- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِىٓ أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِى وَلَٰكِنِ ٱنظُرْ إِلَى ٱلْجَبَلِ فَإِنِ ٱسْتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوْفَ تَرَىٰنِى ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَٰنَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ
- عربى - نصوص الآيات : ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك ۚ قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ۚ فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا ۚ فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين
- عربى - التفسير الميسر : ولما جاء موسى في الوقت المحدد وهو تمام أربعين ليلة، وكلَّمه ربه بما كلَّمه من وحيه وأمره ونهيه، طمع في رؤية الله فطلب النظر إليه، قال الله له: لن تراني، أي لن تقدر على رؤيتي في الدنيا، ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه إذا تجلَّيتُ له فسوف تراني، فلما تجلَّى ربه للجبل جعله دكًّا مستويًا بالأرض، وسقط موسى مغشيًّا عليه، فلما أفاق من غشيته قال: تنزيهًا لك يا رب عما لا يليق بجلالك، إني تبت إليك من مسألتي إياك الرؤية في هذه الحياة الدنيا، وأنا أول المؤمنين بك من قومي.
- السعدى : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا الذي وقتناه له لإنزال الكتاب وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ بما كلمه من وحيه وأمره ونهيه، تشوق إلى رؤية اللّه، ونزعت نفسه لذلك، حبا لربه ومودة لرؤيته.
فـ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ اللَّهِ لَنْ تَرَانِي أي: لن تقدر الآن على رؤيتي، فإن اللّه تبارك وتعالى أنشأ الخلق في هذه الدار على نشأة لا يقدرون بها، ولا يثبتون لرؤية اللّه، وليس في هذا دليل على أنهم لا يرونه في الجنة، فإنه قد دلت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على أن أهل الجنة يرون ربهم تبارك وتعالى ويتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وأنه ينشئهم نشأة كاملة، يقدرون معها على رؤية اللّه تعالى، ولهذا رتب اللّه الرؤية في هذه الآية على ثبوت الجبل، فقال - مقنعا لموسى في عدم إجابته للرؤية - وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ إذا تجلى اللّه له فَسَوْفَ تَرَانِي .
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ الأصم الغليظ جَعَلَهُ دَكًّا أي: انهال مثل الرمل، انزعاجا من رؤية اللّه وعدم ثبوته لها وَخَرَّ مُوسَى حين رأى ما رأى صَعِقًا فتبين له حينئذ أنه إذا لم يثبت الجبل لرؤية اللّه، فموسى أولى أن لا يثبت لذلك، واستغفر ربه لما صدر منه من السؤال، الذي لم يوافق موضعا و [ لذلك ] قَالَ سُبْحَانَكَ أي: تنزيها لك، وتعظيما عما لا يليق بجلالك تُبْتُ إِلَيْكَ من جميع الذنوب، وسوء الأدب معك وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي: جدد عليه الصلاة والسلام إيمانه، بما كمل اللّه له مما كان يجهله قبل ذلك، فلما منعه اللّه من رؤيته - بعدما ما كان متشوقا إليها - أعطاه خيرا كثيرا فقال:
- الوسيط لطنطاوي : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
ثم حكى القرآن ما كان من موسى عند ما وصل إلى طور سيناء لمناجاة ربه فقال: وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ أى: وحين حضر موسى لموقتنا الذي وقتناه له وحددناه، وكلمه ربه، أى: خاطيه من غير واسطة ملك قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ أى: قال موسى حين كلمه ربه وسمع منه: رب أرنى ذاتك الجليلة. والمراد مكنى من رؤيتك. أو تجل لي أنظر إليك وأراك.
وأَرِنِي فعل أمر مبنى على حذف الياء. وياء المتكلم مفعول، والمفعول الثاني محذوف أى: ذاتك أو نفسك ولم يصرح به لأنه معلوم، وزيادة في التأدب مع الخالق- عز وجل-.
وجملة قالَ لَنْ تَرانِي مستأنفة استئنافا بيانيا، كأنه قيل: فماذا قال الله- تعالى- حين قال موسى ذلك، فكان الجواب قالَ لَنْ تَرانِي أى: لن تطيق رؤيتي، وأنت في هذه النشأة وعلى الحالة التي أنت عليها في هذه الدنيا فنفى الرؤية منصب على الحالة الدنيوية، أما في الآخرة فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن المؤمنين يرون ربهم في روضات الجنات.
ثم قال- تعالى- وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي أى: لن تطيق رؤيتي يا موسى وأنت في هذه الحياة الدنيا، ولكن انظر إلى الجبل الذي هو أقوى منك، فإن استقر مكانه أى ثبت مكانه حين أتجلى له ولم يتفتت من هذا التجلي، فسوف تراني أى تثبت لرؤيتى إذا تجليت لك وإلا فلا طاقة لك برؤيتى.
وفي هذا الاستدراك وَلكِنِ انْظُرْ ... إلخ، تسلية لموسى- عليه السلام- وتلطف معه في الخطاب، وتكريم له، وتعظيم لأمر الرؤية، وأنه لا يقوى عليها إلا من قواه الله بمعونته.
ثم بين- سبحانه- ما حدث للجبل عند التجلي فقال: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا أى: فحين ظهر نوره- سبحانه- للجبل على الوجه اللائق بجلاله جَعَلَهُ دَكًّا أى مدقوقا مفتتا، فنبه- سبحانه- بذلك على أن الجبل مع شدته وصلابته مادام لم يستقر عند هذا التجلي، فالآدمى مع ضعف بنيته أولى بأن لا يستقر. والداك والدق بمعنى، وهو تفتيت الشيء وسحقه وفعله من باب رد.
قال الآلوسى: وهذا كما لا يخفى من المتشابهات التي يسلك فيها طريق التسليم وهو أسلم وأحكم، أو التأويل بما يليق بجلال ذاته- تعالى-.
وقوله وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً أى: سقط من هول ما رأى من النور الذي حصل به التجلي مغشيا عليه، كمن أخذته الصاعقة.
يقال: صعقتهم السماء تصعقهم صعقا فهو صعق أى: غشى عليه.
وقوله: فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أى: فلما أفاق موسى من غشيته، وعاد إلى حالته الأولى التي كان عليها قبل أن يخر مغشيا عليه، قال تعظيما لأمر الله سُبْحانَكَ أى تنزيها لك من مشابهة خلقك في شيء تُبْتُ إِلَيْكَ من الإقدام على السؤال بغير إذن وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بعظمتك وجلالك أو أنا أول المؤمنين بأنه لا يراك أحد.
قال أبو العالية: قد كان قبله مؤمنون: ولكن يقول أنا أول المؤمنين أنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة. قال ابن كثير: وهو قول حسن.
هذا، وقد توسع بعض المفسرين عند تفسيره لهذه الآية في الحديث عن رؤية الله- تعالى- وعلى رأس هذا البعض الإمام الآلوسى، فقد قال- رحمه الله-: «واستدل أهل السنة المجوزون لرؤيته- سبحانه- بهذه الآية على جوازها في الجملة، واستدل بها المعتزلة النفاة على خلاف ذلك، وقامت الحرب بينهما على ساق، وخلاصة الكلام في ذلك أن أهل السنة قالوا:
إن الآية تدل على إمكان الرؤية من وجهين:
الأول: أن موسى- عليه السلام- سألها بقوله رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ولو كانت مستحيلة فإن كان موسى عالما بالاستحالة فالعالم- فضلا عن النبي مطلقا، فضلا عمن هو من أولى العزم- لا يسأل المحال ولا يطلبه. وإن لم يكن عالما بذلك، لزم أن يكون آحاد المعتزلة أعلم بالله وما يجوز عليه وما لا يجوز من النبي الصفي، والقول بذلك غاية الجهل والرعونة وحيث بطل القول بالاستحالة تعين القول بالجواز.
والثاني: أن فيها تعليق الرؤية على استقرار الجبل وهو ممكن في ذاته وما علق على الممكن ممكن» .
ثم قال ما ملخصه: واعترض الخصوم على الوجه الأول بوجوه منها أنا لا نسلم أن موسى سأل الرؤية وإنما سأل العلم الضروري به- تعالى- إلا أنه عبر عنه بالرؤية مجازا. أو أنه سأل رؤية علم من أعلام الساعة بطريق حذف المضاف، أى: أرنى أنظر إلى علم من أعلامك الدالة على الساعة. أو أنه سأل الرؤية لا لنفسه ولكن لدفع قومه القائلين أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً وإنما أضاف الرؤية إليه دونهم ليكون منعه أبلغ في دفعهم وردعهم عما سألوه تنبيها بالأدنى على الأعلى.
واعترضوا على الوجه الثاني بأنا لا نسلم أنه علق الرؤية على أمر ممكن، لأن التعليق لم يكن على استقرار الجبل حال سكونه وإلا لوجدت الرؤية ضرورة وجود الشرط، لأن الجبل حال سكونه كان مستقرا، بل على استقراره حال حركته وهو محال لذاته.
ثم أورد الآلوسى بعد ذلك ما رد به كل فريق على الآخر مما لا مجال لذكره هنا .
والذي نراه أن رؤية الله في الآخرة ممكنة كما قال أهل السنة لورود الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة التي تشهد بذلك، أما في الدنيا فقد منع العلماء وقوعها، وقد بينا ذلك بشيء من التفصيل عند تفسيرنا لقوله- تعالى- لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ .
- البغوى : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
قوله - عز وجل - : ( ولما جاء موسى لميقاتنا ) أي : للوقت الذي ضربنا له أن نكلمه فيه . قال أهل التفسير : إن موسى عليه السلام تطهر وطهر ثيابه لميعاد ربه لما أتى طور سيناء . وفي القصة : إن الله - عز وجل - أنزل ظلمة على سبعة فراسخ وطرد عنه الشيطان وطرد عنه هوام الأرض ونحى عنه الملكين وكشط له السماء ورأى الملائكة قياما في الهواء ورأى العرش بارزا وكلمه الله وناجاه حتى أسمعه ، وكان جبريل عليه السلام معه فلم يسمع ما كلمه ربه وأدناه حتى سمع صرير القلم فاستحلى موسى عليه السلام كلام ربه واشتاق إلى رؤيته ( قال رب أرني أنظر إليك ) قال الزجاج : فيه اختصار تقديره : أرني نفسك أنظر إليك . قال ابن عباس : أعطني النظر إليك . فإن قيل : كيف سأل الرؤية وقد علم أن الله تعالى لا يرى في الدنيا؟ قال الحسن : هاج به الشوق فسأل الرؤية . وقيل : سأل الرؤية ظنا منه أنه يجوز أن يرى في الدنيا ( قال ) الله تعالى ( لن تراني ) وليس لبشر أن يطيق النظر إلي في الدنيا من نظر إلي في الدنيا مات ، فقال : إلهي سمعت كلامك فاشتقت إلى النظر إليك ولأن أنظر إليك ثم أموت أحب إلي من أن أعيش ولا أراك فقال الله - عز وجل - : ( ولكن انظر إلى الجبل ) وهو أعظم جبل بمدين يقال له زبير .
قال السدي : لما كلم الله موسى غاص الخبيث إبليس في الأرض حتى خرج بين قدمي موسى ، فوسوس إليه : أن يكلمك شيطان فعند ذلك سأل موسى الرؤية فقال الله - عز وجل - : ( لن تراني ) وتعلقت نفاة الرؤية بظاهر هذه الآية ، وقالوا : قال الله تعالى : ( لن تراني ) ولن تكون للتأبيد ، ولا حجة لهم فيها ومعنى الآية : لن تراني في الدنيا أو في الحال ، لأنه كان يسأل الرؤية في الحال و " لن " لا تكون للتأبيد ، كقوله تعالى : ( ولن يتمنوه أبدا ) البقرة - 95 ، إخبارا عن اليهود ، ثم أخبر عنهم أنهم يتمنون الموت في الآخرة يقولون ( يا مالك ليقض علينا ربك ) الزخرف - 77 ، و ( يا ليتها كانت القاضية ) الحاقة - 27 ، والدليل عليه أنه لم ينسبه إلى الجهل بسؤال الرؤية ولم يقل إني لا أرى حتى تكون لهم حجة بل علق الرؤية على استقرار الجبل واستقرار الجبل على التجلي غير مستحيل إذا جعل الله تعالى له تلك القوة ، والمعلق بما لا يستحيل لا يكون محالا .
قال الله تعالى : ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) قال وهب وابن إسحاق لما سأل موسى ربه الرؤية أرسل الله الضباب والصواعق والظلمة والرعد والبرق وأحاطت بالجبل الذي عليه موسى أربعة فراسخ من كل جانب ، وأمر الله ملائكة السماء أن يعترضوا على موسى فمرت به ملائكة السماء الدنيا كثيران البقر تنبع أفواههم بالتسبيح والتقديس بأصوات عظيمة كصوت الرعد الشديد ، ثم أمر الله ملائكة السماء الثانية أن اهبطوا على موسى فاعترضوا عليه ، فهبطوا عليه أمثال الأسود لهم لجب بالتسبيح والتقديس ، ففزع العبد الضعيف ابن عمران مما رأى وسمع واقشعرت كل شعرة في رأسه وجسده ، ثم قال : لقد ندمت على مسألتي فهل ينجيني من مكاني الذي أنا فيه شيء؟ فقال له خير الملائكة ورأسهم : يا موسى اصبر لم سألت ، فقليل من كثير ما رأيت .
ثم أمر الله ملائكة السماء الثالثة أن اهبطوا على موسى فاعترضوا عليه ، فهبطوا أمثال النسور لهم قصف ورجف شديد ، وأفواههم تنبع بالتسبيح والتقديس كجلب الجيش العظيم ألوانهم كلهب النار ، ففزع موسى واشتد نفسه وأيس من الحياة ، فقال له خير الملائكة : مكانك يا ابن عمران حتى ترى ما لا تصبر عليه ، ثم أمر الله تعالى ملائكة السماء الرابعة أن اهبطوا فاعترضوا على موسى بن عمران فهبطوا عليه لا يشبههم شيء من الذين مروا به قبلهم ألوانهم كلهب النار ، وسائر خلقهم كالثلج الأبيض أصواتهم علية بالتقديس والتسبيح لا يقاربهم شيء من أصوات الذين مروا به قبلهم ، فاصطكت ركبتاه وأرعد قلبه واشتد بكاؤه فقال له خير الملائكة ورأسهم : يا ابن عمران اصبر لما سألت فقليل من كثير ما رأيت .
ثم أمر الله تعالى ملائكة السماء الخامسة أن اهبطوا فاعترضوا على موسى فهبطوا عليه لهم سبعة ألوان فلم يستطع موسى أن يتبعهم بصره ، لم ير مثلهم ولم يسمع مثل أصواتهم فامتلأ جوفه خوفا واشتد حزنه وكثر بكاؤه ، فقال له خير الملائكة ورأسهم : يا ابن عمران مكانك حتى ترى بعض ما لا تصبر عليه .
ثم أمر الله ملائكة السماء السادسة أن اهبطوا على عبدي الذي طلب ليراني ، فهبطوا عليه في يد كل ملك منهم مثل النخلة الطويلة ، نارا أشد ضوءا من الشمس ، ولباسهم كلهب النار إذا سبحوا وقدسوا جاوبهم من كان قبلهم من ملائكة السماوات ، كلهم يقولون بشدة أصواتهم : سبوح قدوس ، رب العزة أبدا لا يموت ، في رأس كل ملك منهم أربعة أوجه ، فلما رآهم موسى رفع صوته يسبح معهم حين سبحوا وهو يبكي ويقول : رب اذكرني ولا تنس عبدك لا أدري أأنفلت مما أنا فيه أم لا؟ إن خرجت احترقت وإن مكثت مت ، فقال له كبير الملائكة ورأسهم : قد أوشكت يا ابن عمران أن يشتد خوفك وينخلع قلبك فاصبر للذي سألت .
ثم أمر الله تعالى أن يحمل عرشه في ملائكة السماء السابعة فلما بدا نور العرش انفرج الجبل من عظمة الرب جل جلاله ، ورفعت ملائكة السماوات أصواتهم جميعا يقولون : سبحان القدوس رب العزة أبدا لا يموت بشدة أصواتهم ، فارتج الجبل واندكت كل شجرة كانت فيه وخر العبد الضعيف موسى صعقا على وجهه ليس معه روحه ، فأرسل الله برحمته الروح فتغشاه ، وقلب عليه الحجر الذي كان عليه موسى وجعله كهيئة القبة لئلا يحترق موسى ، فأقامه الروح مثل اللامة ، فقام موسى يسبح الله تعالى ويقول آمنت بك ربي وصدقت أنه لا يراك أحد فيحيا ، من نظر إلى ملائكتك انخلع قلبه فما أعظمك وأعظم ملائكتك أنت رب الأرباب وإله الآلهة وملك الملوك ، ولا يعدلك شيء ولا يقوم لك شيء ، رب تبت إليك الحمد لك لا شريك لك ما أعظمك وما أجلك رب العالمين ، فذلك قوله تعالى : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) قال ابن عباس : ظهر نور ربه للجبل ، جبل زبير . وقال الضحاك : أظهر الله من نور الحجب مثل منخر ثور . وقال عبد الله بن سلام وكعب الأحبار : ما تجلى من عظمة الله للجبل إلا مثل سم الخياط حتى صار دكا . وقال السدي : ما تجلى إلا قدر الخنصر ، يدل عليه ما روى ثابت عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية وقال : " هكذا " ووضع الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر ، فساخ الجبل .
وحكي عن سهل بن سعد الساعدي أن الله تعالى أظهر من سبعين ألف حجاب نورا قدر الدرهم فجعل الجبل دكا ، أي : مستويا بالأرض ، قرأ حمزة والكسائي ( دكاء ) ممدودا غير منون هاهنا وفي سورة الكهف ، وافق عاصم في الكهف وقرأ الآخرون ( دكا ) مقصورا منونا ، فمن قصره فمعناه جعله مدقوقا : والدك والدق واحد ، وقيل : معناه دكه الله دكا ، أي : فتته كما قال : ( كلا إذا دكت الأرض دكا دكا ) الفجر - 21 ، ومن قرأ بالمد أي : جعله مستويا أرضا دكاء .
وقيل : معناه جعله مثل دكاء وهي الناقة التي لا سنام لها قال ابن عباس : جعله ترابا . وقال سفيان : ساخ الجبل في الأرض حتى وقع في البحر فهو يذهب فيه . وقال عطية العوفي : صار رملا هائلا . وقال الكلبي : جعله دكا أي كسرا جبالا صغارا .
ووقع في بعض التفاسير : صار لعظمته ستة أجبل وقعت ثلاثة بالمدينة : أحد وورقان ورضوى ، ووقعت ثلاثة بمكة ثور وثبير وحراء .
قوله - عز وجل - : ( وخر موسى صعقا ) قال ابن عباس والحسن : مغشيا عليه . وقال قتادة : ميتا . وقال الكلبي : خر موسى صعقا يوم الخميس يوم عرفة وأعطي التوراة يوم الجمعة يوم النحر .
قال الواقدي : لما خر موسى صعقا قالت ملائكة السماوات : ما لابن عمران وسؤال الرؤية؟ وفي بعض الكتب أن ملائكة السماوات أتوا موسى وهو مغشي عليه فجعلوا يركلونه بأرجلهم ويقولون يا ابن النساء الحيض أطمعت في رؤية رب العزة . ( فلما أفاق ) موسى من صعقته وثاب إليه عقله عرف أنه قد سأل أمرا لا ينبغي له ( قال سبحانك تبت إليك ) عن سؤال الرؤية ( وأنا أول المؤمنين ) بأنك لا ترى في الدنيا . وقال مجاهد والسدي : وأنا أول من آمن بك من بني إسرائيل .
- ابن كثير : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
يخبر تعالى عن موسى ، عليه السلام ، أنه لما جاء لميقات الله تعالى ، وحصل له التكليم من الله [ تعالى ] سأل الله تعالى أن ينظر إليه فقال : ( ( 143 ) رب أرني أنظر إليك قال لن تراني )
وقد أشكل حرف " لن " هاهنا على كثير من العلماء ; لأنها موضوعة لنفي التأبيد ، فاستدل به المعتزلة على نفي الرؤية في الدنيا والآخرة . وهذا أضعف الأقوال ; لأنه قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة ، كما سنوردها عند قوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة ) [ القيامة : 22 ، 23 ] .
وقوله تعالى إخبارا عن الكفار : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) [ المطففين : 15 ]
وقيل : إنها لنفي التأبيد في الدنيا ، جمعا بين هذه الآية ، وبين الدليل القاطع على صحة الرؤية في الدار الآخرة .
وقيل : إن هذا الكلام في هذا المقام كالكلام في قوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) وقد تقدم ذلك في الأنعام [ الآية : 103 ] .
وفي الكتب المتقدمة أن الله تعالى قال لموسى ، عليه السلام : " يا موسى ، إنه لا يراني حي إلا مات ، ولا يابس إلا تدهده " ; ولهذا قال تعالى : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا )
قال أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسير هذه الآية : حدثنا أحمد بن سهيل الواسطي ، حدثنا قرة بن عيسى ، حدثنا الأعمش ، عن رجل ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما تجلى ربه للجبل ، أشار بإصبعه فجعله دكا " وأرانا أبو إسماعيل بإصبعه السبابة
هذا الإسناد فيه رجل مبهم لم يسم ، ثم قال
حدثني المثنى ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد ، عن ليث ، عن أنس ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) قال : " هكذا بإصبعه - ووضع النبي صلى الله عليه وسلم إصبعه الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر - فساخ الجبل "
هكذا وقع في هذه الرواية " حماد بن سلمة ، عن ليث ، عن أنس " . والمشهور : " حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس " ، كما قال ابن جرير :
حدثني المثنى ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) قال : وضع الإبهام قريبا من طرف خنصره ، قال : فساخ الجبل - قال حميد لثابت : تقول هذا ؟ فرفع ثابت يده فضرب صدر حميد ، وقال : يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقوله أنس وأنا أكتمه ؟
وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده : حدثنا أبو المثنى ، معاذ بن معاذ العنبري ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) قال : قال هكذا - يعني أنه أخرج طرف الخنصر - قال أحمد : أرانا معاذ ، فقال له حميد الطويل : ما تريد إلى هذا يا أبا محمد ؟ قال : فضرب صدره ضربة شديدة وقال : من أنت يا حميد ؟ ! وما أنت يا حميد ؟ ! يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فتقول أنت : ما تريد إليه ؟ !
وهكذا رواه الترمذي في تفسير هذه الآية عن عبد الوهاب بن الحكم الوراق ، عن معاذ بن معاذ به . وعن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن سلمة به ثم قال : هذا حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث حماد .
وهكذا رواه الحاكم في مستدركه من طرق ، عن حماد بن سلمة ، به . وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه
ورواه أبو محمد الحسن بن محمد الخلال ، عن محمد بن علي بن سويد ، عن أبي القاسم البغوي ، عن هدبة بن خالد ، عن حماد بن سلمة ، فذكره وقال : هذا إسناد صحيح لا علة فيه .
وقد رواه داود بن المحبر ، عن شعبة ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعا وهذا ليس بشيء ، لأن داود بن المحبر كذاب ورواه الحافظان أبو القاسم الطبراني وأبو بكر بنحوه
وأسنده ابن مردويه من طريقين ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس مرفوعا بنحوه ، وأسنده ابن مردويه من طريق ابن البيلماني ، عن أبيه ، عن ابن عمر مرفوعا ، ولا يصح أيضا .
وقال السدي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قول الله تعالى : ( فلما تجلى ربه للجبل ) قال : ما تجلى منه إلا قدر الخنصر ( جعله دكا ) قال : ترابا ( وخر موسى صعقا ) قال : مغشيا عليه . رواه ابن جرير .
وقال قتادة : ( وخر موسى صعقا ) قال : ميتا .
وقال سفيان الثوري : ساخ الجبل في الأرض ، حتى وقع في البحر فهو يذهب معه
وقال سنيد ، عن حجاج بن محمد الأعور ، عن أبي بكر الهذلي : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ) انقعر فدخل تحت الأرض ، فلا يظهر إلى يوم القيامة .
وجاء في بعض الأخبار أنه ساخ في الأرض ، فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة ، رواه ابن مردويه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمر بن شبة ، حدثنا محمد بن يحيى أبو غسان الكناني ، حدثنا عبد العزيز بن عمران ، عن معاوية بن عبد الله ، عن الجلد بن أيوب ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما تجلى الله للجبال طارت لعظمته ستة أجبل ، فوقعت ثلاثة بالمدينة وثلاثة بمكة ، بالمدينة : أحد ، وورقان ، ورضوى . ووقع بمكة : حراء ، وثبير ، وثور " .
وهذا حديث غريب ، بل منكر
وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج ، حدثنا الهيثم بن خارجة ، حدثنا عثمان بن حصين بن علاق ، عن عروة بن رويم قال : كانت الجبال قبل أن يتجلى الله لموسى على الطور صما ملسا ، فلما تجلى الله لموسى على الطور دك وتفطرت الجبال فصارت الشقوق والكهوف .
وقال الربيع بن أنس : ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا ) وذلك أن الجبل حين كشف الغطاء ورأى النور ، صار مثل دك من الدكاك . وقال بعضهم : ( جعله دكا ) أي : فتته .
وقال مجاهد في قوله : ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) فإنه أكبر منك وأشد خلقا ، ( فلما تجلى ربه للجبل ) فنظر إلى الجبل لا يتمالك ، وأقبل الجبل فدك على أوله ، ورأى موسى ما يصنع الجبل ، فخر صعقا .
وقال عكرمة : ( جعله دكا ) قال : نظر الله إلى الجبل ، فصار صحراء ترابا .
وقد قرأ بهذه القراءة بعض القراء ، واختارها ابن جرير ، وقد ورد فيها حديث مرفوع ، رواه ابن مردويه .
والمعروف أن " الصعق " هو الغشي هاهنا ، كما فسره ابن عباس وغيره ، لا كما فسره قتادة بالموت ، وإن كان ذلك صحيحا في اللغة ، كقوله تعالى : ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) [ الزمر : 68 ] فإن هناك قرينة تدل على الموت كما أن هنا قرينة تدل على الغشي ، وهي قوله : ( فلما أفاق ) والإفاقة إنما تكون من غشي .
( قال سبحانك ) تنزيها وتعظيما وإجلالا أن يراه أحد من الدنيا إلا مات .
وقوله : ( تبت إليك ) قال مجاهد : أن أسألك الرؤية .
( وأنا أول المؤمنين ) قال ابن عباس ومجاهد : من بني إسرائيل . واختاره ابن جرير . وفي رواية أخرى عن ابن عباس : ( وأنا أول المؤمنين ) أنه لا يراك أحد . وكذا قال أبو العالية : قد كان قبله مؤمنون ، ولكن يقول : أنا أول من آمن بك أنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة .
وهذا قول حسن له اتجاه . وقد ذكر محمد بن جرير في تفسيره هاهنا أثرا طويلا فيه غرائب وعجائب ، عن محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله وكأنه تلقاه من الإسرائيليات والله تعالى أعلم .
وقوله : ( وخر موسى صعقا ) فيه أبو سعيد وأبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فأما حديث أبي سعيد ، فأسنده البخاري في صحيحه هاهنا ، فقال :
حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه ، فقال : يا محمد ، إن رجلا من أصحابك من الأنصار لطم وجهي . قال : " ادعوه " فدعوه ، قال : " لم لطمت وجهه ؟ " قال : يا رسول الله ، إني مررت باليهودي فسمعته يقول : والذي اصطفى موسى على البشر .
قال : قلت : وعلى محمد ؟ فأخذتني غضبة فلطمته ، قال : " لا تخيروني من بين الأنبياء ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " .
وقد رواه البخاري في أماكن كثيرة من صحيحه ، ومسلم في أحاديث الأنبياء من صحيحه ، وأبو داود في كتاب " السنة " من سننه من طرق ، عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي الحسن المازني الأنصاري المدني ، عن أبيه ، عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري ، به
وأما حديث أبي هريرة فقال الإمام أحمد في مسنده :
حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، حدثنا ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : استب رجلان : رجل من المسلمين ، ورجل من اليهود ، فقال المسلم : والذي اصطفى محمدا على العالمين . وقال اليهودي : والذي اصطفى موسى على العالمين ، فغضب المسلم على اليهودي فلطمه ، فأتى اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله فأخبره ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعترف بذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تخيروني على موسى ; فإن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فأجد موسى ممسكا بجانب العرش ، فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي ، أم كان ممن استثناه الله ، عز وجل " . أخرجاه في الصحيحين ، من حديث الزهري ، به
وقد روى الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا ، رحمه الله : أن الذي لطم اليهودي في هذه القضية هو أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ولكن تقدم في الصحيحين أنه رجل من الأنصار ، وهذا هو أصح وأصرح ، والله أعلم .
والكلام في قوله ، عليه السلام : " لا تخيروني على موسى " ، كالكلام على قوله : " لا تفضلوني على الأنبياء ولا على يونس بن متى " ، قيل : من باب التواضع . وقيل : قبل أن يعلم بذلك . وقيل : نهى أن يفضل بينهم على وجه الغضب والتعصب . وقيل : على وجه القول بمجرد الرأي والتشهي ، والله أعلم .
وقوله : " فإن الناس يصعقون يوم القيامة " ، الظاهر أن هذا الصعق يكون في عرصات القيامة ، يحصل أمر يصعقون منه ، والله أعلم به . وقد يكون ذلك إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء ، وتجلى للخلائق الملك الديان ، كما صعق موسى من تجلي الرب ، عز وجل ، ولهذا قال ، عليه السلام : " فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " ؟
وقد روى القاضي عياض في أوائل كتابه " الشفاء " بسنده عن محمد بن محمد بن مرزوق : حدثنا قتادة ، حدثنا الحسن ، عن قتادة ، عن يحيى بن وثاب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما تجلى الله لموسى ، عليه السلام ، كان يبصر النملة على الصفا في الليلة الظلماء ، مسيرة عشرة فراسخ " ثم قال : " ولا يبعد على هذا أن يختص نبيا بما ذكرناه من هذا الباب ، بعد الإسراء والحظوة بما رأى من آيات ربه الكبرى .
انتهى ما قاله ، وكأنه صحح هذا الحديث ، وفي صحته نظر ، ولا يخلو رجال إسناده من مجاهيل لا يعرفون ، ومثل هذا إنما يقبل من رواية العدل الضابط عن مثله ، حتى ينتهي إلى منتهاه ، والله أعلم .
- القرطبى : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
قوله تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين
قوله تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا أي في الوقت الموعود وكلمه ربه أي أسمعه كلامه من غير واسطة .
قال رب أرني أنظر إليك سأل النظر إليه ; واشتاق إلى رؤيته لما أسمعه كلامه .
قال لن تراني أي في الدنيا . ولا يجوز الحمل على أنه أراد : أرني آية عظيمة لأنظر إلى قدرتك ; لأنه قال إليك و قال لن تراني ولو سأل آية لأعطاه الله ما سأل ، كما أعطاه سائر الآيات . وقد كان لموسى عليه السلام فيها مقنع عن طلب آية أخرى ; فبطل هذا التأويل .
ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ضرب له مثالا مما هو أقوى من بنيته وأثبت . أي فإن ثبت الجبل وسكن فسوف تراني ، وإن لم يسكن فإنك لا تطيق رؤيتي ، كما أن الجبل لا يطيق رؤيتي . وذكر القاضي عياض عن القاضي أبي بكر بن الطيب ما معناه : أن موسى عليه السلام رأى الله فلذلك خر صعقا ، وأن الجبل رأى ربه فصار دكا بإدراك خلقه الله له . واستنبط ذلك من قوله : ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني . ثم قال فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وتجلى معناه ظهر ; من قولك : جلوت العروس أي أبرزتها . وجلوت السيف أبرزته من الصدأ ; جلاء فيهما . وتجلى الشيء انكشف . وقيل : تجلى أمره وقدرته ; قاله قطرب وغيره . وقراءة أهل المدينة وأهل البصرة دكا ; يدل على صحتها دكت الأرض دكا وأن الجبل مذكر . وقرأ أهل الكوفة دكاء أي جعله مثل أرض دكاء ، وهي الناتئة لا تبلغ أن تكون جبلا . والمذكر أدك ، وجمع دكاء دكاوات ودك ; مثل حمراوات وحمر . قال الكسائي : الدك من الجبال : العراض ، واحدها أدك . غيره : والدكاوات جمع دكاء : رواب من طين ليست بالغلاظ . والدكداك كذلك من الرمل : ما التبد بالأرض فلم يرتفع . وناقة دكاء لا سنام لها . وفي التفسير : فساخ الجبل في الأرض ; فهو يذهب فيها حتى الآن . وقال ابن عباس : جعله ترابا . عطية العوفي : رملا هائلا .
وخر موسى صعقا أي مغشيا عليه ; عن ابن عباس والحسن وقتادة . وقيل : ميتا ; يقال : صعق الرجل فهو صعق . وصعق فهو مصعوق . وقال قتادة والكلبي : خر موسى صعقا يوم الخميس يوم عرفة ، وأعطي التوراة يوم الجمعة يوم النحر .
فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك قال مجاهد : من مسألة الرؤية في الدنيا . وقيل : سأل من غير استئذان ; فلذلك تاب . وقيل : قاله على جهة الإنابة إلى الله والخشوع له عند ظهور الآيات . وأجمعت الأمة على أن هذه التوبة ما كانت عن معصية ; فإن الأنبياء معصومون . وأيضا عند أهل السنة والجماعة الرؤية جائزة . وعند المبتدعة سأل لأجل القوم ليبين لهم أنها غير جائزة ، وهذا لا يقتضي التوبة . فقيل : أي تبت إليك من قتل القبطي ; ذكره القشيري . وقد مضى في " الأنعام " بيان أن الرؤية جائزة . قال علي بن مهدي الطبري : لو كان سؤال موسى مستحيلا ما أقدم عليه مع معرفته بالله ; كما لم يجز أن يقول له يا رب ألك صاحبة وولد . وسيأتي في " القيامة " مذهب المعتزلة والرد عليهم ، إن شاء الله تعالى .
قوله تعالى وأنا أول المؤمنين قيل : من قومي . وقيل : من بني إسرائيل في هذا العصر . وقيل : بأنك لا ترى في الدنيا لوعدك السابق ، في ذلك . وفي الحديث الصحيح من حديث أبي هريرة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأرفع رأسي فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أصعق فيمن صعق فأفاق قبلي أو حوسب بصعقته الأولى . أو قال كفته صعقته الأولى . وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن كعب قال : إن الله تبارك وتعالى قسم كلامه ورؤيته بين محمد وموسى صلى الله وسلم عليهما ; فكلمه موسى مرتين ، ورآه محمد صلى الله عليه وسلم مرتين .
- الطبرى : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
القول في تأويل قوله : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي
قال أبوجعفر: يقول تعالى ذكره: ولما جاء موسى للوقت الذي وعدنا أن يلقانا فيه (26) = " وكلمه ربه "، وناجاه = " قال " موسى لربه =(أرني أنظر إليك)، قال الله له مجيبًا: "(لن تراني ولكن انظر إلى الجبل)" .
* * *
وكان سبب مسألة موسى ربه النظر إليه, ما:-
15073 - حدثني به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: إن موسى عليه السلام لما كلمه ربه، أحب أن ينظر إليه = قال: " رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني"، فحُفَّ حول الجبل [بملائكة], (27) وحُفَّ حول الملائكة بنار, وحُفّ حول النار بملائكة، وحُفّ حول الملائكة بنار، ثم تجلى ربه للجبل.
15074 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, في قوله: وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ، [مريم: 52]، قال: حدثني من لقي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرّبه الربّ حتى سمع صَرِيف القلم, (28) فقال عند ذلك من الشوق إليه: (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل).
15075 - حدثنا القاسم قال، حدثني الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي بكر الهذلي قال: لما تخلف موسى عليه السلام بعد الثلاثين, حتى سمع كلام الله، اشتاق إلى النظر إليه فقال: ربّ أرني أنظر إليك! قال: لن تراني، وليس لبشر أن يطيق أن ينظر إليّ في الدنيا, من نظر إلي مات! قال: إلهي سمعت منطقك، واشتقت إلى النظر إليك, ولأن أنظر إليك ثم أموتُ أحب إليّ من أن أعيش ولا أراك ! قال: فانظر إلى الجبل, فإن استقر مكانه فسوف تراني.
15076 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (ربّ أرني أنظر إليك)، قال: أعطني.
15077 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: استخلف موسى هارون على بني إسرائيل وقال: إني متعجل إلى ربي, فاخلفني في قومي ولا تتبع سبيل المفسدين. فخرج موسى إلى ربه متعجلا للقيّه شوقًا إليه, وأقام هارون في بني إسرائيل, ومعه السامري يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به. فلما كلم الله موسى, طمع في رؤيته, فسأل ربه أن ينظر إليه, فقال الله لموسى: إنك لن تراني، ربّ كن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني)، الآية. قال ابن إسحاق: فهذا ما وصل إلينا في كتاب الله عن خبر موسى لما طلب النظر إلى ربه، وأهل الكتاب يزعمونَ وأهلُ التوراة: أنْ قد كان لذلك تفسير وقصة وأمور كثيرة، ومراجعة لم تأتنا في كتاب الله, والله أعلم. =
قال ابن إسحاق عن بعض أهل العلم الأوّل بأحاديث أهل الكتاب، إنهم يجدون في تفسير ما عندهم من خبر موسى حين طلب ذلك إلى ربه، أنه كان من كلامه إياه حين طمع في رؤيته, وطلب ذلك منه, وردّ عليه ربه منه ما ردّ: أن موسى كان تطهّر وطهّر ثيابه، وصام للقاء ربه. فلما أتى طور سينا, ودنا الله له في الغمام فكلّمه, سبحه وحمّده وكبره وقدَّسه, مع تضرع وبكاء حزين, ثم أخذ في مِدْحته, فقال: ربّ ما أعظمك وأعظم شأنك كله! من عظمتك أنه لم يكن شيء من قبلك, فأنت الواحد القهار, كأن عرشك تحت عظمتك نارًا توقد لك, وجعلت سرادقًا [من نور] من دونه سرادق من نور, (29) فما أعظمك ربّ وأعظم ملكك! جعلت بينك وبين ملائكتك مسيرة خمسمائة عام. فما أعظمك رب وأعظم ملكك في سلطانك! فإذا أردت شيئًا تقضيه في جنودك الذين في السماء أو الذين في الأرض, وجنودك الذين في البحر, بعثت الريح من عندك لا يراها شيء من خلقك، إلا أنت إن شئت, (30) فدخلت في جوف من شئت من أنبيائك, فبلغوا لما أردت من عبادك. (31) وليس أحد من ملائكتك يستطيع شيئًا من عظمتك ولا من عرشك ولا يسمع صوتك, فقد أنعمت عليّ وأعظمت عليّ في الفضل, وأحسنت إليّ كلّ الإحسان! عظمتني في أمم الأرض, وعظمتني عند ملائكتك, وأسمعتني صوتك, وبذلت لي كلامك, وآتيتني حكمتك, فإن أعدَّ نعماك لا أحصيها, وإن أُرِد شكرك لا أستطيعه. (32) دعوتك، ربّ، على فرعون بالآيات العظام, والعقوبة الشديدة, فضربت بعصاي التي في يدي البحر فانفلق لي ولمن معي! ودعوتك حين أجزتُ البحر, (33) فأغرقت عدوك وعدوّي. وسألتك الماء لي ولأمتي, فضربت بعصاي التي في يدي الحجر, فمنه أرويتني وأمتي. وسألتك لأمتي طعامًا لم يأكله أحد كان قبلهم, فأمرتني أن أدعوك من قبل المشرق ومن قبل المغرب، فناديتك من شرقي أمتي فأعطيتهم المن من مشرق لنفسي, (34) وآتيتهم السلوى من غربيهم من قبل البحر, واشتكيت الحر فناديتك, فظللت عليهم بالغمام. فما أطيق نعماك علي أن أعدّها ولا أحصيها, وإن أردت شكرها لا أستطيعه. (35) فجئتك اليوم راغبًا طالبًا سائلا متضرعًا, لتعطيني ما منعت غيري. أطلب إليك، وأسالك يا ذا العظمة والعزة والسلطان، أن تريني أنظر إليك, فإني قد أحببت أن أرى وجهك الذي لم يره شيء من خلقك! قال له رب العزة: ألا ترى يا ابن عمران ما تقول؟ (36) تكلمت بكلام هو أعظم من سائر الخلق! لا يراني أحد فيحيا, [ ليس في السماوات معمري, فإنهن قد ضعفن أن يحملن عظمتي, وليس في الأرض معمري, فإنها قد ضعفت أن تسع بجندي]. (37) فلستُ في مكان واحد فأتجلى لعين تنظر إليّ. قال موسى: يا رب، أن أراك وأموت, أحب إليّ من أن لا أراك وأحيا. قال له رب العزة: يا ابن عمران تكلمتَ بكلام هو أعظم من سائر الخلق, لا يراني أحد فيحيا! قال: رب تمم علي نعماك, وتمم عليّ فضلك, وتمم عليّ إحسانك، بهذا الذي سألتك، (38) ليس لي أن أراك فأقبض, ولكن أحب أن أراك فيطمئن قلبي. قال له: يا ابن عمران، لن يراني أحد فيحيا! قال: موسى رب تمم عليّ نعماك وتمم عليّ فضلك, وتمم علي إحسانك بهذا الذي سألتك، فأموت على أثر ذلك، (39) أحب إلي من الحياة! فقال الرحمن المترحِّم على خلقه: قد طلبت يا موسى, [وحي ] لأعطينك (40) سؤلك إن استطعت أن تنظر إليّ, فاذهب فاتخذ لوحين, ثم انظر إلى الحجر الأكبر في رأس الجبل, فإن ما وراءه وما دونه مضيق لا يسع إلا مجلسك يا ابن عمران. ثم انظر فإني أهبط إليك وجنودي من قليل وكثير، ففعل موسى كما أمره ربه, نحت لوحين ثم صعد بهما إلى الجبل فجلس على الحجر، فلما استوى عليه, أمر الله جنوده الذين في السماء الدنيا فقال: ضعي أكتافك حول الجبل. فسمعت ما قال الرب، ففعلت أمره. ثم أرسل الله الصواعق والظلمة والضباب على ما كان يلي الجبل الذي يلي موسى أربعة فراسخ من كل ناحية, ثم أمر الله ملائكة الدنيا أن يمرُّوا بموسى, فاعترضوا عليه, فمروا به طيرانَ النُّغَر، (41) تنبع أفواههم بالتقديس والتسبيح بأصوات عظيمة كصوت الرعد الشديد, فقال موسى بن عمران عليه السلام: رب، إني كنت عن هذا غنيًّا, ما ترى عيناي شيئًا، قد ذهب بصرهما من شعاع النور المتصفِّف على ملائكة ربي! ثم أمر الله ملائكة السماء الثانية: أن اهبطوا على موسى فاعترضوا عليه! فهبطوا أمثال الأسد لهم لَجَبٌ بالتسبيح والتقديس, (42) ففزع العبد الضعيف ابن عمران مما رأى ومما سمع, فاقشعرّت كل شعرة في رأسه وجلده, ثم قال: ندمت على مسألتي إياك, فهل ينجيني من مكاني الذي أنا فيه شيء؟ فقال له كبير الملائكة ورأسهم (43) يا موسى، اصبر لما سألت, فقليل من كثير ما رأيت ! ثم أمر الله ملائكة السماء الثالثة: أن اهبطوا على موسى, فاعترضوا عليه! فأقبلوا أمثال النسور لهم قَصْفٌ ورجفٌ ولجبٌ شديد, (44) وأفواههم تنبع بالتسبيح والتقديس، كلجَب الجيش العظيم، كلهب النار. (45) ففزع موسى, وأَسِيَتْ نفسه وأساء ظنه, (46) وأَيِسَ من الحياة, فقال له كبير الملائكة ورأسهم: مكانك يا ابن عمران, حتى ترى ما لا تصبر عليه! ثم أمر الله ملائكة السماء الرابعة: أن اهبطوا فاعترضوا على موسى بن عمران! فأقبلوا وهبطوا عليه لا يشبههم شيء من الذين مرُّوا به قبلهم, ألوانهم كلهب النار, وسائر خلقهم كالثلج الأبيض, أصواتهم عالية بالتسبيح والتقديس, لا يقاربهم شيء من أصوات الذين مرُّوا به قبلهم. فاصطكّت ركبتاه, وأرعد قلبه, واشتد بكاؤه, فقال كبير الملائكة ورأسهم: يا ابن عمران اصبر لما سألت, فقليل من كثيرٍ ما رأيت ! ثم أمر الله ملائكة السماء الخامسة: أن اهبطوا فاعترضوا على موسى! فهبطوا عليه سبعةَ ألوان, فلم يستطع موسى أن يُتبعهم طرفه, ولم ير مثلهم، ولم يسمع مثل أصواتهم, وامتلأ جوفه خوفًا, واشتد حزنه وكثر بكاؤه, فقال له كبير الملائكة ورأسهم: يا ابن عمران، مكانك حتى ترى ما لا تصبر عليه ! ثم أمر الله ملائكة السماء السادسة: أن اهبطوا على عبدي الذي طلب أن يراني موسى بن عمران، واعترضوا عليه! فهبطوا عليه في يد كل ملك مثل النخلة الطويلة نارًا أشد ضوءًا من الشمس, ولباسهم كلهب النار, إذا سبحوا وقدسوا جاوبهم من كان قبلهم من ملائكة السماوات كلهم, يقولون بشدة أصواتهم: " سبوح قدوس، رب العزة أبدا لا يموت " في رأس كل ملك منهم أربعة أوجه، فلما رآهم موسى رفع صوته يسبح معهم حين سبحوا, وهو يبكي ويقول: " رب أذكرني, ولا تنس عبدك، لا أدري أأنفلتُ مما أنا فيه أم لا إن خرجت أحرقت, وإن مكثت مت " ! فقال له كبير الملائكة ورئيسهم (47) قد أوشكت يا ابن عمران أن يمتلئ جوفك, وينخلع قلبك, ويشتد بكاؤك، فاصبر للذي جلست لتنظر إليه يا ابن عمران! وكان جبل موسى جبلا عظيما, فأمر الله أن يحمل عرشه, ثم قال: مرُّوا بي على عبدي ليراني, فقليل من كثيرٍ ما رأى ! فانفرج الجبل من عظمة الرب, وغشَّي ضوء عرش الرحمن جبل موسى, ورفعت ملائكة السماوات أصواتها جميعا, فارتجّ الجبل فاندكَّ, وكل شجرة كانت فيه, وخرّ العبد الضعيفُ موسى بن عمران صعقًا على وجهه، ليس معه روحه, فأرسل الله الحياة برحمته, فتغشاه برحمته (48) وقلب الحجر الذي كان عليه وجعله كالمعِدة كهيئة القبة، (49) لئلا يحترق موسى, فأقامه الروح، مثل الأم أقامت جنينها حين يصرع. قال: فقام موسى يسبح الله ويقول: آمنت أنك ربي, وصدقت أنه لا يراك أحد فيحيا, ومن نظر إلى ملائكتك انخلع قلبه, فما أعظمك ربّ، وأعظم ملائكتك, أنت رب الأرباب وإله الآلهة وملك الملوك, تأمر الجنود الذين عندك فيطيعونك وتأمر السماء وما فيها فتطيعك, لا تستنكف من ذلك, ولا يعدلك شيء ولا يقوم لك شيء, رب تبت إليك, الحمد لله الذي لا شريك له, ما أعظمك وأجلّك ربَّ العالمين!
* * *
القول في تأويل قوله : فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما اطّلع الرب للجبل، جعل الله الجبل دكًّا، أي: مستويًا بالأرض =(وخر موسى صعقًا)، أي: مغشيا عليه. (50)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15078 - حدثني الحسين بن محمد بن عمرو العنقزي قال، حدثني أبي قال، حدثنا أسباط, عن السدي, عن عكرمة, عن ابن عباس في قول الله: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا)، قال: ما تجلى منه إلا قدر الخنصر =(جعله دكًّا) ، قال: ترابًا =(وخر موسى صعقًا)، قال: مغشيًّا عليه.
15079 - حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط قال: زعم السدي, عن عكرمة, عن ابن عباس أنه قال: تجلى منه مثل الخِنصر, فجعل الجبل دكَّا, وخر موسى صعقًا, فلم يزل صعقًا ما شاء الله.
15080 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وخر موسى صعقا)، قال: مغشيًّا عليه.
15081 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا)، قال انقعر بعضه على بعض =(وخر موسى صعقًا)، أي: ميتا.
15082 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج: (وخر موسى صعقًا)، أي: ميتًا.
15083 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة في قوله: (دكًّا)، قال: دك بعضه بعضًا.
15084 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك قال: سمعت سفيان يقول في قوله: ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا)، قال: ساخ الجبل في الأرض، حتى وقع في البحر فهو يذهب معه.
15085 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين, عن الحجاج, عن أبي بكر الهذلي: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا) ، انقعر فدخل تحت الأرض، فلا يظهر إلى يوم القيامة.
15086 - حدثنا أحمد بن سهيل الواسطي قال، حدثنا قرة بن عيسى قال، حدثنا الأعمش, عن رجل, عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لما تجلى ربه للجبل أشار بأصبعه فجعله دكًّا " = وأرانا أبو إسماعيل بأصبعه السبابة. (51)
15087 - حدثني المثنى قال، حدثني الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد, عن ثابت, عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا)، قال هكذا بإصبعه، (52) =ووضع النبي صلى الله عليه وسلم الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر =" فساخ الجبل ". (53)
15088 - حدثني المثنى قال، حدثنا هدبة بن خالد قال، حدثنا حماد بن سلمة, عن ثابت, عن أنس بن مالك قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا)، قال: وضع الإبهام قريبًا من طرف خنصره، قال: فساخ الجبل = فقال حميد لثابت: تقول هذا؟ قال: فرفع ثابت يده فضرب صدر حُمَيْد, وقال: يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقوله أنس، وأنا أكتمه! (54)
15089 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا وخرّ موسى صعقًا)، وذلك أن الجبل حين كُشِف الغطاء ورأى النور، صار مثل دكّ من الدكَّات. (55)
15090 - حدثنا الحرث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد, عن مجاهد: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ ، فإنه أكبر منك وأشد خلقا =(فلما تجلى ربه للجبل)، فنظر إلى الجبل لا يتمالك, وأقبل الجبل يندك على أوله (56) . فلما رأى موسى ما يصنع الجبل، خر صعقًا.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (دكًّا). فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة: ( دكًّا)، مقصورًا بالتنوين بمعنى: "
دكّ الله الجبل دكًّا " أي: فتته, واعتبارًا بقول الله: كَلا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ، [سورة الفجر: 21] وقوله: وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ، [سورة الحاقة: 14] واستشهد بعضهم على ذلك بقول حميد: (57) يَــدُكُّ أَرْكَــانَ الجِبَــال هَزَمُــهْتَخْــطُرِ بِــالبِيضِ الرِّقَـاقِ بُهَمُـهْ (58)
* * *
وقرأته عامة قرأة الكوفيين: "
جَعَلَهُ دَكَّاءَ"، بالمد وترك الجر والتنوين, مثل* * *
"
حمراء " و " سوداء ". وكان ممن يقرؤه كذلك، عكرمة, ويقول فيه ما:-15091- حدثني به أحمد بن يوسف قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا عباد بن عباد, عن يزيد بن حازم, عن عكرمة قال: "
دكَّاء من الدكَّاوات ". وقال: لما نظر الله تبارك وتعالى إلى الجبل صار صَحراء ترابًا. (59)* * *
واختلف أهل العربية في معناه إذا قرئ كذلك.
فقال بعض نحويي البصرة: العرب تقول: "
ناقة دكَّاء "، ليس لها سنام. وقال: " الجبل " مذكر, فلا يشبه أن يكون منه، إلا أن يكون جعله: " مثل دكاء "، حذف " مثل "، وأجراه مجرى: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ [سورة يوسف: 82].* * *
وكان بعض نحويي الكوفة يقول: معنى ذلك: جعل الجبل أرضًا دكاء, ثم حذفت "
الأرض "، وأقيمت " الدكاء " مقامها، إذْ أدَّت عنها.* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي، قراءةُ من قرأ: ( جَعَلَهُ دَكَّاءَ )، بالمد وترك الجر، لدلالة الخبر الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحته. وذلك أنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "
فساخ الجبل "، (60) ولم يقل: " فتفتت " ولا " تحول ترابًا ". ولا شك أنه إذا ساخ فذهب، ظهرَ وجهُ الأرض, فصار بمنـزلة الناقة التي قد ذهب سنامها, وصارت دكاء بلا سنام. وأما إذا دك بعضه، فإنما يكسر بعضه بعضًا ويتفتت ولا يَسُوخ. وأما " الدكاء " فإنها خَلَفٌ من " الأرض ", فلذلك أنثت، (61) على ما قد بينت.* * *
فمعنى الكلام إذًا: فلما تجلى ربه للجبل ساخ, فجعل مكانه أرضًا دكاء. وقد بينا معنى "
الصعق " بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (62)* * *
القول في تأويل قوله : فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما ثاب إلى موسى عليه السلام فهمه من غشيته, وذلك هو الإفاقة من الصعقة التي خرّ لها موسى صلى الله عليه وسلم= "
قال سبحانك "، تنـزيهًا لك، يا رب، وتبرئةً أن يراك أحد في الدنيا، (63) ثم يعيش = " تبت إليك "، من مسألتي إياك ما سألتك من الرؤية= " وأنا أوّل المؤمنين "، بك من قومي، أن لا يراك في الدنيا أحد إلا هلك.* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15092- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن موسى, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية في قوله: "
تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين "، قال: كان قبله مؤمنون, ولكن يقول: أنا أوّل من آمن بأنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة.15093- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قال: لما رأى موسى ذلك وأفاق, عرف أنه قد سأل أمرًا لا ينبغي له, فقال: "
سبحانك تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين "، قال أبو العالية: عنى: إني أوّل من آمن بك أنه لن يراك أحدٌ قبل يوم القيامة.15094- حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، قال سفيان، قال أبو سعد, عن عكرمة, عن ابن عباس: "
وخر موسى صعقًا "، فمرّت به الملائكة وقد صعق, فقالت: يا ابن النساء الحيَّض، لقد سألت ربك أمرًا عظيمًا! فلما أفاق قال: سبحانك لا إله إلا أنت تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين! قال: أنا أوّل من آمن أنه لا يراك أحدٌ من خلقك = يعني: في الدنيا.15095- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: "
قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين "، يقول: أنا أوّل من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك.15096- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد: "
سبحانك تبت إليك "، قال: من مسألتي الرؤية.15097- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد, عن مجاهد: "
قال سبحانك تبت إليك "، أن أسألك الرؤية.15098- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم, عن سفيان, عن عيسى بن ميمون, عن رجل, عن مجاهد: "
سبحانك تبت إليك "، أن أسألك الرؤية.15099- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة, عن عيسى بن ميمون, عن مجاهد في قوله: "
سبحانك تبت إليك "، قال: تبت إليك من أن أسألك الرؤية.* * *
وقال آخرون: معنى قوله: وأنا أول المؤمنين بك من بني إسرائيل.
* ذكر من قال ذلك:
15100- حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا أسباط, عن السدي, عن عكرمة, عن ابن عباس: "
وأنا أول المؤمنين "، قال: أول من آمن بك من بني إسرائيل.15101- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي, عن عكرمة, عن ابن عباس: "
وأنا أول المؤمنين "، يعني: أول المؤمنين من بني إسرائيل.15102- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: "
وأنا أول المؤمنين "، أنا أول قومي إيمانًا.15103- حدثنا ابن وكيع والمثنى قالا حدثنا أبو نعيم, عن سفيان, عن عيسى بن ميمون, عن رجل, عن مجاهد: "
وأنا أول المؤمنين "، يقول: أول قومي إيمانًا.15104- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: "
وأنا أول المؤمنين "، قال: أنا أول قومي إيمانًا.15105- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: "
وأنا أول المؤمنين "، قال: أول قومي آمن.* * *
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في قوله: "
وأنا أول المؤمنين "، على قول من قال: معناه: أنا أول المؤمنين من بني إسرائيل= لأنه قد كان قبله في بني إسرائيل مؤمنون وأنبياء , منهم ولدُ إسرائيل لصُلْبه, وكانوا مؤمنين وأنبياء. فلذلك اخترنا القول الذي قلناه قبل.----------------------
الهوامش :
(26) انظر تفسير (( الميقات )) فيما سلف قريباً ص : 87 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(27) هذه الزيادة بين القوسين يقتضيها السياق .
(28) (( صريف القلم والباب والناب )) ، ونحوها : وهو مثل (( الصرير )) ، وهو صوت ممتد حاد .
(29) الزيادة بين القوسين مما يقتضيه السياق .
(30) في المخطوطة والمطبوعة : (( بعثت الريح )) ، ولا أشك أن الصواب ما أثبت ، ويعني بذلك ما قال الله سبحانه في (( سورة غافر )) 15 : "
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ "(31) في المطبوعة : (( لما أردت من عبادك )) وفي المخطوطة : (( ما أردت )) ، والصواب ما أثبت .
(32) في المطبوعة : ( وإن أردت شكرك لا أستطيعها )) ، وفي المخطوطة : (( وإن أرد شكرك لا أستطيعها )) ، والصواب ما أثبت .
(33) في المطبوعة : (( جزت )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب أيضاً .
(34) في المطبوعة : (( مشرقي لننفسى )) ، وهذه جملة مضطربة لا أدرى ما صوابها .
(35) في المطبوعة والمخطوطة : (( لا أستطيعها )) ، والصواب ما أثبت .
(36) في المطبوعة : (( فلا ترى )) وأثبت ما في المخطوطة .
(37) هذه العبارة التي بين القوسين ، لم أدر ما هي ، قد جاءت في المخطوطة هكذا : (( في السماء معمرى ... )) ، وسائر الجملة كما في المطبوعة . وأنا في شك من ألفاظها ، ولم أستطع أن اهتدي إلى تحريفها ، فوضعتها بين القوسين . والخبر كله مضطرب اللفظ ، ولم أجده في مكان آخر . فلذلك تركته كما هو ، إلا أن يكون خطأ ظاهراً .
(38) في المطبوعة : (( هذا الذي سألتك )) ، وأثبت ما في المخطوطة . وكذلك كانت في المطبوعة في الجملة التالية .
(39) في المطبوعة : "
هذا الذي سألتك ليس لي أن أراك فأموت " زادها قياسًا على السالف قبلها وأثبت ما في المخطوطة.(40) هذه الكلمة بين القوسين (هكذا في المخطوطة). ولا أدري ما قراءتها . وأما في المطبوعة فقد حذفها وغير ما بعدها وكتب: "
وأعطيتك" مكان "لأعطينك" .(41) (( النغر )) ( بضم ففتح ) : ضرب من الطير حمر المناقير وأصول الأحناك ، يقال : هو البلبل عند أهل المدينة .
(42) (( اللجب )) ( بفتحتين ) : ارتفاع الأصوات واختلاطها .
(43) في المطبوعة والمخطوطة : (( خير الملائكة )) وكأن الصواب (( كبير الملائكة )) ، كما أثبثها ، وقد جاءت (( خير الملائكة )) في جميع المواضع الآتية ، الأخير منها فقد كتبت علي الصواب : (( كبير )) .
(44) في المطبوعة : (( نخف )) ، وفي المخطوطة : (( قصف )) غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت. و (( القصف )) و (( القصيف )) صوت الرعد وما أشبهه .
(45) في المطبوعة : (( أو كلهب )) بزيادة (( أو )) وأثبت ما في المخطوطة .
(46) في المطبوعة : (( وأيست نفسه ، وأساء ظنه )) وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب . يقال : (( أسيت نفسه )) أي : حزنت . وانظر تفسير ((ساء ظنه )) فيما سلف 3 : 585 ، تعليق : 1 ، ومعناه : خامرته الظنون السيئة .
(47) انظر التعليق السالف ص : 95 ، تعليق : 1.
(48) في المطبوعة أسقط (( الروح )) من الجملة .
(49) هكذا في المخطوطة والمطبوعة : (( كالمعدة )) ، ولا أدري أيصح هذا أم لا ؟
(50) انظر تفسير (( الصعقة )) فيما سلف 2 : 83 ، 84 /9 : 359 .
(51) الأثر : 15086 - (( أحمد بن سهيل الواسطى )) ، شيخ الطبري ، لم أجد له ترجمة. و"
قرة أبي عيسى" ، لم أجد له ترجمة ولا ذكرا. وهذا الخبر ذكره ابن كثير في تفسيره نقلا عن هذا الموضع ، ولم يزد علي أن قال : (( هذا الإسناد فيه رجل مبهم لم يسم )) .(52) (( قال )) هنا بمعني : أشار .
(53) الأثر : 15087 - (( حماد )) ، هو حماد بن سلمة )) ، مضى مرارًا . و(( ثابت )) هو ثابت بن أسلم البنانى )) ، ثقة ، روى له الجماعة : مضى برقم : 2942 ، 7030 . وهو إسناد رجالة ثقات . وهذا الخبر رواه الترمذي في تفسير الآية ، من طريق سليمان بن حرب ، عن حماد ، ثم قال (( هذا حديث صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة )) . وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 546 ، عن هذا الموضع في تفسير الطبري ، ولكنه كتب إسناده هكذا : ((حدثنا حماد ، عن ليث ، عن أنس )) ثم قال : (( هكذا وقع في هذا الرواية : (( حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن ليث ، عن أنس )) وليس ذلك كما نقل ، فان الثابت في المخطوطة والمطبوعة ، (( حماد ، عن ثابت ، عن أنس )) ، ليس فيها (( ليث )) ، فلا أدرى كيف وقع هذا للحافظ ابن كثير ، ولا من أين ؟ . وانظر تخريج الأثر التالي .
(54) الأثر : 15088 - هو مطول الأثر السالف . وقد رواه ابن كثير تفسيره 3 : 546 ، 547 ، ثم قال : (( وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده : حدثنا أبو المثنى ، معاذ ابن معاذ العنبرى ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت البنانى ، عن أنس بن مالك )) ثم ذكر الخبر بنحوه . ثم قال : (( وهكذا رواه الترمذي في تفسير هذه الآية ، عن عبد الوهاب بن الحكم الوراق ، عن معاذ بن معاذ )) . ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 320 ، من طريق عفان بن مسلم ، عن حماد بن سلمة ، وعن طريق سليمان بن حرب ، عن حماد ، بنحو حديث هد بة بن خالد ، عن حماد ، ثم قال : (( هذا حديث صحيح علي شرط مسلم )) ووافقه الذهبي . وقال ابن كثير : (( وهذا إسناد صحيح له علة فيه )) . بعد أن ذكر خبر أبي جعفر . و (( حميد )) المذكور في هذا الخبر ، هو (( حميد الطويل )) .
(55) ( 2) لعل صواب من (( الدكاوات )) ، كما سيأتي في ص : 101 ، تعليق : 1 .
(56) ( 1) هكذا في المطبوعة : وفي المخطوطة : (( على أدله )) أيضاً ، ولكن بشدة على اللام ، فكأنها تقرأ : (( على أذله )) ، وهي أوضح معنى من التي في المطبوعة . يعني أنه ذل أشد ذل فاندك .
(57) حميد ، هو حميد الأرقط .
(58) لم أجد البيتين في مكان ، وفي تاريخ الطبري 7 : 41 ، أبيات من رجز ، كأن الذي هنا من تمامها. وكان في المطبوعة هنا : (( هدمه )) ، والصواب ما أثبت ، والمخطوطة غير منقوطة ، وكأنها هناك راء مهملة لا دال . و (( الهزم )) ( بفتحتين ) و (( الهزيم )) هو صوت الرعد الذي يشبه التكسر ، ومثله قول رؤبة في صفة جيش لجب : * يُرْجِـفُ أَنْضَـادَ الجِبَـالِ هَزَمَهُ *
و (( تخطر )) أي تمشى متمايلة ، تهز سيوفها معجبة مدلة بقوتها وبأسها و (( البهم )) جمع (( بهمة )) ( بضم فسكون ) : وهو الفارس الشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى له ، ولا من أين يدخل عليه مقاتله ، من شدة بأسه ويقظته . و (( البيض الرقاق )) : السيوف الرقيقة من حسن صقلها .
(59) (1) الأثر 15091 - (( عباد بن عباد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي )) ثقة ، روى له الجماعة . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 82 . و (( يزيد بن حازم بن يزيد الأزدي الجهضمى )) ، وثقه أحمد وابن معين ، وهو أخو (( جرير ابن حازم )) ، أكبر منه . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/ 2/325 ، وابن أبي حاتم 4/2/257 . وقوله: (( دكاء من الدكاوات )) ، (( الدكاوات )) جمع (( دكاء )) ، وهي الرابية من الطين ليست غليظة ، وأجروه مجرى الأسماء ، لغلبته ، كقولهم : (( ليس في الخضراوات صدقة )). وكان في المطبوعة : (( صار صخرة تراباً )) ، وفي المخطوطة: (( صار صحرا ترابا )) وهذا صواب قرأةتها .
(60) (2) يعني في الأثرين رقم 15087 ، 15088
(61) (1) في المطبوعة : (( فلذلك أتت )) وفي المخطوطة : (( فلذلك أتيت )) ، وصواب ذلك ما أثبت .
(62) (2) انظر تفسير (( الصعق )) فيما سلف 2 : 83 ، 84 / : 359 .
(63) (3) انظر تفسير (( سبحان )) فيما سلف 12 : 10 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .
- ابن عاشور : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
جُعل مجيءُ موسى في الوقت المعين أمراً حاصلاً غير محتاج للإخبار عنه ، للعلم بأن موسى لا يتأخر ولا يترك ذلك ، وجُعل تكليمُ الله إياه في خلال ذلك الميقات أيضاً حاصلاً غير محتاج للإخبار عن حلوله ، لظهور أن المواعدة المتضمنة للملاقاة تتضمن الكلام ، لأن ملاقاة الله بالمعنى الحقيقي غير مُمكنة ، فليس يحصل من شؤون المواعدة إلاّ الكلام الصادر عن إرادة الله وقدرته ، فلذلك كله جُعل مجيء موسى للميقات وتكليم الله إياه شرطاً لحرف ( لمّا ) لأنه كالمعلوم ، وجعل الإخبار متعلقاً بما بعد ذلك ، وهو اعتبار بعظمة الله وجلاله ، فكان الكلام ضرباً من الإيجاز بحذف الخبر عن جملتين اسغناء عنهما بأنهما جعلتا شرطاً للمّا .
ويجوز أن تجعل الواو في قوله : { وَكلّمه ربه } زائدة في جواب { لمّا } كما قاله الأكثر في قول امرىء القيس :
فلمّا أجَزْنَا ساحةَ الحي وانتحى ... بنا بطْنُ خبت ذي حقاف عقنقل
أن جواب { لَما } هو قوله وانتحى ، وجوزوه في قوله تعالى : { فلمّا أسلما وتَلْه للجبين وناديناه أن يا إبراهيم } [ الصافات : 103 ، 104 ] الآية ، أن يكون { وناديناه } هو جواب ( لَما ) فيصير التقدير : لما جاء موسى لميقاتنا كَلّمه ربه ، فيكون إيجازاً بحذف جملة واحدة ، ولا يستفاد من معنى إنشاء التكليم الطمع في الرؤية إلاّ من لازم المواعدة .
واللام في قوله : { لميقاتنا } صنفٌ من لام الاختصاص ، كما سماها في «الكشاف» ومثلها بقولهم : أتيته لعشر خلَون من الشهر ، يعني أنه اختصاص مّا ، وجعلها ابن هشام بمعنى عند ، وجعل ذلك من معاني اللام وهو أظهر ، والمعنى : فلما جاء موسى مجيئاً خاصاً بالميقات أي : حاصلاً عنده لا تأخير فيه ، كقوله تعالى : { أقم الصلاة لدلوك الشمس } [ الإسراء : 78 ] وفي الحديث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل فقال : " الصلاة لوقتها " أي عند وقتها ومنه { فطلقوهن لعدتهن } [ الطلاق : 1 ].
ويجوز جعل اللام للأجل والعلة ، أي جاء لأجل ميقاتنا ، وذلك لما قدمناه من تضمن الميقات معنى الملاقاة والمناجاة ، أي جاء لأجل مناجاتنا .
والمجيء : انتقاله من بين قومه إلى جبل سينا المعيّن فيه مكانُ المناجاة .
والتكليم حقيقته النطق بالألفاظ المفيدة معانيَ بحسب وضع مصطلح عليه ، وهذه الحقيقة مستحيلة على الله تعالى لأنها من أعراض الحوادث ، فتعين أن يكون إسناد التكليم إلى الله مجازاً مستعملاً في الدلالة على مُراد الله تعالى بألفاظ من لغة المخاطَب به بكيفية يوقن المخاطَب به أن ذلك الكلام من أثر قدرة الله على وَفْق الإرادة ووَفْققِ العلم ، وهو تعلق تنجيزي بطريق غير معتاد ، فيجوز أن يخلق الله الكلام في شيء حادث سمعه موسى كما رُوي أن الله خلق الكلام في الشجرة التي كان موسى حذوها ، وذلك أولُ كلام كلّمه الله موسى في أرض مَدين في جبل ( حوريب ) ، ويجوز أن يخلق الله الكلام من خِلال السحاب وذلك الكلام الواقع في طُور سينا ، وهو المراد هنا ، وهو المذكور في الإصحاح 19 من سفر الخروج .
والكلام بهذه الكيفية كان يسمعه موسى حين يكون بعيداً عن الناس في المناجاة أو نحوها ، وهو أحد الأحوال الثلاثة التي يكلم الله بها أنبياءه كما في قوله تعالى : { وما كان لِبَشَرٍ أن يكلمه الله إلاّ وحيا } الآية في سورة الشورى ( 51 ) ، وهو حادث لا محالة ونسبته إلى الله أنه صادر بكيفية غير معتادة لا تكون إلاّ بإرادة الله أن يخالف به المعتاد تشريفاً له ، وهو المعبر عنه بقوله : { أوْ منْ وراء حجاب } [ الشورى : 51 ] ، وقد كلم الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ، وأحسب الأحاديث القدسية كلها أو معظمها مما كلم الله به محمداً صلى الله عليه وسلم وأما إرسال الله جبريل بكلام إلى أحد أنبيائه ، فهي كيفية أخرى ، وذلك بإلقاء الكلام في نفس المَلَك الذي يبلغه إلى النبي ، والقرآنُ كله من هذا النوع ، وقد كان الوحي إلى موسى بواسطة الملَك في أحوال كثيرة وهو الذي يعبر عنه في التوراة بقولها : قال الله لموسى .
وقوله : { قال رب أرني } هو جواب { لَمّا } على الأظهر ، فإنْ قدرنا الواو في قوله : { وكلمهُ } زائدة في جواب لما كان قوله : { قال } واقعاً في طريق المحاورة فلذلك فُصل .
وسؤالُ موسى رؤية الله تعالى تطلّع إلى زيادة المعرفة بالجلال الإلهي ، لأنه لما كانت المواعدة تتضمن الملاقاة . وكانت الملاقاة تعتمد رؤية الذات وسماع الحديث ، وحصل لموسى أحد ركني الملاقاة وهو التكليم ، أطمعه ذلك في الركن الثاني وهو المشاهدة ، وممّا يؤذن بأن التكليم هو الذي أطمع موسى في حصول الرؤية جعْلُ جملة { وكلمه ربه } شرطاً لحرف ( لمّا ) لأن ( لمّا ) تدل على شدة الارتباط بين شرطها وجوابها ، فلذلك يكثر أن يكون علة في حصول جوابها كما تقدم في قوله تعالى : { فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما } في هذه السورة ( 22 ) ، هذا على جعل { وكَلمه } عطفاً على شرط لمّا ، وليسَ جوابَ لما ، ولا نشك في أنه سأل رؤية تليق بذات الله تعالى ، وهي مثل الرؤية الموعود بها في الآخرة ، فكان موسى يحسب أن مثلِها ممكن في الدنيا حتى أعلمه الله بأن ذلك غير واقع في الدنيا ، ولا يمتنع على نبي عدمُ العلم بتفاصيل الشؤون الإلهية قبل أن يُعلمها الله إياه ، وقد قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم { وقُل رب زدني علماً } [ طه : 114 ] ، ولذلك كان أيمة أهل السنة محقين في الاستدلال بسؤال موسى رؤية الله على إمكانها بكيفية تليق بصفات الإلاهية لا نعلم كنهها وهو معنى قولهم : «بلا كيف» .
وكانَ المعتزلةُ غير محقين في استدلالهم بذلك على استحالتها بكل صفة .
وقد يؤول الخلاف بين الفريقين إلى اللفظ ، فإن الفريقين متفقان على استحالة إحاطة الإدراك بذات الله واستحالة التحَيز ، وأهل السنة قاطعون بأنها رؤية لا تنافي صفات الله تعالى ، وأما ما تبجح به الزمخشري في «الكشاف» فذلك من عُدوان تعصبه على مخالفيه على عادته ، وما كان ينبغي لعلماء طريقتنا التنازلُ لمهاجاته بمثل ما هاجاهم به ، ولكنه قال فأوْجَب .
وأعلم أن سؤال موسى رؤية الله تعالى طلبٌ على حقيقته كما يؤذن به سياق الآية وليس هو السؤالَ الذي سأله بنوا اسرائيل المحكي في سورة البقرة ( 55 ) بقوله : { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } وما تمحل به في «الكشاف» من أنه هو ذلك السؤال تكلفٌ لا داعي له .
ومفعول { أرني } محذوف لدلالة الضمير المجرور عليه في قوله : { إليك }.
وفصل قوله : { قالَ لنْ تراني } لأنه واقع في طريق المحاورة .
و { لَن } يستعمل لتأبيد النفي ولتأكيد النفي في المستقبل ، وهما متقاربان ، وإنما يتعلق ذلك كله بهذه الحياة المعبر عنها بالأبد ، فنفت ( لن ) رؤية موسى ربّه نفياً لا طمع بعده للسائِل في الإلحاح والمراجعة بحيث يَعلم أن طلبته متعذرة الحصول ، فلا دلالة في هذا النفي على استمراره في الدار الآخرة .
والاستدراك المستفاد من { لكن } لرفع توهم المخاطَب الاقتصارَ على نفي الرؤية بدون تعليل ولا إقناع ، أو أن يتوهم أن هذا المنع لغضب على السائِل ومنقصة فيه ، فلذلك يعلم من حرف الاستدراك أن بعض ما يتوهمه سيُرفع ، وذلك أنه أمره بالنظر إلى الجبل الذي هو فيه هل يثبت في مكانه ، وهذا يعلم منه أن الجبل سيتوجه إليه شيءٌ من شأن الجلال الإلهي ، وأن قوة الجبل لا تستقر عند ذلك التوجه العظيم ، فيعلم موسى أنه أحرى بتضاؤل قواه الفانية لو تجلى له شيء من سُبُحات الله تعالى .
وعلق الشرط بحرف ( إنْ ) لأن الغالب استعمالها في مقام ندرة وقوع الشرط أو التعريض بتعَذره ، ولما كان استقرار الجبل في مكانه معلوماً لله انتفاؤه ، صح تعليق الأمر المرادِ تعذُر وقوعُه عليه بقطع النظر عن دليل الانتفاء ، فلذلك لم يكن في هذا التعليق حجَة لأهل السنة على المعتزلة تقتضي أن رؤية الله تعالى جائزة عليه تعالى ، خلافاً لما اعتاد كثيرٌ من علمائنا من الاحتجاج بذلك .
وقوله : { فسوف تراني } ليس بوعد بالرؤية على الفرض لأن سُبق قوله : { لن تراني } أزال طماعية السائل الرؤية ، ولكنه إيذان بأن المقصود من نظرِه إلى الجبل أن يرى رأي اليقين عجزَ القوة البشرية عن رؤية الله تعالى بالأحرى ، من عدم ثبات قوة الجبل ، فصارت قوة الكلام : أن الجبل لا يستقر مكانه من التجلي الذي يحصل عليه فلست أنت بالذي تراني ، لأنك لا تستطيع ذلك ، فمنزلة الشرط هنا منزلة الشرط الامتناعي الحاصل بحرف ( لو ) بدلالة قرينة السابِق .
والتجلي حقيقة الظهور وإزالة الحجاب ، وهو هنا مجاز ، ولعله أريد به إزالة الحوائِل المعتادة التي جعلها الله حجاباً بين الموجودات الأرضية وبين قوى الجبروت التي استأثر الله تعالى بتصريفها على مقاديرَ مضبوطة ومتدرجة في عوالم مترتبة ترتيباً يعلمه الله .
وتقريبُه للإفهام شبيه بما اصطلح عليه الحكماء في ترتيب العقول العشرة ، وتلك القوى تنسب إلى الله تعالى لكونها آثاراً لقدرته بدون واسطة ، فإذا أزال الله الحجاب المعتاد بين شيء من الأجسام الأرضية وبين شيء من تلك القوى المؤثرة تأثيراً خارقاً للعادة اتصلت القوة بالجسم اتصالاً تظهرُ له آثار مناسبة لنوع تلك القوة ، فتلك الإزالة هي التي استعير لها التجلي المسندُ إلى الله تعالى تقريباً للإفهام ، فلما اتصلت قوة ربانية بالجبل تُماثل اتصال الرؤية اندّك الجبل ، ومما يقرب هذا المعنى ، ما رواه الترمذي وغيره ، من طرق عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ قوله تعالى : { فلما تجلى ربه } فوضع إبهامه قريباً من طرف خنصره يُقلل مقدار التجلي .
وصَعِق موسى من اندكاك الجبل فعلم موسى أنه لو توجه ذلك التجلي إليه لانتثر جسمه فُضاضاً .
وقرأ الجمهور { دكّاً } بالتنوين والدك مصدر وهو والدق مترادفان ، وهو الهدّ وتفرق الأجزاء كقوله { وتَخِر الجبال هدّاً } [ مريم : 90 ] ، وقد أخبر عن الجبل بأنه جعل دَكاً للمبالغة ، والمراد أنه مدكوك أي : مدقوق مهدوم . وقرأ الكسائي ، وحمزة ، وخلف { دَكّاء } بمد بعد الكاف وتشديد الكاف والدكاء الناقة التي لا سنام لها ، فهو تشبيه بليغ أي كالدكاء أي ذهبت قُنته ، والظاهر أن ذلك الذي اندك منه لم يرجع ولعل آثار ذلك الدك ظاهرة فيه إلى الآن .
والخرور السقوط على الأرض .
والصعق : وصف بمعنى المصعوق ، ومعناه المغشي عليه من صيحة ونحوها ، مشتق من اسم الصاعقة وهي القطعة النارية التي تبلغ إلى الأرض من كهرباء البرق ، فإذا أصابت جسماً أحرقته ، وإذا أصابت الحيوان من قريب أماتته ، أو من بعيد غُشي عليه من رائحتها ، وسُمي خويلدُ بن نُفيْل الصِعقَ عَلماً عليه بالغلبة ، وإنما رجحنا أن الوصف والمصدر مشتقان من اسم الصاعقة دون أن نجعل الصاعقة مشتقاً من الصعق؛ لأن أيمة اللغة قالوا : إن الصعْق الغشيُ من صيحة ونحوها ، ولكن توسعوا في إطلاق هذا الوصف على من غشي عليه بسبب هدة أو رجَة ، وإن لم يكن ذلك من الصاعقة .
والإفاقة : رجوع الإدراك بعد زواله بغشْي ، أو نوم ، أو سُكر ، أو تخبط جنون .
و { سبحانك } مصدر جاء عوضاً عن فعله أي أسبحك ، وهو هنا إنشاء ثناء على الله وتنزيه عما لا يليق به ، لمناسبة سؤاله منه مَا تبين له أنه لا يليق به سؤالهُ دون استيذانه وتحقققِ إمكانه كما قال تعالى لنوح : { فلا تسألني ما ليس لك به علم } في سورة هود ( 46 ).
وقوله : { تبت إليك } إنشاء لتوبة من العود إلى مثل ذلك دون إذن من الله ، وهذا كقول نوح عليه السلام :
{ رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم } [ هود : 47 ] وصيغة الماضي من قوله : { تُبت } مستعملة في الإنشاء فهي مستعملة في زمن الحال مثل صيغ العقود في قولهم بعْتُ وزَوّجْتُ . مبالغة في تحقق العقد .
وقوله : { وأنا أول المؤمنين } أطلق { الأول } على المُبادر إلى الإيمان ، وإطلاق الأول على المبادر مجاز شائع مساو للحقيقة ، والمرادُ به هنا وفي نظائره الكناية عن قوة إيمانه ، حتى أنه يبادر إليه حين تردد غيره فيه ، فهو للمبالغة ، وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : { ولا تكونوا أولَ كافر به } في سورة البقرة ( 41 ) ، وقوله : { وأنا أول المسلمين } في سورة الأنعام ( 163 ).
والمراد بالمؤمنين من كان الإيمان وصفهم ولقبَهم ، أي الإيمان بالله وصفاته كما يليق به فالإيمان مستعمل في معناه اللقبي ، ولذلك شُبه الوصف بأفعال السجايا فلم يذكر له متعلّق ، ومن ذهب من المفسرين يقدر له متعلّقاً فقد خرج عن نهج المعنى .
- إعراب القرآن : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
«وَلَمَّا» ظرفية شرطية والواو عاطفة. «جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا» فعل ماض تعلق به الجار والمجرور وموسى فاعله. والجملة في محل جر بالإضافة. «وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ» فعل ماض والهاء مفعوله وربّه فاعله ، والجملة معطوفة. «قالَ» فعل ماض وفاعله ضمير مستتر والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم. «رَبِّ» منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم. «أَرِنِي» فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة لأنه معتل الآخر ، والنون للوقاية. والياء مفعوله الأول. ومفعوله الثاني محذوف تقديره نفسك ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت. «أَنْظُرْ إِلَيْكَ» مضارع مجزوم جواب الطلب وفاعله مستتر
و متعلقان بالفعل قبلهما ، وجواب الطلب وفعله مقول القول. «قالَ» الجملة مستأنفة «لَنْ» حرف ناصب. «تَرانِي» مضارع منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، والجملة مقول القول ، «وَلكِنِ» حرف استدراك والواو عاطفة. «انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ» فعل أمر تعلق به الجار والمجرور فاعله أنت والجملة معطوفة. «فَإِنِ» إن شرطية جازمة والفاء عاطفة. «اسْتَقَرَّ» ماض في محل جزم فعل الشرط. «مَكانَهُ» ظرف مكان متعلق باستقر.
«فَسَوْفَ» حرف استقبال والفاء رابطة لجواب الشرط. «تَرانِي» مضارع مرفوع والجملة في محل جزم جواب الشرط. «فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ» الفاء عاطفة ، لما شرطية ، تجلى فعل ماض وفاعله ، والجملة في محل جر بالإضافة. «جَعَلَهُ دَكًّا» فعل ماض ومفعولاه والفاعل هو والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم. «وَخَرَّ مُوسى » فعل ماض وفاعل. «صَعِقاً» حال والجملة معطوفة. «فَلَمَّا أَفاقَ» الفاء استئنافية لما شرطية جازمة وماض وفاعله مستتر «قالَ» الجملة لا محل لها جواب لما. «سُبْحانَكَ» مفعول مطلق لفعل محذوف ، والكاف في محل جر بالإضافة. «تُبْتُ» فعل ماض وفاعله. «إِلَيْكَ» متعلقان بتبت. والجملة مقول القول. «وَأَنَا أَوَّلُ» مبتدأ وخبر والجملة معطوفة. «الْمُؤْمِنِينَ» مضاف إليه.
- English - Sahih International : And when Moses arrived at Our appointed time and his Lord spoke to him he said "My Lord show me [Yourself] that I may look at You" [Allah] said "You will not see Me but look at the mountain; if it should remain in place then you will see Me" But when his Lord appeared to the mountain He rendered it level and Moses fell unconscious And when he awoke he said "Exalted are You I have repented to You and I am the first of the believers"
- English - Tafheem -Maududi : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ(7:143) And when Moses came at Our appointment, and his Lord spoke to him, he said: 'O my Lord! Reveal Yourself to me, that I may look upon You!' He replied: 'Never can you see Me. However, behold this mount; if it remains firm in its place, only then you will be able to see Me.' And as soon as his Lord unveiled His glory to the mount, He crushed it into fine dust, and Moses fell down in a swoon. And when he recovered, he said: 'Glory be to You! To You I turn in repentance, and I am the foremost among those who believe.'
- Français - Hamidullah : Et lorsque Moïse vint à Notre rendez-vous et que son Seigneur lui eut parlé il dit O mon Seigneur montre Toi à moi pour que je Te voie Il dit Tu ne Me verras pas; mais regarde le Mont s'il tient en sa place alors tu Me verras Mais lorsque son Seigneur Se manifesta au Mont Il le pulvérisa et Moïse s'effondra foudroyé Lorsqu'il se fut remis il dit Gloire à Toi A Toi je me repens; et je suis le premier des croyants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Als nun Musa zu Unserer festgesetzten Zeit kam und sein Herr zu ihm sprach sagte er "Mein Herr zeige Dich mir daß ich Dich anschaue" Er sagte "Du wirst Mich nicht sehen Aber schau den Berg an Wenn er fest an seiner Stelle bleibt dann wirst du Mich sehen" Als nun sein Herr dem Berg offenbar erschien ließ Er ihn in sich zusammensinken und Musa fiel bewußtlos nieder' Als er dann wieder zu sich kam sagte er "Preis sei Dir Ich wende mich in Reue Dir zu und ich bin der erste der Gläubigen"
- Spanish - Cortes : Cuando Moisés acudió a Nuestro encuentro y su Señor le hubo hablado dijo ¡Señor ¡Muéstrate a mí que pueda mirarte Dijo ¡No Me verás ¡Mira en cambio la montaña Si continúa firme en su sitio entonces Me verás Pero cuando su Señor se manifestó a la montaña la pulverizó y Moisés cayó al suelo fulminando Cuando volvió en si dijo ¡Gloria a Ti Me arrepiento y soy el primero de los que creen
- Português - El Hayek : E quando Moisés chegou ao lugar que lhe foi designado o seu Senhor lhe falou orou assim ó Senhor meu permitemeque Te contemple Respondeulhe Nunca poderás verMe Porém olha o monte e se ele permanecer em seu lugar entãoMe verás Porém quando a majestade do seu Senhor resplandeceu sobre o Monte este se reduziu a pé e Moisés caiuesvanecido E quando voltou a si disse Glorificado sejas Volto a Ti contrito e sou o primeiro dos fiéis
- Россию - Кулиев : Когда же Муса Моисей пришел к назначенному Нами сроку и месту Господь его заговорил с ним Он сказал Господи Покажись мне чтобы я взглянул на Тебя Он сказал Ты не увидишь Меня но взгляни на гору Если она удержится на своем месте то ты увидишь Меня Когда же Господь его показался горе то разбил ее и превратил в песок а Муса Моисей упал без сознания Придя в себя он сказал Пречист Ты Я раскаиваюсь перед Тобой и я - первый из верующих
- Кулиев -ас-Саади : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
Когда же Муса (Моисей) пришел к назначенному Нами сроку и месту, Господь его заговорил с ним. Он сказал: «Господи! Покажись мне, чтобы я взглянул на Тебя». Он сказал: «Ты не увидишь Меня, но взгляни на гору. Если она удержится на своем месте, то ты увидишь Меня». Когда же Господь его показался горе, то разбил ее и превратил в песок, а Муса (Моисей) упал без сознания. Придя в себя, он сказал: «Пречист Ты! Я раскаиваюсь перед Тобой, и я - первый из верующих».Когда Муса явился к тому месту, где Аллах обещал ниспослать ему Писание, Всемогущий Господь заговорил с ним. Его божественная речь содержала откровения, повеления и запреты. Святой пророк страстно возжелал увидеть Аллаха. Движимый этим желанием, он попросил Его позволить ему взглянуть на Него. Тогда Аллах открыл ему, что в мирской жизни он не сможет увидеть Его. Всеблагой и Всевышний Господь создал творения в мирской жизни неспособными увидеть Его, однако это совершенно не означает того, что люди не смогут увидеть Его в Раю. Коранические тексты и хадисы Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, однозначно свидетельствуют о том, что обитатели Рая будут лицезреть своего Всеблагого и Всевышнего Господа. Они смогут наслаждаться возможностью взглянуть на Его благородный лик, потому что Он придаст им самое совершенное обличие, которое позволит им лицезреть Его. Именно поэтому в обсуждаемом нами аяте Аллах сказал, что Муса сможет увидеть Его, если гора устоит на своем месте после того, как Он покажется ей. Когда же Он показался ей, она рассыпалась, словно песчаный холм. Могучая гора испытала величественный трепет от лицезрения своего Господа, но была неспособна вынести подобное. Увидев это, Муса упал, потеряв сознание. Очнувшись, он понял, что если гора не смогла устоять на месте после лицезрения Аллаха, то он тем более не сможет пережить такое. Он попросил у Аллаха прощения за неуместную просьбу и сказал: «Господи! Ты далек от любых недостатков и превыше всего, что не подобает Твоему величию. Я раскаиваюсь в совершенных мною грехах и прошу прощения за то, что был недостаточно почтителен с Тобой. Я буду первым из тех, кто уверовал!» Он пожелал обновить свою веру после того, как Аллах открыл ему знание, которого у него не было прежде.
- Turkish - Diyanet Isleri : Musa tayin ettiğimiz vakitte gelip Rabbi onunla konuşunca Musa "Rabbim Bana Kendini göster Sana bakayım" dedi Allah "Sen Beni göremezsin ama dağa bak eğer o yerinde kalırsa sen de Beni göreceksin" buyurdu Rabbi dağa tecelli edince onu yerlebir etti ve Musa da baygın düştü; ayılınca "Yarabbi münezzehsin Sana tevbe ettim ben inananların ilkiyim" dedi
- Italiano - Piccardo : E quando Mosè venne al Nostro luogo di convegno e il suo Signore gli ebbe parlato disse “O Signor mio mostraTi a me affinché io Ti guardi” Rispose “No tu non Mi vedrai ma guarda il Monte; se rimane al suo posto tu Mi vedrai” Non appena il suo Signore si manifestò sul Monte esso divenne polvere e Mosè cadde folgorato Quando ritornò in sé disse “Gloria a Te Io mi pento e sono il primo dei credenti”
- كوردى - برهان محمد أمين : جا کاتێک موسا هات بۆ کات و شوێنی دیاریکراومان و پهروهردگاریشی گفتوگۆی ڕاستهوخۆی لهگهڵدا ئهنجامدا دیاره له حاڵهتێکی ڕۆحی و دهروونی زۆر بهرزدا بووه کهوتۆته جیهانێکی زۆر سهیرو خۆشهوه که قهڵهم ناتوانێت باسی بکات و زمان ناتوانێت وهسفی بکات ئاخر ناحهقی نیه پهروهردگاری ئهم بوونهوهره گفتوگۆ لهگهڵ بهندهیهکی خۆیدا ئهنجام بدات با پێغهمبهریش بێت بۆیه له خۆشیدا هاته گفت و وتی تو خوا خوایه گیان ئهی پهروهردگاری ئازیزم خۆتم نیشان بده تا تێر تهماشات بکهم خوای گهورهش فهرمووی ههرگیز له دنیادا نامبینیت بۆ دڵنیاکردنی لهوهی که بهرگهی تهجهلای زاتی پهروهردگار ناگرێت پێی فهرموو بهڵام ئهگهر ههر حهز دهکهیت سهیری ئهو چیایه بکه جا ئهگهر مایهوه له جێگهی خۆیدا ئهوا لهوهودوا تۆش من دهبینیت جا کاتێک پهروهردگاری خۆی نیشانی کێوهکهداو تهجهلای کرد کێوهکهی سووتاند و ورد و خاشی کرد موساش کهوت و له هۆش خۆی چوو ئینجا کاتێک هاتهوه هۆش خۆی زانی داخوازیهکهی زۆر گهوره بووه وتی ستایش و بێگهردی و کهماڵ ههر سایشتهی تۆیه من پهشیمانم له داخوازیهکهم و گهڕامهوه بۆ لای تۆ و من یهکهم کهسم له ئیمانداران
- اردو - جالندربرى : اور جب موسی ہمارے مقرر کیے ہوئے وقت پر کوہ طور پر پہنچے اور ان کے پروردگار نے ان سے کلام کیا تو کہنے لگے کہ اے پروردگار مجھے جلوہ دکھا کہ میں تیرا دیدار بھی دیکھوں۔ پروردگار نے کہا کہ تم مجھے ہرگز نہ دیکھ سکو گے۔ ہاں پہاڑ کی طرف دیکھتے رہو اگر یہ اپنی جگہ قائم رہا تو تم مجھے دیکھ سکو گے۔ جب ان کا پروردگار پہاڑ پر نمودار ہوا تو تجلی انوار ربانی نے اس کو ریزہ ریزہ کردیا اور موسی بےہوش ہو کر گر پڑے۔ جب ہوش میں ائے تو کہنے لگے کہ تیری ذات پاک ہے اور میں تیرے حضور توبہ کرتا ہوں اور جو ایمان لانے والے ہیں ان میں سب سے اول ہوں
- Bosanski - Korkut : I kad Nam Musa dođe u određeno vrijeme i kada mu Gospodar njegov progovori on reče "Gospodaru moj ukaži mi se da Te vidim" – "Ne možeš Me vidjeti" – reče – "ali pogledaj u ono brdo pa ako ono ostane na svome mjestu vidjećeš Me" I kad se Gospodar njegov onome brdu otkri On ga sa zemljom sravni a Musa se onesviješćen strovali Čim se osvijesti reče "Hvaljen neka si Kajem Ti se ja sam vjernik prvi"
- Swedish - Bernström : Och när Moses kom till det möte Vi hade utsatt och hans Herre talade till honom sade han "Herre visa Dig för mig så att jag får se Dig"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan tatkala Musa datang untuk munajat dengan Kami pada waktu yang telah Kami tentukan dan Tuhan telah berfirman langsung kepadanya berkatalah Musa "Ya Tuhanku nampakkanlah diri Engkau kepadaku agar aku dapat melihat kepada Engkau" Tuhan berfirman "Kamu sekalikali tidak sanggup melihatKu tapi lihatlah ke bukit itu maka jika ia tetap di tempatnya sebagai sediakala niscaya kamu dapat melihatKu" Tatkala Tuhannya menampakkan diri kepada gunung itu dijadikannya gunung itu hancur luluh dan Musa pun jatuh pingsan Maka setelah Musa sadar kembali dia berkata "Maha Suci Engkau aku bertaubat kepada Engkau dan aku orang yang pertamatama beriman"
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
(Dan tatkala Musa datang untuk munajat dengan Kami pada waktu yang telah Kami tentukan) waktu yang telah Kami janjikan kepadanya akan berbicara dengannya pada waktu itu (dan Tuhan telah berfirman kepadanya) tanpa perantara dengan pembicaraan yang dapat Musa dengar dari segala penjuru (berkatalah Musa, "Ya Tuhanku! Tampakkanlah kepadaku) diri Engkau (agar aku dapat melihat-Mu." Tuhan berfirman, "Kamu sekali-kali tidak sanggup melihat-Ku) artinya kamu tidak akan mampu melihat-Ku; bila hal itu diungkapkan bukan dengan memakai huruf lan, maka pengertiannya berarti melihat Tuhan itu mungkin dapat dilakukan (tetapi lihatlah kepada bukit itu) yang bangunannya lebih kuat daripada dirimu (maka jika ia tetap) tegak seperti sediakala (pada tempatnya, niscaya kamu dapat melihat-Ku") engkau dapat melihat-Ku dan jika tidak, maka niscaya kamu tidak akan kuat (Tatkala Tuhannya tampak) yakni sebagian dari nur-Nya yang hanya sebesar setengah jari manis, demikianlah menurut penjelasan dari hadis yang telah diriwayatkan oleh Al-Hakim (bagi gunung itu, kejadian itu menjadikan gunung itu hancur luluh) dengan dibaca qashr atau pendek dan panjang, yakni gunung itu menjadi lebur rata dengan tanah (dan Musa jatuh pingsan) tak sadarkan diri karena sangat terkejut melihat apa yang ia saksikan (Maka setelah Musa sadar kembali, dia berkata, "Maha Suci Engkau) dengan memahasucikan Engkau (aku bertobat kepada Engkau) dari permintaan yang aku tidak diperintahkan mengemukakannya (dan aku orang yang pertama-tama beriman") pada zamanku ini.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তারপর মূসা যখন আমার প্রতিশ্রুত সময় অনুযায়ী এসে হাযির হলেন এবং তাঁর সাথে তার পরওয়ারদেগার কথা বললেন তখন তিনি বললেন হে আমার প্রভু তোমার দীদার আমাকে দাও যেন আমি তোমাকে দেখতে পাই। তিনি বললেন তুমি আমাকে কস্মিনকালেও দেখতে পাবে না তবে তুমি পাহাড়ের দিকে দেখতে থাক সেটি যদি স্বস্থানে দঁড়িয়ে থাকে তবে তুমিও আমাকে দেখতে পাবে। তারপর যখন তার পরওয়ারদগার পাহাড়ের উপর আপন জ্যোতির বিকিরণ ঘটালেন সেটিকে বিধ্বস্ত করে দিলেন এবং মূসা অজ্ঞান হয়ে পড়ে গেলেন। অতঃপর যখন তাঁর জ্ঞান ফিরে এল; বললেন হে প্রভু তোমার সত্তা পবিত্র তোমার দরবারে আমি তওবা করছি এবং আমিই সর্বপ্রথম বিশ্বাস স্থাপন করছি।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நாம் குறித்த காலத்தில் குறிப்பிட்ட இடத்தில் மூஸா வந்த போது அவருடைய இறைவன் அவருடன் பேசினான்; அப்போது மூஸா "என் இறைவனே நான் உன்னைப் பார்க்க வேண்டும்; எனக்கு உன்னைக் காண்பிப்பாயாக என்று வேண்டினார் அதற்கு அவன் "மூஸாவே நீர் என்னை ஒருக்காலும் பார்க்க முடியாது எனினும் நீர் இந்த மலையைப் பார்த்துக் கொண்டிரும் அது தன் இடத்தில் நிலைத்திருந்தால் அப்போது நீர் என்னைப் பார்ப்பீர்" என்று கூறினான் ஆகவே அவருடைய இறைவன் அம்மலை மீது தன்னுடைய பேரொளியைத் தோற்றுவித்த போது அவன் அம்மலையை நொறுக்கித் தூளாக்கி விட்டான்; அப்போது மூஸா மூர்ச்சையாகிக் கீழே விழுந்து விட்டார் அவர் தெளிவடைந்ததும் "இறைவா நீ மிகவும் பரிசத்தமானவன்; நான் உன்னிடம் மன்னிப்பு கோருகிறேன் ஈமான் கொண்டவர்களில் நான் முதன்மையானவனாக இருக்கிறேன்" என்று கூறினார்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “และเมื่อมูซาได้มาตามกำหนดเวลาของเรา และพระเจ้าของเขาได้ตรัสแก่เขา เขา ได้กล่าวขึ้นว่า โอ้พระเจ้าของข้าพระองค์ โปรดให้ข้าพระองค์เห็นด้วยเถิด โดยที่ข้าพระองค์จะได้มองดูพระองค์ พระองค์ตรัสว่า เจ้าจะเห็นข้าไม่ได้เป็นอันขาด แต่ทว่าเจ้าจงมองดูภูเขา นั้นเถิด ถ้าหากมันมั่นอยู่ ณ ที่ของมัน เจ้าก็จะเห็นข้า ครั้นเมื่อพระเจ้าของเขาได้ประจักษ์ที่ภูเขานั้น ก็ทำให้มันทลายตัวลงอย่างราบเรียบ และมูซาก็ล้มลงในสภาพหมดสติ ครั้นเมื่อเขาฟื้นขึ้น เขาก็กล่าวว่ามหาบริสุทธิ์พระองค์ท่าน ข้าพระองค์ขอลุแก่โทษต่อพระองค์ และข้าพระองค์นั้นคือคนแรกในหมู่ผู้ศรัทธาทั้งหลาย”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Мусо мийқотимизга келиб Робби унга гапирганида У Роббим менга жамолингни кўрсатгин сенга назар солай деди У зот Мени ҳеч кўра олмассан Лекин тоққа назар сол агар у маконида собит тура олса бас Мени кўрасан деди Робби тоққа тажаллий қилганида уни титилган ҳолга келтирди ва Мусо ҳушидан кетиб йиқилди Ҳушига келгач Сен поксан Сенга тавба қилдим Мен мўминларнинг аввалгисиман деди Башар фарзанди тарихидаги тенги ва ўхшаши йўқ ҳодиса Робб ила банданинг учрашуви Бутун оламларни яратган Зот билан ўша оламларнинг кичик бир заррасининг юзлашуви Бу учрашув тафсилотини ва қандай ҳолда рўй берганини Аллоҳнинг Ўзи билади Биз эса Қуръонда зикр этилгани билан кифояланамиз холос Эҳтимол ушбу учрашув келажакдаги машаққатларни енгиб ўтиш учун Мусога а с қувват ва сабот манбаи бўлар Эҳтимол шунинг учун учрашувдан бурун қирқ кун ҳамма нарсани тарк этиб чилла ўтириб алоҳида ҳозирлик кўрилгандир Вақтисоати етиб учрашув ўз вақтида белгиланган жойда содир бўлди Бу учрашув араб лафзида мийқот яъни исми замон ва исми макон бўлиб ва учрашув вақти ва замони маъносини билдиради
- 中国语文 - Ma Jian : 当穆萨为了我的会期而来,而且他的主对他说了话的时候,他说:我的主啊!求你昭示我,以便我看见你。主说:你不能看见我,但你看那座山吧。如果它能在它的本位上坚定,那末,你就能看见我。当他的主对那座山微露光华的时候,他使那座山变成粉碎的。穆萨晕倒在地上。当他苏醒的时候,他说:我赞颂你超绝万物,我向你悔罪,我是首先信道的。
- Melayu - Basmeih : Dan ketika Nabi Musa datang pada waktu yang Kami telah tentukan itu dan Tuhannya berkatakata dengannya maka Nabi Musa merayu dengan berkata "Wahai Tuhanku Perlihatkanlah kepadaku ZatMu Yang Maha Suci supaya aku dapat melihatMu" Allah berfirman "Engkau tidak sekalikali akan sanggup melihatKu tetapi pandanglah ke gunung itu maka kalau ia tetap berada di tempatnya nescaya engkau akan dapat melihatKu" Setelah Tuhannya "Tajalla" menzahirkan kebesaranNya kepada gunung itu maka "TajalliNya" menjadikan gunung itu hancur lebur dan Nabi Musa pun jatuh pengsan Setelah ia sedar semula berkatalah ia "Maha Suci Engkau wahai Tuhanku aku bertaubat kepadaMu dan akulah orang yang awal pertama beriman pada zamanku
- Somali - Abduh : Markuu u Yimid Nabi Muuse Ballankanagii oo la hadlay Eebihiis wuxuu yidhi Eebow i tus aan ku arkee wuxuuna yidhi Eebe ima arkaysid ee day Buurta Hadday Meejeeda ku sugnaato markaasaad i arki markuu Eebc u Daahiray Buurtii wuxuu ka yeelay Burbur waxaana dhacay Nabi Muuse suuxdin Darteed markuu miyirsadayna wuxuu Yidhi Eebow adaa Nasahan waan kuu Toobad keenay waxaan ahay Mu'minunta kan ugu horreeya Waqtigan inaan Adduunka lagugu arkayn
- Hausa - Gumi : Kuma a lõkacin da Mũsã ya jẽ ga mĩkatinMu kuma Ubangijinsa Ya yi masa magana shi Mũsã ya ce "Yã Ubangijina Ka nũna mini in yi dũbi zuwa gare Ka" Ya ce "Bã zã ka gan Ni ba kuma amma ka dũba zuwa ga dũtse to idan ya tabbata a wurinsa to zã ka gan Ni" Sa'an nan a lõkacin da Ubangijinsa Ya kuranye zuwa ga dũtsen Ya sanyã shi niƙaƙƙe Kuma Mũsã ya fãɗi sõmamme To a lõkacin da ya farka ya ce "TsarkinKa ya tabbata Nã tũba zuwa gare Ka kuma ni ne farkon mũminai"
- Swahili - Al-Barwani : Na alipo kuja Musa kwenye miadi yetu na Mola wake Mlezi akamsemeza alisema Mola wangu Mlezi Nionyeshe nikutazame Mwenyezi Mungu akasema Hutoniona Lakini utazame huo mlima Ukibaki pahala pake basi utaniona Basi alipo jionyesha Mola Mlezi wake kwa mlima aliufanya uvurugike na Musa akaanguka chini amezimia Alipo zindukana alisema Subhanaka Umetakasika Natubu kwako na mimi ni wa kwanza wa Waumini
- Shqiptar - Efendi Nahi : Kur Musai erdhi në kohën e caktuar Tonën dhe Zoti foli me të Musai tha “O Zoti im diftomu që të të shoh Ty” Zoti tha “Ti nuk mund të më shohësh por shiko në atë mal e nëse qetësohet në vend të vet ti do të më shohësh” E kur erdhi në shprehje fuqia e Zotit të tij – në mal e dërmoi atë në copa e Musait i ra të fikët i pakur E kur erdhi në vete tha “Qofsh i lavdëruar Ti kthehem te Ti dhe unë jam i pari i besimtarëve”
- فارسى - آیتی : چون موسى به ميعادگاه ما آمد و پروردگارش با او سخن گفت، گفت: اى پروردگار من، بنماى، تا در تو نظر كنم. گفت: هرگز مرا نخواهى ديد. به آن كوه بنگر، اگر بر جاى خود قرار يافت، تو نيز مرا خواهى ديد. چون پروردگارش بر كوه تجلى كرد، كوه را خرد كرد و موسى بيهوش بيفتاد. چون به هوش آمد گفت: تو منزهى، به تو بازگشتم و من نخستين مؤمنانم.
- tajeki - Оятӣ : Чун Мӯсо ба миъодгоҳи (ваъдагоҳи) мо омад ва Парвардигораш бо ӯ сухан гуфт, гуфт: Эй Парвардигори ман, бинамой, то дар ту назар кунам». Гуфт: Ҳаргиз Маро нахоҳӣ дид. Ба он кӯҳ бингар. Агар бар ҷои худ қарор ёфт, ту низ Маро хоҳӣ дид». Чун Парвардигорзш бао кӯҳ таҷаллӣ кард, кӯҳро ба замин яксон кард ва Мӯсо беҳуш бияфтод. Чун ба хуш омад, гуфт: «Ту покӣ, ба Ту бозгаштам ва ман гахустини мӯъминонам».
- Uyghur - محمد صالح : مۇسا بىز ۋەدە قىلغان ۋاقىتتا كەلگەن ۋە پەرۋەردىگارى ئۇنىڭغا (بىۋاسىتە) سۆ قىلغان چاغدا: «پەرۋەردىگارىم! ماڭا ئۆزۈڭنى كۆرسەتكىن، سېنى بىر كۆرۈپ ئالاي» دېدى. اﷲ: «مېنى (بۇ دۇنيادا) ھەرگىز كۆرەلمەيسەن (چۈنكى ئىنساننىڭ بۇ ئاجىز تېنى بۇنىڭغا تاقەت قىلالمايدۇ). لېكىن تاغقا قارىغىن، ئەگەر تاغ ئورنىدا مەھكەم تۇرالىسا، مېنى كۆرەلەيسەن» دېدى. پەرۋەردىگارى تاغقا تەجەللى قىلىش بىلەن، تاغنى تۈپتۈز قىلىۋەتتى، مۇسا بىھوش بولۇپ يىقىلدى. ئۇ ھوشىغا كېلىپ: «(پەرۋەرىگارىم!) سەن پاكتۇرسەن، ساڭا تەۋبە قىلدىم، مەن (سېنىڭ ئۇلۇغلۇقۇڭغا) ئىشەنگۈچىلەرنىڭ ئەۋۋىلىمەن» دېدى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നാം നിശ്ചയിച്ച സമയത്ത് മൂസാ വന്നു. തന്റെ നാഥന് അദ്ദേഹത്തോട് സംസാരിച്ചു. അപ്പോള് മൂസാ പറഞ്ഞു: "എന്റെ നാഥാ, നിന്നെ എനിക്കൊന്നു കാണിച്ചുതരൂ! ഞാന് നിന്നെയൊന്നു നോക്കിക്കാണട്ടെ.” അല്ലാഹു പറഞ്ഞു: "നിനക്ക് എന്നെ കാണാനാവില്ല. എന്നാലും നീ ആ മലയിലേക്ക് നോക്കുക. അത് സ്വസ്ഥാനത്ത് ഉറച്ചുനിന്നാല് നീയെന്നെ കാണും.” അങ്ങനെ അദ്ദേഹത്തിന്റെ നാഥന് പര്വതത്തിന് പ്രത്യക്ഷമായപ്പോള് അവനതിനെ പൊടിയാക്കി. മൂസാ ബോധംകെട്ടു വീഴുകയും ചെയ്തു. പിന്നീട് ബോധമുണര്ന്നപ്പോള് അദ്ദേഹം പറഞ്ഞു: "നീയെത്ര പരിശുദ്ധന്. ഞാനിതാ നിന്നിലേക്ക് പശ്ചാത്തപിച്ചു മടങ്ങുന്നു. ഞാന് സത്യവിശ്വാസികളില് ഒന്നാമനാകുന്നു.”
- عربى - التفسير الميسر : ولما جاء موسى في الوقت المحدد وهو تمام اربعين ليله وكلمه ربه بما كلمه من وحيه وامره ونهيه طمع في رويه الله فطلب النظر اليه قال الله له لن تراني اي لن تقدر على رويتي في الدنيا ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه اذا تجليت له فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا مستويا بالارض وسقط موسى مغشيا عليه فلما افاق من غشيته قال تنزيها لك يا رب عما لا يليق بجلالك اني تبت اليك من مسالتي اياك الرويه في هذه الحياه الدنيا وانا اول المومنين بك من قومي