popularity to become the permanent names of the followers of Christ. They were called 'Christians' for the first time by the people of Antioch in 43 A.D. or 44 A.D. when Paul and Barnabas went there and began to preach their religion (Acts 11: 26). This appellation was flung at them by the opponents of the followers of Christ precisely in order to tease them by using an appellation which was unacceptable to them. But when their enemies began to call them consistently by this name their leaders reacted by saying that if they were called Christians because of their allegiance to Christ they had no reason to be ashamed of it (1 Peter 4: 16). It was thus that the followers of Christ also gradually began to call themselves by the same name which had originally been conferred upon them sarcastically. In the course of time the Christians ceased to realize that theirs had originally been a derogatory appellation chosen for them by outsiders rather than by themselves.
The Qur'an, therefore, does not refer to the followers of Christ as Christians. It reminds them rather that they belong to those who responded to the query of Jesus: 'Who are my supporters (ansari) in the way of God?' by saying that they were his ansar (supporters) in God's cause. (See Surah al-Saff 61: 14 - Ed.) It is an irony of fate that far from feeling grateful at being referred to by a dignified appellation Christian missionaries take offence at the fact that the Qur'an designates them as Nasara rather than as 'Christians'.