- عربي - نصوص الآيات عثماني : إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
- عربى - نصوص الآيات : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى
- عربى - التفسير الميسر : إن الساعة التي يُبعث فيها الناس آتية لا بد من وقوعها، أكاد أخفيها من نفسي، فكيف يعلمها أحد من المخلوقين؛ لكي تُجزى كل نفس بما عملت في الدنيا من خير أو شر.
- السعدى : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
{ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ } أي: لا بد من وقوعها { أَكَادُ أُخْفِيهَا } أي: عن نفسي كما في بعض القراءات، كقوله تعالى: { يَسْأَلَكَ الناس عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ الله } وقال: { وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } فعلمها قد أخفاه عن الخلائق كلهم، فلا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والحكمة في إتيان الساعة { لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى } من الخير والشر، فهي الباب لدار الجزاء { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى }
- الوسيط لطنطاوي : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
ثم بين - سبحانه - أن الساعة آتية لا ريب فيها فقال : ( إِنَّ الساعة آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا واتبع هَوَاهُ فتردى ) .
أى : إن الساعة التى هى وقت البعث والحساب والثواب والعقاب ، آتية أى : كائنة وحاصلة لا شك فيها .
وقوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أى : أقرب أن أخفى وقتها ولا أظهره لا إجمالا ولا تفصيلا ، ولولا أن فى إطلاع أصفيائى على بعض علاماتها فائدة ، لما تحدثت عنها .
قالوا : " والحكمة فى إخفاء الساعة وإخفاء وقت الموت ، أن الله - تعالى - وعد بعدم قبول التوبة عند قربهما ، فلو عرف وقت الموت لاشتغل بالمعصية إلى قرب ذلك الوقت ثم يتوب ، فيتخلص من عقاب المعصية فتعريف الموت كالإغراء بفعل المعصية ، وهو لا يجوز .
قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله : ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أقرب أن أخفى الساعة ولا أظهرها ، بأن أقول إنها آتية . . . أو أريد إخفاء وقتها المعين وعدم إظهاره . . . فكاد بمعنى أراد ، وإلى هذا ذهب الأخفش وغيره . . . وروى عن ابن عباس أن المعنى : أكاد أخفيها من نفسى ، فكيف أظهركم عليها . . وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من أن أحدهم إذا أراد المبالغة فى كتمان الشىء قال : كدت أخفيه عن نفسى .
وقال أبو على : المعنى أكاد أظهرها بأن أوقعها ، وهذا بناء على أن أخفيها من ألفاظ السلب بمعنى أزيل خفاءها . . .
ويبدو لنا أن الإخفاء هنا على حقيقته ، وأن المقصود من الآية الكريمة إخفاء وقت مجىء الساعة من الناس ، حتى يكونوا على استعداد لمجيئها عن طريق العمل الصالح الذى ينفعهم يوم القيامة .
فحكمة الله - تعالى - اقتضت إخفاء وقت الساعة ، وعدم إطلاع أحد عليها إلا بالمقدار الذى يأذن الله - تعالى - به لرسله .
قال الإمام ابن جرير ما ملخصه : "
والذى هو أولى بتأويل الآية من القول : قول من قال معناه : أكاد أخفيها من نفسى . . . لأن المعروف من معنى الإخفاء فى كلام العرب : التسر . يقال : قد أخفيت الشىء إذا سترته . . . وإنما اخترنا هذا القول على غيره لموافقته أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين .وقوله : ( لتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى ) متعلق بآتية ، وجملة ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) معترضة بينهما .
أى : إن الساعة آتية لا ريب فيها ، لكى تجزى كل نفس على حسب سعيها وعملها فى الدنيا .
قال - تعالى - : ( وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ) وقال - سبحانه - : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) .
- البغوى : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
( إن الساعة آتية أكاد أخفيها ) قيل معناه إن الساعة آتية أخفيها . و " أكاد " : صلة . وأكثر المفسرين قالوا : معناه : أكاد أخفيها من نفسي ، وكذلك في مصحف أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود : أكاد أخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق .
وفي بعض القراءات : فكيف أظهرها لكم . وذكر ذلك على عادة العرب إذا بالغوا في كتمان الشيء يقولون : كتمت سرك من نفسي ، أي : أخفيته غاية الإخفاء ، والله عز اسمه لا يخفى عليه شيء .
وقال الأخفش : أكاد : أي : أريد ، ومعنى الآية : أن الساعة آتية أريد أخفيها .
والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف ، لأنهم إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت .
وقرأ الحسن بفتح الألف ، أي : أظهرها . يقال : خفيت الشيء : إذا أظهرته ، وأخفيته : إذا سترته .
قوله تعالى : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) أي : بما تعمل من خير وشر .
- ابن كثير : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
وقوله : ( إن الساعة آتية ) أي : قائمة لا محالة ، وكائنة لا بد منها .
وقوله : ( أكاد أخفيها ) قال الضحاك ، عن ابن عباس : أنه كان يقرؤها : " أكاد أخفيها من نفسي " ، يقول : لأنها لا تخفى من نفس الله أبدا .
وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : من نفسه . وكذا قال مجاهد ، وأبو صالح ، ويحيى بن رافع .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( أكاد أخفيها ) يقول : لا أطلع عليها أحدا غيري .
وقال السدي : ليس أحد من أهل السماوات والأرض إلا قد أخفى الله عنه علم الساعة ، وهي في قراءة ابن مسعود : " إني أكاد أخفيها من نفسي " ، يقول : كتمتها عن الخلائق ، حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت .
وقال قتادة : ( أكاد أخفيها ) وهي في بعض القراءة " أخفيها من نفسي ، ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ، ومن الأنبياء والمرسلين .
قلت : وهذا كقوله تعالى : ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) [ النمل : 65 ] وقال : ( ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ) [ الأعراف : 187 ] أي : ثقل علمها على أهل السماوات والأرض .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا منجاب ، حدثنا أبو نميلة ، حدثني محمد بن سهل الأسدي ، عن وقاء قال : أقرأنيها سعيد بن جبير ( أكاد أخفيها ) ، يعني : بنصب الألف وخفض الفاء ، يقول : أظهرها ، ثم قال أما سمعت قول الشاعر :
دأب شهرين ثم شهرا دميكا بأريكين يخفيان غميرا
وقال الأسدي : الغمير نبت رطب ، ينبت في خلال يبس . والأريكين : موضع ، والدميك : الشهر التام . وهذا الشعر لكعب بن زهير .
وقوله سبحانه وتعالى : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) أي : أقيمها لا محالة ، لأجزي كل عامل بعمله ، ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 ، 8 ] و ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور : 16 ] .
- القرطبى : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
قوله تعالى : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى آية مشكلة ؛ روي عن سعيد بن جبير أنه قرأ ( أكاد أخفيها ) بفتح الهمزة ؛ قال : أظهرها . لتجزى أي الإظهار للجزاء ؛ رواه أبو عبيد عن الكسائي عن محمد بن سهل عن وقاء بن إياس عن سعيد بن جبير وقال النحاس : وليس لهذه الرواية طريق غير هذا .
قلت : وكذا رواه أبو بكر الأنباري في كتاب الرد ؛ حدثني أبي حدثنا محمد بن الجهم حدثنا الفراء حدثنا الكسائي ؛ ح - وحدثنا عبد الله بن ناجية ، حدثنا يوسف حدثنا يحيى الحماني حدثنا محمد بن سهل . قال النحاس ؛ وأجود من هذا الإسناد ما رواه يحيى القطان عن الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير : أنه قرأ أكاد أخفيها بضم الهمزة .
قلت : وأما قراءة ابن جبير أخفيها بفتح الهمزة بالإسناد المذكور فقال أبو بكر الأنباري قال الفراء : معناه أظهرها من خفيت الشيء أخفيه إذا أظهرته . وأنشد الفراء لامرئ القيس :
فإن تدفنوا الداء لا نخفه وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أراد لا نظهره ؛ وقد قال بعض اللغويين : يجوز أن يكون أخفيها بضم الهمزة معناه أظهرها لأنه يقال : خفيت الشيء وأخفيته إذا أظهرته ؛ فأخفيته من حروف الأضداد يقع على الستر والإظهار . وقال أبو عبيدة : خفيت وأخفيت بمعنى واحد النحاس : وهذا حسن ؛ وقد حكاه عن أبي الخطاب وهو رئيس من رؤساء اللغة لا يشك في صدقه ؛ وقد روى عنه سيبويه وأنشد :
وإن تكتموا الداء لا نخفه وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
كذا رواه أبو عبيدة عن أبي الخطاب بضم النون . وقال امرؤ القيس أيضا :
خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من عشي مجلب
أي أظهرهن . وروى : ( من سحاب مركب ) بدل ( من عشي مجلب ) . وقال أبو بكر الأنباري وتفسير للآية آخر : إن الساعة آتية أكاد انقطع الكلام على أكاد وبعده مضمر أكاد آتي بها ، والابتداء أخفيها لتجزى كل نفس قال ضابئ البرجمي :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني تركت على عثمان تبكي حلائله
أراد وكدت أفعل ، فأضمر مع كدت فعلا كالفعل المضمر معه في القرآن . قلت : هذا الذي اختاره النحاس ؛ وزيف القول الذي قبله فقال يقال : خفى الشيء يخفيه إذا أظهره ، وقد حكي أنه يقال : أخفاه أيضا إذا أظهره ، وليس بالمعروف ؛ قال : وقد رأيت علي بن سليمان لما أشكل عليه معنى أخفيها عدل إلى هذا القول ، وقال معناه كمعنى ( أخفيها ) . قال النحاس : ليس المعنى على أظهرها ولا سيما و ( أخفيها ) قراءة شاذة ، فكيف ترد القراءة الصحيحة الشائعة إلى الشاذة ، والمضمر أولى ؛ ويكون التقدير : إن الساعة آتية أكاد آتي بها ؛ ودل آتية على آتي بها ؛ ثم قال : أخفيها على الابتداء . وهذا معنى صحيح ؛ لأن الله - عز وجل - قد أخفى الساعة التي هي القيامة ، والساعة التي يموت فيها الإنسان ليكون الإنسان يعمل ، والأمر عنده مبهم فلا يؤخر التوبة .
قلت : وعلى هذا القول تكون اللام في ( لتجزى ) متعلقة ب ( أخفيها ) . وقال أبو علي هذا من باب السلب وليس من باب الأضداد ، ومعنى أخفيها أزيل عنها خفاءها ، وهو سترها كخفاء الأخفية والواحد خفاء بكسر الخاء القربة ، وإذا زال عنها سترها ظهرت . ومن هذا قولهم : أشكيته ، أي أزلت شكواه ، وأعديته أي قبلت استعداءه ولم أحوجه إلى إعادته . وحكى أبو حاتم عن الأخفش : أن ( كاد ) زائدة مؤكدة . قال : ومثله إذا أخرج يده لم يكد يراها لأن الظلمات التي ذكرها الله تعالى بعضها يحول بين الناظر والمنظور إليه . وروي معناه عن ابن جبير ، والتقدير : إن الساعة آتية أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى . وقال الشاعر :
سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه فما إن يكاد قرنه يتنفس
أراد فما يتنفس . وقال آخر :
وألا ألوم النفس فيما أصابني وألا أكاد بالذي نلت أنجح
معناه : وألا أنجح بالذي نلت ؛ فأكاد توكيد للكلام . وقيل : المعنى أكاد أخفيها أي أقارب ذلك ؛ لأنك إذا قلت كاد زيد يقوم ، جاز أن يكون قام ، وأن يكون لم يقم . ودل على أنه قد أخفاها بدلالة غير هذه على هذا الجواب . قال اللغويون : كدت أفعل معناه عند العرب : قاربت الفعل ولم أفعل ، وما كدت أفعل معناه : فعلت بعد إبطاء . وشاهده قول الله عزت عظمته فذبحوها وما كادوا يفعلون معناه : وفعلوا بعد إبطاء لتعذر وجدان البقرة عليهم . وقد يكون ما كدت أفعل بمعنى ما فعلت ولا قاربت إذا أكد الكلام بأكاد . وقيل معنى أكاد أخفيها أريد أخفيها . قال الأنباري : وشاهد هذا قول الفصيح من الشعر :
كادت وكدت وتلك خير إرادة لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
معناه : أرادت وأردت . وقال ابن عباس وأكثر المفسرين فيما ذكر الثعلبي أن المعنى أكاد أخفيها من نفسي ؛ وكذلك هو في مصحف أبي . وفي مصحف ابن مسعود : أكاد أخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق . وفي بعض القراءات : فكيف أظهرها لكم . وهو محمول على أنه جاء على ما جرت به عادة العرب في كلامها ، من أن أحدهم إذا بالغ في كتمان الشيء قال : كدت أخفيه من نفسي . والله تعالى لا يخفى عليه شيء ؛ قال معناه قطرب وغيره . وقال الشاعر :
أيام تصحبني هند وأخبرها ما أكتم النفس من حاجي وأسراري
فكيف يخبرها بما تكتم نفسه . ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - : ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه الزمخشري وقيل معناه : أكاد أخفيها من نفسي ، ولا دليل في الكلام على هذا المحذوف ؛ ومحذوف لا دليل عليه مطرح ، والذي غرهم منه أن في مصحف أبي : أكاد أخفيها من نفسي ؛ وفي بعض المصاحف أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها .
قلت : وقيل إن معنى قول من قال أكاد أخفيها من نفسي ؛ أي إن إخفاءها كان من قبلي ومن عندي لا من قبل غيري . وروي عن ابن عباس أيضا : أكاد أخفيها من نفسي ؛ ورواه طلحة بن عمر وعن عطاء . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : لا أظهر عليها أحدا . وروي عن سعيد بن جبير قال : قد أخفاها . وهذا على أن كاد زائدة . أي إن الساعة آتية أخفيها ، والفائدة في إخفائها التخويف والتهويل . وقيل : تعلق لتجزى بقوله تعالى : وأقم الصلاة فيكون في الكلام تقديم وتأخير ؛ أي أقم الصلاة لتذكرني لتجزى كل نفس بما تسعى أي بسعيها إن الساعة آتية أكاد أخفيها . والله أعلم . وقيل : هي متعلقة بقوله : آتية أي إن الساعة آتية لتجزى
- الطبرى : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)
يقول تعالى ذكره: إن الساعة التي يبعث الله فيها الخلائق من قبورهم لموقف القيامة جائية ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) فعلى ضمّ الألف من أخفيها قراءة جميع قرّاء أمصار الإسلام، بمعنى: أكاد أخفيها من نفسي، لئلا يطلع عليها أحد، وبذلك جاء تأويل أكثر أهل العلم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) يقول: لا أظهر عليها أحدا غيري.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: لا تأتيكم إلا بغتة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.
حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا محمد بن عبيد الطنافسي، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: يخفيها من نفسه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) وهي في بعض القراءة: أخفيها من نفسي. ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين، ومن الأنبياء المرسلين.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: في بعض الحروف: ( إنَّ السَّاعَةَ آتِيهٌ أَكَادُ أُخْفِيها مِنْ نَفْسِي).
وقال آخرون: إنما هو: ( أكادُ أَخْفِيها) بفتح الألف من أخفيها بمعنى: أظهرها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا محمد بن سهل، قال: سألني رجل في المسجد عن هذا البيت.
دَابَ شَــهْرَيْنِ ثُــمَّ شَـهْرًا دَمِيكًـا
بِـــأرِيكينِ يَخْفِيـــان غَمِـــيرًا (3)
فقلت: يظهران، فقال ورقاء بن إياس وهو خلفي: أقرأنيها سعيد بن جبير ( أكادُ أَخْفِيها) بنصب الألف ، وقد رُوي عن سعيد بن جبير وفاق لقول الآخرين الذين قالوا: معناه: أكاد أخفيها من نفسي.
* ذكر الرواية عنه بذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير ومنصور، عن مجاهد، قالا( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قالا من نفسي.
حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل الآية من القول، قول من قال: معناه: أكاد أخفيها من نفسي، لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء، والذي ذُكر عن سعيد بن جبير من قراءة ذلك بفتح الألف قراءة لا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به نقلا مستفيضا.
فإن قال قائل: ولم وجهت تأويل قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) بضم الألف إلى معنى: أكاد أخفيها من نفسي، دون توجيهه إلى معنى: أكاد أظهرها، وقد علمت أن للإخفاء في كلام العرب وجهين: أحدهما الإظهار، والآخر الكتمان، وأن الإظهار في هذا الموضع أشبه بمعنى الكلام، إذ كان الإخفاء من نفسه يكاد عند السامعين أن يستحيل معناه، إذ كان محالا أن يخفي أحد عن نفسه شيئا هو به عالم، والله تعالى ذكره لا يخفى عليه خافية؟ قيل: الأمر في ذلك بخلاف ما ظننت، وإنما وجَّهنا معنى (أُخْفِيها) بضمّ الألف إلى معنى: أسترها من نفسي، لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب: الستر. يقال: قد أخفيت الشيء: إذا سترته، وأن الذين وجَّهوا معناه إلى الإظهار، اعتمدوا على بيت لامرئ القيس ابن عابس الكندي.
حُدثت عن معمر بن المثنى أنه قال: أنشدنيه أبو الخطاب، عن أهله في بلده:
فــإنْ تُدْفِنُــوا الــدَّاءَ لا نُخْفِــهِ
وإنْ تَبْعَثُـــوا الحَــرْبَ لا نَقْعُــد (4)
بضمّ النون من لا نخفه، ومعناه: لا نظهره، فكان اعتمادهم في توجيه الإخفاء في هذا الموضع إلى الإظهار على ما ذكروا من سماعهم هذا البيت، على ما وصفت من ضم النون من نخفه، وقد أنشدني الثقة عن الفرّاء:
فإنْ تَدْفِنُوا الدَّاءَ لا نَخْفِهِ
بفتح النون من نخفه، من خفيته أخفيه، وهو أولى بالصواب لأنه المعروف من كلام العرب.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان الفتح في الألف من أخفيها غير جائز عندنا لما ذكرنا، ثبت وصحّ الوجه الآخر، وهو أن معنى ذلك. أكاد استرها من نفسي.
وأما وجه صحة القول في ذلك، فهو أن الله تعالى ذكره خاطب بالقرآن العرب على ما يعرفونه من كلامهم وجرى به خطابهم بينهم، فلما كان معروفا في كلامهم أن يقول أحدهم إذا أراد المبالغة في الخبر عن إخفائه شيئا هو له مسرّ: قد كدت أن أخفي هذا الأمر عن نفسي من شدّة استسراري به، ولو قدرت أخفيه عن نفسي أخفيته، خاطبهم على حسب ما قد جرى به استعمالهم في ذلك من الكلام بينهم، وما قد عرفوه في منطقهم وقد قيل في ذلك أقوال غير ما قلنا. وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين، إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم، فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئا يقطع العذر، فأما الذين قالوا في ذلك غير قولنا ممن قال فيه على وجه الانتزاع من كلام العرب، من غير أن يعزوه إلى إمام من الصحابة أو التابعين، وعلى وجه يحتمل الكلام من غير وجهه المعروف، فإنهم اختلفوا في معناه بينهم، فقال بعضهم: يحتمل معناه: أريد أخفيها، قال: وذلك معروف في اللغة، وذُكر أنه حُكي عن العرب أنهم يقولون: أولئك أصحابي الذين أكاد أنـزل عليهم، وقال: معناه: لا أنـزل إلا عليهم. قال: وحُكي: أكاد أبرح منـزلي: أي ما أبرح منـزلي، واحتجّ ببيت أنشده لبعض الشعراء:
كــادَتْ وكِـدْتُ وتِلـكَ خَـيْرُ إرَادَةٍ
لَـوْ عـادَ مِـنْ عَهْد الصَّبابَةِ ما مَضَى (5)
وقال: يريد: بكادت: أرادت، قال: فيكون المعنى: أريد أخفيها لتجزى كلّ نفس بما تسعى. قال: ومما يُشبه ذلك قول زيد الخيل:
سـريع إلـى الهَيْجـاءِ شـاكٍ سِلاحُهُ
فَمَـــا أنْ تَكـــادُ قِرْنُــهُ يَتَنَفَّسُ (6)
وقال: كأنه قال: فما يتنفس قرنه، وإلا ضعف المعنى; قال: وقال ذو الرُّمَّة:
إذا غَـيَّرَ النَّـأْيُ المُحِـبِّينَ لَـمْ يَكَـدْ
رَسِـيسُ الهَـوَى مِـنْ حُبّ مَيَّةَ يَبْرَحُ (7)
قال: وليس المعنى: لم يكد يبرح: أي بعد يُسر، ويبرح بعد عُسر; وإنما المعنى: لم يبرح، أو لم يرد يبرح، وإلا ضعف المعنى; قال: وكذلك قول أبي النجم:
وإنْ أتــاكَ نَعِــيّ فــانْدُبَنَّ أبــا
قَـدْ كَـادَ يَضطْلِـعُ الأعْـداءَ والخُطَبَا (8)
وقال: يكون المعنى: قد اضطلع الأعداء، وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد ولم يرد يفعل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن الساعة آتية أكاد، قال: وانتهى الخبر عند قوله أكاد لأن معناه: أكاد أن آتي بها، قال: ثم ابتدأ فقال: ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى، قال: وذلك نظير قول ابن ضابي:
هَمَمَـتُ وَلَـمْ أفْعَـلْ وكِـدْتُ ولَيْتَنِـي
تَـرَكْتُ عـلى عثمـانَ تَبْكِـي أقارِبُهُ (9)
فقال: كدت، ومعناه: كدت أفعل.
وقال آخرون: معنى (أُخفيها) أظهرها، وقالوا: الإخفاء والإسرار قد توجههما العرب إلى معنى الإظهار، واستشهد بعضهم لقيله ذلك ببيت الفرزدق:
فَلَمَّــا رأى الحَجَّــاجَ جَـرَّدَ سَـيْفَهُ
أسَـرَّ الحَـرُورِيُّ الّـذِي كـانَ أضْمَرَا (10)
وقال: عنى بقوله: أسرّ: أظهر. قال: وقد يجوز أن يكون معنى قوله وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ وأظهروها، قال: وذلك أنهم قالوا: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا . وقال جميع هؤلاء الذين حكينا قولهم جائز أن يكون قول من قال: معنى ذلك: أكاد أخفيها من نفسي، أن يكون أراد: أخفيها من قبلي ومن عندي، وكلّ هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا توجيه منهم للكلام إلى غير وجهه المعروف، وغير جائز توجيه معاني كلام الله إلى غير الأغلب عليه من وجوهه عند المخاطبين به، ففي ذلك مع خلافهم تأويل أهل العلم فيه شاهد عدل على خطأ ما ذهبوا إليه فيه.
وقوله ( لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) يقول تعالى ذكره: إن الساعة آتية لتجزى كلّ نفس: يقول: لتثاب كل نفس امتحنها ربها بالعبادة في الدنيا بما تسعى، يقول: بما تعمل من خير وشرّ، وطاعة ومعصية .
----------------------
الهوامش :
(3) البيت لكعب ( اللسان ، والتاج ، دمك ) قالا : يقال أقمت عنده شهرًا دميكا ، أي شهر تامًّا ، قال كعب : " داب شهرين ثم شهرًا دميكًا " أه . ولم يذكر الشطر الثاني من البيت . وفي ( معجم ما استعجم للبكري ص 144 ) قال أبو عبيدة : أريك في بلاد ذبيان . قال : وهما أريكان : أريك الأسود ، وأريك الأبيض ، والأريك : الجبل الصغير ويخيفان : بفتح الياء يخرجان والغير : له معاني كثيرة ، منها في تاج العروس : الغمير ، كأمير : حب البهمي الساقط من سنبله حين ييبس ، أو نبات أخضر قد غمره اليبس . . إلخ .
(4) البيت لامرئ القيس بن عابس الكندي . استشهد به صاحب ( اللسان : خفا ) على أن قوله لا نخفه ، بفتح النون أي لا نظهره . وكذا ترى قوله تعالى : " أكاد أخفيها " أي أظهرها ، حكاه اللحياني ، عن الكسائي ، عن محمد بن سهل ، عن سعيد بن جبير . أه . قال في اللسان : يقال خفيت الشيء : أظهرته واستخرجته ، يقال خفي المطر الفئار : إذا أخرجهن من أنفاقهن ، أي من جحرتهن . قال امرئ القيس يصف فرسا :
خفــاهن مــن أنفــاقهن كأنمــا
خفــاهن ودق مـن عشـي مجـلب
وخفيت الشيء أخفيه : كتمته ، وهو من الأضداد ، وأخفيت الشيء : سترته وكتمته ، ورواية المؤلف البيت كما في معاني القرآن للفراء . وفي ( اللسان ؛ : خفا ) : " فإن تكتموا السر لا نخفه " .
(5) البيت في ( اللسان : كيد ) قال : ويقال : فلان يكيد أمرا ما أدري ما هو ؟ إذا كان يريغه ، ويحتال له ، ويسعى له . وقال : " بلغوا الأمر الذي كادوا " : يريد : طلبوا أو أرادوا ، وأنشد أبو بكر في كاد بمعنى أراد ، للأفوه :
فــإن تجــمع أوتــاد وأعمــدة
وسـاكن بلغـوا الأمـر الـذي كـادوا
أراد : الذي أرادوا ، وأنشد :
كــادت وكـدت وتلـك خـير إرادة
لـو ( كان ) من أمر الصبابة ما مضى
قال : معناه : ما أرادت ، قال : ويحتمله قوله تعالى : لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا لأن الذي عاين من الظلمات آيسه من التأمل ليده ، والإبصار إليها ، والبيت شاهد على أن كاد بمعنى أراد ، استشهد به المؤلف عند قوله تعالى : أَكَادُ أُخْفِيهَا .
(6) البيت لزيد الخيل كما قال المؤلف . واستشهد به صاحب ( اللسان : كاد ) على أن كاد قد تجيء صلة في الكلام . قال : وتكون كاد صلة للكلام ( زائدة ) ، أجاز ذلك الأخفش وقطرب وأبو حاتم ، واحتج قطرب بقول الشاعر : " سريع . . إلخ " . معناه : ما يتنفس قرنه ، ولكن أبا جعفر الطبري جعله شبيهًا بالشاهد السابق عليه ، وتوجيه قطرب لهذا الشاهد أوضح وأحسن ، وإن التي قبل يكاد : زائدة ، أو نافية مؤكدة لما النافية قبلها .
(7) هذا البيت من حائية ذي الرمة المشهورة ( ديوان طبعة كيمبردج سنة 1919 ص 78 ) قال شارحه : النأي البعد ، رسيس الهوى : مسه ، وما خفي منه ، أو أوله ، ويقال : لم يجد رسيس الحمى ، واستشهد المؤلف بالبيت على أن المعنى فيه : لم يبرح - أو لم يرد يبرح ؛ وعلى هذا يكون الفعل ( يكاد ) زائدًا في الكلام ، وقد جاء في ( اللسان : رسس ) رواية أخرى للبيت ، تؤيد ما ذهب إليه المؤلف ، من أن المعنى على زيادة ( يكاد ) ، وهي :
إذا غَـيَّرَ النَّـأْيُ المُحِـبِّينَ لَـمْ يَكَـدْ
رَسِـيسُ الهَـوَى مِـنْ حُبّ مَيَّةَ يَبْرَحُ
وهذه الرواية هي التي عدل إليها الشاعر ، حين خطأه ابن شبرمة قاضي البصرة لما سمعه ينشد القصيدة في المربد. ولكن المحققين قالوا إن بديهة ذي الرمة في الرواية الأولى ، كانت أجود من روايته ، ( في الرواية الثانية ) . وقد بين العلامة المحقق رضي الله الديلي الأستراباذي : محمد بن الحسن ، صواب الرواية الأولى ، بأن معنى لم يكد : لم يقرب وأن نفي مقاربة الشيء أبلغ من نفي الشيء فيكون معنى البيت : إذا غير البعاد قلوب المحبين ، فبعاد مية عني لا يذهب بما أحس لها من حب ثابت مقيم ولا يقارب أن يذهب به . ( وانظر شرح الرضي على كافية ابن الحاجب ، طبعة الآستانة 2 : 306 أفعال المقاربة ) . وقد أبطل الرضي زعم من زعم من النحاة أن " نفي كاد إثبات وأن إثباته نفي " وهو كلام نفيس دال على ذكائه ودقة فهمه .
(8) البيت لأبي النجم كما قال المؤلف ، والشاهد في قوله " كاد يضطلع " فقد ذهب المؤلف أن معناه : قد اضطلع الأعداء وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد . ولم يرد يفعل ، وعلى التخريج للبيت يكون الفعل ( كاد ) صلة ( زائدة ) ، مثل الشاهدين السابقين عليه عنده . ويضطلع الأعداء : أي يضطلع بهم وبالخطب ، أسقط البا ، فعدى الفعل بنفسه إلى المعمول الذي كان مجرورا بالباء قبل إسقاطها . يقال اضطلع بحمله ، أي قوي عليه ونهض به . وهو من الضلاعة أي القوة . وفي ( اللسان : ضلع ) : واضطلع الحمل أي احتمله أضلاعه . وقال ابن السكيت : يقال : هو مضطلع بحمله ، أي قوي على حمله ، وهو مفتعل مج الضلاعة . والنعي : الناعي الذي يخبر بموت من مات .
(9) البيت لضابئ ابن الحارث البرجمي ، حبسه الخليفة عثمان ، لأنه كان فاحشا ، هجا قوما فأراد عثمان تأديبه ، فلما دعي ليؤدب ، شد سكينا في ساقه ، ليقتل بها عثمان ، فعثر عليه ، ثم ضرب وأعيد إلى السجن حتى مات فيه . والبيت من مقطوعة لأمية له أنشدها أبو العباس المبرد انظر ( رغبة الآمل ، بشرح الكامل للمرصفي 4 : 91 ) .
فــلا تتبعينــي إن هلكـت ملامـة
فليس بعــار قتــل مـن لا أقاتلـه
هممـت ولـم أفعـل وكـدت وليتنـي
تـركت عـلى عثمـان تبكـي حلائله
والشاهد في قوله : كدت ، أي كدت أفعل ما هممت به من قتل عثمان . وهو نظير ما في القرآن ( إن الساعة آتية أكاد ) ذهب قوم إلى أن معناه : أكاد أن آتي بها . ثم ابتدأ فقال : ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى والبيت لضابئ لا لابنه كما قال المؤلف .
(10) لم أجد هذا البيت في ديوان الفرزدق ،وهو من شواهد أبي عبيدة ( اللسان : سرر ) قال : أسررت الشيء : أخفيته ، وأسررته : أعلنته ، ومن الإظهار قوله تعالى : ( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) أي أظهروها . وأنشد الفرزدق * فلمـا رأى الحجـاج جـرد سيفه *
البيت . قال شمر : لم أجد هذا البيت للفرزدق وما قال غير أبي عبيدة في قوله " وأسروا الندامة " أي أظهروها . قال : ولم أسمع ذلك لغيره . قال الأزهري : وأهل اللغة أنكروا أبي عبيدة أشد الإنكار . وقيل : أسروا الندامة : يعني : الرؤساء من المشركين أسروا الندامة في سفلتهم الذين أضلوهم ، وأسروها : أخفوها وكذلك قال الزجاج ، وهو قول المفسرين . والحروري : الخارجي نسبة إلى حروراء ، وهو أول مجتمعاتهم لما نابذوا أمير المؤمنين عليا ، وأظهروا التحكيم " لا حكم إلا لله " . فسموا المحكمة ، والحرورية ، والخوارج .
- ابن عاشور : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) وجملة { إنَّ السَّاعة ءَاتِيَة } مستأنفة لابتداء إعلام بأصل ثان من أصول الدّين بعد أصل التوحيد ، وهو إثبات الجزاء .
والساعة : علَم بالغلبة على ساعة القيامة أو ساعة الحساب .
وجملة { أكَادُ أُخْفِيهَا } في موضع الحال من الساعَةَ ، أو معترضة بين جملة وعلّتها .
والإخفاء : الستر وعدم الإظهار ، وأريد به هنا المجاز عن عدم الإعلام .
والمشهورُ في الاستعمال أن «كاد» تدلّ على مقاربة وقوع الفعل المخبر به عنها ، فالفعل بعدها في حيّز الانتفاء ، فقوله تعالى : { كادُوا يكونون عليه لِبداً } [ الجنّ : 19 ] يدلّ على أن كونهم لِبَداً غير واقع ولكنه اقترب من الوقوع .
ولما كانت الساعة مخفية الوقوع ، أي مخفية الوقت ، كان قوله { أكاد أُخفيها } غير واضح المقصود ، فاختلفوا في تفسيره على وجوه كثيرة أمثلها ثلاثة .
فقيل : المراد إخفاء الحديث عنها ، أي من شدّة إرادة إخفاء وقتها ، أي يراد ترك ذكرها ولعلّ توجيه ذلك أنّ المكذبين بالساعة لم يزدهم تكرر ذكرها في القرآن إلا عناداً على إنكارها .
وقيل : وقعت { أكَادُ } زائدة هنا بمنزلة زيادة كان في بعض المواضع تأكيداً للإخفاء . والمقصود : أنا أخفيها فلا تأتي إلاّ بغتة .
وتأوّل أبو عليّ الفارسي معنى { أُخْفِيها } بمعنى أظهرها ، وقال : همزة { أخفيها للإزالة مثل همزة أعْجَم الكتابَ ، وأشكى زيداً ، أي أزيل خفاءَها . والخفاء : ثوب تلفّ فيه القِربة مستعار للستر .
فالمعنى : أكاد أظهرها ، أي أظهر وقوعها ، أي وقوعها قريب . وهذه الآية من غرائب استعمال ( كاد ) فيضم إلى استعمال نفيها في قوله : { وما كادوا يفعلون } في سورة البقرة ( 71 ).
وقوله لتجزى } يتعلّق بآتِيَةٌ وما بينهما اعتراض . وهذا تعليم بحكمة جعل يوم للجزاء .
واللام في { لِتُجْزى كلُّ نَفْسٍ } متعلّق بآتِيَةٌ .
ومعنى { بِمَا تسعى } بما تعمل ، فإطلاق السعي على العمل مجاز مرسل ، كما تقدم في قوله : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } في سورة الإسراء ( 19 ).
- إعراب القرآن : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
«إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ» إن واسمها وخبرها والجملة ابتدائية «أَكادُ» فعل مضارع ناقص من أفعال المقاربة واسمها مستتر تقديره أنا والجملة خبر ثان «أُخْفِيها» الجملة خبر أكاد «لِتُجْزى » اللام للتعليل وتجزى مضارع مبني للمجهول «كُلُّ» نائب فاعل «نَفْسٍ» مضاف إليه والجملة في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل «بِما» متعلقان بفعل تجزى «تَسْعى » فعل مضارع فاعله مستتر والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها صلة
- English - Sahih International : Indeed the Hour is coming - I almost conceal it - so that every soul may be recompensed according to that for which it strives
- English - Tafheem -Maududi : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ(20:15) The Hour of Resurrection is sure to come, but it is My will to keep the time of its coming secret so that every soul may be recompensed according to its labours. *10
- Français - Hamidullah : L'Heure va certes arriver Je la cache à peine pour que chaque âme soit rétribuée selon ses efforts
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Gewiß die Stunde kommt - Ich hielte sie beinahe ganz verborgen - damit jeder Seele das vergolten wird worum sie sich bemüht
- Spanish - Cortes : La Hora llega -estoy por ocultarla- para que cada uno sea retribuido según su esfuerzo
- Português - El Hayek : Porque a hora se aproxima desejo conservála oculta a fim de que toda a alma seja recompensada segundo o seumerecimento
- Россию - Кулиев : Я едва ли не скрываю Час от Самого Себя но он непременно настанет чтобы каждому человеку воздали тем к чему он стремился
- Кулиев -ас-Саади : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
Я едва ли не скрываю Час от Самого Себя, но он непременно настанет, чтобы каждому человеку воздали тем, к чему он стремился.Всевышний сказал: «Они спрашивают тебя о Часе: “Когда он наступит?” Скажи: “Воистину, знание об этом принадлежит только моему Господу. Никто, кроме Него, не способен открыть время его наступления”» (7:187); «К Нему восходит знание о Часе» (41:47). Он скрыл знание о сроке наступления конца света от всех творений, даже от приближенных ангелов и святых пророков. Когда же обещанный Час наступит, каждое творение получит воздаяние за совершенные им добрые и злые деяния. Судный день - это всего лишь дверь Последней жизни, и поэтому Всевышний Господь сказал: «Аллаху принадлежит то, что на небесах, и то, что на земле, дабы Он воздал злодеям за то, что они совершили, и воздал творившим добро Наилучшим (Раем)» (53:31).
- Turkish - Diyanet Isleri : Herkes işlediğinin karşılığını görsün diye zamanını gizli tuttuğum kıyamet mutlaka gelecektir
- Italiano - Piccardo : In verità l'Ora è imminente anche se la tengo celata affinché ogni anima sia compensata delle opere sue
- كوردى - برهان محمد أمين : بێگومان ڕۆژی قیامهت بهڕێوهیه و ههر دێت نزیکه بیشارمهوه بۆ ئهوهی ههموو کهسێک به گوێرهی کارو کردهوه و ههوڵ و کۆششی پاداشت بدرێتهوه
- اردو - جالندربرى : قیامت یقینا انے والی ہے۔ میں چاہتا ہوں کہ اس کے وقت کو پوشیدہ رکھوں تاکہ ہر شخص جو کوشش کرے اس کا بدلا پائے
- Bosanski - Korkut : Čas oživljenja će sigurno doći – od svakog ga tajim – kad će svaki čovjek prema trudu svome nagrađen ili kažnjen biti
- Swedish - Bernström : Den Yttersta stunden skall komma även om Jag håller dess [ankomst] hemlig för att var och en skall lönas för det som han har strävat mot
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Segungguhnya hari kiamat itu akan datang Aku merahasiakan waktunya agar supaya tiaptiap diri itu dibalas dengan apa yang ia usahakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
(Sesungguhnya hari kiamat itu akan datang Aku merahasiakan waktunya) dari manusia dan menampakkan kepada mereka hanya dekatnya hari kiamat melalui alamat-alamatnya supaya mendapatkan balasan) di hari itu (tiap-tiap diri itu dengan apa yang ia usahakan) apakah kebaikan ataukah keburukan.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : কেয়ামত অবশ্যই আসবে আমি তা গোপন রাখতে চাই; যাতে প্রত্যেকেই তার কর্মানুযায়ী ফল লাভ করে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : "ஒவ்வோர் ஆத்மாவும் தான் செய்ததற்குத் தக்கபடி பிரதிபலன்கள் அளிக்கப்படும் பொருட்டு நியாயத் தீர்ப்புக்குரிய வேளை நிச்சயமாக வரவிருக்கிறது ஆயினும் அதை மறைத்து வைக்க நாடுகிறேன்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “แท้จริงวันอวสานของโลกนั้นกำลังมาถึงข้าปกปิดมันไว้เพื่อทุกชีวิตจะถูกตอบแทนตามี่มันได้แสวงหาไว้
- Uzbek - Мухаммад Содик : Албатта қиёмат соати келгувчидир Ҳар бир жон саъйиҳаракатига яраша жазо олиши учун уни махфий тутурман
- 中国语文 - Ma Jian : 复活时,确是要来临的,我几乎要隐藏它,以便每个人都因自己的行为而受报酬。
- Melayu - Basmeih : "Sesungguhnya hari kiamat itu tetap akan datang yang Aku sengaja sembunyikan masa datangnya supaya tiaptiap diri dibalas akan apa yang ia usahakan
- Somali - Abduh : Saacadda Qiyaame way imaan waxaana u Dhawayahy inaan Qariyo in laga Abaal mariyo Naf kasta waxay Camal Fashay
- Hausa - Gumi : "Lalle ne Sa'a mai zuwa ce lnã kusa da In ɓõye ta dõmin a sãka wa dukan rai da abin da yake aikatãwa"
- Swahili - Al-Barwani : Hakika Saa itakuja bila ya shaka Nimekaribia kuificha ili kila nafsi ilipwe kwa iliyo yafanya
- Shqiptar - Efendi Nahi : Çasti i gjykimit do të arrijë me siguri – atë e kam fsheh nga çdokush – kur secili do të shpërblehet për atë përpjekje që ka bërë
- فارسى - آیتی : قيامت آمدنى است. مىخواهم زمان آن را پنهان دارم تا هر كس در مقابل كارى كه كرده است سزا ببيند.
- tajeki - Оятӣ : Қиёмат омаданӣ аст. Мехоҳам замони онро пинҳон дорам, то ҳар кас дар муқобили коре, ки кардааст, ҷазо бубинад.
- Uyghur - محمد صالح : قىيامەتنىڭ بولۇشى ھەقىقەتتۇر، ھەر ئادەم ئۆزىنىڭ ئەمەلىگە يارىشا مۇكاپاتلىنىشى ئۈچۈن، ئۇنى (يەنى ئۇنىڭ قاچان بولۇشىنى) مەخپىي تۇتتۇم
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : "തീര്ച്ചയായും അന്ത്യനാള് വന്നെത്തുക തന്നെ ചെയ്യും. അതെപ്പോഴെന്നത് ഞാന് മറച്ചുവെച്ചിരിക്കുകയാണ്. ഓരോ വ്യക്തിക്കും തന്റെ അധ്വാനഫലം കൃത്യമായി ലഭിക്കാന് വേണ്ടിയാണിത്.
- عربى - التفسير الميسر : ان الساعه التي يبعث فيها الناس اتيه لا بد من وقوعها اكاد اخفيها من نفسي فكيف يعلمها احد من المخلوقين لكي تجزى كل نفس بما عملت في الدنيا من خير او شر
*10) After Tauhid the second thing that was revealed to alI the Prophets was the reality of the "Hereafter", and they were appointed to impart its knowledge to their peoples. Here its object Gas also been stated. The Hour of Resurrection is destined to come so that every one should get the recompense in the Hereafter of what one did in this world, and that Hour has been kept secret to fulfil the requirement of the trial. For the one who believes in the Hereafter will always be on his guard against any deviation from the Right Way, and the one who does not believe in the coming of that Hour will remain engaged in other things, for he will think that he did not see any sign of the coming of the Hour.