- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِى وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰٓ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَٰفِرِينَ
- عربى - نصوص الآيات : يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا ۚ قالوا شهدنا على أنفسنا ۖ وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين
- عربى - التفسير الميسر : أيها المشركون من الجن والإنس، ألم يأتكم رسل من جملتكم -وظاهر النصوص يدلُّ على أنَّ الرسل من الإنس فقط-، يخبرونكم بآياتي الواضحة المشتملة على الأمر والنهي وبيان الخير والشر، ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامة؟ قال هؤلاء المشركون من الإنس والجن: شَهِدْنا على أنفسنا بأن رسلك قد بلغونا آياتك، وأنذرونا لقاء يومنا هذا، فكذبناهم، وخدعت هؤلاء المشركين زينةُ الحياة الدنيا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين وحدانية الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم السلام.
- السعدى : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
ثم وبخ الله جميع من أعرض عن الحق ورده، من الجن والإنس، وبين خطأهم، فاعترفوا بذلك، فقال: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي } الواضحات البينات، التي فيها تفاصيل الأمر والنهي، والخير والشر، والوعد والوعيد. { وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } ويعلمونكم أن النجاة فيه، والفوز إنما هو بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، وأن الشقاء والخسران في تضييع ذلك، فأقروا بذلك واعترفوا، فـ { قالوا } بلى { شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } بزينتها وزخرفها، ونعيمها فاطمأنوا بها ورضوا، وألهتهم عن الآخرة، { وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ } فقامت عليهم حجة الله، وعلم حينئذ كل أحد، حتى هم بأنفسهم عدل الله فيهم، فقال لهم: حاكما عليهم بالعذاب الأليم: { ادْخُلُوا فِي } جملة { أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ } صنعوا كصنيعكم، واستمتعوا بخلاقهم كما استمعتم، وخاضوا بالباطل كما خضتم، إنهم كانوا خاسرين، أي: الأولون من هؤلاء والآخرون، وأي خسران أعظم من خسران جنات النعيم، وحرمان جوار أكرم الأكرمين؟! ولكنهم وإن اشتركوا في الخسران، فإنهم يتفاوتون في مقداره تفاوتا عظيما.
- الوسيط لطنطاوي : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
قال الإمام ابن جرير: وهذا خبر من الله- جل ثناؤه- عما هو قائل يوم القيامة، لهؤلاء العادلين به من مشركي الإنس والجن، يخبر أنه- تعالى- يقول لهم: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي
يقول: يخبرونكم بما أوحى إليهم من تنبيهى إياكم على مواضع حججي، وتعريفى لكم أدلتى على توحيدي وتصديقى أنبيائى والعمل بأمرى والانتهاء إلى حدودي، يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا
يقول: يحذرونكم لقاء عذابي في يومكم هذا وعقابي على معصيتكم إياى فتنتهوا عن معاصى، وهذا من الله- تعالى- تقريع لهم وتوبيخ على ما سلف منهم في الدنيا من الفسوق والمعاصي ومعناه، قد أتاكم رسل منكم ينبهونكم على خطأ ما كنتم عليه مقيمين بالحجج البالغة، وينذرونكم وعيد الله، فلم تقبلوا ولم تتذكروا» .
وقوله سُلٌ مِنْكُمْ استدل به من قال إن الله قد أرسل رسلا من الجن إلى أبناء جنسهم إلا أن جمهور العلماء يخالفون ذلك ويرون أن الرسل جميعا من الإنس، وإنما قيل: رسل منكم لأنه لما جمع الثقلان في الخطاب صح ذلك وإن كان من أحدهما، كقوله: «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، وإنما يخرجان من أحدهما وهو الماء الملح دون العذب.
قال أبو السعود: والمعنى: ألم يأتكم رسل من جملتكم: لكن لا على أنهم من جنس الفريقين معا بل من الإنس خاصة، وإنما جعلوا منهما إما لتأكيد وجوب اتباعهم، والإيذان بتقاربهما ذاتا، واتحادهما تكليفا وخطابا. كأنهما من جنس واحد، ولذلك تمكن أحدهما من إضلال الآخر، وإما لأن المراد بالرسل ما يعم رسل الرسل، وقد ثبت أن الجن استمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنذروا بما سمعوه. أقوامهم، إذ حكى القرآن عنهم أنهم وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ وأنهم قالوا لهم: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً .
وقال صاحب المنار، وجملة القول في الخلاف أنه ليس في المسألة نص قطعى، والظواهر التي استدل بها الجمهور يحتمل أن تكون خاصة برسل الإنس، لأن الكلام معهم، وليست أقوى من ظاهر ما استدل به من قال إن الرسل من الفريقين. والجن عالم غيبي لا نعرف عنه ألا ما ورد به النص. وقد دل القرآن وكذا السنة على رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، فنحن نؤمن بما ورد ونفوض الأمر فيما عدا ذلك إلى الله- تعالى-» .
ثم يحكى القرآن أنهم قد شهدوا على أنفسهم بالكفر فقال: الُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا
أن الرسل قد بشرونا وأنذرونا، ولم يقصروا في تبليغنا وإرشادنا.
وقوله- سبحانه- غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا
أى غرهم متاع الحياة الدنيا من الشهوات والمال والجاه وحب الرياسة، فاستحبوا العمى على الهدى، وباعوا آخرتهم بدنياهم. شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ
أى: شهدوا على أنفسهم عند ما وقفوا بين يدي الله للحساب في الآخرة أنهم كانوا كافرين في الدنيا بما جاءتهم به الرسل.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما لهم مقرين في هذه الآية- على أنفسهم بالكفر- جاحدين في قوله وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ؟ قلت. يوم القيامة يوم طويل، والأحوال فيه مختلفة فتارة يقرون واخرى يجحدون، وذلك يدل على شدة خوفهم واضطراب أحوالهم، فإن من عظم خوفه كثر الاضطراب في كلامه. أو أريد شهادة أيديهم وأرجلهم وجلودهم حين يختم على أفواههم. فإن قلت: لم كرر ذكر شهادتهم على أنفسهم؟ قلت:
الأولى: حكاية لقولهم كيف يقولون ويعترفون.
والثانية: ذم لهم وتخطئة لرأيهم ووصف لقلة نظرهم لأنفسهم وأنهم قوم غرتهم الحياة الدنيا واللذات الحاضرة وكانت عاقبة أمرهم إن اضطروا إلى الشهادة على أنفسهم بالكفر، والاستسلام لربهم، وإنما قال ذلك تحذيرا للسامعين من مثل حالهم» .
هذا، وإنك لتقرأ هذه الآية الكريمة وغيرها من الآيات التي تصور مشهدا من مشاهد يوم القيامة فيخيل إليك أنك أمام مشهد حاضر أمام عينيك ترى فيه الظالمين وحسراتهم، والضالين والمضلين وهم يتبادلون التهم وذلك من إعجاز القرآن الكريم وأنه من عند الله ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
ثم يحدثنا القرآن بعد ذلك عن عدالة الله في أحكامه، وعن سعة غناه ورحمته، وعن حسن عاقبة المؤمنين، وسوء مصير الكافرين فيقول:
- البغوى : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
قوله - عز وجل - : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) اختلفوا في أن الجن هل أرسل إليهم منهم رسول ؟ فسئل الضحاك عنه ، فقال : بلى ألم تسمع الله يقول ( ألم يأتكم رسل منكم ) يعني بذلك رسلا من الإنس ورسلا من الجن . قال الكلبي : كانت الرسل من قبل أن يبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - يبعثون إلى الجن وإلى الإنس جميعا .
قال مجاهد : الرسل من الإنس ، والنذر من الجن ، ثم قرأ ( ولوا إلى قومهم منذرين ) ( الأحقاف ، 29 ) ، وهم قوم يسمعون كلام الرسل فيبلغون الجن ما سمعوا ، وليس للجن رسل ، فعلى هذا قوله " رسل منكم " ينصرف إلى أحد الصنفين وهم الإنس ، كما قال تعالى : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) ( الرحمن ، 22 ) وإنما يخرج من الملح دون العذب ، قال : ( وجعل القمر فيهن نورا ) ( نوح ، 16 ) ، وإنما هو في سماء واحدة .
( يقصون عليكم ) أي : يقرءون عليكم ، ( آياتي ) كتبي ( وينذرونكم لقاء يومكم هذا ) وهو يوم القيامة ، ( قالوا شهدنا على أنفسنا ) أنهم قد بلغوا ، قال مقاتل : وذلك حين شهدت عليهم جوارحهم بالشرك والكفر . قال الله - عز وجل - : ( وغرتهم الحياة الدنيا ) حتى لم يؤمنوا ، ( وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) .
- ابن كثير : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
وهذا أيضا مما يقرع الله به سبحانه وتعالى كافري الجن والإنس يوم القيامة ، حيث يسألهم - وهو أعلم - : هل بلغتهم الرسل رسالاته؟ وهذا استفهام تقرير : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) أي : من جملتكم . والرسل من الإنس فقط ، وليس من الجن رسل ، كما قد نص على ذلك مجاهد ، وابن جريج ، وغير واحد من الأئمة ، من السلف والخلف .
وقال ابن عباس : الرسل من بني آدم ، ومن الجن نذر .
وحكى ابن جرير ، عن الضحاك بن مزاحم : أنه زعم أن في الجن رسلا واحتج بهذه الآية الكريمة وفي الاستدلال بها على ذلك نظر; لأنها محتملة وليست بصريحة ، وهي - والله أعلم - كقوله تعالى ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ) إلى أن قال : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) [ الرحمن : 19 - 22 ] ، ومعلوم أن اللؤلؤ والمرجان إنما يستخرج من الملح لا من الحلو . وهذا واضح ، ولله الحمد . وقد نص على هذا الجواب بعينه ابن جرير .
والدليل على أن الرسل إنما هم من الإنس قوله تعالى : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا ) إلى أن قال : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 163 - 165 ] ، وقال تعالى عن إبراهيم : ( وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ) [ العنكبوت : 27 ] ، فحصر النبوة والكتاب بعد إبراهيم في ذريته ، ولم يقل أحد من الناس : إن النبوة كانت في الجن قبل إبراهيم الخليل عليه السلام ثم انقطعت عنهم ببعثته . وقال تعالى : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) [ الفرقان : 20 ] ، وقال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] ، ومعلوم أن الجن تبع للإنس في هذا الباب; ولهذا قال تعالى إخبارا عنهم : ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين ) [ الأحقاف : 29 - 32 ] .
وقد جاء في الحديث - الذي رواه الترمذي وغيره - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا عليهم سورة الرحمن وفيها قوله تعالى : ( سنفرغ لكم أيها الثقلان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) [ الآيتان : 31 ، 32 ] .
وقال تعالى في هذه الآية الكريمة : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا ) أي : أقررنا أن الرسل قد بلغونا رسالاتك ، وأنذرونا لقاءك ، وأن هذا اليوم كائن لا محالة .
قال تعالى : ( وغرتهم الحياة الدنيا ) أي : وقد فرطوا في حياتهم الدنيا ، وهلكوا بتكذيبهم الرسل ، ومخالفتهم للمعجزات ، لما اغتروا به من زخرف الحياة الدنيا وزينتها وشهواتها ، ( وشهدوا على أنفسهم ) أي : يوم القيامة ( أنهم كانوا كافرين ) أي : في الدنيا ، بما جاءتهم به الرسل ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
- القرطبى : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
قوله : يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين
قوله تعالى يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم أي يوم نحشرهم نقول لهم ألم يأتكم رسل فحذف ; فيعترفون بما فيه افتضاحهم . ومعنى ( منكم ) في الخلق والتكليف والمخاطبة . ولما كانت الجن ممن يخاطب ويعقل قال : ( منكم ) وإن كانت الرسل من الإنس وغلب الإنس في الخطاب كما يغلب المذكر على المؤنث . وقال ابن عباس : رسل الجن هم الذين بلغوا قومهم ما سمعوه من الوحي ; كما قال : ولوا إلى قومهم منذرين . وقال مقاتل والضحاك : أرسل الله رسلا من الجن كما أرسل من الإنس . وقال مجاهد : الرسل من الإنس ، والنذر من الجن ; ثم قرأ إلى قومهم منذرين . وهو معنى قول ابن عباس ، وهو الصحيح على ما يأتي بيانه في " الأحقاف " . وقال الكلبي : كانت الرسل قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم يبعثون إلى الإنس والجن جميعا . قلت : وهذا لا يصح ، بل في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود الحديث . على ما يأتي بيانه في " الأحقاف " . وقال ابن عباس : كانت الرسل تبعث إلى الإنس وإن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الجن والإنس ; ذكره أبو الليث السمرقندي . وقيل : كان قوم من الجن استمعوا إلى الأنبياء ثم عادوا إلى قومهم وأخبروهم ; كالحال مع نبينا عليه السلام . فيقال لهم رسل الله ، وإن لم ينص على إرسالهم . وفي التنزيل : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان أي من أحدهما ، وإنما يخرج من الملح دون العذب ، فكذلك الرسل من الإنس دون الجن ; فمعنى منكم أي من أحدكم . وكان هذا جائزا ; لأن ذكرهما سبق . وقيل : إنما صير الرسل في مخرج اللفظ من الجميع لأن الثقلين قد ضمتهما عرصة القيامة ، والحساب عليهم دون الخلق ; فلما صاروا في تلك العرصة في حساب واحد في شأن الثواب والعقاب خوطبوا يومئذ بمخاطبة واحدة كأنهم جماعة واحدة ; لأن بدء خلقهم للعبودية ، والثواب والعقاب على العبودية ، ولأن الجن أصلهم من مارج من نار ، وأصلنا من تراب ، وخلقهم غير خلقنا ; فمنهم مؤمن وكافر . وعدونا إبليس عدو لهم ، يعادي مؤمنهم ويوالي كافرهم . وفيهم أهواء : شيعة وقدرية ومرجئة يتلون كتابنا . وقد وصف الله عنهم في سورة " الجن " من قوله : وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون . وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا على ما يأتي بيانه هناك .
يقصون في موضع رفع نعت لرسل .
قالوا شهدنا على أنفسنا أي شهدنا أنهم بلغوا .
وغرتهم الحياة الدنيا قيل : هذا خطاب من الله للمؤمنين ; أي إن هؤلاء قد غرتهم الحياة الدنيا ، أي خدعتهم وظنوا أنها تدوم ، وخافوا زوالها عنهم إن آمنوا .
وشهدوا على أنفسهم أي اعترفوا بكفرهم . قال مقاتل : هذا حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك وبما كانوا يعملون .
- الطبرى : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
القول في تأويل قوله : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عما هو قائل يوم القيامة لهؤلاء العادلين به من مشركي الإنس والجن, يخبر أنه يقول لهم تعالى ذكره يومئذ: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي)، يقول: يخبرونكم بما أوحي إليهم من تنبيهي إياكم على مواضع حججي، وتعريفي لكم أدلّتي على توحيدي, وتصديق أنبيائي, والعمل بأمري، والانتهاء إلى حدودي =(وينذرونكم لقاء يومكم هذا)، يقول: يحذّرونكم لقاء عذابي في يومكم هذا، وعقابي على معصيتكم إيّاي, فتنتهوا عن معاصيَّ . (41)
وهذا من الله جل ثناؤه تقريع وتوبيخ لهؤلاء الكفرة على ما سلف منهم في الدنيا من الفسوق والمعاصي. ومعناه: قد أتاكم رسلٌ منكم ينبِّهونكم على خطأ ما كنتم عليه مقيمين بالحجج البالغة، وينذرونكم وعيدَ الله على مقامكم على ما كنتم عليه مقيمين, فلم تقبلوا ذلك، ولم تتذكروا ولم تعتبروا .
* * *
واختلف أهل التأويل في" الجن ", هل أرسل منهم إليهم، أم لا؟
فقال بعضهم: قد أرسل إليهم رسل، كما أرسل إلى الإنس منهم رسلٌ .
* ذكر من قال ذلك:
13896- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سئل الضحاك عن الجن، هل كان فيهم نبيّ قبل أن يُبْعث النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألم تسمع إلى قول الله: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصُّون عليكم آياتي)، يعني بذلك: رسلا من الإنس ورسلا من الجن؟ فقالوا: بلَى!
* * *
وقال آخرون: لم يرسل منهم إليهم رسولٌ, ولم يكن له من الجنّ قطٌّ رسول مرسل, وإنما الرسل من الإنس خاصَّة ، فأما من الجن فالنُّذُر . قالوا: وإنما قال الله: (ألم يأتكم رسل منكم)، والرسل من أحد الفريقين, كما قال: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ، [سورة الرحمن: 19]، ثم قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، [سورة الرحمن: 22]، وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح دون العذب منهما، وإنما معنى ذلك: يخرج من بعضهما، أو من أحدهما . (42) قال: وذلك كقول القائل لجماعة أدؤُرٍ: " إن في هذه الدُّور لشرًّا ", وإن كان الشر في واحدة منهن, فيخرج الخبر عن جميعهن، والمراد به الخبر عن بعضهن, وكما يقال: " أكلت خبزًا ولبنًا "، إذا اختلطا، ولو قيل: " أكلت لبنًا ", كان الكلام خطأً, لأن اللبن يشرب ولا يؤكل .
* ذكر من قال ذلك:
13897- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم)، قال: جمعهم كما جمع قوله: وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ، [سورة فاطر: 12]، ولا يخرج من الأنهار حلية = قال ابن جريج ، قال ابن عباس: هم الجن لقُوا قومهم, وهم رسل إلى قومهم .
* * *
فعلى قول ابن عباس هذا, أنّ من الجنّ رسلا للإنس إلى قومهم = فتأويل الآية على هذا التأويل الذي تأوَّله ابن عباس: ألم يأتكم، أيها الجن والإنس، رسل منكم، فأما رسل الإنس فرسل من الله إليهم، وأما رسل الجن فرسُل رُسُل الله من بني آدم, وهم الذين إذا سَمِعوا القرآنَ وَلّوا إلى قومهم منذرين . (43)
* * *
وأما الذين قالوا بقول الضحاك, فإنهم قالوا: إن الله تعالى ذكره أخبرَ أنّ من الجن رسلا أرسلوا إليهم, كما أخبر أن من الإنس رسلا أرسلوا إليهم . قالوا: ولو جاز أن يكون خبرُه عن رسل الجن بمعنى أنهم رسل الإنس, جاز أن يكون خبره عن رسل الإنس بمعنى أنهم رُسُل الجنّ . (44) قالوا: وفي فساد هذا المعنى ما يدلُّ على أن الخبرين جميعًا بمعنى الخبر عنهم أنهم رُسُل الله, لأن ذلك هو المعروف في الخطاب دون غيره .
* * *
القول في تأويل قوله : قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن قول مشركي الجن والإنس عند تقريعه إياهم بقوله لهم: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ، أنهم يقولونه ................ (45) =(شهدنا على أنفسنا)، بأن رسلك قد أتتنا بآياتك, وأنذرتنا لقاء يومنا هذا, فكذبناها وجحدنا رسالتها, ولم نتبع آياتك ولم نؤمن بها .
قال الله خبرًا مبتدأ: وغَرَّت هؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام، وأولياءَهم من الجن (46) =(الحياة الدنيا)، يعني: زينة الحياة الدنيا، وطلبُ الرياسة فيها والمنافسة عليها, أن يسلموا لأمر الله فيطيعوا فيها رسله, فاستكبروا وكانوا قومًا عالين . فاكتفى بذكر " الحياة الدنيا " من ذكر المعاني التي غرَّتهم وخدَعتهم فيها, إذ كان في ذكرها مكتفًى عن ذكر غيرها، لدلالة الكلام على ما تُرك ذكره = يقول الله تعالى ذكره: (وشهدوا على أنفسهم)، يعني: هؤلاء العادلين به يوم القيامة = أنهم كانوا في الدنيا كافرين به وبرسله, لتتم حجَّة الله عليهم بإقرارهم على أنفسهم بما يوجب عليهم عقوبته وأليمَ عذابه .
* * *
-------------------
الهوامش :
(41) انظر تفسير (( الإنذار )) فيما سلف من فهارس اللغة ( نذر ) .
(42) هذه مقالة الفراء ، انظر معاني القرآن 1 : 354 ، وظاهر أن الذي بعده من كلام الفراء أيضا من موضع آخر غير هذا الموضع .
(43) اقرأ آيات سورة الأحقاف : 29 - 32 .
(44) يعني بهذا أن المنذرين الذين ذهبوا إلى قومهم ، لو جاز أن يسموا (( رسلا )) أرسلهم الإنس إلى الجن ، جاز أن يسمى (( رسل الإنس )) = وهم رسل الله إلى الإنس والجن = (( رسل الجن )) ، أرسلهم الجن إلى الإنس . وهذا ظاهر البطلان .
(45) في المطبوعة : (( أنهم يقولون : شهدنا على أنفسنا )) ، وصل الكلام ، وفي المخطوطة بياض ، جعلت مكانه هذه النقط ، وأمام البياض في المخطوطة حرف ( ط ) دلالة على أنه خطأ ، وأنه كان هكذا في النسخة التي نقل عنها .
(46) انظر تفسير (( الغرور )) فيما سلف ص : 56 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
- ابن عاشور : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
هذا من جملة المقاولة الّتي تجري يوم الحشر ، وفصلت الجملة لأنَّها في مقام تعداد جرائمهم التي استحقّوا بها الخلود ، إبطالاً لمعذرتهم ، وإعلاناً بأنَّهم محقوقون بما جُزوا به ، فأعاد نداءهم كما ينادَى المندّد عليه الموبَّخ فيزداد روْعاً .
والهمزة في { ألم يأتيكم } للاستفهام التّقريري ، وإنَّما جعل السؤال عن نفي إتيان الرّسل إليهم لأنّ المقرّر إذا كان حاله في ملابسة المقرّر عليه حالَ من يُظنّ به أن يجيب بالنَّفي ، يؤتى بتقريره داخلاً على نفي الأمر الّذي المراد إقراره بإثباته ، حتّى إذا أقرّ بإثباته كان إقراره أقطع لعُذره في المؤاخذة به ، كما يقال للجاني : ألَسْت الفاعل كذا وكذا ، وألست القائل كذا ، وقد يسلك ذلك في مقام اختبار مقدار تمكّن المسؤول المقرّر من اليقين في المقرّر عليه ، فيؤتى بالاستفهام داخلاً على نفي الشّيء المقرّر عليه ، حتىّ إذا كانت له شبهة فيه ارتبك وتلعثم . ومنه قوله تعالى : { وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم } [ الأعراف : 172 ] ، ولمّا كان حال هؤلاء الجنّ والإنس في التمرّد على الله ، ونبذ العمل الصّالح ظهرياً ، والإعراض عن الإيمان ، حالَ من لم يطرق سمعه أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ، جيء في تقريرهم على بعثَة الرّسل إليهم بصيغة الاستفهام عن نفي مجيء الرّسل إليهم ، حتّى إذا لم يجدوا لإنكار مجيء الرّسل مساغاً ، واعترفوا بمجيئهم ، كان ذلك أحرى لأخذهم بالعقاب .
والرّسل : ظاهره أنّه جمع رسول بالمعنى المشهور في اصطلاح الشّرع ، أي مرسل من الله إلى العباد بما يرشدهم إلى ما يجب عليهم : من اعتقاد وعمل ، ويجوز أن يكون جمع رسول بالمعنى اللّغوي وهو من أرسله غيره كقوله تعالى : { إذْ جاءها المرسلون } [ يس : 13 ] وهم رسل الحواريين بعد عيسى .
فوَصْف الرّسل بقوله : { منكم } لزيادة إقامة الحجّة ، أي رسل تعرفونهم وتسمعونهم ، فيجوز أن يكون ( مِن ) اتِّصالية مثل الّتي في قولهم : لَسْتُ منك ولستَ مِنِّي ، وليست للتّبعيض ، فليست مثل الّتي في قوله : { هو الذي بعث في الأمّيين رسولاً منهم } [ الجمعة : 2 ] وذلك أنّ رسل الله لا يكونون إلاّ من الإنس ، لأنّ مقام الرّسالة عن الله لا يليق أن يجعل إلاّ في أشرف الأجناس من الملائكة والبشر ، وجنسُ الجنّ أحَطّ من البشر لأنَّهم خلقوا من نار .
وتكون ( من ) تبعيضية ، ويكون المراد بضمير : { منكم } خصوص الإنس على طريقة التغليب ، أو عود الضّمير إلى بعض المذكور قَبله كما في قوله تعالى : { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } [ الرحمن : 22 ] وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من البحر الملح . فأمّا مؤاخذة الجنّ بمخالفة الرّسل فقد يخلق الله في الجنّ إلهاماً بوجوب الاستماع إلى دعوة الرّسل والعمل بها ، كما يدلّ عليه قوله تعالى في سورة الجنّ : { قُل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنَّا سمعنا قُرآناً عجبا }
[ الجن : 1 ] الآية ، وقال في سورة الأحقاف ( 30 ، 31 ) : { قالوا يا قَوْمنا إنَّا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدّقا لما بين يديه يهدي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويُجركم من عذاب أليم } ذلك أن الظواهر تقتضي أنّ الجنّ لهم اتّصال بهذا العالم واطّلاع على أحوال أهله : { إنَّه يَراكم هو وقبيلُه من حيث لا ترونهم } [ الأعراف : 27 ] فضعف قول من قال بوُجود رسل من الجنّ إلى جنسهم ، ونُسب إلى الضحاك ، ولذلك فقوله : { ألم يأتيكم } مصروف عن ظاهره من شموله الإنس والجنّ ، ولم يرد عن النّبيء صلى الله عليه وسلم ما يثبت به أنّ الله أرسل رسلاً من الجنّ إلى جنسهم ، ويجوز أن يكون رسل الجنّ طوائف منهم يستمعون إلى الأنبياء ويفهمون ما يَدْعون إليه ويبلّغون ذلك إلى أقوامهم ، كما تقتضيه الآية في سورة الأحقاف؛ فمؤاخذة الجنّ على الإشراك بالله يقتضيها بلوغ توحيد الله إلى علمهم لأنّ أدلّة الوحدانيّة عقليّة لا تحتاج إلاّ إلى ما يُحرّك النّظر . فلمّا خلق الله للجنّ علماً بما تجيء به رسل الله من الدّعاء إلى النّظر في التّوحيد فقد توجَّهت عليهم المؤاخذة بترك الإيمان بوحدانيّة الله تعالى فاستحقّوا العذاب على الإشراك دون توقف على توجيه الرّسل دعوتهم إليهم .
ومن حسن عبارات أيمّتنا أنَّهم يقولون : الإيمان واجب على مَن بلَغَتْه الدّعوة ، دون أن يقولوا : على مَن وُجّهت إليه الدّعوة . وطرق بلوغ الدّعوة عديدة ، ولم يثبت في القرآن ولا في صحيح الآثار أنّ النّبيء محمّداً صلى الله عليه وسلم ولا غيرَه من الرّسل ، بُعث إلى الجنّ لانتفاء الحكمة من ذلك ، ولعدم المناسبة بين الجنسين ، وتعذّر تخالطهما ، وعن الكلبي أنّ محمّداً صلى الله عليه وسلم بعث إلى الإنس والجنّ ، وقاله ابن حزم ، واختاره أبو عُمر ابن عبد البرّ ، وحكَى الاتِّفاق عليه : فيكون من خصائص النّبيء محمّد صلى الله عليه وسلم تشريفاً لقدره . والخوض في هذا ينبغي للعالم أن يربأ بنفسه عنه لأنَّه خوض في أحوال عالَم لا يدخل تحت مُدْرَكاتنا ، فإنّ الله أنبأنا بأنّ العوالم كلّها خاضعة لسلطانه . حقيق عليها طاعته ، إذا كانت مدركة صالحة للتكليف .
والمقصود من الآية الّتي نتكلّم عليها إعلامُ المشركين بأنَّهم مأمورون بالتّوحيد والإسلام وأنّ أولياءهم من شياطين الإنس والجن غير مفلتين من المؤاخذة على نبذ الإسلام . بلْهَ أتْباعهم ودهمائهم . فذكر الجنّ مع الإنس في قوله : { يا معشر الجن والإنس } يوم القيامة لتبكيت المشركين وتحْسيرهم على ما فرط منهم في الدّنيا من عبادة الجنّ أو الالتجاءِ إليهم ، على حدّ قوله تعالى : { ويوم يحشرهم وما يَعبدون من دون الله فيقول أنتم أضللتم عبادي هؤلاء } [ الفرقان : 17 ] وقوله : { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أنتَ قلتَ للنّاس اتَّخذوني وأمِّي إلهين من دون الله }
[ المائدة : 116 ].
والقَصّ كالقَصَص : الإخبار ، ومنه القصّة للخبر ، والمعنى : يخبرونكم الأخْبار الدالّة على وحدانيّة الله وأمره ونهيه ووعده ووعيده ، فسمّى ذلك قَصَّاً؛ لأنّ أكثره أخبار عن صفات الله تعالى وعن الرّسل وأممهم وما حلّ بهم وعن الجزاء بالنّعيم أو العذاب . فالمراد من الآيات آيات القرآن والأقوالُ الّتي تتلى فيفهمها الجنّ بإلهام ، كما تقدّم آنفاً ، ويفهمها الإنس ممّن يعرف العربيّة مباشرة ومن لا يعرف العربيّة بالتّرجمة .
والإنذار : الإخبار بما يُخِيف ويُكره ، وهو ضدّ البشارة ، وتقدّم عند قوله تعالى : { إنّا أرسلناك بالحقّ بشيراً ونذيراً } في سورة البقرة ( 119 ) ، وهو يتعدّى إلى مفعول بنفسه وهو الملقى إليه الخبر ، ويتعدّى إلى الشّيء المخبر عنه : بالباء ، وبنفسه ، يقال : أنذرته بكذا وأنذرته كَذا ، قال تعالى : { فأنذرتكم ناراً تلظّى } [ الليل : 14 ] ، { فقُل أنذرتكم صاعقة } [ فصلت : 13 ] ، { وتُنْذِرَ يومَ الجمع } [ الشورى : 7 ] ولمّا كان اللّقاء يوم الحشر يتضمّن خيراً لأهل الخير وشرّا لأهل الشرّ ، وكان هؤلاء المخاطبون قد تمحّضوا للشرّ ، جُعل إخبار الرّسل إيَّاهم بلقاء ذلك اليوم إنذاراً لأنَّه الطَّرف الّذي تحقّق فيهم من جملة إخبار الرّسل إيَّاهم ما في ذلك اليوم وشرّه . ووصف اليوم باسم الإشارة في قوله : { يومكم هذا } لتهويل أمر ذلك بما يشاهد فيه ، بحيث لا تحيط العبارة بوصفه ، فيعدل عنها إلى الإشارة كقوله : { هذه النّار التي كنتم بها تكذّبون } [ الطور : 14 ].
ومعنى قولهم : { شهدنا على أنفسنا } الإقرارُ بما تضمّنه الاستفهام من إتيان الرّسل إليهم ، وذلك دليل على أن دخول حرف النّفي في جملة الاستفهام ليس المقصود منه إلاّ قطع المعذرة وأنّه أمر لا يسع المسؤولَ نفيُه ، فلذلك أجملوا الجواب : { قالوا شهدنا على أنفسنا } ، أي أقررنا بإتيان الرّسل إلينا .
واستعملت الشّهادة في معنى الإقرار لأنّ أصل الشّهادة الإخبار عن أمر تحقّقه المخبر وبيَّنه ، ومنه : { شهد الله أنَّه لا إله إلا هو والملائكةُ وأولوا العلم قائماً بالقسط } [ آل عمران : 18 ]. وشهد عليه ، أخبر عنه خبرَ المتثبت المتحقّق ، فلذلك قالوا : { شهدنا على أنفسنا } أي أقررنا بإتيان الرّسل إلينا . ولا تنافي بين هذا الإقرار وبين إنكارهم الشّرك في قوله : { إلاّ أن قالوا والله ربّنا ما كنّا مشركين } [ الأنعام : 23 ] لاختلاف المخبر عنه في الآيتين . وفُصِلت جملة : { قالوا } لأنَّها جارية في طريقة المحاورة .
وجملة { وغرتهم الحياة الدنيا } معطوفة على جملة : { قالوا شهدنا } باعتبار كون الأولى خبراً عن تبيّن الحقيقة لهم ، وعلمهم حينئذ أنَّهم عَصوا الرّسل ومَن أرسلهم . وأعرضوا عن لقاء يومهم ذلك . فعلموا وعلم السّامع لخبرهم أنَّهم ما وقعوا في هذه الربقة إلاّ لأنَّهم غرّتهم الحياة الدّنيا ، ولولا ذلك الغرور لما كان عملهم ممّا يرضاه العاقل لنفسه .
والمراد بالحياة أحوالها الحاصلة لهم : من اللّهو ، والتّفاخر ، والكبر ، والعناد . والاستخفاف بالحقائق ، والاغترار بما لا ينفع في العاجل والآجل . والمقصود من هذا الخبر عنهم كشف حالهم ، وتحذير السّامعين من دوام التورّط في مثله . فإنّ حالهم سواء .
وجملة : { وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين } معطوفة على جملة : { وغرتهم الحياة الدنيا } وهو خبر مستعمل في التعجيب من حالهم ، وتخطئة رأيهم في الدّنيا .
وسوء نظرهم في الآيات ، وإعراضهم عن التدبّر في العواقب . وقد رُتّب هذا الخبرُ على الخبر الّذي قبله ، وهو اغترارهم بالحياة الدّنيا ، لأنّ ذلك الاغترار كان السبب في وقوعهم في هذه الحال حتّى استسلموا وشهدوا على أنفسهم أنَّهم كانوا في الدّنيا كافرين بالله ، فأمّا الإنس فلأنَّهم أشركوا به وعبدوا الجنّ ، وأمّا الجنّ فلأنَّهم أغروا الإنس بعبادتهم ووضعوا أنفسهم شركاء لله تعالى ، فكِلا الفريقين من هؤلاء كافر ، وهذا مثل ما أخبرَ الله عنهم أو عن أمثالهم بمثل هذا الخبر التعجيبي في قوله : { وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم } [ الملك : 10 ، 11 ]. فانظر كيف فرّع على قولهم أنَّهم اعترفوا بذنبهم ، مع أنّ قولهم هو عين الاعتراف ، فلا يفرّع الشّيء عن نفسه ، ولكن أريد من الخبر التّعجيب من حالهم ، والتسميع بهم ، حين ألجئوا إلى الاعتراف في عاقبة الأمر .
وشهادتهم على أنفسهم بالكفر كانت بعد التّمحيص والإلجاء ، فلا تنافي أنَّهم أنكروا الكفر في أوّل أمر الحساب ، إذ قالوا : { والله ربّنا ما كنّا مشركين } [ الأنعام : 23 ]. قال سعيد بن جبير : قال رجل لابن عبّاس : «إنِّي أجد أشياء تختلف عليّ قال اللَّهُ : { ولا يكتمون الله حديثاً } [ النساء : 42 ] ، وقال : { إلاّ أن قالوا واللَّهِ ربّنا ما كنّا مشركين } [ الأنعام : 23 ] ، فقد كَتَموا . فقال ابن عبّاس : إنّ الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم ، فقال المشركون : تَعالوا نقل : ما كنّا مشركين ، فختم الله على أفواههم فتنطق أيديهم» .
- إعراب القرآن : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
ا»
أداة نداءَعْشَرَ»
منادى مضاف منصوب.لْجِنِّ»
مضاف إليه.َ الْإِنْسِ»
معطوف ، وجملة النداء مقول القول لفعل محذوف تقديره يقال لهم.َ لَمْ يَأْتِكُمْ»
مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة لأنه معتل الآخر والكاف مفعولهُ سُلٌ»
فاعله.ِنْكُمْ»
متعلقان بمحذوف صفة رسل وجملة ألم يأتكم مقول القول لفعل محذوف أيضا.َقُصُّونَ عَلَيْكُمْ»
فعل مضارع نعلق به الجار والمجرور والواو فاعله.ياتِي»
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. وياء المتكلم مضاف إليه والجملة في محل رفع صفة ثانية لرسل.َ يُنْذِرُونَكُمْ»
فعل مضارع
و فاعل ومفعول به أول.ِقاءَ»
مفعول به ثان.َوْمِكُمْ»
مضاف إليه.ذا»
اسم إشارة في محل جر صفة والجملة معطوفة. وجملة قالوا استئنافية لا محل لها.َهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا»
فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله والجملة مقول القول.َ غَرَّتْهُمُ»
فعل ماض ومفعوله والواو اعتراضية.لْحَياةُ»
فاعله ، لدُّنْيا»
صفة والجملة اعتراضية لا محل لها.َ شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ»
فعل ماض مبني على الضم تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله ، والجملة معطوفة على شهدناَنَّهُمْ»
أن واسمها.انُوا»
كان واسمها.افِرِينَ»
خبر كان منصوب بالياء والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها في محل جر بحرف الجر المحذوف والتقدير شهدوا بكونهم كافرين. وجملة كان واسمها وخبرها في محل رفع خبر أن.
- English - Sahih International : "O company of jinn and mankind did there not come to you messengers from among you relating to you My verses and warning you of the meeting of this Day of yours" They will say "We bear witness against ourselves"; and the worldly life had deluded them and they will bear witness against themselves that they were disbelievers
- English - Tafheem -Maududi : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ(6:130) (Then Allah will also ask them): 'O assembly of jinn and men! Did there not come to y ou Messengers from among yourselves, relating to you My signs, and warning you of the encounter of this your Day (of Judgement)?' They will say: 'Yes, we bear witness against ourselves.' *98 They have been deluded by the life of this world, and they will bear witness against themselves that they had disbelieved. *99
- Français - Hamidullah : O communauté des djinns et des humains ne vous est-il pas venu des messagers choisis parmi vous qui vous ont raconté Mes signes et averti de la rencontre de ce jour Ils diront Nous témoignons contre nous-mêmes La vie présente les a trompés; et ils ont témoigné contre eux-mêmes qu'en vérité ils étaient mécréants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : "O Gesellschaft der Ginn und der Menschen sind nicht zu euch Gesandte von euch selbst gekommen die euch Meine Zeichen berichtet und euch vor dem Eintreffen dieses euren Tages gewarnt haben" Sie werden sagen "Wir zeugen gegen uns selbst" Das diesseitige Leben hat sie getäuscht und sie zeugen gegen sich selbst daß sie ungläubig waren
- Spanish - Cortes : ¡Asamblea de genios y de hombres ¿No vinieron a vosotros enviados salidos de vosotros para contaros Mis signos y preveniros contra el encuentro de este vuestro día Dirán Atestiguamos contra nosotros mismos Pero la vida de acá les engañó y atestiguarán contra sí mismos su incredulidad
- Português - El Hayek : Ó assembléia de gênios e humanos acaso não se vos apresentaram mensageiros dentre vós que vos ditaram Meusversículos e vos admoestaram com o comparecimento neste vosso dia Dirão Testemunhamos contra nós mesmos A vidaterrena os iludiu e confessarão que tinham sido incrédulos
- Россию - Кулиев : Мы скажем О сонмище джиннов и людей Разве к вам не приходили посланники из вашего числа которые читали вам Мои аяты и предупреждали вас о встрече с этим днем вашим Они скажут Мы свидетельствуем против самих себя Мирская жизнь обольстила их и они принесут свидетельство против самих себя о том что они были неверующими
- Кулиев -ас-Саади : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
Мы скажем: «О сонмище джиннов и людей! Разве к вам не приходили посланники из вашего числа, которые читали вам Мои аяты и предупреждали вас о встрече с этим днем вашим?» Они скажут: «Мы свидетельствуем против самих себя». Мирская жизнь обольстила их, и они принесут свидетельство против самих себя о том, что они были неверующими.- Turkish - Diyanet Isleri : "Ey cin ve insan topluluğu Size ayetlerimi anlatan bugünle karşılaşmanızdan sizi uyaran peygamberler gelmedi mi" "Kendi hakkımızda şahidiz" derler Dünya hayatı onları aldattı da inkarcı olduklarına kendi aleyhlerinde şahidlik ettiler
- Italiano - Piccardo : “O consesso di dèmoni e di uomini non vi sono forse giunti messaggeri scelti tra voi che vi hanno riferito i Miei segni e vi hanno avvertito dell'incontro di questo Giorno” Diranno “Lo testimoniamo contro noi stessi” La vita terrena li ha ingannati ed hanno testimoniato contro loro stessi di essere miscredenti
- كوردى - برهان محمد أمين : له ڕۆژی قیامهتدا خوا دهفهرموێت ئهی دهستهی پهری و ئینسان ئایا پێغهمبهرانتان له خۆتان بۆ نههات که ئایهتهکانی من و ڕووداوهکان بهسهرتاندا بخوێننهوه و ئاگادارتان بکهن و بتانترسێنن لهوهی که ئهم ڕۆژهتان بۆ پێش دێت ههموو بهیهکدهنگ دهڵێن ڕاسته ئێمه خۆمان شایهتی لهسهر خۆمان دهدهین بهڵام ئهوانه کاتی خۆی ژیانی دنیا سهری لێشێواندن و ههڵی خهڵهتاندن و شایهتیان لهسهر خۆیاندا که بهڕاستی کاتی خۆی بێ باوهڕ بوون
- اردو - جالندربرى : اے جنوں اور انسانوں کی جماعت کیا تمہارے پاس تم ہی میں سے پیغمبر نہیں اتے رہے جو میری ایتیں تم کو پڑھ پڑھ کر سناتے اور اس دن کے سامنے اموجود ہونے سے ڈراتے تھے وہ کہیں گے کہ پروردگار ہمیں اپنے گناہوں کا اقرار ہے ان لوگوں کو دنیاکی زندگی نے دھوکے میں ڈال رکھا تھا اور اب خود اپنے اوپر گواہی دی کہ کفر کرتے تھے
- Bosanski - Korkut : "O skupe džinski i ljudski zar vam iz redova vas samih poslanici nisu dolazili koji su vam ajete Moje kazivali i upozoravali vas da ćete ovaj vaš dan dočekati" Oni će reći "Mi to priznajemo na svoju štetu" Njih je život na Zemlji bio obmanuo i oni će sami protiv sebe posvjedočiti da su bili nevjernici
- Swedish - Bernström : [Och Gud skall säga] "Ni [onda] osynliga väsen och människor som är församlade här Kom inte sändebud ur era egna led till er och lät er höra Mina budskap och varskodde er om mötet denna Dag" Och de skall svara "Jo det erkänner Vi" De drogs till denna världens [lockelser] och måste vittna mot sig själva att de förnekade sanningen
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai golongan jin dan manusia apakah belum datang kepadamu rasulrasul dari golongan kamu sendiri yang menyampaikan kepadamu ayatayatKu dan memberi peringatan kepadamu terhadap pertemuanmu dengan hari ini Mereka berkata "Kami menjadi saksi atas diri kami sendiri" kehidupan dunia telah menipu mereka dan mereka menjadi saksi atas diri mereka sendiri bahwa mereka adalah orangorang yang kafir
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
(Hai golongan jin dan manusia, apakah belum datang kepadamu rasul-rasul dari golongan kamu sendiri) kalangan kamu sendiri; artinya sebagian kamu yang percaya kepada manusia atau utusan-utusan jin yang sengaja Kami biarkan mereka mendengar ucapan-ucapan para rasul Kami kemudian mereka menyampaikannya kepada kaumnya (yang menceritakan kepada kamu tentang ayat-ayat-Ku dan memperingatkan kamu tentang pertemuanmu dengan hari ini? Mereka berkata, "Kami menjadi saksi atas diri kami sendiri.") bahwa sesungguhnya kami telah menerimanya. Allah swt. berfirman: (Kehidupan dunia telah menipu mereka) sehingga mereka tidak mau beriman (dan mereka menjadi saksi atas diri mereka sendiri bahwa mereka adalah orang-orang yang kafir.)
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে জ্বিন ও মানব সম্প্রদায় তোমাদের কাছে কি তোমাদের মধ্য থেকে পয়গম্বরগণ আগমন করেনি যাঁরা তোমাদেরকে আমার বিধানাবলী বর্ণনা করতেন এবং তোমাদেরকে আজকের এ দিনের সাক্ষাতের ভীতি প্রদর্শন করতেন তারা বলবেঃ আমরা স্বীয় গোনাহ স্বীকার করে নিলাম। পার্থিব জীবন তাদেরকে প্রতারিত করেছে। তারা নিজেদের বিরুদ্ধে স্বীকার করে নিয়েছে যে তারা কাফের ছিল।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : மறுமை நாளில் இறைவன் ஜின்களையும் மனிதர்களையும் நோக்கி "ஜின்கள் மனிதர்கள் கூட்டத்தாரே உங்களுக்கு என் வசனங்களை அறிவித்து ஓதிக்காட்டவும் இந்த நாளில் ஏற்படப்போகும் சந்திப்பைப் பற்றி உங்களுக்கு எச்சரிக்கை செய்யவும் உங்களிலிருந்தே உங்களிடம் தூதர்கள் வரவில்லையா" என்று கேட்பான் அதற்கு அவர்கள் "நாங்களே எங்கள் பாவத்தின் மீது சாட்சி கூறுகிறோம்" என்று கூறுவார்கள்; இதற்குக்காரணம் உலக வாழ்க்கை அவர்களை மயக்கிவிட்டது அவர்கள் காஃபிர்களாக இருந்ததாக அவர்கள் தங்களுக்கு எதிராகவே சாட்சி கூறுவார்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : หมู่ญินและมนุษย์ทั้งหลาย บรรดาร่อซูลจากพวกเจ้ามิได้มายังพวกเจ้าดอกหรือ โดยที่พวกเขาจะบอกเล่าแก่พวกเจ้า ซึ่งบรรดาโองการของข้า และเตือนพวกเจ้า ซึ่งบรรดาโองการของข้า และเพื่อนพวกเจ้า ซึ่งการพบกับวัน ของพวกเจ้านี้ พวกเขากล่าวว่า พวกข้าพระองค์ขอยืนยันแก่ตัวของพวกเข้าพระองค์เอง และชีวิตความเป็นอยู่แห่งโลกนี้ได้หลอกลวงพวกเขา และพวกเขาก็ได้ยืนยันแก่ตัวของพวกเขาเองว่า แท้จริงพวกเขานั้นเป็นผู้ปฏิเสธการศรัทธา
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй жин ва инс жамоалари сизларга ўзингиздан бўлган Пайғамбарлар келиб оятларимни сизга айтиб бермадиларми сизларни ушбу кунингизга дучор бўлишингиз ҳақида огоҳлантирмадиларми дер Улар Ўзимизга қарши гувоҳлик бердик дерлар Уларни ҳаёти дунё ғурурга кетказди ва ўзларига қарши кофир бўлганларини айтиб гувоҳлик бердилар
- 中国语文 - Ma Jian : 精灵和人类的群众啊!难道你们同族中的使者没有来对你们叙述我的迹象,并警告你们将有今日的会见吗?他们说:我们已招认了。尘世的生活欺骗了他们,他将招认自己原是不信道的。
- Melayu - Basmeih : Wahai sekalian jin dan manusia Bukankah telah datang kepada kamu Rasulrasul dari kalangan kamu sendiri yang menyampaikan kepada kamu ayatayatKu perintahperintahKu dan yang memberikan amaran kepada kamu tentang pertemuan kamu dengan hari kiamat ini Mereka menjawab "Kami menjadi saksi mengakui akan kesalahan diri kami sendiri mendustakan Rasulrasul itu" Dan sebabnya ialah mereka telah diperdayakan oleh kemewahan hidup di dunia dan kerana itulah mereka menjadi saksi pada hari akhirat terhadap diri mereka sendiri bahawa sesungguhnya mereka adalah orangorang yang mengingkari apa yang telah disampaikan oleh Rasulrasul itu
- Somali - Abduh : Jinni iyo Insiyow Miyuuna idiin Imaanin Rasuuloo Idinka mid ah oo iddinka Warrama Aayaadkayga idiinkana Diga la kulanka Maalintan waxayna Dheheen waan ku Marag furray Naftanada waxaana Dhagartay Nolosha Dhaw waxayna ku Marag fureen Naftooda inay gaalo ahaayeen
- Hausa - Gumi : Yã jama'ar aljannu da mutãne Shin manzanni daga gare ku ba su jẽ muku ba sunã lãbarta ãyõyiNa a kanku kuma sunã yi muku gargaɗin haɗuwa da wannan yini nãku Suka ce "Mun yi shaida a kan kãwunanmu" Kuma rãyuwar dũniya tã rũɗẽ su Kuma suka yi shaida a kan kãwunansu cẽwa lalle ne sũ sun kasance kãfirai
- Swahili - Al-Barwani : Enyi makundi ya majini na watu Je hawakukujieni Mitume kutokana na nyinyi wenyewe wakikubainishieni Aya zangu na wakikuonyeni mkutano wa Siku yenu hii Nao watasema Tumeshuhudia juu ya nafsi zetu Na yaliwadanganya maisha ya dunia Nao watajishuhudia wenyewe ya kwamba walikuwa makafiri
- Shqiptar - Efendi Nahi : “O tog i xhindëve dhe i njerëzve a nuk ju patën ardhur pejgamberë nga mesi i juaj për t’ju treguar dokumentat Tona dhe për t’ju paralajmëruar takimin me këtë ditë” Ata do të thonë “Na këtë e pranojmë në dëm tonin” Ata i ka mashtruar jeta e kësaj bote dhe ata dëshmojnë kundër vetes se janë mohues
- فارسى - آیتی : اى گروه جنيان و آدميان، آيا بر شما پيامبرانى از خودتان فرستاده نشده تا آيات مرا برايتان بخوانند و شما را از ديدار چنين روزى بترسانند؟ گويند: ما به زيان خويش گواهى مىدهيم. زندگى دنيايى آنان را بفريفت و به زيان خود گواهى دادند، كه از كافران بودند.
- tajeki - Оятӣ : Эй гурӯҳи ҷинниёну одамиён, оё бар шумо паёмбароне аз худатон фиристода нашуда, то оёти Маро бароятон бихонанд ва шуморо аз дидори чунин рӯзе битарсонанд? Гӯянд: «Мо ба зиёни худ гувоҳӣ медиҳем». Зиндагии дунёӣ ононро бифирефт ва ба зиёни худ гувоҳӣ доданд, ки аз кофирон буданд.
- Uyghur - محمد صالح : «ئى جىنلار ۋە ئىنسانلار جامائەسى! سىلەرگە ئۆز ئىچىڭلاردىن مېنىڭ ئايەتلىرىمنى بايان قىلىپ بېرىدىغان، بۇ كۈنۈڭلاردىكى ئۇچرىشىشتىن سىلەرنى ئاگاھلاندۇرىدىغان پەيغەمبەرلەر كەلمىدىمۇ؟» ئۇلار: «گۇناھلىرىمىزنى ئېتىراپ قىلدۇق» دەيدۇ. ئۇلارنى دۇنيا تىرىكچىلىكى ئالدىغان، ئۇلار ئۆزلىرىنىڭ ھەقىقەتەن كاپىر بولغانلىقلىرىنى ئېتىراپ قىلىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : "ജിന്നുകളുടെയും മനുഷ്യരുടെയും സമൂഹമേ, എന്റെ പ്രമാണങ്ങള് വിവരിച്ചുതരികയും ഈ ദിനത്തെ നേരിടേണ്ടിവരുമെന്ന് മുന്നറിയിപ്പ് നല്കുകയും ചെയ്യുന്ന, നിങ്ങളില് നിന്നുതന്നെയുള്ള ദൈവദൂതന്മാര് നിങ്ങളുടെ അടുത്ത് വന്നിരുന്നില്ലേ?” അവര് പറയും: "അതെ; ഞങ്ങളിതാ ഞങ്ങള്ക്കെതിരെ തന്നെ സാക്ഷ്യം വഹിക്കുന്നു.” ഐഹികജീവിതം അവരെ വഞ്ചനയിലകപ്പെടുത്തി. തങ്ങള് സത്യനിഷേധികളായിരുന്നുവെന്ന് അന്നേരം അവര് തങ്ങള്ക്കെതിരെ തന്നെ സാക്ഷ്യം വഹിക്കുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : ايها المشركون من الجن والانس الم ياتكم رسل من جملتكم وظاهر النصوص يدل على ان الرسل من الانس فقط يخبرونكم باياتي الواضحه المشتمله على الامر والنهي وبيان الخير والشر ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامه قال هولاء المشركون من الانس والجن شهدنا على انفسنا بان رسلك قد بلغونا اياتك وانذرونا لقاء يومنا هذا فكذبناهم وخدعت هولاء المشركين زينه الحياه الدنيا وشهدوا على انفسهم انهم كانوا جاحدين وحدانيه الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم السلام
*98). The wrong-doers would confess that even though the Prophets had come, in succession, in order to inform them of the Truth, it was their own fault that they did not respond to their call.
*99). They were deniers of, and disbelievers in, rather than ignorant of the Truth. They acknowledged tha! the Truth had been conveyed to them and that they had refused to accept it.