- عربي - نصوص الآيات عثماني : ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
- عربى - نصوص الآيات : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون
- عربى - التفسير الميسر : الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم الطمأنينة والسلامة، وهم الموفقون إلى طريق الحق.
- السعدى : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
قال الله تعالى فاصلا بين الفريقين { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا } أي: يخلطوا { إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء، والهدايةُ إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها. ومفهوم الآية الكريمة، أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال والشقاء.
- الوسيط لطنطاوي : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
ثم بين- سبحانه- من هو الفريق الأحق بالأمن فقال- تعالى-:
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ أى: الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بأى لون من ألوان الشرك كما يفعله فريق المشركين حيث إنهم عبدوا الأصنام وزعموا أنهم ما عبدوها إلا ليتقربوا بها إلى الله زلفى، أولئك المؤمنون الصادقون لهم الأمن دون غيرهم لأنهم مهتدون إلى الحق وغيرهم في ضلال مبين.
هذا وقد وردت أحاديث صحيحة فسرت الظلم في هذه الآية بالشرك، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عبد اللَّه بن مسعود قال: لما نزلت الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قال الصحابة: وأينا لم يظلم نفسه؟ فنزلت إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ شق ذلك على الناس فقالوا يا رسول الله: فأينا لا يظلم نفسه؟ قال: «إنه ليس الذي تعنون. ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ إنما هو الشرك» .
قال الإمام الرازي: والدليل على أن هذا هو المراد أن هذه القصة من أولها إلى آخرها إنما وردت في نفى الشركاء والأضداد والأنداد، وليس فيها ذكر الطاعات والعبادات فوجب حمل الظلم ها هنا على ذلك» .
وقد فسر الزمخشري في كشافه الظلم بالمعصية فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أى لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم، وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس . أى: لأن لبس الإيمان بالشرك أى خلطه به مما لا يتصور لأنهما ضدان لا يجتمعان في رأى الزمخشري.
قال الشيخ القاسمى: وفهم الزمخشري هذا مدفوع بأنه يلابسه، لأنه إن أريد بالإيمان مطلق التصديق سواء كان باللسان أو غيره فظاهر أنه يجامع الشرك كالمنافق. وكذا إن أريد تصديق القلب لجواز أن يصدق بوجود الصانع دون وحدانيته لما في قوله- تعالى-: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ.
ولو أريد التصديق بجميع ما يجب التصديق به بحيث يخرج عن الكفر، فلا يلزم من لبس الإيمان بالكفر الجمع بينهما، بحيث يصدق عليه أنه مؤمن ومشرك، بل تغطيته بالكفر وجعله مغلوبا مضمحلا، أو اتصافه بالإيمان ثم الكفر، ثم الإيمان ثم الكفر مرارا» .
وقال صاحب الانتصاف: «وإنما يروم الزمخشري بذلك تنزيل الآية على معتقده في وجوب وعيد العصاة وأنهم لا حظ لهم في الأمن كالكفار. ويجعل هذه الآية تقتضي تخصيص الأمن بالجامعين بين الأمرين: الإيمان والبراءة من المعاصي. ونحن نسلم ذلك ولا يلزم أن يكون الخوف اللاحق للعصاة هو الخوف اللاحق للكفار، لأن العصاة من المؤمنين إنما يخافون العذاب المؤقت وهم آمنون من الخلود، وأما الكفار فغير آمنين بوجه ما» .
والذي نراه أنه مادام قد ورد عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قد فسر الظلم في الآية بالشرك فيجب أن نسلم به وأن نعض عليه بالنواجذ، واجتهاد الزمخشري هنا- لتأييد مذهبه- مجانب للصواب، لأنه لا اجتهاد مع النص. لا سيما وأن حديث عبد الله بن مسعود المتقدم قد خرجه الشيخان وغيرهما من أعلام السنة.
ثم بين- سبحانه- مظاهر فضله على نبيه إبراهيم- فقال- تعالى:
- البغوى : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
فقال الله تعالى قاضيا بينهما : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) لم يخلطوا إيمانهم بشرك ، ( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا إسحاق ثنا عيسى بن يونس أنا الأعمش أنا إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : لما نزلت : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) شق ذلك على المسلمين فقالوا : يا رسول الله فأينا لا يظلم نفسه؟ فقال : ليس ذلك ، إنما هو الشرك ، ألم تسمعوا إلى ما قال لقمان لابنه وهو يعظه : " يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " ؟ ( لقمان ، 13 ) .
- ابن كثير : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
قال الله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) أي : هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك ، له ، ولم يشركوا به شيئا هم الآمنون يوم القيامة ، المهتدون في الدنيا والآخرة .
قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) قال أصحابه : وأينا لم يظلم نفسه؟ فنزلت : ( إن الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان : 13 ]
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) شق ذلك على الناس وقالوا : يا رسول الله ، فأينا لا يظلم نفسه؟ قال : " إنه ليس الذي تعنون! ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) إنما هو الشرك "
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع وابن إدريس ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت : ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا : وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس كما تظنون ، إنما قال [ لقمان ] لابنه : ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )
وحدثنا عمر بن شبة النمري ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) قال : "
بشرك " .قال : وروي عن أبي بكر الصديق وعمر وأبي بن كعب وسلمان وحذيفة وابن عباس وابن عمر وعمرو بن شرحبيل وأبي عبد الرحمن السلمي ومجاهد وعكرمة والنخعي والضحاك وقتادة والسدي نحو ذلك .
وقال ابن مردويه : حدثنا الشافعي ، حدثنا محمد بن شداد المسمعي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : لما نزلت : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
قيل لي : أنت منهم "وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن يوسف ، حدثنا أبو جناب ، عن زاذان عن جرير بن عبد الله قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلما برزنا من المدينة ، إذا راكب يوضع نحونا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
كأن هذا الراكب إياكم يريد " . فانتهى إلينا الرجل ، فسلم فرددنا عليه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من أين أقبلت؟ " قال : من أهلي وولدي وعشيرتي . قال : " فأين تريد؟ " ، قال : أريد رسول الله . قال : " فقد أصبته " . قال : يا رسول الله ، علمني ما الإيمان؟ قال : " تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " . قال : قد أقررت . قال : ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جرذان ، فهوى بعيره وهوى الرجل ، فوقع على هامته فمات ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " علي بالرجل " . فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان فأقعداه ، فقالا يا رسول الله ، قبض الرجل! قال : فأعرض عنهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما رأيتما إعراضي عن الرجل ، فإني رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة ، فعلمت أنه مات جائعا " ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذا من الذين قال الله ، عز وجل : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) ثم قال : " دونكم أخاكم " . قال : فاحتملناه إلى الماء فغسلناه وحنطناه وكفناه ، وحملناه إلى القبر ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس على شفير القبر فقال : " الحدوا ولا تشقوا ، فإن اللحد لنا والشق لغيرناثم رواه أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن عبد الحميد بن جعفر الفراء ، عن ثابت ، عن زاذان ، عن جرير بن عبد الله ، فذكر نحوه ، وقال فيه : " هذا ممن عمل قليلا وأجر كثيرا "
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن موسى القطان ، حدثنا مهران بن أبي عمر حدثنا علي بن عبد الأعلى عن أبيه ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير ساره ، إذ عرض له أعرابي فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، لقد خرجت من بلادي وتلادي ومالي لأهتدي بهداك ، وآخذ من قولك ، وما بلغتك حتى ما لي طعام إلا من خضر الأرض ، فاعرض علي . فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقبل فازدحمنا حوله ، فدخل خف بكره في بيت جرذان ، فتردى الأعرابي ، فانكسرت عنقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صدق والذي بعثني بالحق ، لقد خرج من بلاده وتلاده وماله ليهتدي بهداي ويأخذ من قولي ، وما بلغني حتى ما له طعام إلا من خضر الأرض ، أسمعتم بالذي عمل قليلا وأجر كثيرا هذا منهم! أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون؟ فإن هذا منهم " [ وروى ابن مردويه من حديث محمد بن معلى - وكان نزل الري - حدثنا زياد بن خيثمة ، عن أبي داود ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أعطي فشكر ومنع فصبر وظلم فاستغفر وظلم فغفر " وسكت ، قالوا : يا رسول الله ما له؟ قال " : ( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) ]
وقوله : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ) أي : وجهنا حجته على قومه .
قال مجاهد وغيره : يعني بذلك قوله : ( وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن [ إن كنتم تعلمون ] ) وقد صدقه الله ، وحكم له بالأمن والهداية فقال : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )
- القرطبى : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون أي بشرك ; قاله أبو بكر الصديق وعلي وسلمان وحذيفة ، رضي الله عنهم . وقال ابن عباس : هو من قول إبراهيم ; كما يسأل العالم ويجيب نفسه . وقيل : هو من قول قوم إبراهيم ; أي أجابوا بما هو حجة عليهم ; قاله ابن جريج . وفي الصحيحين عن ابن مسعود : لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم
وهم مهتدون أي في الدنيا .
- الطبرى : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
القول في تأويل قوله : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الذي أخبر تعالى ذكره عنه أنه قال هذا القول = أعني: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " ، الآية.
فقال بعضهم: هذا فصلُ القضاء من الله بين إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم، وبين من حاجّه من قومه من أهل الشرك بالله, إذ قال لهم إبراهيم: وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ؟ فقال الله تعالى ذكره، فاصلا بينه وبينهم: الذين صدَّقوا الله وأخلصُوا له العبادة, ولم يخلطوا عبادتهم إياه وتصديقهم له بظلم (1) = يعني: بشرك (2) = ولم يشركوا في عبادته شيئًا, ثم جعلوا عبادتهم لله خالصًا، أحقّ بالأمن من عقابه مكروهَ عبادته ربَّه، (3) من الذين يشركون في عبادتهم إياه الأوثان والأصنامَ, فإنهم الخائفون من عقابه مكروه عبادتهم = أمَّا في عاجل الدنيا فإنهم وجِلون من حلول سخَط الله بهم, وأما في الآخرة، فإنهم الموقنون بأليم عذابِ الله.
* ذكر من قال ذلك:
13473 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، يقول الله تعالى ذكره: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، أي: الذين أخلصوا كإخلاص إبراهيم صلى الله عليه وسلم لعبادة الله وتوحيده =" ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، أي: بشرك =" أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "، الأمن من العذاب، والهدى في الحجة بالمعرفة والاستقامة. يقول الله تعالى ذكره: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ .
13474 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، قال فقال الله وقضى بينهم: "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك. قال: " أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "، فأما الذنوبُ فليس يبري منها أحدٌ.* * *
وقال آخرون: هذا جوابٌ من قوم إبراهيم صلى الله عليه وسلم لإبراهيم، حين قال لهم: "
أيُّ الفريقين أحق بالأمن " ؟ فقالوا له: الذين آمنوا بالله فوحّدوه أحق بالأمن، إذا لم يلبسوا إيمانهم بظلم.* ذكر من قال ذلك:
13475 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج: فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، أمن يعبد ربًّا واحدًا أم من يعبد أربابًا كثيرة؟ يقول قومه: "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، بعبادة الأوثان, وهي حجة إبراهيم =" أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ". (4)* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب, قولُ من قال: هذا خبرٌ من الله تعالى ذكره عن أولى الفريقين بالأمن, وفصل قضاءٍ منه بين إبراهيم صلى الله عليه وسلم وبين قومه. وذلك أن ذلك لو كان من قول قوم إبراهيم الذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة الله, لكانوا قد أقروا بالتوحيد واتبعوا إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التوحيد, ولكنه كما ذكرت من تأويله بَدِيًّا. (5)
* * *
واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله تعالى بقوله: "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " .فقال بعضهم: بشرك.
* ذكر من قال ذلك:
13476- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة, عن عبد الله قال: لما نـزلت هذه الآية: "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترونَ إلى قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ، [سورة لقمان : 13] ؟ (6)13477- قال أبو كريب قال "
ابن إدريس، حدثنيه أوّلا أبي" ، عن أبان بن تغلب, عن الأعمش, ثم سمعتُه قيل له: مِنَ الأعمش؟ قال: نعم! (7)13478- حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال، حدثني عمي يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة, عن عبد الله قال: لما نـزلت: "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، شقَّ ذلك على المسلمين, فقالوا: يا رسول الله، ما منّا أحدٌ إلا وهو يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس بذلك, ألا تسمعون إلى قول لقمان لابنه إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ؟ (8)13479- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة, عن عبد الله قال: لما نـزلت هذه الآية: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، شقَّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس كما تظنُّون, وإنما هو ما قال لقمان لابنه: لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ . (9)
13480- حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية , عن الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة, عن عبد الله قال: لما نـزلت هذه الآية: " الذين آمنوا ولم يلبسُوا إيمانهم بظلم "، شق ذلك على الناس, فقالوا: يا رسول الله, وأيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال: " إنه ليس كما تعنون, ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ؟ إنما هو الشرك " . (10)
13481 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة في قوله: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك.
13482 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل, عن منصور, عن إبراهيم في قوله: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك .
13483- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير عن الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة, عن عبد الله قال: لما نـزلت هذه الآية: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقالوا: أيُّنا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس بذلك, ألم تسمعوا قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ؟
13484 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير وابن إدريس, عن الشيباني, عن أبي بكر بن أبي موسى, عن الأسود بن هلال, عن أبي بكر: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك. (11)
13485- حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة, عن يونس بن أبي إسحاق, عن أبي إسحاق، عن أبي بكر: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك. (12)
13486 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, عن سعيد بن عبيد الطائي, عن أبي الأشعر العبدي, عن أبيه: أن زيد بن صوحان سأل سلمان فقال: يا أبا عبد الله، آيةٌ من كتاب الله قد بلغت منِّي كل مبلغ: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " ! فقال سلمان: هو الشرك بالله تعالى ذكره. فقال زيد: ما يسرُّني بها أنّي لم أسمعها منك، وأنّ لي مثل كل شيء أمسيتُ أملكه. (13)
13487 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سعيد بن عبيد, عن أبي الأشعر, عن أبيه, عن سلمان قال: بشرك. (14)
13488 - حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا نسير بن ذعلوق, عن كردوس, عن حذيفة في قوله: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك. (15)
13489- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن أبي إسحاق الكوفي, عن رجل, عن عيسى, عن حذيفة في قوله: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك. (16)
13490 - حدثني المثنى قال، حدثنا عارم أبو النعمان قال، حدثنا حماد بن زيد, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير وغيره: أن ابن عباس كان يقول: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك .
13491- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، يقول: بكفر.
13492- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه , عن ابن عباس: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، يقول: لم يلبسوا إيمانهم بالشرك. وقال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ . [سورة لقمان: 13]
13493 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال، حدثني أبي قال، حدثنا جرير بن حازم, عن علي بن زيد, عن المسيّب: أن عمر بن الخطاب قرأ : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، فلما قرأها فزع, فأتى أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر، قرأتُ آية من كتاب الله، مَنْ يَسْلم؟ فقال: ما هي؟ فقرأها عليه = فأيُّنا لا يظلِمُ نفسه؟ فقال: غفر الله لك! أما سمعت الله تعالى ذكره يقول: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ؟ إنما هو: ولم يلبسوا إيمانهم بشرك. (17)
13494 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون, عن حماد بن سلمة, عن علي بن زيد بن جدعان, عن يوسف بن مهران, عن ابن عباس: أن عمر دخل منـزله فقرأ في المصحف، فمرّ بهذه الآية: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، فأتى أبيًّا فأحبره, فقال: يا أمير المؤمنين، إنما هو الشرك. (18)
13495- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد, عن علي بن زيد, عن يوسف بن مهران، عن [ابن مهران]: أنَّ عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأه, فدخل ذات يوم فقرأ, فأتى على هذه الآية: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "، فانفتَل وأخذ رداءه, (19) ثم أتى أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر = فتلا هذه الآية: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " = وقد ترى أنا نظلِم، ونفعل ونفعل! فقال: يا أمير المؤمنين, إن هذا ليس بذاك, يقول الله تعالى ذكره: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ، إنما ذلك الشرك. (20)
13496 - حدثنا هناد قال، حدثنا بن فضيل, عن مطرف, عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال: قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، فقال عمر: قد أفلح من لم يلبس إيمانه بظلم! فقال أبيّ: يا أمير المؤمنين، ذاك الشرك!
13497- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أسباط, عن محمد بن مطرف, عن ابن سالم قال: قرأ عمر بن الخطاب، فذكر نحوه. (21)
13498 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي ميسرة في قوله: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك .
13499- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة, مثله.
13500 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين، عن علي, عن زائدة, عن الحسن بن عبيد الله, عن إبراهيم: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك. (22)
13501 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، أي: بشرك.
13502- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد, عن أبيه, عن أبي إسحاق, عن أبي ميسرة, مثله .
13503 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بعبادة الأوثان.
13504- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .
13505 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك .
13506 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك.
13507- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الأعمش: أن ابن مسعود قال: لما نـزلت: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، كبُر ذلك على المسلمين, فقالوا: يا رسول الله, ما منا أحدٌ إلا وهو يظلم نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما سمعتم قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (23)
13508- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد في قوله: " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: عبادة الأوثان.
13509 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بشر, عن مسعر, عن أبي حصين, عن أبي عبد الرحمن، قال: بشرك. (24)
13510 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق : " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: بشرك.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من معاني الظلم، وذلك: فعلُ ما نهى الله عن فعله، أو ترك ما أمر الله بفعله، وقالوا: الآية على العموم , لأن الله لم يخصَّ به معنى من معاني الظلم.
* * *
قالوا: فإن قال لنا قائل: أفلا أمْن في الآخرة، إلا لمن لم يعص الله في صغيرة ولا كبيرة , وإلا لمن لقى الله ولا ذنبَ له؟
قلنا: إن الله عنى بهذه الآية خاصًّا من خلقه دون الجميع منهم، والذي عنى بها وأراده بها، خليلَه إبراهيم صلى الله عليه وسلم, فأما غيره، فإنه إذا لقي الله لا يشرك به شيئًا فهو في مشيئته إذا كان قد أتى بعض معاصيه التي لا تبلغ أن تكون كفرًا, فإن شاء لم يؤمنه من عذابه, وإن شاء تفضل عليه فعفا عنه.
قالوا: وذلك قول جماعة من السلف، وإن كانوا مختلفين في المعنيِّ بالآية.
فقال بعضهم: عُني بها إبراهيم.
* * *
وقال بعضهم: عني بها المهاجرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. (25)
* * *
* ذكر من قال: عنى بهذه الآية إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم.
13511 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن, عن قيس بن الربيع, عن زياد بن علاقة, عن زياد بن حرملة, عن علي قال: هذه الآية لإبراهيم صلى الله عليه وسلم خاصة, ليس لهذه الأمة منها شيء. (26)
* * *
* ذكر من قال: عني بها المهاجرون خاصة.
13512 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن, عن قيس بن الربيع, عن سماك, عن عكرمة: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، قال: هي لمن هاجر إلى المدينة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصحة في ذلك, ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو الخبر الذي رواه ابن مسعود عنه أنه قال: الظلم الذي ذكره الله تعالى ذكره في هذا الموضع، هو الشرك. (27)
* * *
وأما قوله: " أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "، فإنه يعني: هؤلاء الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك =" لهم الأمن " يوم القيامة من عذاب الله =" وهم مهتدون "، يقول: وهم المصيبون سبيل الرشاد، والسالكون طريق النجاة. (28)
-----------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير"لبس" فيما سلف ص: 419 ، تعليق: 1 والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير"الظلم" فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم).
(3) في المطبوعة ، أسقط قوله: "ربه".
(4) الأثر: 13475 - انظر الأثر السالف رقم: 13471.
(5) في المطبوعة: "بدءًا" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو محض صواب ، أي: أولا.
(6) الأثر: 13476 - حديث عبد الله بن مسعود. من طريق الأعمش ، رواه أبو جعفر من طرق من رقم: 13476 - 13480 ، 13483 ، وانظر رقم: 13507. وحديث عبد الله ، رواه البخاري في صحيحه (الفتح 1: 81 ، 8 : 220) ، بنحوه ورواه مسلم في صحيحه 2: 143 ، 144 ، من طريق عبد الله بن إدريس ، وأبي معاوية ، ووكيع ، جميعًا عن الأعمش. ورواه الترمذي في كتاب التفسير ، من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش. ورواه أحمد من طرق في مسنده رقم: 3589 ، 4031 ، 4240 ، وسأشير إليه في تخريجها بعد.
(7) الأثر: 13477 - ذكره مسلم في صحيحه أيضًا 2: 144 ، من طريق أبي كريب ، بنحو قوله هذا.
"أبان بن تغلب الربعي" ، ثقة ، قال ابن عدي: "له نسخ عامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة ، وهو من أهل الصدق في الروايات ، وإن كان مذهبه الشيعة ، وهو في الرواية صالح لا بأس به".
[فائدة: قال الحافظ في التهذيب: "التشيع في عرف المتقدمين ، هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان ، وأن عليًّا كان مصيبًا في حروبه ، وأن مخالفه مخطئ ، مع تقديم الشيخين وتفضيلهما. وربما اعتقد بعضهم أن عليًا أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان معتقدًا ذلك ، ورعًا دينًا صادقًا مجتهدًا ، فلا ترد روايته بهذا ، لا سيما إن كان غير داعية. وأما التشيع في عرف المتأخرين ، فهو الرفض المحض ، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة]. وعلة ذكر هذا الخبر الثاني ، في التعقيب على الخبر الأول أن عبد الله بن إدريس رواه قبل عن الأعمش مباشرة ، وكان رواه قبل عن أبيه ، عن أبان بن تغلب ، عن الأعمش ، لينبه على علو إسناده.
(8) الأثر: 13478 -"عيسى بن عثمان بن عيسى بن عبد الرحمن التميمي الرملي" ، ثقة ، مضى برقم: 300 وعمه: "يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التميمي الرملي" ، ثقة ، مضى برقم: 300 ، 6317 ، 9035.
(9) الأثر: 13489 - رواه أحمد في المسند رقم: 4240 ، من طريق وكيع أيضًا ، بمثله.
(10) الأثر: 13480 - رواه أحمد في المسند رقم: 3589 ، من طريق أبي معاوية أيضًا بمثله.
(11) الأثر: 13484 -"الشيباني" هو: "أبو إسحق الشيباني" ، "سليمان بن أبي سليمان" مضى مرارًا ، آخرها رقم: 8869. و"أبو بكر بن أبي موسى الأشعري" ، ثقة روى له الجماعة ، مترجم التهذيب. و"الأسود بن هلال المحارب" ، "أبو سلام" ، له إدراك ، هاجر زمن عمر ، لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه. مترجم في التهذيب ، والكبير 1/1 ، 449 وابن أبي حاتم 1/1/ 292. ومضى برقم: 10331 ، 10333. وهذا الخبر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3: 27 ، ونسبة للفريابي ، وابن أبي شيبة ، والحكيم الترمذي في الأصول ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه.
(12) الأثر: 13485 - أسقط في المطبوعة ذكر: "عن أبي إسحق" ، وهو خبر مرسل.
(13) الأثر: 13486 ، 13487 -"سعيد بن عبيد الطائي" ، "أبو الهذيل" ، وثقه أحمد وابن معين ، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه". مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/455 ، وابن أبي حاتم 2/1/46.
"أبو الأشعر العبدي" ، ذكره البخاري في الكنى: 8 ، وقال: روى عنه خليفة بن خلف. قال أبو نعيم ، عن إسمعيل بن عبيد ، عن أبي الأشعر العبدي ، سمع أباه عن سلمان: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) ، قال: بشرك". وهكذا جاء"إسمعيل بن عبيد" ، وأخشى أن يكون صوابه"سعيد بن عبيد" كما في الطبري. ولما سيأتي في الأثر التالي: 13487. وأبو"أبي الأشعر العبدي" ، لم أعرف من هو. و"زيد بن صوحان بن حجر العبدي" ، وهو أخو"صعصعة بن صوحان" ، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مذكور في الصحابة ، وكان شديد الحب لسلمان الفارسي. قتل يوم الجمل مع علي رضي الله عنهما. مترجم في ابن سعد 6: 84 ، وقال: ثقة قليل الحديث" ، وفي تعجيل المنفعة: 142 ، والكبير 2/1/363 ، وابن أبي حاتم 1/2/565.
* * *
وعند آخر الأثر رقم: 13486 ، انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا ، وفيها ما نصه: يتلوهُ: حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي ، عن سعيد بن عبيد
وصلى الله على محمد النبيّ وآله وسلم كثيرًا"
ويبدأ بعد بما نصه:
"بسم الله الرَّحمن الرحيم رَبِّ أَعِنْ يا كَريم"
(14) الأثر: 13487 - انظر التعليق السالف.
(15) الأثر: 13488 -"نسير بن ذعلوق الثوري" ، ثقة ، مضى برقم: 5491.
و"كردوس" هو"كردوس بن العباس الثعلبي" ، يروي عن حذيفة ، مضى برقم: 13255 - 13257. وكان في المطبوعة: "درسب" غير ما في المخطوطة ، وكان فيها هكذا: "ددوس" ، وهذا صواب قراءته إن شاء الله.
وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 27 ، ونسبه للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن أبي شيبة ، وأبي عبيد ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ. وسيأتي بإسناد آخر بعد هذا.
(16) الأثر: 13489 -"أبو إسحق الكوفي" ، هو: "عبد الله بن ميسرة الحارثي" ، مضى برقم: 9250.
(17) الأثر: 13493 - هكذا جاء في المطبوعة والمخطوطة: "عن المسيب" ، ولا أدري ما هو ، ولكني أرجح أن الصواب"عن سعيد بن المسيب" ، أو "عن ابن المسيب" ، فإن"علي بن زيد بن جدعان" يروي عنه ، ولأني لم أجد فيمن اسمه"المسيب" ، من روى عنه"علي بن زيد" وروى هو عن"عمر بن الخطاب".
(18) الأثر: 13494 -"يوسف بن مهران البصري" ، مضى برقم: 2858: 11373.
(19) في المطبوعة: "فاشتغل" ، وفي المخطوطة"فاسقل" ، وفي الدر المنثور 3: 27"فانتقل" وكان ذلك لا معنى له ، وكأن الصواب ما أثبت. يقال: "انفتل الرجل عن صلاته" ، إذا انصرف ، وهو من قولهم: "فتله عن وجهه فانفتل" ، أي: صرفه فانصرف.
(20) الأثر: 13495 - هكذا جاء في المخطوطة: "عن ابن مهران" ، وفي المطبوعة: "عن مهران" ، وهما خطأ صرف فيما أرجح ، وإنما هذا حديث ابن عباس ، فالصواب إن شاء الله: "عن ابن عباس" ، وهو نفس الأثر الذي قبله ، ولكني تركته كذلك كما هو في المخطوطة ، ووضعت ما شككت فيه بين القوسين.
(21) الأثر: 13496 ، 13497 -"أبو عثمان ، عمرو بن سالم الأنصاري" ، معروف بكنيته ، وقد مضى برقم: 8950. وقوله في الأثر الثاني"محمد بن مطرف" ، خطأ فيما أرجح ، وإنما هو"مطرف بن طريف" ، كما في الأثر السالف. ولذلك وضعت"محمد بن" بين قوسين.
(22) الأثر: 13500 -"الحسن بن عبيد الله النخعي الكوفي" ، روى عن إبراهيم النخعي ، وأبي الضحي ، والشعبي. سمع منه الثوري ، وزائدة ، وحفص بن غياث ، وغيرهم ، ثقة ، مضى في الإسناد رقم: 78. مترجم في التهذيب ، والكبير1/2/295 ، وابن أبي حاتم 1/2/23.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "الحسن بن عبد الله" ، وهو خطأ محض.
(23) الأثر: 13507 - مضى هذا الخبر موصولا من طريق الأعمش ، من طرق ، من رقم: 13476 - 13480 ، 13483 ، فراجعه هناك.
(24) الأثر: 13509 -"أبو حصين" هو: "عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي" ، مضى مرارًا ، آخرها رقم: 8962. و"أبو عبد الرحمن" هو"السلمي": "عبد الله بن حبيب بن ربيعة" ، مضى برقم: 82.
(25) في المطبوعة: "المهاجرين" ببناء"عني" للمفعول ، وأثبت ما في المخطوطة ، "عني" بالبناء للمجهول.
(26) الأثر: 13511 -"زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي" ، ثقة ، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/333 ، وابن أبي حاتم 1/2/540. وأما "زياد بن حرملة" ، فلم أجد له ذكرًا في شيء من الكتب ، ومع ذلك فقد جاء كذلك في المستدرك للحاكم. وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2: 316 ، بإسناده عن أبي حذيفة ، عن سفيان ، عن زياد بن علاقة ، عن زياد بن حرملة قال: سمعت علي بن أبي طالب. وذكر الخبر ، وفيه: "هذه في إبراهيم وأصحابه". ثم قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وإنما اتفقا على حديث الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله أنهم قالوا: يا رسول الله ، وأينا لم يظلم نفسه ، الحديث بطوله ، بغير هذا التأويل". ولم يعقب عليه الذهبي بشيء ، وظني أنه ترك التعقيب عليه ، رجاء الظفر بخبر عن"زياد بن حرملة" هذا. والخبر ضعيف. لجهالة"زياد بن حرملة" حتى يعرف من هو؟
ونسبه السيوطي في الدر المنثور 3: 27 للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه ، وقصر في نسبته إلى ابن جرير.
(27) انظر الآثار السالفة رقم: 13476 - 13480 ، 13483.
(28) انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدي).
- ابن عاشور : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
هذه الجملة من حكاية كلام إبراهيم على ما ذهب إليه جمهور المفسِّرين فيكون جواباً منه عن قوله : { فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن } [ الأنعام : 81 ]. تولّى جوابَ استفهامه بنفسه ولم ينتظر جوابهم لكون الجواب ممَّا لا يسع المسؤول إلاّ أن يجيب بمثله ، وهو تبكيت لهم . قال ابن عبَّاس : كما يسأل العالم ويُجيبُ نفسه بنفسه ، أي بقوله : «فإن قلتَ قلتُ» . وقد تقدّمت نظائره في هذه السورة .
وقيل : ليس ذلك من حكاية كلام إبراهيم ، وقد انتهى قول إبراهيم عند قوله { إن كنتم تعلمون } [ الأنعام : 81 ] بل هو كلام مستأنف من الله تعالى لابتداء حكم ، فتكون الجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً تصديقاً لقول إبراهيم .
وقيل : هو حكاية لكلام صدر من قوم إبراهيم جواباً عن سؤال إبراهيم { فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن } [ الأنعام : 81 ]. ولا يصحّ لأنّ الشأن في ذلك أن يقال : قال الذين آمنوا الخ ، ولأنَّه لو كان من قول قومه لما استمرّ بهم الضلال والمكابرة إلى حدّ أن ألقَوا إبراهيم في النّار .
وحذف متعلّق فعل { آمنوا } لظهوره من الكلام السابق . والتقدير : الذين آمنوا بالله .
وحقيقة { يلبسوا } يخلطوا ، وهو هنا مجاز في العمل بشيئين متشابهين في وقت واحد . شبّه بخلط الأجسام كما في قوله : { ولا تلبسوا الحقّ بالباطل } [ البقرة : 42 ].
والظّلم : الاعتداء على حقّ صاحب حقّ ، والمراد به هنا إشراك غير الله مع الله في اعتقاد الإلهية وفي العبادة ، قال تعالى : { إنّ الشِّرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] لأنَّه أكبر الاعتداء ، إذ هو اعتداء على المستحقّ المطلق العظيم ، لأنّ من حقّه أن يفرد بالعبادة اعتقاداً وعملاً وقولاً لأنّ ذلك حقّه على مخلوقاته . ففي الحديث " حقّ العباد على الله أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئاً " وقد ورد تفسير الظلم في هذه الآية بالشرك . في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود " لمّا نزلت { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } شَقّ ذلك على المسلمين وقالوا : أيّنا لم يظلم نفسه " فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس كما تَظُنّون إنَّما هو كما قال لقمان لابنه : { إنّ الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] اه . " وذلك أنّ الشرك جمع بين الاعتراف لله بالإلهية والاعتراف لغيره بالربوبيّة أيضاً . ولمَّا كان الاعتراف لغيره ظلماً كان إيمانهم بالله مخلوطاً بظلم وهو إيمانهم بغيره ، وحَمله على هذا المعنى هو الملائم لاستعارة اسم الخَلط لهذا المعنى لأنّ الإيمان بالله وإشراكَ غيره في ذلك كلاهما من جنس واحد وهو اعتقاد الربوبيّة فهما متماثلان ، وذلك أظهر في وجه الشبه ، لأنّ شأن الأجسام المتماثلة أن يكون اختلاطها أشدّ فإنّ التَّشابُه أقوى أحوال التّشبيه عند أهل البيان . والمعنى الذين آمنوا بالله ولم يشركوا به غيره في العبادة .
وحَمَل الزمخشري الظلم على ما يشمل المعاصي ، لأنّ المعصية ظلم للنَّفس كما في قوله تعالى : { فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم } [ التوبة : 36 ] تأويلاً للآية على أصول الاعتزال لأنّ العاصي غير آمن من الخلود في النّار فهو مساو للكافر في ذلك عندهم ، مع أنَّه جَعَل قوله : { الذين آمنوا ولم يلبسوا } إلى آخره من كلام إبراهيم ، وهو إن كان محكيّاً من كلام إبراهيم لا يصحّ تفسير الظلم منه بالمعصية إذ لم يكن إبراهيم حينئذٍ داعياً إلاّ للتَّوحيد ولم تكن له بعدُ شريعة ، وإن كان غير محكي من كلامه فلا يناسب تفسيره فيه بالمعصية ، لأنّ تعقيب كلام إبراهيم به مقصود منه تأييد قوله وتبيينُه ، فالحقّ أنّ الآية غير محتاجة للتّأويل على أصولهم نظراً لهذا الذي ذكرناه .
والإشارة بقوله : { أولئك لهم الأمن } للتنبيه على أنّ المسند إليه جدير بالمسند من أجل ما تقدّم من أوصاف المسند إليه وهذا كقوله { أولئك على هدى من ربّهم } [ البقرة : 5 ]. وقوله { لهم الأمْن } أشارت اللاّم إلى أنّ الأمن مختصّ بهم وثابت ، وهو أبلغ من أن يُقال : آمنون . والمراد الأمن من عذاب الدنيا بالاستئصال ونحوه وما عُذّبت به الأمم الجاحدة ، ومِن عذاب الآخرة إذ لم يكن مطلوباً منهم حينئذٍ إلاّ التوّحيد . والتّعريف في { الأمن } تعريف الجنس ، وهو الأمن المتقدّم ذكره ، لأنَّه جنس واحد ، وليس التّعريف تعريف العهد حتَّى يجيء فيه قولهم : إنّ المعرفة إذا أعيدت معرفة فالثّانية عين الأولى إذ لا يحتمل هنا غير ذلك .
وقوله : { وهم مهتدون } معطوف على قوله : { لهم الأمن } عطفَ جزء جملة على الجملة التي هي في حكم المفرد ، فيكون { مهتدون } خبراً ثانياً عن اسم الإشارة عُطف عليه بالواو على إحدى الطريقتين في الأخبار المتكرّرة .
والضمير للفصل ليفيد قصر المسند على المسند إليه ، أي الاهتداء مقصور على الذين آمنوا ولم يلبِسوا إيمانهم بظلم دون غيرهم ، أي أنّ غيرهم ليسوا بمهتدين ، على طريقة قوله تعالى : { وأولئك هم المفلحون } [ البقرة : 55 ] وقوله : { ألم يعلموا أنّ الله هو يقبل التّوبة عن عباده } [ التوبة : 104 ]. وفيه إشارة إلى أنّ المخبَر عنهم لمَّا نَبذوا الشِّرك فقد اهتدوا .
ويجوز أن يكون قوله : { وهم مهتدون } جملة ، بأنْ يكونَ ضمير الجمع مبتدأ و { مهتدون } خبره ، والجملة معطوفة على جملة { أولئك لهم الأمن } ، فيكون خبراً ثانياً عن اسم الموصول ، ويكون ذكر ضمير الجمع لأجل حُسن العطف لأنَّه لمّا كان المعطوف عليه جملة اسميّة لم يحسن أن يعطف عليه مفرد في معنى الفعل ، إذ لا يحسن أن يقال : أولئك لهم الأمن ومهتدون؛ فصيغ المعطوف في صورة الجملة . وحينئذٍ فالضمير لا يفيد اختصاصاً إذ لم يؤت به للفصل ، وهذا النظم نظير قوله تعالى : { له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير } [ التغابن : 1 ] وقوله : تعالى : { له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير } [ الحديد : 2 ] على اعتبار { وهو على كلّ شيء قدير } عطفاً على { له مُلك السماوات والأرض } وما بينهما حال ، وهذا من محسِّنات الوصل كما عُرف في البلاغة ، وهو من بدائع نظم الكلام العربي .
- إعراب القرآن : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
«الَّذِينَ» اسم موصول في محل رفع مبتدأ وجملة آمنوا صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، والجملة الاسمية الذين آمنوا مستأنفة لا محل لها «وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ» فعل مضارع مجزوم ، وفاعله ، ومفعوله ، والجار والمجرور متعلقان به والجملة معطوفة. «أُولئِكَ» اسم إشارة في محل رفع مبتدأ «لَهُمُ» جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر «الْأَمْنُ» مبتدأ مؤخر وجملة «لَهُمُ الْأَمْنُ» في محل رفع خبر أولئك ، وجملة أولئك لهم الأمن في محل رفع خبر اسم الموصول الذين «وَهُمْ مُهْتَدُونَ» مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب حال بعد واو الحال. هذا إذا كان الكلام من كلام اللّه تعالى ، فإن كان من كلام سيدنا إبراهيم فالإعراب يغاير هذا ويكون إعراب الذين : خبر لمبتدأ محذوف تقديره : أحق بالأمن : الذين آمنوا.
- English - Sahih International : They who believe and do not mix their belief with injustice - those will have security and they are [rightly] guided
- English - Tafheem -Maududi : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ(6:82) Those who believe and did not tarnish their faith with wrong-doing for them there is security, and it is they who have been guided to the right way.' *55
- Français - Hamidullah : Ceux qui ont cru et n'ont point troublé la pureté de leur foi par quelqu'inéquité association ceux-là ont la sécurité; et ce sont eux les bien-guidés
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Diejenigen die glauben und ihren Glauben nicht mit Ungerechtigkeit verdecken die haben das Recht auf Sicherheit und sie sind rechtgeleitet
- Spanish - Cortes : Quienes creen y no revisten su fe de impiedad ésos son los que están en seguridad los que están dirigidos
- Português - El Hayek : Os fiéis que não obscurecerem a sua fé com injustiças obterão a segurança e serão iluminados
- Россию - Кулиев : Те которые уверовали и не облекли свою веру в несправедливость пребывают в безопасности и они следуют прямым путем
- Кулиев -ас-Саади : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
Те, которые уверовали и не облекли свою веру в несправедливость, пребывают в безопасности, и они следуют прямым путем.Всевышний Аллах вынес приговор относительно верующих и неверующих. Он сообщил, что следуют прямым путем и находятся в безопасности только те, которые уверовали и не облекли свою веру в несправедливость. Такие люди избавлены от страха, наказания и несчастья и ведомы прямым путем. Если они совершенно не облекают свою веру в несправедливость, избегая не только многобожия, но и ослушания, то они защищены от любых несчастий и ведомы совершенным образом. Если же они избегают многобожия, но совершают прегрешения, то их безопасность и приверженность прямому пути не являются совершенными. Из этого прекрасного аята следует, что если человек не уверовал и поступает несправедливо, то он лишен верного руководства и находится в серьезной опасности, и уделом таких людей являются заблуждение и несчастье.
- Turkish - Diyanet Isleri : İşte güven; onlara inanıp haksızlık karıştırmayanlaradır Onlar doğru yoldadırlar
- Italiano - Piccardo : Coloro che hanno creduto e non ammantano di iniquità la loro fede ecco a chi spetta l'immunità; essi sono i ben guidati”
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوانهی ئیمان و باوهڕیان هێناوه و ستهم و هاوهڵگهریان تێکهڵ به ئیمانهکهیان نهکردووه ئاسوودهیی و هێمنی ههر بۆ ئهوانهیه ههر ئهوانهش ڕێنموومایی کراون
- اردو - جالندربرى : جو لوگ ایمان لائے اور اپنے ایمان کو شرک کے ظلم سے مخلوط نہیں کیا ان کے امن اور جمعیت خاطر ہے اور وہی ہدایت پانے والے ہیں
- Bosanski - Korkut : Biće sigurni samo oni koji vjeruju i vjerovanje svoje s mnogoboštvom ne miješaju; oni će biti na Pravome putu"
- Swedish - Bernström : [Det är] de som tror och inte låter sin tro förmörkas av orätt som de begår De kan känna sig trygga; de har funnit den rätta vägen"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Orangorang yang beriman dan tidak mencampuradukkan iman mereka dengan kezaliman syirik mereka itulah yang mendapat keamanan dan mereka itu adalah orangorang yang mendapat petunjuk
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ
(Orang-orang yang beriman dan tidak mencampur-adukkan) tidak mencampurkan (keimanan mereka dengan kelaliman) yakni kemusyrikan demikianlah menurut penafsiran yang tersebutkan di dalam hadis sahih Bukhari dan Muslim (mereka itulah orang-orang yang mendapat keamanan) dari siksaan (dan mereka itu adalah orang-orang yang mendapat petunjuk.)
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : যারা ঈমান আনে এবং স্বীয় বিশ্বাসকে শেরেকীর সাথে মিশ্রিত করে না তাদের জন্যেই শান্তি এবং তারাই সুপথগামী।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : எவர் ஈமான் கொண்டு அதன் பின்னர் தம்முடைய ஈமானை இணை வைத்தல் என்னும் அநீதியைக் கொண்டு களங்கப்படுத்தவில்லையோ அவர்களுக்கே அபயமுண்டு; இன்னும் அவர்களே நேர்வழியைப் பெற்றுக் கொண்டவர்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : บรรดาผู้ที่ศรัทธา โดยที่มิได้ให้การศรัทธาของพวกเขาปะปนกับการอธรรม นั้น ชนเหล่านี้แหละพวกเขาจะได้รับความปลอดภัย และพวกเขาคือผู้ที่รับเอาคำแนะนำไว้
- Uzbek - Мухаммад Содик : Иймон келтирганлар ва иймонларига зулмни аралаштирмаганлар Ана ўшаларга хотиржамлик омонлик бор Улар ҳидоят топганлардир
- 中国语文 - Ma Jian : 确信真主,而未以不义混淆其信德的人,不畏惧刑罚,而且是遵循正道的。
- Melayu - Basmeih : Orangorang yang beriman dan tidak mencampur adukkan iman mereka dengan kezaliman syirik mereka itulah orangorang yang mendapat keamanan dan merekalah orangorang yang mendapat hidayah petunjuk
- Somali - Abduh : Kuwa Xaqa Rumeeyey oon ku Dheehin Iimaankooda Dulmi Gaalimo kuwaasaa Nabadgalto u Sugnaatay Hanuunsanna
- Hausa - Gumi : "Waɗanda suka yi ĩmãni kuma ba su gauraya ĩmãninsu da zãlunci ba waɗannan sunã da aminci kuma sũ ne shiryayyu"
- Swahili - Al-Barwani : Wale ambao wameamini na hawakuchanganya imani yao na dhulma hao ndio watakao pata amani na wao ndio walio ongoka
- Shqiptar - Efendi Nahi : Për ata që besojnë dhe nuk e përziejnë besimin e tyre me zullum atyre u përket siguria dhe ata janë në rrugë të djretë”
- فارسى - آیتی : كسانى كه ايمان آوردهاند و ايمان خود را به شرك نمىآلايند، ايمنى از آن ايشان است و ايشان هدايت يافتگانند.
- tajeki - Оятӣ : Касоне, ки имон овардаанд, ва имони худро ба ширк намеолоянд эминӣ аз онҳо аст ва онҳо ҳидоятёфтагонанд.
- Uyghur - محمد صالح : ئازابتىن ئەمىن بولۇش ئىمان ئېيتقان، ئىمانغا مۇشرىكلىكنى ئارىلاشتۇرمىغان ئادەملەرگە مەنسۇپتۇر، ئۇلار ھىدايەت تاپقۇچىلاردۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിക്കുകയും തങ്ങളുടെ വിശ്വാസത്തെ വികലധാരണകളാല് വികൃതമാക്കാതിരിക്കുകയും ചെയ്തവര്ക്ക് ഒന്നും പേടിക്കേണ്ടതില്ല. നേര്വഴി പ്രാപിച്ചവരും അവര് തന്നെ.
- عربى - التفسير الميسر : الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ولم يخلطوا ايمانهم بشرك اولئك لهم الطمانينه والسلامه وهم الموفقون الى طريق الحق
*55). This entire section shows that those people did not deny the existence of God as the creator of the heavens and earth. Their real guilt was that they associated others in His attributes and His rights over man. In the first place, Abraham himself clearly states that they associated others with God as His partners. In the second place, the way in which Abraham mentions God in addressing these people is suitable only for a people who did not deny the existence of God. We must, therefore, regard as incorrect the opinion of those Qur'anic commentators who try to explain this verse on the assumption that the people of Abraham either denied or were unaware of the existence of God, and considered their own deities to be the exclusive possessors of godhead.
The expression 'and did not tarnish their faith with wrong-doing' led some Companions to the misapprehension that perhaps this 'wrong-doing' signified 'disobedience'. But the Prophet (peace be on him) has made it clear that this wrong-doing signifies shirk (associating others with God in His divinity). The verse means, therefore, that they alone are fully secure and rightly-guided who believe in God and do not mix their faith with any polytheistic belief and practice.
It is interesting to learn that this incident, which is the starting-point of Abraham's prophetic career, has found no place in the Bible. It is mentioned only in the Talmud. The Talmudic version, however, is different from the Qur'anic version in two ways. First, in the Talmudic version Abraham's quest for the Truth begins with the sun and then proceeds by way of the stars to his discovery of the One True God. Second. it states that Abraham not only held the sun to be his Lord but even worshipped it, and that the same happened in connection with the moon.