- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًۢا بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَآ إِلَّا ٱلْحُسْنَىٰ ۖ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَٰذِبُونَ
- عربى - نصوص الآيات : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ۚ وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى ۖ والله يشهد إنهم لكاذبون
- عربى - التفسير الميسر : والمنافقون الذين بنوا مسجدًا؛ مضارة للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين، ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذي يصلي فيه المسلمون، فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك، وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون مكانًا للكيد للمسلمين، وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد (قباء)، والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه. وقد هُدِم المسجد وأُحرِق.
- السعدى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
كان أناس من المنافقين من أهل قباء اتخذوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء، يريدون به المضارة والمشاقة بين المؤمنين، ويعدونه لمن يرجونه من المحاربين للّه ورسوله، يكون لهم حصنا عند الاحتياج إليه، فبين تعالى خزيهم، وأظهر سرهم فقال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} أي: مضارة للمؤمنين ولمسجدهم الذي يجتمعون فيه {وَكُفْرًا} أي: قصدهم فيه الكفر، إذا قصد غيرهم الإيمان.
{وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: ليتشعبوا ويتفرقوا ويختلفوا، {وَإِرْصَادًا} أي: إعدادا {لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} أي: إعانة للمحاربين للّه ورسوله، الذين تقدم حرابهم واشتدت عداوتهم، وذلك كأبي عامر الراهب، الذي كان من أهل المدينة، فلما قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهاجر إلى المدينة، كفر به، وكان متعبدا في الجاهلية، فذهب إلى المشركين يستعين بهم على حرب رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فلما لم يدرك مطلوبه عندهم ذهب إلى قيصر بزعمه أنه ينصره، فهلك اللعين في الطريق، وكان على وعد وممالأة، هو والمنافقون. فكان مما أعدوا له مسجد الضرار، فنزل الوحي بذلك، فبعث إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من يهدمه ويحرقه، فهدم وحرق، وصار بعد ذلك مزبلة.
قال تعالى بعدما بين من مقاصدهم الفاسدة في ذلك المسجد {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا} في بنائنا إياه {إِلَّا الْحُسْنَى} أي: الإحسان إلى الضعيف، والعاجز والضرير.
{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فشهادة اللّه عليهم أصدق من حلفهم.
- الوسيط لطنطاوي : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
ثم ختم السورة الكريمة حديثها الطويل المتنوع عن النفاق والمنافقين ، بالحديث عن مسجد الضرار الذى بناه المنافقون ليكون مكانا للإِضرار بالإِسلام والمسلمين ، فقال - تعالى - . ( والذين اتخذوا مَسْجِداً . . . والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
قال الإِمام ابن كثير : سبب نزول هذه الآيات الكريمات ، أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها ، رجل من الخروج يقال له أبو عامر الراهب ، وكان قد تنصر فى الجاهلية ، وقرأ علم أهل الكتاب ، وكان فيه عبادة فى الجاهلية ، وله شرف فى الخزرج كبير ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهاجرا إلى المدينة ، واجتمع المسلمون عليه وصار للإِسلام كلمة عالية ، وأظهرهم الله يوم بدر ، شرق اللعين أبو عامر بريقه وبارزة العداوة ، وطاهر بها ، وخرج فارا إلى كفار مكة ليمالئهم على حرب المسلمين فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب ، وقدموا عام " أحد " فكان من أمر المسلمين ما كان ، وامتحنهم الله - تعالى - وكانت العاقبة للمتقين .
وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين ، فوقع فى إحداهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصيب فى ذلك اليوم ، فجرح وجهه وكسرت رباعتيه اليمنى والسفلى وشج رأسه . وتقدم أبو عامر فى أول المبارزة إلى قومه من الأنصار ، فخاطبهم ، واستمالهم إلى نصره وموافقته ، فلما عرفوا كلامه قالوا : لا أنعم الله لك عينا يا فاسق يا عدو الله ، ونالوا منه وسبوه .
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دعاه إلى الله قبل فراره - إلى مكة - وقرأ عليه القرآن ، فأبى أن يسلم وتمرد . فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يموت بعيدا طريداً فنالته هذه الدعوة .
وذلك أنه لما فرغ الناس من " أحد " ورأى أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى ارتفاع وظهور ، ذهب إلى هرقل ملك الروم يستنصره على النبى - صلى الله عليه وسلم - ، فوعده ومناه ، وأقام عنده ، وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم ، أنه سيقدم بجيش ليقاتل به النبى - صلى الله عليه وسلم - ويغلبه ، ويرده عما هو فيه . وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كتبه ، ويكون مرصدا له إذا قد عليه بعد ذلك .
فشرعوا فى بناء مسجد مجاور لمسجد قباء ، فبنوه وأحكموه ، وفرغوا منه قبل خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك وجاءوا فسألوه أن يأتى إليهم فيصلى فى مسجدهم ، ليحتجوا بصلاته فيه على تقريره وإثباته وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم ، وأهل العلة فى الليلة الشاتية!! فعصمه الله من الصلاة فيه فقال : " إنا على سفر ولكنا إذا رجعنا - إن شاء الله - آتيناكم فصلينا لكم فيه " .
فلما قفل راجعاً إلى المدينة من تبوك ، ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم ، نزل عليه جبريل بخير مسجد الضرار وما اعتمده بانوه من الكفر ، والتفريق بين جماع المؤمنين فى مسجدهم . مسجد قباء ، الذى أسس من أول يوم على التقوى فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مجسد الضرار من هدمه قبل مقدمه إلى المدينة .
وقوله : ( والذين اتخذوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ المؤمنين ) منصوب على الذم .
أى : وأذم الذين اتخذوا مسجدا ضراراً . . أو معطوف على ما سبق من أحوال المنافقين ، والتقدير : ومنهم الذين اتخذوا مسجداً ضراراً .
وقوله " ضراراً " مفعول لأجله أى : اتخذوا هذا المسجد لا من أجل العبادة والطاعة لله تعالى . وإنما اتخذوه من أجل الإِضرار بالمؤمنين . وإيقاع الأذى بهم .
وقوله " وكفرا " معطوف على " ضراراً "؛ وهو علة ثانية لاتخاذ هذا المسجد .
أى : اتخذوه للإِضرار بالمؤمنين ، وللازدياد من الكفر الذى يضمرونه من الغل الذى يحفونه .
وقوله : ( وَتَفْرِيقاً بَيْنَ المؤمنين ) علة ثالثة .
أى : واتخذوه أيضاً للتفريق بين جماعة المؤمنين الذين كانوا يصلون فى مسجد واحد هو مسجد قباء ، فأراد هؤلاء المنافقون من بناء مسجد الضرار إلى جوار مسجد قباء ، أن يفرقوا وحدة المؤمنين ، بأن يجعلهوهم يصلون فى أماكن متفرقة . حسدا لهم على نعمة الإِخاء والتآلف والاتحاد التى غرسها الإِسلام فى قلوب أتباعه .
وقوله : ( وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ الله وَرَسُولَهُ ) علة رابعة لاتخاذ هذا المسجد .
أى : واتخذوه ليكون مكانا يرقبون فيه قوم ( مَنْ حَارَبَ الله وَرَسُولَهُ ) وهو أبو عامر الراهب ، الذى أعلن عداوته لدعوة الإِسلام " من قبل " بناء مسجد الضرار .
فقد سبق أن ذكرنا فى أسباب نزول هذه الآيات ، أن أبا عامر هذا ، كتب إلى جماعة من قومه . وهو عند هرقل . يعدهم ويمنيهم ، ويطلب منهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه فشرعوا فى بناء هذا المسجد .
فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة ، قد ذكرت أربعة من الأغراض الخبيثة التى حملت المنافقين على بناء هذا المسجد ، وهى : مضارة المؤمنين ، وتقوية الكفر ، وتفريق كلمة أهل الحق وجعله معقلا لالتقاء المحاربين لله ولرسوله .
وقد خيب الله تعالى مساعيهم؛ وأبطل كيدهم ، بأن أمر نبيه - بهدمه وإزالته .
وقوله : ( وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الحسنى ) ذم لهم على أيمانهم الفاجرة ، وأقوالهم الكاذبة .
أى : أن هؤلاء المنافقين قد بنوا مسجد الضرار لتلك المقاصد الخبيثة . ومع ذلك فهم يقسمون بأغلظ الأيمان بأنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخصلة الحسنى التى عبروا عنها قبل ذلك . كذبا . بقولهم : " إننا بنيناه للضعفاء ، وأهل العلة فى الليلة الشاتية " .
وقوله : ( والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) زيادة فى مذمتهم وتحقيرهم .
أى : والله - تعالى - يعلم ويشهد أن هؤلاء المنافقين لكاذبون فى أيمانهم بأنهم ما أرادوا من بناء مسجدهم إلا الحسنى ، فانهم فى الحقيقة لم يريدوا ذلك ، وإنما أرادوا تلك الأغراض القبيحة السابقة ، وهى مضارة المؤمنين ، وتفريق كلمتهم .
- البغوى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
قوله تعالى : ( والذين اتخذوا ) قرأ : أهل المدينة والشام " الذين " بلا واو ، وكذلك هو في مصاحفهم ، وقرأ الآخرون : " والذين " بالواو . ( مسجدا ضرارا ) نزلت هذه الآية في جماعة من المنافقين ، بنوا مسجدا يضارون به مسجد قباء ، وكانوا اثني عشر رجلا من أهل النفاق : وديعة بن ثابت ، وجذام بن خالد ، ومن داره أخرج هذا المسجد ، وثعلبة بن حاطب ، وجارية بن عامر ، وابناه مجمع وزيد ، ومعتب بن قشير ، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف ، وأبو حبيبة بن الأزعر ، ونبتل بن الحارث ، وبجاد بن عثمان ، ورجل يقال له : بحزج ، بنوا هذا المسجد ضرارا ، يعني : مضارة للمؤمنين ، ( وكفرا ) بالله ورسوله ، ( وتفريقا بين المؤمنين ) ؛ لأنهم كانوا جميعا يصلون في مسجد قباء ، فبنوا مسجد الضرار ، ليصلي فيه بعضهم ، فيؤدي ذلك إلى الاختلاف وافتراق الكلمة ، وكان يصلي بهم مجمع بن جارية .
فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة ، والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا وتصلي بنا فيه وتدعو لنا بالبركة ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني على جناح سفر ، ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه " . ( وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ) أي : انتظارا وإعدادا لمن حارب الله ورسوله . يقال : أرصدت له : إذا أعددت له . وهو أبو عامر الراهب وكان أبو عامر هذا رجلا منهم ، وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة ، وكان قد ترهب في الجاهلية وتنصر ولبس المسوح ، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال له أبو عامر : ما هذا الذي جئت به؟ قال : جئت بالحنيفية دين إبراهيم ، قال أبو عامر : فإنا عليها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنك لست عليها " ، قال : بلى ولكنك أدخلت في الحنيفية ما ليس منها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما فعلت ولكني جئت بها بيضاء نقية " ، فقال أبو عامر : أمات الله الكاذب منا طريدا وحيدا غريبا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " آمين " . وسماه أبا عامر الفاسق .
فلما كان يوم أحد قال أبو عامر لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم ، فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين ، فلما انهزمت هوازن يئس وخرج هاربا إلى الشام فأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح ، وابنوا لي مسجدا فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآت بجند من الروم ، فأخرج محمدا وأصحابه ، فبنوا مسجد الضرار إلى جنب مسجد قباء ، فذلك قوله تعالى : ( وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ) وهو أبو عامر الفاسق ، ليصلي فيه إذا رجع من الشام .
قوله : ( من قبل ) يرجع إلى أبي عامر يعني حارب الله ورسوله من قبل أي : من قبل بناء مسجد الضرار .
( وليحلفن إن أردنا ) ما أردنا ببنائه ، ( إلا الحسنى ) إلا الفعلة الحسنى وهو الرفق بالمسلمين والتوسعة على أهل الضعف والعجز عن المسير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( والله يشهد إنهم لكاذبون ) في قيلهم وحلفهم . روي لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ونزل بذي أوان موضع قريب من المدينة أتوه فسألوه إتيان مسجدهم فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم ، فنزل عليه القرآن وأخبره الله تعالى خبر مسجد الضرار وما هموا به ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم ، ومعن بن عدي ، وعامر بن السكن ، ووحشيا قاتل حمزة ، وقال لهم : انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه ، فخرجوا سريعا حتى أتوا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك : أنظروني حتى أخرج إليكم بنار من أهلي ، فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ، ثم خرجوا يشتدون ، حتى دخلوا المسجد وفيه أهله ، فحرقوه وهدموه ، وتفرق عنه أهله ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيه الجيف والنتن والقمامة . ومات أبو عامر الراهب بالشام وحيدا فريدا غريبا . وروي أن بني عمرو بن عوف ، الذين بنوا مسجد قباء ، أتوا عمر بن الخطاب في خلافته ليأذن لمجمع بن حارثة فيؤمهم في مسجدهم ، فقال : لا ولا نعمة عين ، أليس بإمام مسجد الضرار؟ فقال له مجمع : يا أمير المؤمنين : لا تعجل علي ، فوالله لقد صليت فيه وإني لا أعلم ما أضمروا عليه ، ولو علمت ما صليت معهم فيه ، كنت غلاما قارئا للقرآن ، وكانوا شيوخا لا يقرؤون القرآن فصليت ولا أحسب إلا أنهم يتقربون إلى الله تعالى ، ولم أعلم ما في أنفسهم ، فعذره عمر وصدقه وأمره بالصلاة في مسجد قباء .
وقال عطاء : لما فتح الله على عمر الأمصار أمر المسلمين أن يبنوا المساجد ، وأمرهم أن لا يبنوا في مدينتهم مسجدين يضار أحدهما صاحبه .
- ابن كثير : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
سبب نزول هذه الآيات الكريمات : أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها رجل من الخزرج يقال له : " أبو عامر الراهب " ، وكان قد تنصر في الجاهلية وقرأ علم أهل الكتاب ، وكان فيه عبادة في الجاهلية ، وله شرف في الخزرج كبير . فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة ، واجتمع المسلمون عليه ، وصارت للإسلام كلمة عالية ، وأظهرهم الله يوم بدر ، شرق اللعين أبو عامر بريقه ، وبارز بالعداوة ، وظاهر بها ، وخرج فارا إلى كفار مكة من مشركي قريش فألبهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب ، وقدموا عام أحد ، فكان من أمر المسلمين ما كان ، وامتحنهم الله ، وكانت العاقبة للمتقين .
وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين ، فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصيب ذلك اليوم ، فجرح في وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى ، وشج رأسه ، صلوات الله وسلامه عليه .
وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من الأنصار ، فخاطبهم واستمالهم إلى نصره وموافقته ، فلما عرفوا كلامه قالوا : لا أنعم الله بك عينا يا فاسق يا عدو الله ، ونالوا منه وسبوه . فرجع وهو يقول : والله لقد أصاب قومي بعدي شر . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه إلى الله قبل فراره ، وقرأ عليه من القرآن ، فأبى أن يسلم وتمرد ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يموت بعيدا طريدا ، فنالته هذه الدعوة .
وذلك أنه لما فرغ الناس من أحد ، ورأى أمر الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه في ارتفاع وظهور ، ذهب إلىهرقل ، ملك الروم ، يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم ، فوعده ومناه ، وأقام عنده ، وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه ، وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كتبه ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك ، فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء ، فبنوه وأحكموه ، وفرغوا منه قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ، وجاءوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ، ليحتجوا بصلاته ، عليه السلام ، فيه على تقريره وإثباته ، وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية ، فعصمه الله من الصلاة فيه فقال : " إنا على سفر ، ولكن إذا رجعنا إن شاء الله " .
فلما قفل ، عليه السلام راجعا إلى المدينة من تبوك ، ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم ، نزل عليه الوحي بخبر مسجد الضرار ، وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء ، الذي أسس من أول يوم على التقوى . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك المسجد من هدمه قبل مقدمه المدينة ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا [ وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ] ) وهم أناس من الأنصار ، ابتنوا مسجدا ، فقال لهم أبو عامر ، ابنوا مسجدا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم ، فآتي بجند من الروم وأخرج محمدا وأصحابه . فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : قد فرغنا من بناء مسجدنا ، فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة . فأنزل الله ، عز وجل : ( لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ) إلى ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) .
وكذا روي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعروة بن الزبير ، وقتادة وغير واحد من العلماء .
وقال محمد بن إسحاق بن يسار ، عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر ، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم ، قالوا : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني : من تبوك - حتى نزل بذي أوان - بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار - وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة ، والليلة المطيرة ، والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه . فقال : " إني على جناح سفر وحال شغل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولو قد قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصلينا لكم فيه " . فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ، ومعن بن عدي - أو : أخاه عامر بن عدي - أخا بلعجلان فقال : " انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدماه وحرقاه " . فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي . فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل ، فأشعل فيه نارا ، ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله ، فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه . ونزل فيهم من القرآن ما نزل : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا ) إلى آخر القصة . وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا خذام بن خالد ، من بني عبيد بن زيد ، أحد بني عمرو بن عوف ، ومن داره أخرج مسجد الشقاق ، وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وهو إلى بني أمية بن زيد ، ومعتب بن قشير ، من [ بني ] ضبيعة بن زيد ، وأبو حبيبة بن الأذعر ، من بني ضبيعة بن زيد ، وعباد بن حنيف ، أخو سهل بن حنيف ، من بني عمرو بن عوف ، وجارية بن عامر ، وابناه : مجمع بن جارية ، وزيد بن جارية ونبتل [ بن ] الحارث ، وهم من بني ضبيعة ، وبحزج وهو من بني ضبيعة ، وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة ، [ ووديعة بن ثابت ، وهو إلى بني أمية ] رهط أبي لبابة بن عبد المنذر .
وقوله : ( وليحلفن ) أي : الذين بنوه ( إن أردنا إلا الحسنى ) أي : ما أردناه ببنيانه إلا خيرا ورفقا بالناس ، قال الله تعالى : ( والله يشهد إنهم لكاذبون ) أي : فيما قصدوا وفيما نووا ، وإنما بنوه ضرارا لمسجد قباء ، وكفرا بالله ، وتفريقا بين المؤمنين ، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ، وهو أبو عامر الفاسق ، الذي يقال له : " الراهب " لعنه الله .
- القرطبى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
قوله تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون فيه عشر مسائل :
الأولى والذين اتخذوا مسجدا معطوف ، أي ومنهم الذين اتخذوا مسجدا ، عطف جملة على جملة . ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء والخبر محذوف ك " إنهم يعذبون " أو نحوه . ومن قرأ " الذين " بغير واو وهي قراءة المدنيين فهي عنده رفع بالابتداء ، والخبر ( لا تقم ) التقدير : الذين اتخذوا مسجدا لا تقم فيه أبدا ; أي لا تقم في مسجدهم ; قاله الكسائي . وقال النحاس : يكون خبر الابتداء لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم . وقيل : الخبر ( يعذبون ) كما تقدم . ونزلت الآية فيما روي في أبي عامر الراهب ; لأنه كان خرج إلى قيصر وتنصر ووعدهم قيصر أنه سيأتيهم ، فبنوا مسجد الضرار يرصدون مجيئه فيه ; قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم ، وقد تقدمت قصته في الأعراف وقال أهل التفسير : إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء وبعثوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فأتاهم فصلى فيه ; فحسدهم إخوانهم بنو غنم بن عوف وقالوا : نبني مسجدا ونبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يأتينا فيصلي لنا كما صلى في مسجد إخواننا ، ويصلي فيه أبو عامر إذا قدم من الشام ; فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله ، قد بنينا مسجدا لذي الحاجة ، والعلة والليلة المطيرة ، ونحب أن تصلي لنا فيه وتدعو بالبركة ; فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني على سفر وحال شغل فلو قدمنا لأتيناكم وصلينا لكم فيه فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك أتوه وقد فرغوا منه وصلوا فيه الجمعة والسبت والأحد ، فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم فنزل عليه القرآن بخبر مسجد الضرار ; فدعا النبي صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن ووحشيا قاتل حمزة ، فقال : انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه فخرجوا مسرعين ، وأخرج مالك بن الدخشم من منزله شعلة نار ، ونهضوا فأحرقوا المسجد وهدموه ، وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا : خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الضرار ، ومعتب بن قشير ، وأبو حبيبة بن الأزعر ، وعباد بن الأزعر ، وعبادة بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف . وجارية بن عامر ، وابناه مجمع وزيد ابنا جارية ، ونبتل بن الحارث ، وبحزج ، وبجاد بن عثمان ، ووديعة بن ثابت ، وثعلبة بن حاطب مذكور فيهم . قال أبو عمر بن عبد البر : وفيه نظر ; لأنه شهد بدرا . وقال عكرمة : سأل عمر بن الخطاب رجلا منهم بماذا أعنت في هذا المسجد ؟ فقال : أعنت فيه بسارية . فقال : أبشر بها سارية في عنقك من نار جهنم .
الثانية : قوله تعالى ( ضرارا ) مصدر مفعول من أجله . وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا عطف كله . وقال أهل التأويل : ضرارا بالمسجد ، وليس للمسجد ضرار ، إنما هو لأهله . وروى الدارقطني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار ، من ضار ضار الله به ، ومن شاق شاق الله عليه . قال بعض العلماء : الضرر : الذي لك به منفعة وعلى جارك فيه مضرة . والضرار : الذي ليس لك فيه منفعة وعلى جارك فيه المضرة . وقد قيل : هما بمعنى واحد ، تكلم بهما جميعا على جهة التأكيد .
الثالثة : قال علماؤنا : لا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد ، ويجب هدمه ; والمنع من بنائه لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغرا ، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفي أهلها مسجد واحد فيبنى حينئذ . وكذلك قالوا . لا ينبغي أن يبنى في المصر الواحد جامعان وثلاثة ، ويجب منع الثاني ، ومن صلى فيه الجمعة لم تجزه . وقد أحرق النبي صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار وهدمه . وأسند الطبري عن شقيق أنه جاء ليصلي في مسجد بني غاضرة فوجد الصلاة قد فاتته ، فقيل له : إن مسجد بني فلان لم يصل فيه بعد ; فقال : لا أحب أن أصلي فيه ; لأنه بني على ضرار . قال علماؤنا : وكل مسجد بني على ضرار أو رياء وسمعة فهو في حكم مسجد الضرار لا تجوز الصلاة فيه . وقال النقاش : يلزم من هذا ألا يصلى في كنيسة ونحوها ; لأنها بنيت على شر .
قلت : هذا لا يلزم ; لأن الكنيسة لم يقصد ببنائها الضرر بالغير ، وإن كان أصل بنائها على شر ، وإنما اتخذ النصارى الكنيسة واليهود البيعة موضعا يتعبدون فيه بزعمهم كالمسجد لنا فافترقا . وقد أجمع العلماء على أن من صلى في كنيسة أو بيعة على موضع طاهر أن صلاته ماضية جائزة . وقد ذكر البخاري أن ابن عباس كان يصلي في البيعة إذا لم يكن فيها تماثيل . وذكر أبو داود عن عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طواغيتهم .
الرابعة : قال العلماء : إن من كان إماما لظالم لا يصلى وراءه إلا أن يظهر عذره أو يتوب فإن بني عمرو بن عوف الذين بنوا مسجد قباء سألوا عمر بن الخطاب في خلافته ليأذن لمجمع بن جارية أن يصلي بهم في مسجدهم ; فقال : لا ولا نعمة عين! أليس بإمام مسجد الضرار!فقال له مجمع : يا أمير المؤمنين ، لا تعجل علي فوالله لقد صليت فيه وأنا لا أعلم ما قد أضمروا عليه ولو علمت ما صليت بهم فيه ، كنت غلاما قارئا للقرآن وكانوا شيوخا قد عاشوا على جاهليتهم وكانوا لا يقرءون من القرآن شيئا فصليت ولا أحسب ما صنعت إثما ولا أعلم بما في أنفسهم . فعذره عمر رضي الله عنهما وصدقه وأمره بالصلاة في مسجد قباء .
الخامسة : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : وإذا كان المسجد الذي يتخذ للعبادة وحض الشرع على بنائه فقال : من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة يهدم وينزع إذا كان فيه ضرر بغيره ، فما ظنك بسواه ، بل هو أحرى أن يزال ويهدم حتى لا يدخل ضرر على الأقدم . وذلك كمن بنى فرنا أو رحى أو حفر بئرا أو غير ذلك مما يدخل به الضرر على الغير . وضابط هذا الباب : أن من أدخل على أخيه ضررا منع . فإن أدخل على أخيه ضررا بفعل ما كان له فعله في ماله فأضر ذلك بجاره أو غير جاره نظر إلى ذلك الفعل ; فإن كان تركه أكبر ضررا من الضرر الداخل على الفاعل قطع أكبر الضررين وأعظمهما حرمة في الأصول . مثال ذلك : رجل فتح كوة في منزله يطلع منها على دار أخيه وفيها العيال والأهل ، ومن شأن النساء في بيوتهن إلقاء بعض ثيابهن والانتشار في حوائجهن ، ومعلوم أن الاطلاع على العورات محرم وقد ورد النهي فيه ، فلحرمة الاطلاع على العورات رأى العلماء أن يغلقوا على فاتح الباب والكوة ما فتح مما له فيه منفعة وراحة وفي غلقه عليه ضرر لأنهم قصدوا إلى قطع أعظم الضررين ، إذ لم يكن بد من قطع أحدهما ، وهكذا الحكم في هذا الباب ، خلافا للشافعي ومن قال بقوله . قال أصحاب الشافعي : لو حفر رجل في ملكه بئرا وحفر آخر في ملكه بئرا يسرق منها ماء البئر الأولة جاز ; لأن كل واحد منهما حفر في ملكه فلا يمنع من ذلك . ومثله عندهم : لو حفر إلى جنب بئر جاره كنيفا يفسده عليه لم يكن له منعه ; لأنه تصرف في ملكه . والقرآن والسنة يردان هذا القول . وبالله التوفيق .
ومن هذا الباب وجه آخر من الضرر منع العلماء منه ، كدخان الفرن والحمام وغبار الأندر والدود المتولد من الزبل المبسوط في الرحاب ، وما كان مثل هذا فإنه يقطع منه ما بان ضرره وخشي تماديه . وأما ما كان ساعة خفيفة مثل نفض الثياب والحصر عند الأبواب ; فإن هذا مما لا غنى بالناس عنه ، وليس مما يستحق به شيء ; فنفي الضرر في منع مثل هذا أعظم وأكبر من الصبر على ذلك ساعة خفيفة . وللجار على جاره في أدب السنة أن يصبر على أذاه على ما يقدر كما عليه ألا يؤذيه وأن يحسن إليه .
السادسة : ومما يدخل في هذا الباب مسألة ذكرها إسماعيل بن أبي أويس عن مالك أنه سئل عن امرأة عرض لها ، يعني مسا من الجن ، فكانت إذا أصابها زوجها وأجنبت أو دنا منها يشتد ذلك بها . فقال مالك : لا أرى أن يقربها ، وأرى للسلطان أن يحول بينه وبينها .
السابعة : قوله تعالى ( وكفرا ) لما كان اعتقادهم أنه لا حرمة لمسجد قباء ولا لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم كفروا بهذا الاعتقاد ; قاله ابن العربي . وقيل : ( وكفرا ) أي بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ; قاله القشيري وغيره .
الثامنة : قوله تعالى وتفريقا بين المؤمنين أي يفرقون به جماعتهم ليتخلف أقوام عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا يدلك على أن المقصد الأكبر والغرض الأظهر من وضع الجماعة تأليف القلوب والكلمة على الطاعة ، وعقد الذمام والحرمة بفعل الديانة حتى يقع الأنس بالمخالطة ، وتصفو القلوب من وضر الأحقاد .
التاسعة : تفطن مالك رحمه الله من هذه الآية فقال : لا تصلى جماعتان في مسجد واحد بإمامين ; خلافا لسائر العلماء . وقد روي عن الشافعي المنع ; حيث كان تشتيتا للكلمة وإبطالا لهذه الحكمة وذريعة إلى أن نقول : من يريد الانفراد عن الجماعة كان له عذر فيقيم جماعته ويقدم إمامته فيقع الخلاف ويبطل النظام ، وخفي ذلك عليهم . قال ابن العربي : وهذا كان شأنه معهم ، وهو أثبت قدما منهم في الحكمة وأعلم بمقاطع الشريعة .
العاشرة : قوله تعالى وإرصادا لمن حارب الله ورسوله يعني أبا عامر الراهب ; وسمي بذلك لأنه كان يتعبد ويلتمس العلم فمات كافرا بقنسرين بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ; فإنه كان قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم ; فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين . فلما انهزمت هوازن خرج إلى الروم يستنصر ، وأرسل إلى المنافقين وقال : استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح ، وابنوا مسجدا فإني ذاهب إلى قيصر فآت بجند من الروم لأخرج محمدا من المدينة ; فبنوا مسجد الضرار . وأبو عامر هذا هو والد حنظلة غسيل الملائكة . والإرصاد : الانتظار ; تقول : أرصدت كذا إذا أعددته مرتقبا له به . قال أبو زيد : يقال رصدته وأرصدته في الخير ، وأرصدت له في الشر . وقال ابن الأعرابي : لا يقال إلا أرصدت ، ومعناه ارتقبت .
وقوله تعالى ( من قبل ) أي من قبل بناء مسجد الضرار .
وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى أي ما أردنا ببنائه إلا الفعلة الحسنى ، وهي الرفق بالمسلمين كما ذكروا لذي العلة والحاجة . وهذا يدل على أن الأفعال تختلف بالمقصود والإرادات ; ولذلك قال : وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى . والله يشهد إنهم لكاذبون أي يعلم خبث ضمائرهم وكذبهم فيما يحلفون عليه .
- الطبرى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
القول في تأويل قوله : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين ابتنوا مسجدًا ضرارًا, وهم، فيما ذكر، اثنا عشر نفسًا من الأنصار.
* ذكر من قال ذلك:
17186- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن الزهريّ، ويزيد بن رومان, وعبد الله بن أبي بكر, وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم = يعني: من تبوك = حتى نـزل بذي أوان = بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار. وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهّز إلى تبوك, فقالوا: يا رسول الله، إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلّة والحاجة والليلة المطِيرة والليلة الشاتية, وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه ! فقال: إني على جناح سفر وحال شُغْلٍ = أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم = ولو قَدْ قَدمنا أتيناكم إن شاء الله، فصلَّينا لكم فيه. فلما نـزل بذي أوان، أتاه خبرُ المسجد, فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدُّخْشُم، أخا بني سالم بن عوف، ومعن بن عدي = أو أخاه: عاصم بن عدي = أخا بني العجلان فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرّقاه ! فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف, وهم رهط مالك بن الدخشم, فقال مالك لمعن: أنْظِرني حتى أخرج إليك بنارٍ من أهلي ! فدخل [إلى] أهله، فأخذ سَعفًا من النخل, فأشعل فيه نارًا, ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله, فحرّقاه وهدماه, وتفرقوا عنه. ونـزل فيهم من القرآن ما نـزل: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، إلى آخر القصة. وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا خِذَام بن خالد، من بني عبيد بن زيد، (1) أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق = وثعلبة بن حاطب، من بني عبيد، وهو إلى بني أمية بن زيد = ومعتب بن قشير، من بني ضبيعة بن زيد = وأبو حبيبة بن الأزعر، من بني ضبيعة بن زيد = وعباد بن حنيف، أخو سهل بن حنيف، من بني عمرو بن عوف = وجارية بن عامر، وابناه: مجمع بن جارية, وزيد بن جارية, ونبتل بن الحارث، وهم من بني ضبيعة = وبَحْزَج، (2) وهو إلى بني ضبيعة = وبجاد بن عثمان، وهو من بني ضبيعة = ووديعة بن ثابت، وهو إلى بني أمية، رهط أبي لبابة بن عبد المنذر. (3)
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: والذين ابتنوا مسجدًا ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله لمحادّتهم بذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ويفرِّقوا به المؤمنين، ليصلي فيه بعضهم دون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبعضهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا =(وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، يقول: وإعدادًا له, لأبي عامر الكافر الذي خالف الله ورسوله, وكفر بهما، وقاتل رسول الله =(من قبل)، يعني من قبل بنائهم ذلك المسجد. وذلك أن أبا عامر هو الذي كان حزَّب الأحزاب = يعني: حزّب الأحزاب لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم = فلما خذله الله, لحق بالروم يطلب النَّصْر من ملكهم على نبي الله, وكتب إلى أهل مسجد الضِّرار (4) يأمرهم ببناء المسجد الذي كانوا بنوه، فيما ذكر عنه، ليصلي فيه، فيما يزعم، إذا رجع إليهم. ففعلوا ذلك. وهذا معنى قول الله جل ثناؤه: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل).
=(وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى)، يقول جل ثناؤه: وليحلفن بانوه: " إن أردنا إلا الحسنى "، ببنائناه، إلا الرفق بالمسلمين، والمنفعة والتوسعة على أهل الضعف والعلة ومن عجز عن المصير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، (5) وتلك هي الفعلة الحسنة =(والله يشهد إنهم لكاذبون)، في حلفهم ذلك, وقيلهم: " ما بنيناه إلا ونحن نريد الحسنى!"، ولكنهم بنوه يريدون ببنائه السُّوآى، ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله، وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لأبي عامر الفاسق.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17187- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن ابن عباس قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا)، وهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدًا, فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم, واستعدُّوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح, فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجند من الروم، فأخرج محمدًا وأصحابه ! فلما فرغوا من مسجدهم، أتوا النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا, فنحبُّ أن تصلي فيه، وتدعو لنا بالبركة! فأنـزل الله فيه: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ، إلى قوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
17188- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين)، قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قُباء, خرج رجالٌ من الأنصار، منهم: بحزج، (6) جدُّ عبد الله بن حنيف, (7) ووديعة بن حزام, ومجمع بن جارية الأنصاري, فبَنوا مسجد النفاق, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبحزج (8) ويلك! ما أردت إلى ما أرى! فقال: يا رسول الله, والله ما أردت إلا الحسنى ! وهو كاذب، فصدَّقه رسول الله وأراد أن يعذِره, فأنـزل الله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله)، يعني رجلا منهم يقال له " أبو عامر " كان محاربًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان قد انطلق إلى هرقل, فكانوا يرصدون [إذا قدم] أبو عامر أن يصلي فيه, (9) وكان قد خرج من المدينة محاربًا لله ولرسوله =(وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون).
17189- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، قال: أبو عامر الراهب، انطلق إلى قيصر, فقالوا: " إذا جاء يصلي فيه "، كانوا يرون أنه سيظهر على محمد صلى الله عليه وسلم.
17190- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا )، قال المنافقون =(لمن حارب الله ورسوله)، لأبي عامر الراهب.
17191- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
17192-...... قال، حدثنا أبو إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين)، قال: نـزلت في المنافقين = وقوله: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، قال: هو أبو عامر الراهب.
17193- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.
17194- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو, عن حماد بن زيد, عن أيوب, عن سعيد بن جبير: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، قال: هم بنو غنم بن عوف.
17195- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن أيوب, عن سعيد بن جبير: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، قال: هم حيّ يقال لهم: " بنو غنم ".
17196- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، قال: هم حي يقال لهم: " بنو غنم " = قال أخبرنا معمر, عن الزهري, عن عروة, عن عائشة قالت: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله)، أبو عامر الراهب انطلق إلى الشأم, فقال الذين بنوا مسجد الضرار: إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر.
17197- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا)، الآية, عمد ناسٌ من أهل النفاق, فابتنوا مسجدًا بقباء، ليضاهوا به مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم بعثوا إلى رسول الله ليصلِّي فيه. ذكر لنا أنه دعا بقميصه ليأتيهم، حتى أطلعه الله على ذلك = وأما قوله: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله)، فإنه كان رجلا يقال له: " أبو عامر ", فرّ من المسلمين فلحق بالمشركين، فقتلوه بإسلامه. (10) قال: إذا جاء صلى فيه, فأنـزل الله: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، الآية.
17198- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، هم ناس من المنافقين، بنوا مسجدًا بقباء يُضارُّون به نبيّ الله والمسلمين =(وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله)، كانوا يقولون: إذا رجع أبو عامر من عند قيصر من الروم صلى فيه! وكانوا يقولون: إذا قدم ظهر على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.
17199- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، قال: مسجد قباء, كانوا يصلون فيه كلهم. وكان رجل من رؤساء المنافقين يقال له: " أبو عامر "، أبو: " حنظلة غسيل الملائكة "، و " صيفي", [واحق]. (11) وكان هؤلاء الثلاثة من خيار المسلمين، فخرج أبو عامر هاربًا هو وابن عبد ياليل، من ثقيف، (12) وعلقمة بن علاثة، من قيس، من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لحقوا بصاحب الروم. فأما علقمة وابن عبد ياليل، (13) فرجعا فبايعا النبي صلى الله عليه وسلم وأسلما. وأما أبو عامر، فتنصر وأقام. قال: وبنى ناسٌ من المنافقين مسجد الضرار لأبي عامر, قالوا: " حتى يأتي أبو عامر يصلي فيه "، وتفريقًا بين المؤمنين، يفرقون به جماعتهم، (14) لأنهم كانوا يصلون جميعًا في مسجد قباء. وجاءوا يخدعون النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ربما جاء السيلُ، فيقطع بيننا وبين الوادي، (15) ويحول بيننا وبين القوم، ونصلي في مسجدنا، (16) فإذا ذهب السيل صلينا معهم ! قال: وبنوه على النفاق. قال: وانهار مسجدهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وألقى الناس عليه التِّبن والقُمامة، (17) فأنـزل الله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين)، لئلا يصلي في مسجد قباء جميعُ المؤمنين =(وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، أبي عامر =(وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون).
17200- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون, عن أبي جعفر, عن ليث: أن شقيقًا لم يدرك الصلاة في مسجد بني عامر, فقيل له: مسجد بني فلان لم يصلُّوا بعدُ ! فقال: لا أحب أن أصلي فيه، فإنه بُني على ضرار, وكل مسجد بُنِيَ ضرارًا أو رياءً أو سمعة، فإن أصله ينتهي إلى المسجد الذي بني على ضرار.
--------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة والمخطوطة : " خذام بن خالد بن عبيد " ، وأثبت ما في سيرة ابن هشام .
(2) في المطبوعة : " وبخدج " ، والصواب ما في المخطوطة وسيرة ابن هشام .
(3) الأثر : 17186 - سيرة ابن هشام 4 : 173 ، 174 .
(4) انظر تفسير " الضرار " فيما سلف 5 : 7 ، 8 ، 46 ، 53 / 6 : 85 - 91 .
(5) في المطبوعة : " ومن عجز عن المسير " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب .
(6) في المطبوعة : " بخدج " ، وأثبت ما في سيرة ابن هشام 4 : 174 ، كما سلف في رقم : 17186 . ورأيت بعد في المحبر : 47 : " بخدج " ولم أتمكن من تصحيحه . ثم انظر جمهرة الأنساب لابن حزم : 316 في نسب " سهل بن حنيف " ، و " عثمان بن حنيف " ، و " عباد بن حنيف " . وانظر التعليق التالي .
(7) ما أدري قوله : " جد عبد الله بن حنيف " ، ولست أدري أهو من كلام ابن عباس أو من كلام غيره ، وإن كنت أرجح أنه من كلام غيره ، لأني لم أجد في الصحابة ولا التابعين " عبد الله بن حنيف " ، وجده " بحزج " . والمذكور في المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار : " عباد بن حنيف " ، أخو " سهل بن حنيف " . فأخشى أن يكون سقط من الخبر شيء ، فاختلط الكلام . وفي نسب " سهل بن حنيف " " عمرو ، وهو بحزج ، بن حنش بن عوف بن عمرو " ( انظر ابن سعد 3 / 2 / 39 ، ثم : 5 : 59 ) ، وجمهرة الأنساب لابن حزم : 316 ، ولكن هذا قديم جدا في الجاهلية ، وهو بلا شك غير " بحزج " ، الذي كان من أمره ما كان في مسجد الضرار .
فهذا الذي هنا يحتاج إلى فضل تحقيق ، لم أتمكن من بلوغه .
(8) في المطبوعة : " لبخدج " ، وانظر التعليقات السالفة .
(9) في المطبوعة ، ساق الكلام سياقا واحدا هكذا: " وكانوا يرصدون أبو عامر أن يصلي فيه " ، وفي المخطوطة: "وكانوا يرصدون أبو عامر أن يصلي فيه"، وبين الكلامين بياض ، وفي الهامش حرف ( ط ) دلالة على الخطأ ، وأثبت ما بين القوسين من الدر المنثور 1 : 276 ، وروى الخبر من طريق ابن مردويه ، وابن أبي حاتم . وهذا الذي أثبته يطابق في معناه ما سيأتي في الآثار التالية .
(10) قوله : " فقتلوه بإسلامه " ، كلام صحيح ، وإن ظن بعضهم أنه لا يستقيم ، وذلك أن أبا عامر الراهب ، لما خرج إلى الروم مات هناك سنة تسع أو عشر . ( الإصابة في ترجمة ولده : حنظلة غسيل الملائكة بن أبي عامر ) . فكأنه يقال أيضا أن الروم قتلته بإسلامه ، كما جاء في هذا الخبر . وأما قوله بعد : " قال : إذا جاء صلى فيه " ، فهو من كلام قتادة . وانظر الأخبار التالية ، فإنه يقال إنه تنصر .
(11) في المطبوعة : " وأخيه " ، والذي في المخطوطة كما أثبته غير مقروء قراءة ترتضي . وممكن أن تكون " وأخوه " ، ولكنه عندئذ خطأ ، صوابه أن يكون و " أخيه " ، كما أثبته ناشر المطبوعة .
بيد أن السياق يدل على أن ما بين القوسين اسم ثالث ، وهو اسم أخي حنظلة ، وصيفي ، ولم استطع أن أجد خبر ذلك .
وأما " صيفي " ، فقد ذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمة " صيفي " ، وأنه كان ممن شهد أحدا ، ونسب ذلك إلى ابن سعد والطبراني ، ولم أجده في المطبوع من طبقات ابن سعد .
(12) الذي جاء في المخطوطة والمطبوعة : " ابن بالين " ، وإن كان في المخطوطة غير منقوط .
وهو خطأ لا شك فيه عندي ، وأن صوابه : " وابن عبد ياليل " كما أثبته . فإن ابن عبد البر في الاستيعاب : 105 ، في ترجمة " حنظلة الغسيل " ، ذكر أن أبا عمر الفاسق لما فتحت مكة ، لحق بهرقل هاربا إلى الروم ، فمات كافرا عند هرقل ، وكان معه هناك " كنانة بن عبد ياليل " و " علقمة بن علاثة " ، فاختصما في ميراثه إلى هرقل ، فدفعه إلى كنانة بن عبد ياليل ، وقال لعلقمة : هما من أهل المدر ، وأنت من أهل الوبر .
و " كنانة بن عبد ياليل الثقفي " ، ترجم له ابن حجر في القسم الرابع ، وذكره ابن سلام الجمحي ، في طبقات فحول الشعراء ص : 217 ، في شعراء الطائف ، ولم يورد له خبرا بعد ذكره .
(13) في المطبوعة والمخطوطة : " وابن بالين " ، وفي المخطوطة غير منقوطة . انظر التعليق السالف .
(14) في المطبوعة : " بين جماعتهم " ، وأثبت ما في المخطوطة .
(15) في المطبوعة : " يقطع " ، وأثبت ما في المخطوطة .
(16) في المطبوعة : " فنصلي " ، وأثبت ما في المخطوطة .
(17) في المطبوعة : " النتن والقامة " والصواب ما في المخطوطة . و " التبن " عصيفة الزرع ، فهو الذي يلقى . وأما " النتن " فالرائحة الكريهة ، فكأنه ظن أن " النتن " مجاز لمعنى " الأقذار " ، لنتن رائحتها ! وهو باطل .
- ابن عاشور : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
هذا كلام على فريق آخر من المؤاخَذين بأعمال عملوها غضب الله عليهم من أجلها ، وهم فريق من المنافقين بنوا مسجداً حول قباء لغرض سيء لينصرف إخوانهم عن مسجد المؤمنين وينفردوا معهم بمسجد يخصهم .
فالجملة مستأنفة ابتدائية على قراءة من قرأها غيرَ مفتتحة بواو العطف ، وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر . ونكتة الاستئناف هنا التنبيه على الاختلاف بين حال المراد بها وبين حال المراد بالجملة التي قبلها وهم المرجون لأمر الله . وقرأها البقية بواو العطف في أولها ، فتكون معطوفةً على التي قبلها لأنها مثلها في ذكر فريق آخر مثل مَن ذكر فيما قبلها . وعلى كلتا القراءتين فالكلام جملة أثر جملة وليس ما بعد الواو عطف مفرد .
وقوله { الذين } مبتدأ وخبره جملة : { لا تقم فيه أبداً } كما قاله الكسائي . والرابط هو الضمير المجرور من قوله : { لا تقم فيه } لأن ذلك الضمير عائد إلى المسجد وهو مفعولُ صلةِ الموصول فهو سببي للمبتدأ ، إذ التقدير : لا تقم في مسجد اتخذوه ضراراً ، أو في مسجدهم ، كما قدره الكسائي . ومن أعربوا { أفمن أسس بنيانه } [ التوبة : 109 ] خبراً فقد بعدوا عن المعنى .
والآية أشارت إلى قصة اتخاذ المنافقين مسجداً قُرب مسجد قُباء لقصد الضرار ، وهم طائفة من بني غُنْم بن عَوف وبني سالم بن عَوف من أهل العوالي . كانوا اثني عشر رجلاً سماهم ابن عطية . وكان سبب بنائهم إيَّاه أن أبا عامر واسمه عبد عمرو ، ويلقب بالراهب من بني غنم بن عوف كان قد تنصر في الجاهلية فلما جاء الإسلام كان من المنافقين . ثم جاهر بالعداوة وخرج في جماعة من المنافقين فحزَّب الأحزاب التي حاصرت المدينة في وقعة الخندق فلما هزمهم الله أقام أبو عامر بمكة . ولما فتحت مكة هرب إلى الطائف ، فلما فتحت الطائف وأسلمت ثقيف خرج أبو عامر إلى الشام يستنصر بقيصر ، وكتب إلى المنافقين من قومه يأمرهم بأن يبنوا مسجداً ليخلصوا فيه بأنفسهم ، ويعِدهم أنه سيأتي في جيش من الروم ويخرج المسلمين من المدينة . فانتدب لذلك اثنا عشر رجلاً من المنافقين بعضهم من بني عمرو بن عوف وبعضهم من أحلافهم من بني ضبيعَة بن زيد وغيرهم ، فبنوه بجانب مسجد قباء ، وذلك قُبيل مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تَبوك . وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة ونحن نحب أن تصلي لنا فيه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إني على جناح سفر وحال شغل وإذا قدمنا إن شاء الله صلينا فيه . فلما قفل من غزوة تبوك سألوه أن يأتي مسجدهم فأنزل الله هذه الآية ، وحلفوا أنهم ما أرادوا به إلا خيراً .
والضرار : مصدر ضار مبالغة في ضر ، أي ضِراراً لأهل الإسلام . والتفريق بين المؤمنين هو ما قصدوه من صرف بني غُنم وبني سالم عن قباء .
والإرصاد : التهيئة . والمراد بمن حارب الله ورسوله أبو عامر الراهب ، لأنه حارب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأحزاب وحاربه مع ثقيف وهوازنَ ، فقوله : { من قبلُ } إشارة إلى ذلك ، أي من قبل بناء المسجد .
وجملة : { وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى } معترضة ، أو في موضع الحال . والحسنى : الخير .
وجملة : { والله يشهد إنهم لكاذبون } معترضة .
- إعراب القرآن : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
«وَالَّذِينَ» الواو استئنافية واسم الموصول مبتدأ «اتَّخَذُوا» ماض وفاعله والجملة صلة «مَسْجِداً» مفعول به «ضِراراً» مفعول لأجله «وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً» معطوفان على ضرارا «بَيْنَ» ظرف مكان متعلق بتفريقا «الْمُؤْمِنِينَ» مضاف إليه «وَإِرْصاداً» معطوف على ما سبق «لِمَنْ» اللام حرف جر ومن اسم موصول متعلقان بإرصادا «حارَبَ اللَّهَ» ماض ولفظ الجلالة مفعوله والفاعل مستتر والجملة صلة «وَرَسُولَهُ» معطوف «مِنْ قَبْلُ» متعلقان بحارب وقبل ظرف مبني على الضم لأنه مقطوع عن الإضافة ، في محل جر «وَلَيَحْلِفُنَّ» الواو عاطفة واللام للابتداء ومضارع مرفوع بثبوت النون وحذفت لكراهة توالي الأمثال والواو المحذوفة فاعله حذفت لالتقاء الساكنين ونون التوكيد حرف لا محل له «إِنْ» نافية «أَرَدْنا» ماض وفاعله والجملة مقول القول «إِلَّا» أداة حصر «الْحُسْنى » مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر «وَاللَّهُ» الواو عاطفة ولفظ الجلالة مبتدأ والجملة معطوفة «يَشْهَدُ» مضارع فاعله مستتر «إِنَّهُمْ» إن واسمها والجملة تعليل «لَكاذِبُونَ» اللام المزحلقة وكاذبون خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم.
- English - Sahih International : And [there are] those [hypocrites] who took for themselves a mosque for causing harm and disbelief and division among the believers and as a station for whoever had warred against Allah and His Messenger before And they will surely swear "We intended only the best" And Allah testifies that indeed they are liars
- English - Tafheem -Maududi : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(9:107) There are others who built a "mosque" in order to harm the Righteous Mission and to practise unbelief (instead of Allah's worshipand to cause discord among the Believers, and to make this (place of worship'an ambush for the one who even before this had been in conflict with Allah and His Messenger. They will take solemn oaths and say, "Our intention was nothing but good." But Allah is a witness that they are absolute liars.
- Français - Hamidullah : Ceux qui ont édifié une mosquée pour en faire [un mobile] de rivalité d'impiété et de division entre les croyants qui la préparent pour celui qui auparavant avait combattu Allah et son Envoyé et jurent en disant Nous ne voulions que le bien [Ceux-là] Allah atteste qu'ils mentent
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und es gibt auch diejenigen die sich eine Gebetsstätte genommen haben in der Absicht der Schädigung und aus Unglauben und zur Spaltung der Gläubigen und zur Beobachtung für denjenigen der zuvor gegen Allah und Seinen Gesandten Krieg geführt hat Sie werden ganz gewiß schwören "Wir haben nur das Beste gewollt" Doch Allah bezeugt daß sie fürwahr Lügner sind
- Spanish - Cortes : Quienes edificaron una mezquita con ánimo de dañar para ayuda de la incredulidad para dividir a los creyentes y como refugio para quien había hecho antes la guerra a Alá y a Su Enviado juran solemnemente ¡No quisimos sino lo mejor Pero Alá es testigo de que mienten
- Português - El Hayek : Mas aqueles que erigiram uma mesquita em prejuízo dos fiéis para difundirem entre eles a maldade a incredulidade ea discórdia e apoiarem aqueles que anteriormente combateram Deus e Seu Mensageiro juraram Não pretendíamos comisso senão o bem Porém Deus é Testemunha de que são mentirosos
- Россию - Кулиев : Те которые построили мечеть для нанесения вреда поддержания неверия внесения раскола в ряды мусульман и создания заставы для тех кто издавна сражается против Аллаха и Его Посланника непременно будут клясться Мы не хотели ничего кроме добра Аллах свидетельствует что они являются лжецами
- Кулиев -ас-Саади : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
Те, которые построили мечеть для нанесения вреда, поддержания неверия, внесения раскола в ряды мусульман и создания заставы для тех, кто издавна сражается против Аллаха и Его посланника, непременно будут клясться: «Мы не хотели ничего, кроме добра». Аллах свидетельствует, что они являются лжецами.Среди жителей местечка Куба были лицемеры, которые построили рядом с мечетью Куба еще одну мечеть. Они намеревались причинить вред правоверным мусульманам и внести раскол в их ряды. Они также обещали некоторым из неверующих, которые воспротивились Аллаху и Его посланнику, что эта мечеть при необходимости может послужить для них бастионом. Однако Всевышний Аллах опозорил этих нечестивцев и раскрыл их заговор. Аллах сообщил, что лицемеры построили эту мечеть для того, чтобы нанести вред верующим и мечети, в которой они собираются. Они намеревались прийти на помощь неверию, в то время как другие стремились поддержать правую веру. Они хотели посеять смуту и разногласия между мусульманами и помочь неверующим, воюющим против Аллаха и Его посланника, да благословит его Аллах и приветствует, и питающим к мусульманам лютую ненависть. Одним из таких неверующих был монах Абу Амир. Он был жителем Медины, и когда Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, переселился в этот город, он отказался уверовать в него. Во времена невежества он был одним из тех, кто поклонялся Аллаху, но впоследствии он примкнул к многобожникам в надежде, что они окажут ему поддержку в борьбе с посланником Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует. Убедившись, что они не способны оказать ему такой поддержки, он отправился к императору Византии, полагая, что у того хватит сил одолеть Пророка Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует. В дороге этот проклятый неверующий скончался, а лицемеры, поддержкой которых он заручился, построили для него «мечеть вреда». Когда Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, получил откровение по этому поводу, он велел нескольким мусульманам разрушить и спалить эту мечеть. Они выполнили его приказ, и впоследствии она превратилась в свалку для мусора. Сообщив о дурных намерениях лицемеров, Всевышний Аллах сказал, что они станут клясться, что не хотели никому причинять зла и собирались оказывать помощь слабым, беспомощным и нуждающимся людям. Однако Аллах засвидетельствовал, что они - лжецы, и Его свидетельство, конечно же, правдивее их лживых клятв.
- Turkish - Diyanet Isleri : Zarar vermek inkar etmek müminlerin arasını ayırmak Allah ve Peygamber'ine karşı savaşanlara daha önceden gözcülük yapmak üzere bir mescid kurup "Biz sadece iyilik yapmak istedik" diye yemin edenlerin yalancı olduklarına şüphesiz ki Allah şahiddir
- Italiano - Piccardo : Quanto a coloro che hanno costruito una moschea per recar danno per miscredenza per [provocare] scisma tra i credenti [per tendere] un agguato a favore di colui che già in passato mosse la guerra contro Allah e il Suo Messaggero quelli certamente giurano “Non abbiamo cercato altro che il bene” Allah testimonia che sono dei bugiardi
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهو دووڕووانهی که مزگهوتێکیان دروستکرد لهبهر زهرهردان و بڵاوکردنهوهی بێ باوهڕی و دووبهرهکی بهرپاکردن لهنێوان ئیمانداراو بۆ چاوهڕوان کردنی هاتنی ئهو کهسانهی که پێشتر دووژمنایهتی و جهنگیان دژی خواو پێغهمبهرهکهی دهکرد و بێگومان سوێند دهخۆن که ئێمه تهنها مهبهستمان چاکه بووه له کاتێکدا خوایش شایهتی دهدات که بهڕاستی ئهوانه درۆزنن
- اردو - جالندربرى : اور ان میں سے ایسے بھی ہیں جنہوں نے اس غرض سے مسجد بنوائی کہ ضرر پہنچائیں اور کفر کریں اور مومنوں میں تفرقہ ڈالیں اور جو لوگ خدا اور اس کے رسول سے پہلے جنگ کرچکے ہیں ان کے لیے گھات کی جگہ بنائیں۔ اور قسمیں کھائیں گے کہ ہمارا مقصود تو صرف بھلائی تھی۔ مگر خدا گواہی دیتا ہے کہ یہ جھوٹے ہیں
- Bosanski - Korkut : A oni koji su džamiju sagradili da bi štetu nanijeli i nevjerovanje osnažili i razdor među vjernike unijeli pripremajući je za onoga koji se protiv Allaha i Njegova Poslanika još prije borio – sigurno će se zaklinjati "Mi smo samo najbolje željeli" – a Allah je svjedok da su oni pravi lažljivci
- Swedish - Bernström : OCH DET finns de som uppförde en moské för att vålla skada sprida otro och splittra de troende och som en utpost för dem som förut kämpade mot Gud och Hans Sändebud De kommer att bedyra "Vi ville bara göra gott" men Gud är vittne till att de ljuger
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan di antara orangorang munafik itu ada orangorang yang mendirikan masjid untuk menimbulkan kemudharatan pada orangorang mukmin untuk kekafiran dan untuk memecah belah antara orangorang mukmin serta menunggu kedatangan orangorang yang telah memerangi Allah dan RasulNya sejak dahulu Mereka Sesungguhnya bersumpah "Kami tidak menghendaki selain kebaikan" Dan Allah menjadi saksi bahwa sesungguhnya mereka itu adalah pendusta dalam sumpahnya
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
(Dan) di antara mereka yang munafik itu (ada orang-orang yang mendirikan mesjid) jumlah mereka ada dua belas orang, semuanya orang-orang munafik (untuk menimbulkan kemudaratan) kepada orang-orang mukmin di mesjid Quba (dan karena kekafiran) karena mereka membangun mesjid itu berdasarkan perintah dari Abu Amir seorang rahib, dimaksud supaya menjadi basis pangkalan baginya dan bagi orang-orang yang berpihak kepadanya. Sedang ia (Amir) pergi untuk mendatangkan bala tentara Kaisar Romawi guna memerangi Nabi saw. (dan untuk memecah belah antara orang-orang mukmin) yang biasa salat di mesjid Quba, diharapkan sebagian dari orang-orang mukmin melakukan salat di mesjid mereka (serta menjadi tempat pemantauan) yakni tempat untuk memantau (bagi orang-orang yang memerangi Allah dan Rasul-Nya sejak dahulu) sebelum mesjid dhirar ini dibangun; yang dimaksud adalah Abu Amir tadi dan para pembantunya. (Mereka sesungguhnya bersumpah, "Tiada lain) (kami menghendaki) dari pembangunan mesjid ini (hanyalah) untuk pekerjaan (yang baik semata.") yaitu berlaku belas-kasihan terhadap orang-orang miskin dalam musim hujan dan musim panas, serta memberikan tempat persinggahan bagi kaum Muslimin. (Dan Allah menjadi saksi bahwa sesungguhnya mereka itu adalah pendusta) dalam sumpahnya. Mereka pernah meminta kepada Nabi saw. supaya melakukan salat di dalam mesjidnya itu, akan tetapi kemudian turunlah firman Allah berikut ini, yaitu:
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর যারা নির্মাণ করেছে মসজিদ জিদের বশে এবং কুফরীর তাড়নায় মুমিনদের মধ্যে বিভেদ সৃস্টির উদ্দেশ্যে এবং ঐ লোকের জন্য ঘাটি স্বরূপ যে পূর্ব থেকে আল্লাহ ও তাঁর রসূলের সাথে যুদ্ধ করে আসছে আর তারা অবশ্যই শপথ করবে যে আমরা কেবল কল্যাণই চেয়েছি। পক্ষান্তরে আল্লাহ সাক্ষী যে তারা সবাই মিথ্যুক।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இன்னும் இஸ்லாம் மார்க்கத்திற்குத் தீங்கிழைக்கவும் குஃப்ருக்கு நிராகரிப்புக்கு உதவி செய்யவும் முஃமின்களிடையே பிளவு உண்டுபன்னவும் அல்லாஹ்வுக்கும் அவனுடைய தூதருக்கும் விரோதமாய்ப் போர்புரிந்தவர்களுக்கு புகலிடமாகவும் ஆக்க ஒரு மஸ்ஜிதை முன்னர் நிறுவியவர்கள்; "நாங்கள் நல்லதையே யன்றி வேறொன்றும் விரும்பவில்லை" என்று நிச்சயமாகச் சத்தியம் செய்வார்கள் ஆனால் அவர்கள் நிச்சயமாகப் பொய்யர்கள் என்பதற்கு அல்லாஹ்வே சாட்சியம் கூறுகிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และบรรดาผู้ที่ยึดเอามัสยิดหลังหนึ่งเพื่อก่อให้เกิดความเดือดร้อนและปฉิเสธศรัทธาและก่อให้เกิดการแตกแยกระหว่างบรรดามุอ์มินด้วยกัน และเป็นแหล่งส้องสุมสำหรับผู้ที่ทำสงครามต่อต้านอัลลอฮ์และร่อซุลของพระองค์มาก่อนและแน่นอนพวกเขาจะสาบานว่า เราไม่มีเจตนาอื่นใดนอกจากที่ดี และอัลลอฮ์นั้นทรงเป็นพยานยืนยันว่า แท้จริงพวกเขานั้นเป็นพวกกล่าวเท็จอย่างแน่นอน
- Uzbek - Мухаммад Содик : Зиён куфр мўминлар орасига тафриқа солиш ва бундан олдин Аллоҳга ва Унинг Расулига уруш очган кимсани кутиш жойи бўлиши учун масжид қурганлар албатта биз яхшиликдан бошқа нарсани ирода қилганимиз йўқ деб қасам ичарлар Аллоҳ шоҳидлик берадики улар албатта ёлғончилардир Мазкур мунофиқлар қурган масжиддан ҳеч қандай фойда йўқ эди Чунки улар ўз масжидларини Муҳаммад с а в биринчи бўлиб тиклаган Қубо масжиди ёнида қурган эдилар Шунинг учун бу масжид Масжидул Зирор–зиён масжиди деб номланди Бу масжиднинг куфр учун қурилди дейилишига сабаб мунофиқлар уни ўзларига марказ қилиб куфр ишларини ривож топтириш мақсадида эдилар Ояти карима маълум шахслар маълум масжид сабабли тушган бўлса ҳам унинг маъноси умумийдир Мунофиқ ва кофирлар барча жойларда ва барча замонларда Исломга зиён етказиш учун куфрни ривожлантириш учун мўминмусулмонлар орасига тафриқа солиш учун Аллоҳ ва Унинг Расулига уруш очганларга кузатиш жойи бўлиш учун кўплаб Масжидул Зирорлар қурганлар Бу ҳолат динсиз давлатлардаги масжид ва диний муассасалар мисолида жуда ҳам равшан намоён бўлган
- 中国语文 - Ma Jian : 还有一些人,修建了一座清真寺,其目的是妨害和睦,加强不信,分离信士,并作为以前违抗真主及其使者的人的埋伏所,他们必定发誓说:我们的宗旨是至善的。真主作证:他们确是撒谎的。
- Melayu - Basmeih : Dan di antara orangorang munafik juga ialah orangorang yang membina masjid dengan tujuan membahayakan keselamatan orangorang Islam dan menguatkan keingkaran mereka sendiri serta memecahbelahkan perpaduan orangorang yang beriman dan juga untuk dijadikan tempat intipan bagi orang yang telah memerangi Allah dan RasulNya sebelum itu Dan apabila tujuan mereka yang buruk itu ketara mereka akan bersumpah dengan berkata" Tidaklah yang kami kehendaki dengan mendirikan masjid ini melainkan untuk kebaikan sematamata " Padahal Allah menyaksikan bahawa sesungguhnya mereka adalah berdusta
- Somali - Abduh : Waxaa ka mida kuwo u yeeshay Masaajid gaalnimo kala goynta Mu'miniinta iyo darbidda Cid la dagaallanta Eebe iyo Rasuulkiisa mar hore waxayna ku dhaaran inaanaan doonayn Waxaan wanaag ahayn Eebana waa ogyahay inay been sheegi
- Hausa - Gumi : Kuma waɗanda suka riƙi wani masallãci dõmin cũta da kãfirci da nẽman rarrabẽwa a tsakãnin muminai da fakẽwã ga taimakon wanda ya yãƙi Allah da ManzonSa daga gabãni kuma haƙĩƙa sunã yin rantsuwa cẽwa "Ba mu yi nufin kõmai ba fãce alhẽri" alhãli kuwa Allah Yanã yin shaida cẽwa su haƙĩƙa maƙaryata ne
- Swahili - Al-Barwani : Na wapo walio jenga msikiti kwa ajili ya madhara na ukafiri na kuwafarikisha Waumini na pa kuvizia kwa walio mpiga vita Mwenyezi Mungu na Mtume wake hapo kabla Na bila ya shaka wataapa kwamba Hatukukusudia ila wema tu Na Mwenyezi Mungu anashuhudia kuwa wao ni waongo
- Shqiptar - Efendi Nahi : Nga hipokritët janë edhe ata që ndërtuan një xhami për t’i shkaktuar dëm për ta forcuar mohimin dhe për të krijuar përçarje në mesin e besimtarëve duke iu shërbyer ajo si pusi atyre që qysh më parë luftonin kundër Perëndisë dhe Pejgamberit të Tij Dhe ata betoheshin “Na dëshirojmë vetëm vepër të mirë” E Perëndia dëshmon se ata me të vërtetë janë gënjeshtarë
- فارسى - آیتی : خدا شهادت مىدهد: آنهايى كه مسجدى مىسازند تا به مؤمنان زيان رسانند و ميانشان كفر و تفرقه اندازند و تا براى كسانى كه مىخواهند با خدا و پيامبرش جنگ كنند كمينگاهى باشد، آنگاه سوگند مىخورند كه ما را قصدى جز نيكوكارى نبوده است؛ دروغ مىگويند.
- tajeki - Оятӣ : Худо шоҳидӣ медиҳад: «Онҳое, ки масҷиде месозанд, то ба мӯъминон зиён расонанд ва миёнашон куфру ҷудои андозанд ва то барои касоне, ки мехоҳанд бо Худову паёмбараш ҷанг кунанд, камингоҳе бошад, он гоҳ савганд мехӯранд, ки моро қасде ҷуз некӯкорӣ набуда аст, дурӯғ мегӯянд».
- Uyghur - محمد صالح : بەزى كىشىلەر مۆمىنلەرگە زىيان يەتكۈزۈش، كۇفرىنى كۈچەيتىش، مۆمىنلەرنىڭ ئارىسىنى پارچىلاش، اﷲ قا ۋە ئۇنىڭ پەيغەمبىرىگە قارشى تۇرغان ئادەم (يەنى ئەبۇئامر راھىب) نىڭ كېلىشىنى كۈتۈش مەقسىتىدە مەسجىد بىنا قىلدى. ئۇلار: «بىز پەقەت ياخشىلىقنىلا ئىرادە قىلدۇق» دەپ چوقۇم قەسەم قىلىدۇ، اﷲ گۇۋاھلىق بېرىدۇكى، ئۇلار شەك - شۈبھىسىز يالغانچىلاردۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ദ്രോഹംവരുത്താനും സത്യനിഷേധത്തെ സഹായിക്കാനും വിശ്വാസികള്ക്കിംടയില് ഭിന്നതയുണ്ടാക്കാനും നേരത്തെ അല്ലാഹുവോടും അവന്റെ ദൂതനോടും യുദ്ധംചെയ്തവന് താവളമൊരുക്കാനുമായി പള്ളിയുണ്ടാക്കിയവരും അവരിലുണ്ട്. നല്ലതല്ലാതൊന്നും ഞങ്ങള് ഉദ്ദേശിച്ചിട്ടില്ലെന്ന് അവര് ആണയിട്ടു പറയും. എന്നാല് തീര്ച്ചുയായും അവര് കള്ളം പറയുന്നവരാണെന്ന് അല്ലാഹു സാക്ഷ്യം വഹിക്കുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : والمنافقون الذين بنوا مسجدا مضاره للمومنين وكفرا بالله وتفريقا بين المومنين ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد قباء الذي يصلي فيه المسلمون فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل وهو ابو عامر الراهب الفاسق ليكون مكانا للكيد للمسلمين وليحلفن هولاء المنافقون انهم ما ارادوا ببنائه الا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعه على الضعفاء العاجزين عن السير الى مسجد قباء والله يشهد انهم لكاذبون فيما يحلفون عليه وقد هدم المسجد واحرق