- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِۦ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَآئِمٍۢ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ۚ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ۚ والله واسع عليم
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من يرجع منكم عن دينه، ويستبدل به اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك، فلن يضرُّوا الله شيئًا، وسوف يأتي الله بقوم خير منهم يُحِبُّهم ويحبونه، رحماء بالمؤمنين أشدَّاء على الكافرين، يجاهدون أعداء الله، ولا يخافون في ذات الله أحدًا. ذلك الإنعام مِن فضل الله يؤتيه من أراد، والله واسع الفضل، عليم بمن يستحقه من عباده.
- السعدى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
يخبر تعالى أنه الغني عن العالمين، وأنه من يرتد عن دينه فلن يضر الله شيئا، وإنما يضر نفسه. وأن لله عبادا مخلصين، ورجالا صادقين، قد تكفل الرحمن الرحيم بهدايتهم، ووعد بالإتيان بهم، وأنهم أكمل الخلق أوصافا، وأقواهم نفوسا، وأحسنهم أخلاقا، أجلُّ صفاتهم أن الله { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ْ} فإن محبة الله للعبد هي أجل نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة، تفضل الله بها عليه، وإذا أحب الله عبدا يسر له الأسباب، وهون عليه كل عسير، ووفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه بالمحبة والوداد. ومن لوازم محبة العبد لربه، أنه لابد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا، في أقواله وأعماله وجميع أحواله، كما قال تعالى: { قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ْ} كما أن من لازم محبة الله للعبد، أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن الله: "وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال [عبدي] يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه". ومن لوازم محبة الله معرفته تعالى، والإكثار من ذكره، فإن المحبة بدون معرفة بالله ناقصة جدا، بل غير موجودة وإن وجدت دعواها، ومن أحب الله أكثر من ذكره، وإذا أحب الله عبدا قبل منه اليسير من العمل، وغفر له الكثير من الزلل. ومن صفاتهم أنهم { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ْ} فهم للمؤمنين أذلة من محبتهم لهم، ونصحهم لهم، ولينهم ورفقهم ورأفتهم، ورحمتهم بهم وسهولة جانبهم، وقرب الشيء الذي يطلب منهم وعلى الكافرين بالله، المعاندين لآياته، المكذبين لرسله - أعزة، قد اجتمعت هممهم وعزائمهم على معاداتهم، وبذلوا جهدهم في كل سبب يحصل به الانتصار عليهم، قال تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ْ} وقال تعالى: { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ْ} فالغلظة والشدة على أعداء الله مما يقرب العبد إلى الله، ويوافق العبد ربه في سخطه عليهم، ولا تمنع الغلظة عليهم والشدة دعوتهم إلى الدين الإسلامي بالتي هي أحسن. فتجتمع الغلظة عليهم، واللين في دعوتهم، وكلا الأمرين من مصلحتهم ونفعه عائد إليهم. { يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ْ} بأموالهم وأنفسهم، بأقوالهم وأفعالهم. { وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ْ} بل يقدمون رضا ربهم والخوف من لومه على لوم المخلوقين، وهذا يدل على قوة هممهم وعزائمهم، فإن ضعيف القلب ضعيف الهمة، تنتقض عزيمته عند لوم اللائمين، وتفتر قوته عند عذل العاذلين. وفي قلوبهم تعبد لغير الله، بحسب ما فيها من مراعاة الخلق وتقديم رضاهم ولومهم على أمر الله، فلا يسلم القلب من التعبد لغير الله، حتى لا يخاف في الله لومة لائم. ولما مدحهم تعالى بما من به عليهم منَّ الصفات الجليلة والمناقب العالية، المستلزمة لما لم يذكر من أفعال الخير -أخبر أن هذا من فضله عليهم وإحسانه لئلا يعجبوا بأنفسهم، وليشكروا الذي مَنَّ عليهم بذلك ليزيدهم من فضله، وليعلم غيرُهم أن فضل الله تعالى ليس عليه حجاب، فقال: { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ْ} أي: واسع الفضل والإحسان، جزيل المنن، قد عمت رحمته كل شيء، ويوسع على أوليائه من فضله، ما لا يكون لغيرهم، ولكنه عليم بمن يستحق الفضل فيعطيه، فالله أعلم حيث يجعل رسالته أصلا وفرعا.
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
قوله- تعالى- مَنْ يَرْتَدَّ من الارتداد. ومعناه: الرجوع إلى الخلف ومنه قوله- تعالى- رُدُّوها عَلَيَّ أى: ارجعوها على. وقوله: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ.
والمراد بالارتداد هنا: الرجوع عن دين الإسلام إلى الكفر والضلال، والخروج من الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غيره من الأباطيل والأكاذيب.
قالوا: وفي هذه الآية الكريمة إشارة إلى أن من الذين دخلوا في الإسلام من سيرتد عنه إلى غيره من الكفر والضلال، وقد كان الأمر كما أشارت الآية الكريمة فقد ارتد عن الإسلام بعض القبائل كقبيلة بنى حنيفة- قوم مسيلمة الكذاب- وقبيلة بنى أسد، وقبيلة بنى مدلج وغيرهم.
وقد تصدى سيدنا أبو بكر الصديق ومن معه من المؤمنين الصادقين للمرتدين فكسروا شوكة الردة، وأعادوا لكلمة الإسلام هيبتها وقوتها.
قال الآلوسى ما ملخصه: هذه الآية من الكائنات التي أخبر عنها القرآن قبل وقوعها- وقد وقع المخبر به على وفقها فيكون معجزا- فقد روى أنه ارتد عن الإسلام إحدى عشرة فرقة.
ثلاث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهم: «بنو مدلج، ورئيسهم الأسود العنسي و «بنو حنيفة» قوم مسيلمة الكذاب و «بنو أسد» قوم طليحة بن خويلد الأسدى. وسبع في عهد أبى بكر وهم:
فزارة. وغطفان، وبنو سليم، وبنو يربوع، وبعض بنى تميم، وكنده، وبنو بكر ابن وائل.
وارتدت فرقة واحدة في عهد عمر وهي قبيلة «غسان قوم جبلة بن الأيهم» .
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا لا يتخذ أحد منكم أحدا من أعداء الله وليا ونصيرا لأن ولايتهم تفضى إلى مضرتكم وخسرانكم. بل وإلى ردتكم عن الحق الذي آمنتم به، ومن يرتدد منكم عن دينه الحق إلى غيره من الأديان الباطلة فلن يضر الله شيئا، لأنه- سبحانه- سوف يأتى بقوم آخرين مخلصين له، ومطيعين لأوامره، ومستجيبين لتعاليمه. بدل أولئك الذين ارتدوا على أدبارهم، وكفروا بعد إيمانهم. قال- تعالى-: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ .
ولفظ فَسَوْفَ جيء به هنا لتأكيد وقوع الأمر في المستقبل، إذا ما ارتد بعض الناس على أدبارهم.
وقد وصف الله- تعالى- أولئك القوم الذين يأتى بهم بدل الذين كفروا بعد إيمانهم، وصفهم بعدد من الصفات الحميدة، والسجايا الكريمة.
وصفهم- أولا- بقوله: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ:
ومحبة الله- تعالى- للمؤمنين هي أسمى نعمة يتعشقونها ويتطلعون إليها، ويرجون حصولها ودوامها. وهي- كما يقول الآلوسى- محبة تليق بشأنه على المعنى الذي أراده.
ومن علاماتها: أن يوفقهم- سبحانه- لطاعته، وأن ييسر لهم الخير في كل شئونهم.
ومحبة المؤمنين لله- تعالى- معناها: التوجه إليه وحده بالعبادة، واتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به، والاستجابة لتعاليمه برغبة وشوق.
وقوله: يُحِبُّهُمْ جملة في محل جر صفة لقوم. وقوله «ويحبونه» معطوف على يُحِبُّهُمْ.
وقدم- سبحانه- محبته لهم على محبتهم له، لشرفها وسبقها، إذ لولا محبته لهم لما وصلوا إلى طاعته.
وصفهم- ثانيا- بقوله: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ.
وقوله: أَذِلَّةٍ جمع ذليل، من تذلل إذا تواضع وحنا على غيره، وليس المراد بكونهم أذلة أنهم مهانون، بل المراد المبالغة في وصفهم بالرفق ولين الجانب للمؤمنين.
وقوله: أَعِزَّةٍ جمع عزيز وهو المتصف بالعزة بمعنى القوة والامتناع عن أن يغلب أو يقهر ومنه قوله- تعالى- وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أى: غلبني في الخطاب.
والمعنى: إن من صفات هؤلاء القوم الذين يأتى الله بهم بدل الذين كفروا بعد إيمانهم، أنهم أرقاء على المؤمنين، عاطفون عليهم متواضعون لهم، تفيض قلوبهم حنوا وشفقة بهم. وأنهم في الوقت نفسه أشداء على الكافرين، ينظرون إليهم نظرة العزيز الغالب، لا نظرة الضعيف الخانع.
وهذه- كما يقول ابن كثير- صفات المؤمنين الكمل. أن يكون أحدهم متواضعا لأخيه ووليه، متعززا على خصمه وعدوه كما قال- تعالى-: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ومن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم: «أنه الضحوك القتال» فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعدائه» .
وقال صاحب الكشاف: فإن قلت: هلا قيل أذلة للمؤمنين أعزة على الكافرين؟ قلت: فيه وجهان:
أحدهما: أن يضمن الذل معنى الحنو والعطف كأنه قيل: عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع.
والثاني: أنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين- خافضون لهم أجنحتهم» .
وقال الطيبي: إن قوله- تعالى- أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ جيء به للتكميل، لأنه لما وصفهم قبل ذلك بالتذلل، ربما يتوهم أحد أنهم أذلاء محقرون في أنفسهم فدفع ذلك الوهم بأنهم مع ذلتهم على المؤمنين أعزة على الكافرين على حد قول القائل:
جلوس في مجالسهم رزان ... وإن ضيم ألم بهم خفاف
ثم وصفهم- ثالثا- بقوله: يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ وقوله:
يُجاهِدُونَ من المجاهدة وهي بذل الجهد ونهاية الطاقة من أجل الوصول إلى المقصد الذي يسعى إليه الساعى.
وقوله: فِي سَبِيلِ اللَّهِ أى في سبيل إعلاء دين الله، وإعزاز كلمته وليس في سبيل الهوى أو الشيطان.
واللومة: هي المرة الواحدة من اللوم. وهو بمعنى اعتراض المعترضين، ومخالفة المخالفين وعدم رضاهم عن هؤلاء القوم.
والمعنى: أن من صفات هؤلاء القوم- أيضا- أنهم يبذلون أقصى جهدهم في سبيل إعلاء كلمة الله والعمل على مرضاته، وأنهم في جهادهم وجهرهم بكلمة الحق، وحرصهم على ما يرضيه- سبحانه- لا يخافون لوما قط من أى لائم كائنا من كان. لأن خشيتهم ليست إلا من الله وحده.
وعبر- سبحانه- بلومة- بصيغة الإفراد والتنكير، للمبالغة في نفى الخوف عنهم سواء أصدر اللوم لهم من كبير أم من صغير. وسواء أكانت اللومة شديدة أم رفيقة..
فهم- كما يقول الزمخشري-: صلاب في دينهم، إذا شرعوا في أمر من أمور الدين لإنكار منكر أو أمر بمعروف- مضوا فيه كالمسامير المحماة، لا يرعبهم قول قائل، ولا اعتراض معترض، ولا لومة لائم، والجملة على هذا معطوفة على يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ويحتمل أن تكون الواو للحال. أى أنهم يجاهدون وحالهم في المجاهدة خلاف حال المنافقين الذين كانوا إذا خرجوا في جيش المؤمنين خافوا أولياءهم اليهود، فلا يعملون شيئا مما يعلمون أنه يلحقهم فيه لوم من جهتهم، وأما المؤمنون فكانوا يجاهدون لوجه الله لا يخافون لومة لائم» .
وقد ذكر المفسرون أقوالا متعددة في المراد بهؤلاء القوم الذين وصفهم الله- تعالى- بتلك الصفات الكريمة، والذين يأتى بهم بدل أولئك الذين يرتدون على أعقابهم.
قال بعضهم: المراد بهم أبو بكر ومن معه من المؤمنين الذين قاتلوا المرتدين.
وقال آخرون: المراد بهم الأنصار الذين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم وأيدوه.
وقال مجاهد: المراد بهم أهل اليمن ... وقيل غير ذلك.
والذي نراه أنهم قوم ليسوا مخصوصين بزمن معين أو بلد معين، أو أشخاص معينين، وإنما هم كل من تنطبق عليهم هذه الصفات الجليلة. فكل من أحب الله وأحبه الله، وتواضع للمؤمنين وأغلظ على الكافرين. وجاهد في سبيل الله دون أن يخشى أحدا سواه فهو منهم، أما ذواتهم فيعلمها الله وحده، لأنه لم يرد نص صحيح يعتمد عليه في بيان المراد بهؤلاء القوم.
واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ يعود على ما تقدم ذكره من أوصاف القوم.
أى: ذلك الذي أعطيناه لهم من صفات كريمة فضل الله وإحسانه، يؤتيه من يشاء إيتاءه من عباده، والله- تعالى- واسع الفضل والجود والعطاء، عليم بأحوال خلقه، لا تخفى عليه خافية من شئونهم.
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية الكريمة: وجوب المجاهدة في سبيل إعلاء كلمة الله عن طريق قتال أعدائه- سبحانه- أو عن طريق الجهر بكلمة الحق، أو عن طريق إحقاق الحق وإبطال الباطل- دون أن يخاف المجاهد لومة لائم.
ولقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث في هذا المعنى ومن ذلك:
ما رواه الإمام أحمد عن أبى ذر: أمرنى خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرنى بحب المساكين والدنو منهم، وأمرنى أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقى، وأمرنى أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرنى أن لا أسأل أحدا شيئا، وأمرنى أن أقول الحق وإن كان مرا، وأمرنى أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرنى أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن كنز تحت العرش» .
وعن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده. فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو أن يذكر بعظيم» .
وعنه- أيضا- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحقرن أحدكم نفسه قالوا: وكيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: أن يرى أمر الله فيه مقال فلا يقول فيه. فيقال له يوم القيامة. ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا؟ فيقول مخافة الناس. فيقول: إياى أحق أن تخاف» .
وهناك أحاديث أخرى في هذا المعنى سوى التي ذكرها الإمام ابن كثير ومن ذلك ما أخرجه الشيخان عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمنكرة. وأن لا ننازع الأمر أهله. وأن نقول بالحق حيثما كنا. لا نخاف في الله لومة لائم» .
- البغوى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
قوله عز وجل : ( ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قرأ أهل المدينة والشام " يرتدد " بدالين على إظهار التضعيف " عن دينه " فيرجع إلى الكفر .
قال الحسن : علم الله تبارك وتعالى أن قوما يرجعون عن الإسلام بعد موت نبيهم صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه سيأتي بقوم يحبهم الله ويحبونه .
واختلفوا في أولئك القوم من هم؟ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن وقتادة : هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة الزكاة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قبض ارتد عامة العرب إلا أهل مكة والمدينة والبحرين من عبد القيس ، ومنع بعضهم الزكاة ، وهم أبو بكر رضي الله عنه بقتالهم فكره ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال عمر رضي الله عنه : كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله عز وجل؟ " فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني [ عناقا ] كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها " .
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : كرهت الصحابة قتال مانعي الزكاة وقالوا : أهل القبلة ، فتقلد أبو بكر سيفه وخرج وحده ، فلم يجدوا بدا من الخروج على أثره . قال ابن مسعود : كرهنا ذلك في الابتداء ثم حمدناه عليه في الانتهاء .
قال أبو بكر بن عياش : سمعت أبا حصين يقول : ما ولد بعد النبيين مولود أفضل من أبي بكر رضي الله عنه ، لقد قام مقام نبي من الأنبياء في قتال أهل الردة .
وكان قد ارتد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث فرق :
منهم [ بنو مذحج ] ورئيسهم ذو الخمار عبهلة بن كعب العنسي ، ويلقب بالأسود ، وكان كاهنا مشعبذا فتنبأ باليمن واستولى على بلادها ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل ومن معه من المسلمين ، وأمرهم أن يحثوا الناس على التمسك بدينهم ، وعلى النهوض إلى حرب الأسود ، فقتله فيروز الديلمي على فراشه ، قال ابن عمر رضي الله عنه فأتى الخبر النبي صلى الله عليه وسلم من السماء الليلة التي قتل فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
قتل الأسود البارحة ، قتله رجل مبارك " ، قيل : ومن هو؟ قال : " فيروز ، [ فاز فيروز ] فبشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بهلاك الأسود ، وقبض صلى الله عليه وسلم من الغد ، وأتى [ خبر ] مقتل العنسي المدينة في آخر شهر ربيع الأول بعدما خرج أسامة وكان ذلك أول فتح جاء أبا بكر رضي الله عنه .والفرقة الثانية : بنو حنيفة باليمامة ، ورئيسهم مسيلمة الكذاب ، [ واسمه ثمامة بن قيس ] وكان قد تنبأ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر سنة عشر ، وزعم أنه أشرك مع محمد صلى الله عليه وسلم في النبوة ، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك ، وبعث [ بذلك ] إليه مع رجلين من أصحابه ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أتشهدان أن مسيلمة رسول الله؟ قالا : نعم . قال النبي صلى الله عليه وسلم ] " لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما " ، ثم أجاب : " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين " ، ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي ، فبعث أبو بكر خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذاب في جيش كثير حتى أهلكه الله على يدي وحشي غلام مطعم بن عدي الذي قتل حمزة بن عبد المطلب ، بعد حرب شديد ، وكان وحشي يقول : قتلت خير الناس في الجاهلية وشر الناس في الإسلام .
والفرقة الثالثة : بنو أسد ، ورئيسهم طليحة بن خويلد بن الوليد ، وكان طليحة آخر من ارتد ، وادعى النبوة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأول من قوتل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الردة ، فبعث أبو بكر خالد بن الوليد إليه ، فهزمهم خالد بعد قتال شديد ، وأفلت طليحة فمر على وجهه هاربا نحو الشام ، ثم إنه أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه .
وارتد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم [ في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ] خلق كثير ، حتى كفى الله المسلمين أمرهم ونصر دينه على يدي أبي بكر رضي الله عنه .
قالت عائشة : " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب واشرأب النفاق ، ونزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها " .
وقال قوم : المراد بقوله : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) هم الأشعريون ، روي عن عياض بن غنم الأشعري قال : لما نزلت هذه الآية : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم قوم هذا ، وأشار إلى أبي موسى الأشعري " وكانوا من اليمن .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن الطيسفوني أنا أبو عبد الله بن عمر الجوهري أنا أحمد بن [ علي الكشميهني ، حدثنا علي بن ] حجر أنا إسماعيل بن جعفر أنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتاكم أهل اليمن ، هم أضعف قلوبا وأرق أفئدة ، الإيمان يمان والحكمة يمانية "
وقال الكلبي : هم أحياء من اليمن ألفان من النخع وخمسة آلاف من كندة وبجيلة ، وثلاثة آلاف من أفياء الناس ، فجاهدوا في سبيل الله يوم القادسية في أيام عمر رضي الله عنه .
قوله عز وجل : ( أذلة على المؤمنين ) يعني : أرقاء رحماء ، لقوله عز وجل : " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ، ولم يرد به الهوان ، بل أراد به أن جانبهم لين على المؤمنين ، وقيل : هو من الذل من قولهم " دابة ذلول " ، يعني أنهم متواضعون كما قال الله تعالى : " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا " ، ( أعزة على الكافرين ) أي : أشداء غلاظ على الكفار يعادونهم ويغالبونهم ، من قولهم : عزه أي : غلبه ، قال عطاء : أذلة على المؤمنين : كالولد لوالده والعبد لسيده ، أعزة على الكافرين : كالسبع على فريسته ، نظيره قوله تعالى : " أشداء على الكفار رحماء بينهم " . ( يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) يعني : لا يخافون في الله لوم الناس ، وذلك أن المنافقين كانوا يراقبون الكفار ويخافون لومهم ، وروينا عن عبادة بن الصامت قال : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم " .
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) أي : محبتهم لله ولين جانبهم للمسلمين ، وشدتهم على الكافرين ، من فضل الله عليهم ، ( والله واسع عليم ) .
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
يقول تعالى مخبرا عن قدرته العظيمة أن من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته ، فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه وأشد منعة وأقوم سبيلا كما قال تعالى : ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] وقال تعالى : ( إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ) [ النساء : 133 ] ، وقال تعالى : ( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ) [ إبراهيم : 19 ، 20 ] أي : بممتنع ولا صعب . وقال تعالى هاهنا : ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه ) أي : يرجع عن الحق إلى الباطل .
قال محمد بن كعب : نزلت في الولاة من قريش . وقال الحسن البصري : نزلت في أهل الردة أيام أبي بكر .
( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال الحسن : هو والله أبو بكر وأصحابه [ رضي الله عنهم ] رواه ابن أبي حاتم .
وقال أبو بكر بن أبي شيبة : سمعت أبا بكر بن عياش يقول في قوله ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) هم أهل القادسية . وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد : هم قوم من سبأ .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عبد الله بن الأجلح عن محمد بن عمرو عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال : ناس من أهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون .
وحدثنا أبي حدثنا محمد بن المصفى حدثنا معاوية - يعني ابن حفص - عن أبي زياد الحلفاني عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال : " هؤلاء قوم من أهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون ثم من تجيب " . وهذا حديث غريب جدا .
وقال ابن أبى حاتم : حدثنا عمر بن شبة حدثنا عبد الصمد - يعني ابن عبد الوارث - حدثنا شعبة عن سماك سمعت عياضا يحدث عن الأشعري قال : لما نزلت : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم قوم هذا " . ورواه ابن جرير من حديث شعبة بنحوه .
وقوله تعالى : ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) هذه صفات المؤمنين الكمل أن يكون أحدهم متواضعا لأخيه ووليه ، متعززا على خصمه وعدوه ، كما قال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) [ الفتح : 29 ] . وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه : " الضحوك القتال " فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعدائه .
وقوله [ تعالى ] ( يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) أي : لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله ، وقتال أعدائه ، وإقامة الحدود ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا يردهم عن ذلك راد ، ولا يصدهم عنه صاد ، ولا يحيك فيهم لوم لائم ولا عذل عاذل .
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا سلام أبو المنذر عن محمد بن واسع ، عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع ، أمرني بحب المساكين والدنو منهم ، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ، ولا أنظر إلى من هو فوقي ، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت ، وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا ، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا ، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم ، وأمرني أن أكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنهن من كنز تحت العرش .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان عن أبي المثنى أن أبا ذر قال : بايعني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وواثقني سبعا ، وأشهد الله علي تسعا ، أني لا أخاف في الله لومة لائم . قال أبو ذر : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هل لك إلى بيعة ولك الجنة؟ " قلت : نعم ، قال : وبسطت يدي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشترط : على ألا تسأل الناس شيئا؟ قلت : نعم . قال : " ولا سوطك وإن سقط منك يعني تنزل إليه فتأخذه . "
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن الحسن حدثنا جعفر عن المعلى القردوسي عن الحسن عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده ، فإنه لا يقرب من أجل ، ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكر بعظيم " . تفرد به أحمد .
وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن زبيد عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرا لله فيه مقال ، فلا يقول فيه ، فيقال له يوم القيامة : ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا ؟ فيقول : مخافة الناس . فيقول : إياي أحق أن تخاف " .
ورواه ابن ماجه من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة به . وروى أحمد وابن ماجه من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي طوالة عن نهار بن عبد الله العبدي المدني عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليسأل العبد يوم القيامة ، حتى إنه ليسأله يقول له : أي عبدي ، رأيت منكرا فلم تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته ، قال : أي رب ، وثقت بك وخفت الناس " .
وثبت في الصحيح : " ما ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه " ، قالوا : وكيف يذل نفسه يا رسول الله؟ قال : " يتحمل من البلاء ما لا يطيق " .
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) أي : من اتصف بهذه الصفات ، فإنما هو من فضل الله عليه ، وتوفيقه له ( والله واسع عليم ) أي : واسع الفضل ، عليم بمن يستحق ذلك ممن يحرمه إياه .
- القرطبى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
قوله : ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : من يرتد منكم عن دينه شرط وجوابه فسوف ، وقراءة أهل المدينة والشام " من يرتدد " بدالين . الباقون " من يرتد " . وهذا من إعجاز القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم : إذ أخبر عن ارتدادهم ولم يكن ذلك في عهده وكان ذلك غيبا ، فكان على ما أخبر بعد مدة ، وأهل الردة كانوا بعد موته صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب إلا ثلاثة مساجد مسجد المدينة ، ومسجد مكة ، ومسجد جؤاثى ، وكانوا في ردتهم على قسمين : قسم نبذ الشريعة كلها وخرج عنها ، وقسم نبذ وجوب الزكاة واعترف بوجوب غيرها ; قالوا نصوم ونصلي ولا نزكي ; فقاتل الصديق جميعهم ; وبعث خالد بن الوليد إليهم بالجيوش فقاتلهم وسباهم ; على ما هو مشهور من أخبارهم .
الثانية : قوله تعالى : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه في موضع النعت . قال الحسن وقتادة وغيرهما : نزلت في أبي بكر الصديق وأصحابه ، وقال السدي : نزلت في الأنصار . وقيل : هي إشارة إلى قوم لم يكونوا موجودين في ذلك الوقت ، وأن أبا بكر قاتل أهل الردة بقوم لم يكونوا وقت نزول الآية ; وهم أحياء من اليمن من كندة وبجيلة ، ومن أشجع ، وقيل : إنها نزلت في الأشعريين ; ففي الخبر أنها لما نزلت قدم بعد ذلك بيسير سفائن الأشعريين ، وقبائل اليمن من طريق البحر ، فكان لهم بلاء في الإسلام في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت عامة فتوح العراق في زمن عمر رضي الله عنه على يدي قبائل اليمن ; هذا أصح ما قيل في نزولها ، والله أعلم ، وروى الحاكم أبو عبد الله في " المستدرك " بإسناده : أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أبي موسى الأشعري لما نزلت هذه الآية فقال : ( هم قوم هذا ) قال القشيري : فأتباع أبي الحسن من قومه ; لأن كل موضع أضيف فيه قوم إلى نبي أريد به الأتباع .
الثالثة : قوله تعالى : أذلة على المؤمنين ( أذلة ) نعت لقوم ، وكذلك ( أعزة ) أي : يرأفون بالمؤمنين ويرحمونهم ويلينون لهم ; من قولهم : دابة ذلول أي : تنقاد سهلة ، وليس من الذل في شيء ، ويغلظون على الكافرين ويعادونهم . قال ابن عباس : هم للمؤمنين كالوالد للولد والسيد للعبد ، وهم في الغلظة على الكفار كالسبع على فريسته ; قال الله تعالى : أشداء على الكفار رحماء بينهم ، ويجوز " أذلة " بالنصب على الحال ; أي : يحبهم ويحبونه في هذا الحال ، وقد تقدمت معنى محبة الله تعالى لعباده ومحبتهم له .
الرابعة : يجاهدون في سبيل الله في موضع الصفة أيضا . ولا يخافون لومة لائم بخلاف المنافقين يخافون الدوائر ; فدل بهذا على تثبيت إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ; لأنهم جاهدوا في الله عز وجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقاتلوا المرتدين بعده ، ومعلوم أن من كانت فيه هذه الصفات فهو ولي لله تعالى ، وقيل : الآية عامة في كل من يجاهد الكفار إلى قيام الساعة ، والله أعلم . ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ابتداء وخبر ( واسع عليم ) أي : واسع الفضل ، عليم بمصالح خلقه .
- الطبرى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله وبرسوله: " يا أيها الذين آمنوا "، أي: صدّقوا لله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به نبيُّهم محمد صلى الله عليه وسلم=" من يرتد منكم عن دينه "، يقول: من يرجع منكم عن دينه الحق الذي هو عليه اليوم، فيبدِّله ويغيره بدخوله في الكفر، إما في اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك من صنوف الكفر، (33) فلن يضر الله شيئا، وسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، يقول: فسوف يجيء الله بدلا منهم، المؤمنين الذين لم يبدِّلوا ولم يغيروا ولم يرتدوا، بقومٍ خير من الذين ارتدُّوا وابدَّلوا دينهم، يحبهم الله ويحبون الله. (34)
وكان هذا الوعيد من الله لمن سبق في علمه أنه سيرتدُّ بعد وفاةِ نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم. وكذلك وعدُه من وعدَ من المؤمنين ما وعدَه في هذه الآية، لمن سبق له في علمه أنه لا يبدّل ولا يغير دينه، ولا يرتدّ. فلما قَبَض الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم، ارتدّ أقوام من أهل الوبَرِ، وبعضُ أهل المَدَر، فأبدل الله المؤمنين بخيرٍ منهم كما قال تعالى ذكره، ووفى للمؤمنين بوعده، وأنفذ فيمن ارتدَّ منهم وعيدَه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
12177 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عبد الله بن عياش، عن أبي صخر، عن محمد بن كعب: أن عمر بن عبد العزيز أرسل إليه يومًا، وعمر أمير المدينة يومئذ، فقال: يا أبا حمزة، آية أسهرتني البارحة! قال محمدٌ: وما هي، أيها الأمير؟ قال: قول الله: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " حتى بلغ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ . فقال محمد: أيها الأمير، إنما عنى الله بالذين آمنوا، الولاةَ من قريش، من يرتدَّ عن الحق. (35)ثم اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين أتى الله بهم المؤمنين، وأبدل المؤمنين مكانَ من ارتدَّ منهم.
فقال بعضهم: هو أبو بكر الصديق وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة حتى أدخلوهم من الباب الذي خرجوا منه.
ذكر من قال ذلك:
12178 - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا حفص بن غياث، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن في قوله: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال: هذا والله أبو بكر وأصحابه. (36)12179 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، مثله.
12180 - حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة بن سليمان، عن جويبر، عن سهل، عن الحسن في قوله: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال: أبو بكر وأصحابه.12181 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين بن علي، عن أبي موسى قال: قرأ الحسن: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال: هي والله لأبي بكر وأصحابه. (37)12182 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال، حدثنا أحمد بن بشير، عن هشام، عن الحسن في قوله: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال: نـزلت في أبي بكر وأصحابه. (38)12183 - حدثني علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم "، قال: هو أبو بكر وأصحابه. لما ارتد من ارتدَّ من العرب عن الإسلام، جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردَّهم إلى الإسلام.12184 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "
من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، إلى قوله: وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ، أنـزل الله هذه الآية وقد علم أن سيرتدُّ مرتدُّون من الناس، فلما قبض الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، ارتدّ عامة العرب عن الإسلام= إلا ثلاثة مساجد: أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل البحرين من عبد القيس= قالوا: نصلي ولا نـزكِّي، والله لا تُغصب أموالنا! (39) فكُلِّم أبو بكر في ذلك فقيل له: إنهم لو قد فُقِّهوا لهذا أعطوها= أو: أدَّوها= (40) فقال: لا والله، لا أفرق بين شيء جمع الله بينه، ولو منعوا عِقالا مما فرضَ الله ورسوله لقاتلناهم عليه! (41) فبعث الله عصابة مع أبي بكر، فقاتل على ما قاتل عليه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، حتى سبَى وقتل وحرق بالنيران أناسًا ارتدّوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة، فقاتلهم حتى أقرّوا بالماعون =وهي الزكاة= صَغرة أقمياء. (42) فأتته وفود العرب، فخيَّرهم بين خُطَّة مخزية أو حرب مُجْلية. فاختاروا الخطة المخزية، وكانت أهون عليهم أن يقرُّوا: أن قتلاهم في النار، وأن قتلى المؤمنين في الجنة، (43) وأن ما أصابوا من المسلمين من مال ردّوه عليهم، وما أصاب المسلمون لهم من مال فهو لهم حلال.12185 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال ابن جريج: ارتدوا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلهم أبو بكر.12186 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هشام قال، أخبرنا سيف بن عمر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن أبي أيوب، عن علي في قوله: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه "، قال: عَلِم الله المؤمنين، ووقع معنى السوء على الحَشْو الذي فيهم من المنافقين ومن في علمه أن يرتدُّوا، (44) قال: " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله "، المرتدَّة في دورهم (45) =" بقوم يحبهم ويحبونه "، بأبي بكر وأصحابه. (46)* * *
وقال آخرون: يعني بذلك قومًا من أهل اليمن. وقال بعض من قال ذلك منهم: هم رهط أبي موسى الأشعري، عبد الله بن قيس. (47)
ذكر من قال ذلك:
12188 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عياض الأشعري قال: لما نـزلت هذه الآية،"
يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال: أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى بشيء كان معه، فقال: هم قومُ هذا!12189 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت عياضًا يحدّث عن أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال: يعني قوم أبي موسى.12190 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا ابن إدريس، عن شعبة = قال أبو السائب: قال أصحابنا: هو: "
عن سماك بن حرب "، وأنا لا أحفظ " سماكًا " = عن عياض الأشعريّ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم قوم هذا يعني أبا موسى.12191 - حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا ابن إدريس، عن شعبة، عن سماك، عن عياض الأشعري، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: هم قوم هذا= في قوله: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ".12192 - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا شعبة، عن سماك بن حرب قال: سمعت عياضًا الأشعري يقول: لما نـزلت: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم قومك يا أبا موسى!= أو قال: هم قوم هذا= يعني أبا موسى. (48)12193 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو سفيان الحميري، عن حصين، عن عياض= أو: ابن عياض="
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، قال: هم أهل اليمن. (49)12194 - حدثنا محمد بن عوف قال، حدثنا أبو المغيرة قال، حدثنا صفوان قال، حدثنا عبد الرحمن بن جبير، عن شريح بن عبيد قال: لما أنـزل الله: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " إلى آخر الآية، قال عمر: أنا وقومي هم، يا رسول الله؟ قال:لا بل هذا وقومه! يعني أبا موسى الأشعري. (50)* * *
وقال آخرون منهم: بل هم أهل اليمن جميعًا.
ذكر من قال ذلك:
12195 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: "
يحبهم ويحبونه "، قال: أناسٌ من أهل اليمن.12196 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
12197 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد قال: هم قوم سَبَأ.
12198 - حدثنا مطر بن محمد الضبي قال، حدثنا أبو داود قال، أخبرنا شعبة قال، أخبرني من سمع شهر بن حوشب قال: هم أهل اليمن. (51)
12199 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عبد الله بن عياش، عن أبي صخر، عن محمد بن كعب القرظي: أن عمر بن عبد العزيز أرسل إليه يومًا، وهو أمير المدينة، يسأله عن ذلك: فقال محمد: "
يأتي الله بقوم "، وهم أهل اليمن! قال عمر: يا ليتني منهم! قال: آمين! (52)* * *
وقال آخرون: هم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر من قال ذلك:
12200 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتدَّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، يزعم أنهم الأنصار.* * *
وتأويل الآية على قول من قال: عنى الله بقوله: "
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه "، أبا بكر وأصحابه في قتالهم أهل الرِّدَّة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم=: يا أيها الذين آمنوا، من يرتدَّ منكم عن دينه فلن يضر الله شيئًا، وسيأتي الله من ارتد منكم عن دينه بقوم يحبهم ويحبونه، ينتقم بهم منهم على أيديهم. وبذلك جاء الخبر والرواية عن بعض من تأول ذلك كذلك:12201 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هشام قال، أخبرنا سيف بن عمر، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي في قوله: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم "، قال يقول: فسوف يأتي الله المرتدَّةَ في دورهم (53) =" بقوم يحبهم ويحبونه "، بأبي بكر وأصحابه. (54)* * *
وأما على قول من قال: عنى الله بذلك أهل اليمن، فإن تأويله: يا أيها الذين آمنوا، من يرتد منكم عن دينه، فسوف يأتي الله المؤمنين الذين لم يرتدوا، بقوم يحبهم ويحبونه، أعوانًا لهم وأنصارًا. وبذلك جاءت الرواية عن بعض من كان يتأول ذلك كذلك.
12202 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح،
عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " الآية، وعيدٌ من الله أنه من ارتدّ منكم، أنه سيستبدل خيًرا منهم.* * *
وأما على قول من قال: عنى بذلك الأنصار، فإن تأويله في ذلك نظير تأويل من تأوَّله أنه عُنِي به أبو بكر وأصحابه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، ما رُوي به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم أهل اليمن، قوم أبي موسى الأشعري. ولولا الخبر الذي روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر الذي روي عنه، ما كان القول عندي في ذلك إلا قول من قال: "
هم أبو بكر وأصحابه ". وذلك أنه لم يقاتل قومًا كانوا أظهروا الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتدوا على أعقابهم كفارًا، غير أبي بكر ومن كان معه ممن قاتل أهل الردة معه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكنا تركنا القول في ذلك للخبر الذي رُوي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنْ كان صلى الله عليه وسلم مَعْدِن البيان عن تأويل ما أنـزل الله من وحيه وآيِ كتابه. (55)* * *
فإن قال لنا قائل: فإن كان القومُ الذين ذكر الله أنه سيأتي بهم= عند ارتداد من ارتد عن دينه، ممن كان قد أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم = هم أهل اليمن، فهل كان أهل اليمن أيام قتال أبي بكر رضي الله عنه أهل الردة أعوانَ أبي بكر على قتالهم، فتستجيز أن توجِّه تأويل الآية إلى ما وجِّهت إليه؟ (56) أم لم يكونوا أعوانًا له عليهم، فكيف استجزت أن توجه تأويل الآية إلى ذلك، وقد علمت أنه لا خُلْفَ لوعد الله؟
قيل له: إن الله تعالى ذكره لم يعدِ المؤمنين أن يبدِّلهم بالمرتدِّين منهم يومئذ، خيرًا من المرتدين لقتال المرتدين، وإنما أخبر أنه سيأتيهم بخيرٍ منهم بدلا منهم، فقد فعل ذلك بهم قريبًا غير بعيد، (57) فجاء بهم على عهد عمر، فكان موقعهم من الإسلام وأهله أحسن موقع، وكانوا أعوان أهل الإسلام وأنفعَ لهم ممن كان ارتدَّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من طَغَام الأعراب وجُفاة أهل البوادي الذين كانوا على أهل الإسلام كلا لا نفعًا؟ (58)
* * *
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: "
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه ".فقرأته قرأة أهل المدينة: ( يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه )، بإظهار التضعيف، بدالين، مجزومة "
الدال " الآخرة. وكذلك ذلك في مصاحفهم.وأما قرأة أهل العراق، فإنهم قرأوا ذلك: ( مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ) بالإدغام، بدالٍ واحدة، وتحريكها إلى الفتح، بناء على التثنية، لأن المجزوم الذي يظهر تضعيفه في الواحد، إذا ثنيّ أدغم. ويقال للواحد: "
اردُدْ يا فلان إلى فلان حقه "، فإذا ثنى قيل: " ردّا إليه حقه "، ولا يقال: " ارددا "، وكذلك في الجمع: " ردّوا "، ولا يقال: " ارددوا "، فتبني العرب أحيانًا الواحد على الاثنين، وتظهر أحيانًا في الواحد التضعيفَ لسكون لام الفعل. وكلتا اللغتين فصيحةٌ مشهورة في العرب. (59)* * *
قال أبو جعفر: والقراءة في ذلك عندنا على ما هو به في مصاحفنا ومصاحف أهل المشرق، بدال واحدة مشدّدة، بترك إظهار التضعيف، وبفتح "
الدال "، للعلة التي وصفت.* * *
القول في تأويل قوله : أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "
أذلة على المؤمنين "، أرقَّاء عليهم، رحماءَ بهم.* * *
= من قول القائل: "
ذلَّ فلان لفلان ". إذا خضع له واستكان. (60)* * *
ويعني بقوله: "
أعزة على الكافرين "، أشداء عليهم، غُلَظاء بهم.* * *
= من قول القائل: "
قد عزّني فلان "، إذا أظهر العزة من نفسه له، وأبدى له الجفوة والغِلْظة. (61)* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
12203 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هاشم قال، أخبرنا سيف بن عمر، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي في قوله: "
أذلة على المؤمنين "، أهل رقة على أهل دينهم=" أعزة على الكافرين "، أهل غلظة على من خالفهم في دينهم. (62)12204 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "
أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "، يعني بالأذلة: الرحماء. (63)12205 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج في قوله: "
أذلة على المؤمنين "، قال: رحماء بينهم=" أعزة على الكافرين "، قال: أشداء عليهم.12206 - حدثنا الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز قال، قال سفيان: سمعت الأعمش يقول في قوله: "
أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "، ضعفاء عن المؤمنين. (64)* * *
القول في تأويل قوله : يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "
يجاهدون في سبيل الله "، هؤلاء المؤمنين الذين وعد الله المؤمنين أن يأتيهم بهم إن ارتدّ منهم مرتدّ، بدلا منهم يجاهدون في قتال أعداء الله على النحو الذي أمر الله بقتالهم، والوجه الذي أذن لهم به، ويجاهدون عدوَّهم. فذلك مجاهدتهم في سبيل الله (65) =" ولا يخافون لومة لائم "، يقول: ولا يخافون في ذات الله أحدًا، ولا يصدُّهم عن العمل بما أمرهم الله به من قتال عدوهم، لومةُ لائم لهم في ذلك.* * *
وأما قوله: "
ذلك فضل الله "، فإنه يعني هذا النعتَ الذي نعتهم به تعالى ذكره= من أنهم أذلة على المؤمني، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم = فضلُ الله الذي تفضل به عليهم، (66) والله يؤتي فضله من يشاء من خلقه مِنّةً عليه وتطوّلا (67) =" والله واسع "، يقول: والله جواد بفضله على من جادَ به عليه، (68) لا يخاف نَفاد خزائنه فتَتْلف في عطائه (69) =" عليم "، بموضع جوده وعطائه، فلا يبذله إلا لمن استحقه، ولا يبذل لمن استحقه إلا على قدر المصلحة، لعلمه بموضع صلاحه له من موضع ضرّه. (70)-------------------
الهوامش :
(33) انظر تفسير"
ارتد" فيما سلف ص: 170 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(34) سياق هذه العبارة: "
فسوف يجي الله... المؤمنين... بقوم...".(35) الأثر: 12177-"
عبد الله بن عياش بن عباس القتباني" ، ليس بالمتين ، وهو ثقة. مترجم في التهذيب.و"
أبو صخر" هو"حميد بن زياد الخراط" ، مضى مرارًا ، منها برقم: 4280 ، 4325 ، 5386 ، 8391 ، 11867 ، 11891.ثم انظر الأثر التالي برقم: 12199.
(36) الأثر: 12178-"
الفضل بن دلهم الواسطي القصاب". مختلف في أمره. مضى برقم: 4928.(37) الأثر: 12181-"
حسين بن علي بن الوليد الجعفي" ، مضى قريبًا: 12164.و"
أبو موسى" ، هو: "إسرائيل بن موسى البصري" ، نزيل الهند. روى عن الحسن البصري. ثقة لا بأس به. مترجم في التهذيب.(38) الأثر: 12182-"
نصر بن عبد الرحمن الأزدي" ، هكذا جاء هنا أيضًا في المخطوطة والمطبوعة: "الأودي" ، وقد سلف أن تكلم عليه أخي السيد أحمد ، وصححه"الأزدي" كما أثبته هنا ، ولكني في شك من تصحيح ذلك كذلك ، لكثرة إثباته في التفسير في كل مكان"الأودي" انظر ما سلف: 423 ، 875 ، 2859 ، 8783.و"
أحمد بن بشير القرشي المخزومي" ، أبو بكر الكوفي. مضى برقم: 7819.و"
هشام" هو: "هشام بن عروة بن الزبير بن العوام" ، مضى برقم: 2889 ، 8461.(39) القائلون: "
نصلي ولا نزكي" ، هم الذين ارتدور من عامة العرب.(40) في المطبوعة: "
أعطوها أو زادوها" ، وهو تخليط فاحش ، وصوابه من المخطوطة وقوله: "أو: أدوها" ، كأنه قال: روى بدل"أعطوها" ، "أدوها". و"الهاء" فيهما راجعة إلى"الزكاة" التي منعوها.(41) "
العقال" (بكسر العين): زكاة عام من الإبل والغنم. يقال: "أخذ منهم عقال هذا العام" ، أي زكاته وصدقته. وقد فسره آخرون بأنه الحبل الذي كان تعقل به الفريضة التي كانت تؤخذ في الصدقة. وذلك أنه كان على صاحب الإبل أن يؤدي مع كل فريضة عقالا تعقل به ، و"رواء" أي: حبلا. ويروي الخبر"لو منعوني عناقًا". و"العناق": الأنثى من أولاد المعز ، إذا أتت عليها سنة.(42) "
صغرة" جمع"صاغر": وهو الراضي بالذل والضيم. و"أقمياء"جمع"قمئ": وهو الذليل الضارع المتضائل. والذي في كتب اللغة من جمع"قمئ""قماء" (بكسر القاف) و"قماء" (بضمها). وقد مر في الأثر رقم: 4221"قمأة" في المخطوطة ، وانظر التعليق عليه هناك. و"أقمياء" جمع عزيز هنا ، فإن"فعيلا" الصفة ، يجمع قياسا على"أفعلاء" ، إذا كان مضاعفًا ، مثل"شديد" و"أشداء" ، وكذلك إذا كان ناقصا واويًا أو يائيًا ، نحو"غني" و"أغنياء" ، و"شقي" و"أشقياء". أما الصحيح ، فقليل جمعه على"أفعلاء" ، مثل"صديق" و"أصدقاء". فإذا صحت رواية"أقمياء" في هذا الخبر ، فهو صحيح في العربية إن شاء الله ، لهذه العلة ولغيرها أيضا.(43) في المطبوعة: "أن يستعدوا أن قتلاهم في النار" ، وفي المخطوطة مثلها غير منقوطة ، ولم أجد لها تحريفًا أقرب مما أثبت ، استظهرته من الخبر الذي رواه الشعبي ، عن ابن مسعود وهو: قوله: "فوالله ما رضى لهم إلا بالخطة المخزية ، أو الحرب المجلية. فأما الخطة المخزية فأن أقروا بأن من قتل منهم في النار ، وأن ما أخذوا من أموالنا مردود علينا. وأما الحرب المجلية ، فأن يخرجوا من ديارهم" (فتوح البلدان للبلاذري: 101).
(44) في المطبوعة: "وأوقع معنى السوء" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وأنا في شك من العبارة كلها ، وإن كان لها وجه ومعنى.
(45) في المطبوعة: "المرتدة عن دينهم" ، وفي المخطوطة: "في دينهم" ، والصواب ما أثبته من الأثر التالي رقم: 12201.
(46) الأثر: 12186- في المطبوعة: "سيف بن عمرو" ، وهو خطأ ، صوابه ما أثبت من المخطوطة. وقد مضى مثل هذا الأثر برقم: 12128 وفيه"عبد الله بن هشام". وقد ذكرت هنالك أني لم أعرفه. وسقط من الترقيم؛ رقم: 12187 سهوًا.
(47) عن هذا الموضع ، انتهى جزء من تقسيم قديم ، وفي المخطوطة ما نصه:
"يتلوه: ذكر من قال ذلك.
وصلى الله على محمد".
ثم يتلوه ما نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم
رَبِّ يَسِّرْ برحمتك".
(48) الآثار: 12188- 12192-"عياض الأشعري" ، هو"عياض بن عمرو الأشعري" ، تابعي ، مختلف في صحبته ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. رأى أبا عبيدة بن الجراح ، وعمر بن الخطاب ، وأبا موسى الأشعري ، وغيرهم. قال ابن سعد 6: 104: "كان قليل الحديث". روى عنه الشعبي ، وسماك بن حرب. مترجم في التهذيب ، وأسد الغابة ، والإصابة ، والاستيعاب: 498 ، والكبير للبخاري 4/ 1/ 19.
وهذا الخبر رواه ابن سعد في الطبقات 4/ 1/ 79 ، من طريق عبد الله بن إدريس ، وعفان بن مسلم ، عن شعبة ، عن سماك ، عن عياض. والحاكم في المستدرك 2: 313 ، من طريق وهب بن جرير ، وسعيد بن عامر ، عن شعبة ، عن سماك ، عن عياض ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 16 ، وقال: "رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح". وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 292 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة في مسنده ، وعبد بن حميد ، والحكيم الترمذي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل. وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 179 ، 180 ، عن ابن أبي حاتم ، عن عمر بن شبة ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن شعبة.
(49) الأثر: 12193-"وأبو سفيان الحميري" ، هو"سعيد بن يحيى بن مهدي الحميري" الحذاء ، الواسطي. صدوق ، وقال الدارقطني: "متوسط الحال ليس بالقوي". مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2/ 1/ 477 ، وابن أبي حاتم 2/ 1/ 74.
و"حصين" هو"حصين بن عبد الرحمن السلمي" ، ثقة ، من كبار الأئمة. مضى برقم: 579 ، 2986.
و"عياض" هو الأشعري كما سلف في الآثار السابقة. وأما "ابن عياض" ، فلم أجد من ذكر ذلك ، وكأنه شك من أبي سفيان الحميري ، أو سفيان بن وكيع.
وانظر تخريج الآثار السالفة.
(50) الأثر: 12194-"محمد بن عوف بن سفيان الطائي" ، شيخ الطبري ، ثقة حافظ ، مضى برقم: 5445.
و"أبو المغيرة" هو: "عبد القدوس بن الحجاج الخولاني" ، "أبو المغيرة الحمصي" ثقة ، صدوق. مضى برقم: 10371.
و"صفوان" ، هو: "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، سمع عبد الرحمن بن جبير ، مضى برقم: 7009. وهو مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2/ 2/ 309 ، وابن أبي حاتم 2/ 1/ 422 ، وفي ترجمته في التهذيب خطأ بين ، ذكر أنه مات سنة (100) والصواب سنة (155) ، كما في التاريخ الكبير وغيره.
و"عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي" ، تابعي ثقة. مضى برقم: 186 ، 187.
و"شريح بن عبيد بن شريح الحضرمي" تابعي ثقة ، مضى برقم: 5445. و"صفون بن عمرو" يروي عن شريح مباشرة ، ولكنه روى هنا عنه بواسطة"عبد الرحمن بن جبير".
وهذا الأثر خرجه السيوطي في الدّرّ المنثور 2: 292 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير.
(51) الأثر: 12198-"مطر بن محمد الضبي" ، شيخ الطبري ، لم أجد له ترجمة ولا ذكرًا. وفيمن اسمه"مطر": "مطر بن محمد بن نصر التميمي الهروي" ، مترجم في تاريخ بغداد 3: 275. و"مطر بن محمد بن الضحاك السكري" ، يروي عن يزيد بن هرون. مترجم في لسان الميزان 6: 49. ولا أظنه أحدهما ، وأخشى أن يكون دخل اسمه بعض التحريف.
(52) الأثر: 12199- انظر الأثر السالف رقم: 12177 ، والتعليق عليه.
(53) قوله: في دورهم" ، هو الصواب ، وقد كان في المخطوطة والمطبوعة ، في الأثر السالف رقم: 12186"في دينهم" و"عن دينهم" ، والصواب هو الذي هنا. انظر التعليق السالف ص: 414 تعليق: 2.
(54) الأثر: 10201- هو بعض الأثر السالف رقم: 12186 ، وكان في هذا الموضع أيضًا"سيف بن عمرو" ، وهو خطأ ، كما بينته هناك.
(55) "المعدن" (بفتح الميم ، وسكون العين ، وكسر الدال): مكان كل شيء يكون فيه أصله ومبدؤه. ومنه قيل: "معدن الذهب والفضة" ، وهو الذي نسميه اليوم"المنجم" ، حيث أنبت الله سبحانه وتعالى جوهرهما ، وأثبتهما فيه. ومنه في المجاز ، ما جاء في الخبر: "فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم" يعني: أصولها التي ينسبون إليها ، ويتفاخرون بها.
(56) في المطبوعة: "حتى تستجيز" ، وفي المخطوطة: "تستجير" بغير"حتى" ، فآثرت قراءتها كما أثبتها.
(57) في المطبوعة: "يعد فعل ذلك" ، وهو لا معنى له ، والصواب ما في المخطوطة.
(58) "الطغام" (بفتح الطاء): أوغاد الناس وأراذلهم. و"الكل" (بفتح الكاف): العيال والثقل على صاحبه أو من يتولى أمره.
(59) في المطبوعة والمخطوطة: "في العرف" ، وآثرت قراءتها كما أثبتها ، وهو الصواب.
(60) وانظر تفسير"الذل" فيما سلف 2: 212/7: 171.
(61) انظر تفسير"العزة" فيما سلف 9: 319 ، تعليق: 5 ، والمراجع هناك.
(62) الأثر: 12203- انظر أسانيد الآثار السالفة رقم: 12186 ، 12201 ، والتعليق عليها. وفي المخطوطة والمطبوعة: "سفيان بن عمر" مكان"سيف بن عمر" ، وهو خطأ فاحش.
(63) في المخطوطة: "يعني بالأذلة: الرحمة" ، وفي المطبوعة: "يعني بالذلة الرحمة" ، وآثرت ما كتبت ، وهو تصحيف قريب.
(64) في المطبوعة: "ضعفاء على المؤمنين" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب جيد.
(65) انظر تفسير"يجاهد" فيما سلف 4: 318/10: 292
= وتفسير"سبيل الله" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(66) سياق الجملة: "هذا النعت الذي نعتهم به... فضل الله...".
(67) انظر تفسير"الفضل" فيما سلف من فهارس اللغة (فضل).
(68) انظر تفسير"واسع" فيما سلف 9: 294 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(69) في المطبوعة: "فكيف من عطائه" ، غير ما في المخطوطة ، لأنه لم يحسن قراءته إذ كان غير منقوط. وهذا صواب قراءته.
(70) انظر تفسير"عليم" فيما سلف من فهارس اللغة (علم).
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
تقضَّى تحذيرهم من أعدائهم في الدّين ، وتجنيبهم أسباب الضعف فيه ، فأقبل على تنبيههم إلى أنّ ذلك حرص على صلاحهم في ملازمة الدّين والذبّ عنه ، وأنّ الله لا يناله نفع من ذلك ، وأنّهم لو ارتدّ منهم فريق أو نَفَر لم يضرّ الله شيئاً ، وسيكون لهذا الدّين أتباع وأنصار وإن صدّ عنه من صَدّ ، وهذا كقوله تعالى : { إن تكفروا فإنّ الله غنيّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر } [ الزمر : 7 ] ، وقوله : { يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } [ الحجرات : 17 ] .
فجملة { يأيّها الّذين آمنوا من يرتدد منكم } الخ معترضة بين ما قبلها وبين جملة { إنّما وليّكم الله } [ المائدة : 55 ] ، دعت لاعتراضها مناسبة الإنذار في قوله { ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم } [ المائدة : 51 ] . فتعْقِيبُها بهذا الاعتراض إشارة إلى أنّ اتّخاذ اليهود والنّصارى أولياء ذريعة للارتداد ، لأنّ استمرار فريق على مُوالاة اليهود والنّصارى من المنافقين وضعفاء الإيمان يخشى منه أن ينسلّ عن الإيمان فريق . وأنبأ المتردّدين ضعفاء الإيمان بأنّ الإسلام غنيّ عنهم إن عزموا على الارتداد إلى الكفر .
وقرأ نافع ، وابن عامر ، وأبو جعفر { من يرتَدِدْ } بدالين على فَكّ الإدغام ، وهو أحد وجهين في مثله ، وهو لغة أهل الحجاز ، وكذلك هو مرسوم في مصحف المدينة ومصحف الشام . وقرأ الباقون بدال واحدة مشدّدة بالإدغام ، وهو لغة تميم . وبفتححٍ على الدال فتحة تخلّص من التقاء الساكنين لخفّة الفتح ، وكذلك هو مرسوم في مصحف مكّة ومصحف الكوفة ومصحف البصرة .
والارتداد مطاوع الردّ ، والردّ هو الإرجاع إلى مكان أو حالة ، قال تعالى : { رُدّوها عليّ } [ ص : 33 ] . وقد يطلق الردّ بمعنى التّصيير { ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر } [ النحل : 70 ] . وقد لوحظ في إطلاق اسم الارتداد على الكفر بعد الإسلام ما كانوا عليه قبل الإسلام من الشرك وغيره ، ثم غلب اسم الارتداد على الخروج من الإسلام ولو لم يسبق للمرتدّ عنه اتّخاذ دين قبله .
وجملة { فسوف يأتي الله بقوم } الخ جواب الشرط ، وقد حذف منها العائد على الشرط الإسمي ، وهو وعد بأنّ هذا الدّين لا يعدم أتباعاً بررة مخلصين . ومعنى هذا الوعد إظهار الاستغناء عن الّذين في قلوبهم مرض وعن المنافقين وقلّةُ الاكتراث بهم ، كقوله تعالى : { لوْ خرجوا فيكم مَا زادوكم إلاّ خَبالاً } وتطمين الرسول والمؤمنين الحقَّ بأنّ الله يعوّضهم بالمرتدِّين خيراً منهم . فذلك هو المقصود من جواب الشرط فاستغني عنه بذكر ما يتضمّنه حتّى كان للشرط جوابان .
وفي نزول هذه الآية في أواخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم إيماء إلى ما سيكون من ارتداد كثير من العرب عن الإسلام مثل أصحاب الأسْود العَنْسي باليمن ، وأصحاب طلحة بن خُويلد في بَني أسد ، وأصحاب مسيلمة بننِ حبيب الحَنفي باليمامة .
ثمّ إلى ما كان بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم من ارتداد قبائل كثيرة مثل فزارة وغطفان وبني تَميم وكِنْدة ونحوهم . قيل : لم يبق إلا أهل ثلاثة مساجد : مسجد المدينة ومسجد مكّة ومسجد ( جُؤَاثَى ) في البحرين ( أي من أهل المدن الإسلاميّة يومئذٍ ) . وقد صدق الله وعده ونصر الإسلام فأخلفه أجيالاً متأصّلة فيه قائمة بنصرته .
وقوله : { يأتي الله بقوم } ، الإتيان هنا الإيجاد ، أي يوجد أقواماً لاتّباع هذا الدّين بقلوب تحبّة وتجلب له وللمؤمنين الخير وتذود عنهم أعداءهم ، وهؤلاء القوم قد يكونون من نفس الّذين ارتدّوا إذا رجعوا إلى الإسلام خالصة قلوبهم ممّا كان يخامرها من الإعراض مثل معظم قبائل العرب وسادتهم الّذين رجعوا إلى الإسلام بعد الردّة زمن أبي بكر ، فإنّ مجموعهم غير مجموع الذين ارتدّوا ، فصحّ أن يكونوا ممّن شمله لفظ { بقوم } ، وتحقّق فيهم الوصف وهو محبّة الله إيّاهم ومحبّتهم ربّهم ودينه ، فإنّ المحبّتين تتبعان تغيّر أحوال القلوب لا تغيّر الأشخاص فإنّ عمرو بن معد يكرب الّذي كان من أكبر عصاة الردّة أصبح من أكبر أنصار الإسلام في يوم القادسيّة ، وهكذا .
ودَخل في قوله { بقوم } الأقوام الّذين دخَلوا في الإسلام بعد ذلك مثل عرب الشام من الغساسنة ، وعرب العراق ونبَطهم ، وأهل فارس ، والقبط ، والبَربر ، وفرنجة إسبانية ، وصقلّيَة ، وسردانية ، وتخوممِ فرانسا ، ومثل الترك والمغول ، والتتار ، والهند ، والصّين ، والإغريق ، والرّوم ، من الأمم الّتي كان لها شأن عظيم في خدمة الإسلام وتوسيع مملكته بالفتوح وتأييده بالعلوم ونشر حَضارته بين الأمم العظيمة ، فكلّ أمّة أو فريق أو قوم تحقّق فيهم وصف : { يحبّهم ويحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يحاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } فهُم من القوم المنوّه بهم؛ أمَّا المؤمنون الّذين كانوا من قبل وثبتوا فأولئك أعظم شأناً وأقوى إيماناً فأتاهم المؤيّدون زَرافَات ووُحْدانا .
ومحبّة الله عبدَه رضاه عنه وتيسير الخير له ، ومحبّة العبد ربّه انفعال النّفس نحوَ تعظيمه والأنس بذكره وامتثال أمره والدّفاع عن دينه . فهي صفة تحصل للعبد من كثرة تصوّر عظمة الله تعالى ونِعمه حتّى تتمكّن من قلبه ، فمنشؤها السمع والتّصوّر . وليست هي كمحبّة استحسان الذّات ، ألا ترى أنّا نحبّ النّبيء صلى الله عليه وسلم من كثرة ما نسمع من فضائله وحرصه على خيرنا في الدّنيا والآخرة ، وتقوَى هذه المحبّة بمقدار كثرة ممارسة أقواله وذكر شمائله وتصرّفاته وهديه ، وكذلك نحبّ الخلفاء الأربعة لكثرة ما نسْمع من حبّهم الرسول ومن بذلهم غاية النصح في خير المسلمين ، وكذلك نحبّ حاتِماً لما نسمع من كرمه . وقد قالت هند بنت عتبة امرأةُ أبي سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان أهلُ خباء أحبَّ إليّ من أن يذلّوا من أهل خبائك وقد أصبحت وما أهل خباء أحبّ إلي من أنْ يعزّوا من أهل خبائك .
والأذلّة والأعزّة وصفان متقابلان وصف بهما القوم باختلاف المتعلّق بهما ، فالأذلّة جمع الذليل وهو الموصوف بالذُلّ . والذلّ بضمّ الذال وبكسرها الهوان والطاعة ، فهو ضدّ العزّ { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلّة } [ آل عمران : 123 ] . وفي بعض التّفاسير : الذلّ بضم الذال ضد العزّ وبكسر الذال ضدّ الصعوبة ، ولا يعرف لهذه التفرقة سند في اللغة . والذليل جمعه الأذلّة ، والصفة الذلّ { واخفِض لهما جناح الذلّ من الرّحمة } [ الإسراء : 24 ] . ويطلق الذلّ على لين الجانب والتّواضع ، وهو مجاز ، ومنه ما في هذه الآية . فالمراد هنا الذلّ بمعنى لين الجانب وتوطئة الكَنَف ، وهو شدّة الرّحمة والسّعي للنفع ، ولذلك علّق به قوله : { على المؤمنين } . ولتضمين { أذلّة } معنى مشفقين حانين عدّي بعلى دون اللام ، أو لمشاكلةِ ( على ) الثّانية في قوله : { على الكافرين } .
والأعزّة جمع العزيز فهو المتّصف بالعزّ ، وهو القّوة والاستقلال» ، ولأجل ما في طباع العرب من القوّة صار العزّ في كلامهم يدلّ على معنى الاعتداء ، ففي المثل ( من عَزّ بَزّ ) . وقد أصبح الوصفان متقابلين ، فلذلك قال السموأل أو الحارثي :
وما ضرّنا أنّا قليل وجارنا ... عزيز وجارُ الأكثرين ذليل
وإثبات الوصفين المتقابلين للقوم صناعة عربيّة بديعية ، وهي المسماة الطباق ، وبلغاء العرب يغربون بها ، وهي عزيزة في كلامهم ، وقد جَاء كثير منها في القرآن . وفيه إيماء إلى أن صفاتهم تُسيِّرُها آراؤهم الحصيفة فليسوا مندفعين إلى فعل مّا إلاّ عن بصيرة ، وليسوا ممّن تنبعث أخلاقه عن سجية واحدة بأن يكون ليّناً في كلّ حال ، وهذا هو معنى الخلق الأقوم ، وهو الّذي يكون في كلّ حال بما يلائم ذلك الحال ، قال :
حَلِيم إذا ما الحِلم زَيَّن أهلَه ... مع الحِلم في عين العَدُوّ مَهِيب
وقال تعالى : { أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم } [ الفتح : 29 ] .
وقوله : { يجاهدون في سبيل الله } صفة ثالثة ، وهي من أكبر العلامات الدالّة على صدق الإيمان . والجهاد : إظهار الجُهد ، أي الطاقة في دفاع العدوّ ، ونهاية الجهد التّعرّض للقتل ، ولذلك جيء به على صيغة مصدر فَاعَلَ لأنّه يظهر جهده لمن يُظهر له مثله . وقوله : { ولا يخافون لومة لائم } صفة رابعة ، وهي عدم الخوف من الملامة ، أي في أمر الدّين ، كما هو السياق .
واللومة الواحدة من اللَّوم . وأريد بها هنا مطلق المصدر ، كاللّوْم لأنّها لمّا وقعت في سياق النّفي فعمّت زال منها معنى الوحدة كما يزول معنى الجمع في الجمع المعمَّم بدخول ال الجنسية لأنّ ( لا ) في عموم النّفي مثل ( ال ) في عموم الإثبات ، أي لا يخافون جميع أنواع اللّوم من جميع اللاّئمين إذ اللّوْم منه : شديد ، كالتقريع ، وخفيف؛ واللائمون : منهم اللاّئم المخيف ، والحبيب؛ فنفى عنهم خوفَ جميع أنواع اللّوم . ففي الجملة ثلاثة عمومات : عُموم الفعل في سياق النّفي ، وعموم المفعول ، وعموم المضاف إليه .
وهذا الوصف علامة على صدق إيمانهم حتّى خالط قلوبهم بحيث لا يصرفهم عنه شيء من الإغراء واللوم لأنّ الانصياع للملام آية ضعف اليقين والعزيمة .
ولم يزل الإعراض عن ملام اللائمين علامة على الثّقة بالنّفس وأصالة الرأي . وقد عَدّ فقهاؤنا في وصف القاضي أن يكون مستخفّاً باللاّئمَة على أحد تأويلين في عبارة المتقدّمين ، واحتمال التّأويلين دليل على اعتبار كليهما شرعاً .
وجملة { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } تذييل . واسم الاشارة إشارة إلى مجموع صفات الكمال المذكورة .
و { واسع } وصف بالسعة ، أي عدم نهاية التّعلّق بصفاته ذات التّعلق ، وتقدّم بيانه عند قوله تعالى : { قل إنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } في سورة آل عمران ( 73 ) .
- إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» يا أداة نداء أي : منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم واسم الموصول بدل وجملة آمنوا صلة موصول لا محل لها ، «مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ» من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ يرتد مضارع مجزوم بالسكون وحرك بالفتحة للتضعيف ومنكم متعلقان بحال بمحذوفة من الفاعل «عَنْ دِينِهِ» متعلقان بيرتد ، وجملة فعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من ، والجملة الاسمية من يرتد ابتدائية لا محل لها «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ» الفاء رابطة ويأتي فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور واللّه فاعله والجملة في محل جزم جواب الشرط ، «يُحِبُّهُمْ» فعل مضارع والهاء مفعوله والجملة في محل جر صفة قوم وجملة يحبونه معطوفة «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ» أذلة صفة ثانية تعلق بها الجار والمجرور ومثل ذلك «أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ» «يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله واللّه لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة صفة رابعة «لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ» الجملة معطوفة على
يجاهدون «ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ» اسم الإشارة مبتدأ وفضل خبره واللّه لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مستأنفة «يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ» الهاء مفعول يؤتي الأول واسم الموصول مفعوله الثاني والجملة مستأنفة أو حالية وجملة يشاء صلة موصول لا محل لها «وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ» اللّه لفظ الجلالة مبتدأ وواسع خبره الأول وعليم خبره الثاني والجملة مستأنفة.
- English - Sahih International : O you who have believed whoever of you should revert from his religion - Allah will bring forth [in place of them] a people He will love and who will love Him [who are] humble toward the believers powerful against the disbelievers; they strive in the cause of Allah and do not fear the blame of a critic That is the favor of Allah; He bestows it upon whom He wills And Allah is all-Encompassing and Knowing
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(5:54) Believers! If any of you should ever turn away from your faith, remember that Allah will raise up a people whom He loves, and who love Him; a people humble towards the believers, and firm towards the unbelievers; *87 who will strive hard in the way of Allah and will not fear the reproach of the reproacher. *88 This is the favour of Allah which He grants to whom He wills. Allah is vast in resources, All-Knowing.
- Français - Hamidullah : O les croyants Quiconque parmi vous apostasie de sa religion Allah va faire venir un peuple qu'Il aime et qui L'aime modeste envers les croyants et fier et puissant envers les mécréants qui lutte dans le sentier d'Allah ne craignant le blâme d'aucun blâmeur Telle est la grâce d'Allah Il la donne à qui Il veut Allah est Immense et Omniscient
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt wer von euch sich von seiner Religion abkehrt - so wird Allah Leute bringen die Er liebt und die Ihn lieben bescheiden gegenüber den Gläubigen mächtig auftretend gegenüber den Ungläubigen und die sich auf Allahs Weg abmühen und nicht den Tadel des Tadlers fürchten Das ist Allahs Huld die Er gewährt wem Er will Allah ist Allumfassend und Allwissend
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes Si uno de vosotros apostata de su fe Alá suscitará una gente a la cual Él amará y de la cual será amado humilde con los creyentes altivo con los infieles que combatirán en el camino de Alá y que no temerá la censura de nadie Éste es el favor de Alá Lo dispensa a quien Él quiere Alá es inmenso omnisciente
- Português - El Hayek : Ó fiéis aqueles dentre vós que renegarem a sua religião saibam que Deus os suplantará por outras pessoas às quaisamará as quais O amarão serão compassivas para com os fiéis e severas para com os incrédulos; combaterão pela causa deDeus e não temerão censura de ninguém Tal é a graça de Deus que a concede a quem Lhe apraz porque Deus éMunificente Sapientíssimo
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Если кто-нибудь из вас отступит от своей религии то Аллах приведет других людей которых Он будет любить и которые будут любить Его Они будут смиренны перед верующими и непреклонны перед неверующими будут сражаться на пути Аллаха и не будут бояться порицания порицающих Такова милость Аллаха которую Он дарует кому пожелает Аллах - Объемлющий Знающий
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
О те, которые уверовали! Если кто-нибудь из вас отступит от своей религии, то Аллах приведет других людей, которых Он будет любить и которые будут любить Его. Они будут смиренны перед верующими и непреклонны перед неверующими, будут сражаться на пути Аллаха и не будут бояться порицания порицающих. Такова милость Аллаха, которую Он дарует, кому пожелает. Аллах - Объемлющий, Знающий.Всевышний поведал о том, что Он абсолютно не нуждается в Своих творениях, и поэтому человек, отрекающийся от веры, нисколько не вредит Ему, а причиняет вред только самому себе. Есть много искренних рабов и правдивых мужей, которых Милостивый и Милосердный Господь обязался провести прямым путем. Эти люди обладают самыми безупречными качествами, самыми стойкими сердцами и наилучшим нравственным обликом. Их самым большим достоинством является то, что их любит Аллах, и они любят Его. Любовь Аллаха к рабу действительно является самой славной милостью, которая может быть оказана ему, и величайшим достоинством, которым он может быть почтен. Когда Аллах любит Своего раба, перед ним открываются большие возможности, и Аллах облегчает ему трудные начинания, вдохновляет его на совершение праведных поступков, помогает ему избегать предосудительных деяний и наполняет сердца рабов любовью и дружеским отношением к нему. Но для того, чтобы заслужить любовь своего Господа, раб должен душой и телом следовать путем Божьего посланника, да благословит его Аллах и приветствует, уподобляясь ему в речи, поступках и поведении. По этому поводу в Коране сказано: «Скажи: “Если вы любите Аллаха, то следуйте за мной, и тогда Аллах возлюбит вас и простит вам ваши грехи, ведь Аллах - Прощающий, Милосердный”» (3:31). Для того чтобы заслужить любовь Аллаха, раб должен постоянно приближаться к Нему посредством обязательных и дополнительных праведных деяний. В одном из достоверных хадисов Пророка Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует, сообщается, что Аллах сказал: «Самыми любимыми деяниями, посредством которых Мой раб приближается ко Мне, являются те, которые Я вменил ему в обязанность. А благодаря добровольным обрядам Мой раб продолжает приближаться ко Мне до тех пор, пока Я не возлюблю его. Когда же Я возлюблю его, Я буду слухом, которым он слышит, и зрением, которым он видит, и рукой, которой он хватает, и ногой, которой он ступает. Если он попросит Меня, Я непременно одарю его. А если он прибегнет к Моему покровительству, Я непременно укрою его». Для того чтобы заслужить любовь Аллаха, необходимо познать Его и часто поминать Его. Если человек не познал Аллаха, то его любовь к Нему недостаточна. Более того, ее вообще нет, хотя сам человек может заявлять обратное. Но если человек действительно возлюбил Аллаха, то он непременно станет часто поминать Его, и если Аллах возлюбил Своего раба, то Он принимает от него даже самые незначительные деяния и прощает ему многие ошибки и прегрешения. Одним из качеств таких рабов является то, что они смиренны перед верующими, но непреклонны перед безбожниками. Они не превозносятся перед правоверными, потому что любят их и искренне желают им добра. В общении с ними они мягки, добры, снисходительны, милосердны и уступчивы, и правоверные без труда добиваются от них желаемого. Но в отношениях с неверующими, которые отвергают Аллаха, противятся Его знамениям и считают лжецами Его посланников, они суровы и непреклонны. Они полны решимости враждовать с этими нечестивцами и делают все возможное для того, чтобы одержать над ними верх. Всевышний сказал: «Приготовьте против них сколько можете силы и боевых коней, чтобы устрашить врага Аллаха и вашего врага, а также тех, которых вы не знаете, но которых знает Аллах» (8:60); «Мухаммад - посланник Аллаха. Те, которые вместе с ним, суровы к неверующим и милостивы между собой. Ты видишь, как они кланяются и падают ниц, стремясь к милости от Аллаха и довольству» (48:29). Суровость по отношению к врагам Аллаха относится к качествам, которые приближают раба к Нему, поскольку он гневается на них вместе со своим Господом. Однако суровое и непреклонное отношение к неверующим не должно мешать мусульманам призывать этих людей к исламской религии самым достойным образом. Мусульмане должны совмещать суровое отношение к ним с мягкостью во время проповедей, поскольку оба эти качества необходимыми и полезны. Затем Аллах сообщил, что правоверные сражаются на Его пути, жертвуя своим имуществом и рискуя своими жизнями. Они ведут эту борьбу словом и делом и не опасаются укоров порицающих. Напротив, они стремятся снискать благоволение своего Господа и боятся Его порицания больше, чем укоров творений. Это свидетельствует об их целеустремленности и твердой решимости, ибо малодушные люди лишаются решимости, когда окружающие начинают порицать их, и теряют силы, когда их начинают укорять. В их сердцах живет преклонение перед творениями, степень которого зависит от того, какое внимание они уделяют мнению людей и насколько они готовы прислушиваться к их одобрениям и порицаниям, пренебрегая повелениями Аллаха. Человек не сможет очистить свое сердце от преклонения перед творениями, пока он ради Аллаха не перестанет бояться укоров порицающих. После того как Всевышний Аллах похвалил правоверных за прекрасные и возвышенные качества, которыми Он же одарил их, которые обязывают их совершать все остальные праведные поступки, не упомянутые в этом откровении, Аллах сообщил о том, что все это - Божья милость по отношению к ним. Правоверные не должны обольщаться собой и обязаны благодарить Аллаха, Который оказал им такую великую милость, и если они будут благодарны, то Он одарит их еще большими благами. А все остальные люди должны знать, что они не лишены возможности обрести милость Всевышнего Аллаха, Который одаряет ею, кого пожелает. Он обладает безграничной щедростью. Он объемлет Своим милосердием все сущее и осеняет Своих возлюбленных рабов милостью, которой не удостаиваются все остальные. Ему известно о том, кто заслуживает Его милости, и Он одаряет их ею. Ему лучше знать, кто достоин выполнить пророческую миссию и кто достоин быть последователем Его пророков.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey İnananlar Aranızda dininden kim dönerse bilsin ki Allah sevdiği ve onların O'nu sevdiği inananlara karşı alçak gönüllü inkarcılara karşı güçlü Allah yolunda cihad eden yerenin yermesinden korkmayan bir millet getirir Bu Allah'ın dilediğine verdiği bol nimetidir Allah her şeyi kaplar ve bilir
- Italiano - Piccardo : O voi che credete se qualcuno di voi rinnegherà la sua religione Allah susciterà una comunità che Lui amerà e che Lo amerà umile con i credenti e fiera con i miscredenti che lotterà per la causa di Allah e che non teme il biasimo di nessuno Questa è la grazia di Allah ed Egli la dà a chi vuole Allah è immenso sapiente
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهوانهی باوهڕتان هێناوه ههر کهس له ئێوه له ئاین و بهرنامهکهی وهرگهڕێت و پاشگهز ببێتهوه ئهوه ههر خۆی زهرهر دهکات ئهوه له ئایندهدا خوا کهسانێک دههێنێته کایهوه ئهوهنده ڕێک و پێک و باوهڕ دامهزراون پهروهردگاری مهزن خۆشی دهوێن ئهوانیش ئهویان خۆش دهوێت ههروهها ملکهچ و فهرمانبهردارو بهسۆزن بۆ ئیمانداران و سهربڵندو نهخۆرو دهروون بهرزن بهسهر بێ باوهڕاندا له پێناو ڕێبازی خواداو بۆ بهدهستهێنانی ڕهزامهندی ئهو ههوڵ دهدهن و خهبات دهکهن و تێدهکۆشن له لۆمهی لۆمهکهرانیش ناترسن ئهم خۆشهویستی و ههڵبژاردن و سۆز و تێکۆشانه فهزڵ و ڕێزی تایبهتی خوایه که دهیبهخشێت به ههر کهس که بیهوێت و شایسته بێت و خوا فراوانگیرو زانایه بهنهێنی و ئاشکرا بهشایستهیی و ناشایستهیی ههر کهس و ههر لایهنێک
- اردو - جالندربرى : اے ایمان والو اگر کوئی تم میں سے اپنے دین سے پھر جائے گا تو خدا ایسے لوگ پیدا کر دے گا جن کو وہ دوست رکھے اور جسے وہ دوست رکھیں اور جو مومنوں کے حق میں نرمی کریں اور کافروں سے سختی سے پیش ائیں خدا کی راہ میں جہاد کریں اور کسی ملامت کرنے والی کی ملامت سے نہ ڈریں یہ خدا کا فضل ہے وہ جسے چاہتا ہے دیتا ہے اور الله بڑی کشائش والا اور جاننے والا ہے
- Bosanski - Korkut : O vjernici ako neko od vas od vjere svoje otpadne – pa Allah će sigurno umjesto njih dovesti ljude koje On voli i koji Njega vole prema vjernicima ponizne a prema nevjernicima ponosite; oni će se na Allahovu putu boriti i neće se ničijeg prijekora bojati To je Allahov dar koji On daje kome hoće – a Allah je neizmjerno dobar i zna sve
- Swedish - Bernström : Troende Om någon av er avsvär sig sin tro skall Gud [i deras ställe] sätta människor som Han älskar och som älskar Honom anspråkslösa gentemot [andra] troende omutligt fasta mot förnekarna av sanningen [människor] som strävar och kämpar för Guds sak utan att bekymra sig om andras ogillande Detta är en nåd från Gud som Han skänker åt den Han vill Gud når överallt vet allt
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai orangorang yang beriman barangsiapa di antara kamu yang murtad dari agamanya maka kelak Allah akan mendatangkan suatu kaum yang Allah mencintai mereka dan merekapun mencintaiNya yang bersikap lemah lembut terhadap orang yang mukmin yang bersikap keras terhadap orangorang kafir yang berjihad dijalan Allah dan yang tidak takut kepada celaan orang yang suka mencela Itulah karunia Allah diberikanNya kepada siapa yang dikehendakiNya dan Allah Maha Luas pemberianNya lagi Maha Mengetahui
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
(Hai orang-orang yang beriman! Siapa yang murtad) yartadda pakai idgam atau tidak; artinya murtad atau berbalik (di antara kamu dari agamanya) artinya berbalik kafir; ini merupakan pemberitahuan dari Allah swt. tentang berita gaib yang akan terjadi yang telah terlebih dahulu diketahui-Nya. Buktinya setelah Nabi Muhammad saw. wafat segolongan umat keluar dari agama Islam (maka Allah akan mendatangkan) sebagai ganti mereka (suatu kaum yang dicintai oleh Allah dan mereka pun mencintai-Nya) sabda Nabi saw., "Mereka itu ialah kaum orang ini," sambil menunjuk kepada Abu Musa Al-Asyari; riwayat Hakim dalam sahihnya (bersikap lemah lembut terhadap orang-orang mukmin dan bersikap keras) atau tegas (terhadap orang-orang kafir. Mereka berjihad di jalan Allah dan tidak takut akan celaan orang yang suka mencela) dalam hal itu sebagaimana takutnya orang-orang munafik akan celaan orang-orang kafir. (Demikian itu) yakni sifat-sifat yang disebutkan tadi (adalah karunia Allah yang diberikan-Nya kepada siapa yang dikehendaki-Nya dan Allah Maha Luas) karunia-Nya (lagi Maha Mengetahui) akan yang patut menerimanya. Ayat ini turun ketika Ibnu Salam mengadu kepada Rasulullah, "Wahai Rasulullah! Kaum kami telah mengucilkan kami!"
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে মুমিনগণ তোমাদের মধ্যে যে স্বীয় ধর্ম থেকে ফিরে যাবে অচিরে আল্লাহ এমন সম্প্রদায় সৃষ্টি করবেন যাদেরকে তিনি ভালবাসবেন এবং তারা তাঁকে ভালবাসবে। তারা মুসলমানদের প্রতি বিনয়নম্র হবে এবং কাফেরদের প্রতি কঠোর হবে। তারা আল্লাহর পথে জেহাদ করবে এবং কোন তিরস্কারকারীর তিরস্কারে ভীত হবে না। এটি আল্লাহর অনুগ্রহতিনি যাকে ইচ্ছা দান করেন। আল্লাহ প্রাচুর্য দানকারী মহাজ্ঞানী।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : முஃமின்களே உங்களில் எவரேனும் தன் மார்க்கத்தைவிட்டு மாறிவிட்டால் அல்லாஹ்வுக்கு அதனால் நஷ்டமில்லை அப்பொழுது அல்லாஹ் வேறு ஒரு கூட்டத்தாரைக் கொண்டு வருவான்; அவன் அவர்களை நேசிப்பான்; அவனை அவர்களும் நேசிப்பார்கள்; அவர்கள் முஃமின்களிடம் பணிவாக நடந்து கொள்வார்கள்; காஃபிர்களிடம் கடுமையாக இருப்பார்கள்; அல்லாஹ்வின் பாதையில் போர் செய்வார்கள்; நிந்தனை செய்வோரின் நிந்தனைக்கு அஞ்சமாட்டார்கள்; இது அல்லாஹ்வின் அருட்கொடையாகும்; இதை அவன் நாடியவருக்குக் கொடுக்கின்றான்; அல்லாஹ் மிகவும் விசாலமானவனும் எல்லாம் நன்கறிந்தவனுமாக இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : บรรดาผู้ศรัทธาทั้งหลาย ผู้ใดในหมู่พวกเจ้ากลับออกจากศาสนาของพวกเขาไปอัลลอฮ์ ก็จะทรงนำมาซึ่งพวกหนึ่ง ที่พระองค์ทรงรักพวกเขาและพวกเขาก็รักพระองค์ เป็นผู้นอบน้อมถ่อมตนต่อบรรดามุมิน ไว้เกียรติแก่บรรดาผู้ปฏิเสธศรัทธาพวกเขาจะเสียสละและต่อสู้ในทางของอัลลอฮ์ และไม่กลัวการตำหนิของผู้ตำหนิคนใดนั่นคือความโปรดปรานของอัลลอฮ์ซึ่งพระองค์จะทรงประทานมันแก่ผุ้ที่พระองค์ทรงประสงค์ และอัลลอฮ์นั้นเป็นผู้ทรงกว้างขวาง ผู้ทรงรอบรู้
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Сизлардан ким динидан қайтса Аллоҳ албатта Ўзи севадиган ва улар ҳам Аллоҳни севадиган қавмни келтиради Улар мўминларга хокисор кофирларга қаттиққўл Аллоҳнинг йўлида жиҳод қиларлар ва маломатчининг маломатидан қўрқмаслар Бу Аллоҳнинг фазли бўлиб хоҳлаган одамига беради Аллоҳ фазликарами кенг ва билувчи зотдир Аллоҳ таоло динининг ер юзида барқарор бўлишни ирода этган Бу иродани юзага чиқаришда баъзи бандаларини восита–сабаб қилади Мана шу шарафли ишга мусулмон уммати танланган Ким бу шарафни етарли тақдир этса чин қалбидан ихлос билан бу динга хизмат қилади Бу дин йўлида жонини ҳам молини ҳам бахш этади Аммо ким бу улкан бахтнинг қадрига етмаса турли баҳоналар билан Исломдан қайтса–муртад бўлса ёмонлиги ўзигадир Исломга ҳеч қандай зарар етмайди Қайтага унга ўхшаган номаъқул шахслардан холи бўлади Аллоҳ ундайларга муҳтож эмас
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊 你们中凡叛道的人,真主将以别的民众代替他们,真主喜爱那些民众,他们也喜爱真主。他们对信士是谦恭的,对外道是威严的,他们为主道而奋斗,不怕任何人的责备。这是真主的恩惠,他用来赏赐他所意欲的人。真主是宽大的,是全知的。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman Sesiapa di antara kamu berpaling tadah dari ugamanya jadi murtad maka Allah akan mendatangkan suatu kaum yang Ia kasihkan mereka dan mereka juga kasihkan Dia; mereka pula bersifat lemahlembut terhadap orangorang yang beriman dan berlaku tegas gagah terhadap orangorang kafir mereka berjuang dengan bersungguhsungguh pada jalan Allah dan mereka tidak takut kepada celaan orang yang mencela Yang demikian itu adalah limpah kurnia Allah yang diberikanNya kepada sesiapa yang dikehendakiNya; kerana Allah Maha Luas limpah kurniaNya lagi Meliputi PengetahuanNya
- Somali - Abduh : Kuwa Xaqa Rumeeyow Ruuxii ka Ridooba Diintiisa oo idinka mid ah wuxuu Eebe keeni qoom uu Jeeelyahay iyana Jeeel una naxariista Mu'miniinta kuna Daran Gaalada kuna Jahaadi Jidka Eebe oon ka Cabsanayn Canaanta Canaante Taasina waa Fadliga Eebe wuxuuna Siiyaa Cidduu Doono Eebana waa Deeq Badane Og
- Hausa - Gumi : Yã ku waɗanda suka yi ĩmãni wanda ya yi ridda daga gare ku daga addininSa to Allah zai zo da wasu mutãne Yanã son su kuma sunã son Sa mãsu tawãlu'i a kan muminai mãsu izza a kan kãfurai Sunã yin jihãdi a cikin hanyar Allah kuma bã su tsõron zargin wani mai zargi Waccan falalar Allah ce Yanã bãyar da ita ga wanda Yake so Kuma Allah Mayalwaci ne Mai ilmi
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Atakaye iacha miongoni mwenu Dini yake basi Mwenyezi Mungu atakuja leta watu anao wapenda nao wanampenda wanyenyekevu kwa Waumini na wenye nguvu juu ya makafiri wanapigania Jihadi katika Njia ya Mwenyezi Mungu wala hawaogopi lawama ya anaye laumu Hiyo ndiyo fadhila ya Mwenyezi Mungu humpa amtakaye Na Mwenyezi Mungu ni Mkunjufu na Mwenye kujua
- Shqiptar - Efendi Nahi : O besimtarë Nëse ndokush prej jush shmanget nga besimi i vet me të vërtetë Perëndia do të sjell një popull që e don dhe që ata e donë Perëndinë të cilët janë të përulur ndaj besimtarëve dhe të ashpër ndaj mohuesve; luftojnë në rrugën e Perëndisë dhe nuk i druajnë qortimit të asnjë qortuesi Kjo është mirësia e Perëndisë të cilën Ai ia jep kujt të dojë se Perëndia ka mirësinë e gjerë dhe di çdo gjë
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، هر كه از شما از دينش بازگردد چه باك؛ زودا كه خدا مردمى را بياورد كه دوستشان بدارد و دوستش بدارند. در برابر مؤمنان فروتنند و در برابر كافران سركش؛ در راه خدا جهاد مىكنند و از ملامت هيچ ملامتگرى نمىهراسند. اين فضل خداست كه به هر كس كه خواهد ارزانى دارد، و خداوند بخشاينده و داناست.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, ҳар кӣ аз шумо аз динаш бозгардад, чӣ бок; ба зудӣ Худо мардумеро биёварад, ки дӯсташон бидорад ва дӯсташ бидоранд. Дар баробари мӯъминон хоксоранд ва дар баробари кофирон саркаш; дар роҳи Худо ҷиҳод мекунанд ва аз маломати ҳеҷ маломатгаре намеҳаросанд. Ин фазли Худост, ки ба ҳар кас, ки хоҳад медиҳад. ва Худованд бахшояндаву доност!
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! سىلەردىن كىمكى مۇرتەد بولىدىكەن، اﷲ (ئۇنىڭ ئورنىغا) اﷲ ئۇلارنى دوست تۇتىدىغان، ئۇلارمۇ اﷲ نى دوست تۇتىدىغان، مۆمىنلەرگە كۆيۈنىدىغان، كاپىرلارغا شەپقەتسىز، اﷲ نىڭ يولىدا جىھاد قىلىدىغان ۋە مالامەت قىلغۇچىنىڭ مالامىتىدىن قورقمايدىغان بىر قەۋمنى كەلتۈرىدۇ. بۇ (يەنى يۇقىرىدىكى سۈپەتلەر بىلەن سۈپەتلىنىش) اﷲ نىڭ پەزلىدۇركى، (اﷲ) ئۇنى (بەندىلىرىدىن) خالىغان كىشىگە بېرىدۇ، اﷲ (نىڭ پەزلى) كەڭدۇر، (اﷲ) ھەممىنى بىلگۈچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിച്ചവരേ, നിങ്ങളിലാരെങ്കിലും തന്റെ മതം ഉപേക്ഷിച്ച് പോവുന്നുവെങ്കില് അല്ലാഹു മറ്റൊരു ജനവിഭാഗത്തെ പകരം കൊണ്ടുവരും. അല്ലാഹു ഇഷ്ടപ്പെടുകയും അല്ലാഹുവെ ഇഷ്ടപ്പെടുകയും ചെയ്യുന്ന ഒരു വിഭാഗത്തെ. അവര് വിശ്വാസികളോട് വിനയവും സത്യനിഷേധികളോട് പ്രതാപവും കാണിക്കുന്നവരായിരിക്കും. ദൈവമാര്ഗത്തില് സമരം നടത്തുന്നവരും ഒരാളുടെയും ആക്ഷേപത്തെ ഭയപ്പെടാത്തവരുമായിരിക്കും. അത് അല്ലാഹുവിന്റെ അനുഗ്രഹമാണ്. അവനിച്ഛിക്കുന്നവര്ക്ക് അവനതു നല്കുന്നു. അല്ലാഹു വിപുലമായ ഔദാര്യമുടയവനാണ്. എല്ലാം അറിയുന്നവനും.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من يرجع منكم عن دينه ويستبدل به اليهوديه او النصرانيه او غير ذلك فلن يضروا الله شيئا وسوف ياتي الله بقوم خير منهم يحبهم ويحبونه رحماء بالمومنين اشداء على الكافرين يجاهدون اعداء الله ولا يخافون في ذات الله احدا ذلك الانعام من فضل الله يوتيه من اراد والله واسع الفضل عليم بمن يستحقه من عباده
*87). To be 'humble towards believers' signifies that a person should never use his strength against the believers. His native intelligence, shrewdness, ability, influence, wealth, physical prowess should not be used for the purpose of either suppressing, persecuting or causing harm to the Muslims. Among themselves, the Muslims should always find him gentle, merciful, sympathetic and mild tempered.
To be 'firm towards unbelievers', on the contrary, means that by virtue of the intensity of his faith, the sincerity of his conviction, his strict adherence to his principles, his strength of character and his insight and perspicacity born of faith, a man should be firm as a rock in his dealings with the opponents of Islam, so that they find it impossible to dislodge him. There should be no doubt in their minds that the believer would rather lay down his life than compromise his position by yielding to external pressures.
*88).In following the religion of God, in implementing His injunctions, in judging things to be either right or wrong according to the criteria of the faith, the believer will be afraid of nothing. He will be impervious to opposition, reproach, denunciation, name-calling and scorn. Even when public opinion happens to be hostile, and his efforts to follow Islam single him out for the scorn of the whole world, the man of faith will still follow the way which he recognizes in his heart to be true.