- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِىٓ أَرَيْنَٰكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِى ٱلْقُرْءَانِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَٰنًا كَبِيرًا
- عربى - نصوص الآيات : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ۚ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ۚ ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا
- عربى - التفسير الميسر : واذكر -أيها الرسول- حين قلنا لك: إن ربك أحاط بالناس علمًا وقدرة. وما جعلنا الرؤيا التي أريناكها عِيانًا ليلة الإسراء والمعراج من عجائب المخلوقات إلا اختبارًا للناس؛ ليتميز كافرهم من مؤمنهم، وما جعلنا شجرة الزقوم الملعونة التي ذكرت في القرآن إلا ابتلاء للناس. ونخوِّف المشركين بأنواع العذاب والآيات، ولا يزيدهم التخويف إلا تماديًا في الكفر والضلال.
- السعدى : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ } علما وقدرة فليس لهم ملجأ يلجأون إليه ولا ملاذ يلوذون به عنه، وهذا كاف لمن له عقل في الانكفاف عما يكرهه الله الذي أحاط بالناس.
{ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً } أكثر المفسرين على أنها ليلة الإسراء.
{ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ } التي ذكرت { فِي الْقُرْآنِ } وهي شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم.
والمعنى إذا كان هذان الأمران قد صارا فتنة للناس حتى استلج الكفار بكفرهم وازداد شرهم وبعض من كان إيمانه ضعيفا رجع عنه بسبب أن ما أخبرهم به من الأمور التي كانت ليلة الإسراء ومن الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان خارقا للعادة.
والإخبار بوجود شجرة تنبت في أصل الجحيم أيضا من الخوارق فهذا الذي أوجب لهم التكذيب. فكيف لو شاهدوا الآيات العظيمة والخوارق الجسيمة؟"
أليس ذلك أولى أن يزداد بسببه شرهم؟! فلذلك رحمهم الله وصرفها عنهم، ومن هنا تعلم أن عدم التصريح في الكتاب والسنة بذكر الأمور العظيمة التي حدثت في الأزمنة المتأخرة أولى وأحسن لأن الأمور التي لم يشاهد الناس لها نظيرا ربما لا تقبلها عقولهم لو أخبروا بها قبل وقوعها، فيكون ذلك ريبا في قلوب بعض المؤمنين ومانعا يمنع من لم يدخل الإسلام ومنفرا عنه.
بل ذكر الله ألفاظا عامة تتناول جميع ما يكون.
{ وَنُخَوِّفُهُمْ } بالآيات { فَمَا يَزِيدُهُمْ } التخويف { إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا } وهذا أبلغ ما يكون في التملي بالشر ومحبته وبغض الخير وعدم الانقياد له.
- الوسيط لطنطاوي : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
ثم ذكر- سبحانه- ما يزيد النبي صلى الله عليه وسلم ثباتا على ثباته، ويقينا على يقينه، وما يدل على شمول علمه- تعالى- ونفاذ قدرته، وبليغ حكمته فقال: وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ....
أى: واذكر- أيها الرسول الكريم- وقت أن قلنا لك على لسان وحينا. إن ربك- عز وجل- قد أحاط بالناس علما وقدرة. فهم في قبضته، وتحت تصرفه، وقد عصمك منهم، فامض في طريقك. وبلغ رسالة ربك، دون أن تخشى من كفار مكة أو من غيرهم، عدوانا على حياتك، فقد عصمك- سبحانه- منهم.
وفي هذه الجملة ما فيها من التسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن التبشير له ولأصحابه، بأن العاقبة ستكون لهم، ومن الحض لهم على المضي في طريقهم دون أن يخشوا أحدا إلا الله.
والمراد بالرؤيا في قوله- تعالى-: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ:
ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وعاينه بعينيه من عجائب، ليلة الإسراء والمعراج.
أى: وما جعلنا ما رأيته وعاينته ليلة إسرائنا بك من غرائب، إلا فتنة للناس. ليتميز قوى الإيمان من ضعيفه، وسليم القلب من مريضه.
وأطلق- سبحانه- على ما أراه لنبيه ليلة الإسراء لفظ الرؤيا مع أنه كان يقظة «لأن هذا اللفظ يطلق حقيقة على رؤيا المنام، وعلى رؤية اليقظة ليلا فإنه قد يقال لرؤية العين رؤيا، كما في قول الشاعر يصف صائدا: وكبر للرؤيا وهش فؤاده.. أى: وسر لرؤيته للصيد الذي سيصيده. أو أطلق عليه لفظ الرؤيا على سبيل التشبيه بالرؤيا المنامية، نظرا لما رآه في لك الليلة من عجائب سماوية وأرضية، أو أطلق عليه ذلك بسبب أن ما رآه قد كان ليلا. وقد كان في سرعته كأنه رؤيا منامية.
وكان ما رآه صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة فتنة للناس، لأنه لما قص عليهم ما رآه، ارتد بعضهم عن الإسلام، وتردد البعض الآخر في قبوله، وضاقت عقولهم عن تصديقه، زاعمة أنه لا يمكن أن يذهب صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم يعرج إلى السموات العلا.. ثم يعود إلى مكة، كل ذلك في ليلة واحدة.
وبعضهم يرى أن المراد بالرؤيا هنا: ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من أنه سيدخل مكة هو وأصحابه..
وبعضهم يرى أن المراد بها هنا: ما أراه الله- تعالى- لنبيه في منامه، من مصارع المشركين قبل غزوة بدر فقد قال صلى الله عليه وسلم قبل بدء المعركة: والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم. ثم أومأ إلى الأرض وقال: هذا مصرع فلان. وهذا مصرع فلان.
والذي نرجحه هو الرأى الأول، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة، ولأنه على الرأيين الثاني والثالث يترجح أن الآية مدنية، لأن غزوة بدر وفتح مكة كانا بعد الهجرة، والتحقيق أن هذه الآية مكية.
قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ.. لما بين أن إنزال آيات القرآن تتضمن التخويف، ضم إليه ذكر آية الإسراء، وهي المذكورة في صدر السورة. وفي البخاري والترمذي عن ابن عباس في قوله- تعالى-:
وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ قال: هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به إلى بيت المقدس ...
وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسرى به.
وقيل: كانت رؤيا نوم. وهذه الآية تقضى بفساده، وذلك أن رؤيا المنام لا فتنة فيها، وما كان أحد لينكرها.
وعن ابن عباس قال: الرؤيا التي في هذه الآية، رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يدخل مكة في سنة الحديبية- فرده المشركون عن دخولها في تلك السنة-، فافتتن بعض المسلمين لذلك، فنزلت هذه الآية.. وفي هذا التأويل ضعف. لأن السورة مكية، وتلك الرؤيا كانت بالمدينة ... »
وقوله- سبحانه-: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ معطوف على الرؤيا.
أى: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس.
والمراد بالشجرة الملعونة هنا: شجرة الزقوم، المذكورة في قوله- تعالى-: أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ. إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ، طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ .
والمراد بلعنها: لعن الآكلين منها وهم المشركون، أو هي ملعونة لأنها تخرج في أصل الجحيم. أو هي ملعونة لأن طعامها مؤذ وضار، والعرب تقول لكل طعام ضار: إنه ملعون.
قال الآلوسى: وروى في جعلها فتنة لهم: أنه لما نزل في شأنها في سورة الصافات وغيرها ما نزل، قال أبو جهل وغيره: هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة، ثم يقول ينبت فيها الشجر. وما نعرف الزقوم إلا بالتمر والزبد، ثم أمر جارية له فأحضرت تمرا وزبدا، وقال لأصحابه: تزقموا.
وافتتن بهذه الآية أيضا بعض الضعفاء، ولقد ضلوا في ذلك ضلالا بعيدا ... .
وقوله- تعالى-: وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً تذييل قصد به بيان ما جبل عليه هؤلاء المشركون من جحود، وقسوة قلب ...
أى: ونخوف هؤلاء المشركين بعذاب الدنيا، وبعذاب الآخرة وبشجرة الزقوم التي طلعها كأنه رءوس الشياطين ... فما يزيدهم هذا التخويف والتهديد إلا طغيانا متجاوزا في ضخامته وكبره كل حد، وكل عقل سليم.
وعبر- سبحانه- بصيغة المضارع الدالة على الاستقبال، مع أن تخويفهم وازدياد طغيانهم قد وقعا، للإشعار بالتجدد والاستمرار.
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت من سنن الله- تعالى- في خلقه، ومن فضله على هذه الأمة، ومن تبشيره وإنذاره، ووعده ووعيده، ما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم، وما يصرف الطاغين عن طغيانهم لو كانوا يعقلون.
ثم ساق- سبحانه- جانبا من قصة آدم وإبليس، لزيادة التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وللإشعار بأن الحسد والغرور، كما منعا إبليس من السجود لآدم، فقد منعا مشركي مكة من الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال- تعالى-:
- البغوى : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
قوله عز وجل : ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ( أي : هم في قبضته لا يقدرون على الخروج عن مشيئته فهو حافظك ومانعك منهم فلا تهبهم وامض إلى ما أمرك به من تبليغ الرسالة كما قال : " والله يعصمك من الناس " ( المائدة - 67 )
( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ( فالأكثرون على أن المراد منه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم [ ليلة المعراج من العجائب والآيات .
قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ]
وهو قول سعيد بن جبير والحسن ومسروق وقتادة ومجاهد وعكرمة وابن جريج والأكثرين والعرب تقول : رأيت بعيني رؤية ورؤيا فلما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس أنكر بعضهم ذلك وكذبوا فكان فتنة للناس .وقال قوم : [ أسري بروحه دون بدنه .
وقال بعضهم : كان له معراجان : معراج رؤية بالعين ومعراج رؤيا بالقلب .
وقال قوم ] . أراد بهذه الرؤيا ما رأى صلى الله عليه وسلم عام الحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه فعجل السير إلى مكة قبل الأجل فصده المشركون فرجع إلى المدينة وكان رجوعه في ذلك العام بعدما أخبر أنه يدخلها فتنة لبعضهم حتى دخلها في العام المقبل فأنزل الله تعالى : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " ( الفتح - 27 ) .
( والشجرة الملعونة في القرآن ( يعني شجرة الزقوم ، مجازه : والشجرة الملعونة المذكورة في القرآن والعرب تقول لكل طعام كريه : طعام ملعون . وقيل : [ معناه الملعون ] آكلها ونصب الشجرة عطفا على الرؤيا أي : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة إلا فتنة للناس فكانت الفتنة في الرؤيا ما ذكرنا .
والفتنة في الشجرة الملعونة من وجهين ، أحدهما : أن أبا جهل قال : إن ابن أبي كبشة يوعدكم بنار تحرق الحجارة ثم يزعم أنه ينبت فيها شجرة وتعلمون أن النار تحرق الشجرة .
والثاني أن عبد الله بن الزبعرى قال : إن محمدا يخوفنا بالزقوم ولا نعرف الزقوم إلا الزبد والتمر وقال أبو جهل : يا جارية تعالي فزقمينا فأتت بالتمر والزبد فقال : يا قوم [ تزقموا ] فإن هذا ما يخوفكم به محمد فوصفها الله تعالى في الصافات .
وقيل : الشجرة الملعونة هي : التي تلتوي على الشجر فتجففه يعني الكشوث .
( ونخوفهم فما يزيدهم ( التخويف ( إلا طغيانا كبيرا ( أي : تمردا وعتوا عظيما .
- ابن كثير : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم محرضا له على إبلاغ رسالته ومخبرا له بأنه قد عصمه من الناس فإنه القادر عليهم وهم في قبضته وتحت قهره وغلبته
قال مجاهد وعروة بن الزبير والحسن وقتادة وغيرهم في قوله : ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) أي عصمك منهم
وقوله : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال البخاري حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ( والشجرة الملعونة في القرآن ) شجرة الزقوم .
وكذا رواه أحمد وعبد الرزاق وغيرهما ، عن سفيان بن عيينة به ، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس وهكذا فسر ذلك بليلة الإسراء مجاهد وسعيد بن جبير والحسن ومسروق وإبراهيم وقتادة وعبد الرحمن بن زيد وغير واحد وقد تقدمت أحاديث الإسراء في أول السورة مستقصاة ولله الحمد والمنة وتقدم أن ناسا رجعوا عن دينهم بعدما كانوا على الحق لأنه لم تحمل قلوبهم وعقولهم ذلك فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وجعل الله ذلك ثباتا ويقينا لآخرين ولهذا قال : ( إلا فتنة ) أي اختبارا وامتحانا وأما الشجرة الملعونة فهي شجرة الزقوم كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل لعنه الله [ بقوله هاتوا لنا تمرا وزبدا وجعل يأكل هذا بهذا ويقول تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا
حكى ذلك ابن عباس ومسروق وأبو مالك والحسن البصري وغير واحد وكل من قال إنها ليلة الإسراء فسره كذلك بشجرة الزقوم
وقد قيل المراد بالشجرة الملعونة بنو أمية وهو غريب ضعيف
قال ابن جرير حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد حدثني أبي عن جدي قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القرود فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات قال وأنزل الله في ذلك ) وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) الآية .
وهذا السند ضعيف جدا فإن محمد بن الحسن بن زبالة متروك وشيخه أيضا ضعيف بالكلية ولهذا اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ، قال لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك أي في الرؤيا والشجرة
وقوله : ( ونخوفهم ) أي الكفار بالوعيد والعذاب والنكال ( فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) أي تماديا فيما هم فيه من الكفر والضلال وذلك من خذلان الله لهم
- القرطبى : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
قوله تعالى : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا
قوله تعالى : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قال ابن عباس : الناس هنا أهل مكة ، وإحاطته بهم إهلاكه إياهم ; أي إن الله سيهلكهم . وذكره بلفظ الماضي لتحقق كونه . وعنى بهذا الإهلاك الموعود ما جرى يوم بدر ويوم الفتح . وقيل : معنى أحاط بالناس أي أحاطت قدرته بهم ، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته ; قاله مجاهد وابن أبي نجيح . وقال الكلبي : المعنى أحاط علمه بالناس . وقيل : المراد عصمته من الناس أن يقتلوه حتى يبلغ رسالة ربه ; أي وما أرسلناك عليهم حفيظا ، بل عليك التبليغ ، فبلغ بجدك فإنا نعصمك منهم ونحفظك ، فلا تهبهم ، وامض لما آمرك به من تبليغ الرسالة ، فقدرتنا محيطة بالكل ; قال معناه الحسن وعروة وقتادة وغيرهم .
قوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس لما بين أن إنزال آيات القرآن تتضمن التخويف ضم إليه ذكر آية الإسراء ، وهي المذكورة في صدر السورة . وفي البخاري والترمذي عن ابن عباس في قوله - تعالى - : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال : هي رؤيا عين أريها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به إلى بيت المقدس . قال : والشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الزقوم . قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث صحيح . وبقول ابن عباس قالت عائشة ومعاوية والحسن ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير والضحاك وابن أبي نجيح وابن زيد . وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أسري به . وقيل : كانت رؤيا نوم . وهذه الآية تقضي بفساده ، وذلك أن رؤيا المنام لا فتنة فيها ، وما كان أحد لينكرها . وعن ابن عباس قال : الرؤيا التي في هذه الآية هي رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يدخل مكة في سنة الحديبية ، فرد فافتتن المسلمون لذلك ، فنزلت الآية ، فلما كان العام المقبل دخلها ، وأنزل الله - تعالى - لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق . وفي هذا التأويل ضعف ; لأن السورة مكية وتلك الرؤيا كانت بالمدينة . وقال في رواية ثالثة : إنه - عليه السلام - رأى في المنام بني مروان ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك فقيل : إنما هي الدنيا أعطوها ، فسري عنه ، وما كان له بمكة منبر ولكنه يجوز أن يرى بمكة رؤيا المنبر بالمدينة . وهذا التأويل الثالث قاله أيضا سهل بن سعد - رضي الله عنه - . قال سهل إنما هذه الرؤيا هي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة ، فاغتم لذلك ، وما استجمع ضاحكا من يومئذ حتى مات - صلى الله عليه وسلم - . فنزلت الآية مخبرة أن ذلك من تملكهم وصعودهم يجعلها الله فتنة للناس وامتحانا . وقرأ الحسن بن علي في خطبته في شأن بيعته لمعاوية : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين . قال ابن عطية : وفي هذا التأويل نظر ، ولا يدخل في هذه الرؤيا عثمان ولا عمر بن عبد العزيز ولا معاوية .
قوله تعالى : والشجرة الملعونة في القرآن فيه تقديم وتأخير ; أي ما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس . وفتنتها أنهم لما خوفوا بها قال أبو جهل استهزاء : هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة ، ثم يزعم أنها تنبت الشجر والنار تأكل الشجر ، وما نعرف الزقوم إلا التمر والزبد ، ثم أمر أبو جهل جارية فأحضرت تمرا وزبدا وقال لأصحابه : تزقموا . وقد قيل : إن القائل ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد ابن الزبعرى حيث قال : كثر الله من الزقوم في داركم ، فإنه التمر بالزبد بلغة اليمن . وجائز أن يقول كلاهما ذلك . فافتتن أيضا لهذه المقالة بعض الضعفاء ، فأخبر الله - تعالى - نبيه - عليه السلام - أنه إنما جعل الإسراء وذكر شجرة الزقوم فتنة واختبارا ليكفر من سبق عليه الكفر ويصدق من سبق له الإيمان . كما روي أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قيل له صبيحة الإسراء : إن صاحبك يزعم أنه جاء البارحة من بيت المقدس فقال : إن كان قال ذلك فلقد صدق . فقيل له : أتصدقه قبل أن تسمع منه ؟ فقال : أين عقولكم ؟ أنا أصدقه بخبر السماء ، فكيف لا أصدقه بخبر بيت المقدس ، والسماء أبعد منها بكثير .
قلت : ذكر هذا الخبر ابن إسحاق ، ونصه : قال كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه - صلى الله عليه وسلم - عن عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري وعائشة ومعاوية بن أبي سفيان والحسن بن أبي الحسن وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم وأم هانئ بنت أبي طالب ، ما اجتمع في هذا الحديث ، كل يحدث عنه بعض ما ذكره من أمره حين أسري به صلى الله عليه وسلم ، وكان في مسراه وما ذكر عنه بلاء وتمحيص وأمر من أمر الله - عز وجل - في قدرته وسلطانه فيه عبرة لأولي الألباب ، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق وكان من أمر الله - تعالى - على يقين ; فأسرى به - صلى الله عليه وسلم - كيف شاء وكما شاء ليريه من آياته ما أراد ، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم ، وقدرته التي يصنع بها ما يريد . وكان عبد الله بن مسعود فيما بلغني عنه يقول : أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله تضع حافرها في منتهى طرفها - فحمل عليها ، ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له فصلى بهم ثم أتي بثلاثة آنية : إناء فيه لبن وإناء فيه خمر ; وإناء فيه ماء . قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي إن أخذ الماء فغرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر فغوي وغوت أمته وإن أخذ اللبن فهدي وهديت أمته قال فأخذت إناء اللبن فشربت فقال له جبريل هديت وهديت أمتك يا محمد . قال ابن إسحاق : وحدثت عن الحسن أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بينما أنا نائم في الحجر جاءني جبريل - عليه السلام - فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا ثم عدت لمضجعي فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا فعدت لمضجعي فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه فجلست فأخذ بعضدي فقمت معه فخرج إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض بين البغل والحمار في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه يضع حافره في منتهى طرفه فحملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته . قال ابن إسحاق : وحدثت عن قتادة أنه قال : حدثت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لما دنوت منه لأركبه شمس فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال ألا تستحي يا براق مما تصنع فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه قال فاستحيا حتى ارفض عرقا ثم قر حتى ركبته . قال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومضى معه جبريل حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء ، فأمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم ثم أتي بإناءين : في أحدهما خمر وفي الآخر لبن ، قال : فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إناء اللبن فشرب منه وترك إناء الخمر . قال : فقال له جبريل : هديت الفطرة وهديت أمتك وحرمت عليكم الخمر . ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة ، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر ; فقال أكثر الناس : هذا والله الأمر البين والله إن العير لتطرد شهرا من مكة إلى الشام ، مدبرة شهرا ومقبلة شهرا ، فيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة قال : فارتد كثير ممن كان أسلم ، وذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا : هل لك يا أبا بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس ، وصلى فيه ورجع إلى مكة . قال فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : إنكم تكذبون عليه . فقالوا : بلى ، ها هو ذا في المسجد يحدث به الناس . فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق فما يعجبكم من ذلك فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ، فهذا أبعد مما تعجبون منه . ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال ( نعم ) قال : يا نبي الله ، فصفه لي فإني قد جئته ؟ فقال الحسن : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رفع لي حتى نظرت إليه فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر - رضي الله عنه - : صدقت ، أشهد إنك رسول الله . كلما وصف له منه شيئا قال : صدقت ، أشهد إنك رسول الله . قال : حتى إذا انتهى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه - : وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق . قال الحسن : وأنزل الله - تعالى - فيمن ارتد عن الإسلام لذلك : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا . فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما دخل فيه من حديث قتادة . وذكر باقي الإسراء عمن تقدم في السيرة . وقال ابن عباس : هذه الشجرة بنو أمية ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الحكم . وهذا قول ضعيف محدث والسورة مكية ، فيبعد هذا التأويل ; إلا أن تكون هذه الآية مدنية ، ولم يثبت ذلك . وقد قالت عائشة لمروان : لعن الله أباك وأنت في صلبه فأنت بعض من لعنة الله . ثم قال : والشجرة الملعونة في القرآن ولم يجر في القرآن لعن هذه الشجرة ، ولكن الله لعن الكفار وهم آكلوها . والمعنى : والشجرة الملعونة في القرآن آكلوها . ويمكن أن يكون هذا على قول العرب لكل طعام مكروه ضار : ملعون . وقال ابن عباس : الشجرة الملعونة هي هذه الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتله ، يعني الكشوث .
ونخوفهم أي بالزقوم .
فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا فما يزيدهم التخويف إلا الكفر .
- الطبرى : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
وهذا حضّ من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، على تبليغ رسالته، وإعلام منه أنه قد تقدّم منه إليه القول بأنه سيمنعه، من كلّ من بغاه سوءا وهلاكا، يقول جلّ ثناؤه: واذكر يا محمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قدرة، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته، ونحن مانعوك منهم، فلا تتهيَّب منهم أحدا، وامض لما أمرناك به من تبليغ رسالتنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء، قال: سمعت الحسن يقول: أحاط بالناس، عصمك من الناس.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن ( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ) قال: يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك، فعرف أنه لا يُقتل.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أحاطَ بالنَّاسِ) قال: فهم في قبضته.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قوله (أحاطَ بالنَّاسِ) قال: منعك من الناس. قال معمر، قال قتادة ، مثله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله ( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ) قال : منعك من الناس.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ) أي منعك من الناس حتى تبلِّغ رسالة ربك.
وقوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم:
هو رؤيا عين، وهي ما رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم لما أُسري به من مكة إلى بيت المقدس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو ، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به، وليست برؤيا منام.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، سُئِل عن قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هي رؤيا عين رآها النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، بنحوه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن فرات القزاز، عن سعيد بن جبير ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال : كان ذلك ليلة أُسري به إلى بيت المقدس، فرأى ما رأى فكذّبه المشركون حين أخبرهم.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: أُسري به عشاء إلى بيت المقدس، فصلى فيه، وأراه الله ما أراه من الآيات، ثم أصبح بمكة، فأخبرهم أنه أُسري به إلى بيت المقدس، فقالوا له: يا محمد ما شأنك، أمسيت فيه ، ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس، فعجبوا من ذلك حتى ارتدّ بعضهم عن الإسلام.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: قال كفار أهل مكة: أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة.
حدثني أبو حصين، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبي مالك في هذه الآية ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال : مسيره إلى بيت المقدس.
حدثني أبو السائب ويعقوب، قالا ثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: حين أُسري به.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: ليلة أُسري به.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: الرؤيا التي أريناك في بيت المقدس حين أُسري به، فكانت تلك فتنة الكافر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) يقول: الله أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس. ذُكر لنا أن ناسا ارتدّوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره، أنكروا ذلك وكذّبوا له، وعجبوا منه، وقالوا: تحدّثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هو ما أُري في بيت المقدس ليلة أُسري به.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ ) قال: أراه الله من الآيات في طريق بيت المقدس حين أُسري به، نـزلت فريضة الصلاة ليلة أُسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع سنين (1) من العشر التي مكثها بمكة، ثم رجع من ليلته، فقالت قريش: تعشى فينا وأصبح فينا، ثم زعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع، وايم الله إن الحدأة لتجيئها شهرين: شهرا مقبلة، وشهرا مُدبرة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هذا حين أُسري به إلى بيت المقدس، افتتن فيها ناس، فقالوا: يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة: وقال: " لَمَّا أتانِي جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بالبُرَاقِ لِيَحْمِلَنِي عَلَيْها صَرَّتْ بأذُنَيْها، وَانْقَبَض بَعْضُها إلى بَعْضٍ، فَنَظَرَ إِلَيْها جَبْرَائِيلُ، فقالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بالحَقّ مِنْ عِنْدِهِ ما رَكبَكَ أحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ خَيْرٌ مِنْهُ، قالَ: فَصرَّتْ بأُذُنَيْها وَارْفَضَّتْ عَرَقا حتى سالَ ما تَحْتَها، وكانَ مُنْتَهَى خَطْوُها عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفها " فلما أتاهم بذلك، قالوا: ما كان محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها ، فأتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا: هذا صاحبك يقول كذا وكذا، فقال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، فقال: إن كان قد قال ذلك فقد صدق، فقالوا: تصدّقه إن قال ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة؟ فقال أبو بكر: إي، نـزع الله عقولكم، أصدّقه بخبر السماء، والسماء أبعد من بيت المقدس، ولا أصدّقه بخبر بيت المقدس؟ قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه لنا، فلما قالوا ذلك، رفعه الله تبارك وتعالى ومثله بين عينيه، فجعل يقول: هو كذا، وفيه كذا، فقال بعضهم: وأبيكم إن أخطأ منه حرفا، فقالوا: هذا رجل ساحر.
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) يعني ليلة أُسري به إلى بيت المقدس، ثم رجع من ليلته، فكانت فتنة لهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال. ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله (الرُّؤْيَا التي أرَيْنَاكَ) قال: حين أُسري بمحمد صلى الله عليه وسلم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
وقال آخرون: هي رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُري أنه دخل مكة هو وأصحابه، وهو يومئذ بالمدينة، فعجَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل، فردّه المشركون، فقالت أناس: قد ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها، فكانت رجعته فتنتهم.
وقال آخرون ممن قال: هي رؤيا منام: إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره.
* ذكر من قال ذلك: حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة، قال: ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، قال: ثني أبي، عن جدّي، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينـزون على منبره نـزو القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكا (2) حتى مات، قال: وأنـزل الله عزّ وجلّ في ذلك ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ).... الآية.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: عنى به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس، وبيت المقدس ليلة أُسري به، وقد ذكرنا بعض ذلك في أوّل هذه السورة.
وإنما قُلنا ذلك أولى بالصواب، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن هذه الآية إنما نـزلت في ذلك، وإياه عنى الله عّز وجلّ بها، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس، إلا فتنة للناس: يقول: إلا بلاء للناس الذين ارتدّوا عن الإسلام، لمَّا أُخبروا بالرؤيا التي رآها، عليه الصلاة والسلام وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تماديا في غيهم، وكفرا إلى كفرهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (إِلا فِتْنَةً للنَّاسِ) (3) .
وأما قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) فإن أهل التأويل اختلفوا فيها، فقال بعضهم: هي شجرة الزَّقُّوم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا أبو عبيدة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزَّقُّوم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: هي شجرة الزقوم، قال أبو جهل: أيخوّفني ابن أبي كبشة بشجرة الزَّقوم، ثم دعا بتمر وزُبد، فجعل يقول: زقمني، فأنـزل الله تعالى طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ وأنـزل ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ).
حدثني أبو السائب ويعقوب، قالا ثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق، مثله.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) فإن قريشا كانوا يأكلون التمر والزبد، ويقولون: تزقموا هذا الزقوم. قال أبو رجاء: فحدثني عبد القدّوس، عن الحسن، قال: فوصفها الله لهم في الصافات.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، قال: قال أبو جهل وكفار أهل مكة: أليس من كذب ابن أبي كَبشة أنه يوعدكم بنار تحترق فيها الحجارة، ويزعم أنه ينبت فيها شجرة ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: هي شجرة الزَّقوم.
حدثني عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبي مالك في هذه الآية ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك، قال في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: هي شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن رجل يقال له بدر، عن عكرمة، قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن فرات القزّار، قال: سُئل سعيد بن جبير عن الشجرة الملعونة، قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن عبد الملك العَزْرميّ، عن سعيد بن جبير (وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ) قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، بمثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثني الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: الزقوم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن أبي المَحجل، عن أبي معشر، عن إبراهيم، أنه كان يحلف ما يستثني، أن الشجرة الملعونة: شجرة الزقوم.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن فُرات القزاز، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الشجرة الملعونة في القرآن، قال: شجرة الزَّقوم.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة عن ابن عباس، قال: هي الزقوم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) وهي شجرة الزقوم، خوّف الله بها عباده، فافتتنوا بذلك، حتى قال قائلهم أبو جهل بن هشام: زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد، فتزقموا، فأنـزل الله تبارك وتعالى حين عجبوا أن يكون في النار شجرة إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ، إني خلقتها من النار، وعذّبت بها من شئت من عبادي.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: الزقوم؛ وذلك أن المشركين قالوا: يخبرنا هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر حتى لا تدع منه شيئا، وذلك فتنة.
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزقوم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد، في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) الزقوم التي سألوا الله أن يملأ بيوتهم منها، وقال: هي الصَّرفَان بالزبد تتزقمه، والصرفان: صنف من التمر، قال: وقال أبو جهل: هي الصرفان بالزبد، وافتتنوا بها.
وقال آخرون: هي الكشوث (4) .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن مولى بني هاشم حدثه، أن عبد الله بن الحارث بن نوفل، أرسله إلى ابن عباس، يسأله عن الشجرة الملعونة في القرآن؟ قال: هي هذه الشجرة التي تلوي على الشجرة، وتجعل في الماء، يعني الكشوثي.
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال: عنى بها شجرة الزقوم، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، ونصبت الشجرة الملعونة عطفا بها على الرؤيا. فتأويل الكلام إذن: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك، والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس، فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتدّ، وتمادِي أهل الشرك في شركهم، حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أراه الله في مسيره إلى بيت المقدس ليلة أُسري به، وكانت فتنهم في الشجرة الملعونة ما ذكرنا من قول أبي جهل والمشركين معه: يخبرنا محمد أن في النار شجرة نابتة، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها؟
وقوله ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) يقول: ونخوّف هؤلاء المشركين بما نتوعدهم من العقوبات والنكال، فما يزيدهم تخويفنا إلا طغيانا كبيرا، يقول: إلا تماديا وغيا كبيرا في كفرهم وذلك أنهم لما خُوّفوا بالنار التي طعامهم فيها الزقوم دعوا بالتمر والزبد، وقالوا: تزقموا من هذا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك؛ وقد تقدّم ذكر بعض من قال ذلك ، ونذكر بعض من بقي.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج، قال قال ابن جريج (وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ) قال: طلعها كأنه رءوس الشياطين، والشياطين ملعونون. قال ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) لما ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا، قال الله تبارك وتعالى، ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ).
--------------------
الهوامش :
(1) لعله: ولتسع سنين: أي ولمضي تسع...إلخ.
(2) معناه: لم يره الناس بعدها ضاحكا ضحكا تاما حتى مات.
(3) اختصر المتن اكتفاء بما سبق قريبا.
(4) الكشوث، والكشوثا: نبت يتعلق بالأغصان، ولا عرق له في الأرض. وهي لفظة سوادية (انظر اللسان والتاج).
- ابن عاشور : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس }
هذه تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم على حزنه من تكذيب قومه إياه ، ومن إمهال عتاة أعداء الدين الذين فتنوا المؤمنين ، فذكره الله بوعده نصرَه .
وقد أومأ جَعْلُ المسند إليه لفظ الرب مضافاً إلى ضمير الرسول أن هذا القول مسوق مساق التكرمة للنبيء وتصبيره ، وأنه بمحل عناية الله به إذ هو ربه وهو ناصره؛ قال تعالى : { واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا } [ الطور : 48 ].
فجملة { وإذ قلنا لك } الخ يجوز أن تكون معطوفة على جملة { وما منعنا أن نرسل بالآيات } [ الإسراء : 59 ] ويجوز أن تكون معترضة .
و ( إذ ) متعلقة بفعل محذوف ، أي اذكُرْ إذ قلنا لك كلاماً هو وعد بالصبر ، أي اذكر لهم ذلك وأعدهُ على أسماعهم ، أو هو فعل { اذكر } على أنه مشتق من الذُّكر بضم الذال وهو إعادة الخبر إلى القوة العقلية الذاكرة .
والإحاطة لما عدي فعلها هنا إلى ذاتتِ الناس لا إلى حال من أحوالهم تعين أنها مستعملة في معنى الغلبة ، كما في قوله تعالى : { وظنوا أنهم أحيط بهم } في سورة [ يونس : 22 ]. وعُبِّرَ بصيغة المضي للتنبيه على تحقيق وقوع إحاطة الله بالناس في المستقبل القريب . ولعل هذا إشارة إلى قوله تعالى : { أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } [ الرعد : 41 ].
والمعنى : فلا تحزن لافترائهم وتطاولهم فسننتقم منهم .
عطف على جملة { وما منعنا أن نرسل بالآيات } [ الإسراء : 59 ] وما بينهما معترضات .
والرؤيا أشهر استعمالها في رؤيا النوم ، وتستعمل في رؤية العين كما نقل عن ابن عباس في هذه الآية ، قال : هي رؤيا عَيْن أريها النبي ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، رواه الترمذي وقال : إنه قول عائشة ومعاوية وسبعة من التابعين ، سماهم الترمذي . وتأولها جماعة أنها ما رآه ليلة أسري به إذ رأى بيت المقدس وجعل يصفه للمشركين ، ورأى عِيرَهم واردة في مكان معين من الطريق ووصف لهم حال رجال فيها فكان كما وصف . ويؤيد هذا الوجه قوله : { التي أريناك } فإنه وصف للرؤيا ليُعلم أنها رؤية عين . وقيل : رأى أنه يدخل مكة في سنة الحديبية فرده المشركون فلم يدخلها فافتتن بعض من أسلموا فلما كان العام المقبل دخلها .
وقيل : هي رؤيا مصارع صناديد قريش في بَدر أريها النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أي بمكة . وعى هذين القولين فهي رؤيا نوم ورؤيا الأنبياء وحي .
والفتنة : اضطراب الرأي واختلال نظام العيش ، وتطلق على العذاب المكرر الذي لا يطاق ، قال تعالى : { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات } [ البروج : 10 ] ، وقال : { يوم هم على النار يفتنون } [ الذاريات : 13 ]. فيكون المعنى على أول القولين في الرؤيا أنها سبب فتنة المشركين بازدياد بعدهم عن الإيمان ، ويكون على القول الثاني أن المرئي وهو عذابهم بالسيف فتنة لهم .
{ والشجرة } عطف على الرؤيا ، أي ما جعلنا ذكر الشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس . وهذا إشارة إلى قوله تعالى : { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون } في سورة [ الصافات : 64 ، 66 ] ، وقوله : { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم الآية } في سورة [ الدخان : 43 ، 44 ) ، وقوله : { إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم } في سورة [ الواقعة : 51 ، 52 ].
روي أن أبا جهل قال : زعم صاحبكم أن نار جهنم تحرق الحجر؛ ثم يقول بأن في النار شجرة لا تحرقها النار . وجهلوا أن الله يخلق في النار شجرة لا تأكلها النار . وهذا مروي عن ابن عباس وأصحابه في { أسباب النزول } للواحدي و «تفسير الطبري» . وروي أن ابن الزبعرى قال : الزقوم التمر بالزبد بلغة اليمن ، وأن أبا جهل أمر جارية فأحضرت تمراً وزبداً وقال لأصحابه : تمزقوا . فعلى هذا التأويل فالمعنى : أن شجرة الزقوم سبب فتنة مكفرهم وانصرافهم عن الإيمان . ويتعين أن يكون معنى جعل شجرة الزّقوم فتنة على هذا الوجه أن ذكرها كان سببَ فتنة بحذف مضاف وهو ذكر بقرينة قوله : { الملعونة في القرآن } لأن ما وصفت به في آيات القرآن لعْن لها .
ويجوز أن يكون المعنى : أن إيجادها فتنة . أي عذاب مكرر ، كما قال : { إنا جعلناها فتنة للظالمين } [ الصافّات : 63 ].
والملعونة : أي المذمومة في القرآن في قوله : طعام الأثيم [ الدخان : 44 ] وقوله : { طلعها كأنه رؤوس الشياطين } [ الصافات : 65 ] وقوله : { كالمهل تغلي في البطون كغلي الحميم } [ الدخان : 45 46 ]. وقيل معنى الملعونة : أنها موضوعة في مكان اللعنة وهي الإبعاد من الرحمة ، لأنها مخلوقة في موضع العذاب . وفي { الكشاف } : قيل تقول العرب لكل طعام ضار : ملعون .
عطف على جملة { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } [ الإسراء : 59 ] الدال على أنهم متصلبون في كفرهم مكابرون معاندون . وهذه زيادة في تسلية النبي حتى لا يأسف من أن الله لم يرهم آيات ، لأن النبي حريص على إيمانهم ، كما قال موسى عليه السلام { فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم } [ يونس : 88 ].
ويوجد في بعض التفاسير أن ابن عباس قال : في الشجرة الملعونة بنو أمية . وهذا من الأخبار المختلقة عن ابن عباس ، ولا إخالها إلا مما وضعه الوضاعون في زمن الدعوة العباسية لإكثار المنفرات من بني أمية ، وأن وصف الشجرة بأنها الملعونة في القرآن صريح في وجود آيات في القرآن ذكرت فيها شجرة ملعونة وهي شجرة الزقوم كما علمت . ومثل هذا الاختلاق خروج عن وصايا القرآن في قوله : { ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان } [ الحجرات : 11 ].
وجيء بصيغة المضارع في نُخوِّفهم } للإشارة إلى تخويف حاضر ، فإن الله خوفهم بالقحط والجوع حتى رأوا الدخان بين السماء والأرض وسألوا الله كشفه فقال تعالى : { إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون } [ الدخان : 15 ] فذلك وغيره من التخويف الذي سبق فلم يزدهم إلا طغياناً . فالظاهر أن هذه الآية نزلت في مدة حصول بعض المخوفات .
وقد اختير الفعل المضارع في نخوفهم } و { يزيدهم } لاقتضائه تكرر التخويف وتجدده ، وأنه كلما تجدد التخويف تجدد طغيانهم وعظم .
والكبير : مستعار لِمعنى الشديد القوى في نوع الطغيان . وقد تقدم عند قوله تعالى : { قل قتال فيه كبير } في سورة [ البقرة : 217 ].
- إعراب القرآن : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
«وَإِذْ» الواو استئنافية وإذ ظرف متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر «قُلْنا» ماض وفاعله والجملة مضاف إليه «لَكَ» متعلقان بقلنا «إِنَّ رَبَّكَ» إن واسمها والكاف مضاف إليه والجملة مقول القول «أَحاطَ» ماض فاعله مستتر والجملة خبر «بِالنَّاسِ» متعلقان بأحاط «وَما» الواو استئنافية وما نافية «جَعَلْنَا» ماض وفاعله والجملة مستأنفة «الرُّؤْيَا» مفعول به أول منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر «الَّتِي» موصول في محل نصب صفة «أَرَيْناكَ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة صلة «إِلَّا» أداة حصر «فِتْنَةً» مفعول به ثان «وَالشَّجَرَةَ» معطوف على الرؤيا «الْمَلْعُونَةَ» صفة للشجرة وهي شجرة الزقوم «فِي الْقُرْآنِ» متعلقان بالملعونة «وَنُخَوِّفُهُمْ» الواو استئنافية ومضارع مرفوع فاعله مستتر والهاء مفعول به «فَما» الفاء عاطفة وما نافية «يَزِيدُهُمْ» مضارع ومفعوله الأول وفاعله مستتر والجملة معطوفة «إِلَّا» أداة حصر «طُغْياناً» مفعول به ثان «كَبِيراً» صفة
- English - Sahih International : And [remember O Muhammad] when We told you "Indeed your Lord has encompassed the people" And We did not make the sight which We showed you except as a trial for the people as was the accursed tree [mentioned] in the Qur'an And We threaten them but it increases them not except in great transgression
- English - Tafheem -Maududi : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا(17:60) Call to mind, (O Muhammad) We told you at the very beginning that your Lord is encircling these people. *70 And We made what We have shown you now *71 and also the Tree which has been cursed in the Qur'an *72 as a trial for these people." We are giving them warning after warning but each warning helps only to increase their insurrection.
- Français - Hamidullah : Et lorsque Nous te disions que ton Seigneur cerne tous les gens par Sa puissance et Son savoir Quant à la vision que Nous t'avons montrée Nous ne l'avons faite que pour éprouver les gens tout comme l'arbre maudit mentionné dans le Coran Nous les menaçons mais cela ne fait qu'augmenter leur grande transgression
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und als Wir zu dir sagten "Gewiß dein Herr umfaßt die Menschen" Und Wir haben das Gesicht das Wir dich sehen ließen nur zu einer Versuchung für die Menschen gemacht und ebenso den verfluchten Baum im Qur'an Wir flößen ihnen Furcht ein doch mehrt ihnen dies nur das Übermaß an Auflehnung
- Spanish - Cortes : Y cuando te dijimos Tu Señor cerca a los hombres No hicimos del sueño que te mostramos y del árbol maldito mencionado en el Corán sino tentación para los hombres Cuanto más les amedrentamos más aumenta su rebeldía
- Português - El Hayek : E quanto te dissemos Teu Senhor abrange toda a humanidade A visão que te temos mostrado não foi senão uma provapara os humanos o mesmo que a árvore maldita no Alcorão Nós o advertimos Porém isto não fez mais do que aumentar asua grande transgressão
- Россию - Кулиев : Вот Мы сказали тебе Воистину твой Господь объемлет людей Мы сделали показанное тебе видение и дерево проклятое в Коране искушением для людей Мы устрашаем их но это лишь увеличивает их великую непокорность
- Кулиев -ас-Саади : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
Вот Мы сказали тебе: «Воистину, твой Господь объемлет людей». Мы сделали показанное тебе видение и дерево, проклятое в Коране, искушением для людей. Мы устрашаем их, но это лишь увеличивает их великую непокорность.Аллах объемлет людей своим знанием и могуществом. Нет такого убежища, где они могут скрыться от Аллаха или спастись от Его наказания. И этого достаточно, чтобы любой благоразумный человек воздержался от совершения грехов, которые ненавистны Господу. Затем Всевышний Аллах поведал о видении, которое было показано Пророку Мухаммаду и стало испытанием для людей. Большинство толкователей Корана считало, что в этом откровении речь идет о ночном путешествии Пророка. Что же касается дерева, которое проклято в Коране, то это - дерево заккум, которое растет из самых глубин Преисподней. Смысл этого откровения заключается в том, что ночное путешествие Пророка и дерево в Преисподней заставляют неверующих еще сильнее укорениться в собственном неверии и приумножают их нечестие, а маловеров побуждают вообще отречься от истины. Это объясняется тем, что множество удивительных и невообразимых событий, которые произошли во время ночного путешествия из Заповедной мечети в мечеть аль-Акса, и откровение о существование дерева, которое растет из самых глубин Преисподней, подталкивают несправедливых людей к отрицанию истины. А как бы поступили неверующие, если бы они стали очевидцами востребованных ими великих знамений и чудес?!! Разве это не приумножило бы их злобу и неверие?! Вот почему Аллах смилостивился над ними и не показал им этих знамений. Из этого становится ясно, почему в коранических откровениях и достоверных хадисах не описываются подробно события, которые происходили в далеком прошлом. Это приносит людям больше пользы, потому что события, подобных которым люди не видели воочию, могут быть отвергнуты их разумом. Они могут поселить сомнения в сердцах некоторых правоверных, помешать некоторым желающим обратиться в ислам и отдалить людей от религии Аллаха, тогда как ниспосланные Им общие сведения помогают людям добиться всего, что от них требуется. А лучше всего об этом известно Аллаху. Он устрашает рабов знамениями, однако это лишь приумножает непокорность и беззаконие некоторых из них. Это - самое ужасное проявление того, как можно любить зло и совершать его, ненавидя и отвергая добро.
- Turkish - Diyanet Isleri : Sana "Rabbin şüphesiz insanları kuşatmıştır" demiştik; sana gösterdiğimiz rüya ile ve Kuran'da lanetlenmiş ağaçla sadece insanları denedik Biz onları korkutuyoruz fakat bu onlara büyük taşkınlık vermekten başka birşeye yaramıyor
- Italiano - Piccardo : [Ricorda] quando dicemmo “In verità il tuo Signore ti proteggerà dagli uomini E la visione che ti abbiamo dato altro non è che una tentazione per le genti come del resto l'albero maledetto nel Corano” Noi minacciamo ma [ciò] non serve che ad accrescere la loro ribellione
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی محمد صلی الله علیه وسلم یادی ئهوه بکه کاتێك پێمان وتی که بهڕاستی پهروهردگاری تۆ دهوری خهڵکی داوهو ئاگاداره بهههموو شتێکیان و ئهو شتانهش که له خهوندا نیشانمان دایت تهنها تاقیکردنهوه بوو بۆ خهڵکی ههروهها بهباسی درهخته نهفرین لێ کراوهکهش که لهقورئاندا ناو بڕاوه تاقیاندهکهینهوه کافرهکان کردیانه گاڵتهجاڕو وتیان چۆن درهخت لهناو ئاگردا دهڕوێت عهقڵیان کول بوو لهئاستی توانای بێ سنووری خواییدا بهمهرجێك ئێمه دهمانهوێت بهم باسانه بیانترسێنین دایانبچهڵهکێنین کهچی ئهو باسانه هیچیان بۆ زیاد ناکات تهنها لادان و یاخی بوونێکی گهوره و بێ سنوور نهبێت
- اردو - جالندربرى : جب ہم نے تم سے کہا کہ تمہارا پروردگار لوگوں کو احاطہ کئے ہوئے ہے۔ اور جو نمائش ہم نے تمہیں دکھائی اس کو لوگوں کے لئے ارمائش کیا۔ اور اسی طرح تھوہر کے درخت کو جس پر قران میں لعنت کی گئی۔ اور ہم انہیں ڈراتے ہیں تو ان کو اس سے بڑی سخت سرکشی پیدا ہوتی ہے
- Bosanski - Korkut : I rekli smo ti "Svi ljudi su u Allahovoj vlasti" A san koji smo ti dali da usniješ i drvo ukleto u Kur'anu spomenuto iskušenje su za ljude Mi ih zastrašujemo ali njima to samo povećava ionako veliko bezvjerstvo
- Swedish - Bernström : Och Vi sade till dig [Muhammad] "Din Herre har full uppsikt över människorna [och deras handlingar] och Vi har låtit dig se den syn som du fick se för att den liksom [synen av] det i Koranen förbannade trädet skall bli en prövning för människorna; Vi hotar och varnar dem men därigenom förhärdas de bara än mer i synd och trots"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan ingatlah ketika Kami wahyukan kepadamu "Sesungguhnya ilmu Tuhanmu meliputi segala manusia" Dan Kami tidak menjadikan mimpi yang telah Kami perlihatkan kepadamu melainkan sebagai ujian bagi manusia dan begitu pula pohon kayu yang terkutuk dalam Al Quran Dan Kami menakutnakuti mereka tetapi yang demikian itu hanyalah menambah besar kedurhakaan mereka
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
(Dan) ingatlah (ketika Kami wahyukan kepadamu, "Sesungguhnya Rabbmu meliputi segala manusia.") yakni ilmu dan kekuasaan-Nya meliputi mereka, dengan demikian maka mereka berada di dalam genggaman kekuasaan-Nya. Maka sampaikanlah kepada mereka jangan sekali-kali engkau merasa takut terhadap seseorang pun karena Rabbmu akan memelihara dirimu dari mereka. (Dan Kami tidak menjadikan rukyah yang telah Kami perlihatkan kepadamu) secara kenyataan pada malam isra (melainkan sebagai batu ujian bagi manusia) bagi penduduk Mekah karena mereka ternyata mendustakannya sedang sebagian yang lainnya yang telah beriman menjadi murtad sewaktu hal itu diceritakan kepadanya (dan begitu pula pohon kayu yang terkutuk di dalam Alquran) yaitu pohon zaqqum yang tumbuh di dasar neraka Jahim; Kami jadikan kisah itu sebagai batu ujian bagi keimanan mereka. Karena mereka mengatakan bahwa api itu membakar pohon apa saja, mengapa pohon zaqqum dapat tumbuh di dalamnya? (Dan Kami takuti mereka) dengan pohon zaqqum itu (tetapi yang demikian itu tidak menambah kepada mereka) untuk takut (melainkan hanyalah kedurhakaan yang besar saja.)
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : এবং স্মরণ করুন আমি আপনাকে বলে দিয়েছিলাম যে আপনার পালনকর্তা মানুষকে পরিবেষ্টন করে রেখেছেন এবং যে দৃশ্য আমি আপনাকে দেখিয়েছি তাও কোরআনে উল্লেখিত অভিশপ্ত বৃক্ষ কেবল মানুষের পরীক্ষার জন্যে। আমি তাদেরকে ভয় প্রদর্শন করি। কিন্তু এতে তাদের অবাধ্যতাই আরও বৃদ্ধি পায়।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நபியே நிச்சயமாக உம்முடைய இவைன் மனிதர்களைச் சூழ்ந்து கொண்டிருக்கின்றான் என்று உமக்குக் கூறியதை நினைவு கூர்வீராக மிஃராஜின் போது நாம் உமக்குக்காட்டிய காட்சியையும் குர்ஆனில் சபிக்கப்பட்டும் ஜக்கூம் மரத்தையும் மனிதர்களுக்கு சோதனையாகவே தவிர நாம் ஆக்கவில்லை இன்னும் நாம் அவர்களை அச்சுறுத்துகின்றோம்; ஆனால் இது அவர்களுடைய பெரும் அழிச்சாட்டியத்தையே அதிகரிக்கச் செய்கின்றது
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และจงรำลึกเมื่อเรากล่าวแก่เจ้าว่า แท้จริงพระเจ้าของเจ้าทรงรอบรู้ในเรื่องของมนุษย์และมิได้ทำให้การฝันซึ่งเราได้เจ้าเห็นเพื่ออื่นใด เว้นแต่เพื่อเป็นการทดสอบแก่มนุษย์ และต้นไม้ ซักกูม ที่ถูกสาปในอัลกุรอาน และเราได้ทำให้พวกเขาหวาดกลัว ดังนั้น มันมิได้เพิ่มสิ่งใดแก่พวกเขา นอกจากการดื้อรั้นมาก
- Uzbek - Мухаммад Содик : Биз сенга Албатта Роббинг одамларни иҳота қилиб ўраб олгандир деганимизни эсла Биз сенга кўрсатган нарсаларни ва Қуръонда лаънатланган дарахтни фақат одамлар учун синов қилдик холос Ва уларни қўрқитамиз Бас бу улар учун катта туғёндан бошқани зиёда қилмас Пайғамбарнинг с а в Исро ва Меърожда кўрган нарсалари одамлар учун синов бўлганидек Қуръонда лаънатланган дарахт ҳам синов бўлди Қуръонда лаънатланган дарахтдан мақсад Заққум дарахтидир Ушбу Заққум дарахти ҳақида асСоффат сурасида ёки Заққум дарахтими Дарҳақиқат Биз уни золимлар учун фитна қилиб қўйдик Албатта у дўзах қаъридан чиқадиган дарахтдир Унинг шингиллари худди шайтонларнинг бошларига ўхшайди Бас албатта улар ундан егувчилардир ва ундан қоринларини тўлдиргувчилардир Сўнгра албатта улар учун унинг устидан қайноқ сувли ичимлик бўлур дейилган Ушбу оятдан ҳам Заққум дарахти нима учун Қуръонда лаънатлангани аниқ кўриниб турибди
- 中国语文 - Ma Jian : 当时我曾对你说:你的主是周知众人的。我所昭示你的梦兆和在《古兰经》里被诅咒的那棵树,我只以这两件事物考验众人,并加以恫吓,但我的恫吓只使他们更加蛮横。
- Melayu - Basmeih : Dan ingatlah ketika Kami wahyukan kepadamu wahai Muhammad bahawa sesungguhnya Tuhanmu meliputi akan manusia dengan ilmuNya dan kekuasaanNya; dan tiadalah Kami menjadikan pandangan pada malam Mikraj yang telah kami perlihatkan kepadamu melainkan sebagai satu ujian bagi manusia; dan demikian juga Kami jadikan pokok yang dilaknat di dalam AlQuran; dan Kami beri mereka takut dengan berbagaibagai amaran maka semuanya itu tidak menambahkan mereka melainkan dengan kekufuran yang melampau
- Somali - Abduh : Xusuuso markaan kugo nidhi Eebahaa wuxuu koobaa Dadka kamana aanaan yeelin Riyadaan ku tusinay fidmada Dadka mooyee Imtixaan iyo Geedka lagu lacnaday Quraanka waanu ku cabsiin umana siyaadiyo waxaan xadgudub wayn ahayn
- Hausa - Gumi : Kuma a lõkacin da Muka ce maka "Lalle ne Ubangijinka Yã kẽwaye mutãne" Kuma ba Mu sanya abin da ya gani wanda Muka nũna maka ba fãce dõmin fitina ga mutãne da itãciya wadda aka la'anta a cikin Alƙur'ani Kuma Munã tsõratar da su sa'an nan tsõratarwar bã ta ƙãra su fãce da kangara mai girma
- Swahili - Al-Barwani : Na tulipo kwambia Hakika Mola wako Mlezi amekwisha wazunguka hao watu Na hatukuifanya ndoto tulio kuonyesha ila ni kuwajaribu watu na mti ulio laaniwa katika Qur'ani Na tunawahadharisha lakini haiwazidishii ila uasi mkubwa
- Shqiptar - Efendi Nahi : Kujtoje ti kur të kemi thënë “Me të vërtetë Zoti yt i ka kapluar njerëzit me dije dhe fuqi” E ëndërrën që ta kemi treguar ty e kemi bërë vetëm sprovë për njerëzit si dhe drurin e mallkuar të përmendur në Kur’an Dhe Na i frikësojmë ata por kjo vetëm ua shton atyre gufimin e mohimit të madh
- فارسى - آیتی : و آنگاه كه تو را گفتيم: پروردگارت بر همه مردم احاطه دارد. و آنچه در خواب به تو نشان داديم و داستان درخت ملعون كه در قرآن آمده است چيزى جز آزمايش مردم نبود. ما مردم را مىترسانيم ولى تنها به كفر و سركشيشان افزوده مىشود.
- tajeki - Оятӣ : Ва он гоҳ ки туро гуфтем: «Парвардигорат бар ҳамаи мардум иҳота дорад». Ва он чӣ дар хоб ба ту нишон додем ва достони дарахти малъун, ки дар Қуръон омадааст, чизе ҷуз озмоиши мардум набуд. Мо мардумро метарсонем, вале танҳо ба куфру саркашияшон афзуда мешавад.
- Uyghur - محمد صالح : ئۆز ۋاقتىدا بىز ساڭا پەرۋەردىگارىڭنىڭ ھەقىقەتەن كىشىلەرنىڭ (ئەھۋالى) نى تولۇق بىلىدىغانلىقىنى ئېيتتۇق، بىز ساڭا (مىراج كېچىسى ئاسمان - زېمىندىكى ئاجايىپلاردىن) كۆرسەتكەن كۆرۈنۈشنى، قۇرئاندىكى لەنەت قىلىنغان دەرەخنى (يەنى قۇرئاندا زىكرى قىلىنغان زەققۇم دەرىخىنى) پەقەت كىشىلەر ئۈچۈن سىناق قىلدۇق، بىز ئۇلارنى (يەنى مۇشرىكلارنى) قورقۇتىمىز. بىزنىڭ قورقۇتىشىمىز ئۇلارنىڭ يولسىزلىقىنى تېخىمۇ كۈچەيتىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിന്റെ നാഥന് മനുഷ്യരെയൊന്നടങ്കം വലയം ചെയ്തിരിക്കുന്നുവെന്ന് നാം നിന്നോട് പറഞ്ഞ സന്ദര്ഭം ഓര്ക്കുക. നിനക്കു നാം കാണിച്ചുതന്ന ആ കാഴ്ച നാം ജനങ്ങള്ക്ക് ഒരു പരീക്ഷണമാക്കുകയാണ് ചെയ്തത്. ഖുര്ആനില് ശപിക്കപ്പെട്ട ആ വൃക്ഷവും അങ്ങനെതന്നെ. നാം അവരെ ഭയപ്പെടുത്തുകയാണ്. എന്നാല് അതവരില് ധിക്കാരം വളര്ത്തുക മാത്രമേ ചെയ്യുന്നുള്ളൂ.
- عربى - التفسير الميسر : واذكر ايها الرسول حين قلنا لك ان ربك احاط بالناس علما وقدره وما جعلنا الرويا التي اريناكها عيانا ليله الاسراء والمعراج من عجائب المخلوقات الا اختبارا للناس ليتميز كافرهم من مومنهم وما جعلنا شجره الزقوم الملعونه التي ذكرت في القران الا ابتلاء للناس ونخوف المشركين بانواع العذاب والايات ولا يزيدهم التخويف الا تماديا في الكفر والضلال
*70) That is, "At the very beginning of your Prophethood, when the disbelievers of the Quraish had started opposition to your message, We declared that We are encircling them. They might try their worst to obstruct your Message, but they will inevitably fail in this and your Mission will succeed in the teeth of opposition. Can't they see that this declaration has come out true as a miracle, for their opposition has failed to hinder your Message, and they have not been able to do any harm to you at all ? This was a clear Sign of the fact that the Mission of the Holy Prophet was being supported by the Almighty God. "
As regards the declaration that Allah is encircling the disbelievers and helping he mission of the Prophet, it occurs in several Surahs of the first stage of Prophethood at Makkah. For instance, in'vv. 17-20 of LXXV, Allah says, "These disbelievers do not learn a lesson from the stories of the people of the Pharaoh and Thamud but are rejecting the Message hereas Allah is encircling them on all sides. "
*71) This refers to Mi`raj (Ascension) for here word "ru'ya " does not mean "seeing things in a dream" but seeing things actually with physical eyes. It is quite obvious that if it had been a mere "dream" and the Holy Prophet had presented it as a dream to the disbelievers, there was no reason why it should have become a trial for them. Everyday people see strange dreams and relate them to the people but these dreams never become such a curious thing as to make people scoff at the dreamer and accuse him of making a false claim or of being a mad person.
*72) This cursed tree, Az-Zaqqum " which has been mentioned in vv 43-4 of Surah XLIV, grows at the bottom of Hell and its dwellers shall have to eat it. This has een called a cursed tree because it is not given to people to eat as a mercy rom Allah but as a symbol of His curse so that the accursed people should eat it and get more sore, for this will, so to speak, burn in their bellies like the boiling water.