- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَكَذَٰلِكَ نُرِىٓ إِبْرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ
- عربى - نصوص الآيات : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين
- عربى - التفسير الميسر : وكما هدينا إبراهيم عليه السلام إلى الحق في أمر العبادة نُريه ما تحتوي عليه السموات والأرض من ملك عظيم، وقدرة باهرة، ليكون من الراسخين في الإيمان.
- السعدى : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
{ وَكَذَلِكَ } حين وفقناه للتوحيد والدعوة إليه { نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي: ليرى ببصيرته، ما اشتملت عليه من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة { وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } فإنه بحسب قيام الأدلة، يحصل له الإيقان والعلم التام بجميع المطالب.
- الوسيط لطنطاوي : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر نعمه على خليله إبراهيم فقال- تعالى- وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ.
أى: وكما أرينا إبراهيم الحق في خلاف ما عليه أبوه وقومه من الشرك، نريه- أيضا- مظاهر ربوبيتنا، ومالكيتنا للسموات والأرض، ونطلعه على حقائقها. ليزداد إيمانا على إيمانه وليكون من العالمين علما كاملا لا يقبل الشك بأنه على الحق وأن مخالفيه على الباطل.
والرؤية هنا المقصود بها الانكشاف والمعرفة. فتشمل المبصرات والمعقولات التي يستدل بها على الحق.
وإنما قال نُرِي إِبْراهِيمَ بصيغة المضارع، مع أن الظاهر أن يقول «أريناه» لاستحضار صورة الحال الماضية التي كانت تتجدد وتتكرر بتجدد رؤية آياته- تعالى- في ذلك الملكوت العظيم.
والملكوت: مصدر كالرغبوت والرحموت والجبروت، وزيدت فيه الواو والتاء للمبالغة في الصفة، والمراد به الملك العظيم وهو مختص بملكه- تعالى- كما قال الراغب في مفرداته.
- البغوى : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
( ملكوت السموات والأرض ) أي : كما أريناه البصيرة في دينه ، والحق في خلاف قومه ، نريه ( ملكوت السموات والأرض ) والملكوت : الملك ، زيدت فيه التاء للمبالغة ، كالجبروت والرحموت والرهبوت ، قال ابن عباس : يعني خلق السموات والأرض ، وقال مجاهد وسعيد بن جبير : يعني آيات السموات والأرض ، وذلك أنه أقيم على صخر وكشف له عن السموات والأرض حتى العرش وأسفل الأرضين ونظر إلى مكانه في الجنة ، فذلك قوله تعالى : " وآتيناه أجره في الدنيا " يعني : أريناه مكانه في الجنة .
وروي عن سلمان رضي الله عنه ، ورفعه بعضهم [ عن علي رضي الله عنه ] لما أري إبراهيم ملكوت السموات والأرض أبصر رجلا على فاحشة فدعا عليه فهلك ، ثم أبصر آخر فدعا عليه فهلك ، ثم أبصر آخر فأراد أن يدعو عليه فقال له الرب عز وجل : " يا إبراهيم إنك رجل مستجاب الدعوة ، فلا تدعون على عبادي فإنما أنا من عبدي على ثلاث خصال إما أن يتوب فأتوب عليه ، وإما أن أخرج منه نسمة تعبدني ، وإما أن يبعث إلي فإن شئت عفوت عنه ، وإن شئت عاقبته " وفي رواية : " وإما أن يتولى فإن جهنم من ورائه " .
وقال قتادة : ملكوت السموات : الشمس والقمر والنجوم ، وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار . ( وليكون من الموقنين ) عطف على المعنى ، ومعناه : نريه ملكوت السموات والأرض ، ليستدل به وليكون من الموقنين .
- ابن كثير : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
وقوله : ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ) أي : نبين له وجه الدلالة في نظره إلى خلقهما على وحدانية الله ، عز وجل ، في ملكه وخلقه ، وإنه لا إله غيره ولا رب سواه ، كقوله ( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ) [ يونس : 101 ] ، وقال ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ) [ الأعراف : 185 ] ، وقال ( أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ) [ سبأ : 9 ] .
فأما ما حكاه ابن جرير وغيره ، عن مجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والسدي وغيرهم قالوا - واللفظ لمجاهد - : فرجت له السموات ، فنظر إلى ما فيهن ، حتى انتهى بصره إلى العرش ، وفرجت له الأرضون السبع ، فنظر إلى ما فيهن - وزاد غيره - : فجعل ينظر إلى العباد على المعاصي فيدعوا عليهم ، فقال الله له : إني أرحم بعبادي منك ، لعلهم أن يتوبوا ويراجعوا . وقد روى ابن مردويه في ذلك حديثين مرفوعين ، عن معاذ وعلي [ بن أبي طالب ] ولكن لا يصح إسنادهما ، والله أعلم . وروى ابن أبي حاتم من طريق العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) فإنه تعالى جلا له الأمر ; سره وعلانيته ، فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق ، فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب قال الله : إنك لا تستطيع هذا . فرده [ الله ] - كما كان قبل ذلك - فيحتمل أن يكون كشف له عن بصره ، حتى رأى ذلك عيانا ، ويحتمل أن يكون عن بصيرته حتى شاهده بفؤاده وتحققه وعرفه ، وعلم ما في ذلك من الحكم الباهرة والدلالات القاطعة ، كما رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه ، عن معاذ بن جبل [ رضي الله عنه ] في حديث المنام : " أتاني ربي في أحسن صورة فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت : لا أدري يا رب ، فوضع كفه بين كتفي ، حتى وجدت برد أنامله بين ثديي ، فتجلى لي كل شيء وعرفت . . . " وذكر الحديث
وقوله : ( وليكون من الموقنين ) قيل : " الواو " زائدة ، تقديره : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ليكون من الموقنين ، كقوله : ( [ وكذلك ] نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ) [ الأنعام : 55 ] .
وقيل : بل هي على بابها ، أي نريه ذلك ليكون عالما وموقنا .
- القرطبى : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
قوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين قوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض أي ملك ، وزيدت الواو والتاء للمبالغة في الصفة . ومثله الرغبوت والرهبوت والجبروت . وقرأ أبو السمال العدوي " ملكوت " بإسكان اللام . ولا يجوز عند سيبويه حذف الفتحة لخفتها ، ولعلها لغة . ونري بمعنى أرينا ; فهو بمعنى المضي . فقيل : أراد به ما في السماوات من عبادة الملائكة والعجائب وما في الأرض من عصيان بني آدم ; فكان يدعو على من يراه يعصي فيهلكه الله ، فأوحى الله إليه يا إبراهيم أمسك عن عبادي ، أما علمت أن من أسمائي الصبور . روى معناه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : كشف الله له عن السماوات والأرض حتى العرش وأسفل الأرضين . وروى ابن جريج عن القاسم عن إبراهيم النخعي قال : فرجت له السماوات السبع فنظر إليهن حتى انتهى إلى العرش ، وفرجت له الأرضون فنظر إليهن ، ورأى مكانه في الجنة ; فذلك قوله : وآتيناه أجره في الدنيا عن السدي . وقال الضحاك : أراه من ملكوت السماء ما قصه من الكواكب ، ومن ملكوت الأرض البحار والجبال والأشجار ، ونحو ذلك مما استدل به . وقال بنحوه ابن عباس . وقال : جعل حين ولد في سرب وجعل رزقه في أطراف أصابعه فكان يمصها ، وكان نمروذ اللعين رأى رؤيا فعبرت له أنه يذهب ملكه على يدي مولود يولد ; فأمر بعزل الرجال عن النساء . وقيل : أمر بقتل كل مولود ذكر . وكان آزر من المقربين عند الملك نمروذ فأرسله يوما في بعض حوائجه فواقع امرأته فحملت بإبراهيم . وقيل : بل واقعها في بيت الأصنام فحملت وخرت الأصنام على وجوهها حينئذ ; فحملها إلى بعض الشعاب حتى ولدت إبراهيم ، وحفر لإبراهيم سربا في الأرض ووضع على بابه صخرة لئلا تفترسه السباع ; وكانت أمه تختلف إليه فترضعه ، وكانت تجده يمص أصابعه ، من أحدها عسل ومن الآخر ماء ومن الآخر لبن ، وشب فكان على سنة مثل ابن ثلاث سنين . فلما أخرجه من السرب توهمه الناس أنه ولد منذ سنين ; فقال لأمه : من ربي ؟ فقالت أنا . فقال : ومن ربك ؟ قالت أبوك . قال : ومن ربه ؟ قالت نمروذ . قال : ومن ربه ؟ فلطمته ، وعلمت أنه الذي يذهب ملكهم على يديه . والقصص في هذا تام في قصص الأنبياء للكسائي ، وهو كتاب مما يقتدى به . وقال بعضهم : كان مولده بحران ولكن أبوه نقله إلى أرض بابل . وقال عامة السلف من أهل العلم : ولد إبراهيم في زمن النمروذ بن كنعان بن سنجاريب بن كوش بن سام بن نوح . وقد مضى ذكره في " البقرة " . وكان بين الطوفان وبين مولد إبراهيم ألف ومائتا سنة وثلاث وستون سنة ; وذلك بعد خلق آدم بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة سنة وثلاثين سنة .
قوله تعالى وليكون من الموقنين أي وليكون من الموقنين أريناه ذلك ; أي الملكوت .
- الطبرى : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
القول في تأويل قوله : وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وكذلك " ، وكما أريناه البصيرة في دينه، والحقّ في خلافه ما كانوا عليه من الضلال, (14) نريه ملكوت السماوات والأرض = يعني ملكه. (15)
* * *
وزيدت فيه " التاء " كما زيدت في" الجبروت " من " الجبر " (16) وكما قيل: " رَهَبوتٌ خيرٌ من رَحَمُوت ", بمعنى: رهبة خير من رحمة. (17) وحكي عن العرب سماعًا: " له مَلَكوت اليمنِ والعراق "، بمعنى: له ملك ذلك.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " .
فقال بعضهم: معنى ذلك: نريه خلقَ السماوات والأرض.
* ذكر من قال ذلك:
13441- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: " نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، أي: خلق السماوات والأرض .
13442 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، أي: خلق السماوات والأرض =" وليكون من الموقنين ".
13443- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، يعني ب " ملكوت السماوات والأرض "، خلق السماوات والأرض.* * *
وقال آخرون: معنى "
الملكوت " الملك، بنحو التأويل الذي تأوّلناه. (18)* ذكر من قال ذلك:
13444 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عمر بن أبي زائدة قال: سمعت عكرمة, وسأله رجل عن قوله: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: هو الملك, غير أنه بكلام النبط: " ملكوتَا ". (19)13445 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن ابن أبي زائدة, عن عكرمة قال: هي بالنبطية: "
ملكوتَا ".* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: آيات السماوات والأرض.
* ذكر من قال ذلك:
13446- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد: "
نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: آيات السماوات والأرض.13447- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: آيات .13448 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: تفرجت لإبراهيم السماوات السبعُ حتى العرش, فنظر فيهنّ ، وتفرَّجت له الأرضون السبع, فنظر فيهنّ.13449 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين "، قال: أقيم على صخرة وفتحت له السماوات, فنظر إلى ملك الله فيها، حتى نظر إلى مكانه في الجنة. وفتحت له الأرضون حتى نظَر إلى أسفل الأرض, فذلك قوله: وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا [سورة العنكبوت : 27] ، يقول: آتيناه مكانه في الجنّة، ويقال: أَجْرَهُ الثناء الحسن.13450- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد قوله: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: فرجت له السماوات فنظر إلى ما فيهنّ، حتى انتهى بصره إلى العرش، وفرجت له الأرضون السبع فنظر ما فيهنّ.13451 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن سالم, عن سعيد بن جبير: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: كشف له عن أدِيم السماواتِ والأرض، حتى نظر إليهن على صخرة, والصخرةُ، على حوت, والحوت على خاتم ربّ العِزّة لا إله إلا الله. (20)13452 - حدثنا هناد وابن وكيع قالا حدثنا أبو معاوية, عن عاصم, عن أبي عثمان, عن سلمان قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض, رأى عبدًا على فاحشة, فدعا عليه، فهلك. ثم رأى آخر على فاحشة, فدعا عليه فهلك. ثم رأى آخر على فاحشة, فدعا عليه فهلك. فقال: أنـزلوا عبدِي لا يُهْلِك عبادِي !
13453- حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة, عن سفيان, عن طلحة بن عمرو, عن عطاء قال: لما رفع الله إبراهيم في الملكوت في السماوات, أشرفَ فرأى عبدًا يزني, فدعا عليه، فهلك. ثم رُفع فأشرف، فرأى عبدًا يزني, فدعا عليه، فهلك. ثم رفع فأشرف، فرأى عبدًا يزني, فدعا عليه, فنودي: على رِسْلِك يا إبراهيم، فإنك عبد مستجابٌ لك، وإني من عبدي على ثلاث: إما أن يتوب إليّ فأتوب عليه, وإما أن أخرج منه ذرية طيبة, وإما أن يتمادى فيما هو فيه, فأنا من ورائه.
13454- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي ومحمد بن جعفر وعبد الوهاب, عن عوف, عن أسامة: أن إبراهيم خليل الرّحمن حدَّث نفسه أنه أرحمُ الخلق, وأن الله رفعه حتى أشرفَ على أهل الأرض, فأبصر أعمالهم. فلما رآهم يعملون بالمعاصي قال: اللهم دمِّر عليهم! فقال له ربه: أنا أرحم بعبادي منك, اهبطْ، فلعلهم أن يتوبوا إليّ ويُراجِعوا. (21)
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك، ما أخبر تعالى أنه أراه من النُّجوم والقمر والشمس.
* ذكر من قال ذلك:
13455 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر, عن جويبر, عن الضحاك: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: الشمس والقمر والنجوم .13456 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، قال: الشمس والقمر.13457 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، يعني به: الشمس والقمر والنجوم. (22)13458 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: خُبِّئ إبراهيم صلى الله عليه وسلم من جبار من الجبابرة, فجُعِل له رزقه في أصابعه, فإذا مصّ أصبعًا من أصابعه وَجَد فيها رزقًا. فلما خرج، أراه الله ملكوت السماوات والأرض. فكان ملكوت السماوات: الشمس والقمر والنجوم, وملكوت الأرض: الجبال والشجر والبحار.
13459- حدثنا بشر بن معاذ، قال، حدثنا يزيد قال، (23) حدثنا سعيد, عن قتادة: ذكر لنا أن نبيّ الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فُرَّ به من جبَّار مُتْرَف, (24) فجعل في سَرَبٍ, (25) وجعل رزقه في أطرافه, فجعل لا يمصُّ إصبعًا من أصابعه إلا وجد فيها رزقًا. فلما خرج من ذلك السَّرَب، أراه الله ملكوت السماوات, فأراه شمسًا وقمرًا ونجومًا وسحابًا وخلقًا عظيمًا، وأراه ملكوت الأرض, فأراه جبالا وبحورًا وأنهارًا وشجرًا ومن كلّ الدواب وخلقًا عظيمًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب, قولُ من قال: عنى الله تعالى ذكره بقوله: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "، أنه أراه ملك السماوات والأرض, وذلك ما خلق فيهما من الشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب وغير ذلك من عظيم سلطانه فيهما, وجلَّى له بواطنَ الأمور وظواهرَها، لما ذكرنا قبل من معنى " الملكوت "، في كلام العرب، فيما مضى قبل. (26)* * *
وأما قوله: "
وليكون من الموقنين "، فإنه يعني أنه أراه ملكوت السماوات والأرض، ليكون ممن يقرّ بتوحيد الله, (27) ويعلم حقيقة ما هداه له وبصّره إياه، (28) من معرفة وحدانيته، وما عليه قومه من الضلالة، من عبادتهم الأصنام، واتخاذهم إياها آلهة دون الله تعالى. (29)* * *
وكان ابن عباس يقول في تأويل ذلك, ما:-
13460 - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: "
وليكون من الموقنين "، أنه جلَّى له الأمر سرَّه وعلانيتَه, فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق. فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب, قال الله: إنك لا تستطيع هذا! فردَّه الله كما كان قبل ذلك.* * *
فتأويل ذلك على هذا التأويل: أريناه ملكوت السماوات والأرض ليكون ممن يوقن علم كل شيء حسًّا لا خبرًا.
13461 - حدثني العباس بن الوليد قال، أخبرني أبي قال، حدثنا ابن جابر قال، وحدثنا الأوزاعيُّ أيضًا = قال: حدثني خالد بن اللجلاج قال: سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرميّ يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداةٍ, فقال له قائل: ما رأيتك أسفرَ وجهًا منك الغداة! (30) قال: ومالي، وقد تبدّى لي ربّي في أحسن صورة, (31) فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى، (32) يا محمد؟ قلت: أنت أعلم [يا رب] ! (33) فوضع يده بين كتفي فوجدت بردَها بين ثدييّ، (34) فعلمت ما في السماوات والأرض. (35) ثم تلا هذه الآية: "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ". (36)-------------------
الهوامش :
(14) في المطبوعة: "
في خلاف ما كانوا عليه من الضلال". وفي المخطوطة: "في خلافه بما كانوا عليه من الضلال" ، وبينهما بياض ، وفي الهامش حرف (ط) دلالة على الخطأ ، وظني أن الناسخ أشكل عليه الكلام فترك البياض ، والكلام موصول صحيح المعنى.(15) في المخطوطة: "
يعني ملكوت وزيدت فيه" بينهما بياض أيضًا ، والذي في المطبوعة صحيح المعنى.(16) في المخطوطة: "
من الجبروة" ، والصواب ما في المطبوعة.(17) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة1: 197 ، 198.
(18) في المخطوطة: "
وبنحو الذي تأولناه" ، وفي الهامش"التأويل" ، وعليها علامة"صح" ، وفي الجهة الأخرى من السطر (كذا) بالحمرة ، والذي في المطبوعة أشبه بالصواب ، إلا أنه كتب"الذي أولناه" ، والصواب ما في المخطوطة.(19) الأثر: 13444 ، 13445 -"
عمر بن أبي زائدة الهمداني الوادعي" ، وهو"ابن أبي زائدة" في الإسناد الثاني ، هو أخو"زكريا بن أبي زائدة" ، وهو الأكبر. و"زكريا" أخوه أعلى منه بكثير. وهو ثقة ، ولكنه كان يرى القدر ، وهو في الحديث مستقيم. مترجم في التهذيب.(20) قد مضى قولنا في هذا الضرب من الأخبار التي لا حجة فيها من الصادق صلى الله عليه وسلم.
(21) في المطبوعة: "
ويرجعوا" ، والصواب الجيد من المخطوطة.(22) في المطبوعة: "
يعني به: نريه الشمس" ، وزاد"نريه" ، وليست في المخطوطة.(23) في المطبوعة ، سقط"
قال حدثنا يزيد".(24) في المخطوطة: "
قربه جبار مترف" ، وأما ما في المطبوعة ، فهو نص ما في الدر المنثور 3: 25.(25) "
السرب" (بفتحتين): حفير في الأرض ، كالسرداب.(26) انظر ما سلف ص: 470 وما بعدها.
(27) في المطبوعة والمخطوطة: "
ممن يتوحد بتوحيد الله" ، وهو كلام لا معنى له ، صوابه ما أثبت. وإنما هو خطأ من عجلة الناسخ ، واستظهرته من معنى"يوقن" فيما سلف 10: 394.(28) في المطبوعة: "
ويعلم حقية ما هداه له" ، فعل بها ما فعل بصواحباتها ، كما سلف قريبًا: ص: 465 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(29) انظر تفسير"
أيقن" فيما سلف 10: 394 ، 395.(30) في المطبوعة والمخطوطة: "
ما رأيت أسعد منك اليوم" ، وهو خطأ ، صوابه من منتخب ذيل المذيل لأبي جعفر الطبري ، تاريخه 13: 59 ، حيث روى الخبر بتمامه هناك. وقوله: "أسفر وجهًا منك الغداة" ، يعني: أحسن إشراقًا وإضاءة ، يقال: "سفر وجهه حسنا ، وأسفر" ، إذا أشرق وأضاء ، ومنه في التنزيل العزيز: "وجوه يومئذ مسفرة".(31) في المطبوعة: "
ما لي قد أتاني ربي" ، وفي المخطوطة: "ومالي وقد ستاني ربي" غير منقوطة ، محرفة ، صوابها من ذيل المذيل لأبي جعفر.(32) في المطبوعة: "
ففيم يختصم" لم يحسن قراءة المخطوطة ، وهو الموافق لما في ذيل المذيل.(33) زيادة ما بين القوسين من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل.
(34) قوله: "
فوجدت بردها بين ثديي"؛ أسقطه ناشر المطبوعة ، لأنه كان في المخطوطة هكذا: "فوضع يده بين كتفي ، ثديي" ، أسقط الناسخ ما بين الكلامين ، والصواب زيادته من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل.(35) في ذيل المذيل: "
ما في السماء والأرض".(36) الأثر: 13461 - هذا خبر مشكل جدًّا ، كما سترى بعد ، وكان في المخطوطة والمطبوعة محرفًا أشد التحريف ، وكان إسناده أشد تحريفًا ، ولكني صححته بعون الله تعالى ذكره ، من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل (تاريخ الطبري 13: 59 ، 60).
"
العباس بن الوليد بن مزيد العذري الآملي البيروتي" شيخ الطبري ، ثقة ، روى عنه كثيرًا مضى برقم: 891 ، 11014 ، 11821 . وأبوه: "الوليد بن مزيد العذري البيروتي" ، ثقة؛ مضى برقم: 11821. قال الأوزاعي شيخه: "كتبه صحيحة" ، وقال النسائي: "هو أحب إلينا في الأوزاعي من الوليد بن مسلم ، لا يخطئ ، ولا يدلس". و"ابن جابر" هو: "عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي ، ثقة ، روى له الجماعة ، روى عنه الأوزاعي ، والوليد بن مزيد البيروتي ، وغيرهما. ومضى برقم: 6655. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أبو جابر" ، وهو خطأ ، صوابه من ذيل المذيل وغيره.و"خالد بن اللجلاج العامري" ، كان ذا سن وصلاح ، جريء اللسان على الملوك ، في الغلظة عليهم. قال البخاري: "سمع عمر بن الخطاب ، وأباه". وقال ابن أبي حاتم: "روي عن عمر ، مرسل ، وعن أبيه ، ولأبيه صحبة ، وعن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي" وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. مترجم في التهذيب ، والكبير2/1/156 ، وابن أبي حاتم 1/2/349. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "خالد الحلاج" ، وهو خطأ صرف. وأما "عبد الرحمن بن عائش الحضرمي" ، فأمره وأمر صحبته مشكل من قديم ، وسيأتي ذكر ذلك. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عبد الرحمن بن عياش" ، وحذف ناشر المطبوعة"الحضرمي" ، وهي ثابتة في المخطوطة. والصواب من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل. ولكن أعجب العجب أنه جاء كذلك في المسند 5: 243: "عبد الرحمن بن عياش الحضرمي" ، مع أني لم أجد أحدًا ذكر في ترجمته خلافًا في اسم أبيه"عائش" ، فمن عجيب الاتفاق ، وهو قليل مثله ، أن يأتي كذلك في مخطوطة الطبري والمسند جميعًا ، وهو اتفاق عجيب على الخطأ في كتابين متباينين. والذي في المسند خطأ لا شك فيه أيضًا ، لأني وجدت ابن كثير في تفسيره 7: 220 ، ونقل الخبر عن هذا الموضع من مسند أحمد ، وفيه"عبد الرحمن بن عائش" على الصواب. وتحريف"عائش" إلى"عياش" جائز قريب ، لشهرة"عياش" وكثرة من تسمى به ، ولخفاء"عائش" وندرة من تسمى به. و"عبد الرحمن بن عائش الحضرمي" مترجم في التهذيب ، وفي ابن سعد 7/2/150 ، في الصحابة ، وفي ذيل المذيل للطبري (13: 59 ، 60) ، وفي الاستيعاب لابن عبد البر: 399 ، وابن أبي حاتم 2/2/262 ، وأسد الغابة 3: 303 ، 304 ، وفي الإصابة ، وفي ميزان الاعتدال 2: 108. و"عبد الرحمن بن عائش" مختلف في صحبته ، فممن صرح بصحبته ، ابن سعد ، وابن جرير في ذيل المذيل ، وابن حبان أما ابن عبد البر في الاستيعاب ، وابن الأثير في أسد الغابة ، فذكر أنه لا تصح صحبته ، لأن حديثه مضطرب. وأما أبو حاتم فقال: "أخطأ من قال: له صحبة ، هو عندي تابعي". أما أبو زرعة فقال: "عبد الرحمن بن عائش ، ليس بمعروف". وعد الحافظ ابن حجر في الإصابة من عده في الصحابة فقال: "وذكره في الصحابة: محمد بن سعد ، والبخاري ، وأبو زرعة الدمشقي ، وأبو الحسن بن سميع ، وأبو القاسم ، والبغوي ، وأبو زرعة الحراني ، وغيرهم". وقد استوفى الكلام في ترجمته في الإصابة وقال البخاري: "له حديث واحد ، إلا أنهم مضطربون فيه" ، يعني هذا الحديث. قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: "قلت: وقد وجدت له حديثًا آخر مرفوعًا ، وحديثا آخر موقوفًا" وهذا الخبر رواه أبو جعفر في ذيل المذيل (تاريخه 13: 59 ، 60) بهذا الإسناد ، وأشار إليه الترمذي في تفسير"سورة ص" من سننه (12: 116 ، 117 شرح ابن عربي) ، بعد أن ذكر حديث معاذ بن جبل ، من طريق زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي أنه حدثه عن مالك بن يحامر السكسكي ، عن معاذ بن جبل ، وذكر الحديث ="قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح ، سألت محمد بن إسمعيل (البخاري) عن هذا الحديث فقال: هذا أصح من حديث الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال ، حدثنا خالد بن اللجلاج ، حدثني عبد الرحمن بن عائش الحضرمي ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث ، وهذا غير محفوظ ، هكذا ذكر الوليد في حديثه عن عبد الرحمن بن عائش قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى بشر بن بكر ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر هذا الحديث بهذا الإسناد ، عن عبد الرحمن بن عائش ، عن النبي صلى الله عليه وسلم = وهذا أصح ، وعبد الرحمن بن عائش لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم". وقد استوفى الحافظ ابن حجر في الإصابة ، في ترجمة"عبد الرحمن بن عائش" وجوه الاختلاف والاضطراب في هذا الخبر ، وما قالوه في الكتب التي ذكرتها من أنه لم يقل في حديثه: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم" ، إلا الوليد بن مسلم. وقد ذكر أن الوليد بن مسلم لم ينفرد برواية ذلك ، بل رواه أيضًا ثقة ثبت عن الأوزاعي ، صحيح الحديث عنه ، هو"الوليد بن مزيد البيروتي" بمثل رواية"الوليد بن مسلم" ، وإذن فالاضطراب فيه لم يأت من طريق"الوليد بن مسلم". وذكر الحافظ سائر المتابعات التي تؤيد الوليد بن مسلم في روايته. وأما الخبر بغير هذا الإسناد ، فقد رواه أحمد في مسنده 5: 243 ، والترمذي ، كما أشرت إليه آنفًا. ثم رواه أحمد من حديث ابن عباس في مسنده رقم: 3484 ، بمثله. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 5: 319 - 321 من حديث جماعة من الصحابة ، من حديث ابن عباس ، ومعاذ بن جبل ، وأبي هريرة ، وأنس بن مالك ، وأبي أمامة الباهلي ، وطارق بن شهاب ، وعدي بن حاتم ، وأبي عبيدة بن الجراح ، وثوبان. وهذا قدر كاف في تخريج هذا الخبر المضطرب ، تراجع فيه سائر الكتب التي ذكرتها. وكتبه محمود محمد شاكر.
- ابن عاشور : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
عطف على جملة : { قال إبراهيم لأبيه آزرَ أتتّخذ أصناماً آلهة } [ الأنعام : 74 ]. فالمعنى وإذ نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض إراءة لا إراءة أوضح منها في جنسها والإشارة بقوله : { وكذلك } إلى الإراء المأخوذ من قوله { نُري إبراهيم } أي مثل ذلك الإراء العجيب نُري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض . وهذا على طريقة قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمَّة وسطاً } [ البقرة : 143 ]. وقد تقدّم بيانه في سورة البقرة ، فاسم الإشارة في مثل هذا الاستعمال يلازم الإفراد والتذكير لأنَّه جرى مجرى المثل .
وقوله : { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض } إشارة إلى حجّة مستنبطة من دلالة أحوال الموجودات على وجود صانعها .
والرؤية هنا مستعملة للانكشاف والمعرفة ، فالإراءة بمعنى الكشف والتعريف ، فتشمل المبصرات والمعقولات المستدلّ بجميعها على الحق وهي إراءة إلهام وتوفيق ، كما في قوله تعالى : { أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض } [ الأعراف : 185 ] ، فإبراهيم عليه السلام ابتُدىء في أوّل أمره بالإلهام إلى الحقّ كما ابتدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرؤية الصادقة . ويجوز أن يكون المراد بالإراءة العلم بطريق الوحي . وقد حصلت هذه الإراءة في الماضي فحكاها القرآن بصيغة المضارع لاستحضار تلك الإراءة العجيبة كما في قوله تعالى : { الله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا } [ فاطر : 9 ].
والملكوت اتَّفق أئمَّة اللغة على أنَّه مصدر كالرَغَبُوت والرّحَمُوت والرّهَبُوت والجَبَرُوت . وقالوا : إنّ الواو والتاء فيه للمبالغة . وظاهره أنّ معناه المِلك بكسر الميم لأنّ مصدر مَلك المِلك بكسر الميم ولمَّا كان فيه زيادة تفيد المبالغة كان معناه المِلك القوي الشديد . ولذلك فسَّره الزمخشري بالربوبية والإلهية . وفي «اللسان» : مُلْك الله وملكوته سلطانُه ولفلان ملكوت العراق ، أي سلطانه ومُلكه . وهذا يقتضي أنَّه مرادف للمُلك بضمّ الميم وفي طبعة «اللسان» في بولاق رُقمت على ميم مُلكه ضمّة .
وفي «الإتقان» عن عكرمة وابن عبَّاس : أنّ الملكوت كلمة نَبَطِيَّة . فيظهر أنّ صيغة ( فعلوت ) في جميع الموارد التي وردت فيها أنَّها من الصيغ الدخيلة في اللغة العربية ، وأنَّها في النبطيّة دالَّة على المبالغة ، فنقلها العرب إلى لغتهم لِما فيها من خصوصية القوّة . ويستخلص من هذا أنّ الملكوت يطلق مصدراً للمبالغة في المِلك ، وأنّ المُلك ( بالضمّ ) لما كان مِلكاً ( بالكسر ) عظيماً يطلق عليه أيضاً المَلَكُوت . فأمَّا في هذه الآية فهو مجاز على كلا الإطلاقين لأنَّه من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول ، وهو المملوك ، كالخَلق على المخلوق ، إمَّا من المِلك بكسر الميم أو من المُلك بضمِّها .
وإضافة ملكوت السماوات والأرض على معنى ( في ). والمعنى ما يشمله المُلك أو الملك ، والمُراد مُلك الله . والمعنى نكشف لإبراهيم دلائل مخلوقاتنا أو عظمة سلطاننا كشفاً يطلعه على حقائقها ومعرفة أن لا خالق ولا متصرّف فيما كشفنا له سوانا .
وعُطِف قوله : { وليَكون من الموقنين } على قوله : { وكذلك } لأنّ { وكذلك } أفاد كون المشبَّه به تعليماً فائقاً . ففهم منه أنّ المشبَّه به علّة لأمر مهمّ هو من جنس المشبَّه به . فالتقدير : وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض إراء تبصير وفهم ليَعْلم علماً على وفق لذلك التفهيم ، وهو العلم الكامل وليكون من الموقنين . وقد تقدّم بيان هذا عند تفسير قوله تعالى : { وكذلك نفصِّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين } في هذه السورة [ 56 ].
والموقن هو العالم علماً لا يقبل الشكّ ، وهو الإيقان . والمراد الإيقان في معرفة الله تعالى وصفاته . وقوله : وليكون من الموقنين } أبلغ من أن يقال : وليكون موقناً كما تقدّم عند قوله تعالى : { قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين } في هذه السورة [ 56 ].
- إعراب القرآن : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
«وَكَذلِكَ» الكاف حرف جر واسم الإشارة في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر مقدر والتقدير : نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض رؤية كرؤية ضلال أبيه ، والواو قبلهما اعتراضية. «نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ» فعل مضارع ، فاعله نحن وإبراهيم مفعوله الأول ، وملكوت مفعوله الثاني «السَّماواتِ» مضاف إليه. «وَالْأَرْضِ» عطف «وَلِيَكُونَ» مضارع ناقص منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل ، والمصدر المؤول من أن والفعل الناقص في محل جر باللام ، والجار والمجرور معطوفان على معطوف مقدر محذوف أي : فعلناه ليؤمن وليوقن. «مِنَ الْمُوقِنِينَ» متعلقان بمحذوف خبر يكون وجملة «وَكَذلِكَ نُرِي ..» اعتراضية لا محل لها.
- English - Sahih International : And thus did We show Abraham the realm of the heavens and the earth that he would be among the certain [in faith]
- English - Tafheem -Maududi : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ(6:75) And thus We showed Abraham the kingdom of the heavens and the earth, *51 so that he might become one of those who have sure faith. *52. The adversaries are told that they can observe God's signs in the phenomena of the universe, just as Abraham could. The difference is that they see nothing, as if they were blind, whereas Abraham saw with open eyes. The sun, moon and stars which rise and set before their eyes day after day and night after night witness them as misguided at their setting as at their rising. Yet the same signs were observed by the perceptive Abraham, and the physical phenomena helped him arrive at the Truth.
- Français - Hamidullah : Ainsi avons-Nous montré à Abraham le royaume des cieux et de la terre afin qu'il fût de ceux qui croient avec conviction
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und so zeigten Wir Ibrahim das Reich der Himmel und der Erde - und damit er zu den Überzeugten gehöre
- Spanish - Cortes : Y así mostramos a Abraham el reino de los cielos y de la tierra para que fuera de los convencidos
- Português - El Hayek : E foi como mostramos a Abraão o reino dos céus e da terra para que se contasse entre os persuadidos
- Россию - Кулиев : Так Мы показали Ибрахиму Аврааму царство небес и земли дабы он стал одним из убежденных
- Кулиев -ас-Саади : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
Так Мы показали Ибрахиму (Аврааму) царство небес и земли, дабы он стал одним из убежденных.Мы показали Ибрахиму, что такое власть над небесами и землей, вдохновив его поклоняться одному Аллаху и призывать людей к единобожию. Мы позволили ему увидеть неопровержимые доказательства и убедительные свидетельства, дабы он обрел твердую убежденность, потому что убежденность и знания зависят от доказательств, которые человеку удается найти.
- Turkish - Diyanet Isleri : Yakinen bilenlerden olması için İbrahim'e göklerin ve yerin hükümranlığını şöylece gösteriyorduk
- Italiano - Piccardo : Così mostrammo ad Abramo il regno dei cieli e della terra affinché fosse tra coloro che credono con fermezza
- كوردى - برهان محمد أمين : بهو شێوهیهش دهسهڵاتی تۆکمهمان له ئاسمانهکان و زهویدا نیشانی ئیبراهیم دهدهین بۆ ئهوهی بهڵگه بهدهست بێت و له ڕیزی دڵنیاکاندا بێت
- اردو - جالندربرى : اور ہم اس طرح ابراہیم کو اسمانوں اور زمین کے عجائبات دکھانے لگے تاکہ وہ خوب یقین کرنے والوں میں ہوجائیں
- Bosanski - Korkut : I Mi pokazasmo Ibrahimu carstvo nebesa i Zemlje da bi čvrsto vjerovao
- Swedish - Bernström : Vi visade nu Abraham [Vårt] herravälde över himlarna och jorden för att han skulle bli fullt övertygad
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan demikianlah Kami perlihatkan kepada Ibrahim tandatanda keagungan Kami yang terdapat di langit dan bumi dan Kami memperlihatkannya agar dia termasuk orang yang yakin
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
(Dan demikianlah) sebagaimana apa yang telah Kami perhatikan kepada Ibrahim, yaitu ia menganggap sesat ayahnya dan kaum ayahnya (Kami perlihatkan kepada Ibrahim kerajaan) kekuasaan (langit dan bumi) agar ia dapat mengambil kesimpulan tentang keesaan-Ku (dan agar dia termasuk orang-orang yang yakin) terhadap tanda-tanda keagungan Kami itu. Jumlah wakadzaalika serta jumlah yang sesudahnya adalah jumlah I`tiradhiah yang diathafkan kepada Lafal qaala.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আমি এরূপ ভাবেই ইব্রাহীমকে নভোমন্ডল ও ভুমন্ডলের অত্যাশ্চর্য বস্তুসমূহ দেখাতে লাগলামযাতে সে দৃঢ় বিশ্বাসী হয়ে যায়।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அவர் உறுதியான நம்பிக்கையுடையவராய் ஆகும் பொருட்டு வானங்கள் பூமி இவற்றின் ஆட்சியை இப்றாஹீமுக்கு இவ்வாறு காண்பித்தோம்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และในทำนองนั้นแหละ เราจะให้อิบรอฮีมเห็นอำนาจอันยิ่งใหญ่ ในบรรดาชั้นฟ้า และแผ่นดินและเพื่อเขาจะได้เป็นผู้หนึ่งในหมู่ผู้เชื่อมั่นทั้งหลาย
- Uzbek - Мухаммад Содик : Худди шундай қилиб Иброҳимга аниқ ишонувчилардан бўлиши учун осмонлару ернинг мулкларини кўрсатамиз Яъни Иброҳимга худди отаси ва унинг қавми очиқойдин адашувда эканлигини соф қалби ва онги ила кўрсатганимиздек унга ушбу соф қалб ва онг ила осмонлару ердаги мулкларни улардаги сиру асрорларни ҳам кўрсатамиз
- 中国语文 - Ma Jian : 我这样使易卜拉欣看见天地的国权,以便他成为坚信的人。
- Melayu - Basmeih : Dan demikianlah Kami perlihatkan kepada Nabi Ibrahim kebesaran dan kekuasaan Kami di langit dan di bumi dan supaya menjadilah ia dari orangorang yang percaya dengan sepenuhpenuh yakin
- Somali - Abduh : Saasaan u Tusinnay Ibraahim Xukunka Samooyinka iyo Dhulka inuu ka Mid Noqdo kuwa Yaqiiniya Xaqa
- Hausa - Gumi : Kuma kamar wancan ne Muke nũna wa Ibrãhĩma mulkin sammai da ƙasa kuma dõmin ya kasance daga mãsu yaƙĩni
- Swahili - Al-Barwani : Na kadhaalika tulimwonyesha Ibrahim ufalme wa mbingu na ardhi na ili awe miongoni mwa wenye yakini
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dhe Na ia treguam Ibrahimit perandorinë e qiejve dhe të Tokës për t’u bërë nga ata që besojnë vendoshmërisht
- فارسى - آیتی : بدين سان به ابراهيم ملكوت آسمانها و زمين را نشان داديم تا از اهل يقين گردد.
- tajeki - Оятӣ : Ба ин тарз ба Иброҳим корхонаи осмонҳову заминро нишон додем, то аз аҳли яқин гардад.
- Uyghur - محمد صالح : ئىبراھىمنىڭ (تەۋھىد بارىسىدا) قەتئىي ئىشەنگۈچىلەردىن بولۇشى ئۈچۈن، (ئۇنىڭغا ئاتىسى بىلەن قەۋمنىڭ گۇمراھلىقىنى كۆرسەتكىنىمىزدەك) بىز ئىبراھىمغا ئاسمانلارنىڭ، زېمىننىڭ ئاجايىپلىرىنى كۆرسەتتۇق
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അവ്വിധം തന്നെയാണ് ഇബ്റാഹീമിനു നാം ആകാശഭൂമികളിലെ നമ്മുടെ ആധിപത്യവ്യവസ്ഥ കാണിച്ചുകൊടുത്തത്. അദ്ദേഹം അടിയുറച്ച സത്യവിശ്വാസിയാകാന്.
- عربى - التفسير الميسر : وكما هدينا ابراهيم عليه السلام الى الحق في امر العباده نريه ما تحتوي عليه السموات والارض من ملك عظيم وقدره باهره ليكون من الراسخين في الايمان
**51). The adversaries are told that they can observe God's signs in the phenomena of the universe, just as Abraham could. The difference is that they see nothing, as if they were blind, whereas Abraham saw with open eyes. The sun, moon and stars which rise and set before their eyes day after day and night after night witness them as misguided at their setting as at their rising. Yet the same signs were observed by the perceptive Abraham, and the physical phenomena helped him arrive at the Truth.
*52). To obtain a full understanding of this section, as well as of those verses which mention the dispute between Abraham and his people, it is necessary to cast a glance at the religious and cultural condition of the latter. Thanks to recent archaeological discoveries, not only has the, city where Abraham is said to have been born been located, but a good deal of information is also available about the condition of the people of that area during the Abrahamic period. We reproduce below a summary of the conclusions which Sir Leonard Wooley arrived at as a result of the researches embodied in his work, Abraham (London, 1935).
It is estimated that around 2100 B.C., which is now generally accepted by scholars as the time of the advent of Abraham, the population of the city of Ur was at least two hundred and fifty thousand, maybe even five hundred thousand. The city was a large industrial and commercial metropolis. Merchandise was brought to Ur from places as far away as Palmir and Nilgiri in one direction, and in the other it had developed trade relations with Anatolia. The state, of which this city was the capital, extended a little beyond the boundaries of modern Iraq in the north, and exceeded its present borders further to the west. The great majority of the population were traders and craftsmen. The inscriptions of that period, which have been discovered in the course of archaeological research, make it clear that those people had a purely materialistic outlook on life. Their greatest concern was to earn the maximum amount of wealth and enjoy the highest degree of comfort and luxury. Interest was rampant among them and their devotion to money-making seemed all-absorbing. They looked at one another with suspicion and often resorted to litigation. In their prayers to their gods, too, they generally asked for longer life, prosperity and greater commercial success, rather than for spiritual growth, God's pardon and reward in the Hereafter.
The population comprised three classes of people: (1) amelu, the priests, the government and military officers; (2) mushkinu, the craftsmen and farmers; and (3) the slaves.
The people of the first class mentioned, i.e. amelu, enjoyed special privileges. In both criminaI and civil matters, their rights were greater than those of the others, and their lives and property were deemed to be of higher value. It was in such a city and in such a society that Abraham first saw the light of day. Whatever information we possess with regard to him and his family through the Talmud shows that he belonged to the amelu class and that his father was the highest functionary of the state. (See also Towards Understanding the Qur'an, vol. 1, Surah 2, n.290.)
In the inscriptions of Ur there are references to about five thousand deities. Each city had its own deity. Each city had a chief deity which it considered its chief protector and, therefore, that deity was considered worthy of greater reverence than all the others. 'The chief deity of Ur was Nannar (the moon god), and it is for this reason that the city later became known as Kamarina.* The other major city was Larsa, which replaced Ur as the capital of the kingdom. Its chief deity was Shamash (the sun god). Under these major deities there was a myriad of minor deities which had generally been chosen from among the heavenly bodies - stars and planets. People considered them responsible for granting their innumerable minor prayers. Idols had been carved in the image of these celestial and terrestrial gods and goddesses and were made objects of ritual worship.
*Qamar is the Arabic word for 'moon'- Ed.
The idol of Nannar had been placed in a magnificent building on the top of the highest hill. Close to it was the temple of Nin-Gal, the wife of Nannar. The temple of Nannar resembled a royal palace. Every night a female worshipper went to its bedroom, adorned as a bride. A great number of women had been consecrated in the name of this deity and their position was virtually that of religious prostitutes. The woman who would sacrifice her virginity for the sake of her 'god' was held in great esteem. For a woman to give herself to some unrelated person 'for the sake of God' was considered a means to salvation. Needless to say, it was generally the priests who made most use of this institution. Nannar was not merely a deity, but the biggest landlord, the biggest trader, the biggest industrialist and the most powerful ruler. Many orchards, buildings and huge estates had been consecrated to his temple. In addition to this, cereals, milk, gold, cloth, etc., were brought as offerings to the temple by peasants, landlords and merchants, and there was a large staff in the temple to receive the offerings. Many a factory had been established on behalf of the temple. Large-scale trading was also carried out on its behalf. All these activities were conducted by the priests in the name of the deity. Moreover, the country's main court was also located in the temple. The priests functioned as judges and their judgements were equated with those of God. The authority of the royal family was derived from Nannar. The concept was that Nannar was the true sovereign and that the ruler of the country governed merely on his behalf. Because of this relationship, the king himself was raised to the rank of a deity and was worshipped.
The founder of the dynasty which ruled over Ur at the time of Abraham was Ur-Nammu. In 2300 B.C. he had established an extensive kingdom, stretching from Susa in the east to Lebanon in the west. Hence the dynasty acquired the name 'Nammu', which became Nimrud in Arabic. After the emigration of Abraham, both the ruling dynasty and the nation of Ur were subjected to a succession of disasters. Firstly, the Elamites sacked Ur and captured Nimrud along with the idols of Nannar. Later on, an Elamite state was established in Larsa which governed Ur as well. Later still, Babylon prospered under a dynasty of Arabian origin and both Larsa and Ur came under its hegemony. These disasters shook the people of Ur's faith in Nannar, for he had failed to protect them.
It is difficult to say much, with certainty, about the extent of the subsequent impact of the teachings of Abraham on these people. The laws which were codified by the Babylonian King Hammurabi in 1910 B.C. show the impress of the prophetic influence, whether direct or indirect. An inscription of this code was discovered in 1902 by a French archaeologist and its English translation by C. H. W. John was published in 1903 under the title The Oldest Code of Law. Many articles of this code, both fundamental principles and substantive laws, bear some resemblance to the Mosaic Law.
If the conclusions of these archaeological researchers are correct, it becomes quite evident that polytheism did not consist merely of a set of religious beliefs and polytheistic rites, it rather provided the foundation on which the entire order of economic, cultural, political and social life rested. Likewise, the monotheistic mission which was undertaken by Abraham was not merely directed against the practice of idol-worship. It had far wider implications, so much so that it affected the position of the royal family both as rulers and deities. It also affected the social, economic and, political status and interests of the priestly class, and the aristocracy in general, and in fact the entire fabric of the social life of the kingdom. To accept the teaching of Abraham meant that the entire edifice of the existing society should be pulled down and raised anew on the basis of belief in the One God. Hence, as soon as Abraham launched his mission, ordinary people as well as the privileged classes, ordinary devotees as well as Nimrud. rose at once to oppose and suppress it.