- عربي - نصوص الآيات عثماني : قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيْرُ صَٰلِحٍۢ ۖ فَلَا تَسْـَٔلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ ۖ إِنِّىٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ
- عربى - نصوص الآيات : قال يا نوح إنه ليس من أهلك ۖ إنه عمل غير صالح ۖ فلا تسألن ما ليس لك به علم ۖ إني أعظك أن تكون من الجاهلين
- عربى - التفسير الميسر : قال الله: يا نوح إن ابنك الذي هلك ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم؛ وذلك بسبب كفره، وعمله عملا غير صالح، وإني أنهاك أن تسألني أمرًا لا علم لك به، إني أعظك لئلا تكون من الجاهلين في مسألتك إياي عن ذلك.
- السعدى : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
فـ { قَالَ } الله له: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذين وعدتك بإنجائهم { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } أي: هذا الدعاء الذي دعوت به، لنجاة كافر, لا يؤمن بالله ولا رسوله.
{ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي: ما لا تعلم عاقبته،ومآله، وهل يكون خيرا، أو غير خير.
{ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } أي: أني أعظك وعظا تكون به من الكاملين، وتنجو به من صفات الجاهلين.
- الوسيط لطنطاوي : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
وقوله - سبحانه - ( قَالَ يانوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ . . ) رد من الله - تعالى - على نوح فيما طلبه منه .
أى : قال الله - تعالى - مجيبا لنوح - عليه السلام - فيما أسأله إياه : يا نوح إن ابنك هذا ( لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) لأن مدار الأهلية مبنى على القرابة الدينية ، وقد انقطعت بالكفر فلا علاقة بين مسلم وكافر .
أو ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم ، بل هو ممن سبق عليه القول بسبب كفره .
فالمراد نفى أن يكون من أهل دينه واعتقاده ، وليس المراد نفى أن يكون من صلبه ، لأن ظاهر الآية يدل على أنه ابنه من صلبه ، ومن قال بغير ذلك فقوله ساقط ولا يلتفت إليه ، لخلوه عن الدليل .
قال ابن كثير : وقد نص غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب فى تفسير هذا إلا أنه ليس بابنه ، وإنما كان ابن زنية .
وقال ابن عباس وغير واحد من السلف : ما زنت امرأة نبى قط ، ثم قال : وقوله ( لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) أى : الذين وعدتك بنجاتهم .
وقول ابن عباس فى هذا هو الحق الذى لا محيد عنه؛ فإن الله - تعالى - أغير من أن يمكن امرأة نبى من الفاحشة .
وجملة ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) تعليل لنفى الأهلية .
وقد قرأ الجمهور ( عمل ) بفتح الميم وتنوين اللام - على أنه مصدر مبالغة فى ذمة حتى لكأنه هو نفس العمل غير الصالح وأصل الكلام إنه ذو عمل غير صالح ، فحذف المضاف للمبالغة بجعله عين عمله الفاسد لمداومته عليه .
وقرأ الكسائي ويعقوب ( عمل ) بوزن فرح بصيغة الفعل الماضى - أى : إنه عمل غير صالح وهو الكفر والعصيان ، فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه .
قال صاحب الكشاف وقوله : ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) تعليل لانتفاء كونه من أهله وفيه إيذان بأن قرابة الدين غامرة لقرابة النسب ، وأن نسيبك فى دينك ومعتقدك من الأباعد فى المنصب وإن كان حبشيا وكنت قرشيا لصيفك وخصيصك ، ومن لم يكن على دينك وإن كان أمس أقاربك رحما فهو أبعد بعيد منك .
وقال الفخر الرازى : هذه الآية يدل على أن العبرة بقرابة الدين لا بقرابة النسب ، فإن فى هذه الصورة كانت قرابة النسب حاصلة من أقوى الوجوه ، ولكن لما انتفت قرابة الدين ، لا جرم نفاه الله - تعالى - بأبلغ الألفاظ وهو : قوله : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) .
والفاء فى قوله : ( فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ . . ) للتفريع .
أى : ما دمت قد وقفت على حقيقة الحال ، فلا تلتمس منى ملتمسا لا تعلم على وجه اليقين ، أصواب هو أم غير صواب ، بل عليك أن تثبت من صحة ما تطلبه ، قبل أن تقدم على طلبه .
وجملة ( إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين ) تأكيد لما قبلها ، ونهى له عن مثل هذا السؤال فى المستقبل ، بعد أن أعلمه بحقيقة حال ابنه .
أى : إن أنهاك يا نوح عن أن تكون من القوم الجاهلين ، الذين يسألون عن أشياء لا يتحققون وجه الصواب فيها .
- البغوى : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
( قال ) الله عز وجل : ( يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ) قرأ الكسائي ويعقوب : " عمل " بكسر الميم وفتح اللام " غير " بنصب الراء على الفعل ، أي : عمل الشرك والتكذيب . وقرأ الآخرون بفتح الميم ورفع اللام وتنوينه ، " غير " برفع الراء معناه : أن سؤالك إياي أن أنجيه عمل غير صالح ، ( فلا تسألن ) يا نوح ، ( ما ليس لك به علم ) .
قرأ أهل الحجاز والشام " فلا تسألن " بفتح اللام وتشديد النون ، ويكسرون النون غير ابن كثير فإنه يفتحها ، وقرأ الآخرون بجزم اللام وكسر النون خفيفة ، ويثبت أبو جعفر وأبو عمرو وورش ويعقوب الياء في الوصل .
( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) واختلفوا في هذا الابن ؛ قال مجاهد والحسن : كان ولد حنث من غير نوح ، ولم يعلم بذلك نوح ، ولذلك قال : ( ما ليس لك به علم ) وقرأ الحسن " فخانتاهما " ( التحريم - 10 ) .
وقال أبو جعفر الباقر : كان ابن امرأته وكان يعلمه نوح ولذلك قال " من أهلي " ولم يقل مني .
وقال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك والأكثرون : إنه كان ابن نوح عليه السلام من صلبه . وقال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط . وقوله : ( إنه ليس من أهلك ) أي : من أهل الدين لأنه كان مخالفا له في الدين ، وقوله : " فخانتاهما " أي : في الدين والعمل الصالح لا في الفراش .
وقوله : ( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) يعني : أن تدعو بهلاك الكفار ثم تسأل نجاة كافر .
- ابن كثير : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
( قال يانوح إنه ليس من أهلك ) أي : الذين وعدت إنجاءهم ; لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك; ولهذا قال : ( وأهلك إلا من سبق عليه القول ) [ هود : 40 ] ، فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوحا ، عليه السلام .
وقد نص غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلى أنه ليس بابنه ، وإنما كان ابن زنية ، ويحكى القول بأنه ليس بابنه ، وإنما كان ابن امرأته عن مجاهد ، والحسن ، وعبيد بن عمير ، وأبي جعفر الباقر ، وابن جريج ، واحتج بعضهم بقوله : ( إنه عمل غير صالح ) وبقوله : ( فخانتاهما ) [ التحريم : 10 ] ، فممن قاله الحسن البصري ، احتج بهاتين الآيتين . وبعضهم يقول : كان ابن امرأته . وهذا يحتمل أن يكون أراد ما أراد الحسن ، أو أراد أنه نسب إليه مجازا ، لكونه كان ربيبا عنده ، فالله أعلم .
وقال ابن عباس ، وغير واحد من السلف : ما زنت امرأة نبي قط ، قال : وقوله : ( إنه ليس من أهلك ) أي : الذين وعدتك نجاتهم .
وقول ابن عباس في هذا هو الحق الذي لا محيد عنه ، فإن الله سبحانه أغير من أن يمكن امرأة نبي من الفاحشة ولهذا غضب الله على الذين رموا أم المؤمنين عائشة بنت الصديق زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنكر على المؤمنين الذين تكلموا بهذا وأشاعوه; ولهذا قال تعالى : ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) إلى قوله ( إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) [ النور : 11 - 15 ] .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة وغيره ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في العمل والنية . قال عكرمة : في بعض الحروف : " إنه عمل عملا غير صالح " ، والخيانة تكون على غير باب .
وقد ورد في الحديث أن رسول الله قرأ بذلك ، فقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ : " إنه عمل غير صالح " ، وسمعته يقول : ( ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) ولا يبالي ( إنه هو الغفور الرحيم ) [ الزمر : 53 ] .
وقال أحمد أيضا : حدثنا وكيع ، حدثنا هارون النحوي ، عن ثابت البناني ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة أن رسول الله قرأها : " إنه عمل غير صالح " .
أعاده أحمد أيضا في مسنده .
أم سلمة هي أم المؤمنين والظاهر - والله أعلم - أنها أسماء بنت يزيد ، فإنها تكنى بذلك أيضا .
وقال عبد الرزاق أيضا : أخبرنا الثوري وابن عيينة ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سليمان بن قتة قال : سمعت ابن عباس - سئل - وهو إلى جنب الكعبة - عن قول الله : ( فخانتاهما ) [ التحريم : 10 ] ، قال : أما وإنه لم يكن بالزنا ، ولكن كانت هذه تخبر الناس أنه مجنون ، وكانت هذه تدل على الأضياف . ثم قرأ : ( إنه عمل غير صالح ) قال ابن عيينة : وأخبرني عمار الدهني أنه سأل سعيد بن جبير عن ذلك فقال : كان ابن نوح ، إن الله لا يكذب! قال تعالى : ( ونادى نوح ابنه ) قال : وقال بعض العلماء : ما فجرت امرأة نبي قط .
وكذا روي عن مجاهد أيضا ، وعكرمة ، والضحاك ، وميمون بن مهران وثابت بن الحجاج ، وهو اختيار أبي جعفر بن جرير ، وهو الصواب [ الذي ] لا شك فيه .
- القرطبى : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ
أي ليس , من أهلك الذين وعدتهم أن أنجيهم ; قاله سعيد بن جبير .
وقال الجمهور : ليس من أهل دينك ولا ولايتك ; فهو على حذف مضاف ; وهذا يدل على أن حكم الاتفاق في الدين أقوى من حكم النسب .أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ
قرأ ابن عباس وعروة وعكرمة ويعقوب والكسائي " إنه عمل غير صالح " أي من الكفر والتكذيب ; واختاره أبو عبيد .
وقرأ الباقون " عمل " أي ابنك ذو عمل غير صالح فحذف المضاف ; قاله الزجاج وغيره .
قال : ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت فإنما هي إقبال وإدبار أي ذات إقبال وإدبار .
وهذا القول والذي قبله يرجع إلى معنى واحد .
ويجوز أن تكون الهاء للسؤال ; أي إن سؤالك إياي أن أنجيه .
عمل غير صالح .
قال قتادة .
وقال الحسن : معنى عمل غير صالح أنه ولد على فراشه ولم يكن ابنه .
وكان لغير رشدة , وقاله أيضا مجاهد .
قال قتادة سألت الحسن عنه فقال : والله ما كان ابنه ; قلت إن الله أخبر عن نوح أنه قال : " إن ابني من أهلي " فقال : لم يقل مني , وهذه إشارة إلى أنه كان ابن امرأته من زوج آخر ; فقلت له : إن الله حكى عنه أنه قال : " إن ابني من أهلي " " ونادى نوح ابنه " ولا يختلف أهل الكتابين أنه ابنه ; فقال الحسن : ومن يأخذ دينه عن أهل الكتاب ! إنهم يكذبون .
وقرأ : " فخانتاهما " [ التحريم : 10 ] .
وقال ابن جريج : ناداه وهو يحسب أنه ابنه , وكان ولد على فراشه , وكانت امرأته خانته فيه , ولهذا قال : " فخانتاهما " .
وقال ابن عباس : ( ما بغت امرأة نبي قط ) , وأنه كان ابنه لصلبه .
وكذلك قال الضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وغيرهم , وأنه كان ابنه لصلبه .
وقيل لسعيد بن جبير يقول نوح : " إن ابني من أهلي " أكان من أهله ؟ أكان ابنه ؟ فسبح الله طويلا ثم قال : ( لا إله إلا الله ! يحدث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أنه ابنه , وتقول إنه ليس ابنه ! نعم كان ابنه ; ولكن كان مخالفا في النية والعمل والدين , ولهذا قال الله تعالى : " إنه ليس من أهلك " ) ; وهذا هو الصحيح في الباب إن شاء الله تعالى لجلالة من قال به , وإن قوله : " إنه ليس من أهلك " ليس مما ينفي عنه أنه ابنه .
وقوله : " فخانتاهما " [ التحريم : 10 ] يعني في الدين لا في الفراش , وذلك أن هذه كانت تخبر الناس أنه مجنون , وذلك أنها قالت له : أما ينصرك ربك ؟ فقال لها : نعم .
قالت : فمتى ؟ قال : إذا فار التنور ; فخرجت تقول لقومها : يا قوم والله إنه لمجنون , يزعم أنه لا ينصره ربه إلا أن يفور هذا التنور , فهذه خيانتها .
وخيانة الأخرى أنها كانت تدل على الأضياف على ما سيأتي إن شاء الله .
والله أعلم .
وقيل : الولد قد يسمى عملا كما يسمى كسبا , كما في الخبر ( أولادكم من كسبكم ) .
ذكره القشيري .
في هذه الآية تسلية للخلق في فساد أبنائهم وإن كانوا صالحين .
وروي أن ابن مالك بن أنس نزل من فوق ومعه حمام قد غطاه , قال : فعلم مالك أنه قد فهمه الناس ; فقال مالك : الأدب أدب الله لا أدب الآباء والأمهات , والخير خير الله لا خير الآباء والأمهات .
وفيها أيضا دليل على أن الابن من الأهل لغة وشرعا , ومن أهل البيت ; فمن وصى لأهله دخل في ذلك ابنه , ومن تضمنه منزله , وهو في عياله .
وقال تعالى في آية أخرى : " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون .
ونجيناه وأهله من الكرب العظيم " [ الصافات : 75 ] فسمى جميع من ضمه منزله من أهله .
ودلت الآية على قول الحسن ومجاهد وغيرهما : أن الولد للفراش ; ولذلك قال نوح ما قال آخذا بظاهر الفراش .
وقد روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع عبيد بن عمير يقول : نرى رسول الله صلى عليه وسلم إنما قضى بالولد للفراش من أجل ابن نوح عليه السلام ; ذكره أبو عمر في كتاب " التمهيد " .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) يريد الخيبة .
وقيل : الرجم بالحجارة .
وقرأ عروة بن الزبير .
" ونادى نوح ابنها " يريد ابن امرأته , وهي تفسير القراءة المتقدمة عنه , وعن علي رضي الله عنه , وهي حجة للحسن ومجاهد ; إلا أنها قراءة شاذة , فلا نترك المتفق عليها لها .
والله أعلم .عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ
أي أنهاك عن هذا السؤال , وأحذرك لئلا تكون , أو كراهية أن تكون من الجاهلين ; أي الآثمين .
ومنه قوله تعالى : " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا " [ النور : 17 ] أي يحذركم الله وينهاكم .
وقيل : المعنى أرفعك أن تكون من الجاهلين .
قال ابن العربي : وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحا عن مقام الجاهلين , ويعليه بها إلى مقام العلماء والعارفين
- الطبرى : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)
قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: قال الله يا نوح إن الذي غرقته فأهلكته الذي تذكر أنه من أهلك ليس من أهلك.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: (ليس من أهلك) .
فقال بعضهم: معناه: ليس من ولدك ، هو من غيرك. وقالوا: كان ذلك من حِنْثٍ. (1)
*ذكر من قال ذلك:
18208- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، في قوله: (إنه ليس من أهلك)، قال: لم يكن ابنه.
18209- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا يحيى بن يمان، عن شريك، عن جابر، عن أبي جعفر: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، قال: ابن امرأته.
18210- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن علية، عن أصحاب ابن أبي عروبة فيهم ، [عن] الحسن قال: لا والله ، ما هو بابنه. (2)
18211-. . . . قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، قال: هذه بلغة طيّ لم يكن ابنه، كان ابن امرأته.
18212- حدثني المثني قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، حدثنا هشيم، عن عوف، ومنصور، عن الحسن في قوله: (إنه ليس من أهلك) ، قال: لم يكن ابنه. وكان يقرؤها: ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (3)
18213- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كنت عند الحسن فقال: " نادى نوح ابنه "، لعمْر الله ما هو ابنه ! قال: قلت : يا أبا سعيد يقول: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، وتقول: ليس بابنه؟ قال: أفرأيت قوله: (إنه ليس من أهلك) ؟ قال: قلت إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك، (4) ولا يختلف أهل الكتاب أنه ابنه. قال: إن أهل الكتاب يكذبون.
18214- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: سمعت الحسن يقرأ هذه الآية: (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)، فقال عند ذلك: والله ما كان ابنه . ثم قرأ هذه الآية: فَخَانَتَاهُمَا ، [ سورة التحريم: 10] قال سعيد: فذكرت ذلك لقتادة، قال: ما كان ينبغي له أن يحلف.
18215- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : (فلا تسألن ما ليس لك به علم) ، قال: تبيّن لنوح أنه ليس بابنه.
18216- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فلا تسألن ما ليس لك به علم) ، قال: بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
18217- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد مثله.
18218- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
قال ابن جريج في قوله: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، قال: ناداه وهو يحسبه أنه ابنه وكان وُلد على فراشه
18219- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل، عن ثوير، عن أبي جعفر: (إنه ليس من أهلك) ، قال: لو كان من أهله لنجا. (5)
18220- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا سفيان، عن عمرو، سمع عبيد بن عمير يقول: نرى أن ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم " الولد للفراش "، من أجل ابن نوح.
18221- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن الحسن قال: لا والله ما هو بابنه.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: (ليس من أهلك) الذين وعدتك أن أنجيهم.
*ذكر من قال ذلك:
18222- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن أبي عامر، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، قال: هو ابنه.
18223- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان قال ، حدثنا أبو عامر، عن الضحاك قال: قال ابن عباس: هو ابنه، ما بغت امرأة نبيٍّ قطُّ.
18224- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا الثوري، عن أبي عامر الهمدانيّ، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس قال، ما بغت امرأة نبي قط. قال: وقوله: (إنه ليس من أهلك)، الذين وعدتك أن أنجيهم معك.
18225- حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة وغيره، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: هو ابنه: غير أنه خالفه في العمل والنية ، قال عكرمة في بعض الحروف: (إِنَّهُ عَمِلَ عَمَلا غَيْرَ صَالِحٍ) ، والخيانة تكون على غير بابٍ.
18226- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، كان عكرمة يقول: كان ابنه، ولكن كان مخالفًا له في النية والعمل، فمن ثم قيل له: (إنه ليس من أهلك).
18227- حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري وابن عيينة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قتة قال: سمعت ابن عباس يُسْأل وهو إلى جنب الكعبة عن قول الله تعالى: فَخَانَتَاهُمَا ، [سورة التحريم: 10] ، قال: أما إنه لم يكن بالزنا، ولكن كانت هذه تخبر الناس أنه مجنون، وكانت هذه تدل ، على الأضياف. ثم قرأ: (إنه عملٌ خير صالح) ، قال ابن عيينة: وأخبرني عمار الدُّهني : أنه سأل سعيد بن جبير عن ذلك فقال: كانَ ابن نوح، إن الله لا يكذب! قال: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، قال: وقال بعض العلماء: ما فجرت امرَأة نبيٍّ قط.
18228- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عيينة، عن عمار الدهني، عن سعيد بن جبير قال: قال الله ، وهو الصادق، وهو ابنه: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ .
18229- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا أبن يمان، عن سعيد، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس قال: ما بَغَت امرأة نبي قط.
18230- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم، قال: سألت أبا بشر عن قوله: (إنه ليس من أهلك)، قال: ليس من أهل دينك، وليس ممن وعدتك أن أنجيهم ، قال يعقوب: قال هشيم: كان عامة ما كان يحدِّثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير.
18231- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن عبيد، عن يعقوب بن قيس قال: أتى سعيد بن جبير رجلٌ فقال: يا أبا عبد الله، الذي ذكر الله في كتابه " ابن نوح " أبنُه هو؟ قال: نعم، والله إن نبيَّ الله أمره أن يركب معه في السفينة فعصى، فقال: سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ، قال: ( يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) ، لمعصية نبي الله.
18232- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير : أنه جاء إليه رجل فسأله . فقال: أرأيتك ابن نُوح أبنه؟ فسبَّحَ طويلا ثم قال: لا إله إلا الله، يحدِّث الله محمدًا: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وتقول ليس منه ؟ ولكن خالفه في العمل، فليس منه من لم يؤمن.
18233- حدثني يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية، عن أبي هارون الغنوي، عن عكرمة في قوله: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، قال: أشهد أنه ابنه، قال الله: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ .
18234- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة قالا هو ابنه.
18235- حدثني فضالة بن الفضل الكوفي قال، قال بزيع: سأل رجل الضحاك عن ابن نوح ، فقال: ألا تعجبون إلى هذا الأحمق ! يسألني عن ابن نوح، وهو ابن نوح كما قال الله: قال نوح لابنه. (6)
18236- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا عبيد، عن الضحاك أنه قرأ: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، وقوله: (ليس من أهلك) ، قال: يقول: ليس هو من أهلك. قال: يقول: ليس هو من أهل ولايتك، ولا ممن وعدتك أن أنجى من أهلك ، (إنه عمل غير صالح) ، قال: يقول كان عمله في شرك.
18237- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك قال، هو والله ابنه لصُلْبه.
18238- حدثني المثني قال ، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (ليس من أهلك) ، قال: ليس من أهل دينك، ولا ممن وعدتك أن أنجيه، وكان ابنه لصلبه.
18239- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (قال يا نوح إنه ليس من أهلك) ، يقول: ليس ممن وعدناه النجاة.
18240- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (إنه ليس من أهلك) ، يقول: ليس من أهل ولايتك، ولا ممن وعدتك أن أنجي من أهلك ، (إنه عمل غير صالح) ، يقول: كان عمله في شرك.
18241- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا خالد بن حيان، عن جعفر بن برقان، عن ميمون، وثابت بن الحجاج قالا هو ابنه ، ولد على فراشه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: تأويل ذلك: إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم، لأنه كان لدينك مخالفًا ، وبي كافرًا ، وكان ابنه لأن الله تعالى ذكره قد أخبر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه ابنه فقال: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، وغير جائز أن يخبر أنه ابنه فيكون بخلاف ما أخبر. وليس في قوله: (إنه ليس من أهلك) ، دلالةٌ على أنه ليس بابنه، إذ كان قوله: (ليس من أهلك) ، محتملا من المعنى ما ذكرنا، ومحتملا أنه ليس من أهل دينك، ثم يحذف " الدين " فيقال: (إنه ليس من أهلك)، كما قيل: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ، [سورة يوسف: 82] .
* * *
وأما قوله: (إنه عمل غير صالح) ، فإن القراء اختلفت في قراءته.
فقرأته عامة قراء الأمصار: ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) بتنوين " عمل " ورفع " غير ".
* * *
واختلف الذين قرءوا ذلك كذلك في تأويله.
فقال بعضهم: معناه: إن مسألتك إياي هذه عمل غير صالح.
*ذكر من قال ذلك:
18242- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم: (إنه عمل غير صالح) ، قال: إن مسألتك إياي هذه عملٌ غير صالح.
18243- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إنه عمل غير صالح) ، أي سوء (7) ، (فلا تسألن ما ليس لك به علم).
18244- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إنه عمل غير صالح) ، يقول: سؤالك عما ليس لك به علم.
18245- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن حمزة الزيات، عن الأعمش، عن مجاهد قوله: (إنه عمل غير صالح) ، قال: سؤالك إياي، عمل غير صالح ، (فلا تسألن ما ليس لك به علمٌ).
* * *
وقال آخرون: بل معناه: إن الذي ذكرت أنّه ابنك فسألتني أن أنجيه ، عملٌ غير صالح، أي : أنه لغير رشدة . وقالوا: " الهاء "، في قوله: " إنه " عائدة على " الابن ".
*ذكر من قال ذلك:
18246- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن أنه قرأ: ( عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) ، قال: ما هو والله بابنه. (8)
* * *
وروي عن جماعة من السلف أنهم قرءوا ذلك: (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ) ، على وجه الخبر عن الفعل الماضي، وغير منصوبة. وممن روي عنه أنه قرأ ذلك كذلك ، ابنُ عباس.
18247- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عينة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قتة، عن ابن عباس أنه قرأ: (عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ) .
* * *
ووجَّهوا تأويل ذلك إلى ما:-
18248- حدثنا به ابن وكيع قال ، حدثنا غندر، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ)، قال: كان مخالفًا في النية والعمل.
* * *
قال أبو جعفر: ، ولا نعلم هذه القراءة قرأ بها أحد من قراء الأمصار ، إلا بعض المتأخرين، واعتلَّ في ذلك بخبر روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ ذلك كذلك ، غيرِ صحيح السند. وذلك حديث روي عن شهر بن حوشب، فمرة يقول : " عن أم سلمة "، ومرة يقول : " عن أسماء بنت يزيد " ، ولا نعلم أبنت يزيد [يريد] ؟ (9) ولا نعلم لشهر سماعًا يصح عن أمّ سلمة. (10)
* * *
قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، وذلك رفع (عَمَلٌ) بالتنوين، ورفع (غَيْرُ)، يعني: إن سؤالك إياي ما تسألنيه في أبنك ، المخالفِ دينَك ، الموالي أهل الشرك بي من النجاة من الهلاك، وقد مضت إجابتي إياك في دعائك: لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، ما قد مضى من غير استثناء أحد منهم ، (11) عملٌ غير صالح، لأنَّه مسألة منك إليّ أن لا أفعل ما قد تقدّم مني القول بأني أفعله ، في إجابتي مسألتك إياي فعله. فذلك هو العمل غير الصالح.
* * *
وقوله: ( لا تسألن ما ليس لك به علم) ، نهيٌ من الله تعالى ذكرهُ نبيه نوحًا أن يسأله أسباب أفعاله التي قد طوى علمها عنه وعن غيره من البشر. يقول له تعالى ذكره: إني يا نوح قد أخبرتك عن سؤالك سبب إهلاكي ابنك الذي أهلكته، فلا تسألن بعدها عما قد طويتُ علمه عنك من أسباب أفعالي، وليس لك به علم ، " إني أعظك أن تكون من الجاهلين " في مسألتك إياي عن ذلك.
* * *
وكان ابن زيد يقول في قوله: (إني أعظك أن تكون من الجاهلين)، ما:-
18249- حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) ، أنْ تبلغ الجهالة بك أن لا أفي لك بوعد وعدتك ، حتى تسألني ما ليس لك به علم ، وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله: (فلا تسألن ما ليس لك به علم) ، فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار ( فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ) ، بكسر النون وتخفيفها ، ونحْوًا بكسرها إلى الدلالة على " الياء " التي هي كناية اسم الله [في] : فلا تسألني. (12)
وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض أهل الشام: ( فَلا تَسْأَلَنَّ ) ، بتشديد النون وفتحها بمعنى: فلا تسألنَّ يا نوح ما ليس لك به علم.
* * *
قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا ، تخفيفُ النون وكسرها، لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب المستعمل بينهم.
----------------------
الهوامش :
(1) " الحنث " (بكسر الحاء وسكون النون ) ، الذنب والمعصية . وفي الحديث " يكثر فيهم أولاد الحنث " ، أي : أولاد الزنا . ويروى " الخبث " ( بالخاء مضمومة والثاء ) ، من " الخبث " ، وهو الفساد والفجور . وفي الحديث : " إذا كثر الخبث كان كذا وكذا " ، أي : الفسق والفجور . وفي الحديث " أنه أتى برجل مخدج سقيم ، وجد مع أمة يخبث بها " ، أي : يزني بها . ويقال : " هو ابن خبثة " ، لابن الزنية ، ولد لغير رشدة .
(2) الأثر : 18210 - كان في المطبوعة : " عن أصحاب ابن أبي عروبة فيهم الحسن " ، وهو كلام لا معنى له ، وخاصة بعد تصرفه في نص المخطوطة ، لأنه لم يفهم معنى هذا الإسناد ، إذ كان فيها : " عن أصحاب ابن أبي عروبة فيهم الحسن " ، وهذا أيضًا فاسد ، يصلحه ما زدته بين القوسين، فإن " ابن علية " يروي عن " سعيد بن أبي عروبة " ، و " ابن أبي عروبة " روى عن " الحسن البصري ".
(3) الأثر : 18212 - انظر ما سيأتي رقم : 18246 .
(4) في المخطوطة : " إنه ليس من أهلي " ، وفوقها حرف ( ط ) دلالة على الخطأ .
(5) الأثر : 18219 - " ثوير " ، هو " ثوير بن أبي فاختة " ، ضعيف ، مضى مرارًا ، آخرها برقم : 9833 . وكان في المطبوعة : " ثور " ، والصواب من المخطوطة .
(6) الأثر : 18235 - " فضالة بن الفضل بن فضالة التميمي الطهوي الكوفي " ، شيخ الطبري ، صدوق ربما أخطأ . مترجم في التهذيب وابن أبي حاتم 3 / 2 / 79 .
و" بزيع " هو اللحام ، أبو حازم ، وهو "بزيع بن عبد الله " سمع الضحاك . كان أبو نعيم يتكلم فيه ، وضعفه النسائي وغيره . وقال ابن عدي : " إنما أنكروا عليه ما يحكيه عن الضحاك من التفسير ولا يتابع عليه " . مترجم في الكبير 1 / 2 / 130 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 420 ، ولسان الميزان 2 : 12 ، وميزان الاعتدال 1 : 143 . وهكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة في آخر الخبر : " كما قال الله ، قال نوح لابنه " ، والآية : " ونادى نوح ابنه " ، وأخشى أن يكون أراد : " قال نوح لابنه : يا بني اركب معنا " .
(7) أخشى أن يكون الصواب : " أي سؤالك إياي " ، ولكن هكذا هو في المخطوطة والمطبوعة .
(8) الأثر : 18246 - انظر ما سلف رقم : 18212 .
(9) في المطبوعة : " ولا نعلم لبنت يزيد ، ولا نعلم لشهر . . . " ، وفي المخطوطة مثله ، إلا أن فيها : " أبنت يريد " ، ورأيت أن أبا جعفر أراد ما أثبت ، بهذه الزيادة بين القوسين ، وكأنه يقول : إنه يقول مرة " أم سلمة " ومرة " أسماء بنت يزيد " ، ولا نعلم أهي التي يريد بقوله : " أم سلمة " ، أم غيرها ، وانظر التعليق التالي .
(10) . . . حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد ، أو " أم سلمة " ، لم يذكر أبو جعفر إسناده ، وسأفصل القول فيه في هذا الموضع ، فإن أبا جعفر لم يوف الأمر حقه ، ولم يبينه بيانًا شافيًا .
1 - وهذا الحديث ، رواه أحمد في مسنده في ثلاثة مواضع 6 : 454 ، 459 ، 460 ، كلها من طريق : حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن شهر بن حوشب ، عن " أسماء بنت يزيد " ، والطريق الأولى والثالثة ، مطولة ، فيها قراءة آية سورة الزمر : 53
{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلاَ يُبَالِي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } .
2 - ومن هذه الطريق نفسها ، رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص : 226 ، رقم : 1631 ، مقتصرًا على الآية الأولى ، " شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية " .
3 - ورواه أبو داود في سننه 4 : 47 ، من طريقين ، رقم : 3982 ، 3983 . الأولى : حماد ، عن ثابت ، عن شهر ، عن أسماء بنت يزيد .
الثانية : عبد العزيز بن المختار ، عن ثابت ، عن شهر قال : سألت أم سلمة : كيف كان رسول الله يقرأ هذه الآية ؟
4 - ورواه الترمذي في " القراءات " ، من طريق عبد الله بن حفص ، عن ثابت البناني ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة .
وقال : وقد روي هذا الحديث أيضًا عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد .
5 - ورواه أبو نعيم في الحلية 8 : 301 ، من طريق محمد بن ثابت البناني ، عن ثابت البناني ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة . " وقال : حديث مشهور من حديث ثابت " ، وانظر رقم ( 8 ) ، فإن الطيالسي جعله من حديث أم سلمة أم المؤمنين .
6 - ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 249 ، مقتصرًا على آية " سورة الزمر " ، التي ذكرتها في رقم : 1 ، من طريق حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن شهر ، عن أسماء بنت يزيد ، ثم قال : " هذا حديث غريب عال ، ولم أذكر في كتابي هذا عن شهر ، غير هذا الحديث الواحد " .
7 - ورواه أحمد في مسنده 6 : 294 ، 322 ، من طريق هارون النحوي ، عن ثابت البناني ، عن أبيه ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ( وذلك في مسند أم سلمة أم المؤمنين . ( وظني أن أبا جعفر ذهب إلى أن شهرًا دلس في هذا الحديث ، فلا يعلم أأراد " أسماء بنت يزيد الأنصارية " ، أم " أم سلمة " أم المؤمنين ، ولذلك قال بعد : "ولا نعلم لشهر سماعًا يصح عن أم سلمة " ، ولا شك أن الطبري عنى هنا " أم سلمة " أم المؤمنين ." وأسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية " ، هي مولاة " شهر بن حوشب " ، وكنيتها " أم سلمة " ، فلذلك صرح باسمها مرة ، وكناها أخرى ، وهذا لا يضر . و" شهر بن حوشب " ، كان أروى الناس عن مولاته " أم سلمة " ، "أسماء بنت يزيد " وقال أحمد : " ما أحسن حديثه " ، ووثقه ، وقال : " روى عن أسماء أحاديث حسانًا " .وقال الترمذي ، بعد أن ساق الخبر ، " وسمعت عبد بن حميد يقول : أسماء بنت يزيد ، هي أم سلمة الأنصارية ، كلا الحديثين عندي واحد . وقال روى شهر بن حوشب غير حديث عنه أم سلمة الأنصارية ، وهي أسماء بنت يزيد . وقد روى عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحو هذا " وسنذكر حديث عائشة بعد . ومع ذلك ، فرواية شهر بن حوشب ، عن " أم سلمة " أم المؤمنين قد ذكر البخاري في الكبير 2 / 2 / 259 ، فقال : " سمع أم سلمة " ، ولم يزد ، ولم يذكر " أسماء بنت يزيد " ، ومن أجل ذلك خشيت أن يكون البخاري أراد " أم سلمة ، " أسماء بنت يزيد " ، لا أم المؤمنين . وأما ابن أبي حاتم 2 / 1 / 382 فذكر أنه : " روى عن أم سلمة ، وأسماء بنت يزيد " ، ففرق ، ودل التفريق على أنه أراد " أم سلمة " ، أم المؤمنين . صرح الحافظ ابن حجر في ترجمته ، بسماعه عن " أم سلمة " أم المؤمنين . وروايته عن أم المؤمنين جائزة ، فإن " أم سلمة " زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توفيت على الصحيح سنة 61 أو سنة : 62 . وشهر بن حوشب عاش ثمانين سنة ، ومات سنة 100 ، ويقال سنة 111 ، أو سنة 112 . فسماعه منها لا ينقضه شيء من شبهة العمر . أما الرواية ، فقد صحح العلماء أنه روى عنها . فرد الطبري روايته بأنه لا يعلم له سماعًا عن أم المؤمنين، لا يقوم على شيء ، فقد عرف ذلك غيره . بيد أن الحافظ بن حجر ، نقل في ترجمة " شهر بن حوشب " ، فذكر عن صالح بن محمد ، بعد توثيقه شهرًا ، وأنه لم يوقف له على كذب ، ثم قال : "ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في القراءات ، لا يأتي بها غيره " . وقد كان شهر قارئا ، ذكر ذلك الطبري نفسه ، حتى قال أيوب بن أبي حسين : " ما رأيت أحدًا أقرأ لكتاب الله منه " ، فإن يكن في حديث شهر شيء ، فإنما هو غرابة خبره ، وهذا لا يضر إذا صح الإسناد . ولكن يبقى الإشكال من ناحية أخرى ، رواية أحمد من طريق هارون النحوي ، عن ثابت البناني نفسه ( كما في رقم 7 ) ، والذي رواه الطيالسي رقم ( 8 ) من طريق محمد بن ثابت ، عن ثابت ، يضم إليه رقم ( 5 ) من رواية أبي نعيم ، ويضم إليها ، الطريق الثانية من رقم ( 3 ) ، ثم رقم ( 4 ) من رواية الترمذي ، وإن كان قد نقل عن " عبد بن حميد " ، أنهما واحد . كما سلف . ورواية هذه الأخبار كلها تدور على " ثابت البناني ، عن شهر " ، فكأن ثابتًا البناني ، رواه عن شهر عن : أم سلمة أسماء بنت يزيد ، وعنه عن أم سلمة أم المؤمنين ، فهما حديثان لا شك في ذلك ، لا كما قال " عبد بن حميد " ، ولكن هل روى ذلك أحد عن أم سلمة أم المؤمنين ، غير شهر بن حوشب ؟ لا أدري . فإذا صح أن شهرًا قد انفرد به عن أم المؤمنين ، فهل وقع الخطأ في ترك الفصل بينهما ، من ثابت أم من الذي يليه ؟ لا أدري أيضًا . وإذا كانا حديثًا واحدًا ، فكيف وقع التفريق في المسانيد ، فجعل حديثين ، وكيف وقع هذا التفريق ؟ ولم وقع ؟ ألمجرد الشبهة من قبل الكنية " أم سلمة " ؟ هذا موضع يحتاج إلى تفصيل دقيق . وهذا ، فيما أظن ، هو الذي جعل أبا جعفر الطبري ، يشكك في رواية الخبر ، لاختلاطه ، ولكنه علله بغير علة الاختلاط والاضطراب كما رأيت .
* * * وأما حديث عائشة ، الموافق لحديث أم سلمة ، في هذه القراءة ، فقد رواه البخاري في الكبير 1 / 1 / 286 ، 287 ، من طريق إبراهيم بن الزبرقان ، عن أبي روق ، عن محمد بن جحادة ، عن أبيه ، عن عائشة ، ثم رواه أيضًا منها 1 / 2 / 251 .ورواه الحاكم في المستدرك من هذه الطريق نفسها ، وقال الذهبي تعليقا عليه " إسناده مظلم " . وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 : 155 ، وقال : " رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه حميد بن الأزرق ، ولم أعرفه . وبقية رجاله ثقات " . والكلام في حديث عائشة يطول ، ففي رواية محمد بن جحادة الإيامي ، عن أبيه ، كلام ليس هذا موضع تحقيقه .
(11) السياق : " إن سؤالك إياي . . . عمل غير صالح " ، فقوله " عمل " ، خبر " إن " في صدر الجملة .
(12) في المخطوطة والمطبوعة : " كناية اسم الله فلا تسألن " وبنون مفردة في آخرها . والصواب ، إن شاء الله ، ما أثبت ، بزيادة " في " ، وزيادة الياء في " تسألني " .
- ابن عاشور : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
ومعنى قوله تعالى : { إنّه ليس من أهلك } نفي أن يكون من أهل دينه واعتقاده ، فليس ذلك إبطالاً لقول نوح عليه السّلام : { إن ابني من أهلي } ولكنّه إعلام بأنّ قرابة الدين بالنسبة لأهل الإيمان هي القرابة ، وهذا المعنى شائع في الاستعمال .
قال النابغة يخاطب عيينة بن حصن :
إذا حاولت في أسد فجوراً ... فإني لست منك ولست منّي
وقال تعالى : { ويحلفون بالله إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قومٌ يفرقون } [ التوبة : 56 ].
وتأكيد الخبر لتحقيقه لِغرابته .
وجملة { إنّه عَمل غير صالح } تعليل لمضمون جملة { إنه ليس من أهلك } ف ( إنّ ) فيه لمجرد الاهتمام .
و { عَمَلٌ } في قراءة الجمهور بفتح الميم وتنوين اللام مصدر أخبر به للمبالغة وبرفع { غيرُ } على أنه صفة ( عمل ). وقرأه الكسائي ، ويعقوب { عَمِلَ } بكسر الميم بصيغة الماضي وبنصب { غيرَ } على المفعولية لفعل ( عمل ). ومعنى العمل غير الصالح الكفر ، وأطلق على الكفر ( عمل ) لأنه عمل القلب ، ولأنّه يظهر أثره في عمل صاحبه كامتناع ابن نوح من الركوب الدال على تكذيبه بوعيد الطوفان .
وتفرع على ذلك نهيه أن يَسأل ما ليس له به علم نهيَ عتاب ، لأنّه لما قيل له { إنّه ليس من أهلك } بسبب تعليله بأنه عمل غير صالح ، سقط ما مهد به لإجابة سؤاله ، فكان حقيقاً بأن لا يسأله وأن يتدبّر ما أرَاد أن يسأله من الله .
وقرأه نافع ، وابن عامر ، وأبو جعفر «فلا تسألنّي» بتشديد النون وهي نون التوكيد الخفيفة ونون الوقاية أدغمتا . وأثبتَ ياء المتكلم من عدا ابنَ كثير من هؤلاء . أما ابن كثير فقرأ «فلا تسألنّ» بنون مشددة مفتوحة . وقرأه أبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، ويعقوب ، وخلف «فلا تسألْنِ» بسكون اللام وكسر النون مخففة على أنّه غير مؤكد بنون التوكيد ومعدى إلى ياء المتكلم .
وأكثرهم حذف الياء في حالة الوصل ، وأثبتها في الوصل ورش عن نافع وأبو عمرو .
ثم إن كان نوح عليه السّلام لم يسبق له وحي من الله بأن الله لا يغفر للمشركين في الآخرة كان نهيه عن أن يسأل ما ليس له به علم ، نهيَ تنزيه لأمثاله لأن درجة النبوءة تقتضي أن لا يقدم على سؤال ربه سؤْلاً لا يعلم إجابته . وهذا كقوله تعالى : { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } [ سبأ : 23 ] وقوله : { لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً } [ النبإ : 38 ] ، وإن كان قد أوحي إليه بذلك من قبل ، كما دل عليه قوله : { وإنّ وعدكَ الحقُ } ، وكان سؤاله المغفرة لابنه طلباً تخصيصَه من العموم . وكان نهيه نهيَ لَوم وعتاب حيث لم يتبيّن من ربه جواز ذلك .
وكان قوله : { ما ليس لك به علم } محتملاً لظاهره ، ومحتملاً لأن يكون كناية عن العلم بضده ، أي فلا تسألني ما علمت أنه لا يقع .
ثم إن كان قول نوح عليه السّلام { إنّ ابني من أهلي } إلى آخره تعريضاً بالمسؤول كان النّهي في قوله : { فلا تسألنّي ما ليس لك به علم } نهياً عن الإلحاح أو العود إلى سؤاله؛ وإن كان قول نوح عليه السّلام مجرد تمهيد للسؤال لاختبار حال إقبال الله على سؤاله كان قوله تعالى : { فلا تسألنّي } نهياً عن الإفضاء بالسؤال الذي مَهّد له بكلامه . والمقصود من النهي تنزيهه عن تَعريض سؤاله للردّ .
وعلى كل الوجوه فقوله : { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } موعظة على ترك التثبّت قبل الإقدام .
والجهل فيه ضد العلم ، وهو المناسب لمقابلته بقوله : { ما ليس لك به علم }.
- إعراب القرآن : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
لا يوجد إعراب لهذه الآية في كتاب "مشكل إعراب القرآن" للدعاس
- English - Sahih International : He said "O Noah indeed he is not of your family; indeed he is [one whose] work was other than righteous so ask Me not for that about which you have no knowledge Indeed I advise you lest you be among the ignorant"
- English - Tafheem -Maududi : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ(11:46) In response Noah was told: 'Most certainly he is not of your family; verily he is of unrighteous conduct. *49 So do not ask of Me for that concerning which you have no knowledge. I admonish you never to act like the ignorant ones. *50
- Français - Hamidullah : Il dit O Noé il n'est pas de ta famille car il a commis un acte infâme Ne me demande pas ce dont tu n'as aucune connaissance Je t'exhorte afin que tu ne sois pas du nombre des ignorants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Er sagte "O Nuh er gehört nicht zu deinen Angehörigen Er ist eine Tat die nicht rechtschaffen ist So bitte Mich nicht um etwas wovon du kein Wissen hast Ich ermahne dich nicht zu den Toren zu gehören"
- Spanish - Cortes : Dijo ¡Noé ¡Él no es de tu familia ¡Es un acto incorrecto ¡No me pidas algo de lo que no tienes conocimiento Te prevengo ¡no seas de los ignorantes
- Português - El Hayek : Respondeulhe Ó Noé em verdade ele não é da tua família porque sua conduta é injusta; não Me perguntes pois acerca daquilo que ignoras; exortote a que não sejas um do insipientes
- Россию - Кулиев : Он сказал О Нух Ной Он - не частица твоей семьи и такой поступок не является праведным Не проси Меня о том чего не ведаешь Воистину Я призываю тебя не быть одним из невежд
- Кулиев -ас-Саади : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَОн сказал: «О Нух (Ной)! Он - не частица твоей семьи, и такой поступок не является праведным. Не проси Меня о том, чего не ведаешь. Воистину, Я призываю тебя не быть одним из невежд».
О Нух! Твой сын не относится к тем членам твоей семьи, которым было обещано спасение. А молитва о спасении безбожника, который отказался уверовать в Аллаха и Его посланника, является неправедным поступком. Не проси меня о вещах, последствия которых тебе не известны, ведь одни из них могут принести тебе пользу, а другие - причинить тебе вред. Я настоятельно советую тебе быть одним из совершенных рабов и избавиться от качеств невежественных людей.
- Turkish - Diyanet Isleri : Allah "Ey Nuh O senin ailenden sayılmaz; çünkü kötü bir iş işlemiştir; öyleyse bilmediğin şeyi Benden isteme İşte sana öğüt bilgisizlerden olma" dedi
- Italiano - Piccardo : Disse [Allah] “O Noè egli non fa parte della tua famiglia è [frutto di] qualcosa di empio Non domandarmi cose di cui non hai alcuna scienza Ti ammonisco affinché tu non sia tra coloro che ignorano”
- كوردى - برهان محمد أمين : خوای گهورهش فهرمووی ئهی نوح بهڕاستی ئهو له خێزانی تۆ نهبوو چونکه بهڕاستی ئهو کرداری چاك نهبوو کهوابوو داوای شتێکم لێ مهکه که زانیاریت دهربارهی نیه بێگومان من ئامۆژگاریت دهکهم که کارێك نهکهیت خۆت بخهیته ڕیزی نهفامانهوه
- اردو - جالندربرى : خدا نے فرمایا کہ نوح وہ تیرے گھر والوں میں نہیں ہے وہ تو ناشائستہ افعال ہے تو جس چیز کی تم کو حقیقت معلوم نہیں ہے اس کے بارے میں مجھ سے سوال ہی نہ کرو۔ اور میں تم کو نصیحت کرتا ہوں کہ نادان نہ بنو
- Bosanski - Korkut : "O Nuhu on nije čeljade tvoje" – rekao je On – "jer radi ono što ne valja zato Me ne moli za ono što ne znaš Savjetujem ti da neznalica ne budeš"
- Swedish - Bernström : [Gud] svarade "Noa Han var inte av din familj han begick [mycken] orätt Be Mig inte om sådant som du saknar all kännedom om Jag förmanar dig för att du inte skall bli [som] en av dem som inte vet [vad rätt och orätt är]"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Allah berfirman "Hai Nuh sesungguhnya dia bukanlah termasuk keluargamu yang dijanjikan akan diselamatkan sesungguhnya perbuatannya perbuatan yang tidak baik Sebab itu janganlah kamu memohon kepadaKu sesuatu yang kamu tidak mengetahui hakekatnya Sesungguhnya Aku memperingatkan kepadamu supaya kamu jangan termasuk orangorang yang tidak berpengetahuan"
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
(Dan berfirmanlah) Allah swt. ("Hai Nuh! Sesungguhnya dia bukan termasuk keluargamu) yang dijanjikan akan diselamatkan, atau dia bukan termasuk pemeluk agamamu (sesungguhnya) permintaanmu kepada-Ku yang memohon supaya dia diselamatkan (perbuatan yang tidak baik) karena sesungguhnya dia adalah orang kafir, dan tidak ada keselamatan bagi orang-orang kafir. Menurut qiraat lain dibaca `amila sedangkan lafal ghairu dibaca ghaira dan dhamir kembali kepada anaknya Nabi Nuh, artinya sesungguhnya dia telah mengerjakan perbuatan yang tidak baik (sebab itu janganlah kamu memohon kepada-Ku) dapat dibaca tas-alanna dan tas-alan (sesuatu yang kamu tidak mengetahuinya) yaitu memohon supaya anakmu diselamatkan. (Sesungguhnya Aku memperingatkan kepadamu supaya kamu jangan termasuk orang-orang yang tidak berpengetahuan") yang menyebabkan kamu meminta kepada-Ku apa-apa yang kamu tidak ketahui hakikatnya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আল্লাহ বলেন হে নূহ নিশ্চয় সে আপনার পরিবারভুক্ত নয়। নিশ্চই সে দুরাচার সুতরাং আমার কাছে এমন দরখাস্ত করবেন না যার খবর আপনি জানেন না। আমি আপনাকে উপপদেশ দিচ্ছি যে আপনি অজ্ঞদের দলভুক্ত হবেন না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அதற்கு இறைவன் கூறினான்; "நூஹே உண்மையாகவே அவன் உம் குடும்பத்தைச் சேர்ந்தவன் அல்லன்; நிச்சயமாக அவன் ஒழுக்கமில்லாச் செயல்களையே செய்து கொண்டிருந்தான்; ஆகவே நீர் அறியாத விஷயத்தைப் பற்றி என்னிடம் கேட்க வேண்டாம்; நீர் அறியாதவர்களில் ஒருவராகி விடவேண்டாம் என்று திடமாக நான் உமக்கு உபதேசம் செய்கிறேன்"
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : พระองค์ทรงตรัสว่า “โอ้นุห์เอ๋ย แท้จริงเขามิได้เป็นคนหนึ่งในครอบครัวของเจ้า แท้จริงการกระทำของเขาไม่ดี ดังนั้นเจ้าอย่าร้องเรียนต่อข้าในสิ่งที่เจ้าไม่มีความรู้ แท้จริงข้าขอเตือนเจ้าที่เจ้าจะอยู่ในหมู่ผู้งมงาย
- Uzbek - Мухаммад Содик : У зот Эй Нуҳ албатта уўғил аҳлингдан эмас Албатта у яхши амал эмасдир Ўзингнинг илминг бўлмаган нарсани зинҳор сўрамагин Мен сенга жоҳиллардан бўлмаслигингни насиҳат қиламан деди Унинг қилган иши яхши эмас У кофирлик қилди У кофирлиги билан сенинг аҳлингдан бўла олмайди Иймони борлар сенинг аҳлинг бўлади Билмаган нарсаларингни сўрайвериб жоҳиллар қаторига қўшилиб қолмагин дейман Мисол учун юқоридаги саволинг билан инсонлар орасидаги ҳақиқий алоқа иймон алоқаси эканидан аҳл деганда кимни эътиборга олиш кераклигидан Аллоҳ Ўз ваъдасини қандай бажарганидан бехабарга–жоҳилга ўхшаб кўриняпсан Ҳолбуки Аллоҳ иймонли қалблар ўртасидаги риштани ҳар қандай алоқадан устун қўяди аҳл деганда иймонли аҳлни кўзда тутади Аҳлингни қутказишга ваъда берган бўлса сенга ҳақиқий аҳл бўлганларни тўфон балосидан халос этиб қўйди
- 中国语文 - Ma Jian : 主说:努哈啊!他的确不是你的家属,他是作恶的,你不要向我祈求你所不知道的事情。我劝你不要自居于愚人之列。
- Melayu - Basmeih : Allah berfirman "Wahai Nuh Sesungguhnya anakmu itu bukanlah dari keluargamu kerana ia telah terputus hubungan denganmu disebabkan kekufurannya; sesungguhnya bawaannya bukanlah amal yang soleh maka janganlah engkau memohon kepadaKu sesuatu yang engkau tidak mempunyai pengetahuan mengenainya Sebenarnya Aku melarangmu dari menjadi orang yang jahil"
- Somali - Abduh : Eebe wuxuu yidhi Nuuxow Wiilku Ehelkaaga kama mid ma aha waana camal aan suubanayn ee hay warsan waxaadan cilmi u lahayn waxaan kaa waanin inaad jaahiliinta ka mid noqoto
- Hausa - Gumi : Ya ce "Yã Nũhu Lalle ne shi bã ya a ciki iyãlanka lalle ne shĩ aiki ne wanda ba na ƙwarai ba sabõda haka kada ka tambaye Ni abin da bã ka da ilmi a kansa Haƙĩƙa Nĩ Inã yi maka gargaɗi kada ka kasance daga jãhilai"
- Swahili - Al-Barwani : Akasema Ewe Nuhu Huyu si katika ahali zako Mwendo wake si mwema Basi usiniombe jambo usio na ujuzi nalo Mimi nakuwaidhi usije ukawa miongoni mwa wajinga
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndia tha “O Nuh ai nuk është nga familja jote ai ka bërë punë të keqe që nuk ka ardhur me ty Mos më pyet për atë që nuk e di ti Unë të këshilloj që të mos bëhesh nga ata që nuk dinë”
- فارسى - آیتی : گفت: اى نوح، او از خاندان تو نيست، او عملى است ناصالح. از سر ناآگاهى از من چيزى مخواه. برحذر مىدارم تو را كه از مردم نادان باشى.
- tajeki - Оятӣ : Гуфт: «Эй Нӯҳ, ӯ аз хонадони ту нест, ӯ амалест носолеҳ. Аз сари ноогоҳӣ аз Ман чизе махоҳ. Барҳазар медорам туро, ки аз мардуми нодон бошӣ».
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ ئېيتتى: «ئى نۇھ! ئۇ (مەن نىجات تېپىشىنى ۋەدە قىلغان) ئائىلەڭدىكىلەردىن ئەمەس، ئۇنىڭ ئەمەلى ياماندۇر، سەن ئېنىق بىلمىگەن نەرسەڭنى مەندىن سورىمىغىن، مەن سېنىڭ جاھىللاردىن بولماسلىقىڭنى نەسىھەت قىلىمەن»
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അല്ലാഹു പറഞ്ഞു: "നൂഹേ, നിശ്ചയമായും അവന് നിന്റെ കുടുംബത്തില് പെട്ടവനല്ല. അവന് ദുര്വൃത്തിയാകുന്നു. അതിനാല് യാഥാര്ഥ്യം എന്തെന്ന് നിനക്കറിയാത്ത കാര്യം നീ എന്നോടാവശ്യപ്പെടരുത്. അവിവേകികളില് പെടരുതെന്ന് ഞാനിതാ നിന്നെ ഉപദേശിക്കുന്നു.”
- عربى - التفسير الميسر : قال الله يا نوح ان ابنك الذي هلك ليس من اهلك الذين وعدتك ان انجيهم وذلك بسبب كفره وعمله عملا غير صالح واني انهاك ان تسالني امرا لا علم لك به اني اعظك لئلا تكون من الجاهلين في مسالتك اياي عن ذلك
*49). The import of this Qur'anic verse may best be appreciated by analogy to the limbs on a person's body. A limb may become rotten and a physician may decide to remove it by surgical operation. Now, the patient may ask his doctor not to amputate because it is a part of his body. The natural reply of the physician would be that the rotten limb was not truly a part of his body. Such a reply does not amount to denying, in a literal sense, the obvious fact that the limb is a part of that person's body. What such a statement actually means is that a person's body requires sound and healthy limbs rather than those which are rotten. For rotten limbs are not only useless, they are even able to damage other healthy limbs. In view of the above, it makes sense that that limb be surgically removed. In a similar way a righteous father may be told that his corrupt son is not a part of his family. The biological fact of his being the son of his father is not being negated here. Rather, it is being said that on a moral plane the son has nothing to do with his father's righteous household.
It is also pertinent to remember the context in which the present pronouncement was made. A judgement was needed in the encounter between faith and unbelief so as to determine who had faith and who was devoid of it. The righteous were to be saved and the evil were to be destroyed. The pronouncement was not intended to suggest that those of a certain stock would be saved while others would be destroyed.
By mentioning Noah's son as 'one of unrighteous conduct', the Qur'an draws our attention to another significant fact. A worldly person brings up his children and holds them dear for the simple reason that they happen to be his offspring regardless of their conduct. However, for a believer, the main consideration is how his children actually behave. A believer's view of his children is governed by the conception that his children are God's trust placed in his care such that he may bring them up in a manner that allows them to pursue the end for which God has created man. It is possible, however, that in spite of their best efforts parents may not succeed in the proper upbringing of their children and that the latter, when they grow up, fail to obey their Lord. If this happens, parents should realize that all their efforts have been wasted and that there is no reason for them to hold such children dear to their hearts.
The Qur'an is firm in its suggestion of such an attitude. It is obvious, therefore, that the same holds true for other relatives who are not as close as one's own children. For faith, as we know, is essentially an ideational and moral quality, and people are called believers or men of faith by dint of possessing that quality. It is man's faith which creates affinity between him and all other believers. The essential nexus of this relationship is thus ideational and moral. Those who happen to be a person's kin through blood ties are indeed relatives. If they do not share their faith, however, a believer will fulfil and be required to fulfil only the duties he owes to them on account of the accident of this blood relationship. This relationship, however, is bound to be devoid of the true cordiality and spiritual affinity which characterizes his relationship with believers. And should there be any conflict between belief and unbelief whereby a believer's relatives confront him, the believer is required to treat them exactly as any other unbeliever.
*50). God's observation should not give even the slightest misunderstanding that Noah (peace be on him) in any way lacked the true spirit of faith or that his faith was, to any degree, tainted by Ignorance (Jahiliyah). What perhaps one ought to remember, in order to fully appreciate what is being said here is that even Prophets are human. As human beings, it is not always possible even for them to maintain the very high standards of excellence laid down for men of faith. At some psychologically-charged moment even Prophets, despite their extraordinary spiritual excellence and sublimity, become vulnerable albeit momentarily to human weaknesses. However, as soon as they realize or are made to realize by God that their conduct is falling short of the high standards required of them, they repent. Without the least hesitation or delay, they strive to mend their ways.
In fact there cannot be any better proof of Noah's moral excellence than the present incident mentioned in the Qur'an. Just consider what had happened. Only a few moments previously Noah's son had drowned before his very eyes, something that would have simply shattered his father's whole being. At such an agonizing moment Noah (peace be on him) was reminded by God that his son had identified himself with falsehood rather than with truth. Noah (peace be on him) was told that this feeling that his son belonged to him merely because he was from his loins was a vestige jahiliyah. What is significant is that Noah (peace be on him) immediately re-oriented himself and fully adopted the attitude required of him by Islam, doing so despite the fact that the wound that he had sustained was fresh.