- عربي - نصوص الآيات عثماني : سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَىْءٍۢ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍۢ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
- عربى - نصوص الآيات : سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ۚ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا ۗ قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ۖ إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون
- عربى - التفسير الميسر : سيقول الذين أشركوا: لو أراد الله أن لا نشرك -نحن وآباؤنا- وأن لا نحرم شيئًا مِن دونه ما فعلنا ذلك، وردَّ الله عليهم ببيان أن هذه الشبهة قد أثارها الكفار مِن قبلهم، وكذَّبوا بها دعوة رسلهم، واستمَرُّوا على ذلك، حتى نزل بهم عذاب الله. قل لهم -أيها الرسول-: هل عندكم -فيما حرَّمتم من الأنعام والحرث، وفيما زعمتم من أن الله قد شاء لكم الكفر، ورضيه منكم وأحبه لكم- من علم صحيح فتظهروه لنا؟ إن تتبعون في أمور هذا الدين إلا مجرد الظن، وإن أنتم إلا تكذبون.
- السعدى : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
تفسير الآيتين 148 و 149 : هذا إخبار من الله أن المشركين سيحتجون على شركهم وتحريمهم ما أحل الله، بالقضاء والقدر، ويجعلون مشيئة الله الشاملة لكل شيء من الخير والشر حجة لهم في دفع اللوم عنهم. وقد قالوا ما أخبر الله أنهم سيقولونه، كما قال في الآية الأخرى: { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } الآية. فأخبر تعالى أن هذة الحجة، لم تزل الأمم المكذبة تدفع بها عنهم دعوة الرسل، ويحتجون بها، فلم تجد فيهم شيئا ولم تنفعهم، فلم يزل هذا دأبهم حتى أهكلهم الله، وأذاقهم بأسه. فلو كانت حجة صحيحة، لدفعت عنهم العقاب، ولما أحل الله بهم العذاب، لأنه لا يحل بأسه إلا بمن استحقه، فعلم أنها حجة فاسدة، وشبهة كاسدة، من عدة أوجه: منها: ما ذكر الله من أنها لو كانت صحيحة، لم تحل بهم العقوبة. ومنها: أن الحجة، لا بد أن تكون حجة مستندة إلى العلم والبرهان، فأما إذا كانت مستندة إلى مجرد الظن والخرص، الذي لا يغني من الحق شيئا، فإنها باطلة، ولهذا قال: { قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا } فلو كان لهم علم - وهم خصوم ألداء- لأخرجوه، فلما لم يخرجوه علم أنه لا علم عندهم. { إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ } ومَنْ بنى حججه على الخرص والظن، فهو مبطل خاسر، فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟ ومنها: أن الحجة لله البالغة، التي لم تبق لأحد عذرا، التي اتفقت عليها الأنبياء والمرسلون، والكتب الإلهية، والآثار النبوية، والعقول الصحيحة، والفطر المستقيمة، والأخلاق القويمة، فعلم بذلك أن كل ما خالف هذه الأدلة القاطعة باطل، لأن نقيض الحق، لا يكون إلا باطلا. ومنها: أن الله تعالى أعطى كل مخلوق، قدرة، وإرادة، يتمكن بها من فعل ما كلف به، فلا أوجب الله على أحد ما لا يقدر على فعله، ولا حرم على أحد ما لا يتمكن من تركه، فالاحتجاج بعد هذا بالقضاء والقدر، ظلم محض وعناد صرف. ومنها: أن الله تعالى لم يجبر العباد على أفعالهم، بل جعل أفعالهم تبعا لاختيارهم، فإن شاءوا فعلوا، وإن شاءوا كفوا. وهذا أمر مشاهد لا ينكره إلا من كابر، وأنكر المحسوسات، فإن كل أحد يفرق بين الحركة الاختيارية والحركة القسرية، وإن كان الجميع داخلا في مشيئة الله، ومندرجا تحت إرادته. ومنها: أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر يتناقضون في ذلك. فإنهم لا يمكنهم أن يطردوا ذلك، بل لو أساء إليهم مسيء بضرب أو أخذ مال أو نحو ذلك، واحتج بالقضاء والقدر لما قبلوا منه هذا الاحتجاج، ولغضبوا من ذلك أشد الغضب. فيا عجبا كيف يحتجون به على معاصي الله ومساخطه. ولا يرضون من أحد أن يحتج به في مقابلة مساخطهم؟" ومنها: أن احتجاجهم بالقضاء والقدر ليس مقصودا، ويعلمون أنه ليس بحجة، وإنما المقصود منه دفع الحق، ويرون أن الحق بمنزلة الصائل، فهم يدفعونه بكل ما يخطر ببالهم من الكلام وإن كانوا يعتقدونه خطأ
- الوسيط لطنطاوي : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
إن هذه الآيات الكريمة تعرض لشبهة قديمة جديدة: قديمة لأن كثيرا من مجادلى الرسل موهوا بها، وحديثة لأنها دائما تراود كثيرا من المتمسكين بالأوهام في سبيل إرضاء نزواتهم من المتع الباطلة والشهوات المحرمة.
إنهم يقولون عند ما يرتكبون القبائح والمنكرات: هذا أمر الله، وهذا قضاؤه، وتلك مشيئته وإرادته، ولو شاء الله عدم فعلنا لهذه الأشياء لما فعلناها وإذا كان الله قد قضى علينا بها فما ذنبنا؟ ولماذا يعاقبنا عليها؟ إلى غير ذلك من اللغو الباطل، والكلام العابث الذي يريدون من ورائه التحلل من أوامر الله ونواهيه.
ولنتدبر سويا أيها القارئ الكريم- هذه الآيات، وهي تحكى تلك الشبهات الباطلة، ثم تقذفها بالحق الواضح، والبرهان القاطع، فإذا هي زاهقة.
يقول- سبحانه- سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ.
أى: سيقول هؤلاء المشركون لو شاء الله- تعالى- ألا نشرك به وألا يشرك به آباؤنا من قبلنا، لنفذت مشيئته، ولما أشركنا نحن ولا آباؤنا.
ولو شاء كذلك ألا نحرم شيئا مما حرمناه من الحرث والأنعام وغيرها لتمت مشيئته ولما حرمنا شيئا مما حرمنا.
ولكنه- سبحانه- لم يشأ ذلك، بل شاء لنا أن نشرك معه في العبادة هذه الأصنام، وأن نحرم ما نحرم من الحرث والأنعام وقد رضى لنا ذلك فلماذا تطالبنا يا محمد بتغيير مشيئة الله، وتدعونا إلى الدخول في دينك الذي لم يشأ الله دخولنا فيه؟.
قال الآلوسى ما ملخصه: «وهم لم يريدوا بهذا الكلام الاعتذار عن ارتكاب القبيح، لأنهم لم يعتقدوا قبح أفعالهم وإنما مرادهم من هذا القول الاحتجاج على أن ما ارتكبوه- من الشرك والتحريم- حق ومشروع ومرضى عند الله، بناء على أن المشيئة والإرادة تسابق الأمر وتستلزم الرضا، فيكون حاصل كلامهم:
إن ما نرتكبه من الشرك والتحريم وغيرهما تعلقت به مشيئة الله وإرادته، وكل ما تعلقت به مشيئة الله وإرادته فهو مشروع ومرضى عنده. فينتج أن ما نرتكبه من الشرك والتحريم مشروع ومرضى عند الله».
وقد حكى القرآن في كثير من آياته ما يشبه قولهم هذا، ومن ذلك قوله- تعالى- وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ، كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.
وقوله- تعالى- وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ. وقد رد القرآن على قولهم بما يبطله فقال: كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا.
أى: مثل هذا التكذيب من مشركي مكة للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من إبطال الشرك، قد كذب الذين من قبلهم لرسلهم، واستمروا في تكذيبهم لهم حتى أنزلنا على هؤلاء المكذبين عذابنا ونقمتنا.
ومن مظاهر تكذيب هؤلاء المشركين لرسلهم، أنهم عند ما قال لهم الرسل عليهم السلام- اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. كذبوهم واحتجوا عليهم بأن ما هم عليه من شرك واقع بمشيئة الله، وزعموا أنه ما دام كذلك فهو مرضى عنده- سبحانه- فكان الرد عليهم بأنه لو كان هذا الشرك وغيره من قبائحهم مرضيا عنده- سبحانه-: لما أذاق أسلافهم المكذبين- الذين قالوا لرسلهم مثل قولهم- عذابه ونقمته. ولما أخذهم أخذ عزيز مقتدر.
قال الآلوسى ما ملخصه: وحاصل هذا الرد أن كلام المشركين يتضمن تكذيب الرسل وقد دلت المعجزة على صدقهم، ولا يخفى أن المقدمة الأولى وهي أن كل شيء بمشيئة الله:
لا تكذيب فيها، بل هي متضمنة لتصديق ما تطابق فيه العقل والشرع من كون كل شيء بمشيئة الله، وامتناع أن يجرى في ملكه خلاف ما يشاء. فمنشأ التكذيب هو المقدمة الثانية، وهي أن كل ما تعلقت به مشيئة الله وإرادته فهو مشروع ومرضى عنه، لأن الرسل عليهم السلام:
يدعونهم إلى التوحيد ويقولون لهم: إن الله لا يرضى لعباده الكفر دينا ولا يأمر بالفحشاء، فيكون قولهم: إن ما نرتكبه مشروع ومرضى عنده سبحانه: تكذيب لقول الرسل. وحيث كان فساد هذه الحجة باعتبار المقدمة الثانية تعين أنها ليست بصادقة، وحينئذ يصدق نقيضها وهي أنه ليس كل ما تعلقت به المشيئة والإرادة بمشروع ومرضى عنده- سبحانه- بناء على أن الإرادة لا تساوق الأمر.
ثم بعد هذا الرد المفحم للمشركين أمر الله: تعالى: رسوله أن يطالبهم بدليل على مزاعمهم فقال: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا.
أى: قل لهم يا محمد على سبيل التوبيخ والتعجيز: هل عندكم من علم ثابت تعتمدون عليه في قولكم لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا! إن كان عندكم هذا العلم فأخرجوه لنا لنتباحث معكم فيه، ونعرضه على ما جئتكم به من آيات بينة ودلائل ساطعة. فإن العاقل هو الذي لا يتكلم بدون علم، ولا يحيل على مشيئة الله التي لا ندري عنها شيئا.
ومِنْ في قوله مِنْ عِلْمٍ زائدة، وعلم مبتدأ، وعندكم خبر مقدم.
وقوله: فَتُخْرِجُوهُ منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية الواقعة بعد الاستفهام الإنكارى.
ثم بين حقيقة حالهم فقال: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ.
أى: أنتم لستم على شيء ما من العلم، بل ما تتبعون في أقوالكم وأعمالكم وعقائدكم إلا الظن الباطل الذي لا يغنى من الحق شيئا. وما أنتم إلا تخرصون أى تكذبون على الله فيما ادعيتموه.
وأصل الخرص: القول بالظن. يقال: خرصت النخل خرصا- من باب قتل- حزرت ثمره وقدرته بالظن والتخمين، واستعمل في الكذب لما يداخله من الظنون الكاذبة، فيقال:
خرص في قوله- كنصر- أى كذب.
- البغوى : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
( سيقول الذين أشركوا ) لما لزمتهم الحجة وتيقنوا بطلان ما كانوا عليه من الشرك بالله وتحريم ما لم يحرمه الله قالوا ( لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ) من قبل ، ( ولا حرمنا من شيء ) من البحائر والسوائب وغيرهما ، أرادوا أن يجعلوا قوله : ( لو شاء الله ما أشركنا ) حجة لهم على إقامتهم على الشرك ، وقالوا إن الله تعالى قادر على أن يحول بيننا وبين ما نحن عليه حتى لا نفعله ، فلولا أنه رضي بما نحن عليه وأراده منا وأمرنا به لحال بيننا وبين ذلك ، فقال الله تعالى تكذيبا لهم : ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) من كفار الأمم الخالية ، ( حتى ذاقوا بأسنا ) عذابنا .
ويستدل أهل القدر بهذه الآية ، يقولون : إنهم لما قالوا : لو شاء الله ما أشركنا كذبهم الله ورد عليهم ، فقال : " كذلك كذب الذين من قبلهم " .
قلنا : التكذيب ليس في قولهم " لو شاء الله ما أشركنا " بل ذلك القول صدق ولكن في قولهم : إن الله تعالى أمرنا بها ورضي بما نحن عليه ، كما أخبر عنهم في سورة الأعراف ( الآية 28 ) : ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ) ، فالرد عليهم في هذا كما قال تعالى : ( قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ) .
والدليل على أن التكذيب ورد فيما قلنا لا في قولهم : " لو شاء الله ما أشركنا " ، قوله : ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) بالتشديد ولو كان ذلك خبرا من الله - عز وجل - عن كذبهم في قولهم : ( لو شاء الله ما أشركنا ) لقال كذب الذين من قبلهم بالتخفيف فكان ينسبهم إلى الكذب لا إلى التكذيب . وقال الحسن بن الفضل : لو ذكروا هذه المقالة تعظيما وإجلالا لله - عز وجل - ، ومعرفة منهم به لما عابهم بذلك ، لأن الله تعالى قال : ( ولو شاء الله ما أشركوا ) وقال : ( ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) ( الأنعام ، 111 ) ، والمؤمنون يقولون ذلك ، ولكنهم قالوه تكذيبا وتخرصا وجدلا من غير معرفة بالله وبما يقولون ، نظيره قوله - عز وجل - : ( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ) ( الزخرف ، 20 ) ، قال الله تعالى : ( ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ) ( الأنعام ، 116 ) .
وقيل في معنى الآية : إنهم كانوا يقولون الحق بهذه الكلمة إلا أنهم كانوا يعدونه عذرا لأنفسهم ويجعلونه حجة لأنفسهم في ترك الإيمان ، ورد عليهم في هذا لأن أمر الله بمعزل عن مشيئته وإرادته ، فإنه مريد لجميع الكائنات غير آمر بجميع ما يريد ، وعلى العبد أن يتبع أمره وليس له أن يتعلق بمشيئته ، فإن مشيئته لا تكون عذرا لأحد .
( قل هل عندكم من علم ) أي : كتاب وحجة من الله ، ( فتخرجوه لنا ) حتى يظهر ما تدعون على الله تعالى من الشرك أو تحريم ما حرمتم ، ( إن تتبعون ) ما تتبعون فيما أنتم عليه ، ( إلا الظن ) من غير علم ويقين ، ( وإن أنتم إلا تخرصون ) تكذبون .
- ابن كثير : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
هذه مناظرة ذكرها الله تعالى وشبهة تشبثت بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا; فإن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه ، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان ، أو يحول بيننا وبين الكفر ، فلم يغيره ، فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا ذلك; ولهذا قال : ( لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ) كما في قوله تعالى : ( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم ) [ الزخرف : 20 ] ، وكذلك التي في " النحل " مثل هذه سواء ، قال الله تعالى : ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) أي : بهذه الشبهة ضل من ضل قبل هؤلاء . وهي حجة داحضة باطلة; لأنها لو كانت صحيحة لما أذاقهم الله بأسه ، ودمر عليهم ، وأدال عليهم رسله الكرام ، وأذاق المشركين من أليم الانتقام .
( قل هل عندكم من علم ) أي : بأن الله تعالى راض عنكم فيما أنتم فيه ( فتخرجوه لنا ) أي : فتظهروه لنا وتبينوه وتبرزوه ، ( إن تتبعون إلا الظن ) أي : الوهم والخيال . والمراد بالظن هاهنا : الاعتقاد الفاسد . ( وإن أنتم إلا تخرصون ) أي : تكذبون على الله فيما ادعيتموه .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( لو شاء الله ما أشركنا ) وقال ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) ثم قال ( ولو شاء الله ما أشركوا ) [ الأنعام : 107 ] ، فإنهم قالوا : عبادتنا الآلهة تقربنا إلى الله زلفى فأخبرهم الله أنها لا تقربهم ، وقوله : ( ولو شاء الله ما أشركوا ) ، يقول تعالى : لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين .
- القرطبى : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
قوله : سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون
قوله تعالى سيقول الذين أشركوا قال مجاهد : يعني كفار قريش .
قالوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء يريد البحيرة والسائبة والوصيلة . أخبر الله عز وجل بالغيب عما سيقولونه ; وظنوا أن هذا متمسك لهم لما لزمتهم الحجة وتيقنوا باطل ما كانوا عليه . والمعنى : لو شاء الله لأرسل إلى آبائنا رسولا فنهاهم عن الشرك وعن تحريم ما أحل لهم فينتهوا - فأتبعناهم على ذلك . فرد الله عليهم ذلك فقال : قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا .
أي أعندكم دليل على أن هذا كذا ؟ إن تتبعون إلا الظن في هذا القول .
وإن أنتم إلا تخرصون لتوهموا ضعفتكم أن لكم حجة . وقوله ولا آباؤنا عطف على النون في أشركنا . ولم يقل نحن ولا آباؤنا ; لأن قوله ولا قام مقام توكيد المضمر ; ولهذا حسن أن يقال : ما قمت ولا زيد .
- الطبرى : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
القول في تأويل قوله : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: (سيقول الذين أشركوا)، وهم العادلون بالله الأوثان والأصنام من مشركي قريش=(لو شاء الله ما أشركنا)، يقول: قالوا احتجازًا من الإذعان للحق بالباطل من الحجة، لما تبين لهم الحق, وعلموا باطل ما كانوا عليه مقيمين من شركهم, وتحريمهم ما كانوا يحرّمون من الحروث والأنعام, على ما قد بيَّن تعالى ذكره في الآيات الماضية قبل ذلك: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا ، وما بعد ذلك: لو أراد الله منا الإيمان به، وإفراده بالعبادة دون الأوثان والآلهة، وتحليل ما حرم من البحائر والسوائب وغير ذلك من أموالنا, ما جعلنا لله شريكًا, ولا جعل ذلك له آباؤنا من قبلنا, ولا حرمنا ما نحرمه من هذه الأشياء التي نحن على تحريمها مقيمون، لأنه قادر على أن يحول بيننا وبين ذلك, حتى لا يكون لنا إلى فعل شيء من ذلك سبيل: إما بأن يضطرنا إلى الإيمان وترك الشرك به، وإلى القول بتحليل ما حرمنا= وأما بأن يلطف بنا بتوفيقه، فنصير إلى الإقرار بوحدانيته، وترك عبادة ما دونه من الأنداد والأصنام, وإلى تحليل ما حرمنا ، ولكنه رضي منا ما نحن عليه من عبادة الأوثان والأصنام, واتخاذ الشريك له في العبادة والأنداد, وأراد ما نحرّم من الحروث والأنعام, فلم يَحُلْ بيننا وبين ما نحن عليه من ذلك .
قال الله مكذبًا لهم في قيلهم: " إن الله رضي منا ما نحن عليه من الشرك، وتحريم ما نحرّم "= ورادًّا عليهم باطلَ ما احتجوا به من حجتهم في ذلك= (كذلك كذب الذين من قبلهم)، يقول: كما كذب هؤلاء المشركون، يا محمد، ما جئتهم به من الحق والبيان, كذب من قبلهم من فسقة الأمم الذين طَغَوا على ربهم ما جاءتهم به أنبياؤهم من آيات الله وواضح حججه, وردُّوا عليهم نصائحهم =(حتى ذاقوا بأسنا)، يقول: حتى أسخطونا فغضبنا عليهم, فأحللنا بهم بأسنا فذاقوه, فعطبوا بذوقهم إياه, فخابوا وخسروا الدنيا والآخرة. (5) يقول: وهؤلاء الآخرون مسلوك بهم سبيلهم, إن هم لم ينيبوا فيؤمنوا ويصدقوا بما جئتهم به من عند ربهم .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
14129- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا)، وقال: (كذلك كذب الذين من قبلهم) , ثم قال: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ، فإنهم قالوا: " عبادتنا الآلهة تقرّبنا إلى الله زلفى ", فأخبرهم الله أنها لا تقربهم, وقوله: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ، يقول الله سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين .
14130- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولا حرمنا من شيء)، قال: قول قريش= يعني: إن الله حرم هذه البحيرة والسائبة .
14131- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولا حرمنا من شيء)، قولُ قريش بغير يقين: إن الله حرّم هذه البحيرة والسائبة .
* * *
فإن قال قائل: وما برهانك على أن الله تعالى إنما كذب من قيل هؤلاء المشركين قولهم: " رضي الله منا عبادة الأوثان, وارأد منا تحريم ما حرمنا من الحروث والأنعام ", دون أن يكون تكذيبه إياهم كان على قولهم: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء)، وعلى وصفهم إياه بأنه قد شاء شركهم وشرك آبائهم, وتحريمهم ما كانوا يحرمون؟
قيل له: الدلالة على ذلك قوله: (كذلك كذب الذين من قبلهم)، فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم سلكوا في تكذيبهم نبيهم محمدًا صلى الله عليه وسلم فيما آتاهم به من عند الله = من النهي عن عبادة شيء غير الله تعالى ذكره, وتحريم غير ما حرّم الله في كتابه وعلى لسان رسوله = مسلكَ أسلافهم من الأمم الخالية المكذبة اللهَ ورسولَه . والتكذيبُ منهم إنما كان لمكذَّب, ولو كان ذلك خبرًا من الله عن كذبهم في قيلهم: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا)، لقال: " كذلك كذَبَ الذين من قبلهم "، بتخفيف " الذال ", وكان ينسبهم في قيلهم ذلك إلى الكذب على الله، لا إلى التكذيب = مع علل كثيرة يطول بذكرها الكتاب, وفيما ذكرنا كفاية لمن وُفِّق لفهمه .
* * *
القول في تأويل قوله : قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ (148)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام، المحرِّمين ما هم له محرِّمون من الحُروث والأنعام, القائلين: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ، ولكنه رضي منا ما نحن عليه من الشرك وتحريم ما نحرم: " هل عندكم "، = بدعواكم ما تدعون على الله من رضاه بإشراككم في عبادته ما تشركون، وتحريمكم من أموالكم ما تحرمون = علمُ يقينٍ من خبر مَنْ يقطع خبره العذر, أو حجة توجب لنا اليقين، من العلم =" فتخرجوه لنا "، يقول: فتظهروا ذلك لنا وتبينوه, كما بينا لكم مواضع خطأ قولكم وفعلكم, وتناقض ذلك واستحالته في المعقول والمسموع (6) =(إن تتبعون إلا الظن)، يقولُ له: قل لهم: إن تقولون ما تقولون، أيها المشركون، وتعبدون من الأوثان والأصنام ما تعبدون، وتحرمون من الحروث والأنعام ما تحرّمون، إلا ظنًّا وحسبانًا أنه حق, وأنكم على حق، وهو باطلٌ, وأنتم على باطل =(وإن أنتم إلا تخرصون)، يقول: " وإن أنتم ", وما أنتم في ذلك كله =" إلا تخرصون ", يقول: إلا تتقوّلون الباطل على الله، ظنًّا بغير يقين علم ولا برهان واضح . (7)
---------------
الهوامش :
(5) انظر تفسير (( ذاق )) فيما سلف : 11 : 420 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(6) انظر تفسير (( الإخراج )) فيما سلف 2 : 228 .
(7) انظر تفسير (( التخرص )) فيما سلف ص 65 .
- ابن عاشور : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
استئناف رجع به الكلام إلى مجادلة المشركين بعد أن اعترض بينها بقوله : { قل لا أجد في مآ أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلى قوله فإنّ ربّك غفور رحيم } [ الأنعام : 145 ] ، فلمّا قطع الله حجّتهم في شأن تحريم ما حرّموه ، وقسمة ما قسموه ، استقصى ما بقي لهم من حجّة وهي حجّة المحجوج المغلوب الذي أعيته المجادلة ولم تبق له حجّة ، إذ يتشبّث بالمعاذير الواهية لترويج ضلاله ، بأن يقول : هذا أمر قضي وقدّر .
فإن كان ضمير الرّفع في قوله : { فإن كذبوك } [ الأنعام : 147 ] عائداً إلى المشركين كان قوله تعالى هنا : { سيقول الذين أشركوا } إظهاراً في مقام الإضمار لزيادة تفظيع أقوالهم ، فإخبار الله عنهم بأنَّهم سيقولون ذلك إن كان نزول هذه الآية قبلَ نزول آية سورة النّحل ( 35 ) : { وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء } وهو الأرجح ، فإنّ سورة النَّحل معدودة في النّزول بعد سورة الأنعام ، كان الإخبار بأنَّهم سيقولونه اطلاعاً على ما تُكنّه نفوسهم من تزوير هذه الحجّة ، فهو معجزة من معجزات القرآن من نوع الإخبار بالغيب كقوله تعالى : { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا } [ البقرة : 24 ]. وإن كان نزول هذه الآية بعد نزول آية سورة النّحل فالإخبار بأنَّهم سيقولونه معناه أنَّهم سيعيدون معذرتهم المألوفة .
وحاصل هذه الحجّة : أنَّهم يحتجّون على النّبيء صلى الله عليه وسلم بأنّ ما هم عليه لو لم يكن برضى الله تعالى لصَرَفَهم عنه ولَمَا يسَّره لهم ، يقولون ذلك في معرض إفحام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وإبطال حُكمه عليهم بالضّلالة ، وهذه شبهة أهل العقول الأفِنة الذين لا يُفرّقون بين تصرّف الله تعالى بالخَلْق والتّقدير وحفظِ قوانين الوجود ، وهو التصرّف الذي نسمّيه نحن بالمشيئة وبالإرادة ، وبين تصرّفه بالأمر والنّهي ، وهو الذي نسمّيه بالرّضى وبالمحبّة ، فالأوّل تصرّف التّكوين والثّاني تصرف التّكليف ، فهم يحسبون أنّ تمكّنهم من وضع قواعد الشّرك ومن التّحريم والتّحليل ما هو إلاَّ بأن خلق الله فيهم التمكّن من ذلك ، فيحسبون أنَّه حين لم يمسك عِنان أفعالهم كان قد رضي بما فعلوه ، وأنَّه لو كان لا يرضى به لما عجز عن سلب تمكّنهم ، يحسبون أنّ الله يُهمّه سوءُ تصرّفهم فيما فطرهم عليه ، ولو كان كما يتوهَّمون لكان الباطل والحقّ شيئاً واحداً ، وهذا ما لا يفهمه عقل حَصيف ، فإنّ أهل العقول السّخيفة حين يتوهَّمون ذلك كانوا غير ملتفتين إلاّ إلى جانب نحلتهم ومعرضين عن جانب مخالفهم ، فإنَّهم حين يقولون : { لو شاء الله ما أشركنا } غافلون عن أن يقال لهم . من جانب الرّسول : لو شاء الله ما قلتُ لكم أنّ فعلكم ضلال ، فيكون الله على حسب شبهتهم قد شاء الّشيء ونقيضه إذ شاء أنَّهم يشركون وشاء أن يقول لهم الرّسول لا تشركوا .
وسبب هذه الضّلالة العارضة لأهل الضّلال من الأمم ، التي تلوح في عقول بعض عوام المسلمين في معاذيرهم للمعاصي والجرائم أن يقولوا : أمْرُ الله أو مَكْتُوبُ عند الله أو نحو ذلك ، هو الجهل بأنّ حكمة الله تعالى في وضع نظام هذا العالم اقتضت أن يجعل حجاباً بين تصرّفه تعالى في أحوال المخلوقات ، وبين تصرّفهم في أحوالهم بمقتضى إرادتهم ، وذلك الحجاب هو ناموس ارتباط المسبّبات بأسبابها ، وارتباطِ أحوال الموجودات في هذا العالم بعضِها ببعض ، ومنه ما يسمّى بالكَسب والاستطاعة عند جمهور الأشاعرة ، ويسمّى بالقدرة عند المعتزلة وبعضضِ الأشاعرة ، وذلك هو مورد التّكليف الدالّ على ما يرضاه الله وما لا يرضى به ، وأنّ الله وضع نظام هذا العالم بحكمة فجعل قِوامه هو تدبير الأشياء أمورَها من ذواتها بحسب قوى أودعها في الموجودات لتسعى لما خُلقت لأجله ، وزاد الإنسانَ مزيَّةً بأن وضع له عقلاً يمكّنه من تغيير أحواله على حسب احتياجه ، ووضّع له في عقله وسائل الاهتداء إلى الخير والشرّ ، كما قيّض له دعاة إلى الخير تنبّهه إليه إن عرته غفلة ، أو حجبته شهوة ، فإن هو لم يرعوِ غيِّهْ ، فقد خَانَ بساطَ عقله بطَيِّهْ .
وبهذا ظهر تخليط أهل الضّلالة بين مشيئة العباد ومشيئة الله ، فلذلك ردّ الله عليهم هنا قولهم : { لو شاء الله مآ أشركنا ولا أباؤنا } لأنَّهم جعلوا ما هو مشيئة لهم مشيئة لله تعالى ، ومع ذلك فهو قد أثبت مشيئته في قوله : { ولو شاء الله ما أشركوا } [ الأنعام : 107 ] فهي مشيئة تكوين العقول وتكوين نظام الجماعة .
فهذه المشيئة التي اعتلّوا بها مشيئة خفيّة لا تتوصّل إلى الاطّلاع على كنهها عقول البشر ، فلذلك نعى الله عليهم استنادهم إليها على جهلهم بكنهها ، فقال : كذلك كذب الذين من قبلهم فَشَبَّه بتكذيبِهم تكذيبَ المكذّبين الذين من قبلهم ، فكنّى بذلك عن كون مقصد المشركين من هذه الحجّة تكذيب النّبيء صلى الله عليه وسلم وقد سبق لنا بيان في هذا المعنى في هذه السّورة ( 107 ) عند قوله تعالى : { ولو شاء الله ما أشركوا . } وليس في هذه الآية ما ينهض حجّة لنا على المعتزلة ، ولا للمعتزلة علينا ، وإن حاول كلا الفريقين ذلك لأنّ الفريقين متّفقان على بطلان حجّة المشركين . وفي الآية حجّة على الجبرية .
وقوله تعالى : { كذلك كذب الذين من قبلهم } أي كذّب الذين من قبلهم أنبياءهم مثل ما كذّبك هؤلاء . وهذا يدلّ على أنّ الذين أشركوا قصدوا بقولهم : { لو شاء الله ما أشركنا } تكذيب النّبيء صلى الله عليه وسلم إذ دعاهم إلى الإقلاع عمّا يعتقدون بحجّة أنّ الله رضيه لهم وشاءه منهم مشيئة رضى ، فكذلك الأمم قبلهم كذّبوا رسلهم مستندين إلى هذه الشبهة فسمّى الله استدلالهم هذا تكذيباً ، لأنَّهم ساقوه مساق التّكذيب والإفحام ، لا لأنّ مقتضاه لا يقول به الرّسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون ، فإنَّا نقول ذلك كما قال تعالى :
{ ولو شاء الله ما أشركوا } [ الأنعام : 107 ] نريد به معنى صحيحاً فكلامهم من باب كلام الحقّ الذي أريد به باطل ، ووقع في «الكشاف» أنّه قرىء : { كذلك كذب الذين من قبلهم } بتخفيف ذال كذب وقال الطيّبي : هي قراءة موضوعة أو شاذّة يعني شاذّة شذوذاً شديداً ولم يروها أحد عن أحد من أهل القراءات الشاذّة ، ولعلّها من وضع بعض المعتزلة في المناظرة كما يؤخذ من كلام الفخر .
وقوله : { حتى ذاقوا بأسنا } غاية للتكذيب مقصود منها دوامهم عليه إلى آخر أوقات وجودهم . فلمّا ذاقوا بأس الله هلكوا واضمحلّوا ، وليست الغاية هنا للتّنهية : والرّجوع عن الفعل لظهور أنَّه لا يتصوّر الرّجوع بعد استئصالهم .
والذّوق مجاز في الإحساس والشّعور ، فهو من استعمال المقيّد في المطلق ، وقد تقدّم الكلام عليه عند قوله تعالى : { ليذوقَ وبال أمره في سورة العقود ( 95 ).
والبأس تقدّم الكلام عليه في سورة البقرة وإضافته إلى ضمير الله تعالى لتعظيمه وتهويله .
وأمَرَ الله رسولَه بالجواب عن مقالهم الواقع أو المتوقّع بقوله : قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا } ، ففصل جملة : { قل } لأنَّها جارية مجرى المقاولة والمجاوبة كما تقرّر غير مرّة ، وجاء بالاستفهام المقصود منه الإفحَام والتهكّم بما عُرف من تشبّثُهم بمثل هذا الاستدلال .
وجُعل الاستفهام ب { هَلْ } لأنَّها تدلّ على طلب تحقيق الإسناد المسؤول عنه ، لأنّ أصل { هل } أنَّها حرف بمعنى «قد» لاختصاصها بالأفعال ، وكثرَ وقوعها بعد همزة الاستفهام ، فغلب عليها معنى الاستفهام ، فكثر حذف الهمزة معها حتّى تنوسيت الهمزة في مشهور الكلام ولم تظهر معها إلا في النّادر ، وقد تقدّم شيء من هذا عند قوله تعالى : { فهل أنتم منتهون في سورة العقود ( 91 ). فدلّ هل } على أنَّه سائل عن أمر يريد أن يكون محقّقا كأنَّه يرغب في حصوله فيغريهم بإظهاره حتّى إذا عجزوا كان قطعاً لدعواهم .
والمقصود من هذا الاستفهام التهكّم بهم في قولهم : { لو شاء الله ما أشركنا ألى ولا حرمنا } ، فأظهر لهم من القول من يظهره المعجَب بكلامهم . وقرينة التّهكّم بادية لأنَّه لا يظنّ بالرّسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين أن يطلبوا العلم من المشركين ، كيف وهو يصارحهم بالتّجهيل والتّضليل صباحَ مساءَ .
والعِلم : ما قابل الجهل ، وإخراجه الإعلام به ، شبهت إفادة المعلوم لمن يجهله بإخراج الشّيء المخبوء ، وذلك مثل التّشبيه في قول النّبي صلى الله عليه وسلم «وعلم بثّه في صدور الرّجال» ولذلك كان للإتيان : ب { عندكم } موقع حسن ، لأنّ ( عند ) في الأصل تدلّ على المكان المختصّ بالذي أضيف إليه لفظُها ، فهي ممّا يناسب الخفاء ، ولولا شيوع استعمالها في المعنى المجازي حتّى صارت كالحقيقة لقلْتُ : إنّ ذكر ( عند ) هنا ترشيح لاستعارة الإخراج للإعلام .
وجعل إخراج العلم مرتَّباً بفاء السَّببيّة على العندية للدّلالة على أنّ السّؤال مقصود به ما يتسبّب عليه .
واللاّم في : { فتخرجوه لنا } للأجْل والاختصاص ، فتؤذن بحاجة مجرورها لمتعلّقها ، أي فتخرجوه لأجلنا : أي لنفعنا ، والمعنى : لقد أبدعتم في هذا العلم الذي أبديتموه في استفادتكم أنّ الله أمركم بالشّرك وتحريم ما حرّمتموه بدلالة مشيئة على ذلك إذ لو شاء لما فعلتم ذلك فزيدونا من هذا العلم .
وهذا الجواب يشبه المنع في اصطلاح أهل الجدل ، ولمّا كان هذا الاستفهام صورياً وكان المتكلّم جازماً بانتفاء ما استَفْهَم عنه أعقبه بالجواب بقوله : { إن تتبعون إلا الظن }.
وجملة : { إن تتبعون إلا الظن } مستأنفة لأنَّها ابتداء كلام بإضراب عن الكلام الذي قبله ، فبعد أن تهكّم بهم جدّ في جوابهم ، فقال : { إن تتبعون إلا الظن } أي : لا علم عندكم . وقصارى ما عندكم هو الظنّ الباطل والخَرْص . وهذا يشبه سند المنع في عرف أهل الجدل . والمراد بالظنّ الظنّ الكاذب وهو إطلاق له شائع كما تقدّم عند قوله تعالى : { إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } في هذه السّورة ( 116 ).
- إعراب القرآن : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
«سَيَقُولُ» فعل مضارع والسين للاستقبال ، واسم الموصول «الَّذِينَ» فاعله وجملة «أَشْرَكُوا» صلة الموصول لا محل لها «لَوْ شاءَ اللَّهُ» فعل ماض وفاعله و«لَوْ» حرف شرط غير جازم والجملة مقول القول. وجملة «ما أَشْرَكْنا» لا محل لها جواب شرط غير جازم. «وَلا» الواو عاطفة ولا نافية «آباؤُنا» معطوفة على الضمير نا في الفعل أشركنا «وَلا حَرَّمْنا» عطف «مِنْ شَيْ ءٍ» من حرف جر زائد. شيء اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به. والجملة معطوفة على ما أشركنا. «كَذلِكَ» الكاف حرف
جر واسم الإشارة في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف «كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» تكذيبا كائنا. والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. «حَتَّى» حرف غاية وجر والمصدر المؤول من الفعل «ذاقُوا» وأن المقدرة بعد حتى في محل جر بحرف الجر حتى ذوقهم «بَأْسَنا». «قُلْ» فعل أمر فاعله مستتر. «هَلْ» حرف استفهام. «عِنْدَكُمْ» ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر. «مِنْ عِلْمٍ» من حرف جر زائد وعلم اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر والجملة مقول القول. «فَتُخْرِجُوهُ» الفاء فاء السببية وتخرجوه مضارع منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله والمصدر المؤول معطوف على ما قبله أعندكم علم فإخراج.؟ «لَنا» متعلقان بالفعل قبلهما. «إِنْ تَتَّبِعُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله ، «إِلَّا» أداة حصر «الظَّنَّ» مفعوله «إِنْ» نافية لا عمل لها والجملة استئنافية «أَنْتُمْ» مبتدأ وجملة «تَخْرُصُونَ» خبره وجملة وإن أنتم إلا تخرصون معطوفة.
- English - Sahih International : Those who associated with Allah will say "If Allah had willed we would not have associated [anything] and neither would our fathers nor would we have prohibited anything" Likewise did those before deny until they tasted Our punishment Say "Do you have any knowledge that you can produce for us You follow not except assumption and you are not but falsifying"
- English - Tafheem -Maududi : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ(6:148) Those who associate others with Allah in His divinity will now surely say: 'Had Allah willed, neither we nor our forefathers would have associated others with Allah in His divinity, nor would we have declared anything (which Allah did not forbid) as forbidden.' *124 Even so those who had lived before them gave the lie (to the Truth) until they tasted Our chastisement. Tell them: 'Have you any sure knowledge that you can produce before us? In fact you are only following idle fancies, merely conjecturing.'
- Français - Hamidullah : Ceux qui ont associé diront Si Allah avait voulu nous ne Lui aurions pas donné des associés nos ancêtres non plus et nous n'aurions rien déclaré interdit Ainsi leurs prédécesseurs traitaient de menteurs les messagers jusqu'à ce qu'ils eurent goûté Notre rigueur Dis Avez-vous quelque science à nous produire Vous ne suivez que la conjecture et ne faites que mentir
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Diejenigen die Ihm beigesellen werden sagen "Wenn Allah gewollt hätte hätten wir Ihm nichts beigesellt und auch nicht unsere Väter und wir hätten nichts verboten" Ebenso haben diejenigen vor ihnen ihre Gesandten der Lüge bezichtigt bis sie Unsere Gewalt kosteten Sag Habt ihr irgendein Wissen das ihr uns vorbringen könnt Ihr folgt ja nur Mutmaßungen und ihr stellt nur Schätzungen an
- Spanish - Cortes : Los asociadores dirán Si Alá hubiera querido no habríamos sido asociadores ni tampoco nuestros padres ni habríamos declarado nada ilícito Así desmintieron sus antecesores hasta que gustaron Nuestro rigor Di ¿Tenéis alguna ciencia que podáis mostrarnos No seguís sino conjeturas no formuláis sino hipótesis
- Português - El Hayek : Os idólatras dirão Se Deus quisesse nem nós nem nossos pais jamais teríamos idolatrado nem nada nos seriavedado Assim seus antepassados desmentiram os mensageiros até que sofreram o Nosso castigo Dize Tereis acaso algum argumento a nos expor Qual Não seguis mais do que conjecturas e não fazeis mais do que inventar mentiras
- Россию - Кулиев : Многобожники скажут Если бы Аллах пожелал то ни мы ни наши отцы не приобщали бы сотоварищей и не запрещали бы ничего Таким же образом считали лжецами посланников те кто были до них пока они не вкусили Наше наказание Скажи Есть ли у вас какое-либо знание которое вы можете представить нам Вы лишь следуете предположениям и лжете
- Кулиев -ас-Саади : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
Многобожники скажут: «Если бы Аллах пожелал, то ни мы, ни наши отцы не приобщали бы сотоварищей и не запрещали бы ничего». Таким же образом считали лжецами посланников те, кто были до них, пока они не вкусили Наше наказание. Скажи: «Есть ли у вас какое-либо знание, которое вы можете представить нам? Вы лишь следуете предположениям и лжете».- Turkish - Diyanet Isleri : Puta tapanlar "Allah dileseydi babalarımız ve biz puta tapmaz ve hiçbir şeyi haram kılmazdık" diyecekler; onlardan öncekiler de Bizim şiddetli azabımızı tadana kadar böyle demişlerdi Onlara "Bize karşı çıkarabileceğiniz bir bilginiz var mı Siz ancak zanna uyuyorsunuz ve sadece tahminde bulunuyorsunuz" de
- Italiano - Piccardo : Presto gli associatori diranno “Se Allah avesse voluto non avremmo associato alcunché e neppure i nostri avi; né avremmo dichiarato illecito alcunché” Allo stesso modo i loro antenati smentirono finché non provarono la Nostra severità Di' “Potete produrre una qualche scienza Non seguite altro che congetture e supposizioni”
- كوردى - برهان محمد أمين : لهمهودوا موشریک و هاوهڵگهران دهڵێن ئهگهر خوا بیویستایه هاوهڵمان بۆ بڕیار نهدهدا باوو باپیرانیشمان موشریک نهدهبوون هیچ شتێکیشمان له خۆمان حهرام نهدهکرد ئهمانه ههمووی قسهی بهتاڵه و ههرگیز خوای گهوره زۆر له کهس ناکات بۆ باوهڕ هێنان یان بێ باوهڕی ههر بهو شێوهیه ئهوانهی پێش ئهمانیش درۆ و بوختانیان ههڵدهبهست ههتا تووشی بهڵای ئێمه بوون و سزای ئێمهیان چهشت پێیان بڵێ ئایا هیچ زانیاری و زانستیهکی خوایتان لهلایه تا نیشانمان بدهن و بۆمان دهربخهن ئێوه شوێنی هیچ شتێکی تر ناکهون جگه لهگومان و ئێوه هیچ شتێکی تر ناکهن مهگهر ئهوه نهبێت که درۆ دهکهن
- اردو - جالندربرى : جو لوگ شرک کرتے ہیں وہ کہیں گے کہ اگر خدا چاہتا تو ہم شرک نہ کرتے اور نہ ہمارے باپ دادا شرک کرتے اور نہ ہم کسی چیز کو حرام ٹھہراتے اسی طرح ان لوگوں نے تکذیب کی تھی جو ان سے پہلے تھے یہاں تک کہ ہمارے عذاب کا مزہ چکھ کر رہے کہہ دو کیا تمہارے پاس کوئی سند ہے اگر ہے تو اسے ہمارے سامنے نکالو تم محض خیال کے پیچھے چلتے اور اٹکل کی تیر چلاتے ہو
- Bosanski - Korkut : Mnogobošci će govoriti "Da je Allah htio mi ne bismo druge Njemu ravnim smatrali a ni preci naši niti bismo išta zabranjenim učinili" Tako isto su onī prije njih poricali sve dok Našu kaznu nisu iskusili Reci "Imate li kakav dokaz da nam ga iznesete Vi se samo za pretpostavkama povodite i vi samo neistinu govorite"
- Swedish - Bernström : DE SOM sätter medhjälpare vid Guds sida kommer att säga "Om Gud hade velat skulle varken vi eller våra förfäder ha satt något vid Hans sida och vi skulle inte ha förbjudit något [som Han har förklarat lovligt]" Också deras föregångare förnekade [sanningen] till dess de fick erfara Vår vrede Säg "Om ni har [verklig] kunskap säg oss då vad ni vet Men ni följer bara lösa antaganden och förmodar [än det ena än det andra]"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Orangorang yang mempersekutukan Tuhan akan mengatakan "Jika Allah menghendaki niscaya kami dan bapakbapak kami tidak mempersekutukanNya dan tidak pula kami mengharamkan barang sesuatu apapun" Demikian pulalah orangorang sebelum mereka telah mendustakan para rasul sampai mereka merasakan siksaan Kami Katakanlah "Adakah kamu mempunyai sesuatu pengetahuan sehingga dapat kamu mengemukakannya kepada Kami" Kamu tidak mengikuti kecuali persangkaan belaka dan kamu tidak lain hanyalah berdusta
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ
(0rang-orang yang mempersekutukan Tuhan akan mengatakan, "Jika Allah menghendaki niscaya kami tidak mempersekutukan-Nya) (dan juga bapak-bapak kami dan tidak pula kami mengharamkan sesuatu apa pun.") kemusyrikan kami dan pengharaman kami adalah berdasarkan kehendak-Nya, Dia rela dengan ketentuan itu. Allah berfirman: (Demikian pulalah) sebagaimana mereka telah mendustakan (orang-orang yang sebelum mereka telah mendustakan) para utusan mereka (sampai mereka merasakan siksaan Kami) azab Kami (Katakanlah, "Adakah kamu mempunyai sesuatu pengetahuan) bahwa Allah telah rela dengan hal itu (sehingga dapat kamu mengemukakannya kepada Kami?") pasti kamu tidak mempunyai pengetahuan tentang hal ini. (Tidak) tiadakan (kamu mengikuti) dalam hal ini (kecuali hanya dugaan belaka dan tidak lain) tiada lain (kamu hanya berdusta) hanya membual.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : এখন মুশরেকরা বলবেঃ যদি আল্লাহ ইচ্ছা করতেন তবে না আমরা শিরক করতাম না আমাদের বাপ দাদারা এবং না আমরা কোন বস্তুকে হারাম করতাম। এমনিভাবে তাদের পূর্ববর্তীরা মিথ্যারোপ করেছে এমন কি তারা আমার শাস্তি আস্বাদন করেছে। আপনি বলুনঃ তোমাদের কাছে কি কোন প্রমাণ আছে যা আমাদেরকে দেখাতে পার। তোমরা শুধুমাত্র আন্দাজের অনুসরণ কর এবং তোমরা শুধু অনুমান করে কথা বল।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அல்லாஹ்வுக்கு இணை வைக்கும் முஷ்ரிக்குகள் "அல்லாஹ் நாடியிருந்தால் நாங்களும் எங்கள் மூதாதையர்களும் இணை வைத்திருக்க மாட்டோம்; நாங்கள் எந்தப் பொருளையும் எங்கள் விருப்பப்படி ஹராமாக்கியிருக்கவும் மாட்டோம்" என்று கூறுவார்கள் இப்படித்தான் இவர்களுக்கு முன் இருந்தவர்களும் நமது தண்டனையை அனுபவிக்கும் வரை பொய்ப்பித்துக் கொண்டிருந்தார்கள்; ஆகவே அவர்களை நோக்கி இதற்கு உங்களிடம் ஏதாவது ஆதாரம் உண்டா இருந்தால் அதை எமக்கு வெளிப்படுத்துங்கள்; உங்களுடைய வீணான எண்ணங்களைத் தவிர வேறெதையும் நீங்கள் பின்பற்றவில்லை நீங்கள் பொய் வாதமே புரிகின்றீர்கள்" என்று நபியே நீர் கூறும்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : บรรดาผู้ที่ให้มีภาคีขึ้นนั้นจะกล่าวว่าหากว่าอัลลอฮ์ทรงประสงค์ แล้วไซร้ พวกเราก็ย่อมไม่ให้มีภาคีขึ้น และทั้งบรรพบุรุษของพวกเราอีกด้วย และพวกเราก็ย่อมไม่ให้สิ่งใดเป็นที่ต้องห้าม ในทำนองนั้นแหละบรรดาผู้ก่อนหน้าพวกเขาก็ได้มุสาแล้ว จนกระทั่งพวกเขาได้ลิ้มรสการลงโทษของเรา จงกล่าวเถิดมุฮัมมัดว่า ที่พวกท่านนั้นมีความรู้อันใดกระนั้นหรือ ฉะนั้นพวกเจ้าจงจะต้องนำมันออกมาให้แก่เรา พวกท่านจะไม่ปฏิบัติตามสิ่งใด นอกจากการคาดคิดเอาเท่านั้น และพวกท่านไม่มีอื่นใด นอกจากจะกล่าวเท็จเท่านั้น
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ҳали ширк келтирганлар Агар Аллоҳ хоҳлаганда биз ҳам отабоболаримиз ҳам ширк келтирмас эдик ва бирор нарсани ҳаром қилмас эдик дерлар Улардан олдингилари ҳам азобимизни татигунларига қадар шунга ўхшаш ёлғонга чиқариб турганлар Сен Сизнинг ҳузурингизда бизга чиқариб кўрсатадиган бирон илм–ҳужжат борми Сизлар фақат гумонга эргашмоқдасиз ва сизлар фақат ёлғон гапирмоқдасиз деб айт Яъни Аллоҳ сизларнинг ширк келтиришингизни баъзи нарсаларни ҳаром деб эълон қилишингизни хоҳлаганини исбот қиладиган ҳужжатингиз борми Аллоҳ Ўз бандаларидан нимани хоҳласа очиқойдин айтиб қўйган Бандалар иймон келтиришни хоҳлаганлари учун иймон келтиринглар деган Кофирмушрик бўлишларини хоҳламагани учун куфр келтирманглар мушрик бўлманглар деб қатъий ҳукм этган Шунингдек бандалари нимани қилишини хоҳласа амр нималарни қилмаслигини хоҳласа наҳий қилиб қайтариб қўйган Аллоҳнинг хоҳиши ҳаммаси очиқойдин илмий собит нарсалардир Аллоҳнинг хоҳиши ичида ширк келтиринг баъзи нарсаларни ҳаром қилинг деган хоҳиш йўқ Ёки менинг ғойиб ҳеч ким билмайдиган хоҳишларимни излаб топиб ўшанга амал қилинг дегани ҳам йўқ
- 中国语文 - Ma Jian : 以物配主的人将说:假若真主意欲,那末,我们和我们的祖先,都不以物配主,我们也不以任何物为禁物。他们之前的人,曾这样否认(他们族中的使者),直到他们尝试了我的刑罚。你说:你们有真知灼见,可以拿出来给我们看看吗?你们只凭猜测,尽说谎话。
- Melayu - Basmeih : Orangorang musyrik akan mengatakan "Kalau Allah menghendaki tentulah kami dan datuk nenek kami tidak mempersekutukanNya dengan sesuatu yang lain dan tidak pula kami haramkan sesuatu apa pun" Demikianlah juga orangorang yang dahulu sebelum mereka telah mendustakan Rasulrasul sehingga mereka merasai azab seksa Kami Katakanlah Adakah kamu mempunyai sesuatu keterangan yang berdasarkan ilmu supaya dapat kamu tunjukkan kepada kami Tiadalah kamu menurut melainkan sangkaan sematamata dan kamu pula tidak lain hanyalah berdusta"
- Somali - Abduh : Waxay Odhan kuwii Gaaloobay Hadduu Eebe Doono maanaan Gaalowneen Anaga iyo Aabayowganno waxna maanaan Xarimneen saasayna u Beeniyeen kuwii ka horreeyey intay ka Dhadhamiyaan Ciqaabtanada waxaad dhahdaa Agtiinna Cilmi mayahay aad noo soo Bixisaan Muujisaan waxaan malo ahayn ma Raacaysaan waxaadna uun tihiin Beenaalayaal
- Hausa - Gumi : Waɗanda suka yi shirki zã su ce "Dã Allah Yã so dã ba mu yi shirki ba kuma dã ubanninmu ba su yi ba kuma dã ba mu haramta wani abu ba" Kamar wannan ne mutãnen da suke a gabãninsu suka ƙaryata har suka ɗanɗani azãbarMu Ka ce "Shin kunã da wani ilmi a wurinku dõmin ku fito mana da shi Bã ku bin kõme fãce zato kuma ba ku zama ba fãce ƙirifaɗi kawai kuke yi"
- Swahili - Al-Barwani : Watasema walio shirikisha Lau kuwa Mwenyezi Mungu ange taka tusingeli shiriki sisi wala baba zetu; wala tusingeli harimisha kitu chochote Vivi hivi walikanusha walio kuwa kabla yao mpaka walipo onja adhabu yetu Sema Je nyinyi mnayo ilimu mtutolee Nyinyi hamfuati ila dhana Wala hamsemi ila uwongo tu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Idhujtarët do të thonë “Sikur të donte Perëndia nuk do t’i bënim shok Atij as ne as baballarët tanë dhe asgjë të ndaluar nuk do të punonim” Kështu mohonin edhe ata para tyre derisa e shijuan dënimin tonë Thuaj “A keni ju ndonjë argument të na paraqitni Ju mbështeteni vetëm në hamendje dhe jeni vetëm gënjeshtarë”
- فارسى - آیتی : مشركان خواهند گفت: اگر خدا مىخواست، ما و پدرانمان مشرك نمىشديم و چيزى را حرام نمىكرديم. همچنين كسانى كه پيش از آنها بودند پيامبران را تكذيب كردند و خشم و عذاب ما را چشيدند. بگو: اگر شما را دانشى هست آن را براى ما آشكار سازيد. ولى شما، تنها، از گمان خويش پيروى مىكنيد و گزافهگويانى بيش نيستند.
- tajeki - Оятӣ : Мушрикон хоҳанд гуфт: «Агар Худо мехост, мо ва падаронамон мушрик намешудем ва чизеро ҳаром намекардем». Ҳамчунин касоне, ки пеш аз онҳо буданд, паёмбаронро дурӯғ бароварданд ва хашму азоби Моро чашиданд. Бигӯ: «Агар шуморо донише ҳаст, онро барои мо ошкор созед. Вале шумо танҳо аз гумони хеш пайравӣ мекунед ва дурӯғгуёне беш нестед!»
- Uyghur - محمد صالح : مۇشرىكلار: «ئەگەر اﷲ خالىسا ئىدى، بىز ۋە ئاتا - بوۋىلىرىمىز شېرىك كەلتۈرمەيتتۇق ۋە ھېچ نەرسىنى ھارام قىلمايتتۇق» دەيدۇ. ئۇلاردىن بۇرۇنقى كىشىلەر تاكى (بىزنىڭ ئازابىمىز نازىل بولۇپ) ئازابىمىزنى تېتىغانغا قەدەر (ئۆزلىرىنىڭ پەيغەمبەرلىرىنى) مۇشۇنداق (يەنى مۇشرىكلار سېنى ئىنكار قىلغاندەك) ئىنكار قىلغان ئىدى. (ئۇلارغا) ئېيتقىنكى، «سۆزۈڭلارنىڭ راستلىقىغا پاكىتىڭلار بولسا، بىزگە چىقىرىپ كۆرسىتىڭلار، سىلەر پەقەت گۇمانغىلا ئاساسلىنىسىلەر، اﷲ قا پەقەت يالغاننى چاپلايسىلەر»
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ആ ബഹുദൈവ വാദികള് പറയും: "അല്ലാഹു ഇച്ഛിച്ചിരുന്നെങ്കില് ഞങ്ങളോ ഞങ്ങളുടെ പൂര്വപിതാക്കളോ ബഹുദൈവവിശ്വാസികളാകുമായിരുന്നില്ല. ഞങ്ങള് ഒന്നും നിഷിദ്ധമാക്കുമായിരുന്നുമില്ല.” അപ്രകാരം തന്നെ അവര്ക്ക് മുമ്പുള്ളവരും നമ്മുടെ ശിക്ഷ അനുഭവിക്കുവോളം സത്യത്തെ തള്ളിപ്പറഞ്ഞു. പറയുക: "നിങ്ങളുടെ വശം ഞങ്ങള്ക്ക് വെളിപ്പെടുത്തിത്തരാവുന്ന വല്ല വിവരവുമുണ്ടോ? ഊഹത്തെ മാത്രമാണ് നിങ്ങള് പിന്പറ്റുന്നത്. നിങ്ങള് കേവലം അനുമാനങ്ങളാവിഷ്കരിക്കുകയാണ്.”
- عربى - التفسير الميسر : سيقول الذين اشركوا لو اراد الله ان لا نشرك نحن واباونا وان لا نحرم شيئا من دونه ما فعلنا ذلك ورد الله عليهم ببيان ان هذه الشبهه قد اثارها الكفار من قبلهم وكذبوا بها دعوه رسلهم واستمروا على ذلك حتى نزل بهم عذاب الله قل لهم ايها الرسول هل عندكم فيما حرمتم من الانعام والحرث وفيما زعمتم من ان الله قد شاء لكم الكفر ورضيه منكم واحبه لكم من علم صحيح فتظهروه لنا ان تتبعون في امور هذا الدين الا مجرد الظن وان انتم الا تكذبون
*124). Their apology for their crimes and misdeeds would be that which has always been advanced by criminals and wrong-doers - an apology based on the assumption of absolute determinism. They would plead that when they associated others with God in His divinity, or unwarrantedly regarded certain things as prohibited, they did so because those acts had been willed for them by God. Had He not so willed, they would not have been able to do what they did. Hence, since they were doing everything according to the will of God, everything was proper. If anyone was to blame, it was God and not they. They were under compulsion to do what they did, for the ability to do otherwise lay beyond their power.