- عربي - نصوص الآيات عثماني : ٱنفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَٰهِدُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
- عربى - نصوص الآيات : انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ۚ ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
- عربى - التفسير الميسر : اخرجوا -أيها المؤمنون- للجهاد في سبيل الله شبابًا وشيوخًا في العسر واليسر، على أي حال كنتم، وأنفقوا أموالكم في سبيل الله، وقاتلوا بأيديكم لإعلاء كلمة الله، ذلك الخروج والبذل خير لكم في حالكم ومآلكم فافعلوا ذلك وانفروا واستجيبوا لله ورسوله.
- السعدى : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
يقول تعالى لعباده المؤمنين ـ مهيجا لهم على النفير في سبيله فقال: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} أي: في العسر واليسر، والمنشط والمكره، والحر والبرد، وفي جميع الأحوال.
{وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه ـ كما يجب الجهاد في النفس ـ يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك.
ثم قال: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: الجهاد في النفس والمال، خير لكم من التقاعد عن ذلك، لأن فيه رضا اللّه تعالى، والفوز بالدرجات العاليات عنده، والنصر لدين اللّه، والدخول في جملة جنده وحزبه.
- الوسيط لطنطاوي : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
وبعد هذا التذكير للمؤمنين بما كان منه - سبحانه - من تأييد لرسوله عند هجرته ، أمرهم - جل شأنه - بالنفير فى كل حال فقال : ( انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ الله ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) .
قال الفخر الرازى ما ملخصه : اعلم أنه - تعالى - لما توعد من لا ينفر مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وضرب له من الأمثال ما وصفنا ، ابتعه بهذا الأمر الجازم فقال : ( انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً ) .
والمراد : انفروا سواء أكنتم على الصفة التى يخف عليكم الجهاد فيها ، أو على الصفة التى يثقل . وهذا الوصف يدخل تحته أقسام كثيرة .
منها : ( خِفَافاً ) فى النفور لنشاطكم له ، و ( وَثِقَالاً ) عنه لمشقته عليكم .
ومنها : ( خِفَافاً ) لقلة عيالكم ، و ( وَثِقَالاً ) لكثرتها .
ومنها : ( خِفَافاً ) من السلاح ، و ( وَثِقَالاً ) منه .
والصحيح ما ذكرنا ، إذ الكل داخل فيه ، لأن الوصف المذكور وصف كلى يدخل فيه كل هذه الجزئيات .
والمعنى : ( انفروا ) - أيها المؤمنون - ( خِفَافاً وَثِقَالاً ) أى : فى حال سهولة النفر عليكم ، وفى حال صعوبته ومشقته .
( وَجَاهِدُواْ ) أعداءكم ببذل أموالكم . وببذل أنفسكم ( فِي سَبِيلِ الله ) أى : فى سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
فمن استطاع منكم الجهاد بالمال والنفس وجب عليه الجهاد بها . ومن قدر على أحدهما دون الآخر ، وجب عليه ما كان فى قدرته منهما .
قال القرطبى روى أبو داود عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " .
وهذا وصف لأكمل ما يكون الجهاد وأنفعه عند الله - تعالى - فقد حض - سبحانه - على كمال الأوصاف .
وقدم الأموال فى الذكر ، إذ هى أول مصرف وقت التجهيز ، فرتب الأمر كما هو فى نفسه .
واسم الإِشارة فى قوله : ( ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) يعود إلى المذكور من الأمرين السابقين وهما : النفور والجهاد .
أى : ذلكم الذى أمرتم به من النفور والجهاد فى سبيل الله ، خير لكم فى دنياكم وفى آخرتكم من التثاقل عنهما ، إن كنتم من أهلا لعلم بحقيقة ما بين لكم خالقكم ومربيكم على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
ولقد أدرك المؤمنون الصادقون هذا الخير فامتثلوا أمر ربهم ، ونفروا للجهاد فى سبيله خفاقاً وثقالاً ، بدون تباطؤ أو تقاعس .
وقد ساق المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآية كثيراً من الأمثة التى تدل على محبة السلف الصالح للجهاد فى سبيل الله ، ومن ذلك .
ما جاء عن أنس أن أبا طلحة قرأ سورة براءة ، فأتى على هذه الآية : ( انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً ) فقال : أى بنى ، جهزونى جهزونى . فقال بنوه . يرحمك الله!! لقد غزوت مع النبى - صلى الله عليه وسلم - تحتى مات ، ومع أبى بكر حتى مات . ومع عمر حتى مات . فنحن نغزو عنك . فقال : لا ، جهزونى . فغزا فى البحر فمات فى البحر ، فلما يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام فدفنوه فيها ، ولم يتغير - رضى الله عنه .
وقال الزهرى : خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له : إنك عليل : فقال : استنفر الله الخفيف والثقيل ، فإن لتم يمكنى الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع .
وأخرج ابن جرير عن حيان بن زيد الشرعبى قال : نفرنا مع صفوان بن عمرو : وكان والياً على حمص ، فلقيت شيخاً كبيراً هرما ، لى راحلته فيمن نفر ، فأقبلت عليه فقلت : يا عماه لقد أعذر الله إليك .
قال : فرفع حاجبيه فقال . يا ابن أخى ، استنفرنا الله خفافا وثقالا ، من يحبه الله يتليه ، ثم يعيده فيبقيه ، وإنما يبتلى الله من عباده من شكر وصبر وذكر ، لوم يعبد إلا الله .
وعن أبى راشد الحبرانى قال . وافيت المقداد بن الأسود ، فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً على تابوت من توابيت الصيارفة بحمص ، وهو يريد الغزو - وقد تقدمت به السن - فقلت : له لقد أعذر الله إليك .
فقال : أبت علينا سورة البعوث ذلك . يعنى هذه الآية : ( انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً ) .
هذا ، ومن العلماء من يرى أن هذه الآية تجعل الجهاد على الجميع حتى المريض والزمن والفقير . . وليس الأمر كذلك ، فما معنى هذا الأمر؟
قلت . من العلماء من حمله على الوجوب ثم إنه نسخ بقوله - تعالى - ( لَّيْسَ عَلَى الضعفآء وَلاَ على المرضى ) ومنهم من حمل هذا الأمر الندب .
والصحيح أنها منسوخة ، لأن الجهاد من فروض الكفاية ، ويدل عليه أن هذه الآيات نزلت فى غزوة تبوك ، وأن النبى - صلى الله عليه وسلم - خلف فى المدينة فى تلك الغزوة النساء وبعض الرجال ، فدل ذلك على أن الجهد من فروض الكفايات ، وأنه ليس على الأعيان .
ويرى بعض العلماء أن الاية ليست منسوخة ، فقد قال الإِمام القرطبى - ما ملخصه - واختلف فى هذه الآية ، فقيل إنها منسوخة بقوله - تعالى - ( لَّيْسَ عَلَى الضعفآء وَلاَ على المرضى )
والصحيح أنها ليست بمنسوخة .
روى ابن عباس عن أبى طلحة فى قوله - تعالى - ( انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً ) قال : شباناً وكهولا . ما سمع الله عذر أحد . فخرج إلى الشام فجاهد حتى مات .
ثم قال - بعد أن ساق نماذج متعددة لمن خرجوا للجهاد خفافاً وثقالا - فلهذا وما كان مثله مما روى عن الصحابة والتابعين قلنا . إن النسخ لا يصح .
فقد تكون هناك حالة يجب فيها نفير الكل ، وذلك إذا تعين الجهاد لغلبة العدو على قطر من الأقطار الإِسلامية ، أو بحلوله فى العقر . ففى هذه الحالة يجب على جميع أهل الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً؛ شباباً وشيوخاً ، كل على قدر طافته . ولا يتخلف أنحد يقدر على الخروج .
فإن عجز أهل تلك البلدة عن صد عدوهم؛ كان على من قاربهم أن يخرجوا معهم لصد العدو ، وكذلك الشأن بالنسبة لكل من علم بضعفهم عن عدوهم فالمسلمون كلهم يد على من سواهم .
حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التى نزل العدو عليها ، سقط الفرض على الآخرين .
ثم قال - رحمه الله - ومن الجهاد أيضاً ما هو نافلة ، وهو إخراج الإِمام طائفة . . لإِظهار القوة ، وإعزاز دين الله .
ثم قال : وقال ابن العربى ، ولقد نزل بنا العدو - قصمه الله . سنة سبع وعشرين وخمسمائة : فجاس ديارنا ، وأسر خيرتنا ، وتوسط بلادنا . . فقلت للوالى والمولى عليه : عدو الله قد حصل فى الشرك والشبكة ، فلتكن عندكم بركة ، ولتظهر منكم إلى نصرة الدين المعينة عليكم حركة ، فليخرج إليه جميع الناس . . فيحاط به فيهلك .
فغلبت الذنوب ، ورجفت القلوب بالمعاصى ، وصار كل أحد من الناس ثعلباً يأوى إلى وجاره ، وإن رأى المكيدة بجاره .
فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والذى نراه . أن ما ذهب إليه الإِمام القرطبى ، من أن الآية الكريمة ليست منسوخة ، أولى بالاتباع .
لأن الجهاد قد يكون فرض كفاية فى بعض الحالات ، وقد يكون فرض عين فى حالات أخرى والآية الكريمة التى معنا تدعو المؤمنين إلى النفي العام فى تلك الحالات الأخرى التى يكون الجهد فيها فرض عين وبذلك يمكن الجمع بين الآيات التى تدعو إلى النفير العام . والآيات التى تعفى بعض الن عاسن مشاقه ومتاعبه .
ومن كل ما تقدم يتبين لنا أن هذه الآيات الأربع قد عاتبت المؤمنين الذين تخلفوا عن الجهاد فى غزوة تبوك عتاباً شديداً؛ وأنذرتهم بالعذاب الأليم إن لم ينفروا . . وذكرتهم بما كان من نصر الله لنبيه حين أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين . . وأمرتهم بالنفور إلى الجهاد خفافاً وثقالا .
وبمجاهدة المشركين بأموالهم وأنفهسم ، فذلك هو الخير لهم فى عاجلتهم وآجلتهم .
- البغوى : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
قوله تعالى : ( انفروا خفافا وثقالا ) قال الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة وعكرمة : شبانا وشيوخا . وعن ابن عباس : نشاطا وغير نشاط . وقال عطية العوفي : ركبانا ومشاة . وقال أبو صالح : خفافا من المال ، أي فقراء ، وثقالا أي : أغنياء . وقال ابن زيد : الثقيل الذي له الضيعة ، فهو ثقيل يكره أن يدع ضيعته ، والخفيف الذي لا ضيعة له . ويروى عن ابن عباس قال : خفافا أهل الميسرة من المال ، وثقالا أهل العسرة . وقيل : خفافا من السلاح ، أي : مقلين منه ، وثقالا أي : مستكثرين منه . وقال الحكم بن عتيبة : مشاغيل وغير مشاغيل . وقال مرة الهمذاني : أصحاء ومرضى . وقال يمان بن رباب : عزابا ومتأهلين . وقيل : خفافا من حاشيتكم وأتباعكم ، وثقالا مستكثرين بهم . وقيل : خفافا مسرعين خارجين ساعة سماع النفير ، وثقالا بعد التروي فيه والاستعداد له .
( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) قال الزهري : خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه ، فقيل له : إنك عليل صاحب ضر ، فقال : استنفر الله الخفيف والثقيل ، فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع .
وقال عطاء الخراساني عن ابن عباس : نسخت هذه الآية بقوله : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) .
وقال السدي : لما نزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس فنسخها الله تعالى وأنزل : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ) الآية .
ثم نزل في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك :
- ابن كثير : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
قال سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح : هذه الآية : ( انفروا خفافا وثقالا ) أول ما نزل من سورة " براءة " .
وقال معتمر بن سليمان ، عن أبيه قال : زعم حضرمي أنه ذكر له أن ناسا كانوا عسى أن يكون أحدهم عليلا أو كبيرا ، فيقول : إني لا آثم ، فأنزل الله : ( انفروا خفافا وثقالا ) الآية .
أمر الله تعالى بالنفير العام مع الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - عام غزوة تبوك ، لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب ، وحتم على المؤمنين في الخروج معه على كل حال في المنشط والمكره والعسر واليسر ، فقال : ( انفروا خفافا وثقالا )
وقال علي بن زيد ، عن أنس ، عن أبي طلحة : كهولا وشبابا ما أسمع الله عذر أحدا ، ثم خرج إلى الشام ، فقاتل حتى قتل .
وفي رواية : قرأ أبو طلحة سورة براءة ، فأتى على هذه الآية : ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) فقال : أرى ربنا يستنفرنا شيوخا وشبابا جهزوني يا بني . فقال بنوه : يرحمك الله ، قد غزوت مع رسول الله حتى مات ، ومع أبي بكر حتى مات ، ومع عمر حتى مات ، فنحن نغزو عنك . فأبى ، فركب البحر فمات ، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد تسعة أيام ، فلم يتغير ، فدفنوه بها .
وهكذا روي عن ابن عباس ، وعكرمة وأبي صالح ، والحسن البصري ، وشمر بن عطية ، ومقاتل بن حيان ، والشعبي وزيد بن أسلم : أنهم قالوا في تفسير هذه الآية : ( انفروا خفافا وثقالا ) قالوا : كهولا وشبابا ، وكذا قال عكرمة والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، وغير واحد .
وقال مجاهد : شبابا وشيوخا ، وأغنياء ومساكين . وكذا قال أبو صالح ، وغيره .
وقال الحكم بن عتيبة : مشاغيل وغير مشاغيل .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( انفروا خفافا وثقالا ) يقول : انفروا نشاطا وغير نشاط . وكذا قال قتادة .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( انفروا خفافا وثقالا ) قالوا : فإن فينا الثقيل ، وذا الحاجة ، والضيعة والشغل ، والمتيسر به أمر ، فأنزل الله وأبى أن يعذرهم دون أن ينفروا خفافا وثقالا وعلى ما كان منهم .
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري أيضا : في العسر واليسر . وهذا كله من مقتضيات العموم في الآية ، وهذا اختيار ابن جرير .
وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي : إذا كان النفير إلى دروب الروم نفر الناس إليها خفافا وركبانا ، وإذا كان النفير إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافا وثقالا وركبانا ومشاة . وهذا تفصيل في المسألة .
وقد روي عن ابن عباس ، ومحمد بن كعب ، وعطاء الخراساني وغيرهم أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله .
وقال السدي : قوله : ( انفروا خفافا وثقالا ) يقول : غنيا وفقيرا ، وقويا وضعيفا فجاءه رجل يومئذ ، زعموا أنه المقداد ، وكان عظيما سمينا ، فشكا إليه وسأله أن يأذن له ، فأبى ، فنزلت يومئذ ( انفروا خفافا وثقالا ) فلما نزلت هذه الآية اشتد على الناس شأنها فنسخها الله ، فقال : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ) [ التوبة : 91 ] .
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن محمد قال : شهد أبو أيوب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدرا ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا وهو في آخرين إلا عاما واحدا قال : وكان أبو أيوب يقول : قال الله : ( انفروا خفافا وثقالا ) فلا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا .
وقال ابن جرير : حدثني سعيد بن عمر السكوني ، حدثنا بقية ، حدثنا حريز ، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة ، حدثني أبو راشد الحبراني قال : وافيت المقداد بن الأسود فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا على تابوت من توابيت الصيارفة بحمص ، وقد فضل عنها من عظمه ، يريد الغزو ، فقلت له : لقد أعذر الله إليك فقال : أتت علينا سورة " البحوث " ( انفروا خفافا وثقالا )
وبه قال ابن جرير : حدثني حيان بن زيد الشرعبي قال : نفرنا مع صفوان بن عمرو - وكان واليا على حمص - قبل الأفسوس ، إلى الجراجمة فلقيت شيخا كبيرا هما ، وقد سقط حاجباه على عينيه ، من أهل دمشق ، على راحلته ، فيمن أغار . فأقبلت إليه فقلت : يا عم ، لقد أعذر الله إليك . قال : فرفع حاجبيه فقال : يا ابن أخي ، استنفرنا الله خفافا وثقالا إنه من يحبه الله يبتليه ، ثم يعيده الله فيبقيه وإنما يبتلي الله من عباده من شكر وصبر وذكر ، ولم يعبد إلا الله ، عز وجل .
ثم رغب تعالى في النفقة في سبيله ، وبذل المهج في مرضاته ومرضاة رسوله ، فقال : ( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : هذا خير لكم في الدنيا والآخرة ، ولأنكم تغرمون في النفقة قليلا فيغنمكم الله أموال عدوكم في الدنيا ، مع ما يدخر لكم من الكرامة في الآخرة ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة ، أو يرده إلى منزله نائلا ما نال من أجر أو غنيمة .
ولهذا قال تعالى : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) [ البقرة : 216 ] .
ومن هذا القبيل ما رواه الإمام أحمد :
حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ؛ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل : أسلم . قال : أجدني كارها . قال : أسلم وإن كنت كارها .
- القرطبى : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
قوله تعالى انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
فيه سبع مسائل :
الأولى : روى سفيان عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي مالك الغفاري قال : أول ما نزل من سورة ( براءة ) انفروا خفافا وثقالا . وقال أبو الضحاك كذلك أيضا . قال : ثم نزل أولها وآخرها .
الثانية : قوله تعالى انفروا خفافا وثقالا نصب على الحال ، وفيه عشرة أقوال الأول : يذكر عن ابن عباس " فانفروا ثبات " : سرايا متفرقين . الثاني : روي عن ابن عباس أيضا وقتادة : نشاطا وغير نشاط . الثالث : الخفيف : الغني ، والثقيل : الفقير ، قاله مجاهد . الرابع : الخفيف : الشاب ، والثقيل : الشيخ ، قاله الحسن . الخامس : مشاغيل وغير مشاغيل ، قاله زيد بن علي والحكم بن عتيبة . السادس : الثقيل : الذي له عيال ، والخفيف : الذي لا عيال له ، قاله زيد بن أسلم . السابع : الثقيل : الذي له ضيعة يكره أن يدعها ، والخفيف : الذي لا ضيعة له ، قاله ابن زيد . الثامن : الخفاف : الرجال ، والثقال : الفرسان ، قاله الأوزاعي . التاسع : الخفاف : الذين يسبقون إلى الحرب كالطليعة وهو مقدم الجيش والثقال : الجيش بأثره العاشر : الخفيف : الشجاع ، والثقيل : الجبان ، حكاه النقاش . والصحيح في معنى الآية أن الناس أمروا جملة أي انفروا خفت عليكم الحركة أو ثقلت . وروي أن ابن أم مكتوم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : أعلي أن أنفر ؟ فقال : نعم حتى أنزل الله تعالى ليس على الأعمى حرج . وهذه الأقوال إنما هي على معنى المثال في الثقل والخفة .
الثالثة : واختلف في هذه الآية ، فقيل إنها منسوخة بقوله تعالى : ليس على الضعفاء ولا على المرضى . وقيل : الناسخ لها قوله : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة . والصحيح أنها ليست بمنسوخة . روى ابن عباس عن أبي طلحة في قوله تعالى : انفروا خفافا وثقالا قال : شبانا وكهولا ، ما سمع الله عذر أحد . فخرج إلى الشام فجاهد حتى مات رضي الله عنه . وروى حماد عن ثابت وعلي بن زيد عن أنس أن أبا طلحة قرأ سورة ( براءة ) فأتى على هذه الآية انفروا خفافا وثقالا فقال : أي بني جهزوني جهزوني فقال بنوه : يرحمك الله لقد غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات ومع أبي بكر حتى مات ومع عمر حتى مات فنحن نغزو عنك . قال : لا ، جهزوني . فغزا في البحر فمات في البحر ، فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام فدفنوه فيها ، ولم يتغير رضي الله عنه . وأسند الطبري عمن رأى المقداد بن الأسود بحمص على تابوت صراف ، وقد فضل على التابوت من سمنه وهو يتجهز للغزو . فقيل له : لقد عذرك الله . فقال : أتت علينا سورة البعوث انفروا خفافا وثقالا . وقال الزهري : خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه . فقيل له : إنك عليل . فقال : استنفر الله الخفيف والثقيل ، فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع . وروي أن بعض الناس رأى في غزوات الشام رجلا قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، فقال له : يا عم إن الله قد عذرك فقال : يا ابن أخي ، قد أمرنا بالنفر خفافا وثقالا . ولقد قال ابن أم مكتوم رضي الله عنه - واسمه عمرو - يوم أحد : أنا رجل أعمى ، فسلموا لي اللواء ، فإنه إذا انهزم حامل اللواء انهزم الجيش ، وأنا ما أدري من يقصدني بسيفه فما أبرح فأخذ اللواء يومئذ مصعب بن عمير على ما تقدم في ( آل عمران ) بيانه . فلهذا وما كان مثله مما روي عن الصحابة والتابعين ،
قلنا : إن النسخ لا يصح . وقد تكون حالة يجب فيها نفير الكل ، وهي :
الرابعة : وذلك إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار ، أو بحلوله بالعقر ، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافا وثقالا ، شبابا وشيوخا ، كل على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج ، من مقاتل أو مكثر . فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة ، حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم . وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضا الخروج إليهم ، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عن الآخرين . ولو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضا الخروج إليه ، حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ، ولا خلاف في هذا .
وقسم ثان من واجب الجهاد - فرض أيضا على الإمام إغزاء طائفة إلى العدو كل سنة مرة يخرج معهم بنفسه أو يخرج من يثق به ليدعوهم إلى الإسلام ويرغبهم ، ويكف أذاهم ويظهر دين الله عليهم حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد .
ومن الجهاد أيضا ما هو نافلة وهو إخراج الإمام طائفة بعد طائفة وبعث السرايا في أوقات الغرة وعند إمكان الفرصة والإرصاد لهم بالرباط في موضع الخوف وإظهار القوة .
فإن قيل : كيف يصنع الواحد إذا قصر الجميع ، وهي
الخامسة : قيل له : يعمد إلى أسير واحد فيفديه ، فإنه إذا فدى الواحد فقد أدى في الواحد أكثر مما كان يلزمه في الجماعة ، فإن الأغنياء لو اقتسموا فداء الأسارى ما أدى كل واحد منهم إلا أقل من درهم . ويغزو بنفسه إن قدر وإلا جهز غازيا . قال صلى الله عليه وسلم : من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا أخرجه الصحيح . وذلك لأن مكانه لا يغني وماله لا يكفي .
السادسة : روي أن بعض الملوك عاهد كفارا على ألا يحبسوا أسيرا ، فدخل رجل من المسلمين جهة بلادهم فمر على بيت مغلق ، فنادته امرأة إني أسيرة فأبلغ صاحبك خبري فلما اجتمع به واستطعمه عنده وتجاذبا ذيل الحديث انتهى الخبر إلى هذه المعذبة فما أكمل حديثه حتى قام الأمير على قدميه وخرج غازيا من فوره ومشى إلى الثغر حتى أخرج الأسيرة واستولى على الموضع رضي الله عنه . ذكره ابن العربي وقال : ولقد نزل بنا العدو - قصمه الله - سنة سبع وعشرين وخمسمائة فجاس ديارنا وأسر خيرتنا وتوسط بلادنا في عدد هال الناس عدده وكان كثيرا وإن لم يبلغ ما حددوه . فقلت للوالي والمولى عليه : هذا عدو الله قد حصل في الشرك والشبكة فلتكن عندكم بركة ، ولتظهر منكم إلى نصرة الدين المتعينة عليكم حركة فليخرج إليه جميع الناس حتى لا يبقى منهم أحد في جميع الأقطار فيحاط به ؛ فإنه هالك لا محالة إن يسركم الله له فغلبت الذنوب ورجفت القلوب بالمعاصي وصار كل أحد من الناس ثعلبا يأوي إلى وجاره وإن رأى المكيدة بجاره . فإنا لله وإنا إليه راجعون . وحسبنا الله ونعم الوكيل .
السابعة : قوله تعالى وجاهدوا أمر بالجهاد ، وهو مشتق من الجهد بأموالكم وأنفسكم روى أبو داود عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم . وهذا وصف لأكمل ما يكون من الجهاد وأنفعه عند الله تعالى . فحض على كمال الأوصاف ، وقدم الأموال في الذكر إذ هي أول مصرف وقت التجهيز . فرتب الأمر كما هو في نفسه .
- الطبرى : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
القول في تأويل قوله : انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في معنى " الخفة " و " الثقل "، اللذين أمر الله من كان به أحدهما بالنفر معه.
فقال بعضهم: معنى " الخفة "، التي عناها الله في هذا الموضع، الشباب = ومعنى " الثقل "، الشيخوخة.
* ذكر من قال ذلك:
16734- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن رجل, عن الحسن في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شيبًا وشبّانًا.
16735- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص, عن عمرو, عن الحسن قال: شيوخًا وشبانًا.
16736-...... قال، حدثنا ابن عيينة, عن علي بن زيد, عن أنس, عن أبي طلحة: (انفروا خفافا وثقالا)، قال: كهولا وشبانًا, ما أسمع الله عَذَر واحدًا!! (1) فخرج إلى الشأم، فجاهد حتى مات. (2)
16737- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن المغيرة بن النعمان قال: كان رجل من النَّخع، وكان شيخًا بادنًا, فأراد الغزوَ، فمنعه سعد بن أبي وقاص فقال: إن الله يقول: (انفروا خفافًا وثقالا)، فأذن له سعد, فقتل الشيخ, فسأل عنه بعدُ عُمَرُ, فقال: ما فعل الشيخ الذي كأنّه من بني هاشم؟ (3) فقالوا: قتل يا أمير المؤمنين! (4)
16738- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون, عن إسماعيل, عن أبي صالح قال: الشابُّ والشيخ.
16739-...... قال، حدثنا أبو أسامة, عن مالك بن مغول, عن إسماعيل, عن عكرمة, قال: الشاب والشيخ.
16740-...... قال، حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك: كهولا وشبَّانًا.
16741-...... قال، حدثنا حبويه أبو يزيد, عن يعقوب القمي, عن جعفر بن حميد, عن بشر بن عطية: كهولا وشبانًا (5)
16742- حدثنا الوليد قال، حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم, عن بكير بن معروف, عن مقاتل بن حيان, في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شبانًا وكهولا.
16743- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شبابًا وشيوخًا, وأغنياء ومساكين.
16744- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال، قال الحسن: شيوخًا وشبّانًا.
16745- حدثني سعيد بن عمرو قال، حدثنا بقية قال، حدثنا حَرِيز قال، حدثني حبان بن زيد الشرعبيّ قال: نفرنا مع صَفْوان بن عمرو، وكان واليًا على حمص قِبَلَ الأفْسوس، إلى الجَرَاجمة, (6) فلقيت شيخًا كبيرًا هِمًّا, (7) قد سقط حاجباه على عينيه، من أهل دمشق، على راحلته، فيمن أغار. (8) فأقبلت عليه فقلت: يا عمِّ، لقد أعذر الله إليك! قال: فرفع حاجبيه، فقال: يا ابن أخي استنفرنا الله خفافًا وثقالا من يحبَّه الله يبتَليه، ثم يعيده فيبْتليه, (9) إنما يبتلي الله من عباده من شكر وصبر وذكر ولم يعبد إلا الله. (10)
16746- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسماعيل, عن أبي صالح: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: كل شيخ وشابّ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: مشاغيل وغير مشاغيل.
* ذكر من قال ذلك:
16747- حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن الحكم في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: مشاغيل وغير مشاغيل.
* * *
وقال آخرون: معناه: انفروا أغنياء وفقراء.
* ذكر من قال ذلك:
16748- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عمن ذكره, عن أبي صالح: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: أغنياء وفقراء.
* * *
وقال آخرون: معناه: نِشاطًا وغير نِشاط.
* ذكر من قال ذلك:
16749- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، يقول: انفروا نِشاطًا وغير نِشاط.
* * *
16750- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر عن قتادة: (خفافًا وثقالا)، قال: نِشاطًا وغير نِشاط.
* * *
وقال آخرون: معناه: ركبانًا ومشاةَ.
* ذكر من قال ذلك:
16751- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد قال، قال أبو عمرو: إذا كان النَّفْر إلى دروب الشأم، نفر الناس إليها " خفافًا "، ركبانًا. وإذا كان النَّفْر إلى هذه السواحل، نفروا إليها " خفافًا وثقالا "، ركبانًا ومشاة.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ذا ضَيْعَة, وغير ذي ضَيْعة.
* ذكر من قال ذلك:
16752- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: " الثقيل "، الذي له الضيعة, فهو ثقيل يكره أن يُضيع ضَيْعته ويخرج = و " الخفيف " الذي لا ضيعة له، فقال الله: (انفروا خفافًا وثقالا).
16753- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر, عن أبيه قال: زعم حضرميّ أنه ذُكر له أن ناسًا كانوا عسى أن يكون أحدهم عليلا أو كبيرًا فيقول: إن أجتنبْه إباءً، فإني آثم! (11) فأنـزل الله: (انفروا خفافًا وثقالا).
16754- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب, عن محمد قال: شهد أبو أيوب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا, ثم لم يتخلف عن غَزاة للمسلمين إلا وهو في أخرى، (12) إلا عامًا واحدًا. وكان أبو أيوب يقول: (انفروا خفافًا وثقالا)، فلا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلا. (13)
16755- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا حَرِيز بن عثمان, عن راشد بن سعد, عمن رأى المقداد بن الأسود فارسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على تابوتٍ من توابيت الصَّيارفة بحمص, وقد فَضَل عنها من عِظَمِه, فقلت له: لقد أعذر الله إليك ! فقال: أبتْ علينا " سورة البعوث "، (14) (انفروا خفافًا وثقالا). (15)
16756- حدثنا سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا حريز قال، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة قال، حدثني أبو راشد الحبراني قال: وافيت المقداد بن الأسود فارسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا على تابوت من توابيت الصيارفة بحمص, قد فَضَل عنها من عِظَمه, (16) يريد الغزو, فقلت له: لقد أعذر الله إليك ! فقال: أبَتْ علينا " سورة البُحُوث ": (17) (انفروا خفافًا وثقالا). (18)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين بالنَّفر لجهاد أعدائه في سبيله، خفافًا وثقالا. وقد يدخل في " الخفاف " كل من كان سهلا عليه النفر لقوة بدنه على ذلك، وصحة جسمه وشبابه, ومن كان ذا يُسْرٍ بمالٍ وفراغ من الاشتغال، (19) وقادرًا على الظهر والركاب.
ويدخل في " الثقال "، كل من كان بخلاف ذلك، من ضعيف الجسم وعليله وسقيمه, ومن مُعسِرٍ من المال، ومشتغل بضيعة ومعاش, ومن كان لا ظهرَ له ولا ركاب, والشيخ وذو السِّن والعِيَال.
فإذ كان قد يدخل في " الخفاف " و " الثقال " من وصفنا من أهل الصفات التي ذكرنا، ولم يكن الله جل ثناؤه خصَّ من ذلك صنفًا دون صنف في الكتاب, ولا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم, ولا نَصَب على خصوصه دليلا وجب أن يقال: إن الله جل ثناؤه أمر المؤمنين من أصحاب رسوله بالنفر للجهاد في سبيله خفافًا وثقالا مع رسوله صلى الله عليه وسلم، على كل حال من أحوال الخفّة والثقل.
* * *
16757- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل, عن سعيد بن مسروق, عن مسلم بن صبيح قال: أول ما نـزل من " براءة ": (انفروا خفافًا وثقالا).
16758- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن أبيه, عن أبي الضحى, مثله.
16759- حدثنا الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قال: إن أول ما نـزل من " براءة ": لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ، قال: يعرِّفهم نصره, ويوطِّنهم لغزوة تَبُوك.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا)، أيها المؤمنون، الكفارَ =(بأموالكم), فأنفقوها في مجاهدتهم على دين الله الذي شرعه لكم, حتى ينقادوا لكم فيدخلوا فيه طوعًا أو كرهًا, أو يعطوكم الجزية عن يدٍ صَغَارًا، إن كانوا أهل كتابٍ, أو تقتلوهم (20) =(وأنفسكم)، يقول: وبأنفسكم، فقاتلوهم بأيديكم، يخزهم الله وينصركم عليهم =(ذلكم خير لكم)، يقول: هذا الذي آمركم به من النفر في سبيل الله تعالى خفافًا وثقالا وجهادِ أعدائه بأموالكم وأنفسكم، خيرٌ لكم من التثاقل إلى الأرض إذا استنفرتم، والخلودِ إليها، والرضا بالقليل من متاع الحياة الدنيا عِوضًا من الآخرة = إن كنتم من أهل العلم بحقيقة ما بُيِّن لكم من فضل الجهاد في سبيل الله على القعود عنه.
--------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة: "عذر أحدًا"، وأثبت ما في المخطوطة.
(2) الأثر: 16736 - " علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة"، مضى مرارًا، وثقة.
أخي السيد أحمد فيما سلف رقم : 4897 ، وقد تكلم فيه أحمد وغيره قال: "ضعيف الحديث". و "أنس" هو "أنس بن مالك" خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و "أبو طلحة"، هو "زيد بن سهل الأنصاري"، صاحب رسول الله ، شهد العقبة ، وبدرا ، المشاهد كلها.
وهذا الخبر، رواه ابن سعد في الطبقات 3 2 66 من طريق عفان بن مسلم ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت، وعلي بن يزيد، عن أنس، مطولا ، بغير هذا اللفظ . ورواه الحاكم في المستدرك 3 : 353 ، من هذه الطريق نفسها وقال : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه " .
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 246 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي عمر العدني في مسنده ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 : 312 ، بغير هذا اللفظ ، وقال : " رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح" .
(3) في المطبوعة: "كان من بني هاشم" ، وهو خطأ لا شك فيه، فإن الرجل "من النخع"، كما ذكر قبل، والصواب ما في المخطوطة.
(4) الأثر : 16737 - "المغيرة بن النعمان النخعي"، ثقة، مضى برقم: 13622.
(5) الأثر : 16741 - " حبويه ، أبو يزيد " ، هو " إسحاق بن إسماعيل الرازي " ، مضى مرارًا ، منها رقم : 15993 ، وكتب في المطبوعة: "حيوة"، وغير ما في المخطوطة، وهو خطأ محض.
وأما "جعفر بن حميد"، فلم أجد له ذكرًا في شيء من مراجعي، والذي يروي عنه يعقوب بن عبد الله القمي، هو: " جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي"، والذي نقله ابن حجر في التهذيب في ترجمته عن أبي نعيم أن اسم "أبي المغيرة" هو: "دينار" لا "حميد".
وأما " بشر بن عطية " ، فلم أجد من يسمى بهذا إلا "بشر بن عطية" ، رجل روى عنه مكحول، يقال هو صحابي، ويقال هو: "بشر بن عصمة المزني" ، انظر لسان الميزان 2 : 26 ، 27 ، في الترجمتين ، والإصابة في ترجمة الاسمين. وهذا كله مضطرب.
(6) "الأفسوس"، بلد بثغور طرسوس، و "طرسوس" مدينة بثغور الشأم بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم.
و " الجراجمة " ، نبط الشأم ، ويقال : هم قوم من العجم بالجزيرة .
وكان في المخطوطة : " قبل الأفسون إلى الحراصه" ، والصواب في المطبوعة وهو مطابق لما في تفسير ابن كثير 4 : 176 ، نقلا عن هذا الموضع من الطبري .
(7) " الهم " ( بكسر الهاء ) : الشيخ الكبير الفاني البالي.
(8) في المخطوطة : "أعات" ، والصواب ما في المطبوعة ، وهو موافق لما في ابن كثير .
(9) في المطبوعة: " من يحبه الله يبتليه ، ثم يعيده فيبقيه " ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو الصواب وحده.
(10) الأثر : 16745 - "بقية" هو "بقية بن الوليد"، سلف مرارًا كثيرة.
و " حريز" هو " حريز بن عثمان بن جبر الرحبي " ، ثقة مأمون ، ثبت في الحديث ، وإنما وضع منه من وضع ، لأنه كان ينال من علي رضي الله عنه ، ثم ترك ذلك . و " حريز " ( بفتح الحاء ، وكسر الراء ) . وقال أبو داود : " شيوخ حريز ، كلهم ثقات " . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 1 96 ، وابن أبي حاتم 1 2 289 .
وكان في المطبوعة : " جرير " ، وهو في المخطوطة غير منقوط .
و " حبان بن زيد الشرعبي ( بكسر الحاء من : حبان ) ، أبو خداش الحمصي ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وسلف قبل أن أبا داود ، وثق جميع شيوخ حريز بن عثمان . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 1 78 ، وابن أبي حاتم 1 2 269 .
و "
صفوان بن عمرو " ، كأنه هو " صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي " ، ثقة . والذي حملني على هذا الظن ، أني رأيت في ترجمته في التهذيب عن أبي اليمان ، عن صفوان : " أدركت من خلافة عبد الملك ، وخرجنا في بعث سنة 94 " ، ولكني لم أجد ذكرًا لولايته على حمص.وقد سلف "
صفوان بن عمرو السكسكي " مرارًا ، منها رقم : 7009 ، 12807 ، 13108 .(11) في المطبوعة مكان : "
إن أحتنبه إباء ، فإني آثم " ما نصه : " فيقول : إني أحسبه قال : أنا لا آثم " ، وهو مضطرب جدًا ، وفي تفسير ابن كثير 4 : 174 ، 175 ، اختصر الكلام وكتب : " فيقول : إني لا آثم " ، وفي الدر المنثور 3 : 246 ، مثله مختصرًا .وأما المخطوطة فكان رسمها هكذا: "
فيقول : إن أحسبه أبًا قال آثم" ، فآثرت قراءتها كما أثبتها ، ومعناه : إن أجتنب النفر إباء للغزو ، فإني آثم، ولكن علتي أو كبرى عذر يدفع عنى إثم التخلف . هذا ما رجحته ، والله أعلم .(12) في المطبوعة: "
إلا وهو في أخرى " ، وفي المخطوطة : "في آخرين"، وحذف هذه العبارة ابن كثير في تفسيره ، والسيوطي في الدر المنثور . وهي صحيحة المعنى ، رواها ابن سعد " في أخرى " كما في المطبوعة : ورواها الحاكم : " إلا هو فيها " .(13) الأثر : 16754 - رواه ابن سعد في الطبقات 3 2 49 من طريق إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، وهو "
ابن عطية " ، مطولا مفصلا .ورواه الحاكم في المستدرك 3 : 458 ، من هذه الطريق نفسها ، مطولا .
(14) هكذا جاء هنا في المخطوطة : "
البعوث " ، وأنا في شك منه شديد ، لأني لم أجد من سمى " سورة التوبة " ، " سورة البعوث " ، بل أجمعوا على تسميتها " سورة البحوث " ، كما سأفسره بعد ص : 265 ، تعليق : 6 . ثم انظر آخر التعليق على الخبر رقم : 16756 .(15) الأثر : 16755 . "
حريز بن عثمان بن جبر الرحبي " ، مضى آنفا برقم 16745 . وكان في المطبوعة : " جرير " ، وهو خطأ ، وفي المخطوطة غير منقوط .و "
راشد بن سعد المقرائي الحبراني الحمصي " ، ثقة ، لا بأس به إذا لم يحدث عنه متروك ، وشيوخ " حريز بن عثمان " ثقات جميعًا ، كما أسلفت في رقم : 16745 ، و " حريز " ثقة في نفسه . وهذا الخبر سيأتي بعد هذا ، ليس فيه مجهول.(16) في المطبوعة : "
فضل عنه " ، وأثبت ما في المخطوطة ، لأنه صواب محض ، فالتابوت ، يذكر ، وقد يؤنث .(17) في المطبوعة: "
البعوث " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الموافق لرواية هذا الأثر في المراجع التي سأذكرها . و " البحوث " : منهم من يقولها بضم الباء ، جمع " بحث " ، سميت بذلك لأنها بحثت عن المنافقين وأسرارهم ، أي : استثارتها وفتشت عنها .وقد قال ابن الأثير إنه رأى في "
الفائق" للزمخشري "البحوث" بفتح الباء ، ومطبوعة الفائق ، لا ضبط فيها . ثم قال ابن الأثير : " فإن صحت ، فهي فعول ، من أبنية المبالغة ، أما الزمخشري فقال : " سورة البحوث : هي سورة التوبة ، لما فيها من البحث عن المنافقين وكشف أسرارهم ، وتسمى المبعثرة " .وهذا كله يؤيد ما ذهبت إليه في ص ، 265 ، التعليق رقم : 3 .
(18) الأثر : 16756 - انظر التعليق على الأثر السالف رقم : 16755 .
" سعيد بن عمرو السكوني"، شيخ الطبري، ثقة ، مضى برقم : 5563 ، 6521 ، وغيرهما .
و " بقية بن الوليد " ، مضى توثيقه ، ومن تكلم فيه قريبًا رقم : 16745 .
و " حريز " هو " حريز بن عثمان " ، سلف في الأثر السالف ، ومراجعه هناك ، وكان في المطبوعة هنا " جرير " أيضًا ، والمخطوطة غير منقوطة .
و " عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي " ، أبو سلمة الحمصي ، ثقة ، لأن أبا داود قال : و "أبو راشد الحبراني الحميري الحمصي" ، تابعي ثقة. لم يرو عنه غير "حريز". مترجم في التهذيب ، والكنى للبخاري : 30 .
وهذا الخبر رواه ابن سعد في الطبقات 3 1 115 ، من طريق يزيد بن هارون ، عن حريز بن عثمان (وفي الطبقات : جرير ، وهو خطأ كما بينت) .
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق : بقية بن الوليد ، عن حريز بن عثمان ( وفيه: جرير ، وهو خطأ ) .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7 : 30 ، وقال : " رواه الطبراني ، وفيه بقية بن الوليد ، وفيه ضعف ، وقد وثق . وبقية رجاله ثقات " .
قلت : قد تبين من التخريج أنه رواه عن " حريز"، " يزيد بن هارون " ، وهو ثقة روى له الجماعة ، كما سلف مرارًا .
هذا ، وقد جاء في مجمع الزوائد "سورة البعوث"، وانظر ما كتبته آنفا في ص : 265 ، تعليق : 3 ، و ص : 265 ، تعليق : 6 .
(19) في المطبوعة: "ذا تيسر" ، والذي في المخطوطة محض الصواب .
(20) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص : 173، تعليق: 5 ، والمراجع هناك .
= وتفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة ( سبل ).
- ابن عاشور : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
الخطاب للمؤمنين الذين سبق لومهم بقوله : { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذ قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض } [ التوبة : 38 ] ، فالنفير المأمور به ما يستقبل من الجهاد . وقد قدّمنا أنّ الاستنفار إلى غزوة تبوك كان عامَّاً لكلّ قادر على الغزو : لأنّها كانت في زمن مشقّة ، وكان المغزُوُّ عدوّاً عظيماً ، فالضمير في { انفروا } عام للذين استُنفروا فتثاقلوا ، وإنّما استُنفِر القادرون ، وكان الاستنفار على قدر حاجة الغزو ، فلا يقتضي هذا الأمر توجّه وجوب النفير على كلّ مسلم في كلّ غزوة ، ولا على المسلم العاجز لعمىً أو زَمانة أو مرض ، وإنّما يجري العمل في كلّ غزوة على حسب ما يقتضيه حالها وما يصدر إليهم من نفير . وفي الحديث : " وإذا استنفرتم فانْفِروا "
و { خفافا } جمع خفيف وهو صفة مشبّهة من الخفّة ، وهي حالة للجسم تقتضي قلّة كمية أجزائه بالنسبة إلى أجسام أخرى متعارفة ، فيكون سهْلَ التنقّل سهل الحمل . والثقال ضدّ ذلك . وتقدّم الثقل آنفاً عند قوله : { اثاقلتم إلى الأرض } [ التوبة : 38 ].
والخفاف والثقال هنا مستعاران لما يشابههما من أحوال الجيش وعلائقهم ، فالخفّة تستعار للإسراع إلى الحرب ، وكانوا يتمادحون بذلك لدلالتها على الشجاعة والنجدةِ ، قال قُريط بن أنيف العنبري :
قومٌ إذا الشرُّ أبدَى ناجِذَيْه لهم ... طَاروا إليه زَرَافَات ووُحدانا
فالثقل الذي يناسب هذا هو الثبات في القتال كما في قول أبي الطيب :
ثِقال إذا لاقَوْا خِفاف إذا دُعوا ... وتستعار الخفّة لقلّة العدد ، والثقلُ لكثرة عدد الجيش كما في قول قُريط : «زَرافات ووُحدانا» .
وتستعار الخفّة لتكرير الهجوم على الأعداء ، والثقل للتثبّت في الهجوم . وتستعار الخفّة لقلّة الأزوَاد أو قلّة السلاح ، والثقل لضدّ ذلك . وتستعار الخفّة لقلّة العيال ، والثقل لضدّ ذلك وتستعار الخفّة للركوب لأنّ الراكب أخفّ سيراً ، والثقل للمشي على الأرجل وذلك في وقت القتال . قال النابغة :
على عارفاتتٍ للطِّعان عوابِسٍ ... بهِنَّ كلوم بين داممٍ وجالب
إذ استُنزلوا عنهنّ للضَّرب ارقلوا ... إلى الموت ارْقالَ الجمال المصَاعب
وكلّ هذه المعاني صالحة للإرادة من الآية ولمّا وقع { خفافاً وثقالاً } حالاً من فاعل { انفروا } ، كان محمل بعض معانيهما على أن تكون الحال مقدّرة والواو العاطفة لإحدى الصفتين على الأخرى للتقسيم ، فهي بمعنى ( أو ) ، والمقصود الأمر بالنفير في جميع الأحوال .
والمجاهدة : المغالبة للعدوّ ، وهي مشتقّة من الجُهد بضمّ الجيم أي بذل الاستطاعة في المغالبة ، وهو حقيقة في المدافعة بالسلاح ، فإطلاقه على بذل المال في الغزو من إنفاققٍ على الجيش واشتراءِ الكراع والسلاح ، مجاز بعلاقة السببية .
وقد أمر الله بكلا الأمرين فمن استطاعهما معاً وجبا عليه ، ومن لم يستطع إلاّ واحداً منهما وجب عليه الذي استطاعه منهما .
وتقديم الأموال على الأنفس هنا : لأنّ الجهاد بالأموال أقلّ حُضوراً بالذهن عند سماع الأمر بالجهاد ، فكان ذكره أهمّ بعد ذكر الجهاد مجملاً .
والإشارة ب { ذلكم } إلى الجهاد المستفاد من { وجاهدوا }.
وإبهام { خير } لقصد توقّع خير الدنيا والآخرة من شعب كثيرة أهمها الاطمئنان من أن يغزوهم الروم ولذلك عُقب بقوله : { إن كنتم تعلمون } أي إن كنتم تعلمون ذلك الخير وشعبه . وفي اختيار فعل العلم دون الإيمان مثلاً للإشارة إلى أنّ من هذا الخير ما يخفى فيحتاج متطلّب تعيين شعبه إلى اعمال النظر والعلم .
- إعراب القرآن : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
«انْفِرُوا» فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو فاعل. «خِفافاً» حال ، وثقالا ، عطف والجملة مستأنفة «وَجاهِدُوا» فعل أمر تعلق به الجار والمجرور «بِأَمْوالِكُمْ» وكذلك «فِي سَبِيلِ اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة معطوفة. «ذلِكُمْ» اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. واللام للبعد والكاف للخطاب. «خَيْرٌ» خبر. «لَكُمْ» متعلقان بخير والجملة الاسمية مستأنفة. «إِنْ» حرف شرط جازم والفعل الناقص «كُنْتُمْ» فعل الشرط ، وجوابه محذوف دل عليه ما قبله أي إن كنتم تعلمون فانفروا وجاهدوا والجملة ابتدائية. وجملة «تَعْلَمُونَ» في محل نصب خبر كنتم.
- English - Sahih International : Go forth whether light or heavy and strive with your wealth and your lives in the cause of Allah That is better for you if you only knew
- English - Tafheem -Maududi : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(9:41) March forth whether you be light or heavy, *43 and exert your utmost in Allah's Way with your possessions and your lives: this is best for you, if you but know it.
- Français - Hamidullah : Légers ou lourds lancez-vous au combat et luttez avec vos biens et vos personnes dans le sentier d'Allah Cela est meilleur pour vous si vous saviez
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Rückt aus leicht oder schwer und müht euch mit eurem Besitz und eurer eigenen Person auf Allahs Weg ab Das ist besser für euch wenn ihr es nur wißt
- Spanish - Cortes : ¡Id a la guerra tanto si os es fácil como si os es difícil ¡Luchad por Alá con vuestra hacienda y vuestras personas Es mejor para vosotros Si supierais
- Português - El Hayek : Quer estejais leve ou fortemente armados marchai para o combate e sacrificai vossos bens e pessoas pela causa deDeus Isso será preferível para vós se quereis saber
- Россию - Кулиев : Выступайте в поход легко ли это вам будет или обременительно и сражайтесь на пути Аллаха своим имуществом и своими душами Так будет лучше для вас если бы вы только знали
- Кулиев -ас-Саади : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
Выступайте в поход, легко ли это вам будет или обременительно, и сражайтесь на пути Аллаха своим имуществом и своими душами. Так будет лучше для вас, если бы вы только знали.О правоверные! Отправляйтесь на священную войну, независимо от того, легко вам это или тяжело, делаете вы это с охотой или неохотно. Сражайтесь на пути Аллаха в знойную жару и лютую стужу - при любых обстоятельствах. Делайте все, что в ваших силах, не жалейте своего имущества и жертвуйте своими жизнями. Вы обязаны не только принимать участие в боевых действиях, но и расходовать свое имущество на нужды сражающихся мусульман, если в этом есть необходимость. Бороться на пути Аллаха своим имуществом и своими душами для вас лучше, чем бездействовать, потому что благодаря таким праведным поступкам вы сумеете снискать Его благоволение и взойти на высокие ступени перед Ним, помочь Его религии и войти в число Его доблестных воинов.
- Turkish - Diyanet Isleri : İsteyen istemeyen hepiniz savaşa çıkın Allah yolunda mallarınızla canlarınızla cihat edin Bilirseniz bu sizin için hayırlıdır
- Italiano - Piccardo : Leggeri o pesanti lanciatevi nella missione e lottate con i vostri beni e le vostre vite Questo è meglio per voi se lo sapeste
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئیمانداران ههر کاتێک داواکران بۆ غهزا لهلایهن سهرکردایهتیهکی متمانه پێکراوهوه ئێوه بهچهکی سووک و سهنگین و بهسواره و پیادهتانهوه ڕاپهڕن و ئامادهبن و جیهاد و تێکۆشان بکهن بهماڵ و سامان و گیانتان له پێناوی خوادا ئهوه چاکتره بۆتان ئهگهر ئێوه بزانن و تێبگهن
- اردو - جالندربرى : تم سبکبار ہو یا گراں بار یعنی مال و اسباب تھوڑا رکھتے ہو یا بہت گھروں سے نکل او۔ اور خدا کے رستے میں مال اور جان سے لڑو۔ یہی تمہارے حق میں اچھا ہے بشرطیکہ سمجھو
- Bosanski - Korkut : Krećite u boj bili slabi ili snažni i borite se na Allahovu putu zalažući imetke svoje i živote svoje To vam je da znate bolje
- Swedish - Bernström : Gå ut till strid [vare sig ni ser det som] en lätt uppgift eller ett tungt offer och kämpa för Guds sak med er egendom och med livet [som insats]; detta är bäst för er om ni visste [vilken vinst ni kan uppnå i det eviga livet]
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Berangkatlah kamu baik dalam keadaan merasa ringan maupun berat dan berjihadlah kamu dengan harta dan dirimu di jalan Allah Yang demikian itu adalah lebih baik bagimu jika kamu mengetahui
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(Berangkatlah kalian baik dalam keadaan merasa ringan atau pun merasa berat) dalam keadaan bersemangat atau pun dalam keadaan tidak bersemangat. Menurut penafsiran yang lain dikatakan bahwa arti ayat ini ialah baik dalam keadaan kuat maupun dalam keadaan lemah atau baik dalam keadaan berkecukupan maupun dalam keadaan kekurangan. Akan tetapi ayat ini dinasakh oleh firman Allah swt. yang lain, yaitu, "Tiada dosa (lantaran tidak pergi berjihad) atas orang-orang yang lemah..." (Q.S. At-Taubah 91). (dan berjihadlah dengan harta dan diri kalian di jalan Allah. Yang demikian itu adalah lebih baik bagi kalian jika kalian mengetahui) bahwasanya hal ini lebih baik bagi diri kalian, oleh sebab itu jangan sekali-kali kalian merasa berat. Ayat ini diturunkan berkenaan dengan sikap orang-orang munafik, yaitu mereka yang enggan pergi berperang.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তোমরা বের হয়ে পড় স্বল্প বা প্রচুর সরঞ্জামের সাথে এবং জেহাদ কর আল্লাহর পথে নিজেদের মাল ও জান দিয়ে এটি তোমাদের জন্যে অতি উত্তম যদি তোমরা বুঝতে পার।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நீங்கள் சொற்பமான போர்த் தளவாடங்களைக் கொண்டிருந்தாலும் சரி நிறையப் போர்த் தளவாடங்களைக் கொண்டிருந்தாலும் சரி நீங்கள் புறப்பட்டு உங்கள் பொருட்களையும் உயிர்களையும் கொண்டு அல்லாஹ்வின் பாதையில் அறப்போர் புரியுங்கள் நீங்கள் அறிந்தவர்களாக இருந்தால் இதுவே உங்களுக்கு மிகவும் நல்லது
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “พวกเจ้าจงออกไปกันเถิด ทั้งผู้ที่มีสภาพว่องไว และผู้ที่มีสภาพเชื่องช้า และจงเสียสละทั้งด้วยทรัพย์ของพวกเจ้า แลเชีวิตของพวกเจ้าในทางของอัลลอฮ์ นั่นแหละคือสิ่งที่ดียิ่งสำหรับพวกเจ้า หากพวกเจ้ารู้”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Енгил бўлса ҳам оғир бўлса ҳам қўзғолингиз ва Аллоҳнинг йўлида молларингиз ва жонларингиз ила жиҳод қилингиз Агар билсангиз шу ишингиз ўзингиз учун яхшидир Мусулмон инсон Аллоҳнинг йўлида молини ҳам жонини ҳам қурбон қилишга доим тайёр турмоғи зарурдир Ана шундагина ўзларига яхши қилган бўладилар Мухлис мусулмонлар бу олий маънони тўлиқ тушунган пайтларида енгил бўлса ҳам оғир бўлса ҳам қўзғолганлар Аллоҳнинг йўлида молларини ва жонларини фидо қилганлар ваъда қилинган яхшиликка эришганлар Бутун дунёга етакчи халқ бўлганлар
- 中国语文 - Ma Jian : 你们当轻装地,或重装地出征,你们当借你们的财产和生命为真主而奋斗。这对于你们是更好的,如果你们知道。
- Melayu - Basmeih : Pergilah kamu beramairamai untuk berperang pada jalan Allah sama ada dengan keadaan ringan dan mudah bergerak ataupun dengan keadaan berat disebabkan berbagaibagai tanggungjawab; dan berjihadlah dengan harta benda dan jiwa kamu pada jalan Allah untuk membela Islam Yang demikian amatlah baik bagi kamu jika kamu mengetahui
- Somali - Abduh : baxa idinkoo fudud iyo idinkoo culus kiinajahaada xoolihiinna iyo naftiinna jidka Eebe saasaana idiin khayrroon haddaad wax ogtihiin
- Hausa - Gumi : Ku fita da yãƙi kunã mãsu sauƙãƙan kãyã da mãsu nauyi kuma ku yi jihãdi da dũkiyõyinku da kuma rãyukanku a cikin hanyar Allah Wancan ne mafi alhẽri a gare ku idan kun kasance kunã sani
- Swahili - Al-Barwani : Nendeni mtoke mkiwa wepesi na wazito na piganeni Jihadi kwa mali yenu na nafsi zenu katika Njia ya Mwenyezi Mungu Haya ni kheri kwenu mkiwa mnajua
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dilni në luftë të lehtë e të rëndë të gjithë pa dallim; dhe luftoni me pasurinë tuaj dhe trupin tuaj në rrugën e Perëndisë Kjo është më mirë për ju nëse dini
- فارسى - آیتی : به جنگ برويد خواه بر شما آسان باشد خواه دشوار، و با مال و جان خويش در راه خدا جهاد كنيد. اگر بدانيد خير شما در اين است.
- tajeki - Оятӣ : Ба ҷанг биравед, хоҳ бар шумо осон бошад, хоҳ душвор ва бо молу ҷони хеш дар роҳи Худо ҷиҳод кунед. Агар бидонед, хайри шумо дар ин аст!
- Uyghur - محمد صالح : (ئى مۆمىنلەر جامائەسى!) سىلەر يىنىك بولغان ياكى ئېغىر بولغان ھالەتتە (يەنى مەيلى ياش - قېرى، پىيادە، ئۇلاغلىق بولۇڭلار، ئوڭۇشلۇق ۋە قىيىن شارائىتتا بولۇڭلار، ئىختىيارىي ۋە ئىختىيارسىز بولۇڭلار، ھەممە ئەھۋالدا) جىھادقا چىقىڭلار، اﷲ نىڭ يولىدا مېلىڭلار بىلەن، جېنىڭلار بىلەن جىھاد قىلىڭلار، ئەگەر بىلسەڭلار مۇنداق قىلىش سىلەر ئۈچۈن ياخشىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിങ്ങള് സാധന സാമഗ്രികള് കൂടിയവരായാലും കുറഞ്ഞവരായാലും ഇറങ്ങിപ്പുറപ്പെടുക. നിങ്ങളുടെ ദേഹംകൊണ്ടും ധനംകൊണ്ടും ദൈവമാര്ഗപത്തില് സമരംചെയ്യുക. അതാണ് നിങ്ങള്ക്കു ത്തമം. നിങ്ങള് അറിയുന്നവരെങ്കില്!
- عربى - التفسير الميسر : اخرجوا ايها المومنون للجهاد في سبيل الله شبابا وشيوخا في العسر واليسر على اي حال كنتم وانفقوا اموالكم في سبيل الله وقاتلوا بايديكم لاعلاء كلمه الله ذلك الخروج والبذل خير لكم في حالكم ومالكم فافعلوا ذلك وانفروا واستجيبوا لله ورسوله
*43) The words ".... whether you are light or heavy ..." have a very comprehensive meaning: "When it is enjoined to march forth for Jihad, you must go forth anyhow, whether you like it or not: whether you are in a state of prosperity or indigence: whether you are well-equipped or ill-equipped: whether the circumstances are favourable or adverse: whether you are young and healthy or old and weak. "