- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦٓ إِن شَآءَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ۚ وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء ۚ إن الله عليم حكيم
- عربى - التفسير الميسر : يا معشر المؤمنين إنما المشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع من الهجرة، وإن خفتم فقرًا لانقطاع تجارتهم عنكم، فإن الله سيعوضكم عنها، ويكفيكم من فضله إن شاء، إن الله عليم بحالكم، حكيم في تدبير شؤونكم.
- السعدى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ} باللّه الذين عبدوا معه غيره {نَجَسٌ} أي: خبثاء في عقائدهم وأعمالهم، وأي نجاسة أبلغ ممن كان يعبد مع اللّه آلهة لا تنفع ولا تضر، ولا تغني عنه شيئا؟".
وأعمالهم ما بين محاربة للّه، وصد عن سبيل اللّه ونصر للباطل، ورد للحق، وعمل بالفساد في الأرض لا في الصلاح، فعليكم أن تطهروا أشرف البيوت وأطهرها عنهم.
{فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} وهو سنة تسع من الهجرة، حين حج بالناس أبو بكر الصديق، وبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ابن عمه عليا، أن يؤذن يوم الحج الأكبر ب ـ {براءة} فنادى أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
وليس المراد هنا، نجاسة البدن، فإن الكافر كغيره طاهر البدن، بدليل أن اللّه تعالى أباح وطء الكتابية ومباشرتها، ولم يأمر بغسل ما أصاب منها.
والمسلمون ما زالوا يباشرون أبدان الكفار، ولم ينقل عنهم أنهم تقذروا منها، تَقَذُّرَهْم من النجاسات، وإنما المراد كما تقدم نجاستهم المعنوية، بالشرك، فكما أن التوحيد والإيمان، طهارة، فالشرك نجاسة.
وقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ} أيها المسلمون {عَيْلَةً} أي: فقرا وحاجة، من منع المشركين من قربان المسجد الحرام، بأن تنقطع الأسباب التي بينكم وبينهم من الأمور الدنيوية، {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فليس الرزق مقصورا على باب واحد، ومحل واحد، بل لا ينغلق باب إلا وفتح غيره أبواب كثيرة، فإن فضل اللّه واسع، وجوده عظيم، خصوصا لمن ترك شيئا لوجهه الكريم، فإن اللّه أكرم الأكرمين.
وقد أنجز اللّه وعده، فإن اللّه قد أغنى المسلمين من فضله، وبسط لهم من الأرزاق ما كانوا به من أكبر الأغنياء والملوك.
وقوله: {إِنْ شَاءَ} تعليق للإغناء بالمشيئة، لأن الغنى في الدنيا، ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة اللّه، فلهذا علقه اللّه بالمشيئة.
فإن اللّه يعطي الدنيا، من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان والدين، إلا من يحب.
{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي: علمه
واسع، يعلم من يليق به الغنى، ومن لا يليق، ويضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.
وتدل الآية الكريمة، وهي قوله {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} أن المشركين بعد ما كانوا، هم الملوك والرؤساء بالبيت، ثم صار بعد الفتح الحكم لرسول اللّه والمؤمنين، مع إقامتهم في البيت، ومكة المكرمة، ثم نزلت هذه الآية.
ولما مات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر أن يجلوا من الحجاز، فلا يبقى فيها دينان، وكل هذا لأجل بُعْدِ كل كافر عن المسجد الحرام، فيدخل في قوله {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
وبعد هذا التذكير والتوجيه من الله - تعالى - لعباده المؤمنين - وجه - سبحانه - إليهم نداء أمرهم فيه بمنع المشركين من قربان المسجد الحرام ، ووعدهم بالعطاء الذى يغنيهم ، فقال : ( ياأيها الذين آمنوا . . . . ) .
وقوله : ( نَجَسٌ ) بالتحريك - مصدر نجس الشئ ينجس فهو نجس إذا كان قذراً غير نظيف ، وفعله من باب " تعب " وفى لغة من باب " قتل " .
قال صاحب الكشاف : النجس : مصدر . يقال نجس نجسا وقذر قذرا ، لأن معهم الشرك الذى هو بمنزلة النجس ، ولأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات فهى ملابسة لهم . أو جعلوا كأنهم النجاسة بعينها ، مبالغة فى وصفهم بها .
قيل : وجوز أن يكون لفظ " نجس " صفة مشبهة - وإليه ذهب الجوهرى ولا بد حينئذ من تقدير موصوف مفرد لفظاً مجمع معنى ، ليصح الإِخبار به عن الجمع . أى جنس ونجس ونحوه .
وقوله : ( إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ ) فيه ما فيه من التعبير البديع المصور المجسم لهم ، حتى لكأنهم بأرواحهم وماهيتهم وكيانهم : النجس يمشى على الأرض فيتحاشاه المتطهرون ، ويتحاماه الأتقياء من الناس .
وقوله : ( فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا ) تفريع على نجاستهم والمراد النهى عن الدخول إلا أنه عبر عنه بالنهى عن القرب مبالغة فى إبعادهم عن المسجد الحرام .
والنهى وإن كان موجهاً إلى المشركين ، إلا أن المقصود منه نهى المؤمنين عن تمكينهم من ذلك ، والمراد بقوله : ( بَعْدَ عَامِهِمْ هذا ) العام الذى حصل فيه النداء بالبراءة من المشركين ، وبعدم طوافهم بالمجسد الحرام . . وهو العام التاسع من الهجرة .
قال ابن كثير : أمر الله عباده المؤمنين الطاهرين ديناً وذاتاً بنفى المشركين الذين هم نجس دينا - عن المسجد الحرام ، وأن لا يقربوه بعد نزول هذه الآية . وكان نزولها فى سنة تسع .
ولهذا بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا صحبة أبى بكر رضى الله عنهما - عامئذ ، وأمره أن ينادى فى المشركين : أن لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان . فأتم الله ذلك وحكم به شرعاً وقدراً .
وقوله : ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ ) بشارة من الله تعالى للمؤمنين بأن سيعطيهم من فضله ما يغنيهم عن المشركين .
والعيلة : الفقر والفاقة : يقال : عال الرجل يعيل عيلة فهو عائل إذا افتقر ، ومنه قول الشاعر :
وما يدرى الفقير متى غناه ... وما يدرى الغنى متى يقيل
وقرئ " عائلة " بمعنى المصدر كالعافية : اسم فاعل صفة لموصوف مؤنث مقدر أى : حالا عائلة .
قال ابن جرير - بعد أن ساق روايات فى سبب نزول الآية - : عن عطية العوفى قال : لما قيل " ولا يحج بعد العام مشرك " قالوا : قد كنا نصيب من بياعاتهم فى الموسم ، قال فنزلت ( ياأيها الذين آمنوا إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ ) الآية .
والمعنى : لا تمكنوا أيها المؤمنون . المشركين من دخول المسجد الحرام بعد هذه السنة ، لأنهم نجس . . . ولا تخشوا الفقر والفاقة بسبب عدم تمكينهم ، حيث إنكم تتبادلون معهم التجارات والمبايعات . . لأن الله - تعالى - قد وعدكم أن يغنيكم من فضله بالعطايا والخيرات التى تكفيكم أمر معاشكم . .
وقد أنجز الله - تعالى - لهم وعده ، فأرسل السماء عليهم مدرارا ، وفتح لهم البلاد ، فكثرت بين أيديهم الغنائم وألوان الخيرات ، ودخل فى دين الله من هم أيس حالا وأغنى مالا من هؤلاء المشركين . .
قال صاحب الكشاف : قوله : ( فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ ) أى : من عطائه أو من تفضله بوجه آخر ، فأرسل عليهم السماء مدرارا ، فأغزر بها خيرهم ، وأكثر مسيرهم . وأسلم أهل تبالة وجرس فحملوا إلى مكة الطعام وما يعاش به : فكان أعود عليهم مما خافوا العيلة لفواته .
والتقييد بالمشيئة فى قوله : ( إِن شَآءَ ) ليس للتردد ، بل هو لتعليم المؤمنين رعاية الأدب مع الله - تعالى - كما فى قوله : ( لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَآءَ الله آمِنِينَ ) ولبيان أن هذا الاغناء بإرادته - سبحانه - وحده ، فعليهم أن يجعلوا اعتمادهم عليه ، وتضرعهم إليه لا إلى غيره ، وللتنبيه على أن عطاءه سبحانه لهم ، هو من باب التفضل ولا الوجوب ، لأنه لو كان واجبا مع قيده بالمشيئة .
ولما كانت مشيئته - سبحانه - تجرى حسب مقتضى علمه وحكمته ، فقد ختم الآية بقوله : ( إِنَّ الله عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
أى : إن الله عليم بأحوالكم ومصالحكم ، وبما يكون عليه أمر حاضركم ومستقبلكم حكيم فيما شرعه لكم . فاستجيبوا له لتنالوا السعادة فى دنياكم وآخرتكم .
هذا ، ومن الأحكام والآداب التى استنبطها العلماء من هذه الآية ما يأتى :
1- أن المراد بالمشركين فى الآية ما يناول عبدة الأوثان وغيرهم من أهل الكتاب . كما هو مقتضى ظاهر اللفظ ، وكما يدل عليه قوله - تعالى - ( إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ . . ) أى : لا يغفر أن يشرك به بأى لون من ألوان الشرك .
ويرى كثير من الفقهاء أن المراد بالمشركين هنا عبدة الأوثان فحسب ، لأن الحديث خاص بهم من أول السورة إلى هنا .
2- يرى جمهور الفقهاء أن نجاسة المشركين مرجعها إلى خبث بواطنهم لعبادتهم سوى الله - تعالى - أما أبدانهم فطاهرة .
وقد بسط صاحب المنار القول فى هذه المسألة فقال ما ملخصه : " قال بعضهم بنجاسة أعيان المشركين ، ووجوب تطهير ما تصيبه أبدانهم مع البلل .
حكى هذا القول عن ابن عباس والحسن البصرى . . وجمهور الظاهرية . .
ويرى جمهور السلف والخلف وأصحاب المذاهب الأربعة أن أعيانهم طاهرة . لأنه من المعلوم أن المسلمين كانوا يعاشرون المشركين ويخالطونهم . ومع هذا فالنبى - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بغسل شئ مما أصابته أبدانهم .
. بل الثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ من مزادة مشركة وأكل من طعام اليهود . . وأطعم هو وأصحابه وفداً من الكفار ولم يأمر بغسل الأوانى التى أكلوا وشربوا وروى الإِمام أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن مسعود قال : كنا نغزو مع رسول الله ، فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها ولا يعيب ذلك علينا . .
3- اختلف الفقهاء فى المراد بالمسجد الحرام فى قوله - تعالى - ( فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا . . . ) .
فقال ابن عباس وابن جبير ومجاهد وعطاء : المراد به الحرم كله فيشمل المسجد الحرام ومكة ، لأن المسجد الحرام حيث أطلق فى القرآن فالمراد به الحرم كله . وعليه فالكافر يمنع من دخول الحرم كله . .
ويرى الشافعى أن المراد المسجد الحرام بخصوصه أخذا بظاهر اللفظ .
قال القرطبى : وقال الشافعى : الآية فى سائر المشركين ، خاصة فى المسجد الحرام ، ولا يمنعون من دخول غيره ، فأباح دخول اليهود والنصرانى فى سائر المساجد .
ويرى الإِمام مالك أن المراد المسجد الحرام بالنص وبقية المساجد تقاس عليه ، لأن العلة - وهى النجاسة - موجودة فى المشركين ، والحرمة موجودة فى كل مسجد .
وعليه فلا يجوز تمكينهم لا من المسجد الحرام ولا من غيره من المساجد .
ويرى الأحناف أن المراد بالمسجد الحرم كله ، إلا أن النهى هنا ليس منصباً على دخوله وإنما هو منصب على المنع من الحج والعمرة . ومن الحج إليه أى : لا تمكنوا - أيها المؤمنون - المشركين من الطواف بالمسجد الحرام بعد عامهم هذا .
قال الآلوسى : ويؤيده قوله - تعالى - ( لْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هذا ) ، فإن تقييد النهى يدل على اختصاص المنهى عنه بوقت من اوقات العام . أى : لا يحجوا ولا يعتمروا بعد حج عامهم هذا وهو عام تسعة من الهجرة . . ويدل عليه نداء على - كرم الله وجهه - يوم نادى ببراءة ألا لا يحج بعد عامنا هذا مشرك ، وكذا قوله - سبحانه - ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً ) أى فقراً بسبب منعهم ، لما أنهم كانوا يأتون فى الموسم بالمتاجر ، فإنه إنما يكون إذا منعوا من دخول الحرم كما لا يخفى .
ثم قال : والحاصل أن الإِمام الأعظم يقول بالمنع عن الحج والعمرة ويحمل النهى عليه ، ولا يمنعون عنده من دخول المسجد الحرام ومن دخول سائر المساجد .
4- قال القرطبى : فى هذه الآية دليل على أن تعلق القلب بالأسباب فى الرزق جائز ، وليس ذلك بمناف للتوكل ، وإن كان الرزق مقدراً ، ولكنه علقه بالأسباب لتظهر القلوب التى تتعلق بالأسباب ، من القلوب التى تتوكل على رب الأرباب وقد تقدم أن السبب لا ينافى التوكل ، ففى الحديث الذى أخرجه البخارى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال :
"
لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا وتروح بطانا " - أى : تغدو صباحا وهى جياع ، وتعود عشية وهى ممتلئة البطون - .هذا ، وبتدبير آيات السورة الكريمة - من أولها إلى هنا - نراها قد وضحت العلاقات النهائية بين المسلمين وعبدة الأوثان ، وفصلت كثيراً من الأحكام التى تخص الفريقين ، ومن ذلك أنها قررت :
1- براءة الله ورسوله من عهود المشركين الذين مردوا على نقض المواثيق .
2- إعطاؤهم مهلة مقدارها أربعة أشهر يتدبرون خلالها أمرهم ، دون أن يتعرض المسلمون لهم بسوء .
3- إعلان الناس جميعاً يوم الحج الأكبر بهذه البراءة . .
4- أمر المؤمنين بإتمام مدة العهد لمن حافظ من المشركين على عهده .
5- بيان ما يجب على المؤمنين فعله إذا ما انقضت أشهر الأمان التى أعطيت للمشركين .
6- إرشاد المؤمنين إلى أن من الواجب عليهم تأمين المشرك المستجير بهم حتى يسمع كلام الله ، ويطلع على حقيقة الإِسلام . . ثم توصيله إلى موضع أمنه إن لم يسلم .
7- بيان الأسباب التى تدعو إلى قتال المشركين ، وإلى وجوب البراءة منهم .
8- بيان بعض الحكم والأسرار التى من أجلها شرع الجهاد فى الإِسلام .
9- بيان أن المشركين ليسوا أهلاً لعمارة مساجد الله . . وأن الذين هم أهل لذلك : المؤمنون الصادقون .
10- توجيه المؤمنين إلى أن إيمانهم يحتم عليهم أن يؤثروا محبة الله ورسوله على أى شئ آخر ، من الآباء والأبناء والإِخوان .
11- تذكيرهم بجانب من نعم الله عليهم حيث نصرهم فى مواطن كثيرة ونصرهم يوم غزوة حنين ، بعد أن هزموا فى أول المعركة دون أن تنفعهم كثرتم التى أعجبوا بها .
12- نهيهم عن تمكين المشركين من قربان المسجد الحرام ، وإزالة الوساوس التى قد تخطر ببالهم بسبب هذا النهى ، بأن وعدهم - سبحانه - بأنه سيعطيهم من فضله ما يغنيهم عن المكاسب التى تأتيهم عن طريق تبادل المنافع مع المشركين فى موسم الحج .
هذه أهم الموضوعات التى تعرضت لها سورة التوبة فى ثمان وعشرين آية من أولها إلى هنا . وهى موضوعات وضحت . كما أسلفنا . الأحكام النهائية فى علاقات المسلمين بالمشركين عبدة الأوثان .
- البغوى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس ) الآية ، قال الضحاك وأبو عبيدة : نجس قذر . وقيل : خبيث . وهو مصدر يستوي فيه الذكر والأنثى والتثنية والجمع ، فأما النجس : بكسر النون وسكون الجيم ، فلا يقال على الانفراد ، إنما يقال : رجس نجس ، فإذا أفرد قيل : نجس ، بفتح النون وكسر الجيم ، وأراد به : نجاسة الحكم لا نجاسة العين ، سموا نجسا على الذم . وقال قتادة : سماهم نجسا لأنهم يجنبون فلا يغتسلون ويحدثون فلا يتوضئون . قوله تعالى : ( فلا يقربوا المسجد الحرام ) أراد منعهم من دخول الحرم لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا من المسجد الحرام ، وأراد به الحرم وهذا كما قال الله تعالى : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام " [ الإسراء - 1 ] ، وأراد به الحرم لأنه أسري به من بيت أم هانئ .
قال الشيخ الإمام الأجل : وجملة بلاد الإسلام في حق الكفار على ثلاثة أقسام :
أحدها : الحرم ، فلا يجوز للكافر أن يدخله بحال ، ذميا كان أو مستأمنا ، لظاهر هذه الآية ، وإذا جاء رسول من بلاد الكفار إلى الإمام والإمام في الحرم لا يأذن له في دخول الحرم ، بل يبعث إليه من يسمع رسالته خارج الحرم . وجوز أهل الكوفة للمعاهد دخول الحرم .
والقسم الثاني من بلاد الإسلام : الحجاز ، فيجوز للكافر دخولها بالإذن ولكن لا يقيم فيها أكثر من مقام السفر وهو ثلاثة أيام ، لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لئن عشت إن شاء الله تعالى لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما " . فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصى فقال : " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب " فلم يتفرغ لذلك أبو بكر رضي الله عنه ، وأجلاهم عمر رضي الله عنه في خلافته ، وأجل لمن يقدم منهم تاجرا ثلاثا . وجزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول ، وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام .
والقسم الثالث : سائر بلاد الإسلام ، يجوز للكافر أن يقيم فيها بذمة وأمان ، ولكن لا يدخلون المساجد إلا بإذن مسلم .
قوله : ( بعد عامهم هذا ) يعني : العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه بالناس ، ونادى علي كرم الله وجهه ببراءة ، وهو سنة تسع من الهجرة .
قوله ( وإن خفتم عيلة ) وذلك أن أهل مكة كانت معايشهم من التجارات وكان المشركون يأتون مكة بالطعام ويتجرون ، فلما منعوا من دخول الحرم خافوا الفقر ، وضيق العيش ، وذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : ( وإن خفتم عيلة ) فقرا وفاقة . يقال : عال يعيل عيلة ، ( فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم ) قال عكرمة : فأغناهم الله عز وجل بأن أنزل عليهم المطر مدرارا فكثر خيرهم . وقال مقاتل : أسلم أهل جدة وصنعاء وجريش من اليمن وجلبوا الميرة الكثيرة إلى مكة فكفاهم الله ما كانوا يخافون . وقال الضحاك وقتادة : عوضهم الله منها الجزية فأغناهم بها .
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
أمر تعالى عباده المؤمنين الطاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين الذين هم نجس دينا ، عن المسجد الحرام ، وألا يقربوه بعد نزول هذه الآية . وكان نزولها في سنة تسع ؛ ولهذا بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا صحبة أبي بكر - رضي الله عنهما - عامئذ ، وأمره أن ينادي في المشركين : ألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان . فأتم الله ذلك ، وحكم به شرعا وقدرا .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى : ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) إلا أن يكون عبدا ، أو أحدا من أهل الذمة .
وقد روي مرفوعا من وجه آخر ، فقال الإمام أحمد : حدثنا حسين حدثنا شريك ، عن الأشعث - يعني : ابن سوار - عن الحسن ، عن جابر قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك ، إلا أهل العهد وخدمهم .
تفرد به أحمد مرفوعا ، والموقوف أصح إسنادا .
وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي : كتب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - : أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين ، وأتبع نهيه قول الله : ( إنما المشركون نجس )
وقال عطاء : الحرم كله مسجد ، لقوله تعالى : ( فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) .
ودلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك كما دلت [ على طهارة المؤمن ، ولما ] ورد في [ الحديث ] الصحيح : المؤمن لا ينجس وأما نجاسة بدنه فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات ؛ لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب ، وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم .
وقال أشعث ، عن الحسن : من صافحهم فليتوضأ . رواه ابن جرير .
وقوله : ( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ) قال ابن إسحاق : وذلك أن الناس قالوا : لتنقطعن عنا الأسواق ، ولتهلكن التجارة وليذهبن ما كنا نصيب فيها من المرافق ، فنزلت ( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ) من وجه غير ذلك - ( إن شاء ) إلى قوله : ( وهم صاغرون ) أي : إن هذا عوض ما تخوفتم من قطع تلك الأسواق ، فعوضهم الله بما قطع عنهم من أمر الشرك ، ما أعطاهم من أعناق أهل الكتاب ، من الجزية .
وهكذا روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وقتادة والضحاك ، وغيرهم .
( إن الله عليم ) أي : بما يصلحكم ، ( حكيم ) أي : فيما يأمر به وينهى عنه ؛ لأنه الكامل في أفعاله وأقواله ، العادل في خلقه وأمره ، تبارك وتعالى ؛ ولهذا عوضهم عن تلك المكاسب بأموال الجزية التي يأخذونها من أهل الذمة
- القرطبى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم
فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس ابتداء وخبر . واختلف العلماء في معنى وصف المشرك بالنجس ، فقال قتادة ومعمر بن راشد وغيرهما : لأنه جنب إذ غسله من الجنابة ليس بغسل . وقال ابن عباس وغيره : بل معنى الشرك هو الذي نجسه . قال الحسن البصري من صافح مشركا فليتوضأ . والمذهب كله على إيجاب الغسل على الكافر إذا أسلم إلا ابن عبد الحكم فإنه قال : ليس بواجب ؛ لأن الإسلام يهدم ما كان قبله . وبوجوب الغسل عليه قال أبو ثور وأحمد . وأسقطه الشافعي وقال : أحب إلي أن يغتسل . ونحوه لابن القاسم . ولمالك قول : إنه لا يعرف الغسل ، رواه عنه ابن وهب وابن أبي أويس . وحديث ثمامة وقيس بن عاصم يرد هذه الأقوال . رواهما أبو حاتم البستي في صحيح مسنده . وأن النبي صلى الله عليه وسلم مر بثمامة يوما فأسلم فبعث به إلى حائط أبي طلحة فأمره أن يغتسل ، فاغتسل وصلى ركعتين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد حسن إسلام صاحبكم وأخرجه مسلم بمعناه . وفيه : أن ثمامة لما من عليه النبي صلى الله عليه وسلم انطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل . وأمر قيس بن عاصم أن يغتسل بماء وسدر .
فإن كان إسلامه قبيل احتلامه فغسله مستحب . ومتى أسلم بعد بلوغه لزمه أن ينوي بغسله الجنابة . هذا قول علمائنا ، وهو تحصيل المذهب . وقد أجاز ابن القاسم للكافر أن يغتسل قبل إظهاره للشهادة بلسانه إذا اعتقد الإسلام بقلبه وهو قول ضعيف في النظر مخالف للأثر . وذلك أن أحدا لا يكون بالنية مسلما دون القول . هذا قول جماعة أهل السنة في الإيمان : إنه قول باللسان وتصديق بالقلب ، ويزكو بالعمل . قال الله تعالى : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه .
الثانية : قوله تعالى فلا يقربوا المسجد الحرام ( فلا يقربوا ) نهي ، ولذلك حذفت منه النون . ( المسجد الحرام ) هذا اللفظ يطلق على جميع الحرم ، وهو مذهب عطاء فإذا يحرم تمكين المشرك من دخول الحرم أجمع . فإذا جاءنا رسول منهم خرج الإمام إلى الحل ليسمع ما يقول . ولو دخل مشرك الحرم مستورا ومات نبش قبره وأخرجت عظامه . فليس لهم الاستيطان ولا الاجتياز . وأما جزيرة العرب ، وهي مكة والمدينة واليمامة واليمن ومخاليفها ، فقال مالك : يخرج من هذه المواضع كل من كان على غير الإسلام ، ولا يمنعون من التردد بها مسافرين . وكذلك قال الشافعي رحمه الله ، غير أنه استثنى من ذلك اليمن . ويضرب لهم أجل ثلاثة أيام كما ضربه لهم عمر رضي الله عنه حين أجلاهم . ولا يدفنون فيها ويلجئون إلى الحل .
الثالثة : واختلف العلماء في دخول الكفار المساجد والمسجد الحرام على خمسة أقوال ، فقال أهل المدينة : الآية عامة في سائر المشركين وسائر المساجد . وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله ونزع في كتابه بهذه الآية . ويؤيد ذلك قوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه . ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها . وفي صحيح مسلم وغيره : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول والقذر . . . الحديث . والكافر لا يخلو عن ذلك . وقال صلى الله عليه وسلم : لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب والكافر جنب . وقوله تعالى : إنما المشركون نجس فسماه الله تعالى نجسا . فلا يخلو أن يكون نجس العين أو مبعدا من طريق الحكم . وأي ذلك كان فمنعه من المسجد واجب لأن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم ، والحرمة موجودة في المسجد . يقال : رجل نجس ، وامرأة نجس ، ورجلان نجس ، وامرأتان نجس ، ورجال نجس ، ونساء نجس ، لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر . فأما النجس - بكسر النون وجزم الجيم - فلا يقال إلا إذا قيل معه رجس . فإذا أفرد قيل نجس - بفتح النون وكسر الجيم - ونجس - بضم الجيم - . وقال الشافعي رحمه الله : الآية عامة في سائر المشركين ، خاصة في المسجد الحرام ، ولا يمنعون من دخول غيره ، فأباح دخول اليهودي والنصراني في سائر المساجد . قال ابن العربي : وهذا جمود منه على الظاهر ؛ لأن قوله عز وجل : إنما المشركون نجس تنبيه على العلة بالشرك والنجاسة . فإن قيل : فقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة في المسجد وهو مشرك . قيل له : أجاب علماؤنا عن هذا الحديث - وإن كان صحيحا - بأجوبة : أحدها : أنه كان متقدما على نزول الآية . الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد علم بإسلامه فلذلك ربطه . الثالث : أن ذلك قضية في عين فلا ينبغي أن تدفع بها الأدلة التي ذكرناها ، لكونها مقيدة حكم القاعدة الكلية . وقد يمكن أن يقال : إنما ربطه في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها ، وحسن آدابهم في جلوسهم في المسجد ، فيستأنس بذلك ويسلم ، وكذلك كان . ويمكن أن يقال : إنهم لم يكن لهم موضع يربطونه فيه إلا في المسجد ، والله أعلم . وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يمنع اليهود والنصارى من دخول المسجد الحرام ولا غيره ، ولا يمنع دخول المسجد الحرام إلا المشركون وأهل الأوثان . وهذا قول يرده كل ما ذكرناه من الآية وغيرها . قال الكيا الطبري : ويجوز للذمي دخول سائر المساجد عند أبي حنيفة من غير حاجة . وقال الشافعي : تعتبر الحاجة ، ومع عدم الحاجة لا يجوز دخول المسجد الحرام . وقال عطاء بن أبي رباح : الحرم كله قبلة ومسجد ، فينبغي أن يمنعوا من دخول الحرم ، لقوله تعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام . وإنما رفع من بيت أم هانئ . وقال قتادة : لا يقرب المسجد الحرام مشرك إلا أن يكون صاحب جزية أو عبدا كافرا لمسلم . وروى إسماعيل بن إسحاق حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا شريك عن أشعث عن الحسن عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يقرب المسجد مشرك إلا أن يكون عبدا أو أمة فيدخله لحاجة . وبهذا قال جابر بن عبد الله فإنه قال : العموم يمنع المشرك عن قربان المسجد الحرام ، وهو مخصوص في العبد والأمة .
الرابعة : قوله تعالى بعد عامهم هذا فيه قولان : أحدهما - أنه سنة تسع التي حج فيها أبو بكر . الثاني سنة عشر قاله قتادة . ابن العربي : وهو الصحيح الذي يعطيه مقتضى اللفظ وإن من العجب أن يقال : إنه سنة تسع وهو العام الذي وقع فيه الأذان . ولو دخل غلام رجل داره يوما فقال له مولاه : لا تدخل هذه الدار بعد يومك لم يكن المراد اليوم الذي دخل فيه .
الخامسة : وإن خفتم عيلة قال عمرو بن فائد : المعنى وإذ خفتم . وهذه عجمة والمعنى بارع ب ( إن ) . وكان المسلمون لما منعوا المشركين من الموسم وهم كانوا يجلبون الأطعمة والتجارات ، قذف الشيطان في قلوبهم الخوف من الفقر وقالوا : من أين نعيش . فوعدهم الله أن يغنيهم من فضله . قال الضحاك : ففتح الله عليهم باب الجزية من أهل الذمة بقوله عز وجل : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية . وقال عكرمة : أغناهم الله بإدرار المطر والنبات وخصب الأرض فأخصبت تبالة وجرش وحملوا إلى مكة الطعام والودك وكثر الخير وأسلمت العرب : أهل نجد وصنعاء وغيرهم فتمادى حجهم وتجرهم وأغنى الله من فضله بالجهاد والظهور على الأمم . والعيلة : الفقر . يقال : عال الرجل يعيل إذا افتقر . قال الشاعر :
وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل
وقرأ علقمة وغيره من أصحاب ابن مسعود " عائلة " وهو مصدر كالقائلة من قال يقيل . وكالعافية . ويحتمل أن يكون نعتا لمحذوف تقديره : حالا عائلة ، ومعناه : خصلة شاقة . يقال منه : عالني الأمر يعولني : أي شق علي واشتد . وحكى الطبري أنه يقال : عال يعول إذا افتقر .
السادسة : في هذه الآية دليل على أن تعلق القلب بالأسباب في الرزق جائز وليس ذلك بمناف للتوكل وإن كان الرزق مقدرا وأمر الله وقسمه مفعولا ولكنه علقه بالأسباب حكمة ليعلم القلوب التي تتعلق بالأسباب من القلوب التي تتوكل على رب الأرباب . وقد تقدم أن السبب لا ينافي التوكل قال صلى الله عليه وسلم : لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا . أخرجه البخاري . فأخبر أن التوكل الحقيقي لا يضاده الغدو والرواح في طلب الرزق . ابن العربي : ولكن شيوخ الصوفية قالوا : إنما يغدو ويروح في الطاعات فهو السبب الذي يجلب الرزق . قالوا : والدليل عليه أمران : أحدهما : قوله تعالى : وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك الثاني : قوله تعالى : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فليس ينزل الرزق من محله ، وهو السماء ، إلا ما يصعد وهو الذكر الطيب والعمل الصالح وليس بالسعي في الأرض فإنه ليس فيها رزق . والصحيح ما أحكمته السنة عند فقهاء الظاهر وهو العمل بالأسباب الدنيوية من الحرث والتجارة في الأسواق والعمارة للأموال وغرس الثمار . وقد كانت الصحابة تفعل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم . قال أبو الحسن بن بطال : أمر الله سبحانه عباده بالإنفاق من طيبات ما كسبوا إلى غير ذلك من الآي . وقال : فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه . فأحل للمضطر ما كان حرم عليه عند عدمه للغذاء الذي أمره باكتسابه والاغتذاء به ، ولم يأمره بانتظار طعام ينزل عليه من السماء ، ولو ترك السعي في ترك ما يتغذى به لكان لنفسه قاتلا . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوى من الجوع ما يجد ما يأكله ، ولم ينزل عليه طعام من السماء ، وكان يدخر لأهله قوت سنته حتى فتح الله عليه الفتوح . وقد روى أنس بن مالك أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ببعير فقال : يا رسول الله ، أعقله وأتوكل أو أطلقه وأتوكل ؟ قال : اعقله وتوكل .
قلت : ولا حجة لهم في أهل الصفة ، فإنهم كانوا فقراء يقعدون في المسجد ما يحرثون ولا يتجرون ، ليس لهم كسب ولا مال ، إنما هم أضياف الإسلام عند ضيق البلدان ، ومع ذلك فإنهم كانوا يحتطبون بالنهار ويسوقون الماء إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقرءون القرآن بالليل ويصلون . هكذا وصفهم البخاري وغيره . فكانوا يتسببون . وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءته هدية أكلها معهم ، وإن كانت صدقة خصهم بها ، فلما كثر الفتح وانتشر الإسلام خرجوا وتأمروا - كأبي هريرة وغيره - وما قعدوا . ثم قيل : الأسباب التي يطلب بها الرزق ستة أنواع : أعلاها كسب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ قال : جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري . خرجه الترمذي وصححه . فجعل الله رزق نبيه صلى الله عليه وسلم في كسبه لفضله ، وخصه بأفضل أنواع الكسب ، وهو أخذ الغلبة والقهر لشرفه . الثاني : أكل الرجل من عمل يده ، قال صلى الله عليه وسلم : إن أطيب ما أكل الرجل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده خرجه البخاري . وفي التنزيل وعلمناه صنعة لبوس لكم وروي أن عيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمه . الثالث : التجارة ، وهي كانت عمل جل الصحابة رضوان الله عليهم ، وخاصة المهاجرين ، وقد دل عليها التنزيل في غير موضع . الرابع : الحرث والغرس . وقد بيناه في سورة " البقرة " الخامس : إقراء القرآن وتعليمه والرقية ، وقد مضى في " الفاتحة " السادس : يأخذ بنية الأداء إذا احتاج ، قال صلى الله عليه وسلم : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله . خرجه البخاري . رواه أبو هريرة رضي الله عنه .
السابعة : قوله تعالى إن شاء دليل على أن الرزق ليس بالاجتهاد ، وإنما هو من فضل الله تولى قسمته بين عباده وذلك بين في قوله تعالى : نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا الآية .
- الطبرى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله وأقرُّوا بوحدانيته: ما المشركون إلا نَجَس.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى " النجس "، وما السبب الذي من أجله سمَّاهم بذلك.
فقال بعضهم: سماهم بذلك، لأنهم يجنبون فلا يغتسلون, فقال: هم نجس, ولا يقربوا المسجد الحرام = لأن الجنب لا ينبغي له أن يدخل المسجد.
* ذكر من قال ذلك:
16591- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, في قوله: (إنما المشركون نجس)، : لا أعلم قتادة إلا قال: " النجس "، الجنابة.
16592- وبه، عن معمر قال: وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي حذيفة, وأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيده, فقال حذيفة: يا رسول الله، إني جُنُب ! فقال: إنّ المؤمن لا ينجُس.
16593- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس)، أي: أجْنَابٌ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ما المشركون إلا رِجْسُ خنـزير أو كلب.
وهذا قولٌ رُوِي عن ابن عباس من وجه غير حميد, فكرهنا ذكرَه.
* * *
وقوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، يقول للمؤمنين: فلا تدعوهم أن يقربوا المسجد الحرام بدخولهم الحرَم. وإنما عنى بذلك منعَهم من دخول الحرم, لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا المسجد الحرام.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم فيه نحو الذي قلناه.
* ذكر من قال ذلك:
16594- حدثنا بشر، وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال: قال عطاء: الحرمُ كله قبلةٌ ومسجد. قال: (فلا يقربوا المسجد الحرام)، لم يعن المسجدَ وحده, إنما عنى مكة والحرم. قال ذلك غير مرَّةٍ.
وذكر عن عمر بن عبد العزيز في ذلك ما:-
16595- حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير قال، حدثني الوليد بن مسلم قال، حدثنا أبو عمرو: أن عمر بن عبد العزيز كتب: " أنِ امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين "، وأَتْبَعَ في نهيه قولَ الله: (إنما المشركون نجس).
16596- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل, عن أشعث, عن الحسن: (إنما المشركون نجس)، قال: لا تصافحوهم, فمن صافحَهم فليتوضَّأ.
* * *
وأما قوله: (بعد عامهم هذا)، فإنه يعني: بعد العام الذي نادَى فيه علي رحمة الله عليه ببراءة, وذلك عام حجَّ بالناس أبو بكر, وهي سنة تسع من الهجرة، كما:-
16597- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، وهو العام الذي حجّ فيه أبو بكر, ونادى عليّ رحمة الله عليهما بالأذان، وذلك لتسع سنين مضين من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحجَّ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم من العام المقبل حجّة الوداع، لم يحجَّ قبلها ولا بعدها.
* * *
وقوله: (وإن خفتم عيلة)، يقول للمؤمنين: وإن خفتم فاقَةً وفقرًا, بمنع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام =(فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء).
* * *
يقال منه: عال يَعِيلُ عَيْلَةً وعُيُولا ومنه قول الشاعر: (2)
وَمَــا يَــدْرِي الفَقِـيرُ مَتَـى غِنَـاه
وَمَــا يَــدْرِي الغَنِـيُّ مَتَـى يَعِيـلُ (3)
وقد حكي عن بعضهم أنّ من العرب من يقولُ في الفاقة: " عال يعول " بالواو. (4)
* * *
وذكر عن عمرو بن فائد أنه كان تأوّل قوله (5) (وإن خفتم عيلة)، بمعنى: وإذ خفتم. ويقول: كان القوم قد خافُوا, وذلك نحو قول القائل لأبيه: " إن كنت أبي فأكرمني", بمعنى: إذ كنت أبي.
* * *
وإنما قيل ذلك لهم, لأن المؤمنين خافوا بانقطاع المشركين عن دخول الحرم، انقطاع تجاراتهم، ودخول ضرر عليهم بانقطاع ذلك. وأمَّنهم الله من العيلة، وعوَّضهم مما كانوا يكرهون انقطاعه عنهم، ما هو خير لهم منه, وهو الجزية, فقال لهم: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، إلى: صَاغِرُونَ .
* * *
وقال قوم: بإدرار المطر عليهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16598- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنى معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: لما نَفَى الله المشركين عن المسجد الحرام، ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحَزَن, قال: من أين تأكلون، وقد نُفِيَ المشركون وانقطعت عنهم العيرُ! (6) فقال الله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء)، فأمرهم بقتال أهل الكتاب, وأغناهم من فضله.
16599- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: كان المشركون يجيئون إلى البيت, ويجيئون معهم بالطعام، وَيتَّجرون فيه. فلما نُهُوا أن يأتوا البيت، قال المسلمون: من أين لنا طعام؟ فأنـزل الله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء)، فأنـزل عليهم المطر, وكثر خيرهم، حتى ذهب عنهم المشركون.
16600- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن, عن علي بن صالح, عن سماك, عن عكرمة: (إنما المشركون نجس)، الآية = ثم ذكر نحو حديث هنّاد, عن أبي الأحوص.
16601- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان, عن واقد, عن سعيد بن جبير قال: لما نـزلت: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقالوا: مَنْ يأتينا بطعامنا, ومن يأتينا بالمتاع؟ فنـزلت: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء). (7)
16602- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن واقد مولى زيد بن خليدة, عن سعيد بن جبير, قال: كان المشركون يقدَمون عليهم بالتجارة, فنـزلت هذه الآية: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (عيلة)، قال: الفقر =(فسوف يغنيكم الله من فضله).
16603- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس, عن أبيه, عن عطية العوفي قال: قال المسلمون: قد كنّا نصيب من تجارتهم وبِياعاتهم, فنـزلت: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (من فضله).
16604- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي =أحسِبه قال: أنبأنا أبو جعفر، عن عطية, قال: لما قيل: ولا يحج بعد العام مشرك ! قالوا: قد كنا نصيب من بياعاتهم في الموسم. قال: فنـزلت: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، يعني: بما فاتهم من بياعاتهم.
16605- حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قالا حدثنا ابن يمان, عن أبي سنان, عن ثابت, عن الضحاك: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، قال: الجزية.
16606- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن يمان وأبو معاوية, عن أبي سنان, عن ثابت, عن الضحاك, قال: أخرج المشركون من مكة, فشقَّ ذلك على المسلمين وقالوا: كنا نُصيب منهم التجارة والميرة. فأنـزل الله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ
16607- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، كان ناس من المسلمين يتألَّفون العير; فلما نـزلت " براءة " بقتال المشركين حيثما ثقفوا, وأن يقعدُوا لهم كل مرصد, قذف الشيطان في قلوب المؤمنين: فمن أين تعيشون وقد أمرتم بقتال أهل العير؟ فعلم الله من ذلك ما علم, فقال: أطيعوني, وامضوا لأمري, وأطيعوا رسولي, فإني سوف أغنيكم من فضلي. فتوكل لهم الله بذلك.
16608- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء)، قال: قال المؤمنون: كنا نصيب من متاجر المشركين! فوعدهم الله أن يغنيهم من فضله، عوضًا لهم بأن لا يقربوهم المسجد الحرام. فهذه الآية مع أول " براءة " في القراءة, ومع آخرها في التأويل (8) قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ ، إلى قوله: عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ، حين أمر محمد وأصحابه بغزْوة تبوك.
16609- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, بنحوه.
16609م- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: لما نفى الله المشركين عن المسجد الحرام, شقَّ ذلك على المسلمين, وكانوا يأتون بِبَيْعَات ينتفع بذلك المسلمون. (9) فأنـزل الله تعالى ذكره: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، فأغناهم بهذا الخراج، الجزيةَ الجاريةَ عليهم, يأخذونها شهرًا شهرًا, عامًا عامًا، فليس لأحد من المشركين أن يقرب المسجد الحرام بعد عامهم بحالٍ، إلا صاحب الجزية, أو عبد رجلٍ من المسلمين.
16610- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج, قال: أخبرنا أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، إلا أن يكون عبدًا أو أحدًا من أهل الذمّة.
16611-...... قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: إلا صاحب جزية, أو عبد لرجلٍ من المسلمين.
16612- حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا حجاج, عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. قال، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في هذه الآية: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام)، إلا أن يكون عبدًا، أو أحدًا من أهل الجزية.
16613- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، قال: أغناهم الله بالجزية الجارية شهرًا فشهرًا، وعامًا فعامًا.
16614- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عباد بن العوام, عن الحجاج, عن أبي الزبير, عن جابر: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: لا يقرب المسجد الحرام بعد عامه هذا مشركٌ ولا ذميٌّ.
16615- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة)، وذلك أن الناس قالوا: لتقطعنَّ عنا الأسواق، ولتهلكن التجارة، وليذهبنّ ما كنا نصيب فيها من المَرافق! (10) فقال الله عز وجل: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، من وجه غير ذلك =(إن شاء)، إلى قوله: وَهُمْ صَاغِرُونَ ، ففي هذا عوَض مما تخوَّفتم من قطع تلك الأسواق، فعوَّضهم الله بما قطع عنهم من أمر الشرك، ما أعطَاهم من أعْناق أهلِ الكتاب من الجزية. (11)
* * *
وأما قوله: (إن الله عليم حكيم)، فإن معناه: (إن الله عليم)، بما حدثتكم به أنفسكم، أيها المؤمنون، من خوف العيلة عليها بمنع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام, وغير ذلك من مصالح عباده =(حكيم)، في تدبيره إياهم، وتدبير جميع خلقه. (12)
---------------------
الهوامش :
(2) هو أحيحة بن الجلاح .
(3) سلف البيت وتخريجه وشرحه ، فيما سلف 7 : 459 ، وانظر مجاز القرآن 1 : 255 .
(4) انظر تفسير " عال " فيما سلف 7 : 548 ، 549 .
(5) " عمرو بن فائد " ، أبو علي الأسواري ، وردت عنه الرواية في حروف من القرآن .
مترجم في طبقات القراء 1 : 602 رقم : 2462 ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 253 ، ولسان الميزان 4 : 372 ، وميزان الاعتدال ، 2 : 298 ، وهو في الحديث ليس بشيء ، بل هو منكر الحديث ، متروك .
(6) في المطبوعة : " وانقطعت عنكم " وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب .
(7) الأثران : 16601 ، 16602 - " واقد ، ولي زيد بن خليدة " ، ثقة ، سلف برقم : 11450 .
(8) في المطبوعة : " من أول براءة . . . ومن آخرها " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب محض .
(9) في المطبوعة : " ببياعات " ، وأثبت ما في المخطوطة .
(10) في المطبوعة : " فنزل : وإن خفتم " ، ولم تكن " فنزل " في المخطوطة ، سها الكاتب وتجاوز ما كان ينقل منه ، وأثبته من نص ابن إسحاق في سيرة ابن هشام .
(11) الأثر : 16615 - سيرة ابن هشام 4 : 192 ، 193 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16556 .
(12) انظر تفسير " عليم " و " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) ، ( حكم ) .
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
استئناف ابتدائي للرجوع إلى غرض إقصاء المشركين عن المسجد الحرام المفاد بقوله : { ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله } [ التوبة : 17 ] الآية ، جيء به لتأكيد الأمر بإبعادهم عن المسجد الحرام مع تعليله بعلّة أخرى تقتضي إبعادهم عنه : وهي أنّهم نجس ، فقد علّل فيما مضى بأنّهم شاهدون على أنفسهم بالكُفر ، فليسوا أهلاً لتعمير المسجد المبني للتوحيد ، وعلّل هنا بأنّهم نجس فلا يعمروا المسجد لطهارته .
و { نجس } صفة مشبهة ، اسم للشيء الذي النجاسة صفة ملازمة له ، وقد أنيط وصف النجاسة بهم بصفة الإشراك ، فعلمنا أنّها نجاسة معنوية نفسانية وليست نجاسة ذاتية .
والنجاسة المعنوية : هي اعتبار صاحب وصف من الأوصاف محقّراً متجنَّباً من الناس فلا يكون أهلاً لفضل ما دام متلبّساً بالصفة التي جعلته كذلك ، فالمشرك نجَس لأجل عقيدة إشراكه ، وقد يكون جسده نظيفاً مطيّباً لا يستقذر ، وقد يكون مع ذلك مستقذرَ الجسد ملطخاً بالنجاسات لأنّ دينه لا يطلب منه التطهّر ، ولكن تنظّفهم يختلف باختلاف عوائدهم وبيئتهم . والمقصود من هذا الوصف لهم في الإسلام تحقيرهم وتبعيدهم عن مجامع الخير ، ولا شكّ أنّ خباثة الاعتقاد أدنى بصاحبها إلى التحقير من قذارة الذات ، ولذلك أوجب الغسل على المشرك إذا أسلم انخلاعاً عن تلك القذارة المعنوية بالطهارة الحسّيّة لإزالة خباثة نفسه ، وإنّ طهارة الحدث لقريب من هذا .
وقد فرّع على نجاستهم بالشرك المنع من أن يقربوا المسجد الحرام ، أي المنع من حضور موسم الحجّ بعد عامهم هذا .
والإشارة إلى العام الذي نزلت فيه الآية وهو عام تسعة من الهجرة ، فقد حضر المشركون موسم الحجّ فيه وأعلن لهم فيه أنّهم لا يعودون إلى الحجّ بعد ذلك العام ، وإنّما أمهلوا إلى بقية العام لأنّهم قد حصَلوا في الموسم ، والرجوع إلى آفاقهم متفاوت «فأريد من العام موسم الحجّ ، وإلاّ فإنّ نهاية العام بانسلاخ ذي الحجّة وهم قد أمهلوا إلى نهاية المحرم بقوله تعالى : { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } [ التوبة : 2 ].
وإضافة ( العام ) إلى ضمير ( هم ) لمزيد اختصاصهم بحكم هائل في ذلك العام كقول أبي الطيب :
فإن كان أعجبكم عامكم ... فعودوا إلى مصر في القابل
وصيغة الحصر في قوله : { إنما المشركون نجس } لإفادة نفي التردّد في اعتبارهم نجساً ، فهو للمبالغة في اتّصافهم بالنجاسة حتّى كأنّهم لا وصف لهم إلاّ النجسية .
ووصف ( العام ) باسم الإشارة لزيادة تمييزه وبيانه .
وقوله : { فلا يقربوا المسجد } ظاهره نهي للمشركين عن القرب من المسجد الحرام . ومواجهةُ المؤمنين بذلك تقتضي نهي المسلمين عن أن يقرب المشركون المسجد الحرام . جعل النهي عن صورة نهي المشركين عن ذلك مبالغة في نهي المؤمنين حين جُعلوا مكلّفين بانكفاف المشركين عن الاقتراب من المسجد الحرام من باب قول العرب : «لا أرينّك ههنا» فليس النهي للمشركين على ظاهره .
والمقصود من النهي عن اقترابهم من المسجد الحرام النهي عن حضورهم الحج لأنّ مناسك الحجّ كلّها تتقدّمها زيارة المسجد الحرام وتعقبها كذلك ، ولذلك لمّا نزلت «براءة» أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأن ينادَى في الموسم أن لا يحجّ بعد العام مشرك وقرينة ذلك توقيت ابتداء النهي بما بعد عامهم الحاضر . فدلّ على أنّ النهي منظور فيه إلى عمل يكمل مع اقتراب اكتمال العام وذلك هو الحجّ . ولولا إرادة ذلك لما كان في توقيت النهي عن اقتراب المسجد بانتهاء العام حكمة ولكان النهي على الفور .
{ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ الله عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.
عطف على جملة النهي . والمقصود من هذه الجملة : وعد المؤمنين بأن يغنيهم الله عن المنافع التي تأتيهم من المشركين حين كانوا يفدون إلى الحجّ فينفقون ويهدُون الهدايا فتعود منهم منافع على أهل مكة وما حولها ، وقد أصبح أهلها مسلمين فلا جرم أن ما يرد إليها من رزق يعود على المؤمنين .
والعَيْلة : الاحتياج والفقر أي إنْ خطر في نفوسكم خوف الفقر من انقطاع الإمداد عنكم بمنع قبائِل كثيرة من الحجّ فإنّ الله سيغنيكم عن ذلك . وقد أغناهم الله بأن هَدى للإسلام أهل تَبَالَة وجُرَش من بلاد اليمن ، فأسلموا عقب ذلك ، وكانت بلادهم بلاد خصب وزرع فحملوا إلى مكّة الطعام والمِيرة ، وأسلم أيضاً أهل جُدَّة وبلدهم مرفأ ترد إليه الأقوات من مصر وغيرها ، فحملوا الطعام إلى مكة ، وأسلم أهل صنعاء من اليمن ، وبلدهم تأتيه السفن من أقاليم كثيرة من الهند وغيرها .
وقوله : { إن شاء } يفتح لهم باب الرجاء مع التضرّع إلى الله في تحقيق وعده لأنّه يفعل ما يشاء .
وقوله : { إن الله عليم حكيم } تعليل لقوله : { وإن خفتم عيلة } أي أنّ الله يغنيكم لأنّه يعلم ما لكم من المنافع من وفادة القبائِل ، فلمّا منعكم من تمكينهم من الحجّ لم يكن تاركاً منفعتكم فقَدر غناكم عنهم بوسائل أخرى عَلِمَها وأحكم تدبيرها .
- إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» تكرر إعرابها فيما سبق. «إِنَّمَا» كافة ومكفوفة. «الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ» مبتدأ وخبر والجملة ابتدائية. «فَلا يَقْرَبُوا» مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون ، والواو فاعل. ولا ناهية جازمة ، والفاء قبلها هي الفصيحة. «الْمَسْجِدَ» مفعول به. «الْحَرامَ» صفة. «بَعْدَ» ظرف زمان متعلق بالفعل.
«عامِهِمْ» مضاف إليه والهاء في محل جر بالإضافة. «هذا» اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة ، والجملة الفعلية لا محل لها لأنها جواب شرط مقدر. «وَإِنْ» الواو استئنافية. «إِنْ» شرطية جازمة.
«خِفْتُمْ عَيْلَةً» فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل المتحركة ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم لجمع الذكور وعيلة مفعوله ، والفعل في محل جزم فعل الشرط ، وجملة فعل الشرط ابتدائية. «فَسَوْفَ» حرف استقبال والفاء رابطة لجواب الشرط. «يُغْنِيكُمُ» مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به. والميم لجمع الذكور. «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل. «مِنْ فَضْلِهِ» متعلقان بالفعل ، والجملة في محل جزم جواب الشرط. «إِنْ» حرف شرط جازم. «شاءَ» فعل ماض في محل جزم فعل الشرط ، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله. «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» إن ولفظ الجلالة اسمها وعليم حكيم خبراها والجملة مستأنفة.
- English - Sahih International : O you who have believed indeed the polytheists are unclean so let them not approach al-Masjid al-Haram after this their [final] year And if you fear privation Allah will enrich you from His bounty if He wills Indeed Allah is Knowing and Wise
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(9:28) O Believers, the mushriks are unclean; therefore let them not come near the Masjid-i-Haram *25 after this year (of their pilgrimage); if you fear poverty Allah will enrich you, out of His bounty if He wills: for Allah is All-knowing, All-Wise.
- Français - Hamidullah : O vous qui croyez Les associateurs ne sont qu'impureté qu'ils ne s'approchent plus de la Mosquée sacrée après cette année-ci Et si vous redoutez une pénurie Allah vous enrichira s'Il veut de par Sa grâce Car Allah est Omniscient et Sage
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt die Götzendiener sind fürwahr unrein so sollen sie sich der geschützten Gebetsstätte nach diesem ihrem Jahr nicht mehr nähern Und wenn ihr deshalb Armut befürchtet so wird Allah euch durch Seine Huld reich machen wenn Er will Gewiß Allah ist Allwissend und Allweise
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes Los asociadores son mera impureza ¡Que no se acerquen pues a la Mezquita Sagrada después de este su año Si teméis escasez Alá os enriquecerá por favor Suyo si quiere Alá es omnisciente sabio
- Português - El Hayek : Ó fiéis em verdade os idólatras são impuros Que depois deste seu ano não se aproximem da Sagrada Mesquita E setemeis a pobreza sabei que se a Deus aprouver enriquecervosá com Sua bondade porque é Sapiente Prudentíssimo
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Воистину многобожники являются нечистыми И пусть они после этого их года не приближаются к Заповедной мечети Если же вы боитесь бедности то Аллах обеспечит вас богатством из Своей милости если пожелает Воистину Аллах - Знающий Мудрый
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
О те, которые уверовали! Воистину, многобожники являются нечистыми. И пусть они после этого их года не приближаются к Заповедной мечети. Если же вы боитесь бедности, то Аллах обеспечит вас богатством из Своей милости, если пожелает. Воистину, Аллах - Знающий, Мудрый.О правоверные! Многобожники, которые поклоняются вымышленным божествам и приобщают к Аллаху сотоварищей, являются нечистыми, потому что нечисты их воззрения и поступки. А что может быть более скверным, чем поклонение вместо Аллаха ложным божествам, которые не способны ни принести пользу, ни причинить вред?!! Они сопротивляются Аллаху, сбивают людей с прямого пути, отстаивают ложь, отвергают истину, распространяют на земле нечестие и не приносят никакой пользы. И поэтому вы обязаны очистить самую славную и самую чистую мечеть от них. Не позволяйте же многобожникам входить в Заповедную мечеть после этого года. Тогда шел девятый год после переселения в Медину. В том году паломничеством руководил Правдивейший Абу Бакр, и Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, велел своему двоюродному брату Али б. Абу Талибу в праздник жертвоприношения возвестить всем людям об отречении Аллаха и Его посланника, да благословит его Аллах и приветствует, от всех многобожников. Наряду с этим он запретил многобожникам впоследствии появляться в Заповедной мечети и совершать обход вокруг Каабы обнаженными. Этот аят совершенно не означает того, что тела многобожников являются нечистыми. Тела неверующих и всех остальных людей считаются чистыми, в пользу чего свидетельствует позволение жениться на людях Писания, вступать с ними в половую связь и ласкать их. И если мусульманин дотронулся до своей жены, которая относится к людям Писания, то ему не приказано умываться или купаться после этого. Также известно, что мусульманам неоднократно приходилось прикасаться к неверующим, однако нет ни одного сообщения о том, что они очищались после этого так, как очищаются после прикосновения к нечистотам. Все это свидетельствует о том, что многобожники являются нечистыми в духовном плане. Их осквернение выражается в поклонении ложным божествам. И если вера и единобожие являются чистыми, то многобожие - это отвратительная скверна. О мусульмане! Если вы опасаетесь, что вас постигнет нищета, если вы не позволите многобожникам приближаться к Заповедной мечети и разорвете с ними связанные с этим мирские отношения, то знайте, что Аллах непременно одарит вас богатством по Своей милости. Мирской удел доходит до вас разными путями, и если вы лишитесь заработка из одного источника, то Аллах создаст для вас множество других возможностей, потому что милость Его велика, а Его великодушие не знает границ. И если человек отказывается от чего-либо ради Него, то очень скоро он убеждается в том, что Аллах - Щедрый Даритель. Аллах исполнил Свое обещание и одарил мусульман по Своей щедрости. Он ниспослал им столько мирских благ, что они стали самыми богатыми людьми и правителями на свете. Однако Аллах отметил, что будет одарять правоверных мирскими благами, когда пожелает, потому что мирское благополучие не является обязательным плодом истинной веры и не свидетельствует о любви Аллаха. Именно поэтому Он связал мирское благополучие мусульман со Своим желанием. Всевышний одаряет мирскими благами тех, кого любит, и тех, кого не любит. Однако верой и набожностью Он одаряет только Своих возлюбленных рабов. Среди Его прекрасных имен - Знающий и Мудрый. Он обладает всеобъемлющим знанием, и Ему известно, кто достоин обрести мирское богатство, а кто не достоин этого. Наряду с этим Он расставляет все вещи по своим местам. Этот благородный аят и повеление не впускать многобожников в Заповедную мечеть свидетельствуют о том, что до покорения Мекки многобожники оставались хозяевами этой мечети, а после покорения города мусульманами власть в нем перешла к посланнику Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, и правоверным. Они заняли досточтимую Мекку и Заповедную мечеть, и только после этого был ниспослан обсуждаемый нами аят. Перед смертью Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, повелел изгнать из Хиджаза всех иноверцев, дабы на этой земле существовала только одна религия. Это было сделано и для того, чтобы отдалить неверующих от Заповедной мечети.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey inananlar Doğrusu puta tapanlar pistirler bu sebeple bu yıllardan sonra Mescidi Haram'a yaklaşmasınlar Eğer fakirlikten korkarsanız bilin ki Allah dilerse sizi bol nimetiyle zenginleştirecektir Allah şüphesiz bilendir hakimdir
- Italiano - Piccardo : O voi che credete i politeisti sono impurità non si avvicinino più alla Santa Moschea dopo quest'anno E non temete la miseria ché Allah se vuole vi arricchirà della Sua grazia In verità Allah è sapiente saggio
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهو کهسانهی باوهڕتان هێناوه چاک بزانن که موشریک و هاوهڵگهران ناپوخت و پیسن ئیتر لهم ساڵهیان بهدواوه نابێت نزیکی مزگهوتی حهرام کهعبهی پیرۆز بکهون خۆ ئهگهر دهترسن له ههژاری و نهداری و بێ بازاڕی ئهوه بزانن کهله ئایندهدا خوای گهوره له فهزڵ و بهخشندهیی خۆی دهوڵهمهندتان دهکات ههر کاتێک بیهوێت بێگومان سامانی نهوت و کانزاکان بهشێکن لهو مژدهیه بهڕاستی خوا زاناو دانایه
- اردو - جالندربرى : مومنو مشرک تو پلید ہیں تو اس برس کے بعد وہ خانہٴ کعبہ کا پاس نہ جانے پائیں اور اگر تم کو مفلسی کا خوف ہو تو خدا چاہے گا تو تم کو اپنے فضل سے غنی کر دے گا۔ بےشک خدا سب کچھ جانتا اور حکمت والا ہے
- Bosanski - Korkut : O vjernici mnogobošci su sama pogan i neka više ne dolaze na hadž Svetome hramu poslije ovogodišnjeg hadža A ako se bojite oskudice pa Allah će vas ako hoće iz obilja Svoga imućnim učiniti – Allah zaista sve zna i mudar je
- Swedish - Bernström : TROENDE De som sätter medhjälpare vid Guds sida är orena [på grund av sin avgudadyrkan] Efter utgången av detta år skall de därför inte tillåtas närma sig den heliga Moskén Om ni är rädda att fattigdom [hotar er bör ni veta] att Gud i Sin godhet skall sörja för er om det är Hans vilja; Gud är allvetande vis
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai orangorang yang beriman Sesungguhnya orangorang yang musyrik itu najis maka janganlah mereka mendekati Masjidilharam sesudah tahun ini Dan jika kamu khawatir menjadi miskin maka Allah nanti akan memberimu kekayaan kepadamu dari karuniaNya jika Dia menghendaki Sesungguhnya Allah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(Hai orang-orang yang beriman, sesungguhnya orang-orang yang musyrik itu najis) maksudnya kotor karena batin mereka najis (maka janganlah mereka mendekati Masjidilharam) artinya, mereka tidak boleh memasuki tanah suci (sesudah tahun ini) yakni tahun kesembilan Hijriah. (Dan jika kalian khawatir menjadi beban) fakir oleh sebab orang-orang musyrik itu tidak mau lagi berdagang dengan kalian (maka Allah nanti akan memberikan kekayaan kepada kalian dari karunia-Nya, jika Dia menghendaki) dan memang Allah telah membuat mereka kaya sesudah itu melalui banyaknya futuh/kemenangan dan jizyah yang berhasil mereka peroleh. (Sesungguhnya Allah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে ঈমানদারগণ মুশরিকরা তো অপবিত্র। সুতরাং এ বছরের পর তারা যেন মসজিদুলহারামের নিকট না আসে। আর যদি তোমরা দারিদ্রে480; আশংকা কর তবে আল্লাহ চাইলে নিজ করুনায় ভবিষ্যতে তোমাদের অভাবমুক্ত করে দেবেন। নিঃসন্দেহে আল্লাহ সর্বজ্ঞ প্রজ্ঞাময়।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : ஈமான் கொண்டவர்களே நிச்சயமாக இணை வைத்து வணங்குவோர் அசுத்தமானவர்களே ஆதலால் அவர்களின் இவ்வாண்டிற்குப் பின்னர் சங்கை மிகுந்த இப் பள்ளியை கஃபத்துல்லாஹ்வை அவர்கள் நெருங்கக் கூடாது அதனால் உங்களுக்கு வறுமை வந்து விடுமோ என்று நீங்கள் பயந்தீர்களாயின் அல்லாஹ் நாடினால் அவன் அதி சீக்கிரம் அவன் தன் அருளால் உங்களைச் செல்வந்தர்களாக்கி விடுவான் நிச்சயமாக அல்லாஹ் எல்லாம் அறிந்தவனாகவும் ஞானமுடையவனாகவும் இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “บรรดาผู้ศรัทธาทั้งหลาย แท้จริงบรรดามุชริกนั้นโสมม ดังนั้นพวกเขาจงอย่าเข้าใกล้อัลมัศยิดิลฮะรอม หลังจากปีของพวกเขา นี้ และหากพวกเจ้ากลัวความยากจน อัลลอฮ์ก็จะทรงให้พวกเจ้ามั่งมี จากความกรุณาของพระองค์ หากพระองค์ทรงประสงค์แท้จริงอัลลอฮ์เป็นผู้ทรงรอบรู้ ผู้ทรงปรีชาญาณ”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Албатта мушриклар нажасдирлар бунга шубҳа йўқ бу йилларидан кейин Масжидул Ҳаромга яқин келмасинлар Агар фақирликдан қўрқсангиз тезда Аллоҳ Ўзи хоҳласа сизни фазли ила бой қилиб қўядир Албатта Аллоҳ билгувчи ва ҳикматли зотдир Ақидалари бузуқ мушриклар маънавий жиҳатдан нажас ҳисобланадилар Ушбу ояти карима ҳукмига биноан улар Масжидул Ҳаромга яқин келишлари мумкин эмас Оятда бу йилларидан ибораси билан тўққизинчи ҳижрий йили назарда тутилган Ўша йили юқорида ўрганганимиздек Ҳазрати Абу Бакр амирликларида ҳаж бўлган ва ҳазрати Али бу оятларни ҳажга келганларга ўқиб ҳукмини тушунтирганлар Ўша йилдан бошлаб мушрикларнинг Масжидул Ҳаромга келишлари ман қилинган Бунинг учун ҳарам чегараси белги қилиб олинди Маккаи Мукарраманинг атрофидаги ўша чегарадан мусулмон эмасларга ичкари киришга рухсат берилмайдиган бўлди
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊!以物配主者只是污秽,故从今年起不准他们临近禁寺;如果你们畏惧贫困,那末,真主将以他的恩惠使你们满足,如果他意欲。真主确是全知的,确是至睿的。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman Sesungguhnya kepercayaan orangorang kafir musyrik itu najis oleh itu janganlah mereka menghampiri Masjid AlHaraam sesudah tahun ini; dan jika kamu bimbangkan kepapaan maka Allah akan memberi kekayaan kepada kamu dari limpah kurniaNya jika dia kehendaki Sesungguhnya Allah Maha Mengetahui lagi Maha Bijaksana
- Somali - Abduh : kuwa xaqa rumeeyow mushrikiintu Gaalada waa nijaas ee yeyna masaajidka xurmaysan u dhawaanin sanadkan ka dib haddaad ka cabsataan saboolnimana wuxuu idinku hodmin Eebe fadligiisa hadduu doono illeen waa oge falsane
- Hausa - Gumi : Yã kũ waɗanda suka yi ĩmãni Abin sani kawai mushirikai najasa ne sabõda haka kada su kusanci Masallaci Mai alfarma a bãyan shẽkararsu wannan Kuma idan kun ji tsõron talauci to da sannu Allah zai wadãta ku daga falalarSa idan Ya so Lalle Allah ne Masani mai hikima
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Hakika washirikina ni najsi kwa hivyo wasiukaribie Msikiti Mtakatifu baada ya mwaka wao huu Na ikiwa mnakhofia umasikini basi Mwenyezi Mungu atakutajirisheni kwa fadhila yake akipenda Hakika Mwenyezi Mungu ni Mwenye kujua Mwenye hikima
- Shqiptar - Efendi Nahi : O besimtarë Me të vërtetë idhujtarët janë të ndytë dhe mos t’i afrohen Mesxhidilharamit pas haxhxhit të këtij viti E nëse i frikoheni varfërisë në dasht Perëndia ju bënë të pasur dhe dhuntitë e Veta Se Perëndia me të vërtetë është i Plotëdijshëm dhe i Gjithëdijshëm
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، مشركان نجسند و از سال بعد نبايد به مسجد الحرام نزديك شوند. و اگر از بينوايى مىترسيد، خدا اگر بخواهد به فضل خويش بىنيازتان خواهد كرد. زيرا خدا دانا و حكيم است.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, мушрикон палиданд ва аз соли баъд набояд ба Масҷидулҳаром наздик шаванд. Ва агар аз бенавоӣ метарсед. Худо агар бихоҳад, ба фазли хеш тавонгаратон хоҳад кард. Зеро Худо донову ҳаким аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! مۇشرىكلار (اﷲ نى ئىنكار قىلغانلىقلىرى ئۈچۈن) پەقەت نىجىستۇر، مۇشۇ يىلدىن (يەنى ھىجرىيىنىڭ 9 - يىلىدىن) كېيىن ئۇلار مەسجىدى ھەرەمغا (ھەرەمگە) يېقىنلاشمىسۇن (يەنى ھەج قىلمىسۇن، ئۆمرە قىلمىسۇن). ئەگەر سىلەر (ئى مۆمىنلەر! مۇشرىكلارنىڭ ھەرەمگە كىرىشتىن مەنئى قىلىنىشى بىلەن) پېقىرلىقتىن قورقساڭلار، اﷲ خالىسا ئۆز پەزلى بىلەن سىلەرنى باي قىلىدۇ، شۈبھىسىزكى، اﷲ (سىلەرگە پايدىلىق ئىشلارنى) بىلگۈچىدۇر، ھېكمەت بىلەن ئىش قىلغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിച്ചവരേ, ബഹുദൈവ വിശ്വാസികള് അവിശുദ്ധരാണ്. അതിനാല് ഇക്കൊല്ലത്തിനുശേഷം അവര് മസ്ജിദുല് ഹറാമിനെ സമീപിക്കരുത്. ദാരിദ്യ്രം വന്നേക്കുമെന്ന് നിങ്ങള് ഭയപ്പെടുന്നുവെങ്കില് അറിയുക: അല്ലാഹു ഇച്ഛിക്കുന്നുവെങ്കില് തന്റെ അനുഗ്രഹത്താല് നിങ്ങള്ക്ക്മ അവന് സമൃദ്ധി വരുത്തും. അല്ലാഹു എല്ലാം അറിയുന്നവനും യുക്തിമാനുമാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : يا معشر المومنين انما المشركون رجس وخبث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع من الهجره وان خفتم فقرا لانقطاع تجارتهم عنكم فان الله سيعوضكم عنها ويكفيكم من فضله ان شاء ان الله عليم بحالكم حكيم في تدبير شوونكم
*25) This prohibition was meant to root out all the vestiges of shirk and ' ignorance' . For the mushriks were prohibited not only from the performance of Haj and attendance at the Masjid-i-Haram but also from entering into its sacred precincts .
They are "unclean" in their creeds, in their morals, in their deeds, and in their ways of `ignorance', and not in their physical bodies by themselves. That is the reason why they have been prohibited from entering the sacred precincts of the Holy Place.
This prohibition has been interpreted in different ways. Imam Abu Hanifah is of the view that it prohibits them only from the performance of Haj and Umrah, and from the observance of the rites of `ignorance' in the Holy Precincts. But Imam Shafi`i is of the opinion that they have been forbidden even to enter the Masjid-i-Haram for any purpose whatsoever. Imam Malik is of the opinion that they are forbidden not only to enter Masjid-i-Haram but any mosque at all. It is, however, obvious that the last opinion is not correct, as the Holy Prophet himself permitted mushriks to enter the Prophet's Mosque at AI-Madinah.