- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍۢ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن تُرَابٍۢ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍۢ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍۢ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍۢ مُّخَلَّقَةٍۢ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍۢ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِى ٱلْأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنۢ بَعْدِ عِلْمٍۢ شَيْـًٔا ۚ وَتَرَى ٱلْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنۢبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍۢ
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ۚ ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ۖ ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ۚ وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الناس إن كنتم في شك من أن الله يُحيي الموتى فإنَّا خلقنا أباكم آدم من تراب، ثم تناسلت ذريته من نطفة، هي المنيُّ يقذفه الرجل في رحم المرأة، فيتحول بقدرة الله إلى علقة، وهي الدم الأحمر الغليظ، ثم إلى مضغة، وهي قطعة لحم صغيرة قَدْر ما يُمْضَغ، فتكون تارة مخلَّقة، أي تامة الخلق تنتهي إلى خروح الجنين حيًا، وغير تامة الخلق تارة أخرى، فتسقط لغير تمام؛ لنبيِّن لكم تمام قدرتنا بتصريف أطوار الخلق، ونبقي في الأرحام ما نشاء، وهو المخلَّق إلى وقت ولادته، وتكتمل الأطوار بولادة الأجنَّة أطفالا صغارًا تكبَرُ حتى تبلغ الأشد، وهو وقت الشباب والقوة واكتمال العقل، وبعض الأطفال قد يموت قبل ذلك، وبعضهم يكبَرُ حتى يبلغ سن الهرم وضَعْف العقل؛ فلا يعلم هذا المعمَّر شيئًا مما كان يعلمه قبل ذلك. وترى الأرض يابسةً ميتة لا نبات فيها، فإذا أنزلنا عليها الماء تحركت بالنبات تتفتح عنه، وارتفعت وزادت لارتوائها، وأنبتت من كل نوع من أنواع النبات الحسن الذي يَسُرُّ الناظرين.
- السعدى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ } أي: شك واشتباه، وعدم علم بوقوعه، مع أن الواجب عليكم أن تصدقوا ربكم، وتصدقوا رسله في ذلك، ولكن إذا أبيتم إلا الريب، فهاكم دليلين عقليين تشاهدونهما، كل واحد منهما، يدل دلالة قطعية على ما شككتم فيه، ويزيل عن قلوبكم الريب.
أحدهما: الاستدلال بابتداء خلق الإنسان، وأن الذي ابتدأه سيعيده، فقال فيه: { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ } وذلك بخلق أبي البشر آدم عليه السلام، { ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ } أي: مني، وهذا ابتداء أول التخليق، { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } أي: تنقلب تلك النطفة، بإذن الله دما أحمر، { ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ } أي: ينتقل الدم مضغة، أي: قطعة لحم، بقدر ما يمضغ، وتلك المضغة تارة تكون { مُخَلَّقَةٍ } أي: مصور منها خلق الآدمي، { وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } تارة، بأن تقذفها الأرحام قبل تخليقها، { لِنُبَيِّنَ لَكُمْ } أصل نشأتكم، مع قدرته تعالى، على تكميل خلقه في لحظة واحدة، ولكن ليبين لنا كمال حكمته، وعظيم قدرته، وسعة رحمته.
{ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } أي : ونقر، أي: نبقي في الأرحام من الحمل، الذي لم تقذفه الأرحام، ما نشاء إبقاءه إلى أجل مسمى، وهو مدة الحمل. { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ } من بطون أمهاتكم { طِفْلًا } لا تعلمون شيئا، وليس لكم قدرة، وسخرنا لكم الأمهات، وأجرينا لكم في ثديها الرزق، ثم تنتقلون طورا بعد طور، حتى تبلغوا أشدكم، وهو كمال القوة والعقل.
{ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى } من قبل أن يبلغ سن الأشد، ومنكم من يتجاوزه فيرد إلى أرذل العمر، أي: أخسه وأرذله، وهو سن الهرم والتخريف، الذي به يزول العقل، ويضمحل، كما زالت باقي القوة، وضعفت.
{ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا } أي: لأجل أن لا يعلم هذا المعمر شيئا مما كان يعلمه قبل ذلك، وذلك لضعف عقله، فقوة الآدمي محفوفة بضعفين، ضعف الطفولية ونقصها، وضعف الهرم ونقصه، كما قال تعالى: { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ } والدليل الثاني، إحياء الأرض بعد موتها، فقال الله فيه: { وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً } أي: خاشعة مغبرة لا نبات فيها، ولا خضر، { فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ } أي: تحركت بالنبات { وَرَبَتْ } أي: ارتفعت بعد خشوعها وذلك لزيادة نباتها، { وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ } أي: صنف من أصناف النبات { بَهِيجٍ } أي: يبهج الناظرين، ويسر المتأملين، فهذان الدليلان القاطعان، يدلان على هذه المطالب الخمسة، وهي هذه.
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
ثم ساق - سبحانه - أهم القضايا التى جادل فيها المشركون بغير علم ، واتبعوا فى جدالهم خطوات الشيطان ، وهى قضية البعث ، وأقام الأدلة على صحتها ، وعلى أن البعث حق وواقع فقال - تعالى - : ( ياأيها الناس . . . ) .
قال أبو حيان فى البحر : لما ذكر - سبحانه - من يجادل فى قدرة الله بغير علم ، وكان جدالهم فى الحشر والمعاد ، ذكر دليلين واضحين على ذلك . أحدهما : فى نفس الإنسان وابتداء خلقه . وتطوره فى أطوار سبعة ، وهى : التراب ، والنطفة ، والعلقة ، والمضغة ، والإخراج طفلا ، وبلوغ الأشد ، والتوفى أو الرد إلى أرذل العمر .
والدليل الثانى : فى الأرض التى يشاهد تنقلها من حال إلى حال فإذا اعتبر العاقل ذلك ثبت عنده جوازه عقلا ، فإذا ورد الشرع بوقوعه ، وجب التصديق به ، وأنه واقع لا محالة .
والمراد بالناس هنا : المشركون وكل من كان على شاكلتهم فى إنكار أمر البعث واستبعاده ، لأن المؤمنين يعترفون بأن البعث حق ، وأنه واقع بلا أدنى شك أو ريب .
والمعنى : يأيها الناس إن كنتم فى شك من أمر إعادتكم إلى الحياة مرة أخرى للحساب يوم القيامة ، فانظروا وتفكروا فى مبدأ خلقكم ، فإن هذا التفكر من شأنه أن يزيل هذا الشك ، لأن الذى أوجدكم الإيجاد الأول . وخلقكم من التراب ، قادر على إعادتكم إلى الحياة مرة أخرى ، إذ الإعادة - كما يعرف كل عاقل - أيسر من ابتداء الفعل .
وقد قرب - سبحانه - هذا المعنى فى أذهانكم فى آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - : ( وَهُوَ الذي يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المثل الأعلى فِي السماوات والأرض وَهُوَ العزيز الحكيم ) وأتى - سبحانه - بأن المفيدة للشك فقال : ( إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ البعث ) مع أن كونهم فى ريب أمر محقق تنزيلاً للمحقق منزلة المشكوك فيه ، وتنزيهاً لموضوع البعث عن أن يتحقق الشك فيه من أى عاقل ، وتوبيخا لهم لوضعهم الأمور فى غير مواضعها .
ووجه الإتيان بفى الدالة على الظرفية ، للإشارة إلى أنهم قد امتلكهم الريب وأحاط بهم إحاطة الظرف بالمظروف .
قال الآلوسى : " وقوله ( فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ) دليل جواب الشرط ، أو هو الجواب بتأويل ، أى : إن كنتم فى ريب من البعث ، فانظروا إلى مبدأ خلقكم ليزول ريبكم ، فإنا خلقناكم من تراب ، وخلقهم من تراب فى ضمن خلق أبيهم آدم منه . . " .
وقال بعض العلماء ما ملخص : والتحقيق فى معنى قوله - تعالى ( فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ) : أنه - سبحانه - خلق أباهم آدم منه ، ثم خلق من آدم زوجه حواء ، ثم خلق الناس منهما عن طريق التناسل .
فلما كان أصلهم الأول من تراب ، أطلق عليهم أنه خلقهم من تراب؛ لأن الفروع تتبع الأصل . وعلى ذلك يكون خلقهم من تراب هو الطور الأول . . " .
ثم بين - سبحانه - الطور الثانى من أطوار خلق الإنسان فقال : ( ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ) وهذا اللفظ مأخوذ من النطف - بفتح النون مع التشديد وإسكان الطاء - بمعنى السيلان والتقاطر .
يقال : نطفت القربة ، إذا تقاطر الماء منها بقلة .
والنطفة تطلق فى اللغة : على الماء القليل ، والمراد بها هنا : الماء المختلط من الرجل والمرأة عند الجماع ، والمعبر عنه بالمنى .
وقوله ( ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ) هو الطور الثالث . والعلقة جمعها علق ، وهى قطعة من الدم جامدة ، تتحول إليها النطفة .
وقوله : ( ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ ) هو الطور الرابع ، والمضغة قطعة صغيرة من اللحم تحول إليها العلقة .
وقوله - سبحانه - ( مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) صفة للمضغة .
والمراد بالمخلقة : التامة الخلقة ، السالمة من العيوب ، والمراد بغير المخلقة : ما ليست كذلك كأن تكون ناقصة الخلقة .
وقد اكتفى بهذا المعنى صاحب الكشاف فقال : "
والمخلقة " المستواة الملساء من النقصان والعيب : يقال : خلق السواك والعود ، إذا سواه وملسه ، من قولهم : صخرة خلقاء ، إذا كانت ملساء . كأن الله - تعالى - يخلق المضغ متفاوتة . منها . ما هو كامل الخلقة أملس من العيوب ، ومنها ما هو على عكس ذلك ، فيتبع ذلك التفاوت ، تفاوت الناس فى خلقهم وصورهم وطولهم وقصرهم وتمامهم ونقصانهم . . " .وقيل : " مخلقة " أى : مستبينة الخلق ، ظاهرة التصوير . " وغير مخلقة " أى : لم يستبن خلقها ولا ظهر تصويرها كالسقط الذى هو مضغة ولم تظهر صورته الإنسانية بعد .
وقيل : " مخلقة " أى : نفخ فيها الروح . " وغير مخلقة " أى : لم ينفخ فيها الروح .
ويبدو لنا أن ما ذهب إليه صاحب الكشاف واكتفى به أولى بالقبول ، لأنه هو المشهور من كلام العرب . فهم يقولون : حجر أخلق أى : أملس مصمت لا يؤثر فيه شىء ، وصخرة خلقاء ، أى : ليس بها تشويه أو كسر .
وقوله - تعالى - : ( لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ) متعلق بقوله : ( خَلَقْنَاكُمْ ) أى : خلقناكم على هذا النحو العجيب ، وفى تلك الأطوار البديعة . لنبين لكم كمال قدرتنا ، وبليغ حكمتنا . وأننا لا يعجزنا إعادة كل حى إلى الحياة بعد موته .
وحذف مفعول " نبين " للإشعار بأن أفعاله - تعالى - الدالة على كمال قدرته ، لا يحيط بها وصف ، ولا تمدها عبارة . . .
أى : لنبين لكم عن طريق المشاهدة ، ما يدل على كمال قدرتنا دلالة يعجز الوصف عن الإحاطة بها .
وقوله - تعالى - : ( وَنُقِرُّ فِي الأرحام مَا نَشَآءُ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ) كلام مستأنف مسوق لبيان أحوال الناس بعد تمام خلقهم ، وتوارد تلك الأطوار عليهم .
أى : ونقر ونثبت فى أرحام الأمهات ما نشاء إقراره وثبوته فيها من الأجنة والأحمال ، إلى أجل معلوم عندنا . وهو الوقت المحدد للولادة والوضع ، وما لم نشأ إقراره من الحمل لفظته الأرحام وأسقطته ، إذ كل شىء بمشيئتنا وإرادتنا .
وقوله - تعالى - : ( ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) بيان للطور الخامس من أطوار خلق الإنسان .
أى : ثم نخرجكم من أرحام أمهاتكم بعد استقراركم فيها إلى الوقت الذى حددناه ، طفلاً صغيراً . أى : أطفالاً صغاراً ، وإنما جاء مفرداً باعتبار إرادة الجنس الشامل للواحد والمتعدد ، او باعتبار كل واحد منهم ، وهو حال من ضمير المخاطبين .
ومن الأساليب العربية المعهودة ، أن الاسم المفرد إذا كان اسم جنس . يكثر إطلاقه على الجمع ، ومن ذلك قوله - تعالى - : ( واجعلنا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) أى : أئمة . وقوله - سبحانه - ( فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً . . ) أى : أنفسا ، ومن هذا القبيل قول الشاعر :
وكان بنو فزارة شَرَّ عمِّ ... فكنت لهم كشر بنى الأخينا
أى : شر أعمام .
وقوله تعالى - ( ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ ) بيان للطور السادس ، والأشد : قوة الإنسان وشدته واشتعال حرارته ، من الشدة بمعنى الارتفاع والقوة ، يقال : شد النهار إذا ارتفع ، وهو مفرد جاء بصيغة الجمع ، أو جمع لا واحد له ، أو جمع شدة - كأنعم ونعمة - .
قال الآلوسى : " والجملة علة لنخرجكم ، وهى معطوفة على علة أخرى مناسبة لها .
كأنه قيل : ثم نخرجكم لتكبروا شيئاً فشيئاً ثم لتبلغوا أشدكم ، أى كمالكم فى القوة والعقل والتمييز . . . وقيل : علة لمحذوف . والتقدير : ثم نمهلكم لتبلغوا أشدكم . . .
وتقديم التبيين " لنبين لكم " على ما بعده ، مع أن حصوله بالفعل بعد الكل ، للإيذان بأنه غاية الغايات ومقصود بالذات .
وإعادة اللام فى " لتبلغوا " مع تجريد " نقر ، ونخرج " عنها ، للإشعار بأصالة البلوغ بالنسبة إلى الإقرار والإخراج إذ عليه يدور التكليف المؤدى إلى السعادة والشقاوة " .
وقوله - سبحانه - : ( وَمِنكُمْ مَّن يتوفى وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) بيان للطور السابع والأخير .
أى : منكم - أيها الناس - من يبلغ أشده فى هذه الحياة ، ومنكم من يموت قبل ذلك ، ومنكم من يعيش إلى أرذل العمر أى : أخسه وأدونه ، فيصير من بعد علمه بالأشياء وفهمه لها ، لا علم له ولا فهم ، شأنه فى ذلك شأن الأطفال .
قال - تعالى - : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ) فالآية الكريمة تصور أطوار خلق الإنسان ومراحل حياته أكمل تصوير ، للتنبيه على مظاهر قدرة الله - تعالى - وعلى أن البعث حق وصدق .
وبعد إقامة هذا الدليل من نفس الإنسان وتطور خلقه على صحة البعث ، ساق - سبحانه - الدليل الثانى عن طريق مشاهدة الأرض وتنقلها من حال إلى حال ، فقال - تعالى - ( وَتَرَى الأرض هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) .
وقوله : ( هَامِدَةً ) أى : يابسة ، يقال : همدت الأرض تهمد - بضم الميم - هموداً ، إذا يبست .
ومعنى : " اهتزت " : تحركت ، يقال : هز فلان الشىء فاهتز ، إذا حركه فتحرك .
ومعنى : " ربت " زادت بسبب تداخل الماء والنبات فيها ، يقال : ربا الشىء يربو ربوا ، إذا زاد ونما ، ومنه الربا والربوة .
أى : وترى - أيها العاقل - ببصرك الأرض يابسة لا نبات فيها ، فإذا ما أنزلنا عليها بقدرتنا الماء ، تحركت بسبب خروج النبات منها ، وانتفخت بسبب ما يتخللها من الماء والنبات ، وأنبتت بعد ذلك من كل صنف بهيج نضر حسن المنظر .
وشبيه بهذه الآية فى أن إحياء الأرض بعد موتها دليل على إحياء الناس بعد موتهم ، بقدرة الله - تعالى - وإرادته ، قوله - عز وجل - ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى إِنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).
- البغوى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
( يا أيها الناس إن كنتم في ريب ) في شك ( من البعث فإنا خلقناكم ) يعني أباكم آدم الذي هو أصل النسل ( من تراب ثم من نطفة ) يعني ذريته والنطفة هي المني وأصلها الماء القليل وجمعها نطاف ( ثم من علقة ) وهي الدم الغليظ المتجمد وجمعها علق وذلك أن النطفة تصير دما غليظا ثم تصير لحما ( ثم من مضغة ) وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ ( مخلقة وغير مخلقة )
قال ابن عباس وقتادة : " مخلقة " أي تامة الخلق " وغير مخلقة " غير تامة أي ناقصة الخلق .
وقال مجاهد : مصورة وغير مصورة يعني السقط
وقيل " المخلقة " الولد الذي تأتي به المرأة لوقته " وغير المخلقة " السقط .
روي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال إن النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك بكفه وقال أي رب مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن قال غير مخلقة قذفها الرحم دما ولم تكن نسمة وإن قال مخلقة قال الملك : أي رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد؟ ما الأجل ما العمل ما الرزق وبأي أرض يموت؟ فيقال له اذهب إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها كل ذلك فيذهب فيجدها في أم الكتاب فينسخها فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفته .
( لنبين لكم ) كمال قدرتنا وحكمتنا في تصريف أطوار خلقكم ولتستدلوا بقدرته في ابتداء الخلق على قدرته على الإعادة
وقيل لنبين لكم ما تأتون وما تذرون وما تحتاجون إليه في العبادة
( ونقر في الأرحام ما نشاء ) فلا تمجه ولا تسقطه ( إلى أجل مسمى ) وقت خروجها من الرحم تامة الخلق والمدة ( ثم نخرجكم ) من بطون أمهاتكم ( طفلا ) أي صغارا ولم يقل أطفالا لأن العرب تذكر الجمع باسم الواحد وقيل تشبيها بالمصدر مثل عدل وزور ( ثم لتبلغوا أشدكم ) يعني الكمال والقوة
( ومنكم من يتوفى ) من قبل بلوغ الكبر ( ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ) أي الهرم والخرف ، ( لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) أي يبلغ من السن ما يتغير عقله فلا يعقل شيئا
ثم ذكر دليلا آخر على البعث فقال ( وترى الأرض هامدة ) أي يابسة لا نبات فيها ( فإذا أنزلنا عليها الماء ) المطر ، ( اهتزت ) تحركت بالنبات وذلك أن الأرض ترتفع بالنبات فذلك تحركها ( وربت ) أي ارتفعت وزادت ، وقيل فيه تقديم وتأخير معناه ربت واهتزت وربا نباتها فحذف المضاف والاهتزاز في النبات أظهر ، يقال اهتز النبات أي : طال وإنما أنث لذكر الأرض وقرأ أبو جعفر : " وربأت " بالهمزة وكذلك في " حم السجدة " أي ارتفعت وعلت
( وأنبتت من كل زوج بهيج ) أي صنف حسن يبهج به من رآه أي : يسر فهذا دليل آخر على البعث
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
لما ذكر تعالى المخالف للبعث ، المنكر للمعاد ، ذكر تعالى الدليل على قدرته تعالى على المعاد ، بما يشاهد من بدئه للخلق ، فقال : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب ) أي : في شك ( من البعث ) وهو المعاد وقيام الأرواح والأجساد يوم القيامة ( فإنا خلقناكم من تراب ) أي : أصل برئه لكم من تراب ، وهو الذي خلق منه آدم ، عليه السلام ( ثم من نطفة ) أي : ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ( ثم من علقة ثم من مضغة ) ذلك أنه إذا استقرت النطفة في رحم المرأة ، مكثت أربعين يوما كذلك ، يضاف إليه ما يجتمع إليها ، ثم تنقلب علقة حمراء بإذن الله ، فتمكث كذلك أربعين يوما ، ثم تستحيل فتصير مضغة - قطعة من لحم لا شكل فيها ولا تخطيط - ثم يشرع في التشكيل والتخطيط ، فيصور منها رأس ويدان ، وصدر وبطن ، وفخذان ورجلان ، وسائر الأعضاء . فتارة تسقطها المرأة قبل التشكيل والتخطيط ، وتارة تلقيها وقد صارت ذات شكل وتخطيط; ولهذا قال تعالى : ( ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ) أي : كما تشاهدونها ، ( لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ) أي : وتارة تستقر في الرحم لا تلقيها المرأة ولا تسقطها ، كما قال مجاهد في قوله تعالى : ( مخلقة وغير مخلقة ) قال : هو السقط مخلوق وغير مخلوق . فإذا مضى عليها أربعون يوما ، وهي مضغة ، أرسل الله تعالى إليها ملكا فنفخ فيها الروح ، وسواها كما يشاء الله عز وجل ، من حسن وقبيح ، وذكر وأنثى ، وكتب رزقها وأجلها ، وشقي أو سعيد ، كما ثبت في الصحيحين ، من حديث الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن ابن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - : " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات : بكتب عمله وأجله ورزقه ، وشقي أو سعيد ، ثم ينفخ فيه الروح " .
وروى ابن جرير ، وابن أبي حاتم من حديث داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : النطفة إذا استقرت في الرحم ، أخذها ملك بكفه قال : يا رب ، مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن قيل : " غير مخلقة " لم تكن نسمة ، وقذفتها الأرحام دما . وإن قيل : " مخلقة " ، قال : أي رب ، ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ ما الأجل؟ وما الأثر؟ وبأي أرض يموت ؟ قال : فيقال للنطفة : من ربك؟ فتقول : الله . فيقال : من رازقك؟ فتقول : الله . فيقال له : اذهب إلى أم الكتاب ، فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة . قال : فتخلق فتعيش في أجلها ، وتأكل رزقها ، وتطأ أثرها ، حتى إذا جاء أجلها ماتت ، فدفنت في ذلك المكان ، ثم تلا عامر الشعبي : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ) فإذا بلغت مضغة نكست في الخلق الرابع فكانت نسمة ، فإن كانت غير مخلقة قذفتها الأرحام دما ، وإن كانت مخلقة نكست في الخلق .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد - يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم - قال : " يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ، فيقول : أي رب ، أشقي أم سعيد؟ فيقول الله ، ويكتبان ، فيقول : أذكر أم أنثى؟ فيقول الله ويكتبان ، ويكتب عمله وأثره ورزقه وأجله ، ثم تطوى الصحف ، فلا يزاد على ما فيها ولا ينتقص .
ورواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة ، ومن طرق أخر ، عن أبي الطفيل ، بنحو معناه .
وقوله : ( ثم نخرجكم طفلا ) أي : ضعيفا في بدنه ، وسمعه وبصره وحواسه ، وبطشه وعقله . ثم يعطيه الله القوة شيئا فشيئا ، ويلطف به ، ويحنن عليه والدية في آناء الليل وأطراف النهار; ولهذا قال : ( ثم لتبلغوا أشدكم ) أي : يتكامل القوى ويتزايد ، ويصل إلى عنفوان الشباب وحسن المنظر .
( ومنكم من يتوفى ) ، أي : في حال شبابه وقواه ، ( ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ) ، وهو الشيخوخة والهرم وضعف القوة والعقل والفهم ، وتناقص الأحوال من الخرف وضعف الفكر; ولهذا قال : ( لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) ، كما قال تعالى : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ) [ الروم : 54 ] .
وقد قال الحافظ أبو يعلى [ أحمد ] بن علي بن المثنى الموصلي في مسنده : حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا خالد الزيات ، حدثني داود أبو سليمان ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم الأنصاري ، عن أنس بن مالك - رفع الحديث - قال : "
المولود حتى يبلغ الحنث ، ما عمل من حسنة ، كتبت لوالده أو لوالدته وما عمل من سيئة لم تكتب عليه ولا على والديه ، فإذا بلغ الحنث جرى الله عليه القلم أمر الملكان اللذان معه أن يحفظا وأن يشددا ، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام أمنه الله من البلايا الثلاث : الجنون ، والجذام ، والبرص . فإذا بلغ الخمسين ، خفف الله حسابه . فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب ، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين كتب الله حسناته وتجاوز عن سيئاته ، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وشفعه في أهل بيته ، وكان أسير الله في أرضه ، فإذا بلغ أرذل العمر ( لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) كتب الله له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير ، فإذا عمل سيئة لم تكتب عليه " .هذا حديث غريب جدا ، وفيه نكارة شديدة . ومع هذا قد رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده مرفوعا وموقوفا فقال :
حدثنا أبو النضر ، حدثنا الفرج ، حدثنا محمد بن عامر ، عن محمد بن عبد الله العامري ، عن عمرو بن جعفر ، عن أنس قال : إذا بلغ الرجل المسلم أربعين سنة ، أمنه الله من أنواع البلايا ، من الجنون والجذام والبرص ، فإذا بلغ الخمسين لين الله حسابه ، وإذا بلغ الستين رزقه الله إنابة يحبه عليها ، وإذا بلغ السبعين أحبه الله ، وأحبه أهل السماء ، وإذا بلغ الثمانين تقبل الله حسناته ، ومحا عنه سيئاته ، وإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وسمي أسير الله في الأرض ، وشفع في أهله .
ثم قال : حدثنا هاشم ، حدثنا الفرج ، حدثني محمد بن عبد الله العامري ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .
ورواه الإمام أحمد أيضا : حدثنا أنس بن عياض ، حدثني يوسف بن أبي ذرة الأنصاري ، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، عن أنس بن مالك; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة ، إلا صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء : الجنون والجذام والبرص . . . . . وذكر تمام الحديث ، كما تقدم سواء .ورواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عبد الله بن شبيب ، عن أبي شيبة ، عن عبد الله بن عبد الملك ، عن أبي قتادة العذري ، عن ابن أخي الزهري ، عن عمه ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يعمر في الإسلام أربعين سنة ، إلا صرف الله عنه أنواعا من البلاء : الجنون والجذام والبرص ، فإذا بلغ خمسين سنة لين الله له الحساب ، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة إليه بما يحب ، فإذا بلغ سبعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وسمي أسير الله ، وأحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين تقبل الله منه حسناته وتجاوز عن سيئاته ، فإذا بلغ التسعين غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وسمي أسير الله في أرضه ، وشفع في أهل بيته " .
وقوله : ( وترى الأرض هامدة ) : هذا دليل آخر على قدرته تعالى على إحياء الموتى ، كما يحيي الأرض الميتة الهامدة ، وهي القحلة التي لا نبت فيها ولا شيء .
وقال قتادة : غبراء متهشمة . وقال السدي : ميتة .
( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ) أي : فإذا أنزل الله عليها المطر ) اهتزت ) أي : تحركت وحييت بعد موتها ، ( وربت ) أي : ارتفعت لما سكن فيها الثرى ، ثم أنبتت ما فيها من الألوان والفنون ، من ثمار وزروع ، وأشتات النباتات في اختلاف ألوانها وطعومها ، وروائحها وأشكالها ومنافعها; ولهذا قال تعالى : ( وأنبتت من كل زوج بهيج ) أي : حسن المنظر طيب الريح .
- القرطبى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
قوله تعالى : ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج
قوله تعالى : يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث إلى قوله : مسمى
فيه اثنتا عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى : إن كنتم في ريب من البعث هذا احتجاج على العالم بالبداءة الأولى . وقوله : إن كنتم في ريب متضمنة التوقيف . وقرأ الحسن بن أبي الحسن ( البعث ) بفتح العين ؛ وهي لغة في ( البعث ) عند البصريين . وهي عند الكوفيين بتخفيف ( بعث ) . والمعنى : يا أيها الناس إن كنتم في شك من الإعادة . فإنا خلقناكم أي خلقنا أباكم الذي هو أصل البشر ، يعني آدم - عليه السلام - ( من تراب ) . ( ثم ) خلقنا ذريته . ( من نطفة ) وهو المني ؛ سمي نطفة لقلته ، وهو القليل من الماء ، وقد يقع على الكثير منه ؛ ومنه الحديث حتى يسير الراكب بين النطفتين لا يخشى جورا . أراد بحر المشرق وبحر المغرب . والنطف : القطر . نطف ينطف وينطف . وليلة نطوفة دائمة القطر . ( ثم من علقة ) وهو الدم الجامد . والعلق الدم العبيط ، أي الطري . وقيل : الشديد الحمرة . ( ثم من مضغة ) وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ ؛ ومنه الحديث ألا وإن في الجسد مضغة . وهذه الأطوار أربعة أشهر . قال ابن عباس : وفي العشر بعد الأشهر الأربعة ينفخ فيه الروح ، فذلك عدة المتوفى عنها زوجها ؛ أربعة أشهر وعشر .
الثانية : روى يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا داود ، عن عامر ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، وعن ابن عمر أن النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك بكفه فقال : يا رب ، ذكر أم أنثى ، شقي أم سعيد ، ما الأجل والأثر ، بأي أرض تموت ؟ فيقال له انطلق إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها قصة هذه النطفة ، فينطلق فيجد قصتها في أم الكتاب ، فتخلق فتأكل رزقها وتطأ أثرها فإذا جاء أجلها قبضت فدفنت في المكان الذي قدر لها ؛ ثم قرأ عامر يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب . وفي الصحيح عن أنس بن مالك - ورفع الحديث - قال : إن الله قد وكل بالرحم ملكا فيقول : أي رب ، نطفة . أي رب ، علقة . أي رب ، مضغة . فإذا أراد الله أن يقضي خلقا ، قال : قال الملك : أي رب ، ذكر ، أو أنثى ، شقي ، أو سعيد . فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه . وفي الصحيح أيضا عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها ، وخلق سمعها ، وبصرها ، وجلدها ، ولحمها ، وعظامها ، ثم يقول : أي رب ، أذكر ، أم أنثى . . . وذكر الحديث . وفي الصحيح عن عبد الله بن مسعود ، قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي ، أو سعيد . . . الحديث . فهذا الحديث مفسر للأحاديث الأول ؛ فإنه فيه : يجمع أحدكم في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم أربعين يوما علقة ، ثم أربعين يوما مضغة ، ثم يبعث الملك ، فينفخ فيه الروح ، فهذه أربعة أشهر ، وفي العشر ينفخ الملك الروح ، وهذه عدة المتوفى عنها زوجها كما قال ابن عباس . وقوله : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه قد فسره ابن مسعود ، سئل الأعمش : ما يجمع في بطن أمه ؟ فقال : حدثنا خيثمة ، قال : قال عبد الله : إذا وقعت النطفة في الرحم ، فأراد أن يخلق منها بشرا طارت في بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعر ، ثم تمكث أربعين يوما ، ثم تصير دما في الرحم ؛ فذلك جمعها ، وهذا وقت كونها علقة .
الثالثة : نسبة الخلق والتصوير للملك نسبة مجازية لا حقيقية ، وأن ما صدر عنه فعل ما في المضغة كان عند التصوير ، والتشكيل بقدرة الله ، وخلقه ، واختراعه ؛ ألا تراه سبحانه قد أضاف إليه الخلقة الحقيقية ، وقطع عنها نسب جميع الخليقة ، فقال : ولقد خلقناكم ثم صورناكم . وقال : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . وقال : يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة . وقال تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن . ثم قال : وصوركم فأحسن صوركم . وقال : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . وقال : خلق الإنسان من علق . إلى غير ذلك من الآيات ، مع ما دلت عليه قاطعات البراهين أن لا خالق لشيء من المخلوقات إلا رب العالمين . وهكذا القول في قوله : ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح أي أن النفخ سبب خلق الله فيها الروح والحياة . وكذلك القول في سائر الأسباب المعتادة ؛ فإنه بإحداث الله تعالى لا بغيره . فتأمل هذا الأصل وتمسك به ، ففيه النجاة من مذاهب أهل الضلال الطبعيين وغيرهم .
الرابعة : لم يختلف العلماء أن نفخ الروح فيه يكون بعد مائة وعشرين يوما ، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس ؛ كما بيناه بالأحاديث . وعليه يعول فيما يحتاج إليه من الأحكام في الاستلحاق عند التنازع ، وفي وجوب النفقات على حمل المطلقات ؛ وذلك لتيقنه بحركة الجنين في الجوف . وقد قيل : إنه الحكمة في عدة المرأة من الوفاة بأربعة أشهر وعشر ، وهذا الدخول في الخامس يحقق براءة الرحم ببلوغ هذه المدة إذا لم يظهر حمل .
الخامسة : النطفة ليست بشيء يقينا ، ولا يتعلق بها حكم إذا ألقتها المرأة إذا لم تجتمع في الرحم ، فهي كما لو كانت في صلب الرجل ؛ فإذا طرحته علقة فقد تحققنا أن النطفة قد استقرت واجتمعت واستحالت إلى أول أحوال يتحقق به أنه ولد . وعلى هذا فيكون وضع العلقة فما فوقها من المضغة وضع حمل ، تبرأ به الرحم ، وتنقضي به العدة ، ويثبت به لها حكم أم الولد . وهذا مذهب مالك - رضي الله عنه - وأصحابه . وقال الشافعي - رضي الله عنه - : لا اعتبار بإسقاط العلقة ، وإنما الاعتبار بظهور الصورة والتخطيط ؛ فإن خفي التخطيط ، وكان لحما فقولان بالنقل والتخريج ، والمنصوص أنه تنقضي به العدة ولا تكون أم ولد . قالوا : لأن العدة تنقضي بالدم الجاري ، فبغيره أولى .
السادسة : قوله تعالى : مخلقة وغير مخلقة قال الفراء : ( مخلقة ) تامة الخلق ، وغير مخلقة السقط . وقال ابن الأعرابي : ( مخلقة ) قد بدأ خلقها ، وغير مخلقة لم تصور بعد . ابن زيد : المخلقة التي خلق الله فيها الرأس ، واليدين ، والرجلين ، وغير مخلقة التي لم يخلق فيها شيء . قال ابن العربي : إذا رجعنا إلى أصل الاشتقاق فإن النطفة ، والعلقة ، والمضغة مخلقة ؛ لأن الكل خلق الله تعالى ، وإن رجعنا إلى التصوير الذي هو منتهى الخلقة كما قال الله تعالى : ثم أنشأناه خلقا آخر فذلك ما قال ابن زيد .
قلت : التخليق من الخلق ، وفيه معنى الكثرة ، فما تتابع عليه الأطوار فقد خلق خلقا بعد خلق ، وإذا كان نطفة فهو مخلوق ؛ ولهذا قال الله تعالى : ثم أنشأناه خلقا آخر والله أعلم . وقد قيل : إن قوله : مخلقة وغير مخلقة يرجع إلى الولد بعينه لا إلى السقط ؛ أي منهم من يتم الرب سبحانه مضغته فيخلق له الأعضاء أجمع ، ومنهم من يكون خديجا ناقصا غير تام . وقيل : ( المخلقة أن تلد المرأة لتمام الوقت ) . ابن عباس : المخلقة ما كان حيا ، وغير المخلقة السقط . قال .
أفي غير المخلقة البكاء فأين الحزم ويحك والحياء
السابعة : أجمع العلماء على أن الأمة تكون أم ولد بما تسقطه من ولد تام الخلق . وعند مالك ، والأوزاعي ، وغيرهما بالمضغة كانت مخلقة أو غير مخلقة . قال مالك : إذا علم أنها مضغة . وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : إن كان قد تبين له شيء من خلق بني آدم أصبع أو عين أو غير ذلك فهي له أم ولد . وأجمعوا على أن المولود إذا استهل صارخا يصلى عليه ؛ فإن لم يستهل صارخا لم يصل عليه عند مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وغيرهم . وروي عن ابن عمر أنه يصلى عليه ؛ وقال ابن المسيب ، وابن سيرين ، وغيرهما . وروي عن المغيرة بن شعبة أنه كان يأمر بالصلاة على السقط ، ويقول سموهم ، واغسلوهم ، وكفنوهم ، وحنطوهم ؛ فإن الله أكرم بالإسلام كبيركم وصغيركم ، ويتلو هذه الآية فإنا خلقناكم من تراب إلى وغير مخلقة . قال ابن العربي : لعل المغيرة بن شعبة أراد بالسقط ما تبين خلقه فهو الذي يسمى ، وما لم يتبين خلقه فلا وجود له . وقال بعض السلف : يصلى عليه متى نفخ فيه الروح وتمت له أربعة أشهر . وروى أبو داود ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا استهل المولود ورث . الاستهلال : رفع الصوت ؛ فكل مولود كان ذلك منه ، أو حركة ، أو عطاس ، أو تنفس فإنه يورث لوجود ما فيه من دلالة الحياة . وإلى هذا ذهب سفيان الثوري ، والأوزاعي ، والشافعي . قال الخطابي : وأحسنه قول أصحاب الرأي . وقال مالك : لا ميراث له ، وإن تحرك ، أو عطس ما لم يستهل . وروي عن محمد بن سيرين ، والشعبي ، والزهري ، وقتادة .
الثامنة : قال مالك - رضي الله عنه - : ما طرحته المرأة من مضغة ، أو علقة ، أو ما يعلم أنه ولد إذا ضرب بطنها ففيه الغرة . وقال الشافعي : لا شيء فيه حتى يتبين من خلقه . قال مالك : إذا سقط الجنين فلم يستهل صارخا ففيه الغرة . وسواء تحرك ، أو عطس فيه الغرة أبدا ، حتى يستهل صارخا ففيه الدية كاملة . وقال الشافعي - رضي الله عنه - وسائر فقهاء الأمصار : إذا علمت حياته بحركة ، أو بعطاس ، أو باستهلال ، أو بغير ذلك مما تستيقن به حياته ففيه الدية .
التاسعة : ذكر القاضي إسماعيل أن عدة المرأة تنقضي بالسقط الموضوع ، واحتج عليه بأنه حمل ، وقال : قال الله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن . قال القاضي إسماعيل : والدليل على ذلك أنه يرث أباه ، فدل على وجوده خلقا وكونه ولدا وحملا . قال ابن العربي : ولا يرتبط به شيء من هذه الأحكام إلا أن يكون مخلقا .
قلت : ما ذكرناه من الاشتقاق وقوله - عليه الصلاة والسلام - : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه يدل على صحة ما قلناه ، ولأن مسقطة العلقة والمضغة يصدق على المرأة إذا ألقته أنها كانت حاملا وضعت ما استقر في رحمها ، فيشملها قوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ولأنها وضعت مبدأ الولد عن نطفة متجسدا كالمخطط ، وهذا بين .
العاشرة : روى ابن ماجه ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا يزيد ، عن عبد الملك النوفلي ، عن يزيد بن رومان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لسقط أقدمه بين يدي أحب إلي من فارس أخلفه . وأخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث له عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فقال : أحب إلي من ألف فارس أخلفه ورائي .
الحادية عشرة : لنبين لكم يريد : كمال قدرتنا بتصريفنا أطوار خلقكم . ونقر في الأرحام قرئ بنصب ( نقر ) و ( نخرج ) ، رواه أبو حاتم ، عن أبي زيد ، عن المفضل ، عن عاصم ، قال : قال أبو حاتم : النصب على العطف . وقال الزجاج : ( نقر ) بالرفع لا غير ؛ لأنه ليس المعنى : فعلنا ذلك لنقر في الأرحام ما نشاء ، وإنما خلقهم - عز وجل - ليدلهم على الرشد والصلاح . وقيل : المعنى لنبين لهم أمر البعث ؛ فهو اعتراض بين الكلامين . وقرأت هذه الفرقة بالرفع ( ونقر ) ؛ المعنى : ونحن نقر . وهي قراءة الجمهور . وقرئ : ( ويقر ) و ( يخرجكم ) بالياء ، والرفع على هذا سائغ . وقرأ . ابن وثاب ( ما نشاء ) بكسر النون . والأجل المسمى يختلف بحسب جنين جنين ؛ فثم من يسقط ، وثم من يكمل أمره ويخرج حيا . وقال : ( ما نشاء ) ولم يقل : من نشاء لأنه يرجع إلى الحمل ؛ أي يقر في الأرحام ما يشاء من الحمل ومن المضغة وهي جماد فكنى عنها بلفظ ما .
الثانية عشرة : قوله تعالى : ( ثم نخرجكم طفلا ) أي أطفالا ؛ فهو اسم جنس . وأيضا فإن العرب قد تسمي الجمع باسم الواحد ؛ قال الشاعر :
يلحينني في حبها ويلمنني إن العواذل ليس لي بأمير
ولم يقل أمراء . وقال المبرد : وهو اسم يستعمل مصدرا كالرضا والعدل ، فيقع على الواحد والجمع ؛ قال الله تعالى : أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء . وقال الطبري : وهو نصب على التمييز ، كقوله تعالى : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا . وقيل : المعنى ثم نخرج كل واحد منكم طفلا . والطفل يطلق من وقت انفصال الولد إلى البلوغ . وولد كل وحشية أيضا طفل . ويقال : جارية طفل ، وجاريتان طفل ، وجوار طفل ، وغلام طفل ، وغلمان طفل . ويقال أيضا : طفل ، وطفلة ، وطفلان ، وطفلتان ، وأطفال . ولا يقال : طفلات . وأطفلت المرأة صارت ذات طفل . والمطفلة : الظبية معها طفلها ، وهي قريبة عهد بالنتاج . وكذلك الناقة ، مطافل ومطافيل . والطفل ( بالفتح في الطاء ) الناعم ؛ يقال : جارية طفلة أي ناعمة ، وبنان طفل . وقد طفل الليل إذا أقبل ظلامه . والطفل ( بالتحريك ) : بعد العصر إذا طفلت الشمس للغروب . والطفل ( أيضا ) : مطر ؛ قال :
لوهد جاده طفل الثريا
ثم لتبلغوا أشدكم قيل : إن ( ثم ) زائدة كالواو في قوله : حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ؛ لأن ثم من حروف النسق كالواو . ( أشدكم ) كمال عقولكم ، ونهاية قواكم . وقد مضى في ( الأنعام ) بيانه . ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم أي أخسه وأدونه ، وهو الهرم والخرف حتى لا يعقل ؛ ولهذا قال : لكيلا يعلم من بعد علم شيئا كما قال في سورة يس : ومن نعمره ننكسه في الخلق . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - . يدعو فيقول : اللهم إني أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، وعذاب القبر . أخرجه النسائي ، عن سعد ، وقال : وكان يعلمهن بنيه كما يعلم المكتب الغلمان . وقد مضى في النحل هذا المعنى .
قوله تعالى : وترى الأرض هامدة ذكر دلالة أقوى على البعث فقال في الأول : فإنا خلقناكم من تراب فخاطب جمعا . وقال في الثاني : وترى الأرض فخاطب واحدا ، فانفصل اللفظ عن اللفظ ، ولكن المعنى متصل من حيث الاحتجاج على منكري البعث . ( هامدة ) يابسة لا تنبت شيئا ؛ قال ابن جريج . وقيل : دارسة . والهمود الدروس . قال الأعشى :
قالت قتيلة ما لجسمك شاحبا وأرى ثيابك باليات همدا
الهروي : ( هامدة ) أي جافة ذات تراب . وقال شمر : يقال : همد شجر الأرض إذا بلي وذهب . وهمدت أصواتهم إذا سكنت . وهمود الأرض ألا يكون فيها حياة ، ولا نبت ، ولا عود ، ولم يصبها مطر . وفي الحديث : حتى كاد يهمد من الجوع أي يهلك . يقال : همد الثوب يهمد إذا بلي . وهمدت النار تهمد .
قوله تعالى : فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت أي تحركت . والاهتزاز : شدة الحركة ؛ يقال : هززت الشيء فاهتز ؛ أي حركته فتحرك . وهز الحادي الإبل هزيزا فاهتزت هي إذا تحركت في سيرها بحدائه . واهتز الكوكب في انقضاضه . وكوكب هاز . فالأرض تهتز بالنبات ؛ لأن النبات لا يخرج منها حتى يزيل بعضها من بعض إزالة خفية ؛ فسماه اهتزازا مجازا . وقيل : اهتز نباتها ، فحذف المضاف ؛ قال المبرد ، واهتزازه شدة حركته ، كما قال الشاعر :
تثنى إذا قامت وتهتز إن مشت كما اهتز غصن البان في ورق خضر
والاهتزاز في النبات أظهر منه في الأرض . ( وربت ) أي ارتفعت وزادت . وقيل : انتفخت ؛ والمعنى واحد ، وأصله الزيادة . ربا الشيء يربو ربوا أي زاد ؛ ومنه الربا والربوة . وقرأ يزيد بن القعقاع ، وخالد بن إلياس ( وربأت ) أي ارتفعت حتى صارت بمنزلة الربيئة ، وهو الذي يحفظ القوم على شيء مشرف ؛ فهو رابئ وربيئة على المبالغة . قال امرؤ القيس :
بعثنا ربيئا قبل ذاك مخملا كذئب الغضا يمشي الضراء ويتقي
( وأنبتت ) أي أخرجت . ( من كل زوج ) أي لون . ( بهيج ) أي حسن ؛ عن قتادة . أي يبهج من يراه . والبهجة الحسن ؛ يقال : رجل ذو بهجة . وقد بهج ( بالضم ) بهاجة وبهجة فهو بهيج . وأبهجني أعجبني بحسنه . ولما وصف الأرض بالإنبات دل على أن قوله : اهتزت وربت يرجع إلى الأرض لا إلى النبات ، والله أعلم .
- الطبرى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
وهذا احتجاج من الله على الذي أخبر عنه من الناس أنه يجادل في الله بغير علم، اتباعا منه للشيطان المريد ، وتنبيه له على موضع خطأ قيله، وإنكاره ما أنكر من قدرة ربه. قال: يا أيها الناس إن كنتم في شكّ من قدرتنا على بعثكم من قبوركم بعد مماتكم وبلاكم استعظاما منكم لذلك، فإن في ابتدائنا خلق أبيكم آدم صلى الله عليه وسلم من تراب ثم إنشائناكم من نطفة آدم ، ثم تصريفناكم أحوالا حالا بعد حال، من نطفة إلى علقة، ثم من علقة إلى مضغة، لكم معتبرا ومتعظا تعتبرون به، فتعلمون أن من قدر على ذلك فغير متعذّر عليه إعادتكم بعد فنائكم كما كنتم أحياء قبل الفناء.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله مخلقة وغير مخلّقة، فقال بعضهم: هي من صفة النطفة. قال: ومعنى ذلك: فإنا خلقناكم من تراب، ثم من نطفة مخلَّقة وغير مخلقة قالوا: فأما المخلقة فما كان خلقا سَوِيّا وأما غير مخلقة، فما دفعته الأرحام ، من النطف ، وألقته قبل أن يكون خلقا.
ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله، قال: إذا وقعت النطفة في الرحم، بعث الله ملَكا فقال: يا ربّ مخلقة ، أو غير مخلقة؟ فإن قال: غير مخلَّقة، مجّتها الأرحام دما، وإن قال: مخلقة، قال: يا ربّ فما صفة هذه النطفة ، أذكر أم أنثى؟ ما رزقها ما أجلها؟ أشقيّ أو سعيد؟ قال: فيقال له: انطلق إلى أمّ الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة! قال: فينطلق الملك فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.
وقال آخرون: معنى ذلك: تامة وغير تامة.
ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، عن قتادة في قول الله ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: تامة وغير تامة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن قتادة ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) فذكر مثله.
وقال آخرون: معنى ذلك المضغة مصوّرة إنسانا وغير مصوّرة، فإذا صورت فهي مخلقة وإذا لم تصوّر فهي غير مخلقة.
ذكر من قال ذلك: ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله ( مُخَلَّقَةٍ ) قال: السِّقط، ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ).
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: السقط، مخلوق وغير مخلوق.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر أنه قال في النطفة والمضغة إذا نكست في الخلق الرابع، كانت نسمة مخلقة، وإذا قذفتها قبل ذلك فهي غير مخلقة.
قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن أبي سلمة، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: السقط.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: المخلقة المصورة خلقا تاما، وغير مخلقة: السِّقط قبل تمام خلقه، لأن المخلقة وغير المخلقة من نعت المضغة والنطفة بعد مصيرها مضغة، لم يبق لها حتى تصير خلقا سويا إلا التصوير، وذلك هو المراد بقوله ( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) خلقا سويا، وغير مخلقة بأن تلقيه الأم مضغة ولا تصوّر ولا ينفخ فيها الروح.
وقوله ( لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) يقول تعالى ذكره: جعلنا المضغة منها المخلقة التامة ومنها السقط غير التام، لنبين لكم قدرتنا على ما نشاء ونعرفكم ابتداءنا خلقكم.
وقوله ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) يقول تعالى ذكره: من كنا كتبنا له بقاء وحياة إلى أمد وغاية، فإنا نقرّه في رحم أمه إلى وقته الذي جعلنا له أن يمكث في رحمها، فلا تسقطه ، ولا يخرج منها حتى يبلغ أجله، فإذا بلغ وقت خروجه من رحمها أذنا له بالخروج منها، فيخرج.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) قال: التمام.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) قال: الأجل المسمى: إقامته في الرحم حتى يخرج.
وقوله ( ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ) يقول تعالى ذكره: ثم نخرجكم من أرحام أمهاتكم إذا بلغتم الأجل الذي قدرته لخروجكم منها طفلا صغارا ووحد الطفل ، وهو صفة للجميع، لأنه مصدر مثل عدل وزور.
وقوله ( ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ) يقول: ثم لتبلغوا كمال عقولكم ونهاية قواكم بعمركم.
وقد ذكرت اختلاف المختلفين في الأشد، والصواب من القول فيه عندنا بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
"5"
القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
يقول تعالى ذكره: ومنكم أيها الناس من يتوفى قبل أن يبلغ أشدّه فيموت، ومنكم من يُنْسَأ في أجله فيعمر حتى يهرم ، فيردّ من بعد انتهاء شبابه وبلوغه غاية أشده ، إلى أرذل عمره، وذلك الهرم، حتى يعود كهيئته في حال صباه لا يعقل من بعد عقله الأوّل شيئا.
ومعنى الكلام: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر بعد بلوغه أشده ( لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ ) كان يعلمه (شَيْئًا ) .
وقوله ( وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً ) يقول تعالى ذكره: وترى الأرض يا محمد يابسة دارسة الآثار من النبات والزرع، وأصل الهمود: الدروس والدثور، ويقال منه: همدت الأرض تهمد هُمودا ؛ ومنه قول الأعشى ميمون بن قيس:
قــالَتْ قُتَيْلَـةُ مـا لِجِسِـمَك شـاحِبا
وأرَى ثِيـــابكَ بالِيـــاتٍ هُمَّــدَا (9)
والهُمَّد: جمع هامد، كما الركع جمع راكع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله ( وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً ) قال: لا نبات فيها.
وقوله ( فَإِذَا أَنـزلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ ) يقول تعالى ذكره: فإذا نحن أنـزلنا على هذه الأرض الهامدة التي لا نبات فيها ، المطر من السماء اهتزّت يقول: تحركت بالنبات، (وَرَبَتْ) يقول: وأضعفت النبات بمجيء الغيث.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) قال: عُرِف الغيث في ربوها.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة ( اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) قال: حسنت، وعرف الغيث في ربوها.
وكان بعضهم يقول: معنى ذلك: فإذا أنـزلنا عليها الماء اهتزت، ويوجه المعنى إلى الزرع، وإن كان الكلام مخرجه على الخبر عن الأرض، وقرأت قراء الأمصار ( وَرَبَتْ ) بمعنى: الربو، الذي هو النماء والزيادة.
وكان أبو جعفر القارئ يقرأ ذلك (وَرَبَأَتْ) بالهمز.
حُدثت عن الفراء، عن أبي عبد الله التميمي عنه، وذلك غلط، لأنه لا وجه للرب ههنا، وإنما يقال: ربأ بالهمز بمعنى حرس من الربيئة، ولا معنى للحراسة في هذا الموضع، والصحيح من القراءة ما عليه قراء الأمصار.
وقوله ( وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) يقول جلّ ثناؤه: وأنبتت هذه الأرض الهامدة بذلك الغيث من كل نوع بهيج، يعني بالبهيج ، البهج، وهو الحسن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) قال: حسن.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، مثله.
--------------------------
الهوامش :
(9) البيت لأعشى بن قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ، ص 227 ) . وهو من قصيدة قالها لكسرى حين أراد منهم رهائن ، لما أغار الحارث بن وعلة على بعض السواد . والرواية فيه " سايئا " في موضع " شاحبا " . قال في تفسيره : سايئ : يسوء من رآه . وهمد الثوب تقطع من طول الطي ينظر إليه الناظر فيحسبه صحيحا ، فإذا مسه تناثر من البلى ، ومثله في ( اللسان : همد ) : ( وترى الأرض هامدة ) : أي جافة ذات تراب . وأرض هامدة : مقشعرة ، لا نبات فيها إلا اليابس المتحطم ، وقد أهمدها القحط . أه .
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
{ ياأيها الناس إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ البعث فَإِنَّا خلقناكم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِى الارحام مَا نَشَآءُ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يتوفى وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الارض هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }
أعاد خطاب الناس بعد أن أنذرهم بزلزلة الساعة ، وذكر أن منهم من يجادل في الله بغير علم ، فأعاد خطابهم بالاستدلال على إمكان البعث وتنظيره بما هو أعظم منه . وهو الخلق الأول . قال تعالى : { أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد } [ ق : 15 ]. فالذي خلق الإنسان من عدم وأخرجه من تراب ، ثم كونه من ماء . ثم خلقه أطواراً عجيبة ، إلى أن يتوفاه في أحوال جسمه وفي أحوال عقله وإدراكه ، قادر على إعادة خلقه بعد فنائه .
ودخول المشركين بادىء ذي بدء في هذا الخطاب أظهر من دخولهم في الخطاب السابق لأنهم الذين أنكروا البعث ، فالمقصود الاستدلال عليهم ولذلك قيل إن الخطاب هنا خاص بهم .
وجُعل ريْبهم في البعث مفروضاً ب ( إن ) الشرطية مع أن ريبهم محقق للدلالة على أن المقام لما حف به من الأدلة المبطلة لريبهم ينزل منزلة مقام من لا يتحقق ريبُه كما في قوله تعالى : { أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أنّ كنتم قوماً مسرفين } [ الزخرف : 5 ].
والظرفية المفادة ب ( في ) مجازية . شبهت ملابسة الريب إياهم بإحاطة الظرف بالمظروف .
وجملة { فإنا خلقناكم من تراب } واقعة موقع جواب الشرط ولكنها لا يصلح لفظها لأن يكون جواباً لهذا الشرط بل هي دليل الجواب ، والتقدير : فاعلموا أو فنعلمكم بأنه ممكن كما خلقناكم من تراب مثل الرُّفات الذي تصير إليه الأجساد بعد الموت ، أو التقدير : فانظروا في بدء خلقكم فإنا خلقناكم من تراب .
والذي خُلق من تراب هو أصل النوع ، وهو آدم عليه السلام وحواء ، ثم كونت في آدم وزوجه قوة التناسل ، فصار الخلق من النطفة فلذلك عطفت ب ( ثم ).
والنطفة : اسم لمنّي الرجل ، وهو بوزن فُعلة بمعنى مفعول ، أي منطوف ، والنَطْف : القطر والصب . والعلقة : القطعة من الدم الجامد اللين .
والمضغة : القطعة من اللحم بقدر ما يُمضغ مثله ، وهي فعلة بمعنى مَفعولة بتأويل : مقدار ممضوغة . و ( ثم ) التي عطف بها { ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة } عاطفة مفردات فهي للتراخي الحقيقي .
و ( مِن ) المكررة أربع مرات هنا ابتدائية وتكريرها توكيد .
وكون الإنسان مخلوقاً من النطفة لأنه قد تقرر في علم الطب أن في رحم المرأة مُدة الحيض جزءاً هو مقر الأجرام التي أعدت لأن يتكون منها الجنين ، وهذا الجُزء من الرحم يسمى في الاصطلاح الطبي ( المَبِيض ) بفتح الميم وكسر الموحدة على وزن اسم المكان لأنه مقر بَيضات دقيقة هي حُبيبات دقيقة جداً وهي من المرأة بمنزلة البيضة من الدجاجة أو بمنزلة حبوب بيض الحوت ، مودعة في كرة دقيقة كالغِلاف لها يقال لها ( الحُويصلة ) بضم الحاء بصيغة تصغير حَوصلة تشتمل على سائل تسبح فيه البيضة فإذا حاضت المرأة ازدادت كمية ذلك السائل الذي تسبح فيه البيضة فأوجب ذلك انفجار غلاف الحُويصلة ، فيأخذ ذلك السائل في الانحدار يَحمل البيضة السابحة فيه إلى قناة دقيقة تسمى ( بوق فلوبيوس ) لشبهه بالبُوق ، وأضيف إلى ( فلوبيوس ) اسم مكتشفه وهو البزرخ بين المَبِيض والرحم ، فإذا نزل فيه ماء الرجل وهو النطفة بعد انتهاء سيلان دم الحيض لقحت فيه البيضة واختلطت أجزاؤها بأجزاء النطفة المشتملة على جرثومات ذات حياة وتمكث مع البيضة متحركة مقدار سبعة أيام تكون البيضة في أثنائها تتطور بالشكل بشِبه تقسيم من أثر ضغط طبيعي .
وفي نهاية تلك المدة تصل البيضة إلى الرحم وهنالك تأخذ في التشكل ، وبعد أربعين يوماً تصير البيضة عَلَقة في حجم نملة كبيرة طولها من 12 إلى 14 مليمتر ، ثم يزداد تشكلها فتصير قطعة صغيرة من لَحم هي المسماة ( مُضغة ) طولها ثلاثة سنتيمتر تلوح فيها تشكلات الوجه والأنف خفيّة جداً كالخطوط ، ثم يزداد التشكل يوماً فيوماً إلى أن يستكمل الجنين مدته فيندفعَ للخروج وهو الولادة .
فقوله تعالى : { مخلقة وغير مخلقة } صفة { مضغة }. وذلك تطور من تطورات المضغة . أشار إلى أطوار تشكل تلك المضغة فإنها في أول أمرها تكون غير مخلّقة ، أي غير ظاهر فيها شَكل الخِلقة ، ثم تكون مخلّقة ، والمراد تشكيل الوجه ثم الأطراف ، ولذلك لم يُذكر مثل هذين الوصفين عند ذكر النطفة والعلقة ، إذ ليس لهما مثل هذين الوصفين بخلاف المضغة . وإذْ قد جعلت المضغة من مبادىء الخلق تعيّن أن كلا الوصفين لازِمان للمضغة ، فلا يستقيم تفسير من فسّر غير المخلقة بأنها التي لم يكمل خلقها فسقطت .
والتخليق : صيغة تدل على تكرير الفعل ، أي خلقاً بعد خلق ، أي شكلاً بعد شكل .
وقُدم ذكر المخلقة على ذكر غير المخلقة على خلاف الترتيب في الوجود لأن المخلقة أدخل في الاستدلال ، وذُكر بعده غير المخلقة لأنه إكمال للدليل وتنبيه على أن تخليقها نشأ عن عدم . فكلا الحالين دليل على القدرة على الإنشاء وهو المقصود من الكلام .
ولذلك عقب بقوله تعالى { لنبين لكم } ، أي لنظهر لكم إذا تأملتم دليلاً واضحاً على إمكان الإحياء بعد الموت .
واللام للتعليل متعلقة بما في تضمينه جواب الشرط المقدرُ من فعل ونحوه تدل عليه جملة { فإنا خلقناكم من تراب } الخ ، وهو فعل : فاعلموا ، أو فنُعلمكم ، أو فانظروا .
وحذف مفعول { لِنُبيّن } لتذهب النفس في تقديره كل مذهب مما يرجع إلى بيان ما في هذه التصرفات من القدرة والحكمة ، أي لنبيّن لكم قدرتنا وحكمتنا .
وجملة { ونقرّ } عطف على جملة { فإنا خلقناكم من تراب }. وعدل عن فعل المضي إلى الفعل المضارع للدلالة على استحضار تلك الحالة لما فيها من مشابهة استقرار الأجساد في الأجداث ثم إخراجها منها بالبعث كما يخرج الطفل من قرارة الرحم ، مع تفاوت القرار . فمن الأجنة ما يبقى ستة أشهر ، ومنها ما يزيد على ذلك ، وهو الذي أفاده إجمال قوله تعالى : { إلى أجل مسمى }. والاستدلال في هذا كله بأنه إيجاد بعد العدم وإعدام بعد الوجود لتبيين إمكان البعث بالنظير وبالضد .
والأجل : الأمد المجعول لإتمام عمل ما ، والمراد هنا مدة الحمل .
والمسمّى : اسم مفعول من سَماه ، إذا جعل له اسماً ، ويستعار المسمّى للمعيّن المضبوط تشبيهاً لضبط الأمور غيرِ المشخصة بعدد معيّن أو وقت محسوب ، بتسمية الشخص بوجه شبه يُميزه عما شابهه . ومنه قول الفقهاء : المهر المسمّى ، أي المعيّن من نقد معدود أو عَرض موصوف ، وقول الموثقين : وسمّى لها من الصداق كذا وكذا .
ولكل مولود مدة معينة عند الله لبقائه في رحم أمه قبلَ وضعه . والأكثر استكمال تسعة أشهر وتسعة أيام ، وقد يكون الوضع أسرع من تلك المدة لعارض ، وكلٌّ معين في علم الله تعالى . وتقدم في قوله تعالى : { إلى أجل مسمى فاكتبوه } في [ سورة البقرة : 282 ].
وعطف جملة { ثم نخرجكم طفلاً } بحرف ( ثم ) للدلالة على التراخي الرتبي فإن إخراج الجنين هو المقصود . وقوله { طفلاً } حال من ضمير { نخرجكم ، } أي حال كونكم أطفالاً . وإنما أفرد { طفلاً } لأن المقصود به الجنس فهو بمنزلة الجمع .
وجملة { ثم لتبلغوا أشدكم } مرتبطة بجملة { ثم نخرجكم طفلاً } ارتباط العلّة بالمعلول ، واللام للتعليل . والمعلّل فعل { نخرجكم طفلاً }.
وإذ قد كانت بين حال الطفل وحال بلوغ الأشد أطوار كثيرة عُلم أن بلوغ الأشد هو العلّة الكاملة لحكمة إخراج الطفل . وقد أشير إلى ما قبل بلوغ الأشد وما بعده بقوله { ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر }.
وحرف ( ثم ) في قوله : { ثم لتبلغوا أشدكم } تأكيد لمثله في قوله { ثم نخرجكم طفلاً }. هذا ما ظهر لي في اتّصال هذه الجملة بما قبلها وللمفسرين توجيهات غير سالمة من التعقب ذكرها الألوسي .
وإنما جُعل بلوغ الأشد علّة لأنه أقوى أطوار الإنسان وأجلى مظاهر مواهبه في الجسم والعقل وهو الجانب الأهم كما أومأ إلى ذلك قوله بعد هذا { لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً } فجعل «الأشد» كأنه الغاية المقصودة من تطويره .
والأشُدّ : سن الفتوة واستجماع القوى . وقد تقدم في [ سورة يوسف : 22 ] { ولما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلماً } ووقع في [ سورة المؤمن : 67 ] { ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً } فعطف طور الشيخوخة على طور الأشُد باعتبار أن الشيخوخة مقصد للأحياء لحبهم التعمير ، وتلك الآية وردت مورد الامتنان فذكر فيها الطور الذي يتملى المرء فيه بالحياة ، ولم يذكر في آية سورة الحج لأنها وردت مورد الاستدلال على الإحياء بعد العدم فلم يذكر فيها من الأطوار إلا ما فيه ازدياد القوة ونماء الحياة دون الشيخوخة القريبة من الاضمحلال ، ولأن المخاطبين بها فريق معيّن من المشركين كانوا في طور الأشد ، وقد نبهوا عقب ذلك إلى أن منهم نفراً يُردون إلى أرذل العمر ، وهو طور الشيخوخة بقوله : { ومنكم من يرد إلى أرذل العمر }.
وجيء بقوله { ومنكم من يتوفى } على وجه الاعتراض استقراء لأحوال الأطوار الدالة على عظيم القدرة والحكمة الإلهية مع التنبيه على تخلل الوجود والعدم أطوار الإنسان بدءاً ونهاية كما يقتضيه مقام الاستدلال على البعث . والمعنى : ومنكم من يتوفى قبل بلوغ بعض الأطوار . وأما أصل الوفاة فهي لاحقة لكل إنسان لا لبعضهم ، وقد صرح بهذا في سورة المؤمن ( 67 ) : { ومنكم من يتوفى من قبل } وقوله { ومنكم من يرد إلى أرذل العمر } هو عديل قوله تعالى : { ومنكم من يتوفى }. وسكت عن ذكر الموت بعد أرذل العمر لأنه معلوم بطريقة لحسن الخطاب .
وجُعل انتفاء علم الإنسان عند أرذل العمر علة لردّه إلى أرذل العمر باعتبار أنه علّة غائية لذلك لأنه مما اقتضته حكمة الله في نظام الخلق فكان حصوله مقصوداً عند ردّ الإنسان إلى أرذل العمر ، فإن ضعف القوى الجسمية يستتبع ضعف القوى العقلية . قال تعالى : { ومن نعمره ننكسه في الخلق } [ يس : 68 ] فالخلق يشمل كل ما هو من الخلقة ولا يختص بالجسم .
وقوله { من بعد علم } أي بعدما كان علمه فيما قبل أرذل العمر .
و ( مِن ) الداخلة على ( بعد ) هنا مزيدة للتأكيد على رأي الأخفش وابن مالك من عدم انحصار زيادة ( مِن ) في خصوص جرّ النكرة بعد نفي وشبهه ، أو هي للابتداء عند الجمهور وهو ابتداء صُوري يساوي معنى التأكيد ولذلك لم يؤت ب ( من ) في قوله تعالى : { لكي لا يعلم بعد علم شيئاً } في [ سورة النحل : 70 ].
والآيتان بمعنى واحد فذكر ( مِن ) هنا تفنّن في سياق العبرتين .
و { شيئاً } واقع في سياق النفي يعم كل معلوم ، أي لا يستفيد معلوماً جديداً . ولذلك مراتب في ضعف العقل بحسب توغله في أرذل العمر تبلغ إلى مرتبة انعدام قبوله لعلم جديد ، وقبلها مراتب من الضعف متفاوتة كمرتبة نسيان الأشياء ومرتبة الاختلاط بين المعلومات وغير ذلك .
{ وَتَرَى الارض هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }.
عطف على جملة { فإنا خلقناكم من تراب } ، والخطاب لغير معيّن فيعم كل من يسمع هذا الكلام .
وهذا ارتقاء في الاستدلال على الإحياء بعد الموت بقياس التمثيل لأنه استدلال بحالةٍ مشاهدَة فلذلك افتتح بفعل الرؤية ، بخلاف الاستدلال بخلق الإنسان فإن مبدأه غيرُ مشاهَد فقيل في شأنه { فإنا خلقناكم من تراب } الآية . ومحل الاستدلال من قوله تعالى : { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت } ، فهو مناسبُ قولِه في الاستدلال الأول { فإنا خلقناكم من تراب } ، فهمود الأرض بمنزلة موت الإنسان واهتزازُها وإنباتها بعد ذلك يماثل الإحياء بعد الموت .
والهمود : قريب من الخمود ، فهمود الأرض جَفافها وزوال نبتها ، وهمود النار خمودها .
والاهتزاز : التحرك إلى أعلى ، فاهتزاز الأرض تمثيل لحال ارتفاع ترابها بالماء وحال ارتفاع وجهها بما عليه من العشب بحال الذي يهتز ويتحرك إلى أعلى .
وربت : حصل لها رُبوّ بضمّ الراء وضم الموحدة وهو ازدياد الشيء يقال : رَبَا يربو رُبوا ، وفسر هنا بانتفاخ الأرض من تفتق النبت والشجر . وقرأ أبو جعفر { وربأت بهمزة مفتوحة بعد الموحدة ، أي ارتفعت . ومنه قولهم : رَبَأ بنفسه عن كذا ، أي ارتفع مجازاً ، وهو فعل مشتق من اسم الربيئة وهو الذي يعلو رُبوة من الأرض لينظر هل من عدوّ يسير إليهم .
والزوج : الصنف من الأشياء . أطلق عليه اسم الزوج تشبيهاً له بالزوج من الحيوان وهو صنف الذكر وصنف الأنثى ، لأن كل فرد من أحد الصنفين يقترن بالفرد من الصنف الآخر فيصير زوجاً فيسمى كلّ واحد منهما زوجاً بهذا المعنى ، ثم شاع إطلاقه على أحد الصنفين ، ثم أطلق على كلّ نوع وصنف وإن لم يكن ذكراً ولا أنثى ، فأطلق هنا على أنواع النبات .
والبهيج : الحسن المنظر السَارّ للناظر ، وقد سِيق هذا الوصف إدماجاً للامتنان في أثناء الاستدلال امتناناً بجمال صورة الأرض المنبتة ، لأن كونه بهيجاً لا دخل له في الاستدلال ، فهو امتنان محض كقوله تعالى : { ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون }
[ النحل : 6 ] وقوله تعالى : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } [ الملك : 5 ]. - إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
«يا» للنداء «أَيُّهَا» منادى نكرة مقصودة في محل نصب مفعول به لأدعو المقدرة والها للتنبيه «النَّاسُ» بدل أو عطف بيان «إِنْ» حرف شرط جازم «كُنْتُمْ» كان واسمها «فِي رَيْبٍ» متعلقان بخبر كان «مِنَ الْبَعْثِ» متعلقان بمحذوف صفة لريب «فَإِنَّا» الفاء رابطة للجواب وإن ونا اسمها «خَلَقْناكُمْ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة خبر إن والجملة في محل جزم جواب الشرط «مِنْ تُرابٍ» متعلقان بخلقناكم «ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ» عطف على ما سبق «مُخَلَّقَةٍ» صفة لمضغة «وَغَيْرِ» معطوف على مخلقة «مُخَلَّقَةٍ» مضاف إليه «لِنُبَيِّنَ لَكُمْ» مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل فاعله مستتر وأن وما بعدها في تعويل مصدر متعلقان بخلقناكم «وَنُقِرُّ» الواو استئنافية ومضارع فاعله مستتر «فِي الْأَرْحامِ» متعلقان بنقر والجملة استئنافية «ما» اسم موصول في محل نصب مفعول به «نَشاءُ» مضارع فاعله مستتر والجملة صلة «إِلى أَجَلٍ» متعلقان بنقر «مُسَمًّى» صفة لأجل «ثُمَّ» عاطفة «نُخْرِجُكُمْ» مضارع ومفعوله وفاعله مستتر والجملة معطوفة «طِفْلًا» حال أو تمييز «ثُمَّ» عاطفة «لِتَبْلُغُوا» اللام للتعليل والمضارع منصوب بأن المضمرة بعدها بحذف النون والواو فاعل واللام وما بعدها في تأويل مصدر متعلقان بفعل محذوف تقديره نعمركم «أَشُدَّكُمْ» مفعول به والكاف مضاف إليه «وَمِنْكُمْ» الواو مستأنفة ومتعلقان بمحذوف خبر مقدم «مِنَ» موصولية في محل رفع مبتدأ والجملة استئنافية «يُتَوَفَّى» مضارع مبني للمجهول و
نائب الفاعل مستتر والجملة صلة «وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ» انظر إعراب ما قبله «إِلى أَرْذَلِ» متعلقان بيرد «الْعُمُرِ» مضاف إليه «لِكَيْلا» اللام حرف جر كي حرف ناصب ولا نافية «يَعْلَمَ» مضارع منصوب بكي وفاعله مستتر والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام ومتعلقان بيرد «مِنْ بَعْدِ» متعلقان بيعلم «عِلْمٍ» مضاف إليه «شَيْئاً» مفعول به «وَتَرَى الْأَرْضَ» مضارع مرفوع بالضمة المقدرة فاعله مستتر والأرض مفعوله والجملة مستأنفة ، «هامِدَةً» حال منصوبة «فَإِذا» الفاء عاطفة وإذا ظرف لما يستقبل من الزمان «أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ» ماض وفاعله ومفعوله وعليها متعلقان بأنزلنا والجملة مضاف إليه «اهْتَزَّتْ» ماض فاعله مستتر والتاء للتأنيث والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم «وَرَبَتْ» معطوفة على اهتزت مثلها «وَأَنْبَتَتْ» الجملة معطوفة على ما سبق «مِنْ كُلِّ» متعلقان بأنبتت «زَوْجٍ» مضاف إليه «بَهِيجٍ» صفة مجرورة
- English - Sahih International : O People if you should be in doubt about the Resurrection then [consider that] indeed We created you from dust then from a sperm-drop then from a clinging clot and then from a lump of flesh formed and unformed - that We may show you And We settle in the wombs whom We will for a specified term then We bring you out as a child and then [We develop you] that you may reach your [time of] maturity And among you is he who is taken in [early] death and among you is he who is returned to the most decrepit [old] age so that he knows after [once having] knowledge nothing And you see the earth barren but when We send down upon it rain it quivers and swells and grows [something] of every beautiful kind
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(22:5) O people, if you have any doubt about Life after death, you should know that We first created you of clay, then of a sperm-drop *5 then of a clot of blood, then of a lump of flesh, shaped or shapeless. *6 ( We are telling you this) so that We may make the reality plain to you. And We make those (sperm drops), which We will, remain in the wombs for a fixed period, then We bring you forth as a child; then (We nourish you) so that you may attain to your full youth. And there may be among you one who is recalled earlier and one who is returned to the most abject age so that he should know nothing even after knowing all he could. *7 And you see the land lying dry and barren, but as soon as We send down rain water upon it, it stirs (to life), and swells and brings forth every kind of luxuriant vegetation.
- Français - Hamidullah : O hommes Si vous doutez au sujet de la Résurrection c'est Nous qui vous avons créés de terre puis d'une goutte de sperme puis d'une adhérence puis d'un embryon [normalement] formé aussi bien qu'informe pour vous montrer [Notre Omnipotence] et Nous déposerons dans les matrices ce que Nous voulons jusqu'à un terme fixé Puis Nous vous en sortirons [à l'état] de bébé pour qu'ensuite vous atteignez votre maturité Il en est parmi vous qui meurent [jeunes] tandis que d'autres parviennent au plus vil de l'âge si bien qu'ils ne savent plus rien de ce qu'ils connaissaient auparavant De même tu vois la terre desséchée dès que Nous y faisons descendre de l'eau elle remue se gonfle et fait pousser toutes sortes de splendides couples de végétaux
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O ihr Menschen wenn ihr über die Auferweckung im Zweifel seid so haben Wir euch aus Erde erschaffen hierauf aus einem Samentropfen hierauf aus einem Anhängsel hierauf aus einem kleinen Klumpen gestaltet und ungestaltet um es euch klarzumachen Und Wir lassen was Wir wollen im Mutterleib auf eine festgesetzte Frist untergebracht Danach lassen Wir euch als kleine Kinder hervorkommen Hierauf lassen Wir euch heranwachsen damit ihr eure Vollreife erlangt Und mancher von euch wird frühzeitig abberufen und manch einer von euch wird in das niedrigste Greisenalter gebracht so daß er nach dem vorherigen Wissen nichts mehr weiß Und du siehst die Erde regungslos doch wenn Wir Wasser auf sie herabkommen lassen regt sie sich schwillt und läßt von jeder entzückenden Pflanzenart wachsen
- Spanish - Cortes : ¡Hombres Si dudáis de la resurrección Nosotros os hemos creado de tierra; luego de una gota; luego de un coágulo de sangre; luego de un embrión formado o informe Para aclararos Depositamos en las matrices lo que queremos por un tiempo determinado; luego os hacemos salir como criaturas para alcanzar más tarde la madurez Algunos de vosotros mueren prematuramente; otros viven hasta alcanzar una edad decrépita para que después de haber sabido terminen no sabiendo nada Ves la tierra reseca pero cuando hacemos que el agua baje sobre ella se agita se hincha y hace brotar toda especie primorosa
- Português - El Hayek : Ó humanos se estais em dúvida sobre a ressurreição reparai em que vos criamos do pó depois do esperma e logo vosconvertemos em algo que se agarra e finalmente em feto com forma ou amorfo para demonstrarvos a Nossa onipotência; e conservamos no útero o que queremos até um período determinado de onde vos retiraremos crianças para que alcanceisa puberdade Há entre vós aqueles que morrem ainda jovens e há os que chegam à senilidade até ao ponto de não serecordarem do que sabiam E observai que a terra é árida; não obstante quando Nós fazemos descer a água sobre ela movese e se impregna de fertilidade fazendo brotar todas as classes de pares de viçosos frutos
- Россию - Кулиев : О люди Если вы сомневаетесь в воскрешении то ведь Мы сотворили вас из земли потом - из капли потом - из сгустка крови потом - из разжеванного кусочка сформировавшегося или не сформировавшегося Так Мы разъясняем вам истину Мы помещаем в утробах то что желаем до назначенного срока Потом Мы выводим вас младенцами чтобы вы могли достигнуть зрелого возраста Одни из вас умирают другие же возвращаются в жалкую старость и забывают все что знали Ты видишь безжизненную землю Но стоит Нам ниспослать на нее воду как она приходит в движение набухает и порождает всякие прекрасные растения
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
О люди! Если вы сомневаетесь в воскрешении, то ведь Мы сотворили вас из земли, потом - из капли, потом - из сгустка крови, потом - из разжеванного кусочка, сформировавшегося или не сформировавшегося. Так Мы разъясняем вам истину. Мы помещаем в утробах то, что желаем, до назначенного срока. Потом Мы выводим вас младенцами, чтобы вы могли достигнуть зрелого возраста. Одни из вас умирают, другие же возвращаются в жалкую старость и забывают все, что знали. Ты видишь безжизненную землю. Но стоит Нам ниспослать на нее воду, как она приходит в движение, набухает и порождает всякие прекрасные растения.Некоторые из вас могут сомневаться в правдивости воскрешения или не знать о его приближении, хотя всем вам приказано верить в воскрешение, которое предсказали Аллах и Его посланники. Но если вы отказываетесь уверовать и предпочитаете сомневаться, то прислушайтесь к двум логическим доводам, которые вы можете наблюдать воочию. Каждый из этих доводов является неопровержимым доказательством правдивости того, в чем вы сомневаетесь, и может избавить вас от сомнений. Первым доводом является сотворение человека в первый раз, поскольку Аллах, Который сотворил человека в первый раз, может вернуть его к жизни повторно. Вначале Аллах сотворил человека из праха, и здесь речь идет о сотворении праотца всего человечества Адама. А затем Аллах начал творить людей из капли семени. По Его воле крошечная капля превращается в алый сгусток крови, который впоследствии превращается в кусочек мяса, похожий на нечто разжеванное. Этот кусочек мяса может быть сформировавшимся, и тогда он впоследствии превращается в человека. А иногда он остается несформировавшимся, в результате чего происходит выкидыш. Так Аллах разъясняет людям их происхождение, хотя Он способен завершить сотворение человека за одно мгновение. Однако Он желает разъяснить рабам совершенство Своей мудрости, безграничность Своего могущества и величие Своего милосердия. В результате плод остается в утробе матери в течение предопределенного срока. Он не выбрасывается наружу и сохраняется вплоть до завершения беременности. А затем на свет появляется ребенок, который абсолютно ничего не знает и является совершенно беспомощным. По воле Аллаха мать начинает заботиться о младенце, а в ее груди начинает образовываться молоко, которое служит пищей для него. Ребенок постепенно взрослеет и, наконец, достигает зрелого возраста. В этом возрасте он обладает крепким телом и здравым рассудком. Некоторым людям бывает суждено расстаться с жизнью до этого, а некоторым удается дожить до старческого возраста, когда человеческое тело становится дряхлым, а сам человек начинает говорить вздор. Его рассудок начинает слабеть и постепенно исчезает, и то же самое происходит с его физической силой. Доживая до преклонных лет, человек забывает все, что знал прежде, и причиной этого становится его слабый рассудок. Все это означает, что сила человека с двух сторон окружена слабостью. Человек слаб и преисполнен недостатков как в младенческом, так и в преклонном возрасте. Всевышний сказал: «Аллах - Тот, Кто создает вас из слабости (создает вас из капли или создает вас слабыми). После слабости Он одаряет вас силой, а потом заменяет силу на слабость и седину. Он творит, что пожелает, ибо Он - Знающий, Всемогущий» (30:54). Вторым доводом является оживление безжизненной земли. Мы видим землю иссохшей и покрытой пылью, когда на ней нет ни растений, ни зелени. Но стоит выпасть дождю, как приходят в движение растения, а неподвижные комья земли начинают набухать из-за роста стеблей. Впоследствии из них вырастают всевозможные растения, которые доставляют людям радость своим прекрасным видом. Эти два довода неопровержимо свидетельствуют о пяти вещах, которые Аллах перечислил в следующих аятах.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey insanlar Öldükten sonra tekrar dirilmekten şüphede iseniz bilin ki ne olduğunuzu size açıklamak için Biz sizi topraktan sonra nutfeden sonra pıhtılaşmış kandan sonra da yapısı belli belirsiz bir çiğnem etten yaratmışızdır Dilediğimizi belli bir süreye kadar rahimlerde tutarız; sonra sizi çocuk olarak çıkartırız böylece yetişip erginlik çağına varırsınız Kiminiz öldürülür kiminiz de ömrünün en fena zamanına ulaştırılır ki bilirken birşey bilmez olur Yeryüzünü görürsün ki kupkurudur; fakat Biz ona su indirdiğimiz zaman harekete geçer kabarır her güzel bitkiden çift çift yetiştirir
- Italiano - Piccardo : O uomini se dubitate della Resurrezione sappiate che vi creammo da polvere e poi da sperma e poi da un'aderenza e quindi da un pezzetto di carne formata e non formata così Noi vi spieghiamo e poniamo nell'utero quello che vogliamo fino a un termine stabilito Vi facciamo uscire lattanti per condurvi poi alla pubertà Qualcuno di voi muore e altri portiamo fino all'età decrepita tanto che non sanno più nulla dopo aver saputo Vedrai [alla stessa maniera] la terra disseccata che freme e si gonfia quando vi facciamo scendere l'acqua e lascia spuntare ogni splendida specie di piante
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی خهڵکینه ئهگهر ئێوه گومانتان له زیندوو بوونهوه ههیه ئهوه چاك بزانن که ئێمه سهرهتا ئێوهمان له خاك و خۆڵ دروستکردووه لهوهودوا نهوهکان له نوتفهیهك پهیدا بوون پاشان نوتفهش دهبێته خۆههڵواسهرێك لهناو منداڵداندا لهوهودوا دهبێته گۆشتپارهیهکی تهواوو سهرو سیمادار یان ناتهواو ههموو ئهم شتانه دههێنینهوه یادتان تا بۆتان ڕوون بکهینهوه که ئێمه ئاوا ئێوهمان دروستکدووه و دووباره دروستکردنهوهشتان لامان ئاسانه ئهوهش بمانهوێت له منداڵدانهکاندا جێگیری دهکهین تا کاتێکی دیاریکراو لهوهودوا بهساوایی و بهبچووکی دهرتاندههێنین له سکی دایکتان دوایی بۆ ئهوهی گهوره ببن و بگهنه ئهوپهڕی هێزو تواناتان ههتانه دهمرێنرێت بهگهنجی ههشتانه دهگهڕێنرێتهوه بۆ پهرپووتترنی تهمهنهکان بۆ ئهوهی هیچ شتێك نهزانێت دوای ئهوهی جاران دهیزانی بهڵگهیهکی تریش لهسهر زیندووبوونهوه ئهوهیه که ئهی ئینسان تۆ زهویش دهبینیت وشك و برنگه جا کاتێك ئاوی بارانمان بهسهردا باراند دادهچڵهکێت و دهلهرزێت و تۆوهکان چهکهره دهکهن و ڕهگ و چڵ دهردهکهن و دهڕوێن ئهوسا له ههموو جۆره گژوگیاو گوڵ و گوڵزارێکی جوان جووت دهڕوێنێت
- اردو - جالندربرى : لوگو اگر تم کو مرنے کے بعد جی اٹھنے میں کچھ شک ہو تو ہم نے تم کو پہلی بار بھی تو پیدا کیا تھا یعنی ابتدا میں مٹی سے پھر اس سے نطفہ بنا کر۔ پھر اس سے خون کا لوتھڑا بنا کر۔ پھر اس سے بوٹی بنا کر جس کی بناوٹ کامل بھی ہوتی ہے اور ناقص بھی تاکہ تم پر اپنی خالقیت ظاہر کردیں۔ اور ہم جس کو چاہتے ہیں ایک میعاد مقرر تک پیٹ میں ٹھہرائے رکھتے ہیں پھر تم کو بچہ بنا کر نکالتے ہیں۔ پھر تم جوانی کو پہنچتے ہو۔ اور بعض قبل از پیری مرجاتے ہیں اور بعض شیخ فالی ہوجاتے اور بڑھاپے کی نہایت خراب عمر کی طرف لوٹائے جاتے ہیں کہ بہت کچھ جاننے کے بعد بالکل بےعلم ہوجاتے ہیں۔ اور اے دیکھنے والے تو دیکھتا ہے کہ ایک وقت میں زمین خشک پڑی ہوتی ہے پھر جب ہم اس پر مینہ برساتے ہیں تو شاداب ہوجاتی اور ابھرنے لگتی ہے اور طرح طرح کی بارونق چیزیں اگاتی ہے
- Bosanski - Korkut : O ljudi kako možete sumnjati u oživljenje – pa Mi vas stvaramo od zemlje zatim od kapi sjemena potom od ugruška zatim od grude mesa vidljivih i nevidljivih udova da vam pokažemo moć Našu A u materice smještamo šta hoćemo do roka određenog zatim činimo da se kao dojenčad rađate i da poslije do muževnog doba uzrastate; jedni od vas umiru a drugi duboku starost doživljavaju pa začas zaboravljaju ono što saznaju I ti vidiš zemlju kako je zamrla ali kad na nju kišu spustimo ona ustrepće i uzbuja i iz nje iznikne svakovrsno bilje prekrasno
- Swedish - Bernström : MÄNNISKOR Om ni tvivlar på uppståndelsen [tänk då på att] Vi har skapat er av jord och sedan av en droppe säd därefter av en grodd som sätter sig fast därefter av en klump dels formad dels ännu formlös Så klargör Vi för er [Vår makt] Och det Vi vill [skall födas] lägger Vi i moderlivets trygga förvar till en fastställd tid och Vi låter er födas som späda barn och därefter [växa till] och nå [full kroppslig och andlig] mognad Några av er får dö [unga] och några av er blir med tilltagande ålder så skröpliga att de glömmer allt vad de en gång har vetat Och [om ni ännu tvivlar] se på den torra döda jorden och hur den när Vi låter regnet falla över den skälver till och börjar svälla och låter alla slag av växter spira ljuvliga att se
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai manusia jika kamu dalam keraguan tentang kebangkitan dari kubur maka ketahuilah sesungguhnya Kami telah menjadikan kamu dari tanah kemudian dari setetes mani kemudian dari segumpal darah kemudian dari segumpal daging yang sempurna kejadiannya dan yang tidak sempurna agar Kami jelaskan kepada kamu dan Kami tetapkan dalam rahim apa yang Kami kehendaki sampai waktu yang sudah ditentukan kemudian Kami keluarkan kamu sebagai bayi kemudian dengan berangsurangsur kamu sampailah kepada kedewasaan dan di antara kamu ada yang diwafatkan dan adapula di antara kamu yang dipanjangkan umurnya sampai pikun supaya dia tidak mengetahui lagi sesuatupun yang dahulunya telah diketahuinya Dan kamu lihat bumi ini kering kemudian apabila telah Kami turunkan air di atasnya hiduplah bumi itu dan suburlah dan menumbuhkan berbagai macam tumbuhtumbuhan yang indah
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
(Hai manusia) yakni penduduk Mekah (jika kalian dalam keraguan) kalian meragukan (tentang hari berbangkit, sesungguhnya Kami telah menciptakan kalian) bapak moyang kalian, yaitu Adam (dari tanah, kemudian) Kami ciptakan anak cucunya (dari setetes nuthfah) air mani (kemudian dari segumpal darah) darah yang kental (kemudian dari segumpal daging) daging yang besarnya sekepal tangan (yang sempurna kejadiannya) telah diberi bentuk berupa makhluk yang sempurna (dan yang tidak sempurna) masih belum sempurna bentuknya (agar Kami jelaskan kepada kalian) kemahasempurnaan kekuasaan Kami, yaitu supaya kalian dapat mengambil kesimpulan daripadanya, bahwa Allah yang memulai penciptaan dapat mengembalikan ciptaan itu kepada asalnya. (Dan Kami tetapkan) kalimat ayat ini merupakan kalimat baru (di dalam rahim, apa yang Kami kehendaki sampai waktu yang sudah ditentukan) hingga ia keluar (kemudian Kami keluarkan kalian) dari perut ibu-ibu kalian (sebagai bayi) lafal Thiflan sekalipun berbentuk tunggal tetapi makna yang dimaksud adalah jamak (kemudian) Kami memberi kalian umur secara berangsur-angsur (hingga sampailah kalian kepada kedewasaan) dewasa dan kuat, yaitu di antara umur tiga puluh tahun sampai empat puluh tahun (dan di antara kalian ada yang diwafatkan) yakni mati sebelum mencapai usia dewasa (dan ada pula di antara kalian yang dipanjangkan umurnya sampai pikun) amat tua sehingga menjadi pikun (supaya dia tidak mengetahui lagi sesuatu pun yang dahulunya telah diketahuinya). Sehubungan dengan hal ini Ikrimah mengatakan, "Barang siapa yang biasa membaca Alquran, niscaya ia tidak akan mengalami nasib yang demikian itu, yakni terlalu tua dan pikun." (Dan kalian lihat bumi ini kering) gersang (kemudian apabila telah Kami turunkan air atasnya, hiduplah bumi itu) menjadi hidup (dan suburlah ia) hidup dengan suburnya (serta dapat menumbuhkan) huruf Min adalah huruf Zaidah (berbagai macam tumbuh-tumbuhan) beraneka ragam tumbuhan (yang indah) yakni yang baik.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : হে লোকসকল যদি তোমরা পুনরুত্থানের ব্যাপারে সন্দিগ্ধ হও তবে ভেবে দেখ আমি তোমাদেরকে মৃত্তিকা থেকে সৃষ্টি করেছি। এরপর বীর্য থেকে এরপর জমাট রক্ত থেকে এরপর পূর্ণাকৃতিবিশিষ্ট ও অপূর্ণাকৃতিবিশিষ্ট মাংসপিন্ড থেকে তোমাদের কাছে ব্যক্ত করার জন্যে। আর আমি এক নির্দিষ্ট কালের জন্যে মাতৃগর্ভে যা ইচ্ছা রেখে দেই এরপর আমি তোমাদেরকে শিশু অবস্থায় বের করি; তারপর যাতে তোমরা যৌবনে পদার্পণ কর। তোমাদের মধ্যে কেউ কেউ মৃত্যুমুখে পতিত হয় এবং তোমাদের মধ্যে কাউকে নিষ্কর্মা বয়স পর্যন্ত পৌছানো হয় যাতে সে জানার পর জ্ঞাত বিষয় সম্পর্কে সজ্ঞান থাকে না। তুমি ভূমিকে পতিত দেখতে পাও অতঃপর আমি যখন তাতে বৃষ্টি বর্ষণ করি তখন তা সতেজ ও স্ফীত হয়ে যায় এবং সর্বপ্রকার সুদৃশ্য উদ্ভিদ উৎপন্ন করে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : மனிதர்களே இறுதித் தீர்ப்புக்காக நீங்கள் மீண்டும் எழுப்பப்படுவது பற்றி சந்தேகத்தில் இருந்தீர்களானால் அறிந்து கொள்ளுங்கள்; நாம் நிச்சயமாக உங்களை முதலில் மண்ணிலிருந்தும் பின்னர் இந்திரியத்திலிருந்தும் பின்பு அலக்கிலிருந்தும்; பின்பு உருவாக்கப்பட்டதும் உருவாக்கப்படாததுமான தசைக் கட்டியிலிருந்தும் படைத்தோம்; உங்களுக்கு விளக்குவதற்காகவே இதனை விவரிக்கிறோம்; மேலும் நாம் நாடியவற்றை ஒரு குறிப்பிட்ட காலம் வரை கருப்பப்பையில் தங்கச் செய்கிறோம்; பின்பு உங்களை குழந்தையாக வெளிப்படுத்துகிறோம் பின்பு நீங்கள் உங்கள் வாலிபத்தை அடையும்படிச் செய்கிறோம் அன்றியும் இதனிடையில் உங்களில் சிலர் மரிப்பவர்களும் இருக்கிறார்கள்; ஜீவித்து அறிவு பெற்ற பின்னர் ஒன்றுமே அறியாதவர்களைப் போல் ஆகிவிடக் கூடிய தளர்ந்த வயது வரை விட்டுவைக்கப்படுபவர்களும் இருக்கிறார்கள்; இன்னும் நீங்கள தரிசாய்க் கிடக்கும் வரண்ட பூமியைப் பார்க்கின்றீர்கள்; அதன் மீது நாம் மழை நீரைப் பெய்யச் செய்வோமானால் அது பசமையாகி வளர்ந்து அழகான ஜோடி ஜோடியாகப் பல்வகைப் புற்பூண்டுகளை முளைப்பிக்கிறது
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : โอ้ มนุษย์เอ๋ย หากพวกเจ้ายังอยู่ในการสงสัยแคลงใจ เกี่ยวกับการฟื้นคืนชีพแล้วไซร้ แท้จริงเราได้บังเกิดพวกเจ้าจากดิน แล้วจากเชื้ออสุจิ แล้วจากก้อนเนื้อ ทั้งที่เป็นรูปร่างที่สมบูรณ์ และไม่เป็นรูปร่างที่สมบูรณ์ เพื่อเราจะได้ชี้แจงเคล็ดลับแห่งเดชานุภาพ แก่พวกเจ้า และเราให้การตั้งครรภ์เป็นที่แน่นอนอยู่ในมดลูกตามที่ประสงค์ จนถึงเวลาที่กำหนดไว้แล้วเราให้พวกเจ้าคลอดออกมาเป็นทารก แล้วเพื่อพวกเจ้าจะได้บรรลุสู่วัยฉกรรจ์ของพวกเจ้า และในหมู่พวกเจ้ามีผู้เสียชีวิตในวัยหนุ่ม และในหมู่พวกเจ้ามีผู้ถูกนำกลับสู่วัยต่ำต้อย วัยชรา เพื่อเขาจะไม่รู้อะไรเลยหลังจากมีความรู้ และเจ้าจะเห็นแผ่นดินแห้งแล้ง ครั้นเมื่อเราได้หลั่งน้ำฝนลงมาบนมัน มันก็จะเคลื่อนไหวขยายตัวและพองตัวและงอกเงยออกมาเป็นพืช ทุกอย่างเป็นคู่ ๆ ดูสวยงาม
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй одамлар Агар қайта тирилиш ҳақида шубҳа қиладиган бўлсангиз бас Биз сизга баён қилишимиз учун сизларни тупроқдан сўнгра нутфадан сўнгра алақадан сўнгра битганбитмаган бир чайнам гўштдан яратдик Ва бачадонларда хоҳлаган нарсамизни маълум муддатгача қарор топдирамиз Кейин сизларни бувак ҳолингизда чиқарамиз Сўнгра вояга етишингиз учун тарбия қиламиз Сиздан вафот қилиб кетадиганлар ҳам билганидан кейин ҳеч нарсани билмай қоладиган даражада тубан умрга етадиганлар ҳам бор Ва ерни қақраган ҳолда кўрасан Қачонки Биз унга сув туширсак у сесканар ва кўпчир Ҳамда ҳар хил гўзал жуфтларни ўстирадир Сизнинг отангиз Одамни тупроқдан яратганмиз Инсон йўқ эди У отасининг нутфаспермасидан дунёга келди Оддий кўзга кўринмас ушбу маний ҳайвончалар билан баркамол инсон орасида қанча фарқ бор Ана шу заррадан одам яратган Холиқ Аллоҳ ўлган одамни қайта тирилтира олмасми Қуръони Каримда алақа деб номланган босқичдаги ҳомила зулукдек бачадонга ёпишиб туриши маълум бўлди Алақанинг суврати ҳақиқий зулук билан солиштирилса уларни фарқлаб бўлмайди Хўш ўша зулукка ўхшаш қотган лахта қон билан инсон орасида қанча фарқ бор Ҳомила ривожланиб алақалахта қон шаклидан бир парча чайналган гўшт ҳолига ўтади Ана ўшанда унга шакл киради Шакл кирса битган бўлади Шакл кирмаса битмаган бўлади бачадондан тушиб кетади Ҳеч ким уни эсламайди ҳам Энди ўша бир парча чайналган гўштга ўхшаш нарса билан инсон орасида қанча фарқ борлигини бир ўйлаб кўрайлик Ўша гўштдан инсон яратган Аллоҳ ўлган одамни қайта тирилтира олмасми
- 中国语文 - Ma Jian : 众人啊!如果你们对于复活的事还在怀疑之中,那末,我确已创造了你们, 先用泥土,继用一小滴精液,继用一块凝血,继用完整的和不完整的肉团,以便我对你们阐明(道理)。我使我所意欲的(胎儿)在子宫里安居一个定期,然后, 我使你们出生为婴儿,然后(我让你们活着),以便你们达到成年。 你们中有夭折的;有复返于最劣的年纪的,以便他在有知识之后,什么也不知道。你看大地是不毛的,当我使雨水降于大地的时候,它就活动和膨胀,而且生出各种美丽的植物。
- Melayu - Basmeih : Wahai umat manusia sekiranya kamu menaruh syak raguragu tentang kebangkitan makhluk hidup semula pada hari kiamat maka perhatilah kepada tingkatan kejadian manusia kerana sebenarnya Kami telah menciptakan kamu dari tanah kemudian dari setitik air benih kemudian dari sebuku darah beku kemudian dari seketul daging yang disempurnakan kejadiannya dan yang tidak disempurnakan; Kami jadikan secara yang demikian kerana Kami hendak menerangkan kepada kamu kekuasaan Kami; dan Kami pula menetapkan dalam kandungan rahim ibu yang mengandung itu apa yang Kami rancangkan hingga ke suatu masa yang ditentukan lahirnya; kemudian Kami mengeluarkan kamu berupa kanakkanak; kemudian kamu dipelihara hingga sampai ke peringkat umur dewasa; dan dalam pada itu ada di antara kamu yang dimatikan semasa kecil atau semasa dewasa dan ada pula yang dilanjutkan umurnya ke peringkat tua nyanyuk sehingga ia tidak mengetahui lagi akan sesuatu yang telah diketahuinya dahulu Dan ingatlah satu bukti lagi; Engkau melihat bumi itu kering kemudian apabila Kami menurunkan hujan menimpanya bergeraklah tanahnya dengan tumbuhtumbuhan yang merecup tumbuh dan gembur membusutlah ia serta ia pula menumbuhkan berjenisjenis tanaman yang indah permai
- Somali - Abduh : Dadow haddaad Tihiin kuwo Shakisan oo Bixinta Annagaa idinka Abuurray Carro Hadaana Dhibic Haddana Calaqo Hadaana Goosin la Abuuray iyo Midaan la Abuurin si aan idiinku Caddayno Qudrada Eebe waxaana ku sugnaa Makaanka waxaan Doono Tan iyo Muddo Magacaaban markaasaan idin soo Bixinaynaa Idinkoo Yar markaas inaad Gaadhaan Xooggiinna waxaa idinka mid ah Cid la oofsan Dhiman waxaana idinka mid ah kuwo loo celin Cimri Liita Gabow si ayna u Garanin intay wax Yaqiineen ka dib waxba waxaad Arkaysaa Dhuloo Abaar Dhimaad ah markaan ku soo Dejinno Korkeeda Biyana way Gilgilataa wayna Kortaa waxayna soo Bixisaa Nooc kastoo Quruxsan
- Hausa - Gumi : Ya ku mutãne Idan kun kasance a cikin shakka a Tãshin ¡iyãma to lalle ne Mũ Man halittaku daga turɓaya sa'an nan kuma daga gudãjin jini sa'an nan kuma daga taõka wadda ake halittãwa da wadda ba a halittawa dõmin Mu bayyana muku Kuma Munã tab batar da abin da Muke so a cikin mahaifa zuwa ga wani ajali ambatacce sa'an nan kuma Munã fitar da ku kunã jãrĩri sa'an nan kuma dõmin ku kai ga cikar ƙarfinku Kuma daga cikin ku akwai wanda ke mutuwa kuma daga gare ku akwai wanda ake mayarwa zuwa ga mafi ƙasƙancin rãyuwa dõmin kada ya san kõme a bãyan ya sani Kuma kanã ganin ƙasa shiru sa'an nan idan Muka saukar da ruwa a kanta sai ta girgiza kuma ta kumbura kuma ta tsirar da tsirrai daga kõwane nau'i mai ban sha'awa
- Swahili - Al-Barwani : Enyi watu Ikiwa nyinyi mna shaka ya kufufuliwa basi kwa hakika Sisi tulikuumbeni kutokana na udongo kisha kutokana na manii kisha kutokana na kipande cha damu ilio gandana kisha kutokana na kipande cha nyama chenye umbo na kisicho kuwa na umbo ili tukubainishieni Nasi tunakiweka katika matumbo ya uzazi tunacho kitaka mpaka muda ulio wekwa Kisha tunakutoeni kwa hali ya mtoto mchanga kisha mfikie kutimia akili Na wapo katika nyinyi wanao kufa na wapo katika nyinyi wanao rudishwa kwenye umri wa unyonge kabisa hata mtu awe hajui kitu baada ya kuwa anakijua Na unaiona ardhi imetulia kimya lakini tunapo yateremsha maji juu yake husisimka na kututumka na kumea kila namna ya mimea mizuri
- Shqiptar - Efendi Nahi : O njerëz nëse ju dyshoni në ringjalljen pas vdekjes dinie se Na ju kemi krijuar juve prej dheut Ademin pastaj prej pikës së farës spermës pastaj prej droçkave të gjakut pastaj prej copëzës mishit embrionit me formë të plotë ose jo të plotë për t’ju treguar juve fuqinë Tonë Dhe Na e mbajmë në mitër atë që duam deri në kohën e caktuar Andaj ju nxjerrim juve si fëmijë; e pas kësaj do të arrini ju fuqinë më të madhe Disa nga ju vdesin e disa ngelin deri në kufirin më të ulët të jetës që mos dijë asgjë nga ajo që ka ditur më parë Dhe ti e sheh tokën e thatë e kur Ne lëshojmë ujin të reshurat në të ajo lëkundet dhe gufon dhe mbijnë rritën gjithfarë lloj bimësh të mrekullueshme
- فارسى - آیتی : اى مردم، اگر از روز رستاخيز در ترديد هستيد، ما شما را از خاك و سپس از نطفه، آنگاه از لختهخونى و سپس از پارهگوشتى گاه تمام آفريده گاه ناتمام، بيافريدهايم، تا قدرت خود را برايتان آشكار كنيم. و تا زمانى معين هر چه را خواهيم در رحمها نگه مىداريم. آنگاه شما را كه كودكى هستيد بيرون مىآوريم تا به حد زورمندى خود رسيد. بعضى از شما مىميرند و بعضى به سالخوردگى برده مىشوند تا آنگاه كه هر چه آموختهاند فراموش كنند. و تو زمين را فسرده مىبينى. چون باران بر آن بفرستيم، در اهتزاز آيد و نمو كند و از هر گونه گياه بهجتانگيز بروياند.
- tajeki - Оятӣ : Эй мардум, агар аз рӯзи қиёмат дар шубҳа ҳастед, Мо шуморо аз хок ва сипас аз нутфа, он гоҳ аз лахтаи хуне ва сипас аз порагӯште гоҳ тамом офарида, гоҳ нотамом биёфаридаем, то қудрати худро бароятон ошкор кунем. Ва то замоне муъайян ҳар чиро хоҳем, дар раҳмхҳо нигаҳ медорем. Он гоҳ шуморо, ки кӯдаке ҳастед, берун меоварем, то ба ҳадди зӯрмандии худ расед. Баъзе аз шумо мемирандва баъзе ба солхӯрдагӣ бурда мешаванд, то он гоҳ ки ҳар чӣ омӯхтаанд, фаромӯш кунанд. Ва ту заминро хушкида мебинӣ. Чун борон бар он бифирис- тем, дар ҷунбиш ояд ва нашъу намо кунад ва аз ҳар гуна гиёҳи боравнақ бирӯёнад.
- Uyghur - محمد صالح : ئى ئىنسانلار! ئەگەر سىلەر قايتا تىرىلىشتىن شەكلەنسەڭلار (گۇمانىڭلارنىڭ تۈگىشى ئۈچۈن ئەسلىدىكى يارىتىلىشىڭلارغا قاراڭلار)، بىز سىلەرگە (اﷲ نىڭ قۇدرىتىنى بايان قىلىش ئۈچۈن ئاتاڭلار ئادەم ئەلەيھىسسالامنى) تۇپراقتىن، ئۇنىڭ ئەۋلادىنى (ئالدى بىلەن) ئابىمەنىيدىن، ئاندىن لەختە قاندىن، ئاندىن شەكىلگە كىرگۈزۈلگەن ۋە كىرگۈزۈلمىگەن پارچە گۆشتىن ياراتتۇق. بىز خالىغان ئادەمنى بەچچىداندان مۇئەييەن مۇددەتكىچە قالدۇرىمىز، ئاندىن سىلەرنى (ئاناڭلارنىڭ قارنىدىن) بوۋاقلىق ھالىتىڭلاردا چىقىرىمىز (ئاندىن سىلەرنى ئاستا - ئاستا كۈچ - قۇۋۋەتكە تولدۇرىمىز)، سىلەر (كامالەت يېشى) قىران ۋاقتىڭلارغا يېتىسىلەر، بەزىڭلار ياشلىقىڭلاردا ۋاپات بولۇپ كېتىسىلەر، بەزىڭلار، (ئىلگىرى) بىلگەندىن كېيىن ھېچ نەرسىنى بىلمەس ھالىتىڭلارغا قايتۇرۇلۇشىڭلار ئۈچۈن، ناھايىتى قېرىپ كەتكۈچە (ھايات) قالدۇرۇلىسىلەر، (اﷲ تائالانىڭ ئۆلگەنلەرنىڭ قايتا تىرىلدۈرۈشكە قادىر ئىكەنلىكىنى كۆرسىتىدىغان يەنە بىر دەلىل شۇكى) سەن زېمىننى قاقاس كۆرۈسەن، ئۇنىڭغا بىز يامغۇر ياغدۇرساق ئۇ جانلىنىدۇ ۋە كۆپۈشىدۇ، تۈرلۈك چىرايلىق ئۆسۈملۈكلەرنى ئۈندۈرۈپ بېرىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : മനുഷ്യരേ, ഉയിര്ത്തെഴുന്നേല്പിനെപ്പറ്റി നിങ്ങള് സംശയത്തിലാണെങ്കില് ഒന്നോര്ത്തുനോക്കൂ: തീര്ച്ചയായും ആദിയില് നാം നിങ്ങളെ സൃഷ്ടിച്ചത് മണ്ണില്നിന്നാണ്. പിന്നെ ബീജത്തില്നിന്ന്; പിന്നെ ഭ്രൂണത്തില് നിന്ന്; പിന്നെ രൂപമണിഞ്ഞതും അല്ലാത്തതുമായ മാംസപിണ്ഡത്തില്നിന്ന്. നാമിതു വിവരിക്കുന്നത് നിങ്ങള്ക്ക് കാര്യം വ്യക്തമാക്കിത്തരാനാണ്. നാം ഇച്ഛിക്കുന്നതിനെ ഒരു നിശ്ചിത അവധിവരെ ഗര്ഭാശയത്തില് സൂക്ഷിക്കുന്നു. പിന്നെ നിങ്ങളെ നാം ശിശുക്കളായി പുറത്തുകൊണ്ടുവരുന്നു. പിന്നീട് നിങ്ങള് യൌവനം പ്രാപിക്കുംവരെ നിങ്ങളെ വളര്ത്തുന്നു. നിങ്ങളില് ചിലരെ നേരത്തെ തന്നെ തിരിച്ചുവിളിക്കുന്നു. എല്ലാം അറിയാവുന്ന അവസ്ഥക്കുശേഷം ഒന്നും അറിയാത്ത സ്ഥിതിയിലെത്തുമാറ് അവശമായ പ്രായാധിക്യത്തിലേക്ക് തള്ളപ്പെടുന്നവരും നിങ്ങളിലുണ്ട്. ഭൂമി വരണ്ട് ചത്ത് കിടക്കുന്നതു നിനക്കുകാണാം. പിന്നെ നാമതില് മഴവീഴ്ത്തിയാല് അത് തുടിക്കുകയും വികസിക്കുകയും ചെയ്യുന്നു. കൌതുകമുണര്ത്തുന്ന സകലയിനം ചെടികളെയും മുളപ്പിക്കുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الناس ان كنتم في شك من ان الله يحيي الموتى فانا خلقنا اباكم ادم من تراب ثم تناسلت ذريته من نطفه هي المني يقذفه الرجل في رحم المراه فيتحول بقدره الله الى علقه وهي الدم الاحمر الغليظ ثم الى مضغه وهي قطعه لحم صغيره قدر ما يمضغ فتكون تاره مخلقه اي تامه الخلق تنتهي الى خروح الجنين حيا وغير تامه الخلق تاره اخرى فتسقط لغير تمام لنبين لكم تمام قدرتنا بتصريف اطوار الخلق ونبقي في الارحام ما نشاء وهو المخلق الى وقت ولادته وتكتمل الاطوار بولاده الاجنه اطفالا صغارا تكبر حتى تبلغ الاشد وهو وقت الشباب والقوه واكتمال العقل وبعض الاطفال قد يموت قبل ذلك وبعضهم يكبر حتى يبلغ سن الهرم وضعف العقل فلا يعلم هذا المعمر شيئا مما كان يعلمه قبل ذلك وترى الارض يابسه ميته لا نبات فيها فاذا انزلنا عليها الماء تحركت بالنبات تتفتح عنه وارتفعت وزادت لارتوائها وانبتت من كل نوع من انواع النبات الحسن الذي يسر الناظرين
*5) "..... created you .....sperm-drop": The first man Adam was created directly from clay and after him the process of procreation started by means of sperm-drop. This has been stated in XXXII: 7-8 as well. It may also mean that man is created from sperm-drop but his body is made of those elements which are all available in the earth.
*6) This refers to the different stages of development of the child in the womb of its mother. This description is based on observation and not on scientific research, and there was no need for it for the purpose for which reference to this has been made here.
*7) That is, "In old age man is again reverted to the same condition in which he was in childhood. He loses his senses and knows little or nothing like a child".