- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ۚ إن الله لا يحب المعتدين
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات أحلَّها الله لكم من المطاعم والمشارب ونكاح النساء، فتضيقوا ما وسَّع الله عليكم، ولا تتجاوزوا حدود ما حرَّم الله. إن الله لا يحب المعتدين.
- السعدى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
يقول تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ } من المطاعم والمشارب، فإنها نعم أنعم الله بها عليكم، فاحمدوه إذ أحلها لكم، واشكروه ولا تردوا نعمته بكفرها أو عدم قبولها، أو اعتقاد تحريمها، فتجمعون بذلك بين القول على الله الكذب، وكفر النعمة، واعتقاد الحلال الطيب حراما خبيثا، فإن هذا من الاعتداء. والله قد نهى عن الاعتداء فقال: { وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم على ذلك.
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
قال صاحب المنار بدأ الله- هذه السورة بآيات من أحكام الحلال والحرام والنسك.
ثم جاء بهذا السياق الطويل في بيان أحوال أهل الكتاب ومحاجتهم، فكان أوفى وأتم ما ورد في القرآن من ذلك، ولم يتخلله إلا قليل من الأحكام. وهاتان الآيتان وما بعدهما عود إلى أحكام الحلال والحرام والنسك التي بدئت بها السورة.
وإنما لم تجعل آيات الأحكام كلها في أول السورة وتجعل الآيات في أهل الكتاب مفصلا بعضها ببعض في باقيها. لما بيناه غير مرة من حكمة مزج المسائل والموضوعات في القرآن من حيث هو مثاني تتلى دائما للاهتداء بها، لا كتابا فنيا ولا قانونا يتخذ لأجل مراجعة كل مسألة من كل طائفة من المعاني في باب معين.
على أن نظمه وترتيب آياته يدهش أصحاب الأفهام الدقيقة بحسنه وتنسيقه كما ترى في مناسبة هاتين الآيتين لما قبلهما مباشرة.
ذلك أنه- تعالى- ذكر أن النصارى أقرب الناس مودة للذين آمنوا وذكر من سبب ذلك أن منهم قسيسين ورهبانا فكان من مقتضى هذا أن يرغب المؤمنون في الرهبانية ويظن الميالون للتقشف والزهد أنها مرتبة كمال تقربهم إلى الله- تعالى- وهي إنما تتحقق بتحريم التمتع بالطيبات. وقد أزال الله- تعالى- هذا الظن وقطع طريق تلك الرغبة بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ .
هذا، وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين روايات متعددة منها ما أخرجه الترمذي وابن جرير عن ابن عباس: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنى إذا أكلت انتشرت للنساء، وأخذتنى شهوتي فحرمت على اللحم. فأنزل الله- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا.
الآية .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال، كان: أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هموا بالخصاء وترك اللحم والنساء، فنزلت هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وعن أبى قلابة قال: أراد أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفضوا الدنيا، ويتركوا النساء ويترهبوا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فغلظ فيهم المقالة. ثم قال: «إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع، واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا واستقيموا» . قال: ونزلت فيهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا الآية وعن أبى طلحة عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: نقطع مذاكيرنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهم، فذكر لهم ذلك فقالوا: نعم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكني أصوم وأفطر، وأصلى وأنام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو منى، ومن لم يأخذ بسنتي فليس منى» .
وقد وجه سبحانه النداء للمؤمنين بوصف الإيمان لتحريك حرارة العقيدة في قلوبهم حتى يمتثلوا أوامر الله ونواهيه.
والمراد بقوله: لا تُحَرِّمُوا: لا تعتقدوا تحريم ما أحل الله لكم من طيبات بأن تأخذوا على أنفسكم عهدا بعدم تناولها أو الانتفاع بها.
فالنهي عن التحريم هنا ليس منصبا على الترك المجرد. فقد يترك الإنسان بعض الطيبات لأسباب تتعلق بالمرض أو غيره. وإنما هو منصب على اعتقاد أن هذه الطيبات يجب تركها ويأخذ الشخص على نفسه عهدا بذلك.
والمراد بالطيبات: الأشياء المستلذة المستطابة المحللة التي تقوى بدن الإنسان وتعينه على الجهاد في سبيل الله، من طعام شهى، وشراب سائغ. وملبس جميل.
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بالله إيمانا حقا، لا تحرموا على أنفسكم شيئا من الطيبات التي أحلها الله لكم، فإنه- سبحانه- ما أحلها لكم إلا لما فيها من منافع وفوائد تعينكم على شئون دينكم ودنياكم.
وقوله: وَلا تَعْتَدُوا تأكيد للنهى السابق. والتعدي معناه: تجاوز الحدود التي شرعها الله- تعالى- عن طريق الإسراف أو عن طريق التقتير. أو عن طريق الاعتداء على حق الغير أو عن أى طريق يخالف ما شرعه الله- تعالى-.
وقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ في موضع التعليل لما قبله.
أى: لا تحرموا- أيها المؤمنون- على أنفسكم ما أحله الله لكم من طيبات ولا تتجاوزوا حدوده بالإسراف. أو بالتقتير أو بتناول ما حرمه عليكم فإنه- سبحانه- لا يحب الذين يتجاوزون حدود شريعته، وسنن فطرته. وهدى نبيه صلى الله عليه وسلم.
- البغوى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) الآية قال أهل التفسير : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الناس يوما ووصف القيامة ، فرق له الناس وبكوا ، فاجتمع عشرة من أصحابه في بيت عثمان بن مظعون الجمحي ، وهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر ، وأبو ذر الغفاري وسالم مولى أبي حذيفة ، والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ، ومعقل بن مقرن رضي الله عنهم ، وتشاوروا واتفقوا على أن يترهبوا ويلبسوا المسوح ويجبوا مذاكيرهم ، ويصوموا الدهر ، ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ، ولا يأكلوا اللحم والودك ، ولا يقربوا النساء والطيب ، ويسيحوا في الأرض ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى دار عثمان بن مظعون فلم يصادفه ، فقال لامرأته أم حكيم بنت أبي أمية ، واسمها الخولاء ، وكانت عطارة : أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه؟ فكرهت أن تكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرهت أن تبدي على زوجها ، فقالت : يا رسول الله إن كان أخبرك عثمان بشيء فقد صدقك ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما دخل عثمان أخبرته بذلك فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا وكذا ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، وما أردنا إلا الخير ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إني لم أؤمر بذلك ) ، ثم قال : ( إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا ، فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر ، وآكل اللحم والدسم وآتي النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ، ثم جمع الناس وخطبهم فقال : ( ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات [ النساء ] ؟ أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ، ولا اتخاذ الصوامع ، وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد ، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد ، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع ) ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث أنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثني ابن أنعم عن سعد بن مسعود أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ائذن لنا في الاختصاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من خصى ولا اختصى ، خصاء أمتي الصيام ) ، فقال : يا رسول الله ائذن لنا في السياحة ، فقال : ( إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ) ، فقال : يا رسول الله ائذن لنا في الترهب ، فقال : ( إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد وانتظار الصلاة ) .
وروي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال : يا رسول الله إني أصبت من اللحم فانتشرت وأخذتني شهوة ، فحرمت اللحم ، فأنزل الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) يعني : اللذات التي تشتهيها النفوس ، مما أحل لكم من المطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة ( ولا تعتدوا ) أي : ولا تجاوزوا الحلال إلى الحرام ، وقيل : هو جب المذاكير ( إن الله لا يحب المعتدين )
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا : نقطع مذاكيرنا ، ونترك شهوات الدنيا ، ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليهم ، فذكر لهم ذلك : فقالوا : نعم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأنكح النساء ، فمن أخذ بسنتي فهو مني ، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني " . رواه ابن أبي حاتم .
وروى ابن مردويه من طريق العوفي ، عن ابن عباس نحو ذلك .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ; أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر ، فقال بعضهم : لا آكل اللحم . وقال بعضهم : لا أتزوج النساء . وقال بعضهم : لا أنام على فراش . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا ، لكني أصوم وأفطر ، وأنام وأقوم ، وآكل اللحم ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري ، حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ، عن عثمان - يعني ابن سعد - ، أخبرني عكرمة عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني إذا أكلت اللحم انتشرت للنساء ، وإني حرمت علي اللحم ، فنزلت ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم )
وكذا رواه الترمذي وابن جرير جميعا ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن أبي عاصم النبيل به . وقال : حسن غريب ، وقد روي من وجه آخر مرسلا وروي موقوفا على ابن عباس فالله أعلم .
وقال سفيان الثوري ووكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن مسعود قال : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس معنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم قرأ عبد الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم [ ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ] ) .
أخرجاه من حديث إسماعيل . وهذا كان قبل تحريم نكاح المتعة والله أعلم .
وقال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث عن عمرو بن شرحبيل قال : جاء معقل بن مقرن إلى عبد الله بن مسعود فقال : إني حرمت فراشي . فتلا هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم [ ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ] ) .
وقال الثوري ، عن منصور ، عن أبي الضحى عن مسروق قال : كنا عند عبد الله بن مسعود فجيء بضرع ، فتنحى رجل ، فقال [ له ] عبد الله : ادن . فقال : إني حرمت أن آكله . فقال عبد الله : ادن فاطعم ، وكفر عن يمينك وتلا هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) الآية .
رواهن ابن أبي حاتم . وروى الحاكم هذا الأثر الأخير في مستدركه ، من طريق إسحاق ابن راهويه ، عن جرير ، عن منصور به . ثم قال : على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه : أن عبد الله بن رواحة ضافه ضيف من أهله ، وهو عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم رجع إلى أهله فوجدهم لم يطعموا ضيفهم انتظارا له ، فقال لامرأته : حبست ضيفي من أجلي ، هو علي حرام . فقالت امرأته : هو علي حرام . وقال الضيف : هو علي حرام . فلما رأى ذلك وضع يده وقال : كلوا باسم الله . ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الذي كان منهم ، ثم أنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) وهذا أثر منقطع .
وفي صحيح البخاري في قصة الصديق [ رضي الله عنه ] مع أضيافه شبيه بهذا وفيه وفي هذه القصة دلالة لمن ذهب من العلماء كالشافعي وغيره إلى أن من حرم مأكلا أو ملبسا أو شيئا ما عدا النساء أنه لا يحرم عليه ، ولا كفارة عليه أيضا ; ولقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) ; ولأن الذي حرم اللحم على نفسه - كما في الحديث المتقدم - لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بكفارة . وذهب آخرون منهم الإمام أحمد بن حنبل إلى أن من حرم مأكلا أو مشربا أو شيئا من الأشياء فإنه يجب عليه بذلك كفارة يمين ، كما إذا التزم تركه باليمين فكذلك يؤاخذ بمجرد تحريمه على نفسه إلزاما له بما التزمه ، كما أفتى بذلك ابن عباس وكما في قوله تعالى : ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم ) [ التحريم : 1 ] . ثم قال ( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) الآية [ التحريم : 2 ] . وكذلك هاهنا لما ذكر هذا الحكم عقبه بالآية المبينة لتكفير اليمين ، فدل على أن هذا منزل منزلة اليمين في اقتضاء التكفير ، والله أعلم .
وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : أراد رجال ، منهم عثمان بن مظعون وعبد الله بن عمرو أن يتبتلوا ويخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح ، فنزلت هذه الآية إلى قوله : ( واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ) قال ابن جريج ، عن عكرمة : أن عثمان بن مظعون وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والمقداد بن الأسود وسالما مولى أبي حذيفة في أصحاب تبتلوا ، فجلسوا في البيوت ، واعتزلوا النساء ، ولبسوا المسوح ، وحرموا طيبات الطعام واللباس إلا ما يأكل ويلبس أهل السياحة من بني إسرائيل وهموا بالإخصاء وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار ، فنزلت : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) يقول : لا تسيروا بغير سنة المسلمين يريد : ما حرموا من النساء والطعام واللباس ، وما أجمعوا عليه من قيام الليل وصيام النهار ، وما هموا به من الإخصاء ، فلما نزلت فيهم بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن لأنفسكم حقا ، وإن لأعينكم حقا ، صوموا وأفطروا ، وصلوا وناموا ، فليس منا من ترك سنتنا " . فقالوا : اللهم سلمنا واتبعنا ما أنزلت .
وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين مرسلة ، ولها شاهد في الصحيحين من رواية عائشة أم المؤمنين ، كما تقدم ذلك ، ولله الحمد والمنة .
وقال أسباط ، عن السدي في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما فذكر الناس ، ثم قام ولم يزدهم على التخويف ، فقال ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا عشرة منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون : ما خفنا إن لم نحدث عملا فإن النصارى قد حرموا على أنفسهم ، فنحن نحرم . فحرم بعضهم أن يأكل اللحم والودك ، وأن يأكل بنهار ، وحرم بعضهم النوم ، وحرم بعضهم النساء ، فكان عثمان بن مظعون ممن حرم النساء وكان لا يدنو من أهله ولا تدنو منه . فأتت امرأته عائشة رضي الله عنها ، وكان يقال لها : الحولاء فقالت لها عائشة ومن عندها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : ما بالك يا حولاء متغيرة اللون ، لا تمتشطين ، لا تتطيبين؟ قالت : وكيف أمتشط وأتطيب وما وقع علي زوجي وما رفع عني ثوبا ، منذ كذا وكذا . قال : فجعلن يضحكن من كلامها ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن يضحكن ، فقال : " ما يضحككن؟ " قالت : يا رسول الله ، إن الحولاء سألتها عن أمرها ، فقالت : ما رفع عني زوجي ثوبا منذ كذا وكذا . فأرسل إليه فدعاه ، فقال : " ما لك يا عثمان ؟ " قال : إني تركته لله ، لكي أتخلى للعبادة ، وقص عليه أمره ، وكان عثمان قد أراد أن يجب نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أقسمت عليك إلا رجعت فواقعت أهلك " . فقال : يا رسول الله ، إني صائم . فقال : " أفطر " . فأفطر ، وأتى أهله ، فرجعت الحولاء إلى عائشة [ زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ] وقد امتشطت واكتحلت وتطيبت ، فضحكت عائشة وقالت : ما لك يا حولاء؟ فقالت : إنه أتاها أمس ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم؟ ألا إني أنام وأقوم ، وأفطر وأصوم ، وأنكح النساء ، فمن رغب عني فليس مني " . فنزلت : ( ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ) يقول لعثمان " لا تجب نفسك ، فإن هذا هو الاعتداء " . وأمرهم أن يكفروا عن أيمانهم ، فقال : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) رواه ابن جرير .
وقوله : ( ولا تعتدوا ) يحتمل أن يكون المراد منه : ولا تبالغوا في التضييق على أنفسكم في تحريم المباحات عليكم ، كما قاله من قاله من السلف . ويحتمل أن يكون المراد : كما لا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال ، بل خذوا منه بقدر كفايتكم وحاجتكم ، ولا تجاوزوا الحد فيه ، كما قال تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) [ الأعراف : 31 ] ) وقال : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) [ الفرقان : 67 ] فشرع الله عدل بين الغالي فيه والجافي عنه ، لا إفراط ولا تفريط ; ولهذا قال : ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )
- القرطبى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا فيه خمس مسائل :
الأولى : أسند الطبري إلى ابن عباس أن الآية نزلت بسبب رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني إذا أصبت من اللحم انتشرت وأخذتني شهوتي فحرمت اللحم ; فأنزل الله هذه الآية . وقيل : إنها نزلت بسبب جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعلي وابن مسعود وعبد الله بن عمر وأبو ذر الغفاري وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ومعقل بن مقرن رضي الله عنهم ، اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون ، واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ، ولا يأكلوا اللحم ولا الودك ولا يقربوا النساء والطيب ، ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض ، ويترهبوا ويجبوا المذاكير ; فأنزل الله تعالى هذه الآية ، والأخبار بهذا المعنى كثيرة وإن لم يكن فيها ذكر النزول وهي :
الثانية : خرج مسلم عن أنس أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر ; فقال بعضهم : لا أتزوج النساء ; وقال بعضهم : لا آكل اللحم ; وقال بعضهم : لا أنام على الفراش ; فحمد الله وأثنى عليه فقال : وما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ، وخرجه البخاري عن أنس أيضا ولفظه قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته ; فلما أخبروا كأنهم تقالوها - فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قد غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر . فقال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ، وقال آخر : أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أما أنا فأعتزل النساء ولا أتزوج أبدا . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني . وخرجا عن سعد بن أبي وقاص قال : أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم ولو أجاز له ذلك لاختصينا ، وخرج الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في مسنده قال حدثنا أبو المغيرة قال حدثنا معان بن رفاعة ، قال حدثني علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية من سراياه ; قال : فمر رجل بغار فيه شيء من الماء فحدث نفسه بأن يقيم في ذلك الغار فيقوته ما كان فيه من ماء ، ويصيب ما حوله من البقل ، ويتخلى عن الدنيا ; قال : لو أني أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك ، فإن أذن لي فعلت وإلا لم أفعل ; فأتاه فقال : يا نبي الله إني مررت بغار فيه ما يقوتني من الماء والبقل ، فحدثتني نفسي بأن أقيم فيه وأتخلى عن الدنيا ; قال : فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة .
الثالثة : قال علماؤنا رحمة الله عليهم في هذه الآية وما شابهها والأحاديث الواردة في معناها رد على غلاة المتزهدين ، وعلى أهل البطالة من المتصوفين ; إذ كل فريق منهم قد عدل عن طريقه ، وحاد عن تحقيقه ; قال الطبري : لا يجوز لأحد من المسلمين تحريم شيء مما أحل الله لعباده المؤمنين على نفسه من طيبات المطاعم والملابس والمناكح إذا خاف على نفسه بإحلال ذلك بها بعض العنت والمشقة ; ولذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم التبتل على ابن مظعون فثبت أنه لا فضل في ترك شيء مما أحله الله لعباده ، وأن الفضل والبر إنما هو في فعل ما ندب عباده إليه ، وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسنه لأمته ، واتبعه على منهاجه الأئمة الراشدون ، إذ كان خير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان كذلك تبين خطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان إذا قدر على لباس ذلك من حله ، وآثر أكل الخشن من الطعام وترك اللحم وغيره حذرا من عارض الحاجة إلى النساء . قال الطبري : فإن ظن ظان أن الخير في غير الذي قلنا لما في لباس الخشن وأكله من المشقة على النفس وصرف ما فضل بينهما من القيمة إلى أهل الحاجة فقد ظن خطأ ; وذلك أن الأولى بالإنسان صلاح نفسه وعونه لها على طاعة ربها ، ولا شيء أضر للجسم من المطاعم الرديئة لأنها مفسدة لعقله ومضعفة لأدواته التي جعلها الله سببا إلى طاعته ، وقد جاء رجل إلى الحسن البصري ; فقال : إن لي جارا لا يأكل الفالوذج فقال : ولم ؟ قال : يقول لا يؤدي شكره ; فقال الحسن : أفيشرب الماء البارد ؟ فقال : نعم . فقال : إن جارك جاهل ، فإن نعمة الله عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذج . قال ابن العربي قال علماؤنا : هذا إذا كان الدين قواما ، ولم يكن المال حراما ; فأما إذا فسد الدين عند الناس وعم الحرام فالتبتل أفضل ، وترك اللذات أولى ، وإذا وجد الحلال فحال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأعلى . قال المهلب : إنما نهى صلى الله عليه وسلم عن التبتل والترهب من أجل أنه مكاثر بأمته الأمم يوم القيامة ، وأنه في الدنيا مقاتل بهم طوائف الكفار ، وفي آخر الزمان يقاتلون الدجال ; فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكثر النسل .
الرابعة : قوله تعالى : ولا تعتدوا قيل : المعنى لا تعتدوا فتحلوا ما حرم الله فالنهيان على هذا تضمنا الطرفين ; أي : لا تشددوا فتحرموا حلالا ، ولا تترخصوا فتحلوا حراما ; قاله الحسن البصري ، وقيل : معناه التأكيد لقوله : تحرموا ; قاله السدي وعكرمة وغيرهما ; أي : لا تحرموا ما أحل الله وشرع ، والأول أولى ، والله أعلم .
الخامسة : من حرم على نفسه طعاما أو شرابا أو أمة له ، أو شيئا مما أحل الله فلا شيء عليه ، ولا كفارة في شيء من ذلك عند مالك ; إلا أنه إن نوى بتحريم الأمة عتقها صارت حرة وحرم عليه وطؤها إلا بنكاح جديد بعد عتقها ، وكذلك إذا قال لامرأته أنت علي حرام فإنها تطلق عليه ثلاثا ; وذلك أن الله تعالى قد أباح له أن يحرم امرأته عليه بالطلاق صريحا وكناية ، و ( حرام ) من كنايات الطلاق . وسيأتي ما للعلماء فيه في سورة ( التحريم ) إن شاء الله تعالى ، وقال أبو حنيفة : إن من حرم شيئا صار محرما عليه ، وإذا تناوله لزمته الكفارة ; وهذا بعيد والآية ترد عليه ، وقال سعيد بن جبير : لغو اليمين تحريم الحلال ، وهو معنى قول الشافعي على ما يأتي .
- الطبرى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به نبيُّهم صلى الله عليه وسلم أنه حق من عند الله=" لا تحرّموا طيبات ما أحل الله لكم "، يعني بـ" الطيبات "، اللذيذات التي تشتهيها النفوس، وتميل إليها القلوب، (15)
فتمنعوها إيّاها، كالذي فعله القسِّيسون والرُّهبان، فحرَّموا على أنفسِهم النساءَ والمطاعمَ الطيَّبة، والمشاربَ اللذيذة، وحَبس في الصَّوامع بعضُهم أنفسَهم، وساحَ في الأرض بعضهم. يقول تعالى ذكره: فلا تفعلوا أيُّها المؤمنون، كما فعل أولئك، ولا تعتدُوا حدَّ الله الذي حدَّ لكم فيما أحلَّ لكم وفيما حرم عليكم، فتجاوزوا حدَّه الذي حدَّه، فتخالفوا بذلك طاعته، فإن الله لا يحبُّ من اعتدى حدَّه الذي حدّه لخلقه، فيما أحل لهم وحرَّم عليهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
12336 - حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس قال، حدثنا عبثر أبو زبيد قال، حدثنا حصين، عن أبي مالك في هذه الآية: "
يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيّبات ما أحل الله لكم " الآية، قال: عثمان بن مظعون وأناسٌ من المسلمين، حرَّموا عليهم النساءَ، وامتنعوا من الطَّعام الطيّب، وأراد بعضهم أن يقطع ذَكَره، فنـزلت هذه الآية. (16)12337 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثني خالد الحذاء، عن عكرمة قال: كان أناسٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم همُّوا بالخصاء وتَرْك اللحم والنساء، فنـزلت هذه الآية: "
يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيّباتِ ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ".12338 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن خالد، عن عكرمة: أن رجالا أرادوا كذا وكذا، وأرادوا كذا وكذا، وأن يختَصُوا، فنـزلت: "
يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحلَّ الله لكم " إلى قوله: الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ .12339 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم: "
يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيِّبات ما أحل الله لكم "، قال: كانوا حَرَّموا الطيِّب واللحمَ، فأنـزل الله تعالى هذا فيهم.12340 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، حدثنا خالد، عن عكرمة: أن أناسًا قالوا: "
لا نتزوَّج، ولا نأكل، ولا نفعل كذا وكذا "! فأنـزل الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيِّبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين ".12341 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: أراد أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفُضُوا الدنيا، ويتركوا النساء، ويترهَّبوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فغَلَّظ فيهم المقالة، ثم قال: إنما هَلَك من كان قبلكم بالتشديد، شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فأولئك بقايَاهم في الدِّيار والصوامع! (17) اعبدُوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وحجُّوا، واعتمروا، واستقيموا يَسْتَقِم لكم. قال: ونـزلت فيهم: "
يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحل الله لكم "، الآية.12342 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "
لا تحرّموا طيبات ما أحل الله لكم "، قال: نـزلت في أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أرادوا أن يتخلَّوا من الدُّنيا، (18) ويتركوا النساء ويتزهدوا، منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون.12343 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن زياد بن فياض، عن أبي عبد الرحمن قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا آمرُكم أن تكونُوا قسِّيسين ورهبانًا "
.12344 - حدثنا بشر بن مُعاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم "، الآية، ذكر لنا أنّ رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رَفَضوا النساء واللحم، وأرادوا أن يتّخذوا الصوامع. فلما بلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس في ديني تركُ النساء واللحم، ولا اتِّخاذُ الصوامع= وخُبِّرنا أن ثلاثة نفرٍ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتَّفقوا، فقال أحدهم: أمَّا أنا فأقوم الليل لا أنام! وقال أحدهم: أمَّا أنا فأصوم النهار فلا أفطر! وقال الآخر: أما أنا فلا آتي النساء! فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: ألم أُنَبَّأْ أنكم اتّفقتم على كذا؟ قالوا: بلى! يا رسول الله، وما أردنا إلا الخير! قال: لكني أقومُ وأنامَ، وأصوم وأفطر، وآتي النساء، فمن رغب عن سُنَّتِي فليس منِّي= وكان في بعض القراءة: ( من رغب عن سنتك فليس من أمتك وقد ضل عن سواء السبيل ). (19) وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأناسٍ من أصحابه: إن مَنْ قبلكم شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فهؤلاء إخوانهم في الدُّورِ والصوامع! (20) اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، وحُجُّوا واعتمروا، واستقيموا يستقم لكم. (21)
12345 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين "، وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يومًا فذكر الناس، ثم قام ولم يزدهم على التَّخويف. فقال أناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا عشرة، منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون: ما خِفْنا إن لم نُحْدِث عملا! (22) فإنّ النصارى قد حرَّموا على أنفسهم، فنحن نحرِّم! فحرَّم بعضهم أكل اللَّحم والوَدَك، وأن يأكل بالنهار، (23) وحرَّم بعضهم النوم، وحرَّم بعضهم النساء. فكان عثمان بن مظعون ممَّن حرم النساءَ، وكان لا يدنو من أهله ولا يدنون منه. فأتت امرأتُه عائشةَ، وكان يقال لها: " الحولاء "، فقالت لها عائشة ومن عندها من نساءِ النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما بالُك، يا حولاءُ متغيِّرةَ اللون لا تمتشِطين ولا تطيَّبين؟ فقالت: وكيف أتطيَّب وأمتشط، وما وقع عليّ زوجي، ولا رفع عني ثوبًا، منذ كذا وكذا! فجعلن يَضحكن من كلامها. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنّ يضحكن، فقال: ما يضحككن؟ قالت: يا رسول الله، الحولاءُ، سألتها عن أمرها فقالت: " ما رفع عني زوجي ثوبًا منذ كذا وكذا "! فأرسل إليه فدعاه فقال: ما بالك يا عثمان؟ قال: إني تركته لله لكي أتخلَّى للعبادة! وقَصَّ عليه أمره. وكان عثمان قد أراد أن يَجُبَّ نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقسمتُ عليك إلا رجعت فواقعتَ أهلك! فقال: يا رسول الله إني صائم! قال: أفطر! فأفطر، وأتى أهله. فرجعت الحولاءُ إلى عائشة قد اكتحلت وامتشطت وتطيَّبت. فضحكت عائشة، فقالت: ما بالك يا حولاء؟ فقالت: إنه أتاها أمس! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بالُ أقوامٍ حرَّموا النساء، والطعامَ، والنومَ؟ ألا إني أنام وأقوم، وأفطر وأصوم، وأنكح النساء، فمن رغب عن سُنَّتي فليس مني! فنـزلت: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا "، يقول لعثمان: لا تَجُبَّ نفسك. فإن هذا هو الاعتداء= وأمرهم أن يكفِّروا أيْمانهم، فقال: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ .
12346 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم "، قال: هم رهطٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: نقطَعُ مذاكيرَنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان! فبلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأرسل، إليهم، فذكر ذلك لهم فقالوا: نعم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكنيّ أصوم وأفطر، وأصلِّي وأنام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مِني.
12347 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم "، وذلك أن رجالا من أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم، منهم عثمان بن مظعون، حرَّموا النساء واللحمَ على أنفسهم، وأخذوا الشِّفَار ليقطعوا مذاكيرهم، لكي تنقطع الشهوة ويتفرَّغوا لعبادة ربهم. فأخبر بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما أردتم؟ فقالوا: أردنا أن تنقطع الشهوة عنا، (24) ونتفرغ لعبادة ربنا، ونلهو عن النساء! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أومر بذلك، ولكني أمرت في ديني أن أتزوَّج النساء! فقالوا، نطيعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأنـزل الله تعالى ذكره: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين "، إلى قوله: الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ .
12348 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: أراد رجالٌ، منهم عثمان بن مظعون وعبد الله بن عمرو، أن يتبتَّلوا، ويخصُوا أنفسهم، ويلبسوا المُسُوح، (25) فنـزلت هذه الآية إلى قوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ = قال ابن جريج، عن عكرمة: أن عثمان بن مظعون، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وسالمًا مولى أبي حذيفة في أصحابٍ، تبتَّلوا، فجلسوا في البيوت، واعتزَلوا النساءَ، ولبسوا المسوحَ، وحرَّموا طيبات الطعام واللِّباس إلا ما أكل ولبس أهل السِّيَاحة من بني إسرائيل، وهمُّوا بالإخصَاء، (26) وأجمعُوا لقيام الليلِ وصيام النهار، فنـزلت: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين "، يقول: لا تَسِيروا بغير سُنّة المسلمين، (27) يريد: ما حرموا من النساء والطعام واللباس، وما أجمعوا له من صيام النهار وقيامِ الليل، وما همُّوا به من الإخصاء. (28) فلما نـزلت فيهم، بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ لأنفسكم حقًّا، وإنَّ لأعيُنِكم حقًّا! صوموا وأفطروا، وصلّوا وناموا، فليس منا من ترك سُنَّتنا! فقالوا: اللهم أسلمنا واتَّبعنا ما أنـزلت!
12349 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب، عن ابن زيد في قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم "، قال، قال أبي: ضَافَ عبدَ الله بن رواحة ضيفٌ، فانقلبَ ابن رواحة ولم يتعشَّ، فقال لأهله: ما عَشَّيْتِه؟ فقالت: كان الطعام قليلا فانتظرت أن تأتي! قال: فحبستِ ضيفي من أجلي! فطعامُك عليَّ حرام إن ذُقْته! فقالت هي: وهو عليّ حرام إن ذقته إن لم تذقه! وقال الضيف: هو عليَّ حرام إن ذقتُه إن لم تذُوقوه! فلما رأى ذلك قال ابن رواحة: قرِّبي طعامَكِ، كلوا بسم الله! وغدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أحسنتَ! فنـزلت هذه الآية: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحلَّ الله لكم "، وقرأ حتى بلغ: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ ، إذا قلت: " والله لا أذوقه "، فذلك العقد.
12350 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عثمان بن سَعْد قال، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس: أنّ رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنيّ إذا أصبتُ من اللحم انتشرتُ، وأخذتني شهوتي، فحرَّمت اللحم؟ فأنـزل الله تعالى ذكره: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدُوا إن الله لا يحبُّ المعتدين ". (29)
12351 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة قال: هَمَّ أناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بترك النساء والخِصَاء، فأنـزل الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " الآية.
* * *
واختلفوا في معنى " الاعتداء " الذي قال تعالى ذكره: " ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبُّ المعتدين ".
فقال بعضهم: " الاعتداء " الذي نهى الله عنه في هذا الموضع: هو ما كان عثمان بن مظعون همَّ به من جَبِّ نفسه، فنهى عن ذلك، وقيل له: " هذا هو الاعتداء ".
وممن قال ذلك السدي.
12352 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثني أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عنه. (30)
* * *
وقال آخرون: بل ذلك هو ما كان الجماعةُ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هَمُّوا به من تحريمِ النساء والطعام واللباس والنوم، فنهوا أن يفعلوا ذلك، وأن يستَنَّوا بغير سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم. وممن قال ذلك عكرمة.
12353 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عنه. (31)
* * *
وقال بعضهم: بل ذلك نهيٌ من الله تعالى ذكره أن يتجاوَزَ الحلالَ إلى الحرام.
ذكر من قال ذلك:
12354 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن عاصم، عن الحسن: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا "، قال: لا تعتدوا إلى ما حُرِّم عليكم.
* * *
وقد بينا أن معنى " الاعتداء "، تجاوز المرءِ ماله إلى ما ليس له في كل شيء، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (32)
قال أبو جعفر: وإذ كان ذلك كذلك= وكان الله تعالى ذكره قد عمَّ بقوله: " لا تعتدوا "، النهيَ عن العدوان كُلّه= كان الواجبُ أن يكون محكومًا لما عمَّه بالعُموم حتى يخصَّه ما يجب التسليم له. وليس لأحدٍ أن يتعدَّى حدَّ الله تعالى في شي من الأشياء مما أحلَّ أو حرَّم، فمن تعدَّاه فهو داخل في جملة من قال تعالى ذكره: " إن الله لا يحب المعتدين ".
وغير مستحيل أن تكون الآية نـزلت في أمر عثمان بن مظعون والرهطِ الذين همُّوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما همُّوا به من تحريم بعض ما أحلّ الله لهم على أنفسهم، ويكون مرادًا بحكمها كلُّ من كان في مثل مَعْناهم ممَّن حرّم على نفسه ما أحلَّ الله له، أو أحلَّ ما حرّم الله عليه، أو تجاوز حدًّا حدَّه الله له. وذلك أن الذين همُّوا بما همُّوا به من تحريم بعض ما أحلَّ لهم على أنفسهم، إنما عوتبوا على ما همُّوا به من تجاوزهم ما سَنَّ لهم وحدَّ، إلى غيره.
---------------
الهوامش :
(15) انظر تفسير"الطيبات" فيما سلف ص: 84 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(16) الأثر: 12336-"أبو حصين": "عبد الله بن أحمد بن يونس" هو: "عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي" ، شيخ الطبري ، روى عن أبيه ، وروى هو وأبوه عن عبثر بن القاسم. روى عنه الترمذي والنسائي وأبو حاتم ، وغيرهم ، ثقة صدوق. مترجم في التهذيب.
و"عبثر بن القاسم الزبيدي" ، "أبو زبيد". ثقة صدوق. وقال ابن معين: "ثقة سنيّ". مترجم في التهذيب ، والكبير 4/1/94 ، وابن أبي حاتم 3/2/ 43. وكان في المخطوطة وحدها: "عبثر بن زبيدة" ، وهو خطأ محض.
و"حصين" ، هو"حصين بن عبد الرحمن السلمي" ، مضى برقم: 579 ، 2986.
(17) "الديار" جمع"دير" ، والذي ذكره أصحاب معاجم اللغة أن جمعه"أديار" ، واقتصروا على هذا الجمع ، وذكر ياقوت في معجم البلدان (دير) ، جموعًا كثيرًا ، ليس هذا منها ، ولكنه نقل أن الجوهري قال: "دير النصارى أصله الدار" فإن كان ذلك كذلك ، فجمعه على"ديار" لا شك في صحته وقياسه. وانظر"الدور" أيضا في الأثر رقم: 12344. ص: 516 ، تعليق: 2.
(18) في المطبوعة: "أن يتخلوا من اللباس" ، وهو كلام ملفق ، وفي المخطوطة: "ويتحلوا من اللبسا" ، غير مبينة ، صوابها ما أثبت من الدر المنثور 2: 308.
(19) في المطبوعة: "عن سواء السبيل" ، بزيادة"عن" ، وليست في المخطوطة.
(20) "الدور" ، يعني جمع"دير" ، وقد ذكرت القول فيه في ص: 515 ، تعليق: 1.
(21) الأثر: 12344-"بشر بن معاذ العقدي" مضى برقم: 352 ، 2616.
أما "جامع بن حماد" ، فلم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع. وهذه أول مرة يأتي إسناد بشر بن معاذ في روايته عن يزيد بن زريع بواسطة"جامع بن حماد". أما إسناد: "بشر بن معاذ ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة" فهو إسناد دار في التفسير من أوله إلى هذا الموضع ، برواية"بشر بن معاذ" عن"يزيد بن زريع" مباشرة.
وسيأتي هذا الإسناد الجديد بعد هذا مرارا ، برقم: 12367 ، 12423 ، 12507 ، 12524. وفي هذا الإسناد الأخير ، نص صريح على أنه روى الخبر مرة بواسطة"جامع بن حماد" هذا ، ثم رواه مرة أخرى عن"يزيد بن زيع" مباشرة.
(22) في المطبوعة: "ما حقنا" ، وفي المخطوطة: "ما حفنا" ، وصواب قراءته ما أثبت. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفهم عقاب الله ، فقالوا: لم نبلغ من الخوف مبلغًا يرضاه ربنا ، إن لم نعمل عملا يدل على شدة المخافة.
(23) "الودك" (بفتحتين): دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه.
(24) في المطبوعة: "أن نقطع" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(25) "المسوح" جمع"مسح" (بكسر فسكون): وهو كساء من شعر يلبسه الرهبان.
(26) "الإخصاء" ، يعني الخصاء ، وانظر ما كتبته آنفا في 9: 215 ، تعليق: 1 ، وإنكار أهل اللغة لها ، وإتيانها في آثار كبيرة ، يضم إليها هذا الأثر في موضعين. وكان في المطبوعة هنا"بالاختصاء" ، وأثبت ما في المخطوطة ، ولكن ستأتي مرة أخرى ، وتتفق فيها المطبوعة والمخطوطة: "الاختصاء".
(27) في المطبوعة: "لا تستنوا بغير سنة المسلمين" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهي غير منقوطة. وهذا صواب قراءتها.
(28) في المطبوعة والمخطوطة: "هموا له" ، وكأن الصواب ما أثبت.
(29) الأثر: 12350- هذا الأثر أخرجه الترمذي في كتاب التفسير بإسناده ولفظه ، ثم قال: "هذا حديث حسن غريب. ورواه بعضهم من غير حديث عثمان بن سعد مرسلا ، ليس فيه: عن ابن عباس ، ورواه خالد الحذاء ، عن عكرمة ، مرسلا" ، يعني الترمذي الأثر التالي: 12351.
و"عثمان بن سعد التميمي ، الكاتب المعلم" ، ثقة. مضى برقم: 2155. وكان في المطبوعة هنا"عثمان بن سعيد" ، وهو خطأ محض ، وكان في المخطوطة مثله ، إلا أنه ضرب على نقطتي الياء ، وأراد وصل العين بالدال ، فأخطأ الناشر في قراءة ذلك.
هذا ، وانظر ما جاء من الأخبار في الخصاء والتبتل في صحيح البخاري (الفتح 9: 100- 103) ، وما علق عليه الحافظ ابن حجر. ثم ما جاء فيه أيضا (الفتح 8: 207) ، وتفسير ابن كثير 3: 213- 217 ، وطبقات ابن سعد 3/1/286- 288 في ترجمة"عثمان بن مظعون".
(30) في المطبوعة: "عنه به" في الموضعين ، وأثبت ما في المخطوطة ، بحذفها.
(31) في المطبوعة: "عنه به" في الموضعين ، وأثبت ما في المخطوطة ، بحذفها.
(32) انظر تفسير"الاعتداء" فيما سلف ص: 489 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
استئناف ابتدائي خطاب للمؤمنين بأحكام تشريعية ، وتكملة على صورة التفريع جاءت لمناسبة ما تقدّم من الثناء على القسّيسين والرهبان . وإذ قد كان من سنّتهم المبالغة في الزهد وأحدثوا رهبانية من الانقطاع عن التزوّج وعن أكل اللحوم وكثير من الطيّبات كالتدهُّن وترفيه الحالة وحُسن اللباس ، نبّه الله المؤمنين على أنّ الثناء على الرهبان والقسّيسين بما لهم من الفضائل لا يقتضي اطّراد الثناء على جميع أحوالهم الرهبانيّة . وصادف أن كانَ بعضُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد طمَحت نفوسهم إلى التقلّل من التعلّق بلذائذ العيش اقتداء بصاحبهم سيِّد الزاهدين صلى الله عليه وسلم روى الطبري والواحدي أنّ نفَراً تنافسوا في الزهد . فقال أحدُهم : أمّا أنا فأقوم الليل لا أنام ، وقال الآخر : أمَّا أنا فأصوم النهار ، وقال آخر : أمّا أنا فلا آتي النساء ، فبلغ خبرُهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فبعث إليهم ، فقال : " ألَمْ أنَبَّأ أنَّكم قلتم كذا . قالوا : بَلَى يا رسول الله ، وما أرَدْنا إلاّ الخَيْر ، قال : لَكِنِّي أقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ، وآتي النساء ، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي " فنزلت هذه الآية . ومعنى هذا في «صحيحي البخاري ومسلم» عن أنس بن مالك وليس فيه أنّ ذلك سبب نزول هذه الآية .
ورُوي أنّ ناساً منهم ، وهم : أبو بكر ، وعليّ ، وابن مسعود ، وابن عُمر ، وأبو ذرّ ، وسالم مولى أبي حذيفة ، والمقدادُ بن الأسود ، وسلْمان الفارسي ، ومعقل بن مُقَرّن اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون واتّفقوا على أن يرفُضوا أشغال الدنيا ، ويتركوا النساء ويترهّبوا . فقام رسول الله فغلّظ فيهم المقالة ، ثم قال : " إنّما هلك من كان قبلكم بالتشديد ، شَدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع " فنزلت فيهم هذه الآية . . وهذا الخبر يقتضي أنّ هذا الاجتماع كان في أول مدّة الهجرة لأنّ عثمان بن مظعون لم يكن له دار بالمدينة وأسكنه النبي صلى الله عليه وسلم في دار أمّ العلاء الأنصارية التي قيل : إنّها زوجة زيد بن ثابت ، وتوفّي عثمان بن مظعون سنة اثنتين من الهجرة . وفي رواية : أنّ ناساً قالوا إنّ النصارى قد حرّموا على أنفسهم فنحن نحرّم على أنفسنا بعض الطيّبات فحرّم بعضهم على نفسه أكل اللحم ، وبعضهم النوم ، وبعضهم النساء؛ وأنّهم ألزموا أنفسهم بذلك بأيمان حلفوها على ترك ما التزموا تركه . فنزلت هذه الآية .
وهذه الأخبار متظافرة على وقوع انصراف بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المبالغة في الزهد واردة في الصحيح ، مثل حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي . قال : قال لي رسول الله : " ألم أخْبَر أنّك تقوم الليل وتصوم النهارَ ، قلت : إنّي أفعلُ ذلك . قال : فإنّك إذا فعلتَ هجَمت عينُك ونَفِهَتْ نَفْسك . وإنّ لنفسك عليك حقاً ولأهلِك عليك حقّاً ، فصم وأفطر وقُم ونَم "
وحديث سلمان مع أبي الدرداء أنّ سلمان زار أبا الدرداء فصنع أبو الدرداء طعاماً فقال لسلمان : كُلْ فإنّي صائم ، فلمّا كانَ الليلُ ذهب أبو الدرداء يقوم ، فقال : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم فقال : نم ، فنام . فلمّا كان آخر اللّيل قال سلمان : قم الآن ، وقال سلمان : إنّ لربّك عليك حقّاً ولنفسك عليك حقّاً ولأهلك عليك حقّاً فأعط كلّ ذي حقّ حقّه . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له . فقال النبي عليه الصلاة والسلام : «صدقَ سلمانُ» . وفي الحديث الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أمّا أنا فأقوم وأرقد وأصوم وأفطر وأتزوّج النساء فمن رغب عن سُنّتي فليس منّي "
والنهي إنّما هو عن تحريم ذلك على النفس . أمّا ترك تناول بعض ذلك في بعض الأوقات من غير التزام ولقصد التربية للنفس على التصبّر على الحِرمان عند عدم الوجدان ، فلا بأس به بمقدار الحاجة إليه في رياضة النفس . وكذلك الإعراض عن كثير من الطّيبات للتطلّع على ما هو أعلى من عبادة أو شغل بعمل نافع وهو أعلى الزهد ، وقد كان ذلك سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصّة من أصحابه ، وهي حالة تناسب مرتبته ولا تتناسب مع بعض مراتب الناس ، فالتطلّع إليها تعسير ، وهو مع ذلك كان يتناول الطيّبات دون تشوّف ولا تطلّع . وفي تناولها شكر لله تعالى ، كما ورد في قصّة أبي الدحداح حين حَلّ رسولُ الله وأبُو بكر وعمرُ في حائطه وأطعمهم وسقاهم . وعن الحسن البصري : أنّه دُعي إلى طعام ومعه فَرقد السَبَخي وأصحابه فجلسوا على مائدة فيها ألوان من الطعام دجاج مسمَّن وفالَوْذ فاعتزل فرقد نَاحِية . فسأله الحسن : أصائم أنت ، قال : لا ولكنّي أكره الألوان لأنّي لا أؤدّي شكره ، فقال له : الحسن : أفتشرب الماءَ البارد ، قال : نعم ، قال : إنّ نعمةَ الله في الماءِ البارد أكثر من نعمته في الفَالَوْذ .
وليس المراد من النهي أن يلفظ بلفظ التحريم خاصّة بل أن يتركه تشديداً على نفسه سواء لفظ بالتحريم أم لم يلفظ به . ومن أجل هذا النهي اعتبر هذا التحريم لغواً في الإسلام فليس يلزم صاحبه في جميع الأشياء التي لم يجعل الإسلام للتحريم سبيلاً إليها وهي كلّ حال عدا تحريم الزوجة . ولذلك قال مالك فيمن حرّم على نفسه شيئاً من الحلال أو عمّم فقال : الحلال عليّ حرام ، أنّه لا شيء عليه في شيء من الحلال إلاّ الزوجة فإنّها تحرم عليه كالبتَات ما لم ينو إخراج الزوجة قبل النطق بصيغة التحريم أو يخرجها بلفظ الاستثناء بعد النطق بصيغة التحريم ، على حكم الاستثناء في اليمين .
ووجهه أنّ عقد العصمة يتطرّق إليه التحريم شرعاً في بعض الأحوال ، فكان التزام التحريم لازماً فيها خاصّة ، فإنّه لو حرّم الزوجة وحدها حرمت ، فكذلك إذا شملها لفظ عامّ . ووافقه الشافعي . وقال أبو حنيفة : من حرّم على نفسه شيئاً من الحلال حَرم عليه تناوُله ما لم يكَفّر كفارة يمين ، فإنْ كفَّر حلّ له إلاّ الزوجة . وذهب مسروق وأبو سلمة إلى عدم لزوم التحريم في الزوجة وغيرها .
وفي قوله تعالى : { لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ الله لكم } تنبيه لفقهاء الأمّة على الاحتراز في القول بتحريم شيء لم يقم الدليل على تحريمه ، أو كان دليله غير بالغ قوة دليل النهي الوارد في هذه الآية .
ثم إنّ أهل الجاهلية كانوا قد حرّموا أشياء على أنفسهم كما تضمنته سورة الأنعام ، وقد أبطلها الله بقوله : { قل من حرّم زينة الله التي أخرج لِعباده والطيّبات من الرزق } [ الأعراف : 32 ] ، وقوله : { قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم وحرّموا ما رزقهم الله افتراء على الله } [ الأنعام : 140 ] ، وقوله : { قُل الذّكَرَيْننِ حَرّم أم الأنثيين إلى قوله { فمن أظلم ممّن افترى على الله كذباً ليُضلّ النّاس بغير علم } [ الأنعام : 143 ، 144 ] ، وغير ذلك من الآيات . وقد كان كثير من العرب قد دخلوا في الإسلام بعد فتح مكّة دفعة واحدة كما وصفهم الله بقوله : { يدخلون في دين الله أفواجاً } [ النصر : 2 ] . وكان قصر الزمان واتّساع المكان حائلين دون رسوخ شرائع الإسلام فيما بينهم ، فكانوا في حاجة إلى الانتهاء عن أمور كثيرة فاشية فيهم في مدّة نزول هذه السورة ، وهي أيام حجّة الوداع وما تقدّمها وما تأخّر عنها .
وجملة { ولا تعتدوا } معترضة ، لمناسبة أنّ تحريم الطّيبات اعتداء على ما شرع الله ، فالواو اعتراضية . وبما في هذا النهي من العموم كانت الجملة تذييلاً .
والاعتداء افتعال العدوْ ، أي الظلم . وذِكره في مقابلة تحريم الطيّبات يدلّ على أنّ المراد النهي عن تجاوز حدّ الإذننِ المشروع ، كما قال { تلك حدود الله فلا تعتدوها } [ البقرة : 229 ] . فلمّا نهى عن تحريم الحلال أردفه بالنهي عن استحلال المحرّمات وذلك بالاعتداء على حقوق النّاس ، وهو أشدّ الاعتداء ، أو على حقوق الله تعالى في أمره ونهيه دون حقّ الناس ، كتناول الخنزير أو الميتة . ويعمّ الاعتداءُ في سياق النهي جميع جنسه ممّا كانت عليه الجاهلية من العدوان ، وأعظمه الاعتداء على الضعفاء كالوأْد ، وأكللِ مال اليتيم ، وعضل الأيامَى ، وغير ذلك .
وجملة { إنّ الله لا يحبّ المعتدين } تذييل للّتي قبلها للتحذير من كلّ اعتداء .
- إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» سبق اعرابها «لا تُحَرِّمُوا» مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله «طَيِّباتِ» مفعوله والجملة مستأنفة. «ما» اسم موصول في محل جر بالإضافة وجملة «أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ» صلة الموصول لا محل لها أي ما أحله اللّه لكم ، «وَلا تَعْتَدُوا» مثل لا تحرموا والجملة معطوفة. «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» : إن ولفظ الجلالة اسمها وجملة : لا يحب المعتدين خبرها وجملة : إن اللّه تعليلية لا محل لها.
- English - Sahih International : O you who have believed do not prohibit the good things which Allah has made lawful to you and do not transgress Indeed Allah does not like transgressors
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ(5:87) Believers! Do not hold as unlawful the good things which Allah has made lawful to you, *104 and do not exceed the bounds of right. *105 Allah does not love those who transgress the bounds of right.
- Français - Hamidullah : O les croyants ne déclarez pas illicites les bonnes choses qu'Allah vous a rendues licites Et ne transgressez pas Allah en vérité n'aime pas les transgresseurs
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt verbietet nicht die guten Dinge die Allah euch erlaubt hat und übertretet nicht Allah liebt nicht die Übertreter
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes ¡No prohibáis las cosas buenas que Alá os ha permitido ¡Y no violéis la ley que Alá no ama a los que la violan
- Português - El Hayek : Ó fiéis não malverseis o bem que Deus permitiu e não transgridais porque Ele não estima os perdulários
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Не запрещайте блага которые Аллах сделал дозволенными для вас и не преступайте границы дозволенного Воистину Аллах не любит преступников
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
О те, которые уверовали! Не запрещайте блага, которые Аллах сделал дозволенными для вас, и не преступайте границы дозволенного. Воистину, Аллах не любит преступников.Правоверные не должны запрещать себе полезные яства и напитки, которые Аллах сделал для них дозволенными. Он оказал им милость, и они должны восхвалять Его за это. Он позволил им пользоваться благами, и они должны быть признательны Ему. Они не имеют права отвергать Божью милость, проявляя неблагодарность, не принимая ее или объявляя ее запрещенной. Если же они поступят так, если они возведут навет на Аллаха, проявят неблагодарность и объявят дозволенные и полезные блага запрещенными и скверными, то преступят границы дозволенного. Аллах запретил людям преступать эти границы, и Он не любит преступников. Более того, они ненавистны Ему и будут удостоены Его наказания.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey İnananlar Allah'ın size helal ettiği temiz şeyleri haram kılmayın hududu da aşmayın doğrusu Allah aşırı gidenleri sevmez
- Italiano - Piccardo : O voi che credete non vietate le cose buone che Allah vi ha reso lecite Non eccedete In verità Allah non ama coloro che eccedono
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهوانهی که باوهڕتان هێناوه ئهو نازو نیعمهته چاکانهی که خوا بۆی حهڵاڵ کردوون له خۆتانی حهرام مهکهن و له سنوور دهرمهچن و دهستدرێژیی مهکهن چونکه بهڕاستی خوا دهست درێژکارانی خۆشناوێت
- اردو - جالندربرى : مومنو جو پاکیزہ چیزیں خدا نے تمہارے لیے حلال کی ہیں ان کو حرام نہ کرو اور حد سے نہ بڑھو کہ خدا حد سے بڑھنے والوں کو دوست نہیں رکھتا
- Bosanski - Korkut : O vjernici ne uskraćujte sebi lijepe stvari koje vam je Allah dozvolio samo ne prelazite mjeru jer Allah ne voli one koji pretjeruju
- Swedish - Bernström : TROENDE Neka er inte de goda ting [i livet] som Gud har gett er rätt att njuta av men gå inte utöver [de gränser som Gud har fastställt] Gud är inte överträdarnas vän
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai orangorang yang beriman janganlah kamu haramkan apaapa yang baik yang telah Allah halalkan bagi kamu dan janganlah kamu melampaui batas Sesungguhnya Allah tidak menyukai orangorang yang melampaui batas
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
Ayat ini diturunkan tatkala ada suatu kaum dari kalangan para sahabat yang bertekad menetapi puasa dan melakukan salat di malam harinya; mereka tidak mau mendekati wanita-wanita, memakai wewangian, memakan daging dan tidur di ranjang/kasur. (Hai orang-orang yang beriman janganlah kamu haramkan apa-apa yang baik yang telah Allah halalkan bagi kamu dan janganlah kamu melampaui batas.) janganlah kamu melanggar perintah Allah. (Sesungguhnya Allah tidak menyukai orang-orang yang melampaui batas.)
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে মুমিনগণ তোমরা ঐসব সুস্বাদু বস্তু হারাম করো না যেগুলো আল্লাহ তোমাদের জন্য হালাল করেছেন এবং সীমা অতিক্রম করো না। নিশ্চয় আল্লাহ সীমা অতিক্রমকারীদেরকে পছন্দ করেন না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : முஃமின்களே அல்லாஹ் உங்களுக்கு ஹலாலாக்கி ஆகுமாக்கியுள்ள பரிசுத்தமான பொருட்களை ஹராமானவையாக விலக்கப்பட்டவையாக ஆக்கிக் கொள்ளாதீர்கள்; இன்னும் வரம்பு மீறியும் செல்லாதீர்கள்; நிச்சயமாக அல்லாஹ் வரம்பு மீறுபவர்களை நேசிப்பதில்லை
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : ผู้ที่ศรัทธาทั้งหลาย จงอย่าได้ให้เป็นที่ต้องห้าม ซึ่งบรรดาสิ่งดี ๆ ในสิ่งที่อัลลอฮ์ได้ทรงอนุมัติแก่พวกเจ้า และพวกเจ้าจงอย่าละเมิด แท้จริงอัลลอฮ์นั้นไม่ทรงชอบบรรดาผู้ละเมิด
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Аллоҳ сизга ҳалол қилган пок нарсаларни ҳаром қилмангиз Ҳаддингиздан ошманг Албатта Аллоҳ ҳаддидан ошувчиларни севмас
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊 真主已准许你们享受的佳美食物,你们不要把它当作禁物,你们不要过分。真主的确不喜爱过分的人。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman Janganlah kamu haramkan bendabenda yang baikbaik yang telah dihalalkan oleh Allah bagi kamu dan janganlah kamu melampaui batas pada apa yang telah ditetapkan halalnya itu; kerana sesungguhnya Allah tidak suka kepada orangorang yang melampaui batas
- Somali - Abduh : Kuwa xaqa Rumeeyow ha Xarrimina Wanaagga Xalaasha Eebe Idiin Banneeyey hana Xadgudbina Eebe ma Jeela kuwa Xad gudbee
- Hausa - Gumi : Yã ku waɗanda suka yi ĩmãni Kada ku haramta abubuwa mãsu dãɗi da Allah Ya halatta muku kuma kada ku ƙetare haddi Lalle ne Allah bã Ya son mãsu ƙetare haddi
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Msiharimishe vizuri alivyo kuhalalishieni Mwenyezi Mungu wala msikiuke mipaka Hakika Mwenyezi Mungu hawapendi wakiukao mipaka
- Shqiptar - Efendi Nahi : O besimtarë Mos ia ndaloni vetes gjërat e bukura të cilat Perëndia ua ka lejuar dhe mos kaloni kufirin Se Perëndia nuk i don ata që e kapërcejnë kufirin e urdhërave të Perëndisë
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، چيزهاى پاكيزهاى را كه خدا بر شما حلال كرده است حرام مكنيد و از حد درمگذريد كه خدا تجاوزكنندگان از حد را دوست ندارد.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, чизҳои покизаеро, ки Худо бар шумо ҳалол кардааст, ҳаром макунед ва аз ҳад дарнагузаред, ки Худо аз ҳад гузарандагонро дӯст надорад.
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! اﷲ سىلەرگە ھالال قىلغان پاك نەرسىلەرنى (تەركى دۇنيا بولۇش يۈزىسىدىن ئۆزۈڭلارغا) ھارام قىلماڭلار، (اﷲ بەلگىلەپ بەرگەن) چەكتىن ئاشماڭلار، اﷲ چەكتىن ئاشقۇچىلارنى ھەقىقەتەن دوست تۇتمايدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിച്ചവരേ, അല്ലാഹു നിങ്ങള്ക്ക് അനുവദിച്ചുതന്ന വിശിഷ്ട വസ്തുക്കളെ നിങ്ങള് നിഷിദ്ധമാക്കരുത്. നിങ്ങള് അതിരുകവിയരുത്. അതിരുകവിയുന്നവരെ അല്ലാഹു ഒട്ടും ഇഷ്ടപ്പെടുന്നില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات احلها الله لكم من المطاعم والمشارب ونكاح النساء فتضيقوا ما وسع الله عليكم ولا تتجاوزوا حدود ما حرم الله ان الله لا يحب المعتدين
*104). This verse embodies two directives. The first is that man should not attribute to himself the authority to proclaim things either lawful or unlawful according to his own wishes. Only that which God has held to be lawful is lawful, and only that which God has declared unlawful is unlawful. If men were to declare certain things either lawful or unlawful on their own authority, they would not be following the law of God but their own laws. The second directive is that they should not adopt the course of world-renunciation and abstention from worldly pleasures as the Christian monks, Hindu mendicants, Buddhist bhikshus and illuminist mystics did. Religious-minded and virtuous people have always tended to consider their physical and carnal desires an impediment to spiritual growth. They have considered suffering, deprivation from worldly pleasures and abstention from the means of worldly sustenance to be acts of goodness and indispensable for achieving proximity to God. Even some of the Companions leaned in this direction. The Prophet (peace be on him) once came to know that some Companions had resolved that they would fast without interruption, that instead of spending the night on their beds they would remain awake praying, that they would consume neither meat nor fat, and would have no (sexual) relations with women. The Prophet (peace be on him) addressed the people on this subject and said: 'I have not been commanded to do so. Even your own self has rights against you. So, fast on certain days and refrain from fasting on others. Stay awake praying at night and also sleep. Look at me; 1 sleep as well as stay awake (praying); sometimes I fast and sometimes I don't. I consume meat as well as fat. Whosoever dislikes my way does not belong to me.' He then added: 'What has happened to people that they have prohibited for themselves women, good food, perfumes, sleep and the pleasures of the world, whereas I have not taught you to become monks and priests. In my religion there is neither abstention from women nor from meat, neither seclusion nor withdrawal.
For the purposes of self-control my religion has fasting. As for monasticism, all its benefits can be derived from jihad (struggle in the way of God). Serve God and associate none with Him. Perform Hajj and 'Umrah, establish Prayers, dispense Zakah and observe the fasts of Ramadan. Those who were destroyed before you were destroyed because they were severe with themselves, and when they became severe with themselves God became severe with them as well. It is the remnants of such people who you see in the oratories and hermitages of monks.' (Ibn Kathir, vol. 2, pp. 626 and 628-9 - Ed.)
There are traditions to the effect that the Prophet (peace be on him) once came to know that one of his Companions was always so preoccupied with worship and devotion that he did not approach his wife for long periods. The Prophet (peace be on him) called for him and directed him to go to his wife. On being told that he was fasting, the Prophet (peace be on him) asked him to break the fast and proceed to his wife. During the reign of 'Umar a lady once lodged the complaint that her husband fasted all day and prayed all night and had no relations with her. 'Umar appointed the famous Successor (Tabi'i), Ka'b b. Thawr al-Azdi to look into the matter. He issued the judgement that the husband had the right to spend three nights in Prayer if he so wished, but every fourth night was the right of his wife. (Fiqh al-Sunnah, vol. 2, p. 164 - Ed.)
*105). 'Do not exceed the bounds of right' has a broad signification. To hold the things which are lawful to be unlawful, and to shun the things declared by God to be clean as if they were unclean, is in itself an act of wrongful excess. It should be remembered, at the same time, that extravagant indulgence even in clean things is an act of wrongful excess. Likewise, to overstep the limits of the permissible is also an act of wrongful excess. God disapproves of all three kinds of excess.