- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
- عربى - نصوص الآيات : وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ۚ إن الله هو التواب الرحيم
- عربى - التفسير الميسر : وكذلك تاب الله على الثلاثة الذين خُلِّفوا من الأنصار -وهم كعب بن مالك وهلال بن أُميَّة ومُرَارة بن الربيع- تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحزنوا حزنًا شديدًا، حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بسَعَتها غمًّا وندمًا بسبب تخلفهم، وضاقت عليهم أنفسهم لِمَا أصابهم من الهم، وأيقنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، وفَّقهم الله سبحانه وتعالى إلى الطاعة والرجوع إلى ما يرضيه سبحانه. إن الله هو التواب على عباده، الرحيم بهم.
- السعدى : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
{و} كذلك لقد تاب الله {عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} عن الخروج مع المسلمين، في تلك الغزوة، وهم: "كعب بن مالك" وصاحباه، وقصتهم مشهورة معروفة، في الصحاح والسنن.
{حَتَّى إِذَا} حزنوا حزنًا عظيمًا، و{ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} أي: على سعتها ورحبها {وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} التي هي أحب إليهم من كل شيء، فضاق عليهم الفضاء الواسع، والمحبوب الذي لم تجر العادة بالضيق منه، وذلك لا يكون إلا من أمر مزعج، بلغ من الشدة والمشقة ما لا يمكن التعبير عنه، وذلك لأنهم قدموا رضا اللّه ورضا رسوله على كل شيء.
{وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} أي: تيقنوا وعرفوا بحالهم، أنه لا ينجي من الشدائد، ويلجأ إليه، إلا اللّه وحده لا شريك له، فانقطع تعلقهم بالمخلوقين، وتعلقوا باللّه ربهم، وفروا منه إليه، فمكثوا بهذه الشدة نحو خمسين ليلة.
{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} أي: أذن في توبتهم ووفقهم لها {لِيَتُوبُوا} أي: لتقع منهم، فيتوب اللّه عليهم، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ} أي: كثير التوبة والعفو، والغفران عن الزلات والعصيان، {الرَّحِيمِ} وصفه الرحمة العظيمة التي لا تزال تنزل على العباد في كل وقت وحين، في جميع اللحظات، ما تقوم به أمورهم الدينية والدنيوية.
وفي هذه الآيات دليل على أن توبة اللّه على العبد أجل الغايات، وأعلى النهايات، فإن اللّه جعلها نهاية خواص عباده، وامتن عليهم بها، حين عملوا الأعمال التي يحبها ويرضاها.
ومنها: لطف الله بهم وتثبيتهم في إيمانهم عند الشدائد والنوازل المزعجة.
ومنها: أن العبادة الشاقة على النفس، لها فضل ومزية ليست لغيرها، وكلما عظمت المشقة عظم الأجر.
ومنها: أن توبة اللّه على عبده بحسب ندمه وأسفه الشديد، وأن من لا يبالي بالذنب ولا يحرج إذا فعله، فإن توبته مدخولة، وإن زعم أنها مقبولة.
ومنها: أن علامة الخير وزوال الشدة، إذا تعلق القلب بالله تعالى تعلقا تاما، وانقطع عن المخلوقين.
ومنها: أن من لطف اللّه بالثلاثة، أن وسمهم بوسم، ليس بعار عليهم فقال: {خُلِّفُوا} إشارة إلى أن المؤمنين خلفوهم، [أو خلفوا عن من بُتّ في قبول عذرهم، أو في رده] وأنهم لم يكن تخلفهم رغبة عن الخير، ولهذا لم يقل: "تخلفوا".
ومنها: أن اللّه تعالى من عليهم بالصدق.
- الوسيط لطنطاوي : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
وكما تقبل الله - تعالى - توبة المهاجرين والأنصار الذين اتبعوا رسولهم - صلى الله عليه وسلم - فى ساعة السعرة . ز فقد تقبل توبة الثلاثة الذين تخلفوا عن الاشتراك فى غزوة تبوك ، فقال - تعالى - : ( وَعَلَى الثلاثة الذين . . . ) .
هذه الآية الكريمة معطوفة على الآية السابقة لها . والمعنى : لقد تقبل الله - تعالى - بفضله وإحسانه توبة النبى والمهاجرين والأنصار ، وتقبل كذلك توبة الثلاثة الذين تخلفوا عن هذه الغزوة كسلا وحبا للراحة ، والذين سبق أن أرجأ الله حكمه فيهم بقوله ( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ الله إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ . . ) وقوله : ( حتى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وظنوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ ) كناية عن شدة تحيرهم ، وكثرهم حزنهم ، واستسلامهم لحكم الله فيهم .
أى : حتى إذا ضاقت عليهم الأرض على سعتها ، بسبب إعراض الناس عنهم ، ومقاطعتهم لهم ، وضاقت عليهم أنفسهم ، بسبب الهم والغم الذى ملأها واعتقدوا أنهم ملجأ ولا مهرب لهم من حكم الله وقضائه إلا إليه .
حتى إذا كان كذلك ، جاءهم فرج الله ، حيث قبل توبتهم ، وغفر خطأهم وعفا عنهم .
وقوله : ( ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ليتوبوا إِنَّ الله هُوَ التواب الرحيم ) أى : بعد هذا التأديب الشديد لهم ، تقبل - سبحانه - توبتهم ، ليتوبوا إليه توبة نصوحا ، لا تكاسل معها بعد ذلك عن طاعة الله وطاعة رسوله ، إن الله - تعالى - هو الكثير القبول لتوبة التائبين ، وهو الواسع الرحمة بعباده المحسنين .
هذا ، والمقصود بهؤلاء الثلاثة الذين خلفوا : كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع؛ وكلهم من الأنصار .
وقد ذكرت قصتهم فى الصحيحين وفى غيرهما من كتب السنة والسيرة ، وهناك خلاصة لها :
قال الإِمام ابن كثير : روى الإِمام " أن كعب بن مالك قال ، لم أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى غزة غزاها قط إلا فى تبوك .
وكان من خبرى حين تخلفت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة تبوك . أنى لم أكن قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنه فى تلك الغزوة .
وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الغزوة حين طابت الثمار والضلال ، وتجهر لها المؤمنون معه ، فطفقت أغدو لكى أتجهز معهم . فأرجع ولم أقض من جهازى شيئاً . . فأقول لنفسى أنا قادر على ذلك إذا أردت . . . ولم يزل ذلك شأنى أسرعوا وتفارظ الغزوة ، فهممت أن أرتحل فألحقهم - وليتنى فعلت - ولكن لم يقدر لى ذلك .
ولم يذكرنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك فقال : ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل من بنى سلمة : حبسه برداه والنظر فى عطفيه .
فقال معاذ بن جبل : بئسما قلت . والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال كعب : فلما بلغنى أن رسول الله قد توجه قافلا من تبوك ، حضرنى بثى ، وطفقت أتذكر الكذب وأقوال بماذا أخرج من سخط غدا؟ .
وعندما عاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة جاءه المتخلفون ، فطفقوا يعتذرون إليه . . وجئت إليه فقال : تعالى . . ما خلفك؟! ألم تكن قد اشتريت ظهرا؟
فقلت يا رسول الله؛ إنى لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر . والله لقد علمت لئن حدثتك اليم بحديث كذاب ترضى به عنى ، ليوشكن الله أن يسخطك على . ولئن حدثتك بصدق تغضب على فيه ، إنى لأرجو عقبى ذلك من الله - تعالى - والله ما كان لى من عذر .
قال - صلى الله عليه وسلم - أما هذا فقد صدق . فقم حتى يقضى الله فيك . وكان هناك رجلان قد قالا مثل ما قلت هما مرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية .
قال : ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلامنا ، فاعتزلنا الناس وتغيروا لنا . . . ولبثنا على ذلك خمسين ليلة . . . . ثم أمرنا أن نعتزل نساءنا ففعلنا .
قال : ثم صليت صلاة الصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتها فبينا أنا على الحال التى ذكرها الله عنا ، قد ضاقت على نفسى . . سمعت صراخا يقول بأعلى صوته : أبشر يا كعب بن مالك .
وذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أبشر بخير يوم مر عليك منذر ولدتك أمك . قال : وأنزل الله - تعالى - ( وَعَلَى الثلاثة الذين خُلِّفُواْ ) "
الآية .
قال الإِمام ابن كثير بعد أن ساق هذا الحديث بتمامه : هذا حديث صحيح ثابت متفق على صحته ، وقد تضمن تفسير الآية بأحسن الوجوه وأبسطها .
وبذلك نرى أن هاتين الآيتين قد ذكرتا جانبا من فضل الله على عباده ، حيث قبل توبتهم ، وغسل حوبتهم . إنه بهم رءوف رحيم .
- البغوى : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
قوله تعالى : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ) اتسعت ، ( وضاقت عليهم أنفسهم ) غما وهما ، ( وظنوا ) أي : تيقنوا ، ( أن لا ملجأ من الله ) لا مفزع من الله ، ( إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ) أي : ليستقيموا على التوبة فإن توبتهم قد سبقت . ( إن الله هو التواب الرحيم ) .
- ابن كثير : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
قال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله ، عن عمه محمد بن مسلم الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، أن عبد الله بن كعب بن مالك - وكان قائد كعب من بنيه حين عمي - قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فقال كعب بن مالك : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة غيرها قط إلا في غزوة تبوك ، غير أني كنت تخلفت في غزاة بدر ، ولم يعاتب أحد تخلف عنها ، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين توافقنا على الإسلام ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر ، وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة ، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزاة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا ، واستقبل عدوا كثيرا فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فأخبرهم وجهه الذي يريد ، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ - يريد الديوان - فقال كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله ، عز وجل ، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزاة حين طابت الثمار والظل ، وأنا إليها أصعر . فتجهز إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه ، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض من جهازي شيئا ، فأقول لنفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى شمر بالناس الجد ، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، وقلت : الجهاز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه فغدوت بعدما فصلوا لأتجهز ، فرجعت ولم أقض شيئا من جهازي . ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا ، فلم يزل [ ذلك ] يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو ، فهممت أن أرتحل فأدركهم - وليت أني فعلت - ثم لم يقدر ذلك لي ، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد [ خروج ] رسول الله صلى الله عليه وسلم [ فطفت فيهم ] يحزنني ألا أرى إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق ، أو رجلا ممن عذره الله ، عز وجل ، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك : " ما فعل كعب بن مالك ؟ " قال رجل من بني سلمة : حبسه يا رسول الله برداه ، والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل : بئسما قلت ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا ! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي فطفقت أتذكر الكذب ، وأقول : بماذا أخرج من سخطه غدا ؟ أستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي . فلما قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما ، زاح عني الباطل وعرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا . فأجمعت صدقه ، وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ، ثم جلس للناس . فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له - وكانوا بضعة وثمانين رجلا - فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم ويستغفر لهم ، ويكل سرائرهم إلى الله تعالى ، حتى جئت ، فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ، ثم قال لي : " تعال " ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي : " ما خلفك ، ألم تك قد اشتريت ظهرك " ؟ قال : فقلت : يا رسول الله ، إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر ، لقد أعطيت جدلا ولكنه والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ، ليوشكن الله يسخطك علي ، ولئن حدثتك بصدق تجد علي فيه ، إني لأرجو أقرب عقبى ذلك [ عفوا ] من الله ، عز وجل والله ما كان لي عذر ، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك " . فقمت وبادرني رجال من بني سلمة واتبعوني ، فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ، ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون فقد كان كافيك [ من ذنبك ] استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك . قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي : قال : ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم ، [ لقيه معك ] رجلان ، قالا ما قلت ، وقيل لهما مثل ما قيل لك . قلت : فمن هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع العامري ، وهلال بن أمية الواقفي . فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا لي فيهما أسوة . قال : فمضيت حين ذكروهما لي - قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا - أيها الثلاثة - من بين من تخلف عنه ، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ، فما هي بالأرض التي كنت أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة . فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين ، وأطوف بالأسواق فلا يكلمني أحد ، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم ، وأقول في نفسي : حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟ ثم أصلي قريبا منه ، وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ، فإذا التفت نحوه أعرض ، حتى إذا طال علي ذلك من هجر المسلمين مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة - وهو ابن عمي ، وأحب الناس إلي - فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السلام ، فقلت له : يا أبا قتادة ، أنشدك الله : هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟ قال : فسكت . قال : فعدت فنشدته [ فسكت ، فعدت فنشدته ] فقال : الله ورسوله أعلم . قال : ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار . فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ، ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ قال : فطفق الناس يشيرون له إلي ، حتى جاء فدفع إلي كتابا من ملك غسان ، وكنت كاتبا فإذا فيه : أما بعد ، فقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك . قال : فقلت حين قرأتها : وهذا أيضا من البلاء . قال : فتيممت به التنور فسجرته حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين ، إذا برسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك . قال : فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ قال : بل اعتزلها ولا تقربها . قال : وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك قال : فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك ، فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر . قال : فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : يا رسول الله ، إن هلالا شيخ ضائع ليس له خادم ، فهل تكره أن أخدمه ؟ قال : " لا ولكن لا يقربنك " قالت : وإنه والله ما به حركة إلى شيء ، والله ما يزال يبكي من لدن أن كان من أمرك ما كان إلى يومه هذا . قال : فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك ، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه . قال : فقلت : والله لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته وأنا رجل شاب ؟ قال : فلبثنا [ بعد ذلك ] عشر ليال ، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا قال : ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا ، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا : قد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته : يا كعب بن مالك ، أبشر . قال : فخررت ساجدا ، وعرفت أن قد جاء فرج ، فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض إلي رجل فرسا ، وسعى ساع من أسلم وأوفى على الجبل ، فكان الصوت أسرع من الفرس . فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، فنزعت ثوبي ، فكسوتهما إياه ببشارته ، والله ما أملك غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما ، وانطلقت أؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة ، يقولون : ليهنك توبة الله عليك . حتى دخلت المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد حوله الناس ، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول ، حتى صافحني وهنأني ، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره قال : فكان كعب لا ينساها لطلحة . قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور : " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " . قال : قلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال : " لا بل من عند الله " . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، حتى يعرف ذلك منه . فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله . قال : " أمسك عليك بعض مالك ، فهو خير لك " . قال : فقلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر . وقلت : يا رسول الله ، إنما نجاني الله بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت . قال : فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله تعالى ، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي . قال : وأنزل الله تعالى : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم . وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم . يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) قال كعب : فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه [ حين كذبوه ] ؛ فإن الله تعالى قال للذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد ، قال الله تعالى : ( سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون . يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ) [ التوبة : 95 ، 96 ] . قال : وكنا خلفنا - أيها الثلاثة - عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا ، فبايعهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله أمرنا ، حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله تعالى : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) وليس تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا الذي ذكر مما خلفنا بتخلفنا عن الغزو ، وإنما هو عمن حلف له واعتذر إليه ، فقبل منه .
هذا حديث صحيح ثابت متفق على صحته ، رواه صاحبا الصحيح : البخاري ومسلم من حديث الزهري ، بنحوه .
فقد تضمن هذا الحديث تفسير هذه الآية الكريمة بأحسن الوجوه وأبسطها . وكذا روي عن غير واحد من السلف في تفسيرها ، كما رواه الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله في قوله تعالى : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) قال : هم كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن ربيعة وكلهم من الأنصار .
وكذا قال مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي وغير واحد - وكلهم قال : مرارة بن ربيعة .
[ وكذا في مسلم : مرارة بن ربيعة في بعض نسخه ، وفي بعضها : مرارة بن الربيع ] .
وفي رواية عن سعيد بن جبير : ربيع بن مرارة .
وقال الحسن البصري : ربيع بن مرارة أو مرارة بن ربيع .
وفي رواية عن الضحاك : مرارة بن الربيع ، كما وقع في الصحيحين ، وهو الصواب .
وقوله : " فسموا رجلين شهدا بدرا " ، قيل : إنه خطأ من الزهري ، فإنه لا يعرف شهود واحد من هؤلاء الثلاثة بدرا ، والله أعلم .
ولما ذكر تعالى ما فرج به عن هؤلاء الثلاثة من الضيق والكرب ، من هجر المسلمين إياهم نحوا من خمسين ليلة بأيامها ، وضاقت عليهم أنفسهم ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، أي : مع سعتها ، فسددت عليهم المسالك والمذاهب ، فلا يهتدون ما يصنعون ، فصبروا لأمر الله ، واستكانوا لأمر الله ، وثبتوا حتى فرج الله عنهم بسبب صدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخلفهم ، وأنه كان عن غير عذر ، فعوقبوا على ذلك هذه المدة ، ثم تاب الله عليهم ، فكان عاقبة صدقهم خيرا لهم وتوبة عليهم
- القرطبى : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم
قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا قيل : عن التوبة عن مجاهد وأبي مالك . وقال قتادة : عن غزوة تبوك . وحكي عن محمد بن زيد معنى ( خلفوا ) تركوا ; لأن معنى خلفت فلانا تركته وفارقته قاعدا عما نهضت فيه . وقرأ عكرمة بن خالد " خلفوا " أي أقاموا بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروي عن جعفر بن محمد أنه قرأ " خالفوا " . وقيل : ( خلفوا ) أي أرجئوا وأخروا عن المنافقين فلم يقض فيهم بشيء . وذلك أن المنافقين لم تقبل توبتهم ، واعتذر أقوام فقبل عذرهم ، وأخر النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الثلاثة حتى نزل فيهم القرآن . وهذا هو الصحيح لما رواه مسلم والبخاري وغيرهما . واللفظ لمسلم قال كعب : كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه ; فبذلك قال الله عز وجل : وعلى الثلاثة الذين خلفوا وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو ، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه . وهذا الحديث فيه طول ، هذا آخره .
والثلاثة الذين خلفوا هم : كعب بن مالك ومرارة بن ربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي وكلهم من الأنصار . وقد خرج البخاري ومسلم حديثهم ، فقال مسلم عن كعب بن مالك قال : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني قد تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنه إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك : أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة ، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا واستقبل عدوا كثيرا فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ - يريد بذلك الديوان - قال كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب يظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله تعالى وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر ، فتجهز إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئا وأقول في نفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل كذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أترحل فأدركهم فيا ليتني فعلت ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت إذ خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك : ما فعل كعب بن مالك ؟ فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله ، حبسه برداه والنظر في عطفيه . فقال له معاذ بن جبل : بئس ما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا . فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن أبا خيثمة فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري وهو الذي تصدق بصاع التمر حتى لمزه المنافقون . فقال كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي فطفقت أتذكر الكذب وأقول : بم أخرج من سخطه غدا وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي فلما قيل لي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا ، فأجمعت صدقه ، وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله حتى جئت فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال : تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي : ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه أني لأرجو فيه عقبى الله ، والله ما كان لي عذر ، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك . فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي : والله ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا لقد عجزت في ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المتخلفون ، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي . قال : ثم قلت لهم هل لقي هذا معي من أحد ؟ قالوا : نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت ، فقيل لهما مثل ما قيل لك . قال قلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن ربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي . قال : فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة ; قال : فمضيت حين ذكروهما لي . قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه . قال : فاجتنبنا الناس . وقال : وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ، فما هي بالأرض التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ; فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد ، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام أم لا! ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السلام ، فقلت له : يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمن أني أحب الله ورسوله ؟ قال : فسكت فعدت فناشدته فسكت ، فعدت فناشدته فقال : الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار ، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ قال : فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان ، وكنت كاتبا فقرأته فإذا فيه : أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك . قال : فقلت حين قرأتها : وهذه أيضا من البلاء فتيممت بها التنور فسجرته بها حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك . قال فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ قال : لا ، بل اعتزلها فلا تقربنها . قال : فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك . قال : فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر . قال : فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : يا رسول الله ، إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم ، فهل تكره أن أخدمه ؟ قال : لا ، ولكن لا يقربنك ، فقالت : إنه والله ما به حركة إلى شيء ، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا . قال : فقال بعض أهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه . قال فقلت : لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب ، قال : فلبثت بذلك عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا . قال : ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر . قال : فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج . قال : فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، فذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشارته ، والله ما أملك غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة ويقولون : لتهنئك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام رجل من المهاجرين غيره . قال : فكان كعب لا ينساها لطلحة . قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور ويقول : أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك . قال : فقلت أمن عند الله يا رسول الله أم من عندك ؟ قال : لا بل من عند الله . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر . قال : وكنا نعرف ذلك . قال : فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله ، إن من توبة الله علي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك . قال : فقلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر . قال : وقلت : يا رسول الله ، إن الله إنما أنجاني بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت . قال : فوالله ما علمت أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به ، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو الله أن يحفظني فيما بقي ، فأنزل الله عز وجل : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة حتى بلغ " إنه بهم رءوف رحيم " . وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم حتى بلغ اتقوا الله وكونوا مع الصادقين . قال كعب : والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا ، إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد ، وقال الله تعالى : سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون . يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين . قال كعب : كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله عز وجل : وعلى الثلاثة وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو ، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه .
قوله تعالى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت أي بما اتسعت يقال : منزل رحب ورحيب ورحاب . و ( ما ) : مصدرية ; أي ضاقت عليهم الأرض برحبها ؛ لأنهم كانوا مهجورين لا يعاملون ولا يكلمون . وفي هذا دليل على هجران أهل المعاصي حتى يتوبوا .
قوله تعالى وضاقت عليهم أنفسهم أي ضاقت صدورهم بالهم والوحشة ، وبما لقوه من الصحابة من الجفوة .
وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه أي تيقنوا أن لا ملجأ يلجأون إليه في الصفح عنهم وقبول التوبة منهم إلا إليه . قال أبو بكر الوراق . التوبة النصوح أن تضيق على التائب الأرض بما رحبت ، وتضيق عليه نفسه ; كتوبة كعب وصاحبيه .
قوله تعالى ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم فبدأ بالتوبة منه . قال أبو زيد : غلطت في أربعة أشياء : في الابتداء مع الله تعالى ، ظننت أني أحبه فإذا هو أحبني ; قال الله تعالى : يحبهم ويحبونه . وظننت أني أرضى عنه فإذا هو قد رضي عني ; قال الله تعالى : رضي الله عنهم ورضوا عنه . وظننت أني أذكره فإذا هو يذكرني ; قال الله تعالى : ولذكر الله أكبر . وظننت أني أتوب فإذا هو قد تاب علي ; قال الله تعالى : ثم تاب عليهم ليتوبوا . وقيل : المعنى ثم تاب عليهم ليثبتوا على التوبة ; كما قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا آمنوا وقيل : أي فسح لهم ولم يعجل عقابهم كما فعل بغيرهم ; قال جل وعز : فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم .
- الطبرى : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
القول في تأويل قوله : وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ =(وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا)، وهؤلاء الثلاثة الذين وصفهم الله في هذه الآية بما وصفهم به فيما قيل, هم الآخرون الذين قال جل ثناؤه: وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [سورة التوبة: 106]، فتاب عليهم عز ذكره وتفضل عليهم.
وقد مضى ذكر من قال ذلك من أهل التأويل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1)
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: ولقد تاب الله على الثلاثة الذين خلفهم الله عن التوبة, فأرجأهم عمَّن تاب عليه ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما:-
17431- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عمن سمع عكرمة في قوله: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: خُلِّفوا عن التوبة.
17432- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: أما قوله: (خلفوا) ، فخلِّفوا عن التوبة.
* * *
(حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) ، يقول: بسعتها، (2) غمًّا وندمًا على تخلفهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم =(وضاقت عليهم أنفسهم) ، بما نالهم من الوَجْد والكرْب بذلك =(وظنوا أن لا ملجأ) ، يقول: وأيقنوا بقلوبهم أن لا شيء لهم يلجئون إليه مما نـزل بهم من أمر الله من البلاء، (3) بتخلفهم خِلافَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينجيهم من كربه, ولا مما يحذرون من عذاب الله، إلا الله، ثم رزقهم الإنابة إلى طاعته, والرجوع إلى ما يرضيه عنهم, لينيبوا إليه، ويرجعوا إلى طاعته والانتهاء إلى أمره ونهيه =(إن الله هو التواب الرحيم) ، يقول: إن الله هو الوهّاب لعباده الإنابة إلى طاعته، الموفقُ من أحبَّ توفيقه منهم لما يرضيه عنه =(الرحيم)، بهم، أن يعاقبهم بعد التوبة, أو يخذل من أراد منهم التوبةَ والإنابةَ ولا يتوب عليه. (4)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17433- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن جابر في قوله: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: كعب بن مالك, وهلال بن أمية, ومُرارة بن الربيع, وكلهم من الأنصار. (5)
17434- حدثني عبيد بن محمد الوراق قال، حدثنا أبو أسامة, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن جابر بنحوه = إلا أنه قال: ومرارة بن الربيع, أو: ابن ربيعة, شكّ أبو أسامة. (6)
17435- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن جابر, عن عكرمة وعامر: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: أرْجئوا، في أوسط " براءة ".
17436- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: الذين أرجئوا في أوسط " براءة ", قوله: وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ ، [سورة التوبة: 106] هلال بن أمية, ومرارة بن رِبْعيّ, وكعب بن مالك. (7)
17437- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، الذين أرجئوا في وسط " براءة ".
17438- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن أبيه, عن ليث, عن مجاهد: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: كلهم من الأنصار: هلال بن أمية, ومرارة بن ربيعة, وكعب بن مالك.
17439-...... قال، حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: الذين أرجئوا.
17440-...... قال، حدثنا جرير, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد قال: (الثلاثة الذين خلفوا) ، كعب بن مالك وكان شاعرا, ومرارة بن الربيع, وهلال بن أمية, وكلهم أنصاريّ. (8)
17441-...... قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، والمحاربي, عن جويبر, عن الضحاك قال: كلهم من الأنصار: هلال بن أمية, ومرارة بن الربيع, وكعب بن مالك.
17442- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هاشم, عن جويبر, عن الضحاك قوله: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: هلال بن أمية, وكعب بن مالك, ومرارة بن الربيع، كلهم من الأنصار.
17443- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، إلى قوله: (ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) ، كعب بن مالك, وهلال بن أمية, ومرارة بن ربيعة، تخلفوا في غزوة تبوك. ذكر لنا أن كعب بن مالك أوثق نفسه إلى سارية, فقال: لا أطلقها = أو لا أطلق نفسي (9) = حتى يُطلقني رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال رسول الله: والله لا أطلقه حتى يطلقه ربُّه إن شاء! وأما الآخر فكان تخلف على حائط له كان أدرك, (10) فجعله صدقة في سبيل الله, وقال: والله لا أطعمه! وأما الآخر فركب المفاوز يتبع رسول الله، ترفعه أرض وتَضَعه أخرى, وقدماه تَشَلْشَلان دمًا. (11)
17444- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله, عن إسرائيل, عن السدي, عن أبي مالك قال: (الثلاثة الذين خلفوا) ، هلال بن أمية, وكعب بن مالك, ومرارة بن ربيعة.
17445-...... قال، حدثنا أبو داود الحفري, عن سلام أبي الأحوص, عن سعيد بن مسروق, عن عكرمة: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، قال: هلال بن أمية, ومرارة, وكعب بن مالك.
17446- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن عون, عن عمر بن كثير بن أفلح قال: قال كعب بن مالك: ما كنت في غَزاة أيسر للظهر والنفقة مني في تلك الغَزاة! قال كعب بن مالك: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: " أتجهز غدًا ثم ألحقه "، فأخذت في جَهازي, فأمسيت ولم أفرغ. فلما كان اليوم الثالث، أخذت في جهازي, فأمسيت ولم أفرغ, فقلت: هيهات! سار الناس ثلاثًا! فأقمت. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعل الناس يعتذرون إليه, فجئت حتى قمت بين يديه، فقلت: ما كنت في غَزاة أيسر للظهر والنفقة مني في هذه الغزاة! فأعرض عني رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأمر الناس أن لا يكلمونا, وأمِرَتْ نساؤنا أن يتحوَّلن عنَّا. قال: فتسوَّرت حائطا ذات يوم، فإذا أنا بجابر بن عبد الله, فقلت: أيْ جابر! نشدتك بالله، هل علمتَني غششت الله ورسوله يومًا قطُّ؟ فسكت عني فجعل لا يكلمني. (12) فبينا أنا ذات يوم, إذ سمعت رجلا على الثنيَّة يقول: كعب! كعب! حتى دنا مني, فقال: بشِّروا كعبًا. (13)
17447- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس, عن ابن شهاب قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وهو يريد الروم ونصارى العرب بالشام, حتى إذا بلغ تبوك، أقام بها بضع عشرة ليلة، ولقيه بها وفد أذْرُح ووفد أيلة, فصَالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية، ثم قَفَل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ولم يجاوزها, وأنـزل الله: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ، الآية, والثلاثة الذين خلفوا: رَهْطٌ منهم: كعب بن مالك، وهو أحد بني سَلِمة, ومرارة بن ربيعة، وهو أحد بني عمرو بن عوف, وهلال بن أمية، وهو من بني واقف، وكانوا تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة في بضعة وثمانين رجلا. فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة, صَدَقه أولئك حديثهم، واعترفوا بذنوبهم, وكذب سائرهم, فحلفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حبسهم إلا العذر, فقبل منهم رسول الله وبايعهم, ووكَلَهم في سرائرهم إلى الله، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلام الذين خُلِّفوا, وقال لهم حين حدَّثوه حديثهم واعترفوا بذنوبهم: قد صدقتم، فقوموا حتى يقضي الله فيكم. فلما أنـزل الله القرآن، تاب على الثلاثة, وقال للآخرين: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ ، حتى بلغ: لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [سورة التوبة: 95 - 96].
= قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك: أن عبد الله بن كعب بن مالك = وكان قائد كعبٍ من بنيه حين عَمي = قال: سمعت كعب بن مالك يحدِّث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. قال كعب: لم أتخلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط، إلا في غزوة تبوك, غير أني قد تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتبْ أحدًا تخلف عنها، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عِيرَ قريش, حتى جمع الله بينهم وبين عدوّهم على غير ميعاد. ولقد شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، حين تواثقنا على الإسلام, وما أحبُّ أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكرَ في الناس منها. (14)
= فكان من خبري حين تخلفت عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسرَ مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة, والله ما جمعت قبلها راحلتين قطُّ حتى جمعْتُهما في تلك الغزوة. فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرٍّ شديد, واستقبل سفرًا بعيدًا ومفاوِزَ, واستقبل عدوًّا كثيرًا, فجلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهَّبُوا أهبة غزوهم, فأخبرهم بوجهه الذي يريد, والمسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم كثير, ولا يجمعهم كتاب حافظٌ = يريد بذلك: الديوان = قال كعب: فما رجلٌ يريد أن يتغيّب إلا يظنَّ أن ذلك سيخفى، ما لم ينـزل فيه وَحْيٌ من الله. وغزا رسول الله تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال, وأنا إليهما أصعَرُ. (15) فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه, وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم, [فأرجع ولم أقض شيئًا، وأقول في نفسي: " أنا قادر على ذلك إذا أردت!"، فلم يزل ذلك يتمادى بي، حتى استمرّ بالناس الجدُّ. فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديًا والمسلمون معه]، (16) ولم أقض من جَهازي شيئًا, ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئًا. فلم يزل ذلك يتمادى [بي]، (17) حتى أسرعوا وتفارط الغزْوُ, (18) وهممت أن أرتحل فأدركهم, فيا ليتني فعلت, فلم يُقَدَّر ذلك لي. فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم يحزنني أنّي لا أرى لي أسوةً إلا رجلا مغموصًا عليه في النفاق، (19) أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء. ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك, فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل من بني سَلِمَة: يا رسول الله، حبسه بُرْداه، والنظر في عِطْفيْه! (20) [فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت! والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرًا]! (21) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو على ذلك، رأى رجلا مُبَيِّضًا يزول به السرابُ, (22) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا خيثمة! فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري, وهو الذي تصدَّق بصاع التمر, فلمزه المنافقون. (23)
= قال كعب: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجَّه قافلا من تبوك، حضرني بثِّي, (24) فطفقت أتذكر الكذب، وأقول: " بم أخرج من سَخَطه غدًا " ؟ وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي. فلما قيل: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظَلّ قادمًا!"، زاح عني الباطل, (25) حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدًا, فأجمعت صدقه، (26) وصَبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادمًا, (27) وكان إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس. فلما فعل ذلك، جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له, وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم, ووكل سرائرهم إلى الله. حتى جئتُ, فلما سلمت تبسم تبسُّم المغْضَب, ثم قال: تعالَ! فجئت أمشي حتى جلست بين يديه, فقال لي: ما خلَّفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ قال قلت: يا رسول الله، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سَخَطه بعذرٍ، لقد أعطيتُ جدلا (28) ولكني والله لقد علمت لئن حدَّثتك اليوم حديثَ كذبٍ ترضى به عني، ليوشكنّ الله أن يُسْخِطَك عليّ, ولئن حدثتك حديث صِدْق تَجدُ عليّ فيه، (29) إني لأرجو فيه عفوَ الله، (30) والله ما كان لي عُذْر! والله ما كنت قطُّ أقوى ولا أيسرَ مني حين تخلفت عنك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمّا هذا فقد صَدَق, قم حتى يقضي الله فيك! فقمت, وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني وقالوا: والله ما علمناك أذنبت ذنبًا قبل هذا! لقد عجزتَ في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون, (31) فقد كان كافِيَك ذنبك استغفارُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لك! قال: فوالله ما زالوا يؤنِّبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذّبَ نفسي! قال: ثم قلت لهم: هل لَقي هذا معي أحدٌ؟ قالوا: نعم، لقيه معك رجلان قالا مثلَ ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك. قال: قلت من هما؟ قالوا: مرارة بن ربيع العامري، (32) وهلال بن أمية الواقفي. قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا، فيهما أسوة. (33) قال: فمضيت حين ذكروهما لي. (34)
= ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيُّها الثلاثة، (35) من بين من تخلّف عنه. قال: فاجتنبنا الناسُ وتغيَّروا لنا، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلةً، فأمّا صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان, وأمّا أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم, فكنت أخرج وأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحدٌ, وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة, فأقول في نفسي: " هل حرك شفتيه بردّ السلام أم لا؟"، ثم أصلي معه، وأسارقه النظر, فإذا أقبلتُ على صلاتي نظر إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين, مشيت حتى تسوَّرت جدار حائط أبي قتادة = وهو ابن عمي، وأحبُّ الناس إليّ = فسلمت عليه, فوالله ما ردّ علي السلام! فقلت: يا أبا قتادة، أنشدك بالله، هل تعلم أني أحب الله ورسوله؟ فسكت. قال: فعُدْت فناشدته، فسكت, فعدت فناشدته، فقال: الله ورسوله أعلم! ففاضت عيناي, وتولَّيت حتى تسوَّرت الجدار.
= فبينا أنا أمشي في سوق المدينة, إذا بنبطيّ من نَبَط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة, يقول: من يدلُّ على كعب بن مالك؟ قال: فطفق الناس يشيرون له، حتى جاءني, فدفع إليَّ كتابًا من ملك غسان, وكنت كاتبًا, فقرأته، فإذا فيه: " أما بعدُ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك, ولم يجعلك الله بدار هَوَانٍ ولا مَضْيَعةٍ, فالحق بنا نُوَاسِك ".
= قال: فقلت حين قرأته: وهذا أيضًا من البلاء!! فتأمَّمتُ به التنُّور فسجرته به. (36) حتى إذا مضت أربعون من الخمسين، واستلبث الوحي، (37) إذا رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال فقلت: أطلِّقها، أم ماذا أفعل؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربها. قال: وأرسل إلى صاحبي بذلك. قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر. (38)
= قال: فجاءت امرأة هلالٍ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادمٌ, فهل تكره أن أخدُمَه؟ فقال: لا ولكن لا يقرَبَنْكِ! قالت فقلت: إنه والله ما به حركة إلى شيء! ووالله ما زال يبكي مُنْذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا! قال: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال أن تخدُمه؟ قال فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما يدريني ماذا يقول لي إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شابٌّ!
= فلبثت بعد ذلك عشر ليالٍ, فكمل لنا خمسون ليلةً من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا. (39) قال: ثم صليت صلاة الفجر صباحَ خمسين ليلة على ظهر بيتٍ من بيوتنا, فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله منّا، (40) قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت, سمعتُ صوت صارخٍ أوْفى على جبل سَلْع، (41) يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر! قال: فخررت ساجدًا, وعرفت أن قد جاء فرجٌ. قال: وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر, (42) فذهب الناس يبشروننا, (43) فذهب قِبَلَ صاحبي مبشرون, وركض رجل إلي فرسًا, وسعى ساعٍ من أسْلَم قِبَلي وأوفى على الجبل, وكان الصوت أسرعَ من الفرس. فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نـزعت له ثوبيَّ فكسوتهما إياه ببشارته, والله ما أملك غيرهما يومئذ, واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم. (44) فتلقَّاني الناس فوجًا فوجًا يهنئوني بالتوبة ويقولون: لِتَهْنِكَ توبة الله عليك! (45) حتى دخلت المسجد, فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد حوله الناس, فقام إليّ طلحة بن عبيد الله يُهَرول حتى صافحني، وهنأني, والله ما قام رجل من المهاجرين غيره = قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة (46) = قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو يبرُقُ وجهه من السرور: أبشر بخير يومٍ مرَّ عليك منذ ولدتك أمك! فقلت: أمن عندك، يا رسول الله, أم من عند الله؟ قال: لا بل من عند الله! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأن وجهه قطعة قمر, وكنا نعرف ذلك منه.
= قال: فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله. (47) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك بعض مالك، فهو خيرٌ لك! قال فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. وقلت: يا رسول الله، إن الله إنما أنجاني بالصدق, وإنّ من توبتي أن لا أحدِّث إلا صدقًا ما بقيت! قال: فوالله ما علمت أحدًا من المسلمين ابتلاه الله في صِدْق الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول الله عليه السلام، أحسن مما ابتلاني, (48) والله ما تعمَّدت كِذْبَةً منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا, وإني أرجو أن يحفظني الله فيما بقي. قال: فأنـزل الله: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ ، حتى بلغ: (وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا) ، إلى: اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ .
= قال كعب: والله ما أنعم الله عليّ من نعمةٍ قطُّ بعد أن هَدَاني للإسلام أعظمَ في نفسي من صدقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته، (49) فأهلك كما هلك الذين كذبوه, فإن الله قال للذين كذبوا، حين أنـزل الوحي، شَرَّ ما قال لأحدٍ: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ، إلى قوله: لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ، [سورة التوبة: 95 - 96].
= قال كعب: خُلِّفنا، أيها الثلاثة، (50) عن أمر أولئك الذين قَبِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم توبتهم حين حَلفوا له, فبايعهم واستغفر لهم, وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمْرَنا حتى قضى الله فيه. فبذلك قال الله: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، وليس الذي ذكر الله مما خُلِّفنا عن الغزو، (51) إنما هو تخليفه إيّانا، (52) وإرجاؤه أمرَنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه. (53)
17448- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث, عن عقيل, عن ابن شهاب قال، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك: أن عبد الله بن كعب بن مالك = وكان قائد كعب من بنيه حين عَمِي = قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك, فذكر نحوه. (54)
17449- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الزهري, عن عبد الرحمن بن كعب, عن أبيه قال: لم أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غَزاة غَزاها إلا بدرًا, ولم يعاتب النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحدًا تخلف عن بدر, ثم ذكر نحوه. (55)
17450- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن ابن شهاب الزهري, عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري, ثم السلمي, عن أبيه، أن أباه عبد الله بن كعب, وكان قائد أبيه كعب حين أصيب بصره = قال: سمعت أبي كعبَ بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك, وحديث صاحبيه، قال: ما تخلفت عن رَسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها, غير أني كنت تخلفت عنه في غزوة بدر, ثم ذكر نحوه. (56)
----------------------
الهوامش :
(1) انظر ما سلف ص : 464 - 467 .
(2) انظر تفسير " رحب " فيما سلف . ص : 179 .
(3) انظر تفسير " الظن " فيما سلف 2 : 17 - 20 ، 265 / 5 : 352 .
= وتفسير " الملجأ " فيما سبق ص : 298 .
(4) انظر تفسير " التواب " ، " والرحيم " ، فيما سلف من فهارس اللغة ( ثوب ) ، ( رحم ) .
(5) الأثر : 17433 - " مرارة بن ربيعة " ، المشهور : " مرارة بن الربيع " ، ولكنه هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة هنا . ثم جاء في الأخبار التالية " الربيع " . وقد مضى مثل هذا الاختلاف وأشد منه فيما سلف في التعليق على رقم 17177 ، 17178 ، 17183 . وذكر ابن كثير في تفسيره 4 : 264 ، وذكر هذا الخبر فقال : " وكذا في مسلم : ربيعة ، في بعض نسخه ، وفي بعضها : مرارة بن الربيع " .
(6) الأثر : 17434 - " عبيد بن محمد الوراق " ، هو " عبيد بن محمد بن القاسم بن سليمان بن أبي مريم " ، " أبو محمد الوراق النيسابوري " ، سكن بغداد ، وحدث بها عن موسى بن هلال العبدي وأبي النضر هاشم بن القاسم ، والحسن بن موسى الأشيب ، ويعقوب بن محمد الزهري ، وبشر بن الحارث . كان ثقة ، مات سنة 255 ، ولم أجد له ترجمة في غير تاريخ بغداد 11 : 97 ، وروى عنه الطبري في موضعين من تاريخه 2 : 202 ، 250 ، روى عن روح بن عبادة .
وكان في المطبوعة : " عبيد بن الوراق " ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، لأن الناسخ كتب " عبيد بن محمد " كلمة واحدة مشتبكة الحروف .
وأما " مرارة بن الربيع " أو " ابن ربيعة " ، فانظر التعليق السالف .
(7) الأثر : 17436 - " مرارة بن ربعي " ، هكذا في المخطوطة كما أثبته ، وفي المطبوعة " ابن ربيعة " ولكن هكذا ، جاء هنا ، كالذي مضى في رقم : 17177 ، 17178 ، فانظر التعليق هناك .
(8) في المطبوعة : " أنصار " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب محض .
(9) في المطبوعة : " لا أطلقها ، أو لا أطلق نفسي " ، وأثبت ما في المخطوطة .
(10) " الحائط " ، هو البستان من النخيل ، إذا كان عليه حائط ، وهو الجدار . ويقال لها أيضا " حديقة " ، لإحداق سوره بها . فإذا لم يكن عليها حائط ، فهي " ضاحية " ، لبروزها للعين . و " أدرك الثمر " ، أي بلغ نضجه .
(11) " تشلشلان " ، " تتشلشلان " ، على حذف إحدى التائين . " تشلشل الماء والدم " ، إذا تبع قطران بعضه بعضا في سيلانه متفرقا .
(12) انظر " جعل " ، وأنها من حروف الاستعانة فيما سلف 11 : 250 ، في كلام الطبري ، والتعليق هناك رقم : 1 ، والتعليق على الأثر رقم : 13862 .
(13) الأثر : 17446 - " عمر بن كثير بن أفلح المدني " ، مولى أبي أيوب الأنصاري ، ثقة ، ذكره ابن حبان في أتباع التابعين ، وكأنه لم يصح عنده لقيه للصحابة . وذكر غيره أنه روى عن كعب بن مالك . وابن عمر ، وسفينة . ومضى برقم : 12223 .
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 4 : 454 ، 455 ، من هذه الطريق نفسها بنحوه .
(14) قوله : " أذكر " أي أشهر ذكرا .
(15) " أصعر " ، أي : أميل ، على وزن " أفعل " التفضيل ، وأصله من " الصعر " ( بفتحتين ) ، وهو ميل في الوجه ، كأنه يلتفت إليه شوقا .
(16) الذي بين القوسين ساقط من المخطوطة ، وأثبته من رواية مسلم في صحيحه . وكان في المطبوعة : " . . . لكي أتجهز معهم ، فلم أقضي من جهازي شيئا " ، أما المخطوطة ، فكان فيها ما يدل على أن الناسخ قد أسقط من الكلام : " . . . لكي أتجهز معهم والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا " .
(17) الزيادة بين القوسين ، من صحيح مسلم .
(18) " تفارط الغزو " ، أي فات وقته ، ومثله " تفرط " ، وفي الحديث : " أنه نام عن العشاء حتى تفرطت " ، أي : فات وقتها .
(19) " أسوة " ، أي : قدوة ومثلا . و " المغموص عليه " ، من قولهم " غمص عليه قولا قاله " ، أي : عابه عليه، وطعن به عليه . ويعني : مطعونا في دينه ، متهما بالنفاق .
(20) " النظر في عطفيه " ، كناية عن إعجابه بنفسه ، واختياله بحسن لباسه . و " العطفان " ، الجانبان ، فهو يتلفت من شدة خيلائه .
(21) الزيادة بين القوسين ، من صحيح مسلم . وظاهر أن الناسخ أسقطها في نسخه .
(22) " المبيض " ( بتشديد الباء وكسرها ) ، هو لا بس البياض . و " يزول به السراب " ، أي : يرفعه ويخفضه ، وإنما يحرك خياله .
(23) " لمزه " ، عابه وحقره .
(24) في المطبوعة : " حضرني همي " ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، والذي فيها مطابق لرواية مسلم في صحيحه . و " البث " ، أشد الحزن . وذلك أنه إذا اشتد حزن المرء ، احتاج أن يفضي بغمه وحزنه إلى صاحب له يواسيه ، أو يسليه ، أو يتوجع له .
(25) " أظل قادما " ، أي : أقبل ودنا قدومه ، كأنه ألقى على المدينة ظله . وقوله : " زاح عني الباطل " ، أي : زال وذهب وتباعد .
(26) " أجمعت صدقه " ، أي : عزمت على ذلك كل العزم ، " أجمع صدقه " و " أجمع على صدقه " ، سواء .
(27) في المطبوعة : " وأصبح " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما في صحيح مسلم .
(28) " الجدل " ، اللدد في الخصومة ، والقدرة عليها ، وعلى مقابلة الحجة بالحجة .
(29) " تجد " من " الوجد " ، وهو الغضب والسخط .
(30) هكذا في المخطوطة : " عفو الله " ومثله في مسند أحمد 3 : 460 وفي صحيح مسلم " عقبى الله " ، أي : أن يعقبني خيرا ، وأن يثبتني عليه .
(31) في المطبوعة حذف " في " من قوله : " لقد عجزت في أن لا تكون " ، وهي ثابتة في المخطوطة ، وهي مطابقة لما في صحيح مسلم . وأما الذي في المطبوعة ، فهو مطابق لما في البخاري من رواية غيره .
(32) في المطبوعة : " ابن الربيع " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وانظر روايته في مسلم " مرارة بن ربيعة " ، وما قالوا في اختلاف رواه مسلم . وما قالوه أيضا في روايته " العامري " ، وأن صوابها " العمري " نسبة إلى بني عمرو بن عوف .
(33) في المطبوعة : " لي فيهما أسوة " ، زاد من عنده ما ليس في المخطوطة ، ولا في صحيح مسلم . وإنما هو من رواية البخاري ، بغير هذا الإسناد .
(34) " مضيت " ، أي : أنفذت ما رأيت . من قولهم : " مضى في الأمر مضاء " ، نفذ ، و " أمضاه " أنفذه .
(35) قوله : " أيها الثلاثة " ، أي : خصصنا بذلك دون سائر المعتذرين . وهذه اللفظة تقال في الاختصاص ، وتختص بالمخبر عن نفسه والمخاطب ، تقول : " أما أنا فأفعل هذا ، أيها الرجل " ، يعني نفسه . انظر ما سلف 3 : 147 ، تعليق : 1 ، في الخبر رقم : 2182 .
(36) " فتأممت " ، وهكذا في المخطوطة أيضا ، وفي رواية البخاري " فتيممت ". وأما في صحيح مسلم ، " فتياممت " ، وقال النووي : " هكذا هو في حميع النسخ ببلادنا ، وهي لغة في : تيممت ، ومعناها : قصدت " . وأما القاضي عياض ، فقال في مشارق الأنوار ( أمم ) : " ومثله : فتيممت بها التنور ، كذا رواه البخاري . ولمسلم : فتأممت ، وكلاهما بمعنى ، سهل الهمزة في رواية ، وحققها في أخرى = أي : قصدت " .
ثم انظر تفسير " الأم " و " التأمم " في تفسير أبي جعفر فيما سلف 5 : 558 / 8 : 407 / 9 : 471 .
وفي المطبوعة : " فتأممت به " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما في مسلم والبخاري ، إلا أن في مسلم " فسجرتها بها " ، وفي البخاري : " فسجرته بها " . وأنث " بها " ، إرادة لمعنى الصحيفة ، وهي الكتاب ، ثم رجع بالضمير إلى " الكتاب " .
" والتنور " ، الكانون الذي يخبز فيه .
و " سجر التنور " ، أوقده وأحماه وأشبع وقوده ، وأراد : أنه زاد التنور التهابا ، بإلقائه الصحيفة في ناره . وهذا كلام معجب ، أراد به أن يسخر من رسالة ملك غسان إليه .
(37) " استلبث " ، أي : أبطأ وتأخر .
(38) في المطبوعة : " تكوني عندهم " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما في صحيح مسلم . وفي البخاري بغير هذا الإسناد : " فتكوني " .
(39) في صحيح مسلم " حين نهي عن كلامنا " ، وضبط " نهي " بالبناء للمجهول ، ورواية أبي جعفر ، تصحح ضبطه بالبناء للمعلوم أيضا .
(40) في المطبوعة : " التي ذكر الله عنا " ، غير ما في المخطوطة ، هو مطابق لما في صحيح مسلم ، وهو العربي العريق .
(41) " أوفى عليه " ، صعده وارتفع عليه ، فأشرف على الوادي منه واطلع .
(42) " آذن " أعلم الناس بها . ورواية مسلم : " فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس " ، والذي هنا مطابق لرواية البخاري ، بغير هذا الإسناد .
(43) " ذهب " ، سلف ما كتبته عن الاستعانة بقولهم : " ذهب " و " جعل " . انظر رقم : 17429 ، ص : 541 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك .
(44) انظر ص : 553 ، تعليق : 1 .
(45) في المخطوطة والمطبوعة : " لتهنك " ، وهي كذلك في رواية البخاري بغير هذا الإسناد ، وفي صحيح مسلم المطبوع : " لتهنئك " ، وذكره القاضي عياض في مشارق الأنوار ( هنأ ) فقال : " ولتهنك توبة الله ، يهمز ، ويسهل " . وقد ذكر صاحب لسان العرب (هنأ ) أن العرب تقول : " ليهنئك الفارس " بجزم الهمزة ، و " ليهنيك الفارس " بياء ساكنة ، ولا يجوز " ليهنك " كما تقول العامة " ، والذي قاله ونسبه للعامة ، صواب لا شك فيه عندي .
(46) قال الحافظ في الفتح : "
قالوا : سبب ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بينه وبين طلحة ، لما آخى بين المهاجرين والأنصار . والذي ذكره أهل المغازي أنه كان أخا الزبير ، لكن كان الزبير أخا طلحة في أخوة المهاجرين ، فهو أخو أخيه " .(47) "
انخلع من ماله " ، أي : خرج من جميع ماله ، وتعرى منه كما يتعرى إنسان إذا خلع ثوبه . وأراد : إخراجه متصدقا به .(48) "
أبلاه " أي : أنعم عليه .(49) "
أن لا أكون " ، " لا " زائدة ، كالتي في قوله تعالى : ( مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ) [ سورة : الأعراف : 12] . انظر ما سلف في تفسير الآية 12 : 323 - 325 .(50) في المطبوعة : "
خلفنا " دون " كنا " ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وما أثبته مطابق لرواية مسلم في صحيحه .(51) في صحيح مسلم : "
مما خلفنا ، تخلفنا عن الغزو " ، والذي هنا وفي المخطوطة ، مطابق لما فيه رواية البخاري بغير هذا الإسناد .(52) في المطبوعة : "
ختم الجملة بقوله : " فقبل منهم " بالجمع ، خالف ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما في صحيح مسلم والبخاري .(53) الأثر : 17447 - حديث كعب بن مالك ، سيرويه أبو جعفر من طرق سأبينها بعد . أما روايته هذه من طريق ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، فهو إسناد مسلم في صحيحه 17 : 87 ، 98 ، وانظر التعليق على الأخبار التالية . وانظر الأثرين السالفين رقم : 16147 ، 17091 ، والتعليق عليهما .
(54) الأثر : 17448 - من هذه الطريق رواه البخاري في صحيحه ( الفتح 8 : 86 - 93 ) ، وأحمد في مسنده 3 : 459 ، 460 ، الحديث بطوله .
(55) الأثر : 17449 - من هذه الطريق ، طريق معمر ، رواه أحمد في مسنده 6 : 387 - 390 . وانظر أيضا ما رواه أحمد في مسنده 3 : 456 ، روايته من طريق يعقوب بن إبراهيم ، عن ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله ، عن عمه محمد بن مسلم الزهري ، الحديث بطوله ، وصحيح مسلم 17 : 98 - 100 .
(56) الأثر : 17450 - سيرة ابن هشام 4 : 175 - 181 ، الحديث بطوله .
- ابن عاشور : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
{ وعلى الثلاثة } معطوف { على النبي } [ التوبة : 117 ] بإعادة حرف الجر لبُعد المعطوف عليه ، أي وتاب على الثلاثة الذين خلفوا . وهؤلاء فريق له حالة خاصة من بين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك غير الذين ذكروا في قوله : { فرح المخلفون بمقعدهم } [ التوبة : 81 ] الآية ، والذين ذكروا في قوله : { وجاء المعذرون } [ التوبة : 90 ] الآية .
والتعريف في { الثلاثة } تعريف العهد فإنهم كانوا معروفين بين الناس ، وهم : كَعب بن مالك من بني سَلِمَة ، ومُرارة بن الربيع العَمْري من بني عَمرو بن عَوْف ، وهلال بن أمية الواقفي من بني واقف ، كلهم من الأنصار تخلفوا عن غزوة تبوك بدون عذر . ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك سألهم عن تخلفهم فلم يكذبوه بالعذر ولكنهم اعترفوا بذنبهم وحزنوا . ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامهم ، وأمرهم بأن يعتزلوا نساءهم . ثم عفا الله عنهم بعد خمسين ليلة . وحديث كعب بن مالك في قصته هذه مع الآخرين في «صحيح البخاري» و«صحيح مسلم» طويل أغر وقد ذكره البغوي في «تفسيره» .
و { خلفوا } بتشديد اللام مضاعف خَلَف المخفف الذي هو فعل قاصر ، معناه أنه وراء غيره ، مشتق من الخلف بسكون اللام وهو الوراء . والمقصود بَقي وراء غيره . يقال : خَلَف عن أصحابه إذا تخلف عنهم في المشيء يَخْلُف بضم اللام في المضارع ، فمعنى { خُلِّفوا } خَلّفهم مُخَلِّف ، أي تركهم وراءه وهم لم يخلفهم أحد وإنما تخلفوا بفعل أنفسهم . فيجوز أن يكون { خلفوا } بمعنى خلَّفوا أنفسهم على طريقة التجريد . ويجوز أن يكون تخليفهم تخليفاً مجازياً استعير لتأخير البت في شأنهم ، أي الذين خُلفوا عن القضاء في شأنهم فلم يعذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا آيسهم من التوبة كما آيس المنافقين . فالتخليف هنا بمعنى الإرجاء . وبهذا التفسير فَسره كعب بن مالك في حديثه المروي في «الصحيح» فقال : وليس الذي ذكر الله مما خُلفنا عن الغزو وإنما تخليفُه إياناً وإرجاؤه أمرنا عَمَّن حَلَف له واعتذر إليه فقُبل منه . اه .
يعني ليس المعنى أنهم خَلَّفوا أنفسهم عن الغزو وإنما المعنى خلَّفهم أحد ، أي جعلهم خَلْفاً وهو تخليف مجازي ، أي لم يُقض فيهم . وفاعل التخليف يجوز أن يراد به النبي صلى الله عليه وسلم أو الله تعالى .
وبناء فعل { خلفوا } للنائب على ظاهره ، فليس المراد أنهم خلفوا أنفسهم .
وتعليق التخليف بضمير { الثلاثة } من باب تعليق الحكم باسم الذات . والمراد : تعليقه بحاللٍ من أحوالها يعلم من السياق ، مثلُ { حُرمت عليكم الميتة } [ المائدة : 3 ].
وهذا الذي فَسَّر كعب به هو المناسب للغاية بقوله : { حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت } لأن تخيل ضيق الأرض عليهم وضيققِ أنفسهم هو غاية لإرجاء أمرهم انتهى عندها التخليف ، وليس غايةً لتخلفهم عن الغزو ، لأن تخلفهم لا انتهاء له .
وضيق الأرض : استعارة ، أي حتى كانت الأرض كالضَّيقة عليهم ، أي عندهم . وذلك التشبيه كناية عن غمهم وتنكر المسلمين لهم . فالمعنى أنهم تخيلوا الأرض في أعينهم كالضيقة كما قال الطرماح :
مَلأتُ عليه الأرض حتى كأنها ... من الضيق في عينيه كِفَّة حَابل
وقوله : { بما رحبت } حال من { الأرض }. والباء للملابسة ، أي الأرض الملابسة لسعتها المعروفة . و { ما } مصدرية .
{ ورحُبت } اتسعت ، أي تخيلوا الأرض ضيقة وهي الأرض الموصوفة بسعتها المعروفة .
وضيق أنفسهم : استعارة للغم والحزن لأن الغم يكون في النفس بمنزلة الضيق . ولذلك يقال للمحزون : ضاق صدره ، وللمسرور : شُرح صدره .
والظن مستعمل في اليقين والجَزممِ ، وهو من معانيه الحقيقية . وقد تقدم عند قوله تعالى : { الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون } في سورة البقرة ( 46 ) وعند قوله تعالى : { وإنّا لنظنك من الكاذبين } في سورة الأعراف ( 66 ) ، أي وأيقنوا أن أمر التوبة عليهم موكول إلى الله دون غيره بما يُوحي به إلى رسوله ، أي التجأوا إلى الله دون غيره . وهذا كناية عن أنهم تابوا إلى الله وانتظروا عفوه .
وقوله : ثم تاب عليهم } عطف على ضاقت عليهم الأرض وما بعده ، أي حتى وقع ذلك كله ثم تاب عليهم بعده .
و { ثُم } هنا للمهلة والتراخي الزمَني وليست للتراخي الرتبي ، لأن ما بعدها ليس أرفع درجة مما قبلها بقرينة السياق ، وهو مغن عن جواب ( إذا ) لأنه يفيد معناه ، فهو باعتبار العطف تنهية للغاية ، وباعتبار المعطوف دال على الجواب .
واللام في { ليتوبوا } للتعليل ، أي تاب عليهم لأجل أن يكفوا عن المخالفة ويتنزهوا عن الذنب ، أي ليدوموا على التوبة ، فالفعل مستعمل في معنى الدوام على التلبس بالمصدر لا على إحداث المصدر .
وليس المراد ليذنبوا فيتوبوا ، إذ لا يناسب مقام التنويه بتوبته عليهم . وجملة { إن الله هو التواب الرحيم } تذييل مفيد للامتنان .
- إعراب القرآن : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
«وَعَلَى الثَّلاثَةِ» عطف على ما قبله «الَّذِينَ» اسم موصول صفة لثلاثة «خُلِّفُوا» ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة صلة «حَتَّى» حرف غاية وجر «إِذا» ظرف زمان يتضمن معنى الشرط «ضاقَتْ» ماض والتاء للتأنيث «عَلَيْهِمُ» متعلقان بضاقت «أَنْفُسُهُمْ» فاعل والجملة معطوفة «وَظَنُّوا» ماض وفاعله والجملة معطوفة «أَنْ» مخففة من أنّ واسمه ضمير الشأن والمصدر المؤول من أن وما بعدها سد مسد مفعولي ظن و«لا» نافية للجنس «مَلْجَأَ» اسم لا «مِنَ اللَّهِ» متعلقان بالخبر المحذوف «إِلَّا» أداة حصر «إِلَيْهِ» متعلقان بمحذوف بدل من اللّه «ثُمَّ» حرف عطف «تابَ» ماض فاعله مستتر والجملة معطوفة «عَلَيْهِمُ» متعلقان بتاب «لِيَتُوبُوا» اللام لام التعليل ومضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والمصدر المؤول في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بتاب «إِنَّ اللَّهَ» إن واسمها «هُوَ» ضمير فصل «التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» خبران لإن والجملة مستأنفة.
- English - Sahih International : And [He also forgave] the three who were left behind [and regretted their error] to the point that the earth closed in on them in spite of its vastness and their souls confined them and they were certain that there is no refuge from Allah except in Him Then He turned to them so they could repent Indeed Allah is the Accepting of repentance the Merciful
- English - Tafheem -Maududi : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(9:118And Allah has forgiven the Three whose case had been put off. *118 When the earth with all its vastness seemed to have become narrow for them, and their own souls were a burden on them, and they realized that there was no refuge for them except in the mercy of Allah Himself, Allah turned to them with kindness so that they should turn to Him. Surely, He is Forgiving and Compassionate. *119
- Français - Hamidullah : Et [Il accueillit le repentir] des trois qui étaient restés à l'arrière si bien que toute vaste qu'elle fût la terre leur paraissait exiguë; ils se sentaient à l'étroit dans leur propre personne et ils pensaient qu'il n'y avait d'autre refuge d'Allah qu'auprès de Lui Puis Il agréa leur repentir pour qu'ils reviennent [à Lui] car Allah est l'accueillant au repentir le Miséricordieux
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : und die Reue der Dreien die zurückgelassen wurden bis die Erde ihnen eng wurde bei all ihrer Weite und ihre Seelen ihnen eng wurden und sie wußten daß es vor Allah keine andere Zuflucht gibt als zu Ihm Hierauf wandte Er Sich ihnen verzeihend zu damit sie bereuen Gewiß Allah ist der Reue-Annehmende und Barmherzige
- Spanish - Cortes : Y a los tres que fueron dejados atrás hasta que la tierra a pesar de su vastedad les resultó angosta y sus espíritus se angustiaron también y creyeron que no había más refugio contra Alá que Él mismo Luego se volvió a ellos para que se arrepintieran Alá es el Indulgente el Misericordioso
- Português - El Hayek : Também absolveu os três que se omitiram na expedição de Tabuk quando a terra com toda a sua amplitude lhesparecia estreita e suas almas se constrangeram e se compenetraram de que não tinham mais amparo senão em Deus E Eleos absolveu a fim de que se arrependessem porque Deus é o Remissório o Misericordiosíssimo
- Россию - Кулиев : Аллах простил и тех троих которым было отсрочено до тех пор пока земля не стала тесной для них несмотря на ее просторы Их души сжались и они поняли что им негде укрыться от Аллаха кроме как у Него Затем Он простил их чтобы они могли раскаяться Воистину Аллах - Принимающий покаяния Милосердный
- Кулиев -ас-Саади : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
Аллах простил и тех троих, которым было отсрочено до тех пор, пока земля не стала тесной для них, несмотря на ее просторы. Их души сжались, и они поняли, что им негде укрыться от Аллаха, кроме как у Него. Затем Он простил их, чтобы они могли раскаяться. Воистину, Аллах - Принимающий покаяния, Милосердный.Аллах также принял покаяния троих мужчин, которые не отправились в поход на Табук вместе с остальными мусульманами. Речь идет о Каабе б. Малике и двух его товарищах. Их история хорошо известна и описана в различных сборниках хадисов. Они были настолько опечалены, что земля показалась им тесной, несмотря на свои бескрайние просторы. Даже их собственные души показались им тесными, несмотря на то, что душа бывает дорога каждому человеку. Весь окружающий мир и все, что обычно не стесняет человека, казалось им тесным. Такое происходит только тогда, когда человек обеспокоен и встревожен настолько, что его беспокойство невозможно выразить словами. А причиной этого было то, что они отдавали предпочтение благосклонности Аллаха и Его посланника, да благословит его Аллах и приветствует, перед всем остальным. Они поняли, что только Аллах, у Которого нет сотоварищей, может избавить их от несчастья, и поэтому они перестали полагаться на творения. Они связали свои надежды со своим Господом, устремились к Нему и терпели испытание, которое их постигло, в течение около пятидесяти дней. Затем Аллах позволил им раскаяться, помог им в этом и принял их покаяние. Он часто принимает покаяния Своих рабов и прощает им совершенные ошибки и упущения. Его милость настолько велика, что Он каждый миг, каждое мгновение осеняет ею Своих рабов, устраивая их мирские и религиозные дела. Из этого откровения можно сделать несколько полезных выводов. Во-первых, этот аят свидетельствует о том, что прощение Аллаха должно быть величайшей целью рабов. К этой цели стремились избранные рабы, и Аллах помог им добиться желаемого и вдохновил на деяния, которые Ему угодны и которыми Он доволен. Во-вторых, обряды поклонения, которые обременительны для человека, имеют преимущество перед остальными обрядами поклонения, и чем труднее выполнять обряд поклонения, тем больше вознаграждение за него. В-третьих, прощение Аллаха зависит от степени раскаяния и сожаления раба, и если человек не придает значения своим прегрешениям и не испытывает стеснения после ослушания Его, то его покаяние является несовершенным, даже если он считает его принятым. В-четвертых, если человек всем сердцем обращается к Всевышнему Аллаху и перестает связывать надежды с творениями, то это является признаком доброго конца и прекращения несчастий. В-пятых, по Своей милости Аллах охарактеризовал троих мусульман качеством, которое не является для них постыдным. Всевышний сказал, что им было отсрочено до тех пор, пока не стало известно, принято их покаяние или отвергнуто. Согласно альтернативного перевода этого выражения, они были оставлены позади мусульманами либо отличились от тех, от кого были приняты оправдания. И хотя они не приняли участие в походе, их поступок не подразумевал отказ от добра, и поэтому Аллах не сказал, что они отказались принять участие в походе. В-шестых, Всевышний почтил этих трех мусульман искренностью, назвал их правдивыми и повелел всем правоверным брать с них пример. Именно поэтому далее Коран гласит:
- Turkish - Diyanet Isleri : Bütün genişliğine rağmen yer onlara dar gelerek nefisleri kendilerini sıkıştırıp Allah'tan başka sığınacak kimse olmadığını anlayan savaştan geri kalmış üç kişinin tevbesini de kabul etti Allah tevbe ettikleri için onların tevbesini kabul etmiştir Çünkü O tevbeleri kabul eden merhametli olandır
- Italiano - Piccardo : Per i tre che erano rimasti a casa la terra nella sua vastità diventò angusta e loro stessi si sentirono stretti e capirono che non c'è altro rifugio da Allah che in Lui stesso Allah accolse il loro pentimento perché potessero pentirsi In Verità Allah è Colui Che perdona il Misericordioso
- كوردى - برهان محمد أمين : ههروهها تهوبهی ئهو سێ کهسهشی وهرگرت که له غهزای تهبووک دواخران دوای ئهوهی که زهوی چهنده فراوانه لێیان تهنگ بۆوه خۆیشیان له خۆیان بێزار بوون دڵنیاش بوون که هیج پهنایهک نیه لهخهشم و قینی خوا بیانپارێزێت جگه لهوهی خۆیان بدهنه پهنای ئهو زاته پاشان تهوبهی لێوهرگرتن تا تهوبه بکهن بهڕاستی ههر خوا تهوبه وهرگرو میهرهبانه له غهزای تهبووکدا سیان له هاوهڵان بێ هیچ بیانوویهک خۆیان دواخست که بریتی بوون له {کهعبی کوڕی مالیک} و {مهرارهی کوڕی ڕهبیع} و {هیلالی کوڕی ئومهییه} کاتێک پێغهمبهر صلی الله علیه وسلم گهڕایهوه دووڕووهکان دههاتن و ههریهک به بیانویهک پاکانهیان دهکرد بهڵام ئهو سێ ئیمانداره هیچ بیانویهکیان نهبوو دانیان بهههڵهی خۆیاندا نا پێغهمبهریش صلی الله علیه وسلم فهرمانیدا کهکهس قسهیان لهگهڵدا نهکات و دهبێت نهچن بهلای خێزانهکانیاندا ئهم تهمێ کردنهش پهنجا شهوی خایاند
- اردو - جالندربرى : اور ان تینوں پر بھی جن کا معاملہ ملتوی کیا گیا تھا۔ یہاں تک کہ جب انہیں زمین باوجود فراخی کے ان پر تنگ ہوگئی اور ان کے جانیں بھی ان پر دوبھر ہوگئیں۔ اور انہوں نے جان لیا کہ خدا کے ہاتھ سے خود اس کے سوا کوئی پناہ نہیں۔ پھر خدا نے ان پر مہربانی کی تاکہ توبہ کریں۔ بےشک خدا توبہ قبول کرنے والا مہربان ہے
- Bosanski - Korkut : a i onoj trojici koja su bila izostala i to tek onda kad im je zemlja koliko god da je bila prostrana postala tijesna i kad im se bilo stisnulo u dušama njihovim i kada su uvidjeli da nema utočišta od Allaha nego samo u Njega On je poslije i njima oprostio da bi se i ubuduće kajali jer Allah uistinu prima pokajanje i milostiv je
- Swedish - Bernström : Och [Han har visat] de tre Sin nåd de tre som inte gick med [i fälttåget] men som [till sist] när jorden och dess vidder tycktes dem trång och de greps av djup beklämning förstod att de inte kunde fly bort från Gud utan måste [finna en väg] tillbaka till Honom Då inneslöt Han dem i Sin nåd så att de i ånger kunde vända sig ifrån synden; Gud den Barmhärtige går den ångerfulle till mötes
- Indonesia - Bahasa Indonesia : dan terhadap tiga orang yang ditangguhkan penerimaan taubat mereka hingga apabila bumi telah menjadi sempit bagi mereka padahal bumi itu luas dan jiwa merekapun telah sempit pula terasa oleh mereka serta mereka telah mengetahui bahwa tidak ada tempat lari dari siksa Allah melainkan kepadaNya saja Kemudian Allah menerima taubat mereka agar mereka tetap dalam taubatnya Sesungguhnya Allahlah Yang maha Penerima taubat lagi Maha Penyayang
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(Dan) Allah menerima tobat pula (terhadap tiga orang yang ditangguhkan) penerimaan tobat mereka melalui bukti yang menunjukkan hal itu (sehingga apabila bumi terasa sempit oleh mereka padahal bumi itu luas) sekalipun kenyataannya bumi itu luas lantaran mereka tidak dapat menemukan tempat yang dapat mengganti hati mereka (dan jika hati mereka pun terasa sempit pula) yakni hati mereka menjadi sempit lantaran susah dan asing disebabkan tobat mereka ditangguhkan penerimaannya sehingga hati mereka tidak gembira dan selalu tidak tenteram (serta mereka menduga) dan merasa yakin (bahwasanya) dibaca dengan takhfif, yaitu an (tidak ada tempat lari dari siksa Allah melainkan kepada-Nya saja. Kemudian Allah menerima tobat mereka) Allah memberikan taufik dan kekuatan kepada mereka untuk bertobat (agar mereka tetap dalam tobatnya. Sesungguhnya Allahlah Yang Maha Penerima tobat lagi Maha Penyayang).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : এবং অপর তিনজনকে যাদেরকে পেছনে রাখা হয়েছিল যখন পৃথিবী বিস্তৃত হওয়া সত্বেও তাদের জন্য সঙ্কুচিত হয়ে গেল এবং তাদের জীবন দূর্বিসহ হয়ে উঠলো; আর তারা বুঝতে পারলো যে আল্লাহ ব্যতীত আর কোন আশ্রয়স্থল নেইঅতঃপর তিনি সদয় হলেন তাদের প্রতি যাতে তারা ফিরে আসে। নিঃসন্দেহে আল্লাহ দয়াময় করুণাশীল।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அல்லாஹ்வின் உத்தரவை எதிர்பார்த்து விட்டு வைக்கப்பட்டிருந்த மூவரையும் அல்லாஹ் மன்னித்து விட்டான்; பூமி இவ்வளவு விசாலமாக இருந்தும் அது அவர்களுக்கு நெருக்கமாகி அவர்கள் உயிர் வாழ்வதும் கஷ்டமாகி விட்டது அல்லாஹ்வின் புகழ் அன்றி அவனைவிட்டுத் தப்புமிடம் வேறு அவர்களுக்கு இல்லையென்பதையும் அவர்கள் உணர்ந்து கொண்டார்கள் ஆகவே அவர்கள் பாவத்திலிருந்து அவர்கள் விலகிக் கொள்ளும் பொருட்டு அவர்களை அல்லாஹ் மன்னித்தான்; நிச்சயமாக அல்லாஹ் தவ்பாவை ஏற்று மன்னிப்பவனாகவும் மிக்க கிருபையுடையவனாகவும் இருக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และอัลลอฮ์ทรงอภัยโทษให้แก่ชายสามคน คือ กะอุบ์ อิบนุมาลิก มุรอเราะฮ์ อิบนุ อัรร่อบีอ์ และฮิลาล อิบนุอุมัยยะฮ์ ที่ไม่ได้ออกไปสงคราม จนกระทั่งแผ่นดินได้คับแคบแก่พวกเขาทั้ง ๆ ที่มันกว้างใหญ่ไพศาล และตัวของพวกเขาก็รู้สึกอึดอัดไปด้วย แล้วพวกเขาก็คาดคิดกันว่าไม่มีที่พึ่งอื่นใดเพื่อให้พ้นจากอัลลอฮ์ไปได้ นอกจากกลับไปหาพระองค์ แล้วพระองค์ก็ทรงอภัยโทษให้พ้นจากอัลลอฮ์ไปได้ นอกจากกลับไปหาพระองค์ แล้วพระองค์ก็ทรงอภัยโทษให้แก่พวกเขา เพื่อพวกเขาจะได้กลับเนื้อกลับตัวสำนักผิดต่อพระองค์ แท้จริงอัลลอฮ์นั้นคือผู้ทรงอภัยโทษ ผู้ทรงเอ็นดูเมตตาเสมอ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ва ортда қолган уч кишига ҳам Уларга кенг ер тор бўлиб юраклари сиқилиб Аллоҳдан қочиб ўзгага бориб бўлмаслигига ишонганларидан сўнг тавба қилишлари учун тавба эшиги очилди Албатта Аллоҳ тавбаларни қабул қилувчи ва раҳмли зотдир Бу уч кишининг қиссаси ҳамма тарих китобларимизда тафсир ва ҳадис китобларимизда ривоят қилинган Мазкур уч киши Каъб ибн Молик Мирора ибн Робиъ ва Ҳилол ибн Умаййа алВоқифийлар мунофиқ эмас балки чин мусулмон бўлганлар лекин хато қилиб Табук ғазотига бормай қолганлар
- 中国语文 - Ma Jian : 他也允许那3个人悔过,他们留待真主的命令,感到大地虽广,他们觉得无地自容;心境也觉得很狭隘,相信除向真主悔过外,无法逃避真主的震怒。此后,他允许了他们悔过,以便他们自新。真主确是至恕的,确是至慈的。
- Melayu - Basmeih : Dan Allah menerima pula taubat tiga orang yang ditangguhkan penerimaan taubat mereka hingga apabila bumi yang luas ini terasa sempit kepada mereka kerana mereka dipulaukan dan hati mereka pula menjadi sempit kerana menanggung dukacita serta mereka yakin bahawa tidak ada tempat untuk mereka lari dari kemurkaan Allah melainkan kembali bertaubat kepadaNya; kemudian Allah memberi taufiq serta menerima taubat mereka supaya mereka kekal bertaubat Sesungguhnya Allah Dia lah Penerima taubat lagi Maha Mengasihani
- Somali - Abduh : saddexdiina wuu ka toobad aqbalay la dib mariyey intuu kaga cidhiidhyamo dhulku isagoo waasac ah kuna cidhiidhyantay naftooda una maleeyeen Yaqiinsaden inayna jirin meel la magan galo oon Eebe ahayn markaas Eebe ka toobad aqbalay inay toobadkeenaan Eebana waa toobad aqbale Naxariista
- Hausa - Gumi : Kuma Allah Yã karɓi tũba a kan ukun nan waɗanda aka jinkirtar har ƙasa da yalwarta ta yi ƙunci a kansu kuma rãyukansu suka yi ƙunci a kansu kuma suka yi zaton bãbu wata mafakã daga Allah fãce kõmãwa zuwa gare Shi Sa'an nan Allah Ya karɓi tũbarsu dõmin su tabbata a kan tũba Lalle Allah ne Mai karɓar tũba Mai jin ƙai
- Swahili - Al-Barwani : Na pia wale watatu walio achwa nyuma hata dunia wakaiona dhiki juu ya ukunjufu wake na nafsi zao zikabanika na wakayakinika kuwa hapana pa kumkimbia Mwenyezi Mungu isipo kuwa kwake Yeye Kisha akawaelekea kwa rehema yake ili nao waendelee kutubu Hakika Mwenyezi Mungu ndiye Mwenye kupokea toba na Mwenye kurehemu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndia pranoi pendimin edhe të atyre treve që patën munguar në ushtri dhe kjo prej atëherë kur toka – përkundër gjerësisë së saj atyre iu dukë e ngushtë dhe ishte shtrëngim për shpirtërat e tyre dhe qenë të bindur se nuk ka strehim tjetër përveç Perëndisë e pastaj Perëndia i përgatiti ata për pendim që të pendohen Me të vërtetë Perëndia pranon pendimin dhe është mëshirues
- فارسى - آیتی : و نيز خدا پذيرفت توبه آن سه تن را كه از جنگ تخلف كرده بودند، تا آنگاه كه زمين با همه گشادگيش بر آنها تنگ شد و جان در تنشان نمىگنجيد و خود دانستند كه جز خداوند هيچ پناهگاهى كه بدان روى آورند ندارند. پس خداوند توبه آنان بپذيرفت تا به او بازآيند، كه توبهپذير و مهربان است.
- tajeki - Оятӣ : Ва низ Худо пазируфт тавбаи он се танро, ки аз ҷанг хонанишинӣ карда буданд, то он гоҳ, ки замин бо ҳамаи кушодагияш бар онҳо танг шуд ва ҷон дар танашон намеғунҷид ва худ донистанд, ки ҷуз Худованд ҳеҷ паноҳгоҳе, ки ба он рӯй оваранд, надоранд. Пас Худованд тавбаи онон пазируфт, то ба Ӯ бозоянд, ки тавбапазиру меҳрубон аст!
- Uyghur - محمد صالح : جىھادقا چىقمىغان ئۈچ كىشىنىڭ تەۋبىسىنىمۇ اﷲ قوبۇل قىلدى. شۇنچە كەڭ زېمىن ئۇلارغا تار تۇيۇلغان، ئۇلارنىڭ جانلىرى سىقىلغان، ئۇلار اﷲ قا تەۋبە قىلماي تۇرۇپ اﷲ نىڭ غەزىپىدىن قۇتۇلۇش مۇمكىن ئەمەسلىكىگە ئىشەنگەن ئىدى. ئاندىن ئۇلارنىڭ تەۋبە قىلغۇچىلاردىن بولۇشى ئۈچۈن، اﷲ ئۇلارنى تەۋبىگە مۇۋەپپەق قىلدى. اﷲ تەۋبىنى بەكمۇ قوبۇل قىلغۇچىدۇر، (بەندىلىرىگە) ناھايىتى مېھرىباندۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : തീരുമാനം മാറ്റിവെക്കപ്പെട്ട ആ മൂന്നാളുകള്ക്കും അവന് മാപ്പേകിയിരിക്കുന്നു. ഭൂമി ഏറെ വിശാലമായിരുന്നിട്ടുകൂടി അതവര്ക്ക് ഇടുങ്ങിയതായിത്തീര്ന്നുപ. തങ്ങളുടെ മനസ്സുകള്തിന്നെ അവര്ക്ക്ട കദനഭാരത്താല് ദുര്വ്ഹമായിമാറി. അല്ലാഹുവിന്റെ പിടിയില് നിന്ന് രക്ഷപ്പെടാന് അവനില്ത്തൂന്നെ അഭയം തേടലല്ലാതെ മാര്ഗനമില്ലെന്ന് അവര്ക്ക് ബോധ്യമായി. അപ്പോള് അല്ലാഹു അവരോട് കരുണ കാണിച്ചു. അവര് പശ്ചാത്തപിച്ചു മടങ്ങാന്. സംശയമില്ല; അല്ലാഹു പശ്ചാത്താപം ധാരാളമായി സ്വീകരിക്കുന്നവനാണ്. പരമദയാലുവും.
- عربى - التفسير الميسر : وكذلك تاب الله على الثلاثه الذين خلفوا من الانصار وهم كعب بن مالك وهلال بن اميه ومراره بن الربيع تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحزنوا حزنا شديدا حتى اذا ضاقت عليهم الارض بسعتها غما وندما بسبب تخلفهم وضاقت عليهم انفسهم لما اصابهم من الهم وايقنوا ان لا ملجا من الله الا اليه وفقهم الله سبحانه وتعالى الى الطاعه والرجوع الى ما يرضيه سبحانه ان الله هو التواب على عباده الرحيم بهم
*118) These Three were among those who came to the Holy Prophet to present their excuses for staying behind. More than eighty of them were hypocrites, who put forward lame excuses and the Holy Prophet accepted these and let them go. Then came the turn of these Three, who were true Believers, and they confessed their fault plainly. Therefore the Holy Prophet postponed the decision of their case and ordered the Muslims not to have any social relations with them till the decision of their cast came from Allah. This verse was sent down to decide their case.
In this connection it should be kept in mind that the case of these Three was different from the case of the seven mentioned in E.N. 99. They had inflicted the punishment on themselves before they were called to account for their fault.
*119) The Three whose condition has been described in this verse, were Ka`ab bin Malik, Hilal bin Umayyah and Murarah bin Rubai. They were sincere Believers, as has been stated above, and had made many sacrifices and given proofs of their sincerity before this. The last two had taken part in the battle of Badr also, and therefore their Faith was above every kind of suspicion. Though Ka'ab had not taken part in the battle of Badr, he had accompanied the Holy Prophet in every other expedition. But in spite of all these services, they were severely punished for the negligence they had shown on the critical occasion of the Tabuk Expedition, when all the able-bodied Muslims were commanded to go forth to Jihad.
When the . Holy Prophet came back from Tabuk, he ordered the Muslims to break away completely from them; so much so that they should not even respond to their greetings. After forty days of this boycott their wives also were ordered to have nothing to do with them. In short, they were reduced at AI-Madinah to the same sad plight which has been described in this verse. At last, after a boycott of fifty days, this verse was sent down to announce their forgiveness.
The story of the above-mentioned boycott has been described in detail by Ka`ab bin Malik, who was one of the Three. When he became old and blind, he himself told his story to his son, ' Abdullah, who used to accompany him everywhere. As this story is an excellent lesson for all, it is given below in Ka`ab's own words:
"When the Holy Prophet urged upon the people to get ready for Jihad, I made up my mind to make preparations for this. But when I went home, I became negligent, saying to myself, `There is .no hurry: when the time comes I will readily make preparations and start forthwith'. In this way I went on putting off my preparations till the time carne when the army was going to start on the Expedition. As I had made no preparations for the journey, I said to myself, `It dces not matter: 1 will be able to join the army in a couple of days during the journey' . But again the same negligence prevented me from putting my intention into practice. At last no occasion was left for me to join the army. To add to my misery my conscience pricked me over and over again that the people with whom I had stayed behind in AI-Madinah were either the hypocrites or those Muslims who were old or otherwise unfit for Jihad.
"When the Holy Prophet came back from Tabuk, he, as usual, said two rak'ats of prayer in the Mosque. Then he sat there to meet the people. At first, the hypocrites, whose number was a little more than eighty, came to him and offered lathe excuses on solemn oaths. The Holy Prophet listened to the false story of each of them and accepted their apparent excuses and left the decision about their hearts to Allah, saying, `May Allah forgive you' . Then it was my turn to put forward my excuse. I went forward and uttered my salutations. He smiled and said, `Well, what kept you behind?' (I hesitated for a moment.) By God, I would have invented one excuse or the other to satisfy any man of the world, for I am well versed in the art of conversation. But here was the Holy Prophet who was demanding an explanation from me. I believed that even if I succeeded in satisfying him by making a false excuse, AIlah will inform him of the truth of the case and I shall again incur his displeasure. On the other hand, if I told the truth, I expected that Allah would forgive me, even though I were to incur his displeasure for the time being. So I replied, `Sir, I have no excuse for staying behind. I was in every way able to go forth (to Tabuk)' . At this the Holy Prophet remarked, `This is the man who has told the truth'. Then turning to me, he said, `Go and wait till Allah decides your case'
"I rose from there and took my seat among the people of my own clan. They at once began to tease and reprove me because I had made no excuse. At this, I was tempted to go and make some false excuse. But when I came to know that there were also two good people (Murarah bin Rubai and Hilal bin Umayyah), who had told the same thing that I had, I felt satisfied and stuck to the truth.
"After this the Holy Prophet issued a general order that no one should have any kind of talk with us. The other two confined themselves to their houses but I used to go out of my house and say my prayers in congregation and walk through the bazaars. As nobody spoke to me, it appeared to me that I was a foreigner in some strange city where I had no acquaintances. When I attended the mosque, I would utter the usual salutations and wait in vain for a response from the Holy Prophet. I would turn stealthy looks at him to read his thoughts in regard to me, but he would turn his eyes away from me, though he had been looking at me while I was engaged in prayer. As this condition became intolerable for me, one day I went to see Abu Qatadah who was a cousin of mine and a friend from childhood. I climbed over the wall of his garden and uttered my salutations, but even he did not make any response to it. Then I said, `O Abu Qatadah ! I ask you to tell me on oath whether I love or do not love Allah and His Messenger' . But he remained silent. Again I repeated the question but he kept silent. I asked him on oath to answer my question. Then he merely replied, `Allah and His Messenger know best' . At this my eyes were filled with tears, and I came back.
"Another incident happened during, those days. Once I was passing through the bazaar, when a Syrian came to me and gave me a letter wrapped in silk. This was from the king of Ghassan and read like this: `We have come to know that your Leader is persecuting you these days. As you are not an ignoble person, we will not leave you to rot there. Therefore come to us and we will honour you (as you deserve)' I said to myself, `Here is another hard trial for me' . Then I threw the letter into the burning oven.
"The boycott continued for forty days, when a man brought this message from the Holy Prophet that I should separate from my wife. I asked whether I should divorce her but was told that I should only separate from her. Accordingly I said to my wife, 'Go to your parental home and wait till a decision comes from Allah. '
"On the fiftieth day, when after the morning prayers, I was sitting in a state of utter despair on the top of my house, all of a sudden some one cried aloud, `O Ka`ab bin Malik! Please accept my congratulations.' Hearing this, I fell prostrate to the ground before Allah, for I understood that the Command of my forgiveness had come After this, people began to pour in, each trying to forestall the other in congratulating me on the acceptance of my repentance. I rose and went directly to the Mosque. I noticed that the face of the Holy Prophet was glowing with happiness and in response to my salutations, he said, `I congratulate you on this: it is the best day of your life.' I said, `Is this forgiveness from you or from Allah?' He replied, `It is from Allah.' Then he recited these verses (117-118). I asked, `O Messenger of Allah! Does my repentance require that I should give the whole of my property in charity?' He replied, `Keep a part of it, for it will be better for you.' Accordingly, I kept my property at Khaibar for myself and gave all the rest in charity. Then I solemnly pledged that I would stick to the truth throughout the rest of my life, for Allah had forgiven me in return for the truth I had told. That is why I have never uttered a word against reality intentionally up to this time and hope and expect that Allah will protect me from lies in future as well. "
This story contains many lessons, and every Believer should impress these on his mind and heart.
The first and foremost lesson we learn from this story is that the matter of the conflict between Islam and kufr is so important and delicate that we should take the greatest possible care to be on our guard in regard to this. Not to mention the case of one who takes active part on the side of kufr, if a Muslim shows the least negligence even inadvertently in taking part on the side of Islam once in his life; and that, too, not with any evil intention, he is liable to lose all the lifelong services and devotions rendered by him in the cause of Islam. That was why such a severe action was taken even against those worthy people who had done great deeds of valour in the battles of Badr, Uhd, Ahzab and Hunain, and whose sincerity and Faith were absolutely above suspicion.
The second thing, which is as important as the first, is that one should never consider lightly any negligence in the performance of a duty, for this often misleads one to commit an offence that is counted among heinous sins. The fact that ore did not commit the offence with any evil intention cannot save one from punishment.
Lastly, this story presents the true spirit of the society that had been evolved out under the leadership of the Holy Prophet. On the one side there were the hypocrites whose treacherous deeds were quite well known to all. They offered lame excuses which were accepted without demur for nothing better could be expected from them. On the other side, let us take the case of Ka`ab bin Malik, who was a tried Believer, and whose sacrifices were above every kind of suspicion. He did not invent any false story to justify himself but confessed his fault quite plainly and clearly. But in contrast to the hypocrites, a severe chastisement was inflicted on him, not because there was any suspicion about his Faith but because a sincere Believer like him had behaved in a way in which only a hypocrite could behave. Thus the chastisement was meant to remind them: "You are the salt of the earth. But if you, too, become tasteless, wherefrom will then salt be obtained?"
There is another noteworthy side of the matter. The part played by the Leader and the Follower and the Muslim Society in this incident is unique. The Leader inflicts the most severe punishment but with the feelings of affection and without any tinge of anger or hatred in it. It is like the punishment which a father gives to his son, It is always understood that the punishment is given for the good of the son, who knows that as soon as he mends his ways, he will regain the fatherly love. And the Follower sets an excellent example of obedience under very trying circumstances. He suffers hard from the severity of the chastisement but never thinks of rebelling against the Leader because of any false personal or clannish pride; nay, he dces not cherish in his heart any complaint against his beloved Leader, but begins to love him even more than before. During this saddest period of his life the only thing he yearns for is a look of affection from his Leader. For he is like a famine-stricken farmer whose only hope is the piece of cloud which he sees floating in the sky.
Now let us have a glimpse of the Muslim society, which displayed the greatest discipline and the highest moral spirit that had ever been shown by any society. No sooner dces the Leader order the boycott than the whole community becomes a stranger to the follower not only in public but also in private. So much so that his nearest relatives and closest friends do not even speak to him; nay, his own wife leaves him alone. He implores them on oath to tell him if they suspected his sincerity, but even his lifelong companions make a point-blank refusal, saying that he should ask Allah and His Messenger for that testimony. But in spite of the show of this strict discipline, the moral spirit of the community is so high and so pure that not a single person tries to take advantage of the position of the fallen brother by adding insult to his injury; nay, every one feels sorry for his brother in disgrace, and is imps ent to embrace him as soon as he is forgiven. That is why the people run in haste to tell him the good news. to build.
The above is the model of the Righteous community that the Qur'an aims
This background makes it plain why Allah not only forgave them but also manifested His Kindness; Gentleness and Compassion in His Forgiveness to these people. It was because of their sincerity which they proved during the fifty days of their chastisement. Had they shown arrogance after the commission of their offence and retaliated by taking angry and hostile actions as dces every selfworshipper whose pride is wounded: had they behaved during their boycott in a manner as if they would break away from the community but never bow down before it: had they passed this period in spreading dissatisfaction in the community and gathering around them all the disgruntled people in order to organize a strong "opposition" against the Leader, then they would have most certainly been expelled from the community, as if to say, "Go you now and worship the idol of your self, for henceforth you will never be given any opportunity for exerting to raise the Word of Allah". But these Three did not adopt this way though it was open to them. On the contrary, they took a different way, as has been seen, and proved that God-worship had destroyed every idol that might have remained hidden in their hearts: that they had dedicated themselves entirely to the exertion in the Way of Allah: that while joining the Islamic community they had burnt their boats to make it impossible for themselves to go back anywhere: that they would put up with every kind of treatment but would remain in the community and die as a member of it and would scornfully reject any offer of an honorable place outside it; and would rather bear disgrace in it. That was why they were again taken in the community with the same honour as before. This is the explanation of the kind words of forgiveness: "Allah turned to them with kindness so that they should turn to Him." In these concise words, the Qur'an has depicted the true picture of the matter. The Master had at first turned away His attention from His Three servants but when He saw that they had not left His door but had remained there with broken hearts, He again turned to them in appreciation of their fidelity so as to bring them back into the fold.