- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيَٰطِينَ ٱلْإِنسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍۢ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
- عربى - نصوص الآيات : وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ۚ ولو شاء ربك ما فعلوه ۖ فذرهم وما يفترون
- عربى - التفسير الميسر : وكما ابتليناك -أيها الرسول- بأعدائك من المشركين ابتلينا جميع الأنبياء -عليهم السلام- بأعداء مِن مردة قومهم وأعداء من مردة الجن، يُلقي بعضهم إلى بعض القول الذي زيَّنوه بالباطل؛ ليغتر به سامعه، فيضل عن سبيل الله. ولو أراد ربك -جلَّ وعلا- لحال بينهم وبين تلك العداوة، ولكنه الابتلاء من الله، فدعهم وما يختلقون مِن كذب وزور.
- السعدى : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
يقول تعالى -مسليا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم- وكما جعلنا لك أعداء يردون دعوتك، ويحاربونك، ويحسدونك، فهذه سنتنا، أن نجعل لكل نبي نرسله إلى الخلق أعداء، من شياطين الإنس والجن، يقومون بضد ما جاءت به الرسل. { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } أي: يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في أحسن صورة، ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء، الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلا والباطل حقا
- الوسيط لطنطاوي : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
ثم سلى الله- تعالى- نبيه عن تعنت المشركين وتماديهم في الباطل ببيان أن كل نبي كان له أعداء يسيئون إليه ويقفون عقبة في طريق دعوته فقال:
وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.
والمعنى: ومثل ما جعلنا لك يا محمد أعداء يخالفونك ويعاندونك جعلنا لكل نبي من قبلك- أيضا- أعداء، فلا يحزنك ذلك، قال- تعالى- ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ
.
وقال- تعالى- وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِير .
والمراد بشياطين الإنس والجن، والمردة من النوعين. والشيطان: كل عات متمرد من الإنس والجن.
وجملة وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا إلخ مستأنفة لتسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما يشاهده من عداوة قريش له، والكاف في محل نصب على أنها نعت لمصدر مؤكد لما بعده.
وجعل ينصب مفعولين أولهما عَدُوًّا وثانيهما لِكُلِّ نَبِيٍّ وشَياطِينَ بدل من المفعول الأول، وبعضهم أعرب شَياطِينَ مفعولا أولا وعَدُوًّا مفعولا ثانيا، ولِكُلِّ نَبِيٍّ حالا من عَدُوًّا.
وقوله: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً.
الوحى: الإعلام بالأشياء من طريق خفى دقيق سريع. زخرف القول: باطله الذي زين وموه بالكذب. وأصل الزخرف. الزينة المزوقة، ومنه قيل للذهب: زخرف، ولكل شيء حسن مموه: زخرف.
والغرور: الخداع والأخذ على غرة وغفلة.
والمعنى: يلقى بعضهم إلى بعض بطرق خفية دقيقة القول المزين المموه الذي حسن ظاهره وقبح باطنه لكي يخدعوا به الضعفاء ويصرفونهم عن الحق إلى الباطل.
والجملة مستأنفة لبيان إحكام عداوتهم، أو حال من الشياطين وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أتباعه أن يستعيذوا بالله من شياطين الإنس والجن، فعن أبى ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس. قد أطال فيه الجلوس فقال: «يا أبا ذر هل صليت؟ قلت: لا يا رسول الله. قال: قم فاركع ركعتين قال: ثم جئت فجلست إليه فقال: يا أبا ذر، هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس؟ قال: قلت لا يا رسول الله، وهل للإنس من شياطين؟ قال: نعم، هم شر من شياطين الجن» .
وقد ساق الإمام ابن كثير عدة روايات عن أبى ذر في هذا المعنى، ثم قال في نهايتها: فهذه طرق لهذا الحديث ومجموعها يفيد قوته وصحته» .
وقوله: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ.
أى: ولو شاء ربك ألا يفعل هؤلاء الشياطين ما فعلوه من معاداة الأنبياء ومن الإيحاء بالقول الباطل لتم له ذلك، لأنه- سبحانه- هو صاحب المشيئة النافذة، والإرادة التامة ولكنه- سبحانه- لم يشأ أن يجبرهم على خلاف ما زينته لهم أهواؤهم باختيارهم، لكي يميز الله الخبيث من الطيب. فدعهم يا محمد وما يفترون من الكفر وغيره من ألوان الشرور، فسوف يعلمون سوء عاقبتهم.
- البغوى : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ) أي : أعداء ، فيه تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم ، يعني كما ابتليناك بهؤلاء القوم ، فكذلك جعلنا لكل نبي قبلك أعداء ، ثم فسرهم فقال : ( ( شياطين الإنس والجن ) قال عكرمة والضحاك والسدي والكلبي : معناه شياطين الإنس التي مع الإنس ، وشياطين الجن التي مع الجن ، وليس للإنس شياطين ، وذلك أن إبليس جعل جنده فريقين فبعث فريقا منهم إلى الإنس وفريقا منهم إلى الجن ، وكلا الفريقين أعداء للنبي صلى الله عليه وسلم ولأوليائه ، وهم الذين يلتقون في كل حين ، فيقول [ شيطان ] الإنس [ لشيطان ] الجن : أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثله ، وتقول شياطين الجن لشياطين الإنس كذلك ، فذلك وحي بعضهم إلى بعض .
قال قتادة ومجاهد والحسن : إن من الإنس شياطين كما أن من الجن شياطين ، والشيطان : العاتي المتمرد من كل شيء ، قالوا : إن الشيطان إذا أعياه المؤمن وعجز من إغوائه ذهب إلى متمرد من الإنس وهو شيطان الإنس فأغراه بالمؤمن ليفتنه ، يدل عليه ما روي عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس " ؟ فقلت : يا رسول الله وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، هم شر من شياطين الجن " .
وقال مالك بن دينار : إن شياطين الإنس أشد علي من شياطين الجن ، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن ، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عيانا .
قوله تعالى : ( يوحي بعضهم إلى بعض ) أي : يلقي ، ( زخرف القول ) وهو قول مموه مزين بالباطل لا معنى تحته ، ( غرورا ) يعني : لهؤلاء الشياطين يزينون الأعمال القبيحة لبني آدم ، يغرونهم غرورا ، والغرور : القول الباطل ، ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) أي : ما ألقاه الشيطان من الوسوسة [ في القلوب ] ( فذرهم وما يفترون )
- ابن كثير : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
يقول تعالى : وكما جعلنا لك - يا محمد - أعداء يخالفونك ، ويعادونك جعلنا لكل نبي من قبلك أيضا أعداء فلا يهيدنك ذلك ، كما قال تعالى : ( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ) [ آل عمران : 184 ] ، وقال تعالى : ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ) [ الأنعام : 34 ] ، وقال تعالى : ( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم ) [ فصلت : 43 ] ، وقال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا ) [ الفرقان : 43 ] . وقال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي .
وقوله : ( شياطين الإنس والجن ) بدل من ) عدوا ) أي : لهم أعداء من شياطين الإنس والجن ، ومن هؤلاء وهؤلاء ، قبحهم الله ولعنهم .
قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله تعالى ( شياطين الإنس والجن ) قال : من الجن شياطين ، ومن الإنس شياطين ، يوحي بعضهم إلى بعض ، قال قتادة : وبلغني أن أبا ذر كان يوما يصلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تعوذ يا أبا ذر من شياطين الإنس والجن " فقال : أو إن من الإنس شياطين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " .
وهذا منقطع بين قتادة وأبي ذر وقد روي من وجه آخر عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال ابن جرير :
حدثنا المثنى ، حدثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن أبي عبد الله محمد بن أيوب وغيره من المشيخة ، عن ابن عائذ ، عن أبي ذر قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس ، قال ، فقال : " يا أبا ذر ، هل صليت؟ " قال : لا يا رسول الله . قال : " قم فاركع ركعتين " قال : ثم جئت فجلست إليه ، فقال : " يا أبا ذر ، هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس؟ " قال : قلت : لا يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، هم شر من شياطين الجن "
وهذا أيضا فيه انقطاع وروي متصلا كما قال الإمام أحمد :
حدثنا وكيع ، حدثنا المسعودي ، أنبأني أبو عمر الدمشقي ، عن عبيد بن الخشخاش ، عن أبي ذر قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فجلست فقال : " يا أبا ذر هل صليت؟ " قلت : لا . قال : " قم فصل " قال : فقمت فصليت ، ثم جلست فقال : " يا أبا ذر ، تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " قال : قلت يا رسول الله ، وللإنس شياطين؟ قال : " نعم " . وذكر تمام الحديث بطوله .
وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره ، من حديث جعفر بن عون ، ويعلى بن عبيد ، وعبيد الله بن موسى ، ثلاثتهم عن المسعودي ، به .
طريق أخرى عن أبي ذر : قال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا الحجاج ، حدثنا حماد ، عن حميد بن هلال ، حدثني رجل من أهل دمشق ، عن عوف بن مالك ، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أبا ذر ، هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن؟ " قال : قلت يا رسول الله ، هل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم " .
طريق أخرى للحديث : قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا ذر تعوذت من شياطين الجن والإنس؟ " قال : يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "
فهذه طرق لهذا الحديث ، ومجموعها يفيد قوته وصحته ، والله أعلم .
وقد روى ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو نعيم ، عن شريك ، عن سعيد بن مسروق ، عن عكرمة : ( شياطين الإنس والجن ) قال : ليس من الإنس شياطين ، ولكن شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس ، وشياطين الإنس يوحون إلى شياطين الجن .
قال : وحدثنا الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا إسرائيل ، عن السدي ، عن عكرمة في قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) قال : للإنسي شيطان ، وللجني شيطان فيلقى شيطان الإنس شيطان الجن ، فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا .
وقال أسباط ، عن السدي ، عن عكرمة في قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض ) في تفسير هذه الآية : أما شياطين الإنس ، فالشياطين التي تضل الإنس ، وشياطين الجن الذين يضلون الجن ، يلتقيان ، فيقول كل واحد منهما لصاحبه : إني أضللت صاحبي بكذا وكذا ، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا ، فيعلم بعضهم بعضا .
ففهم ابن جرير من هذا; أن المراد بشياطين الإنس عند عكرمة والسدي : الشياطين من الجن الذين يضلون الناس ، لا أن المراد منه شياطين الإنس منهم . ولا شك أن هذا ظاهر من كلام عكرمة ، وأما كلام السدي فليس مثله في هذا المعنى ، وهو محتمل ، وقد روى ابن أبي حاتم نحو هذا ، عن ابن عباس من رواية الضحاك ، عنه ، قال : إن للجن شياطين يضلونهم - مثل شياطين الإنس يضلونهم ، قال : فيلتقي شياطين الإنس وشياطين الجن ، فيقول هذا لهذا : أضلله بكذا ، أضلله بكذا . فهو قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) .
وعلى كل حال فالصحيح ما تقدم من حديث أبي ذر : إن للإنس شياطين منهم ، وشيطان كل شيء مارده ، ولهذا جاء في صحيح مسلم ، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الكلب الأسود شيطان " ومعناه - والله أعلم - : شيطان في الكلاب .
وقال ابن جريج : قال مجاهد في تفسير هذه الآية : كفار الجن شياطين ، يوحون إلى شياطين الإنس ، كفار الإنس ، زخرف القول غرورا .
وروى ابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : قدمت على المختار فأكرمني وأنزلني حتى كاد يتعاهد مبيتي بالليل ، قال : فقال لي : اخرج إلى الناس فحدث الناس . قال : فخرجت ، فجاء رجل فقال : ما تقول في الوحي؟ فقلت : الوحي وحيان ، قال الله تعالى : ( بما أوحينا إليك هذا القرآن ) [ يوسف : 3 ] ، وقال الله تعالى : ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) قال : فهموا بي أن يأخذوني ، فقلت : ما لكم ذاك ، إني مفتيكم وضيفكم . فتركوني .
وإنما عرض عكرمة بالمختار - وهو ابن أبي عبيد - قبحه الله ، وكان يزعم أنه يأتيه الوحي ، وقد كانت أخته صفية تحت عبد الله بن عمر وكانت من الصالحات ، ولما أخبر عبد الله بن عمر أن المختار يزعم أنه يوحى إليه قال : صدق ، قال الله تعالى : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) [ الأنعام : 121 ] ، وقوله تعالى : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) أي : يلقي بعضهم إلى بعض القول المزين المزخرف ، وهو المزوق الذي يغتر سامعه من الجهلة بأمره .
( ولو شاء ربك ما فعلوه ) أي : وذلك كله بقدر الله وقضائه وإرادته ومشيئته أن يكون لكل نبي عدو من هؤلاء .
( فذرهم ) أي : فدعهم ، ( وما يفترون ) أي : يكذبون ، أي : دع أذاهم وتوكل على الله في عداوتهم ، فإن الله كافيك وناصرك عليهم .
- القرطبى : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
قوله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون
قوله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي يعزي نبيه ويسليه ، أي كما ابتليناك بهؤلاء القوم فكذلك جعلنا لكل نبي قبلك عدوا أي أعداء .
شياطين الإنس والجن حكى سيبويه " جعل " بمعنى وصف . عدوا مفعول أول . لكل نبي في موضع المفعول الثاني . شياطين الإنس والجن بدل من عدو . ويجوز أن يكون " شياطين " مفعولا أول ، عدوا مفعولا ثانيا ; كأنه قيل : جعلنا شياطين الإنس والجن عدوا . وقرأ الأعمش : " شياطين الجن والإنس " بتقديم الجن . والمعنى واحد .
يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا عبارة عما يوسوس به شياطين الجن إلى شياطين الإنس . وسمي وحيا لأنه إنما يكون خفية ، وجعل تمويههم زخرفا لتزيينهم إياه ; ومنه سمي الذهب زخرفا . وكل شيء حسن مموه فهو زخرف . والمزخرف المزين . وزخارف الماء طرائقه . و " غرورا " نصب على المصدر ، لأن معنى يوحي بعضهم إلى بعض يغرونهم بذلك غرورا . ويجوز أن يكون في موضع الحال . والغرور الباطل . قال النحاس : وروي عن ابن عباس بإسناد ضعيف أنه قال في قول الله عز وجل يوحي بعضهم إلى بعض قال : مع كل جني شيطان ، ومع كل إنسي شيطان ، فيلقى أحدهما الآخر فيقول : إني قد أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثله . ويقول الآخر مثل ذلك ; فهذا وحي بعضهم إلى بعض . وقاله عكرمة والضحاك والسدي والكلبي . قال النحاس : والقول الأول يدل عليه وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ; فهذا يبين معنى ذلك .
قلت : ويدل عليه من صحيح السنة قوله عليه السلام : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير . روي " فأسلم " برفع الميم ونصبها . فالرفع على معنى فأسلم من شره . والنصب على معنى فأسلم هو . فقال : ما منكم من أحد ولم يقل ولا من الشياطين ; إلا أنه يحتمل أن يكون نبه على أحد الجنسين بالآخر ; فيكون من باب سرابيل تقيكم الحر وفيه بعد ، والله أعلم . وروى عوف بن مالك عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن ؟ قال قلت : يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين ؟ قال : نعم هم شر من شياطين الجن . وقال مالك بن دينار : إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن ، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن ، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عيانا . وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأة تنشد :
إن النساء رياحين خلقن لكم وكلكم يشتهي شم الرياحين
فأجابها عمر رضي الله عنه :
إن النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطين
قوله تعالى : ولو شاء ربك ما فعلوه أي ما فعلوا إيحاء القول بالغرور .
فذرهم أمر فيه معنى التهديد . قال سيبويه : ولا يقال وذر ولا ودع ، استغنوا عنهما بترك . قلت : هذا إنما خرج على الأكثر . وفي التنزيل : وذر الذين وذرهم ، و " ما ودعك " . وفي السنة لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات . وقوله : إذا فعلوا - يريد المعاصي - فقد تودع منهم . قال الزجاج : الواو ثقيلة ; فلما كان " ترك " ليس فيه واو بمعنى ما فيه الواو ترك ما فيه الواو . وهذا معنى قوله وليس بنصه .
- الطبرى : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
القول في تأويل قوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مسلِّيَه بذلك عما لقي من كفرة قومه في ذات الله, وحاثًّا له على الصبر على ما نال فيه: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا)، يقول: وكما ابتليناك، يا محمد، بأن جعلنا لك من مشركي قومك أعداء شياطينَ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول، ليصدُّوهم بمجادلتهم إياك بذلك عن اتباعك والإيمان بك وبما جئتهم به من عند ربّك، كذلك ابتلينا من قبلك من الأنبياء والرسّل, بأن جعلنا لهم أعداءً من قومهم يؤذُونهم بالجدال والخصومات. يقول: فهذا الذي امتحنتك به، لم تخصص به من بينهم وحدك, بل قد عممتهم بذلك معك لأبتليهم وأختبرهم، مع قدرتي على منع من آذاهم من إيذائهم, فلم أفعل ذلك إلا لأعرف أولي العزم منهم من غيرهم. يقول: فاصبر أنتَ كما صبر أولو العزم من الرسل .
* * *
وأما " شياطين الإنس والجن "، فإنهم مَرَدتهم ، وقد بينا الفعل الذي منه بُنِي هذا الاسم، بما أغنى عن إعادته . (3)
* * *
ونصب " العدو " و " الشياطين " بقوله: (جعلنا) . (4)
* * *
وأما قوله: (يُوحِي بعضُهم إلى بعض زخرف القول غرورًا)، فإنه يعني أنّه يلقي الملقي منهم القولَ، الذي زيّنه وحسَّنه بالباطل إلى صاحبه, ليغترّ به من سمعه، فيضلّ عن سبيل الله . (5)
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (شياطين الإنس والجن).
فقال بعضهم: معناه: شياطين الإنس التي مع الإنس, وشياطين الجن التي مع الجنّ، وليس للإنس شياطين .
* ذكر من قال ذلك:
13765- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا ولو شاء ربك ما فعلوه)، أما " شياطين الإنس "، فالشياطين التي تضلّ الإنس=" وشياطين الجن "، الذين يضلون الجنّ، يلتقيان، فيقول كل واحد منهما: " إني أضللت صاحبي بكذا وكذا, وأضللت أنت صاحبك بكذا وكذا ", فيعلم بعضُهم بعضًا .
13766- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم, عن شريك, عن سعيد بن مسروق, عن عكرمة: (شياطين الإنس والجن)، قال: ليس في الإنس شياطين، ولكن شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس, وشياطين الإنس يوحون إلى شياطين الجن . (6)
13767- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل, عن السدي في قوله: (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا)، قال: للإنسان شيطان, وللجنّي شيطان, فيلقَى شيطان الإنس شيطان الجن, فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا .
* * *
قال أبو جعفر: جعل عكرمة والسدي في تأويلهما هذا الذي ذكرت عنهما، عدوّ الأنبياء الذين ذكرهم الله في قوله: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا)، أولادَ إبليس، دون أولاد آدم، ودون الجن= وجعل الموصوفين بأن بعضهم يوحي إلى بعض زخرف القول غرورًا, ولدَ إبليس, وأن مَنْ مع ابن آدم من ولد إبليس يوحي إلى مَنْ مع الجن من ولده زخرفَ القول غرورًا .
وليس لهذا التأويل وجه مفهوم, لأن الله جعل إبليس وولده أعداءَ ابن آدم, فكل ولده لكل ولده عدوّ. وقد خصّ الله في هذه الآية الخبر عن الأنبياء أنه جعل لهم من الشياطين أعداءً. فلو كان معنيًّا بذلك الشياطين الذين ذكرهم السدي, الذين هم ولد إبليس, لم يكن لخصوص الأنبياء بالخبرِ عنهم أنه جعل لهم الشياطين أعداءً، وجهٌ . وقد جعل من ذلك لأعدى أعدائه، مثل الذي جعل لهم. ولكن ذلك كالذي قلنا، من أنه معنيٌّ به أنه جعل مردة الإنس والجن لكل نبي عدوًّا يوحي بعضهم إلى بعض من القول ما يؤذيهم به .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
13768- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد, عن حميد بن هلال قال، حدثني رجل من أهل دمشق, عن عوف بن مالك, عن أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا ذر, هل تعوَّذت بالله من شر شياطين الإنس والجنّ؟ قال: قلت: يا رسول الله, هل للإنس من شياطين؟ قال: نعم! (7)
13769- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن أبي عبد الله محمد بن أيوب وغيره من المشيخة, عن ابن عائذ, عن أبي ذر, أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس, قال فقال: يا أبا ذر, هل صلَّيت؟ قال قلت: لا يا رسول الله. قال: قم فاركع ركعتين. قال: ثم جئت فجلستُ إليه فقال: يا أبا ذر، هل تعوَّذت بالله من شرِّ شياطين الإنس والجن؟ قال قلت: يا رسول الله، وهل للإنس من شياطين؟ قال: نعم, شرٌّ من شياطين الجن! (8)
13770- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: بلغني أن أبا ذر قام يومًا يُصلّي, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تعوَّذ يا أبا ذر، من شياطين الإنس والجن. فقال: يا رسول الله، أوَ إنّ من الإنس شياطين؟ قال: نعم! (9)
* * *
وقال آخرون في ذلك بنحو الذي قلنا: من أن ذلك إخبارٌ من الله أنّ شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض .
* ذكر من قال ذلك:
13771- حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (شياطين الإنس والجن)، قال: من الجن شياطين, ومن الإنس شياطين، يوحي بعضهم إلى بعض = قال قتادة: بلغني أن أبا ذر كان يومًا يصلّي, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تعوَّذ يا أبا ذر من شياطين الإنس والجن. فقال: يا نبي الله, أوَ إن من الإنس شياطين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم!
13772- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا شياطين الإنس والجن)، الآية, ذكر لنا أنّ أبا ذر قام ذات يوم يصلي, فقال له نبي الله: تعوّذ بالله من شياطين الجن والإنس. فقال: يا نبي الله، أوَ للإنس شياطين كشياطين الجن؟ قال: "
نعم, أوَ كذَبْتُ عليه؟" (10)13773- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال مجاهد: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوَّا شياطين الإنس والجن)، فقال: كفار الجنّ شياطين، يوحون إلى شياطين الإنس، كفارِ الإنس، زخرفَ القول غرورًا .
* * *
وأما قوله: (زُخرف القول غرورًا)، فإنه المزيَّن بالباطل، كما وصفت قبل. يقال منه: "
زخرف كلامه وشهادته "، إذا حسَّن ذلك بالباطل ووشّاه ، كما:-13774- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم, عن شريك, عن سعيد بن مسروق, عن عكرمة قوله: (زخرف القول غرورًا) قال: تزيين الباطل بالألسنة .
13775- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما "
الزخرف ", فزخرفوه، زيَّنوه .13776- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (زخرف القول غرورًا)، قال: تزيين الباطل بالألسنة .
13777- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .
13778- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (زخرف القول غرورًا)، يقول: حسَّن بعضهم لبعضٍ القول ليتّبعوهم في فتنتهم .
13779- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (زخرف القول غرورًا) قال: "
الزخرف "، المزيَّن, حيث زيَّن لهم هذا الغرور, كما زيَّن إبليس لآدم ما جاءه به وقاسمه إنه له لمن الناصحين . وقرأ: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ، [سورة فصلت: 25]. قال: ذلك الزخرف .* * *
وأما "
الغرور "، فإنه ما غرّ الإنسان فخدعه فصدَّه عن الصواب إلى الخطأ وعن الحق إلى الباطل (11) = وهو مصدر من قول القائل: " غررت فلانًا بكذا وكذا, فأنا أغرُّه غرورًا وغرًّا . كالذي:-13780- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: ( غرورًا ) قال: يغرّون به الناسَ والجنّ .
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو شئت، يا محمد، أن يؤمن الذين كانوا لأنبيائي أعداءً من شياطين الإنس والجن فلا ينالهم مكرهم ويأمنوا غوائلهم وأذاهم, فعلتُ ذلك، ولكني لم أشأ ذلك، لأبتلي بعضهم ببعض، فيستحق كل فريق منهم ما سبق له في الكتاب السابق =(فذرهم)، يقول: فدعهم (12) = يعني الشياطين الذين يجادلونك بالباطل من مشركي قومك ويخاصمونك بما يوحي إليهم أولياؤهم من شياطين الإنس والجن=(وما يفترون)، يعني: وما يختلقون من إفك وزور. (13)
يقول له صلى الله عليه وسلم: اصبر عليهم، فإني من وراء عقابهم على افترائهم على الله، واختلاقهم عليه الكذبَ والزور .
---------------------
الهوامش :
(3) انظر تفسير (( الشيطان )) فيما سلف 1 : 111 ، 112 ، 296 .
(4) انظر معاني القرآن 1 : 351 .
(5) انظر تفسير (( الوحي )) فيما سلف من فهارس اللغة ( وحي ) .
(6) الأثر : 13466 - (( سعيد بن مسروق الثوري )) ، مضى برقم : 7162 .
(7) الأثر : 13768 - (( حميد بن هلال العدوي )) ، ثقة ، متكلم فيه . سمع من (( عوف ابن مالك )) ، ولكنه رواه بالوسطة ، عن مجهول : (( رجل من أهل دمشق )) . مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 344 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 /230 .
و (( عوف بن مالك بن نضلة الجشمي )) ، ثقة ، مضى برقم : 6172 ، 12825 ، 12826 لم يذكر أنه سمع من أبي ذر . وهذا الخبر فيه مجهول . ذكره ابن كثير في تفسيره 3 : 380
(8) الأثر : 13769 - كان في إسناد هذا الخبر خطأ فاحش ، وقع شك من سهو الناسخ وعجلته ، فإنه كتب (( حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة ، عن أبي عن ابن عباس ، أبي عبد الله محمد بن أيوب )) ، ثم ضرب على (( ابن عباس )) . ولكنه ترك (( عن علي بن أبي طلحة )) ، وهو خطأ لا شك فيه كما سترى بعد . وسبب ذلك إسناد أبي جعفر المشهور وهو : (( حدثني المثنى ، قال حدثنا عبد الله صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس )) وهو إسناد دائر في التفسير ، آخره رقم : 13756 ، فجعل فكتب الإسناد المشهور ، ثم استدرك فضرب على (( ابن عباس )) ، والصواب أن يضرب أيضًا على (( علي بن أبي طلحة )) ، لأن هذا إسناد مختلف عن الأول كل الاختلاف ، ولذلك حذفت (( عن علي بن أبي طلحة )) ، مع ثبوته في المخطوطة والمطبوعة ، ولكن ابن كثير ذكره في التفسير على الصواب 3 : 379 ، كما أثبته .
و (( أبو عبد الله محمد بن أيوب )) ، كأنه أيضًا خطأ من الناسخ ، وصوابه : (( أبو عبد الملك محمد بن أيوب )) لما سترى .
(( محمد بن أيوب الأزدي )) ، (( أبو عبد الملك )) ، قال البخاري في الكبير 1 / 1 /29 ، 30 ( محمد بن أيوب أبو عبد الملك الأزدي ، عن ابن عائذ ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : آدم نبي مكلم . قال لنا : عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن محمد بن أيوب ، حديثه في الشاميين . سمع منه معاوية بن صالح )) وترجمة ابن أبي حاتم 3 / 2 / 196 ، 197 ، فذكر مثله .
و (( ابن عائذ )) هو (( عبد الرحمن بن عائذ الثمالي )) ، ويقال : الأزدي الكندي ، ويقال : اليحصبي . وروى له الأربعة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 270 ، وكان ابن عائذ من حملة العلم ، يطلبه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحاب أصحابه . روى عن عمر وعلي مرسلا . وفي التهذيب انه روى عنهما وعن أبي ذر ، وعن غيرهم من الصحابة ، ولم يذكر (( مرسلا )) .
وذكر ابن كثير هذا الأثر والذي يليه في تفسيره 3 : 379 ثم قال : (( وهذا أيضًا فيه انقطاع )) ، وتبين من تفسيره إسناده أنه غير منقطع . ثم قال : (( وروى متصلا كما قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا المسعودي ، أنبأني أبو عمر الدمشقي ، عن عبيد بن الخشخاش ، عن أبي ذر قال : ... )) وذكر الحديث ، وهو بطوله في مسند أحمد 5 : 178 ، 179 .
ثم ذكر ابن كثير طرقًا أخرى للحديث ثم قال : (( فهذه طرق لهذا الحديث ، ومجموعها يفيد قوته وصحته ، والله أعلم )) .
(9) الأثر : 13770 - هذا أثر منقطع ، انظر التعليق على الخبر السالف ، وما قاله ابن كثير .
(10) قوله : (( أو كذبت عليه )) ، استنكار من رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤال أبي ذر ، فإن نص التنزيل دال على ذلك ، ورسول الله هو الصادق المصدق المبلغ عن ربه الحق الذي لا كذب فيه .
(11) انظر تفسير (( الغرور )) فيما سلف 7 : 453 / 9 : 224 .
(12) انظر تفسير (( ذر )) فيما سلف ص : 46 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(13) انظر تفسير (( الافتراء )) فيما سلف : 11 : 533 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
- ابن عاشور : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
اعتراض قصد منه تسلية الرّسول صلى الله عليه وسلم والواو واو الاعتراض ، لأنّ الجملة بمنزلة الفذلكة ، وتكون للرّسول صلى الله عليه وسلم تسلية بعد ذكر ما يحزنه من أحوال كفار قومه ، وتصلبّهم في نبذ دعوته ، فأنبأه الله : بأنّ هؤلاء أعداؤه ، وأن عداوة أمثالهم سنة من سنن الله تعالى في ابتلاء أنبيائه كلّهم ، فما منهم أحد إلاّ كان له أعداء ، فلم تكن عداوة هؤلاء للنبيء عليه الصلاة والسلام بِدْعا من شأن الرّسل . فمعنى الكلام : ألَسْتَ نبيئا وقد جعلنا لكلّ نبيء عدوّا إلى آخره .
والإشارة بقوله : { وكذلك } إلى الجعل المأخوذ من فعل { جعلنا } كما تقدّم في قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً } [ البقرة : 143 ]. فالكاف في محل نصب على أنّه مفعول مطلق لفعل { جعلنا }.
وقوله : { عدواً } مفعول { جعلنا } الأوّل ، وقوله : { لكل نبي } المجرور مفعول ثان ل { جعلنا } وتقديمه على المفعول الأول للاهتمام به ، لأنّه الغرض المقصود من السّياق ، إذ المقصود الإعلام بأنّ هذه سنّة الله في أنبيائه كلّهم ، فيحصل بذلك التَّأسِّي والقُدوة والتّسلية؛ ولأن في تقديمه تنبيهاً من أول السمع على أنه خبر ، وأنه ليس متعلّقا بقوله : { عدواً } كيلا يخال السّامع أنّ قوله : { شياطين الإنس } مفعول لأنّه يُحَوّل الكلام إلى قصد الإخبار عن أحوال الشّياطين ، أو عن تعيين العدوّ للأنبياء من هو ، وذلك ينافي بلاغة الكلام .
و { شياطين } بدل من { عدواً } وإنَّما صيغ التّركيب هكذا : لأنّ المقصود الأوّل الإخبار بأنّ المشركين أعداء للرّسول صلى الله عليه وسلم فمن أعرب { شياطين } مفعولاً ل { جَعل } و { لكل نبي } ظرفاً لغواً متعلِّقاً ب { عدوّا } فقد أفسد المعنى .
والعَدُوّ : اسم يقع على الواحد والمعتددّ ، قال تعالى : { هم العدوّ فاحذرهم } [ المنافقون : 4 ] وقد تقدّم ذلك عند قوله تعالى : { فإن كان من قوم عدوّ لكم } في سورة النساء ( 92 ).
والشّيطان أصله نوع من الموجودات المجرّدة الخفية ، وهو نوع من جنس الجنّ ، وقد تقدّم عند قوله تعالى : { واتبعوا ما تتلوا الشّياطين على ملك سليمان } [ البقرة : 102 ]. ويطلق الشّيطان على المضلّل الّذي يفعل الخبائث من النّاس على وجه المجاز . ومنه «شياطين العرب» لجماعة من خباثهم ، منهم : ناشب الأعور ، وابنُه سعد بن ناشب الشّاعر ، وهذا على معنى التّشبيه ، وشاع ذلك في كلامهم .
والإنس : الإنسان وهو مشتقّ من التأنّس والإلْف ، لأنّ البشر يألف بالبشر ويأنس به ، فسمّاه إنساً وإنساناً .
و«شياطين الإنس» استعارة للنّاس الّذين يفعلون فعل الشّياطين : من مكر وخديعة . وإضافة شياطين إلى الإنس إضافة مجازية على تقدير ( مِن ) التبعيضية مجازا ، بناء على الاستعارة التي تقتضي كون هؤلاء الإنس شياطين ، فهم شياطين ، وهم بعض الإنس ، أي أنّ الإنس : لهم أفراد متعارفة ، وأفراد غير متعارفة يطلق عليهم اسم الشّياطين ، فهي بهذا الاعتبار من إضافة الأخصّ من وجهٍ إلى الأعمّ من وجهٍ ، وشياطين الجنّ حقيقة ، والإضافة حقيقة ، لأنّ الجنّ منهم شياطين ، ومنهم غير شياطين ، ومنهم صالحون ، وعداوة شياطين الجنّ للأنبياء ظاهرة ، وما جاءت الأنبياء إلاّ للتحذير من فعل الشّياطين ، وقد قال الله تعالى لآدم :
{ إنّ هذا عدوّ لك ولزوجك } [ طه : 117 ].
وجملة { يوحى } في موضع الحال ، يتقيّد بها الجَعل المأخوذ من { جعلنا } فهذا الوحي من تمام المجعول .
والوحي : الكلام الخفي ، كالوسوسة ، وأريد به ما يشمل إلقاء الوسوسة في النّفس من حديث يُزوّر في صورة الكلام . والبعض الموحي : هو شياطين الجنّ ، يُلقون خواطر المقدرة على تعليم الشرّ إلى شياطين الإنس ، فيكونون زعماء لأهل الشرّ والفساد .
والزّخرف : الزّينة ، وسمّي الذهب زُخرفاً لأنَّه يتزيَّن به حَلياً ، وإضافة الزخرف إلى القول من إضافة الصّفة إلى الموصوف ، أي القول الزُخرف : أي المُزَخْرَف ، وهو من الوصف بالجامد الّذي في معنى المشتق ، إذ كان بمعنى الزيْن . وأفهم وصف القول بالزُخرف أنّه محتاج إلى التّحسين والزخرفَة ، وإنَّما يحتاج القول إلى ذلك إذا كان غير مشتمل على ما يكسبه القبول في حدّ ذاته ، وذلك أنّه كان يفضي إلى ضُرّ يحتاج قائله إلى تزيينه وتحسينه لإخفاء ما فيه من الضرّ ، خشية أن ينفر عنه من يُسوله لهم ، فذلك التّزيين ترويج يستهوون به النّفوس ، كما تموّه للصّبيان اللُّعب بالألوان والتذهيب .
وانتصب { زخرف القول } على النيابة عن المفعول المطلق من فِعل { يوحى } لأنّ إضافة الزّخرف إلى القول ، الّذي هو من نوع الوحي ، تجعل { زخرف } نائياً عن المصدر المبيِّن لنوع الوحي .
والغرور : الخِداع والإطماع بالنّفع لقصد الإضرار ، وقد تقدّم عند قوله تعالى : { لا يغرنَّك تقلّب الذين كفروا في البلاد } في سورة آل عمران ( 196 ). وانتصب غروراً } على المفعول لأجله لفعل { يوحى } ، أي يرحون زخرف القول ليَغُرّوهم .
والقول في معنى المشيئة من قوله : { ولو شاء ربك ما فعلوه } كالقول في { ما كانوا ليؤمنوا إلاّ أن يشاء الله } [ الأنعام : 111 ] وقوله : { ولو شاء الله ما أشركوا } [ الأنعام : 107 ] والجملة معترضة بين المفعول لأجله وبين المعطوف عليه .
والضّمير المنصُوبُ في قوله : { فعلوه } عائد إلى الوحي . المأخوذ من { يوحى } أو إلى الإشراك المتقدّم في قوله : { ولو شاء الله ما أشركوا } [ الأنعام : 107 ] أو إلى العداوة المأخوذة من قوله : { لكل نبي عدواً }.
والضّمير المرفوع عائد إلى { شياطين الإنس والجن } ، أو إلى المشركين ، أو إلى العدوّ ، وفرع عليه أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بتركهم وافتراءَهم ، وهو تركُ إعراضضٍ عن الاهتمام بغرورهم ، والنكدِ منه ، لا إعْراض عن وعظهم ودعوتهم ، كما تقدّم في قوله : { وأعرض عن المشركين }.والواو بمعنى مع .
{ وما يفترون } مَوصول منصوب على المفعول معه . وما يفترونه هو أكاذيبهم الباطلة من زعمهم إلهية الأصنام ، وما يتبع ذلك من المعتقدات الباطلة .
- إعراب القرآن : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
«وَكَذلِكَ» الواو استئنافية ، ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت لمصدر محذوف يبينه ما بعده والتقدير جعلنا لكل نبي جعلا كذلك الجعل الذي جعلناه لك من العداء. «جَعَلْنا لِكُلِّ» فعل ماض ونا فاعله «نَبِيٍّ» مضاف إليه. «عَدُوًّا» مفعوله الثاني «لِكُلِّ» متعلقان بمحذوف حال من عدوا لأنه قدّم عليه. «شَياطِينَ» مفعول به أول «الْإِنْسِ» مضاف إليه. «وَالْجِنِّ» معطوف ، «يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ» فعل مضارع وفاعله ومفعول والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبله و«الْقَوْلِ» مضاف إليه. «غُرُوراً» حال منصوبة ، أو مفعول لأجله. وجملة «يُوحِي» في محل نصب صفة عدوا أو حال من الشياطين. «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ» فعل ماض وفاعل ولو حرف شرط غير جازم والجملة مستأنفة لا محل لها «ما فَعَلُوهُ» فعل ماض وفاعل ومفعول به وما نافية والجملة لا محل لها جواب لو «فَذَرْهُمْ» الفاء هي الفصيحة. ذرهم فعل أمر والهاء مفعوله. «وَما يَفْتَرُونَ» ما مصدرية مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر معطوف على ضمير النصب قبله التقدير فذرهم وافتراءهم. ويجوز أن تكون ما موصولة معطوفة على الهاء أيضا. وجملة فذرهم لا محل لها جواب الشرط المقدر.
- English - Sahih International : And thus We have made for every prophet an enemy - devils from mankind and jinn inspiring to one another decorative speech in delusion But if your Lord had willed they would not have done it so leave them and that which they invent
- English - Tafheem -Maududi : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ(6:112) And so it is that against every Prophet We have set up the evil ones from among men and jinn, some of them inspire others with specious speech only by way of. delusion. *79 Had it been your Lord's will, they would not have done it. *80 Leave them alone to fabricate what they will.
- Français - Hamidullah : Ainsi à chaque prophète avons-Nous assigné un ennemi des diables d'entre les hommes et les djinns qui s'inspirent trompeusement les uns aux autres des paroles enjolivées Si ton Seigneur avait voulu ils ne l'auraient pas fait; laisse-les donc avec ce qu'ils inventent
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und so haben Wir jedem Propheten Feinde bestimmt die Satane der Menschen und der Ginn von denen die einen den anderen prunkende Worte eingeben in Trug und wenn dein Herr gewollt hätte hätten sie es nicht getan; so lasse sie stehen mit dem was sie an Lügen ersinnen -
- Spanish - Cortes : Así hemos asignado a cada profeta un enemigo hombres endemoniados o genios endemoniados que se inspiran mutuamente pomposas palabras para engañarse Si tu Señor hubiera querido no lo habrían hecho ¡Déjales con sus invenciones
- Português - El Hayek : Pela mesmo razão temos apontado a cada profeta adversários sedutores tanto entre os humanos como entre os gênios que influenciam uns aos outros com a eloqüência de suas palavras; porém se teu Senhor tivesse querido não o teriam feito Deixaos pois com tudo quanto forjam
- Россию - Кулиев : Так Мы определили для каждого пророка врагов - дьяволов из числа людей и джиннов внушающих друг другу красивые слова обольщения Если бы твой Господь пожелал они не поступали бы так Оставь же их вместе с их измышлениями
- Кулиев -ас-Саади : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
Так Мы определили для каждого пророка врагов - дьяволов из числа людей и джиннов, внушающих друг другу красивые слова обольщения. Если бы твой Господь пожелал, они не поступали бы так. Оставь же их вместе с их измышлениями.- Turkish - Diyanet Isleri : Aldatmak için birbirlerine cazip sözler fısıldayan cin ve insan şeytanlarını her peygambere düşman yaptık Bu şeytanlar ahirete inanmayanların kalblerinin o sözlere yönelmesi ondan hoşnut olması ve kendilerinin işledikleri suçları işlemeleri için böyle yaparlar Rabbin dileseydi bunu yapamazlardı sen onları iftiraları ile başbaşa bırak;
- Italiano - Piccardo : Ad ogni profeta assegnammo un nemico diavoli tra gli uomini e dèmoni che si suggeriscono a vicenda discorsi fatui e ingannevoli Se il tuo Signore avesse voluto non l'avrebbero fatto Lasciali soli con le loro invenzioni
- كوردى - برهان محمد أمين : ههر بهو شێوهیه کێشمه کێشی ئیمانداران و خوانهناسان بهردهوامه جا بۆ ههموو پێغهمبهرێک بۆ ئیماندارانیش دوژمنێکمان له شهیتانهکانی ئادهمیزاد و پهری سازاندوه که بهردهوام قسهی زل و ڕازاوه دهدهن بهگوێی یهکداو خۆیان و خهڵکی پێ سهرگهردان و گومڕا دهکهن خۆ ئهگهر پهروهردگارت بیویستایه نهیاندهتوانی شتی وابکهن ده وازیان لێ بهێنه لهگهڵ ئهو درۆو دهلهسهیهی که ههڵی دهبهستن بۆ کوێ دهچن له دهست سزای خوایی ڕزگار نابن
- اردو - جالندربرى : اور اسی طرح ہم نے شیطان سیرت انسانوں اور جنوں کو ہر پیغمبر کا دشمن بنا دیا تھا وہ دھوکا دینے کے لیے ایک دوسرے کے دل میں ملمع کی باتیں ڈالتے رہتے تھے اور اگر تمہارا پروردگار چاہتا تو وہ ایسا نہ کرتے تو ان کو اور جو کچھ یہ افتراء کرتے ہیں اسے چھوڑ دو
- Bosanski - Korkut : Tako smo svakom vjerovjesniku neprijatelje određivali šejtane u vidu ljudi i džina koji su jedni drugima kićene besjede govorili da bi ih obmanuli – a da je Gospodar tvoj htio oni to ne bi učinili; zato ti ostavi njih i ono što izmišljaju –
- Swedish - Bernström : SÅ HAR Vi också låtit varje profet mötas av fiendskap från de onda krafterna bland människor och osynliga väsen som viskar fagra ord i varandras öron för att förvirra och vilseleda Hade det varit din Herres vilja skulle de inte ha gjort detta; låt dem därför hållas med sina påfund
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan demikianlah Kami jadikan bagi tiaptiap nabi itu musuh yaitu syaitansyaitan dari jenis manusia dan dan jenis jin sebahagian mereka membisikkan kepada sebahagian yang lain perkataanperkataan yang indahindah untuk menipu manusia Jikalau Tuhanmu menghendaki niscaya mereka tidak mengerjakannya maka tinggalkanlah mereka dan apa yang mereka adaadakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
(Dan demikianlah Kami jadikan bagi tiap-tiap nabi itu musuh) sebagaimana Kami telah jadikan mereka sebagai musuh-musuhmu; kemudian pengertian musuh itu dijelaskan (yakni setan-setan) siluman-siluman (dari jenis manusia dan jin yang memberikan bisikan) yang menghembuskan godaan (antara yang sebagian kepada sebagian lainnya tentang perkataan-perkataan yang indah-indah) yang memulas warna kebatilan (untuk membujuk) umat manusia. (Jika Tuhanmu menghendaki, niscaya mereka tidak mengerjakannya) maksudnya bisikan-bisikan yang menyesatkan tadi (maka tinggalkanlah mereka) biarkanlah orang-orang kafir itu (dan apa yang mereka ada-adakan) berupa kekafiran dan lain-lainnya yang sudah menjadi watak mereka; ayat ini diturunkan sebelum turunnya ayat perintah untuk berperang.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : এমনিভাবে আমি প্রত্যেক নবীর জন্যে শত্রু করেছি শয়তান মানব ও জিনকে। তারা ধোঁকা দেয়ার জন্যে একে অপরকে কারুকার্যখচিত কথাবার্তা শিক্ষা দেয়। যদি আপনার পালনকর্তা চাইতেন তবে তারা এ কাজ করত না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இவ்வாறே ஒவ்வொரு நபிக்கும் மனிதரிலும் ஜின்களிலும் உள்ள ஷைத்தான்களை விரோதிகளாக நாம் ஆக்கியிருந்தோம்; அவர்களில் சிலர் மற்றவரை ஏமாற்றும் பொருட்டு அலங்காரமான வார்த்தைகளை இரகசியமாகச் சொல்லிக்கொண்டிருந்தார்கள்; நபியே உம்முடைய இறைவன் நாடியிருந்தால் இவ்வாறு அவர்கள் செய்திருக்க மாட்டார்கள் எனவே அவர்களையும் அவர்கள் கூறும் பொய்க்கற்பனைகளையும் விட்டுவிடுவீராக
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และในทำนองนั้นแหละเราได้ให้มีศัตรูขึ้นแก่นะบีทุกคน คือ บรรดาชัยฏอนมนุษย์ และญินโดยที่บางส่วนของพวกเขาจะกระซิบกระซาบแก่อีกบางส่วน ซึ่งคำพูดที่ตกแต่งเป็นการหลอกลวง และหากว่าพระเจ้าของเจ้าทรงประสงค์ แล้วพวกเขาก็มิกระทำมันขึ้นได้ เจ้าจงปล่อยพวกเขาและสิ่งที่พวกเขาอุปโลกน์ ขึ้นเถิด
- Uzbek - Мухаммад Содик : Шунингдек ҳар бир Пайғамбарга инсу жин шайтонларини душман қилиб қўйдик Уларнинг баъзилари баъзиларини ғурурга кетказишлари учун латиф каломларни танларлар Агар Роббинг хоҳласа бундай қилмас эдилар Бас уларни ўзлари тўқиган нарсалари ила ёлғиз қўй Аллоҳ таоло Ўз хоҳиши билан ҳар бир Пайғамбарга инсий ва жинний шайтонларни душман қилиб қўйган экан Жин шайтонлар одамларни иғво қилиб васвасага солиб залолатга чақириб турадилар Аммо Аллоҳнинг зикри бор жойдан қочадилар Аллоҳни эслаб турадиган мўминмусулмон кишига улар ўз таъсирларини ўтказа олмайдилар Аммо одамдан бўлган шайтонлар эса ҳаммаҳаммасидан бадтаридир Улар доимо орамизда кўзларимиз ўнгида туради Аллоҳнинг зикрини қилсанг ҳам қочмайди Турли йўллар билан васваса қилиб гуноҳ ишларга бошлайди Инсу жин шайтонлари доимо ғавғо ва туғён билан машғулдирлар
- 中国语文 - Ma Jian : 我这样以人类和精灵中的恶魔为个先知的仇敌,他们为了欺骗而以花言巧语互相讽示假若你的主意欲,那么,他们不做这件事,故你应当任他们伪造谎言
- Melayu - Basmeih : Dan demikianlah Kami jadikan bagi tiaptiap Nabi itu musuh dari Syaitansyaitan manusia dan jin setengahnya membisikkan kepada setengahnya yang lain katakata dusta yang indahindah susunannya untuk memperdaya pendengarnya Dan jika Tuhanmu menghendaki tentulah mereka tidak melakukannya Oleh itu biarkanlah mereka dan apa yang mereka adaadakan dari perbuatan yang kufur dan dusta itu
- Somali - Abduh : Saasaan ugu Yeellay Nabi Kasta Col Shaydaan Insi iyo Jinniba leh oo Qarkood qaarka kale u Waxyoon Sheegi Hadal la DhoobDhoobay Dhumin Darteed Hadduu Eebe Doonana mayna Faleen ee Iskaga Tag iyaga iyo waxay BeenAbuuran
- Hausa - Gumi : Kuma kamar wancan ne Muka sanya wa kõwane Annabi maƙiyi; shaiɗãnun mutãne da aljannu sãshensu yanã yin ishãra zuwa sãshe da ƙawãtaccen zance bisa ga rũɗi Kuma dã Ubangijinka Yã so dã ba su aikatã shi ba don haka ka bar su da abin da suke ƙirƙirãwa
- Swahili - Al-Barwani : Na kadhaalika tumemfanyia kila Nabii maadui mashet'ani wa kiwatu na kijini wakifundishana wao kwa wao maneno ya kupambapamba kwa udanganyifu Na angeli penda Mola wako Mlezi wasingeli fanya hayo Basi waache na wanayo yazua
- Shqiptar - Efendi Nahi : Si për ty ashtu edhe për çdo profet Na kei krijuar armiq djajtë e njerëzve dhe të xhinëve të cilët i flasin njëritjetrit fjalë të zbukuruara për t’i mashtruar E sikur të donte Zoti yt ata nuk do të bënin atë; andaj lëri ata dhe atë që trillojnë ata –
- فارسى - آیتی : و همچنين براى هر پيامبرى دشمنانى از شياطين انس و جن قرار داديم. براى فريب يكديگر، سخنان آراسته القا مىكنند. اگر پروردگارت مىخواست، چنين نمىكردند. پس با افترايى كه مىزنند رهايشان ساز؛
- tajeki - Оятӣ : Ва ҳамчунин барои ҳар паёмбаре душманоне аз шаётини инсу ҷин қарор додем. Барои фиреби якдигар суханони ороста ваҳй мекунанд. Агар Парвардигорат мехост, чунин намекарданд. Пас бо тӯҳмате, ки мезананд, раҳояшон соз,
- Uyghur - محمد صالح : شۇنىڭدەك (يەنى بۇ مۇشرىكلارنى ساڭا دۈشمەن قىلغاندەك) ئىنسانلار ۋە جىنلارنىڭ شەيتانلىرىنى ھەر بىر پەيغەمبەرگە دۈشمەن قىلدۇق، ئۇلار ئالداش ئۈچۈن شېرىن سۆزلەر بىلەن بىر - بىرىگە ۋەسۋەسە قىلىدۇ، ئەگەر پەرۋەردىگارىڭ خالىسا، ئۇلار بۇ ئىشنى (يەنى پەيغەمبەرلىرىگە دۈشمەنلىكنى) قىلمايتتى، ئۇلارنى ئۆزلىرى تۈزگەن ھىيلە - مىكىرلىرى بىلەن قويۇپ بەرگىن (اﷲ ساڭا ئۇلارغا قارشى ياردەم بېرىدۇ)
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അവ്വിധം നാം ഓരോ പ്രവാചകന്നും മനുഷ്യരിലും ജിന്നുകളിലുംപെട്ട പിശാചുക്കളെ ശത്രുക്കളാക്കിവെച്ചിട്ടുണ്ട്. അവര് അന്യോന്യം വഞ്ചിക്കുന്ന മോഹനവാക്കുകള് വാരിവിതറുന്നു. നിന്റെ നാഥന് ഇച്ഛിച്ചിരുന്നെങ്കില് അവരങ്ങനെ ചെയ്യുമായിരുന്നില്ല. അതിനാല് നീ അവരെയും അവരുടെ പൊയ്മൊഴികളെയും അവഗണിക്കുക.
- عربى - التفسير الميسر : وكما ابتليناك ايها الرسول باعدائك من المشركين ابتلينا جميع الانبياء عليهم السلام باعداء من مرده قومهم واعداء من مرده الجن يلقي بعضهم الى بعض القول الذي زينوه بالباطل ليغتر به سامعه فيضل عن سبيل الله ولو اراد ربك جل وعلا لحال بينهم وبين تلك العداوه ولكنه الابتلاء من الله فدعهم وما يختلقون من كذب وزور
*79). The Prophet (peace be on him) is told that he should not be unnerved even if the evil ones among both mankind and the jinn stood united against him and opposed him with all their might. For this was not the first time that such a thing had happened. Whenever a Prophet came and tried to lead people to the Truth, all the satanic forces joined hands to defeat his mission. 'Specious talk' signifies all the trickery and manoeuvring to which the enemy resorts, all his efforts aimed at sowing doubts about Islam and undermining people's faith in it, so as to arouse them against both the Prophet (peace be on him) and his message. Taken as a whole, these are characterized as 'delusion', for the weapons used in their crusade by the opponents of the Truth have the effect of deluding others as well as themselves, no matter how beneficial and successful those weapons may appear to be.
*80). Furthermore, we should always bear in mind that, according to the Qur'an, there is a tremendous difference between 'God's will' and 'God's good pleasure'. The failure to differentiate between the two often gives rise to serious misconceptions. If a certain thing takes place in accord with the universal will of God, and thus by His sanction, that does not necessarily mean that God is pleased with it. Nothing at all takes place in the world unless God permits it to take place, unless He makes it a part of His scheme, and unless He makes it possible for that event to take place by creating its necessary conditions. The act of stealing on the part of a thief, the act of homicide on the part of a murderer, the wrong and corruption of the wrong-doer and the corrupt, the unbelief of the unbeliever and the polytheism of the polytheist - none of these are possible without the will of God. Likewise, the faith of the believer and the piety of the pious are inconceivable without the will of God. In short, both these require the will of God. But whereas the things in the first category do not please Him, those in the second do.
Even though the will of God is oriented to ultimate good, the course of the realization of that good is paved with conflict between the forces of light and darkness, of good and evil, of what is sound and pure on the one hand and what is corrupt and defiled on the other. With larger interests in view, God has endowed man with the disposition of obedience as well as of disobedience. He has created in man Abrahamic and Mosaic as well as Nimrodic and Pharaonic potentialities. Both the pure, unadulterated human nature and the satanic urges are ingrained in man's being and have been provided with the opportunity to work themselves out by coming into conflict with each other. He has granted those species of His creatures who are possessed of authority (viz. man and jinn) the freedom to choose between good and evil. Whosoever chooses to act righteously has been given the power to do so, and the same is the case with him who chooses to be evil. People of both categories are in a position to use material resources within the framework of the broader considerations underlying God's- governance of His universe. God will be pleased, however, only with those who are working for good. God likes His creatures to exercise their freedom of choice properly and commit themselves to good of their own volition.
Unlike the angels, who carry out God's commands without resistance from any quarter, the task entrusted to men is to strive to establish the way of life sanctioned by God in the face of opposition and hostility from evil-doers and rebels against Him. In the framework of His universal will, God allows even those who have chosen the path of rebellion to strive for the realization of their goals, even as He grants the believers every opportunity to strive along the path of obedience and service to God. Despite this granting of freedom and choice to all there is no doubt that God is pleased with, and guides, directs, supports and strengthens the believers alone because their overall direction is to His liking. Nevertheless, they should not expect that by His supernatural intervention God will either force those who are disinclined to believe into believing or that He will forcibly remove the satanic forces - among both men and jinn - who are resolved to spare neither their mental and physical energy nor their material resources to impede the triumph of the Truth. Those determined to strive in the cause of the Truth, and of virtue and righteousness are told that they must prove their earnest devotion by waging a fierce struggle against the devotees of falsehood. For had God wanted to use miracles to obliterate falsehood and usher in the reign of the Truth, He would not have required human beings to accomplish the task. He could have simply seen to it that no evil one remained in the world, leaving no possibility for polytheism and unbelief to exist.