- عربي - نصوص الآيات عثماني : ۞ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلْإِحْسَٰنِ وَإِيتَآئِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ وَٱلْبَغْىِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
- عربى - نصوص الآيات : ۞ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ۚ يعظكم لعلكم تذكرون
- عربى - التفسير الميسر : إن الله سبحانه وتعالى يأمر عباده في هذا القرآن بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها.
- السعدى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
فالعدل الذي أمر الله به يشمل العدل في حقه وفي حق عباده، فالعدل في ذلك أداء الحقوق كاملة موفرة بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق المالية والبدنية والمركبة منهما في حقه وحق عباده، ويعامل الخلق بالعدل التام، فيؤدي كل وال ما عليه تحت ولايته سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى، وولاية القضاء ونواب الخليفة، ونواب القاضي.
والعدل هو ما فرضه الله عليهم في كتابه، وعلى لسان رسوله، وأمرهم بسلوكه، ومن العدل في المعاملات أن تعاملهم في عقود البيع والشراء وسائر المعاوضات، بإيفاء جميع ما عليك فلا تبخس لهم حقا ولا تغشهم ولا تخدعهم وتظلمهم. فالعدل واجب، والإحسان فضيلة مستحب وذلك كنفع الناس بالمال والبدن والعلم، وغير ذلك من أنواع النفع حتى إنه يدخل فيه الإحسان إلى الحيوان البهيم المأكول وغيره.
وخص الله إيتاء ذي القربى -وإن كان داخلا في العموم- لتأكد حقهم وتعين صلتهم وبرهم، والحرص على ذلك.
ويدخل في ذلك جميع الأقارب قريبهم وبعيدهم لكن كل ما كان أقرب كان أحق بالبر.
وقوله: { وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ } وهو كل ذنب عظيم استفحشته الشرائع والفطر كالشرك بالله والقتل بغير حق والزنا والسرقة والعجب والكبر واحتقار الخلق وغير ذلك من الفواحش.
ويدخل في المنكر كل ذنب ومعصية متعلق بحق الله تعالى.
وبالبغي كل عدوان على الخلق في الدماء والأموال والأعراض.
فصارت هذه الآية جامعة لجميع المأمورات والمنهيات لم يبق شيء إلا دخل فيها، فهذه قاعدة ترجع إليها سائر الجزئيات، فكل مسألة مشتملة على عدل أو إحسان أو إيتاء ذي القربى فهي مما أمر الله به.
وكل مسألة مشتملة على فحشاء أو منكر أو بغي فهي مما نهى الله عنه. وبها يعلم حسن ما أمر الله به وقبح ما نهى عنه، وبها يعتبر ما عند الناس من الأقوال وترد إليها سائر الأحوال، فتبارك من جعل في كلامه الهدى والشفاء والنور والفرقان بين جميع الأشياء.
ولهذا قال: { يَعِظُكُمْ بِهِ } أي: بما بينه لكم في كتابه بأمركم بما فيه غاية صلاحكم ونهيكم عما فيه مضرتكم.
{ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ما يعظكم به فتفهمونه وتعقلونه، فإنكم إذا تذكرتموه وعقلتموه عملتم بمقتضاه فسعدتم سعادة لا شقاوة معها.
- الوسيط لطنطاوي : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
قال القرطبى ما ملخصه : قوله - تعالى - : ( إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان ) اختلف العلماء فى تأويل العدل والإِحسان ، فقال ابن عباس : العدل : لا إله إلا الله ، والإِحسان : أداء الفرائض . وقيل : العدل الفرض . والإِحسان : النافلة ، وقال على بن أبى طالب : العدل : الإِنصاف . والإحسان : التفضل .
وقال ابن العربى : العدل بين العبد وربه : إيثار حقه - تعالى - على حظ نفسه ، وتقديم رضاه على هواه ، والاجتناب للزواجر والامتثال للأوامر . وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعه ما فيه هلاكها . . وأما العدل بينه وبين غيره فبذل النصيحة ، وترك الخيانة فيما قل أو كثر ، والإِنصاف من نفسك لهم بكل وجه .
وأما الإِحسان فهو مصدر أحسن يحسن إحسانا . ويقال على معنيين : أحدهما : متعد بنفسه ، كقولك : أحسنت كذا ، أى : حسنته وأتقنته وكملته ، وهو منقول بالهمزة من حسن الشئ . وثانيهما : متعد بحرف جر ، كقولك : أحسنت إلى فلان ، أى : أوصلت إليه ما ينتفع به . وهو فى هذه الآية مراد بالمعنيين معا . . .
ومن هذا الكلام الذي نقلناه بشئ من التلخيص عن الإِمام القرطبى ، يتبين لنا أن العدل هو أن يلتزم الإِنسان جانب الحق والقسط فى كل أقواله وأعماله ، وأن الإِحسان يشمل إحسان الشئ فى ذاته سواء أكان هذا الشئ يتعلق بالعقائد أم بالعبادات أم بغيرهما ، كما يشمل إحسان المسلم إلى غيره .
فالإِحسان أوسع مدلولا من العدل : لأنه إذا كان العدل معناه : أن تعطى كل ذى حق حقه ، بدون إفراط أو تفريط ، فإن الإِحسان يندرج تحته أن تضيف إلى ذلك : العفو عمن أساء إليك ، والصلة لمن قطعك ، والعطاء لمن حرمك .
وإيثار صيغة المضارع فى قوله : ( إِنَّ الله يَأْمُرُ . . . ) لإِفادة التجدد والاستمرار . ولم يذكر - سبحانه - متعلقات العدل والإِحسان ليعم الأمر جميع ما يعدل فيه ، وجميع ما يجب إحسانه وإتقانه من أقوال وأعمال ، وجميع ما ينبغى أن تحسن إليه من إنسان أو حيوان أو غيرهما .
وقوله - تعالى - : ( وَإِيتَآءِ ذِي القربى ) فضيله ثالثة معطوفة على ما قبلها من عطف الخاص على العام ، إذ هى مندرجة فى العدل والإِحسان .
وخصها - سبحانه - بالذكر اهتماما بأمرها ، وتنويها بشأنها ، وتعظيما لقدرها .
والإِيتاء : مصدر بمعنى الإِعطاء ، وهو هنا مصدر مضاف لمفعوله .
والمعنى : إن الله - يأمركم - أيها المسلمون - أمرا دائما وواجبا ، أن تلتزموا الحق والإِنصاف فى كل أقوالكم وأفعالكم وأحكامكم ، وأن تلتزموا التسامح والعفو والمراقبة لله - تعالى - فى كل أحوالكم .
كما يأمركم أن تقدموا لأقاربكم على سبيل المعاونة والمساعدة ، ما تستطعيون تقديمه لهم من خير وبر . .
لأن هذا الفضائل متى سرت بينكم ، نلتم السعادة فى دينكم ودنياكم ، إذ بالعدل ينال كل صاحب حق حقه ، وبالإِحسان يكون التحاب والتواد والتراحم ، وبصلة الأقارب يكون التكافل والتعاون .
. .
وبعد أن أمر - سبحانه - بأمهات الفضائل ، نهى عن رءوس الرذائل فقال - تعالى - : ( وينهى عَنِ الفحشاء والمنكر والبغي . . ) .
والفحشاء : كل ما اشتد قبحه من قول أو فعل . وخصها بعضهم بالزنا .
والمنكر : كل ما أنكر الشرع بالنهى عنه ، فيعم جميع المعاصى والرذائل والدناءات على اختلاف أنواعها .
والبغى : هو تجاوز الحد فى كل شئ يقال : بغى فلان على غيره ، إذا ظلمه وتطاول عليه .
وأصله من بغى الجرح إذا ترامى إليه الفساد . . .
أى : كما أمركم - سبحانه - بالعدل والإِحسان وإيتاء ذى القربى ، فإنه - تعالى - ينهاكم عن كل قبيح وعن كل منكر ، وعن كل تجاوز لما شرعه الله - عز وجل - .
وذلك لأن هذه الرذائل ما شاعت فى أمة إلا وكانت عاقبتها خسرا ، وأمرها فرطا ، والفطرة البشرية النقية تأبى الوقوع أو الاقتراب من هذه الرذائل ، لأنها تتنافى مع العقول السليمة ، ومع الطباع القويمة .
ومهما روج الذين لم ينبتوا نباتا حسنا لتلك الرذائل ، فإن النفوس الطاهرة ، تلفظها بعيدا عنها ، كما يلفظ الجسم الأشياء الغريبة التى تصل إليه .
ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله : ( يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) أى : ينبهكم - سبحانه - أكمل تنبيه وأحكمه إلى ما يصلحكم عن طريق اتباع ما أمركم به وما نهاكم عنه ، لعلكم بذلك تحسنون التذكر لما ينفعكم ، وتعملون بمقتضى ما علمكم - سبحانه .
هذا ، وقد ذكر المفسرون فى فضل هذه الآية كثيرا من الآثار والأقوال ، ومن ذلك ما أخرجه الحافظ أبو يعلى فى كتاب معرفة الصحابة . . قال : " بلغ أكثم بن صيفى مخرج النبى صلى الله عليه وسلم فأراد أن يأتيه ، فأبى قومه أن يدعوه وقالوا له : أنت كبيرنا لم تكن لتخف إليه . قال : فليأته من يبلغه عنى ويبلغنى عنه . فانتدب رجلان فأتيا النبى صلى الله عليه وسلم فقال له : نحن رسل أكثم بن صيفى وهو يسألك من أنت وما أنت؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " أما أنا فمحمد ابن عبدالله ، وأما ما أنا ، فأنا عبد الله ورسوله " .
ثم تلا عليهم هذه الآية : ( إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان . . ) الآية .
فقالوا : ردد علينا هذا القول ، فردده عليهم حتى حفظوه ، فأتيا أكثم فقالا له : أبى أن يرفع نسبه فسألنا عن نسبه فوجدناه زاكى النسب . . وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها فلما سمعهن أكثم قال : إنى أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها ، فكونوا فى هذا الامر رءوسا ، ولا تكونوا فيه أذنابا "
.وعن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال : أعظم آية فى كتاب الله : ( الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم . . ) وأجمع آية فى كتاب الله للخير والشر : ( إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان ) وأكثر آية فى كتاب الله تفويضا : ( وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ . . ) وأشد آية فى كتاب الله رجاء : ( قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً . . ).
- البغوى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
قوله عز وجل : ( إن الله يأمر بالعدل ) بالإنصاف ، ( والإحسان ) إلى الناس .
وعن ابن عباس : " العدل " : التوحيد ، و " الإحسان " : أداء الفرائض .
وعنه : " الإحسان " : الإخلاص في التوحيد ، وذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه " .
وقال مقاتل : " العدل " : التوحيد ، و " الإحسان " : العفو عن الناس .
( وإيتاء ذي القربى ) صلة الرحم .
( وينهى عن الفحشاء ) ما قبح من القول والفعل . وقال ابن عباس : الزنا ، ( والمنكر ) ما لا يعرف في شريعة ولا سنة ، ( والبغي ) الكبر والظلم .
وقال ابن عيينة : العدل استواء السر والعلانية ، و " الإحسان " أن تكون سريرته أحسن من علانيته ، و " الفحشاء والمنكر " أن تكون علانيته أحسن من سريرته .
( يعظكم لعلكم تذكرون ) تتعظون .
قال ابن مسعود : أجمع آية في القرآن هذه الآية .
وقال أيوب عن عكرمة : إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الوليد : ( إن الله يأمر بالعدل ) إلى آخر الآية فقال له : يا ابن أخي أعد فأعاد عليه ، فقال : إن له والله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق ، وما هو بقول البشر .
- ابن كثير : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
يخبر تعالى أنه يأمر عباده بالعدل ، وهو القسط والموازنة ، ويندب إلى الإحسان ، كما قال تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) [ النحل : 126 ] وقال ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) [ الشورى : 40 ] وقال ( والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ) [ المائدة : 45 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا من شرعية العدل والندب إلى الفضل .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إن الله يأمر بالعدل ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله .
وقال سفيان بن عيينة : العدل في هذا الموضع : هو استواء السريرة والعلانية من كل عامل لله عملا . والإحسان : أن تكون سريرته أحسن من علانيته . والفحشاء والمنكر : أن تكون علانيته أحسن من سريرته .
وقوله : ( وإيتاء ذي القربى ) أي : يأمر بصلة الأرحام ، كما قال : ( وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ) [ الإسراء : 26 ] .
وقوله : ( وينهى عن الفحشاء والمنكر ) فالفواحش : المحرمات . والمنكرات : ما ظهر منها من فاعلها ; ولهذا قيل في الموضع الآخر : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) [ الأعراف : 33 ] . وأما البغي فهو : العدوان على الناس . وقد جاء في الحديث : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا - مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة - من البغي وقطيعة الرحم " .
وقوله ) يعظكم ) أي : يأمركم بما يأمركم به من الخير ، وينهاكم عما ينهاكم عنه من الشر ، ( لعلكم تذكرون )
قال الشعبي ، عن شتير بن شكل : سمعت ابن مسعود يقول : إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) الآية . رواه ابن جرير .
وقال سعيد عن قتادة : قوله : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) الآية ، ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله به ، وليس من خلق سيئ كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدم فيه . وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها .
قلت : ولهذا جاء في الحديث : " إن الله يحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها " .
وقال الحافظ أبو نعيم في كتابه " كتاب معرفة الصحابة " : حدثنا أبو بكر محمد بن الفتح الحنبلي ، حدثنا يحيى بن محمد مولى بني هاشم ، حدثنا الحسن بن داود المنكدري ، حدثنا عمر بن علي المقدمي ، عن علي بن عبد الملك بن عمير عن أبيه قال : بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه وقالوا : أنت كبيرنا ، لم تكن لتخف إليه ، قال : فليأته من يبلغه عني ويبلغني عنه ، فانتدب رجلان فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالا نحن رسل أكثم بن صيفي ، وهو يسألك : من أنت ؟ وما أنت ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أما من أنا فأنا محمد بن عبد الله ، وأما ما أنا فأنا عبد الله ورسوله " . قال : ثم تلا عليهم هذه الآية : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) قالوا : اردد علينا هذا القول فردده عليهم حتى حفظوه . فأتيا أكثم فقالا أبى أن يرفع نسبه ، فسألنا عن نسبه ، فوجدناه زاكي النسب وسطا في مضر ، وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها ، فلما سمعهن أكثم قال : إني قد أراه يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن ملائمها ، فكونوا في هذا الأمر رءوسا ، ولا تكونوا فيه أذنابا .
وقد ورد في نزول هذه الآية الكريمة حديث حسن رواه الإمام أحمد :
حدثنا أبو النضر ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا شهر ، حدثني عبد الله بن عباس قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناء بيته جالس ، إذ مر به عثمان بن مظعون ، فكشر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا تجلس ؟ " فقال : بلى . قال : فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبله ، فبينما هو يحدثه إذ شخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببصره في السماء ، فنظر ساعة إلى [ السماء ] فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمنته في الأرض ، فتحرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له ، وابن مظعون ينظر فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له ، شخص بصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء كما شخص أول مرة ، فأتبعه بصره حتى توارى في السماء . فأقبل إلى عثمان بجلسته الأولى فقال : يا محمد ، فيما كنت أجالسك ؟ ما رأيتك تفعل كفعلك الغداة ، قال : " وما رأيتني فعلت ؟ " قال : رأيتك شخص بصرك إلى السماء ثم وضعته حيث وضعته على يمينك ، فتحرفت إليه وتركتني ، فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئا يقال لك . قال : " وفطنت لذلك ؟ " فقال عثمان : نعم . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتاني رسول الله آنفا وأنت جالس " . قال : رسول الله ؟ قال : " نعم " . قال : فما قال لك ؟ قال : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) قال عثمان : فذلك حين استقر الإيمان في قلبي ، وأحببت محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
إسناد جيد متصل حسن ، قد بين فيه السماع المتصل . ورواه ابن أبي حاتم ، من حديث عبد الحميد بن بهرام مختصرا .
حديث آخر : عن عثمان بن أبي العاص الثقفي في ذلك ، قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا هريم ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن عثمان بن أبي العاص قال : كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا ، إذ شخص بصره فقال : " أتاني جبريل ، فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان [ وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ] ) .
وهذا إسناد لا بأس به ، ولعله عند شهر بن حوشب من الوجهين ، والله أعلم .
- القرطبى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
قوله تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون
فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان روي عن عثمان بن مظعون أنه قال : لما نزلت هذه الآية قرأتها على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فتعجب فقال : يا آل غالب ، اتبعوه تفلحوا ، فوالله إن الله أرسله ليأمركم بمكارم الأخلاق . وفي حديث - إن أبا طالب لما قيل له : إن ابن أخيك زعم أن الله أنزل عليه إن الله يأمر بالعدل والإحسان الآية ، قال : اتبعوا ابن أخي ، فوالله إنه لا يأمر إلا بمحاسن الأخلاق . وقال عكرمة : قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الوليد بن المغيرة إن الله يأمر بالعدل والإحسان إلى آخرها ، فقال : يا ابن أخي أعد ، فأعاد عليه فقال : والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أصله لمورق ، وأعلاه لمثمر ، وما هو بقول بشر ، وذكر الغزنوي أن عثمان بن مظعون هو القارئ . قال عثمان : ما أسلمت ابتداء إلا حياء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلت هذه الآية وأنا عنده فاستقر الإيمان في قلبي ، فقرأتها على الوليد بن المغيرة فقال : يا ابن أخي أعد فأعدت فقال : والله إن له لحلاوة . . . وذكر تمام الخبر . وقال ابن مسعود : هذه أجمع آية في القرآن لخير يمتثل ، ولشر يجتنب . وحكى النقاش قال : يقال زكاة العدل الإحسان ، وزكاة القدرة العفو ، وزكاة الغنى المعروف ، وزكاة الجاه كتب الرجل إلى إخوانه .
الثانية : اختلف العلماء في تأويل العدل والإحسان ; فقال ابن عباس : العدل لا إله إلا الله ، والإحسان أداء الفرائض . وقيل : العدل الفرض ، والإحسان النافلة . وقال سفيان بن عيينة : العدل هاهنا استواء السريرة ، والإحسان أن تكون السريرة أفضل من العلانية . علي بن أبي طالب : العدل الإنصاف ، والإحسان التفضل . قال ابن عطية : العدل هو كل مفروض ، من عقائد وشرائع في أداء الأمانات ، وترك الظلم والإنصاف ، وإعطاء الحق . والإحسان هو فعل كل مندوب إليه ; فمن الأشياء ما هو كله مندوب إليه ، ومنها ما هو فرض ، إلا أن حد الإجزاء منه داخل في العدل ، والتكميل الزائد على الإجزاء داخل في الإحسان . وأما قول ابن عباس ففيه نظر ; لأن أداء الفرائض هي الإسلام حسبما فسره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث سؤال جبريل ، وذلك هو العدل ، وإنما الإحسان التكميلات والمندوب إليه حسبما يقتضيه تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث سؤال جبريل بقوله : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . فإن صح هذا عن ابن عباس فإنما أراد الفرائض مكملة . وقال ابن العربي : العدل بين العبد وبين ربه إيثار حقه - تعالى - على حظ نفسه ، وتقديم رضاه على هواه ، والاجتناب للزواجر والامتثال للأوامر . وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعها مما فيه هلاكها ; قال الله - تعالى - : ونهى النفس عن الهوى وعزوب الأطماع عن الأتباع ، ولزوم القناعة في كل حال ومعنى . وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة ، وترك الخيانة فيما قل وكثر ، والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه ، ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل لا في سر ولا في علن ، والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى ، وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى .
قلت : هذا التفصيل في العدل حسن وعدل ، وأما الإحسان فقد قال علماؤنا : الإحسان مصدر أحسن يحسن إحسانا . ويقال على معنيين : أحدهما متعد بنفسه ; كقولك : أحسنت كذا ، أي حسنته وكملته ، وهو منقول بالهمزة من حسن الشيء . وثانيهما متعد بحرف جر ; كقولك : أحسنت إلى فلان ، أي أوصلت إليه ما ينتفع به .
قلت : وهو في هذه الآية مراد بالمعنيين معا ; فإنه - تعالى - يحب من خلقه إحسان بعضهم إلى بعض ، حتى أن الطائر في سجنك والسنور في دارك لا ينبغي أن تقصر تعهده بإحسانك ; وهو - تعالى - غني عن إحسانهم ، ومنه الإحسان والنعم والفضل والمنن . وهو في حديث جبريل بالمعنى الأول لا بالثاني ; فإن المعنى الأول راجع إلى إتقان العبادة ومراعاتها بأدائها المصححة والمكملة ، ومراقبة الحق فيها واستحضار عظمته وجلاله حالة الشروع وحالة الاستمرار . وهو المراد بقوله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . وأرباب القلوب في هذه المراقبة على حالين : أحدهما غالب عليه مشاهدة الحق فكأنه يراه . ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى هذه الحالة بقوله : وجعلت قرة عيني في الصلاة . وثانيهما : لا تنتهي إلى هذا ، لكن يغلب عليه أن الحق سبحانه مطلع عليه ومشاهد له ، وإليه الإشارة بقوله - تعالى - : الذي يراك حين تقوم . وتقلبك في الساجدين وقوله : إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه .
الثالثة : قوله تعالى : وإيتاء ذي القربى أي القرابة ; يقول : يعطيهم المال كما قال وآت ذا القربى حقه يعني صلته . وهذا من باب عطف المندوب على الواجب ، وبه استدل الشافعي في إيجاب إيتاء المكاتب ، على ما يأتي بيانه . وإنما خص ذا القربى لأن حقوقهم أوكد وصلتهم أوجب ; لتأكيد حق الرحم التي اشتق الله اسمها من اسمه ، وجعل صلتها من صلته ، فقال في الصحيح : أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك . ولا سيما إذا كانوا فقراء .
الرابعة : قوله تعالى : وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي الفحشاء : الفحش ، وهو كل قبيح من قول أو فعل . ابن عباس : هو الزنا . والمنكر : ما أنكره الشرع بالنهي عنه ، وهو يعم جميع المعاصي والرذائل والدناءات على اختلاف أنواعها . وقيل هو الشرك . والبغي : هو الكبر والظلم والحقد والتعدي ; وحقيقته تجاوز الحد ، وهو داخل تحت المنكر ، لكنه - تعالى - خصه بالذكر اهتماما به لشدة ضرره . وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ذنب أسرع عقوبة من بغي . وقال - عليه السلام - : الباغي مصروع . وقد وعد الله من بغي عليه بالنصر . وفى بعض الكتب المنزلة : لو بغى جبل على جبل لجعل الباغي منهما دكا . .
الخامسة : ترجم الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه فقال : ( باب قول الله - تعالى - : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وقوله : إنما بغيكم على أنفسكم ، ثم بغي عليه لينصرنه الله ، وترك إثارة الشر على مسلم أو كافر ) ثم ذكر حديث عائشة في سحر لبيد بن الأعصم النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال ابن بطال : فتأول - رضي الله عنه - من هذه الآيات ترك إثارة الشر على مسلم أو كافر ; كما دل عليه حديث عائشة حيث قال - عليه السلام - : أما الله فقد شفاني وأما أنا فأكره أن أثير على الناس شرا . ووجه ذلك - والله أعلم - أنه تأول في قول الله - تعالى - : إن الله يأمر بالعدل والإحسان الندب بالإحسان إلى المسيء وترك معاقبته على إساءته . فإن قيل : كيف يصح هذا التأويل في آيات البغي . قيل : وجه ذلك - والله أعلم - أنه لما أعلم الله عباده بأن ضرر البغي ينصرف على الباغي بقوله : إنما بغيكم على أنفسكم وضمن - تعالى - نصرة من بغي عليه ، كان الأولى بمن بغي عليه شكر الله على ما ضمن من نصره ومقابلة ذلك بالعفو عمن بغى عليه ; وكذلك فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - باليهودي الذي سحره ، وقد كان له الانتقام منه بقوله : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به . ولكن آثر الصفح أخذا بقوله : ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور .
السادسة : تضمنت هذه الآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وقد تقدم القول فيهما روي أن جماعة رفعت عاملها إلى أبي جعفر المنصور العباسي ، فحاجها العامل وغلبها ; بأنهم لم يثبتوا عليه كبير ظلم ولا جوره في شيء ; فقام فتى من القوم فقال : يا أمير المؤمنين ، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإنه عدل ولم يحسن . قال : فعجب أبو جعفر من إصابته وعزل العامل .
- الطبرى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
يقول تعالى ذكره: إن الله يأمر في هذا الكتاب الذي أنـزله إليك يا محمد بالعدل، وهو الإنصاف ، ومن الإنصاف: الإقرار بمن أنعم علينا بنعمته، والشكر له على إفضاله، وتولي الحمد أهله. وإذا كان ذلك هو العدل ، ولم يكن للأوثان والأصنام عندنا يد تستحقّ الحمد عليها، كان جهلا بنا حمدها وعبادتها، وهي لا تنعِم فتشكر ، ولا تنفع فتعبد، فلزمنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولذلك قال من قال: العدل في هذا الموضع شهادة أن لا إله إلا الله.
ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى، وعلي بن داود، قالا ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ ) قال: شهادة أن لا إله إلا الله وقوله والإحسان ، فإن الإحسان الذي أمر به تعالى ذكره مع العدل الذي وصفنا صفته: الصبر لله على طاعته فيما أمر ونهى، في الشدّة والرخاء ، والمَكْرَه والمَنْشَط، وذلك هو أداء فرائضه.
كما حدثني المثنى، وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَالإحْسَانِ ) يقول: أداء الفرائض .
وقوله ( وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ) يقول: وإعطاء ذي القربى الحقّ الذي أوجبه الله عليك بسبب القرابة والرحم.
كما حدثني المثنى وعلي، قالا ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ) يقول: الأرحام.
وقوله ( وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ ) قال: الفحشاء في هذا الموضع: الزنا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله بن صالح، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ ) يقول: الزنا. وقد بيَّنا معنى الفحشاء بشواهده فيما مضى قبل.
وقوله ( والبَغْيِ) قيل: عُنِيَ بالبغي في هذا الموضع: الكبر والظلم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( والبَغْيِ) يقول: الكبر والظلم.وأصل البغي: التعدّي ومجاوزة القدر والحدّ من كلّ شيء. وقد بيَّنا ذلك فيما مضى قبل.
وقوله ( يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) يقول: يذكركم أيها الناس ربكم لتذكروا فتنيبوا إلى أمره ونهيه، وتعرفوا الحقّ لأهله.
كما حدثني المثنى وعليّ بن داود، قالا ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( يَعِظُكُمْ) يقول: يوصيكم ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ).
وقد ذُكر عن ابن عيينة أنه كان يقول في تأويل ذلك: إن معنى العدل في هذا الموضع استواء السريرة والعلانية من كلّ عامل لله عملا وإن معنى الإحسان: أن تكون سريرته أحسن من علانيته، وإن الفحشاء والمنكر أن تكون علانيته أحسن من سريرته.
وذُكر عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول في هذه الآية، ما حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت منصور بن النعمان، عن عامر، عن شتَير بن شَكَل، قال: سمعت عبد الله يقول: إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ) ... إلى آخر الآية.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن الشعبيّ، عن سُتَيْر بن شَكَل، قال: سمعت عبد الله يقول: إن أجمع آية في القرآن لخير أو لشر، آية في سورة النحل ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ ) .... الآية.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ) ... الآية، إنه ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله به، وليس من خُلق سيِّئ كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدّم فيه. وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومَذامِّها.
- ابن عاشور : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
لما جاء أن هذا القرآن تبيان لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين حسن التخلّص إلى تبيان أصول الهدى في التشريع للدين الإسلامي العائدة إلى الأمر والنهي ، إذ الشريعة كلها أمر ونهي ، والتّقوى منحصرة في الامتثال والاجتناب ، فهذه الآية استئناف لبيان كون الكتاب تبياناً لكل شيء ، فهي جامعة أصول التّشريع .
وافتتاح الجملة بحرف التوكيد للاهتام بشأن ما حوته . وتصديرُهما باسم الجلالة للتّشريف ، وذكر { يأمر } { وينهى } دون أن يقال : اعدلوا واجتنبوا الفحشاء ، للتّشويق . ونظيره ما في الحديث " إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً " الحديث .
والعدل : إعطاء الحقّ إلى صاحبه . وهو الأصل الجامع للحقوق الراجعة إلى الضروري والحاجي من الحقوق الذاتية وحقوق المُعاملات ، إذ المسلم مأمور بالعدل في ذاته ، قال تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ سورة البقرة : 191 ] ، ومأمور بالعدل في المعاملة ، وهي معاملة مع خالقه بالاعتراف له بصفاته وبأداء حقوقه؛ ومعاملة مع المخلوقات من أصول المعاشرة العائلية والمخالطة الاجتماعية وذلك في الأقوال والأفعال ، قال تعالى : { وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى } [ سورة الأنعام : 152 ] ، وقال تعالى : { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } وقد تقدم في سورة النساء ( 58 ).
ومن هذا تفرّعت شعب نظام المعاملات الاجتماعية من آداب ، وحقوق وأقضية ، وشهادات ، ومعاملة مع الأمم ، قال تعالى : { ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } [ سورة المائدة : 8 ].
ومرجع تفاصيل العدل إلى أدلّة الشريعة . فالعدل هنا كلمة مُجملة جامعة فهي بإجمالها مناسبة إلى أحوال المسلمين حين كانوا بمكّة ، فيصار فيها إلى ما هو مقرّر بين الناس في أصول الشرائع وإلى ما رسمته الشريعة من البيان في مواضع الخفاء ، فحقوق المسلمين بعضهم على بعض من الأخوّة والتناصح قد أصبحت من العدل بوضع الشريعة الإسلامية .
وأما الإحسان فهو معاملة بالحسنى ممن لا يلزمه إلى من هو أهلها . والحسَن : ما كان محبوباً عند المعامَل به ولم يكن لازماً لفاعله ، وأعلاه ما كان في جانب الله تعالى مما فسّره النبي بقوله : الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك . ودون ذلك التقرّب إلى الله بالنوافل . ثم الإحسان في المعاملة فيما زاد على العدل الواجب ، وهو يدخل في جميع الأقوال والأفعال ومع سائر الأصناف إلا ما حُرم الإحسانَ بحكم الشرع .
ومن أدْنى مراتب الإحسان ما في حديث الموطأ : «أن امرأة بَغِيّا رأت كلباً يلهث من العطش يأكل الثّرى فنزعت خُفَّها وأدْلَتْه في بئر ونزعت فسقته فغفر الله لها» .
وفي الحديث " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبْحة " . ومن الإحسان أن يجازي المحسَنُ إليه المحسِن على إحسانه إذ ليس الجزاء بواجب .
فإلى حقيقة الإحسان ترجع أصول وفروع آداب المعاشرة كلها في العائلة والصحبة . والعفوُ عن الحقوق الواجبة من الإحسان لقوله تعالى : { والعافيّن عن الناس والله يحبّ المحسنين } [ سورة آل عمران : 134 ]. وتقدم عند قوله تعالى : { وبالوالدين إحسانا } في سورة الأنعام ( 151 ).
وخَصّ الله بالذّكر من جنس أنواع العدل والإحسان نوعاً مُهمّاً يكثر أن يغفل الناس عنه ويتهاونوا بحقّه أو بفضله ، وهو إيتاء ذي القربى فقد تقرّر في نفوس الناس الاعتناء باجتلاب الأبعدِ واتّقاء شرّه ، كما تقرّر في نفوسهم الغفلة عن القريب والاطمئنان من جانبه وتعوّد التساهل في حقوقه . ولأجل ذلك كثر أن يأخذوا أموال الأيتام من مواليهم ، قال تعالى : { وآتوا اليتامى أموالهم } [ سورة النساء : 2 ] ، وقال : { وآت ذا القربى حقّه } [ سورة الإسراء : 26 ] ، وقال : { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء } [ سورة النساء : 127 ] الآية . ولأجل ذلك صرفوا معظم إحسانهم إلى الأبْعدين لاجتلاب المحمدة وحسن الذّكر بين الناس . ولم يزل هذا الخلق متفشّياً في الناس حتى في الإسلام إلى الآن ولا يكترثون بالأقربين .
وقد كانوا في الجاهلية يقصدون بوصايا أموالهم أصحابهم من وجوه القوم ، ولذلك قال تعالى : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين } [ سورة البقرة : 180 ]. فخصّ الله بالذكر من بين جنس العدل وجنس الإحسان إيتاء المال إلى ذي القربى تنبيهاً للمؤمنين يومئذٍ بأن القريب أحقّ بالإنصاف من غيره . وأحقّ بالإحسان من غيره لأنه محل الغفلة ولأن مصلحته أجدى من مصلحة أنواع كثيرة .
وهذا راجع إلى تقويم نظام العائلة والقبيلة تهيئةً بنفوس الناس إلى أحكام المواريث التي شرعت فيما بعد .
وعطف الخاص على العام اهتماماً به كثير في الكلام ، فإيتاء ذي القربى ذو حكمين : وجوب لبعضه ، وفضيلة لبعضه ، وذلك قبل فرض الوصية ، ثم فرض المواريث .
وذو القربى : هو صاحب القرابة ، أي من المؤتي . وقد تقدّم عند قوله تعالى : { وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى } في سورة الأنعام ( 152 ).
والإيتاء الإعطاء . والمراد إعطاء المال ، قال تعالى : { قال أتمدّونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم } [ سورة النمل : 76 ] ، وقال : { وآتى المال على حبّه } [ سورة البقرة : 177 ].
ونهى الله عن الفحشاء والمنكر والبغي وهي أصول المفاسد .
فأما الفحشاء : فاسم جامع لكل عمل أو قول تستفظعه النفوس لفساده من الآثام التي تفسد نفس المرء : من اعتقاد باطل أو عمل مفسد للخلق ، والتي تضرّ بأفراد الناس بحيث تلقي فيهم الفساد من قتل أو سرقة أو قذف أو غصب مال ، أو تضرّ بحال المجتمع وتدخل عليه الاضطراب من حرابة أو زنا أو تقامر أو شرب خمر . فدخل في الفحشاء كل ما يوجب اختلال المناسب الضروري ، وقد سمّاها الله الفواحش . وتقدم ذكر الفحشاء عند قوله تعالى : { إنما يأمركم بالسوء والفحشاء } في سورة البقرة ( 169 ) ، وقوله : { قل إنما حرّم ربّي الفواحش } في سورة الأعراف ( 33 ) وهي مكية .
وأما المنكر فهو ما تستنكره النفوس المعتدلة وتكرهه الشريعة من فعل أو قول ، قال تعالى : { وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً } [ سورة المجادلة : 2 ] ، وقال : { وتأتون في ناديكم المنكر } [ سورة العنكبوت : 29 ]. والاستنكار مراتب ، منها مرتبة الحرام ، ومنها مرتبة المكروه فإنه منهيّ عنه . وشمل المنكر كل ما يفضي إلى الإخلال بالمناسب الحاجي ، وكذلك ما يعطّل المناسب التحسيني بدون ما يفضي منه إلى ضرّ .
وخصّ الله بالذّكر نوعاً من الفحشاء والمنكر ، وهو البغي اهتماماً بالنّهي عنه وسدّاً لذريعة وقوعه ، لأن النفوس تنساق إليه بدافع الغضب وتغفل عما يشمله من النهي من عموم الفحشاء بسبب فُشُوّه بين الناس؛ وذلك أن العرب كانوا أهل بأس وشجاعة وإباء ، فكانوا يكثر فيهم البغي على الغير إذا لقي المُعجَب بنفسه من أحد شيئاً يكرهه أو معاملةً يعُدّها هضيمة وتقصيراً في تعظيمه . وبذلك كان يختلط على مُريد البغي حُسْنُ الذبّ عما يسمّيه الشرف وقُبْحُ مجاوزة حدّ الجزاء .
فالبغيُ هو الاعتداء في المعاملة ، إما بدون مقابلة ذنب كالغارة التي كانت وسيلة كسب في الجاهلية ، وإما بمجاوزة الحدّ في مقابلة الذنب كالإفراط في المؤاخذة ، ولذا قال تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتّقوا الله } [ سورة البقرة : 194 ]. وقال : { ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بُغِيَ عليه لينصرنّه الله } [ سورة الحج : 60 ]. وقد تقدم عند قوله تعالى : { والإثم والبغي بغير الحقّ } في سورة الأعراف ( 33 ).
فهذه الآية جمعت أصول الشريعة في الأمر بثلاثة ، والنهي عن ثلاثة ، بل في الأمر بشيئين وتكملة ، والنّهي عن شيئين وتكملة .
روى أحمد بن حنبل : أن هذه كانت السبب في تمكّن الإيمان من عثمان بن مظعون ، فإنها لما نزلت كان عثمان بن مظعون بجانب رسول الله وكان حديثَ الإسلام ، وكان إسلامه حياءً من النبي وقرأها النبي عليه . قال عثمان : فذلك حين استقرّ الإيمان في قلبي . وعن عثمان بن أبي العاص : كنت عند رسول الله جالساً إذ شخص بصره ، فقال : أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع { إن الله يأمر بالعدل } الآية اه . وهذا يقتضي أن هذه الآية لم تنزل متّصلة بالآيات التي قبلها فكان وضعها في هذا الموضع صَالحاً لأن يكون بياناً لآية { ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء } [ سورة النحل : 89 ] الخ ، ولأن تكون مقدّمة لما بعدها { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم } [ سورة النحل : 91 ] الآية .
وعن ابن مسعود : أن هذه الآية أجمع آية في القرآن .
وعن قتادة : ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله به في هذه الآية ، وليس من خلق كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدح فيه ، وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامّها .
وروى ابن ماجه عن عليّ قال : أمر الله نبيئه أن يعرض نفسه على قبائل العرب ، فخرج ، فوقف على مجلس قوم من شيبان بن ثعلبة في الموسم .
فدعاهم إلى الإسلام وأن ينصروه ، فقال مفروق بن عمرو منهم : إلاَم تدعونا أخا قريش ، فتلا عليهم رسول الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان } الآية . فقال : دعوتَ والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم كذّبوك وظاهروا عليك .
وقد روي أن الفقرات الشهيرة التي شهد بها الوليد بن المغيرة للقرآن من قوله : «إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وما هو بكلام بشر» قالها عند سماع هذه الآية .
وقد اهتدى الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى ما جمعته هذه الآية من معاني الخير فلما استخلف سنة 99 كتب يأمر الخطباء بتلاوة هذه الآية في الخطبة يوم الجمعة وتُجعل تلاوتها عوضاً عما كانوا يأتونه في خطبة الجمعة من كلمات سبّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه . وفي تلاوة هذه الآية عوضاً عن ذلك السبّ دقيقةُ أنها تقتضي النّهي عن ذلك السبّ إذ هو من الفحشاء والمنكر والبغي .
ولم أقف على تعيين الوقت التي ابتدع فيه هذا السبّ ولكنه لم يكن في خلافة معاوية رضي الله عنه .
وفي «السيرة الحلبية» أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام ألّف كتاباً سماه «الشجرة» بيّن فيه أن هذه الآية اشتملت على جميع الأحكام الشرعية في سائر الأبواب الفقهية وسمّاه السبكي في الطبقات «شجرة المعارف» .
وجملة { يعظكم } في موضع الحال من اسم الجلالة .
والوعظ : كلام يقصد منه إبعاد المخاطب به عن الفساد وتحريضه على الصلاح . وتقدم عند قوله تعالى : { فأعرض عنهم وعظهم } في سورة النساء ( 63 ).
والخطاب للمسلمين لأن الموعظة من شأن من هو محتاج للكمال النفساني ، ولذلك قارنها بالرجاء بلعلكم تذَّكرون }.
والتذكر : مراجعة المنسيّ المغفول عنه ، أي رجاء أن تتذكروا ، أي تتذكروا بهذه الموعظة ما اشتملت عليه فإنها جامعة باقية في نفوسكم .
- إعراب القرآن : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
«إِنَّ اللَّهَ» إن ولفظ الجلالة اسمها والجملة مستأنفة «يَأْمُرُ» مضارع فاعله مستتر والجملة خبر «بِالْعَدْلِ» متعلقان بيأمر «وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ» معطوف على ما سبق «ذِي» بمعنى صاحب في محل جر مضاف إليه وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة «الْقُرْبى » مضاف إليه «وَيَنْهى »
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وفاعله مستتر والجملة معطوفة على يأمر «عَنِ الْفَحْشاءِ» متعلقان بينهى «وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ» معطوف على ما سبق «يَعِظُكُمْ» مضارع فاعله مستتر والجملة حالية «لَعَلَّكُمْ» لعل واسمها والجملة تعليل لا محل لها من الإعراب «تَذَكَّرُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والجملة خبر لعلكم.
- English - Sahih International : Indeed Allah orders justice and good conduct and giving to relatives and forbids immorality and bad conduct and oppression He admonishes you that perhaps you will be reminded
- English - Tafheem -Maududi : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(16:90) Allah enjoins justice, generosity and kind treatment with kindred, *88 and forbids indecency, wickedness and oppression. *89 He admonishes you so that you may learn a lesson.
- Français - Hamidullah : Certes Allah commande l'équité la bienfaisance et l'assistance aux proches Et Il interdit la turpitude l'acte répréhensible et la rébellion Il vous exhorte afin que vous vous souveniez
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Allah gebietet Gerechtigkeit gütig zu sein und den Verwandten zu geben; Er verbietet das Schändliche das Verwerfliche und die Gewalttätigkeit Er ermahnt euch auf daß ihr bedenken möget
- Spanish - Cortes : Alá prescribe la justicia la beneficencia y la liberalidad con los parientes Prohíbe la deshonestidad lo reprobable y la opresión Os exhorta Quizás así os dejéis amonestar
- Português - El Hayek : Deus ordena a justiça a caridade o auxílio aos parentes e veda a obscenidade o ilícito e a iniqüidade Ele vos exorta aque mediteis
- Россию - Кулиев : Воистину Аллах повелевает блюсти справедливость делать добро и одаривать родственников Он запрещает мерзости предосудительные деяния и бесчинства Он увещевает вас - быть может вы помяните назидание
- Кулиев -ас-Саади : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
Воистину, Аллах повелевает блюсти справедливость, делать добро и одаривать родственников. Он запрещает мерзости, предосудительные деяния и бесчинства. Он увещевает вас, - быть может, вы помянете назидание.Справедливость, придерживаться которой повелел Аллах, подразумевает справедливое отношение к Нему и Его творениям. Для этого человек должен исправно выполнять все возложенные на него обязанности, связанные с его телом и имуществом. Он должен выполнять свой долг перед Господом и беспристрастно относиться к людям, а если он занимает руководящую должность, то обязан надлежащим образом нести бремя этой ответственности. Это в равной степени относится ко всем правителям, президентам, судьям и их заместителям. Справедливостью называются предписания, которые Аллах повелел выполнять и провозгласил обязательными в Своем писании и устами Своего посланника, да благословит его Аллах и приветствует. Во взаимоотношениях с людьми справедливостью называется правильное соблюдение условий купли, продажи и других сделок. Человек не должен обвешивать и обманывать других во время торговли и несправедливо обходиться с людьми. И если соблюдать справедливость во взаимоотношениях с людьми обязательно, то проявлять великодушие - желательно. Проявлять великодушие можно, принося людям пользу своим имуществом, физической силой, знаниями или иным образом. Великодушием считается даже добро, которое человек делает домашней скотине или другим животным. Однако из всех видов добрых деяний Аллах особо отметил пожертвования в пользу родственников. Тем самым Аллах подчеркнул важность поддержания родственных связей и призвал людей делать добро родственникам. Это относится ко всем родственникам, как далеким, так и близким. Но чем ближе родственник, тем больше у него прав на доброе и почтительное отношение. А затем Всевышний Аллах запретил все мерзкие и предосудительные деяния и беззаконие. Мерзкими считаются великие грехи, которые признаются отвратительными не только мусульманским шариатом, но и человеческим разумом и подсознанием. К таким грехам относятся приобщение сотоварищей к Аллаху, несправедливое убийство, прелюбодеяние, воровство, самодовольство, высокомерие, презрительное отношение к творениям и другие подобные злодеяния. Предосудительными считаются все грехи, которые связаны с нарушением человеком своих обязанностей перед Всевышним Аллахом. А беззаконием считается любая несправедливость по отношению к творениям, будь то посягательство на их жизнь, честь или имущество. Из всего сказанного следует, что этот аят объединяет в себе все повеления и запреты религии. Нет ни одного религиозного предписания, на которое не распространяется общий смысл этого откровения. Это - основа, от которой ответвляются второстепенные предписания шариата. Повеление соблюдать справедливость, творить добро и одаривать родственников включает в себя все повеления Аллаха. А запрет на совершение мерзостей, предосудительных поступков и беззакония включает в себя любые запреты Аллаха. Благодаря этому выясняется прелесть всего, что повелел Аллах, и безобразие всего, что Он запретил. Опираясь на этот критерий, можно оценивать любые изречения или поступки людей. Благословен же Аллах, речь которого является одновременно верным руководством, исцелением, светом и мерилом в любых начинаниях! Вот почему в конце этого аята Аллах сообщил, что разъяснил в Своем писании истину, повелел совершать полезные деяния и запретил совершать вредные поступки для того, чтобы люди призадумались над кораническими наставлениями и осознали их глубокий смысл. И если они призадумаются над ними, осознают их смысл и станут руководствоваться ими на практике, то сумеют обрести счастье, после которого они никогда не будут опечалены. После того как Всевышний Аллах повелел выполнять обязательные предписания самой религии, Он велел выполнять обещания и обеты, которые человек самостоятельно берет на себя. Всевышний сказал:
- Turkish - Diyanet Isleri : Allah şüphesiz adaleti iyilik yapmayı yakınlara bakmayı emreder; hayasızlığı fenalığı ve haddi aşmayı yasak eder Tutasınız diye size öğüt verir
- Italiano - Piccardo : In verità Allah ha ordinato la giustizia e la benevolenza e la generosità nei confronti dei parenti Ha proibito la dissolutezza ciò che è riprovevole e la ribellione Egli vi ammonisce affinché ve ne ricordiate
- كوردى - برهان محمد أمين : بهڕاستی خوا فهرمان دهدات به دادپهروهری و چاکهکاری و یارمهتیدان و بهخشندهیی به خزمان و قهدهغه له گوناهو تاوان و دهستدرێژی دهکات بۆ سهر ماڵ و نهفس و نامووس و ئامۆژگاریتان دهکات بۆ ئهوهی یاداوهری وهربگرن و تێفکرن و ههر چاکه بکهن
- اردو - جالندربرى : خدا تم کو انصاف اور احسان کرنے اور رشتہ داروں کو خرچ سے مدد دینے کا حکم دیتا ہے۔ اور بےحیائی اور نامعقول کاموں سے اور سرکشی سے منع کرتا ہے اور تمہیں نصیحت کرتا ہے تاکہ تم یاد رکھو
- Bosanski - Korkut : Allah zahtijeva da se svačije pravo poštuje dobro čini i da se bližnjima udjeljuje i razvrat i sve što je odvratno i nasilje zabranjuje; da pouku primite On vas savjetuje
- Swedish - Bernström : GUD befaller att rätt och rättvisa skall råda [människor emellan och befaller dem] att göra gott och att vara givmilda mot de närmaste och Han förbjuder alla skamlösa handlingar och allt som strider mot rimlighet och förnuft och allt som innebär en kränkning av andras rätt Han förmanar och varnar er för att ni skall lägga det på hjärtat
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Sesungguhnya Allah menyuruh kamu berlaku adil dan berbuat kebajikan memberi kepada kaum kerabat dan Allah melarang dari perbuatan keji kemungkaran dan permusuhan Dia memberi pengajaran kepadamu agar kamu dapat mengambil pelajaran
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
(Sesungguhnya Allah menyuruh kalian berlaku adil) bertauhid atau berlaku adil dengan sesungguhnya (dan berbuat kebaikan) menunaikan fardu-fardu, atau hendaknya kamu menyembah Allah seolah-olah kamu melihat-Nya sebagaimana yang telah dijelaskan oleh hadis (memberi) bantuan (kepada kaum kerabat) famili; mereka disebutkan secara khusus di sini, sebagai pertanda bahwa mereka harus dipentingkan terlebih dahulu (dan Allah melarang dari perbuatan keji) yakni zina (dan kemungkaran) menurut hukum syariat, yaitu berupa perbuatan kekafiran dan kemaksiatan (dan permusuhan) menganiaya orang lain. Lafal al-baghyu disebutkan di sini secara khusus sebagai pertanda, bahwa ia harus lebih dijauhi; dan demikian pula halnya dengan penyebutan lafal al-fahsyaa (Dia memberi pengajaran kepada kalian) melalui perintah dan larangan-Nya (agar kalian dapat mengambil pelajaran) mengambil pelajaran dari hal tersebut. Di dalam lafal tadzakkaruuna menurut bentuk asalnya ialah huruf ta-nya diidghamkan kepada huruf dzal. Di dalam kitab Al-Mustadrak disebutkan suatu riwayat yang bersumber dari Ibnu Masud yang telah mengatakan, bahwa ayat ini yakni ayat 90 surah An-Nahl, adalah ayat yang paling padat mengandung anjuran melakukan kebaikan dan menjauhi keburukan di dalam Alquran.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আল্লাহ ন্যায়পরায়ণতা সদাচরণ এবং আত্নীয়স্বজনকে দান করার আদেশ দেন এবং তিনি অশ্লীলতা অসঙ্গত কাজ এবং অবাধ্যতা করতে বারণ করেন। তিনি তোমাদের উপদেশ দেন যাতে তোমরা স্মরণ রাখ।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நிச்சயமாக அல்லாஹ் நீதி செலுத்துமாறும் நன்மை செய்யுமாறும் உறவினர்களுக்கு கொடுப்பதையும் கொண்டு உங்களை ஏவுகிறான்; அன்றியும் மானக்கேடான காரியங்கள் பாவங்கள் அக்கிரமங்கள் செய்தல் ஆகியவற்றை விட்டும் உங்களை விலக்குகின்றான் நீங்கள நினைவு கூர்ந்து சிந்திப்பதற்காக அவன் உங்களுக்கு நல்லுபதேசம் செய்கிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : แท้จริงอัลลอฮ์ทรงใช้ให้รักษาความยุติธรรมและทำดี และการบริจาคแก่ญาติใกล้ชิดและให้ละเว้นจากการทำลามกและการชั่วช้า และการอธรรม พระองค์ทรงตักเตือนพวกเจ้าเพื่อพวกเจ้าจักได้รำลึก
- Uzbek - Мухаммад Содик : Албатта Аллоҳ адолатга эҳсонга қариндошларга яхшилик қилишга амр этадир ва фаҳшу мункар ҳамда зулмкорликдан қайтарадир У сизларга ваъз қилур Шоядки эсласангиз Абдуллоҳ ибн Масъуддан р а қилинган ривоятда у киши Қуръондаги энг жамловчи оят шу оятдир Эргашиладиган яхшиликни ҳам четланиши лозим бўлган ёмонликни ҳам жамлаб зикр қилган дейдилар Аллоҳ буюрган адолат–исломий мутлоқ адолатдир Бу адолатга кўра ҳар бир шахс жамоат ва ҳар бир қавмга одилона муомалада бўлинади Ҳамма учун ўлчов бир Эҳсоняхшилик қилиш маъносини англатади Исломда унинг эшиги кенг очилган Фаҳш сўзининг луғавий маъноси ҳаддан ошишликдир Лекин урфда кишилар номусига тааллуқли жиноятлар тушунилади Мункар деганда инсоннинг соф табиати инкор қиладиган ишлар кўзда тутилади Буни албатта шариат ҳам инкор этади Зулмкорлик эса ҳаққа тажовуз қилиш ва адолатни бузишдир Дарҳақиқат булар эслашга арзигулик ваъзнасиҳатдир
- 中国语文 - Ma Jian : 真主的确命人公平、行善、施济亲戚,并禁人淫乱、作恶事、霸道;他劝戒你们,以便你们记取教诲。
- Melayu - Basmeih : Sesungguhnya Allah menyuruh berlaku adil dan berbuat kebaikan serta memberi bantuan kepada kaum kerabat; dan melarang daripada melakukan perbuatanperbuatan yang keji dan mungkar serta kezaliman Ia mengajar kamu dengan suruhan dan laranganNya ini supaya kamu mengambil peringatan mematuhiNya
- Somali - Abduh : Eebe wuxuu Fari Caddaalad iyo Samafal iyo Wax siinta qaraabada Wuxuuna reebi Xumaan iyo Munkar iyo Gardarro Wuuna idin Waanin inaad wax Xasuusataan
- Hausa - Gumi : Lalle Allah nã yin umurni da ãdalci da kyautatãwa da bai wa ma'abũcin zumunta kuma yanã hani ga alfãsha da abin da aka ƙi da rarrabe jama'a Yanã yi muku gargaɗi ɗammãnin ku kunã tunãwa
- Swahili - Al-Barwani : Hakika Mwenyezi Mungu anaamrisha kufanya uadilifu na hisani na kuwapa jamaa; na anakataza uchafu na uovu na dhulma Anakuwaidhini ili mpate kukumbuka
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndia me të vërtetë urdhëron që të veprohet me drejtësi mirësi dhe t’u ndihmohet të afërmve e ndalon imoralitetin veprat e shëmtuara dhe dhunën Ai ju këshillon që të pranoni këshillat
- فارسى - آیتی : خدا به عدل و احسان و بخشش به خويشاوندان فرمان مىدهد. و از فحشا و زشتكارى و ستم نهى مىكند. شما را پند مىدهد، باشد كه پذيراى پند شويد.
- tajeki - Оятӣ : Худо ба адлу эҳсон ва бахшиш ба хешовандон фармон медиҳад. Ва аз фаҳшову зишткорӣ ва ситам наҳй мекунад. Шуморо панд медиҳад, бошад, ки пазирои панд шавед!
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ ھەقىقەتەن (كىشىلەر ئارىسىدا) ئادىل بولۇشقا، (جىمى خەلققە) ياخشىلىق قىلىشقا، خىش - ئەقرىبالارغا سىلە - رەھىم قىلىشقا بۇيرۇيدۇ، قەبىھ (سۆز - ھەرىكەتلەر) دىن، يامان ئىشلاردىن ۋە زۇلۇم قىلىشتىن توسىدۇ. نەسىھەتنى قوبۇل قىلسۇن دەپ، اﷲ سىلەرگە پەند - نەسىھەت قىلىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നീതിപാലിക്കണമെന്നും നന്മ ചെയ്യണമെന്നും കുടുംബ ബന്ധമുള്ളവര്ക്ക് സഹായം നല്കണമെന്നും അല്ലാഹു കല്പിക്കുന്നു. നീചവും നിഷിദ്ധവും അതിക്രമവും വിലക്കുകയും ചെയ്യുന്നു. അവന് നിങ്ങളെ ഉപദേശിക്കുകയാണ്. നിങ്ങള് കാര്യം മനസ്സിലാക്കാന്.
- عربى - التفسير الميسر : ان الله سبحانه وتعالى يامر عباده في هذا القران بالعدل والانصاف في حقه بتوحيده وعدم الاشراك به وفي حق عباده باعطاء كل ذي حق حقه ويامر بالاحسان في حقه بعبادته واداء فرائضه على الوجه المشروع والى الخلق في الاقوال والافعال ويامر باعطاء ذوي القرابه ما به صلتهم وبرهم وينهى عن كل ما قبح قولا او عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي وعن ظلم الناس والتعدي عليهم والله بهذا الامر وهذا النهي يعظكم ويذكركم العواقب لكي تتذكروا اوامر الله وتنتفعوا بها
*88) In this brief sentence Allah has enjoined three most important things on which alone depends the establishment of a sound and healthy society:
The first of these is justice which has two aspects.
To make such arrangements as may enable everyone to get one's due rights without stint. Justice does not, however, mean equal distribution of rights, for that would be absolutely unnatural. In fact, justice means equitable dispensation of rights which in certain cases may mean equality. For example, aII citizens should have equal rights of citizenship but in other cases equality in rights would be injustice. For instance, equality in social status and rights between parents and their children will obviously be wrong. Likewise those who render services of superior and inferior types cannot be equal in regard to wages and salaries. What AIIah enjoins is that the full rights of everyone should be honestly rendered whether those be moral, social, economic legal or political in accordance with what one justly deserves.
The second thing enjoined is "ihsan" which has no equivalent in English. This means to be good, generous, sympathetic, tolerant, forgiving, polite, cooperative, selfless, etc. In collective life this is even more important than justice; for justice is the foundation of a sound society but ihsan is its perfection. On the one hand, justice protects society from bitterness and violation of rights: on the other, ihsan makes it sweet and joyful and worth living. It is obvious that no society can flourish if every individual insists on exacting his pound of flesh. At best such a society might be free from conflict but there cannot be love, gratitude, generosity, sacrifice, sincerity, sympathy and such humane qualities as produce sweetness in life and develop high values.
The third thing which has been enjoined is good treatment towards one's relatives which in fact is a specific form of ihsan. It means that one should not only treat one's relatives well, share their sorrows and pleasures and help them within lawful limits but should also share one's wealth with them according to one's means and the need of each relative. This enjoins on everyone who possesses ample means to acknowledge the share of one's deserving relatives along with the rights of one's own person and family. The Divine Law holds every well-to-do person in a family to be responsible for fulfilling the needs of aII his needy kith and kin. The Law considers it a great evil that one person should enjoy the pleasures of life while his own kith and kin are starving. As it considers the family to be an important part of society, it lays down that the first right of needy individuals is on its well-to-do members and then on the others. Likewise it is the first duty of the well-to-do members of the family to fulfil the needs of their own near relatives and then those of others. The Holy Prophet has emphasized this fact in many Traditions, according to which a person owes rights to his parents, his wife and children, his brothers and sisters, other relatives, etc. , in accordance with the nearness of their relationships. On the basis of this fundamental principle, Caliph Umar made it obligatory on the first cousins of an orphan to support him. In the case of another orphan he declared that if he had no first cousins he would have made it obligatory on distant cousins to support him. Just imagine the happy condition of the society every unit of which supports its every needy individual in this way-most surely that society will become high and pure economically, socially, and morally.
*89) In contrast to the above-mentioned three virtues, Allah prohibits three vices which ruin individuals and the society as a whole:
(1) The Arabic word fahsha applies to all those things that are immodest, immoral or obscene or nasty or dirty or vulgar, not fit to be seen or heard, because they offend against recognized standards of propriety or good taste, e.g., adultery, fornication, homo-sexuality, nakedness, nudity, theft, robbery, drinking, gambling, begging, abusive language and the like. Likewise it is indecent to indulge in giving publicity to any of these evils and to spread them, e.g., false propaganda, calumny, publicity of crimes, indecent stories, dramas, films, naked pictures, public appearance of womenfolk with indecent make-ups, free mixing of sexes, dancing and the like.
(2) Munkar applies to all those evils which have always been universally regarded as evils and have been forbidden by all divine systems of law.
(3) Baghy applies to those vices that transgress the proper limits of decency and violate the rights of others, whether those of the Creator or His Creation.