- عربي - نصوص الآيات عثماني : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَٰفِرِينَ حَصِيرًا
- عربى - نصوص الآيات : عسى ربكم أن يرحمكم ۚ وإن عدتم عدنا ۘ وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا
- عربى - التفسير الميسر : عسى ربكم -يا بني إسرائيل- أن يرحمكم بعد انتقامه إن تبتم وأصلحتم، وإن عدتم إلى الإفساد والظلم عُدْنا إلى عقابكم ومذلَّتكم. وجعلنا جهنم لكم وللكافرين عامة سجنًا لا خروج منه أبدا. وفي هذه الآية وما قبلها، تحذير لهذه الأمة من العمل بالمعاصي؛ لئلا يصيبها مثل ما أصاب بني إسرائيل، فسنن الله واحدة لا تبدل ولا تغير.
- السعدى : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
{ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ } فيديل لكم الكرة عليهم، فرحمهم وجعل لهم الدولة. وتوعدهم على المعاصي فقال: { وَإِنْ عُدْتُمْ } إلى الإفساد في الأرض { عُدْنَا } إلى عقوبتكم، فعادوا لذلك فسلط الله عليهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم
فانتقم الله به منهم، فهذا جزاء الدنيا وما عند الله من النكال أعظم وأشنع، ولهذا قال: { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا } يصلونها ويلازمونها لا يخرجون منها أبدا. وفي هذه الآيات التحذير لهذه الأمة من العمل بالمعاصي لئلا يصيبهم ما أصاب بني إسرائيل، فسنة الله واحدة لا تبدل ولا تغير.
ومن نظر إلى تسليط الكفرة على المسلمين والظلمة، عرف أن ذلك من أجل ذنوبهم عقوبة لهم وأنهم إذا أقاموا كتاب الله وسنة رسوله، مكن لهم في الأرض ونصرهم على أعدائهم.
- الوسيط لطنطاوي : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
وقد عبر القرآن الكريم عن هذه المعانى أبلغ تعبير وأحكمه . فقال - تعالى - : ( عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً ) .
أى : عسى ربكم أن يرحمكم : ويعفو عنكم يا بنى إسرائيل متى أخلصتم له العبادة والطاعة ، وأصلحتم أقوالكم وأعمالكم ، فقد علمتم أنه - سبحانه - لا ينزل بلاء إلا بذنب ، ولا يرفعه إلا بتوبة .
قال : أبو حيان : وهذه الترجية ليست لرجوع دولة ، وإنما هى من باب ترحم المطيع منهم ، وكان من الطاعة أن يتبعوا عيسى ومحمدا - عليهما السلام - ولكنهم لم يفعلوا .
وقوله - سبحانه - : ( وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ) إنذار لهم بإنزال العقوبات عليهم ، إن عادوا إلى فسادهم وإفسادهم .
أى : وإن عدتم إلى المعاصى ومخالفة أمرى ، وانتهاك حرماتى ، بعد أن تداركتكم رحمتى ، عدنا عليكم بالقتل والتعذيب وخراب الديار .
ولقد عادوا إلى الكفر والفسوق والعصيان ، حيث أعرضوا عن دعوة الحق التى جاءهم بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتفوا بهذا الإِعراض بل هموا بقتله صلى الله عليه وسلم وأيدوا كل متربص بالإِسلام والمسلمين ، فكانت نتيجة ذلك أن عاقبهم النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه بما يستحقون من إجلاء وتشريد وقتل . .
قال ابن عباس - رضى الله عنهما - : " عادوا فسلط الله عليهم المؤمنين " .
ثم بين - سبحانه - عقوبتهم فى الآخرة فقال : ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً ) أى : إن عدتم إلى معصيتنا فى الدنيا عدنا عليكم بالعقوبة الرادعة ، أما فى الآخرة فقد جعلنا جهنم للكافرين منكم ومن غيركم ( حصيرا ) أى : سجنا : حاصرا لكم لا تستطيعون الهروب منه ، أو الفكاك عنه ، أو فراشا تفترشونه ، كما قال - تعالى - : ( لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وكذلك نَجْزِي الظالمين ) قال بعض العلماء : " قوله ( حصيرا ) فيه وجهان : الأول : أن الحصير المحبس والسجن . من الحصر وهو الحبس : يقال حصره يحصره حصرا ، إذا ضيق عليه وأحاط به .
والثانى أن الحصير : البساط والفراش ، من الحصير الذى يفرش ، لأن العرب تسمى البساط الصغير حصيرا . . "
.وبذلك نرى الآيات الكريمة ، قد حكت لنا قضاء الله - تعالى - فى بنى إسرائيل ، وساقت لنا لكى نعتبر ونتعظ ألوانا من سنن الله - تعالى - التى لا تتخلف ، والتى من أبرزها أن الإيمان والصلاح عاقبتهما الفلاح ، وأن الكفر والفساد عاقبتهما الشقاء ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .
هذا ، والذى يراجع ما قاله المفسرون فى بيان العباد الذين سلطهم الله - تعالى - على بنى إسرائيل بعد إفسادهم الأول والثانى فى الأرض ، يرى أقوالا متعددة يبدو على كثير منها الاضطراب والضعف .
ومن ذلك ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وابن مسعود - رضى الله عنهما - أن الله - تعالى - عهد إلى بنى إسرائيل فى التوراة ( لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ ) فكان أول الفسادين قتل زكريا ، فبعث الله عليهم ملك النبط ، وكان يدعى " صحابين " فبعث الجنود ، وكانوا من أهل فارس . . فتحصنت بنو إسرائيل . . ودخل فيهم " بختنصر " - أحد جنود صحابين - وسمع أقوالهم . . الخ .
وهذا الأثر من وجوه ضعفه ، أن غزو النبط ومعهم بختنصر لبنى إسرائيل سابق على زمان زكريا - عليه السلام - بحوالى ستة قرون .
لأن الثابت تاريخيا أن بختنصر غزا بنى إسرائيل وانتصر عليهم ثلاث مرات : الأولى فى سنة 606 ق . م والثانية فى سنة 599 ق . م ، والثالة فى سنة 588 ق . م .
وفى هذه المرة الثالثة أكثر القتل فيهم ، وساق الأحياء منهم أسارى إلى أرض بابل .
أما زكريا - عليه السلام - فمن المعروف أنه كان معاصرا لعيسى - عليه السلام - أو مقاربا لعصره : فقد أخبرنا القرآن الكريم أن زكريا هو الذى تولى كفالة مريم أم عيسى .
وإذاً فالقول بأن إفسادهم الأول كان لقتلهم زكريا ، وأن المسلط عليهم ملك النبط ومع " بختنصر " يتنافى مع الحقائق التاريخية .
وفضلا عن ذلك ، فإن هذا الأثر اضطرابه ظاهر ، لأن " صحابين " ملك النبط ، هو الذى يسميه المؤرخون " سنحاريب " وكان ملكا للأشوريين ، وهو الذى غزا مملكة يهوذا سنة 713 ق . م أى قبل غزو بختنصر لها بأكثر من مائة سنة ، أى : أن بختنصر لم يكن معاصرا له .
والرأى الذى نختاره : هو أن العباد الذين سلطهم الله على بنى إسرائيل بعد إفسادهم الأول ، هم جالوت وجنوده . ونستند فى اختيارنا لهذا الرأى إلى أمور من أهمها ما يلي :
1- ذكر القرآن الكريم فى سورة البقرة ، عند عرضه لقصة القتال الذى دار بين طالوت قائد بنى إسرائيل ، وبين " جالوت " قائد أعدائهم ، ما يدل على أن بنى اسرائيل كانوا قبل ذلك مقهورين مهزومين من أعدائهم .
ويتجلى هذا المعنى فى قوله - تعالى - : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ مِن بني إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ موسى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابعث لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا . . ) فقولهم - كما حكى القرآن عنهم - ( وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا .
. ) يدل دلالة قوية ، على أنهم كانوا قبل قتالهم لجالوت مهزومين هزيمة اضطرتهم إلى الخروج عن ديارهم ، وإلى مفارقة أبنائهم .
2- قوله - تعالى - : ( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِمْ ) صريح فى أن الله - تعالى - نصر بنى إسرائيل - بعد أن تابوا وأنابوا - على أعدائهم .
وهذا المعنى ينطبق على ماقصه القرآن علينا ، من أن بنى إسرائيل بقيادة طالوت قد انتصروا على جالوت وجنوده .
قال - تعالى - : ( وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصرنا عَلَى القوم الكافرين فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ الله وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ الله الملك والحكمة وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ . . ) ولقد كان هذا النصر نعمة كبرى لبنى إسرائيل ، فقد جاءهم بعد أن أخرجوا من ديارهم وأبنائهم ، وبعد أن اعترضوا على اختيار طالوت ملكا عليهم ، وبعد أن قاتل مع طالوت عدد قليل منهم . ولاشك أن النصر فى هذه الحالة ، أدعى لطاعة الله - تعالى - وشكره على آلائه .
3- قوله - تعالى - : ( وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ) أكثر ما يكون انطباقا على عهد حكم طالوت ، وداود ، وسليمان لهم .
ففى هذا العهد الذى دام زهاء ثمانين سنة ، ازدهرت مملكتهم ، وعز سلطانهم وأمدهم الله خلاله بالأموال الوفيرة ، وبالبنين الكثيرة ، وجعلهم أكثر من أعدائهم عددا وقوة .
أما بعد هذا العهد ، بل وقبل هذا العهد ، فقد كانت حياتهم سلسلة من المآسى والنكبات .
فبعد موت سليمان - عليه السلام - سنة 975 ق . م تقريبا ، انقسمت مملكتهم إلى قسمين : مملكة يهوذا فى الجنوب ، ومملكة إسرائيل فى الشمال ، واستمرتا فى صراع ونزاع حتى قضى الأشوريون سنة 721 ق . م على مملكة إسرائيل ، وقضى " بختنصر " على مملكة يهوذا سنة 588 ق . م .
4- ذكر بعض المفسرين أن العباد الذين سلطهم الله عليهم بعد إفسادهم الأول هم جالوت وجنوده .
أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله : ( فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال : بعث الله عليهم فى الأولى جالوت ، فجاس خلال ديارهم ، فسألوا الله - تعالى - أن يبعث لهم ملكا ، فبعث لهم طالوت ، فقاتلوا جالوت ، وانتصروا عليه ، وقتل داود جالوت ، ورجع إلى بنى اسرائيل ملكهم . فلما أفسدوا بعث الله عليهم فى المرة الآخرة " بختنصر " فخرب المساجد ، وتبر ما علوا تتبيرا . . .
هذه بعض الأدلة التى تجعلنا نرجح أن المراد بالعباد الذين سلطهم الله - تعالى - على بنى إسرائيل بعد إفسادهم الأول فى الأرض ، هم جالوت وجنوده .
أما العباد الذين سلطهم الله عليهم بعد إفسادهم الثانى ، فيرى كثير من المفسرين أنهم " بختنصر " وجنوده .
وهذا الرأى ليس ببعيد عن الصواب ، لما ذكرنا قبل ذلك من تنكيله بهم ، وسوقهم أسارى إلى بابل سنة 588 ق . م .
إلا أننا نؤثر على هذا الرأى ، أن يكون المسلط عليهم بعد إفسادهم الثانى ، هم الرومان بقيادة زعيمهم ، تيطس سنة 70 م . لأمور من أهمها : .
1- أن الذى يتتبع التاريخ يرى أن رذائل بنى إسرائيل فى الفترة التى سبقت تنكيل " تيطس " بهم ، أشد وأكبر من الرذائل التى سبقت إذلال " بختنصر " لهم . فهم - على سبيل المثال - قبيل بطش الرومان بهم ، كانوا قد قتلوا من أنبياء الله زكريا ويحيى - عليهما السلام - ، وكانوا قد حاولوا قتل عيسى - عليه السلام - ولكن الله - تعالى - نجاه من شرورهم .
2- ضربات الرومان - فى ذاتها - كانت أشد وأقسى على بنى اسرائيل . من ضربات " بختنصر " لهم .
فمثلا عدد القتلى من اليهود على يد الرومان بقيادة " تيطس " بلغ مليون قتيل ، وبلغ عدد الأسرى نحو مائة ألف أسير .
بينما عدد القتلى والأسرى منهم على يد " بختنصر " كان أقل من هذا العدد بكثير .
ولقد وصف المؤرخون النكبة التى أوقعها الرومان بهم ، بأوصاف تفوق بكثير ما أوقعه البابليون بقيادة بختنصر بهم .
يقول أحد الكتاب واصفا ما حل باليهود على يد " تيطس " الرومانى : كان " تيطس " فى الثلاثين من عمره ، حين وقف سنة 70 م أمام أسوار أورشليم على رأس جيشه ، بعد أن بدأت المدينة تعانى من أهوال الحصار .
وبعد أن اقتحم " تيطس " وجنوده المدينة ، أصدر أمره إليهم : أن احرقوا وانهبوا واقتلوا ، فأموال اليهود وأعراضهم حلال لكم ، وقد أحرق الرومان معبد اليهود ودمروه ، وتحققت نبوءة المسيح - عليه السلام - حين قال : ستلقى هذه الأرض بؤسا وعنتا ، وسيحل الغضب على أهلها ، وسيسقطون صرعى على حد السيف ، ويسيرون عبيدا إلى كل مصر ، وستطأ أورشليم الأقدام .
3- النكبة التى أنزلها الرومان بهم - من حيث آثارها - أشنع بكثير من النكبة التى أنزلها بختنصر بهم . لأنهم بعد تنكيل بختنصر بهم وأخذهم أسرى إلى بلاده وبقائهم فى الأسر زهاء خمسين سنة عادوا إلى ديارهم مرة أخرى ، بمساعدة " قورش " ملك الفرس ، الذى انتصر على " بختنصر " سنة 538 ق . م تقريبا ، وبدأوا يتكاثرون من جديد .
أما بعد تنكيل " تيطس " بهم فلم تقم لهم قائمة ، ومزقوا فى الأرض شر ممزق ، وانقطع دابرهم كأمة .
وقد صرح بهذا المعنى صاحب تاريخ الإِسرائيليين فقال بعد وصفه لما أوقعه " تيطس " بهم من ضربات : إلى هنا ينتهى تاريخ الإِسرائيليين كأمة ، فإنهم بعد خراب أورشليم على يد " تيطس " تفرقوا فى جميع بلاد الله ، وتاريخهم بعد ذلك ملحق بتاريخ الممالك التى توطنوها أو نزلوا فيها .
- البغوى : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
( عسى ربكم ( يا بني إسرائيل ( أن يرحمكم ( بعد انتقامه منكم فيرد الدولة إليكم ( وإن عدتم عدنا ( أي : إن عدتم إلى المعصية عدنا إلى العقوبة . قال قتادة : فعادوا فبعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون .
( وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ( سجنا ومحبسا من الحصر وهو الحبس .
قال الحسن : حصيرا أي : فراشا . وذهب إلى الحصير الذي يبسط ويفرش .
- ابن كثير : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
(عسى ربكم أن يرحمكم ) أي : فيصرفهم عنكم ( وإن عدتم عدنا ) أي : متى عدتم إلى الإفساد ) عدنا ) إلى الإدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال ؛ ولهذا قال [ تعالى ] ( وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ) أي : مستقرا ومحصرا وسجنا لا محيد لهم عنه .
قال ابن عباس [ رضي الله عنهما ] : ( حصيرا ) أي : سجنا .
وقال مجاهد : يحصرون فيها . وكذا قال غيره .
وقال الحسن : فراش ومهاد .
وقال قتادة : قد عاد بنو إسرائيل ، فسلط الله عليهم هذا الحي - محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه - يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون .
- القرطبى : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
قوله تعالى : عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا قوله تعالى : عسى ربكم أن يرحمكم وهذا مما أخبروا به في كتابهم . وعسى وعد من الله أن يكشف عنهم . وعسى من الله واجبة . أن يرحمكم بعد انتقامه منكم ، وكذلك كان ; فكثر عددهم وجعل منهم الملوك .
وإن عدتم عدنا قال قتادة : فعادوا فبعث الله عليهم محمدا - صلى الله عليه وسلم - ; فهم يعطون الجزية بالصغار ; وروي عن ابن عباس . وهذا خلاف ما تقدم في الحديث وغيره وقال القشيري : وقد حل العقاب ببني إسرائيل مرتين على أيدي الكفار ، ومرة على أيدي المسلمين . وهذا حين عادوا فعاد الله عليهم .
وعلى هذا يصح قول قتادة . وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا أي محبسا وسجنا ، من الحصر وهو الحبس . قال الجوهري : يقال حصره يحصره حصرا ضيق عليه وأحاط به . والحصير : الضيق البخيل . والحصير : البارية . والحصير : الجنب ، قال الأصمعي : هو ما بين العرق الذي يظهر في جنب البعير والفرس معترضا فما فوقه إلى منقطع الجنب . والحصير : الملك ; لأنه محجوب . قال لبيد :
وقماقم غلب الرقاب كأنهم جن لدى باب الحصير قيام
ويروى :
ومقامة غلب الرقاب . . .
على أن يكون ( غلب ) بدلا من ( مقامة ) كأنه قال : ورب غلب الرقاب . وروي عن أبي عبيدة :
. . . لدى طرف الحصير قيام
أي عند طرف البساط للنعمان بن المنذر . والحصير : المحبس ; قال الله - تعالى - : وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا . قال القشيري : ويقال للذي يفترش حصيرا ; لحصر بعضه على بعض بالنسج . وقال الحسن : أي فراشا ومهادا ; ذهب إلى الحصير الذي يفرش ، لأن العرب تسمي البساط الصغير حصيرا . قال الثعلبي : وهو وجه حسن .
- الطبرى : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)
يقول تعالى ذكره: لعلّ ربكم يا بني إسرائيل أن يرحمكم بعد انتقامه منكم بالقوم الذين يبعثهم الله عليكم ليسوء مبعثه عليكم وجوهكم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّة، فيستنقذكم من أيديهم، وينتشلكم من الذلّ الذي يحله بكم، ويرفعكم من الخمولة التي تصيرون إليها، فيعزّكم بعد ذلك، وعسى من الله: واجب، وفعل الله ذلك بهم، فكثر عددهم بعد ذلك، ورفع خَساستهم، وجعل منهم الملوك والأنبياء، فقال جلّ ثناؤه لهم: وإن عدتم يا معشر بني إسرائيل لمعصيتي وخلاف أمري، وقتل رسلي، عدنا عليكم بالقتل والسِّباء، وإحلال الذلّ والصِّغار بكم، فعادوا، فعاد الله عليهم بعقابه وإحلال سخطه بهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عطية، عن عمر بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله ( وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ) قال: عادوا فعاد، ثم عادوا فعاد، ثم عادوا فعاد. قال: فسلَّط الله عليهم ثلاثة ملوك من ملوك فارس: سندبادان وشهربادان وآخر.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال الله تبارك وتعالى بعد الأولى والآخرة ( وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ) قال: فعادوا فسلَّط الله عليهم المؤمنين.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال ( ) فعاد الله عليهم بعائدته ورحمته (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) قال: عاد القوم بشرّ ما يحضرهم، فبعث الله عليهم ما شاء أن يبعث من نقمته وعقوبته، ثم كان ختام ذلك أن بعث الله عليهم هذا الحيّ من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة؛ قال الله عزّ وجلّ في آية أخرى وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .... الآية، فبعث الله عليهم هذا الحيّ من العرب.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال ( وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ) فعادوا، فبعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم، فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.
حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله تعالى ( ) قال بعد هذا(وَإِنْ عُدْتُمْ) لما صنعتم لمثل هذا من قتل يحيى وغيره من الأنبياء (عُدْنا) إليكم بمثل هذا.
وقوله ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: وجعلنا جهنم للكافرين سجنا يسجنون فيها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن مسعدة، قال: ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) قال: سجنا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال : ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) يقول: جعل الله مأواهم فيها.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) قال: مَحْبِسا حَصُورا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) يقول: سجنا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى (حَصِيرًا) قال: يحصرون فيها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) قال: يُحصرون فيها.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) سجنا يسجنون فيها حصروا فيها.
حدثنا عليّ بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) يقول: سجنا.
وقال آخرون: معناه : وجعلنا جهنم للكافرين فراشا ومهادا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال : قال الحسن: الحصير: فِراش ومِهاد، وذهب الحسن بقوله هذا إلى أن الحصير في هذا الموضع عني به الحصير الذي يُبْسط ويفترش، وذلك أن العرب تسمي البساط الصغير حصيرا، فوجَّه الحسن معنى الكلام إلى أن الله تعالى جعل جهنم للكافرين به بساطا ومهادا، كما قال لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وهو وجه حسن وتأويل صحيح، وأما الآخرون، فوجهوه إلى أنه فعيل من الحصر الذي هو الحبس. وقد بيَّنت ذلك بشواهده في سورة البقرة، وقد تسمي العرب الملك حصيرا
بمعنى أنه محصور: أي محجوب عن الناس، كما قال لبيد:
وَمَقاَمــةٍ غُلْــبِ الرّقــابِ كـأنَّهُمْ
جِــنٌّ لَـدَى بـابِ الحَـصِيرِ قِيـامُ (1)
يعني بالحصير: الملك، ويقال للبخيل: حصور وحصر: لمنعه ما لديه من المال عن أهل الحاجة، وحبسه إياه عن النفقة، كما قال الأخطل:
وشَــارِبٍ مُـرْبِحٍ بالكـأْسِ نـادَمَنِي
لا بــالحَصُورِ وَلا فِيهــا بِسَــوَّارِ (2)
ويروى: بسآر. ومنه الحصر في المنطق لامتناع ذلك عليه، واحتباسه إذا أراده. ومنه أيضا الحصور عن النساء لتعذّر ذلك عليه، وامتناعه من الجماع، وكذلك الحصر في الغائط: احتباسه عن الخروج، وأصل ذلك كله واحد وإن اختلفت ألفاظه. فأما الحصيران: فالجنبان، كما قال الطرمّاح:
قَلِيــلا تَتَـلَّى حاجَـةً ثُـمَّ عُـولِيَتْ
عَـلى كُـلّ مَفْـرُوشِ الحَصِيرَيْنِ بادِنِ (3)
يعني بالحصيرين: الجنبيّن.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: معنى ذلك ( وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) فراشا ومهادا لا يزايله من الحصير الذي بمعنى البساط، لأن ذلك إذا كان كذلك كان جامعا معنى الحبس والامتهاد، مع أن الحصير بمعنى البساط في كلام العرب أشهر منه بمعنى الحبس، وأنها إذا أرادت أن تصف شيئا بمعنى حبس شيء، فإنما تقول: هو له حاصر أو محصر، فأما الحصير فغير موجود في كلامهم، إلا إذا وصفته بأنه مفعول به، فيكون في لفظ فعيل، ومعناه مفعول به، ألا ترى بيت لبيد: لدى باب الحصير؟ فقال: لدى باب الحصير، لأنه أراد: لدى باب المحصور، فصرف مفعولا إلى فعيل. فأما فعيل في الحصر بمعنى وصفه بأنه الحاصر . فذلك ما لا نجده في كلام العرب، فلذلك قلت: قول الحسن أولى بالصواب في ذلك، وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أن ذلك جائز، ولا أعلم لما قال وجها يصحّ إلا بعيدا وهو أن يقال: جاء حصير بمعنى حاصر، كما قيل: عليم بمعنى عالم، وشهيد بمعنى شاهد، ولم يسمع ذلك مستعملا في الحاصر كما سمعنا في عالم وشاهد.
---------------------
الهوامش :
(1) البيت في (ديوان لبيد، طبع ليدن سنة 1891 ص 39) . والرواية فيه : "لدى طرف الحصير" . وروايته في (مجاز القرآن لأبي عبيدة ص 371) وفي (لسان العرب: قوم): كرواية المؤلف هنا. قالا: ويقال للملك حصير، لأنه محجوب. والمقامة والمقام المجلس، ومقامات الناس: مجالسهم والمقامة: السادة، والغلب: جمع أغلب، وصف من غلب غلبا (كفرح فرحا): إذا غلظت رقبته. وفي (اللسان: حصر) ذكر هذا الشاهد كرواية المؤلف مع وضع لفظة "وقماقم" في مكان: "ومقامة" وأشار إلى الرواية الأخرى. ثم قال: والحصير المحبس، وفي التنزيل: "وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا" ، قال القتيبي: هو من حصرته، أي حبسته. فهو محصور، وهذا حصيره، أي محبسه .
(2) تقدم شرح هذا الشاهد في الجزء الثالث من هذا التفسير (ص 255).
(3) البيت في ديوان الطرماح بن حكيم (طبع ليدن سنة 1927 ص 164) وقتلى الشيء: تتبعه وتتلى أيضا: بقي بقية من دينه. وعوليت: ذهب بها إلى العالية ، وهي نجد والحصير سفيفة تصنع من بردي وأسل ثم تفرش.
- ابن عاشور : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
ولم يعدهم الله في هذه المرة إلا بتوقع الرحمة دون رد الكرة ، فكان إيماء إلى أنهم لا مُلك لهم بعد هذه المرة . وبهذا تبين أن المشار إليه بهذه المرة الآخرة هو ما اقترفه اليهود من المفاسد والتمرد وقتل الأنبياء والصالحين والاعتداء على عيسى وأتباعه ، وقد أنذرهم النبي مَلاّخي في الإصحاحين الثالث والرابع من كتابه وأنذرهم زكرياء ويحيى وعيسى فلم يرعووا فضربهم الله الضربة القاضية بيد الرومان .
وبيان ذلك : أن اليهود بعد أن عادوا إلى أورشليم وجددوا ملكهم ومسجدهم في زمن ( داريوس ) وأطلق لهم التصرف في بلادهم التي غلبهم عليها البابليون وكانوا تحت نفوذ مملكة فارس ، فمكثوا على ذلك مائتي سنة من سنة 530 إلى سنة 330 قبل المسيح ، ثم أخذ ملكهم في الانحلال بهجوم البطالسة ملوك مصر على أورشليم فصاروا تحت سلطانهم إلى سنة 166 قبل المسيح إذ قام قائد من إسرائيل اسمه ( ميثيا ) وكان من اللاويين فانتصر لليهود وتولى الأمر عليهم وتسلسل الملك بعده في أبنائه في زمن مليء بالفتن إلى سنة أربعين قبل المسيح . دخلت المملكة تحت نفوذ الرومانيين وأقاموا عليها أمراء من اليهود كان أشهرهم ( هيرودس ) ثم تمردوا للخروج على الرومانيين ، فأرسَل فيصر رومية القائدَ ( سيسيَانوس ) مع ابنه القائد ( طيطوس ) بالجيوش في حدود سنة أربعين بعد المسيح فخربت أورشليم واحترق المسجد ، وأسر ( طيطوس ) نيفاً وتسعين ألفاً من اليهود ، وقُتل من اليهود في تلك الحروب نحو ألف ألف ، ثم استعادوا المدينة وبقي منهم شرذمة قليلة بها إلى أن وافاهم الأمبراطور الروماني ( أدريانوس ) فهدمها وخربها ورمى قناطير المِلح على أرضها كيلا تعود صالحة للزراعة ، وذلك سنة 135 للمسيح . وبذلك انتهى أمر اليهود وانقرض ، وتفرقوا في الأرض ولم تخرج أورشليم من حكم الرومان إلا حين فتحها المسلمون في زمن عمر بن الخطاب سنة 16 هـ. صلحاً مع أهلها وهي تسمى يومئذٍ ( إيلياء ).
وقوله : { وإن عدتم عدنا } يجوز أن تكون الواو عاطفة على جملة { عسى ربكم أن يرحمكم } عطفَ الترهيب على الترغيب .
ويجوز أن تكون معترضة والواو اعتراضية . والمعنى : بعد أن يرحمكم ربكم ويؤمنكم في البلاد التي تلْجأون إليها ، إن عدتم إلى الإفساد عدنا إلى عقابكم ، أي عدنا لمثل ما تقدم من عقاب الدنيا .
وجملة { وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً } عطف على جملة { عسى ربكم أن يرحمكم } لإفادة أن ما ذكر قبله من عقاب إنما هو عقاب دنيوي وأن وراءه عقاب الآخرة .
وفيه معنى التذييل لأن التعريف في { للكافرين } يعم المخاطبين وغيرهم . ويومىء هذا إلى أن عقابهم في الدنيا ليس مقصوراً على ذنوب الكفر بل هو منوط بالإفساد في الأرض وتعدي حدود الشريعة . وأما الكفر بتكذيب الرسل فقد حصل في المرة الآخرة فإنهم كذبوا عيسى ، وأما في المرة الأولى فلم تأتهم رسل ولكنهم قتلوا الأنبياء مثل أشعياء ، وأرمياء ، وقتل الأنبياء كفر .
والحصير : المكان الذي يحصر فيه فلا يستطاع الخروج منه ، فهو إما فعيل بمعنى فاعل ، وإما بمعنى مفعول على تقدير متعلق ، أي محصور فيه .
- إعراب القرآن : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
«عَسى » فعل ماض ناقص «رَبُّكُمْ» اسم عسى مرفوع والكاف مضاف إليه والجملة مستأنفة «أَنْ» حرف ناصب «يَرْحَمَكُمْ» مضارع منصوب بأن والكاف مفعوله وفاعله مستتر وأن وما بعدها خبر «وَإِنْ» حرف شرط جازم والواو عاطفة «عُدْتُمْ» ماض وفاعله وهو فعل الشرط والجملة ابتدائية «عُدْنا» ماض وفاعله والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط لم يقترن بالفاء «وَجَعَلْنا» الواو عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة «جَهَنَّمَ» مفعول به «لِلْكافِرِينَ» متعلقان بحصيرا «حَصِيراً» مفعول به
- English - Sahih International : [Then Allah said] "It is expected [if you repent] that your Lord will have mercy upon you But if you return [to sin] We will return [to punishment] And We have made Hell for the disbelievers a prison-bed"
- English - Tafheem -Maududi : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا(17:8) Now again your Lord may show compassion on you; but if you again repeat your former behaviour; We will again visit you with. Our punishment, for We have prepared Hell to serve as a prison-house for the ungrateful people. *10
- Français - Hamidullah : Il se peut que votre Seigneur vous fasse miséricorde Mais si vous récidivez Nous récidiverons Et Nous avons assigné l'Enfer comme camp de détention aux infidèles
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Vielleicht erbarmt euer Herr Sich eurer; doch wenn ihr dazu zurückkehrt kehren auch Wir zurück Und Wir haben die Hölle für die Ungläubigen zum Gefängnis gemacht"
- Spanish - Cortes : Quizá vuestro Señor se apiade de vosotros Pero si reincidís Nosotros también reincidiremos Hemos hecho de la gehena cárcel para los infieles
- Português - El Hayek : Pode ser que o vosso Senhor tenha misericórdia de vós; porém se reincidirdes no erro Nós reincidiremos no castigo e faremos do inferno um cárcere para os incrédulos
- Россию - Кулиев : Быть может ваш Господь помилует вас Но если вы вернетесь к бесчинству то Мы также вернемся к наказанию Мы сделали Геенну местом заточения для неверующих
- Кулиев -ас-Саади : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
Быть может, ваш Господь помилует вас. Но если вы вернетесь к бесчинству, то Мы также вернемся к наказанию. Мы сделали Геенну местом заточения для неверующих.Аллах помиловал сынов Исраила, помог им в очередной раз одолеть неверующих и создать могучее государство. Однако Аллах пригрозил подвергнуть их суровому наказанию, если они снова ослушаются Аллаха и станут бесчинствовать на земле. Все так и произошло. Они вернулись к неповиновению, и тогда Аллах позволил Своему посланнику Мухаммаду одержать над ними верх. Его руками Аллах отомстил сынам Исраила, и это стало для них возмездием на земле. А в Последней жизни их ожидает более страшное и ужасное наказание. Вот почему Аллах сказал, что сделал Преисподнюю местом заточения для неверующих. Они будут брошены туда и останутся там навечно. Это откровение предостерегает последователей Пророка Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует, от совершения грехов, ибо только так они могут уберечься от несчастий, которые постигли сынов Исраила. Воистину, законы Аллаха одинаковы для всех - они не изменяются и не искажаются. И если человек задумается над тем, когда неверующие и беззаконники одерживают верх над мусульманами, то ему станет ясно, что причиной этого являются совершаемые мусульманами грехи. Таким горьким оказывается наказание Аллаха. Но если бы мусульмане руководствовались Кораном и Сунной, то Аллах непременно утвердил бы их власть на земле и помог им одержать верх над противниками.
- Turkish - Diyanet Isleri : Umulur ki Rabbiniz size acır; ama siz dönerseniz Biz de döneriz Cehennemi inkarcılara bir zindan kılmışızdır
- Italiano - Piccardo : Forse il vostro Signore vi userà misericordia ma se persisterete persisteremo Abbiamo fatto dell'Inferno una prigione per i miscredenti
- كوردى - برهان محمد أمين : ئینجا دوور نی یه پهروهردگارتان بهزهیی پیاتاندا بێتهوهو ڕهحمتان پێ بکات ئهگهر بهخۆتاندا بێنهوهو تهوبه بکهن خۆ ئهگهر بگهڕێنهوه بۆ پیلانگێڕان و خوێنڕێژی ئێمهش دهست دهکهینهوه به تۆڵه سهندن و تهمێکردنتان جگه لهوه دۆزهخیش دهکهین به زیندان بۆ کافران که تیایدا گیر بخۆن
- اردو - جالندربرى : امید ہے کہ تمہارا پروردگار تم پر رحم کرے اور اگر تم پھر وہی حرکتیں کرو گے تو ہم بھی وہی پہلا سلوک کریں گے اور ہم نے جہنم کو کافروں کے لئے قید خانہ بنا رکھا ہے
- Bosanski - Korkut : I Gospodar vaš će vam se opet smilovati; ako vi ponovo započnete započećemo i Mi A Džehennem smo za nevjernike tamnicom učinili
- Swedish - Bernström : Kanske kommer er Herre att ha förbarmande med er men om ni återfaller [i synd] kommer Vi att [straffa er] på nytt; [minns att] Vi har gjort helvetet till ett fängelse för förnekarna av sanningen
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Mudahmudahan Tuhanmu akan melimpahkan rahmatNya kepadamu; dan sekiranya kamu kembali kepada kedurhakaan niscaya Kami kembali mengazabmu dan Kami jadikan neraka Jahannam penjara bagi orangorang yang tidak beriman
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا
Dan Kami katakan di dalam kitab (Mudah-mudahan Rabb kalian akan melimpahkan rahmat-Nya kepada kalian) sesudah kali yang kedua ini jika kalian bertobat (dan sekiranya kalian kembali) melakukan kejahatan (niscaya Kami kembali) mengazab kalian. Dan memang mereka kembali melakukan kejahatan lagi, yaitu mendustakan Nabi saw., maka Allah swt. membinasakan mereka dengan terbunuhnya orang-orang Bani Quraizhah dan Bani Nadhir serta mereka dikenakan membayar jizyah. (Dan Kami jadikan neraka Jahanam penjara bagi orang-orang kafir") sebagai tempat tahanan dan penjara bagi mereka.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হয়ত তোমাদের পালনকর্তা তোমাদের প্রতি অনুগ্রহ করবেন। কিন্তু যদি পুনরায় তদ্রূপ কর আমিও পুনরায় তাই করব। আমি জাহান্নামকে কাফেরদের জন্যে কয়েদখানা করেছি।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இதன் பின்னரும் நீங்கள் திருந்திக் கொண்டால் உங்கள் இறைவன் உங்கள் மீது கருணை புரியப்போதும் ஆனால் நீங்கள் பாவத்தின் பக்கமே திரும்புவீர்களானால் நாமும் முன் போல் தண்டிக்கத் திரும்புவோம்; மேலும் காஃபிர்களுக்கு ஜஹன்னம் எனும் நரகத்தைச் சிறைச்சாலையாக ஆக்கி வைத்துள்ளோம்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : หวังว่าพระเจ้าของพวกเจ้าจะทรงเมตตาแก่พวกเจ้า และหากพวกเจ้ากลับมา ก่อกวนอีกเราก็โต้กลับ และเราได้ให้นรกเป็นที่คุมขังสำหรับผู้ปฏิเสธศรัทธา
- Uzbek - Мухаммад Содик : Шояд Роббингиз сизга раҳм қилса Агар сиз қайтсангиз Биз ҳам қайтамиз Ва жаҳаннамни кофирларга зиндон қилганмиз
- 中国语文 - Ma Jian : (如果你们悔改),你们的主或许会怜悯你们。如果你们重新违抗我,我将重新惩治你们。我以火狱为不信道者的监狱。
- Melayu - Basmeih : Mudahmudahan Tuhan kamu akan mengasihani kamu kalau kamu bertaubat; dan jika kamu kembali menderhaka maka Kami pula akan kembali menyeksa kamu di dunia; dan kami telah jadikan neraka penjara bagi orangorang kafir pada hari akhirat
- Somali - Abduh : Waxay u dhawdahay in Eebihiin idiin Naxariisto haddaad ku Noqotaanna waannu ku noqon waxaana uga yeelnay Jahannamo Gaalada Gogol
- Hausa - Gumi : Akwai tsammãnin Ubangijinku Ya yi muku rahama Kuma idan kun sãke Mu sãke Kuma Mun sanya Jahannama matsara ga kãfirai
- Swahili - Al-Barwani : Huenda Mola wenu Mlezi akakurehemuni Na mkirudia na Sisi tutarudia Na tumeifanya Jahannamu kuwa ni gereza kwa ajili ya makafiri
- Shqiptar - Efendi Nahi : Behet që Zoti juaj t’ju mëshiroj e nëse ju ktheheni në të keqe Na kthehemi në dënim kundër jush Dhe xhehennemin e kemi bërë burg për mohuesit”
- فارسى - آیتی : شايد پروردگارتان بر شما رحمت آورد. و اگر بازگرديد، بازمىگرديم و جهنم را زندان كافران ساختهايم.
- tajeki - Оятӣ : Шояд Парвардигоратон бар шумо раҳмат оварад. Ва агар бозгардед, бозмегардем ва ҷаҳаннамро зиндони кофирон сохтаем.
- Uyghur - محمد صالح : (ئەگەر تەۋبە قىلساڭلار) پەرۋەردىگارىڭلارنىڭ سىلەرگە رەھىم قىلىشى مۇھەققەق يېقىندۇر، ئەگەر سىلەر قايتساڭلار (يەنى قايتا بۇزغۇنچىلىق قىلساڭلار)، بىز قايتىمىز (يەنى بىز سىلەرنى قايتا جازالايمىز). جەھەننەمنى كاپىرلار ئۈچۈن زىندان قىلدۇق
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ഇനിയും നിങ്ങളുടെ നാഥന് നിങ്ങളോടു കരുണ കാണിച്ചേക്കാം. അഥവാ നിങ്ങള് പഴയ നിലപാട് ആവര്ത്തിച്ചാല് നാം നമ്മുടെ ശിക്ഷയും ആവര്ത്തിക്കും. സംശയമില്ല; നരകത്തെ നാം സത്യനിഷേധികള്ക്കുള്ള തടവറയാക്കിയിരിക്കുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : عسى ربكم يا بني اسرائيل ان يرحمكم بعد انتقامه ان تبتم واصلحتم وان عدتم الى الافساد والظلم عدنا الى عقابكم ومذلتكم وجعلنا جهنم لكم وللكافرين عامه سجنا لا خروج منه ابدا وفي هذه الايه وما قبلها تحذير لهذه الامه من العمل بالمعاصي لئلا يصيبها مثل ما اصاب بني اسرائيل فسنن الله واحده لا تبدل ولا تغير
*10) Though this admonition has been given as a parenthesis at the end of the address to the children of Israel, it does not mean that this and the address itself are solely meant for them. As a chatter of fact, the whole address is really directed towards the disbelievers of Makkah but, instead of addressing them directly, some important historical events from the history of the children of Israel have been cited in order to serve as admonition for them.