- عربي - نصوص الآيات عثماني : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ءَالِهَةً ۖ إِنِّىٓ أَرَىٰكَ وَقَوْمَكَ فِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍۢ
- عربى - نصوص الآيات : ۞ وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة ۖ إني أراك وقومك في ضلال مبين
- عربى - التفسير الميسر : واذكر -أيها الرسول- مُحاجَّة إبراهيم عليه السلام لأبيه آزر، إذ قال له: أتجعل من الأصنام آلهة تعبدها من دون الله تعالى؟ إني أراك وقومك في ضلال بيِّن عن طريق الحق.
- السعدى : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
يقول تعالى: واذكر قصة إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، مثنيا عليه ومعظما في حال دعوته إلى التوحيد، ونهيه عن الشرك، وإذ قال لأبيه { آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً } أي: لا تنفع ولا تضر وليس لها من الأمر شيء، { إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } حيث عبدتم من لا يستحق من العبادة شيئا، وتركتم عبادة خالقكم، ورازقكم، ومدبركم.
- الوسيط لطنطاوي : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
والمعنى: واذكر يا محمد وذكر قومك ليعتبروا ويتعظوا وقت أن قال إبراهيم لأبيه آزر منكرا عليه عبادة الأصنام أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً تعبدها من دون الله الذي خلقك فسواك فعدلك إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ الذين يتبعونك في عبادتها في ضلال مبين، أى في انحراف ظاهر بين عن الطريق المستقيم.
قال الآلوسى: (وآزر بزنة آدم علم أعجمى لأبى إبراهيم- عليه السلام- وكان من قرية من سواد الكوفة، وهو بدل من إبراهيم أو عطف بيان عليه، وقيل: إنه لقب لأبى إبراهيم واسمه الحقيقي تارح وأن آزر لقبه، وقيل هو اسم جده ومنهم من قال اسم عمه، والعم والجد يسميان أبا مجازا) .
والاستفهام في قوله أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً للإنكار. والتعبير بقوله أَتَتَّخِذُ الذي هو افتعال من الأخذ، فيه إشارة بأن عبادته هو وقومه لها شيء مصطنع، والأصنام ليست أهلا للألوهية، وفي ذلك ما فيه من التعريض بسخافة عقولهم، وسوء تفكيرهم.
والرؤية يجوز أن تكون بصرية قصد منها في كلام إبراهيم أن ضلال أبيه وقومه صار كالشىء المشاهد لوضوحه، وعليه فقوله فِي ضَلالٍ مُبِينٍ في موضع المفعول.
ويجوز أن تكون الرؤية علمية وعليه فقوله فِي ضَلالٍ مُبِينٍ في موضع المفعول الثاني.
ووصف الضلال بأنه مبين يدل على شدة فساد عقولهم حيث لم يتفطنوا لضلالهم مع أنه كالمشاهد المرئي.
قال الشيخ القاسمى: قال بعض مفسري الزيدية: ثمرة الآية الدلالة على وجوب النصيحة في الدين لا سيما للأقارب، فإن من كان أقرب فهو أهم، ولهذا قال- تعالى- وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وقال- تعالى-: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وقال صلى الله عليه وسلم «أبدأ بنفسك ثم بمن تعول» ولهذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعلى وخديجة وزيد وكانوا معه في الدار فآمنوا وسبقوا، ثم بسائر قريش، ثم بالعرب، ثم بالموالي، وبدأ إبراهيم بأبيه ثم بقومه، وتدل هذه الآية- أيضا- على أن النصيحة في الدين، والذم والتوبيخ لأجله ليس من العقوق، وقد ثبت في الصحيح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة «وعلى وجه آزر قترة وغبرة» فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك. فيقول إبراهيم:
يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون، فأى خزي أخزى من أبى الأبعد؟ فيقول الله- تعالى- «إنى حرمت الجنة على الكافرين» .
ثم قال الشيخ القاسمى: والآية حجة على الشيعة في زعمهم أنه لم يكن أحد من آباء الأنبياء كافرا، وأن آزر عم إبراهيم لا أبوه، وذلك لأن الأصل في الإطلاق الحقيقة ومثله لا يجزم به من غير نقل»
- البغوى : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
قوله عز وجل : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) قرأ يعقوب " آزر " بالرفع ، يعني : " آزر " والقراءة المعروفة بالنصب ، وهو اسم أعجمي لا ينصرف فينتصب في موضع الخفض .
قال محمد بن إسحاق والضحاك والكلبي : آزر اسم أبي إبراهيم وهو تارخ أيضا مثل إسرائيل ويعقوب وكان من كوثى قرية من سواد الكوفة ، وقال مقاتل بن حيان وغيره : آزر لقب لأبي إبراهيم ، واسمه تارخ
وقال سليمان التيمي : هو سب وعيب ، ومعناه في كلامهم المعوج ، وقيل : معناه الشيخ الهم بالفارسية ، وقال سعيد بن المسيب ومجاهد : آزر اسم صنم ، فعلى هذا يكون في محل النصب تقديره أتتخذ آزر إلها ، قوله ( أصناما آلهة ) دون الله ، ( إني أراك وقومك في ضلال مبين )
- ابن كثير : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
قال الضحاك ، عن ابن عباس : إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر ، إنما كان اسمه تارح . رواه ابن أبي حاتم .
وقال أيضا : حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو عاصم شبيب ، حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) يعني بآزر : الصنم ، وأبو إبراهيم اسمه تارح وأمه اسمها مثاني وامرأته اسمها سارة وأم إسماعيل اسمها هاجر ، وهي سرية إبراهيم .
وهكذا قال غير واحد من علماء النسب : إن اسمه تارح . وقال مجاهد والسدي : آزر : اسم صنم .
قلت : كأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم ، فالله أعلم
وقال ابن جرير : وقال آخرون : " هو سب وعيب بكلامهم ، ومعناه : معوج " ولم يسنده ولا حكاه عن أحد .
وقد قال ابن أبي حاتم : ذكر عن معتمر بن سليمان ، سمعت أبي يقرأ : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) قال : بلغني أنها أعوج ، وأنها أشد كلمة قالها إبراهيم - عليه السلام - .
ثم قال ابن جرير : والصواب أن اسم أبيه آزر . ثم أورد على نفسه قول النسابين أن اسمه تارح ثم أجاب بأنه قد يكون له اسمان ، كما لكثير من الناس ، أو يكون أحدهما لقبا وهذا الذي قاله جيد قوي ، والله أعلم .
واختلف القراء في أداء قوله تعالى : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) فحكى ابن جرير ، عن الحسن البصري وأبي يزيد المدني أنهما كانا يقرآن : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة ) معناه : يا آزر ، أتتخذ أصناما آلهة .
وقرأ الجمهور بالفتح ، إما على أنه علم أعجمي لا ينصرف ، وهو بدل من قوله : ( لأبيه ) أو عطف بيان ، وهو أشبه .
وعلى قول من جعله نعتا لا ينصرف أيضا كأحمر وأسود .
فأما من زعم أنه منصوب لكونه معمولا لقوله : ( أتتخذ أصناما ) تقديره : يا أبت ، أتتخذ آزر أصناما آلهة ، فإنه قول بعيد في اللغة ; لأن ما بعد حرف الاستفهام لا يعمل فيما قبله ; لأن له صدر الكلام ، كذا قرره ابن جرير وغيره . وهو مشهور في قواعد العربية .
والمقصود أن إبراهيم - عليه السلام - ، وعظ أباه في عبادة الأصنام ، وزجره عنها ، ونهاه فلم ينته ، كما قال : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة ) أي : أتتأله لصنم تعبده من دون الله ( إني أراك وقومك ) أي : السالكين مسلكك ( في ضلال مبين ) أي : تائهين لا يهتدون أين يسلكون ، بل في حيرة وجهل وأمركم في الجهالة والضلال بين واضح لكل ذي عقل صحيح .
وقال تعالى : ( واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) [ مريم : 41 - 48 ] فكان إبراهيم - عليه السلام - ، يستغفر لأبيه مدة حياته ، فلما مات على الشرك وتبين إبراهيم ذلك ، رجع عن الاستغفار له ، وتبرأ منه ، كما قال تعالى : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ) [ التوبة : 114 ] .
وثبت في الصحيح : أن إبراهيم يلقى أباه آزر يوم القيامة فيقول له أبوه : يا بني ، اليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم : أي رب ، ألم تعدني أنك لا تخزني يوم يبعثون وأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقال : يا إبراهيم انظر ما وراءك . فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه ، فيلقى في النار
- القرطبى : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
قوله تعالى وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين قوله تعالى وإذ قال إبراهيم تكلم العلماء في هذا ; فقال أبو بكر محمد بن محمد بن الحسن الجويني الشافعي الأشعري في النكت من التفسير له : وليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد إبراهيم تارح . والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر . وقيل : آزر عندهم ذم في لغتهم ; كأنه قال : وإذ قال لأبيه يا مخطئ أتتخذ أصناما آلهة وإذا كان كذلك فالاختيار الرفع . وقيل : آزر اسم صنم . وإذا كان كذلك فموضعه نصب على إضمار الفعل ; كأنه قال : وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ آزر إلها ، أتتخذ أصناما آلهة . قلت : ما ادعاه من الاتفاق ليس عليه وفاق ; فقد قال محمد بن إسحاق والكلبي والضحاك : إن آزر أبو إبراهيم عليه السلام وهو تارح ، مثل إسرائيل ويعقوب ; قلت فيكون له اسمان كما تقدم . وقال مقاتل : آزر لقب ، وتارح اسم ، وحكاه الثعلبي عن ابن إسحاق القشيري . ويجوز أن يكون على العكس . قال الحسن : كان اسم أبيه آزر . وقال سليمان التيمي : هو سب وعيب ، ومعناه في كلامهم : المعوج . وروى المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : بلغني أنها أعوج ، وهي أشد كلمة قالها إبراهيم لأبيه . وقال الضحاك : معنى آزر الشيخ الهم بالفارسية . وقال الفراء : هي صفة ذم بلغتهم ; كأنه قال يا مخطئ ; فيمن رفعه . أو كأنه قال : وإذ قال إبراهيم لأبيه المخطئ ; فيمن خفض . ولا ينصرف لأنه على أفعل ; قاله النحاس . وقال الجوهري : آزر اسم أعجمي ، وهو مشتق من آزر فلان فلانا إذا عاونه ; فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام وقيل : هو مشتق من القوة ، والأزر : القوة ; عن ابن فارس . وقال مجاهد ويمان : آزر اسم صنم . وهو في هذا التأويل في موضع نصب ، التقدير : أتتخذ آزر إلها ، أتتخذ أصناما . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، التقدير : أتتخذ آزر أصناما . قلت : فعلى هذا آزر اسم جنس . والله أعلم . وقال الثعلبي في كتاب العرائس : إن اسم أبي إبراهيم الذي سماه به أبوه تارح ، فلما صار مع النمروذ قيما على خزانة آلهته سماه آزر . وقال مجاهد : إن آزر ليس باسم أبيه وإنما هو اسم صنم . وهو إبراهيم بن تارح بن ناخور بن ساروع بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام . و آزر فيه قراءات : " أإزرا " بهمزتين ، الأولى مفتوحة والثانية مكسورة ; عن ابن عباس . وعنه " أأزرا " بهمزتين مفتوحتين . وقرئ بالرفع ، وروي ذلك عن ابن عباس . وعلى القراءتين الأوليين عنه تتخذ بغير همزة . قال المهدوي : أإزرا ؟ فقيل : إنه اسم صنم ; فهو منصوب على تقدير أتتخذ إزرا ، وكذلك أأزرا . ويجوز أن يجعل أإزرا على أنه مشتق من الأزر وهو الظهر فيكون مفعولا من أجله ; كأنه قال : أللقوة تتخذ أصناما . ويجوز أن يكون إزر بمعنى وزر ، أبدلت الواو همزة . قال القشيري : ذكر في الاحتجاج على المشركين قصة إبراهيم ورده على أبيه في عبادة الأصنام . وأولى الناس باتباع إبراهيم العرب ; فإنهم ذريته . أي واذكر إذ قال إبراهيم . أو وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت وذكر إذ قال إبراهيم . وقرئ " آزر " أي يا آزر ، على النداء المفرد ، وهي قراءة أبي ويعقوب وغيرهما . وهو يقوي قول من يقول : إن آزر اسم أبي إبراهيم .
أتتخذ أصناما آلهة مفعولان لتتخذ وهو استفهام فيه معنى الإنكار .
- الطبرى : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
القول في تأويل قوله : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر، يا محمد = لحجاجك الذي تحاجّ به قومك، وخصومتك إياهم في آلهتهم، وما تراجعهم فيها, مما نلقيه إليك ونعلمكه من البرهان والدلالة على باطل ما عليه قومك مقيمون، وصحة ما أنت عليه مقيم من الدين، وحقيقة ما أنت عليهم به محتج (1) = (2) حِجَاج إبراهيم خليلي قومَه, ومراجعته إياهم في باطل ما كانوا عليه مقيمين من عبادة الأوثان, وانقطاعه إلى الله والرضا به وليًّا وناصرًا دون الأصنام، (3) فاتخذه إمامًا واقتد به, واجعل سيرته في قومك لنفسك مثالا = إذ قال لأبيه مفارقًا لدينه، وعائبًا عبادته الأصنام دون بارئه وخالقه: يا آزر . (4)
* * *
ثم اختلف أهل العلم في المعنيّ ب "آزر ", وما هو، اسم هو أم صفة؟ (5) وإن كان اسمًا, فمن المسمى به؟ فقال بعضهم: هو اسم أبيه.
* ذكر من قال ذلك:
13434 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر "، قال: اسم أبيه "آزر ".
13435 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثني محمد بن إسحاق قال: "آزر "، أبو إبراهيم. وكان، فيما ذكر لنا والله أعلم، رجلا من أهل كُوثَى, من قرية بالسواد, سواد الكوفة .
13436 - حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال: سمعت سعيد بن عبد العزيز يذكر قال: هو "آزر ", وهو " تارح ", مثل " إسرائيل " و " يعقوب ".
* * *
وقال آخرون: إنه ليس أبا إبراهيم.
* ذكر من قال ذلك:
13437 - حدثنا محمد بن حميد وسفيان بن وكيع قالا حدثنا جرير, عن ليث, عن مجاهد قال: ليس "آزر "، أبا إبراهيم.
13437- حدثني الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا الثوري قال، أخبرني رجل, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر "، قال: "آزر " لم يكن بأبيه، إنما هو صنم.
13439- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: "آزر " اسم، صنم.
13440 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر "، قال: اسم أبيه، ويقال: لا بل اسمه " تارح ", واسم الصنم "آزر ". يقول: أتتخذ آزرَ أصنامًا آلهة. (6)
* * *
وقال آخرون: هو سبٌّ وعيب بكلامهم, ومعناه: معوَجٌّ . كأنه تأوّل أنه عابه بزَيْغه واعوجاجه عن الحق. (7)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الأمصار: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ ) بفتح "آزر " على اتباعه " الأب " في الخفض, ولكنه لما كان اسمًا أعجميًّا فتحوه، إذ لم يجروه، وإن كان في موضع خفض.
* * *
وذكر عن أبي زيد المديني والحسن البصري أنهما كانا يقرآن ذلك: (آزَرُ) بالرفع على النداء, بمعنى: يا آزر.
* * *
فأما الذي ذكر عن السديّ من حكايته أن "آزر " اسم صنم, وإنما نصبَه بمعنى: أتتخذ آزر أصنامًا آلهة = فقولٌ من الصواب من جهة العربية بعيدٌ. وذلك أن العرب لا تنصب اسمًا بفعلٍ بعد حرف الاستفهام, لا تقول: " أخاك أكلمت " ؟ وهي تريد: أكلمت أخاك.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي, قراءةُ من قرأ بفتح " الراء " من (آزَرَ)، على اتباعه إعراب " الأب ", وأنه في موضع خفض ففتح، إذ لم يكن جاريًا، لأنه اسم عجمي. وإنما اخترتُ قراءة ذلك كذلك، (8) لإجماع الحجة من القرأة عليه.
وإذْ كان ذلك هو الصواب من القراءة، وكان غير جائز أن يكون منصوبًا بالفعل الذي بعد حرف الاستفهام, صحَّ لك فتحه من أحد وجهين:
إما أن يكون اسمًا لأبي إبراهيم صلوات الله عليه وعلى جميع أنبيائه ورسله, فيكون في موضع خفض ردًّا على " الأب ", ولكنه فتح لما ذكرت من أنه لمّا كان اسمًا أعجميًّا ترك إجراؤه ففتح، كما تفعل العرب في أسماء العجم. (9)
= أو يكون نعتًا له, فيكون أيضًا خفضًا بمعنى تكرير اللام عليه, (10) ولكنه لما خرج مخرج " أحمر " و " أسود " ترك إجراؤه، وفعل به كما يفعل بأشكاله. فيكون تأويل الكلام حينئذ: وإذ قال إبراهيم لأبيه الزائغ: أتتخذ أصنامًا آلهة. (11)
وإذ لم يكن له وِجهة في الصواب إلا أحد هذين الوجهين, فأولى القولين بالصواب منهما عندي قولُ من قال: " هو اسم أبيه "، لأن الله تعالى ذكره أخبر أنه أبوه، وهو القول المحفوظ من قول أهل العلم، دون القول الآخر الذي زعم قائلُه أنه نعتٌ.
* * *
فإن قال قائل: فإن أهل الأنساب إنما ينسبون إبراهيم إلى " تارح ", فكيف يكون "آزر " اسمًا له، والمعروف به من الاسم " تارح "؟
قيل له: غير محال أن يكون له اسمان, كما لكثير من الناس في دهرنا هذا, وكان ذلك فيما مضى لكثير منهم . وجائز أن يكون لقبًا يلقّب به. (12)
* * *
القول في تأويل قوله : أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74)
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيل إبراهيم لأبيه آزر أنه قال: " أتتخذ أصنامًا آلهة "، تعبدها وتتخذها ربًّا دون الله الذي خلقك فسوَّاك ورزقك ؟
و " الأصنام ": جمع " صنم ", و " الصنم " التمثال من حجر أو خشب أو من غير ذلك في صورة إنسان, وهو " الوثن ". وقد يقال للصورة المصوّرة على صورة الإنسان في الحائط وغيره: " صنم " و " وثن ".
* * *
=" إني أراك وقومَك في ضلال مبين " ، يقول: " إني أراك "، يا آزر،" وقومَك " الذين يعبدون معك الأصنام ويتخذونها آلهة =" في ضلال "، يقول: في زوال عن محجّة الحق, وعدول عن سبيل الصواب =" مبين "، يقول: يتبين لمن أبصَره أنه جوْرٌ عن قصد السبيل، وزوالٌ عن محجة الطريق القويم. يعني بذلك أنه قد ضلّ هو وهم عن توحيد الله وعبادته، الذي استوجب عليهم إخلاص العبادة له بآلائه عندهم, دون غيره من الآلهة والأوثان. (13)
--------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة: "
وحقية ما أنت عليهم محتج" ، وفي المخطوطة: "وحقيقة أنعم عليهم محتج". فعل ناشر المطبوعة في"حقيقة" ما فعل في أشباهها ، كما سلف ص: 434 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك. وأما ما كان في المخطوطة: "ما أنعم عليهم محتج" ، فالصواب فيما أرجح أن الناسخ جمع الكلمتين في كلام واحد ، فكتب"ما أنت به" ، "ما أنعم".(2) السياق: "
واذكر ، يا محمد ، . . . حجاج إبراهيم".(3) في المطبوعة والمخطوطة: "
واليا وناصرًا" ، والصواب ما أثبت.(4) السياق: "
واذكر يا محمد ، . . . حجاج إبراهيم . . . إذ قال لأبيه . . . يا آزر"(5) في المطبوعة: "
اسم أم صفة" ، حذف"هو"!(6) في المخطوطة: "
أتتخذ أصنامًا آلهة" ، ليس فيها"آزر" ، وما في المطبوعة قريب من الصواب إن شاء الله ، لما سيأتي في نقد أبي جعفر مقالة السدي بعد قليل.(7) انظر معاني القرآن للفراء 1: 340.
(8) في المطبوعة: "
وإنما أجيزت قراءة ذلك" ، وهو كلام فاسد ، والصواب ما أثبت وهو في المخطوطة غير منقوط بتمامه.(9) في المطبوعة: "
كما فتح العرب" ، والصواب من المخطوطة.(10) في المخطوطة: "
تكرير الأمر عليه" ، والصواب ما في المطبوعة.(11) في المطبوعة والمخطوطة: "
وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصنامًا آلهة" ، وهو نص الآية ، لا تأويل لها على النعت. وأما تأويل النعت الذي ذكره آنفًا في أن"آزر" سب وعيب في كلامهم ومعناه"معوج" ، لزيغه واعوجاجه عن الحق = فهو الذي أثبت ، وهو الصواب إن شاء الله.(12) في المطبوعة: "
وجائز أن يكون لقبا والله تعالى أعلم" ، حذف"يلقب به" ، وهو وهو ثابت في المخطوطة ، وزاد ما ليس في المخطوطة.(13) انظر تفسير"
الضلال" و"مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) (بين). - ابن عاشور : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
عطف على الجمل السابقة التي أولاها { وكذّب به قومك وهو الحقّ } [ الأنعام : 66 ] المشتملة على الحجج والمجادلة في شأن إثبات التوحيد وإبطال الشرك ، فعُقّبت تلك الحجج بشاهد من أحوال الأنبياء بذكر مجادلة أول رسول أعلَن التوحيد وناظر في إبطال الشرك بالحجّة الدامغة والمناظرة الساطعة ، ولأنَّها أعدل حجَّة في تاريخ الدين إذ كانت مجادلة رسول لأبيه ولقومه ، وكانت أكبر حجّة على المشركين من العرب بأنّ أباهم لم يكن مشركاً ولا مُقِرّاً للشرك في قومه ، وأعظم حجَّة للرسول صلى الله عليه وسلم إذ جاءهم بالإقلاع عن الشرك .
والكلام في افتتاح القصّة ب { إذْ } بتقدير اذْكُر تقدّم عند قوله تعالى : { وإذ قال ربّك للملائكة إنٌّي جاعل في الأرض خليفة } في سورة [ البقرة : 30 ].
وآزر } ظاهر الآية أنَّه أبو إبراهيم . ولا شكّ أنّه عُرف عند العرب أنّ أبا إبراهيم اسمُه آزر فإنّ العرب كانوا معتنين بذكر إبراهيم عليه السلام ونسبِه وأبنائه . وليس من عادة القرآن التعرّض لذكر أسماء غير الأنبياء فما ذكر اسمه في هذه الآية إلاّ لقصد سنذكره . ولم يُذكر هذا الاسم في غير هذه الآية . والذي في كتب الإسرائيليّين أنّ اسم أبي إبراهيم ( تارح ) بمثناة فوقية فألف فراء مفتوحة فحاء مهملة . قال الزجاج : لا خلاف بين النسّابين في أنّ اسم أبي إبراهيم تارح . وتبعه محمد بن الحسن الجويني الشافعي في «تفسير النكت» . وفي كلامهما نظر لأنّ الاختلاف المنفي إنَّما هو في أنّ آزر اسم لأبي إبراهيم ولا يقتضي ذلك أنه ليس له اسم آخر بين قومه أو غيرهم أو في لغة أخرى غير لغة قومه . ومثل ذلك كثير . وقد قيل : إنّ ( آزر ) وصف . قال الفخر : قيل معناه الهرم بلغة خوارزم ، وهي الفارسية الأصلية . وقال ابن عطية عن الضحّاك : ( آزر ) الشيخ . وعن الضحَّاك : أنّ اسم أبي إبراهيم بلغة الفرس ( آزر ). وقال ابن إسحاق ومقاتل والكلبي والضحَّاك : اسم أبي إبراهيم تارح وآزر لقب له مثل يعقوب الملقب إسرائيل ، وقال مجاهد : ( آزر ) اسم الصنم الذي كان يعبده أبو إبراهيم فلقّب به . وأظهر منه أن يقال : أنَّه الصنم الذي كان أبو إبراهيم سادن بيته .
وعن سليمان التيْمي والفرّاء : ( آزر ) كلمةُ سبّ في لغتهم بمعنى المعْوَجّ ، أي عن طريق الخير . وهذا وهم لأنَّه يقتضي وقوع لفظ غير عربي ليس بعلم ولا بمعرّب في القرآن . فإنّ المعرّب شرطه أن يكون لفظاً غير علم نقله العرب إلى لغتهم . وفي «تفسير الفخر» : أنّ من الوجوه أن يكون ( آزر ) عمّ إبراهيم وأطلق عليه اسم الأب لأنّ العمّ قد يقال له : أب . ونسب هذا إلى محمد بن كعب القرظي . وهذا بعيد لا ينبغي المصير إليه فقد تكرّر في القرآن ذكر هذه المجادلة مع أبيه ، فيبعد أن يكون المراد أنَّه عمّه في تلك الآيات كلِّها .
قال الفخر : وقالت الشيعة : لا يكون أحد من آباء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجداده كافراً . وأنكروا أنّ ( آزر ) أب لإبراهيم وإنَّما كان عمّه . وأمَّا أصحابنا فلم يلتزموا ذلك . قلت : هو كما قال الفخر من عدم التزام هذا وقد بيّنتُ في «رسالة» لي في طهارة نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ الكفر لا ينافي خلوص النسب النبوي خلوصاً جبليّاً لأنّ الخلوص المبحوث عنه هو الخلوص ممَّا يتعيّر به في العادة .
والذي يظهر لي أنَّه : أنّ ( تارح ) لُقِّب في بلد غربة بلقب ( آزر ) باسم البلد الذي جاء منه ، ففي «معجم ياقوت» آزر بفتح الزاي وبالراء ناحية بين سوق الأهواز ورامهرمز . وفي الفصل الحادي عشر من سفر التكوين من التوراة أنّ بلد تارح أبي إبراهيم هو ( أور الكَلْدَانيين ). وفي «معجم ياقوت» ( أور ) بضم الهمزة وسكون الواو من أصقاع رامهرمز من خوزستان» . ولعلّه هو أور الكلدانيين أو جزء منه أضيف إلى سكّانه . وفي سفر التكوين أنّ ( تارح ) خرج هو وابنه إبراهيم من بلده أور الكلدانيين قاصديْن أرض كنعان وأنهما مرّا في طريقهما ببلد ( حَاران ) وأقاما هناك ومات تارح في حَاران . فلعلّ أهل حاران دعَوه آزر لأنَّه جاء من صقع آزر . وفي الفصل الثاني عشر من سفر التكوين ما يدلّ على أنّ إبراهيم عليه السلام نُبِّىء في حاران في حياة أبيه .
ولم يرد في التوراة ذكر للمحاورة بين إبراهيم وأبيه ولا بينه وبين قومه .
ولذا فالأظهر أن يكون { آزر } في الآية منادى وأنَّه مبني على الفتح . ويؤيد ذلك قراءة يعقوب { آزر } مضموماً . ويؤيّده أيضاً ما روي : أنّ ابن عباس قرأه أإزر بهمزتين أولاهما مفتوحة والثانية مكسورة ، وروي : عنه أنَّه قرأه بفتح الهمزتين وبهذا يكون ذكر اسمه حكاية لخطاب إبراهيم إيّاه خطاب غلظة ، فذلك مقتضى ذكر اسمه العلم .
وقرأ الجمهور { آزر } بفتح الراء وقرأه يعقوب بضمّها . واقتصر المفسّرون على جعله في قراءة فتح الراء بياناً من { أبيه } ، وقد علمت أنَّه لا مقتضي له .
والاستفهام في { أتتَّخذ أصناماً آلهة } استفهام إنكار وتوبيخ .
والظاهر أنّ المحكي في هذه الآية موقف من مواقف إبراهيم مع أبيه ، وهو موقف غلظة ، فيتعيَّن أنَّه كان عندما أظهر أبوه تصلّباً في الشّرك . وهو ما كان بعد أن قال له أبوه { لئن لم تنته لأرجمنَّك } [ مريم : 46 ] وهو غير الموقف الذي خاطبه فيه بقوله : { يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر } الآيات في سورة [ مريم : 42 ].
و { تتّخذ } مضارع اتّخذ ، وهو افتعال من الأخذ ، فصيغة الافتعال فيه دالَّة على التكلّف للمبالغة في تحصيل الفعل .
قال أهل اللغة : قلبت الهمزة الأصلية تاء لقصد الإدغام تخفيفاً وليَّنوا الهمزة ثم اعتبروا التاء كالأصلية فربما قالوا : تخذ بمعنى اتّخذ ، وقد قرىء بالوجهين قوله تعالى : { لو شئت لاتَّخذت عليه أجراً } [ الكهف : 77 ] و { لتَخَذْت عليه أجراً فأصل فعل اتّخذ أن يتعدّى إلى مفعول واحد وكان أصل المفعول الثاني حالاً ، وقد وعدنا عند قوله تعالى : { قالوا أتتَّخذنا هزؤاً } في سورة [ البقرة : 67 ] بأن نبيِّن استعمال ( اتَّخذ ) وتعديته في هذه السورة . ومعنى تتّخذ هنا تصطفي وتختار؛ فالمراد أتعبد أصناماً . وفي فعل تتّخذ } إشعار بأنّ ذلك شيء مصطنع مفتعل وأنّ الأصنام ليست أهلاً للإلهية . وفي ذلك تعريض بسخافة عقله أن يجعل إلهه شيئاً هو صنعه .
والأصنام جمع صنم ، والصنم الصورة التي تمثّل شكل إنسان أو حيوان ، والظاهر أنّ اعتبار كونه معبوداً داخل في مفهوم اسم صنم كما تظافرت عليه كلمات أهل اللغة فلا يطلق على كلّ صورة ، وفي «شفاء الغليل» : أنّ صنم مُعرّب عن ( شَمَن ) ، وهو الوثن ، أي مع قلب في بعض حروفه ، ولم يذكر اللغة المعرّب منها ، وعلى اعتبار كون العبادة داخلة في مفهوم الاسم يكون قوله { أصناماً } مفعول { تتَّخذ } على أن تتّخذ متعدّ إلى مفعول واحد على أصل استعماله ومحلّ الإنكار هو المفعول ، أي { أصناماً } ، ويكون قوله { آلهة } حالاً من { أصناماً } مؤكّدة لمعنى صاحب الحال ، أو بدلاً من { أصناماً }.وهذا الذي يناسب تنكير { أصناماً } لأنَّه لو كان مفعولاً أوّل ل { تتّخذ } لكان معرّفاً لأنّ أصله المبتدأ . وعلى احتمال أنّ الصنم اسم للصورة سواء عبدت أم لم تعبد يكون قوله { آلهة } مفعولاً ثانياً ل { تتّخذ } على أنّ { تتّخذ } مضمّن معنى تجعل وتصيِّر ، أي أتجعل صوراً آلهة لك كقوله { أتعبدون ما تنحتون } [ الصافات : 95 ].
وقد تضمَّن ما حكي من كلام إبراهيم لأبيه أنَّه أنكر عليه شيئين : أحدهما جعله الصور آلهة مع أنَّها ظاهرة الانحطاط عن صفة الإلهية ، وثانيهما تعدّد الآلهة ولذلك جُعل مفعولا { تتّخذ } جَمْعَيْن ، ولم يُقل : أتتّخذ الصنم إلهاً .
وجملة : { إنِّي أراك وقومك في ضلال } مبيِّنَة للإنكار في جملة : { أتتَّخذ أصناماً آلهة }.وأكّد الإخبار بحرف التأكيد لما يتضمَّنه ذلك الإخبار من كون ضلالهم بيّناً ، وذلك ممَّا ينكره المخاطب؛ ولأنّ المخاطب لَمَّا لم يكن قد سمع الإنكارَ عليه في اعتقاده قبْل ذلك يحسب نفسه على هدى ولا يحسب أنّ أحداً ينكر عليه ما هو فيه ، ويظن أنّ إنكار ابنه عليه لا يبلغ به إلى حدّ أن يراه وقومه في ضلال مبين . فقد يتأوّله بأنَّه رام منه ما هو أولَى .
والرؤية يجوز أن تكون بصرية قصد منها في كلام إبراهيم أنّ ضلال أبيه وقومه صار كالشيء المشاهَد لوضوحه في أحوال تقرّباتهم للأصنام من الحجارة فهي حالة مشاهد ما فيها من الضلال .
وعليه فقوله : { في ضلال مبين } في موضع الحال . ويجوز كون الرؤية علمية ، وقوله : { في ضلال مبين } في موضع المفعول الثاني .
وفائدة عطف { وقومك } على ضمير المخاطب مع العلم بأنّ رؤيته أباه في ضلال يقتضي أن يرى مماثليه في ضلال أيضاً لأنّ المقام مقام صراحة لا يكتفي فيه بدلالة الالتزام ولينبئه من أول وهلة على أنّ موافقة جمع عظيم إياه على ضلاله لا تعصّد دينه ولا تشكّك من ينكر عليه ما هو فيه . و { مبين } اسم فاعل من أبان بمعنى بان ، أي ظاهر . ووصف الضلال ب { مبين } نداء على قوة فساد عقولهم حيث لم يتفطّنوا لضلالهم مع أنَّه كالمشاهد المرئي .
ومباشرتُه إيَّاه بهذا القول الغليظ كانت في بعض مجادلاته لأبيه بعد أن تقدّم له بالدعوة بالرفق ، كما حكى الله عنه في موضع آخر { يا أبَت لِمَ تعبد ما لا يسمع ولا يُبصر ولا يغني عنك شيئاً يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتَّبعني أهْدك صراطاً سويّاً إلى قوله سلام عليك سأستغفر لك ربِّي إنَّه كان بي حفيّاً } [ مريم : 42 47 ]. فلما رأى تصميمه على الكفر سلك معه الغلظة استقصاء لأساليب الموعظة لعلّ بعضها أن يكون أنجع في نفس أبيه من بعض فإنّ للنفوس مسالك ولمجال أنظارها ميادين متفاوتة ، ولذلك قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { ادْعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } [ النحل : 125 ] ، وقال له في موضع آخر { واغلُظْ عليهم } [ التوبة : 73 ]. فحكى الله تعالى عن إبراهيم في هذه الآية بعض مواقفه مع أبيه وليس في ذلك ما تنافي البُرور به لأنّ المجاهرة بالحقّ دون سبّ ولا اعتداء لا ينافي البرور . ولم يزل العلماء يخطّئون أساتذتهم وأئمّتهم وآباءهم في المسائل العلمية بدون تنقيص . وقد قال أرسطاليس في اعتراض على أفلاطون : أفلاطون صديق والحقّ صديق لكن الحقّ أصدق . على أنّ مراتب برّ الوالدين متفاوتة في الشرائع . وقد قال أبناء يعقوب { تالله إنَّك لفي ضلالك القديم } [ يوسف : 95 ].
- إعراب القرآن : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
«وَإِذْ» ظرف لما مضى من الزمن ، مبني على السكون ، متعلق بالفعل المحذوف اذكر والواو استئنافية ، فالجملة مستأنفة ، والجملة الفعلية «قالَ إِبْراهِيمُ» في محل جر بالإضافة «لِأَبِيهِ» متعلقان بالفعل قبلهما وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة ، والهاء في محل جر بالإضافة «آزَرَ» بدل مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة للعلمية والعجمة. «أَتَتَّخِذُ» مضارع «أَصْناماً» مفعوله الأول «آلِهَةً» مفعوله الثاني والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت والجملة مقول القول ، وجملة «إِنِّي أَراكَ» مستأنفة. «أَراكَ» فعل مضارع
مرفوع بالضمة المقدرة على الألف. والكاف مفعوله الأول في ضلال متعلقان بأراك وهما المفعول الثاني ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا «وَقَوْمَكَ» اسم معطوف على الكاف منصوب بالفتحة ، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. «فِي ضَلالٍ» سبق إعرابها «مُبِينٍ» صفة مجرورة بالكسرة. وجملة أراك خبر إن.
- English - Sahih International : And [mention O Muhammad] when Abraham said to his father Azar "Do you take idols as deities Indeed I see you and your people to be in manifest error"
- English - Tafheem -Maududi : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(6:74) And recall when Abraham said to his father, Azar: 'Do you take idols for gods? *50 I see you and your people in obvious error.'
- Français - Hamidullah : Rappelle le moment où Abraham dit à `Azar son père Prends-tu des idoles comme divinités Je te vois toi et ton peuple dans un égarement évident
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und als Ibrahim zu seinem Vater Azar sagte "Nimmst du denn Götzenbilder zu Göttern Gewiß ich sehe dich und dein Volk in deutlichem Irrtum"
- Spanish - Cortes : Y cuando Abraham dijo a su padre Azar ¿Tomas a los ídolos como dioses Sí veo que tú y tu pueblo estáis evidentemente extraviados
- Português - El Hayek : Quando Abraão disse a Ezra seu pai Tomas os ídolos por deuses Eis que te vejo a ti e a teu povo em evidente erro
- Россию - Кулиев : Вот Ибрахим Авраам сказал своему отцу Азару Неужели ты считаешь идолов богами Я вижу что ты и твой народ находитесь в очевидном заблуждении
- Кулиев -ас-Саади : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
Вот Ибрахим (Авраам) сказал своему отцу Азару: «Неужели ты считаешь идолов богами? Я вижу, что ты и твой народ находитесь в очевидном заблуждении».О Мухаммад! Вспомни историю пророка Ибрахима, помяни его добрым словом и похвали его за то, как он проповедовал единобожие и удерживал людей от язычества. Он сказал своему отцу Азару: «Неужели ты поклоняешься божествам, которые не способны принести тебе пользу или причинить вред, которые не обладают никакой властью над происходящим вокруг? Я считаю, что ты и твои соплеменники - в очевидном заблуждении, ведь вы поклоняетесь богам, которые не заслуживают поклонения, и отказываетесь от поклонения Аллаху, Который сотворил вас, одаряет вас пропитанием и управляет вами».
- Turkish - Diyanet Isleri : İbrahim babası Azer'e "Putları tanrı olarak mı benimsiyorsun Doğrusu ben seni ve milletini açık bir sapıklık içinde görüyorum" demişti
- Italiano - Piccardo : Quando Abramo disse a suo padre Azar “Prenderai gli idoli per divinità Vedo che tu e il tuo popolo siete in palese errore”
- كوردى - برهان محمد أمين : بهسهرهاتی سهدهکانی ڕابوردوو بێنهوه یادیان کاتێک ئیبراهیم به ئازهری باوکی وت ئایا ڕاسته چهند بتێک بکهیته خوا بهڕاستی من دهبینم تۆش و قهومهکهشت لهناو گومڕاییهکی ئاشکرادان
- اردو - جالندربرى : اور وہ وقت بھی یاد کرنے کے لائق ہے جب ابراہیم نے اپنے باپ ازر سے کہا کہ تم بتوں کو کیا معبود بناتے ہو۔ میں دیکھتا ہوں کہ تم اور تمہاری قوم صریح گمراہی میں ہو
- Bosanski - Korkut : A kad Ibrahim reče svome ocu Azeru "Zar kumire smatraš bogovima Vidim da ste i ti i narod tvoj u pravoj zabludi"
- Swedish - Bernström : OCH Abraham sade till sin fader Aazar "Gör du bilder till föremål för dyrkan Jag ser tydligt att du och dina stamfränder har gått vilse"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan ingatlah di waktu Ibrahim berkata kepada bapaknya Aazar "Pantaskah kamu menjadikan berhalaberhala sebagai tuhantuhan Sesungguhnya aku melihat kamu dan kaummu dalam kesesatan yang nyata"
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : ۞ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
(Dan) ingatlah (di waktu Ibrahim berkata kepada bapaknya Azar) julukan dan nama aslinya adalah Tarikh ("Pantaskah kamu menjadikan patung-patung sebagai tuhan-tuhan?) yang kamu sembah. Kata tanya di sini bermakna celaan. (Sesungguhnya aku melihat kamu dan kaummu) karena menjadikan berhala-berhala sebagai tuhan-tuhan (dalam kesesatan) yakni tersesat dari jalan yang benar (yang nyata.") yang jelas.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : স্মরণ কর যখন ইব্রাহীম পিতা আযরকে বললেনঃ তুমি কি প্রতিমা সমূহকে উপাস্য মনে কর আমি দেখতে পাচ্ছি যে তুমি ও তোমার সম্প্রদায় প্রকাশ্য পথভ্রষ্ট।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இப்றாஹீம் தம் தகப்பனார் ஆஜரிடம் "விக்கிரகங்களையா நீர் தெய்வங்களாக எடுத்துக் கொள்கிறீர் நான் உம்மையும் உம் சமூகத்தாரையும் பகிரங்கமான வழி கேட்டில் இருப்பதை நிச்சயமாக பார்க்கிறேன்" என்று கூறியதை நினைத்துப்பாரும்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และจงรำลึกขณะที่อิบรอฮีมได้กล่าวแก่บิดาของเขา คืออาซัรว่า ท่านจะยึดถือเอาบรรดาเจว็ดเป็นที่เคารพสักการะกระนั้นหรือแท้จริงฉันเห็นว่าท่านและกลุ่มชนของท่านนั้นอยู่ในความหลงผิดอันชัดแจ้ง
- Uzbek - Мухаммад Содик : Иброҳимнинг отаси Озарга Санамларни худолар қилиб оласанми Мен сени ва сенинг қавмингни албатта очиқойдин адашувда кўрмоқдаман деганини эсла Иброҳим а с соф қалби ва онги ила бу иш нотўғри эканлигини жонсиз тош ёки жонсиз ёғоч одамлар томонидан бир оз ишлов берилгани билан худога айланиб қолмаслигини тушуниб етди Иброҳим а с отасини ва унинг қавмини очиқойдин адашувда эканини ҳам англаб етди Бу тушунчани уларнинг юзига очиқчасига айтди
- 中国语文 - Ma Jian : 当时,易卜拉欣对他的父亲阿宰尔说:你把偶像当作主宰吗?据我看来,你和你的宗族,的确在明显的迷误中。
- Melayu - Basmeih : Dan ingatlah ketika Nabi Ibrahim berkata kepada bapanya Aazar "Patutkah ayah menjadikan berhalaberhala sebagai tuhantuhan Sesungguhnya aku melihatmu dan kaummu dalam kesesatan yang nyata"
- Somali - Abduh : Ka Warran markuu ku Yidhi Nabi Ibraahim Aabihiis Aazara ma waxaad ka Yeelan Sanamyo ILaahyo waxaan kugu Arkaa adiga iyo Qoomkaagaba Baadi Cad
- Hausa - Gumi : Kuma a lõkacin da Ibrãhĩma ya ce wa ubansa Ãzara "Shin kanã riƙon gumãka abũbuwan bautãwa Lalle nĩ inã ganin ka kai damutã nenka a cikin ɓata bayyananniya"
- Swahili - Al-Barwani : Na pale Ibrahim alipo mwambia baba yake Azar Unayafanya masanamu kuwa ni miungu Hakika mimi nakuona wewe na watu wako mmo katika opotofu ulio wazi
- Shqiptar - Efendi Nahi : Kujtoje o Muhammed kur Ibrahimi i tha babës së tij Azerit “A mos do t’i marrësh statujat për zotra Unë po shoh se ti dhe kombi yt jeni në humbje të madhe”
- فارسى - آیتی : و ابراهيم پدرش آزر را گفت: آيا بتان را به خدايى مىگيرى؟ تو و قومت را به آشكارا در گمراهى مىبينم.
- tajeki - Оятӣ : Ва Иброҳим падараш Озарро гуфт: «Оё бутонро ба худоӣ мегирӣ? Ту ва қавматро ба ошкоро дар гумроҳӣ мебинам».
- Uyghur - محمد صالح : ئۆز ۋاقتىدا، ئىبراھىم ئۆز ئاتىسى ئازەرگە: «(سەن ئۆزۈڭنى ياراتقان اﷲ نى قويۇپ) بۇتلارنى مەبۇد قىلىۋالامسەن؟ مەن سېنى ۋە قەۋمىڭنى ھەقىقەتەن ئېنىق گۇمراھلىقتا كۆرۈمەن» دېدى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ഓര്ക്കുക: ഇബ്റാഹീം തന്റെ പിതാവ് ആസറിനോടു പറഞ്ഞ സന്ദര്ഭം: "വിഗ്രഹങ്ങളെയാണോ താങ്കള് ദൈവങ്ങളാക്കിയിരിക്കുന്നത്? തീര്ച്ചയായും താങ്കളും താങ്കളുടെ ജനതയും വ്യക്തമായ വഴികേടിലാണെന്ന് ഞാന് മനസ്സിലാക്കുന്നു.”
- عربى - التفسير الميسر : واذكر ايها الرسول محاجه ابراهيم عليه السلام لابيه ازر اذ قال له اتجعل من الاصنام الهه تعبدها من دون الله تعالى اني اراك وقومك في ضلال بين عن طريق الحق
*50). The incident relating to Abraham (peace be on him) is adduced in order to confirm and reinforce the view that just as Muhammad (peace he on him) and his Companions - thanks to the guidance vouchsafed by God - had denounced polytheism and had turned away from all false gods, bowing their heads in obedience to the One True Lord of the universe, so had been done by Abraham in his time. In the same way as ignorant people were then opposing the Prophet Muhammad (peace be on him) and those who believed in him, Abraham, too, had been opposed in his day by the people among whom he lived. Furthermore, the answer Abraham gave to his people in the past can also be given by Muhammad (peace be on him) and his followers, for he was on the same path as Noah, Abraham and the other Prophets who had descended from Abraham. Those who had refused to follow the Prophet (peace be on him) should therefore take note that they had deviated from the way of the Prophets and were lost in error.
At this point it should also be noted that Abraham was generally acknowledged by the Arabs to be their patriarch and their original religious leader. The Quraysh, in particular, were proud of their devotion to Abraham, of being his progeny and of being servants to the shrine built by him. Hence, the mention of Abraham's doctrine of monotheism, of his denunciation of polytheism and his remonstration with his polytheistic people, amounted to demolishing the very basis on which the Quraysh had prided themselves. It also amounted to destroying the confidence of the people of Arabia in their polytheistic religion. This also proved to them that the Muslims stood in the shoes of Abraham himself, whereas their own position was that of an ignorant nation which had remonstrated with Abraham out of ignorance and folly.