- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
- عربى - نصوص الآيات : والوزن يومئذ الحق ۚ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون
- عربى - التفسير الميسر : ووزن أعمال الناس يوم القيامة يكون بميزان حقيقي بالعدل والقسط الذي لا ظلم فيه، فمن ثقلت موازين أعماله -لكثرة حسناته- فأولئك هم الفائزون.
- السعدى : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
ثم ذكر الجزاء على الأعمال، فقال: { وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ } أي: والوزن يوم القيامة يكون بالعدل والقسط، الذي لا جور فيه ولا ظلم بوجه. { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } بأن رجحت كفة حسناته على سيئاته { فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } أي: الناجون من المكروه، المدركون للمحبوب، الذين حصل لهم الربح العظيم، والسعادة الدائمة.
- الوسيط لطنطاوي : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
ثم بين- سبحانه- مظاهر عدله مع عباده يوم القيامة فقال:
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ.
الوزن: عمل يعرف به قدر الشيء، يقال: وزنته وزنا وزنة. وهو مبتدأ، ويومئذ متعلق بمحذوف خبره. والحق صفته. أى: والوزن الحق يوم القيامة.
ومعنى الآيتين الكريمتين: والوزن الحق ثابت في ذلك اليوم الذي يسأل الله فيه الرسل والمرسل إليهم. ويخبرهم جميعا بما كان منهم في الدنيا، فمن رجحت موازين أعماله بالإيمان والعمل الصالح، فأولئك هم الفائزون بالثواب والنعيم، ومن خفت موازين أعماله بالكفر والمعاصي فأولئك الذين خسروا أنفسهم بسبب ما اقترفوا من سيئات أدت بهم إلى سوء العقاب.
قال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ.
وقد اختلف العلماء في كيفية الوزن فقال بعضهم: إن التي توزن هي صحائف الأعمال التي كتبت فيها الحسنات والسيئات تأكيدا للحجة وإظهارا للنصفة، وقطعا للمعذرة. قال ابن عمر: توزن صحائف أعمال العباد يوم القيامة» .
وقيل: إن الوزن هنا كناية عن القضاء السوى، والعدل التام في تقدير ما يمكن به الجزاء من الأعمال، وذكر الوزن إنما هو ضرب مثل كما تقول: هذا الكلام في وزن هذا وفي وزانه. أى يعادله ويساويه وإن لم يكن هناك وزن.
والذي نراه أن من الواجب علينا أن نؤمن بأن في الآخرة وزنا للأعمال، وأنه على مقدار ما يظهر يكون الجزاء، وأنه وزن أو ميزان يليق بما يجرى في ذلك اليوم الهائل الشديد، أما كيفية هذا الوزن فمرده إلى الله، لأنه شيء استأثر الله بعلمه، وعلينا أن نعفي أنفسنا من محاولة الكشف عن أمر غيبي لم يرد في حقيقته خبر قاطع في كتاب الله أو سنة رسوله.
قال الجمل في حاشيته على الجلالين: فإن قلت: أليس الله- تعالى- يعلم مقادير أعمال العباد، فما الحكمة في وزنها؟ قلت فيه حكم: منها، إظهار العدل وأن الله- تعالى- لا يظلم عباده، ومنها: امتحان الخلق بالإيمان بذلك في الدنيا وإقامة الحجة عليهم في العقبى. ومنها تعريف العباد بما لهم من خير أو شر وحسنة أو سيئة، ومنها إظهار علامة السعادة والشقاوة ونظيره أنه- سبحانه- أثبت أعمال العباد في اللوح المحفوظ وفي صحائف الحفظة الموكلين ببني آدم من غير جواز النسيان عليه» .
وقوله- تعالى-: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ تفصيل للأحكام المترتبة على الوزن، وثقل الموازين المراد به رجحان الأعمال الحسنة على غيرها، كما أن خفة الموازين المراد بها رجحان الأعمال القبيحة على ما سواها.
وقوله- تعالى-: بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ متعلق بخسروا أى: أن خسرانهم لأنفسهم في الآخرة كان سببه جحودهم لآيات الله واستهزاءهم بها في الدنيا.
ثم حكى القرآن جانبا من مظاهر نعم الله على خلقه فقال- تعالى-:
- البغوى : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
قوله - عز وجل - : ( والوزن يومئذ الحق ) يعني : يوم السؤال . قال مجاهد : معناه والقضاء يومئذ العدل . وقال الأكثرون : أراد به وزن الأعمال بالميزان ، وذاك أن الله تعالى ينصب ميزانا له لسان وكفتان كل كفة بقدر ما بين المشرق والمغرب .
واختلفوا في كيفية الوزن ، فقال بعضهم : توزن صحائف الأعمال : وروينا : " أن رجلا ينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ، فيخرج له بطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة " .
وقيل : توزن الأشخاص ، وروينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة " .
وقيل : توزن الأعمال ، روي ذلك عن ابن عباس ، فيؤتى بالأعمال الحسنة على صورة حسنة وبالأعمال السيئة على صورة قبيحة ، فتوضع في الميزان ، والحكمة في وزن الأعمال امتحان الله عباده بالإيمان في الدنيا وإقامة الحجة عليهم في العقبى . ( فمن ثقلت موازينه ) قال مجاهد : حسناته ، ( فأولئك هم المفلحون ) .
- ابن كثير : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
يقول تبارك وتعالى : ( والوزن ) أي : للأعمال يوم القيامة ) الحق ) أي : لا يظلم تعالى أحدا ، كما قال تعالى : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) [ الأنبياء : 47 ] وقال تعالى : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) [ النساء : 40 ] وقال تعالى : ( فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية ) [ القارعة : 6 - 11 ] وقال تعالى : ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) [ المؤمنون : 101 - 103 ] .
فصل :
والذي يوضع في الميزان يوم القيامة قيل : الأعمال وإن كانت أعراضا ، إلا أن الله تعالى يقلبها يوم القيامة أجساما .
قال البغوي : يروى هذا عن ابن عباس كما جاء في الصحيح من أن " البقرة " و " آل عمران " يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان - أو : غيايتان - أو فرقان من طير صواف . من ذلك في الصحيح قصة القرآن وأنه يأتي صاحبه في صورة شاب شاحب اللون ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا القرآن الذي أسهرت ليلك وأظمأت نهارك وفي حديث البراء ، في قصة سؤال القبر : " فيأتي المؤمن شاب حسن اللون طيب الريح ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا عملك الصالح " وذكر عكسه في شأن الكافر والمنافق .
وقيل : يوزن كتاب الأعمال ، كما جاء في حديث البطاقة ، في الرجل الذي يؤتى به ويوضع له في كفة تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ، ثم يؤتى بتلك البطاقة فيها : " لا إله إلا الله " فيقول : يا رب ، وما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول الله تعالى : إنك لا تظلم . فتوضع تلك البطاقة في كفة الميزان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة "
رواه الترمذي بنحو من هذا وصححه .
وقيل : يوزن صاحب العمل ، كما في الحديث : " يؤتى يوم القيامة بالرجل السمين ، فلا يزن عند الله جناح بعوضة " ثم قرأ : ( فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) [ الكهف : 105 ] .
وفي مناقب عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتعجبون من دقة ساقيه ، فوالذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد "
وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحا ، فتارة توزن الأعمال ، وتارة توزن محالها ، وتارة يوزن فاعلها ، والله أعلم .
- القرطبى : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
قوله تعالى والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون
قوله تعالى والوزن يومئذ الحق ابتداء وخبر . ويجوز أن يكون الحق نعته ، والخبر يومئذ ويجوز نصب الحق على المصدر . والمراد بالوزن وزن أعمال العباد بالميزان . قال ابن عمر : توزن صحائف أعمال العباد . وهذا هو الصحيح ، وهو الذي ورد به الخبر على ما يأتي . وقيل : الميزان الكتاب الذي فيه أعمال الخلق . وقال مجاهد : الميزان الحسنات والسيئات بأعيانها . وعنه أيضا والضحاك والأعمش : الوزن والميزان بمعنى العدل والقضاء ، وذكر الوزن ضرب مثل ; كما تقول : هذا الكلام في وزن هذا وفي وزانه ، أي يعادله ويساويه وإن لم يكن هناك وزن . قال الزجاج : هذا سائغ من جهة اللسان ، والأولى أن يتبع ما جاء في الأسانيد الصحاح من ذكر الميزان . قال القشيري : وقد أحسن فيما قال ، إذ لو حمل الميزان على هذا فليحمل الصراط على الدين الحق ، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد ، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة ، والملائكة على القوى المحمودة . وقد أجمعت الأمة في الصدر الأول على الأخذ بهذه الظواهر من غير تأويل . وإذا أجمعوا على منع التأويل وجب الأخذ بالظاهر ، وصارت هذه الظواهر نصوصا . قال ابن فورك : وقد أنكرت المعتزلة الميزان بناء منهم على أن الأعراض يستحيل وزنها ، إذ لا تقوم بأنفسها . ومن المتكلمين من يقول : إن الله تعالى يقلب الأعراض أجساما فيزنها يوم القيامة . وهذا ليس بصحيح عندنا ، والصحيح أن الموازين تثقل بالكتب التي فيها الأعمال مكتوبة ، وبها تخف . وقد روي في الخبر ما يحقق ذلك ، وهو أنه روي أن ميزان بعض بني آدم كاد يخف بالحسنات فيوضع فيه رق مكتوب فيه لا إله إلا الله فيثقل . فقد علم أن ذلك يرجع إلى وزن ما كتب فيه الأعمال لا نفس الأعمال ، وأن الله سبحانه يخفف الميزان إذا أراد ، ويثقله إذا أراد بما يوضع في كفتيه من الصحف التي فيها الأعمال . وفي صحيح مسلم عن صفوان بن محرز قال قال رجل لابن عمر : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ قال سمعته يقول : يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه فيقول هل تعرف ؟ فيقول أي رب أعرف قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم فيعطى صحيفة حسناته وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رءوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على الله . فقوله : " فيعطى صحيفة حسناته " دليل على أن الأعمال تكتب في الصحف وتوزن . وروى ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رءوس الخلائق فينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ثم يقول الله تبارك وتعالى هل تنكر من هذا شيئا فيقول لا يا رب فيقول أظلمتك كتبتي الحافظون فيقول لا ثم يقول ألك عذر ألك حسنة فيهاب الرجل فيقول لا فيقول بلى إن لك عندنا حسنات وإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة . زاد الترمذي فلا يثقل مع اسم الله شيء وقال : حديث حسن غريب . وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في " الكهف والأنبياء " إن شاء الله تعالى .
قوله تعالى : فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون موازينه جمع ميزان ، وأصله موزان ، قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها . وقيل : يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله . ويمكن أن يكون ذلك ميزانا واحدا عبر عنه بلفظ الجمع ; كما تقول : خرج فلان إلى مكة على البغال ، وخرج إلى البصرة في السفن . وفي التنزيل : كذبت قوم نوح المرسلين . كذبت عاد المرسلين . وإنما هو رسول واحد في أحد التأويلين . وقيل : الموازين جمع موزون ، لا جمع ميزان . أراد بالموازين الأعمال الموزونة .
- الطبرى : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
القول في تأويل قوله : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)
قال أبو جعفر: " الوزن " مصدر من قول القائل: " وزنت كذا وكذا أزِنه وَزْنًا وزِنَةً", مثل: " وَعدته أعده وعدًا وعدة ".
وهو مرفوع بـ" الحق ", و " الحق " به. (29)
* * *
ومعنى الكلام: والوزن يوم نسأل الذين أرسل إليهم والمرسلين, الحق = ويعني بـ" الحق "، العدلَ.
* * *
وكان مجاهد يقول: " الوزن "، في هذا الموضع، القضاء.
14328- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " والوزن يومئذ "، القضاء.
* * *
وكان يقول أيضًا: معنى " الحق "، هاهنا، العدل.
* ذكر الرواية بذلك:
14329- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مجاهد: (والوزن يومئذ الحق)، قال: العدل.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (والوزن يومئذ الحق)، وزن الأعمال.
* ذكر من قال ذلك:
14330- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي, قوله: (والوزن يومئذ الحق)، توزن الأعمال.
14331- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (والوزن يومئذ الحق)، قال: قال عبيد بن عمير: يؤتى بالرجل العظيم الطويل الأكول الشَّروب, فلا يزن جناح بَعُوضة.
14332- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (والوزن يومئذ الحق)، قال: قال عبيد بن عمير: يؤتى بالرجل الطويل العظيم فلا يزن جناح بعوضة.
14333- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يوسف بن صهيب, عن موسى, عن بلال بن يحيى, عن حذيفة قال: صاحب الموازين يوم القيامة جبريل عليه السلام، قال: يا جبريل، زِن بينهم! فردَّ من بعضٍ على بعض. قال: وليس ثم ذهبٌ ولا فضة. قال: فإن كان للظالم حسنات، أخذ من حسناته فترد على المظلوم, (30) وإن لم يكن له حسنات حُمِل عليه من سيئات صاحبه ، فيرجع الرجل عليه مثل الجبال, فذلك قوله: (والوزن يومئذ الحق). (31)
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (فمن ثقلت موازينه).
فقال بعضهم: معناه: فمن كثرت حسناته.
* ذكر من قال ذلك:
14334- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مجاهد: (فمن ثقلت موازينه)، قال: حسناته.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فمن ثقلت موازينه التي توزن بها حسناته وسيئاته. قالوا: وذلك هو " الميزان " الذي يعرفه الناس, له لسان وكِفَّتان.
* ذكر من قال ذلك:
14335- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال لي عمرو بن دينار قوله: (والوزن يومئذ الحق)، قال: إنا نرى ميزانًا وكفتين, سمعت عبيد بن عمير يقول: يُجْعَل الرجل العظيم الطويل في الميزان, ثم لا يقوم بجناح ذباب.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، القول الذي ذكرناه عن عمرو بن دينار، من أن ذلك هو " الميزان " المعروف الذي يوزن به, وأن الله جل ثناؤه يزن أعمال خلقه الحسنات منها والسيئات, كما قال جل ثناؤه: (فمن ثقلت موازينه)، موازين عمله الصالح =(فأولئك هم المفلحون)، يقول: فأولئك هم الذين ظفروا بالنجاح، وأدركوا الفوز بالطلبات, والخلود والبقاء في الجنات, (32) لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " ما وُضِع في الميزان شيء أثقل من حسن الخُلق ", (33) ونحو ذلك من الأخبار التي تحقق أن ذلك ميزانٌ يوزن به الأعمال، على ما وصفت.
* * *
فإن أنكر ذلك جاهل بتوجيه معنى خبر الله عن الميزان وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم عنه، وِجْهَته, وقال: أوَ بالله حاجة إلى وزن الأشياء، وهو العالم بمقدار كل شيء قبل خلقه إياه وبعده، وفي كل حال ؟ = أو قال: وكيف توزن الأعمال, والأعمال ليست بأجسام توصف بالثقل والخفة, وإنما توزن الأشياء ليعرف ثقلها من خفتها، وكثرتها من قلتها, وذلك لا يجوز إلا على الأشياء التي توصف بالثقل والخفة، والكثرة والقلة؟
قيل له في قوله: " وما وجه وزن الله الأعمالَ، وهو العالم بمقاديرها قبل كونها ": وزن ذلك، نظيرُ إثباته إياه في أمِّ الكتاب واستنساخه ذلك في الكتب، من غير حاجة به إليه، ومن غير خوف من نسيانه, وهو العالم بكل ذلك في كل حال ووقت قبل كونه وبعد وجوده, بل ليكون ذلك حجة على خلقه, كما قال جل ثناؤه في تنـزيله: ( كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [سورة الجاثية: 28-29] الآية فكذلك وزنه تعالى أعمال خلقه بالميزان، حجة عليهم ولهم, إما بالتقصير في طاعته والتضييع، وإما بالتكميل والتتميم (34)
* * *
وأمّا وجه جواز ذلك, فإنه كما:
14336- حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا جعفر بن عون قال، حدثنا عبد الرحمن بن زياد الإفريقي, عن عبد الله بن يزيد, عن عبد الله بن عمرو، قال: يُؤْتى بالرجل يوم القيامة إلى الميزان, فيوضع في الكِفّة, فيخرج له تسعة وتسعون سِجِلا فيها خطاياه وذنوبه. قال: ثم يخرج له كتاب مثل الأنْمُلة, فيها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم . قال: فتوضع في الكِفّة، فترجح بخطاياه وذنوبه. (35)
* * *
فكذلك وزن الله أعمال خلقه، بأن يوضع العبد وكتب حسناته في كفة من كفتي الميزان, وكتب سيئاته في الكفة الأخرى, ويحدث الله تبارك وتعالى ثقلا وخفة في الكفة التي الموزون بها أولى، احتجاجًا من الله بذلك على خلقه، كفعله بكثير منهم: من استنطاق أيديهم وأرجلهم, استشهادًا بذلك عليهم, وما أشبه ذلك من حججه.
ويُسأل مَن أنكر ذلك فيقال له: إن الله أخبرنا تعالى ذكره أنه يثقل موازين قوم في القيامة، ويخفف موازين آخرين, وتظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحقيق ذلك, فما الذي أوجب لك إنكار الميزان أن يكون هو الميزان الذي وصفنا صفته، الذي يتعارفه الناس؟ أحجة عقل تُبْعِد أن يُنال وجه صحته من جهة العقل؟ (36) وليس في وزن الله جل ثناؤه خلقَه وكتبَ أعمالهم لتعريفهم أثقل القسمين منها بالميزان، خروجٌ من حكمة, ولا دخول في جور في قضية, فما الذي أحال ذلك عندك من حجةِ عقلٍ أو خبر؟ (37) إذ كان لا سبيل إلى حقيقة القول بإفساد ما لا يدفعه العقل إلا من أحد الوجهين اللذين ذكرتُ، ولا سبيل إلى ذلك. وفي عدم البرهان على صحة دعواه من هذين الوجهين، وضوحُ فساد قوله، وصحة ما قاله أهل الحق في ذلك.
وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في هذا المعنى على من أنكر الميزان الذي وصفنا صفته, إذ كان قصدُنا في هذا الكتاب: البيانَ عن تأويل القرآن دون غيره. ولولا ذلك لقرنَّا إلى ما ذكرنا نظائره, وفي الذي ذكرنا من ذلك كفاية لمن وُفِّق لفهمه إن شاء الله.
----------------
الهوامش :
(29) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 373 .
(30) في المطبوعة أسقط من الكلام ما لا يستقيم إلا به ، فرددتها إلى أصلها من المخطوطة . كان في المطبوعة : (( يا جبريل زن بينهم ، فرد على المظلوم ... )) .
(31) الأثر : 14333 - (( الحارث )) ، هو (( الحارث بن أبي أسامة )) ، ثقة مضى مرارًا .
و (( عبد العزيز )) ، هو (( عبد العزيز بن أبان الأموي )) ، كذاب خبيث يضع الأحاديث ، مضى ذكره مرارًا ، رقم : 10295 ، 10315 ، 10360 ، 10553 .
(( يوسف بن صهيب الكندي )) ، ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 /2 /380 ، وابن أبي حاتم 4 /2 /224 . و (( موسى )) كثير ، ولم أستطع أن أعينه .
و (( بلال بن يحي العبسي )) ، يروي عن حذيفة . ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 /2 /108 ، وابن أبي حاتم 1 /1 / 396 .
(32) انظر تفسير (( الفلاح )) فيما سلف ص : 130 تعليق : 2 والمراجع هناك .
(33) روى الترمذي في سننه في كتاب (( البر والصلة )) باب (( ما جاء في حسن الخلق )) ، عن أبي الدرداء ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق خسن ، فإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء )) ، ثم قال : (( وفي الباب عن عائشة ، وأبي هريرة ، وأنس ، وأسامة بن شريك . هذا حديث حسن صحيح )) . وقال السيوطي في الدر المنثور 3 : 71 (( وأخرجه أبو داود والترمذي وصححه وابن حبان واللالكائي ، عن أبي الدرداء )) .
(34) هذه إحدى حجج أبي جعفر ، التي تدل على لطف نظره ، ودقة حكمه ، وصفاء بيانه ، وقدرته على ضبط المعاني ضبطًا لا يختل . فجزاه الله عن كتابه ودينه أحسن الجزاء ، يوم توفى كل نفس ما كسبت .
(35) الأثر : 14336 - (( موسى بن عبد الرحمن المسروق )) شيخ أبي جعفر ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 8906 .
و (( جعفر بن عون بن عمرو بن حريث المخزومي )) ، ثقة ، مضى برقم : 9506 ، 14244 .
و (( عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي المعافري )) ، هو (( ابن أنعم )) ، ثقة . مضى برقم : 2195 ، 10180 ، 11337 .
و (( عبد الله بن يزيد المعافري )) أبو عبد الرحمن الحبلي المصري ، ثقة ، مضى برقم : 6657 ، 9483 ، 11917 .
وكان في المطبوعة : (( عن عبد الله بن عمر )) ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة . وهذا خبر صحيح الإسناد .
ورواه أحمد في مسنده بغير هذا اللفظ مطولا ، في مسند عبد الله بن عمرو رقم : 6994 من طريق الليث بن سعد ، عن عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلى = ثم رواه أيضًا رقم : 7066 من طريق ابن لهيعة ، عن عمرو بن يحيى ( عامر بن يحيى ) ، عن أبي عبد الرحمن الحبلى . ورواه من الطريق الأولي عند أحمد ابن ماجه في سننه ص : 1437 .
ورواه الحاكم في المستدرك 1 : 6 من طريق يونس بن محمد ، عن الليث بن سعد ، عن عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن المعافري وقال : (( هذا حديث صحيح ، لم يخرج في الصحيحين ، وهو صحيح على شرط مسلم )) ، ووافقه الذهبي . ثم عاد فرواه في المستدرك أيضًا 1 : 529 من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير ، عن الليث ، مثل إسناده وقال : (( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) ووافقه الذهبي .
(36) في المطبوعة : أحجة عقل فقد يقال وجه صحته ... وهو كلام غير مستقيم . وفي المخطوطة . (( أحجة عقل بعدان ننال وجه صحته ... )) ، وكأن الصواب ما قرأته وأثبته .
(37) في المطبوعة : (( فما الذي أحال عندك من حجة أعقل أو خبر )) ، وهو فاسد ، وفي المخطوطة : (( ... من حجة أو عقل أو خبر )) ، بزيادة (( أو )) ، وبحذفها يستقيم الكلام .
- ابن عاشور : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
عطف جملة : { والوزن يومئذٍ الحق } على جملة { فلنقصن } [ الأعراف : 7 ] ، لما تضمّنته المعطوف عليها من العلم بحسنات النّاس وسيّئاتهم ، فلا جرم أشعرت بأنّ مظهرَ ذلك العلم وأثَرَه هو الثّواب والعقاب ، وتفاوتُ درجات العاملين ودرَكاتهم تفاوتاً لا يُظلم العامل فيه مثقال ذرّة ، ولا يفوتُ ما يستحقّه إلاّ أن يتفضّل الله على أحدٍ برفع درجة أو مغفرة زلة لأجل سلامة قلب أو شفاعة أو نحو ذلك ، ممّا الله أعلم به مِن عبادِه ، فلذلك عقبت جملة : { فلنقصن } [ الأعراف : 7 ] بجملة : { والوزن يومئذٍ الحق } فكأنّه قيل : فلنقصنّ عليهم بعلم ولنُجَازِيَنَّهم على أعمالهم جزاء لا غبن فيه على أحد .
والتّنوين في قوله : { يومئذٍ } عوض عن مضاف إليه دلّ عليه : { فلنسألن الذين أرْسِلَ إليهم } [ الأعراف : 6 ] وما عطف عليه بالواو وبالفاء ، والتّقدير : يومَ إذ نسألهم ونسأل رُسلَهم ونقُص ذنوبهم عليهم .
والوزن حقيقته معادلة جسم بآخر لمعرفة ثقل أحد الجسمين أو كليهما في تعادلهما أو تفاوتهما في المقدار ، وإذ قد كان تساوي الجسمين الموزونين نادر الحصول تعيَّن جُعلت أجسام أخرى يُعرف بها مقدار التّفاوت ، فلا بد من آلة توضع فيها الأشياء ، وتسمّى الميزان ولها أشكال مختلفة شكلاً واتساعاً .
والأجسام التي تجعل لتعيين المقادير تُسمّى مَوازين ، وَاحِدُها ميزان أيضاً وتسمّى أوزاناً واحدها وَزْن ، ويطلق الوزن على معرفة مقدار حال في فضل ونحوِه قال تعالى : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } [ الكهف : 105 ] وفي حديث أبي هريرة ، في «الصّحيحين» : " إنَّه ليؤتى بالعظيم السمين يومَ القيامة لا يَزن عند الله جَناح بعوضة " . ويستعار استعارة تمثيلية للتدبير في أحوال ، كقول الراعي :
وَزَنَتْ أميَّةُ أمْرَها فدَعَتْ له ... من لَمْ يكن غُمِراً ولا مَجهولاً
فالوزن في هذه الآية يراد به تعيين مقادير مَا تستحقّه الأعمال من الثّواب والعقاب تعييناً لا إجحاف فيه ، كتعيين الميزان على حسب ما عيّن الله من ثواب أو عقاب على الأعمال ، وذلك ممّا يعلمه الله تعالى : ككون العمل الصّالح لله وكونِه ريَاء ، وككون الجهاد لإعلاء كلمة الله أو كونِه لمجرّد الطمع في الغنيمة ، فيكون الجزاء على قدر العمل ، فالوزن استعارة ، ويجوز أن يراد به الحقيقة فقد قيل توضع الصحائف التي كتبتها الملائكة للأعمال في شيء خلقه الله ليجعله الله يوم القيامة ، ينطق أو يتكيّف بكيفيّةٍ فيدلّ على مقادير الأعمال لأربابها ، وذلك ممكن ، وقد وردت أخبار في صفة هذا الميزان لم يصحّ شيء منها .
والعِبارات في مثل هذا المقام قاصرة عن وصف الواقعات ، لأنّها من خوارق المتعارف ، فلا تعدُو العباراتُ فيها تقريبَ الحقائق وتمثيلها بأقصى ما تعارفه أهل اللّغة ، فما جاء منها بصيغة المصدر غيرَ متعلّق بفعل يقتضي آلة فحمْلُه على المجاز المشهور كقوله تعالى : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً }
[ الكهف : 105 ]. وما جاء منها على صيغة الاسماء فهو محتمل مثل ما هنا لقوله : { فمن ثقلت موازينه } إلخ ومثل قول النّبيء صلى الله عليه وسلم « كلمتان خفيفتان على اللّسان ثقيلتان في الميزان » وما تعلّق بفعل مقتض آلة فحمله على التمثيل أو على مخلوق من أمور الآخرة مثل قوله تعالى : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } [ الأنبياء : 47 ]. وقد ورد في السنّة ذكر الميزان في حديث البطاقة التي فيها كلمة شهادة الإسلام ، عند التّرمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وحديث قول النّبي صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك : « فاطلبْني عند الميزان » خرّجه التّرمذي .
وقد اختلف السلف في وجود مخلوق يبيّن مقدار الجزاء من العمل يسمّى بالميزان توزن فيه الأعمال حقيقة ، فاثبت ذلك الجمهور ونفاه جماعة منهم الضحاك ومجاهد والأعمش ، وقالوا : هو القضاء السوي ، وقد تبع اختلافهم المتأخرون فذهب جمهور الأشاعرة وبعض المعتزلة إلى تفسير الجمهور ، وذهب بعض الأشاعرة المتأخرين وجمهورُ المعتزلة إلى ما ذهب إليه مجاهد والضحاك والأعمش ، والأمر هين ، والاستدلال ليس ببيِّن والمقصود المعنى وليس المقصود آلته .
والإخبار عن الوزن بقوله : { الحق } إن كان الوزن مجازاً عن تعيين مقادير الجزاء فالحق بمعنى العدل ، أي الجزاء عادل غير جائز ، لأنّه من أنواع القضاء والحكم ، وإن كان الوزن تمثيلاً بهيئة الميزان ، فالعدل بمعنى السوي ، أي والوزن يومئذ مساوٍ للأعمال لا يرجح ولا يحجف .
وعلى الوجهين فالإخبار عنه بالمصدر مبالغة في كونه محقاً .
وتفرع على كونه الحق قوله : { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون } ، فهو تفصيل للوزن ببيان أثره على قدر الموزون . ومحل التّفريع هو قوله : { فأولئك هم المفلحون } وقوله : فأولئك الذين خسروا أنفسهم إذ ذلك مفرّع على قوله : { فمن ثقلت موازينه } وقوله : ومن خفت موازينه .
وثقل الميزان في المعنى الحقيقي رجحان الميزان بالشّيء الموزون ، وهو هنا مستعار لاعتبار الأعمال الصّالحة غالبة ووافرة ، أي من ثقلت موازينه الصّالحات ، وإنّما لم يذكر ما ثقلت به الموازين لأنّه معلوم من اعتبار الوزن ، لأنّ متعارف النّاس أنّهم يزنون الأشياء المرغوب في شرائِها المتنافس في ضبط مقاديرها والتي يتغابن النّاس فيها .
والثّقل مع تلك الاستعارة هو أيضاً ترشيح لاستعارة الوزن للجزاء ، ثمّ الخفّة مستعارة لعدم الأعمال الصّالحة أخذاً بغاية الخفة على وزان عكس الثّقل ، وهي أيضاً ترشيح ثان لاستعارة الميزان ، والمراد هنا الخفّة الشّديدة وهي انعدام الأعمال الصّالحة لقوله : { بما كانوا بآياتنا يظلمون }. والفلاَح حُصول الخير وإدراك المطلوب .
والتّعريف في { المفلحون } للجنس أو العهد وقد تقدّم في قوله تعالى : { وأولئك هم المفلحون } في سورة البقرة ( 5 ).
وما صْدَقُ ( مَن ) واحد لقوله : { موازينه } ، وإذ قد كان هذا الواحد غير معيّن ، بل هو كلّ من تحقّق فيه مضمون جملة الشّرط ، فهو عام صح اعتباره جماعة في الإشارة والضّميرين من قوله : { فأولئك هم المفلحون }.
والاتيان بالإشارة للتّنبيه على أنّهم إنّما حصلوا الفلاَح لأجل ثقل موازينهم ، واختير اسم إشارة البعد تنبيهاً على البعد المعنوي الاعتباري .
وضمير الفصل لقصد الانحصار أي هم الذين انحصر فيهم تحقّق المفلحين ، أي إن علمتَ جماعة تعرف بالمفلحين فهم هُم .
- إعراب القرآن : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
«الْوَزْنُ» مبتدأ. «يَوْمَئِذٍ» ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ إذ ظرف لما مضى من الزمن مبني على السكون في محل جر بالإضافة ، وتنوينه تنوين عوض عن جملة محذوفة يوم تقوم الساعة. «الْحَقُّ» صفة للوزن أو خبر ، والجملة مستأنفة لا محل لها. «فَمَنْ» اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ ، والفاء استئنافية «ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ» فعل ماض وفاعله. «فَأُولئِكَ» الفاء رابطة واسم إشارة في محل رفع مبتدأ أول. «هُمُ» ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ثان أو ضمير فصل لا محل له و«الْمُفْلِحُونَ» خبر أولئك أو خبر المبتدأ الثاني هم وجملة هم المفلحون في محل رفع خبر أولئك وجملة فأولئك في محل جزم جواب الشرط ، وجملة فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ من.
- English - Sahih International : And the weighing [of deeds] that Day will be the truth So those whose scales are heavy - it is they who will be the successful
- English - Tafheem -Maududi : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(7:8) The weighing on that Day will be the true weighing: *8 those whose scales are heavy will prosper.
- Français - Hamidullah : Et la pesée ce jour-là sera équitable Donc celui dont les bonnes actions pèseront lourd voilà ceux qui réussiront
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Das Wägen erfolgt an jenem Tag der Wahrheit entsprechend Wessen Waagschalen schwer sein werden jene sind es denen es wohl ergeht
- Spanish - Cortes : La pesa ese día será la Verdad Aquéllos cuyas obras pesen mucho serán los que prosperen
- Português - El Hayek : E a ponderação nesse dia será a eqüidade; aqueles cujas boas ações forem mais pesadas serão os bemaventurados
- Россию - Кулиев : В тот день взвешивать будут правильно Те чья чаша Весов будет перевешивать окажутся преуспевшими
- Кулиев -ас-Саади : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
В тот день взвешивать будут правильно. Те, чья чаша Весов будет перевешивать, окажутся преуспевшими.- Turkish - Diyanet Isleri : Gerçek tartı kıyamet günündedir Tartıları ağır gelenler işte onlar kurtulanlardır
- Italiano - Piccardo : In quel Giorno la pesatura sarà conforme al vero e coloro le cui bilance saranno pesanti prospereranno
- كوردى - برهان محمد أمين : تهرازوو پێوهری ڕاست و دروست لهو ڕۆژهدایه ئینجا ئهوهی تای تهرازووی خێر و چاکهکانی سهنگین بێت ئهوه ئیتر ئهو جۆره کهسانه سهرکهوتوو سهرفرازن
- اردو - جالندربرى : اور اس روز اعمال کا تلنا برحق ہے تو جن لوگوں کے عملوں کے وزن بھاری ہوں گے وہ تو نجات پانے والے ہیں
- Bosanski - Korkut : Mjerenje toga dana biće pravedno oni čija dobra djela prevagnu oni će šta žele postići;
- Swedish - Bernström : Den Dagen skall [allt] vägas med sanningens våg och det skall gå dem väl i händer vilkas vågskål [med goda handlingar] väger tungt;
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Timbangan pada hari itu ialah kebenaran keadilan maka barangsiapa berat timbangan kebaikannya maka mereka itulah orangorang yang beruntung
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(Dan timbangan) untuk amal-amal perbuatan atau untuk lembaran-lembaran catatan amal perbuatan yang ditaruh di dalamnya. Timbangan itu memiliki jarum penunjuk berat dan dua gantungan, demikian sebagaimana yang telah dijelaskan oleh hadis. Timbangan itu ada (pada hari itu) yakni hari penghisaban yang telah disebutkan, yaitu hari kiamat (adalah benar) adalah adil, menjadi sifat dari lafal al-wazn (maka barang siapa berat timbangannya) oleh kebaikan (maka mereka itulah orang-orang yang berbahagia) orang-orang yang beruntung.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর সেদিন যথার্থই ওজন হবে। অতঃপর যাদের পাল্লা ভারী হবে তারাই সফলকাম হবে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அன்றைய தினம் அவரவரின் நன்மை தீமைகளை எடைபோடுவது உறுதி; அப்போது யாருடைய நன்மையின் எடை கனத்ததோ அவர்கள் தாம் வெற்றியாளர்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และการชั่ง เป็นความจริงผู้ใดที่ตราชูของเขาหนัก ชนเหล่านี้แหละคือผู้ที่ได้รับความสำเร็จ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ўша куни амалларни тортиш ҳақдир Бас кимнинг тортилган амаллари оғир келса ана ўшалар нажот топгувчилардир
- 中国语文 - Ma Jian : 在那日,称(功过薄)是真实的。善功的分量较重者才是成功的。
- Melayu - Basmeih : Dan timbangan amal pada hari itu adalah benar; maka sesiapa yang berat timbangan amalnya yang baik maka mereka itulah orangorang yang berjaya
- Somali - Abduh : Miisaanku waa Xaq Maalintaas Qiyaamada Cidday Cuslaato Miisaankiisa Fiican Kuwaasu waa uun kuwa Liibaanay
- Hausa - Gumi : Kuma awo a rãnar nan ne gaskiya To wanda sikẽlansasuka yi nauyi to waɗannan sũ ne mãsu cin nasara
- Swahili - Al-Barwani : Na Siku hiyo kipimo kitakuwa kwa Haki Basi watakao kuwa na uzani mzito hao ndio watakao fanikiwa
- Shqiptar - Efendi Nahi : Peshimi i veprave atë ditë do të jetë i drejtë atij që i rëndohet terezia me vepra të mira do të jetë i lumtur;
- فارسى - آیتی : در آن روز، وزنكردن به حق خواهد بود. آنها كه ترازويشان سنگين است رستگارانند.
- tajeki - Оятӣ : Дар он рӯз вазн кардан ба ҳақ хоҳад буд. Онҳо, ки тарозуяшон сангин (вазнин) аст, наҷот ёфтаанд.
- Uyghur - محمد صالح : بۇ كۈندە بەندىلەرنىڭ (ياخشى يامان ئەمەللىرىنىڭ) ئۆلچىنىدىغانلىقى ھەقتۇر. ياخشى ئەمەللىرى ئېغىر چىققانلار نىجات تاپقۇچىلاردۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അന്നാളിലെ തൂക്കം സത്യമായിരിക്കും. അപ്പോള് ആരുടെ തുലാസുകള് കനം തൂങ്ങുന്നുവോ അവര് തന്നെയായിരിക്കും വിജയികള്.
- عربى - التفسير الميسر : ووزن اعمال الناس يوم القيامه يكون بميزان حقيقي بالعدل والقسط الذي لا ظلم فيه فمن ثقلت موازين اعماله لكثره حسناته فاولئك هم الفائزون
*8). This means that when the Balance is fixed on the Day of Judgement, 'truth' and weight will be identical. The more truth one has to one's credit, the more truth one has to one's credit, the more the weight in one's scale; and vice versa. One will be judged solely on the basis of this weight. In other words, no consideration other than truth will enter into the calculation. A life of falsehood, however long it lasted, and however full of worldly achievements, will carry no weight at all. Weighed in the Balance, the devotees of falsehood will discover that their life-long deeds do not even weigh so much as a birds feather. The same point has been expatiated upon in al-Kahf 18:103-5 : 'Shall We tell you of those who are greatest losers in respect of their deeds? It is those whose efforts have been wasted in this life while they kept believing that they were acquiring good by their deeds. they are those who deny the Signs of their Lord and the fact of their having to meet Him (in the Hereafter). So their works are in vain and we shall attach no weight to them on the Day of Judgement.'