- عربي - نصوص الآيات عثماني : ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلْأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُۥ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَىٰهُمْ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلْأَغْلَٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ ۙ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
- عربى - نصوص الآيات : الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ۚ فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ۙ أولئك هم المفلحون
- عربى - التفسير الميسر : هذه الرحمة سأكتبها للذين يخافون الله ويجتنبون معاصيه، ويتبعون الرسول النبي الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يجدون صفته وأمره مكتوبَيْن عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالتوحيد والطاعة وكل ما عرف حُسْنه، وينهاهم عن الشرك والمعصية وكل ما عرف قُبْحه، ويُحِلُّ لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والمناكح، ويُحرِّم عليهم الخبائث منها كلحم الخنزير، وما كانوا يستحلُّونه من المطاعم والمشارب التي حرَّمها الله، ويذهب عنهم ما كُلِّفوه من الأمور الشاقة كقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب، وإحراق الغنائم، والقصاص حتمًا من القاتل عمدًا كان القتل أم خطأ، فالذين صدَّقوا بالنبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم وأقروا بنبوته، ووقروه وعظَّموه ونصروه، واتبعوا القرآن المنزل عليه، وعملوا بسنته، أولئك هم الفائزون بما وعد الله به عباده المؤمنين.
- السعدى : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ احتراز عن سائر الأنبياء، فإن المقصود بهذا محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم. والسياق في أحوال بني إسرائيل وأن الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم شرط في دخولهم في الإيمان، وأن المؤمنين به المتبعين، هم أهل الرحمة المطلقة، التي كتبها اللّه لهم، ووصفه بالأمي لأنه من العرب الأمة الأمية، التي لا تقرأ ولا تكتب، وليس عندها قبل القرآن كتاب. الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ باسمه وصفته، التي من أعظمها وأجلها، ما يدعو إليه، وينهى عنه. وأنه يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وهو كل ما عرف حسنه وصلاحه ونفعه. وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو: كل ما عرف قبحه في العقول والفطر. فيأمرهم بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والإحسان إلى الجار والمملوك، وبذل النفع لسائر الخلق، والصدق، والعفاف، والبر، والنصيحة، وما أشبه ذلك، وينهى عن الشرك باللّه، وقتل النفوس بغير حق، والزنا، وشرب ما يسكر العقل، والظلم لسائر الخلق، والكذب، والفجور، ونحو ذلك. فأعظم دليل يدل على أنه رسول اللّه، ما دعا إليه وأمر به، ونهى عنه، وأحله وحرمه، فإنه يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ من المطاعم والمشارب، والمناكح. وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ من المطاعم والمشارب والمناكح، والأقوال والأفعال. وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ أي: ومن وصفه أن دينه سهل سمح ميسر، لا إصر فيه، ولا أغلال، ولا مشقات ولا تكاليف ثقال. فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ أي: عظموه وبجلوه وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنـزلَ مَعَهُ وهو القرآن، الذي يستضاء به في ظلمات الشك والجهالات، ويقتدى به إذا تعارضت المقالات، أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الظافرون بخير الدنيا والآخرة، والناجون من شرهما، لأنهم أتوا بأكبر أسباب الفلاح. وأما من لم يؤمن بهذا النبي الأمي، ويعزره، وينصره، ولم يتبع النور الذي أنـزل معه، فأولئك هم الخاسرون.
- الوسيط لطنطاوي : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
قوله- تعالى- الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ في محل جر على أنه نعت لقوله:
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أو بدل منه. أو مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف. أى: هم الذين يتبعون ... إلخ.
وقد وصف الله- تعالى- رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم بأوصاف كريمة تدعو العاقل المنصف إلى اتباعه والإيمان به.
الوصف الأول: أنه رسول الله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا.
الوصف الثاني: أنه نبي أوحى الله إليه بشريعة عامة كاملة باقية إلى يوم الدين.
الوصف الثالث: أنه أمى ما قرأ ولا كتب ولا جلس إلى معلم ولا أخذ علمه عن أحد ولكن الله- تعالى- أوحى إليه بالقرآن الكريم عن طريق جبريل- عليه السلام-، وأفاض عليه من لدنه علوما نافعة ومبادئ توضح ما أنزله عليه من القرآن الكريم، فسبق بذلك الفلاسفة والمشرعين والمؤرخين وأرباب العلوم الكونية والطبيعية، فأميته مع هذه العلوم التي يصلح عليها أمر الدنيا والآخرة، أوضح دليل على أن ما يقوله إنما هو بوحي من الله إليه.
قال تعالى: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا .
وقال- سبحانه- وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ .
الصفة الرابعة: أشار إليها بقوله الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ أى هذا الرسول النبي الأمى من صفاته أن أهل الكتاب يجدون اسمه ونعته مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، ووجود اسمه ونعته في كتبهم من أكبر الدواعي إلى الإيمان به وتصديقه واتباعه ولقد كان اليهود يبشرون ببعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل زمانه ويقرءون في كتبهم ما يدل على ذلك، فلما بعث الله- تعالى- نبيه بالهدى ودين الحق آمن منهم الذين فتحوا قلوبهم للحق، وخافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى، وأما الذين استنكفوا واستكبروا، وحسدوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم على ما آتاه الله من فضله فقد أخذوا يحذفون من كتبهم ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها، «أو يؤولونه تأويلا فاسدا أو يكتمونه عن عامتهم.
ورغم حرصهم على حذف ما جاء عن الرسول في كتبهم أو تأويلهم السقيم له، أو كتمانه عن الأميين منهم. أبى الله- تعالى- إلا أن يتم نوره، إذ بقي في التوراة والإنجيل ما بشر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وصرح بنعوته وصفاته، بل وباسمه صريحا.
وقد تحدث العلماء الإثبات عن بشارات الأنبياء بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وجمعوا عشرات النصوص التي ذكرت نعوته وصفاته، وها نحن نذكر طرفا مما قاله العلماء في هذا الشأن.
قال الإمام الماوردي في (أعلام النبوة) : (وقد تقدمت بشائر من سلف من الأنبياء، بنبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم مما هو حجة على أممهم، ومعجزة تدل على صدقه عند غيرهم، بما أطلعه الله- تعالى- على غيبه، ليكون عونا للرسل، وحثا على القبول، فمنهم من عينه باسمه، ومنهم من ذكره بصفته ومنهم من عزاه إلى قومه، ومنهم من أضافه إلى بلده، ومنهم من خصه بأفعاله، ومنهم من ميزه بظهوره وانتشاره، وقد حقق الله- تعالى- هذه الصفات جميعها فيه، حتى صار جليا بعد الاحتمال، ويقينا بعد الارتياب) .
وجاء في (منية الأذكياء في قصص الأنبياء) : (إن نبينا- عليه الصلاة والسلام- قد بشر به الأنبياء السابقون، وشهدوا بصدق نبوته، ووصفوه وصفا رفع كل احتمال، حيث صرحوا باسمه وبلده وجنسه وحليته وأطواره وسمته، ومع أن أهل الكتاب حذفوا اسمه من نسخهم الأخيرة إلا أن ذلك لم يجدهم نفعا، لبقاء الصفات التي اتفق عليها المؤرخون من كل جنس وملة وهي أظهر دلالة من الاسم على المسمى، إذ قد يشترك اثنان في اسم، ويمتنع اشتراك اثنين في جميع الأوصاف. لكن من أمد غير بعيد قد شرعوا في تحريف بعض الصفات ليبعد صدقها على النبي صلّى الله عليه وسلّم فترى كل نسخة متأخرة تختلف عما قبلها في بعض المواضع اختلافا لا يخفى على اللبيب أمره، ولا ما قصد به. ولم يفدهم ذلك غير تقوية الشبهة عليهم. لانتشار النسخ بالطبع وتيسير المقابلة بينها» .
وقال المرحوم الشيخ (رحمة الله الهندي)
في كتابه (إظهار الحق) (إن الأخبار الواقعة في حق محمد صلّى الله عليه وسلّم توجد كثيرة إلى الآن- أيضا- مع وقوع التحريفات في هذه الكتب. ومن عرف أولا طريق أخبار النبي المتقدم عن النبي المتأخر. ثم نظر ثانيا بنظر الإنصاف إلى هذه الاخبارات وقابلها بالأخبارات التي نقلها الانجيليون في حق عيسى- عليه السلام- جزم بأن الاخبارات المحمدية في غاية القوة) «3» .وقد جمع صاحب كتاب (إظهار الحق) وغيره من العلماء والمؤرخين كثيرا من البشائر التي وردت في التوراة والإنجيل خاصة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ومبينة نعوته وصفاته.
ومن أجمع ما جاء في التوراة خاصا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضى الله عنهما- قال: (قرأت في التوراة صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم (محمد رسول الله: عبدى ورسولي، سميته المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة، بل يعفو ويصفح، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله) .
كذلك مما يشهد بوجود النبي صلّى الله عليه وسلّم في التوراة، ما أخرجه الإمام أحمد عن أبى صخر العقيلي قال: (حدثني رجل من الأعراب فقال: جلبت حلوبة . إلى المدينة في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم فلما فرغت من بيعي قلت لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه، قال: فتلقاني بين أبى بكر وعمر يمشيان، فتبعتهم حتى إذا أتوا على رجل من اليهود وقد نشر التوراة يقرؤها يعزى بها نفسه عن ابن له في الموت كأجمل الفتيان وأحسنها، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنشدك بالذي أنزل التوراة هل تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي) فقال برأسه هكذا، أى: لا، فقال ابنه: أى والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وإنى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم «أقيموا اليهودي عن أخيكم» ثم تولى كفنه والصلاة عليه.
هذا، ومن أراد مزيد معرفة بتلك المسألة فليراجع ما كتبه العلماء في ذلك .
ثم وصف الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم بصفة خامسة فقال تعالى: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ أى هذا الرسول النبي الأمى الذي يجده أهل الكتاب مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل من صفاته كذلك أنه يأمرهم بالمعروف الذي يتناول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر كما يتناول مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وغير ذلك من الأمور التي جاء بها الشرع الحنيف. وارتاحت لها العقول السليمة، والقلوب الطاهرة وينهاهم عن المنكر الذي يتناول الكفر والمعاصي ومساوئ الأخلاق.
ثم وصف الله- تعالى- رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم بصفة سادسة فقال تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ أى: يحل لهم ما حرمه الله عليهم من الطيبات كالشحوم وغيرها بسبب ظلمهم وفسوقهم عقوبة لهم، ويحل لهم كذلك ما كانوا قد حرموه على أنفسهم دون أن يأذن به الله كلحوم الإبل وألبانها، ويحرم عليهم ما هو خبيث كالدم ولحم الميتة والخنزير في المأكولات، وكأخذ الربا وأكل أموال الناس بالباطل في المعاملات وفي ذلك سعادتهم وفلاحهم.
ثم وصف الله تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم بصفة سابعة فقال تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ.
الإصر: الثقل الذي يأصر صاحبه. أى بحبسه عن الحركة لثقله، ويطلق على العهد كما في قوله تعالى: قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي أى عهدي.
قال القرطبي: «وقد جمعت هذه الآية المعنيين، فإن بنى إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال فوضع عنهم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ذلك العهد وثقل تلك الأعمال، كغسل البول، وتحليل الغنائم، ومجالسة الحائض، ومؤاكلتها ومضاجعتها. فإنهم كانوا إذا أصاب ثوب أحدهم بول قرضه. وإذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السماء فأكلتها وإذا حاضت المرأة لم يقربوها. إلى غير ذلك مما ثبت في الصحيح وغيره» .
والأغلال: جمع غل. وهو ما يوضع في العنق أو اليد من الحديد. والتعبير بوضع الإصر والأغلال عنهم استعارة لما كان في شرائعهم من الأشياء الشاقة والتكاليف الشديدة كاشتراط قتل النفس لصحة التوبة. فقد شبه- سبحانه- ما أخذ به بنو إسرائيل من الشدة في العبادات والمعاملات والمأكولات جزاء ظلمهم بحال من يحمل أثقالا يئن من حملها وهو فوق ذلك مقيد بالسلاسل والأغلال في عنقه ويديه ورجليه.
والمعنى: إن من صفات هذا الرسول النبي الأمى أنه جاءهم ليرفع عنهم ما ثقل عليهم من تكاليف كلفهم الله بها بسبب ظلمهم. لأنه- عليه الصلاة والسلام جاء بالتبشير والتخفيف.
وبعث بالحنيفية السمحة. ومن وصاياه صلّى الله عليه وسلّم: «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا» .
قال الإمام ابن كثير: «وقد كانت الأمم التي قبلنا في شرائعهم ضيق عليهم. فوسع الله على هذه الأمة أمورها. وسهلها لهم. ولهذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إن الله تجاوز لأمتى ما حدثت به أنفسهم ما لم تقل أو تعمل» . وقال: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» ولهذا قال: أرشد الله هذه الأمة أن يقولوا: رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ. وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.
وثبت في صحيح مسلم أن الله تعالى قال بعد كل سؤال من هذه: قد فعلت قد فعلت» .
إذا، فمن الواجب على بنى إسرائيل أن يتبعوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم الذي هذه صفاته، والذي في اتباعه سعادتهم في دنياهم وآخرتهم، ولهذا ختم الله- تعالى- الآية الكريمة ببيان حالة المصدقين لنبيه فقال تعالى:
فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ، وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
أى: فالذين آمنوا بهذا الرسول النبي الأمى من بنى إسرائيل وغيرهم وعزروه، بأن منعوه وحموه من كل من يعاديه، مع التعظيم والتوقير له ونصروه بكل وسائل النصر وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ وهو القرآن والوحى الذي جاء به ودعا إليه الناس، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أى الفائزون الظافرون برحمة الله ورضوانه.
وبذلك تكون الآية الكريمة قد وصفت النبي صلّى الله عليه وسلّم بأحسن الصفات وأكرم المناقب، وأقامت الحجة على أهل الكتاب بما يجدونه في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم بأنه ما جاء إلا لهدايتهم وسعادتهم، وأنهم إن آمنوا به وصدقوه، كانوا من الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ.
- البغوى : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ) الآية . قال نوف البكالي الحميري : لما اختار موسى قومه سبعين رجلا قال الله تعالى لموسى : أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا ، تصلون حيث أدركتكم الصلاة إلا عند مرحاض أو حمام أو قبر ، وأجعل السكينة في قلوبكم ، وأجعلكم تقرأون التوراة عن ظهر قلوبكم ، يقرؤها الرجل والمرأة ، والحر والعبد ، والصغير والكبير ، فقال ذلك موسى لقومه ، فقالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس ، ولا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا ، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهور قلوبنا ، ولا نريد أن نقرأها إلا نظرا ، فقال الله تعالى : " فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة " إلى قوله : " أولئك هم المفلحون " ، فجعلها الله لهذه الأمة . فقال موسى عليه السلام : يا رب اجعلني نبيهم ، فقال : نبيهم منهم ، قال : رب اجعلني منهم فقال : إنك لن تدركهم ، فقال موسى عليه السلام : يا رب إني أتيتك بوفد بني إسرائيل فجعلت وفادتنا لغيرنا ، فأنزل الله تعالى : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) الأعراف - 159 ، فرضي موسى .
قوله تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ) وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - . قال ابن عباس رضي الله عنهما هو نبيكم كان أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " وهو منسوب إلى الأم ، أي هو على ما ولدته أمه . وقيل هو منسوب إلى أمته ، أصله أمتي فسقطت التاء في النسبة كما سقطت في المكي والمدني وقيل : هو منسوب إلى أم القرى وهي مكة .
( الذي يجدونه ) أي : يجدون صفته ونعته ونبوته ، ( مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل )
أخبرنا عبد الواحد المليحي أن أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن سنان حدثنا فليح حدثنا هلال عن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة : قال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن ، يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا " .
تابعه عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن هلال عن عطاء عن ابن سلام أخبرنا الإمام الحسين بن محمد القاضي أنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن هارون الطيسفوني أنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام أنا أبو الحسن أحمد بن سيار القرشي حدثنا عبد الله بن عثمان عن أبي حمزة عن الأعمش عن أبي صالح عن عبد الله بن ضمرة عن كعب - رضي الله عنه - قال : إني أجد في التوراة مكتوبا محمد رسول الله لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ، أمته الحمادون يحمدون الله في كل منزلة ويكبرونه على كل نجد ، يأتزرون على أنصافهم ويوضئون أطرافهم ، صفهم في الصلاة وصفهم في القتال سواء ، مناديهم ينادي في جو السماء ، لهم في جوف الليل دوي كدوي النحل ، مولده بمكة ومهاجره بطابة وملكه بالشام .
قوله تعالى : ( يأمرهم بالمعروف ) أي : بالإيمان ، ( وينهاهم عن المنكر ) أي : عن الشرك ، وقيل : المعروف : الشريعة والسنة ، والمنكر : ما لا يعرف في شريعة ولا سنة . وقال عطاء : يأمرهم بالمعروف : بخلع الأنداد ، ومكارم الأخلاق ، وصلة الأرحام ، وينهاهم عن المنكر : عن عبادة الأوثان وقطع الأرحام . ( ويحل لهم الطيبات ) يعني : ما كانوا يحرمونه في الجاهلية من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ( ويحرم عليهم الخبائث ) يعني : الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، والزنا وغيرها من المحرمات . ( ويضع عنهم إصرهم ) قرأ ابن عامر "
آصارهم " بالجمع . والإصر : كل ما يثقل على الإنسان من قول أو فعل .قال ابن عباس والحسن والضحاك والسدي ومجاهد : يعني العهد الثقيل كان أخذ على بني إسرائيل بالعمل بما في التوراة .
وقال قتادة : يعني التشديد الذي كان عليهم في الدين ، ( والأغلال ) يعني : الأثقال ( التي كانت عليهم ) وذلك مثل : قتل الأنفس في التوبة ، وقطع الأعضاء الخاطئة ، وقرض النجاسة عن الثوب بالمقراض ، وتعيين القصاص في القتل وتحريم أخذ الدية ، وترك العمل في السبت ، وأن صلاتهم لا تجوز إلا في الكنائس ، وغير ذلك من الشدائد . وشبهت بالأغلال التي تجمع اليد إلى العنق . ( فالذين آمنوا به ) أي : بمحمد - صلى الله عليه وسلم - . ( وعزروه ) وقروه ، ( ونصروه ) على الأعداء ( واتبعوا النور الذي أنزل معه ) يعني : القرآن ( أولئك هم المفلحون )
- ابن كثير : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) وهذه صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء بشروا أممهم ببعثه وأمروهم بمتابعته ، ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم كما قال الإمام أحمد :
حدثنا إسماعيل ، عن الجريري ، عن أبي صخر العقيلي ، حدثني رجل من الأعراب ، قال : جلبت جلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغت من بيعتي قلت : لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه ، قال : فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشون ، فتبعتهم في أقفائهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشرا التوراة يقرؤها ، يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت كأحسن الفتيان وأجمله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنشدك بالذي أنزل التوراة ، هل تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي ؟ " فقال برأسه هكذا ، أي : لا . فقال ابنه ، إي : والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله فقال : " أقيموا اليهودي عن أخيكم " . ثم ولي كفنه والصلاة عليه
هذا حديث جيد قوي له شاهد في الصحيح ، عن أنس .
وقال الحاكم صاحب المستدرك : أخبرنا أبو محمد - عبد الله بن إسحاق البغوي ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي حدثنا عبد العزيز بن مسلم بن إدريس ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي أمامة الباهلي ، عن هشام بن العاص الأموي قال : بعثت أنا ورجل آخر إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الإسلام ، فخرجنا حتى قدمنا الغوطة - يعني غوطة دمشق - فنزلنا على جبلة بن الأيهم الغساني ، فدخلنا عليه ، فإذا هو على سرير له ، فأرسل إلينا برسوله نكلمه ، فقلنا : والله لا نكلم رسولا إنما بعثنا إلى الملك ، فإن أذن لنا كلمناه وإلا لم نكلم الرسول فرجع إليه الرسول فأخبره بذلك ، قال : فأذن لنا فقال : تكلموا فكلمه هشام بن العاص ، ودعاه إلى الإسلام ، فإذا عليه ثياب سواد فقال له هشام : وما هذه التي عليك ؟ فقال : لبستها وحلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام . قلنا : ومجلسك هذا ، والله لنأخذنه منك ، ولنأخذن ملك الملك الأعظم ، إن شاء الله ، أخبرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم . قال : لستم بهم ، بل هم قوم يصومون بالنهار ، ويقومون بالليل ، فكيف صومكم ؟ فأخبرناه ، فملئ وجهه سوادا فقال : قوموا . وبعث معنا رسولا إلى الملك ، فخرجنا ، حتى إذا كنا قريبا من المدينة ، قال لنا الذي معنا : إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك ، فإن شئتم حملناكم على براذين وبغال ؟ قلنا : والله لا ندخل إلا عليها ، فأرسلوا إلى الملك أنهم يأبون ذلك . فدخلنا على رواحلنا متقلدين سيوفنا ، حتى انتهينا إلى غرفة فأنخنا في أصلها وهو ينظر إلينا ، فقلنا : لا إله إلا الله ، والله أكبر فالله يعلم لقد تنفضت الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفقه الرياح ، فأرسل إلينا : ليس لكم أن تجهروا علينا بدينكم . وأرسل إلينا : أن ادخلوا فدخلنا عليه وهو على فراش له ، وعنده بطارقته من الروم ، وكل شيء في مجلسه أحمر ، وما حوله حمرة ، وعليه ثياب من الحمرة ، فدنونا منه فضحك ، فقال : ما كان عليكم لو حييتموني بتحيتكم فيما بينكم ؟ وإذا عنده رجل فصيح بالعربية ، كثير الكلام ، فقلنا : إن تحيتنا فيما بيننا لا تحل لك ، وتحيتك التي تحيي بها لا تحل لنا أن نحييك بها . قال : كيف تحيتكم فيما بينكم ؟ قلنا : السلام عليك . قال : وكيف تحيون ملككم ؟ قلنا : بها . قال : وكيف يرد عليكم ؟ قلنا : بها . قال : فما أعظم كلامكم ؟ قلنا : لا إله إلا الله ، والله أكبر فلما تكلمنا بها والله يعلم - لقد تنفضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها ، قال : فهذه الكلمة التي قلتموها حيث تنفضت الغرفة ، كلما قلتموها في بيوتكم تنفضت عليكم غرفكم ؟ قلنا : لا ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك . قال : لوددت أنكم كلما قلتم تنفض كل شيء عليكم . وإني خرجت من نصف ملكي . قلنا : لم ؟ قال : لأنه كان أيسر لشأنها ، وأجدر ألا تكون من أمر النبوة ، وأنها تكون من حيل الناس . ثم سألنا عما أراد فأخبرناه . ثم قال : كيف صلاتكم وصومكم ؟ فأخبرناه ، فقال : قوموا فقمنا . فأمر لنا بمنزل حسن ونزل كثير ، فأقمنا ثلاثا .
فأرسل إلينا ليلا فدخلنا عليه ، فاستعاد قولنا ، فأعدناه . ثم دعا بشيء كهيئة الربعة العظيمة مذهبة ، فيها بيوت صغار عليها أبواب ، ففتح بيتا وقفلا فاستخرج حريرة سوداء ، فنشرها ، فإذا فيها صورة حمراء ، وإذا فيها رجل ضخم العينين . عظيم الأليتين ، لم أر مثل طول عنقه ، وإذا ليست له لحية ، وإذا له ضفيرتان أحسن ما خلق الله . قال : أتعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا آدم ، عليه السلام ، وإذا هو أكثر الناس شعرا .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، وإذا فيها صورة بيضاء ، وإذا له شعر كشعر القطط ، أحمر العينين ، ضخم الهامة ، حسن اللحية ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا نوح ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة سوداء ، وإذا فيها رجل شديد البياض ، حسن العينين ، صلت الجبين ، طويل الخد ، أبيض اللحية كأنه يبتسم ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا إبراهيم ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر فإذا فيه صورة بيضاء ، وإذا - والله - رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتعرفون هذا ؟ قلنا : نعم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وبكينا . قال : والله يعلم أنه قام قائما ثم جلس ، وقال : والله إنه لهو ؟ قلنا : نعم ، إنه لهو ، كأنك تنظر إليه ، فأمسك ساعة ينظر إليها ، ثم قال : أما إنه كان آخر البيوت ، ولكني عجلته لكم لأنظر ما عندكم .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فإذا فيها صورة أدماء سحماء وإذا رجل جعد قطط ، غائر العينين ، حديد النظر ، عابس متراكب الأسنان ، مقلص الشفة كأنه غضبان ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا موسى عليه السلام . وإلى جانبه صورة تشبهه ، إلا أنه مدهان الرأس ، عريض الجبين ، في عينيه قبل ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا هارون بن عمران ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة رجل آدم سبط ربعة ، كأنه غضبان ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا لوط ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة رجل أبيض مشرب حمرة ، أقنى ، خفيف العارضين ، حسن الوجه فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال هذا إسحاق ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة تشبه إسحاق ، إلا أنه على شفته خال ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . [ قال ] هذا يعقوب ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها صورة رجل أبيض ، حسن الوجه ، أقنى الأنف ، حسن القامة ، يعلو وجهه نور ، يعرف في وجهه الخشوع ، يضرب إلى الحمرة ، قال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا إسماعيل جد نبيكم ، عليهما السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة بيضاء ، فيها صورة كأنها آدم ، عليه السلام ، كأن وجهه الشمس ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا يوسف ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة رجل أحمر حمش الساقين ، أخفش العينين ضخم البطن ، ربعة متقلد سيفا ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا داود ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة بيضاء ، فيها صورة رجل ضخم الأليتين ، طويل الرجلين ، راكب فرسا ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا سليمان بن داود ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها صورة بيضاء ، وإذا شاب شديد سواد اللحية ، كثير الشعر ، حسن العينين ، حسن الوجه ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا عيسى ابن مريم ، عليه السلام .
قلنا : من أين لك هذه الصور ؟ لأنا نعلم أنها على ما صورت عليه الأنبياء ، عليهم السلام ، لأنا رأينا صورة نبينا عليه السلام مثله . فقال : إن آدم ، عليه السلام ، سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده ، فأنزل عليه صورهم ، فكان في خزانة آدم ، عليه السلام ، عند مغرب الشمس ، فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس فدفعها إلى دانيال . ثم قال : أما والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي ، وإن كنت عبدا لأشركم ملكة ، حتى أموت . ثم أجازنا فأحسن جائزتنا ، وسرحنا ، فلما أتينا أبا بكر الصديق ، رضي الله عنه ، فحدثناه بما أرانا ، وبما قال لنا ، وما أجازنا ، قال : فبكى أبو بكر وقال : مسكين ! لو أراد الله به خيرا لفعل . ثم قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى الله عليه وسلم عندهم .
هكذا أورده الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي ، رحمه الله ، في كتاب " دلائل النبوة " ، عن الحاكم إجازة ، فذكره وإسناده لا بأس به .
وقال ابن جرير : حدثنا المثنى ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، قال : لقيت عبد الله بن عمرو فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ؟ قال : أجل والله ، إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن : " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله ويفتح به قلوبا غلفا ، وآذانا صما ، وأعينا عميا " قال عطاء : ثم لقيت كعبا فسألته عن ذلك ، فما اختلف حرفا ، إلا أن كعبا قال بلغته ، قال : " قلوبا غلوفيا وآذانا صموميا وأعينا عموميا " .
وقد رواه البخاري في صحيحه ، عن محمد بن سنان ، عن فليح ، عن هلال بن علي - فذكر بإسناده نحوه وزاد بعد قوله : " ليس بفظ ولا غليظ " : " ولا صخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح " .
ويقع في كلام كثير من السلف إطلاق " التوراة " على كتب أهل الكتاب . وقد ورد في بعض الأحاديث ما يشبه هذا ، والله أعلم .
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا موسى بن هارون ، حدثنا محمد بن إدريس وراق الحميدي حدثنا محمد بن عمر بن إبراهيم - من ولد جبير بن مطعم - قال : حدثتني أم عثمان بنت سعيد - وهي جدتي - عن أبيها سعيد بن محمد بن جبير ، عن أبيه محمد بن جبير ، عن أبيه جبير بن مطعم ، قال : خرجت تاجرا إلى الشام ، فلما كنت بأدنى الشام ، لقيني رجل من أهل الكتاب ، فقال : هل عندكم رجل نبيا ؟ قلت : نعم . قال : هل تعرف صورته إذا رأيتها ؟ قلت : نعم . فأدخلني بيتا فيه صور ، فلم أر صورة النبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما أنا كذلك إذ دخل رجل منهم علينا ، فقال : فيم أنتم ؟ فأخبرناه ، فذهب بنا إلى منزله ، فساعة ما دخلت نظرت إلى صورة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا رجل آخذ بعقب النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت : من هذا الرجل القابض على عقبه ؟ قال : إنه لم يكن نبي إلا كان بعده نبي إلا هذا النبي ، فإنه لا نبي بعده ، وهذا الخليفة بعده ، وإذا صفة أبي بكر ، رضي الله عنه
وقال أبو داود : حدثنا حفص بن عمر أبو عمر الضرير حدثنا حماد بن سلمة أن سعيد بن إياس الجريري أخبرهم ، عن عبد الله بن شقيق العقيلي ، عن الأقرع مؤذن عمر بن الخطاب قال : بعثني عمر إلى الأسقف ، فدعوته ، فقال له عمر : هل تجدني في الكتاب ؟ قال : نعم . قال : كيف تجدني ؟ قال : أجدك قرنا . قال : فرفع عمر الدرة وقال قرن مه ؟ قال : قرن حديد ، أمير شديد . قال : فكيف تجد الذي بعدي ؟ قال : أجد خليفة صالحا ، غير أنه يؤثر قرابته قال عمر : يرحم الله عثمان ، ثلاثا . قال : كيف تجد الذي بعده ؟ قال : أجد صدأ حديد . قال : فوضع عمر يده على رأسه وقال : يا دفراه ، يا دفراه ! قال : يا أمير المؤمنين ، إنه خليفة صالح ، ولكنه يستخلف حين يستخلف والسيف مسلول ، والدم مهراق
وقوله تعالى ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ) هذه صفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة ، وهكذا كان حاله ، عليه الصلاة والسلام ، لا يأمر إلا بخير ، ولا ينهى إلا عن شر ، كما قال عبد الله بن مسعود : إذا سمعت الله يقول : ( يا أيها الذين آمنوا ) فأرعها سمعك ، فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه . ومن أهم ذلك وأعظمه ما بعثه الله تعالى به من الأمر بعبادته وحده لا شريك له ، والنهي عن عبادة من سواه ، كما أرسل به جميع الرسل قبله ، كما قال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر - هو العقدي عبد الملك بن عمرو - حدثنا سليمان - هو ابن بلال - عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الملك بن سعيد ، عن أبي حميد وأبي أسيد ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم ، وتلين له أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكم قريب ، فأنا أولاكم به . وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم ، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكم بعيد ، فأنا أبعدكم منه "
هذا [ حديث ] جيد الإسناد ، لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب [ الستة ]
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ، فظنوا به الذي هو أهدى ، والذي هو أهنا ، [ والذي هو أنجى ] والذي هو أتقى
ثم رواه عن يحيى بن سعيد ، عن مسعر ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ، فظنوا به الذي هو أهداه وأهناه وأتقاه
وقوله : ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) أي : يحل لهم ما كانوا حرموه على أنفسهم من البحائر ، والسوائب ، والوصائل ، والحام ، ونحو ذلك ، مما كانوا ضيقوا به على أنفسهم ، ويحرم عليهم الخبائث .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : كلحم الخنزير والربا ، وما كانوا يستحلونه من المحرمات من المآكل التي حرمها الله تعالى .
وقال بعض العلماء : كل ما أحل الله تعالى ، فهو طيب نافع في البدن والدين ، وكل ما حرمه ، فهو خبيث ضار في البدن والدين .
وقد تمسك بهذه الآية الكريمة من يرى التحسين والتقبيح العقليين ، وأجيب عن ذلك بما لا يتسع هذا الموضع له .
وكذا احتج بها من ذهب من العلماء إلى أن المرجع في حل المآكل التي لم ينص على تحليلها ولا تحريمها ، إلى ما استطابته العرب في حال رفاهيتها ، وكذا في جانب التحريم إلى ما استخبثته . وفيه كلام طويل أيضا .
وقوله : ( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) أي : إنه جاء بالتيسير والسماحة ، كما ورد الحديث من طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بعثت بالحنيفية السمحة " . وقال لأميريه معاذ وأبي موسى الأشعري ، لما بعثهما إلى اليمن : " بشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، وتطاوعا ولا تختلفا " . وقال صاحبه أبو برزة الأسلمي : إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت تيسيره .
وقد كانت الأمم الذين كانوا قبلنا في شرائعهم ضيق عليهم ، فوسع الله على هذه الأمة أمورها ، وسهلها لهم ; ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تقل أو تعمل " وقال : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ; ولهذا قد أرشد الله هذه الأمة أن يقولوا : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) [ البقرة : 286 ] وثبت في صحيح مسلم أن الله تعالى قال بعد كل سؤال من هذه : قد فعلت ، قد فعلت
وقوله : ( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه ) أي : عظموه ووقروه ، ( واتبعوا النور الذي أنزل معه ) أي : القرآن والوحي الذي جاء به مبلغا إلى الناس ، ( أولئك هم المفلحون ) أي : في الدنيا والآخرة .
- القرطبى : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
قوله تعالى الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون فيه عشر مسائل :
الأولى : روى يحيى بن أبي كثير عن نوف البكالي الحميري : لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قال الله تعالى لموسى : أنا أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا تصلون حيث أدركتكم الصلاة إلا عند مرحاض أو حمام أو قبر ، وأجعل السكينة في قلوبكم ، وأجعلكم تقرءون التوراة عن ظهر قلوبكم ، يقرؤها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير . فقال ذلك موسى لقومه ، فقالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس ، ولا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا ، ونريد أن تكون كما كانت في التابوت ، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهر قلوبنا ، ولا نريد أن نقرأها إلا نظرا . فقال الله تعالى : فسأكتبها للذين يتقون إلى قوله المفلحون . فجعلها لهذه الأمة . فقال موسى : يا رب ، اجعلني نبيهم . فقال : نبيهم منهم . قال : رب اجعلني منهم . قال : إنك لن تدركهم . فقال موسى : يا رب ، أتيتك بوفد بني إسرائيل ، فجعلت وفادتنا لغيرنا . فأنزل الله عز وجل : ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون . فرضي موسى . قال نوف : فاحمدوا الله الذي جعل وفادة بني إسرائيل لكم . وذكر أبو نعيم أيضا هذه القصة من حديث الأوزاعي قال : حدثنا يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال حدثني نوف البكالي إذا افتتح موعظة قال : ألا تحمدون ربكم الذي حفظ غيبتكم وأخذ لكم بعد سهمكم وجعل وفادة القوم لكم . وذلك أن موسى عليه السلام وفد ببني إسرائيل فقال الله لهم : إني قد جعلت لكم الأرض مسجدا حيثما صليتم فيها تقبلت صلاتكم إلا في ثلاثة مواطن من صلى فيهن لم أقبل صلاته المقبرة والحمام والمرحاض . قالوا : لا ، إلا في الكنيسة . قال : وجعلت لكم التراب طهورا إذا لم تجدوا الماء . قالوا : لا ، إلا بالماء . قال : وجعلت لكم حيثما صلى الرجل فكان وحده تقبلت صلاته . قالوا : لا ، إلا في جماعة .
الثانية : قوله تعالى الذين يتبعون الرسول النبي الأمي هذه الألفاظ كما ذكرنا أخرجت اليهود والنصارى من الاشتراك الذي يظهر في قوله : فسأكتبها للذين يتقون وخلصت هذه العدة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ; قاله ابن عباس وابن جبير وغيرهما . و يتبعون يعني في شرعه ودينه وما جاء به . والرسول والنبي صلى الله عليه وسلم اسمان لمعنيين ; فإن الرسول أخص من النبي . وقدم الرسول اهتماما بمعنى الرسالة ، وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم ; ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على البراء حين قال : وبرسولك الذي أرسلت . فقال له : قل آمنت بنبيك الذي أرسلت خرجه في الصحيح . وأيضا فإن في قوله : " وبرسولك الذي أرسلت " تكرير الرسالة ; وهو معنى واحد فيكون كالحشو الذي لا فائدة فيه . بخلاف قوله : " ونبيك الذي أرسلت " فإنهما لا تكرار فيهما . وعلى هذا فكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولا ; لأن الرسول والنبي قد اشتركا في أمر عام وهو النبأ ، وافترقا في أمر خاص وهي الرسالة . فإذا قلت : محمد رسول من عند الله تضمن ذلك أنه نبي ورسول الله . وكذلك غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم .
الثالثة : قوله تعالى : الأمي هو منسوب إلى الأمة الأمية ، التي هي على أصل ولادتها ، لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها ; قاله ابن عزيز . وقال ابن عباس رضي الله عنه : كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب ; قال الله تعالى : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك . وروي في الصحيح عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب . الحديث . وقيل : نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة أم القرى ; ذكره النحاس .
الرابعة : قوله تعالى : الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل روى البخاري قال : حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا فليح قال حدثنا هلال عن عطاء بن يسار لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . فقال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ، ويفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا .
في غير البخاري قال عطاء : ثم لقيت كعبا فسألته عن ذلك فما اختلفا حرفا ; إلا أن كعبا قال بلغته : قلوبا غلوفيا وآذانا صموميا وأعينا عموميا . قال ابن عطية : وأظن هذا وهما أو عجمة . وقد روي عن كعب أنه قالها : قلوبا غلوفا وآذانا صموما وأعينا عموميا . قال الطبري : هي لغة حميرية . وزاد كعب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم قال : مولده بمكة ، وهجرته بطابة ، وملكه بالشأم ، وأمته الحامدون ، يحمدون الله على كل حال وفي كل منزل ، يوضئون أطرافهم ويأتزرون إلى أنصاف ساقهم ، رعاة الشمس ، يصلون الصلوات حيثما أدركتهم ولو على ظهر الكناسة ، صفهم في القتال مثل صفهم في الصلاة . ثم قرأ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص .
الخامسة : قوله تعالى يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر قال عطاء : يأمرهم بالمعروف بخلع الأنداد ، ومكارم الأخلاق ، وصلة الأرحام . وينهاهم عن المنكر عبادة الأصنام ، وقطع الأرحام .
السادسة : قوله تعالى ويحل لهم الطيبات مذهب مالك أن الطيبات هي المحللات ; فكأنه وصفها بالطيب ; إذ هي لفظة تتضمن مدحا وتشريفا . وبحسب هذا نقول في الخبائث : إنها المحرمات ; ولذلك قال ابن عباس : الخبائث هي لحم الخنزير والربا وغيره . وعلى هذا حلل مالك المتقذرات كالحيات والعقارب والخنافس ونحوها . ومذهب الشافعي رحمه الله أن الطيبات هي من جهة الطعم ; إلا أن اللفظة عنده ليست على عمومها ; لأن عمومها بهذا الوجه من الطعم يقتضي تحليل الخمر والخنزير ، بل يراها مختصة فيما حلله الشرع . ويرى الخبائث لفظا عاما في المحرمات بالشرع وفي المتقذرات ; فيحرم العقارب والخنافس والوزغ وما جرى هذا المجرى . والناس على هذين القولين . وقد تقدم في " البقرة " هذا المعنى .
السابعة : قوله تعالى ويضع عنهم إصرهم الإصر : الثقل ; قاله مجاهد وقتادة وابن جبير . والإصر أيضا : العهد ; قاله ابن عباس والضحاك والحسن . وقد جمعت هذه الآية المعنيين ، فإن بني إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال ; فوضع عنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ذلك العهد وثقل تلك الأعمال ; كغسل البول ، وتحليل الغنائم ، ومجالسة الحائض ومؤاكلتها ومضاجعتها ; فإنهم كانوا إذا أصاب ثوب أحدهم بول قرضه . وروي : جلد أحدهم . وإذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السماء فأكلتها ، وإذا حاضت المرأة لم يقربوها ، إلى غير ذلك مما ثبت في الحديث الصحيح وغيره .
الثامنة : قوله تعالى والأغلال التي كانت عليهم فالأغلال عبارة مستعارة لتلك الأثقال . ومن الأثقال ترك الاشتغال يوم السبت ; فإنه يروى أن موسى عليه السلام رأى يوم السبت رجلا يحمل قصبا فضرب عنقه . هذا قول جمهور المفسرين .
ولم يكن فيهم الدية ، وإنما كان القصاص . وأمروا بقتل أنفسهم علامة لتوبتهم ، إلى غير ذلك . فشبه ذلك بالأغلال ; كما قال الشاعر :
فليس كعهد الدار يا أم مالك ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى العدل شيئا فاستراح العواذل
فشبه حدود الإسلام وموانعه عن التخطي إلى المحظورات بالسلاسل المحيطات بالرقاب . ومن هذا المعنى قولأبي أحمد بن جحش لأبي سفيان :
اذهب بها اذهب بها طوقتها طوق الحمامه
أي لزمك عارها . يقال : طوق فلان كذا إذا لزمه .
التاسعة : إن قيل : كيف عطف الأغلال وهو جمع على الإصر وهو مفرد ; فالجواب أن الإصر مصدر يقع على الكثرة . وقرأ ابن عامر ( آصارهم ) بالجمع ; مثل أعمالهم . فجمعه لاختلاف ضروب المآثم . والباقون بالتوحيد ; لأنه مصدر يقع على القليل والكثير من جنسه مع إفراد لفظه . وقد أجمعوا على التوحيد في قوله : ولا تحمل علينا إصرا وهكذا كلما يرد عليك من هذا المعنى ; مثل وعلى سمعهم لا يرتد إليهم طرفهم ومن طرف خفي كله بمعنى الجمع .
العاشرة : فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه أي وقروه ونصروه . قال الأخفش : وقرأ الجحدري وعيسى ( وعزروه ) بالتخفيف . وكذا ( وعزرتموهم ) . يقال : عزره يعزره ويعزره .
والنور القرآن
والفلاح : الظفر بالمطلوب . وقد تقدم هذا .
- الطبرى : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
القول في تأويل قوله : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
قال أبو جعفر: وهذا القول إبانةٌ من الله جل ثناؤه عن أنّ الذين وَعَد موسى نبيَّه عليه السلام أن يكتب لهم الرحمة التي وصفَها جل ثناؤه بقوله: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم, لأنه لا يعلم لله رسولٌ وُصف بهذه الصفة = أعني " الأمي" = غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وبذلك جاءت الروايات عن أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15214- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمران بن عيينة, عن عطاء, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ، قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
15215- .... قال، حدثنا زيد بن حباب, عن حماد بن سلمة, عن عطاء, عن ابن عباس قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
15216- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا يحيى بن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد في قوله: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ، قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم, فقال موسى عليه السلام: ليتني خلقت في أمّة محمدٍ!.
15217- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير, عن عطاء, عن سعيد بن جبير: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ، قال: الذين يتّبعون محمدًا صلى الله عليه وسلم.
15218- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن ليث, عن شهر بن حوشب, عن نوف الحميري قال: لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه، قال الله لموسى: أجعل لكم الأرض مسجدًا وطهورًا, وأجعل السكينة معكم في بيوتكم, وأجعلكم تقرأون التوراة عن ظَهْر قلوبكم, (17) يقرؤها الرجل منكم والمرأةُ، والحرُّ والعبدُ، والصغير والكبير. فقال موسى لقومه: إن الله قد يجعل لكم الأرض طهورًا ومسجدًا. قالوا: لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس! قال: ويجعل السكينة معكم في بيوتكم. قالوا: لا نريد إلا أن تكون كما كانت، في التابوت! قال: ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهر قلوبكم, (18) ويقرؤها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير. قالوا: لا نريد أن نقرأها إلا نظرًا! فقال الله: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ إلى قوله: أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . (19)
15219- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن يحيى بن أبي كثير, عن نوف البكالي قال: لما انطلق موسى بوفد بني إسرائيل، كلّمه الله فقال: إني قد بسطت لهم الأرض طهورًا ومساجدَ يصلُّون فيها حيث أدركتهم الصلاة، إلا عند مرحاضٍ أو قبر أو حمّام, وجعلت السكينة في قلوبهم, وجعلتهم يقرأون التوراةَ عن ظهر ألسنتهم. قال: فذكر ذلك موسى لبني إسرائيل, فقالوا: لا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا, فاجعلها لنا في تابوت, ولا نقرأ التوراة إلا نظرًا, ولا نصلي إلا في الكنيسة! فقال الله: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ، حتى بلغ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . قال: فقال موسى عليه السلام: يا ربّ، اجعلني نبيَّهم! قال: نبيُّهم منهم! قال: رب اجعلني منهم! قال: لن تدركهم! قال: يا ربّ، أتيتك بوفد بني إسرائيل, فجعلت وِفَادَتنا لغيرنا! فأنـزل الله: وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [سورة الأعراف: 159]. = قال نوف البكالي: فاحمدوا الله الذي حَفظ غيبتكم, وأخذ لكم بسهمكم, وجعل وفادة بني إسرائيل لكم.
15220- حدثنا محمد بن المثني قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي, عن يحيى بن أبي كثير, عن نوف البكالي بنحوه= إلا أنه قال: فإني أنـزل عليكم التوراة تقرأونها عن ظهر ألسنتكم, رجالكم ونساؤُكم وصبيانكم. قالوا: لا نُصلّي إلا في كنيسة, ثم ذكر سائر الحديث نحوه.
15221- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جبير: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ، قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم. (20)
15222- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ، قال: هؤلاء أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
15223- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: لما قيل: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ، تمنّتها اليهود والنصارى, فأنـزل الله شرطًا بيّنًا وثيقًا فقال: " الذين يتبعون الرَّسول النبيّ الأمي"، وهو نبيكم صلى الله عليه وسلم، كان أمِّيًّا لا يكتبُ. (21)
* * *
وقد بينا معنى " الأمي" فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (22)
* * *
وأما قوله: " الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل "، فإن " الهاء " في قوله: " يجدونه "، عائدة على " الرسول ", وهو محمّد صلى الله عليه وسلم، كالذي: -
15224- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي, قوله: " الذين يتبعون الرسول النبي الأميّ"، هذا محمّد صلى الله عليه وسلم.
15225- حدثني ابن المثني قال، حدثنا عثمان بن عمر قال، حدثنا فليح، عن هلال بن علي, عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو, فقلت: أخبرني عن صفة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في التوراة. قال: أجل والله، إنه لموصوف في التوراة كصفتِه في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومُبَشِّرًا ونذيرًا، وحِرْزًا للأمِّيين, أنت عبدي ورسولي, سميتك المتوكّل, (23) ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا صخَّاب في الأسواق, ولا يجزي بالسيئة السيئة, ولكن يعفو ويصفح، ولن نقبضه حتى نقيم به الملةَ العوجاء, بأن يقولوا: " لا إله إلا الله "، فنفتح به قلوبًا غُلْفًا، وآذانًا صُمًّا, وأعينًا عُمْيًا= قال عطاء: ثم لقيتُ كعبًا فسألته عن ذلك, فما اختلفا حرفًا, إلا أن كعبًا قال بلغته: قلوبًا غُلُوفيا، وآذانًا صمومِيَا, وأعينًا عُمْوميا. (24)
15226- حدثني أبو كريب قال، حدثنا موسى بن داود قال، حدثنا فليح بن سليمان, عن هلال بن علي قال، حدثني عطاء قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص, فذكر نحوه= إلا أنه قال في كلام كعب: أعينًا عمومَا, وآذانًا صموما, وقلوبًا غُلُوفَا.
15227- ... قال، حدثنا موسى قال، حدثنا عبد العزيز بن سلمة, عن هلال بن علي, عن عطاء بن يسار, عن عبد الله بنحوه= وليس فيه كلام كعب.
15228- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال الله: " الذي يجدونه مكتوبًا عندهم "، يقول: يجدون نعتَه وأمرَه ونبوّته مكتوبًا عندهم.
* * *
القول في تأويل قوله : يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يأمر هذا النبيُّ الأميُّ أتباعَه بالمعروف= وهو الإيمان بالله ولزوم طاعته فيما أمر ونهى, فذلك " المعروف " الذي يأمرهم به (25) = " وينهاهم عن المنكر " وهو الشرك بالله, والانتهاء عمّا نهاهم الله عنه. (26) وقوله: " ويحل لهم الطيبات "، وذلك ما كانت الجاهلية تحرِّمه من البحائر والسَّوائب والوصائل والحوامي (27) = " ويحرم عليهم الخَبَائث "، وذلك لحم الخنـزير والرِّبا وما كانوا يستحلونه من المطاعم والمشارب التي حرمها الله، (28) كما:-
15229- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " ويحرم عليهم الخبائث "، وهو لحم الخنـزير والربا, وما كانوا يستحلونه من المحرَّمات من المآكلِ التي حرمها الله.
* * *
وأما قوله: " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم "، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: يعني بـ" الإصر "، العهدَ والميثاقَ الذي كان أخذه على بني إسرائيل بالعمل بما في التوراة.
* ذكر من قال ذلك:
15230- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جابر بن نوح, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: " ويضع عنهم إصرهم "، قال: عهدهم.
15231- ... قال حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك، قال: عهدهم.
15232- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن علي قال، أخبرنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك, مثله.
15233- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن مبارك, عن الحسن: " ويضع عنهم إصرهم "، قال: العهود التي أعطوها من أنفسهم.
15234- .... قال، حدثنا ابن نمير, عن موسى بن قيس, عن مجاهد: " ويضع عنهم إصرهم "، قال: عهدهم. (29)
15235- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم "، يقول: يضع عنهم عهودهم ومواثيقَهم التي أخذت عليهم في التوراة والإنجيل.
15236- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم "، ما كان الله أخذ عليهم من الميثاق فيما حرّم عليهم. يقول: يضع ذلك عنهم.
* * *
وقال بعضهم: عني بذلك أنه يضع عمن اتّبع نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، التشديدَ الذي كان على بني إسرائيل في دينهم.
* ذكر من قال ذلك:
15237- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم "، فجاء محمد صلى الله عليه وسلم بإقالةٍ منه وتجاوزٍ عنه.
15238- حدثني المثني قال حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد: " ويضع عنهم إصرهم "، قال: البولَ ونحوه، مما غُلِّظ على بني إسرائيل.
15239- .... قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد قال: شدّة العمل.
15240- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال مجاهد قوله: " ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " قال: من اتبع محمدًا ودينه من أهل الكتاب, وُضع عنهم ما كان عليهم من التشديد في دينهم.
15241- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل, عن أشعث, عن ابن سيرين قال: قال أبو هريرة لابن عباس: ما علينا في الدين من حَرَج أن نـزني ونسرق؟ قال: بلى! ولكن الإصر الذي كان على بني إسرائيل وُضِع عنكم.
15242- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ويضع عنهم إصرهم "، قال: إصرهم الذي جعله عليهم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنّ " الإصر " هو العهد= وقد بينا ذلك بشواهده في موضعٍ غير هذا بما فيه الكفاية (30) = وأن معنى الكلام: ويضع النبيُّ الأميُّ العهدَ الذي كان الله أخذ على بني إسرائيل، من إقامة التوراة والعملِ بما فيها من الأعمال الشديدة، كقطع الجلد من البول, وتحريم الغنائم, ونحو ذلك من الأعمال التي كانت عليهم مفروضةً, فنسخها حُكْم القرآن.
* * *
وأما " الأغلال التي كانت عليهم ", فكان ابن زيد يقول بما: -
15243- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عنه في قوله: " والأغلال التي كانت عليهم "، قال: " الأغلال "، وقرأ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ [سورة المائدة: 64]. قال: تلك الأغلال. قال: ودعاهم إلى أن يؤمنوا بالنبيّ فيضع ذلك عنهم.
* * *
القول في تأويل قوله : فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْـزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فالذين صدَّقوا بالنبي الأمي, وأقرُّوا بنبوّته (31) = " وعزَّروه "، يقول: وَقَّروه وعظموه وحَمَوه من الناس، (32) كما: -
15244- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " وعزروه "، يقول: حموه وقَّروه.
15245- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثني موسى بن قيس, عن مجاهد: " وعزروه ونصروه " : " عزَّروه "، سدَّدوا أمره, وأعانوا رَسُوله= " ونَصَرُوه ".
* * *
وقوله: " نصروه "، يقول: وأعانوه على أعداء الله وأعدائه، بجهادهم ونصب الحرب لهم = " واتبعوا النور الذي أنـزل معه "، يعني القرآن والإسلام (33) = " أولئك هم المفلحون "، يقول: الذين يفعلون هذه الأفعال التي وصف بها جل ثناؤه أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، هم المنجحون المدرِكون ما طلبُوا ورجَوْا بفعلهم ذلك. (34)
15246- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: فما نقموا= يعني اليهود= إلا أن حسدوا نبيَّ الله, فقال الله: " الذين آمنوا به وعزّروه ونصروه "، فأما نصره وتعزيره فقد سبقتم به, ولكن خياركم من آمن بالله واتَّبع النور الذي أنـزل معه.
* * *
يريد قتادة بقوله " فما نَقَموا إلا أن حسدوا نبي الله "، أن اليهودَ كان محمَّد صلى الله عليه وسلم بما جاء به من عند الله رحمةً عليهم لو اتبعوه, لأنه جاء بوضع الإصر والأغلال عنهم, فحملهم الحسد على الكفر به، وترك قبول التخفيف، لغلبة خِذْلانِ الله عليهم.
-----------------
الهوامش :
(17) (1) في المطبوعة : (( عن ظهور قلوبكم )) ، بجمع (( ظهور )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب محض .
(18) (2) في المطبوعة : (( عن ظهور )) ، وتنظر التعليق السالف .
(19) الأثر: 15218 "نوف الحميري" هو نوف البكالي المذكور في الأثريين التاليين: 515219 ، 15220 ، وهو "نوف بن فضالة الحميري البكالي الشامي" مضى برقم : 3965 ، 9446 ، 9456 .
(20) (1) الأثر : 15221 - (( إسحق بن إسماعيل )) هو (( حبويه )) ، (( أبو يزيد الرازي )) ، الذي مضى قريباً برقم : 15198 ، وصرح هنا أول مرة باسمه .
(21) (2) الأثر : 15223 - انظر الأثر السالف رقم : 15205
(22) (3) انظر تفسير (( الأمي )) فيما سلف 2 : 257 - 259 / 3 : 442 / 6 : 281 ، 282 ، 522/ ثم انظر رقم : 5827 ، 1774 ، 6775 .
(23) (1) في المطبوعة : (( سميتك )) ، وأثبت ما في المخطوطة .
(24) (2) الأثر : 15225 - (( عثمان بن عمر بن فارس بن لقيط العبدي )) ، ثقة ، من شيوخ أحمد ، روى له الجماعة ، سلف برقم : 5458 . و (( فليح )) ، هو (( فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزامي )) ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 5090 . و (( هلال بن على بن أسامة المدني )) ، وينسب إلى جده فيقال : (( هلال بن أسامة )) ، ثقة ، مضى برقم : 1495. وانظر الآثار التالية .
(25) (1) انظر تفسير (( المعروف )) فيما سلف 9 : 201 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(26) (2) انظر تفسير (( المنكر )) فيما سلف 10 : 496 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(27) (3) انظر تفسير (( الطيبات )) فيما سلف 11 : 96 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(28) (4) انظر تفسير (( الخبائث )) فيما سلف 11 : 96 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(29) (1) الأثر : 15234 - (( موسى بن قيس الحضرمى )) ، مضى برقم : 6513 .
(30) (1) انظر تفسير (( الإصر )) فيما سلف 6 : 135 - 138 ، 560 .
(31) (2) انظر تفسير (( الإيمان )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أمن ) .
(32) (3) انظر تفسير (( التعزير )) فيما سلف 10 : 119 - 121 .
(33) (1) انظر تفسير (( النور )) فيما سلف 11 : 526 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(34) (2) انظر تفسير (( الفلاح )) فيما سلف : 12 : 505 ، تعليق : 5 ، والمراجع هناك .
- ابن عاشور : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وهو إشارة إلى اليهود والنصارى الكائنين في زمن البعثة وبعدها لقوله : { الذي يجدونه مكتوباً عندهم } ولقوله : { ويضع عنهم إصرهم والأغلالَ التي كانت عليهم } فإنه يدل على أنهم كانوا أهل شريعة فيها شدة وحرج ، والمراد بآيات الله : القرآن ، لأن ألفاظه هي المخصوصة باسم الآيات ، لأنها جُعلت معجزات للفصحاء عن معارضتها . ودالة على أنها من عند الله وعلى صدق رسوله ، كما تقدم في المقدمة الثامنة .
وفي هذه الآية بشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وهي مشيرة إلى ما في التوراة من الإصحاح العاشر حتى الرابع عشر ، والاصحاح الثامن عشر من سفر التثنية : فإن موسى بعد أن ذكَرهم بخطيئة عبادتهم العجل ، وذكر مناجاته لله للدعاء لهم بالمغفرة ، كما تضمنه الاصحاح التاسع من ذلك السفر ، وذكرناه آنفاً في تفسير قوله : { واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا } ، ثم ذكر في الإصحاح العاشر أمرهم بالتقوى بقوله : «فالآن يا إسرائيل ما يطلب منكَ الرب إلا أن تتقي ربك لتسلك في طرقه وتحبه» . ثم ذكر فيه وفي الثلاثة بعده وصايا تفصيلاً للتقوى ، ثم ذكر في الاصحاح الرابع عشر الزكاة فقال «تعشيراً تعشر كل محصول زرعك سنة بسنة عشر حنطتك وخمرك وزيتك وأبكار بقرك وغنمك ، وفي آخر ثلاث سنين تخرج كل عشر محصولك في تلك السنة فتضعه في أبوابك فيأتي اللاوي والغريب واليتيم والأرملة الذين على أبوابك فيأكلون ويشبعون» إلخ . ثم ذكر أحكاماً كثيرة في الإصحاحات الثلاثة بعده .
ثم في الإصحاح الثامن عشر قوله : «يُقيم لك الرب نبياً ومن وسط إخواتك مثلي له تسمعون حسب كل ما طلبتُ من الرب في حُوريب ( أي جبل الطور حين المناجاة ) يوم الاجتماع قال لي الرب أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعلُ كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به» فدل هذا على أن هذا النبي من غير بني إسرائيل لقوله : «من وسط أخوتك» فإن الخطاب لبني إسرائيل ، ولا يكونون إخوة لأنفسهم . وإخوتُهم هم أبناء أخي أبيهم : إسماعيل أخي إسحاق ، وهم العرب ، ولو كان المراد به نبيئاً من بني إسرائيل مثل ( صمويل ) كما يؤوله اليهود لقال : من بينكم أو من وسطكم ، وعُلم أن النبي رسول بشرع جديد من قوله : «مثلك» فإن موسى كان نبياً رسولاً ، فقد جمع القرآن ذلك كله في قوله : { للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون } إلخ .
ومن نكت القرآن الجمع في هذه الآية بين وصفي النبوة والرسالة للإشارة إلى أن اليهود بدّلوا وصف الرسول ، وعبروا عنه بالنبي ، ليصدق على أنبياء ليصدق على أنبياء بني إسرائيل ، وغفلوا عن مفاد قوله مثلك ، وحذفوا وصف الأمي ، وقد كانت هذه الآية سبب إسلام الحبر العظيم الأندلسي السموأل بن يحيى اليهودي ، كما حكاه عن نفسه في كتابه الذي سماه «غاية المقصود في الرد على النصارى واليهود» .
فهذه الرحمة العظيمة تختص بالذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى ، وتشمل الرسل والأنبياء الذين أخذ الله عليهم العهد بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فكانوا عالمين ببعثته يقيناً فهم آمنوا به ، وتنزلوا منزلة من اتبع ما جاء به ، لأنهم استعدوا لذلك ، وتشمل المسلمين من العرب وغيرهم غير بني إسرائيل ، لأنهم ساروا من آمن بمحمد عليه الصلاة والسلام من اليهود في اتباع الرسول النبي الأمي .
وتقديم وصف الرسول لأنه الوصف الأخص الأهم ، ولأن في تقديمه زيادة تسجيل لتحريف أهل الكتاب ، حيث حذفوا هذا الوصف ليصير كلام التوراة صادقاً بمن أتى بعد موسى من أنبياء بني إسرائيل ، ولأن محمداً صلى الله عليه وسلم اتشهر بوصف النبي الأمي ، فصار هذا المركب كاللقب له ، فلذلك لا يغير عن شهرته ، وكذلك هو حيثما ورد ذكره في القرآن .
والأمي : الذي لا يعرف الكتابة والقراءة ، قيل هو منسوب إلى الأم أي هو أشبه بأمه منه بأبيه ، لأن النساء في العرب ما كُنّ يعرفن القراءة والكتابة ، وما تعلمْنها إلاّ في الإسلام ، فصار تعلم القراءة والكتابة من شعار الحرائر دون الإماء كما قال عُبيْد الراعي ، وهو إسلامي :
هُنَّ الحرائِر لا ربّاتُ أخمرَة ... سُودُ المحاجِر لا يقْرأن بالسّوَرِ
أما الرجال ففيهم من يقرأ ويكتب .
وقيل : منسوب إلى الأمّة أي الذي حاله حال معظم الأمة ، أي الأمة المعهودة عندهم وهي العربية ، وكانوا في الجاهلية لا يعرف منهم القراءة والكتابة إلاّ النادر منهم ، ولذلك يصفهم أهلُ الكتاب بالأُمييّن ، لما حكى الله تعالى عنهم في قوله : { ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأُميين سبيل } في آل عمران ( 75 ).
والأميّة وصف خص الله به من رسله محمداً ، إتماماً للإعجاز العلمي العقلي الذي أيده الله به ، فجعل الأمية وصفاً ذاتياً له ، ليتم بها وصفه الذاتي وهو الرسالة ، ليظهر أن كماله النفساني كمالٌ لدُنّي إلهي ، لا واسطة فيه للأسباب المتعارفة للكمالات ، وبذلك كانت الأمية وصف كمال فيه ، مع أنها في غيره وصف نقصان ، لأنه لمّا حصل له من المعرفة وسداد العقل ما لا يحتمل الخطأ في كل نواحي معرفة الكمالات الحق ، وكان على يقين من علمه ، وبينة من أمره ، ما هو أعظم مما حصل للمتعلمين ، صارت أميته آية على كون ما حصل له إنّما هو من فيوضات إلهية .
ومعنى : يجدونه مكتوباً } وجدان صفاته ونعوته ، التي لا يشبهه فيها غيره ، فجعلت خاصته بمنزلة ذاته . وأطلق عليها ضمير الرسول النبي الأمي مجازاً بالاستخدام ، وإنما الموجود نعته ووصفه ، والقرينة قوله : { مكتوباً } فإن الذات لا تكتب ، وعُدل عن التعبير بالوصف للدلالة على أنهم يجدون وصفاً لا يقبل الالتباس ، وهو : كونه أمياً ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويُحل الطيبات ، ويحرم الخبائث ، ويضع عنهم إصرهم ، وشدة شريعتهم .
وذكرالإنجيل هنا لأنه منزل لِبني إسرائيل ، وقد آمن به جمع منهم ومن جاء بعدهم من خلفهم ، وقد أعلم الله موسى بهذا .
والمكتوب في التوراة هو ما ذكرناه آنفاً ، والمكتوب في الإنجيل بشارات جمة بمحمد صلى الله عليه وسلم وفي بعضها التصريح بأنه يبعث بعثة عامة ، ففي إنجيل متّى في الإصحاح الرابع والعشرين «ويقوم أنبياء كذَبةٌ كثيرون ويُضلون كثيرون ، ولكن الذي يصبر إلى المنتهى ( أي يدوم شرعه إلى نهاية العالم ) فهذا يخلص ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتي المنتهى» ( أي منتهى الدنيا ) ، وفي إنجيل يوحنا في الإصحاح الرابع عشر «وإما المُعزّي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلتُه لكم» ( ومعنى باسمي أي بمماثلتي وهو كونه رسولاً مشرعاً لا نبيّاً موكداً ).
وتقدم ذكر التوراة والإنجيل في أول سورة آل عمران .
وجملة : { يأمرهم بالمعروف } قال أبو علي الفارسي : «هي بيان للمكتوب عندهم ولا يجوز أن تكون حالاً من ضمير { يجدونه } لأن الضمير راجع للذكر والاسم . والذكر والاسم لا يأمران» أي فتعين كون الضمير مجازاً ، وكون الآمر بالمعروف هو ذات الرسول لا وصفه وذِكرُه ، ولا شك أن المقصود من هذه الصفات تعريفهم بها؛ لتدلهم على تعيين الرسول الأمي عند مجيئه بشريعة هذه صفاتها .
وقد جعل الله المعروف والمنكر ، والطيبات ، والخبائث ، والإصر والأغلال متعلقات لتشريع النبي الأمي وعلامات ، فوجب أن يكون المراد منها ما يتبادر من معاني ألفاظها للأفهام المستقيمة .
فالمعروفُ شامل لكل ما تقبلُه العقول والفطر السليمة ، والمنكر ضده ، وقد تقدم بيانهما عند قوله تعالى : { ولتْكُن منكم أمة يَدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } في سورة آل عمران ( 104 ).
ويجمعها معنى : الفطرة ، التي هي قوام الشريعة المحمدية كما قال تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها } [ الروم : 30 ] ، وهذه أوضح علامة لتعرف أحكام الشريعة المحمدية .
والطيبات : جمع طيبة ، وقد روعي في التأنيث معنى الأكِيلة ، أو معنى الطُّعمة ، تنبيهاً على أن المراد الطيبات من المأكولات ، كما دل عليه قوله في نظائِرها نحو : { يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً } في البقرة ( 168 ) وقوله : { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } في سورة المائدة ( 4 ) ، وليس المراد الأفعال الحسنة؛ لأن الأفعال عُرّفت بوصف المعروف والمنكر . والمأكولات لا تدخل في المعروف والمنكر ، إذ ليس للعقل حظ في التمييز بين مقبُولها ومرفوضها ، وإنما تمتلك الناسَ فيها عوائِدُهم ، ولما كان الإسلام دينَ الفطرة ولا اعتداد بالعوائد فيه ، ناط حال المأكولات بالطّيب وحرمتها بالخُبث ، فالطّيب ما لا ضُر فيه ولا وخامَة ولا قذارة ، والخبيثُ ما أضر ، أوْ كان وَخيم العاقبة ، أو كان مستقذراً لا يقبله العقلاء ، كالنجاسة ، وهذا ملاك المُباح والمحرم من المآكل ، فلا تدخل العادات إلاّ في اختيار أهلها ما شاءوا من المباح ، فقد كانت قريش لا تأكل الضب ، وقد وُضع على مَائدة رسول الله فكره أن يأكل منه ، وقال : ما هو بحرام ولكنه لم يكن من طعام قومي فأجدني أعافُه ولهذا فالوجه : إن كل ما لا ضر فيه ولا فساد ولا قذارة فهو مباح ، وقد يكون مكروهاً اعتباراً بمضرة خفيفة ، فلذلك ورد النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع ، ومحمله عند مالك في أشهر الروايات عنه ، على الكراهة ، وهو الذي لا ينبغي التردد فيه ، وأي ضُر في أكل لحم الأسد ، وكذلك إباحة أكل الخشاش والحشرات والزواحف البرية والبحرية ، لاختلاف عوائِد الناس في أكلها وعدمه ، فقد كانت جَرْم لا يأكلون الدجاج ، وَفقعس يأكلون الكلب ، فلا يحجر على قوم لأجل كراهية غيرهم مما كرهه ذوقه أو عادة قومه ، وقد تقدم شيء من هذا في آية سورة المائِدة ، فعلى الفقيه أن يقصر النظر على طبائِع المأكولات وصفاتها ، وما جهلت بعض صفاته وحرمته الشريعة مثل تحريم الخنزير .
وَوْضع الإصر إبطال تشريعه ، أي بنسخ ما كان فيه شدة من الشرايع الإلهية السابقة ، وحقيقة الوضع الحط من علو إلى سفل ، وهو هنا مجاز في إبطال التكليف بالأعمال الشاقة .
وحقه التعدية إلى المفعول الثاني بحرف ( في ) الظرفية ، فإذا عُدي إليْه ب ( عن ) دل على نقل المفعول الأول من مدخول ( عن ) وإذا عدي إلى المفعول الثاني ب ( على ) كان دالاً على حط المفعول الأول في مدخول ( على ) حطا متمكناً ، فاستعير يضعُ عنهم } هنا إلى إزالة التكليفات التي هي كالإصر والأغلال فيشمل الوضْعُ معنى النسخ وغيره ، كما سيأتي .
و«الإصر» ظاهر كلام الزمخشري في «الكشاف» و«الأساس» إنه حقيقة في الثّقل ، ( بكسر الثاءِ ) الحسيّ بحيث يَصعب معه التحرك ، ولم يقيده غيره من أصحاب دواوين اللغة ، وهذا القيد من تحقيقاته ، وَهو الذي جرى عليه ظاهر كلام ابن العربي في «الأحكام» ، والمراد به هنا التكاليف الشاقة والحرج في الدين ، فإن كان كما قيده الزمخشري يكن { ويضع عنهم أصرهم } تمثيلية بتشبيه حال المزال عنه ما يحْرجه من التكاليف بحال مَن كان محمّلاً بثقل فأزيل عن ظهره ثَقله ، كما في قوله تعالى : { يحملون أوزارهم على ظهورهم } [ الأنعام : 31 ] وإن لم يكن كذلك كان «الإصر» استعارة مكنية { ويضع } تخييلاً ، وهو أيضاً استعارة تبعية للإزالة .
وقد كانت شريعة التوراة مشتملة على أحكام كثيرة شاقة مثل العقوبة بالقتل على معاص كثيرة ، منها العمل يومَ السبتتِ ، ومثلُ تحريم مأكولات كثيرة طيبة وتغليظ التحريم في أمور هينة ، كالعمل يوم السبت ، وأشد ما في شريعة التوراة من الإصر أنها لم تشرع فيها التوبة من الذنوب ، ولا استتابة المُجرم ، والإصر قد تقدم في قوله تعالى :
{ ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا } في سورة البقرة ( 286 ) وقرأ ابن عامر وحده في القراءات المشهورة ، ( آصارهم ) بلفظ الجمع ، والجمع والإفراد في الأجناس سواء .
والأغلالُ } جمع غُل بضم الغين وهو إطار من حديد يجعل في رقبة الأسير والجاني ويمسك بسير من جلد ، أو سلسلة من حديد بيد المُوكّل بحراسة الأسير ، قال تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل } [ غافر : 71 ] ويستعار الغُل للتكليف والعمل الذي يؤلم ولا يطاق فهوَ استعارة فإن بنيْنا على كلام الزَمخشري كان { الأغلال } تمثيلية بتشبيه حال المحرر من الذل والإهانة بحال من أطلق من الأسر ، فتعيّن أن وضع الأغلال استعارة لما يعانيه اليهود من المذلة بين الأمم الذين نزلوا في ديارهم بعد تخريب بيت المقدس ، وزوال ملك يهوذا ، فإن الإسلام جاء بتسوية أتباعه في حقوقهم في الجامعة الإسلامية ، فلا يبقى فيه مَيز بين أصيل ودخيل ، وصميم ولصيق ، كما كان الأمر في الجاهلية ، ومناسبة استعارة الأغلال للذلة أوضح ، لأن الأغلال من شعار الإذلال في الأسر والقود ونحوهما .
وهذان الوصفان لهما مزيد اختصاص باليهود ، المتحدث عنهم في خطاب الله تعالى لموسى ، ولا يتحققان في غيرهم ممن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن اليهود قد كان لهم شرع ، وكان فيه تكاليف شاقة ، بخلاف غير اليهود من العرب والفرس وغيرهم ، ولذلك أضاف الله الإصر إلى ضميرهم ، ووَصف الأغلال بما فيه ضميرهم ، على أنك إذا تأملت في حال الأمم كلهم قبل الإسلام لا تجد شرائعهم وقوانينهم وأحوالهم خالية من إصر عليهم ، مثل تحريم بعض الطيبات في الجاهلية ، ومثل تكاليف شاقة عند النصارى والمجوس لا تتلاقى مع السماحة الفطرية ، وكذلك لا تجدها خالية من رهق الجبابرة ، وإذلال الرؤساء ، وشدة الأقوياء على الضعفاء ، وما كان يحدث بينهم من التقاتل والغارات ، والتكايُل في الدماء ، وأكلهم أموالهم بالباطل ، فأرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم بديننِ من شأنه أن يخلص البشر من تلك الشدائِد ، كما قال تعالى : { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 107 ] ولذلك فسرنا الوضع بما يَعم النسخ وغيره ، وفسرنا الأغلال بما يخالف المراد من الأصر ، ولا يناكد هذا ما في أديان الجاهلية والمجوسية وغيرها من التحلل في أحكام كثيرة ، فإنه فساد عظيم لا يخفف وطأة ما فيها من الإصر ، وهو التحلل الذي نظر إليه أبو خِراش الهُذلي في قوله ، يَعْني شريعة الإسلام :
فليس كعهد الدار يا أم مالك ... ولكن أحَاطت بالرقاب السلاسل
والفاء في قوله : { فالذين آمنوا به } فاء الفصيحة ، والمعنى : إذا كان هذا النبي كما علمتم من شهادة التوراة والإنجيل بنبوءته ، ومن اتصاف شرعه بالصفة التي سمعتم ، علمتم أن الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا هديه ، هم المفلحون .
والقصر المستفاد من تعريف المسند ومن ضمير الفصل قصر إضافي ، أي هم الذين أفلحوا أي دون من كفر به بقرينة المقام ، لأن مقام دعاء موسى يقتضي أنه أراد المغفرة والرحمة وكتابة الحسنة في الدنيا والآخرة لكل من اتبع دينه ، ولا يريد موسى شمول ذلك لمن لا يتبع الإسلام بعد مجيء محمد صلى الله عليه وسلم ولكن جرى القصر على معنى الاحتراس من الإيهام ، ويجوز أن يكون القصر ادعائياً ، دالاً على معنى كمال صفة الفلاح للذين يتبعون النبي الأمي ، ففلاح غيرهم من الأمم المفلحين الذين سبقوهم كلاَ فلاح ، إذا نُسب إلى فلاحهم ، أي إن الأمة المحمدية أفضل الأمم على الجملة ، وإنهم الذين تنالهم الرحمة الإلهية التي تسع كل شيء من شؤونهم قال تعالى :
{ وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 107 ].
ومعنى { عزروه } أيدوه وقّووْه ، وذلك بإظهار ما تضمنته كتبهم من البشارة بصفاته ، وصفات شريعته ، وإعلان ذلك بين الناس ، وذلك شيء زائِد على الإيمان به ، كما فعل عبد الله بن سَلاَم ، وكقول ورقة بن نوفل : «هذا الناموس الذي أنزل على موسى» ، وهو أيضاً مغاير للنصر ، لأن النصر هو الإعانة في الحرب بالسلاح ، ومن أجل ذلك عطف عليه { ونصروه }.
واتّباع النور تمثيل للاقتداء بما جاء به القرآن : شبه حال المقتدي بهدي القرآن ، بحال الساري في الليل إذا رأى نوراً يلوح له اتّبعه ، لعلمه بأنه يجد عنده منجاة من المخاوف وأضرار السير ، وأجزاءُ هذا التمثيل استعارات ، فالإتباع يصلح مستعاراً للاقتداء ، وهو مجاز شائِع فيه ، والنور يصلح مستعاراً للقرآن؛ لأن الشيء الذي يعلّم الحقّ والرشد يشبّه بالنور ، وأحسن التمثيل ما كان صالحاً لاعتبار التشبيهات المفردة في أجزائه .
والإشارة في قوله : { أولئك هم المفلحون } للتنويه بشأنهَم ، وللدلالة على أن المشار إليهم بتلك الأوصاف صاروا أحرياء بما يخبر به عنهم بعد اسم الإشارة كقوله : { أولئك على هدى من ربهم } [ البقرة : 5 ].
وفي هذه الآية تنويه بعظيم فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم ، ويُلحق بهم من نصر دينه بعدهم .
- إعراب القرآن : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
«الَّذِينَ» اسم موصول بدل من الذين في الآية السابقة. «يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ» فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة صلة الموصول. «النَّبِيَّ» بدل. «الْأُمِّيَّ» بدل ثان. واسم الموصول «الَّذِي» بدل ثالث.
«يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً» فعل مضارع وفاعله ومفعولاه. «عِنْدَهُمْ» ظرف مكان متعلق بمكتوبا. «فِي التَّوْراةِ» متعلقان بمحذوف حال «وَالْإِنْجِيلِ» معطوف.
«يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ» الجملة الفعلية في محل نصب حال. «وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ» الجمل الفعلية بعدها معطوفة عليها. «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ» مضارع ومفعوله والفاعل هو والجار والمجرور متعلقان بالفعل.
«وَالْأَغْلالَ» عطف «الَّتِي» اسم موصول في محل نصب صفة للأغلال. «كانَتْ» فعل ماض وناقص واسمها ضمير مستتر. «عَلَيْهِمُ» متعلقان بمحذوف خبر كانت والجملة صلة. «فَالَّذِينَ» اسم موصول في محل رفع مبتدأ ، والفاء استئنافية وجملة «آمَنُوا» صلة الموصول «بِهِ» متعلقان بآمنوا «وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا» الجمل معطوفة «النُّورَ» مفعول به.
«الَّذِي» اسم موصول في محل نصب صفة النور. «أُنْزِلَ مَعَهُ» ماض مبني للمجهول تعلق به الظرف معه ونائب الفاعل محذوف والجملة صلة الموصول. «أُولئِكَ» اسم إشارة في محل رفع مبتدأ. «هُمُ» ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ثان أو ضمير فصل لا محل له. «الْمُفْلِحُونَ» خبر هم والجملة الاسمية هم المفلحون في محل رفع خبر أولئك. وجملة أولئك هم المفلحون خبر اسم الموصول فالذين.
- English - Sahih International : Those who follow the Messenger the unlettered prophet whom they find written in what they have of the Torah and the Gospel who enjoins upon them what is right and forbids them what is wrong and makes lawful for them the good things and prohibits for them the evil and relieves them of their burden and the shackles which were upon them So they who have believed in him honored him supported him and followed the light which was sent down with him - it is those who will be the successful
- English - Tafheem -Maududi : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(7:157) [To-day this mercy is for] those who follow the ummi Prophet, *112whom they find mentioned in the Torah and the Gospel with them. *113 He enjoins upon them what is good and forbids them what is evil. He makes the clean things lawful to them and prohibits all corrupt things, *114 and removes from them their burdens and the shackles that were upon them. *115 So those who believe in him and assist him, and succour him and follow the Light which has been sent down with him, it is they who shall prosper.
- Français - Hamidullah : Ceux qui suivent le Messager le Prophète illettré qu'ils trouvent écrit mentionné chez eux dans la Thora et l'Evangile Il leur ordonne le convenable leur défend le blâmable leur rend licites les bonnes choses leur interdit les mauvaises et leur ôte le fardeau et les jougs qui étaient sur eux Ceux qui croiront en lui le soutiendront lui porteront secours et suivront la lumière descendue avec lui; ceux-là seront les gagnants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : die dem Gesandten dem schriftunkundigen Propheten folgen den sie bei sich in der Tora und im Evangelium aufgeschrieben finden Er gebietet ihnen das Rechte und verbietet ihnen das Verwerfliche er erlaubt ihnen die guten Dinge und verbietet ihnen die schlechten und er nimmt ihnen ihre Bürde und die Fesseln ab die auf ihnen lagen Diejenigen nun die an ihn glauben ihm beistehen ihm helfen und dem Licht das mit ihm herabgesandt worden ist folgen das sind diejenigen denen es wohl ergeht"
- Spanish - Cortes : a quienes sigan al Enviado el Profeta de los gentiles a quien ven mencionado en sus textos en la Tora y en el Evangelio que les ordena lo que está bien y les prohíbe lo que está mal les declara lícitas las cosas buenas e ilícitas las impuras y les libera de sus cargas y de las cadenas que sobre ellos pesaban Los que crean en él le sostengan y auxilien los que sigan la Luz enviada abajo con él ésos prosperarán
- Português - El Hayek : São aqueles que seguem o Mensageiro o Profeta iletrado o qual encontram mencionado em sua Tora e no Evangelho oqual lhes recomenda o bem e que proíbe o ilícito prescrevelhes todo o bem e vedalhes o imundo aliviaos dos seus fardose livraos dos grilhões que o deprimem Aqueles que nele creram honraramno defenderamno e seguiram a Luz que comele foi enviada são os bemaventurados
- Россию - Кулиев : которые последуют за посланником неграмотным не умеющим читать и писать пророком запись о котором они найдут в Таурате Торе и Инджиле Евангелии Он повелит им совершать одобряемое и запретит им совершать предосудительное объявит дозволенным благое и запрещенным скверное освободит их от бремени и оков Те которые уверуют в него станут почитать его окажут ему поддержку и последуют за ниспосланным вместе с ним светом непременно преуспеют
- Кулиев -ас-Саади : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
которые последуют за посланником, неграмотным (не умеющим читать и писать) пророком, запись о котором они найдут в Таурате (Торе) и Инджиле (Евангелии). Он повелит им совершать одобряемое и запретит им совершать предосудительное, объявит дозволенным благое и запрещенным скверное, освободит их от бремени и оков. Те, которые уверуют в него, станут почитать его, окажут ему поддержку и последуют за ниспосланным вместе с ним светом, непременно преуспеют».Завершая свою молитву, Муса сказал: «Одари нас в этом мире полезными знаниями, щедрым уделом и праведными деяниями, а в Последней жизни - вознаграждением, которое Ты приготовил для Твоих приближенных и праведных рабов! Мы признаем свои упущения и обращаемся к Тебе во всех своих устремлениях!» Аллах ответил ему: «Я поражаю Своим наказанием несчастных грешников, которые сами обрекли себя на страдания, а милость Моя объемлет небеса и землю, праведников и грешников, верующих и неверующих. Нет такого творения, которого не коснулась бы милость Моя, который не утопал бы в Моих щедротах. Однако далеко не каждому удается заслужить особую милость, следствием которой является счастье как в мирской жизни, так и после смерти. Я предпишу ее только для тех, кто избегает великих и малых грехов, выплачивает обязательные пожертвования и совершенным образом верует в Наши знамения; кто знает их истинный смысл, руководствуется ими в делах и следует путем Пророка душой и телом, выполняя основные и второстепенные предписания религии». В этом аяте речь идет о пророке, который не умел ни писать, ни читать. Это был Пророк Мухаммад, сын Абдуллаха и внук Абд аль-Мутталиба. Из этих аятов, ниспосланных о сынах Исраила, становится ясно, что вера в Пророка Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует, была обязательным условием обращения израильтян в правую веру. Из них также следует, что те, кто уверовал в Пророка Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует, и последовал за ним, заслуживают милости Аллаха в самом широком смысле. Аллах охарактеризовал Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует, неграмотным пророком, потому что он был арабом и принадлежал к неграмотной общине, не умевшей ни читать, ни писать. До ниспослания Корана арабы не имели ни одного Священного Писания. Предсказания о пророке из их числа были ниспосланы в Торе и Евангелии. В них упоминаются его имя и качества, причем одним из них были его проповеди и запреты. Он призвал людей совершать деяния, прелесть, праведность и польза которых совершенно очевидна. Он запретил совершать дела, порочность которых определяется разумом и естеством. Он повелел совершать намаз и выплачивать закят, соблюдать пост и совершать паломничество, поддерживать родственные связи и делать добро родителям, оказывать милость соседям и помогать рабам, помогать остальным творениям и говорить правду, соблюдать целомудрие и праведность и искренне делать добро окружающим, а также совершать другие благодеяния. Он запретил приобщать сотоварищей к Аллаху и убивать людей без права на то, прелюбодействовать и употреблять опьяняющие напитки, обижать творения и говорить неправду, распутствовать и совершать прочие преступления. Его повеления и запреты - величайшее доказательство того, что он действительно был посланником Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует. Об этом свидетельствовало и то, что он объявлял дозволенным и запрещенным. Он разрешил употреблять в пищу прекрасные яства, пить полезные напитки и жениться на женщинах. Он запретил употреблять в пищу вредные продукты, пить вредные напитки, вступать в брак с некоторыми из женщин, произносить порочные слова и совершать отвратительные поступки. Он принес легкую и доступную религию, которая не обременяет его последователей и не обязывает их к выполнению непосильных предписаний. Праведники веруют в него и относятся к нему с почтением, оказывают ему поддержку и следуют за Священным Кораном, который освещает путь во мраке невежества и сомнений и разрешает любые противоречия. Они непременно обретут успех и великое благо при жизни на земле и после смерти и спасутся от всякого зла, потому что они ухватились за самую великую причину, следствием которой является преуспеяние. Те же, кто отказывается уверовать в этого неграмотного пророка, почитать его и оказывать ему поддержку, кто не желает следовать за ниспосланным с ним светом, непременно окажутся потерпевшими убыток.
- Turkish - Diyanet Isleri : "Bu dünyada ve ahirette bizim için güzel olanı yaz; biz Sana yöneldik" dedi Allah "Azabıma dilediğim kimseyi uğratırım rahmetim herşeyi kaplamıştır; bunu Allah'a karşı gelmekten sakınanlara zekat verenlere ayetlerimize inanıp yanlarındaki Tevrat ve İncil'de yazılı buldukları okuyup yazması olmayan peygambere uyanlara yazacağız O peygamber onlara uygun olanı emreder ve fenalıktan meneder temiz şeyleri helal murdar şeyleri haram kılar onların ağır yüklerini indirir zor tekliflerini hafifletir Bu peygambere inanan hürmet eden yardım eden onunla gönderilen nura uyanlar yok mu İşte onlar saadete erenlerdir" dedi
- Italiano - Piccardo : a coloro che seguono il Messaggero il Profeta illetterato che trovano chiaramente menzionato nella Torâh e nell'Ingil colui che ordina le buone consuetudini e proibisce ciò che è riprovevole che dichiara lecite le cose buone e vieta quelle cattive che li libera del loro fardello e dei legami che li opprimono Coloro che crederanno in lui lo onoreranno lo assisteranno e seguiranno la luce che è scesa con lui invero prospereranno”
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهوانهی که شوێنی ئهم محمدصلى الله عليه وسلم پێغهمبهره ههواڵدهره نهخوێندهواره دهکهون ئهوهی که گاورو جوو ناوو نیشانیان دهستیان دهکهوێت نووسراوه لای ئهوان له تهورات و ئینجیلدا فهرمانیان پێدهدات بهچاکهو قهدهغهی گوناهو خراپهیان لێدهکات و ههرچیهک پاکو چاکه بۆیان حهڵاڵ دهکات و ههرچی پیس و ناپوخته لێیان حهرام دهکات و ئهرکه قورس و سهنگینهکان لهسهرشانیان لادهبات ئهو کۆت و زنجیرانهش که لهسهریان بوو لای دهبات وهک خۆ کۆشتن لهکاتی تهوبهدا هتد جا ئهوانهی باوهڕیان پێ هێناوه و پشتیوانیان لێکردوه و پشتگیریان کردووه و شوێنی ئهو نووره کهوتوون که قورئانه و هاوڕێ لهگهڵیدا ڕهوانه کراوه ههر ئهوانه سهرفرازو ڕزگارن
- اردو - جالندربرى : وہ جو محمدﷺ رسول الله کی جو نبی امی ہیں پیروی کرتے ہیں جن کے اوصاف کو وہ اپنے ہاں تورات اور انجیل میں لکھا ہوا پاتے ہیں۔ وہ انہیں نیک کام کا حکم دیتے ہیں اور برے کام سے روکتے ہیں۔ اور پاک چیزوں کو ان کے لیے حلال کرتے ہیں اور ناپاک چیزوں کو ان پر حرام ٹہراتے ہیں اور ان پر سے بوجھ اور طوق جو ان کے سر پر اور گلے میں تھے اتارتے ہیں۔ تو جو لوگ ان پر ایمان لائے اور ان کی رفاقت کی اور انہیں مدد دی۔ اور جو نور ان کے ساتھ نازل ہوا ہے اس کی پیروی کی۔ وہی مراد پانے والے ہیں
- Bosanski - Korkut : onima koji će slijediti Poslanika Vjerovjesnika koji neće znati čitati ni pisati kojeg oni kod sebe u Tevratu i Indžilu zapisana nalaze koji će od njih tražiti da čine dobra djela a od odvratnih odvraćati ih koji će im lijepa jela dozvoliti a ružna im zabraniti koji će ih tereta i teškoća koje su oni imali osloboditi Zato će oni koji budu u njega vjerovali koji ga budu podržavali i pomagali i svjetlo po njemu poslano slijedili – postići ono što budu željeli
- Swedish - Bernström : som följer Sändebudet den olärde Profeten som de kan finna omnämnd i sina egna [Skrifter] i Tora och i Evangeliet; och han skall anbefalla dem det som är rätt och förbjuda dem det som är orätt och förklara tillåtna för dem alla goda och nyttiga ting och otillåtet allt som är ont och skadligt och befria dem från deras bördor och lösa dem från de bojor som har bundit dem De som tror på honom och ärar honom och stöder honom och låter sig ledas av det ljus som åtföljer honom dem skall det gå väl i händer"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Yaitu orangorang yang mengikut Rasul Nabi yang ummi yang namanya mereka dapati tertulis di dalam Taurat dan Injil yang ada di sisi mereka yang menyuruh mereka mengerjakan yang ma'ruf dan melarang mereka dari mengerjakan yang mungkar dan menghalalkan bagi mereka segala yang baik dan mengharamkan bagi mereka segala yang buruk dan membuang dari mereka bebanbeban dan belenggubelenggu yang ada pada mereka Maka orangorang yang beriman kepadanya memuliakannya menolongnya dan mengikuti cahaya yang terang yang diturunkan kepadanya Al Quran mereka itulah orangorang yang beruntung
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(Yaitu orang-orang yang mengikut rasul, nabi yang ummi) yaitu Nabi Muhammad saw. (yang namanya mereka dapati tertulis di dalam Taurat dan Injil yang ada di sisi mereka) lengkap dengan nama dan ciri-cirinya (yang menyuruh mereka mengerjakan yang makruf dan melarang mereka dari mengerjakan yang mungkar dan menghalalkan bagi mereka segala yang baik) dari apa yang sebelumnya diharamkan oleh syariat mereka (dan mengharamkan bagi mereka segala yang buruk) yaitu bangkai dan lain-lainnya (dan membuang dari mereka beban-beban) maksud tanggungan mereka (dan belenggu-belenggu) hal-hal yang berat (yang ada pada mereka) seperti bertobat dengan jalan membunuh diri dan memotong apa yang terkena oleh najis. (Maka orang-orang yang beriman kepadanya) dari kalangan mereka (memuliakannya) yaitu menghormatinya (menolongnya dan mengikuti cahaya yang terang yang diturunkan kepadanya) yakni Alquran (mereka itulah orang-orang yang beruntung).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : সেসমস্ত লোক যারা আনুগত্য অবলম্বন করে এ রসূলের যিনি উম্মী নবী যাঁর সম্পর্কে তারা নিজেদের কাছে রক্ষিত তওরাত ও ইঞ্জিলে লেখা দেখতে পায় তিনি তাদেরকে নির্দেশ দেন সৎকর্মের বারণ করেন অসৎকর্ম থেকে; তাদের জন্য যাবতীয় পবিত্র বস্তু হালাল ঘোষনা করেন ও নিষিদ্ধ করেন হারাম বস্তুসমূহ এবং তাদের উপর থেকে সে বোঝা নামিয়ে দেন এবং বন্দীত্ব অপসারণ করেন যা তাদের উপর বিদ্যমান ছিল। সুতরাং যেসব লোক তাঁর উপর ঈমান এনেছে তাঁর সাহচর্য অবলম্বন করেছে তাঁকে সাহায্য করেছে এবং সে নূরের অনুসরণ করেছে যা তার সাথে অবতীর্ণ করা হয়েছে শুধুমাত্র তারাই নিজেদের উদ্দেশ্য সফলতা অর্জন করতে পেরেছে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : எவர்கள் எழுதப்படிக்கத் தெரியாத நபியாகிய நம் தூதரைப் பின்பற்றுகிறார்களோ அவர்கள் தங்களிடமுள்ள தவ்ராத்திலும் இன்ஜீலிலும் இவரைப் பற்றி எழுதப் பட்டிருப்பதைக் காண்பார்கள்; அவர் அவர்களை நன்மையான காரியங்கள் செய்யுமாறு ஏவுவார்; பாவமான காரியங்களிலிருந்து விலக்குவார்; தூய்மையான ஆகாரங்களையே அவர்களுக்கு ஆகுமாக்குவார்; கெட்டவற்றை அவர்களுக்குத் தடுத்து விடுவார்; அவர்களுடைய பளுவான சுமைகளையும் அவர்கள் மீது இருந்த விலங்குகளையும் கடினமான கட்டளைகளையும் இறக்கிவிடுவார்; எனவே எவர்கள் அவரை மெய்யாகவே நம்பி அவரைக் கண்ணியப்படுத்தி அவருக்கு உதவி செய்து அவருடன் அருளப்பட்டிருக்கும் ஒளிமயமான வேதத்தையும் பின் பற்றுகிறார்களோ அவர்கள் தாம் வெற்றி பெறுவார்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “คือบรรดาผู้ปฏิบัติตามร่อซูล ผู้เป็นนบีที่เขียนอ่านไม่เป็นที่พวกเขา พบเขาถูกจารึกไว้ ณ ที่พวกเขา ทั้งในอัตเตารอต และในอัลอินญีลโดยที่เขา จะใช้พวกเขาให้กระทำในสิ่งที่ชอบและห้ามพวกเขามืให้กระทำในสิ่งที่ไม่ชอบและจะอนุมัติให้แก่พวกเขาซึ่งสิ่งดี ๆ ทั้งหลาย และจะให้เป็นที่ต้องห้ามแก่พวกเขา ซึ่งสิ่งที่เลวทั้งหลาย และจะปลดเปลื้องออกจากพวกเขา ซึ่งภาระหนักของพวกเขาและห่วงคอ ที่ปรากฏอยู่บนพวกเขา ดังนั้นบรรดาผู้ที่ศรัทธาต่อเขา และให้ความสำคัญแก่เขาและช่วยเหลือเขา และปฏิบัติตามแสงสว่าง ที่ถูกประทานลงมาแก่เขาแล้วไซร้ ชนเหล่านี้แหละคือบรรดาผู้ที่สำเร็จ”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Улар ўз ҳузурларидаги Таврот ва Инжилда ёзилган ҳолида топиладиган уларни яхшиликка буюриб ёмонликдан қайтарадиган уларга покиза нарсаларни ҳалол қилиб нопок нарсаларни ҳаром қиладиган устиларидаги юкни енгиллатиб кишанларни ечадиган уммий Набий Пайғамбарга эргашадилар Бас унга иймон келтириб ёрдам бериб ва уни қўллабқувватлаган ҳамда унга нозил бўлган нурга эргашганлар–ана ўшалар нажот топгувчилардир деди Аллоҳдан гуноҳларини кечишини сўраганларидан сўнг у зот икки дунёнинг яхшилигини ҳам сўрадилар Фақат охиратнинггина эмас бу дунё ва у дунёнинг яхшиликларини сўрадилар Бу ҳаммага ўрнак бўлиши керак Мусо а с танлаб олинган етмиш нафар номидан қилган илтижолари охирида Биз сенга тавба қилдик дедилар Муҳаммаднинг с а в сифатлари ҳақиқий Таврот ва ҳақиқий Инжилда ёзилган Шундай бўлишини Аллоҳ таоло қадимда Мусо а с билан бирга мийқотга келган Бани Исроилнинг етмишта вакилига ҳам айтган Кейинчалик шундай бўлди ҳам Қанчаданқанча аҳли китоблар ёки бу китоблардан бўлажак Пайғамбарнинг сифатлари ҳақида маълумот олганлар Муҳаммадни с а в кўришлари билан иймонга келдилар
- 中国语文 - Ma Jian : 他们顺从使者不识字的先知,他们在自己所有的《讨拉特》和《引支勒》中发现关于他的记载。他命令他们行善,禁止他们作恶,准许他们吃佳美的食物,禁戒他们吃污秽的食物,卸脱他们的重担,解除他们的桎梏,故凡信仰他,尊重他,援助他,而且遵循与他一起降临的光明的人,都是成功者。
- Melayu - Basmeih : "Iaitu orangorang yang mengikut Rasulullah Muhammad saw Nabi yang Ummi yang mereka dapati tertulis namanya dan sifatsifatnya di dalam Taurat dan Injil yang ada di sisi mereka Ia menyuruh mereka dengan perkaraperkara yang baik dan melarang mereka daripada melakukan perkaraperkara yang keji; dan ia menghalalkan bagi mereka segala benda yang baik dan mengharamkan kepada mereka segala benda yang buruk; dan ia juga menghapuskan dari mereka bebanbeban dan belenggubelenggu yang ada pada pada mereka Maka orangorang yang beriman kepadanya dan memuliakannya juga menolongnya serta mengikut nur cahaya yang diturunkan kepadanya AlQuran mereka itulah orangorang yang berjaya
- Somali - Abduh : ee ah kuwa Raaca Rasuulka Nabiga ah ec Umiga ah ee ah kay ka heleyeen Isagoo ku qoran agtooda Tawreed iyo Injiil Farana wanaagga kana reeba Xumaanta una Baneeya Wanaagga Xalaasha kana Xarrima Xumaanta Xaaraanta kana dejiya Culayskii iyo Xadhkihii korkooda ahaa kuwa Rumeeyey Nabigaas oo Qaddariyey oo u Gargaaray oo Raacay Nuurka lagu soo Dejiyey kuwaasu waa uun kuwa Liibaanay
- Hausa - Gumi : "Waɗanda suke sunã bin Manzo Annabi Ummiyyi wanda suke sãmun sa rubũce a wurinsu a cikin Attaura da Linjĩla
- Swahili - Al-Barwani : Ambao kwamba wanamfuata huyo Mtume Nabii asiye soma wala kuandika wanaye mkuta kaandikwa kwao katika Taurati na Injili anaye waamrisha mema na anawakanya maovu na anawahalalishia vizuri na ana waharimishia viovu na anawaondolea mizigo yao na minyororo iliyo kuwa juu yao Basi wale walio muamini yeye na wakamhishimu na wakamsaidia na wakaifuata nuru iliyo teremshwa pamoja naye hao ndio wenye kufanikiwa
- Shqiptar - Efendi Nahi : ata që ndjekin rrugën e Pejgamberit lajmëtarit të fesë i cili nuk di shkrim lexim Muhammedi të cilin ata e gjejnë të shënuar në Teurat dhe Inxhil i urdhëron ata të bëjnë vepra të mira dhe i ndalon nga të këqiat ua lejon të mirat e ua ndalon të këqiat dhe i liron nga barrët e rënda dhe vështirësitë që i kanë pasur Prandaj ata që do të besojnë ate Muhammedin që do ta përkrahin dhe ndihmojnë e do të ndjekin dritën që i është shpallur atij – vetëm ata janë të lumtur
- فارسى - آیتی : آنان كه از اين رسول، اين پيامبر امى كه نامش را در تورات و انجيل خود نوشته مىيابند، پيروى مىكنند-آن كه به نيكى فرمانشان مىدهد و از ناشايست بازشان مىدارد و چيزهاى پاكيزه را بر آنها حلال مىكند و چيزهاى ناپاك را حرام و بار گرانشان را از دوششان برمى دارد و بند و زنجيرشان را مىگشايد. پس كسانى كه به او ايمان آوردند و حرمتش را نگاه داشتند و ياريش كردند و از آن كتاب كه بر او نازل كردهايم پيروى كردند، رستگارانند.
- tajeki - Оятӣ : онон, ки аз ин расул, ин паёмбари уммӣ, ки номашро дар Тавроту Инҷили худ навишта меёбанд, пайравӣ мекунанд — он кӣ ба некӣ фармонашон медиҳад ва аз ношоист бозашон медорад ва чизҳои покизаро бар онҳо ҳалол мекунад ва чизҳои нопокро ҳаром ва бори гаронашонро аз дӯшашон бармедорад ва банду занҷирашонро мекушояд. Пас касоне, ки ба ӯ имон оварданд ва ҳурматашро нигоҳ доштанд ва ёриаш карданд ва аз он китоб, ки ба ӯ нозил кардаем, пайравӣ карданд, наҷот ёфтагонанд!»
- Uyghur - محمد صالح : ئۇلار ئەلچىگە - ئۈممى پەيغەمبەرگە (يەنى مۇھەممەد ئەلەيھىسسالامغا) ئەگىشىدۇ، ئۇلار ئۆز ئىلكىدىكى تەۋرات، ئىنجىللاردا ئۇنىڭ (سۈپىتىنىڭ) يېزىلغانلىقىنى كۆرىدۇ. ئۇ ئۇلارنى ياخشى ئىش قىلىشقا بۇيرۇيدۇ، يامان ئىش قىلىشتىن توسىدۇ، ئۇلارغا پاك نەرسىلەرنى ھالال قىلىدۇ، ناپاك نەرسىلەرنى ھارام قىلىدۇ، ئۇلارنىڭ ئېغىر يۈكىنى يېنىكلىتىدۇ، ئۇلارنى سېلىنغان تاقاق، كويزا - كىشەنلەردىن بوشىتىدۇ (يەنى ئۇلارغا يۈكلەنگەن ئېغىر ۋەزىپىلەرنى ئېلىپ تاشلايدۇ)، ئۇنىڭغا ئىمان ئېيتقانلار، ئۇنى ھۆرمەتلىگەنلەر، ئۇنىڭغا ياردەم بەرگەنلەر، ئۇنىڭغا نازىل قىلىنغان نۇر (يەنى قۇرئان) غا ئەگەشكۈچىلەر بەختكە ئېرىشكۈچىلەردۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : തങ്ങളുടെ വശമുള്ള തൌറാത്തിലും ഇഞ്ചീലിലും രേഖപ്പെടുത്തിയതായി അവര് കാണുന്ന നിരക്ഷരനായ പ്രവാചകനുണ്ടല്ലോ അവര് ആ ദൈവദൂതനെ പിന്പറ്റുന്നവരാണ്. അവരോട് അദ്ദേഹം നന്മ കല്പിക്കുകയും തിന്മ വിലക്കുകയും ചെയ്യുന്നു. ഉത്തമ വസ്തുക്കള് അവര്ക്ക് അനുവദനീയമാക്കുകയും ചീത്ത വസ്തുക്കള് നിഷിദ്ധമാക്കുകയും ചെയ്യുന്നു. അവരെ ഞെരിച്ചുകൊണ്ടിരിക്കുന്ന ഭാരങ്ങള് ഇറക്കിവെക്കുന്നു. അവരെ കുരുക്കിയിട്ട വിലങ്ങുകള് അഴിച്ചുമാറ്റുന്നു. അതിനാല് അദ്ദേഹത്തില് വിശ്വസിക്കുകയും അദ്ദേഹത്തെ ശക്തിപ്പെടുത്തുകയും സഹായിക്കുകയും അദ്ദേഹത്തിന് അവതീര്ണമായ പ്രകാശത്തെ പിന്തുടരുകയും ചെയ്യുന്നവരാരോ, അവരാണ് വിജയം വരിച്ചവര്.
- عربى - التفسير الميسر : هذه الرحمه ساكتبها للذين يخافون الله ويجتنبون معاصيه ويتبعون الرسول النبي الامي الذي لا يقرا ولا يكتب وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجدون صفته وامره مكتوبين عندهم في التوراه والانجيل يامرهم بالتوحيد والطاعه وكل ما عرف حسنه وينهاهم عن الشرك والمعصيه وكل ما عرف قبحه ويحل لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والمناكح ويحرم عليهم الخبائث منها كلحم الخنزير وما كانوا يستحلونه من المطاعم والمشارب التي حرمها الله ويذهب عنهم ما كلفوه من الامور الشاقه كقطع موضع النجاسه من الجلد والثوب واحراق الغنائم والقصاص حتما من القاتل عمدا كان القتل ام خطا فالذين صدقوا بالنبي الامي محمد صلى الله عليه وسلم واقروا بنبوته ووقروه وعظموه ونصروه واتبعوا القران المنزل عليه وعملوا بسنته اولئك هم الفائزون بما وعد الله به عباده المومنين
*112). The preceding verse concludes God's response to Moses' prayer. This was the appropriate moment to invite the Israelites to follow the Message preached by the Prophet Muhammad (peace be on him). The upshot of what is being said here is that people can even now attain God's mercy exactly as they could in the past. These conditions require that people should now follow the Prophet Muhammad (peace be on him), since refusal to follow a Prophet after his advent amounts to gross disobedience to God. Those who do not commit themselves to follow the Prophet (peace be on him) cannot attain the essence of piety, no matter how hard they try to make a pretence of it by observing the minor details of religious rituals generally associated with piety.
Likewise, the Israelites had been told that paying Zakah was essential to win God's mercy. However, payment of Zakah is meaningless unless one supports the struggle to establish the hegemony of truth which was being carried on under the leadership of the Prophet (peace be on him). For unless one spends money to exalt the word of God, the very foundation of Zakah are lacking, even if a person spends huge amounts in the way of charity. They were also reminded that they had been told in the past that God's mercy was exclusively for those who believed in His Revelation. Now those who rejected the Revelation received by Muhammad (peace be on him) could never be considered believers in Revelation no matter how zealously they claim to believe in the Torah.
Reference to the Prophet (peace be on him) in this verse as umimi is significant as the Israelites branded all other nations as Gentiles (ummis). Steeped in racial prejudice, they did not consider members of other nations as their equals, let alone accept any person not belonging to them as a Prophet. The Qur'an also states the Jewish belief that they would not be taken to ask for whatever they might do to non-Jews. (See Al'Imran 3: 75.) Employing the same term which they themselves had used, the Qur'an tells them that their destiny was linked with the ummi Prophet. By obeying him they would become deserving of God's mercy. As for disobedience to the Prophet (peace be on him). it would continue to arouse God's wrath which had been afflicted upon them for centuries.
*113). Pointed and repeated reference to the coming of the Prophet Muhammad (peace be on him) is made in the Bible. (See Deuteronomy 8: 15-19; Matthew 21: 33-46; John 1: 19-25; 14: 15-17, 25-30; 15: 25-6; 6: 7-15.)
*114). The Prophet declares the pure things which they had forbidden as lawful, and the impure things which they had legitimized as unlawful.
*115). The Israelites had fettered their lives by undue restrictions which had been placed on them by the legal hair-splitting of their jurists, the pietistic exaggerations of their spiritual leaders, the introduction of superstitions and self-contrived laws and regulations by, their masses. The Prophet, by relieving them of every unnecessary burden and releasing them from every unjustified restriction, in fact liberated their shackled lives.