- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَٰرِى سَوْءَٰتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
- عربى - نصوص الآيات : يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ۖ ولباس التقوى ذلك خير ۚ ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون
- عربى - التفسير الميسر : يا بني آدم قد جعلنا لكم لباسًا يستر عوراتكم، وهو لباس الضرورة، ولباسًا للزينة والتجمل، وهو من الكمال والتنعم. ولباسُ تقوى الله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي هو خير لباس للمؤمن. ذلك الذي مَنَّ الله به عليكم من الدلائل على ربوبية الله تعالى ووحدانيته وفضله ورحمته بعباده؛ لكي تتذكروا هذه النعم، فتشكروا لله عليها. وفي ذلك امتنان من الله تعالى على خَلْقه بهذه النعم.
- السعدى : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء، كالطعام والشراب والمراكب، والمناكح ونحوها، قد يسر اللّه للعباد ضروريها، ومكمل ذلك، و[بين لهم] أن هذا ليس مقصودا بالذات، وإنما أنزله اللّه ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته، ولهذا قال: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح. وأما اللباس الظاهري، فغايته أن يستر العورة الظاهرة، في وقت من الأوقات، أو يكون جمالا للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع. وأيضا، فبتقدير عدم هذا اللباس، تنكشف عورته الظاهرة، التي لا يضره كشفها، مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى، فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزي والفضيحة. وقوله: { ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي: ذلك المذكور لكم من اللباس، مما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتشبهون باللباس الظاهر على الباطن.
- الوسيط لطنطاوي : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
السوءة: العورة. والريش: لباس الزينة، استعير من ريش الطائر، لأنه لباسه وزينته.
وقال الجوهري: الريش والرياش بمعنى كاللبس واللباس، وهو اللباس الفاخر» .
والمعنى: يا بنى آدم تذكروا واعتبروا واشكروا الله على ما حباكم من نعم، فإنه- سبحانه- قد هيأ لكم سبيل الحصول على الملبس الذي تسترون به عوراتكم، وتتزينون به في مناسبات التجمل والتعبد.
والمراد بإنزال ما ذكر أنه خلق لبنى آدم مادة هذا اللباس التي تتكون من القطن والصوف والحرير وما إليها، وألهمهم بما خلق فيهم من غرائز طرق استنباتها وصناعتها بالغزل والنسج والخياطة.
والتعبير بأنزلنا يفيد خصوصية البشر باللباس الذي يستر العورة، وبالرياش التي يتزينون بها، أى أنزلنا عليكم لباسين: لباسا يوارى سوآتكم، ولباسا يزينكم، لأن الزينة غرض صحيح وحبها من طبيعة البشر. قال- تعالى-: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً.
قال الجمل: «وقوله- تعالى-: وَرِيشاً يحتمل أن يكون من باب عطف الصفات.
والمعنى: أنه وصف اللباس بوصفين: مواراة السوأة، والزينة. ويحتمل أن يكون من باب عطف الشيء على غيره. أى: أنزلنا عليكم لباسا موصوفا بالمواراة، ولباسا موصوفا بالزينة» .
ثم بين- سبحانه- أن هناك لباسا آخر أفضل وأكمل من كل ذلك فقال: وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ أى: أن اللباس الذي يصون النفس من الدنايا والأرجاس، ويسترها بالإيمان والعمل الصالح هو خير من كل لباس حسى يتزين به البشر. فاسم الإشارة هنا يعود على لباس التقوى. وقد عبر القرآن هنا عن التقوى بأنها لباس، وعبر عنها في موضع آخر بأنها زاد مشاكلة للسياق الذي وردت فيه هنا أو هناك. وذلك من باب تجسيم المعنويات وتنسيقها مع الجو العام الذي وردت فيه، وتلك طريقة انفرد بها القرآن الكريم.
قال صاحب الكشاف: وقوله: وَلِباسُ التَّقْوى مبتدأ، وخبره إما الجملة التي هي ذلِكَ خَيْرٌ كأنه قيل: ولباس التقوى هو خير، لأن أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر. وإما المفرد الذي هو خير، وذلك صفة للمبتدأ، كأنه قيل: ولباس التقوى المشار إليه خير» «2» .
وقوله- تعالى-: ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ معناه: ذلك الذي أنزله الله على بنى آدم من النعم من دلائل قدرته وإحسانه عليهم، لعلهم بعد ذلك لا يعودون إلى النسيان الذي أوقع أبويهم في المعصية.
قال صاحب الكشاف: وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقب ذكر ظهور العورات وخصف الورق عليها، إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس، ولما في العرى وكشف العورة من المهانة والفضيحة، وإشعارا بأن التستر باب عظيم من أبواب التقوى .
ثم أتبع القرآن النداء الأول بنداء آخر مبالغة في وعظ بنى آدم وتذكيرهم بفضل الله عليهم، فقال- تعالى-:
- البغوى : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم ) أي : خلقنا لكم ( لباسا ) وقيل : إنما قال : " أنزلنا " لأن اللباس إنما يكون من نبات الأرض ، والنبات يكون بما ينزل من السماء ، فمعنى قوله : ( أنزلنا ) أي : أنزلنا أسبابه . وقيل : كل بركات الأرض منسوبة إلى بركات السماء كما قال تعالى : " وأنزلنا الحديد " ( سورة الحديد 25 ) ، وإنما يستخرج الحديد من الأرض .
وسبب نزول هذه الآية : أنهم كانوا في الجاهلية يطوفون بالبيت عراة ، ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها ، فكان الرجال يطوفون بالنهار والنساء بالليل عراة .
وقال قتادة : كانت المرأة تطوف وتضع يدها على فرجها وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
فأمر الله سبحانه بالستر فقال : ( قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم ) يستر عوراتكم ، واحدتها سوأة ، سميت بها لأنه يسوء صاحبها انكشافها ، فلا تطوفوا عراة ، ( وريشا ) يعني : مالا في قول ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي : يقال : تريش الرجل إذا تمول . وقيل : الريش الجمال ، أي : ما يتجملون به من الثياب ، وقيل : هو اللباس .
( ولباس التقوى ذلك خير ) قرأ أهل المدينة وابن عامر والكسائي " ولباس " بنصب السين عطفا على قوله ( لباسا ) وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء وخبره ( خير ) وجعلوا ( ذلك ) صلة في الكلام ، ولذلك قرأ ابن مسعود وأبي بن كعب ( ولباس التقوى خير )
واختلفوا في ( ولباس التقوى ) قال قتادة والسدي : لباس التقوى هو الإيمان . وقال الحسن : هو الحياء لأنه يبعث على التقوى .
وقال عطية عن ابن عباس : هو العمل الصالح . وعن عثمان بن عفان أنه قال : السمت الحسن .
وقال عروة بن الزبير : لباس التقوى خشية الله ، وقال الكلبي : هو العفاف . والمعنى : لباس التقوى خير لصاحبه إذا أخذ به مما خلق له من اللباس للتجمل .
وقال ابن الأنباري : لباس التقوى هو اللباس الأول وإنما أعاده إخبارا أن ستر العورة خير من التعري في الطواف .
وقال زيد بن علي : لباس التقوى الآلات التي يتقى بها في الحرب كالدرع والمغفر والساعد والساقين .
وقيل : لباس التقوى هو الصوف والثياب الخشنة التي يلبسها أهل الورع . ( ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ) .
- ابن كثير : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
يمتن تبارك وتعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش فاللباس المذكور هاهنا لستر العورات - وهي السوءات والرياش والريش : هو ما يتجمل به ظاهرا ، فالأول من الضروريات ، والريش من التكملات والزيادات .
قال ابن جرير : " الرياش " في كلام العرب : الأثاث ، وما ظهر من الثياب .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس - وحكاه البخاري - عنه : الرياش المال . وكذا قال مجاهد ، وعروة بن الزبير ، والسدي والضحاك .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : " الرياش " اللباس ، والعيش ، والنعيم .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : " الرياش " الجمال .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا أصبغ ، عن أبي العلاء الشامي قال : لبس أبو أمامة ثوبا جديدا ، فلما بلغ ترقوته قال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي . ثم قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من استجد ثوبا فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي خلق أو ألقى فتصدق به ، كان في ذمة الله ، وفي جوار الله ، وفي كنف الله حيا وميتا ، حيا وميتا ، حيا وميتا " .
ورواه الترمذي ، وابن ماجه ، من رواية يزيد بن هارون ، عن أصبغ - هو ابن زيد الجهني - وقد وثقه يحيى بن معين وغيره ، وشيخه " أبو العلاء الشامي " لا يعرف إلا بهذا الحديث ، ولكن لم يخرجه أحد ، والله أعلم .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا مختار بن نافع التمار ، عن أبي مطر ; أنه رأى عليا ، رضي الله عنه ، أتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ، ولبسه إلى ما بين الرسغين إلى الكعبين ، يقول ولبسه : الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي . فقيل : هذا شيء ترويه عن نفسك أو عن نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : هذا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكسوة : " الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي "
وقوله تعالى : ( ولباس التقوى ذلك خير ) قرأ بعضهم : " ولباس التقوى " ، بالنصب . وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء ، ( ذلك خير ) خبره .
واختلف المفسرون في معناه ، فقال عكرمة : يقال : هو ما يلبسه المتقون يوم القيامة . رواه ابن أبي حاتم .
وقال زيد بن علي ، والسدي ، وقتادة ، وابن جريج : ( ولباس التقوى ) الإيمان .
وقال العوفي ، عن ابن عباس رضي الله عنه : ( ولباس التقوى ) العمل الصالح .
وقال زياد بن عمرو ، عن ابن عباس : هو السمت الحسن في الوجه .
وعن عروة بن الزبير : ( لباس التقوى ) خشية الله .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( لباس التقوى ) يتقي الله ، فيواري عورته ، فذاك لباس التقوى .
وكل هذه متقاربة ، ويؤيد ذلك - الحديث الذي رواه ابن جرير حيث قال :
حدثني المثنى ، حدثنا إسحاق بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن قال : رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص قوهي محلول الزر ، وسمعته يأمر بقتل الكلاب ، وينهى عن اللعب بالحمام . ثم قال : يا أيها الناس ، اتقوا الله في هذه السرائر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والذي نفس محمد بيده ، ما عمل أحد قط سرا إلا ألبسه الله رداء علانية ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر " ثم تلا هذه الآية : " ورياشا " ولم يقرأ : وريشا - ( ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله ) قال : " السمت الحسن " .
هكذا رواه ابن جرير من رواية سليمان بن أرقم وفيه ضعف . وقد روى الأئمة : الشافعي ، وأحمد ، والبخاري في كتاب " الأدب " من طرق صحيحة ، عن الحسن البصري ; أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام ، يوم الجمعة على المنبر .
وأما المرفوع منه فقد روى الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير - له شاهدا من وجه آخر ، حيث قال : حدثنا . . .
- القرطبى : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
قوله تعالى يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم قال كثير من العلماء : هذه الآية دليل على وجوب ستر العورة ; لأنه قال : يواري سوآتكم وقال قوم : إنه ليس فيها دليل على ما ذكروه ، بل فيها دلالة على الإنعام فقط . قلت : القول الأول أصح . ومن جملة الإنعام ستر العورة ; فبين أنه سبحانه وتعالى جعل لذريته ما يسترون به عوراتهم ، ودل على الأمر بالستر . ولا خلاف بين العلماء في وجوب ستر العورة عن أعين الناس . واختلفوا في العورة ما هي ؟ فقال ابن أبي ذئب : هي من الرجل الفرج نفسه ، القبل والدبر دون غيرهما . وهو قول داود وأهل الظاهر وابن أبي عبلة والطبري ; لقوله تعالى : لباسا يواري سوآتكم ، بدت لهما سوآتهما ، ليريهما سوآتهما . وفي البخاري عن أنس : فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر . وفيه : ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم . وقال مالك : السرة ليست بعورة ، وأكره للرجل أن يكشف فخذه بحضرة زوجته . وقال أبو حنيفة : الركبة عورة . وهو قول عطاء . وقال الشافعي : ليست السرة ولا الركبتان من العورة على الصحيح . وحكى أبو حامد الترمذي أن للشافعي في السرة قولين . وحجة مالك قوله عليه السلام لجرهد : غط فخذك فإن الفخذ عورة . خرجه البخاري تعليقا وقال : حديث أنس أسند ، وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم . وحديث جرهد هذا يدل على خلاف ما قال أبو حنيفة . وروي أن أبا هريرة قبل سرة الحسن بن علي وقال : أقبل منك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل منك . فلو كانت السرة عورة ما قبلها أبو هريرة ، ولا مكنه الحسن منها . وأما المرأة الحرة فعورة كلها إلا الوجه والكفين . على هذا أكثر أهل العلم . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها . ولأن ذلك واجب كشفه في الإحرام . وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها . وروي عن أحمد بن حنبل نحوه . وأما أم الولد فقال الأثرم : سمعته - يعني أحمد بن حنبل - يسأل عن أم الولد كيف تصلي ؟ فقال : تغطي رأسها وقدميها ; لأنها لا تباع ، وتصلي كما تصلي الحرة . وأما الأمة فالعورة منها ما تحت ثدييها ، ولها أن تبدي رأسها ومعصميها . وقيل : حكمها حكم الرجل . وقيل : يكره لها كشف رأسها وصدرها . وكان عمر رضي الله عنه يضرب الإماء على تغطيتهن رءوسهن ويقول : لا تشبهن بالحرائر . وقال أصبغ : إن انكشف فخذها أعادت الصلاة في الوقت . وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : كل شيء من الأمة عورة حتى ظفرها . وهذا خارج عن أقوال الفقهاء ; لإجماعهم على أن المرأة الحرة لها أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله ، تباشر الأرض به . فالأمة أولى ، وأم الولد أغلظ حالا من الأمة . والصبي الصغير لا حرمة لعورته . فإذا بلغت الجارية إلى حد تأخذها العين وتشتهى سترت عورتها . وحجة أبي بكر بن عبد الرحمن قوله تعالى : يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن . وحديث أم سلمة أنها سئلت : ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب ؟ فقالت : تصلي في الدرع والخمار السابغ الذي يغيب ظهور قدميها . وقد روي مرفوعا . والذين أوقفوه على أم سلمة أكثر وأحفظ ; منهم مالك وابن إسحاق وغيرهما . قال أبو داود : ورفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو عمر : عبد الرحمن هذا ضعيف عندهم ; إلا أنه قد خرج البخاري بعض حديثه . والإجماع في هذا الباب أقوى من الخبر .
الثانية : قوله تعالى : أنزلنا عليكم لباسا يعني المطر الذي ينبت القطن والكتان ، ويقيم البهائم الذي منها الأصواف والأوبار والأشعار ; فهو مجاز مثل وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج على ما يأتي . وقيل : هذا الإنزال إنزال شيء من اللباس مع آدم وحواء ، ليكون مثالا لغيره . وقال سعيد بن جبير : أنزلنا عليكم أي خلقنا لكم ; كقوله : وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج أي خلق . على ما يأتي . وقيل : ألهمناكم كيفية صنعته .
الثالثة : قوله تعالى : وريشا قرأ أبو عبد الرحمن والحسن وعاصم من رواية المفضل الضبي ، وأبو عمرو من رواية الحسين بن علي الجعفي ( ورياشا ) . ولم يحكه أبو عبيد إلا عن الحسن ، ولم يفسر معناه . وهو جمع ريش . وهو ما كان من المال واللباس . وقال الفراء : ريش ورياش ، كما يقال : لبس ولباس . وريش الطائر ما ستره الله به . وقيل : هو الخصب ورفاهية العيش . والذي عليه أكثر أهل اللغة أن الريش ما ستر من لباس أو معيشة . وأنشد سيبويه :
فريشي منكم وهواي معكم
وإن كانت زيارتكم لماما
وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة : وهبت له دابة بريشها ; أي بكسوتها وما عليها من اللباس .
الرابعة : قوله تعالى وريشا ولباس التقوى ذلك خير بين أن التقوى خير لباس ; كما قال :
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى
تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه
ولا خير فيمن كان لله عاصيا
وروى قاسم بن مالك عن عوف عن معبد الجهني قال : لباس التقوى الحياء . وقال ابن عباس : لباس التقوى هو العمل الصالح . وعنه أيضا : السمت الحسن في الوجه . وقيل : ما علمه عز وجل وهدى به . وقيل : لباس التقوى لبس الصوف والخشن من الثياب ، مما يتواضع به لله تعالى ويتعبد له خير من غيره . وقال زيد بن علي : لباس التقوى الدرع والمغفر ; والساعدان ، والساقان ، يتقى بهما في الحرب . وقال عروة بن الزبير : هو الخشية لله . وقيل : هو استشعار تقوى الله تعالى فيما أمر به ونهى عنه . قلت : وهو الصحيح ، وإليه يرجع قول ابن عباس وعروة . وقول زيد بن علي حسن ، فإنه حض على الجهاد . وقال ابن زيد : هو ستر العورة . وهذا فيه تكرار ، إذ قال أولا : قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم . ومن قال : إنه لبس الخشن من الثياب فإنه أقرب إلى التواضع وترك الرعونات فدعوى ; فقد كان الفضلاء من العلماء يلبسون الرفيع من الثياب مع حصول التقوى ، على ما يأتي مبينا إن شاء الله تعالى . وقرأ أهل المدينة والكسائي ( لباس ) بالنصب عطفا على لباسا الأول . وقيل : انتصب بفعل مضمر ; أي وأنزلنا لباس التقوى . والباقون بالرفع على الابتداء . و ذلك نعته و خير خبر الابتداء . والمعنى : ولباس التقوى المشار إليه ، الذي علمتموه ، خير لكم من لباس الثياب التي تواري سوآتكم ، ومن الرياش الذي أنزلنا إليكم ; فالبسوه . وقيل : ارتفع بإضمار : " هو " أي وهو لباس التقوى ; أي هو ستر العورة . وعليه يخرج قول ابن زيد . وقيل : المعنى ولباس التقوى هو خير ; ف ذلك بمعنى هو . والإعراب الأول أحسن ما قيل فيه . وقرأ الأعمش ( ولباس التقوى خير ) ولم يقرأ ذلك وهو خلاف المصحف .
ذلك من آيات الله أي مما يدل على أن له خالقا . و ذلك رفع على الصفة ، أو على البدل ، أو عطف بيان .
- الطبرى : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
القول في تأويل قوله : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه للجهلة من العرب الذين كانوا يتعرَّون للطواف، اتباعًا منهم أمرَ الشيطان، وتركًا منهم طاعةَ الله, فعرفهم انخداعهم بغروره لهم، حتى تمكن منهم فسلبهم من ستر الله الذي أنعمَ به عليهم, حتى أبدى سوءاتهم وأظهرها من بعضهم لبعض, مع تفضل الله عليهم بتمكينهم مما يسترونها به, وأنهم قد سار بهم سيرته في أبويهم آدم وحواء اللذين دلاهما بغرور حتى سلبهما ستر الله الذي كان أنعم به عليهما حتى أبدى لهما سوءاتهما فعرّاهما منه: (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا)، يعني بإنـزاله عليهم ذلك، خلقَه لهم, ورزقه إياهم = و " اللباس " ما يلبسون من الثياب (15) =(يواري سوآتكم) يقول: يستر عوراتكم عن أعينكم (16) = وكنى بـ" السوءات "، عن العورات.
* * *
= واحدتها " سوءة ", وهي" فعلة " من " السوء ", وإنما سميت " سوءة "، لأنه يسوء صاحبها انكشافُها من جسده, (17) كما قال الشاعر: (18)
خَــــرَقُوا جَـــيْبَ فَتَـــاتِهِمُ
لَـــمْ يُبَــالُوا سَــوْءَةَ الرَّجُلَــهْ (19)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14418- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (لباسًا يواري سوآتكم) قال: كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراةً, ولا يلبس أحدهم ثوبًا طاف فيه.
14419- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, بنحوه.
14420- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا)، قال: أربع آيات نـزلت في قريش. كانوا في الجاهلية لا يطوفون بالبيت إلا عراة.
14421- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن عوف قال: سمعت معبدًا الجهني يقول في قوله: (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا)، قال: اللباس الذي تلبسون.
14422- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال: كانت قريش تطوف عراة, لا يلبس أحدهم ثوبًا طاف فيه. وقد كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراة.
14423- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني: (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال: اللباس الذي يواري سوءاتكم: وهو لَبُوسكم هذه. (20)
14424- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (لباسًا يواري سوآتكم) قال: هي الثياب.
14425- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، حدثني مَنْ سمع عروة بن الزبير يقول، اللباس: الثياب.
14426- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال: يعني ثيابَ الرجل التي يلبسها.
* * *
القول في تأويل قوله : وَرِيشًا
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الأمصار: (وَرِيشًا)، بغير " ألف ".
* * *
وذكر عن زر بن حبيش والحسن البصري: أنهما كانا يقرآنه: " وَرِياشًا ".
14427- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث, عن أبان العطار قال، حدثنا عاصم: أن زر بن حبيش قرأها: " وَرِياشًا ".
* * *
قال أبو جعفر: والصوابُ من القراءة في ذلك، قراءة من قرأ: (وَرِيشًا) بغير " ألف "، لإجماع الحجة من القرأة عليها.
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ في إسناده نظر: أنه قرأه: " وَرِياشًا ". (21)
فمن قرأ ذلك: " وَرِياشًا " فإنه محتمل أن يكون أراد به جمع " الريش ", كما تجمع " الذئب "،" ذئابًا "، و " البئر "" بئارًا ".
ويحتمل أن يكون أراد به مصدرًا، من قول القائل: "
راشه الله يَريشه رياشًا ورِيشًا ", (22) كما يقال: " لَبِسه يلبسه لباسًا ولِبْسًا "، وقد أنشد بعضهم: (23)فَلَمــا كَشَـفْنَ اللِّبْسَ عَنْـهُ مَسَـحْنَهُ
بِـأَطْرَافِ طَفْـلٍ زَانَ غَيْـلا مُوَشَّـمَا (24)
بكسر "
اللام " من " اللبس ".و "
الرياش "، في كلام العرب، الأثاث، وما ظهر من الثياب من المتاع مما يلبس أو يُحْشى من فراش أو دِثَار.و "
الريش " إنما هو المتاع والأموال عندهم. وربما استعملوه في الثياب والكسوة دون سائر المال. يقولون: " أعطاه سرجًا بريشه ", و " رحْلا بريشه "، أي بكسوته وجهازه. ويقولون: " إنه لحسن ريش الثياب "، وقد يستعمل " الرياش " في الخصب ورَفاهة العيش.* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال: "
الرياش "، المال:14428- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (وريشًا)، يقول: مالا.
14429- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وريشًا)، قال: المال.
14430- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
14431- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: "
ورياشًا "، قال: أما " رياشًا "، فرياش المال. (25)14432- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، حدثني من سمع عروة بن الزبير يقول: "
الرياش "، المال.14433- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك قوله: "
ورياشًا "، يعني، المال.* ذكر من قال: هو اللباس ورفاهة العيش.
14434- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: "
ورياشًا "، قال: " الرياش "، اللباس والعيش والنَّعيم.14435- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني: "
ورياشًا "، قال: " الرياش "، المعاش.14436- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا عوف قال، قال معبد الجهني: "
ورياشًا "، قال: هو المعاش.* * *
وقال آخرون: "
الريش "، الجمال.* ذكر من قال ذلك:
14437- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "
ورياشًا "، قال: " الريش "، الجمال.* * *
القول في تأويل قوله : وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: "
لباس التقوى "، هو الإيمان.* ذكر من قال ذلك:
14438- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (ولباس التقوى)، هو الإيمان.
14439- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولباس التقوى)، الإيمان.
14440- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرني حجاج, عن ابن جريج: (ولباس التقوى)، الإيمان.
* * *
وقال آخرون: هو الحياء.
* ذكر من قال ذلك:
14441- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني في قوله: (ولباس التقوى)، الذي ذكر الله في القرآن، هو الحياء.
14442- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا عوف قال، قال معبد الجهني, فذكر مثله.
14443- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن عوف, عن معبد، بنحوه.
* * *
وقال آخرون: هو العمل الصالح.
* ذكر من قال ذلك:
14444- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (ولباس التقوى ذلك خير)، قال: لباس التقوى: العمل الصالح.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك هو السَّمْت الحسن.
* ذكر من قال ذلك:
14445- حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا عبد الله بن داود, عن محمد بن موسى, عن . . . . بن عمرو, عن ابن عباس: (ولباس التقوى)، قال: السمت الحسن في الوجه. (26)
14446- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل, عن سليمان بن أرقم, عن الحسن قال: رأيت عثمان بن عفان على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه قميصٌ قُوهيّ محلول الزرّ, (27) وسمعته يأمر بقتل الكلاب، وينهى عن اللعب بالحمام, ثم قال: يا أيها الناس، اتقوا الله في هذه السرائر, فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "
والذي نفس محمد بيده، ما عمل أحدٌ قط سرًّا إلا ألبسه الله رداءَ علانيةٍ, (28) إن خيرًا فخيرًا, وإن شرًّا فشرًا "، ثم تلا هذه الآية: " وَرِيَاشًا " = ولم يقرأها: وَرِيشًا=( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ )، قال: السمتُ الحسن. (29)
* * *
وقال آخرون: هو خشية الله.
* ذكر من قال ذلك:
14447- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدنى قال، حدثني من سمع عروة بن الزبير يقول: (لباس التقوى)، خشية الله.
* * *
وقال آخرون: (لباس التقوى)، في هذه المواضع، ستر العورة.
* ذكر من قال ذلك:
14448- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولباس التقوى)، يتقي الله، فيواري عورته, ذلك "
لباس التقوى ".* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة المكيين والكوفيين والبصريين: ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ )، برفع "
ولباس ".* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة: "
وَلِبَاسَ التَّقْوَى "، بنصب " اللباس ", وهي قراءة بعض قرأة الكوفيين.* * *
فمن نصب: "
ولباس "، فإنه نصبه عطفًا على " الريش "، بمعنى: قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا, وأنـزلنا لباسَ التقوى.* * *
وأما الرفع, فإن أهل العربية مختلفون في المعنى الذي ارتفع به "
اللباس ".فكان بعض نحويي البصرة يقول: هو مرفوع على الابتداء, وخبره في قوله: (ذلك خير) . وقد استخطأه بعض أهل العربية في ذلك وقال: هذا غلط, لأنه لم يعد على "
اللباس " في الجملة عائد, فيكون " اللباس " إذا رفع على الابتداء وجعل " ذلك خير " خبرًا.* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: (ولباس)، يرفع بقوله: ولباس التقوى خير، ويجعل "
ذلك " من نعته. (30)* * *
قال أبو جعفر: وهذا القول عندي أولى بالصواب في رافع "
اللباس "، لأنه لا وجه للرفع إلا أن يكون مرفوعًا بـ" خير "، وإذا رفع بـ " خير " لم يكن في ذلك وجه إلا أن يجعل " اللباس " نعتًا, لا أنه عائد على " اللباس " من ذكره في قوله: (ذلك خير)، فيكون خير مرفوعًا بـ" ذلك "، و " ذلك "، به.فإذ، كان ذلك كذلك, فتأويل الكلام = إذا رفع "
لباس التقوى " =: ولباس التقوى ذلك الذي قد علمتموه، خير لكم يا بني آدم، من لباس الثياب التي تواري سوءاتكم, ومن الرياش التي أنـزلناها إليكم، هكذا فالبَسوه.* * *
وأما تأويل مَنْ قرأه نصبًا, فإنه: "
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْـزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى "، هذا الذي أنـزلنا عليكم من اللباس الذي يواري سوءاتكم, والريش, ولباس التقوى خير لكم من التعرِّي والتجرد من الثياب في طوافكم بالبيت, فاتقوا الله والبسوا ما رزقكم الله من الرياش, ولا تطيعوا الشيطان بالتجرد والتعرِّي من الثياب, فإن ذلك سخرية منه بكم وخدعة, كما فعل بأبويكم آدم وحواء، فخدعهما حتى جرّدهما من لباس الله الذي كان ألبسهما بطاعتهما له، في أكل ما كان الله نهاهما عن أكله من ثمر الشجرة التي عصَياه بأكلها.* * *
قال أبو جعفر: وهذه القراءة أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب, أعني نصب قوله: "
وَلِبَاسَ التَّقْوَى "، لصحة معناه في التأويل على ما بيّنت, وأن الله إنما ابتدأ الخبر عن إنـزاله اللباس الذي يواري سوءاتنا والرياش، توبيخًا للمشركين الذين كانوا يتجرّدون في حال طوافهم بالبيت, ويأمرهم بأخذ ثيابهم والاستتار بها في كل حال، مع الإيمان به واتباع طاعته = ويعلمهم أن كلّ ذلك خير من كلّ ما هم عليه مقيمون من كفرهم بالله، وتعرِّيهم, لا أنه أعلمهم أن بعض ما أنـزل إليهم خيرٌ من بعض.وما يدل على صحة ما قلنا في ذلك، الآيات التي بعد هذه الآية, وذلك قوله: يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْـزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا وما بعد ذلك من الآيات إلى قوله: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ، فإنه جل ثناؤه يأمر في كل ذلك بأخذ الزينة من الثياب، واستعمال اللباس وترك التجرّد والتعرّي، وبالإيمان به، واتباع أمره والعمل بطاعته, وينهى عن الشرك به واتباع أمر الشيطان ، مؤكدًا في كل ذلك ما قد أجمله في قوله: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْـزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) .
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: "
ولباس التقوى "، استشعار النفوس تقوى الله، في الانتهاء عما نهى الله عنه من معاصيه، والعمل بما أمر به من طاعته ، وذلك يجمع الإيمان، والعمل الصالح، والحياء، وخشية الله، والسمتَ الحسن, لأن مَنْ اتقى الله كان به مؤمنًا، وبما أمره به عاملا ومنه خائفًا، وله مراقبًا, ومن أن يُرَى عند ما يكرهه من عباده مستحييًا. ومَنْ كان كذلك ظهرت آثار الخير فيه, فحسن سَمْته وهَدْيه، ورُئِيَتْ عليه بهجة الإيمان ونوره.وإنما قلنا: عنى بـ"
لباس التقوى "، استشعارَ النفس والقلب ذلك = لأن " اللباس "، إنما هو ادِّراع ما يلبس، واجتياب ما يكتسى, (31) أو تغطية بدنه أو بعضه به. فكل من ادَّرع شيئًا واجتابهُ حتى يُرَى عَيْنه أو أثرُه عليه, (32) فهو له " لابس " . ولذلك جعل جل ثناؤه الرجال للنساء لباسًا، وهن لهم لباسًا, وجعل الليل لعباده لباسًا. (33)* * *
* ذكر من تأول ذلك بالمعنى الذي ذكرنا من تأويله، إذا قرئ قوله: ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى )، رفعًا.
14449- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولباس التقوى) ، الإيمان =(ذلك خير)، يقول: ذلك خير من الرياش واللباس يواري سوءاتكم.
14450- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ولباس التقوى)، قال: لباس التقوى خير, وهو الإيمان.
* * *
القول في تأويل قوله : ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ذلك الذي ذكرت لكم أنّي أنـزلته إليكم، أيها الناس، من اللباس والرياش، من حجج الله وأدلته التي يعلم بها مَنْ كفر صحة توحيد الله, وخطأ ما هم عليه مقيمون من الضلالة =(لعلهم يذكرون)، يقول جل ثناؤه: جعلت ذلك لهم دليلا على ما وصفت، ليذكروا فيعتبروا وينيبوا إلى الحق وترك الباطل, رحمة مني بعبادي. (34)
------------------
الهوامش :
(15) انظر تفسير (( اللباس )) فيما سلف 3 : 489 - 491 /5 : 480 /11 : 270 .
(16) انظر تفسير ( وارى )) فيما سلف 10 : 229 .
(17) انظر تفسير (( السوءة )) فيما سلف 10 : 229 / وهذا الجزء ص : 352 .
(18) لم أعرف قائله .
(19) الكامل 1 : 165 ، وشرح الحماسة 1 : 117 ، واللسان ( رجل ) ، وغيرهما ، وقبل البيت :
كُـــلُّ جَـــارٍ ظَــلَّ مُغْتَبِطًــا
غَـــيْرَ جِــيرَانِي بَنِــي جَبَلَــهْ
وروايتهم : (( لم يبالوا حرمة الرجله )) . وكنى بقوله : (( جيب فتاتهم )) ، عن عورتها وفرجها . وانث (( الرجل )) ، فجعل المرأة : (( رجلة )) .
(20) (( اللبوس )) ، الثياب ، وهو مذكر ، فإن ذهبت به إلى (( الثياب )) جاز لك أن تؤنث ، وكان في المطبوعة : (( هو لبوسكم هذا )) ، وأثبت ما في المخطوطة .
(21) سيأتي هذا الخبر بإسناده رقم : 14446 .
(22) أراد هنا أن يجعل (( ريشا )) مصدرًا بكسر (( الراء )) ، كما هو بين في معاني القرآن للفراء 1 : 375 ، ولذلك ضبطتها كذلك ، والذي نص عليه أهل اللغة أن المصدر ( ريشا )) بفتح فسكون .
(23) هو حميد بن ثور الهلالي .
(24) ديوانه : 14 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 375 ، واللسان ( لبس ) ( طفل ) ، والمخصص 4 : 35 ، وغيرها . وهذا بيت من قصيدة له طويلة في ديوانه ، أرجح أنها مختلطة الترتيب ، وهذا البيت مما اختلط . فإنه في صفة الرجل ، فقال فيه ( كما ورد في الديوان البيت رقم : 37 ) ، بعد أن زينته الجواري ( والشعر في الديوان كثير الخطأ ، فصححته ) .
تَنَـاهَى عَلَيْـهِ الصَّانِعَـاتُ ، وَشَاكَلَتْ
بِـهِ الخـيلَ حَـتَّى هَـمَّ أَنْ يَتَحَمْحَمَـا
ثم قال بعد رقم : 40 .
تَخَــالُ خِـلالَ الـرَّقْم لَمَّـا سَـدَلْنَهُ
حِصَانًـا تَهَـادَى سَامِيَ الطَّرْفِ مُلْجَمَا
وقال قبل البيت ( وهما في ترتيب الديوان : 32 ، 33 ) :
فَزَيَّنَّــهُ بِــالعِهْنِ حَـتَّى لَـوَ انَّـهُ
يُقَـالُ لَـهُ : هَـابٍ ، هَلُـمَّ ! لأَقْدَمَـا
جعل الهودج قد صار كأنه فرس عليه زينته وجلاله وسرجه . وقوله : ( فلما كشفن اللبس عنه )) ، يعني الهودج . و (( مسحنه )) يعني الجواري اللواتي صنعه وزوقنه وزينه . و (( الطفل ) ( بفتح فسكون ) هو البنان الناعم ، وأراد : مسحنه بأطراف بنان طفل ، فجعل (( طفلا )) بدلا من (( البنان )) و (( الغيل )) ( بفتح فسكون ) الساعد الريان الممتلئ . و (( الموشم )) ، عليه الوشم ، وكان زينة للجاهلية أبطلها الإسلام ، ولعن الله متخذها ، رجلا كان أو امرأة .
(25) حيث جاءت (( رياش )) القراءة الثانية في هذه الأخبار ، فإني تاركها على ما هي عليه لا أغيرها إلى قراءتنا .
(26) الأثر : 14445 - في هذا الإسناد في المخطوطة : (( عن الدنا بن عمرو )) ، كلمة لم أعرف كيف تقرأ ، فوضعت مكانها نقطًا ، وكان في المطبوعة : (( الزباء بن عمرو )) ، لا أدري من أين جاء بهذا الاسم !! ووجدت في تفسير ابن كثير 3 : 462 : (( الديال بن عمرو )) ، وهذا أيضًا . لم أعرف ما يكون .
(( محمد بن موسى )) ، لم أستطع أن أحدد من يكون .
(27) (( القميص القوهي )) ، منسوب إلى (( قوهستان )) ، وهي أرض متصلة بنواحي هراة ونيسابور ، ينسب إليها ضرب من الثياب .
(28) نص ابن كثير في تفسيره ، نقلا عن هذا الموضع من الطبري : (( ما أسر أحد سريرة إلا ألبسهما الله رداءها علانية )) ، ولا أدري من أين جاء هذا الاختلاف : وفي المطبوعة : (( رداءه )) ، وأثبت ما في المخطوطة .
(29) الأثر : 14446 - (( إسحاق بن الحجاج الرازي الطاحوني )) ، مضى برقم : 230 ، 1614 ، 10314 . و (( إسحاق بن إسماعيل )) لعله (( إسحاق بن لإسماعيل الرازي )) ، أبو يزيد ، حبويه . مترجم في ابن أبي حاتم 1 /1 / 212 .
و (( سليمان بن أرقم )) ، أبو معاذ . ضعف جدًا ، متروك الحديث ، مضى برقم : 4923 . فمن أجل ضعف (( سليمان بن أرقم )) ، قال أبو جعفر فيما سلف ص : 363 ، تعليق : 1 ، أن في إسناد هذا الخبر نظرًا .
وهذا الخبر رواه ابن كثير في تفسيره 3 : 462 ، 463 ، وضعفه ، ثم قال : (( وقد روى الأئمة ، الشافعي وأحمد والبخاري في كتاب الأدب صحيحة ، عن الحسن : أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام يوم الجمعة على المنبر )) . قلت : وخبر أحمد في المسند رقم : 521 ، وخبر البخاري في الأدب المفرد ص : 332 ، 333 برقم : 1301 .
(30) هذا قول الفراء 1 : 375
(31) في المطبوعة : (( واحتباء ما يكتسى )) ، غير ما في المخطوطة ، الخطأ في نقطها ، فأساء غاية الإساءة ، كان في المخطوطة : (( واحنتاب )) ، وصواب قراءتها ما أثبت وانظر التعليق التالي ، (( اجتاب الثوب اجتيابًا )) ، لبسه ، قال لبيد :
فَبِتِلْـكَ إذْ رَقَـصَ اللَّـوَامِعُ بِـالضُّحَى
وَاجْتَــابَ أَرْدِيَـةَ السَّـرَابِ إكَامُهـا
أَقْضِــي اللُّبَانَــةَ لا أُفَـرِّطُ رِيبَـةً
أَوْ أَنْ يَلُـــومَ بِحَاجَـــةٍ لَوَّامُهـا
(32) في المطبوعة : (( فكل من اردع شيئًا واحتبى به حتى يرى هو أو أثره عليه )) ، أساء كما أساء في السالف ، ولكن كان الخطأ أعذر له ، لأنه فيها (( فكل من ادرع شيئًا واحبا )) هذا آخر السطر ، ثم بدأ في السطر التالي (( به حتى يرى عنه أو أثره عليه )) . فجاء الناشر فجعلها (( واحتبى به )) والصواب ما أثبت ، وإنما قطع الناسخ الكلمة في سطرين !! وانظر التعليق السالف . وأما قوله في المطبوعة : (( حتى يرى هو أو أثره عليه )) ، فقد غيره تغييرًا لا يجدي ، وصواب قراءة المخطوطة كما أثبت .
(33) شاهد الأول آية (( سورة البقرة )) : 187 : "
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ " . وشاهد الثاني على آية (( سورة النبأ)) : 10 : " وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا " .(34) انظر تفسير (( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .
= وتفسير (( يذكر )) فيما سلف منها ( ذكر ) .
- ابن عاشور : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
إذا جرينا على ظاهر التّفاسير كان قوله : { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً } الآية استئنافاً ابتدائياً ، عاد به الخطاب إلى سائر النّاس الذين خوطبوا في أوّل السّورة بقوله : { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } [ الأعراف : 3 ] الآيات ، وهم أمّة الدّعوة ، لأنّ الغرض من السّورة إبطال ما كان عليه مشركو العرب من الشّرك وتوابعه من أحوال دينهم الجاهلي ، وكان قوله : { ولقد خلقناكم ثم صورناكم } [ الأعراف : 11 ] استطراداً بذكر منّة الله عليهم وهم يكفرون به كما تقدّم عند قوله تعالى : { ولقد خلقناكم } فخاطبتْ هذه الآية جميع بني آدم بشيء من الأمور المقصودة من السّورة فهذه الآية كالمقدّمة للغرض الذي يأتي في قوله : { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } [ الأعراف : 31 ] ووقوعها في أثناء آيات التّحذير من كيد الشّيطان جعلها بمنزلة الاستطراد بين تلك الآيات وإن كانت هي من الغرض الأصلي .
ويجوز أن يكون قوله : { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً } وما أشبهه ممّا افتتح بقوله : { يا بني آدم } أربعَ مرّات ، من جملة المقول المحكي بقوله : { قال فيها تحيون } [ الأعراف : 25 ] فيكون ممّا خاطب الله به بني آدم في ابتداء عهدهم بعمران الأرض على لسان أبيهم آدمَ ، أو بطريق من طرق الإعلام الإلهي ، ولو بالإلهام ، لما تَنشأ به في نفوسهم هذه الحقائق ، فابتدأ فأعلمهم بمنَّته عليهم أن أنزل لهم لباساً يواري سَوْآتهم ، ويتجمّلون به بمناسبة ما قصّ الله عليهم من تعري أبويهم حين بدت لهما سَوءاتُهما ، ثمّ بتحذيرهم من كيد الشّيطان وفتنته بقوله : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان } [ الأعراف : 27 ] ثمّ بأن أمرهم بأخذ اللّباس وهو زينة الإنسان عند مواقع العبادة لله تعالى بقوله : { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } [ الأعراف : 31 ] ، ثمّ بأن أخذ عليهم العهد بأن يُصدّقوا الرّسل وينتفعوا بهديهم بقوله : { يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم } [ الأعراف : 35 ] الآية ، واستطرد بين ذلك كلّه بمواعظ تنفع الذين قُصدوا من هذا القَصص ، وهم المشركون المكذّبون محمّداً صلى الله عليه وسلم فهم المقصود من هذا الكلام كيفما تفنّنت أساليبه وتناسقَ نظمُه ، وأيًّا ما كان فالمقصود الأوّل من هذه الخطابات أو من حكايتها هم مشركُو العرب ومكذّبو محمّد صلى الله عليه وسلم ولذلك تخللتْ هذه الخطاباتتِ مُستطرَدَاتٌ وتعريضاتٌ مناسبة لما وضعه المشركون من التّكاذيب في نقض أمر الفطرة .
والجُمل الثّلاث من قوله : { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً } وقوله { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان } [ الأعراف : 27 ] وقوله { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } [ الأعراف : 31 ] متّصلة تمام الاتّصال بقصّة فتنة الشّيطان لآدم وزوجه ، أو متّصلة بالقول المحكي بجملة : { قال فيها تحيون } [ الأعراف : 25 ] على طريقة تعداد المقول تعداداً يشبه التّكرير .
وهذا الخطاب يشمل المؤمنين والمشركين ، ولكن الحظّ الأوفر منه للمشركين : لأنّ حظّ المؤمنين منه هو الشّكر على يَقينهم بأنّهم موافقون في شؤونهم لمرضاة ربّهم ، وأمّا حظّ المشركين فهو الإنذار بأنّهم كافرون بنعمة ربّهم ، معرّضون لسخطه وعقابه .
وابتُدىء الخطاب بالنّداء ليقع إقبالهم على ما بعده بشراشر قلوبهم ، وكان لاختيار استحضارهم عند الخطاب بعنوان بني آدم مرّتين وقْع عجيب ، بعد الفراغ من ذكر قصّة خلق آدم وما لقيه من وسوسة الشّيطان : وذلك أنّ شأن الذرّية أن تثأر لآبائها ، وتعادي عدوّهم ، وتحترس من الوقوع في شَرَكه .
ولمّا كان إلهام الله آدمَ أن يَستر نفسه بوَرق الجنّة مِنَّةٌ عليه ، وقد تقلّدها بنوه ، خوطب النّاس بشمول هذه المنّة لهم بعنوان يدلّ على أنّها منّةٌ موروثة ، وهي أوقع وأدعى للشّكر ، ولذلك سمّى تيسير اللّباس لهم وإلهامهم إياه إنزالاً ، لقصد تشريف هذا المظهر ، وهو أوّل مظاهر الحَضارة ، بأنّه منزّل على النّاس من عند الله ، أو لأنّ الذي كان مِنْهُ على آدم نزل به من الجنّة إلى الأرض التي هو فيها ، فكان له في معنى الإنزال مزيد اختصاص ، على أنّ مجرّد الإلهام إلى استعماله بتسخير إلهي ، مع ما فيه من عظيم الجدوى على النّاس والنّفع لهم ، يحسِّن استعارة فعل الإنزال إليه ، تشريفاً لشأنه ، وشاركه في هذا المعنى ما يكون من الملهمات عظيم النّفع ، كما في قوله : { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للنّاس } [ الحديد : 25 ] أي أنزلنا الإلهام إلى استعماله والدّفاععِ به ، وكذلك قوله : { وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } [ الزمر : 6 ] أي : خلَقها لكم في الأرض بتدبيره ، وعلَّمكم استخدامها والانتفاعَ بما فيها ، ولا يطرد في جميع ما أُلهم إليه البشر ممّا هو دون هذه في الجدوى ، وقد كان ذلك اللّباس الذي نزل به آدم هو أصل اللّباس الذي يستعمله البشر .
وهذا تنبيه إلى أنّ اللّباس من أصل الفطرة الإنسانيّة ، والفطرة أوّل أصول الإسْلام ، وأنّه ممّا كرم الله به النّوع منذ ظهوره في الأرض ، وفي هذا تعريض بالمشركين إذ جعلوا من قرباتهم نزع لباسهم بأن يحجّوا عُراة كما سيأتي عند قوله : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } [ الأعراف : 32 ] فخالفوا الفطرة ، وقد كان الأمم يحْتفلون في أعياد أديانهم بأحسن اللّباس ، كما حكى الله عن موسى عليه السّلام وأهل مصر : { قال موعدكم يوم الزينة } [ طه : 59 ].
واللّباس اسم لما يلبَسه الإنسان أي يستُر به جزءاً من جسده ، فالقميص لباس ، والإزار لباس ، والعمامة لباس ، ويقال لبس التّاج ولبس الخاتم قال تعالى : { وتستخرجون حلية تلبسونها } [ فاطر : 12 ] ومصدر لبس اللّبس بضمّ اللاّم .
وجملة : { يواري سوآتكم } صفة ( للباساً ) وهو صنف اللّباس اللاّزم ، وهذه الصّفة صفة مَدح اللّباس أي من شأنه ذلك وإن كان كثير من اللّباس ليس لمواراة السوآت مثل العمامة والبرد والقباء وفي الآيه إشارة إلى وجوب ستر العورة المغلظة ، وهي السوأة ، وأمّا ستر ما عداها من الرّجل والمرأة فلا تدلّ الآية عليه ، وقد ثبت بعضه بالسنّة ، وبعضه بالقياس والخوض في تفاصيلها وعللها من مسائل الفقه .
والرّيش لباس الزّينة الزائد على ما يستر العورة ، وهو مستعار من ريش الطّير لأنّه زينته ، ويقال للباس الزّينة رِياش .
وعطف ( ريشاً ) على : { لباساً يزارى سوآتكم } عطفَ صنف على صنف ، والمعنى يَسَّرنا لكم لباساً يستركم ولباساً تتزيّنون به .
وقوله : { ولباس التقوى } قرأه نافع ، وابن عامر ، والكسائي ، وأبُو جعفر : بالنّصب ، عطفاً على { لباساً } فيكون من اللّباس المُنْزَل أي الملهَم ، فيتعيّن أنّه لباس حقيقة أي شيء يلبس . والتّقوى ، على هذه القراءة ، مصدر بمعنى الوقاية ، فالمراد : لَبوس الحرب ، من الدّروع والجواشن والمغافر . فيكون كقوله تعالى : { وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم } [ النحل : 81 ]. والإشارة باسم الإشارة المفرد بتأويل المذكور ، وهو اللّباس بأصنافه الثّلاثة ، أي خير أعطاه الله بني آدم . فالجملة مستأنفة أو حال من { لباساً } وما عطف عليه .
وقرأه ابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، وخَلف : برفع { لباس التقوى } على أنّ الجملة معطوفة على جملة { قد أنزلنا عليكم لباساً } ، فيجوز أن يكون المراد بلباس التّقوى مثل ما يرد به في قراءة النّصب ، ويجوز أن يكون المراد بالتّقوى تقوى الله وخشيته ، وأطلق عليها اللّباس إمّا بتخييل التّقوى بلباس يُلبس ، وإمّا بتشبيه ملازمة تقوى الله بملازمة اللاّبس لباسه ، كقوله تعالى : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } [ البقرة : 187 ] مع ما يحسِّن هذا الإطلاق من المشاكلة .
وهذا المعنى الرّفعُ أليقُ به . ويكون استطراداً للتّحريض على تقوى الله ، فإنّها خير للنّاس من منافع الزّينة ، واسم الإشارة على هذه القراءة لتعظيم المشار إليه .
وجملة : { ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون } استئناف ثان على قراءة : { ولباس التقوى } بالنّصب بأن استأنف . بعد الامتنان بأصناف اللبّاس ، استئنافين يؤذنان بعظيم النّعمة : الأوّل بأنّ اللّباس خير للنّاس ، والثّاني بأنّ اللّباس آية من آيات الله تدلّ على علمه ولطفه ، وتدلّ على وجوده ، وفيها آية أخرى وهي الدّلالة على علم الله تعالى بأن ستكون أمّة يَغلب عليها الضّلال فيكونون في حجّهم عُراةً ، فلذلك أكّد الوصاية به . والمشار إليه ، بالإشارة التي في الجملة الثّانية ، عين المشار إليه بالإشارة التي في الجملة الأولى وللاهتمام بكلتا الجملتين جعلت الثّانية مستقلّة غير معطوفة .
وعلى قراءة رفع : { ولباس للتقوى } تكون جملة : ذلك من آيات الله استئناف واحداً والإشارة التي في الجملة الثّانية عائدة إلى المذكور قبلُ من أصناف اللّباس حتّى المجازي على تفسير لباس التّقوى بالمجازي .
وضمير الغيبة في : { لعلهم يذكرون } التفات أي جعل الله ذلك آية لعلّكم تتذكّرون عظيم قدرة الله تعالى وانفراده بالخلق والتّقدير واللّطف ، وفي هذا الإلتفات تعريض بمن لم يتذكر من بني آدم فكأنّه غائب عن حضرة الخطاب ، على أنّ ضمائر الغيبة ، في مثل هذا المقام في القرآن ، كثيراً ما يقصد بها مشركو العرب .
- إعراب القرآن : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
«يا بَنِي» يا أداة نداء ، بني منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وحذفت النون للإضافة. «آدَمَ» مضاف إليه مجرور بالفتحة بدل الكسرة اسم علم اعجمي. «قَدْ» حرف تحقيق. «أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً» فعل ماض مبني على السكون تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله ولباسا مفعوله والجملة مستأنفة لا محل لها. «يُوارِي» فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل هو. «سَوْآتِكُمْ» مفعول به منصوب بالكسرة بدل الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم ، والجملة في محل نصب صفة لباس. «وَرِيشاً» عطف. «وَلِباسُ» الواو حالية لباس مبتدأ «التَّقْوى » مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف. «ذلِكَ» اسم إشارة في محل رفع مبتدأ «خَيْرٌ» خبره. والجملة الاسمية ذلك خير خبر المبتدأ لباس. «ذلِكَ» اسم إشارة في محل رفع مبتدأ. «مِنْ آياتِ» متعلقان بمحذوف خبره ، والجملة مستأنفة لا محل لها. «لَعَلَّهُمْ» لعل والهاء اسمها وجملة «يَذَّكَّرُونَ» في محل رفع خبرها.
و جملة «لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ» تعليلية لا محل لها من الإعراب.
- English - Sahih International : O children of Adam We have bestowed upon you clothing to conceal your private parts and as adornment But the clothing of righteousness - that is best That is from the signs of Allah that perhaps they will remember
- English - Tafheem -Maududi : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(7:26) 0 Children of Adam! *15 Indeed We have sent down to you a garment which covers your shame and provides protection and adornment. But the finest of all is the garment of piety. That is one of the signs of Allah so that they may take heed.
- Français - Hamidullah : O enfants d'Adam Nous avons fait descendre sur vous un vêtement pour cacher vos nudités ainsi que des parures - Mais le vêtement de la piété voilà qui est meilleur - C'est un des signes de la puissance d'Allah Afin qu'ils se rappellent
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O Kinder Adams Wir haben auf euch Kleidung hinabgesandt die eure Blöße verbirgt und Gefieder Aber die Kleidung der Gottesfurcht die ist besser Das ist eines von Allahs Zeichen auf daß sie bedenken mögen
- Spanish - Cortes : ¡Hijos de Adán Hemos hecho bajar para vosotros una vestidura para cubrir vuestra desnudez y para ornato Pero la vestidura del temor de Alá ésa es mejor Ése es uno de los signos de Alá Quizás así se dejen amonestar
- Português - El Hayek : Ó filhos de Adão enviamosvos vestimentas tanto para dissimulardes vossas vergonhas como para o vosso aparato; porém o pudor é preferível Isso é um dos sinais de Deus para que meditem
- Россию - Кулиев : О сыны Адама Мы ниспослали вам одеяние для прикрытия ваших срамных мест и украшения Однако одеяние из богобоязненности - лучше Таково одно из знамений Аллаха Быть может они помянут назидание
- Кулиев -ас-Саади : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
О сыны Адама! Мы ниспослали вам одеяние для прикрытия ваших срамных мест и украшения. Однако одеяние из богобоязненности - лучше. Таково одно из знамений Аллаха. Быть может, они помянут назидание.Аллах напомнил людям о милости, которую Он оказал им, наделив их всем необходимым для одеяния. Под одеянием здесь подразумевается не только красивое убранство, но и яства, напитки, верховые животные, красивые женщины и многое другое. Аллах наделил Своих рабов всем, что им необходимо и даже более того, и разъяснил, что мирские блага не являются смыслом человеческой жизни. Он ниспослал их для того, чтобы люди использовали их для поклонения и повиновения Ему. Именно поэтому далее Всевышний сообщил, что самое лучшее одеяние - это богобоязненность. Она лучше мирской одежды, поскольку остается с человеком навсегда. Она не стареет и не изнашивается, всегда оставаясь украшением сердца и души. Что же касается земной одежды, то ею можно прикрыть срамные места в определенное время или же в нее можно принарядиться, однако она не может принести человеку иную пользу. Кроме того, если человек лишен одежды, то его срамные места обнажаются, но это не причиняет ему вреда, поскольку он стеснен обстоятельствами. Если же он лишен богобоязненности, то обнажаются его духовные пороки, что обрекает его на позор и бесчестие. Вот почему одеяние является одним из знамений Аллаха, благодаря которому люди могут отличить то, что может принести им пользу, от того, что причиняет им вред, и воспользоваться внешним одеянием для того, чтобы привести в порядок свое духовное одеяние. Затем Всевышний предостерег потомков Адама от повиновения сатане, дабы он не смог поступить с ними так, как поступил с прародителем рода человеческого:
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey İnsanoğulları Ayıp yerlerinizi örtecek giyimlikle sizi süsleyecek elbiseler gönderdik Takva örtüsü ise bunlardan daha hayırlıdır Allah'ın bu ayetleri öğüt almanız içindir
- Italiano - Piccardo : O figli di Adamo facemmo scendere su di voi un abito che nascondesse la vostra vergogna e per ornarvi ma l'abito del timor di Allah è il migliore Questo è uno dei segni di Allah affinché se ne ricordino
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی نهوهی ئادهم ئێمه بهڕاستی پۆشاکی لهبارمان بۆ فهراههم هێناون عهورهت و ئهوهی پێتان ناخۆشه دهربکهوێت دای ئهپۆشێت ههروهها جل و بهرگی جوانیش که خۆتانی پێ بڕازێننهوه بهڵام بیرتان نهچێت که پۆشاکی تهقواو خواناسی چاکتر و خێردارتر و بهفهڕتره ئهو پۆشاکه ماددی و مهعنهویانه له نیشانه و بهڵگهکانی خوای گهورهن بۆ ئهوهی یاداوهری وهربگرن و یادی بهههشت بکهن
- اردو - جالندربرى : اے نبی ادم ہم نے تم پر پوشاک اتاری کہ تمہارا ستر ڈھانکے اور تمہارے بدن کو زینت دے اور جو پرہیزگاری کا لباس ہے وہ سب سے اچھا ہے۔ یہ خدا کی نشانیاں ہیں تاکہ لوگ نصحیت پکڑ یں
- Bosanski - Korkut : O sinovi Ademovi dali smo vam odjeću koja će pokrivati stidna mjesta vaša a i raskošna odijela ali odjeća čestitosti to je ono najbolje – To su neki Allahovi dokazi da bi se oni opametili
- Swedish - Bernström : SÖNER av Adam Vi har gett er ting som ni kan skyla er nakenhet [och pryda er] med liksom [fågeln pryder sig med sina] fjädrar; men den bästa dräkten är en dräkt av gudsfruktan Detta är ett budskap från Gud kanske stämmer det dem till eftertanke
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai anak Adam sesungguhnya Kami telah menurunkan kepadamu pakaian untuk menutup auratmu dan pakaian indah untuk perhiasan Dan pakaian takwa itulah yang paling baik Yang demikian itu adalah sebahagian dari tandatanda kekuasaan Allah mudahmudahan mereka selalu ingat
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
(Hai anak Adam! Sesungguhnya Kami telah menurunkan kepadamu pakaian) Kami telah menciptakannya untuk kamu (untuk menutupi) guna menutupi (auratmu dan pakaian perhiasan) pakaian yang digunakan sebagai perhiasan. (Dan pakaian takwa) yakni amal saleh dan akhlak yang baik; dengan dibaca nashab karena diathafkan kepada lafal libaasan, dan dibaca rafa' sebagai mubtada sedangkan khabarnya ialah jumlah berikut ini (itulah yang lebih baik. Yang demikian itu adalah sebagian tanda-tanda kekuasaan Allah) bukti-bukti yang menunjukkan kekuasaan-Nya (mudah-mudahan mereka selalu ingat) kemudian mau beriman; di dalam jumlah ini terkandung iltifat atau kata sindiran terhadap mukhathab atau orang yang diajak bicara.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে বনীআদম আমি তোমাদের জন্যে পোশাক অবর্তীণ করেছি যা তোমাদের লজ্জাস্থান আবৃত করে এবং অবর্তীণ করেছি সাজ সজ্জার বস্ত্র এবং পরহেযগারীর পোশাক এটি সর্বোত্তম। এটি আল্লাহর কুদরতেরঅন্যতম নিদর্শন যাতে তারা চিন্তাভাবনা করে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : ஆதமுடைய மக்களே மெய்யாகவே நாம் உங்களுக்கு உங்களுடைய மானத்தை மறைக்கவும் உங்களுக்கு அலங்காரமாகவும் ஆடையை அளித்துள்ளோம் ஆயினும் தக்வா பயபக்தி எனும் ஆடையே அதைவிட மேலானது இது அல்லாஹ்வுடைய அருளின் அடையாளங்களில் ஒன்றாக உள்ளதாகும் இதைக் கொண்டு நல்லுணர்வு பெறுவார்களாக
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : ลูกหลานอาดัมเอ๋ย แท้จริงเราได้ให้ลงมาแก่พวกเจ้าแล้ว ซึ่งเครื่องนุ่งห่ม ทีปกปิดสิ่งที่อันน่าละอายของพวกเจ้าและเครื่องนุ่งห่มที่ให้ความสวยงาม และเครื่องนุ่งห่มแห่งความยำเกรง นั่นคือสิ่งที่ดียิ่ง นั่นแหละคือส่วนหนึ่งจากบรรดาโองการของอัลลอฮ์ เพื่อที่ว่าเขาเหล่านั้นจะได้รำลึก
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй Одам болалари батаҳқиқ сизларга авратингизни тўсадиган либос ва зийнат либосини нозил қилдик Тақво либоси ана ўша яхшидир Ана ўшалар Аллоҳнинг оятбелгиларидандир Шоядки эсласалар Либоснинг зарури авратни пинҳон тутадиганидир Лекин Аллоҳ инсоннинг авратдан бошқа аъзоларини ҳам тўсиш эҳтиёжи борлигини инобатга олиб либосни зийнат тарзида нозил қилди Худди шундай–либосни ўз ўрнида яъни шариатга мувофиқ истеъмол қилган инсон зийнатли ҳисобланади Аммо энг асосий либос–тақво либоси
- 中国语文 - Ma Jian : 阿丹的子孙啊!我确已为你们而创造遮盖阴部的衣服和修饰的衣服,敬畏的衣服尤为优美。这是属于真主的迹象,以便他们觉悟。
- Melayu - Basmeih : Wahai anakanak Adam Sesungguhnya Kami telah menurunkan kepada kamu bahanbahan untuk pakaian menutup aurat kamu dan pakaian perhiasan; dan pakaian yang berupa taqwa itulah yang sebaikbaiknya Yang demikian itu adalah dari tandatanda limpah kurnia Allah dan rahmatNya kepada hambahambaNya supaya mereka mengenangnya dan bersyukur
- Somali - Abduh : Banii Aadamow waxaan idiin soo Dejinay Dhar Astura Xumaantiinna Cawrada iyo Labbis Xarago Dharka Dhawrsashada yaase Khayr roon Kaasina waa Aayaadka Eebe inay Dadku wax Xusuustaan
- Hausa - Gumi : Yã ɗiyan Ãdam Lalle ne Mun saukar da wata tufa a kanku tanã rufe muku al'aurarku kuma da ƙawã Kuma tufar taƙawa wancan ce mafi alhẽri Wancan daga ãyõyin Allah ne tsammãninsu sunã tunãwa
- Swahili - Al-Barwani : Enyi wanaadamu Tumekuteremshieni nguo za kuficha tupu zenu na nguo za pambo Na nguo za uchamngu ndio bora Hayo ni katika Ishara za Mwenyezi Mungu mpate kukumbuka
- Shqiptar - Efendi Nahi : O bijtë e Ademit Na ju dërguam rrobet që t’jua mbulojnë vendet e turpshme si edhe rrobet luksoze; por rrobet e virtyteve janë më të mirat – Këto janë disa argumente të Perëndisë për t’i kujtuar ju mirësitë e Perëndisë
- فارسى - آیتی : اى فرزندان آدم، براى شما جامهاى فرستاديم تا شرمگاهتان را بپوشد و نيز جامه زينت. و جامه پرهيزگارى از هر جامهاى بهتر است. و اين يكى از آيات خداست، باشد كه پند گيرند.
- tajeki - Оятӣ : Эй фарзандони Одам, барои шумо ҷомае фиристодем то шармгоҳатонро бипушад ва низ ҷомаи зинат. Ва ҷомаи парҳезгорӣ аз хар ҷомае беҳтар аст. Ва ин яке аз оёти Худост, бошад, ки панд гиранд.
- Uyghur - محمد صالح : ئى ئادەم بالىلىرى! سىلەرگە بىز ھەقىقەتەن ئەۋرىتىڭلارنى ياپىدىغان لىباسنى ۋە زىننەتلىنىدىغان لىباسنى چۈشۈردۇق، تەقۋادارلىق لىباسى ئەڭ ياخشىدۇر، ئەنە شۇلار (يەنى ئىنسان بالىلىرىغا سەترى ئەۋرەت ئۈچۈن لىباس ياراتماق) ئۇلارنىڭ ئىبرەت ئېلىشى ئۈچۈن اﷲ نىڭ (بەندىلىرىگە بولغان پەزلى - مەرھەمىتىنى كۆرسىتىدىغان) ئالامەتلىرىدىندۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ആദം സന്തതികളേ, നിങ്ങള്ക്കു നാം നിങ്ങളുടെ ഗുഹ്യസ്ഥാനം മറയ്ക്കാനും ശരീരം അലങ്കരിക്കാനും പറ്റിയ വസ്ത്രങ്ങളുല്പാദിപ്പിച്ചു തന്നിരിക്കുന്നു. എന്നാല് ഭക്തിയുടെ വസ്ത്രമാണ് ഏറ്റം ഉത്തമം. അല്ലാഹുവിന്റെ ദൃഷ്ടാന്തങ്ങളിലൊന്നാണിത്. അവര് മനസ്സിലാക്കി പാഠമുള്ക്കൊള്ളാന്.
- عربى - التفسير الميسر : يا بني ادم قد جعلنا لكم لباسا يستر عوراتكم وهو لباس الضروره ولباسا للزينه والتجمل وهو من الكمال والتنعم ولباس تقوى الله تعالى بفعل الاوامر واجتناب النواهي هو خير لباس للمومن ذلك الذي من الله به عليكم من الدلائل على ربوبيه الله تعالى ووحدانيته وفضله ورحمته بعباده لكي تتذكروا هذه النعم فتشكروا لله عليها وفي ذلك امتنان من الله تعالى على خلقه بهذه النعم
*15). By referring to an important aspect of Adam and Eve's story, the attention of the people of Arabia of those days was drawn to the evil influence of Satan upon their lives. Under Satan's influence they had begun to see dress merely as a shield of protection against the inclemencies of the weather and as a means of adornment. The basic purpose of dress to cover the private parts of the body - had receded into the background. People had no inhibition about the immodest exposure of the private parts of their body in public. To publicly take a bath absolutely naked, to attend to the call of nature on thoroughfares, were the order of the day. To crown it all, in the course of Pilgrimage they used to circumambulate around the Ka'bah in stark nakedness. Women even surpassed men in immodesty. In their view, the performance of religious rites in complete nudity was an act of religious merit.
Immodesty, however, was not an exclusive characteristic of the people of Arabia. Many nations indulged in it in the past, and many nations continue to indulge in it even now. Hence the message embodied in these verses is not directed just to the people of Arabia. It is rather directed to all men. Mankind, which is the progeny of Adam, is warned against this particular aspect of Satanic influence on their lives. When men show indifference to God's Guidance and turn away from the Message of the Prophets, they virtually place themselves at the mercy of Satan. For it is Satan who makes them abandon way's that are consistent with true human nature and who leads them to immodesty in the same way he did with Adam and Eve. Were man to reflect on this, it would become quite evident that when he is deprived of the guidance of the Prophets, he cannot even appreciate, let alone fulfil, the primary requirements of his true nature.