- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُۥ ۖ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
- عربى - نصوص الآيات : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ۖ وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ۖ لا نكلف نفسا إلا وسعها ۖ وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ۖ وبعهد الله أوفوا ۚ ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون
- عربى - التفسير الميسر : ولا تقربوا أيها الأوصياء مال اليتيم إلا بالحال التي تصلح بها أمواله ويَنْتَفِع بها، حتى يصل إلى سن البلوغ ويكون راشدًا، فإذا بلغ ذلك فسلموا إليه ماله، وأوفوا الكيل والوزن بالعدل الذي يكون به تمام الوفاء. وإذا بذلتم جهدكم فلا حرج عليكم فيما قد يكون من نقص، لا نكلف نفسًا إلا وسعها. وإذا قلتم فتحرَّوا في قولكم العدل دون ميل عن الحق في خبر أو شهادة أو حكم أو شفاعة، ولو كان الذي تعلق به القول ذا قرابة منكم، فلا تميلوا معه بغير حق، وأوفوا بما عهد الله به إليكم من الالتزام بشريعته. ذلكم المتلوُّ عليكم من الأحكام، وصَّاكم به ربكم؛ رجاء أن تتذكروا عاقبة أمركم.
- السعدى : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ } بأكل، أو معاوضة على وجه المحاباة لأنفسكم، أو أخذ من غير سبب. { إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي: إلا بالحال التي تصلح بها أموالهم، وينتفعون بها. فدل هذا على أنه لا يجوز قربانها، والتصرف بها على وجه يضر اليتامى، أو على وجه لا مضرة فيه ولا مصلحة، { حَتَّى يَبْلُغَ } اليتيم { أَشُدَّه } أي: حتى يبلغ ويرشد، ويعرف التصرف، فإذا بلغ أشده، أُعطي حينئذ مالُه، وتصرف فيه على نظره. وفي هذا دلالة على أن اليتيم -قبل بلوغ الأشُد- محجور عليه، وأن وليه يتصرف في ماله بالأحظ، وأن هذا الحجر ينتهي ببلوغ الأشُد. { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ } أي: بالعدل والوفاء التام، فإذا اجتهدتم في ذلك، فـ { لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } أي: بقدر ما تسعه، ولا تضيق عنه. فمَن حرَص على الإيفاء في الكيل والوزن، ثم حصل منه تقصير لم يفرط فيه، ولم يعلمه، فإن الله عفو غفور . وبهذه الآية ونحوها استدل الأصوليون، بأن الله لا يكلف أحدا ما لا يطيق، وعلى أن من اتقى الله فيما أمر، وفعل ما يمكنه من ذلك، فلا حرج عليه فيما سوى ذلك. { وَإِذَا قُلْتُمْ } قولا تحكمون به بين الناس، وتفصلون بينهم الخطاب، وتتكلمون به على المقالات والأحوال { فَاعْدِلُوا } في قولكم، بمراعاة الصدق فيمن تحبون ومن تكرهون، والإنصاف، وعدم كتمان ما يلزم بيانه، فإن الميل على من تكره بالكلام فيه أو في مقالته من الظلم المحرم. بل إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع، فالواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه، وأن يبين ما فيها من الحق والباطل، ويعتبر قربها من الحق وبُعدها منه. وذكر الفقهاء أن القاضي يجب عليه العدل بين الخصمين، في لحظه ولفظه. { وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا } وهذا يشمل العهد الذي عاهده عليه العباد من القيام بحقوقه والوفاء بها، ومن العهد الذي يقع التعاقد به بين الخلق. فالجميع يجب الوفاء به، ويحرم نقضه والإخلال به. { ذَلِكُمْ } الأحكام المذكورة { وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ما بينه لكم من الأحكام، وتقومون بوصية الله لكم حق القيام، وتعرفون ما فيها، من الحكم والأحكام.
- الوسيط لطنطاوي : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
والوصية السادسة تأتى في مطلع الآية الثانية فتقول: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ.
أى: لا تقربوا مال اليتيم الذي فقد الأب الحانى، ولا تتعرضوا لما هو من حقه بوجه من الوجوه إلا بالوجه الذي ينفعه في الحال أو المآل، كتربيته وتعليمه، وحفظ ماله واستثماره.
وإذن، فكل تصرف مع اليتيم أو في ماله لا يقع في تلك الدائرة- دائرة الأنفع والأحسن- محظور، ومنهى عنه.
قال بعض العلماء: وكثيرا ما يتعلق النهى في القرآن بالقربان من الشيء، وضابطه بالاستقراء: أن كل منهى عنه كان من شأنه أن تميل إليه النفوس وتدفع إليه الأهواء النهى فيه عن «القربان» ويكون القصد التحذير من أن يأخذ ذلك الميل في النفس مكانة تصل بها إلى اقتراف المحرم، وكان من ذلك في الوصايا السابقة النهى عن الفواحش، ومن هذا الباب وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ولا تَقْرَبُوا الزِّنى وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ إلخ.
أما المحرمات التي لم يؤلف ميل النفوس إليها ولا اقتضاء الشهوات لها، فإن الغالب فيها أن يتعلق النهى عنها بنفس الفعل لا بالقربان منه. ومن ذلك في الوصايا السابقة الشرك بالله، وقتل الأولاد، وقتل النفس التي حرم الله قتلها، فإنها وإن كان الفعل المنهي عنه فيها أشد قبحا وأعظم جرما عند الله من أكل مال اليتيم وفعل الفواحش، إلا أنها ليست ذات دوافع نفسية يميل إليها الإنسان بشهوته، وإنما هي في نظر العقل على المقابل من ذلك، يجد الإنسان في نفسه مرارة من ارتكابها، ولا يقدم عليها إلا وهو كاره لها أو في حكم الكاره».
وقوله: حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ
ليس غاية للنهى، إذ ليس المعنى فإذا بلغ أشده فاقربوه لأن هذا يقتضى إباحة أكل الولي له بعد بلوغ الصبى، بل هو غاية لما يفهم من النهى كأنه قيل: احفظوه حتى يصير بالغا رشيدا فحينئذ سلموا إليه ماله.
والخطاب للأولياء والأوصياء. أى: احفظوا ماله حتى يبلغ الحلم فإذا بلغه فادفعوه إليه.
والأشد: قوة الإنسان واشتعال حرارته: من الشدة بمعنى القوة والارتفاع. يقال: شد النهار إذا ارتفع. وهو مفرد جاء بصيغة الجمع. ولا واحد له.
والوصية السابعة: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها.
أى: أتموا الكيل إذا كلتم للناس أو اكتلتم عليهم لأنفسكم، وأوفوا الميزان إذا وزنتم لأنفسكم فيما تبتاعون أو لغيركم فيما تبيعون.
فالجملة الكريمة أمر من الله- تعالى- لعباده بإقامة العدل في التعامل: بحيث يعطى صاحب الحق حقه من غير نقصان ولا بخس، ويأخذ صاحب الحق حقه من غير طلب الزيادة.
والكيل والوزن: مصدران أريد بهما ما يكال وما يوزن، كالعيش بمعنى ما يعاش به.
وبالقسط حال من فاعل أوفوا أى: أوفوهما مقسطين أى: متلبسين بالقسط. ويجوز أن يكون حالا من المفعول أى: أوفوا الكيل والميزان بالقسط أى: تامّين.
وهذه الوصية هي مبدأ العدل والتعادل، وكل مجتمع محتاج إليها، فالناس لا بد لهم من التعامل، ولا بد لهم من التبادل، والكيل والوزن هما وسيلة ذلك، فلا بد من أن يكونا منضبطين بالقسط.
والمجتمعات الأمينة التي لا تجد فيها أحدا يغبن عن جهل أو غفلة، وهي أيضا المجتمعات الأمينة التي لا تجد فيها من يحاول أن يأخذ أكثر من حقه. أو يعطى أقل مما يجب عليه.
وقوله لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
أى: لا نكلف نفسا إلا ما يسعها ولا يعسر عليها.
والجملة مستأنفة جيء بها عقيب الأمر بإيفاء الكيل والميزان بالعدل، للترخيص فيما خرج عن الطاقة، ولبيان قاعدة من قواعد الإسلام الرافعة للحرج وذلك لأن التبادل التجارى لا يمكن أن يتحقق على وجه كامل من المساواة أو التعادل، فلا بد من تقبل اليسير من الغبن في هذا الجانب أو ذاك.
والوصية الثامنة تقول: وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى.
أى: وإذا قلتم قولا فاعدلوا فيه ولو كان المقول له أو عليه صاحب قرابة منكم.
إذ العدل هو أساس الحكم السليم: العدل في القول، والعدل في الحكم، والعدل في كل فعل.
وإنما خصصت الآية العدل في القول مع أن العدل مطلوب في الأقوال والأفعال وفي كل شيء، لأن أكثر ما يكون فيه العدل أقوال كالشهادة، والحكم، ثم الأقوال هي التي تراود النفوس في كل حال. فالإنسان حين تصادفه قضية من القضايا القولية أو العملية يحدث نفسه في شأنها، ويراوده معنى العدل وكأنه يطالبه بأن ينطق به ويؤيده، فيقول في نفسه سأفعل كذا لأنه العدل، فإذا لم يكن صادقا في هذا القول فقد جافى العدل وقال زورا وكذبا.
أما قوله وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى
فهو أخذ بالإنسان عما جرت به عادته من التأثر بصلات القربى في المحاباة للأقرباء والظلم لغيرهم.
فالقرآن يرتفع بالضمير البشرى إلى مستوى سامق رفيع، على هدى من العقيدة في الله، بأن يكلفه بتحرى العدل في كل أحواله ولو إزاء أقرب المقربين إليه.
أما الوصية التاسعة والأخيرة في هذه الآية فهي قوله- تعالى- وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
أى:
كونوا أوفياء مع الله في كل ما عهد إليكم به من العبادات والمعاملات وغيرها.
إذ الوفاء أصل من الأصول التي يتحقق بها الخير والصلاح، وتستقر عليها أمور الناس.
وقوله: وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
يفيد الحصر لتقديم المعمول، وفي هذا إشعار بأن هناك عهودا غير جديرة بأن تنسب إلى الله، وهي العهود القائمة على الظلم أو الباطل، أو الفساد، فمثل هذه العهود غير جديرة بالاحترام، ويجب العمل على التخلص منها.
ثم ختمت الآية بقوله- تعالى- ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
أى: ذلكم المتلو عليكم في هذه الآية من الأوامر والنواهي وصاكم الله به في كتابه رجاء أن تتذكروا وتعتبروا وتعملوا بما أمرتم به وتجتنبوا ما نهيتم عنه أو رجاء أن يذكّر بعضكم بعضا فإن التناصح واجب بين المسلمين.
- البغوى : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) يعني : بما فيه صلاحه وتثميره . وقال مجاهد : هو التجارة فيه . وقال الضحاك : هو أن يبتغي له فيه ولا يأخذ من ربحه شيئا ، ( حتى يبلغ أشده ) قال الشعبي ومالك : الأشد : الحلم ، حتى يكتب له الحسنات وتكتب عليه السيئات . قال أبو العالية : حتى يعقل وتجتمع قوته . وقال الكلبي : الأشد ما بين الثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة . وقيل : إلى أربعين سنة . وقيل : إلى ستين سنة . وقال الضحاك : عشرون سنة . وقال السدي : ثلاثون سنة . وقال مجاهد : الأشد ثلاث وثلاثون سنة .
والأشد جمع شد ، مثل قد وأقد ، وهو استحكام قوة شبابه وسنه ، ومنه شد النهار وهو ارتفاعه . وقيل بلوغ الأشد أن يؤنس رشده بعد البلوغ .
وتقدير الآية : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن على الأبد حتى يبلغ أشده فادفعوا إليه ماله إن كان رشيدا .
( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ) بالعدل ، ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) أي : طاقتها في إيفاء الكيل والميزان ، أي : لم يكلف المعطي أكثر مما وجب عليه ، ولم يكلف صاحب الحق الرضا بأقل من حقه ، حتى لا تضيق نفسه عنه ، بل أمر كل واحد منهما بما يسعه مما لا حرج عليه فيه .
( وإذا قلتم فاعدلوا ) فاصدقوا في الحكم والشهادة ، ( ولو كان ذا قربى ) أي : ولو كان المحكوم والمشهود عليه ذا قرابة ، ( وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ) تتعظون ، قرأ حمزة والكسائي وحفص تذكرون خفيفة الذال ، كل القرآن ، والآخرون بتشديدها .
قال ابن عباس : هذه الآيات محكمات في جميع الكتب ، لم ينسخهن شيء وهن محرمات على بني آدم كلهم ، وهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ، ومن تركهن دخل النار .
- ابن كثير : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
قال عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) الآية [ النساء : 10 ] ، فانطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه ، فجعل يفضل الشيء فيحبس له حتى يأكله ويفسد . فاشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : ( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] ، قال : فخلطوا طعامهم بطعامهم ، وشرابهم بشرابهم . رواه أبو داود .
وقوله : ( حتى يبلغ أشده ) قال الشعبي ، ومالك ، وغير واحد من السلف : يعني : حتى يحتلم .
وقال السدي : حتى يبلغ ثلاثين سنة ، وقيل : أربعون سنة ، وقيل : ستون سنة . قال : وهذا كله بعيد هاهنا ، والله أعلم .
وقوله : ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ) يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء ، كما توعد على تركه في قوله تعالى : ( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ) [ المطففين : 1 - 6 ] . وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان .
وفي كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي ، من حديث الحسين بن قيس أبي علي الرحبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والميزان : " إنكم وليتم أمرا هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم . ثم قال : لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسين ، وهو ضعيف في الحديث ، وقد روي بإسناد صحيح عن ابن عباس موقوفا .
قلت : وقد رواه ابن مردويه في تفسيره ، من حديث شريك ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم معشر الموالي قد بشركم الله بخصلتين بها هلكت القرون المتقدمة : المكيال والميزان .
وقوله تعالى : ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) أي : من اجتهد في أداء الحق وأخذه ، فإن أخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه .
وقد روى ابن مردويه من حديث بقية ، عن مبشر بن عبيد ، عن عمرو بن ميمون بن مهران ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها ) فقال : "
من أوفى على يده في الكيل والميزان ، والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما ، لم يؤاخذ " وذلك تأويل ( وسعها ) هذا مرسل غريب .وقوله : ( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) كما قال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ) [ المائدة : 8 ] ، وكذا التي تشبهها في سورة النساء [ الآية : 135 ] ، يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال ، على القريب والبعيد ، والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد ، في كل وقت ، وفي كل حال .
وقوله : ( وبعهد الله أوفوا ) قال ابن جرير : يقول وبوصية الله التي أوصاكم بها فأوفوا . وإيفاء ذلك : أن تطيعوه فيما أمركم ونهاكم ، وتعملوا بكتابه وسنة رسوله ، وذلك هو الوفاء بعهد الله .
ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ) يقول تعالى : هذا وصاكم به ، وأمركم به ، وأكد عليكم فيه ( لعلكم تذكرون ) أي : تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه قبل هذا ، وقرأ بعضهم بتشديد "
الذال " ، وآخرون بتخفيفها . - القرطبى : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
قوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن أي بما فيه صلاحه وتثميره ، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه . وهذا أحسن الأقوال في هذا ; فإنه جامع . قال مجاهد : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن بالتجارة فيه ، ولا تشتر منه ولا تستقرض .
قوله تعالى : حتى يبلغ أشده يعني قوته ، وقد تكون في البدن ، وقد تكون في المعرفة بالتجربة ، ولا بد من حصول الوجهين ; فإن الأشد وقعت هنا مطلقة وقد جاء بيان حال اليتيم في سورة " النساء " مقيدة ، فقال : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فجمع بين قوة البدن وهو بلوغ النكاح ، وبين قوة المعرفة وهو إيناس الرشد ; فلو مكن اليتيم من ماله قبل حصول المعرفة وبعد حصول القوة لأذهبه في شهوته وبقي صعلوكا لا مال له . وخص اليتيم بهذا الشرط لغفلة الناس عنه وافتقاد الأبناء لآبائهم فكان الاهتبال بفقيد الأب أولى . وليس بلوغ الأشد مما يبيح قرب ماله بغير الأحسن ; لأن الحرمة في حق البالغ ثابتة . وخص اليتيم بالذكر لأن خصمه الله . والمعنى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ على الأبد حتى يبلغ أشده . وفي الكلام حذف ; فإذا بلغ أشده وأونس منه الرشد فادفعوا إليه ماله .
واختلف العلماء في أشد اليتيم ; فقال ابن زيد : بلوغه . وقال أهل المدينة . بلوغه وإيناس رشده . وعند أبي حنيفة : خمس وعشرون سنة . قال ابن العربي : وعجبا من أبي حنيفة ، فإنه يرى أن المقدرات لا تثبت قياسا ولا نظرا وإنما تثبت نقلا ، وهو يثبتها بالأحاديث الضعيفة ، ولكنه سكن دار الضرب فكثر عنده المدلس ، ولو سكن المعدن كما قيض الله لمالك لما صدر عنه إلا إبريز الدين . وقد قيل : إن انتهاء الكهولة فيها مجتمع الأشد ; كما قال سحيم بن وثيل :
أخو خمسين مجتمع أشدي ونجذني مداورة الشؤون
يروى " نجدني " بالدال والذال . والأشد واحد لا جمع له ; بمنزلة الآنك وهو الرصاص . وقد قيل : واحده شد ; كفلس وأفلس . وأصله من شد النهار أي ارتفع ; يقال : أتيته شد النهار ومد النهار . وكان محمد بن الضبي ينشد بيت عنترة :
عهدي به شد النهار كأنما خضب اللبان ورأسه بالعظلم
وقال آخر :
تطيف به شد النهار ظعينة طويلة أنقاء اليدين سحوق
وكان سيبويه يقول : واحده شدة . قال الجوهري : وهو حسن في المعنى ; لأنه يقال : بلغ الغلام شدته ، ولكن لا تجمع فعلة على أفعل ، وأما أنعم فإنما هو جمع نعم ; من قولهم : يوم بؤس ويوم نعم . وأما قول من قال : واحده شد ; مثل كلب وأكلب ، وشد مثل ذئب وأذؤب فإنما هو قياس . كما يقولون في واحد الأبابيل : إبول ، قياسا على عجول ، وليس هو شيئا سمع من العرب . قال أبو زيد : أصابتني شدى على فعلى ; أي شدة . وأشد الرجل إذا كانت معه دابة شديدة .
قوله تعالى وأوفوا الكيل والميزان بالقسط أي بالاعتدال في الأخذ والعطاء عند البيع والشراء . والقسط : العدل .
لا نكلف نفسا إلا وسعها أي طاقتها في إيفاء الكيل والوزن . وهذا يقتضي أن هذه الأوامر إنما هي فيما يقع تحت قدرة البشر من التحفظ والتحرز وما لا يمكن الاحتراز عنه من تفاوت ما بين الكيلين ، ولا يدخل تحت قدرة البشر فمعفو عنه . وقيل : الكيل بمعنى المكيال . يقال : هذا كذا وكذا كيلا ; ولهذا عطف عليه بالميزان . وقال بعض العلماء : لما علم الله سبحانه من عباده أن كثيرا منهم تضيق نفسه عن أن تطيب للغير بما لا يجب عليها له أمر المعطي بإيفاء رب الحق حقه الذي هو له ، ولم يكلفه الزيادة ; لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها . وأمر صاحب الحق بأخذ حقه ولم يكلفه الرضا بأقل منه ; لما في النقصان من ضيق نفسه . وفي موطأ مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عبد الله بن عباس أنه قال : ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقى الله في قلوبهم الرعب ، ولا فشا الزنى في قوم إلا كثر فيهم الموت ، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق ، ولا حكم قوم بغير الحق إلا فشا فيهم الدم ، ولا ختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو . وقال ابن عباس أيضا : إنكم معشر الأعاجم قد وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم : الكيل والميزان .
قوله تعالى وإذا قلتم فاعدلوا يتضمن الأحكام والشهادات . ولو كان ذا قربى أي ولو كان الحق على مثل قراباتكم . كما تقدم في " النساء " .
وبعهد الله أوفوا عام في جميع ما عهده الله إلى عباده . ويحتمل أن يراد به جميع ما انعقد بين إنسانين . وأضيف ذلك العهد إلى الله من حيث أمر بحفظه والوفاء به .
ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون تتعظون .
- الطبرى : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
القول في تأويل قوله : وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، ولا تقربوا ماله إلا بما فيه صلاحه وتثميره ، كما:-
14147- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن ليث, عن مجاهد: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، قال: التجارة فيه.
14148- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، فليثمر مالَه .
14149- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا فضيل بن مرزوق العنـزي, عن سليط بن بلال, عن الضحاك بن مزاحم في قوله: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، قال: يبتغي له فيه, ولا يأخذ من ربحه شيئًا . (1)
14150- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، قال: " التي هي أحسن "، أن يأكل بالمعروف إن افتقر, وإن استغنى فلا يأكل. قال الله: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ، [سورة النساء: 6]. قال: وسئل عن الكسوة، فقال: لم يذكر الله الكسوة، إنما ذكر الأكل .
* * *
وأما قوله: (حتى يبلغ أشده)، فإن " الأشُدّ" جمع " شَدٍّ", كما " الأضُرّ" جمع " ضر ", وكما " الأشُرّ" جمع " شر "، (2) و " الشد " القوة, وهو استحكام قوة شبابه وسنه, كما " شَدُّ النهار " ارتفاعه وامتداده. يقال: " أتيته شدَّ النهار ومدَّ النهار ", وذلك حين امتداده وارتفاعه; وكان المفضل فيما بلغني ينشد بيت عنترة:
عَهْــدِي بِــهِ شَـدَّ النَّهَـارِ كَأَنَّمَـا
خُــضِبَ اللَّبَــانُ وَرَأْسُـهُ بِـالْعِظْلِمِ (3)
ومنه قول الآخر: (4)
تُطِيــفُ بِــهِ شَـدَّ النَّهَـارِ ظَعِينَـةٌ
طَوِيلَــةُ أَنْقَــاءِ اليَــدَيْنِ سَـحُوقُ (5)
وكان بعض البصريين يزعم أن " الأشد " مثل " الآنُك ". (6)
* * *
فأما أهل التأويل، فإنهم مختلفون في الحين الذي إذا بلغه الإنسان قيل: " بلغ أشدّه ".
فقال بعضهم: يقال ذلك له إذا بلغ الحُلُم .
* ذكر من قال ذلك:
14151- حدثني أحمد بن عبد الرحمن قال، حدثنا عمي قال، أخبرني يحيى بن أيوب, عن عمرو بن الحارث, عن ربيعة في قوله: (حتى يبلغ أشده)، قال: الحلم .
14152- حدثني أحمد بن عبد الرحمن قال، حدثنا عمي قال، حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم, عن أبيه, مثله = قال ابن وهب: وقال لي مالك مثله . (7)
14153- حدثت عن الحماني قال، حدثنا هشيم, عن مجاهد, عن عامر: (حتى يبلغ أشده)، قال: " الأشد "، الحلم, حيث تكتب له الحسنات، وتكتب عليه السيئات .
* * *
وقال آخرون: إنما يقال ذلك له، إذا بلغ ثلاثين سنة .
* ذكر من قال ذلك:
14154- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (حتى يبلغ أشده)، قال: أما " أشده "، فثلاثون سنة, ثم جاء بعدها: حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ . [سورة النساء: 6].
* * *
وفي الكلام محذوف، ترك ذكره اكتفاءً بدلالة ما ظهر عما حذف . وذلك أن معنى الكلام: " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ", فإذا بلغ أشده فآنستم منه رشدًا، فادفعوا إليه ماله = لأنه جل ثناؤه لم ينه أن يُقرب مال اليتيم في حال يُتمه إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده، ليحِلَّ لوليّه بعد بلوغه أشده أن يقربه بالتي هي أسوأ, (8) ولكنه نهاهم أن يقرَبوه حياطةً منه له، وحفظًا عليه، (9) ليسلموه إليه إذا بلغ أشده .
* * *
القول في تأويل قوله : وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا = وأن أوفوا الكيل والميزان. يقول: لا تبخسوا الناس الكيلَ إذا كلتموهم، والوزنَ إذا وزنتموهم, ولكن أوفوهم حقوقهم. وإيفاؤهم ذلك، إعطاؤهم حقوقهم تامة (10) =" بالقسط"، يعني بالعدل ، كما:-
14155- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (بالقسط)، بالعدل .
* * *
وقد بينا معنى: "
القسط" بشواهده فيما مضى، وكرهنا إعادته . (11)* * *
وأما قوله: (لا نكلف نفسًا إلا وسعها)، فإنه يقول: لا نكلف نفسًا، من إيفاء الكيل والوزن، إلا ما يسعها فيحلّ لها ولا تحرَجُ فيه . (12) وذلك أن الله جل ثناؤه، علم من عباده أن كثيرًا منهم تَضيق نفسه عن أن تطيب لغيره بما لا يجبُ عليها له, فأمر المعطي بإيفاء رب الحق حقَّه الذي هو له، ولم يكلِّفه الزيادة، لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها. وأمر الذي له الحق، بأخذ حقه، ولم يكلفه الرضا بأقل منه, لما في النقصان عنه من ضيق نفسه. فلم يكلف نفسًا منهما إلا ما لا حرج فيه ولا ضيق, فلذلك قال: (لا نكلف نفسًا إلا وسعها) .
وقد استقصينا بيان ذلك بشواهده في موضع غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته . (13)
* * *
القول في تأويل قوله : وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (وإذا قلتم فاعدلوا)، وإذا حكمتم بين الناس فتكلمتم فقولوا الحق بينهم, واعدلوا وأنصفوا ولا تجوروا، (14) ولو كان الذي يتوجه الحق عليه والحكم، ذا قرابة لكم, ولا تحملنكم قرابة قريب أو صداقة صديق حكمتم بينه وبين غيره, أن تقولوا غير الحق فيما احتكم إليكم فيه =(وبعهد الله أوفوا)، يقول: وبوصية الله التي أوصاكم بها فأوفوا. وإيفاء ذلك: أن يطيعوه فيما أمرهم به ونهاهم, وأن يعملوا بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وذلك هو الوفاء بعهد الله . (15)
وأما قوله: (ذلكم وصاكم به)، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل للعادلين بالله الأوثان والأصنام من قومك: هذه الأمور التي ذكرت لكم في هاتين الآيتين, هي الأشياء التي عهد إلينا ربنا، ووصاكم بها ربكم، وأمركم بالعمل بها = لا بالبحائر، والسوائب، والوصائل، والحام، وقتل الأولاد، ووأد البنات، واتباع خطوات الشيطان (16) =(لعلكم تذكرون)، يقول: أمركم بهذه الأمور التي أمركم بها في هاتين الآيتين، ووصاكم بها وعهد إليكم فيها, لتتذكروا عواقبَ أمركم، وخطأ ما أنتم عليه مقيمون, فتنـزجروا عنها، وترتدعوا وتُنيبوا إلى طاعة ربكم .
* * *
وكان ابن عباس يقول: هذه الآيات، هنَّ الآيات المحكمات .
14156- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن علي بن صالح, عن أبي إسحاق, عن عبد الله بن قيس, عن ابن عباس قال: هن الآيات المحكمات, قوله: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا . (17)
14157- حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا أبي قال، سمعت يحيى بن أيوب يحدّث، عن يزيد بن أبى حبيب, عن مرثد بن عبد الله, عن عبيد الله بن عديّ بن الخيار قال، سمع كعب الأحبار رجلا يقرأ: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ، فقال: والذي نفس كعب بيده, إنّ هذا لأوَّل شيء في التوراة: "
بسم الله الرحمن الرحيم "، قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ . (18)14158- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن أبيه, عن سعيد بن مسروق, عن رجل, عن الربيع بن خثيم أنه قال لرجل: هل لك في صحيفة عليها خاتم محمد؟ ثم قرأ هؤلاء الآيات: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .
14159- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق الرازي, عن أبي سنان, عن عمرو بن مرة قال: قال الربيع: ألا أقرأ عليكم صحيفة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ = لم يقل: "
خاتمها " = فقرأ هذه الآيات: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ .14160- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة قال: جاء إليه نفر فقالوا: قد جالست أصحابَ محمد، فحدثنا عن الوَحي. فقرأ عليهم هذه الآيات من "
الأنعام ": قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، قالوا: ليس عن هذا نسألك ! قال: فما عندنا وحيٌ غيره .14161- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: هؤلاء الآيات التي أوصى بها من محكم القرآن .
14162- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وإذا قلتم فاعدلوا)، قال: قولوا الحق .
-----------------
الهوامش :
(1) الأثر : 14149 - (( فضيل بن مرزوق العنزي )) ، الرقاشي ، الأغر . مضى برقم : 5437 . و (( سليط بن بلال )) ، لا أدري من هو ، ولم أجد له ترجمة .
(2) هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة : (( الأضر )) و (( الأشر )) ، ولم أجد لشيء من ذلك أصلا في كتب العربية ، وهذان اللفظان محرفان فيما أرجح ، ولكني تركتهما على حالهما ، حتى أقف على الصواب في قراءتهما إن شاء الله . ولكنهم مثلوا له بقولهم (( قد )) و (( أقد)) وهو قريب التحريف في الأولى ، ولكن الثانية مبهمة .
(3) من معلقته المشهورة ، وهذا البيت من أبيات وصف فيها بطلا مثله ، يقول قبله :
لَمَّــا رَآنِــي قَـدْ قَصَـدْتُ أُرِيــدُهُ
أَبْـــدَى نَوَاجِــذَهُ لِغَــيْرِ تَبَسُّــمِ
فَطَعَنْتُــهُ بِــالرُّمْحِ ثُــمَّ عَلَوْتُــهُ
بِمُهَنَّــدٍ صَــافِي الحَــدِيدَةِ مِخْـذَمِ
و (( اللبان )) الصدر . و (( العظلم )) ، صبغ أحمر . يصفه قتيلا سال دمه ، فخصب رأسه وأطرافه ، لا حراك به .
(4) لم أعرف قائله .
(5) (( الظعينة )) ، يعني زوجته . (( الأنقاء )) جمع (( نقو )) ( بكسر فسكون ) ، وهو كل عظم فيه مخ ، كعظام اليدين والساقين ، وامرأة (( سحوق )) : طويلة كأنها نخلة مستوية قد انجرد عنها كربها .
(6) (( آنك )) ( بالمد وضم النون ) هو . الرصاص القلعي ، وهو القزدير . ويعني أنه مفرد لا جمع .
(7) الأثران : 14151 ، 14152 - (( أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري )) ، مضى برقم : 2747 ، 6613 ، 10330 ، وهو ابن أخي (( عبد الله بن وهب )) و (( عمه )) ، هو : (( عبد الله بن وهب )) .
(8) في المطبوعة : (( ويحل )) بالواو ، والذي في المخطوطة حق السياق .
(9) في المطبوعة : (( أن يقربوا )) ، والصواب ما في المخطوطة .
(10) انظر تفسير (( الإيفاء )) فيما سلف 9 : 426 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(11) انظر تفسير (( القسط )) فيما سلف 10 : 334 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .
(12) انظر تفسير (( التكليف )) فيما سلف 5 : 45 / 6 : 129 ، 130 / 8 : 579 .
= وتفسير (( الوسع )) فيما سلف 5 : 45 /6 : 129 ، 130 .
(13) انظر ما سلف 5 : 45 ، 46 / 6 : 129 ، 130 .
(14) انظر تفسير (( العدل )) فيما سلف من فهارس اللغة ( عدل ) .
(15) انظر تفسير (( العهد )) فيما سلف من فهارس اللغة ( عهد ) .
= وتفسير (( الإيفاء )) فيما سلف ص : 224 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
(16) انظر تفسير (( وصى )) فيما ص : 221 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(17) الأثر : 14156 - (( على بن صالح بن صالح بن حي الهمداني )) ثقة ، مضى برقم : 178 ، 11975 .
وفي المخطوطة والمطبوعة : (( علي بن أبي صالح )) ، وهو خطأ لا شك فيه ، والزيادة سهو من الناسخ ، وإنما هو (( علي بن صالح )) ، فهو الذي يروي عن إسحاق السبيعي ، ويروي عنه وكيع ، وكما في المستدرك ، كما سيأتي في التخريج .
و (( أبو إسحاق )) هو السبيعي .
و (( عبد الله بن قيس )) ، راوى هذا الخبر ، خص براوية هذا الخبر عن ابن عباس ، ورواية أبي إسحاق السبيعي عنه . مترجم في التهذيب ( 5 : 365 ) ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 138 .
وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2 : 288 ، وقال : (( صحيح )) ، ووافقه الذهبي . وقد أشرت إلى ذلك في تخريج الخبر رقم : 6573 ، فراجعه .
ورواه الحاكم أيضًا في المستدرك 2 : 317 ، بإسناد آخر من طريق إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن خليفة ، عن ابن عباس ، وقال : (( هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه )) ، ووافقه الذهبي .
و (( عبد الله بن خليفة الهمداني )) ، مضى برقم : 5796 .
(18) الأثر : 14157 - (( وهب بن جرير بن حازم الأزدي )) ، الحافظ الثقة .
وأبو (( جرير بن حازم الأزدي )) ، ثقة ، روى له الجماعة .
و (( يحيى بن أيوب الغافقي )) ، ثقة ، مضى برقم : 3877 ، 4330 .
و (( يزيد بن أبي حبيب المصري )) ، مضى مرارًا ، آخرها : 11871 .
و (( مرثد بن عبد الله اليزني )) ، الفقيه المصري ، مضى برقم : 2839 ، 2840 ، 10890 .
و (( عبيد الله بن عدي بن الخيار النوفلي القرشي )) ثقة ، قليل الحديث ، من فقهاء قريش وعلمائهم ، أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرين . مترجم في التهذيب .
وهذا خبر إسناده صحيح إلى كعب الأحبار .
- ابن عاشور : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
{ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتى هِىَ أَحْسَنُ حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ }.
عطف جملة : { ولا تقربوا } على الجملة التي فَسَّرت فعل : { أتْلُ } [ الأنعام : 151 ] عطف محرّمات ترجع إلى حفظ قواع التّعامل بين النّاس لإقامة قواعد الجامعة الإسلاميّة ومدنيتها وتحقيق ثقة النّاس بعضهم ببعض .
وابتدأها بحفظ حقّ الضّعيف الذي لا يستطيع الدّفع عن حقّه في ماله ، وهو اليتيم ، فقال : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } والقِربان كناية عن ملابسة مال اليتيم . والتّصرّف فيه كما تقدّم آنفاً في قوله : { ولا تقربوا الفواحش } [ الأنعام : 151 ]. ولمَّا اقتضى هذا تحريم التصرّف في مال اليتيم ، ولو بالخزن والحفظ ، وذلك يعرّض ماله للتّلف ، استُثني منه قوله : { إلا بالتي هي أحسن } أي إلاّ بالحالة التي هي أحسن ، فاسم الموصول صفة لموصوف محذوف يقدّر مناسباً للموصول الذي هو اسم للمؤنَّث ، فيقدر بالحالة أو الخَصلة .
والباء للملابسة ، أي إلاّ ملابسين للخصلة أو الحالة التي هي أحسن حالات القرب ، ولك أن تقدّره بالمرّة من : { تقربوا } أي إلاّ بالقَربة التي هي أحسن . وقد التزم حذف الموصوف في مثل هذا التّركيب واعتباره مؤنَّثاً يجري مجرى المثل ، ومنه قوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن السيئة } [ المؤمنون : 96 ] أي بالخصلة الحسنة ادفَعْ السيّئة ، ومن هذا القبيل أنَّهم أتوا بالموصول مؤنَّثاً وصفاً لمحذوف ملتزم الحذف وحذفوا صلته أيضاً في قولهم في المثل : «بعد اللَّتَيَّا والتي» ، أي بعد الدّاهية الحقيرة والدّاهية الجليلة كما قال سُلْمِيّ بنُ ربيعةَ الضبِّي
: ... ولقد رأبْتُ ثَأى العشيرة بينَها
وكفيتُ جانبها اللَّتَيَّا والتِي ... و { أحسنُ } اسم تفضيل مسلوب المفاضلة ، أي الحسنة ، وهي النّافعة التي لا ضرّ فيها لليتيم ولا لِماله . وإنَّما قال هنا : { ولا تقربوا } تحذيراً من أخذ ماله ولو بأقلّ أحوال الأخذ لأنَّه لا يدفع عن نفسه ، ولذلك لم يقل هنا : { ولا تأكلوا كما قال في سورة البقرة ( 188 ) : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } والأشُدّ : اسم يدلّ على قوّة الإنسان ، وهو مشتقّ من الشدّ وهو التوثّق ، والمراد به في هذه الآية ونظائرها ، ممّا الكلام فيه على اليتيم ، بلوغه القوّة التي يخرج بها من ضعف الصّبا ، وتلك هي البلوغ مع صحّة العقل ، لأنّ المقصود بلوغه أهليّة التصرّف في ماله . وما منع الصّبي من التصرّف في المال إلاّ لضعف في عقله بخلاف المراد منه في أوصاف الرّجال فإنَّه يُعنى به بلوغ الرجل منتهى حدّ القوّة في الرّجال وهو الأربعون سنة إلى الخمسين قال تعالى : { حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة } [ الأحقاف : 15 ] وقال سُحيم بن وَثيل
: ... أخُو خمسين مُجتمع أشُدّي
وَنَجَّذني مداورة الشُّؤون ... والبلوغ : الوصول ، وهو هنا مجاز في التدرّج في أطوار القوّة المخرِجة من وهن الصّبا .
و { حتى } غاية للمستثنى : وهو القربان بالتي هي أحسن ، أي التصرّف فيه إلى أن يبلغ صاحبه أشدّه أي فيسلم إليه ، كما قال تعالى في الآية الأخرى
{ فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم } [ النساء : 6 ] الآية .
ووجه تخصيص حقّ اليتيم في ماله بالحفظ : أنّ ذلك الحقّ مظنّة الاعتداء عليه من الولي ، وهو مظنة انعدام المدافع عنه ، لأنَّه ما من ضعيف عندهم إلاّ وله من الأقارب والموالي من يدفع عنه إذا استجاره أو استنجده ، فأمّا اليتيم فإنّ الاعتداء عليه إنَّما يكون من أقرب النّاس إليه ، وهو وليّه ، لأنَّه لم يكن يلي اليتيم عندهم إلاّ أقرب النّاس إليه ، وكان الأولياء يتوسّعون في أموال أيتامهم ، ويعتدُون عليها ، ويضيعون الأيتام لكيلا ينشأوا نشأة يعرفون بها حقوقهم ، ولذلك قال تعالى : { ألم يجدك يتيماً فآوى } [ الضحى : 6 ] لأنّ اليتيم مظنّة الإضاعة فلذلك لم يوص الله تعالى بمال غير اليتيم ، لأنّ صاحبه يدفع عن نفسه ، أو يستدفع بأوليائه ومنجديه .
{ وَأَوْفُواْ الكيل والميزان بالقسط }.
عطف الأمر بإيفاء الكيل والميزان ، وذلك في التّبايع ، فقد كانوا يبيعون التّمر والزّبيب كيلاً ، وكانوا يتوازنون الذّهب والفضّة ، فكانوا يُطَفّفون حرصاً على الرّبح ، فلذلك أمرهم بالوفاء . وعدل عن أن يأتي فيه بالنَّهي عن التّطفيف كما في قول شعيب : { ولا تَنقصوا المكيال والميزان } [ هود : 84 ] إشارة إلى أنَّهم مأمورون بالحدّ الذي يتحقّق فيه العدل وافياً ، وعدمُ النّقص يساوي الوفاء ، ولكن في اختيار الأمر بالإيفاء اهتماماً به لتكون النّفوس ملتفتة إلى جانب الوفاء لا إلى جانب ترك التّنقيص ، وفيه تذكير لهم بالسّخاء الذي يتمادحُون به كأنَّه قيل لهم : أين سخاؤكم الذي تتنافسون فيه فهلا تظهرونه إذا كِلْتم أو وزنتم فتزيدوا على العدل بأن توفّروا للمُكتال كرماً بله أن تسرقوه حقّه . وهذا تنبيه لهم على اختلال أخلاقهم وعدم توازنها .
والباء في قوله : { بالقسط } للملابسة والقسط العدل ، وتقدّم عند قوله تعالى : { قائماً بالقسط } في سورة آل عمران ( 18 ) ، أي أوفوا متلبّسين بالعدل بأن لا تظلموا المكتال حقّه .
لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا }.
ظاهر تعقيب جملة : { وأوفوا الكيل } إلخ بجملة : { لا نكلف نفساً إلا وسعها } أنَّها متعلّقة بالتي وليتها فتكون احتراساً ، أي لا نكلّفكم تمام القسط في الكيل والميزان بالحبّة والذرّة ولكنّا نكلّفكم ما تظنّون أنَّه عدل ووفاء . والمقصود من هذا الاحتراسسِ أنّ لا يَترك النّاسُ التّعامل بينهم خشية الغلط أو الغفلة ، فيفضي ذلك إلى تعطيل منافع جمّة . وقد عدل في هذا الاحتراس عن طريق الغيبة الذي بُنيَ عليه المقول ابتداء في قوله : { ما حرم ربكم عليكم } [ الأنعام : 151 ] لِما في هذا الاحتراس من الامتنان ، فتولّى الله خطاب النّاس فيه بطريق التكلّم مباشرة زيادة في المنّة ، وتصديقاً للمبلّغ ، فالوصاية بإيفاء الكيل والميزان راجعة إلى حفظ مال المشتري في مظنّة الإضاعة ، لأنّ حالة الكيل والوزن حالة غفلة المشتري ، إذ البائع هو الذي بيده المكيال أو الميزان ، ولأنّ المشتري لرغبته في تحصيل المكيل أو الموزون قد يتحمّل التّطفيف ، فأوصِي البائع بإيفاء الكيل والميزان .
وهذا الأمر يدلّ بفحوى الخطاب على وجوب حفظ المال فيما هو أشدّ من التّطفيف ، فإنّ التّطفيف إن هو إلاّ مخالسة قَدْر يسير من المبيع ، وهو الذي لا يظهر حين التّقدير فأكل ما هو أكثر من ذلك من المال أوْلى بالحفظ ، وتجنّب الاعتداء عليه .
ويجوز أن تكون جملة : { لا نكلف نفساً إلا وسعها } تذييلاً للجمل التي قبلها ، تسجيلاً عليهم بأنّ جميع ما دُعوا إليه هو في طاقتهم ومكنتهم . وقد تقدّم ذلك عند قوله تعالى : { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } في آخر سورة البقرة ( 286 ).
وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا وَلَوْ كَانَ ذَا قربى }.
هذا جامعٌ كلّ المعاملات بين النّاس بواسطة الكلام وهي الشّهادة ، والقضاء ، والتّعديل ، والتّجريح ، والمشاورة ، والصّلح بين النّاس ، والأخبار المخبِرة عن صفات الأشياء في المعاملات : من صفات المبيعات ، والمؤاجرات ، والعيوب؛ وفي الوعود ، والوصايا ، والأيمان؛ وكذلك المدائح والشّتائم كالقذف ، فكلّ ذلك داخل فيما يصدر عن القول .
والعدل في ذلك أن لا يكون في القول شيء من الاعتداء على الحقوق : بإبطالها ، أو إخفائها ، مثل كتمان عيوب المبيع ، وادّعاء العيوب في الأشياء السّليمة ، والكذب في الأثمان ، كأن يقول التّاجر : أُعطيت في هذه السلعة كذا ، لثمن لم يُعْطَه ، أو أنّ هذه السّلعة قامتْ علي بكذا . ومنه التزام الصّدق في التّعديل والتّجريح وإبداء النّصيحة في المشاورة ، وقول الحقّ في الصّلح . وأمّا الشّهادة والقضاء فأمر العدل فيهما ظاهر ، وإذا وَعَد القائل لا يُخلِف ، وإذا أوْصَى لا يظلم أصحابَ حقوق الميراث ، ولا يحلف على الباطل ، وإذا مدحَ أحداً مدحه بما فيه ، وأمَّا الشّتم فالإمساك عنه واجب ولو كان حقّاً فذلك الإمساك هو العدل لأنّ الله أمر به .
وفي التّعليق بأداة الشّرط في قوله : { وإذا قلتم } إشارة إلى أنّ المرء في سعة من السكوت إن خشي قولَ العدل . وأمَّا أن يقول الجور والظّلم والباطل فليس له سبيل إلى ذلك ، والكذب كلّه من القول بغير العدل ، على أنّ من السكوت ما هو واجب . وفي «الموطأ» أنّ رجلاً خطب إلى رجل أختَه فذكر الأخُ أنَّها قد كانت أحدثَتْ فبلغ ذلك عُمر بن الخطّاب فضربه أو كاد يضربه ثمّ قال : «مَالَك ولِلْخَبَر» .
والواو في قوله : { ولو كان } واو الحال ، ولو وصلية تفيد المبالغة في الحال التي من شأنها أن يظُنّ السّامع عدمَ شموللِ الحكم إيَّاها لاختصاصها من بين بقيّة الأحوال التي يشملها الحكم ، وقد تقدّم بيانها عند قوله تعالى : { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به } في سورة آل عمران ( 91 ) ، فإنّ حالة قرابة المقوللِ لأجله القولُ قد تحمل القائل على أن يقول غير العدل ، لنفع قريبه أو مصانعته ، فنبّهوا على وجوب التزام العدل في القول في تلك الحالة ، فالضّمير المستتر في ( كان ) كائد إلى شيء معلوم من الكلام : أي ولو كان الذي تعلّق به القول ذا قربى .
والقربى : القرابة ويُعلم أنَّه ذو قرابة من القائل ، أي إذا قلتم قولاً لأجله أو عليه فاعدلوا ولا تقولوا غير الحقّ ، لا لدفع ضرّه بأن تغمصوا الحقّ الذي عليه ، ولا لنفعه بأن تختلقوا له حقّاً على غيره أو تبرءوه ممّا صدر منه على غيره ، وقد قال الله تعالى في العدل في الشّهادة والقضاء : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين } [ النساء : 135 ].
وقد جاء طلب الحقّ في القول بصيغة الأمر بالعدل ، دون النّهي عن الظلم أو الباطل : لأنَّه قيّده بأداة الشّرط المقتضي لصدور القول : فالقول إذا صدر لا يخلو عن أن يكون حقّاً أو باطلاً ، والأمر بأن يكون حقّاً أوفَى بمقصد الشّارع لوجهين : أحدهما : أنّ الله يحبّ إظهار الحقّ بالقول ، ففي الأمر بأن يكون عدلاً أمر بإظهاره ونهي عن السّكوت بدون موجب . الثّاني : أنّ النَّهي عن قول الباطل أو الزّور يصدق بالكلام الموجَّه الذي ظاهره ليس بحقّ ، وذلك مذموم إلاّ عند الخوف أو الملاينة ، أو فيما لا يرجع إلى إظهار حقّ ، وتلك هي المعاريض التي ورد فيها حديث : « إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب » .
ختم هذه المتلوات بالأمر بإيفاء العهد بقوله : { وبعهد الله أوفوا }.وعهد الله المأمور بالإيفاء به هو كلّ عهد فيه معنى الانتساب إلى الله الذي اقتضته الإضافة ، إذ الإضافة هنا يصحّ أن تكون إضافة المصْدر إلى الفاعل ، أي ما عهد اللَّهُ به إليكم من الشّرائع ، ويصحّ أن تكون إضافة المصدر إلى مفعوله ، أي ما عاهدتم الله أن تفعلوه ، والتزمتموه وتقلّدتموه ، ويصحّ أن تكون الإضافة لأدنى ملابسة ، أي العهد الذي أمر الله بحفظه ، وحذر من ختره ، وهو العهود التي تنعقد بين الناس بعضهم مع بعض سواء كان بين القبائل أم كان بين الآحاد . ولأجل مراعاة هذه المعاني النّاشئة عن صلاحيّة الإضافة لإفادتها عُدِل إلى طريق إسناد اسم العهد إلى اسم الجلالة بطريق الإضافة دون طريق الفعل ، بأن يقال : وبما عاهدتم الله عليه ، أو نحن ذلك ما لا يحتمل إلاّ معنى واحداً . وإذْ كان الخطاب بقوله : { تعالوا } [ الأنعام : 151 ] للمشركين تعيّن أن يكون العهد شيئاً قد تقرّرت معرفته بينهم ، وهو العهود التي يعقدونها بالموالاة والصّلح أو نحو ذلك فهو يدعوهم إلى الوفاء بما عاقدوا عليه . وأضيف إلى الله لأنَّهم كانوا يتحالفون عند التّعاقد ولذلك يسمّون العهد حِلْفاً ، قال الحارث بن حلِّزة
: ... واذْكروا حِلْف ذي المجاز وما
قُدم فيه العهودُ والكفلاء ... وقال عمرو بن كلثوم
: ... ونُوجد نحن أمنعَهم ذماراً
وأوفاهم إذا عقَدوا يميناً ... فالآية آمرة لهم بالوفاء ، وكان العرب يتمادحون به . ومن العهود المقرّرة بينهم : حلف الفضول ، وحلف المطيَّبين ، وكلاهما كان في الجاهليّة على نفي الظّلم والجور عن القاطنين بمكّة ، وذلك تحقيق لعهد الله لإبراهيم عليه السّلام أن يجعل مكّة بلداً آمناً ومن دخله كان آمناً ، وقد اعتدى المشركون على ضعفاء المؤمنين وظلموهم مثللِ عمار ، وبلال ، وعامر بن فهيرة ، ونحوهم ، فهو يقول لهم فيما يتلو عليهم أنّ خفر عهد الله بأمان مكّة ، وخفر عهودكم بذلك ، أولى بأن تحرّموه من مزاعمكم الكاذبة فيما حرّمتم وفصّلتم ، فهذا هو الوجه في تفسير قوله : { وبعهد الله أوفوا }.
وتقديم المجرور على عامله للاهتمام بأمر العهد وصرف ذهن السّامع عند ، ليتقرّر في ذهنه ما يرد بعده من الأمر بالوفاء ، أي إن كنتم تَرَون الوفاء بالعهد مدحة فعهد الله أولى بالوفاء وأنتم قد اخترتموه ، فهذا كقوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير } ثمّ قال { وصَدّ عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله } [ البقرة : 217 ]
{ ذلكم وصاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }.
تكرار لقوله المماثل له قبله ، وقد علمت أنّ هذا التّذييل ختم به صنف من أصناف الأحكام . وجاء مع هذه الوصيّة بقوله : { لعلكم تذكرون } لأنّ هذه المطالب الأربعة عرف بين العرب أنَّها محامد ، فالأمر بها ، والتّحريض عليها تذكير بما عرفوه في شأنها ولكنّهم تناسوه بغلبة الهوى وغشاوة الشّرك على قلوبهم .
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم في رواية أبي بكر ، وأبو جعفر ، ويعقوبُ : تذّكرون بتشديد الذال لإدغام التّاء الثّانية في الذال بعد قلبها ، وقرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم في رواية حفص ، وخلَف بتخفيف الذال على حذف التّاء الثّانية تخفيفاً .
- إعراب القرآن : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
«وَلا تَقْرَبُوا»
مضارع مجزوم بحذف النون لسبقه بلا الناهية والواو فاعله و«مالَ الْيَتِيمِ»
مفعول به واليتيم مضاف إليه والجملة معطوفة. «إِلَّا»
أداة حصر «بِالَّتِي»
متعلقان بتقربوا. «هِيَ أَحْسَنُ»
مبتدأ
و خبر والجملة صلة الموصول لا محل لها. «حَتَّى»
حرف غاية وجر «يَبْلُغَ»
مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر حتى ، والجار والمجرور متعلقان بالفعل أيضا. «أَشُدَّهُ»
مفعول به. «وَأَوْفُوا الْكَيْلَ»
فعل أمر وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة. «وَالْمِيزانَ»
معطوف على الكيل «بِالْقِسْطِ»
متعلقان بمحذوف حال من فاعل أوفوا. «لا نُكَلِّفُ نَفْساً»
فعل مضارع ومفعوله ولا نافية لا عمل لها. «إِلَّا»
أداة حصر. «وُسْعَها»
مفعول به ثان والجملة مستأنفة لا محل لها أو معترضة.
«وَإِذا»
ظرفية شرطية غير جازمة. وجملة «قُلْتُمْ»
في محل جر بالإضافة «فَاعْدِلُوا»
فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والفاء رابطة لجواب الشرط. «وَلَوْ»
الواو حالية ، لو شرطية غير جازمة «كانَ ذا»
ذا خبر كان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة ، واسم كان محذوف تقديره المحكوم عليه.
«قُرْبى »
مضاف إليه مجرو بالكسرة المقدّرة على الألف. والجملة في محل نصب حال. «بِعَهْدِ»
متعلقان بالفعل أوفوا بعدهما ، والجملة معطوفة. «ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»
تقدم نظيره فيما سبق.
- English - Sahih International : And do not approach the orphan's property except in a way that is best until he reaches maturity And give full measure and weight in justice We do not charge any soul except [with that within] its capacity And when you testify be just even if [it concerns] a near relative And the covenant of Allah fulfill This has He instructed you that you may remember
- English - Tafheem -Maududi : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(6:152) (vi) and do not even draw near to the property of the orphan in his minority except in the best manner; *132
(vii) and give full measures and weight with justice; We do not burden anyone beyond his capacity; *133
(viii) When you speak, be just, even though it concern a near of kin;
(ix) and fulfil the covenant of Allah. *134 That is what He has enjoined upon you so that you may take heed.- Français - Hamidullah : Et ne vous approchez des biens de l'orphelin que de la plus belle manière jusqu'à ce qu'il ait atteint sa majorité Et donnez la juste mesure et le bon poids en toute justice Nous n'imposons à une âme que selon sa capacité Et quand vous parlez soyez équitables même s'il s'agit d'un proche parent Et remplissez votre engagement envers Allah Voilà ce qu'Il vous enjoint Peut-être vous rappellerez-vous
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und nähert euch nicht dem Besitz des Waisenkindes außer auf die beste Art bis es seine Vollreife erlangt hat Und gebt volles Maß und Gewicht in Gerechtigkeit Wir erlegen keiner Seele mehr auf als sie zu leisten vermag Und wenn ihr euer Wort gebt dann seid gerecht auch wenn es um einen Verwandten geht Und haltet euren Bund gegenüber Allah Dies hat Er euch anbefohlen auf daß ihr es bedenken möget
- Spanish - Cortes : ¡No toquéis la hacienda del huérfano sino de manera conveniente hasta que alcance la madurez ¡Dad con equidad la medida y el peso justos No pedimos a nadie sino según sus posibilidades Sed justos cuando declaréis aun si se trata de un pariente ¡Sed fieles a la alianza con Alá Esto os ha ordenado Él Quizás así os dejéis amonestar
- Português - El Hayek : Não disponhais do patrimônio do órfão senão da melhor forma possível até que chegue á puberdade; sede leais namedida e no peso jamais destinamos a ninguém carga maios á que pode suportar Quando sentenciardes sede justos aindaque se trate de um parente carnal e cumpri os vossos compromissos para com Deus Eis aqui o que Ele vos prescreve paraque mediteis
- Россию - Кулиев : Не приближайтесь к имуществу сироты кроме как во благо ему пока он не достигнет зрелого возраста Наполняйте меру и весы по справедливости Мы не возлагаем на человека сверх его возможностей Когда вы произносите слово будьте справедливы даже если это касается родственника Будьте верны договору с Аллахом Это заповедал вам Аллах - быть может вы помяните назидание
- Кулиев -ас-Саади : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
Не приближайтесь к имуществу сироты, кроме как во благо ему, пока он не достигнет зрелого возраста. Наполняйте меру и весы по справедливости. Мы не возлагаем на человека сверх его возможностей. Когда вы произносите слово, будьте справедливы, даже если это касается родственника. Будьте верны договору с Аллахом. Это заповедал вам Аллах, - быть может, вы помянете назидание.Не пожирайте имущество сирот, не используйте его во благо себе и не расходуйте его без необходимости. Используйте имущество сирот только тогда, когда это может принести им пользу или приумножить их состояние. Это значит, что запрещается приближаться к имуществу сирот, если это может навредить им или не принесет им ни пользы, ни вреда, пока они не достигнут совершеннолетия и не смогут грамотно распоряжаться своим имуществом. Когда же они достигнут совершеннолетия, им следует вручить их имущество, дабы они могли распоряжаться им по своему усмотрению. Из этого также следует, что сирота не имеет права самостоятельно распоряжаться своим имуществом до достижения совершеннолетия, что его опекун обязан распоряжаться его имуществом самым лучшим образом и что эти ограничения сохраняют силу до тех пор, пока сирота не достигнет совершеннолетия. Наполняйте меру полностью и взвешивайте правильно, и если вы будете стремиться исправно выполнять это предписание, то никого из вас не станут обременять сверх его возможностей. Аллах возлагает на человека только то, с чем он может справиться, и не обременяет его непосильными обязанностями. И если вы будете стараться отмеривать и взвешивать правильно, не проявляя небрежности и не имея злого умысла, но совершите ошибку, то Аллах простит вас и проявит снисходительность. Опираясь на это откровение, знатоки основ правоведения утверждали, что Аллах не возлагает на человека обязанности, которые превышают его возможности, и если человек боится Его и делает все возможное для того, чтобы исправно выполнять Его повеления, то он не несет ответственности за все остальное. Если вы разрешаете разногласия, возникшие между людьми, или оцениваете их высказывания и поступки, то будьте справедливы и говорите правду о тех, кого вы любите, и тех, кто вам не нравится. Будьте беспристрастны и не скрывайте того, что вы обязаны разъяснить людям, поскольку пристрастное отношение к тем, кто вам не по душе, и их высказываниям, является несправедливым и запрещенным поступком. Более того, если богослов критикует приверженцев еретических взглядов, он обязан отдавать должное каждому их воззрению, разъяснять их правильные и ошибочные взгляды и справедливо оценивать их близость или отдаленность от правильных убеждений. Богословы также отмечали, что судья обязан не проявлять пристрастия к одной из тяжущихся сторон ни взглядом, ни словом. Будьте верны завету с Аллахом, который включает в себя все обязательства, возложенные Им на рабов, и договора, заключенные между рабами. Люди обязаны исправно выполнять каждое из этих обязательств. Нарушать их или проявлять небрежность при их выполнении категорически запрещается. Такие предписания Аллах заповедал вам для того, чтобы вы помнили их, должным образом выполняли Его заповеди и постигали заложенные в них мудрости и религиозные законы.
- Turkish - Diyanet Isleri : Yetim malına erginlik çağına erişene kadar en iyi şeklin dışında yaklaşmayın; ölçüyü ve tartıyı doğru yapın Biz kişiye ancak gücünün yeteceği kadar yükleriz Konuştuğunuzda akraba bile olsa sözünüzde adil olun Allah'ın ahdini yerine getirin Allah size bunları öğüt almanız için buyurmaktadır
- Italiano - Piccardo : Non avvicinatevi se non per il meglio ai beni dell'orfano finché non abbia raggiunto la maggior età e riempite la misura e date il peso con giustizia Non imponiamo a nessuno oltre le sue possibilità Quando parlate siate giusti anche se è coinvolto un parente Obbedite al patto con Allah Ecco cosa vi ordina Forse ve ne ricorderete
- كوردى - برهان محمد أمين : شهشهمیان نزیک ماڵ و سامانی ههتیو مهکهون مهگهر بهچاکی و له قازانجی نهبێت ههتا ئهو کاتهی گهوره دهبێت و بهتهواوی پێ دهگات حهوتهمیان کێشان و پێوان بهڕێک و پێکی بهکار بهێنن بهدادگهری ئهنجامی بدهن و فێڵی تێدا مهکهن جا ئێمه داخوازی له کهس ناکهین مهگهر بهگوێرهی توانای خۆی نهبێت ههشتهمیان کاتێکیش قسهو گوفتارتان کرد ئهوه دادوهر بن و لایهنی ناحهق مهگرن ئهگهر خزمی نزیکیش بێت نۆههمیان وهفابکهن بهو پهیمانهی که دهیبهستن لهگهڵ خوادا بهو بهڵێنهی که به پهروهردگاری دهدهن ئهو شتانهش پهروهردگارتان فهرمانی پێداون بۆ ئهوهی یاداوهری وهربگرن
- اردو - جالندربرى : اور یتیم کے مال کے پاس بھی نہ جانا مگر ایسے طریق سے کہ بہت ہی پسندیدہ ہو یہاں تک کہ وہ جوانی کو پہنچ جائے اور ناپ تول انصاف کے ساتھ پوری پوری کیا کرو ہم کسی کو تکلیف نہیں دیتے مگر اس کی طاقت کے مطابق اور جب کسی کی نسبت کوئی بات کہو تو انصاف سے کہو گو وہ تمہارا رشتہ دار ہی ہو اور خدا کے عہد کو پورا کرو ان باتوں کا خدا تمہیں حکم دیتا ہے تاکہ تم نصحیت کرو
- Bosanski - Korkut : i da se imetku siročeta ne približavate osim na najljepši način sve dok punoljetno ne postane i da krivo na litru i na kantaru ne mjerite – Mi nikoga preko njegove mogućnosti ne zadužujemo – i kad govorite da krivo ne govorite pa makar se ticalo i srodnika i da obaveze prema Allahu ne kršite – eto to vam On naređuje da biste to na umu imali
- Swedish - Bernström : Och rör inte den faderlöses egendom om det inte är fråga om att föröka den innan han har nått myndig ålder Och mät och väg med fulla mått [i allt vad ni företar er] såsom rättvisa och rimlighet kräver Vi lägger inte på någon en tyngre börda än han kan bära Och när ni yttrar er yttra er med opartiskhet även om det gäller en nära anhörig Och håll fast vid förbundet med Gud" Detta är vad Han befaller er; kanske lägger ni det på minnet
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan janganlah kamu dekati harta anak yatim kecuali dengan cara yang lebih bermanfaat hingga sampai ia dewasa Dan sempurnakanlah takaran dan timbangan dengan adil Kami tidak memikulkan beban kepada sesorang melainkan sekedar kesanggupannya Dan apabila kamu berkata maka hendaklah kamu berlaku adil kendatipun ia adalah kerabatmu dan penuhilah janji Allah Yang demikian itu diperintahkan Allah kepadamu agar kamu ingat
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
(Dan janganlah kamu dekati harta anak yatim kecuali dengan cara) dengan sikap yang (lebih baik) yaitu cara yang di dalamnya mengandung kemaslahatan/manfaat bagi anak yatim hingga ia dewasa) seumpamanya dia sudah balig. (Dan sempurnakanlah takaran dan timbangan dengan adil) secara adil dan tidak curang. (Kami tidak memikulkan beban kepada seseorang melainkan sekadar kesanggupannya) sesuai dengan kemampuannya dalam hal ini; apabila ia berbuat kekeliruan di dalam menakar atau menimbang sesuatu, maka Allah mengetahui kebenaran niat yang sesungguhnya, oleh karena itu maka ia tidak berdosa, sebagaimana yang telah disebutkan dalam hadis Nabi saw. (Dan apabila kamu berkata) dalam masalah hukum atau lainnya (maka hendaklah kamu berlaku adil) jujur (kendatipun dia) orang yang bersangkutan (adalah kerabatmu) famili (dan penuhilah janji Allah. Yang demikian itu diperintahkan Allah kepadamu agar kamu ingat) dengan memakai tasydid agar menjadikannya sebagai pelajaran; dan juga dibaca dengan sukun.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : এতীমদের ধনসম্পদের কাছেও যেয়ো না; কিন্তু উত্তম পন্থায় যে পর্যন্ত সে বয়ঃপ্রাপ্ত না হয়। ওজন ও মাপ পূর্ণ কর ন্যায় সহকারে। আমি কাউকে তার সাধ্যের অতীত কষ্ট দেই না। যখন তোমরা কথা বল তখন সুবিচার কর যদিও সে আত্নীয়ও হয়। আল্লাহর অঙ্গীকার পূর্ণ কর।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அநாதையின் பொருளின் பக்கம் அவன் பிராயத்தை அடையும் வரையில் அழகான முறையிலன்றி நீங்கள் நெருங்காதீர்கள்; அளவையும் நிறுவையையும் நீதத்தைக் கொண்டு நிரப்பமாக்குங்கள்; நாம் எந்த ஆத்மாவையும் அதன் சக்திக்கு மீறி கஷ்டப்படுத்துவதில்லை நீங்கள் பேசும்பொழுது அதனால் பாதிக்கப்படுபவர் நெருங்கிய உறவினராக இருந்த போதிலும் நியாயமே பேசுங்கள்; அல்லாஹ்வுக்கு நீங்கள் கொடுத்த உறுதி மொழியை நிறைவேற்றுங்கள் நீங்கள் நினைவு கூர்ந்து நடந்து கொள்ளும் பொருட்டே அல்லாஹ் உங்களுக்கு இவ்வாறு போதிக்கிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และจงอย่าเข้าใกล้ทรัพย์สมบัติของเด็กกำพร้า นอกจากด้วยวิถีทางที่ดียิ่ง จนกว่าเขาจะบรรลุวัยฉกรรจ์ และจงให้ครบเต็มซึ่งเครื่องตวงและเครื่องชั่งด้วยความเที่ยงตรง เราจะไม่บังคับชีวิตนั้นมีความสามารถเท่านั้นและเมื่อพวกเจ้าพูด ก็จงยุติธรรม และแม้ว่าเขา จะเป็นญาติที่ใกล้ชิดก็ตาม และต่อสัญญาของอัลลอฮ์นั้นก็จงปฏิบัติตามให้ครบถ้วย นั่นแหละที่พระองค์ได้ทรงสั่งเสียมันไว้แก่พวกเจ้า เพื่อว่าพวกเจ้าจะได้รำลึก
- Uzbek - Мухаммад Содик : Етимнинг молига то вояга етгунча яқинлашманг Магар яхши йўл билан бўлса майли Ўлчов ва тарозини адолат ила тўлиқ адо этинг Биз ҳеч бир жонни тоқатидан ташқари нарсага таклиф этмасмиз Агар гапирсангиз қариндошингиз бўлса ҳам адолат қилинг Аллоҳга берган аҳдингизга вафо қилинг Буларни сизга амр қилдики шояд эсласангиз Етимнинг молини ейиш ижтимоий алоқаларни бузишдир Етим заиф ҳол бўлгани учун жамият уни ҳимоя қилиши керак Етимнинг молини ноҳақ еган одам унинг ҳаққига зулм қилган бўлади шу билан бирга жамият ҳаққига ҳам зулм қилади Чунки молсиз қолган етимни энди жамият боқиши керак бўлиб қолади Шунинг учун ҳам етимни қарамоғига олган одам унинг молига яқинлашиши мумкин эмас Магар яхши йўл билан бўлса ўша молни ўстириш учун кўпайтириб вояга етганда унинг қўлига топшириш учун яқинлашса майли
- 中国语文 - Ma Jian : 你们不要临近孤儿的财产,除非依照最优良的方式,直到他成年;你们当用充足的斗和公平的秤,我只依各人的能力而加以责成。当你们说话的时候,你们应当公平,即使你们所代证的是你们的亲戚;你们当履行真主的盟约。他将这些事嘱咐你们,以便你们觉悟。
- Melayu - Basmeih : "Dan janganlah kamu hampiri harta anak yatim melainkan dengan cara yang baik untuk mengawal dan mengembangkannya sehingga ia baligh dewasa serta layak mengurus hartanya dengan sendiri; dan sempurnakanlah segala sukatan dan timbangan dengan adil" Kami tidak memberatkan seseorang dengan kewajipan melainkan sekadar kesanggupannya "dan apabila kamu mengatakan sesuatu semasa membuat apaapa keterangan maka hendaklah kamu berlaku adil sekalipun orang itu ada hubungan kerabat dengan kamu; dan perjanjian perintahperintah Allah hendaklah kamu sempurnakan Dengan yang demikian itulah Allah perintahkan kamu supaya kamu beringat mematuhiNya"
- Somali - Abduh : hana u Dhawaanina Xoolaha Agoonta si Fiican mooyee intay ka Gaadhaan Xoogooda Dhammaystirana Miisidda iyo Miisaanka si Caddaalada laguma kalifo Nafi waxayna karin haddaad hadlaysaanna Caddaalad fala Qaraababa ha ahaadee oofiyana Ballanka Eebe Sidaasaana Eebe idin faray inaad waantoowdaan
- Hausa - Gumi : Kada ku kusanci dũkiyar marãya fãce da wadda take ita ce mafi kyau har ya kai ga ƙarfinsa Kuma ku cika mũdu da sikẽli da ãdalci bã Mu kallafã wa rai fãce iyãwarsa Kuma idan kun faɗi magana to ku yi ãdalci kuma ko dã yã kasance ma'abũcin zumunta ne Kuma da alkawarin Allah ku cika wannan ne Ya yi muku wasiyya da shi Tsammãninku kunã tunãwa
- Swahili - Al-Barwani : Wala msiyakaribie mali ya yatima ila kwa njia ya wema kabisa mpaka afikilie utuuzima Na timizeni vipimo na mizani kwa uadilifu Sisi hatumkalifishi mtu ila kwa kadiri ya uwezo wake Na msemapo semeni kwa uadilifu ingawa ni jamaa Na ahadi ya Mwenyezi Mungu itekelezeni Hayo amekuusieni ili mpate kukumbuka
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dhe mos iu çasni pasurisë së bonjakut përpos në një mënyrë të mirë dreisa ta mbërrijë pjekurinë kryeni drejt matjen dhe peshimin Na nuk e ngarkojmë askë përtej mundësisë së tij E kur flisni bëhuni të drejtë qoftë edhe kundër të afërmit tuaj Plotësoni obligimet e Perëndisë Këto janë porositë e Tij për t’ju këshilluar
- فارسى - آیتی : به مال يتيم نزديك مشويد مگر به نيكوترين وجهى كه به صلاح او باشد تا به سن بلوغ رسد. و پيمانه و وزن را از روى عدل تمام كنيد. ما به كسى جز به اندازه توانش تكليف نمىكنيم. و هرگاه سخن گوييد عادلانه گوييد هر چند به زيان خويشاوندان باشد. و به عهد خدا وفا كنيد. اينهاست آنچه خدا شما را بدان سفارش مىكند، باشد كه پند گيريد.
- tajeki - Оятӣ : Ба моли ятим наздик машавед, магар ба некӯтарин ваҷҳе, ки ба салоҳи ӯ бошад то ба синни булуғ расад. Ва паймонаву вазнро аз рӯи адл комил кунед! Мо ба касе ҷуз ба андозаи тавонаш таклиф намекунем. Ва ҳар гоҳ сухан гӯед, одилона гӯед, ҳарчанд ба зиёни хешовандон бошад. Ва ба аҳди Худо вафо кунед! Инҳост он чӣ Худо шуморо ба он супориш мекунад, шояд, ки панд гиред!
- Uyghur - محمد صالح : يېتىمنىڭ مېلىنى تاكى ئۇ بالاغەتكە يەتكەنگە قەدەر ئۇنىڭغا ئەڭ پايدىلىق ئۇسۇلدا تەسەررۇپ قىلىڭلار، ئۆلچەمنى ۋە تارازىنى توغرا قىلىڭلار، ھېچقانداق ئادەمنى كۈچى يەتمەيدىغان ئىشقا تەكلىپ قىلمايمىز. سۆز قىلغان (ھۆكۈم چىقارغان ياكى گۇۋاھلىق بەرگەن) چېغىڭلاردا ئادىل بولۇڭلار، (ھۆكۈم چىقىرىلغان ياكى گۇۋاھلىق بېرىلگەن ئادەم) تۇققىنىڭلار بولغان تەقدىردىمۇ، اﷲ قا بېرىلگەن ئەھدىگە ۋاپا قىلىڭلار، ئىبرەت ئېلىشىڭلار ئۈچۈن، اﷲ سىلەرگە بۇ ئىشلارنى تەۋسىيە قىلىدۇ»
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ഏറ്റം ഉത്തമമായ രീതിയിലല്ലാതെ നിങ്ങള് അനാഥയുടെ ധനത്തോടടുക്കരുത്; അവനു കാര്യബോധമുണ്ടാകുംവരെ. അളവു- തൂക്കങ്ങളില് നീതിപൂര്വം തികവു വരുത്തുക. നാം ആര്ക്കും അയാളുടെ കഴിവിന്നതീതമായ ബാധ്യത ചുമത്തുന്നില്ല. നിങ്ങള് സംസാരിക്കുകയാണെങ്കില് നീതിപാലിക്കുക; അത് അടുത്ത കുടുംബക്കാരന്റെ കാര്യത്തിലായാലും. അല്ലാഹുവോടുള്ള കരാര് പൂര്ത്തീകരിക്കുക. നിങ്ങള് കാര്യബോധമുള്ളവരാകാന് അല്ലാഹു നിങ്ങള്ക്കു നല്കുന്ന ഉപദേശമാണിത്.
- عربى - التفسير الميسر : ولا تقربوا ايها الاوصياء مال اليتيم الا بالحال التي تصلح بها امواله وينتفع بها حتى يصل الى سن البلوغ ويكون راشدا فاذا بلغ ذلك فسلموا اليه ماله واوفوا الكيل والوزن بالعدل الذي يكون به تمام الوفاء واذا بذلتم جهدكم فلا حرج عليكم فيما قد يكون من نقص لا نكلف نفسا الا وسعها واذا قلتم فتحروا في قولكم العدل دون ميل عن الحق في خبر او شهاده او حكم او شفاعه ولو كان الذي تعلق به القول ذا قرابه منكم فلا تميلوا معه بغير حق واوفوا بما عهد الله به اليكم من الالتزام بشريعته ذلكم المتلو عليكم من الاحكام وصاكم به ربكم رجاء ان تتذكروا عاقبه امركم
*132). That is, one's handling of the property of orphans should be based on maximum selflessness, sincerity and well-wishing for the orphans; it should be of a kind which lends itself to no reproach, either from God or man.
*133). Even though this is a full-fledged postulate of the law of God, it is mentioned here in order to stress that one who tries to remain fair and just to the utmost of his ability, in giving weight and measure and in his dealings with people, will be acquitted of responsibility for error. If any mistakes in weight or measure occur out of oversight, and thus involuntarily, he will not be punished.
*134). 'Covenant of Allah' signifies, in the first place, the commitment to God, as well as to human beings, to which man binds himself in His name. It also signifies that covenant between man and God, as well as between one human being and another which automatically takes place the moment a person is born onto God's earth and into human society. The first two covenants mentioned are voluntary and deliberate whereas the last one is natural. The last one is no less binding than the first two, even though man does not make it of his own volition. For when man enjoys his own existence, makes use of his physical and mental energy, benefits from the means of sustenance and natural resources - in other words, when he benefits from the world created by God and avails himself of the opportunities provided for him by the operation of natural laws - he incurs certain obligations towards God. In the same way, when one derives nourishment and sustenance from the blood of one's mother while in her womb, when one opens one's eyes in a family which is supported by the toil of one's father, when one benefits from the various institutions of human society, one is placed in varying degrees of obligation towards those individuals and institutions. This covenant between man and God and between man and society is inscribed, not on a piece of paper, but on every fibre of man's being. Man has not entered into this covenant consciously and deliberately, yet the whole of his being owes itself to it. Surah al-Baqarah 2:27 alludes to this covenant when it says that it is the transgressors 'who break the covenant of Allah after its firm binding, and cut asunder what Allah has commanded to be joined, and spread mischief on earth'. It is also mentioned in Surah al-A'raf 7:172 in the following words: 'And recall when your Lord took the children of Adam from their loins and made them testify as to themselves saying, "Am I not your Lord?" (to which) they answered, "Yes, we do bear witness thereto. "