- عربي - نصوص الآيات عثماني : ۞ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
- عربى - نصوص الآيات : ۞ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ۚ إنه هو السميع العليم
- عربى - التفسير الميسر : وإن مالوا إلى ترك الحرب ورغبوا في مسالمتكم فمِلْ إلى ذلك -أيها النبي- وفَوِّضْ أمرك إلى الله، وثق به. إنه هو السميع لأقوالهم، العليم بنيَّاتهم.
- السعدى : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
{وَإِنْ جَنَحُوا} أي: الكفار المحاربون، أي: مالوا {لِلسَّلْمِ} أي: الصلح وترك القتال. {فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} أي: أجبهم إلى ما طلبوا متوكلًا على ربك، فإن في ذلك فوائد كثيرة. منها: أن طلب العافية مطلوب كل وقت، فإذا كانوا هم المبتدئين في ذلك، كان أولى لإجابتهم. ومنها: أن في ذلك إجمامًا لقواكم، واستعدادا منكم لقتالهم في وقت آخر، إن احتيج لذلك. ومنها: أنكم إذا أصلحتم وأمن بعضكم بعضًا، وتمكن كل من معرفة ما عليه الآخر، فإن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه،.فكل من له عقل وبصيرة إذا كان معه إنصاف فلا بد أن يؤثره على غيره من الأديان، لحسنه في أوامره ونواهيه، وحسنه في معاملته للخلق والعدل فيهم، وأنه لا جور فيه ولا ظلم بوجه، فحينئذ يكثر الراغبون فيه والمتبعون له. فصار هذا السلم عونا للمسلمين على الكافرين. ولا يخاف من السلم إلا خصلة واحدة، وهي أن يكون الكفار قصدهم بذلك خدع المسلمين، وانتهاز الفرصة فيهم،.
- الوسيط لطنطاوي : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
وقوله جَنَحُوا من الجنوح بمعنى الميل، يقال: جنح فلان للشيء وإليه- يجنح- مثلث النون- جنوحا. أى: مال إليه.
قال القرطبي: والجنوح: الميل. وجنح الرجل إلى الآخر: مال إليه. ومنه قيل للأضلاع جوانح، لأنها مالت على الحشوة- بضم الحاء وكسرها- أى: الأمعاء.
وجنحت الإبل: إذا مالت أعناقها في السير قال ذو الرمة:
إذا مات فوق الرحل أحييت روحه ... بذكراك والعيس المراسيل جنح
وقرأ الأعمش وأبو بكر وابن محيص «للسلم» - بكسر السين- وقرأ الباقون بالفتح.
وإنما قال لَها لأن السلم مؤنثة- تأنيث نقيضها وهي الحرب.. ويجوز أن يكون التأنيث للفعلة.
والمعنى: عليك- أيها الرسول الكريم- أن تنكل في الحرب بأولئك الكافرين الناقضين لعهودهم في كل مرة، وأن تهيئ ما استطعت من قوة لإرهابهم فإن مالوا بعد ذلك إلى السلم أى: المسالمة والمصالحة فوافقهم ومل إليها ما دامت المصلحة في هذه المسألة.
وقوله وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ معطوف على فَاجْنَحْ لَها لقصد التثبيت وبعث الطمأنينة في قلبه.
أى: اقبل المسالمة ما دام فيها مصلحتك، وفوض أمرك إلى الله- تعالى- ولا تخش مكرهم وكيدهم وغدرهم، إنه- سبحانه- هُوَ السَّمِيعُ لأقوالهم الْعَلِيمُ بأحوالهم، فيجازيهم بما يستحقون، ويرد كيدهم في نحورهم.
وعبر- سبحانه- عن جنوحهم إلى السلم بحرف إِنْ الذي يعبر به عن الشيء المشكوك في وقوعه، للإشارة إلى أنهم ليسوا أهلا لاختيار المسالمة أو المصالحة لذاتها، وإنما هم جنحوا إليها لحاجة في نفوسهم، فعلى المؤمنين أن يكونوا دائما على حذر منهم، وألا يأمنوا مكرهم.
هذا وقد اختلف العلماء فيمن عنى بهذه الآية. فمنهم من يرى أن المعنى بها أهل الكتاب، ومنهم من يرى أن الآية عامة، أى تشمل أهل الكتاب والمشركين. ثم اختلفوا بعد ذلك في كونها منسوخة أولا؟
وقد حكى ابن جرير معظم هذه الخلافات ورجح أن المقصود بهذه الآية جماعة من أهل الكتاب، وأن الآية ليست منسوخة فقال ما ملخصه:
عن قتادة أن قوله وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها.. منسوخة بقوله في سورة براءة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ. وبقوله وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً.
فقد كانت هذه- أى الآية التي معنا وهي قوله- تعالى- وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ... - قبل براءة. كان النبي صلى الله عليه وسلم يوادع القوم إلى أجل، فإما أن يسلموا، وإما أن يقاتلهم، ثم نسخ ذلك بعد في براءة فقال: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ.
وعن عكرمة والحسن البصري قالا: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ... نسختها الآية التي في براءة وهي قوله- تعالى- قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ... الآية.
ثم قال ابن جرير: فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله من أن هذه الآية منسوخة، فقول لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا فطرة عقل.
لأن قوله وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها.. إنما عنى به بنو قريظة- كما قال مجاهد- وكانوا يهودا أهل كتاب وقد أذن الله- جل ثناؤه- للمؤمنين بصلح أهل الكتاب، ومتاركتهم الحرب، على أخذ الجزية منهم، وأما قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ.. فإنما عنى به مشركو العرب من عبدة الأوثان، الذين لا يجوز قبول الجزية منهم، فليس في إحدى الآيتين نفى حكم الأخرى، بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه...
هذا ما يراه ابن جرير. أما ابن كثير فقد وافقه على أن الآية ليست منسوخة، وخالفه في أن المقصود بها بنو قريظة، فهو يرى أن الآية عامة فقد قال- رحمه الله-:
قوله: وَإِنْ جَنَحُوا أى: مالوا لِلسَّلْمِ أى المسالمة والمصالحة والمهادنة فَاجْنَحْ لَها أى: فمل إليها واقبل منهم ذلك. ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين أجابهم إلى ذلك مع ما اشترطوا من الشروط الأخر ...
وقال مجاهد: نزلت في بنى قريظة، وهذا فيه نظر، لأن السياق كله في موقعة بدر، وذكرها مكتنف لها كله.
وقال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني وعكرمة والحسن وقتادة: إن الآية منسوخة بآية السيف في براءة، وهي قوله- تعالى- قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ.
وفيه نظر أيضا، لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك، فأما إذا كان العدو كثيفا فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت عليه هذه الآية الكريمة وَإِنْ جَنَحُوا ... وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية. فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص..».
ويبدو لنا أن ما ذهب إليه ابن كثير أرجح، لأن الآية الكريمة تقرر مبدأ عاما في معاملة الأعداء، وهو أنه من الجائز مهادنتهم ومسالمتهم ما دام ذلك في مصلحة المسلمين.
ولعل هذا هو ما قصده صاحب الكشاف بقوله عند تفسير الآية-: «والصحيح أن الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام وأهله من حرب أو سلم. وليس يحتم أن يقاتلوا أبدا. أو يجابوا إلى الهدنة أبدا».
- البغوى : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
قوله تعالى : ( وإن جنحوا للسلم ) أي : مالوا إلى الصلح ، ( فاجنح لها ) أي : مل إليها وصالحهم . روي عن قتادة والحسن : أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " براءة - 5 " ( وتوكل على الله ) ! ثم بالله ، ( إنه هو السميع العليم )
- ابن كثير : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
يقول تعالى : إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم عهدهم على سواء ، فإن استمروا على حربك ومنابذتك فقاتلهم ، ( وإن جنحوا ) أي : مالوا ( للسلم ) أي المسالمة والمصالحة والمهادنة ، ( فاجنح لها ) أي : فمل إليها ، واقبل منهم ذلك ؛ ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين ؛ أجابهم إلى ذلك مع ما اشترطوا من الشروط الأخر .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا فضيل بن سليمان - يعني النميري - حدثنا محمد بن أبي يحيى ، عن إياس بن عمرو الأسلمي ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنه سيكون بعدي اختلاف - أو : أمر - فإن استطعت أن يكون السلم ، فافعل .
وقال مجاهد : نزلت في بني قريظة .
وهذا فيه نظر ؛ لأن السياق كله في وقعة بدر ، وذكرها مكتنف لهذا كله .
وقول ابن عباس ، ومجاهد ، وزيد بن أسلم ، وعطاء الخراساني ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة : إن هذه الآية منسوخة بآية السيف في " براءة " : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) الآية [ التوبة : 29 ] فيه نظر أيضا ؛ لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك ، فأما إذا كان العدو كثيفا ، فإنه تجوز مهادنتهم ، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، وكما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية ، فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص ، والله أعلم .
- القرطبى : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
قوله تعالى وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم فيه مسألتان :
الأولى : وإن جنحوا للسلم فاجنح لها إنما قال لها لأن السلم مؤنثة . ويجوز أن يكون التأنيث للفعلة . والجنوح الميل . يقول : إن مالوا - يعني الذين نبذ إليهم عهدهم - إلى المسالمة ، أي الصلح ، فمل إليها . وجنح الرجل إلى الآخر : مال إليه ، ومنه قيل للأضلاع جوانح ، لأنها مالت على الحشوة . وجنحت الإبل : إذا مالت أعناقها في السير . وقال ذو الرمة :
إذا مات فوق الرحل أحييت روحه بذكراك والعيس المراسيل جنح
وقال النابغة :
جوانح قد أيقن أن قبيلة
إذا ما التقى الجمعان أول غالب يعني الطير . وجنح الليل إذا أقبل وأمال أطنابه على الأرض . والسلم والسلام هو الصلح . وقرأ الأعمش وأبو بكر وابن محيصن والمفضل ( للسلم ) بكسر السين . الباقون بالفتح . وقد تقدم معنى ذلك في " البقرة " مستوفى . وقد يكون السلام من التسليم . وقرأ الجمهور فاجنح بفتح النون ، وهي لغة تميم . وقرأ الأشهب العقيلي ( فاجنح ) بضم النون ، وهي لغة قيس . قال ابن جني : وهذه اللغة هي القياس .
الثانية : وقد اختلف في هذه الآية ، هل هي منسوخة أم لا . فقال قتادة وعكرمة : نسخها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وقاتلوا المشركين كافة وقالا : نسخت " براءة " كل موادعة ، حتى يقولوا لا إله إلا الله . ابن عباس : الناسخ لها فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم . وقيل : ليست بمنسوخة ، بل أراد قبول الجزية من أهل الجزية . وقد صالح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من الأئمة كثيرا من بلاد العجم ، على ما أخذوه منهم ، وتركوهم على ما هم فيه ، وهم قادرون على استئصالهم . وكذلك صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا من أهل البلاد على مال يؤدونه ، من ذلك خيبر ، رد أهلها إليها بعد الغلبة على أن يعملوا ويؤدوا النصف . قال ابن إسحاق : قال مجاهد عنى بهذه الآية قريظة ، لأن الجزية تقبل منهم ، فأما المشركون فلا يقبل منهم شيء . وقال السدي وابن زيد . : معنى الآية إن دعوك إلى الصلح فأجبهم . ولا نسخ فيها . قال ابن العربي : وبهذا يختلف الجواب عنه ، وقد قال الله عز وجل : فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم . فإذا كان المسلمون على عزة وقوة ومنعة ، وجماعة عديدة ، وشدة شديدة فلا صلح ، كما قال :
فلا صلح حتى تطعن الخيل بالقنا
وتضرب بالبيض الرقاق الجماجم
وإن كان للمسلمين مصلحة في الصلح ، لنفع يجتلبونه ، أو ضرر يدفعونه ، فلا بأس أن يبتدئ المسلمون به إذا احتاجوا إليه . وقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على شروط نقضوها فنقض صلحهم . وقد صالح الضمري وأكيدر دومة وأهل نجران ، وقد هادن قريشا لعشرة أعوام حتى نقضوا عهده . وما زالت الخلفاء والصحابة على هذه السبيل التي شرعناها سالكة ، وبالوجوه التي شرحناها عاملة . قال القشيري : إذا كانت القوة للمسلمين فينبغي ألا تبلغ الهدنة سنة . وإذا كانت القوة للكفار جاز مهادنتهم عشر سنين ، ولا تجوز الزيادة . وقد هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة عشر سنين . قال ابن المنذر : اختلف العلماء في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة عام الحديبية ، فقال عروة : كانت أربع سنين . وقال ابن جريج : كانت ثلاث سنين . وقال ابن إسحاق : كانت عشر سنين . وقال الشافعي رحمه الله : لا تجوز مهادنة المشركين أكثر من عشر سنين ، على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، فإن هودن المشركون أكثر من ذلك فهي منتقضة ، لأن الأصل فرض قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية . وقال ابن حبيب عن مالك رضي الله عنه : تجوز مهادنة المشركين السنة والسنتين والثلاث ، وإلى غير مدة . قال المهلب : إنما قاضاهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه القضية التي ظاهرها الوهن على المسلمين ، لسبب حبس الله ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة ، حين توجه إليها فبركت . وقال : حبسها حابس الفيل . على ما خرجه البخاري من حديث المسور بن مخرمة . ودل على جواز صلح المشركين ومهادنتهم دون مال يؤخذ منهم ، إذا رأى ذلك الإمام وجها . ويجوز عند الحاجة للمسلمين عقد الصلح بمال يبذلونه للعدو ، لموادعة النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن الفزاري ، والحارث بن عوف المري يوم الأحزاب ، على أن يعطيهما ثلث ثمر المدينة ، وينصرفا بمن معهما من غطفان ويخذلا قريشا ، ويرجعا بقومهما عنهم . وكانت هذه المقالة مراوضة ولم تكن عقدا . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما أنهما قد أنابا ورضيا استشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ، فقالا : يا رسول الله ، هذا أمر تحبه فنصنعه لك ، أو شيء أمرك الله به فنسمع له ونطيع ، أو أمر تصنعه لنا ؟ فقال : بل أمر أصنعه لكم فإن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، فقال له سعد بن معاذ : يا رسول الله ، والله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك وعبادة الأوثان ، لا نعبد الله ولا نعرفه ، وما طمعوا قط أن ينالوا منا ثمرة ، إلا شراء أو قرى ، فحين أكرمنا الله بالإسلام ، وهدانا له وأعزنا بك ، نعطيهم أموالنا ! والله لا نعطيهم إلا السيف ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم . فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أنتم وذاك . وقال لعيينة والحارث : انصرفا فليس لكما عندنا إلا السيف . وتناول سعد الصحيفة ، وليس فيها شهادة أن لا إله إلا الله فمحاها .
- الطبرى : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
القول في تأويل قوله : وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإما تخافنّ من قوم خيانة وغدرًا, فانبذ إليهم على سواء وآذنهم بالحرب =(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، وإن مالوا إلى مسالمتك ومتاركتك الحربَ, إما بالدخول في الإسلام, وإما بإعطاء الجزية, وإما بموادعة, ونحو ذلك من أسباب السلم والصلح (56) =(فاجنح لها)، يقول: فمل إليها, وابذل لهم ما مالوا إليه من ذلك وسألوكه.
* * *
يقال منه: " جنح الرجل إلى كذا يجنح إليه جنوحًا ", وهي لتميم وقيس، فيما ذكر عنها, تقول: " يجنُح "، بضم النون، وآخرون: يقولون: " يَجْنِح " بكسر النون, وذلك إذا مال, ومنه قول نابغة بني ذبيان:
جَــوَانِحَ قَــدْ أَيْقَــنَّ أَنَّ قَبِيلَــهُ
إذَا مَـا التَقَـى الجمْعـانِ أَوَّلُ غَـالِبِ (57)
جوانح: موائل.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16245- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (وإن جنحوا للسلم) قال: للصلح، ونسخها قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [سورة التوبة: 5]
16246- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (وإن جنحوا للسلم)، إلى الصلح=(فاجنح لها)، قال: وكانت هذه قبل " براءة ", وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يوادع القوم إلى أجل, فإما أن يسلموا، وإما أن يقاتلهم, ثم نسخ ذلك بعد في " براءة " فقال: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ، وقال: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ، [سورة التوبة: 36]، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده, وأمره بقتالهم حتى يقولوا " لا إله إلا الله " ويسلموا, وأن لا يقبلَ منهم إلا ذلك. وكلُّ عهد كان في هذه السورة وفي غيرها, وكل صلح يصالح به المسلمون المشركين يتوادعون به، فإن " براءة " جاءت بنسخ ذلك, فأمر بقتالهم على كل حال حتى يقولوا: " لا إله إلا الله ".
16247- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح, عن الحسين, عن يزيد, عن عكرمة والحسن البصري قالا ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، نسختها الآية التي في " براءة " قوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ ، إلى قوله: وَهُمْ صَاغِرُونَ [سورة التوبة: 29]
16248- حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، يقول: وإن أرادوا الصلح فأرده.
16249- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق,(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، أي: إن دعوك إلى السلم =إلى الإسلام= فصالحهم عليه. (58)
16250- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، قال: فصالحهم. قال: وهذا قد نسخه الجهاد.
* * *
قال أبو جعفر: فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله، من أن هذه الآية منسوخة, فقولٌ لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا فطرة عقل.
وقد دللنا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره على أن الناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه. فأما ما كان بخلاف ذلك، فغير كائنٍ ناسخا. (59)
وقول الله في براءة: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ، غير نافٍ حكمُه حكمَ قوله.(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، لأن قوله: (وإن جنحوا للسلم)، إنما عني به بنو قريظة, وكانوا يهودًا أهلَ كتاب, وقد أذن الله جل ثناؤه للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحربَ على أخذ الجزية منهم.
وأما قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فإنما عُني به مشركو العرب من عبدة الأوثان، الذين لا يجوز قبول الجزية منهم. فليس في إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى, بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنـزلت فيه.
16251- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وإن جنحوا للسلم)، قال: قريظة.
* * *
وأما قوله: (وتوكل على الله)، يقول: فوِّض إلى الله، يا محمد، أمرك, واستكفِه، واثقًا به أنه يكفيك (60) كالذي:-
16252- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: (وتوكل على الله)، إن الله كافيك. (61)
* * *
وقوله: (إنه هو السميع العليم)، يعني بذلك: إن الله الذي تتوكل عليه، " سميع "، لما تقول أنت ومن تسالمه وتتاركه الحربَ من أعداء الله وأعدائك عند عقد السلم بينك وبينه, وما يشترط كل فريق منكم على صاحبه من الشروط (62) =" العليم "، بما يضمره كل فريق منكم للفريق الآخر من الوفاء بما عاقده عليه, ومن المضمر ذلك منكم في قلبه، والمنطوي على خلافه لصاحبه. (63)
------------------------
الهوامش:
(56) انظر تفسير "
السلم " فيما سلف 4 : 251 - 255 .(57) ديوانه : 43 ، من شعره المشهور في عمرو بن الحارث الأعرج ، حين هرب إلى الشأم ، من النعمان بن المنذر في خبر المتجردة ، وقبله ، ذكر فيها غارة جيشه ، والنسور التي تتبع الجيش :
إذَا مَـا غَـزَوْا بِـالجَيْشِ , حَلَّقَ فَوْقَهُمْ
عَصَــائِبُ طَـيْرٍ تَهْتَـدِي بِعَصَـائِبِ
يُصَــاحبْنَهُمْ حَـتَّى يُغِـرْنَ مُغَـارَهم
مِـنَ الضَّارِيَـاتِ بالدِّمَـاءِ الـدَّوَارِبِ
تَـرَاهُنَّ خَـلْفَ القـومِ خُـزْرًا عُيُونهَا
جُـلُوسَ الشُّـيُوخِ فِـي ثِيَابِ المَرَانِبِ
جَــوانِحَ قَــدْ أيْقَـنَّ . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهذا من جيد الشعر وخالصه .
(58) الأثر : 16249 - سيرة ابن هشام 2 : 330 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16244 ، وفي السيرة : "
إلى السلم على الإسلام " .(59) انظر مقالته في "
النسخ " فيما سلف 11 : 209 ، وما بعده وما قبله في فهارس الكتاب ، وفي فهارس العربية والنحو وغيرها .(60) انظر تفسير "
التوكل " فيما سلف ص : 15 تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(61) الأثر : 16252 - سيرة ابن هشام 2 : 330 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16249 .
(62) في المطبوعة : "
ويشرط كل فريق . . . " ، وفي المخطوطة : " ويشترط . . . " ، والصواب بينهما ما أثبت .(63) انظر تفسير "
سميع " و " عليم " فيما سلف من فهارس اللغة ( سمع ) ، ( علم ) . - ابن عاشور : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
قال من بيان أحوال معاملة العدوّ في الحرب : من وفائهم بالعهد ، وخيانتهم ، وكيف يحلّ المسلمون العهد معهم إن خافوا خيانتهم ، ومعاملتهم إذا ظفروا بالخائنين ، والأمر بالاستعداد لهم؛ إلى بيان أحكام السلم إن طلبوا السلم والمهادنة ، وكفّوا عن حالة الحرب . فأمر الله المسلمين بأن لا يأنفوا من السلم وأن يوافقوا من سأله منهم .
والجنوح : المَيْل ، وهو مشتقّ من جناح الطائِر : لأنّ الطائِر إذا أراد النزول مال بأحد جناحيه ، وهو جناح جانبه الذي ينزل منه ، قال النابغة يصف الطير تتبع الجيش :
قد أيقنَّ أنّ قبيلَه ... إذا ما التقى الجمعان أوَّلُ غالب
فمعنى { وإن جنحوا للسلم } إن مالوا إلى السلم ميل القاصد إليه ، كما يميل الطائِر الجانح . وإنّما لم يقل : وإن طلبوا السلم فأجبهم إليهم ، للتنبيه على أنّه لا يسعفهم إلى السلم حتى يعلم أن حالهم حال الراغب ، لأنّهم قد يظهرون الميل إلى السلم كيداً ، فهذا مقابل قوله : { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء } [ الأنفال : 58 ] فإن نبذ العهد نبذ لحال السلم .
واللام في قوله : { للسلم } واقعة موقع ( إلى ) لتقوية التنبيه على أنّ ميلهم إلى السلم ميل حق ، أي : وإن مالوا لأجل السلم ورغبة فيه لا لغرض آخر غيره ، لأنّ حقّ { جَنح } أن يعدّى ب ( إلى ) لأنّه بمعنى مال الذي يعدّى بإلى فلا تكون تعديته باللام إلاّ لغرض ، وفي «الكشّاف» : أنّه يقال جنح له وإليه .
والسلم بفتح السين وكسرها ضدّ الحرب . وقرأه الجمهور بالفتح ، وقرأه حمزة ، وأبو بكر عن عاصم ، وخلَف بكسر السين وحقّ لفظه التذكير ، ولكنّه يؤنّث حملاً على ضدّه الحرب وقد ورد مؤنّثاً في كلامهم كثيراً .
والأمر بالتوكّل على الله ، بعد الأمر بالجنوح إلى السلم ، ليكون النبي صلى الله عليه وسلم معتمداً في جميع شأنه على الله تعالى ، ومفوّضاً إليه تسيير أموره ، لتكون مدّة السلم مدّة تقوّ واستعداد ، وليكفيه الله شرّ عدوّه إذا نقضوا العهد ، ولذلك عُقب الأمر بالتوكّل بتذكيره بأنّ الله السميع العليم ، أي السميع لكلامهم في العهد ، العليمُ بضمائرهم ، فهو يعاملهم على ما يعلم منهم . وقوله : { فاجنح لها } جيء بفعل { اجنح } لمشاكلة قوله { جنحوا . . . }.
وطريق القصر في قوله : { هو السميع العليم } أفاد قصر معنى الكمال في السمع والعلم ، أي : فهو سميع منهم ما لا تسمع ويعلم ما لا تعلم . وقصر هذين الوصفين بهذا المعنى على الله تعالى عقب الأمر بالتوكل عليه يفضي إلى الأمر بقصر التوكّل عليه لا على غيره . وفي الجمع بين الأمر بقصر التوكل عليه وبين الأمر بإعداد ما استطاع من القوة للعدوّ : دليل بَيِّن على أنّ التوكّل أمر غير تعاطي أسباب الأشياء ، فتعاطي الأسباب فيما هي من مقدور الناس ، والتوكّل فيما يخرج عن ذلك .
واعلم أنّ ضمير جمع الغائبين في قوله : { وإن جنحوا للسلم } وقع في هذه الآية عقب ذكر طوائف في الآيات قبلَها ، منهم مشركون في قوله تعالى : { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم } [ الأنفال : 48 ] ، ومنهم من قيل : إنّهم من أهل الكتاب ، ومنهم من تردّدت فيهم أقوال المفسّرين : قيل : هم من أهل الكتاب ، وقيل : هم من المشركين ، وذلك قوله : { إن شر الدوآب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم } [ الأنفال : 55 ، 56 ] الآية . قيل : هم قريظة والنضير وبنو قينقاع ، وقيل : هم من المشركين ، فاحتمل أن يكون ضمير { جنحوا } عائداً إلى المشركين . أو عائداً إلى أهل الكتاب ، أو عائداً إلى الفريقين كليهما .
فقيل : عاد ضمير الغيبة في قوله : { وإن جنحوا للسلم } إلى المشركين ، قاله قتادة ، وعكرمة ، والحسن ، وجابر بن زيد ، ورواه عطاء عن ابن عبّاس ، وقيل : عاد إلى أهل الكتاب ، قاله مجاهد .
فالذين قالوا : إنّ الضمير عائِد إلى المشركين ، قالوا : كان هذا في أوّل الأمر حين قلّة المسلمين ، ثم نسخ بآية سورة براءة ( 5 ) { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } الآية . ومن قالوا الضمير عائد إلى أهل الكتاب قالوا هذا حكم باق ، والجنوح إلى السلم إمّا بإعطاء الجزية أو بالموادعة .
والوجه أن يعود الضمير إلى صنفي الكفار : من مشركين وأهل الكتاب ، إذ وقع قبله ذكر الذين كفروا في قوله : { إن شر الدواب عند الله الذين كفروا } [ الأنفال : 55 ] فالمشركون من العرب لا يقبل منهم إلاّ الإسلام بعد نزول آية براءة ، فهي مخصّصة العمومَ الذي في ضمير { جنحوا } أو مبيّنة إجمالَه ، وليست من النسخ في شيء . قال أبو بكر بن العربي : «أما من قال إنها منسوخة بقوله : { فاقتلوا المشركين } [ التوبة : 5 ] فدعوى ، فإنّ شروط النسخ معدومة فيها كما بيّنّاه في موضعه» .
وهؤلاء قد انقضى أمرهم . وأمّا المشركون من غيرهم ، والمجوس ، وأهل الكتاب ، فيجري أمر المهادنة معهم على حسب حال قوّة المسلمين ومصالحهم وأنّ الجمع بين الآيتين أوْلى : فإن دَعَوا إلى السلم قبل منهم ، إذا كان فيه مصلحة للمسلمين . قال ابن العربي : فإذا كان المسلمون في قوّة ومنعة وعدّة
: ... فلاَ صلح حتى تُطعَن الخيل بالقنا
وتضربَ بالبيض الرقاققِ الجماجمُ ... وإن كان للمسلمين مصلحة في الصلح لانتفاع يجلب به أو ضرّ يندفع بسببه فلا بأس أن يبتدىء المسلمون به إذا احتاجوا إليه ، وأن يجيبوا إذا دُعوا إليه . قد صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهلَ خيبر ، ووادع الضمري ، وصالح أكيد رَدُومة ، وأهلَ نجران ، وهادن قريشاً لعشرة أعوام حتى نَقضوا عهده» .
أمّا ما همّ به النبي صلى الله عليه وسلم من مصالحة عُيَينة بن حصن ، ومن معه ، على أن يعطيهم نصف ثِمار المدينة فذلك قدْ عدَل عنه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قال سعد بن عبادة ، وسعد بن مُعاذ ، في جماعةِ الأنصار : لا نعطيهم إلاّ السيف .
فهذا الأمر بقبول المهادنة من المشركين اقتضاه حال المسلمين وحاجتهم إلى استجمام أمورهم وتجديد قوتهم ، ثم نسخ ذلك ، بالأمر بقتالهم المشركين حتى يؤمنوا ، في آيات السيف . قال قتادة وعِكرمة : نَسختْ براءة كلّ مواعدة وبقي حكم التخيير بالنسبة لمن عدا مشركي العرب على حسب مصلحة المسلمين .
- إعراب القرآن : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
«وَإِنْ» حرف شرط جازم والواو للاستئناف. «جَنَحُوا» فعل ماض وفاعله. «لِلسَّلْمِ» متعلقان بالفعل والجملة ابتدائية لا محل لها. «فَاجْنَحْ» الفاء رابطة وفعل أمر تعلق به الجار والمجرور «لَها» وفاعله أنت والجملة في محل جزم جواب الشرط. «وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» الجملة معطوفة. «إِنَّهُ» إن والهاء اسمها. «هُوَ» ضمير فصل لا محل له «السَّمِيعُ» خبرها الأول. «الْعَلِيمُ» خبرها الثاني. ويجوز أن يكون هو ضمير رفع مبتدأ. «السَّمِيعُ» خبره والجملة الاسمية خبر إن ، والجملة الاسمية إنه هو السميع تعليلية لا محل لها.
- English - Sahih International : And if they incline to peace then incline to it [also] and rely upon Allah Indeed it is He who is the Hearing the Knowing
- English - Tafheem -Maududi : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(8:61) If they incline to peace, incline you as well to it, and trust in Allah. Surely He is All-Hearing. All-Knowing.
- Français - Hamidullah : Et s'ils inclinent à la paix incline vers celle-ci toi aussi et place ta confiance en Allah car c'est Lui l'Audient l'Omniscient
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und wenn sie sich dem Frieden zuneigen dann neige auch du dich ihm zu und verlasse dich auf Allah Gewiß Er ist ja der Allhörende und Allwissende
- Spanish - Cortes : Si al contrario se inclinan hacia la paz ¡inclínate tú también hacia ella ¡Y confía en Alá Él es Quien todo lo oye Quien todo lo sabe
- Português - El Hayek : Se eles se inclinam à paz inclinate tu também a ela e encomendate a Deus porque Ele é o Oniouvinte oSapientíssimo
- Россию - Кулиев : Если они склоняются к миру ты тоже склоняйся к миру и уповай на Аллаха Воистину Он - Слышащий Знающий
- Кулиев -ас-Саади : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
Если они склоняются к миру, ты тоже склоняйся к миру и уповай на Аллаха. Воистину, Он - Слышащий, Знающий.Если неверующие, которые сражались против тебя, захотят подписать мирный договор и прекратить боевые действия, то соглашайся на подписание мирного договора и уповай на Аллаха. Воистину, подписание мира может принести огромную пользу. Во-первых, от мусульман требуется всегда стремиться к миру и благополучию, и если неверующие первыми выказывают желание заключить мир, то мусульманам следует поддержать эту инициативу. Во-вторых, прекращение боевых действий позволит мусульманам собраться с силами и подготовиться к очередной войне, если это будет необходимо. В-третьих, после подписания мирного договора, враждующие стороны перестанут угрожать друг другу и смогут лучше ознакомиться с воззрениями, которые исповедует противоположная сторона. Ислам всегда одерживает верх над другими вероисповеданиями, и ни одна религия не способна одолеть его. Поэтому каждый благоразумный и здравомыслящий человек, который беспристрастно изучит мусульманскую веру, непременно отдаст ей предпочтение перед другими вероисповеданиями, ведь ислам отличается прекрасными повелениями и мудрыми запретами, учит справедливости и доброму отношению к творениям. В этой религии нет места несправедливости и притеснению, и поэтому подписание мирного договора способствует увеличению числа желающих обратиться в ислам и исповедовать его. А это значит, что мирное сосуществование помогает мусульманам одержать верх над неверующими. И только одно обстоятельство может вызывать опасения мусульман: неверующие могут заключить мирный договор для того, чтобы перехитрить мусульман и дождаться подходящего момента для нанесения по ним очередного удара. Поэтому далее Аллах сообщил правоверным, что им достаточно Его поддержки и что ухищрения неверующих непременно обратятся против них самих:
- Turkish - Diyanet Isleri : Eğer onlar barışa yanaşırlarsa sen de yanaş ve Allah'a güven O şüphesiz işitir ve bilir
- Italiano - Piccardo : Se inclinano alla pace inclina anche tu ad essa e riponi la tua fiducia in Allah Egli è Colui Che tutto ascolta e conosce
- كوردى - برهان محمد أمين : جا ئهگهر دوژمنان بهلای ئاشتیدا دایانشکاند و حهزیان پێکرد تۆش ئهی محمدصلى الله عليه وسلم ئهی پێشهوا ئامادهیی خۆت دهربڕه و پشت بهخوا ببهسته چونکه بهڕاستی ئهو زاته بیسهرو زانایه له پیلان و نهخشهی دوژمنان ئاگاداره
- اردو - جالندربرى : اور اگر یہ لوگ صلح کی طرف مائل ہوں تو تم بھی اس کی طرف مائل ہو جاو اور خدا پر بھروسہ رکھو۔ کچھ شک نہیں کہ وہ سب کچھ سنتا اور جانتا ہے
- Bosanski - Korkut : Ako oni budu skloni miru budi i ti sklon i pouzdaj se u Allaha jer On uistinu sve čuje i sve zna
- Swedish - Bernström : Men visar de sig villiga att sluta fred var då själv beredd till det och lita till Gud; Han är Den som hör allt vet allt
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan jika mereka condong kepada perdamaian maka condonglah kepadanya dan bertawakkallah kepada Allah Sesungguhnya Dialah Yang Maha Mendengar lagi Maha Mengetahui
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(Dan jika mereka condong) cenderung (kepada perdamaian) boleh dibaca lissilmi dan boleh pula dibaca lissalmi, artinya perdamaian (maka condonglah kepadanya) adakanlah perjanjian dengan mereka untuk itu. Akan tetapi menurut Ibnu Abbas r.a. bahwa ayat ini dimansukh hukumnya oleh ayat perintah untuk berperang. Mujahid mengatakan, bahwa hukum yang terkandung di dalam ayat ini khusus hanya menyangkut ahli kitab sebab ayat ini diturunkan berkenaan dengan orang-orang Yahudi Bani Quraizhah (dan bertawakallah kepada Allah) percayalah kepada-Nya. (Sesungguhnya Dialah Yang Maha Mendengar) perkataan (lagi Maha Mengetahui) perbuatan.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর যদি তারা সন্ধি করতে আগ্রহ প্রকাশ করে তাহলে তুমিও সে দিকেই আগ্রহী হও এবং আল্লাহর উপর ভরসা কর। নিঃসন্দেহে তিনি শ্রবণকারী; পরিজ্ঞাত।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அவர்கள் சமாதானத்தின் பக்கம் சாய்ந்து இணங்கி வந்தால் நீங்களும் அதன் பக்கம் சாய்வீராக அல்லாஹ்வின் மீதே உறுதியான நம்பிக்கை வைப்பீராக நிச்சயமாக அவன் எல்லாவற்றையும் செவியுறுவோனாகவும் நன்கறிபவனாகவும் இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “และหากพวกเขาโอนอ่อนมาเพื่อการประนีประนอมแล้ว เจ้า ก็จงโอนอ่อนตามเพื่อการนั้น ด้วย และจงมอบหมายแต่อัลลอฮฺเถิด แท้จริงนั้นพระองค์คือผู้ทรงได้ยินทรงรอบรู้”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Агар улар тинчликка мойил бўлсалар сен ҳам мойил бўл Ва Аллоҳга таваккул қил Албатта У эшитгувчи ва билгувчи зотдир
- 中国语文 - Ma Jian : 如果他们倾向和平,你也应当倾向和平,应当信赖真主。他确是全聪的,确是全知的。
- Melayu - Basmeih : Dan jika mereka pihak musuh cenderung kepada perdamaian maka engkau juga hendaklah cenderung kepadanya serta bertawakalah kepada Allah Sesungguhnya Ia Maha Mendengar lagi Maha Mengetahui
- Somali - Abduh : Hadday u Iishaan Gaaladu Nabad u lilo adna talana Saaro Eebe Illeen isagaa uun Maqla ognee
- Hausa - Gumi : Kuma idan sun karkata zuwa ga zaman lãfiya to ka karkata zuwa gare shi kuma ka dõgara ga Allah Lalle ne Shĩ Mai ji ne Masani
- Swahili - Al-Barwani : Na wakielekea amani nawe pia elekea na mtegemee Mwenyezi Mungu Hakika Yeye ndiye Mwenye kusikia Mwenye kujua
- Shqiptar - Efendi Nahi : Nëse ata tregojnë prirje për paqe trego edhe ti prirje për të dhe mbështetu te Perëndia Se Ai me të vërtetë i dëgjon të gjitha dhe di çdo gjë
- فارسى - آیتی : و اگر به صلح گرايند، تو نيز به صلح گراى. و بر خدا توكل كن كه اوست شنوا و دانا.
- tajeki - Оятӣ : Ва агар ба сулҳ майл кунанд, ту низ ба сулҳ майл кун. Ва бар Худо таваккал кун, ки Ӯст шунаво ва доно!
- Uyghur - محمد صالح : ئەگەر ئۇلار تىنچلىققا مايىل بولسا، سەنمۇ تىنچلىققا مايىل بولغىن، اﷲ قا تەۋەككۈل قىلغىن. اﷲ (ئۇلارنىڭ سۆزلىرىنى) ئاڭلاپ تۇرغۇچىدۇر، (نىيەتلىرىنى) بىلىپ تۇرغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അഥവാ അവര് സന്ധിക്കു സന്നദ്ധരായാല് നീയും അതിനനുകൂലമായ നിലപാടെടുക്കുക. അല്ലാഹുവില് ഭരമേല്പി ക്കുകയും ചെയ്യുക. തീര്ച്ചായായും അവന് തന്നെയാണ് എല്ലാം കേള്ക്കു ന്നവനും അറിയുന്നവനും.
- عربى - التفسير الميسر : وان مالوا الى ترك الحرب ورغبوا في مسالمتكم فمل الى ذلك ايها النبي وفوض امرك الى الله وثق به انه هو السميع لاقوالهم العليم بنياتهم