- عربي - نصوص الآيات عثماني : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰٓ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْمًا فَـَٔاخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْأَوْلَيَٰنِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَٰدَتُنَآ أَحَقُّ مِن شَهَٰدَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّآ إِذًا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ
- عربى - نصوص الآيات : فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين
- عربى - التفسير الميسر : فإن اطلع أولياء الميت على أن الشاهدين المذكورين قد أثما بالخيانة في الشهادة أو الوصية فليقم مقامهما في الشهادة اثنان من أولياء الميت فيقسمان بالله: لَشهادتنا الصادقة أولى بالقبول من شهادتهما الكاذبة، وما تجاوزنا الحق في شهادتنا، إنا إن اعتدينا وشهدنا بغير الحق لمن الظالمين المتجاوزين حدود الله.
- السعدى : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
{ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا } أي: الشاهدين { اسْتَحَقَّا إِثْمًا } بأن وجد من القرائن ما يدل على كذبهما وأنهما خانا { فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان } أي: فليقم رجلان من أولياء الميت، وليكونا من أقرب الأولياء إليه. { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا } أي: أنهما كذبا، وغيرا وخانا. { وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ } أي: إن ظلمنا واعتدينا، وشهدنا بغير الحق.
- الوسيط لطنطاوي : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
ثم بين- سبحانه- الحكم فيما إذا تبين أن الرجلين اللذين دفع إليهما الموصى ما له لم يكونا أمينين فقال: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ.
وقوله: عُثِرَ أى: اطلع. يقال عثر الرجل على الشيء عثورا إذا اطلع عليه. ويقال:
عثرت منه على خيانة أى: اطلعت.
وقوله: الْأَوْلَيانِ تثنية أولى بمعنى أقرب. فالمراد بقوله الْأَوْلَيانِ أى: الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما بأحوال الميت.
والمعنى: فان اطلع بعد تحليف الشاهدين الوصيين من جهة الميت على أنهما اسْتَحَقَّا إِثْماً أى: فعلا ما يوجب الإثم من خيانة أو كتمان أو ما يشبههما فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما أى:
فرجلان آخران يقومان مقام اللذين اطلع على خيانتهما: أى يقفان موقفهما في الحبس بعد الصلاة والحلف ويكون هذان الرجلان الآخران مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ.
قال القرطبي: قال ابن السرى: أى من الذين استحق عليهم الإيصاء واختاره ابن العربي وأيضا فإن التفسير عليه، لأن المعنى عند أهل التفسير: من الذين استحقت عليهم الوصية وقال بعض العلماء: قوله مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ أى: من ورثة الميت الذين استحق من بينهم الأوليان أى: الأقربان إلى الميت، الوارثان له. الأحقان بالشهادة، أى:
اليمين. فقوله الْأَوْلَيانِ فاعل اسْتَحَقَّ.
ومفعول اسْتَحَقَّ محذوف، قدره بعضهم «وصيتهما» وقدره ابن عطية «ما لهم وتركتهم» وقدره الزمخشري. أن يجردوهما للقيام بالشهادة لأنها حقهما ويظهروا بهما كذب الكاذبين.
وقرئ اسْتَحَقَّ على البناء للمفعول. أى من الذين استحق عليهم الإثم أى «جنى عليهم» ، وهم أهل الميت وعشريته. وعليه فقوله: الْأَوْلَيانِ هو بدل من الضمير في يَقُومانِ أو من فَآخَرانِ .
وقوله: فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ بيان لكيفية اليمين التي يحلفها هذان الأوليان.
أى: فيحلف بالله هذان الأوليان- أى الأقربان إلى الميت- قائلين لَشَهادَتُنا أى:
ليميننا أَحَقُّ بالقبول مِنْ شَهادَتِهِما أى: من يمينهما وَمَا اعْتَدَيْنا أى: وما تجاوزنا الحق في يميننا وفيما نسبناه إليهما من خيانة إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ أى إنا إذا اعتدينا وقلنا فيهما خلاف الحق لنكونن في زمرة الظالمين لأنفسهم المستحقين لسخط الله وعقابه.
قال الآلوسى: وقوله فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ معطوف على يَقُومانِ في قوله: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما والسببية ظاهرة وقوله: لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما جواب القسم. والمراد بالشهادة هنا- عند الكثيرين- اليمين كما في قوله- تعالى- فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ.
وصيغة التفضيل أَحَقُّ إنما هي لإمكان قبول يمينهما في الجملة باعتبار صدقهما في ادعاء تملكهما لما ظهر في أيديهما» .
- البغوى : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
( فإن عثر ) أي : اطلع على خيانتهما ، وأصل العثور : الوقوع على الشيء ، ) ( على أنهما ) يعني : الوصيين ) ( استحقا ) استوجبا ، ) ( إثما ) بخيانتهما وبأيمانهما الكاذبة ، ) ( فآخران ) من أولياء الميت ، ) ( يقومان مقامهما ) يعني : مقام الوصيين ، ( من الذين استحق ) بضم التاء على المجهول ، هذه قراءة العامة ، يعني : الذين استحق ، ) ( عليهم ) أي فيهم ولأجلهم الإثم وهم ورثة الميت استحق الحالفان بسببهم الإثم و ( على ) بمعنى في ، كما قال الله ( على ملك سليمان ) ( البقرة ، 102 ) أي : في ملك سليمان ، وقرأ حفص ( استحق ) بفتح التاء والحاء ، وهي قراءة علي والحسن ، أي : حق ووجب عليهم الإثم ، يقال : حق واستحق بمعنى واحد ، ) ( الأوليان ) نعت للآخران ، أي : فآخران الأوليان ، وإنما جاز ذلك و ) ( الأوليان ) معرفة والآخران نكرة لأنه لما وصف ال " آخران " ، فقال ) ( من الذين ) صار كالمعرفة و ) ( الأوليان ) تثنية الأولى ، والأولى هو الأقرب ، وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم ويعقوب " الأولين " بالجمع فيكون بدلا من الذين ، والمراد منهم أيضا أولياء الميت .
ومعنى الآية : إذا ظهرت خيانة الحالفين يقوم اثنان آخران من أقارب الميت ، ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ) يعني : يميننا أحق من يمينهما ، نظيره قوله تعالى في اللعان : ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) ( النور - 6 ) . والمراد بها الأيمان ، فهو كقول القائل : أشهد بالله ، أي : أقسم بالله ، ) ( وما اعتدينا ) في أيماننا ، وقولنا أن شهادتنا أحق من شهادتهما ، ( إنا إذا لمن الظالمين )
فلما نزلت هذه الآية قام عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان ، فحلفا بالله بعد العصر فدفعا الإناء إليهما وإلى أولياء الميت ، وكان تميم الداري بعدما أسلم يقول صدق الله ورسوله أنا أخذت الإناء ، فأتوب إلى الله وأستغفره ، وإنما انتقل اليمين إلى الأولياء لأن الوصيين ادعيا أنهما ابتاعاه .
والوصي إذا أخذ شيئا من مال الميت وقال : إنه أوصى لي به حلف الوارث ، إذا أنكر ذلك ، وكذلك لو ادعى رجل سلعة في يد رجل فاعترف ثم ادعى أنه اشتراها من المدعي ، حلف المدعي أنه لم يبعها منه .
ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما عن تميم الداري قال : كنا بعنا الإناء بألف درهم فقسمتها أنا وعدي ، فلما أسلمت تأثمت فأتيت موالي الميت فأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحلف عمرو والمطلب فنزعت الخمسمائة من عدي ، ورددت أنا الخمسمائة .
- ابن كثير : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
ثم قال تعالى : ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ) أي : فإن اشتهر وظهر وتحقق من الشاهدين الوصيين ، أنهما خانا أو غلا شيئا من المال الموصى به إليهما ، وظهر عليهما بذلك ( فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان ) هذه قراءة الجمهور : " استحق عليهم الأوليان " . وروي عن علي وأبي والحسن البصري أنهم قرؤوها : ( استحق عليهم الأوليان ) .
وقد روى الحاكم في المستدرك من طريق إسحاق بن محمد الفروي ، عن سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ : ( من الذين استحق عليهم الأوليان ) ثم قال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .
وقرأ بعضهم ، ومنهم ابن عباس : " من الذين استحق عليهم الأولين " . وقرأ الحسن : " من الذين استحق عليهم الأولان " ، حكاه ابن جرير .
فعلى قراءة الجمهور يكون المعنى بذلك : أي متى تحقق ذلك بالخبر الصحيح على خيانتهما ، فليقم اثنان من الورثة المستحقين للتركة وليكونا من أولى من يرث ذلك المال ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ) أي : لقولنا : إنهما خانا أحق وأصح وأثبت من شهادتهما المتقدمة ) وما اعتدينا ) أي : فيما قلنا من الخيانة ( إنا إذا لمن الظالمين ) أي : إن كنا قد كذبنا عليهما .
وهذا التحليف للورثة ، والرجوع إلى قولهما والحالة هذه ، كما يحلف أولياء المقتول إذا ظهر لوث في جانب القاتل ، فيقسم المستحقون على القاتل فيدفع برمته إليهم ، كما هو مقرر في باب " القسامة " من الأحكام .
وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، فقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسين بن زياد ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي النضر ، عن باذان - يعني : أبا صالح مولى أم هانئ بنت أبي طالب - عن ابن عباس ، عن تميم الداري في هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ) قال : برئ الناس منها غيري وغير عدي بن بداء . وكانا نصرانيين ، يختلفان إلى الشام قبل الإسلام ، فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم ، يقال له : بديل بن أبي مريم ، بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك ، وهو عظم تجارته . فمرض فأوصى إليهما ، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله - قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام ، فبعناه بألف درهم ، ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء . فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا . وفقدوا الجام فسألونا عنه ، فقلنا : ما ترك غير هذا ، وما دفع إلينا غيره - قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة تأثمت من ذلك ، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر ، ودفعت إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فوثبوا إليه أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ) إلى قوله : ( فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ) فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا ، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء .
وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي وابن جرير كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني ، عن محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، به فذكره - وعنده : فأتوا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألهم البينة فلم يجدوا ، فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف فأنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ) إلى قوله : ( أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ) فقام عمرو بن العاص ورجل آخر ، فحلفا . فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء .
ثم قال : هذا حديث غريب ، وليس إسناده بصحيح وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، وقد تركه أهل العلم بالحديث ، وهو صاحب التفسير ، سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن السائب الكلبي ، يكنى أبا النضر ، ثم قال : ولا نعرف لسالم أبي النضر رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ ، وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه .
حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن أبي زائدة ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب ، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ووجدوا الجام بمكة ، فقيل : اشتريناه من تميم وعدي . فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، وأن الجام لصاحبهم . وفيهم نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم )
وكذا رواه أبو داود ، عن الحسن بن علي ، عن يحيى بن آدم ، به . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وهو حديث ابن أبي زائدة .
ومحمد بن أبي القاسم ، كوفي ، قيل : إنه صالح الحديث ، وقد ذكر هذه القصة مرسلة غير واحد من التابعين منهم : عكرمة ومحمد بن سيرين وقتادة . وذكروا أن التحليف كان بعد صلاة العصر رواه ابن جرير . وكذا ذكرها مرسلة : مجاهد والحسن والضحاك . وهذا يدل على اشتهارها في السلف وصحتها .
ومن الشواهد لصحة هذه القصة أيضا ما رواه أبو جعفر بن جرير :
حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا زكريا ، عن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا ، قال : فحضرته الوفاة ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته ، فأشهد رجلين من أهل الكتاب . قال : فقدما الكوفة ، فأتيا الأشعري - يعني : أبا موسى الأشعري ، رضي الله عنه - فأخبراه وقدما بتركته ووصيته ، فقال الأشعري : هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فأحلفهما بعد العصر : بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا ، وإنها لوصية الرجل وتركته . قال : فأمضى شهادتهما .
ثم رواه عن عمرو بن علي الفلاس ، عن أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن مغيرة الأزرق ، عن الشعبي ; أن أبا موسى قضى بدقوقا .
وهذان إسنادان صحيحان إلى الشعبي ، عن أبي موسى الأشعري .
فقوله : " هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " الظاهر - والله أعلم - أنه إنما أراد بذلك قصة تميم وعدي بن بداء ، قد ذكروا أن إسلام تميم بن أوس الداري ، - رضي الله عنه - ، كان في سنة تسع من الهجرة فعلى هذا يكون هذا الحكم متأخرا ، يحتاج مدعي نسخه إلى دليل فاصل في هذا المقام ، والله أعلم .
وقال أسباط ، عن السدي : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم ) قال : هذا في الوصية عند الموت ، يوصي ويشهد رجلين من المسلمين على ما له وما عليه ، قال : هذا في الحضر ( أو آخران من غيركم ) في السفر ( إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ) هذا الرجل يدركه الموت في سفره ، وليس بحضرته أحد من المسلمين ، فيدعو رجلين من اليهود والنصارى والمجوس ، فيوصي إليهما ، ويدفع إليهما ميراثه فيقبلان به ، فإن رضي أهل الميت الوصية وعرفوا [ مال صاحبهم ] تركوا الرجلين ، وإن ارتابوا رفعوهما إلى السلطان . فذلك قوله تعالى : ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم ) قال عبد الله بن عباس : كأني أنظر إلى العلجين حين انتهي بهما إلى أبي موسى الأشعري في داره ، ففتح الصحيفة ، فأنكر أهل الميت وخونوهما فأراد أبو موسى أن يستحلفهما بعد العصر ، فقلت له : إنهما لا يباليان صلاة العصر ، ولكن استحلفهما بعد صلاتهما في دينهما ، فيوقف الرجلان بعد صلاتهما في دينهما ، فيحلفان : بالله لا نشتري به ثمنا قليلا ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين : أن صاحبهم لبهذا أوصى ، وأن هذه لتركته . فيقول لهما الإمام قبل أن يحلفا : إنكما إن كتمتما أو خنتما فضحتكما في قومكما ، ولم تجز لكما شهادة ، وعاقبتكما . فإذا قال لهما ذلك ، فإن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها . رواه ابن جرير .
وقال ابن جرير : حدثنا الحسين ، حدثنا هشيم ، أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم وسعيد بن جبير ، أنهما قالا في هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ) الآية ، قالا إذا حضر الرجل الوفاة في سفر ، فليشهد رجلين من المسلمين ، فإن لم يجد رجلين من المسلمين فرجلين من أهل الكتاب فإذا قدما بتركته ، فإن صدقهما الورثة قبل قولهما ، وإن اتهموهما أحلفا بعد صلاة العصر : بالله ما كتمنا ولا كذبنا ولا خنا ولا غيرنا .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية : فإن ارتيب في شهادتهما استحلفا بعد الصلاة بالله : ما اشترينا بشهادتنا ثمنا قليلا . فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما ، قام رجلان من الأولياء فحلفا بالله : أن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد ، فذلك قوله : ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ) يقول : إن اطلع على أن الكافرين كذبا ( فآخران يقومان مقامهما ) يقول : من الأولياء ، فحلفا بالله : أن شهادة الكافرين باطلة ، وإنا لم نعتد ، فنرد شهادة الكافرين ، وتجوز شهادة الأولياء .
وهكذا روى العوفي ، عن ابن عباس . رواهما ابن جرير .
وهكذا قرر هذا الحكم على مقتضى هذه الآية غير واحد من أئمة التابعين والسلف ، رضي الله عنهم ، وهو مذهب الإمام أحمد ، رحمه الله .
- القرطبى : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
قوله تعالى : فإن عثر على أنهما استحقا إثما قال عمر : هذه الآية أعضل ما في هذه السورة من الأحكام ، وقال الزجاج : أصعب ما في القرآن من الإعراب قوله : من الذين استحق عليهم الأوليان . عثر على كذا أي اطلع عليه ; يقال : عثرت منه على خيانة أي اطلعت ، وأعثرت غيري عليه ، ومنه قوله تعالى : وكذلك أعثرنا عليهم ; لأنهم كانوا يطلبونهم وقد خفي عليهم موضعهم ، وأصل العثور الوقوع والسقوط على الشيء ; ومنه قولهم : عثر الرجل يعثر عثورا إذا وقعت إصبعه بشيء صدمته ، وعثرت إصبع فلان بكذا إذا صدمته فأصابته ووقعت عليه ، وعثر الفرس عثارا ; قال الأعشى :
بذات لوث عفرناة إذا عثرت فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا
والعثير الغبار الساطع ; لأنه يقع على الوجه ، والعثير الأثر الخفي لأنه يوقع عليه من خفاء ، والضمير في أنهما يعود على الوصيين اللذين ذكرا في قوله عز وجل : اثنان عن سعيد بن جبير ، وقيل : على الشاهدين ; عن ابن عباس . و ( استحقا ) أي استوجبا إثما يعني بالخيانة ، وأخذهما ما ليس لهما ، أو باليمين الكاذبة أو بالشهادة الباطلة ، وقال أبو علي : الإثم هنا اسم الشيء المأخوذ ; لأن آخذه بأخذه آثم ، فسمي إثما كما سمي ما يؤخذ بغير حق مظلمة ، وقال سيبويه : المظلمة اسم ما أخذ منك ; فكذلك سمي هذا المأخوذ باسم المصدر وهو الجام .
قوله تعالى : فآخران يقومان مقامهما يعني في الأيمان أو في الشهادة ; وقال آخران بحسب أن الورثة كانا اثنين . وارتفع ( آخران ) بفعل مضمر . ( يقومان ) في موضع نعت . ( مقامهما ) مصدر ، وتقديره : مقاما مثل مقامهما ، ثم أقيم النعت مقام المنعوت ، والمضاف مقام المضاف إليه .
قوله تعالى : من الذين استحق عليهم الأوليان قال ابن السري : المعنى استحق عليهم الإيصاء ; قال النحاس : وهذا من أحسن ما قيل فيه ; لأنه لا يجعل حرف بدلا من حرف ; واختاره ابن العربي ; وأيضا فإن التفسير عليه ; لأن المعنى عند أهل التفسير : من الذين استحقت عليهم الوصية . و ( الأوليان ) بدل من قوله : فآخران قاله ابن السري ، واختاره النحاس وهو بدل المعرفة من النكرة وإبدال المعرفة من النكرة جائز ، وقيل : النكرة إذا تقدم ذكرها ثم أعيد ذكرها صارت معرفة ; كقوله تعالى : كمشكاة فيها مصباح ثم قال : المصباح في زجاجة ثم قال : الزجاجة ، وقيل : وهو بدل من الضمير في يقومان كأنه قال : فيقوم الأوليان أو خبر ابتداء محذوف ; التقدير : فآخران يقومان مقامهما هما الأوليان ، وقال ابن عيسى : " الأوليان " مفعول " استحق " على حذف المضاف ; أي استحق فيهم وبسببهم إثم الأوليين فعليهم بمعنى فيهم مثل على ملك سليمان أي : في ملك سليمان ، وقال الشاعر :
متى ما تنكروها تعرفوها على أقطارها علق نفيث
أي : في أقطارها ، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة " الأولين " جمع أول على أنه بدل من اللذين أو من الهاء والميم في عليهم وقرأ حفص : استحق بفتح التاء والحاء ، وروي عن أبي بن كعب ، وفاعله الأوليان والمفعول محذوف ، والتقدير : من الذين استحق عليهم الأوليان بالميت وصيته التي أوصى بها ، وقيل : استحق عليهم الأوليان رد الأيمان ، وروي عن الحسن : " الأولان " وعن ابن سيرين : " الأولين " قال النحاس : والقراءتان لحن ; لا يقال في مثنى ; مثنان ، غير أنه قد روي عن الحسن " الأولان " .
قوله تعالى : فيقسمان بالله أي : يحلفان الآخران اللذان يقومان مقام الشاهدين ( أن الذي قال صاحبنا في وصيته حق ، وأن المال الذي وصى به إليكما كان أكثر مما أتيتمانا به وأن هذا الإناء لمن متاع صاحبنا الذي خرج به معه وكتبه في وصيته ، وأنكما خنتما ) فذلك قوله : لشهادتنا أحق من شهادتهما أي : يميننا أحق من يمينهما ; فصح أن الشهادة قد تكون بمعنى اليمين ، ومنه قوله تعالى : فشهادة أحدهم أربع شهادات . وقد روى معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال : قام رجلان من أولياء الميت فحلفا . لشهادتنا أحق ابتداء وخبر . وقوله : وما اعتدينا أي : تجاوزنا الحق في قسمنا . إنا إذا لمن الظالمين أي : إن كنا حلفنا على باطل ، وأخذنا ما ليس لنا .
- الطبرى : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان
القول في تأويل قوله تعالى : { فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان } يعني تعالى ذكره بقوله : { فإن عثر } فإن اطلع منهما , أو ظهر . وأصل العثر : الوقوع على الشيء والسقوط عليه , ومن ذلك قولهم : عثرت إصبع فلان بكذا : إذا صدمته وأصابته , ووقعت عليه ; ومنه قول الأعشى ميمون بن قيس : بذات لوث عفرناة إذا عثرت فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا يعني بقوله : " عثرت " : أصاب ميسم خفها حجر أو غيره , ثم يستعمل ذلك في كل واقع على شيء كان عنه خفيا , كقولهم : " عثرت على الغزل بأخرة , فلم تدع بنجد قردة " , بمعنى : وقعت . وأما قوله : { على أنهما استحقا إثما } فإنه يقول تعالى ذكره : فإن اطلع من الوصيين اللذين ذكر الله أمرهما في هذه الآية بعد حلفهما بالله : لا نشتري بأيماننا ثمنا , ولو كان ذا قربى , ولا نكتم شهادة الله على أنهما استحقا إثما , يقول : على أنهما استوجبا بأيمانهما التي حلفا بها إثما , وذلك أن يطلع على أنهما كانا كاذبين في أيمانهما بالله ما خنا , ولا بدلنا , ولا غيرنا , فإن وجدا قد خانا من مال الميت شيئا , أو غيرا وصيته , أو بدلا , فأثما بذلك من حلفهما بربهما ; { فآخران يقومان مقامهما } يقول : يقوم حينئذ مقامهما من ورثة الميت الأوليان الموصى إليهما . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك : 10084 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير : { أو آخران من غيركم } قال : إذا كان الرجل بأرض الشرك فأوصى إلى رجلين من أهل الكتاب , فإنهما يحلفان بعد العصر , فإذا اطلع عليهما بعد حلفهما أنهما خانا شيئا , حلف أولياء الميت أنه كان كذا وكذا , ثم استحقوا . 10085 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن مغيرة , عن إبراهيم , بمثله . 10086 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , في قوله : { أو آخران من غيركم } من غير المسلمين تحبسونهما من بعد الصلاة , فإن ارتيب في شهادتهما , استحلفا بعد الصلاة بالله : ما اشترينا بشهادتنا ثمنا قليلا ; فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما , قام رجلان من الأولياء فحلفا بالله : إن شهادة الكافرين باطلة , وإنا لم نعتد ; فذلك قوله : { فإن عثر على أنهما استحقا إثما } يقول : إن اطلع على أن الكافرين كذبا , { فآخران يقومان مقامهما } يقول : من الأولياء , فحلفا بالله : إن شهادة الكافرين باطلة , وإنا لم نعتد . فترد شهادة الكافرين , وتجوز شهادة الأولياء . 10087 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { فإن عثر على أنهما استحقا إثما } أي اطلع منهما على خيانة أنهما كذبا أو كتما . واختلف أهل التأويل في المعنى الذي له حكم الله تعالى ذكره على الشاهدين بالأيمان فنقلها إلى الآخرين بعد أن عثر عليهما أنهما استحقا إثما . فقال بعضهم : إنما ألزمهما اليمين إذا ارتيب في شهادتهما على الميت في وصيته أنه أوصى لغير الذي يجوز في حكم الإسلام , وذلك أن يشهدا أنه أوصى بماله كله , أو أوصى أن يفضل بعض ولده ببعض ماله ذكر من قال ذلك : 10088 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت } إلى قوله : { ذوا عدل منكم } من أهل الإسلام , { أو آخران من غيركم } من غير أهل الإسلام , { إن أنتم ضربتم في الأرض } إلى : { فيقسمان بالله } يقول : فيحلفان بالله بعد الصلاة , فإن حلفا على شيء يخالف ما أنزل الله تعالى من الفريضة , يعني اللذين ليسا من أهل الإسلام , فآخران يقومان مقامهما من أولياء الميت , فيحلفان بالله : ما كان صاحبنا ليوصي بهذا , أو : إنهما لكاذبان , ولشهادتنا أحق من شهادتهما . 10089 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : يوقف الرجلان بعد صلاتهما في دينهما , يحلفان بالله : لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله , إنا إذن لمن الآثمين إن صاحبكم لبهذا أوصى , وإن هذه لتركته ! فإذا شهدا , وأجاز الإمام شهادتهما على ما شهدا , قال لأولياء الرجل : اذهبوا فاضربوا في الأرض واسألوا عنهما , فإن أنتم وجدتم عليهما خيانة أو أحدا يطعن عليهما رددنا شهادتهما ! فينطلق الأولياء فيسألون , فإن وجدوا أحدا يطعن عليهما أو هما غير مرضيين عندهم , أو اطلع على أنهما خانا شيئا من المال وجدوه عندهما , فأقبل الأولياء فشهدوا عند الإمام وحلفوا بالله : لشهادتنا إنهما لخائنان متهمان في دينهما مطعون عليهما أحق من شهادتهما بما شهدا , وما اعتدينا . فذلك قوله : { فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان } وقال آخرون : بل إنما ألزم الشاهدان اليمين ; لأنهما ادعيا أنه أوصى لهما ببعض المال . وإنما ينقل إلى الآخرين من أجل ذلك إذا ارتابوا بدعواهما ذكر من قال ذلك : 10090 - حدثنا عمران بن موسى القزاز , قال : ثنا عبد الوارث بن سعد , قال : ثنا إسحاق بن سويد , عن يحيى بن يعمر في قوله : { تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله } قال : زعما أنه أوصى لهما بكذا وكذا , { فإن عثر على أنهما استحقا إثما } أي بدعواهما لأنفسهما , { فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان } أن صاحبنا لم يوص إليكما بشيء مما تقولان . والصواب من القول في ذلك عندنا , أن الشاهدين ألزما اليمين في ذلك باتهام ورثة الميت إياهما فيما دفع إليهما الميت من ماله , ودعواهم قبلها خيانة مال معلوم المبلغ , ونقلت بعد إلى الورثة عند ظهور الريبة التي كانت من الورثة فيهما , وصحة التهمة عليهما بشهادة شاهد عليهما أو على أحدهما , فيحلف الوارث حينئذ مع شهادة الشاهد عليهما أو على أحدهما إنما صحح دعواه إذا حقق حقه , أو الإقرار يكون من الشهود ببعض ما ادعى عليهما الوارث أو بجميعه , ثم دعواهما في الذي أقرا به من مال الميت ما لا يقبل فيه دعواهما إلا ببينة , ثم لا يكون لهما على دعواهما تلك بينة , فينقل حينئذ اليمين إلى أولياء الميت . وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصحة ; لأنا لا نعلم من أحكام الإسلام حكما يجب فيه اليمين على الشهود ارتيب بشهادتهما أو لم يرتب بها , فيكون الحكم في هذه الشهادة نظيرا لذلك . ولم نجد ذلك كذلك صح بخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بإجماع من الأمة , لأن استحلاف الشهود في هذا الموضع من حكم الله تعالى , فيكون أصلا مسلما . والمقول إذا خرج من أن يكون أصلا أو نظيرا لأصل فيما تنازعت فيه الأمة , كان واضحا فساده . وإذا فسد هذا القول بما ذكرنا , فالقول بأن الشاهدين استحلفا من أجل أنهما ادعيا على الميت وصية لهما بمال من ماله أفسد من أجل أن أهل العلم لا خلاف بينهم في أن من حكم الله تعالى أن مدعيا لو ادعى في مال ميت وصية أن القول قول ورثة المدعي في ماله الوصية مع أيمانهم , دون قول مدعي ذلك مع يمينه , وذلك إذا لم يكن للمدعي بينة . وقد جعل الله تعالى اليمين في هذه الآية على الشهود إذا ارتيب بهما , وإنما نقل الأيمان عنهم إلى أولياء الميت , إذا عثر على أن الشهود استحقوا إثما في أيمانهم ; فمعلوم بذلك فساد قول من قال : ألزم اليمين الشهود لدعواهم لأنفسهم وصية أوصى بها لهم الميت في ماله , على أن ما قلنا في ذلك عن أهل التأويل هو التأويل الذي وردت به الأخبار عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به حين نزلت هذه الآية بين الذين نزلت فيهم وبسببهم ذكر من قال ذلك : 10091 - حدثني ابن وكيع , قال : ثنا يحيى بن آدم , عن يحيى بن أبي زائدة , عن محمد بن أبي القاسم , عن عبد الملك بن سعيد بن جبير , عن أبيه , عن ابن عباس , قال : . خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء , فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم , فلما قدما بتركته , فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب , فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم وجد الجام بمكة , فقالوا : اشتريناه من تميم الداري وعدي بن بداء . فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا : لشهادتنا أحق من شهادتهما , وأن الجام لصاحبهم . قال : وفيهم أنزلت : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } . 10092 - حدثنا الحسن بن أبي شعيب الحراني , قال : ثنا محمد بن سلمة الحراني , قال : ثنا محمد بن إسحاق , عن أبي النضر , عن زاذان مولى أم هانئ ابنة أبي طالب , عن ابن عباس , عن تميم الداري في هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت } قال : برئ الناس منها غيري وغير عدي بن بداء , وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام , فأتيا الشام لتجارتهما , وقدم عليهما مولى لبني سهم , يقال له بديل بن أبي مريم بتجارة , ومعه جام فضة يريد به الملك , وهو عظم تجارته , فمرض , فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله . قال تميم : فلما مات , أخذنا ذلك الجام , فبعناه بألف درهم فقسمناه أنا وعدي بن بداء , فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا , وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا : ما ترك غير هذا , وما دفع إلينا غيره . قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك , فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر , وأديت إليهم خمسمائة درهم , وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها , فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسألهم البينة فلم يجدوا , فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه , فحلف , فأنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } إلى قوله : { أن ترد أيمان بعد أيمانهم } فقام عمرو بن العاص , ورجل آخر منهم , فحلفا , فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء . 10093 - حدثنا القاسم : ثنا الحسين , قال : ثنا أبو سفيان , عن معمر , عن قتادة وابن سيرين وغيره . قال : وثنا الحجاج , عن ابن جريج , عن عكرمة , دخل حديث بعضهم في بعض : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } الآية , قال : كان عدي وتميم الداري - وهما من لخم - نصرانيين يتجران إلى مكة في الجاهلية . فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حولا متجرهما إلى المدينة , فقدم ابن أبي مارية مولى عمرو بن العاص المدينة , وهو يريد الشام تاجرا . فخرجوا جميعا , حتى إذا كانوا ببعض الطريق مرض ابن أبي مارية , فكتب وصيته بيده ثم دسها في متاعه , ثم أوصى إليهما . فلما مات , فتحا متاعه , فأخذا ما أرادا . ثم قدما على أهله فدفعا ما أرادا , ففتح أهله متاعه , فوجدوا كتابه وعهده وما خرج به , وفقدوا شيئا فسألوهما عنه , فقالوا : هذا الذي قبضنا له ودفع إلينا ! قال لهما أهله : فباع شيئا أو ابتاعه ؟ قالا : لا . قالوا : فهل استهلك من متاعه شيئا ؟ قالا : لا . قالوا : فهل تجر تجارة ؟ قالا : لا . قالوا : فإنا قد فقدنا بعضه ! فاتهما , فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فنزلت هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت } إلى قوله : { إنا إذا لمن الآثمين } قال : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستحلفوهما في دبر صلاة العصر : بالله الذي لا إله إلا هو , ما قبضنا له غير هذا ولا كتمنا ! قال : فمكثنا ما شاء الله أن نمكث , ثم ظهر معهما على إناء من فضة منقوش مموه بذهب , فقال أهله : هذا من متاعه , قالا : نعم , ولكنا اشتريناه منه ونسينا أن نذكره حين حلفنا , فكرهنا أن نكذب أنفسنا ! فترافعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فنزلت الآية الأخرى : { فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان } فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيبا ويستحقانه . ثم إن تميما الداري أسلم وبايع النبي صلى الله عليه وسلم , وكان يقول : صدق الله ورسوله , أنا أخذت الإناء . 10094 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم } الآية كلها , قال : هذا شيء حين لم يكن الإسلام إلا بالمدينة , وكانت الأرض كلها كفرا , فقال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم } من المسلمين , { أو آخران من غيركم } من غير أهل الإسلام , { إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت } قال : كان الرجل يخرج مسافرا والعرب أهل كفر , فعسى أن يموت في سفره فيسند وصيته إلى رجلين منهم , فيقسمان بالله إن ارتبتم في أمرهما إذا قال الورثة : كان مع صاحبنا كذا وكذا , فيقسمان بالله : ما كان معه إلا هذا الذي قلنا . { فإن عثر على أنهما استحقا إثما } إنما حلفا على باطل وكذب . { فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان } بالميت ; { فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين } ذكرنا أنه كان مع صاحبنا كذا وكذا , قال هؤلاء : لم يكن معه . قال : ثم عثر على بعض المتاع عندهما , فلما عثر على ذلك ردت القسامة على وارثه , فأقسما , ثم ضمن هذان . قال الله تعالى : { ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان } فتبطل أيمانهم , { واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين } الكاذبين الذين يحلفون على الكذب . وقال ابن زيد : قدم تميم الداري وصاحب له , وكانا يومئذ مشركين ولم يكونا أسلما , فأخبرا أنهما أوصى إليهما رجل , وجاءا بتركته , فقال أولياء الميت : كان مع صاحبنا كذا وكذا , وكان معه إبريق فضة ; وقال الآخران : لم يكن معه إلا الذي جئنا به . فحلفا خلف الصلاة . ثم عثر عليهما بعد والإبريق معهما ; فلما عثر عليهما ردت القسامة على أولياء الميت بالذي قالوا مع صاحبهم , ثم ضمنها الذي حلف عليه الأوليان . 10095 - حدثنا الربيع , قال : ثنا الشافعي , قال : أخبرنا سعيد بن معاذ بن موسى الجعفري , عن بكير بن معروف , عن مقاتل بن حيان , قال بكر : قال مقاتل : أخذت هذا التفسير عن مجاهد والحسن والضحاك في قول الله : { اثنان ذوا عدل منكم } أن رجلين نصرانيين من أهل دارين , أحدهما تميمي والآخر يماني , صاحبهما مولى لقريش في تجارة , فركبوا البحر ومع القرشي مال معلوم قد علمه أولياؤه من بين آنية وبز ورقة . فمرض القرشي , فجعل وصيته إلى الداريين , فمات . وقبض الداريان المال والوصية , فدفعاه إلى أولياء الميت , وجاءا ببعض ماله . وأنكر القوم قلة المال , فقالوا للداريين : إن صاحبنا قد خرج معه بمال أكثر مما أتيتمونا به , فهل باع شيئا أو اشترى شيئا فوضع فيه ؟ أو هل طال مرضه فأنفق على نفسه ؟ قالا : لا . قالوا : فإنكما خنتمانا ! فقبضوا المال ورفعوا أمرهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } إلى آخر الآية . فلما نزل : أن يحبسا من بعد الصلاة , أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقاما بعد الصلاة , فحلفا بالله رب السموات ما ترك مولاكم من المال إلا ما أتيناكم به , وإنا لا نشتري بأيماننا ثمنا قليلا من الدنيا ولو كان ذا قربى , ولا نكتم شهادة الله , إنا إذن لمن الآثمين ! فلما حلفا خلي سبيلهما . ثم إنهم وجدوا بعد ذلك إناء من آنية الميت , فأخذ الداريان فقالا : اشتريناه منه في حياته ! وكذبا , فكلفا البينة فلم يقدرا عليها . فرفعوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله تعالى : { فإن عثر } يقول : فإن اطلع على أنهما استحقا إثما , يعني الداريين إن كتما حقا , فآخران من أولياء الميت يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان , فيقسمان بالله إن مال صاحبنا كان كذا وكذا , وإن الذي يطلب قبل الداريين لحق , وما اعتدينا , إنا إذن لمن الظالمين . هذا قول الشاهدين أولياء الميت , ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها , يعني : الداريين والناس أن يعودوا لمثل ذلك . قال أبو جعفر : ففيما ذكرنا من هذه الأخبار التي روينا دليل واضح على صحة ما قلنا من أن حكم الله تعالى باليمين على الشاهدين في هذا الموضع , إنما هو من أجل دعوى ورثته على المسند إليهما الوصية خيانة فيما دفع الميت من ماله إليهما , أو غير ذلك مما لا يبرأ فيها المدعي ذلك قبله إلا بيمين , وإن نقل اليمين إلى ورثة الميت , بما أوجبه الله تعالى بعد أن عثر على الشاهدين أنهما استحقا إثما في أيمانهما , ثم ظهر على كذبهما فيها , إن القوم ادعوا فيما صح أنه كان للميت دعوى من انتقال ملك عنه إليهما ببعض ما تزول به الأملاك , مما يكون اليمين فيها على ورثة الميت دون المدعى , وتكون البينة فيها على المدعي ; وفساد ما خالف في هذه الآية ما قلنا من التأويل . وفيها أيضا البيان الواضح على أن معنى الشهادة التي ذكرها الله تعالى في أول هذه القصة إنما هي اليمين , كما قال الله تعالى في مواضع أخر : { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين } , فالشهادة في هذا الموضع معناها القسم من قول القائل : أشهد بالله إنه لمن الصادقين , وكذلك معنى قوله : { شهادة بينكم } إنما هو قسم بينكم , { إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية } أن يقسم { اثنان ذوا عدل منكم } إن كانا ائتمنا على ما قال , فارتيب بهما , أو اؤتمن آخران من غير المؤمنين فاتهما . وذلك أن الله تعالى لما ذكر نقل اليمين من اللذين ظهر على خيانتهما إلى الآخرين , قال : { فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما } ومعلوم أن أولياء الميت المدعين قبل اللذين ظهر على خيانتهما , غير جائز أن يكونا شهداء بمعنى الشهادة التي يؤخذ بها في الحكم حق مدعى عليه لمدع ; لأنه لا يعلم لله تعالى حكم قضى فيه لأحد بدعواه , ويمينه على مدعى عليه بغير بينة ولا إقرار من المدعى عليه ولا برهان . فإذا كان معلوما أن قوله : { لشهادتنا أحق من شهادتهما } إنما معناه : قسمنا أحق من قسمهما , وكان قسم اللذين عثر على أنهما أثما هو الشهادة التي ذكر الله تعالى في قوله : { أحق من شهادتهما } صح أن معنى قوله : { شهادة بينكم } بمعنى الشهادة في قوله : { لشهادتنا أحق من شهادتهما } وأنها بمعنى القسم . واختلفت القراء في قراءة قوله : { من الذين استحق عليهم الأوليان } فقرأ ذلك قراء الحجاز والعراق والشام : " من الذين استحق عليهم الأوليان " بضم التاء . وروي عن علي وأبي بن كعب والحسن البصري أنهم قرءوا ذلك : { من الذين استحق عليهم } بفتح التاء . واختلفت أيضا في قراءة قوله : { الأوليان } فقرأته عامة قراء أهل المدينة والشام والبصرة : { الأوليان } , وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة : " الأولين " . وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك : " من الذين استحق عليهم الأولان " . وأولى القراءتين بالصواب في قوله : " من الذين استحق عليهم " قراءة من قرأ بضم التاء , لإجماع الحجة من القراء عليه , مع مساعدة عامة أهل التأويل على صحة تأويله , وذلك إجماع عامتهم على أن تأويله : فآخران من أهل الميت الذين استحق المؤتمنان على مال الميت الإثم فيهم , يقومان مقام المستحق الإثم فيهما بخيانتهما ما خانا من مال الميت . وقد ذكرنا قائل ذلك أو أكثر قائليه فيما مضى قبل , ونحن ذاكروا باقيهم إن شاء الله تعالى ذلك . 10096 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله تعالى : { شهادة بينكم } أن يموت المؤمن فيحضر موته مسلمان أو كافران لا يحضره غير اثنين منهم , فإن رضي ورثته ما عاجل عليه من تركته فذاك , وحلف الشاهدان إن اتهما إنهما لصادقان , فإن عثر وجد لطخ حلف الاثنان الأوليان من الورثة , فاستحقا , وأبطلا أيمان الشاهدين . وأحسب أن الذين قرءوا ذلك بفتح التاء , أرادوا أن يوجهوا تأويله إلى : فآخران يقومان مقامهما مقام المؤتمنين اللذين عثر على خيانتهما في القسم والاستحقاق به عليهما دعواهما قبلهما من الذين استحق على المؤتمنين على المال على خيانتهما القيام مقامهما في القسم والاستحقاق في الأوليان بالميت . وكذلك كانت قراءة من رويت هذه القراءة عنه , فقرأ ذلك : { من الذين استحق } بفتح التاء على معنى : الأوليان بالميت وماله . وذلك مذهب صحيح وقراءة غير مدفوعة صحتها , غير أنا نختار الأخرى لإجماع الحجة من القراء عليها مع موافقتها التأويل الذي ذكرنا عن الصحابة والتابعين . 10097 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا يحيى بن آدم , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن أبي عبد الرحمن وكريب عن علي , أنه كان يقرأ : " من الذين استحق عليهم الأوليان " . 10098 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا مالك بن إسماعيل , عن حماد بن زيد , عن وائل مولى أبي عبيد , عن يحيى بن عقيل , عن يحيى بن يعمر , عن أبي بن كعب , أنه كان يقرأ : " من الذين استحق عليهم الأوليان " . وأما أولى القراءات بالصواب في قوله : { الأوليان } عندي , فقراءة من قرأ : { الأوليان } بصحة معناها وذلك لأن معنى : فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق فيهم الإثم , ثم حذف " الإثم " وأقيم مقامه " الأوليان " , لأنهما هما اللذان ظلما وأثما فيهما بما كان من خيانة اللذين استحقا الإثم وعثر عليهما بالخيانة منهما فيما كان ائتمنهما عليه الميت , كما قد بينا فيما مضى من فعل العرب مثل ذلك من حذفهم الفعل اجتزاء بالاسم , وحذفهم الاسم اجتزاء بالفعل . ومن ذلك ما قد ذكرنا في تأويل هذه القصة , وهو قوله : { شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان } ومعناه : أن يشهد اثنان , وكما قال : { فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا } فقال " به " , فعاد بالهاء على اسم " الله " ; وإنما المعنى : لا نشتري بقسمنا بالله , فاجتزئ بالعود على اسم الله بالذكر , والمراد به : لا نشتري بالقسم بالله ; استغناء بفهم السامع بمعناه عن ذكر اسم القسم . وكذلك اجتزئ بذكر الأوليين من ذكر الإثم الذي استحقه الخائنان لخيانتهما إياها , إذ كان قد جرى ذكر ذلك بما أغنى السامع عند سماعه إياه عن إعادته , وذلك قوله : { فإن عثر على أنهما استحقا إثما } وأما الذين قرءوا ذلك " الأولين " فإنهم قصدوا في معناه إلى الترجمة به عن " الذين " , فأخرجوا ذلك على وجه الجمع , إذ كان " الذين " جمعا وخفضا , إذ كان " الذين " مخفوضا . وذلك وجه من التأويل , غير أنه إنما يقال للشيء أول إذا كان له آخر هو له أول , وليس للذين استحق عليهم الإثم آخرهم له أول , بل كانت أيمان الذين عثر على أنهما استحقا إثما قبل إيمانهم , فهم إلى أن يكونوا إذ كانت أيمانهم آخرا أولى أن يكونوا آخرين من أن يكونوا أولين وأيمانهم آخرة لأولى قبلها . وأما القراءة التي حكيت عن الحسن , فقراءة عن قراءة الحجة من القراء شاذة , وكفى بشذوذها عن قراءتهم دليلا على بعدها من الصواب . واختلف أهل العربية في الرافع لقوله : { الأوليان } إذا قرئ كذلك , فقال بعض نحويي البصرة : يزعم أنه رفع ذلك بدلا من " آخران " في قوله : { فآخران يقومان مقامهما } وقال : إنما جاز أن يبدل الأوليان وهو معرفة من آخران وهو نكرة , لأنه حين قال : { يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم } كان كأنه قد حدهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى , فقال : " الأوليان " , فأجرى المعرفة عليهما بدلا . قال : ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير . واستشهد لصحة قوله ذلك بقول الراجز : علي يوم يملك الأمورا صوم شهور وجبت نذورا وبادنا مقلدا منحورا قال : فجعله " علي واجب " ; لأنه في المعنى قد أوجب . وكان بعض نحويي الكوفة ينكر ذلك ويقول : لا يجوز أن يكون " الأوليان " بدلا من " آخران " من أجل أنه قد نسق " فيقسمان " على " يقومان " في قوله : { فآخران يقومان } فلم يتم الخبر عند من قال : لا يجوز الإبدال قبل إتمام الخبر , كما قال : غير جائز " مررت برجل قام زيد وقعد " وزيد بدل من رجل . والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : " الأوليان " مرفوعان بما لم يسم فاعله , وهو قوله : " استحق عليهم " وأنهما موضع الخبر عنهما , فعمل فيهما ما كان عاملا في الخبر عنهما ; وذلك أن معنى الكلام : فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الإثم بالخيانة , فوضع " الأوليان " موضع " الإثم " كما قال تعالى في موضع آخر : { أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر } ومعناه : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر ؟ وكما قال : { وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم } , وكما قال بعض الهذليين : يمشي بيننا حانوت خمر من الخرس الصراصرة القطاط وهو يعني صاحب حانوت خمر , فأقام الحانوت مقامه لأنه معلوم أن الحانوت لا يمشي , ولكن لما كان معلوما عنده أنه لا يخفى على سامعه ما قصد إليه من معناه حذف الصاحب , واجتزأ بذكر الحانوت منه , فكذلك قوله : " من الذين استحق عليهم الأوليان " إنما هو من الذين استحق فيهم خيانتهما , فحذفت " الخيانة " وأقيم " المختانان " مقامها , فعمل فيهما ما كان يعمل في المحذوف ولو ظهر . وأما قوله : " عليهم " في هذا الموضع , فإن معناها : فيهم , كما قال تعالى : { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان } يعني : في ملك سليمان , وكما قال : { ولأصلبنكم في جذوع النخل } ف " في " توضع موضع " على " , و " على " في موضع " في " كل واحدة منهما تعاقب صاحبتها في الكلام , ومنه قول الشاعر : متى ما تنكروها تعرفوها على أقطارها علق نفيث وقد تأولت جماعة من أهل التأويل قول الله تعالى : " فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان " أنهما رجلان آخران من المسلمين , أو رجلان أعدل من المقسمين الأولين ذكر من قال ذلك : 10099 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا داود بن أبي هند , عن عامر , عن شريح في هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم } قال : إذا كان الرجل بأرض غربة , ولم يجد مسلما يشهده على وصيته , فأشهد يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا , فشهادتهم جائزة . فإن جاء رجلان مسلمان , فشهدا بخلاف شهادتهم , أجيزت شهادة المسلمين وأبطلت شهادة الآخرين . 10100 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { فإن عثر } أي اطلع منهما على خيانة على أنهما كذبا أو كتما , فشهد رجلان هما أعدل منهما بخلاف ما قالا , أجيزت شهادة الآخرين وأبطلت شهادة الأولين . 10101 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا جرير , عن عبد الملك , عن عطاء , قال : كان ابن عباس يقرأ : " من الذين استحق عليهم الأوليان " قال : كيف يكون " الأوليان " , أرأيت لو كان الأوليان صغيرين . * - حدثنا هناد وابن وكيع , قال : ثنا عبدة , عن عبد الملك , عن عطاء , عن ابن عباس , قال : كان يقرأ : " من الذين استحق عليهم الأوليان " قال : وقال : أرأيت لو كان الأوليان صغيرين , كيف يقومان مقامهما . قال الإمام أبو جعفر : فذهب ابن عباس فيما أرى إلى نحو القول الذي حكيت عن شريح وقتادة , من أن ذلك رجلان آخران من المسلمين يقومان مقام النصرانيين , أو عدلان من المسلمين هما أعدل وأجوز شهادة من الشاهدين الأولين أو المقسمين . وفي إجماع جميع أهل العلم على أن لا حكم لله تعالى يجب فيه على شاهد يمين فيما قام به من الشهادة , دليل واضح على أن غير هذا التأويل الذي قاله الحسن ومن قال بقوله في قول الله تعالى : { فآخران يقومان مقامهما } أولى به . وأما قوله { الأوليان } فإن معناه عندنا : الأولى - بالميت من المقسمين الأولين - فالأولى , وقد يحتمل أن يكون معناه : الأولى باليمين منهما فالأولى , ثم حذف " منهما " ; والعرب تفعل ذلك فتقول : فلان أفضل , وهي تريد أفضل منك , وذلك إذا وضع أفعل موضع الخبر . وإن وقع موقع الاسم وأدخلت فيه الألف واللام , فعلوا ذلك أيضا إذا كان جوابا لكلام قد مضى , فقالوا : هذا الأفضل , وهذا الأشرف ; يريدون هو الأشرف منك . وقال ابن زيد : معنى ذلك : الأوليان بالميت . 10102 - حدثني يونس , عن ابن وهب , عنه .فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما
القول في تأويل قوله تعالى : { فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما } يقول تعالى ذكره : فيقسم الآخران اللذان يقومان مقام اللذين عثر على أنهما استحقا إثما بخيانتهما مال الميت الأوليان باليمين والميت من الخائنين : { لشهادتهما أحق من شهادتهما } يقول : لأيماننا أحق من أيمان المقسمين المستحقين الإثم وأيمانهما الكاذبة في أنهما قد خانا في كذا وكذا من مال ميتنا , وكذا في أيمانهما التي حلفا بها .وما اعتدينا
قول : وما تجاوزنا الحق في أيماننا . وقد بينا أن معنى الاعتداء : المجاوزة في الشيء حده .إنا إذا لمن الظالمين
يقول : إنا إن كنا اعتدينا في أيماننا , فحلفنا مبطلين فيها كاذبين , { لمن الظالمين } يقول : لمن عداد من يأخذ ما ليس له أخذه , ويقتطع بأيمانه الفاجرة أموال الناس .
- ابن عاشور : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
وقوله : { فإن عُثر على أنّهما استحقّا إثماً فآخران } الآية ، أي إن تبيَّنَ أنّهما كتما أو بدّلا وحنثا في يمينهما ، بطلت شهادتهما ، لأنّ قوله { فآخران يقومان مقامهما } فرع عن بطلان شهادتهما ، فحذف ما يعبّر عن بطلان شهادتهما إيجازاً كقوله :
{ اضرِبْ بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً } [ البقرة : 60 ] أي فضرب فانفجرت .
ومعنى { عُثِر } اطُّلِع وتَبيّن ذلك ، وأصل فعل عَثَر أنّه مصادفة رِجْللِ الماشي جسماً ناتئاً في الأرض لم يترقّبه ولم يَحْذر منه فيختلّ به اندفاعُ مَشْيه ، فقد يسقط وقد يتزلزل . ومصدره العِثَار والعُثور ، ثم استعمل في الظَفَر بشيء لم يكن مترقّباً الظفَر به على سبيل الاستعارة . وشاع ذلك حتّى صار كالحقيقة ، فخصّوا في الاستعمال المعنى الحقيقي بأحد المصدرين وهو العِثار ، وخصّوا المعنى المجازي بالمصدر الآخر ، وهو العثور .
ومعنى { استَحقَّا إثماً } ثبت أنّهما ارتكبا ما يأثمان به ، فقد حقّ عليهما الإثم ، أي وقع عليهما ، فالسين والتاء للتأكيد . والمراد بالإثم هو الذي تبرّءا منه في قوله : { لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله } . فالإثم هو أحد هذين بأن يظهر أنّهما استبدلا بما استؤمنا عليه عوضاً لأنفسهما أو لغيرهما ، أو بأن يظهر أنّهما كتما الشهادة ، أي بعضها . وحاصل الإثم أن يتّضح ما يقدح في صدقهما بموجب الثبوت .
وقوله { فآخران } أي رجلان آخران ، لأنّ وصف آخر يطلق على المغاير بالذات أو بالوصف مع المماثلة في الجنس المتحدّث عنه ، والمتحدث عنه هنا { اثنان } . فالمعنى فاثنان آخران يقومان مقامهما في إثبات الوصية . ومعنى يقومان مقامهما ، أي يعوّضان تلك الشهادة . فإنّ المقام هو محلّ القيام ، ثم يراد به محلّ عمل مّا ، ولو لم يكن فيه قيام ، ثم يراد به العمل الذي من شأنه أن يقع في محلّ يقوم فيه العامل ، وذلك في العمل المهمّ . قال تعالى : { إن كان كبُر عليكم مقامي وتذكيري } [ يونس : 71 ] . فمقام الشاهدين هو إثبات الوصية . و { من } في قوله : { من الذين استحقّ عليهم } تبعيضية ، أي شخصان آخران يكونان من الجماعة من الذين استحق عليهم .
والاستحقاق كون الشيء حقيقاً بشيء آخر ، فيتعدّى إلى المفعول بنفسه ، كقوله : { استحقّا إثماً } ، وهو الشيء المستحق . وإذا كان الاستحقاق عن نزاع يعدّى الفعل إلى المحقوق ب { على } الدالّة على الاستعلا بمعنى اللزوم له وإن كره ، كأنّهم ضمّنوه معنى وجَب كقوله تعالى : { حقيق على أن لا أقول على الله إلاّ الحق } [ الأعراف : 105 ] . ويقال : استحقّ زيد على عمرو كذا ، أي وجب لزيد حقّ على عمرو ، فأخذه منه .
وقرأ الجمهور { استُحقّ عليهم } بالبناء للمجهول فالفاعل المحذوف في قوله { استُحقّ عليهم هو مستحِقّ مّا ، وهو الذي انتفع بالشهادة واليمين الباطلة ، فنال من تركة الموصي ما لم يجعله له الموصي وغَلَبَ وارثَ الموصي بذلك . فالذين استُحقّ عليهم هم أولياء الموصي الذين لهم مالُه بوجه من وجوه الإرثثِ فحُرموا بَعضه . وقوله عليهم } قائم مقام نائب فاعل { استحقّ } .
وقوله : { الأوليان } تثنية أوْلَى ، وهو الأجدر والأحقّ ، أي الأجدران بقبول قولهما . فماصْدقه هو مَاصْدق { الآخران } ومرجعه إليه فيجوز ، أن يجعل خبراً عن { آخران } ، فإنّ { آخران } لمّا وصف بجملة { يقومان مقامهما } صحّ الابتداء به ، أي فشخصان آخران هما الأوْلَيَان بقبول قولهما دون الشاهدين المتّهمين .
وإنّما عرّف باللاّم لأنّه معهود للمخاطب ذهناً لأنّ السامع إذا سمع قوله : { فإن عثر على أنّهما استحقَّا إثماً } ترقّب أن يعرف من هو الأولى بقبول قوله في هذا الشأن ، فقيل له : آخران هما الأوليان بها . ويجوز أن يكون { الأوليان } مبتدأ و { آخران يقومان } خبره . وتقديم الخبر لتعجيل الفائدة ، لأنّ السامع يترقّب الحكم بعد قوله : { فإن عثر على أنّهما استحقّا إثماً } فإنّ ذلك العثور على كذب الشاهدين يسقط شهادتهما ويمينهما ، فكيف يكون القضاء في ذلك ، فعجّل الجواب . ويجوز أن يكون بدلاً من { آخران } أو من الضمير في { يقومان } أو خبر مبتدأ محذوف ، أي هما الأوليان . ونكتة التعريف هيَ هي على الوجوه كلّها .
وقرأ حمزة ، وأبو بكر عن عاصم ، ويعقوب ، وخلف ، { الأوّلين } بتشديد الواو مفتوحة وبكسر اللام وسكون التحتية جمع أول الذي هو مجاز بمعنى المقدّم والمبتدأ به . فالذين استحقّ عليهم هم أولياء الموصي حيث استحقّ الموصى له الوصية من مال التركة الذي كان للأولياء ، أي الورثة لولا الوصية ، وهو مجرور نعت ( للذين استحقّ عليهم ) .
وقرأ حفص عن عاصم { استحَقّ } بصيغة البناء للفاعل فيكون { الأوليان } هو فاعل { استحقّ } ، وقوله { فيقسمان بالله } تفريع على قوله { يقومان مقامهما } .
ومعنى { لشهادتنا أحقّ من شهادتهما } أنّهما أولى بأن تقبل شهادتهما من اللذيْن عثِر على أنّهما استحقّا إثماً . ومعنى { أحقّ } أنّها الحقّ ، فصيغة التفضيل مسلوبة المفاضلة .
وقوله { وما اعتدينا } توكيد للأحقّيّة ، لأنّ الأحقّيّة راجعة إلى نفعهما بإثبات ما كتمه الشاهدان الأجنبيان ، فلو لم تكن كذلك في الواقع لكانت باطلاً واعتداء منهما على مال مبلّغي الوصية . والمعنى : وما اعتدينا على الشاهدين في اتّهامهما بإخفاء بعض التركة .
وقوله { إنّا إذن لمنَ الظالمين } أي لو اعتدينا لكنّا ظالمَين . والمقصود منه الإشعار بأنّهما متذكّران ما يترتّب على الاعتداء والظلم ، وفي ذلك زيادة وازع .
وقد تضمّن القسم على صدق خبرهما يميناً على إثبات حقّهما فهي من اليمين التي يثبت بها الحقّ مع الشاهد العرفي ، وهو شاهد التهمة التي عثر عليها في الشاهدين اللذين يبلّغان الوصية .
والكلام في «إذن» هنا مثل الكلام في قوله : { إنّا إذن لمن الآثمين } .
والمعنى أنّه إن اختلّت شهادة شاهدي الوصية انتقل إلى يمين الموصى له سواء كان الموصى له واحداً أم متعدّداً . وإنّما جاءت الآية بصيغة الاثنين مراعاة للقضية التي نزلت فيها ، وهي قضية تميم الداري وعدي بن بدّاء ، فإنّ ورثة صاحب التركة كانا اثنين هما : عمرو بن العاصي والمطلب بن أبي وداعة ، وكلاهما من بني سهم ، وهما مَوْليا بُديل بن أبي مريم السهمي صاحب الجام . فبعض المفسّرين يذكر أنهما مَوْليا بُديل .
وبعضهم يقول : إنّ مولاه هو عمرو بن العاصي . والظاهر من تحليف المطلب ابن أبي وداعة أنّ له ولاء من بديل ، إذ لا يعرف في الإسلام أن يحلف من لا ينتفع باليمين . فإن كان صاحب الحقّ واحداً حلف وحده وإن كان أصحاب الحقّ جماعة حلفوا جميعاً واستحقّوا . ولم يقل أحد أنّه إن كان صاحب الحقّ واحداً يحلف معه من ليس بمستحقّ ، ولا إن كان صاحب الحقّ ثلاثة فأكثر أن يحلف اثنان منهم ويستحقّون كلّهم . فالاقتصار على اثنين في أيمان الأوليين ناظر إلى قصّة سبب النزول ، فتكون الآية على هذا خاصّة بتلك القضية . ويجري ما يخالف تلك القضية على ما هو المعروف في الشريعة في الاستحقاق والتهم . وهذا القول يقتضي أنّ الآية نزلت قبل حكم الرسول صلى الله عليه وسلم في وصية بُديل بن أبي مريم . وذلك ظاهر بعض روايات الخبر ، وفي بعض الروايات ما يقتضي أنّ الآية نزلت بعد أن حكم الرسول عليه الصلاة والسلام وحينئذٍ يتعيّن أن تكون تشريعاً لأمثال تلك القضية ممّا يحدث في المستقبل ، فيتعيّن المصير إلى الوجه الأول في اشتراط كون الأوليين اثنين إن أمكن .
وبقيت صورة لم تشملها الآية مثل أن لا يجد المحتضَر إلاّ واحداً من المسلمين ، أو واحداً من غير المسلمين ، أو يجد اثنين أحدهما مسلم والآخر غير مسلم . وكلّ ذلك يجري على أحكامه المعروفة في الأحكام كلّها من يمين من قام له شاهد أو يمين المنكر .
- إعراب القرآن : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
«فَإِنْ عُثِرَ» الفاء استئنافية. إن حرف شرط جازم. عثر فعل ماض مبني للمجهول. «عَلى » حرف جر «أَنَّهُمَا» الحرف المشبه بالفعل أن واسمه وخبره في تأويل مصدر في محل جر بعلى ، والجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل عثر أي فإن اطلع أو عثرت آخران مبتدأ فجملة يقومان في محل رفع خبر. «يَقُومانِ» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والألف فاعله «مَقامَهُما» مفعول مطلق منصوب «مِنَ الَّذِينَ» متعلقان بمحذوف صفة آخران.
«اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ» فعل ماض تعلق به الجار والمجرور بعده والأوليان فاعله المرفوع بالألف لأنه مثنى ، والجملة صلة الموصول لا محل لها «فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ» الجملة معطوفة على يقومان «لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما» مبتدأ وخبر تعلق به الجار والمجرور واللام واقعة في جواب القسم وعلى ذلك فالجملة لا محل لها من الإعراب. «وَمَا اعْتَدَيْنا» فعل ماض ونا فاعله وما لا عمل لها والجملة استئنافية لا محل لها. «إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ» إن ونا اسمها من الظالمين خبرها واللام المزحلقة. إذن حرف جواب والجملة تعليلية لا محل لها من الإعراب.
- English - Sahih International : But if it is found that those two were guilty of perjury let two others stand in their place [who are] foremost [in claim] from those who have a lawful right And let them swear by Allah "Our testimony is truer than their testimony and we have not transgressed Indeed we would then be of the wrongdoers"
- English - Tafheem -Maududi : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ(5:107) Then if it is discovered later that the two are guilty of such sin, then two others shall stand in their place from among those against whom the two had sinfully deposed, and swear by Allah: 'Our testimony is truer than the testimony of the other two, and we have not transgressed in our statement; for then indeed we would become wrong-doers.'
- Français - Hamidullah : Si l'on découvre que ces deux témoins sont coupables de péché deux autres plus intègres parmi ceux auxquels le tort a été fait prendront leur place et tous deux jureront par Allah En vérité notre témoignage est plus juste que le témoignage de ces deux-là; et nous ne transgressons point Sinon nous serions certainement du nombre des injustes
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Wenn man danach aber entdeckt daß sie beide sich einer Sünde schuldig gemacht haben dann sollen zwei andere an ihre Stelle treten von denen zu deren Nachteil die beiden sich einer Sünde schuldig gemacht haben und sie beide sollen bei Allah schwören "Unser Zeugnis ist wahrlich berechtigter als deren Zeugnis Und wir haben nicht übertreten; wir gehörten sonst wahrlich zu den Ungerechten"
- Spanish - Cortes : Si se descubre que son reos de pecado otros dos los más próximos les sustituirán elegidos entre los perjudicados por el perjurio y jurarán por Alá Nuestro testimonio es más auténtico que el de los otros dos Y no hemos violado la ley Si no seríamos de los impíos
- Português - El Hayek : Se descobrirdes que aso perjuros que sejam substituídos por outros dois parentes mais próximos das pessoas emquestão e ambos jurarão por Deus deste modo Nosso testemunho é mais verdadeiro do que o dos outros e não perjuramos porque se assim fizermos contarnosemos entre os iníquos
- Россию - Кулиев : Если будет обнаружено что они оба повинны в грехе то пусть двое других самых близких родственников из числа тех кто имеет законные права займут их место и поклянутся Аллахом Наше свидетельство вернее их свидетельства и мы не преступаем границы дозволенного В противном же случае мы принадлежим к числу беззаконников
- Кулиев -ас-Саади : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
Если будет обнаружено, что они оба повинны в грехе, то пусть двое других самых близких родственников из числа тех, кто имеет законные права, займут их место и поклянутся Аллахом: «Наше свидетельство вернее их свидетельства, и мы не преступаем границы дозволенного. В противном же случае мы принадлежим к числу беззаконников».- Turkish - Diyanet Isleri : Eğer bu şahidlerin günah işlemiş oldukları ortaya çıkarsa ölene daha yakın hak sahibi diğer iki kişi bunların yerine geçer ve "Bizim şahidliğimiz ikisininkinden de daha doğrudur biz aşırı gitmedik yoksa şüphesiz zulmedenlerden oluruz" diye Allah'a yemin ederler
- Italiano - Piccardo : Se in seguito si scoprisse che hanno commesso un'infamità siano sostituiti con altri due scelti tra [i parenti prossimi] di quanti accampano diritti; entrambi giureranno in nome di Allah “La nostra testimonianza è più sicura di quella di quei due Noi non trasgrediremo In tal caso saremmo tra gli ingiusti”
- كوردى - برهان محمد أمين : خۆ ئهگهر دهرکهوت ئهو دوو شایهتهی پێشوو درۆیان کردووهو خۆیان گوناهبار کردووه ئهوه دووکهسی تر له خزمی نزیکی ستهم لێکراوی مردووهکه له جیاتی ئهوان ئاماده بکرێن و ئینجا سوێند بهخوا بخۆن و بڵێن که به ڕاستی شایهتی ئێمه له شایهتی ئهوان ڕاستترو دروستتره ئێمه هیچ ستهم و دهستدرێژیهکمان نهکردووه و تهماعمان له ماڵیاندا نیه خۆ ئهگهر نیهتمان وابێت ئهوه بهڕاستی کهوابوو ئێمهش له ڕیزی ستهمکارانداین
- اردو - جالندربرى : پھر اگر معلوم ہو جائے کہ ان دونوں نے جھوٹ بول کر گناہ حاصل کیا ہے تو جن لوگوں کا انہوں نے حق مارنا چاہا تھا ان میں سے ان کی جگہ اور دو گواہ کھڑے ہوں جو میت سے قرابت قریبہ رکھتے ہوں پھر وہ خدا کی قسمیں کھائیں کہ ہماری شہادت ان کی شہادت سے بہت اچھی ہے اور ہم نے کوئی زیادتی نہیں کی ایسا کیا ہو تو ہم بےانصاف ہیں
- Bosanski - Korkut : A ako se dozna da su njih dvojica zgriješila onda će njih zamijeniti druga dvojica od onih kojima je šteta nanesena i neka se Allahom zakunu "Naše zakletve su vjerodostojnije od zakletvi njihovih mi se nismo krivo zakleli jer bismo tada zaista nepravedni bili"
- Swedish - Bernström : Och om det visar sig att de två [vittnena] gjort sig skyldiga till [sådan] synd då skall två andra som står närmast till bland dem vars rätt har kränkts träda i deras ställe och de skall svära vid Gud "Vårt vittnesbörd är sannare än deras och vi har inte överträtt [Guds bud] i annat fall skulle vi sannerligen höra till de orättfärdiga"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Jika diketahui bahwa kedua saksi itu membuat dosa maka dua orang yang lain di antara ahli waris yang berhak yang lebih dekat kepada orang yang meninggal memajukan tuntutan untuk menggantikannya lalu keduanya bersumpah dengan nama Allah "Sesungguhnya persaksian kami labih layak diterima daripada persaksian kedua saksi itu dan kami tidak melanggar batas sesungguhnya kami kalau demikian tentulah termasuk orang yang menganiaya diri sendiri"
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
(Jika diketahui) terbukti sesudah keduanya bersumpah (bahwa kedua saksi itu melakukan dosa) artinya melakukan perbuatan yang mengakibatkan dosa, seperti berkhianat atau berdusta dalam kesaksiannya; hal ini diperkuat dengan adanya bukti bahwa keduanya hanya mengaku telah membeli barang yang diwasiatkan itu dari si mayat atau mereka mengaku bahwa si mayat telah mewasiatkan untuk mereka (maka dua orang yang lain mengganti kedudukan mereka berdua) untuk mengajukan tuntutan kepada mereka berdua (dari orang-orang yang berhak) menerima wasiat; mereka ialah para ahli waris dari si mayat kemudian keduanya diganti (yang keduanya lebih dekat) kepada orang yang mati; artinya dua orang yang kekerabatannya dekat dengan si mayat. Di dalam suatu qiraat dibaca al-awwaliin, jamak dari kata awwal sebagai sifat atau badal dari kata alladziina (kemudian keduanya melakukan sumpah dengan nama Allah) mengenai khianat yang dilakukan oleh kedua saksi pertama, lalu mengucapkan: ("Sesungguhnya persaksian kami) sumpah kami ini (lebih berhak) lebih diakui (daripada persaksian kedua saksi itu) sumpah keduanya (dan kami tidak melanggar batas) melewati garis-garis kebenaran dalam sumpah (sesungguhnya kami kalau demikian tentulah termasuk orang-orang yang berdosa.") Makna ayat secara ringkasnya ialah: Hendaklah orang yang sedang menghadapi kematian mempersaksikan wasiatnya itu di hadapan dua orang saksi. Atau ia berwasiat kepada dua orang yang seagama atau berlainan agama jika kamu jauh dari ahli warismu oleh karena kamu sedang mengadakan perjalanan atau karena ada keperluan lainnya. Apabila para ahli waris merasa ragu terhadap kejujuran kedua saksi itu, maka mereka diperbolehkan mengajukan tuntutan terhadap kedua saksi itu, bahwa mereka berdua telah berkhianat dengan mengambil sesuatu dari wasiat itu. Atau kedua saksi itu memberikan wasiat si mayat kepada orang lain yang mereka duga bahwa si mayat berwasiat kepada mereka untuk orang itu, kemudian hendaknya kedua saksi itu bersumpah untuk membela dirinya. Jika sang hakim melihat tanda-tanda kedustaan kedua orang saksi itu, maka hendaknya kesaksian mereka berdua ditolak dengan sumpah para ahli waris si mayat yang terdekat yang membuktikan kedustaan mereka dan membenarkan apa yang didakwakan oleh para ahli waris itu. Hukum yang menetapkan hak orang-orang yang diberi wasiat telah dinasakh oleh kesaksian para saksi dari ahli waris demikian pula kesaksian orang-orang yang bukan seagama dinasakh olehnya. Penuturan salat asar di sini hanyalah untuk memperberat sanksi; dan pengkhususan penyebutan dua orang saksi dari kalangan ahli waris terdekat si mayat adalah karena melihat kekhususan peristiwa yang menyangkut turunnya ayat ini. Mengenai peristiwa yang menyebabkan turunnya ayat ini ialah sebuah hadis yang diriwayatkan oleh Imam Bukhari, bahwa seorang lelaki dari kalangan Bani Sahm keluar bersama Tamim Ad-Dariy dan Addiy bin Badda yang keduanya adalah pemeluk agama Nasrani. Kemudian dalam perjalanan Sahmiy -lelaki dari Bani Sahm itu- meninggal di tanah suatu kaum yang penduduknya tidak ada seorang muslim pun. Tatkala keduanya tiba di Madinah seraya membawa harta harta peninggalan Sahmiy, para ahli warisnya merasa kehilangan sebuah piala yang terbuat dari perak dilapisi dengan emas milik pribadi Sahmiy. Maka permasalahan kedua saksi itu dilaporkan kepada Nabi saw., kemudian turunlah ayat pertama. Nabi saw. menyumpah kedua saksi itu, kemudian ternyata piala itu ditemukan, lalu mereka berkata, "Kami telah membelinya dari Tamim dan Addiy." Setelah itu turun pula ayat yang kedua lalu dua orang lelaki dari kalangan keluarga Sahmiy berdiri mengucapkan sumpahnya. Di dalam riwayat Tirmizi disebutkan, bahwa Amr bin Ash dan seorang lelaki dari kalangan mereka bangkit kemudian mengucapkan sumpah mengingat Amr bin Ash lebih dekat kepadanya. Di dalam riwayat lain disebutkan, bahwa Sahmiy dalam perjalanannya itu mengalami sakit keras, lalu ia berwasiat kepada kedua temannya itu agar keduanya menyampaikan harta peninggalannya kepada keluarga yang akan mewarisinya. Tatkala Sahmiy meninggal dunia kedua orang temannya itu mengambil piala tersebut kemudian mereka menyerahkan sisanya kepada ahli warisnya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : অতঃপর যদি জানা যায় যে উভয় ওসি কোন গোনাহে জড়িত রয়েছে তবে যাদের বিরুদ্ধে গোনাহ হয়েছিল তাদের মধ্য থেকে মৃতু ব্যক্তির নিকটতম দু’ব্যক্তি তাদের স্থলাভিষিক্ত হবে। অতঃপর আল্লাহর নামে কসম খাবে যে অবশ্যই আমাদের সাক্ষ্য তাদের সাক্ষ্যর চাইতে অধিক সত্য এবং আমরা সীমা অতিক্রম করিনি। এমতাবস্থায় আমরা অবশ্যই অত্যাচারী হব।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நிச்சயமாக அவ்விருவரும் பாவத்திற்குரியவர்களாகி விட்டார்கள் என்று கண்டு கொள்ளப்பட்டால் அப்போது உடைமை கிடைக்க வேண்டும் எனக் கோருவோருக்கு நெருங்கிய உறவினர் இருவர் மோசம் செய்துவிட்ட அவ்விருவரின் இடத்தில் நின்று "அவ்விருவரின் சாட்சியத்தைவிட எங்களின் சாட்சியம் மிக உண்மையானது நாங்கள் வரம்பு மீறவில்லை அப்படி மீறியிருந்தால் நாங்கள் அநியாயக்காரர்களாகி விடுவோம்" என்று அல்லாஹ்வின் மீது சத்தியம் செய்து கூற வேண்டும்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : แล้วหากได้รับรู้ว่าพยานทั้งสองคนนั้นสมควรได้รับโทษ ก็ให้คนอื่นสองคนทำหน้าที่ในตำแหน่งพยานทั้งสองนั้นแทน จากบรรดาผู้ที่มีคนสองคนในหมู่พวกเขาเป็นผู้สมควร แล้วทั้งสองนั้นก็จะสาบานต่ออัลลอฮ์ว่า แน่นอนการเป็นพยานของเรานั้นสมควรยิ่งกว่าการเป็นพยานของเขาทั้งสอง และเรามิได้ละเมิดถ้ามิเช่นนั้นแน่นอนทันใดนั้นเอง เราก็จะอยู่ในหมู่ผู้อธรรม
- Uzbek - Мухаммад Содик : Агар икковларининг гуноҳлари билиниб қолса ўринларига устиларига ноҳақлик тушган яқинлардан иккиталари ўтадилар ва Аллоҳ ила қасам ичиб Бизнинг гувоҳлигимиз уларнинг гувоҳликларидан тўғрироқ ва биз тажовуз қилмадик Агар қилган бўлсак албатта золимлардан бўламиз дерлар
- 中国语文 - Ma Jian : 如果发现他们俩犯罪的证据,那末,别的两个人代替他们俩。(那两个人),应当是享有权利的人中与死者最亲近的人。他们俩应奉真主之名发誓:我们俩的作证,是比他们俩的作证更真实的。我们俩没有超越法度;否则,我们俩必是不义的人。
- Melayu - Basmeih : Kemudian jika didapati bahawa kedua saksi itu sesudah bersumpah ada melakukan dosa kerana berdusta atau mengkhianati dalam perkara yang mereka menjadi saksi itu maka hendaklah dua orang yang lain menggantikan tempat mereka dari wariswaris si mati lebih dekat yang lebih berhak menuntut dan memberi keterangan yang sebenarnya kemudian mereka bersumpah dengan nama Allah dengan berkata "Demi sesungguhnya persaksian kami lebih berhak diterima daripada persaksian kedua saksi itu yang telah nyata berdusta dan kami tidak melampaui batas kerana jika kami berbuat demikian tentulah kami dengan itu termasuk dalam golongan orangorang yang zalim
- Somali - Abduh : Haddii la Ogaado inay Muteen Dambi waxaa Meejooda Joogsan oo la Dhaarin Labo kale oo ah kuwa ugu Mudnaan Badan Dhaxalkiisa wayna ku Dhaaran Eebe inuu Maragoodu ka Xaqsanyahay Maragooda mana xadgudbaynno markaas aan Noqonno Daalimiin
- Hausa - Gumi : To idan aka gane cewa lalle sũ sun cancanci zunubi to sai wasu biyu su tsayu matsayibsu daga waɗanda suka karɓa daga gare su mutãne biyu mafiya cancanta sa'an nan su yi rantsuwa da Allah "Lalle ne shaidarmu ce mafi gaskiya daga shaidarsu kuma ba mu yi zãlunci ba Lalle mu a lõkacin haƙĩƙa munã daga azzãlumai"
- Swahili - Al-Barwani : Ikigundulikana kuwa wawili hao wamestahiki dhambi basi wawili wengineo kutokana na warithi wenye kudai haki washike makamo ya wa mwanzo Nao waape kwa Mwenyezi Mungu wakisema Hakika ushahidi wetu ni wa haki zaidi kuliko ushahidi wa wale Na sisi hatujafanya dhambi; hakika hapo tutakuwa miongoni mwa walio dhulumu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Nëse hetohet se ata dy dëshmues kanë bërë mëkat atëherë dy të tjerë do t’i zëvendësojnë ata të dy nga ata që u është bërë padrejtësi e këta dy do të betohen në Perëndinë duke thënë “Dëshmia jonë është gjithsesi më e drejtë se dëshmia e atyre dyve dhe na nuk i kemi kaluar kufijt Sepse atëherë ne do të ishim zullumqarë”
- فارسى - آیتی : و هرگاه معلوم شود كه آن دو شاهد مرتكب گناه خيانت شدهاند، دو شاهد ديگر كه اولىتر از آن دو باشند جاى ايشان را بگيرند. آن دو به خدا قسم خورند كه شهادت ما از شهادت آن دو درستتر است و ما از حق تجاوز نكنيم، هرگاه چنين كنيم از ستمكاران باشيم.
- tajeki - Оятӣ : Ва ҳар гоҳ маълум шавад, ки он ду шоҳид муртакиби гуноҳи хиёнат шудаанд, ду шоҳидӣ дигар, ки авлотар аз он ду бошанд, ҷои онҳоро бигиранд. Он ду ба Худо қасам хӯранд, ки шоҳидии мо аз шоҳидии он ду дурусттар аст ва мо аз ҳақ таҷовуз накунем, ҳар гоҳ чунин кунем, аз ситамкорон бошем.
- Uyghur - محمد صالح : ئەگەر ئۇ ئىككى گۇۋاھچىنىڭ (يالغان گۇۋاھلىق بەرگەنلىك ياكى مىراسقا خىيانەت قىلغانلىق) گۇناھى بىلىنسە، ئۇلارنىڭ ئورنىغا مىراس ئېلىشقا ئەڭ ھەقلىق بولغان ۋارىسلاردىن ئىككى كىشى گۇۋاھ بولۇپ: «بىزنىڭ گۇۋاھلىقىمىز ئەلۋەتتە ئۇلارنىڭ گۇۋاھلىقىدىنمۇ توغرىدۇر، بىز شەرىئەتتىن چىقىپ كەتمىدۇق، بولمىسا بىز چوقۇم زالىملاردىن بولىمىز» دەپ اﷲ نىڭ نامى بىلەن قەسەم قىلسۇن
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അഥവാ, അവരിരുവരും തങ്ങളെ സ്വയം തെറ്റിലകപ്പെടുത്തിയിരിക്കുന്നുവെന്ന് വ്യക്തമായാല് കുറ്റം ചെയ്തത് ആര്ക്കെതിരിലാണോ അയാളോട് ഏറ്റം അടുത്ത ബന്ധമുള്ള രണ്ടുപേര് അവരുടെ സ്ഥാനത്ത് സാക്ഷികളായി നില്ക്കണം. എന്നിട്ട് അവരിരുവരും അല്ലാഹുവിന്റെ പേരില് ഇങ്ങനെ സത്യം ചെയ്തുപറയണം: "ഉറപ്പായും ഞങ്ങളുടെ സാക്ഷ്യമാണ് ഇവരുടെ സാക്ഷ്യത്തെക്കാള് സത്യസന്ധമായിട്ടുള്ളത്. ഞങ്ങള് ഒരനീതിയും ചെയ്തിട്ടില്ല. അങ്ങനെ ചെയ്താല് തീര്ച്ചയായും ഞങ്ങള് അതിക്രമികളായിത്തീരും.”
- عربى - التفسير الميسر : فان اطلع اولياء الميت على ان الشاهدين المذكورين قد اثما بالخيانه في الشهاده او الوصيه فليقم مقامهما في الشهاده اثنان من اولياء الميت فيقسمان بالله لشهادتنا الصادقه اولى بالقبول من شهادتهما الكاذبه وما تجاوزنا الحق في شهادتنا انا ان اعتدينا وشهدنا بغير الحق لمن الظالمين المتجاوزين حدود الله