- عربي - نصوص الآيات عثماني : لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍۢ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـًٔا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
- عربى - نصوص الآيات : لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ۙ ويوم حنين ۙ إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين
- عربى - التفسير الميسر : لقد أنزل الله نَصْرَه عليكم في مواقع كثيرة عندما أخذتم بالأسباب وتوكلتم على الله. ويوم غزوة (حنين) قلتم: لن نُغْلَبَ اليوم0 من قلة، فغرَّتكم الكثرة فلم تنفعكم، وظهر عليكم العدو فلم تجدوا ملجأً في الأرض الواسعة ففررتم منهزمين.
- السعدى : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
يمتن تعالى على عباده المؤمنين، بنصره إياهم في مواطن كثيرة من مواطن اللقاء، ومواضع الحروب والهيجاء، حتى في يوم {حنين} الذي اشتدت عليهم فيه الأزمة، ورأوا من التخاذل والفرار، ما ضاقت عليهم به الأرض على رحبها وسعتها.
وذلك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما فتح مكة، سمع أن هوازن اجتمعوا لحربه، فسار إليهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أصحابه الذين فتحوا مكة، وممن أسلم من الطلقاء أهل مكة، فكانوا اثني عشر ألفا، والمشركون أربعة آلاف، فأعجب بعض المسلمين بكثرتهم، وقال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة.
فلما التقوا هم وهوازن، حملوا على المسلمين حملة واحدة، فانهزموا لا يلوي أحد على أحد، ولم يبق مع رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا نحو مائة رجل، ثبتوا معه، وجعلوا يقاتلون المشركين، وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يركض بغلته نحو المشركين ويقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) ولما رأى من المسلمين ما رأى، أمر العباس بن عبد المطلب أن ينادي في الأنصار وبقية المسلمين، وكان رفيع الصوت، فناداهم: يا أصحاب السمرة، يا أهل سورة البقرة.
فلما سمعوا صوته، عطفوا عطفة رجل واحد، فاجتلدوا مع المشركين، فهزم اللّه المشركين، هزيمة شنيعة، واستولوا على معسكرهم ونسائهم وأموالهم.
وذلك قوله تعالى {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} وهو اسم للمكان الذي كانت فيه الوقعة بين مكة والطائف.
{إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} أي: لم تفدكم شيئا، قليلًا ولا كثيرًا {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ} بما أصابكم من الهم والغم حين انهزمتم {بِمَا رَحُبَتْ} أي: على رحبها وسعتها، {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} أي: منهزمين.
- الوسيط لطنطاوي : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
ثم انتقلت السورة الكريمة من نهى المؤمنين عن موالاة المشركين مهما بالغت درجة قرابتهم ، وعن إيثارهم محبة الآباء والأبناء على محبة الله . . انتقلت من ذلك إلى تذكيرهم بجانب من نعم الله عليهم . حيث نصرهم - سبحانه - فى حنين بعد أن ولوا مدبرين دون أن تنفعهم كثرتهم وقوتهم فقال - تعالى - : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله . . . غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
قال ابن كثير . هذه أول آية نزلت من براءة يذكر - تعالى - المؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم فى نصره إياهم فى مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله ، وأن ذلك من عنده - تعالى - : وبتأييده وتقديره لا بعددهم ، ونبههم إلى أن النصر من عند سواء قل الجمع أم كثر ، فإنهم يوم حنين أعجبتهم كثرتهم ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئاً فولوا مدبرين إلا القليل منهم . . . ثم أنزلا لله نصره على رسوله والمؤمنين .
" وقد كانت واقعة حنين بعد فتح مكة فى شوال سنة ثمان من الهجرة : وذلك أنه لما فرغ - صلى الله عليه وسلم - من فتح مكة ، وتمهدت أمورها ، وأسلم عامة أهلها ، وأطلقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم بلغه أن هوزان جمعوا له ليقاتلوه ، معهم ثقيف بكمالها وبنو سعد بن بكر .
فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى جيشه الذى جاء للفتح وهو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وقبائل العرب ، ومعه الذين أسلموا من أهل مكة وهم الطلقاء فى ألفين . فسار بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى العدو ، فالتقوا بواد بين مكة والطائف يقال له حنين ، فكانت فيه الموقعة فى أول النهار فى غلس الصبح .
انحدروا فى الاودى وقد كمنت فيه هوزان ، فلما تواجهوا لم يشعر المسلمون إلا بهم قد بادروهم ، ورشقوا بالنبال ، وأصلتوا السيوف ، وحملوا حمله رجل واحد . . فعند ذلك ولى المسلمون الأدبار ، وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت معه من أصحابه قريب من مائة .
ثم أمر - صلى الله عليه وسلم - عمه العباس - وكان جهير الصوت - أن ينادى بأعلى صوته يا أصحاب الشجرة - أى شجرة بيعة الرضوان التى بايعه المسلمون تحتها على أن لا يفروا عنه - فجعل ينادى بهم . . فجعلوا يقولون : ليبيك لبيك .
وانعطف الناس فتراجعوا . . فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصدقوا الحملة ، وأخذ قبضة من تراب ثم رمى بها القوم ، فما بقى إنسان منهم إلا أصابه منها فى عينيه وفمه ما شغله عن القتال ، ثم انهزموا فاتبع المسلمون أقفائهم يتقلون ويأسرون ، وما تراجع بقية الناس إلا والأسرى مجندلة بين ديدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "
.هذه خلاصة لغزوة حنين التى اجتمع فيها للمسلمين - للمرة الأولى - جيش تعداده اثنا عشر ألفاً ، فلما أعجبتهم هذه الكثرة والقوة . . . أصيبوا بالهزيمة فى أو معركة . . . ليعلموا أن كثرتهم لن تغنى عنهم شيئاً إذا لم يكن عون الله معهم .
فقوله - تعالى - : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً ) تذكير للمؤمنين ببعض نعم الله عليهم؛ حتى يداموا على طاعته ومحبته .
وحتى لا يغتروا بقوتهم مهما كثرت .
والمواطن : جمع موطن . وهو المكان الذى يقيم فيه الإِنسان . يقال : استوطن فلان بمكان كذا ، إذا جعله وطنا له .
والمراد بالمواطن هنا : الأماكن التى حدثت فيها الحروب بين المسلمين وأعدائهم .
قال الآلوسى : وقوله : ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ) معطوف على محل مواطن وعطف ظرف الزمان على ظرف المكان وعكسه جائز . . . وأوجب الزمخشرى كون ( يَوْمَ ) منصوباً بفعل مضمر والعطف من قبيل عطف الجملة على الجملة . .
أى : " ونصركم يوم حنين " .
وقوله : ( إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ) بدل من يوم حنين ، أو عطف بيان له .
وأعجبتكم : من الإِعجاب بمعنى السرور بما يتعجب منه . وسبب هذا الإِعجاب أن عدد المسلمين كان اثنا عشر ألفا ، وعددهم أعدائهم كان أربعة آلاف .
وقوله : ( فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً ) بيان للأثر السئ الذى أعقب الإِعجاب بالكثرة ، وأن سرورهم بهذه الكثرة لم يدم طويلاً ، بل تبعه الحزن والهزيمة .
وقوله : ( تُغْنِ ) من الغناء بمعنى النفع . تقول : ما يغنى عنه : هذا الشئ ، أى : ما يجزئ عنه وما ينفعك .
وقوله : ( وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ ) بيان لشدة خوفهم وفزعهم .
قال القرطبى : والرحب - بضم الراء - السعة . تقول منه : فلان رحب الصدر . والرحب - بالفتح - الواسع . تقول منه : بلد رحب وأرض رحبة .
وقيل : الباء بمعنى مع ، أى : وضاقت عليكم الأرض مع رحبها ، وقيل معنى على . أى : على رحبها . وقيل المعنى برحبها فتكون " ما " مصدرية .
والمعنى : اذكروا - أيها المؤمنون - نعم الله عليكم ، وحافظوا عليها بالشكر وحسن الطاعة ، ومن مظاهر هذه النعم أنه - سبحانه - قد نصركم على أعدائاكم مع قلتكم . فى مواقف حروب كثيرة؛ كغزوة بدر ، وغزوة بنى قينقاع والنضير . . كما نصركم . أيضاً . فى يوم غزوة حنين ، وهو اليوم الذى راقتكم فيه كثرتكم فاعتمدتم عليها حتى قال بعضكم : لن نغلب اليوم من قلة . .
ولكن هذه الكثرة التى أعجبتم بها لم تنفعكم شيئاً من النفع فى أمر العدو بل انهزمتم أمامه فى أول الأمر ، وضاقت فى وجوهكم الأرض مع رحابتها وسعتها بسبب شدة خوفكم ، فكنتم كما قال الشاعر :
كأن بلاد الله وهى عريضة ... على الخائف المطلوب كِفَّة حابل
ووقوله : ( ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) تذييل مؤكد لما قبله وهو شدة خوفهم .
ووليتم : من التولى مبعنى الإِعراض . ومدبرين : من الإِبار بمعنى الذهاب إلى الخلف .
أى : ثم وليتم الكفار ظهوركم منهزمين لا تلوون على شئ .
وهكذا ، نرى الآية الكريمة تصور ما حدث من المؤمنين فى غزوة حنين تصويراً بديعاً معجزاً . . فهى تنتقل من تصوير سرورهم بالكثرة ، إلى تصوير عدم نفعهم بهذه الكثرة ، إلى تصوير شدة خوفهم حتى لكأن الأرض على سعتها تضيق بهم ، وتقف فى وجوههم ، إلى تصوير حركاتهم الحسية المتثلة فى تولية الأدبار ، والنكوص على الأعقاب .
- البغوى : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
قوله تعالى : ( لقد نصركم الله في مواطن ) أي مشاهد ، ( كثيرة ويوم حنين ) وحنين واد بين مكة والطائف . وقال عروة : إلى جنب ذي المجاز .
وكانت قصة حنين على ما نقله الرواة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وقد بقيت عليه أيام من شهر رمضان ، ثم خرج إلى حنين لقتال هوازن وثقيف في اثني عشر ألفا ، - عشرة آلاف من المهاجرين وألفان من الطلقاء ، قال عطاء كانوا ستة عشر ألفا .
وقال الكلبي : كانوا عشرة آلاف ، وكانوا يومئذ أكثر ما كانوا قط ، والمشركون أربعة آلاف من هوازن وثقيف ، وعلى هوازن مالك بن عوف النصري ، وعلى ثقيف كنانة بن عبد ياليل الثقفي ، فلما التقى الجمعان قال رجل من الأنصار يقال له سلمة بن سلامة بن وقش : لن نغلب اليوم عن قلة ، فساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه ، ووكلوا إلى كلمة الرجل . وفي رواية : فلم يرض الله قوله ، ووكلهم إلى أنفسهم فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم المشركون وخلوا عن الذراري ، ثم نادوا : يا حماة السواد اذكروا الفضائح ، فتراجعوا وانكشف المسلمون .
قال قتادة : وذكر لنا أن الطلقاء انجفلوا يومئذ بالناس فلما انجفل القوم هربوا .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد العزيز أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا أبو خيثمة عن أبي إسحاق قال : قال رجل للبراء بن عازب : يا أبا عمارة فررتم يوم حنين؟ قال : لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم وهم حسر ليس عليهم سلاح ، أو كثير سلاح ، فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم ، جمع هوازن وبني نصر ، فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون ، فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به ، فنزل واستنصر وقال : أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب ، ثم صفهم .
ورواه محمد بن إسماعيل عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق . وزاد قال : فما رئي من الناس يومئذ أشد منه .
ورواه زكريا عن أبي إسحاق . وزاد قال البراء : كنا إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به يعني النبي صلى الله عليه وسلم . وروى شعبة عن أبي إسحاق قال : قال البراء : إن هوازن كانوا قوما رماة ، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم ، فانهزموا ، فأقبل المسلمون على الغنائم فاستقبلونا بالسهام ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفر .
قال الكلبي : كان حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة من المسلمين وانهزم سائر الناس .
وقال آخرون : لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ غير : العباس بن عبد المطلب ، وأبي سفيان بن الحارث ، وأيمن بن أم أيمن ، فقتل يومئذ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج ، قال : حدثنا أبو طاهر ، أحمد بن عمرو بن سرح ، حدثنا أبو وهب ، أخبرنا يونس عن ابن شهاب ، قال : حدثني كثير بن عباس بن عبد المطلب قال : قال عباس : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي ، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار ، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركابه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عباس : ناد أصحاب السمرة ، فقال عباس - وكان رجلا صيتا - فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يا لبيك يا لبيك ، قال : فاقتتلوا والكفار ، والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، فقال : هذا حين حمي الوطيس ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ، ثم قال : انهزموا ورب محمد ، فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، قال : فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا .
وقال سلمة بن الأكوع : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا قال فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ، ثم قبض قبضة من تراب الأرض ، ثم استقبل به وجوههم ، فقال " شاهت الوجوه " ، فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينه ترابا بتلك القبضة ، فولوا مدبرين ، فهزمهم الله عز وجل فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين .
قال سعيد بن جبير : أمد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين .
وفي الخبر : أن رجلا من بني نضر يقال له شجرة ، قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البلق والرجال الذين عليهم ثياب بيض ، ما كنا نراكم فيهم إلا كهيئة الشامة وما كنا قتلنا إلا بأيديهم؟ فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تلك الملائكة .
قال الزهري : وبلغني أن شيبة بن عثمان بن طلحة قال : استدبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وأنا أريد قتله بطلحة بن عثمان وعثمان بن طلحة ، وكانا قد قتلا يوم أحد ، فأطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على ما في نفسي فالتفت إلي وضرب في صدري وقال : أعيذك بالله ياشيبة ، فأرعدت فرائصي ، فنظرت إليه فهو أحب إلي من سمعي وبصري ، فقلت : أشهد أنك رسول الله ، وأن الله قد أطلعك على ما في نفسي .
فلما هزم الله المشركين وولوا مدبرين ، انطلقوا حتى أتوا أوطاس وبها عيالهم وأموالهم ، فبعث رسول الله رجلا من الأشعريين يقال له أبو عامر وأمره على جيش المسلمين إلى أوطاس ، فسار إليهم فاقتتلوا ، وقتل دريد بن الصمة ، وهزم الله المشركين وسبى المسلمون عيالهم ، وهرب أميرهم مالك بن عوف النصري ، فأتى الطائف فتحصن بها وأخذ ماله وأهله فيمن أخذ . وقتل أمير المسلمين أبو عامر .
قال الزهري : أخبرني سعيد بن المسيب أنهم أصابوا يومئذ ستة آلاف سبي ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الطائف فحاصرهم بقية ذلك الشهر ، فلما دخل ذو القعدة وهو شهر حرام انصرف عنهم ، فأتى الجعرانة فأحرم منها بعمرة وقسم فيها غنائم حنين وأوطاس ، وتألف أناسا ، منهم أبو سفيان بن حرب ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، والأقرع بن حابس ، فأعطاهم . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، حدثنا الزهري ، أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أن أناسا من الأنصار قالوا لرسول الله - حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء ، فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل - فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ قال أنس : فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم ، فأرسل إلى الأنصار ، فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم أحدا غيرهم ، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما كان حديث بلغني عنكم؟ فقال له فقهاؤهم أما ذوو رأينا يا رسول الله ، فلم يقولوا شيئا ، وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر ، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ، قالوا : بلى يا رسول الله قد رضينا ، فقال لهم : " إنكم سترون بعدي أثرة شديدة ، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض " .
وقال يونس عن ابن شهاب : " فإني أعطي رجالا حديثي عهد بالكفر أتألفهم " ، وقال : " فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض " ، قالوا : سنصبر .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال : لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا ، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصابه الناس ، فخطبهم فقال : " يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي وكنتم عالة فأغناكم الله بي؟ كلما قال شيئا قالوا : الله ورسوله أمن قال : ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله كلما قال شيئا قالوا : الله ورسوله أمن قال : لو شئتم قلتم كذا وكذا ، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وتذهبوا بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم ، الأنصار شعار والناس دثار ، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ، حدثنا سفيان عن عمر بن سعيد بن مسروق عن أبيه عن عباية بن رفاعة ، عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل ، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك ، فقال عباس بن مرداس :
فما كان حصن ولا حابس يفوقان مرداس في المجمع أتجعل نهبي ونهب العبي
د بين عيينة والأقرع وما كنت دون امرئ منهما
ومن تخفض اليوم لا يرفع
قال : فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة .
وفي الحديث : أن ناسا من هوازن أقبلوا مسلمين بعد ذلك ، فقالوا : يا رسول الله أنت خير الناس وأبر الناس ، وقد أخذت أبناؤنا ونساؤنا وأموالنا .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن عفير ، حدثني الليث ، حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير : أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين ، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين : إما السبي ، وإما المال . قالوا : فإنا نختار سبينا . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال : أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء جاؤوا تائبين ، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك لهم فليفعل ، ومن أحب أن يكون على حظ حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا ، فليفعل فقال الناس : قد طيبنا ذلك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم ، فرجع الناس ، فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا . فأنزل الله تعالى في قصة حنين : ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ) حتى قلتم : لن نغلب اليوم من قلة ، ( فلم تغن عنكم ) كثرتكم ، ( شيئا ) يعني أن الظفر لا يكون بالكثرة ، ( وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ) أي برحبها وسعتها ، ( ثم وليتم مدبرين ) منهزمين .
- ابن كثير : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
قال ابن جريج ، عن مجاهد : هذه أول آية نزلت من [ سورة ] " براءة " .
يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله وأن ذلك من عنده تعالى ، وبتأييده وتقديره ، لا بعددهم ولا بعددهم ، ونبههم على أن النصر من عنده ، سواء قل الجمع أو كثر ، فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم ، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ثم أنزل [ الله ] نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه ، كما سنبينه إن شاء الله تعالى مفصلا ليعلمهم أن النصر من عنده تعالى وحده وبإمداده وإن قل الجمع ، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ، والله مع الصابرين .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، سمعت يونس يحدث عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة .
وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي ثم قال : هذا حديث حسن غريب ، لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم ، وإنما روي عن الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا .
وقد رواه ابن ماجه والبيهقي وغيره ، عن أكثم بن الجون ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحوه ، والله أعلم .
وقد كانت وقعة " حنين " بعد فتح مكة في شوال سنة ثمان من الهجرة ، وذلك لما فرغ عليه السلام من فتح مكة ، وتمهدت أمورها ، وأسلم عامة أهلها ، وأطلقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغه أن هوازن جمعوا له ليقاتلوه ، وأن أميرهم مالك بن عوف النضري ، ومعه ثقيف بكمالها ، وبنو جشم وبنو سعد بن بكر ، وأوزاع من بني هلال ، وهم قليل ، وناس من بني عمرو بن عامر ، وعوف بن عامر ، وقد أقبلوا معهم النساء والولدان والشاء والنعم ، وجاءوا بقضهم وقضيضهم فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جيشه الذي جاء معه للفتح ، وهو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وقبائل العرب ، ومعه الذين أسلموا من أهل مكة ، وهم الطلقاء في ألفين أيضا ، فسار بهم إلى العدو ، فالتقوا بواد بين مكة والطائف يقال له " حنين " ، فكانت فيه الوقعة في أول النهار في غلس الصبح ، انحدروا في الوادي وقد كمنت فيه هوازن ، فلما تواجهوا لم يشعر المسلمون إلا بهم قد ثاوروهم ورشقوا بالنبال ، وأصلتوا السيوف ، وحملوا حملة رجل واحد ، كما أمرهم ملكهم . فعند ذلك ولى المسلمون مدبرين ، كما قال الله - عز وجل - وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو راكب يومئذ بغلته الشهباء يسوقها إلى نحر العدو ، والعباس عمه آخذ بركابها الأيمن ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بركابها الأيسر ، يثقلانها لئلا تسرع السير ، وهو ينوه باسمه - عليه الصلاة والسلام - ويدعو المسلمين إلى الرجعة [ ويقول ] أين يا عباد الله ؟ إلي أنا رسول الله ، ويقول في تلك الحال :
أنا النبي لا كذب
أنا ابن عبد المطلب
وثبت معه من أصحابه قريب من مائة ، ومنهم من قال : ثمانون ، فمنهم : أبو بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - والعباس وعلي ، والفضل بن عباس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وأيمن بن أم أيمن ، وأسامة بن زيد ، وغيرهم - رضي الله عنهم - ثم أمر - صلى الله عليه وسلم - عمه العباس - وكان جهير الصوت - أن ينادي بأعلى صوته : يا أصحاب الشجرة - يعني شجرة بيعة الرضوان ، التي بايعه المسلمون من المهاجرين والأنصار تحتها ، على ألا يفروا عنه - فجعل ينادي بهم : يا أصحاب السمرة ويقول تارة : يا أصحاب سورة البقرة ، فجعلوا يقولون : يا لبيك ، يا لبيك ، وانعطف الناس فجعلوا يتراجعون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إن الرجل منهم إذا لم يطاوعه بعيره على الرجوع ، لبس درعه ، ثم انحدر عنه ، وأرسله ، ورجع بنفسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما رجعت شرذمة منهم ، أمرهم عليه السلام أن يصدقوا الحملة ، وأخذ قبضة من التراب بعدما دعا ربه واستنصره ، وقال : اللهم أنجز لي ما وعدتني ثم رمى القوم بها ، فما بقي إنسان منهم إلا أصابه منها في عينيه وفمه ما شغله عن القتال ، ثم انهزموا ، فاتبع المسلمون أقفاءهم يقتلون ويأسرون ، وما تراجع بقية الناس إلا والأسارى مجدلة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن يسار أبي همام ، عن أبي عبد الرحمن الفهري - واسمه يزيد بن أسيد ، ويقال : يزيد بن أنيس ، ويقال : كرز - قال : كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة حنين ، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر ، فنزلنا تحت ظلال الشجر ، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي ، فانطلقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في فسطاطه ، فقلت : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، حان الرواح ؟ فقال : أجل . فقال : يا بلال فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر ، فقال : لبيك وسعديك ، وأنا فداؤك فقال : أسرج لي فرسي . فأخرج سرجا دفتاه من ليف ، ليس فيهما أشر ولا بطر .
قال : فأسرج ، فركب وركبنا ، فصاففناهم عشيتنا وليلتنا ، فتشامت الخيلان ، فولى المسلمون مدبرين ، كما قال الله - عز وجل - : ( ثم وليتم مدبرين ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عباد الله ، أنا عبد الله ورسوله ، ثم قال : يا معشر المهاجرين ، أنا عبد الله ورسوله . قال : ثم اقتحم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرسه فأخذ كفا من تراب ، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني : أنه ضرب به وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه . فهزمهم الله - عز وجل - . قال يعلى بن عطاء : فحدثني أبناؤهم ، عن آبائهم ، أنهم قالوا : لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا ، وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض ، كإمرار الحديد على الطست الجديد .
وهكذا رواه الحافظ البيهقي في " دلائل النبوة " من حديث أبي داود الطيالسي ، عن حماد بن سلمة به .
وقال محمد بن إسحاق : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر عن عبد الله قال : فخرج مالك بن عوف بمن معه إلى حنين ، فسبق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه ، فأعدوا وتهيئوا في مضايق الوادي وأحنائه ، وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، حتى انحط بهم الوادي في عماية الصبح ، فلما انحط الناس ثارت في وجوههم الخيل ، فاشتدت عليهم ، وانكفأ الناس منهزمين ، لا يقبل أحد عن أحد ، وانحاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات اليمين يقول : أيها الناس هلموا إلي أنا رسول الله ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله فلا شيء ، وركبت الإبل بعضها بعضا فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس قال : يا عباس ، اصرخ : يا معشر الأنصار ، يا أصحاب السمرة . فأجابوه : لبيك ، لبيك ، فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره ، فلا يقدر على ذلك ، فيقذف درعه في عنقه ، ويأخذ سيفه وقوسه ، ثم يؤم الصوت ، حتى اجتمع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم مائة ، فاستعرض الناس فاقتتلوا ، وكانت الدعوة أول ما كانت بالأنصار ، ثم جعلت آخرا بالخزرج وكانوا صبراء عند الحرب ، وأشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ركائبه فنظر إلى مجتلد القوم ، فقال : الآن حمي الوطيس : قال : فوالله ما راجعه الناس إلا والأسارى عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملقون ، فقتل الله منهم من قتل ، وانهزم منهم من انهزم ، وأفاء الله على رسوله أموالهم وأبناءهم .
وفي الصحيحين من حديث شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - أنه قال له رجل : يا أبا عمارة ، أفررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين ، فقال : لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر ، إن هوازن كانوا قوما رماة ، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا ، فأقبل الناس على الغنائم ، فاستقبلونا بالسهام ، فانهزم الناس ، فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيضاء ، وهو يقول :
أنا النبي لا كذب
أنا ابن عبد المطلب
قلت : وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة ، إنه في مثل هذا اليوم في حومة الوغى ، وقد انكشف عنه جيشه ، هو مع ذلك على بغلة وليست سريعة الجري ، ولا تصلح لكر ولا لفر ولا لهرب ، وهو مع هذا أيضا يركضها إلى وجوههم وينوه باسمه ليعرفه من لم يعرفه ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين ، وما هذا كله إلا ثقة بالله ، وتوكلا عليه ، وعلما منه بأنه سينصره ، ويتم ما أرسله به ، ويظهر دينه على سائر الأديان ؛
- القرطبى : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين
فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين لما بلغ هوازن فتح مكة جمعهم مالك بن عوف النصري من بني نصر بن مالك ، وكانت الرياسة في جميع العسكر إليه ، وساق مع الكفار أموالهم ومواشيهم ونساءهم وأولادهم ، وزعم أن ذلك يحمي به نفوسهم وتشتد في القتال عند ذلك شوكتهم . وكانوا ثمانية آلاف في قول الحسن ومجاهد . وقيل : أربعة آلاف ، من هوازن وثقيف . وعلى هوازن مالك بن عوف ، وعلى ثقيف كنانة بن عبد ، فنزلوا بأوطاس . وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي عينا ، فأتاه وأخبره بما شاهد منهم ، فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قصدهم ، واستعار من صفوان بن أمية بن خلف الجمحي دروعا . قيل : مائة درع . وقيل : أربعمائة درع . واستسلف من ربيعة المخزومي ثلاثين ألفا أو أربعين ألفا ، فلما قدم قضاه إياها . ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم : بارك الله لك في أهلك ومالك إنما جزاء السلف الوفاء والحمد خرجه ابن ماجه في السنن . وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفا من المسلمين ، منهم عشرة آلاف صحبوه من المدينة وألفان من مسلمة الفتح وهم الطلقاء إلى من انضاف إليه من الأعراب من سليم وبني كلاب وعبس وذبيان . واستعمل على مكة عتاب بن أسيد . وفي مخرجه هذا رأى جهال الأعراب شجرة خضراء ، وكان لهم في الجاهلية شجرة معروفة تسمى ذات أنواط ، يخرج إليها الكفار يوما معلوما في السنة يعظمونها ، فقالوا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال عليه السلام : الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، قال : إنكم قوم تجهلون لتركبن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى أنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى وادي حنين ، وهو من أودية تهامة ، وكانت هوازن قد كمنت في جنبتي الوادي وذلك في غبش الصبح فحملت على المسلمين حملة رجل واحد ، فانهزم جمهور المسلمين ولم يلو أحد على أحد ، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت معه أبو بكر وعمر ، ومن أهل بيته علي والعباس وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابنه جعفر ، وأسامة بن زيد ، وأيمن بن عبيد وهو أيمن بن أم أيمن قتل يومئذ بحنين - وربيعة بن الحارث ، والفضل بن عباس ، وقيل في موضع جعفر بن أبي سفيان : قثم بن العباس . فهؤلاء عشرة رجال ، ولهذا قال العباس :
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة وقد فر من قد فر عنه وأقشعوا وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه
بما مسه في الله لا يتوجع
وثبتت أم سليم في جملة من ثبت محتزمة ممسكة بعيرا لأبي طلحة وفي يدها خنجر . ولم ينهزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من هؤلاء ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته الشهباء واسمها دلدل . وفي صحيح مسلم عن أنس قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة ألا تسرع وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي عباس : ناد أصحاب السمرة . فقال عباس - وكان رجلا صيتا . ويروى من شدة صوته أنه أغير يوما على مكة فنادى واصباحاه ؛ فأسقطت كل حامل سمعت صوته جنينها - : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها . فقالوا : يا لبيك يا لبيك . قال : فاقتتلوا والكفار . . . الحديث . وفيه : قال ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار . ثم قال : انهزموا ورب محمد . قال فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى . قال : فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا . قال أبو عمر : روينا من وجوه عن بعض من أسلم من المشركين ممن شهد حنينا أنه قال - وقد سئل عن يوم حنين - : لقينا المسلمين فما لبثنا أن هزمناهم وأتبعناهم حتى انتهينا إلى رجل راكب على بغلة بيضاء ، فلما رآنا زجرنا زجرة وانتهرنا ، وأخذ بكفه حصى وترابا فرمى به وقال : شاهت الوجوه فلم تبق عين إلا دخلها من ذلك ، وما ملكنا أنفسنا أن رجعنا على أعقابنا . وقال سعيد بن جبير : حدثنا رجل من المشركين ، يوم حنين قال : لما التقينا مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقفوا لنا حلب شاة ، حتى إذا انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - تلقانا رجال بيض الوجوه حسان ، فقالوا لنا : شاهت الوجوه ، ارجعوا ، فرجعنا وركبوا أكتافنا فكانت إياها . يعني الملائكة .
قلت : ولا تعارض فإنه يحتمل أن يكون شاهت الوجوه من قوله صلى الله عليه وسلم ومن قول الملائكة معا ويدل على أن الملائكة قاتلت يوم حنين . فالله أعلم .
وقتل علي رضي الله عنه يوم حنين أربعين رجلا بيده . وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف رأس . وقيل : ستة آلاف ، واثنتي عشرة ألف ناقة سوى ما لا يعلم من الغنائم .
الثانية : قال العلماء في هذه الغزاة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه . وقد مضى في ( الأنفال ) بيانه . قال ابن العربي : ولهذه النكتة وغيرها أدخل الأحكاميون هذه الآية في الأحكام .
قلت : وفيه أيضا جواز استعارة السلاح وجواز الاستمتاع بما استعير إذا كان على المعهود مما يستعار له مثله ، وجواز استلاف الإمام المال عند الحاجة إلى ذلك ورده إلى صاحبه . وحديث صفوان أصل في هذا الباب . وفي هذه الغزاة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض حيضة . وهو يدل على أن السبي يقطع العصمة . وقد مضى بيانه في سورة ( النساء ) مستوفى . وفي حديث مالك أن صفوان خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر ، فشهد حنينا والطائف وامرأته مسلمة ، الحديث . قال مالك : ولم يكن ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أرى أن يستعان بالمشركين على المشركين إلا أن يكونوا خدما أو نواتية . وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري والأوزاعي : لا بأس بذلك إذا كان حكم الإسلام هو الغالب ، وإنما تكره الاستعانة بهم إذا كان حكم الشرك هو الظاهر . وقد مضى القول في الإسهام لهم في ( الأنفال )
الثالثة : قوله تعالى ويوم حنين حنين واد بين مكة والطائف ، وانصرف لأنه اسم مذكر ، وهي لغة القرآن . ومن العرب من لا يصرفه ، يجعله اسما للبقعة . وأنشد :
نصروا نبيهم وشدوا أزره بحنين يوم تواكل الأبطال
ويوم ظرف ، وانتصب هنا على معنى : ونصركم يوم حنين . وقال الفراء : لم تنصرف مواطن لأنه ليس لها نظير في المفرد وليس لها جماع ، إلا أن الشاعر ربما اضطر فجمع ، وليس يجوز في الكلام كل ما يجوز في الشعر . وأنشد :
فهن يعلكن حدائداتها
وقال النحاس : رأيت أبا إسحاق يتعجب من هذا قال : أخذ قول الخليل وأخطأ فيه ؛ لأن الخليل يقول فيه : لم ينصرف لأنه جمع لا نظير له في الواحد ، ولا يجمع جمع التكسير ، وأما بالألف والتاء فلا يمتنع .
الرابعة : قوله تعالى إذ أعجبتكم كثرتكم قيل : كانوا اثني عشر ألفا . وقيل : أحد عشر ألفا وخمسمائة . وقيل : ستة عشر ألفا . فقال بعضهم : لن نغلب اليوم عن قلة . فوكلوا إلى هذه الكلمة ، فكان ما ذكرناه من الهزيمة في الابتداء إلى أن تراجعوا ، فكان النصر والظفر للمسلمين ببركة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم . فبين الله عز وجل في هذه الآية أن الغلبة إنما تكون بنصر الله لا بالكثرة وقد قال : وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده .
الخامسة : قوله تعالى وضاقت عليكم الأرض بما رحبت أي من الخوف ، كما قال :
كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل
والرحب - بضم الراء - السعة . تقول منه : فلان رحب الصدر . والرحب - بالفتح - : الواسع . تقول منه : بلد رحب ، وأرض رحبة . وقد رحبت ترحب رحبا ورحابة . وقيل : الباء بمعنى مع أي مع رحبها . وقيل : بمعنى على ، أي على رحبها . وقيل : المعنى برحبها ، ف " ما " مصدرية .
السادسة : قوله تعالى ثم وليتم مدبرين روى مسلم عن أبي إسحاق قال : جاء رجل إلى البراء فقال : أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة . فقال : أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ولى ، ولكنه انطلق أخفاء من الناس ، وحسر إلى هذا الحي من هوازن . وهم قوم رماة فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد فانكشفوا ، فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان يقود به بغلته ، فنزل ودعا واستنصر وهو يقول : أنا النبي لا كذب . أنا ابن عبد المطلب . اللهم نزل نصرك . قال البراء : كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم .
- الطبرى : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
القول في تأويل قوله : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (لقد نصركم الله)، أيها المؤمنون = في أماكن حرب توطِّنون فيها أنفسكم على لقاء عدوّكم، ومشاهد تلتقون فيها أنتم وهم كثيرة =(ويوم حنين)، يقول: وفي يوم حنين أيضًا قد نصركم.
* * *
و (حنين) وادٍ، فيما ذكر، بين مكة والطائف. وأجرِيَ، لأنه مذكر اسم لمذكر. وقد يترك إجراؤه، ويراد به أن يجعل اسمًا للبلدة التي هو بها, (17) ومنه قول الشاعر: (18)
نَصَـــرُوا نَبِيَّهُــمْ وَشَــدُّوا أَزْرَهُ
بِحُــنَيْنَ يَــوْمَ تَــوَاكُلِ الأَبْطَـالِ (19)
16573- حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي قال، حدثنا أبان العطار قال، حدثنا هشام بن عروة, عن عروة قال: " حُنَين "، واد إلى جنب ذي المجاز. (20)
* * *
(إذ أعجبتكم كثرتكم)، وكانوا ذلك اليوم، فيما ذكر لنا، اثنى عشر ألفًا.
* * *
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك اليوم: لن نغلب من قِلَّة.
* * *
وقيل: قال ذلك رجل من المسلمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
وهو قول الله: (إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا)، يقول: فلم تغن عنكم كثرتكم شيئا (21) =(وضاقت عليكم الأرض بما رحبت)، يقول: وضاقت الأرض بسعتها عليكم.
* * *
و " الباء " ههنا في معنى " في", ومعناه: وضاقت عليكم الأرض في رحبها، وبرحبها. (22)
* * *
يقال منه: " مكان رحيب "، أي واسع. وإنما سميت الرِّحاب " رحابًا " لسَعَتَها.
* * *
=(ثم وليتم مدبرين)، عن عدوكم منهزمين = " مدبرين ", يقول: وليتموهم، الأدبار, وذلك الهزيمة. يخبرهم تبارك وتعالى أن النصر بيده ومن عنده, وأنه ليس بكثرة العدد وشدة البطش, وأنه ينصر القليلَ على الكثير إذا شاء، ويخلِّي الكثيرَ والقليلَ، فَيهْزِم الكثيرُ. (23)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16574- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين)، حتى بلغ: وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ، قال: " حنين "، ماء بين مكة والطائف، قاتل عليها نبيُّ الله هوازن وثقيفَ, وعلى هوازن: مالك بن عوف أخو بني نصر, وعلى ثقيف: عبد ياليل بن عمرو الثقفيّ. قال: وذُكر لنا أنه خرج يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر ألفًا: عشرة آلافٍ من المهاجرين والأنصار, وألفان من الطُّلقَاء, وذكر لنا أنَّ رجلا قال يومئذٍ: " لن نغلب اليوم بكَثْرة " ! قال: وذكر لنا أن الطُّلقَاء انجفَلوا يومئذ بالناس, (24) وجلَوْا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى نـزل عن بغلته الشهباء. وذكر لنا أن نبيَّ الله قال: " أي رب، آتني ما وعدتني" ! قال: والعباسُ آخذ بلجام بغلةِ رسول الله, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ناد يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين!"، فجعل ينادي الأنصار فَخِذًا فخِذًا, ثم قال: " نادِ بأصحاب سورة البقرة !". (25) قال: فجاء الناس عُنُقًا واحدًا. (26) فالتفت نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم, وإذا عصابة من الأنصار, فقال: هل معكم غيركم؟ فقالوا: يا نبي الله, والله لو عمدت إلى بَرْك الغِمادِ من ذي يَمَنٍ لكنَّا مَعَك، (27) ثم أنـزل الله نصره, وهزَمَ عدوّهم, وتراجع المسلمون. قال: وأخذ رسول الله كفًّا من تراب = أو: قبضةً من حَصْباء = فرمى بها وجوه الكفار, وقال: " شاهت الوجوه!"، فانهزموا. فلما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم, وأتى الجعرَّانة, فقسم بها مغانم حنين, وتألَّف أناسًا من الناس، فيهم أبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس, فقالت الأنصار: " أمن الرجل وآثر قومه " ! (28) فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قُبَّة له من أَدَم, فقال: " يا معشر الأنصار, ما هذا الذي بلغني؟ ألم تكونوا ضُلالا فهداكم الله, وكنتم أذلَّةً فأعزكم الله، وكنتم وكنتم!" قال: فقال سعد بن عبادة رحمه الله: ائذن لي فأتكلم ! قال: تكلم. قال: أما قولك: " كنتم ضلالا فهداكم الله "، فكنا كذلك = " وكنتم أذلة فأعزكم الله ", فقد علمت العربُ ما كان حيٌّ من أحياء العرب أمنعَ لما وراء ظهورهم منَّا! فقال عمر: يا سعد أتدري من تُكلِّم! فقال: نعم أكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لو سلكَتِ الأنصارُ واديًا والناس واديًا لسكت وادي الأنصار, ولولا الهجرةُ لكنت امرءًا من الأنصار. وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " الأنصار كَرِشي وَعَيْبتي, فاقبلوا من مُحِسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ". (29) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الأنصار، أما ترضون أن ينقلب الناس بالإبل والشاء, وتنقلبون برسولِ الله إلى بيوتكم! فقالت الأنصار: رضينا عن الله ورسوله, والله ما قلنا ذلك إلا حرصا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ورسوله يصدِّقانكم ويعذِرَانكم " (30) .
16575- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: ذكر لنا أن أمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته أو ظِئْره من بني سعد بن بكر، أتته فسألته سَبَايا يوم حنين, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أملكهم، وإنما لي منهم نصيبي, ولكن ائتيني غدًا فسلِيني والناس عندي، فإني إذا أعطيتُك نصيبي أعطاك الناس. فجاءت الغد، فبسط لها ثوبًا, فقعدت عليه, ثم سألته, فأعطاها نصيبه. فلما رأى ذلك الناس أعطوْها أنصباءهم.
16576- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)، الآية: أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال: يا رسول الله، لن نغلب اليوم من قِلّة ! وأعجبته كثرة الناس, وكانوا اثني عشر ألفًا. فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم, فوُكِلوا إلى كلمة الرجل, فانهزموا عن رسول الله, غير العباس، وأبي سفيان بن الحارث، وأيمن بن أم أيمن, قتل يومئذ بين يديه. فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الأنصار؟ أين الذين بايعوا تحت الشجرة ؟ فتراجع الناس, فأنـزل الله الملائكة بالنصر, فهزموا المشركين يومئذٍ, وذلك قوله: ثُمَّ أَنْـزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْـزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ، الآية.
16577- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الزهري, عن كثير بن عباس بن عبد المطلب, عن أبيه قال: لما كان يوم حنين، التقى المسلمون والمشركون, فولّى المسلمون يومئذٍ. قال: فلقد رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وما معه أحدٌ إلا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, آخذًا بغَرْزِ النبي صلى الله عليه وسلم, لا يألو ما أسرع نحو المشركين. (31) قال: فأتيت حتى أخذتُ بلجامه، وهو على بغلةٍ له شهباء, فقال: يا عباس. ناد أصحابَ السمرة! وكنت رجلا صَيِّتًا, (32) فأذَّنت بصوتي الأعلى: أين أصحاب السمرة! فالتفتوا كأنها الإبل إذا حُشِرت إلى أولادها, (33) يقولون: "
يا لبيك، يا لبَّيك، يا لبيك "، وأقبل المشركون. فالتقوا هم والمسلمون, وتنادت الأنصار: " يا معشر الأنصار " ، ثم قُصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج, فتنادوا: " يا بني الحارث بن الخزرج "، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاوِل، إلى قتالهم فقال: " هذا حين حَمِي الوَطِيس "! (34) ثم أخذ بيده من الحصباء فرماهم بها, ثم قال: " انهزموا وربِّ الكعبة ، انهزموا ورب الكعبة!" قال: فوالله ما زال أمرُهم مدبرًا، وحدُّهم كليلا حتى هزمهم الله، قال: فلكأنّي أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يركُضُ خلفهم على بَغْلَتِه. (35)16578- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب: أنهم أصابوا يومئذٍ ستة آلاف سَبْيٍ, ثم جاء قومهم مسلمين بعد ذلك, فقالوا: يا رسول الله: أنت خيرُ الناس, وأبرُّ الناس, وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالَنا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عندي من ترونَ! وإن خير القولِ أصدقُه, اختاروا: إما ذَراريكم ونساءكم، وإمّا أموالكم. قالوا: ما كنا نعدِل بالأحساب شيئًا! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن هؤلاء جاءوني مسلمين, وإنا خيَّرناهم بين الذَّراريّ والأموال، فلم يعدلوا بالأحساب شيئًا, فمن كان بيده منهم شيء فطابت نفسُه أن يردَّه فليفعل ذلك, ومن لا فليُعْطِنا, وليكن قَرْضًا علينا حتى نصيب شيئًا، فنعطيه مكانه. فقالوا: يا نبي الله، رضينا وسلَّمنا! فقال: "
إني لا أدري لعلَّ منكم من لا يرضَى, فَمُروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا. فرفعتْ إليه العُرَفاء أن قد رضوا وسلموا. (36)16579- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا حماد بن سلمة قال، حدثنا يعلى بن عطاء, عن أبي همام, عن أبي عبد الرحمن = يعني الفهريّ = قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، فلما رَكَدت الشمس، (37) لبستُ لأمَتي، (38) وركبت فرسي, حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في ظِلّ شجرة, فقلت: يا رسول الله، قد حان الرَّواح, فقال: أجل! فنادى: " يا بِلال! يا بلال!" فقام بلال من تحت سمرة, فأقبل كأن ظله ظلُّ طير, فقال: لبيك وسعديك, ونفسي فداؤك، يا رسول الله ! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسرج فرسي! فأخرج سَرْجًا دَفَّتَاه حشْوهما ليفٌ, ليس فيهما أَشَرٌ ولا بَطَرٌ (39) قال: فركب النبي صلى الله عليه وسلم, فصافَفْناهم يومَنا وليلتنا، فلما التقى الخيلان ولَّى المسلمون مدبرين, كما قال الله. فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عباد الله, يا معشر المهاجرين!". قال: ومال النبي صلى الله عليه وسلم عن فرسه, فأخذ حَفْنَةً من تراب فرمى بها وجوههم, فولوا مدبرين = قال يعلى بن عطاء: فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: ما بقي مِنَّا أحد إلا وقد امتلأت عيناه من ذلك التراب. (40)
16580- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء وسأله رجل من قيس: فَرَرتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ فقال البراء: لكن رسول الله لم يفرَّ, وكانت هَوازن يومئذ رُماةً, وإنَّا لما حملنا عليهم انكشَفُوا فأكبَبْنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسِّهام, ولقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذٌ بلجامها وهو يقول:
أَنَــــا النَّبِــــيُّ لا كَــــذِبْ
أَنَـــا ابْـــنُ عبــدِ المُطَّلِــبْ (41)
16581- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن البراء قال: سأله رجل: يا أبا عُمارة, وليتم يوم حنين؟ فقال البراء وأنا أسمع: أشهد أن رسول الله لم يولِّ يومئذ دُبُره, وأبو سفيان يقود بغلته. فلما غشيه المشركون نـزل فجعل يقول:
أَنَــــا النَّبِــــيُّ لا كَــــذِبْ
أَنَـــا ابْـــنُ عبــدِ المُطَّلِــبْ
فما رُؤي يومئذ أحد من الناس كان أشدَّ منه.
16582- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني جعفر بن سليمان, عن عوف الأعرابي, عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال، حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحابَ محمد عليه السلام، لم يقفوا لنا حَلَبَ شاةٍ أن كشفناهم، فبينا نحن نسوقهم, إذ انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء, فتلقانا رجالٌ بيضٌ حسانُ الوجوه, فقالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا " ! فرجعنا, وركبنا القوم، فكانت إياها. (42)
16583- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد قال: أمدَّ الله نبيه صلى الله عليه وسلم يوم حنين بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين. قال: ويومئذ سمَّى الله الأنصار " مؤمنين ". قال: (فأنـزل الله سكينته على رسول الله وعلى المؤمنين وأنـزل جنودا لم يَروها).
16584- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا)، قال: كانوا اثني عشر ألفًا.
16585- حدثنا محمد بن يزيد الأدَميّ قال، حدثنا معن بن عيسى, عن سعيد بن السائب الطائفي, عن أبيه, عن يزيد بن عامر قال: لما كانت انكشافةُ المسلمين حين انكشفوا يوم حنين, ضَرَب النبي صلى الله عليه وسلم يَده إلى الأرض, فأخذ منها قبضة من تراب, فأقبل بها على المشركين وهم يتْبعون المسلمين, فحثَاها في وجوهم وقال: " ارجعوا: شاهت الوجوه!". قال: فانصرفنا، ما يلقى أحدٌ أحدًا إلا وهو يمسَحُ القَذَى عن عينيه. (43)
16586- وبه، عن يزيد بن عامر السُّوائي قال: قيل له: يا أبا حاجز, الرعب الذي ألقى الله في قلوب المشركين، ماذا وجدتم؟ قال: وكان أبو حاجز مع المشركين يوم حنين, فكان يأخذ الحصاة فيرمي بها في الطَّستِ فيطنُّ, ثم يقول: كان في أجوافِنَا مثل هذا! (44)
16587- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثني المعتمر بن سليمان, عن عوف قال، سمعت عبد الرحمن مولى أم برثن = أو: أم برثم = قال، حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين, قال: لما التقينا نحن وأصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين, لم يقوموا لنا حَلَب شاة. قال: فلما كشفناهم جعلنا نسُوقهم في أدبارهم, حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء, فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فتلقانا عندَه رجالٌ بيضٌ حسانُ الوجوه فقالوا لنا: " شاهت الوجوه، ارجعوا !"، قال: فانهزمنا، وركِبُوا أكتافنا, فكانت إيَّاهَا. (45)
-----------------------
الهوامش :
(17) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 429 .
(18) هو حسان بن ثابت .
(19) ديوانه : 334 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 429 ، واللسان ( حنن ) ، وسيأتي في التفسير 16 : 111 ( بولاق ) ، وهو بيت مفرد .
وقوله : " تواكل الأبطال " ، من قولهم : " تواكل القوم " ، إذا اتكل بعضهم على بعض ، ولم يعفه في مأزق الحرب . وفي الحديث أنه نهى عن المواكلة ، وهو : أن يكل كل امرئ صاحبه إلى نفسه ، فلا يعينه فيما ينويه ، وهو مفض إلى الضعف والتقاطع وفساد الأمور ، أعاذنا الله من كل ذلك .
(20) الأثر : 16572 - هو جزء من كتاب عروة ، إلى عبد الملك بن مروان ، الذي خرجته فيما سلف رقم : 16083 ، ورواه الطبري في تاريخه ، في أثناء خبر طويل 2 : 125 .
(21) انظر تفسير " أغنى " فيما سلف : 13 : 445 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(22) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 430 .
(23) في المطبوعة : " ويخلي القليل فيهزم الكثير " ؛ حذف بسوء رأيه فأفسد الكلام . وإنما أراد أن الله يخلي بين الكثير والقليل فلا ينصر القليل ، فيهزم الكثير القليل ، على ما جرت به العادة من غلبة الكثير على القليل .
(24) " انجفل القوم عن رئيسهم " ، ذعروا ، فانقلعوا من حوله ، ففروا مسرعين .
(25) في المطبوعة : " ثم نادى بأصحاب سورة البقرة " ، غير ما في المخطوطة عبثا .
(26) قوله : " عنقا واحدا " ، أي : جملة واحدة . ويقال : " جاء القوم عنقا عنقا " ، أي : طائفة طائفة . ويقال : " هم عليه عنق " ، أي : هم عليه إلب واحد .
(27) انظر ما سلف في تفسير " برك الغماد " رقم : 15720 .
(28) في المطبوعة : " حن الرجل إلى قومه " ، غير ما في المخطوطة بلا ورع .
(29) " الكرش " ، وعاء الطيب ، و " العيبة " وعاء من أدم يكون فيه المتاع والثياب .
يقول : الأنصار خاصتي وموضع سري ، أثق بهم ، وأعتمد عليهم ، وهم أنفس ما أحرز .
(30) الأثر : 16574 - رواه ابن سعد مختصرا في الطبقات 4 / 1 / 11 ، 12 .
(31) " الغرز " ، ركاب الدابة . و " لا يألو " لا يقصر .
(32) " الصيت " ( على وزن جيد ) : البعيد الصوت العاليه .
(33) في المطبوعة : " إذا حنت إلى أولادها " ، غير ما في المخطوطة ، و " الحشر " ، الجمع .
وفي المراجع الأخرى : " لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها " . والذي في طبقات ابن سعد ، موافق لما في المطبوعة .
(34) " الوطيس " : حفرة تحتفر ، فتوقد فيها النار ، فإذا حميت يختبز فيها ويشوى ، ويقال لها " الإرة " وهذا من بليغ الكلام ، ولم تسمع هذه الكلمة من أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(35) الأثر : 16577 - " كثير بن العباس بن عبد المطلب " ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولد على عهد رسول الله ، ولم يسمع منه ، تابعي ثقة قليل الحديث . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 207 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 153 .
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم : 1775 من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري . وفصل أخي السيد أحمد تخريجه هناك ، ثم رقم : 1776 .
ورواه مسلم في صحيحه 12 : 113 ، من طريق يونس ، عن الزهري . ثم رواه أيضا ( 12 : 117 ) من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، ومن طريق سفيان بن عيينه عن الزهري .
ورواه الحاكم في المستدرك 3 : 327 ، من طريق يونس ، عن الزهري .
ورواه ابن سعد في الطبقات 2 / 1 / 112 = 4 / 1 / 11 ، الثاني طريق محمد بن عبد الله ، عن عمه ، عن ابن شهاب الزهري ، والأول من طريق محمد بن حميد العبدي ، عن معمر ، عن الزهري .
ثم انظر تاريخ الطبري 3 : 128 ، حديث ابن إسحاق ، في سيرة ابن هشام 4 : 87 ، 88 .
(36) الأثر : 16578 - رواه ابن سعد في الطبقات 2 / 1 / 112 . 87 ، 88 .
(37) " ركدت الشمس " ، ثبتت ، وذلك حين يقوم قائم الظهيرة .
(38) " اللأمة " الدرع ، وسلاح الحرب كله .
(39) " الأشر " ، المرح والخيلاء . و " البطر " ، الطغيان في النعمة من قلة احتمالها .
(40) الأثر : 16579 - " يعلى بن عطاء العامري الطائفي " ، ثقة مضى برقم : 2858 ، 11527 ، 11529 .
و " أبو همام " هو " عبد الله بن يسار " ، روى عن عمرو بن حريث . وأبي عبد الرحمن الفهري . ثقة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 202 .
و " أبو عبد الرحمن الفهري " ، صحابي مختلف في اسمه ، مترجم في الإصابة ، والتهذيب ، وأسد الغابة 5 : 245 ، 246 ، والاستيعاب : 676 .
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5 : 286 من طريق بهز عن حماد بن سلمة ، ومن طريق عفان ، عن حماد .
ورواه ابن سعد في الطبقات 2 / 1 / 112 ، 113 ، من طريق عفان ، عن حماد بن سلمة .
ورواه أبو داود في سننه 4 : 485 ، 486 ، برقم : 5233 من طريق موسى بن إسماعيل ، عن حماد مختصرا .
ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب 676 ، بغير إسناد .
ورواه ابن الأثير في أسد الغابة من طريق موسى بن إسماعيل ، عن حماد .
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 6 : 181 ، 182 ، وقال : " رواه البزار ، والطبراني ، ورجالها ثقات " .
(41) الأثران : 16580 ، 16581 - خبر البراء بن عازب ، رواه مسلم من طرق كثيرة في صحيحه 12 : 117 - 121 ، ورواه من طريق شعبة ، عن أبي إسحاق في 12 : 121 .
ورواه البخاري في صحيحه ( الفتح 8 : 24 ) من طرق .
(42) الأثر : 16582 - " عبد الرحمن ، مولى أم برثن " ، هو " عبد الرحمن بن آدم ، صاحب السقاية " . وكانت أم برثن تعالج الطيب ، فأصابت غلاما لقطة ، فربته حتى أدرك ، وسمته عبد الرحمن ، فكان مما يقال له " عبد الرحمن بن أم برثن " ، وإنما قيل له : " عبد الرحمن بن آدم ، نسب إلى أبي البشر جميعا ، " آدم " عليه السلام ، لم يكن يعرف له أب ، وهو ثقة ، مضى برقم : 7145 .
وكان في المخطوطة : " مولى برثن " ، وهو خطأ ، وانظر الخبر التالي رقم : 19587 من طريق أخرى .
وقوله : " لم يقفوا لنا حلب شاة " ، يعني : إلا قدر ما تحلب شاة ، كناية من قلة الزمن ، كما يقال : " فواق ناقة " ، و " الفواق " ما بين الحلبتين إذا قبض الجانب على الضرع ثم أرسله .
قوله : " فكانت إياها " ، يعني ، فكانت الهزيمة التي تعلم . وفي حديث معاوية بن عطاء :
" كان معاوية رضي الله عنه إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة كانت إياها " . قالوا : اسم " كان " ضمير " السجدة " ، و " إياها " الخبر ، أي : كانت هي هي ، أي : كان يرفع منها وينهض قائما إلى الركعة الأخرى من غير أن يقعد قعدة الاستراحة .
(43) الأثر : 16585 - " محمد بن يزيد الأدمي الخراز " ، شيخ الطبري ، ثقة زاهد ، مضى برقم : 4894 .
و " معن بن عيسى الأشجعي ، القزاز " ، أحد أئمة الحديث ، روى له الجماعة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 390 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 277 .
و " سعيد بن السائب الطائفي " ، ثقة ، مضى برقم : 15402 .
وأبوه " السائب بن أبي حفص الطائفي " ، ثقة ، مترجم في الكبير 2 / 2 / 156 ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 245 .
و " يزيد بن عامر السوائي " " أبو حاجز " صحابي ، مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 2 / 316 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 281 .
وهذا الخبر ، رواه البخاري في تاريخه 4 / 2 / 316 من طريق إبراهيم بن المنذر ، عن معن بن عيسى .
ورواه ابن الأثير في أسد الغابة 5 : 115 ، 116 .
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ( 6 : 182 ، 183 ) ، حديثان ، كما جاء هنا في التفسير ، وقال في الأول والثاني " رواه الطبراني ، ورجاله ثقات " .
(44) 16586 - مكرر الأثر السالف ، وتخريجه هناك .
(45) الأثر : 16587 - " عبد الرحمن ، مولى أم برثن ، أو : أم برثم " ، بإبدال النون ميما ، مضى في الأثر رقم : 16582 ، وكان في المطبوعة هنا : " أو : أم مريم " ، وهو خطأ محض ، وتصرف في رسم المخطوطة ، وهي غير منقوطة .
- ابن عاشور : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
لما تضمّنت الآيات السابقة الحث على قتال المشركين ابتداء من قوله تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [ التوبة : 5 ] ، وكان التمهيد للإقدام على ذلك مدرَّجا بإبطال حرمة عهدهم ، لشركهم ، وبإظهار أنّهم مضمرون العزم على الابتداء بنقض العهود التي بينهم وبين المسلمين لو قُدّر لهم النصر على المسلمين وآية ذلك : اعتداؤهم على خزاعة أحلاف المسلمين ، وهمُّهم بإخراج الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة بعد الفتح ، حتى إذا انتهى ذلك التمهيد المدرج إلى الحثّ على قتالهم وضمان نصر الله المسلمين عليهم ، وما اتّصل بذلك ممّا يثير حماسة المسلمين جاء في هذه الآية بشواهد ما سبق من نصر الله المسلمين في مواطن كثيرة ، وتذكير بمقارنة التأييد الإلهي لحالة الامتثال لأوامره ، وإنّ في غزوة حنين شواهد تشهد للحالين . فالكلام استيناف ابتدائي لمناسبة الغرض السابق .
وأسند النصر إلى الله بالصراحة لإظهار أنّ إيثار محبّة الله وإن كان يُفيت بعض حظوظ الدنيا ، ففيه حظ الآخرة وفيه حظوظ أخرى من الدنيا وهي حظوظ النصر بما فيه : من تأييد الجامعة ، ومن المغانم ، وحماية الأمة من اعتداء أعدائها ، وذلك من فضل الله إذ آثروا محبّته على محبّة علائقهم الدنيوية .
وأكّد الكلام ب { قد } لتحقيق هذا النصر لأنّ القوم كأنّهم نسوه أو شكّوا فيه فنزلوا منزلة من يحتاج إلى تأكيد الخبر .
و { مواطن } : جمع مَوْطِن ، والموطن أصله مكان التوطّن ، أي الإقامة . ويطلق على مقام الحرب وموقفها ، أي نصركم في مواقع حروب كثيرة .
و { يومَ } معطوف على الجار والمجرور من قوله : { في مواطن } فهو متعلّق بما تعلّق به المعطوف عليه وهو { نصركم } والتقدير : ونَصَركم يومَ حنين وهو من جملة المواطن ، لأنّ مواطن الحرب تقتضي أياماً تقع فيها الحرب ، فتدلّ المواطن على الأيام كما تدلّ الأيام على المواطن ، فلمّا أضيف اليوم إلى اسم مكاننٍ علم أنّه موطِن من مواطن النصر ولذلك عطف بالواو لأنّه لو لم يعطف لتوهّم أنّ المواطن كلّها في يوم حنين ، وليس هذا المراد . ولهذا فالتقدير : في مواطن كثيرة وأياممٍ كثيرة منها موطن حنين ويومُ حنين .
وتخصيص يوم حنين بالذكر من بين أيام الحروب : لأنّ المسلمين انهزموا في أثناء النصر ثم عادَ إليهم النصر ، فتخصيصه بالذكر لما فيه من العبرة بحصول النصر عند امتثال أمر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وحصول الهزيمة عند إيثار الحظوظ العاجلة على الامتثال ، ففيه مثَل وشاهد لحالتي الإيثارين المذكورين آنفاً في قوله تعالى : { أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله } [ التوبة : 24 ] ليتنبّهوا إلى أنّ هذا الإيثار قد يعرض في أثناء إيثار آخر ، فهم لَمَّا خرجوا إلى غزوة حنين كانوا قد آثروا محبّة الجهاد على محبّة أسبابهم وعلاقاتهم ، ثم هم في أثناء الجهاد قد عاودهم إيثار الحظوظ العاجلة على امتثال أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الذي هو من آثار إيثار محبّتها ، وهي عبرة دقيقة حصل فيها الضّدان ولذلك كان موقع قوله : { إذ أعجبتكم كثرتكم } بديعاً لأنّه تنبيه على خطئِهم في الأدب مع الله المناسب لِمقامهم أي : ما كان ينبغي لكم أن تعتمدوا على كثرتكم .
و { حُنين } اسم واد بين مكة والطائف قُرب ذي المجاز ، كانت فيه وقعَة عظيمة عقب فتح مكة بين المسلمين مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا اثني عشر ألفاً ، وبين هوازن وثقيف وألفاً فهما ، إذ نهضوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم حمية وغضباً لهزيمة قريش ولفتح مكة ، وكان على هوازن مالك بن عوف ، أخو بني نصر ، وعلى ثقيف عبد يَالِيل بن عمرو الثقفي ، وكانوا في عدد كثير وساروا إلى مكة فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم حتّى اجتمعوا بحُنين فقال المسلمون : لن نغلب اليومَ من قلّة ، ووثقوا بالنصر لقوّتهم ، فحصلت لهم هزيمة عند أوّل اللقاء كانت عتاباً إلهياً على نسيانهم التوكّل على الله في النصر ، واعتمادهم على كثرتهم ، ولذلك روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا سمع قول بعض المسلمين «لن نغلب من قلّة» ساءهُ ذلك ، فإنّهم لمّا هبطوا وادي حنين كان الأعداء قد كمنوا لهم في شعابه وأحنائه ، فما راع المسلمين وهم منحدرون في الوادي إلاّ كتائبُ العدوّ وقد شَدَّت عليهم وقيل : إنّ المسلمين حملوا على العدوّ فانهزم العدوّ فلحقوهم يغنمون منهم ، وكانت هوازن قوماً رُماة فاكثبوا المسلمينَ بالسهام فأدبر المسلمون راجعين لا يلوي أحد على أحد ، وتفرّقوا في الوادي ، وتطاول عليهم المشركون ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت في الجهة اليمنى من الوادي ومعه عشرة من المهاجرين والأنصار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباسَ عمَّه أن يصرخ في الناس : يا أصحاب الشجرة أو السمرة يعني أهل بيعة الرضوان يا معشر المهاجرين يا أصحاب سورة البقرة يعني الأنصار هلمّوا إلي ، فاجتمع إليه مائة ، وقاتلوا هوازن مع من بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم واجتلد الناس ، وتراجع بقية المنهزمين واشتدّ القتال و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الآن حَمِي الوطيس» فكانت الدائرةُ على المشركين وهُزموا شرّ هزيمة وغنمت أموالهم وسُبيت نساؤهم .
فذلك قوله تعالى : { وضاقت عليكم الأرض بما رحبت } وهذا التركيب تمثيل لحال المسلمين لمّا اشتدّ عليهم البأس واضطربوا ولم يهتدوا لدفع العدوّ عنهم ، بحال من يرى الأرض الواسعةَ ضيّقةً .
فالضيق غير حقيقي بقرينة قوله : { بما رحبت } استعير { وضاقت عليكم الأرض بما رحبت } استعارة تمثيلية تمثيلاً لحال من لا يستطيع الخلاص من شدّة بسبب اختلال قوة تفكيره ، بحال من هو في مكان ضَيِّق من الأرض يريد أن يخرج منه فلا يستطيع تجاوزه ولا الانتقال منه .
فالباء للملابسة ، و { ما } مصدرية ، والتقدير : ضاقت عليكم الأرض حالة كونها ملابسة لرحبها أي سعتها : أي في حالة كونها لا ضيق فيها وهذا المعنى كقول الطرماح بن حكيم :
ملأتُ عليه الأرض حتّى كأنّها ... من الضيق في عينيْه كفة حابل
قال الأعلم «أي من الزعر» هو مأخوذ من قول الآخر :
كأنَّ فجاج الأرض وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفّة حابل
وهذا أحسن من قول المفسّرين أنّ معنى { وضاقت عليكم اورض بما رحبت } لمْ تهتدوا إلى موضع من الأرض تفرّون إليه فكأنَّ الأرض ضاقت عليكم ، ومنهم من أجمل فقال : أي لشدّة الحال وصعوبتها .
وموقع { ثُم } في قوله : { ثم وليتم مدبرين } موقع التراخي الرتبي ، أي : وأعظم ممّا نالكم من الشرّ أن وليتم مدبرين .
والتولّي : الرجوع ، و { مدبرين } حال : إمّا مؤكّدة لمعنى { وليتم } أو أريد بها إدبار أخص من التولّي ، لأنّ التولّي مطلق يكون للهروب ، ويكون للفرّ في حِيل الحروب ، والإدبار شائع في الفرار الذي لم يقصد به حيلة فيكون الفرق بينه وبين التولّي اصطلاحاً حربياً .
- إعراب القرآن : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
«لَقَدْ» اللام واقعة في جواب القسم المحذوف. قد حرف تحقيق. «نَصَرَكُمُ» فعل ماض ومفعوله. «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل. «فِي مَواطِنَ» اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ممنوع من الصرف على وزن مفاعل صيغة منتهى الجموع. والجار والمجرور متعلقان بالفعل. «كَثِيرَةٍ» صفة مجرورة بالكسرة. «وَيَوْمَ» ظرف زمان متعلق بفعل محذوف تقديره ونصركم يوم حنين والجملة المقدرة معطوفة. «حُنَيْنٍ» مضاف إليه مجرور بالكسرة على أنه غير ممنوع من الصرف. «إِذْ» ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب على البدلية من يوم. «أَعْجَبَتْكُمْ» فعل ماض والتاء للتأنيث والكاف في محل نصب مفعول به. والميم لجمع الذكور. «كَثْرَتُكُمْ» فاعل. «فَلَمْ» لم حرف نفي وجزم وقلب ، والفاء عاطفة. «تُغْنِ» مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة الياء. والفاعل ضمير مستتر تقديره هي. «عَنْكُمْ» متعلقان بالفعل. «شَيْئاً» مفعول به أو نائب مفعول مطلق. والجملة معطوفة. «وَضاقَتْ» فعل ماض تعلق به الجار والمجرور «عَلَيْكُمُ» والتاء للتأنيث ، و«الْأَرْضُ» فاعل والجملة معطوفة. «بِما» ما مصدرية مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء «رَحُبَتْ» الجملة صلة ، والجار والمجرور متعلقان بضاقت. «ثُمَّ» عاطفة. «وَلَّيْتُمْ» فعل ماض والتاء فاعل. «مُدْبِرِينَ» حال منصوبة وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم ، والجملة معطوفة على ما قبلها.
- English - Sahih International : Allah has already given you victory in many regions and [even] on the day of Hunayn when your great number pleased you but it did not avail you at all and the earth was confining for you with its vastness; then you turned back fleeing
- English - Tafheem -Maududi : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ(9:25) Allah has helped you on many occasions before this; (recently you witnessed the glory of His help *23 on the day of the Battle of Hunain; you were proud of your great numbers which had deluded you but it availed you nothing and the earth, with all its vastness, became too narrow for you, and turning your backs, you fled.
- Français - Hamidullah : Allah vous a déjà secourus en maints endroits Et [rappelez-vous] le jour de Hunayn quand vous étiez fiers de votre grand nombre et que cela ne vous a servi à rien La terre malgré son étendue vous devint bien étroite; puis vous avez tourné le dos en fuyards
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Allah hat euch doch an vielen Orten zum Sieg verholfen und auch am Tag von Hunain als eure große Zahl euch gefiel euch aber nichts nutzte Die Erde wurde euch eng bei all ihrer Weite Hierauf kehrtet ihr den Rücken zur Flucht
- Spanish - Cortes : Alá os ha ayudado a vencer en muchos sitios Y el día de Hunayn cuando complacidos por vuestro gran número éste no os sirvió de nada; cuando la tierra a pesar de su vastedad os resultó angosta y volvisteis la espalda para huir
- Português - El Hayek : Deus vos socorreu em muitos campos de batalha como aconteceu no dia de Hunain quando vos ufanáveis da vossamaioria que de nada vos serviu; e a terra com toda a sua amplitude pareceuvos pequena para empreenderdes a fuga
- Россию - Кулиев : Аллах одарил вас победой во многих местах и в день Хунейна когда вы радовались своей многочисленности которая ничем вам не помогла Земля стала тесной для вас несмотря на ее просторы и вы повернули вспять
- Кулиев -ас-Саади : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
Аллах одарил вас победой во многих местах и в день Хунейна, когда вы радовались своей многочисленности, которая ничем вам не помогла. Земля стала тесной для вас, несмотря на ее просторы, и вы повернули вспять.Всевышний поведал о Своей милости по отношению к правоверным. Он неоднократно одаривал их победой над противником на полях сражений. Он оказал им поддержку в день сражения при Хунейне, когда мусульмане оказались в критическом положении, почувствовали слабость и стали подумывать об отступлении. Даже земля, несмотря на свои необъятные просторы, в тот день показалась им тесной. Битва при Хунейне состоялась после того, как Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, покорил Мекку. Он услышал, что племя хавазин собрало войско для сражения с мусульманами, и отправился на сражение с ними. Вместе с Пророком, да благословит его Аллах и приветствует, в Хунейн отправились те, кто принимал участие в покорении Мекки или обратился в ислам после этого события. Мусульманская армия состояла из двенадцати тысяч бойцов, тогда как племя хавазин собрало всего четыре тысячи воинов. Это заставило некоторых мусульман обольститься многочисленностью их войск, а некоторые из них даже сказали: «Сегодня нас не удастся одолеть, воспользовавшись нашей малочисленностью». Когда мусульмане столкнулись лицом к лицу с войсками племени хавазин, последние бросили все свои силы в яростную атаку, и правоверные стали нести потери. Они бросились бежать, не обращая ни на что внимания, и вокруг посланника Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, осталось всего около ста человек, которые проявили стойкость и продолжали сражаться с язычниками. Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, пришпоривал свою мулицу и скакал в направлении многобожников, восклицая: «Я - Пророк. Я - внук Абд аль-Мутталиба». Увидев поведение мусульман, он повелел аль-Аббасу б. Абд аль-Мутталибу, обладавшему сильным голосом, обратиться к ансарам и остальным мусульманам со словами: «О те, кто присягнул возле Самуры! О те, кто выучил наизусть суру “аль-Бакара”!» Услышав его голос, мусульмане все как один повернулись лицом к язычникам, и Аллах нанес многобожникам ужасное поражение. Мусульмане захватили их лагерь, пленив женщин и овладев трофеями. Это сражение состоялось в местечке Хунейн, расположенном между Меккой и Таифом.
- Turkish - Diyanet Isleri : And olsun ki Allah size birçok yerlerde ve çokluğunuzun sizi böbürlendirdiği fakat bir faydası da olmadığı yeryüzünün geniş olmasına rağmen size dar gelip de bozularak arkanıza döndüğünüz Huneyn gününde yardım etmişti
- Italiano - Piccardo : Certamente Allah vi ha soccorsi in molti luoghi come nel giorno di Hunayn quando eravate tronfi del vostro numero ma non servì a nulla e la terra per quanto vasta vi sembrava angusta volgeste le spalle e fuggiste
- كوردى - برهان محمد أمين : سوێند بێت بێگومان خوای گهوره له زۆر شوێندا سهری خستن بهسهر بێ باوهڕاندا له ڕۆژی حونهینیش کاتێک که زۆریی ژمارهی خۆتان سهرسامی کردبوون جا بینیتان ئهو زۆریه هیچ فریاتان نهکهوت و بێ نیازی نهکردن زهویش چهنده فراوانه لێتان هاتهوه یهک و تهنگ بوهوه لهوهودوا ههموو پشتان ههڵکردو ڕاتانکرد
- اردو - جالندربرى : خدا نے بہت سے موقعوں پر تم کو مدد دی ہے اور جنگ حنین کے دن۔ جب تم کو اپنی جماعت کی کثرت پر غرہ تھا تو وہ تمہارے کچھ بھی کام نہ ائی۔ اور زمین باوجود اتنی بڑی فراخی کے تم پر تنگ ہوگئی پھر تم پیٹھ پھیر کر پھر گئے
- Bosanski - Korkut : Allah vas je na mnogim bojištima pomogao a i onoga dana na Hunejnu kada vas je mnoštvo vaše zanijelo ali vam ono nije ni od kakve koristi bilo nego vam je zemlja koliko god da je bila prostrana tijesna postala pa ste se u bijeg dali
- Swedish - Bernström : Gud har kommit till er hjälp i många drabbningar och [så gjorde Han] under slaget vid Hunayn när er styrka gjorde er övermodiga fastän den inte räckte till för att ge er segern; då kändes den vida jorden trång för er och till sist gjorde ni helt om och flydde
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Sesungguhnya Allah telah menolong kamu hai para mukminin di medan peperangan yang banyak dan ingatlah peperangan Hunain yaitu diwaktu kamu menjadi congkak karena banyaknya jumlahmu maka jumlah yang banyak itu tidak memberi manfaat kepadamu sedikitpun dan bumi yang luas itu telah terasa sempit olehmu kemudian kamu lari kebelakang dengan berceraiberai
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
(Sesungguhnya Allah telah menolong kalian di tempat-tempat) peperangan (yang banyak) seperti dalam perang Badar, perang melawan Bani Quraizhah dan perang melawan Bani Nadhir (dan) ingatlah (peperangan Hunain) Hunain adalah nama sebuah lembah yang terletak di antara kota Mekah dan Thaif. Artinya ingatlah sewaktu kalian berperang melawan orang-orang Hawazin, yaitu dalam bulan Syawal, tahun 8 Hijriah (yaitu di waktu) lafal idz menjadi kata ganti dari lafal yaum (kalian menjadi congkak karena banyaknya jumlah kalian) lalu pada saat itu kalian mengatakan bahwa kami tidak akan dapat dikalahkan oleh golongan yang sedikit. Pada saat itu jumlah pasukan kaum Muslimin ada dua belas ribu orang sedangkan pasukan orang kafir hanya berjumlah empat ribu orang (maka jumlah yang banyak itu tidak memberi manfaat kepada kalian sedikit pun dan bumi yang luas itu telah terasa sempit oleh kalian) huruf maa adalah mashdariyah, artinya sekalipun bumi itu luas tetapi kalian tidak dapat menemukan tempat yang aman sebagai akibat dari pengaruh rasa takut yang menimpa pada saat itu (kemudian kalian lari ke belakang dengan bercerai-berai) karena terpukul akan tetapi Nabi saw. tetap bertahan pada posisinya seraya menaiki kendaraan bagal putihnya dan tiada yang menemaninya selain Abbas serta Abu Sofyan yang memegang tali kendali kendaraan beliau.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আল্লাহ তোমাদের সাহায্য করেছেন অনেক ক্ষেত্রে এবং হোনাইনের দিনে যখন তোমাদের সংখ্যধিক্য তোমাদের প্রফুল্ল করেছিল কিন্তু তা তোমাদের কোন কাজে আসেনি এবং পৃথিবী প্রশস্ত হওয়া সত্তেও তোমাদের জন্য সংকুচিত হয়েছিল। অতঃপর পৃষ্ঠ প্রদর্শন করে পলায়ন করেছিলে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நிச்சயமாக அல்லாஹ் உங்களுக்குப் பல போர்க்களங்களில் உதவி செய்திருக்கின்றான்; நினைவு கூறுங்கள்; ஆனால் ஹுனைன் போர் நடந்த அன்று உங்களைப் பெருமகிழ்ச்சி கொள்ளச் செய்த உங்களுடைய அதிகமான மக்கள் தொகை உங்களுக்கு எவ்விதப் பலனும் அளிக்கவில்லை மிகவும் பரந்த பூமி உங்களுக்கு அப்போது சுருக்கமாகிவிட்டது அன்றியும் நீங்கள் புறங்காட்டிப் பின்வாங்கலானீர்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “แท้จริงอัลลอฮ์ได้ทรงช่วยเหลือพวกเจ้าแล้วในสนามรบอันมากมาย และในวันแห่งสงครามฮุนัยน์ ด้วย ขณะที่การมีจำนวนมากของพวกเจ้าทำให้พวกเจ้าพึงใจ แล้วมันก็มิได้อำนวยประโยชน์แก่พวกเจ้าแต่อย่างใด และแผ่นดินก็แคบแพวกเจ้า ทั้ง ๆ ที่มันกว้างอยู่ แล้วพวกเจ้าก็หันหลังหนี”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Батаҳқиқ Аллоҳ сизларга кўп жойларда нусрат берди Ҳунайн кунида ҳам Ўшанда сизни кўплигингиз мағрур қилган эди Бас сизга ҳеч фойда бермади ва кенг ер сизга торлик қилиб қолди Сўнгра ортга қараб қочдингиз
- 中国语文 - Ma Jian : 许多战场上和侯奈因之役,真主确已援助你们。当时,你们自夸人众,但人数虽众,对你们却无裨益;地面虽广,但你们觉得无地自容,终于败北。
- Melayu - Basmeih : Sesungguhnya Allah telah menolong kamu mencapai kemenangan dalam banyak medanmedan perang dan di medan perang Hunain iaitu semasa kamu merasa megah dengan sebab bilangan kamu yang ramai; maka bilangan yang ramai itu tidak mendatangkan faedah kepada kamu sedikitpun; dan semasa kamu merasa bumi yang luas itu menjadi sempit kepada kamu; kemudian kamu berpaling undur melarikan diri
- Somali - Abduh : wuxuu idiinku gargaaray Eebe meelo badan iyo maalintii xunayn markay idin cajabisay badnidiinnii oona waxba iddin tarin dhulkuna idinku cidhiidyamay isagoo waasaca markaas aad jeedsateen idinkoo carari
- Hausa - Gumi : Lalle ne haƙĩƙa Allah Yã taimake ku a cikin wurãre mãsu yawa da Rãnar Hunainu a lõkacin da yawanku ya bã ku sha'awa sai bai amfãnar da ku da kõme ba kuma ƙasa ta yi ƙunci a kanku da yalwarta sa'an nan kuma kuka jũya kunã mãsu bãyar da bãya
- Swahili - Al-Barwani : Hakika Mwenyezi Mungu amekunusuruni katika mapigano mengi na siku ya Hunayni ambapo wingi wenu ulikupandisheni kichwa lakini haukukufaeni kitu Na ardhi ikawa dhiki kwenu juu ya upana wake Kisha mkageuka mkarudi nyuma
- Shqiptar - Efendi Nahi : Me të vërtetë Perëndia ju ka ndihmuar në shumë vende si dhe në ditën e luftës së Huneinit kur ju entuziazmoi numri i madh i juaj por ai numër nuk ju solli dobi asgjë toka iu dukë e ngushtë edhe pse është e gjërë prandaj u zmbrapsët duke vrapuar
- فارسى - آیتی : خدا شما را در بسيارى از جايها يارى كرد. و نيز در روز حنين، آنگاه كه انبوهى لشكرتان شما را به شگفت آورده بود ولى براى شما سودى نداشت و زمين با همه فراخيش بر شما تنگ شد و بازگشتيد و به دشمن پشت كرديد.
- tajeki - Оятӣ : Худо шуморо дар бисёре аз ҷойҳо ёрӣ кард. Ва низ дар рӯзи Ҳунайн он гоҳ, ки бисёрии лашкаратон шуморо ба тааҷҷуб оварда буд, вале барои шумо суде надошт ва замин бо ҳамаи васеъияш бар шумо танг шуд ва бозгаштед ва ба душман пушт кардед.
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ سىلەرگە نۇرغۇن جەڭ مەيدانلىرىدا ۋە ھۈنەين كۈنىدە (يەنى جېڭىدە) ھەقىقەتەن ياردەم بەردى. ئەينى ۋاقىتتا سانىڭلارنىڭ كۆپلۈكىدىن خۇشاللىنىپ كەتتىڭلار (يەنى بۈگۈن بىزنىڭ سانىمىز كۆپ، مەغلۇپ بولمايمىز دېدىڭلار، بۇ چاغدا سىلەرنىڭ سانىڭلار 12 مىڭ، دۈشمىنىڭلارنىڭ سانى 4000 ئىدى)، سانىڭلارنىڭ كۆپلۈكى سىلەرگە قىلچە ئەسقاتمىدى. (قاتتىق قورققىنىڭلاردىن) كەڭ زېمىن سىلەرگە تار تۇيۇلدى. ئاندىن (مەغلۇپ بولۇپ، رەسۇلۇللاھنى ئازغىنا مۆمىنلەر بىلەن تاشلاپ) ئارقاڭلارغا قاراپ قاچتىڭلار
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അല്ലാഹു നിങ്ങളെ നിരവധി സന്ദര്ഭ്ങ്ങളില് സഹായിച്ചിട്ടുണ്ട്. ഹുനയ്ന് യുദ്ധദിനത്തിലും. അന്ന് നിങ്ങളുടെ എണ്ണപ്പെരുപ്പം നിങ്ങളെ ദുരഭിമാനികളാക്കി. എന്നാല് ആ സംഖ്യാധിക്യം നിങ്ങള്ക്കൊെട്ടും നേട്ടമുണ്ടാക്കിയില്ല. ഭൂമി വളരെ വിശാലമായിരിക്കെ തന്നെ അത് പറ്റെ ഇടുങ്ങിയതായി നിങ്ങള്ക്കുിതോന്നി. അങ്ങനെ നിങ്ങള് പിന്തിരിഞ്ഞോടുകയും ചെയ്തു.
- عربى - التفسير الميسر : لقد انزل الله نصره عليكم في مواقع كثيره عندما اخذتم بالاسباب وتوكلتم على الله ويوم غزوه حنين قلتم لن نغلب اليوم0 من قله فغرتكم الكثره فلم تنفعكم وظهر عليكم العدو فلم تجدوا ملجا في الارض الواسعه ففررتم منهزمين
*23) This has been mentioned to allay the fears of those who were afraid of the consequences of the Declaration of the abrogation of the treaties, as if to say, "Why are you afraid of war? That AIIah, Who helped you in far worse and dangerous situations on so many occasions before this, is there even now to help you. Had this Mission depended on your might, it could not have come out victorious in the hard trials at Makkah nor in the Battle of Badr when the odds were heavily against you. This is because Allah's Power has been helping you, and past experiences have shown you how effective that Power is. Rest assured that the same Power will help you to succeed in your Mission."
The Battle of Hunain had taken place in the valley of Hunain between Ta'if and Makkah in the month of Shawwal A.H. 8, a year or so before the Revelation of this discourse. This was the first battle in which the Muslim army consisted of 12,000 fighters and this far outnumbered the army of the disbelievers. But in spite of this the archers of the Hawazin clan wrought havoc among the Muslim army and put them to rout. The Holy Prophet and a few of his bravest Companions, however, firmly stood their ground and rallied the routed army, and ultimately won the victory. It was because of their perseverance that the army reassembled and the Muslims ultimately won the victory; otherwise they would have lost much more at Hunain than they had gained by the conquest of Makkah.