- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ ۗ وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ ٱلْكِتَٰبَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِىٓ ءَاتَىٰكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعْدِ إِكْرَٰهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
- عربى - نصوص الآيات : وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ۗ والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ۖ وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ۚ ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ۚ ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم
- عربى - التفسير الميسر : والذين لا يستطيعون الزواج لفقرهم أو غيره فليطلبوا العفة عمَّا حَرَّمَ الله حتى يغنيهم الله من فضله، وييسر لهم الزواج. والذين يريدون أن يتحرروا من العبيد والإماء بمكاتبة أسيادهم على بعض المال يؤدونه إليهم، فعلى مالكيهم أن يكاتبوهم على ذلك إن علموا فيهم خيرًا: مِن رشد وقدرة على الكسب وصلاح في الدين، وعليهم أن يعطوهم شيئًا من المال أو أن يحطوا عنهم مما كُوتبوا عليه. ولا يجوز لكم إكراه جواريكم على الزنى طلبًا للمال، وكيف يقع منكم ذلك وهن يُرِدْن العفة وأنتم تأبونها؟ وفي هذا غاية التشنيع لفعلهم القبيح. ومن يكرههنَّ على الزنى فإن الله تعالى من بعد إكراههن غفور لهن رحيم بهن، والإثم على مَن أكْرههن.
- السعدى : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
{ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعفف، أن يكف عن المحرم، ويفعل الأسباب التي تكفه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطر بإيقاعه فيه، ويفعل أيضا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " وقوله: { الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا } أي: لا يقدرون نكاحا، إما لفقرهم أو فقر أوليائهم وأسيادهم، أو امتناعهم من تزويجهم [وليس لهم] من قدرة على إجبارهم على ذلك، وهذا التقدير، أحسن من تقدير من قدر " لا يجدون مهر نكاح " وجعلوا المضاف إليه نائبا مناب المضاف، فإن في ذلك محذورين: أحدهما: الحذف في الكلام، والأصل عدم الحذف.
والثاني كون المعنى قاصرا على من له حالان، حالة غنى بماله، وحالة عدم، فيخرج العبيد والإماء ومن إنكاحه على وليه، كما ذكرنا.
{ حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } وعد للمستعفف أن الله سيغنيه وييسر له أمره، وأمر له بانتظار الفرج، لئلا يشق عليه ما هو فيه.
وقوله { وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } أي: من ابتغى وطلب منكم الكتابة، وأن يشتري نفسه، من عبيد وإماء، فأجيبوه إلى ما طلب، وكاتبوه، { إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ } أي: في الطالبين للكتابة { خَيْرًا } أي: قدرة على التكسب، وصلاحا في دينه، لأن في الكتابة تحصيل المصلحتين، مصلحة العتق والحرية، ومصلحة العوض الذي يبذله في فداء نفسه. وربما جد واجتهد، وأدرك لسيده في مدة الكتابة من المال ما لا يحصل في رقه، فلا يكون ضرر على السيد في كتابته، مع حصول عظيم المنفعة للعبد، فلذلك أمر الله بالكتابة على هذا الوجه أمر إيجاب، كما هو الظاهر، أو أمر استحباب على القول الآخر، وأمر بمعاونتهم على كتابتهم، لكونهم محتاجين لذلك، بسبب أنهم لا مال لهم، فقال: { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } يدخل في ذلك أمر سيده الذي كاتبه، أن يعطيه من كتابته أو يسقط عنه منها، وأمر الناس بمعونتهم.
ولهذا جعل الله للمكاتبين قسطا من الزكاة، ورغب في إعطائه بقوله: { مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } أي: فكما أن المال مال الله، وإنما الذي بأيديكم عطية من الله لكم ومحض منه، فأحسنوا لعباد الله، كما أحسن الله إليكم.
ومفهوم الآية الكريمة، أن العبد إذا لم يطلب الكتابة، لا يؤمر سيده أن يبتدئ بكتابته، وأنه إذا لم يعلم منه خيرا، بأن علم منه عكسه، إما أنه يعلم أنه لا كسب له، فيكون بسبب ذلك كلا على الناس، ضائعا، وإما أن يخاف إذا أعتق، وصار في حرية نفسه، أن يتمكن من الفساد، فهذا لا يؤمر بكتابته، بل ينهى عن ذلك لما فيه من المحذور المذكور.
ثم قال تعالى: { وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ } أي: إماءكم { عَلَى الْبِغَاءِ } أي: أن تكون زانية { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا } لأنه لا يتصور إكراهها إلا بهذه الحال، وأما إذا لم ترد تحصنا فإنها تكون بغيا، يجب على سيدها منعها من ذلك، وإنما هذا نهى لما كانوا يستعملونه في الجاهلية، من كون السيد يجبر أمته على البغاء، ليأخذ منها أجرة ذلك، ولهذا قال: { لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فلا يليق بكم أن تكون إماؤكم خيرا منكم، وأعف عن الزنا، وأنتم تفعلون بهن ذلك، لأجل عرض الحياة، متاع قليل يعرض ثم يزول.
فكسبكم النزاهة، والنظافة، والمروءة -بقطع النظر عن ثواب الآخرة وعقابها- أفضل من كسبكم العرض القليل، الذي يكسبكم الرذالة والخسة.
ثم دعا من جرى منه الإكراه إلى التوبة، فقال: { وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ } فليتب إلى الله، وليقلع عما صدر منه مما يغضبه، فإذا فعل ذلك، غفر الله ذنوبه، ورحمه كما رحم نفسه بفكاكها من العذاب، وكما رحم أمته بعدم إكراهها على ما يضرها.
- الوسيط لطنطاوي : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
ثم أرشد - سبحانه - الذين لا يجدون وسائل النكاح ، إلى ما يعينهم على حفظ فروجهم ، فقال : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الذين لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حتى يُغْنِيَهُمُ الله مِن فَضْلِهِ ) .
والاستعفاف : طلب العفة ، واختيار طريق الفضيلة التى من وسائلها ما أشار إليه - سبحانه - فى قوله : ( قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ) والمعنى : وعلى المؤمنين والمؤمنات " الذين لا يجدون نكاحا " أى : الذين لا يجدون الوسائل والأسباب التى توصلهم إلى الزواج بسبب ضيق ذات اليد ، أو ما يشبه ذلك ، عليهم أن يتحصنوا بالعفاف وأن يصونوا أنفسهم عن الفواحش ، وأن يستمروا على ذلك حتى يرزقهم الله - تعالى - من فضله رزقا ، يستعينون به على إتمام الزواج .
فهذه الجملة الحكيمة وعد كريم من الله - تعالى - للتائقين إلى الزواج ، العاجزين عن تكاليفه بأنه - سبحانه - سيرزقهم من فضله ما يعينهم على التمكن منه ، متى اعتصموا بطاعته ، وحافظوا على أداء ما أمرهم به .
قال صاحب الكشاف : " وما أحسن ما رتب هذه الأوامر : حيث أمر - أولا - بما يعصم من الفتنة ويبعد عن مواقعة المعصية ، وهو غض البصر . ثم بالنكاح الذى يحصن به الدين ، ويقع به الاستغناء بالحلال عن الحرام ، ثم بالحمل على النفس الأمارة بالسوء ، وعزفها عن الطموح إلى الشهوة عند العجز عن النكاح إلى أن يرزق القدرة عليه " .
ثم حض - سبحانه - على إعانة الأرقاء لكى يتخلصوا من رقهم ويصيروا أحرارا . فقال : ( والذين يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله الذي آتَاكُمْ ) .
والمراد بالكتاب هنا : المكاتبة التى تكون بين السيد وعبده ، بأن يقول السيد لعبده : إن أديت إلى كذا من المال فأنت حر لوجه الله ، فإذا قبل العبد ذلك وأدى ما طلبه منه سيده ، صار حرا .
أى : والذين يطلبون المكاتبة من عبيدكم - أيها الأحرار . . . . فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ، أى : أمانة وقدرة على الكسب ، وأعينوهم على التحرر من رقهم بأن تعطوهم شيئا من المال الذى آتاكم الله إياه ، بفضله وإحسانه .
وهكذا نرى الإسلام يأمر أتباعه الذين رزقهم الله نعمة الحرية ، أن يعينوا مماليكهم على ما يمكنهم من الحصول على هذه النعمة .
ومن العلماء من يرى أن الأمر فى قوله - تعالى - : ( فَكَاتِبُوهُمْ ) وفى قوله ( وَآتُوهُمْ ) للوجوب ، لأنه هو الذى يتناسب مع حرص شريعة الإسلام على تحرير الأرقاء .
ثم نهى - سبحانه - عن رذيلة كانت موجودة فى المجتمع ، لكى يطهره منها ، فقال : ( وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البغآء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ الحياة الدنيا ) .
قال الآلوسى : أخرج مسلم وأبو داود عن جابر أن جارية لعبد الله بن أبى بن سلول يقال لها " مسيكة " وأخرى يقال لها " أميمة " كان يكرههما على الزنا ، فشكتا ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت .
وأخرج ابن مردويه عن على - رضى الله عنه - أنهم كانوا فى الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا ، ويأخذون أجورهن ، فنهوا عن ذلك فى الإسلام ، ونزلت الآية .
والفتيات جمع فتاة والمراد بهن هنا الإماء ، وعبر عنهن بقوله " فتياتكم " على سبيل التكريم لهن ، ففى الحديث الشريف : " لا يقولن أحدكم عبدى وأمتى ولكن فتاى وفتاتى " .
والبغاء - بكسر الباء - زنى المرأة خاصة ، مصدر بغت المرأة تبغى بغاء إذا فجرت .
والتحصن : التصون والتعفف من الزنا .
والمعنى : ولا تكرهوا - أيها الأحرار - فتياتكم اللائى تملكوهن على الزنا إن كرهنه وأردن العفاف والطهر ، لكى تنالوا من وراء إكراههن على ذلك ، بعذ المال الذى يدفع لهن نظير افتراشهن .
وقوله - تعالى - ( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) ليس المقصود منه أنهن إن لم يردن التحصن يكرهن على ذلك ، وإنما المراد منه بيان الواقع الذى نزلت من أجله الآية ، وهو إكرامهم لإمائهم على الزنا مع نفورهن منه . ولأن الإكراه لا يتصور عند رضاهن بالزنا واختيارهن له ، وإنما يتصور عند كراهنتهن له ، وعدم رضاهن عنه ، ولأن فى هذا التعبير تعبيرا لهم ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم : كيف يقع منكم إكراههن على البغاء وهن إماء يردن العفة ويأبين الفاحشة؟ ألم يكن الأولى بكم والأليق بكرامتكم أن تعينوهن على العفاف والطهر ، بدل أن تكرهوهن على ارتكاب الفاحشة من أجل عرض من أعراض الحياة الدنيا؟
وقوله - تعالى - : ( وَمَن يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ الله مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) بيان لمظهر من مظاهر فضل الله - تعالى - ورحمته - بعباده .
أى : ومن يكره إماءه على البغاء فإن الله - تعالى - بفضله وكرمه من بعد إكراهكم لهن ، غفور رحيم لهن ، أما أنتم يا من أكرهتموهن على الزنا فالله وحده هو الذى يتولى حسابكم ، وسيجازيكم بما تستحقون من عقاب .
فمغفرة الله - تعالى - ورحمته إنما هى للمكرهات على الزنا ، لا للمكرهين لهن على ذلك .
قال بعض العلماء : قوله - تعالى - : ( فَإِنَّ الله مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) قيل : غفور لهن : وقيل غفور لهم . وقيل : غفور لهن ولهم .
والأظهر : أن المعنى لهن ، لأن المكره لا يؤاخذ بما يكره عليه ، بل يغفره الله له ، لعذره بالإكراه . فالموعود بالمغفرة والرحمة ، هو المعذور بالإكراه دون المكره - بكسر الراء - لأنه غير معذور بفعله القبيح .
- البغوى : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا ) أي : ليطلب العفة عن الحرام والزنا الذين لا يجدون ما لا ينكحون به للصداق والنفقة ، ( حتى يغنيهم الله من فضله ) أي : يوسع عليهم من رزقه .
قوله تعالى : ( والذين يبتغون الكتاب ) أي : يطلبون المكاتبة ، ( مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ) سبب نزول هذه الآية ما روي أن غلاما لحويطب بن عبد العزى سأل مولاه أن يكاتبه فأبى عليه ، فأنزل الله هذه الآية فكاتبه حويطب على مائة دينار ، ووهب له منها عشرين دينارا فأداها ، وقتل يوم حنين في الحرب
والكتابة أن يقول الرجل لمملوكه : كاتبتك على كذا من المال ، ويسمي مالا معلوما ، يؤدى ذلك في نجمين أو نجوم معلومة في كل نجم كذا ، فإذا أديت فأنت حر ، والعبد يقبل ذلك ، فإذا أدى المال عتق ، ويصير العبد أحق بمكاسبه بعد الكتابة ، وإذا أعتق بعد أداء المال فما فضل في يده من المال ، يكون له ، ويتبعه أولاده الذين حصلوا في حال الكتابة في العتق ، وإذا عجز عن أداء المال كان لمولاه أن يفسخ كتابته ويرده إلى الرق ، وما في يده من المال يكون لمولاه ، لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك عن نافع ، أخبرنا عبد الله بن عمر كان يقول : " المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء " . ورواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : " المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم " .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى : ( فكاتبوهم ) أمر إيجاب ، يجب على المولى أن يكاتب عبده الذي علم فيه خيرا إذا سأل العبد ذلك ، على قيمته أو أكثر ، وإن سأل على أقل من قيمته فلا يجب ، وهو قول عطاء وعمرو بن دينار ، ولما روي أن سيرين سأل أنس بن مالك أن يكاتبه فتلكأ عنه فشكا إلى عمر ، فعلاه بالدرة وأمره بالكتابة فكاتبه . وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه أمر ندب واستحباب . ولا تجوز الكتابة على أقل من نجمين عند الشافعي; لأنه عقد جوز إرفاقا بالعبد ، ومن تتمة الإرفاق أن يكون ذلك المال عليه إلى أجل حتى يؤديه على مهل ، فيحصل المقصود ، كالدية في قتل الخطأ ، وجبت على العاقلة على سبيل المواساة فكانت عليهم مؤجلة منجمة ، وجوز أبو حنيفة الكتابة على نجم واحد وحالة .
قوله تعالى : ( إن علمتم فيهم خيرا ) اختلفوا في معنى الخير ، فقال ابن عمر : قوة على الكسب . وهو قول مالك والثوري ، وقال الحسن ومجاهد والضحاك : مالا كقوله تعالى : " إن ترك خيرا " ( البقرة - 180 ) أي : مالا وروي أن عبدا لسلمان الفارسي قال له : كاتبني ، قال : ألك مال ؟ قال : لا . قال : تريد أن تطعمني من أوساخ الناس ، ولم يكاتبه . قال الزجاج : لو أراد به المال لقال : إن علمتم لهم خيرا . وقال إبراهيم وابن زيد وعبيدة : صدقا وأمانة وقال طاوس ، وعمرو بن دينار : مالا وأمانة وقال الشافعي : وأظهر معاني الخير في العبد : الاكتساب مع الأمانة ، فأحب أن لا يمنع من كتابته إذا كان هكذا .
أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أخبرنا أبو الحسن بن علي بن شريك الشافعي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم ، أخبرنا أبو بكر الجوربذي ، أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب أخبرني الليث عن محمد بن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ثلاثة حق على الله عونهم : المكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح يريد العفاف ، والمجاهد في سبيل الله " . وحكى محمد بن سيرين عن عبيدة : " إن علمتم فيهم خيرا " أي : أقاموا الصلاة . وقيل : هو أن يكون العبد بالغا عاقلا فأما الصبي والمجنون فلا تصح كتابتهما لأن الابتغاء منهما لا يصح . وجوز أبو حنيفة كتابة الصبي المراهق .
قوله - عز وجل - : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : هذا خطاب للموالي ، يجب على المولى أن يحط عن مكاتبه من مال كتابته شيئا ، وهو قول عثمان وعلي والزبير وجماعة ، وبه قال الشافعي . ثم اختلفوا في قدره ، فقال قوم : يحط عنه ربع مال الكتابة ، وهو قول علي ، ورواه بعضهم عن علي مرفوعا ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يحط عنه الثلث . وقال الآخرون : ليس له حد بل عليه أن يحط عنه ما شاء وهو قول الشافعي .
قال نافع : كاتب عبد الله بن عمر غلاما له على خمسة وثلاثين ألف درهم فوضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم . وقال سعيد بن جبير : كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئا من أول نجومه مخافة أن يعجز فترجع إليه صدقته ، ووضع من آخر كتابته ما أحب . وقال بعضهم : هو أمر استحباب . والوجوب أظهر . وقال قوم : أراد بقوله : " وآتوهم من مال الله " أي سهمهم الذي جعله الله لهم من الصدقات المفروضات ، بقوله تعالى : " وفي الرقاب " ( التوبة - 60 ) وهو قول الحسن وزيد بن أسلم . وقال إبراهيم : هو حث لجميع الناس على معونتهم
ولو مات المكاتب قبل أداء النجوم ، اختلف أهل العلم فيه : فذهب كثير منهم إلى أنه يموت رقيقا ، وترتفع الكتابة سواء ترك مالا أو لم يترك ، كما لو تلف المبيع قبل القبض يرتفع البيع . وهو قول عمر ، وابن عمر ، وزيد بن ثابت ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وقتادة ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد . وقال قوم : إن ترك وفاء بما بقي عليه من الكتابة كان حرا وإن كان فيه فضل ، فالزيادة لأولاده الأحرار ، وهو قول عطاء ، وطاوس ، والنخعي ، والحسن ، وبه قال مالك ، والثوري ، وأصحاب الرأي . ولو كاتب عبده كتابة فاسدة يعتق بأداء المال لأن عتقه معلق بالأداء ، وقد وجد وتبعه الأولاد والاكتساب كما في الكتابة الصحيحة ، ويفترقان في بعض الأحكام : وهي أن الكتابة الصحيحة لا يملك المولى فسخها ما لم يعجز المكاتب عن أداء النجوم ، ولا تبطل بموت المولى ، ويعتق بالإبراء عن النجوم ، والكتابة الفاسدة يملك المولى فسخها قبل أداء المال ، حتى لو أدى المال بعد الفسخ لا يعتق ويبطل بموت المولى ، ولا يعتق بالإبراء عن النجوم ، وإذا عتق المكاتب بأداء المال لا يثبت التراجع في الكتابة الصحيحة ، ويثبت في الكتابة الفاسدة ، فيرجع المولى عليه بقيمة رقبته ، وهو يرجع على المولى بما دفع إليه إن كان مالا .
قوله - عز وجل - : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) الآية نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق ، كانت له جاريتان : معاذة ومسيكة ، وكان يكرههما على الزنا بالضريبة يأخذها منهما ، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية ، يؤجرون إماءهم ، فلما جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة : إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين ، فإن يك خيرا فقد استكثرنا منه ، وإن يك شرا فقد آن لنا أن ندعه ، فأنزل الله هذه الآية . وروي أنه جاءت إحدى الجاريتين يوما ببرد وجاءت الأخرى بدينار ، فقال لهما : ارجعا فازنيا ، قالتا : والله لا نفعل ، قد جاء الإسلام وحرم الزنا ، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكتا إليه ، فأنزل هذه الآية
( ولا تكرهوا فتياتكم ) إماءكم ( على البغاء ) أي : الزنا ( إن أردن تحصنا ) أي : إذا أردن ، وليس معناه الشرط ، لأنه لا يجوز إكراههن على الزنا وإن لم يردن تحصنا ، كقوله تعالى : " وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " ( آل عمران - 139 ) ، أي : إذا كنتم مؤمنين وقيل : شرط إرادة التحصن لأن الإكراه إنما يكون عند إرادة التحصن ، فإذا لم ترد التحصن بغت طوعا ، والتحصن : التعفف . وقال الحسن بن الفضل : في الآية تقديم وتأخير تقديرها : وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصنا ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء .
( لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ) أي : لتطلبوا من أموال الدنيا ، يريد من كسبهن وبيع أولادهن ، ( ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) يعني للمكرهات ، والوزر على المكره . وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال : لهن والله لهن والله .
- ابن كثير : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
وقوله تعالى : ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ) . هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجا [ بالتعفف ] عن الحرام ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - : " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج . ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " .
وهذه الآية مطلقة ، والتي في سورة النساء أخص منها ، وهي قوله تعالى : ( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ) ، إلى أن قال : ( ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم ) [ النساء : 25 ] أي صبركم عن تزويج الإماء خير; لأن الولد يجيء رقيقا ، ( والله غفور رحيم ) .
قال عكرمة في قوله : ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا ) قال : هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي ، فإن كانت له امرأة فليذهب إليها وليقض حاجته منها ، وإن لم يكن له امرأة فلينظر في ملكوت السماوات [ والأرض ] حتى يغنيه الله .
وقوله : ( والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) هذا أمر من الله تعالى للسادة إذا طلب منهم عبيدهم الكتابة أن يكاتبوا ، بشرط أن يكون للعبد حيلة وكسب يؤدي إلى سيده المال الذي شارطه على أدائه . وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن هذا الأمر أمر إرشاد واستحباب ، لا أمر تحتم وإيجاب ، بل السيد مخير ، إذا طلب منه عبده الكتابة إن شاء كاتبه ، وإن شاء لم يكاتبه .
وقال الثوري ، عن جابر ، عن الشعبي : إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه .
وقال ابن وهب ، عن إسماعيل بن عياش ، عن رجل ، عن عطاء بن أبي رباح : إن يشأ يكاتبه وإن لم يشأ لم يكاتبه ، وكذا قال مقاتل بن حيان ، والحسن البصري .
وذهب آخرون إلى أنه يجب على السيد إذا طلب منه عبده ذلك ، أن يجيبه إلى ما طلب; أخذا بظاهر هذا الأمر :
قال البخاري : وقال روح ، عن ابن جريج قلت لعطاء : [ أواجب علي إذا علمت له مالا أن أكاتبه؟ قال : ما أراه إلا واجبا . وقال عمرو بن دينار : قلت لعطاء ] ، أتأثره عن أحد؟ قال : لا . ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره ، أن سيرين سأل أنسا المكاتبة - وكان كثير المال ، فأبى . فانطلق إلى عمر بن الخطاب فقال : كاتبه . فأبى ، فضربه بالدرة ، ويتلو عمر ، رضي الله عنه : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) ، فكاتبه
هكذا ذكره البخاري تعليقا . ورواه عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج قال : قلت لعطاء : أواجب علي إذا علمت له مالا أن أكاتبه؟ قال : ما أراه إلا واجبا . وقال عمرو بن دينار ، قال : قلت لعطاء : أتأثره عن أحد؟ قال : لا
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن سيرين أراد أن يكاتبه ، فتلكأ عليه ، فقال له عمر : لتكاتبنه . إسناد صحيح .
وقال سعيد بن منصور : حدثنا هشيم بن جويبر ، عن الضحاك قال : هي عزمة .
وهذا هو القول القديم من قولي الشافعي ، رحمه الله ، وذهب في الجديد إلى أنه لا يجب; لقوله عليه الصلاة والسلام : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه " .
وقال ابن وهب : قال مالك : الأمر عندنا أن ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك ، ولم أسمع أحدا من الأئمة أكره أحدا على أن يكاتب عبده . قال مالك : وإنما ذلك أمر من الله ، وإذن منه للناس ، وليس بواجب .
وكذا قال الثوري ، وأبو حنيفة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيرهم . واختار ابن جرير قول الوجوب لظاهر الآية .
وقوله : ( إن علمتم فيهم خيرا ) ، قال بعضهم : أمانة . وقال بعضهم : صدقا . [ وقال بعضهم : مالا ] وقال بعضهم : حيلة وكسبا .
وروى أبو داود في كتاب المراسيل ، عن يحيى بن أبي كثير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) قال : "
إن علمتم فيهم حرفة ، ولا ترسلوهم كلا على الناس " .وقوله : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) اختلف المفسرون فيه ، فقال قائلون : معناه اطرحوا لهم من الكتابة بعضها ، ثم قال بعضهم : مقدار الربع . وقيل : الثلث . وقيل : النصف . وقيل : جزء من الكتابة من غير واحد .
وقال آخرون : بل المراد من قوله : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) هو النصيب الذي فرض الله لهم من أموال الزكوات . وهذا قول الحسن ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وأبيه ، ومقاتل بن حيان . واختاره ابن جرير .
وقال إبراهيم النخعي في قوله : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) قال : حث الناس عليه مولاه وغيره . وكذلك قال بريدة بن الحصيب الأسلمي ، وقتادة .
وقال ابن عباس : أمر الله المؤمنين أن يعينوا في الرقاب . وقد تقدم في الحديث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
ثلاثة حق على الله عونهم " : فذكر منهم المكاتب يريد الأداء ، والقول الأول أشهر .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا وكيع ، عن ابن شبيب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر; أنه كاتب عبدا له ، يكنى أبا أمية ، فجاء بنجمه حين حل ، فقال : يا أبا أمية ، اذهب فاستعن به في مكاتبتك . قال : يا أمير المؤمنين ، لو تركته حتى يكون من آخر نجم؟ قال : أخاف ألا أدرك ذلك . ثم قرأ : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) قال عكرمة : كان أول نجم أدي في الإسلام .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئا من أول نجومه ، مخافة أن يعجز فترجع إليه صدقته . ولكنه إذا كان في آخر مكاتبته ، وضع عنه ما أحب .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) قال : يعني : ضعوا عنهم من مكاتبتهم . وكذلك قال مجاهد ، وعطاء ، والقاسم بن أبي بزة ، وعبد الكريم بن مالك الجزري ، والسدي .
وقال محمد بن سيرين في قوله : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) : كان يعجبهم أن يدع الرجل لمكاتبه طائفة من مكاتبته .
وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا الفضل بن شاذان المقرئ ، أخبرنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء بن السائب : أن عبد الله بن جندب أخبره ، عن علي ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
ربع الكتابة " .وهذا حديث غريب ، ورفعه منكر ، والأشبه أنه موقوف على علي ، رضي الله عنه ، كما رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي ، رحمه الله .
وقوله : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ) الآية : كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة ، أرسلها تزني ، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت . فلما جاء الإسلام ، نهى الله المسلمين عن ذلك .
وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة - فيما ذكره غير واحد من المفسرين ، من السلف والخلف - في شأن عبد الله بن أبي بن سلول [ المنافق ] فإنه كان له إماء ، فكان يكرههن على البغاء طلبا لخراجهن ، ورغبة في أولادهن ، ورئاسة منه فيما يزعم [ قبحه الله ولعنه ]
[ ذكر الآثار الواردة في ذلك ]
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ، رحمه الله ، في مسنده : حدثنا أحمد بن داود الواسطي ، حدثنا أبو عمرو اللخمي - يعني : محمد بن الحجاج - حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري قال : كانت جارية لعبد الله بن أبي بن سلول ، يقال لها : معاذة ، يكرهها على الزنى ، فلما جاء الإسلام نزلت : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) إلى قوله : ( فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم )
وقال الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر في هذه الآية : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) قال : نزلت في أمة لعبد الله بن أبي بن سلول يقال لها : مسيكة ، كان يكرهها على الفجور - وكانت لا بأس بها - فتأبى . فأنزل الله ، عز وجل ، هذه الآية إلى قوله ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) .
وروى النسائي ، من حديث ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر نحوه
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا علي بن سعيد ، حدثنا الأعمش ، حدثني أبو سفيان ، عن جابر قال : كان لعبد الله بن أبي بن سلول جارية يقال لها : مسيكة ، وكان يكرهها على البغاء ، فأنزل الله : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) ، إلى قوله : ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) .
صرح الأعمش بالسماع من أبي سفيان طلحة بن نافع ، فدل على بطلان قول من قال : "
لم يسمع منه ، إنما هو صحيفة " حكاه البزار .قال أبو داود الطيالسي ، عن سليمان بن معاذ ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس; أن جارية لعبد الله بن أبي كانت تزني في الجاهلية ، فولدت أولادا من الزنى ، فقال لها : ما لك لا تزنين؟ قالت لا والله لا أزني . فضربها ، فأنزل الله عز وجل : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا )
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري : أن رجلا من قريش أسر يوم بدر ، وكان عند عبد الله بن أبي أسيرا ، وكانت لعبد الله بن أبي جارية يقال لها : معاذة ، وكان القرشي الأسير يريدها على نفسها ، وكانت مسلمة . وكانت تمتنع منه لإسلامها ، وكان عبد الله بن أبي يكرهها على ذلك ويضربها ، رجاء أن تحمل للقرشي ، فيطلب فداء ولده ، فقال تبارك وتعالى : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا )
وقال السدي : أنزلت هذه الآية الكريمة في عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين ، وكانت له جارية تدعى معاذة ، وكان إذا نزل به ضيف أرسلها إليه ليواقعها ، إرادة الثواب منه والكرامة له . فأقبلت الجارية إلى أبي بكر ، رضي الله عنه فشكت إليه ذلك ، فذكره أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره بقبضها . فصاح عبد الله بن أبي : من يعذرني من محمد ، يغلبنا على مملوكتنا؟ فأنزل الله فيهم هذا .
وقال مقاتل بن حيان : بلغنا - والله أعلم - أن هذه الآية نزلت في رجلين كانا يكرهان أمتين لهما ، إحداهما اسمها مسيكة ، وكانت للأنصاري ، وكانت أميمة أم مسيكة لعبد الله بن أبي ، وكانت معاذة وأروى بتلك المنزلة ، فأتت مسيكة وأمها النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرتا ذلك له ، فأنزل الله في ذلك ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) يعني : الزنى .
وقوله : ( إن أردن تحصنا ) هذا خرج مخرج الغالب ، فلا مفهوم له . وقوله : ( لتبتغوا عرض [ الحياة ] الدنيا ) أي : من خراجهن ومهورهن وأولادهن . وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن كسب الحجام ، ومهر البغي وحلوان الكاهن - وفي رواية : "
مهر البغي خبيث ، وكسب الحجام خبيث ، وثمن الكلب خبيث "وقوله : ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) [ أي : لهن ، كما تقدم في الحديث عن جابر .
وقال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : فإن فعلتم فإن الله لهن غفور رحيم ]
وإثمهن على من أكرههن : وكذا قال مجاهد ، وعطاء الخراساني ، والأعمش ، وقتادة .وقال أبو عبيد : حدثني إسحاق الأزرق ، عن عوف ، عن الحسن في هذه الآية : ( فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) قال : لهن والله . لهن والله .
وعن الزهري قال : غفور لهن ما أكرهن عليه .
وعن زيد بن أسلم قال : غفور رحيم للمكرهات .
حكاهن ابن المنذر في تفسيره بأسانيده .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء ، عن سعيد بن جبير قال : في قراءة عبد الله بن مسعود : " فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم " وإثمهن على من أكرههن .
وفي الحديث المرفوع ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه " .
- القرطبى : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
قوله تعالى : وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم
قوله تعالى : وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله .
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : وليستعفف الذين الخطاب لمن يملك أمر نفسه ، لا لمن زمامه بيد غيره فإنه يقوده إلى ما يراه ؛ كالمحجور - قولا واحدا - والأمة والعبد ؛ على أحد قولي العلماء .
الثانية : ( واستعفف ) وزنه استفعل ؛ ومعناه طلب أن يكون عفيفا ؛ فأمر الله تعالى بهذه الآية كل من تعذر عليه النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف . ثم لما كان أغلب الموانع على النكاح عدم المال وعد بالإغناء من فضله ؛ فيرزقه ما يتزوج به ، أو يجد امرأة ترضى باليسير من الصداق ، أو تزول عنه شهوة النساء . وروى النسائي ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ثلاثة كلهم حق على الله - عز وجل - عونهم المجاهد في سبيل الله ، والناكح الذي يريد العفاف ، والمكاتب الذي يريد الأداء .
الثالثة : قوله تعالى : لا يجدون نكاحا أي طول نكاح ؛ فحذف المضاف . وقيل : النكاح هاهنا ما تنكح به المرأة من المهر والنفقة ؛ كاللحاف اسم لما يلتحف به . واللباس اسم لما يلبس ؛ فعلى هذا لا حذف في الآية ، قاله جماعة من المفسرين ؛ وحملهم على هذا قوله تعالى : حتى يغنيهم الله من فضله فظنوا أن المأمور بالاستعفاف إنما هو من عدم المال الذي يتزوج به . وفي هذا القول تخصيص المأمورين بالاستعفاف ؛ وذلك ضعيف ، بل الأمر بالاستعفاف متوجه لكل من تعذر عليه النكاح بأي وجه تعذر ، كما قدمناه ، والله تعالى أعلم .
الرابعة : من تاقت نفسه إلى النكاح فإن وجد الطول فالمستحب له أن يتزوج ، وإن لم يجد الطول فعليه بالاستعفاف ما أمكن ولو بالصوم فإن الصوم له وجاء ؛ كما جاء في الخبر الصحيح . ومن لم تتق نفسه إلى النكاح فالأولى له التخلي لعبادة الله تعالى . وفي الخبر ( خيركم الخفيف الحاذ الذي لا أهل له ولا ولد ) . وقد تقدم جواز نكاح الإماء عند عدم الطول للحرة في ( النساء ) والحمد لله . ولما لم يجعل الله له من العفة والنكاح درجة دل على أن ما عداهما محرم ولا يدخل فيه ملك اليمين ؛ لأنه بنص آخر مباح وهو قوله تعالى : أو ما ملكت أيمانكم فجاءت فيه زيادة ويبقى على التحريم الاستمناء ردا على أحمد . وكذلك يخرج عنه نكاح المتعة بنسخه وقد تقدم هذا في ( المؤمنون ) .
قوله تعالى : والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا .
فيه ست عشرة مسألة :
الأولى : والذين يبتغون الكتاب الذين في موضع رفع . وعند الخليل وسيبويه في موضع نصب على إضمار فعل ؛ لأن بعده أمرا . ولما جرى ذكر العبيد والإماء فيما سبق وصل به أن العبد إن طلب الكتاب فالمستحب كتابته ؛ فربما يقصد بالكتابة أن يستقل ويكتسب ويتزوج إذا أراد ، فيكون أعف له . قيل : نزلت في غلام لحويطب بن عبد العزى يقال له صبح - وقيل صبيح - طلب من مولاه أن يكاتبه فأبى ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فكاتبه حويطب على مائة دينار ووهب له منها عشرين دينارا فأداها ، وقتل بحنين في الحرب ؛ ذكره القشيري ، وحكاه النقاش . وقال مكي : هو صبيح القبطي غلام حاطب بن أبي بلتعة . وعلى الجملة فإن الله تعالى أمر المؤمنين كافة أن يكاتب منهم كل من له مملوك وطلب المملوك الكتابة وعلم سيده منه خيرا .
الثانية : الكتاب والمكاتبة سواء ؛ مفاعلة مما لا تكون إلا بين اثنين ، لأنها معاقدة بين السيد وعبده ؛ يقال : كاتب يكاتب كتابا ومكاتبة ، كما يقال : قاتل قتالا ومقاتلة . فالكتاب في الآية مصدر كالقتال والجلاد والدفاع . وقيل : الكتاب هاهنا هو الكتاب المعروف الذي يكتب فيه الشيء ؛ وذلك أنهم كانوا إذا كاتبوا العبد كتبوا عليه وعلى أنفسهم بذلك كتابا . فالمعنى يطلبون العتق الذي يكتب به الكتاب فيدفع إليهم .
الثالثة : معنى المكاتبة في الشرع : هو أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجما عليه ؛ فإذا أداه فهو حر . ولها حالتان : الأولى : أن يطلبها العبد ويجيبه السيد ؛ فهذا مطلق الآية وظاهرها . الثانية : أن يطلبها العبد ويأباها السيد ؛ وفيها قولان : الأول : لعكرمة ، وعطاء ، ومسروق ، وعمرو بن دينار ، والضحاك بن مزاحم ، وجماعة أهل الظاهر أن ذلك واجب على السيد . وقال علماء الأمصار : لا يجب ذلك . وتعلق من أوجبها بمطلق الأمر ، وأفعل بمطلقه على الوجوب حتى يأتي الدليل بغيره . وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، واختاره الطبري . واحتج داود أيضا بأن سيرين أبا محمد بن سيرين سأل أنس بن مالك الكتابة وهو مولاه فأبى أنس ؛ فرفع عمر عليه الدرة ، وتلا : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ، فكاتبه أنس . قال داود : وما كان عمر ليرفع الدرة على أنس فيما له مباح ألا يفعله . وتمسك الجمهور بأن الإجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك ، ولم يجبر عليه وإن ضوعف له في الثمن . وكذلك لو قال له أعتقني أو دبرني أو زوجني لم يلزمه ذلك بإجماع ، فكذلك الكتابة ؛ لأنها معاوضة فلا تصح إلا عن تراض . وقولهم : مطلق الأمر يقتضي الوجوب صحيح ، لكن إذا عري عن قرينة تقتضي صرفه عن الوجوب ، وتعليقه هنا بشرط علم الخير فيه ؛ فعلق الوجوب على أمر باطن وهو علم السيد بالخيرية . وإذا قال العبد : كاتبني ؛ وقال السيد : لم أعلم فيك خيرا ؛ وهو أمر باطن ، فيرجع فيه إليه ويعول عليه . وهذا قوي في بابه .
الرابعة : واختلف العلماء في قوله تعالى : خيرا فقال ابن عباس ، وعطاء : المال . مجاهد : المال والأداء . والحسن ، والنخعي : الدين والأمانة . وقال مالك : سمعت بعض أهل العلم يقولون هو القوة على الاكتساب والأداء . وعن الليث نحوه ، وهو قول الشافعي . وقال عبيدة السلماني : إقامة الصلاة والخير . قال الطحاوي : وقول من قال إنه المال لا يصح عندنا ؛ لأن العبد مال لمولاه ، فكيف يكون له مال . والمعنى عندنا : إن علمتم فيهم الدين والصدق ، وعلمتم أنهم يعاملونكم على أنهم متعبدون بالوفاء لكم بما عليهم من الكتابة والصدق في المعاملة فكاتبوهم . وقال أبو عمر : من لم يقل إن الخير هنا المال أنكر أن يقال إن علمتم فيهم مالا ، وإنما يقال : علمت فيه الخير والصلاح والأمانة ؛ ولا يقال : علمت فيه المال ، وإنما يقال علمت عنده المال .
قلت : وحديث بريرة يرد قول من قال : إن الخير المال ؛ على ما يأتي .
الخامسة : اختلف العلماء في كتابة من لا حرفة له ؛ فكان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم تكن له حرفة ، ويقول : أتأمرني أن آكل أوساخ الناس ؛ ونحوه عن سلمان الفارسي . وروى حكيم بن حزام فقال : كتب عمر بن الخطاب إلى عمير بن سعد : أما بعد ! فانه من قبلك من المسلمين أن يكاتبوا أرقاءهم على مسألة الناس . وكرهه الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق . ورخص في ذلك مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي . وروي عن علي - رضي الله عنه - أن ابن التياح مؤذنه قال له : أكاتب وليس لي مال ؟ قال نعم ؛ ثم حض الناس على الصدقة علي ؛ فأعطوني ما فضل عن مكاتبتي ، فأتيت عليا فقال : اجعلها في الرقاب . وقد روي عن مالك كراهة ذلك ، وأن الأمة التي لا حرفة لها يكره مكاتبتها لما يؤدي إليه من فسادها . والحجة في السنة لا فيما خالفها . روى الأئمة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخلت علي بريرة فقالت : إن أهلي كاتبوني على تسع أواق في تسع سنين كل سنة أوقية ، فأعينيني . . . الحديث . فهذا دليل على أن للسيد أن يكاتب عبده وهو لا شيء معه ؛ ألا ترى أن بريرة جاءت عائشة تخبرها بأنها كاتبت أهلها وسألتها أن تعينها ، وذلك كان في أول كتابتها قبل أن تؤدي منها شيئا ؛ كذلك ذكره ابن شهاب ، عن عروة أن عائشة أخبرته أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا ؛ أخرجه البخاري ، وأبو داود . وفي هذا دليل على جواز كتابة الأمة ، وهي غير ذات صنعة ولا حرفة ولا مال ، ولم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هل لها كسب أو عمل واصب أو مال ، ولو كان هذا واجبا لسأل عنه ليقع حكمه عليه ؛ لأنه بعث مبينا معلما - صلى الله عليه وسلم - . وفي هذا الحديث ما يدل على أن من تأول في قوله تعالى : إن علمتم فيهم خيرا أن المال الخير ، ليس بالتأويل الجيد ، وأن الخير المذكور هو القوة على الاكتساب مع الأمانة . والله أعلم .
السادسة : الكتابة تكون بقليل المال وكثيره ، وتكون على أنجم ؛ لحديث بريرة . وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء والحمد لله . فلو كاتبه على ألف درهم ولم يذكر أجلا نجمت عليه بقدر سعايته وإن كره السيد . قال الشافعي : لا بد فيها من أجل ؛ وأقلها ثلاثة أنجم . واختلفوا إذا وقعت على نجم واحد فأكثر أهل العلم يجيزونها على نجم واحد . وقال الشافعي : لا تجوز على نجم واحد ، ولا تجوز حالة البتة ، وإنما ذلك عتق على صفة ؛ كأنه قال : إذا أديت كذا وكذا فأنت حر وليست كتابة . قال ابن العربي : اختلف العلماء والسلف في الكتابة إذا كانت حالة على قولين ، واختلف قول علمائنا كاختلافهم . والصحيح في النظر أن الكتابة مؤجلة ؛ كما ورد بها الأثر في حديث بريرة حين كاتبت أهلها على تسع أواق في كل عام أوقية ، وكما فعلت الصحابة ؛ ولذلك سميت كتابة لأنها تكتب ويشهد عليها ، فقد استوسق الاسم والأثر ، وعضده المعنى ؛ فإن المال إن جعله حالا وكان عند العبد شيء فهو مال مقاطعة وعقد مقاطعة لا عقد كتابة . وقال ابن خويز منداد : إذا كاتبه على مال معجل كان عتقا على مال ، ولم تكن كتابة . وأجاز غيره من أصحابنا الكتابة الحالة وسماها قطاعة ، وهو القياس ؛ لأن الأجل فيها إنما هو فسحة للعبد في التكسب . ألا ترى أنه لو جاء بالمنجم عليه قبل محله لوجب على السيد أن يأخذه ويتعجل للمكاتب عتقه . وتجوز الكتابة الحالة ؛ قاله الكوفيون .
قلت : لم يرد عن مالك نص في الكتابة الحالة ؛ والأصحاب يقولون : إنها جائزة ، ويسمونها قطاعة . وأما قول الشافعي إنها لا تجوز على أقل من ثلاثة أنجم فليس بصحيح ؛ لأنه لو كان صحيحا لجاز لغيره أن يقول : لا يجوز على أقل من خمسة نجوم ؛ لأنها أقل النجوم التي كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بريرة ، وعلم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقضى فيها ، فكان بصواب الحجة أولى . روى البخاري عن عائشة أن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها وعليها خمسة أواق نجمت عليها في خمس سنين . . . الحديث . كذا قال الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : وعليها خمسة أواق نجمت عليها في خمس سنين . وقال أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : جاءت بريرة فقالت : إني كاتبت أهلي على تسع أواق . . . الحديث . وظاهر الروايتين تعارض ، غير أن حديث هشام أولى لاتصاله وانقطاع حديث يونس ؛ لقول البخاري : وقال الليث حدثني يونس ؛ ولأن هشاما أثبت في حديث أبيه وجده من غيره ، والله أعلم .
السابعة : المكاتب عبد ما بقي عليه من مال الكتابة شيء ؛ لقوله - عليه السلام - : المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم . أخرج أبو داود ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده . وروي عنه أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد . وهذا قول مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة ، وأصحابهم ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وداود ، والطبري . وروي ذلك عن ابن عمر من وجوه ، وعن زيد بن ثابت ، وعائشة ، وأم سلمة ، لم يختلف عنهم في ذلك - رضي الله عنهم - . وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وبه قال ابن المسيب ، والقاسم ، وسالم ، وعطاء . قال مالك : وكل من أدركنا ببلدنا يقول ذلك . وفيها قول آخر روي عن علي أنه إذا أدى الشطر فهو غريم ؛ وبه قال النخعي . وروي ذلك عن عمر - رضي الله عنه - ، والإسناد عنه بأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم خير من الإسناد عنه بأن المكاتب إذا أدى الشطر فلا رق عليه ؛ قاله أبو عمر . وعن علي أيضا يعتق منه بقدر ما أدى . وعنه أيضا أن العتاقة تجري فيه بأول نجم يؤديه . وقال ابن مسعود : إذا أدى ثلث الكتابة فهو عتيق غريم ؛ وهذا قول شريح . وعن ابن مسعود : لو كانت الكتابة مائتي دينار وقيمة العبد مائة دينار فأدى العبد المائة التي هي قيمته عتق ؛ وهو قول النخعي أيضا . وقول سابع : إذا أدى الثلاثة الأرباع وبقي الربع فهو غريم ولا يعود عبدا ؛ قاله عطاء بن أبي رباح ، رواه ابن جريج عنه . وحكي عن بعض السلف أنه بنفس عقد الكتابة حر ، وهو غريم بالكتابة ولا يرجع إلى الرق أبدا . وهذا القول يرده حديث بريرة لصحته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفيه دليل واضح على أن المكاتب عبد ، ولولا ذلك ما بيعت بريرة ، ولو كان فيها شيء من العتق ما أجاز بيع ذلك ؛ إذ من سنته المجمع عليها ألا يباع الحر . وكذلك كتابة سلمان وجويرية ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم لجميعهم بالرق حتى أدوا الكتابة . وهي حجة للجمهور في أن المكاتب عبد ما بقي عليه شيء . وقد ناظر علي بن أبي طالب زيد بن ثابت في المكاتب ؛ فقال لعلي : أكنت راجمه لو زنى ، أو مجيزا شهادته لو شهد ؟ فقال علي لا . فقال زيد : هو عبد ما بقي عليه شيء . وقد روى النسائي ، عن علي ، وابن عباس - رضي الله عنهم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ويقام عليه الحد بقدر ما أدى ويرث بقدر ما عتق منه . وإسناده صحيح . وهو حجة لما روي عن علي ، ويعتضد بما رواه أبو داود عن نبهان مكاتب أم سلمة قال سمعت أم سلمة تقول : قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه . وأخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . إلا أنه يحتمل أن يكون خطابا مع زوجاته أخذا بالاحتياط والورع في حقهن ؛ كما قال لسودة : احتجبي منه مع أنه قد حكم بأخوتها له ، وبقوله لعائشة ، وحفصة : أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه يعني ابن أم مكتوم ، مع أنه قال لفاطمة بنت قيس : اعتدي عند ابن أم مكتوم وقد تقدم هذا المعنى .
الثامنة : أجمع على أن المكاتب إذا حل عليه نجم من نجومه أو نجمان أو نجومه كلها فوقف السيد عن مطالبته وتركه بحاله أن الكتابة لا تنفسخ ما داما على ذلك ثابتين .
التاسعة : قال مالك : ليس للعبد أن يعجز نفسه إذا كان له مال ظاهر ، وإن لم يظهر له مال فذلك إليه . وقال الأوزاعي : لا يمكن من تعجيز نفسه إذا كان قويا على الأداء . وقال الشافعي : له أن يعجز نفسه ، علم له مال أو قوة على الكتابة أو لم يعلم ؛ فإذا قال : قد عجزت وأبطلت الكتابة فذلك إليه . وقال مالك : إذا عجز المكاتب فكل ما قبضه منه سيده قبل العجز حل له ، كان من كسبه أو من صدقة عليه . وأما ما أعين به على فكاك رقبته فلم يف ذلك بكتابته كان لكل من أعانه الرجوع بما أعطى أو تحلل منه المكاتب . ولو أعانوه صدقة لا على فكاك رقبته فذلك إن عجز حل لسيده ولو تم به فكاكه وبقيت منه فضلة . فإن كان بمعنى الفكاك ردها إليهم بالحصص أو يحللونه منها . هذا كله مذهب مالك فيما ذكر ابن القاسم . وقال أكثر أهل العلم : إن ما قبضه السيد منه من كتابته ، وما فضل بيده بعد عجزه من صدقة أو غيرها فهو لسيده ، يطيب له أخذ ذلك كله . هذا قول الشافعي ، وأبي حنيفة ، وأصحابهما ، وأحمد بن حنبل ، ورواية عن شريح . وقال الثوري : يجعل السيد ما أعطاه في الرقاب ؛ وهو قول مسروق ، والنخعي ، ورواية عن شريح . وقالت طائفة : ما قبض منه السيد فهو له ، وما فضل بيده بعد العجز فهو له دون سيده ؛ وهذا قول بعض من ذهب إلى أن العبد يملك . وقال إسحاق : ما أعطي بحال الكتابة رد على أربابه .
العاشرة : حديث بريرة على اختلاف طرقه وألفاظه يتضمن أن بريرة وقع فيها بيع بعد كتابة تقدمت . واختلف الناس في بيع المكاتب بسبب ذلك . وقد ترجم البخاري ( باب بيع المكاتب إذا رضي ) . وإلى جواز بيعه للعتق إذا رضي المكاتب بالبيع ولو لم يكن عاجزا ، ذهب ابن المنذر ، والداودي ، وهو الذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البر ، وبه قال ابن شهاب ، وأبو الزناد ، وربيعة ؛ غير أنهم قالوا : لأن رضاه بالبيع عجز منه . وقال مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما : لا يجوز بيع المكاتب ما دام مكاتبا حتى يعجز ، ولا يجوز بيع كتابته بحال ؛ وهو قول الشافعي بمصر ، وكان بالعراق يقول : بيعه جائز ، وأما بيع كتابته فغير جائزة . وأجاز مالك بيع الكتابة ؛ فإن أداها عتق وإلا كان رقيقا لمشتري الكتابة . ومنع من ذلك أبو حنيفة ؛ لأنه بيع غرر . واختلف قول الشافعي في ذلك بالمنع والإجازة . وقالت طائفة : يجوز بيع المكاتب على أن يمضي في كتابته ؛ فإن أدى عتق وكان ولاؤه للذي ابتاعه ، ولو عجز فهو عبد له . وبه قال النخعي ، وعطاء ، والليث ، وأحمد ، وأبو ثور . وقال الأوزاعي : لا يباع المكاتب إلا للعتق ، ويكره أن يباع قبل عجزه ؛ وهو قول أحمد ، وإسحاق . قال أبو عمر : في حديث بريرة إجازة بيع المكاتب إذا رضي بالبيع ولم يكن عاجزا عن أداء نجم قد حل عليه ؛ بخلاف قول من زعم أن بيع المكاتب غير جائز إلا بالعجز ؛ لأن بريرة لم تذكر أنها عجزت عن أداء نجم ، ولا أخبرت بأن النجم قد حل عليها ، ولا قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعاجزة أنت أم هل حل عليك نجم ؟ ولو لم يجز بيع المكاتب والمكاتبة إلا بالعجز عن أداء ما قد حل لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سألها : أعاجزة هي أم لا ، وما كان ليأذن في شرائها إلا بعد علمه - صلى الله عليه وسلم - أنها عاجزة ولو عن أداء نجم واحد قد حل عليها . وفي حديث الزهري أنها لم تكن قضت من كتابتها شيئا . ولا أعلم في هذا الباب حجة أصح من حديث بريرة هذا ، ولم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء يعارضه ، ولا في شيء من الأخبار دليل على عجزها . استدل من منع من بيع المكاتب بأمور : منها أن قالوا إن الكتابة المذكورة لم تكن انعقدت ، وأن قولها كاتبت أهلي معناه أنها راوضتهم عليها ، وقدروا مبلغها وأجلها ولم يعقدوها . وظاهر الأحاديث خلاف هذا إذا تؤمل مساقها . وقيل : إن بريرة عجزت عن الأداء فاتفقت هي وأهلها على فسخ الكتابة ، وحينئذ صح البيع ؛ إلا أن هذا إنما يتمشى على قول من يقول : إن تعجيز المكاتب غير مفتقر إلى حكم حاكم إذا اتفق العبد والسيد عليه ؛ لأن الحق لا يعدوهما ، وهو المذهب المعروف . وقال سحنون : لا بد من السلطان ؛ وهذا إنما خاف أن يتواطآ على ترك حق الله تعالى . ويدل على صحة أنها عجزت ما روي أن بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا ؛ فقالت لها عائشة : ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك فعلت . فظاهر هذا أن جميع كتابتها أو بعضها استحق عليها ؛ لأنه لا يقضى من الحقوق إلا ما وجبت المطالبة به ، والله أعلم . هذه التأويلات أشبه ما لهم وفيها من الدخل ما بيناه . وقال ابن المنذر : ولا أعلم حجة لمن قال ليس له بيع المكاتب إلا أن يقول لعل بريرة عجزت . قال الشافعي : وأظهر معانيه أن لمالك المكاتب بيعه .
الحادية عشرة : المكاتب إذا أدى كتابته عتق ولا يحتاج إلى ابتداء عتق من السيد . وكذلك ولده الذين ولدوا في كتابته من أمته ، يعتقون بعتقه ويرقون برقه ؛ لأن ولد الإنسان من أمته بمثابته اعتبارا بالحر وكذلك ولد المكاتبة ، فإن كان لهما ولد قبل الكتابة لم يدخل في الكتابة إلا بشرط .
الثانية عشرة : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم هذا أمر للسادة بإعانتهم في مال الكتابة ؛ إما بأن يعطوهم شيئا مما في أيديهم - أعني أيدي السادة - أو يحطوا عنهم شيئا من مال الكتابة . قال مالك : يوضع عن المكاتب من آخر كتابته . وقد وضع ابن عمر خمسة آلاف من خمسة وثلاثين ألفا . واستحسن علي - رضي الله عنه - أن يكون ذلك ربع الكتابة . قال الزهراوي : روي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . واستحسن ابن مسعود ، والحسن بن أبي الحسن ثلثها . وقال قتادة : عشرها . ابن جبير : يسقط عنه شيئا ، ولم يحده ؛ وهو قول الشافعي ، واستحسنه الثوري . قال الشافعي : والشيء أقل شيء يقع عليه اسم شيء ، ويجبر عليه السيد ويحكم به الحاكم على الورثة إن مات السيد . ورأى مالك رحمه الله تعالى هذا الأمر على الندب ، ولم ير لقدر الوضعية حدا . احتج الشافعي بمطلق الأمر في قوله [ تعالى ] : وآتوهم ، ورأى أن عطف الواجب على الندب معلوم في القرآن ولسان العرب ؛ كما قال تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وما كان مثله . قال ابن العربي : وذكره قبله إسماعيل بن إسحاق القاضي ، جعل الشافعي الإيتاء واجبا ، والكتابة غير واجبة ؛ فجعل الأصل غير واجب والفرع واجبا ، وهذا لا نظير له ، فصارت دعوى محضة . فإن قيل : يكون ذلك كالنكاح لا يجب فإذا انعقد وجبت أحكامه ، منها المتعة . قلنا : عندنا لا تجب المتعة فلا معنى لأصحاب الشافعي . وقد كاتب عثمان بن عفان عبده وحلف ألا يحطه . . . ، في حديث طويل .
قلت : وقد قال الحسن ، والنخعي ، وبريدة : إنما الخطاب بقوله : وآتوهم للناس أجمعين في أن يتصدقوا على المكاتبين ، وأن يعينوهم في فكاك رقابهم . وقال زيد بن أسلم : إنما الخطاب للولاة بأن يعطوا المكاتبين من مال الصدقة حظهم ؛ وهو الذي تضمنه قوله تعالى : وفي الرقاب . وعلى هذين القولين فليس لسيد المكاتب أن يضع شيئا عن مكاتبه . ودليل هذا أنه لو أراد حط شيء من نجوم الكتابة لقال وضعوا عنهم كذا .
الثالثة عشرة : : إذا قلنا : إن المراد بالخطاب السادة فرأى عمر بن الخطاب أن يكون ذلك من أول نجومه مبادرة إلى الخير خوفا ألا يدرك آخرها . ورأى مالك رحمه الله تعالى وغيره أن يكون الوضع من آخر نجم . وعلة ذلك أنه إذا وضع من أول نجم ربما عجز العبد فرجع هو وماله إلى السيد ، فعادت إليه وضيعته وهي شبه الصدقة . وهذا قول عبد الله بن عمر ، وعلي . وقال مجاهد : يترك له من كل نجم . قال ابن العربي : والأقوى عندي أن يكون في آخرها ؛ لأن الإسقاط أبدا إنما يكون في أخريات الديون .
الرابعة عشرة : المكاتب إذا بيع للعتق رضا منه بعد الكتابة وقبض بائعه ثمنه لم يجب عليه أن يعطيه من ثمنه شيئا ، سواء باعه لعتق أو لغير عتق ، وليس ذلك كالسيد يؤدي إليه مكاتب كتابته فيؤتيه منها أو يضع عنه من آخرها نجما أو ما شاء ؛ على ما أمر الله به في كتابه ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر موالي بريرة بإعطائها مما قبضوا شيئا ، وإن كانوا قد باعوها للعتق .
الخامسة عشرة : اختلفوا في صفة عقد الكتابة ؛ فقال ابن خويز منداد : صفتها أن يقول السيد لعبده : كاتبتك على كذا وكذا من المال ، في كذا وكذا نجما ، إذا أديته فأنت حر . أو يقول له أد إلي ألفا في عشرة أنجم وأنت حر . فيقول العبد : قد قبلت ، ونحو ذلك من الألفاظ ؛ فمتى أداها عتق . وكذلك لو قال العبد كاتبني ، فقال السيد قد فعلت ، أو قد كاتبتك . قال ابن العربي : وهذا لا يلزم ؛ لأن لفظ القرآن لا يقتضيه والحال يشهد له ؛ فإن ذكره فحسن ، وإن تركه فهو معلوم لا يحتاج إليه . ومسائل هذا الباب وفروعه كثيرة ، وقد ذكرنا من أصوله جملة ، فيها لمن اقتصر عليها كفاية ، والله الموفق للهداية .
السادسة عشرة : في ميراث المكاتب ؛ واختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال : أن المكاتب إذا هلك وترك مالا أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في كتابته أو كاتب عليهم ، ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته ؛ لأن حكمهم كحكمه ، وعليهم السعي فيما بقي من كتابته لو لم يخلف مالا ، ولا يعتقون إلا بعتقه ، ولو أدى عنهم ما رجع بذلك عليهم ؛ لأنهم يعتقون عليه ؛ فهم أولى بميراثه لأنهم مساوون له في جميع حاله .
والقول الثاني : أنه يؤدي عنه من ماله جميع كتابته ، وجعل كأنه قد مات حرا ، ويرثه جميع ولده وسواء في ذلك من كان حرا قبل موته من ولده ، ومن كاتب عليهم ، أو ولدوا في كتابته لأنهم قد استووا في الحرية كلهم حين تأدت عنهم كتابتهم . روي هذا القول عن علي ، وابن مسعود ، ومن التابعين عن عطاء ، والحسن ، وطاوس ، وإبراهيم ، وبه قال فقهاء الكوفة سفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، والحسن بن صالح بن حي ، وإليه ذهب إسحاق .
والقول الثالث : أن المكاتب إذا مات قبل أن يؤدي جميع كتابته فقد مات عبدا ، وكل ما يخلفه من المال فهو لسيده ، ولا يرثه أحد من أولاده ، لا الأحرار ولا الذين معه في كتابته ؛ لأنه لما مات قبل أن يؤدي جميع كتابته فقد مات عبدا وماله لسيده ، فلا يصح عتقه بعد موته ؛ لأنه محال أن يعتق عبد بعد موته ، وعلى ولده الذين كاتب عليهم أو ولدوا في كتابته أن يسعوا في باقي الكتابة ، ويسقط عنهم منها قدر حصته ، فإن أدوا عتقوا لأنهم كانوا فيها تبعا لأبيهم ، وإن لم يؤدوا ذلك رقوا . هذا قول الشافعي ، وبه قال أحمد بن حنبل ، وهو قول عمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وقتادة .
قوله تعالى : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا روي عن جابر بن عبد الله ، وابن عباس - رضي الله عنهم - أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبي ، وكانت له جاريتان إحداهما تسمى معاذة ، والأخرى مسيكة ، وكان يكرههما على الزنا ويضربهما عليه ابتغاء الأجر وكسب الولد ؛ فشكتا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت الآية فيه وفيمن فعل فعله من المنافقين . ومعاذة هذه أم خولة التي جادلت النبي - صلى الله عليه وسلم - في زوجها . وفي صحيح مسلم ، عن جابر أن جارية لعبد الله بن أبي يقال لها مسيكة وأخرى يقال لها أميمة فكان يكرههما على الزنا ، فشكتا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله - عز وجل - ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إلى قوله ( غفور رحيم ) .
قوله تعالى : إن أردن تحصنا راجع إلى الفتيات ، وذلك أن الفتاة إذا أرادت التحصن فحينئذ يمكن ويتصور أن يكون السيد مكرها ، ويمكن أن ينهى عن الإكراه . وإذا كانت الفتاة لا تريد التحصن فلا يتصور أن يقال للسيد لا تكرهها ؛ لأن الإكراه لا يتصور فيها وهي مريدة للزنا . فهذا أمر في سادة وفتيات حالهم هذه . وإلى هذا المعنى أشار ابن العربي فقال : إنما ذكر الله تعالى إرادة التحصن من المرأة لأن ذلك هو الذي يصور الإكراه ؛ فأما إذا كانت هي راغبة في الزنا لم يتصور إكراه ، فحصلوه . وذهب هذا النظر عن كثير من المفسرين ؛ فقال بعضهم : قوله : إن أردن تحصنا راجع إلى الأيامى ، قال الزجاج ، والحسين بن الفضل : في الكلام تقديم وتأخير ؛ أي وأنكحوا الأيامى والصالحين من عبادكم إن أردن تحصنا . وقال بعضهم : هذا الشرط في قوله : ( إن أردن ) ملغى ، ونحو ذلك مما يضعف والله الموفق .
قوله تعالى : لتبتغوا عرض الحياة الدنيا أي الشيء الذي تكسبه الأمة بفرجها والولد يسترق فيباع . وقيل : كان الزاني يفتدي ولده من المزني بها بمائة من الإبل يدفعها إلى سيدها .
قوله تعالى : ومن يكرهن أي يقهرهن . فإن الله من بعد إكراههن غفور لهن رحيم بهن . وقرأ ابن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، وابن جبير ( لهن غفور ) بزيادة لهن . وقد مضى الكلام في الإكراه في ( النحل ) والحمد لله .
- الطبرى : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
يقول تعالى ذكره: ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ) ما ينكحون به النساء عن إتيان ما حرّم الله عليهم من الفواحش، حتى يغنيهم الله من سعة فضله، ويوسِّع عليهم من رزقه.
وقوله: ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: والذين يلتمسون المكاتبة منكم من مماليككم ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) ، واختلف أهل العلم في وجه مكاتبة الرجل عبده، الذي قد علم فيه خيرا، وهل قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) على وجه الفرض، أم هو على وجه الندب؟ فقال بعضهم: فرض على الرجل أن يكاتب عبده الذي قد علم فيه خيرا، إذا سأله العبد ذلك.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جُرَيج، قال: قلت لعطاء: أواجب عليّ إذا علمت مالا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلا واجبا، وقالها عمرو بن دينار، قال: قلت لعطاء: أتأثِره عن أحد؟ قال: لا.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: ثنا سعيد، عن قَتَادَة، عن أنس بن مالك أن سيرين أراد أن يكاتبه، فتلكأ عليه، فقال له عمر: لتكاتبنه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لا ينبغي لرجل إذا كان عنده المملوك الصالح، الذي له المال يريد إن يكاتب، ألا يكاتبه.
وقال آخرون: ذلك غير واجب على السيد، وإنما قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ ) ندب من الله سادة العبيد إلى كتابة من عُلم فيه منهم خير، لا إيجاب.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال مالك بن أنس: الأمر عندنا أن ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع بأحد من الأئمة أكره أحدا على أن يكاتب عبده، وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سُئل عن ذلك، فقيل له: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) يتلو هاتين الآيتين وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قال مالك: فإنما ذلك أمر أذن الله فيه للناس، وليس بواجب على الناس ولا يلزم أحدا. وقال الثوري: إذا أراد العبد من سيده أن يكاتبه، فإن شاء السيد أن يكاتبه كاتبه، ولا يجبر السيد على ذلك.
حدثني بذلك عليّ عن زيد، عنه، وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: ليس بواجب عليه أن يكاتبه، إنما هذا أمر أذن الله فيه، ودليل.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: واجب على سيد العبد أن يكاتبه إذا علم فيه خيرا، وسأله العبد الكتابة، وذلك أن ظاهر قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ ) ظاهر أمر، وأمر الله فرض الانتهاء إليه، ما لم يكن دليل من كتاب أو سنة، على أنه ندب، لما قد بيَّنا من العلة في كتابنا المسمى " البيان عن أصول الأحكام ".
وأما الخير الذي أمر الله تعالى ذكره عباده بكتابة عبيدهم إذا علموه فيهم، فهو القدرة على الاحتراف والكسب لأداء ما كوتبوا عليه.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد الكريم الجزري، عن نافع، عن ابن عمر أنه كره أن يكاتب مملوكه إذا لم تكن له حرفة، قال: تطعمني أوساخ الناس.
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) يقول: إن علمتم لهم حيلة، ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا أشهب، قال: سئل مالك بن أنس، عن قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) فقال: إنه ليقال: الخير القوة على الأداء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني ابن زيد، عن أبيه قول الله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: الخير: القوة على ذلك.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن علمتم فيهم صدقا ووفاء وأداء.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلية، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، في قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: صدقا ووفاء وأداء وأمانة.
قال: ثنا ابن عُلية، قال: ثنا عبد الله، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وطاووس، أنهما قالا في قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قالا مالا وأمانة.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا جابر بن نوح، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: أداء وأمانة.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن المغيرة، قال: كان إبراهيم يقول في هذه الآية ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: صدقا ووفاء، أو أحدهما.
حدثنا أبو بكر، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، في قوله ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: أداء ومالا.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جُرَيج، قال: قال عمرو بن دينار: أحسبه كل ذلك المال والصلاح.
حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد، قال: ثنا سفيان: ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) يعني: صدقا ووفاء وأمانة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: إن علمت فيه خيرا لنفسك، يؤدّي إليك ويصدّقك ما حدثك؛ فكاتبه.
وقال آخرون بل معنى ذلك: إن علمتم لهم مالا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) يقول: إن علمتم لهم مالا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: مالا.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: مالا.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: لهم مالا فكاتبوهم.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: إن علمتم لهم مالا كائنة أخلاقهم وأديانهم ما كانت.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن زاذان، عن عطاء بن أبي رباح: ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: مالا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، قال: إن علمتم عندهم مالا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني محمد بن عمرو اليافعي، عن ابن جُرَيج، أن عطاء بن أبي رباح، كان يقول: ما نراه إلا المال، يعني قوله: ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) قال: ثم تلا كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا .
وأولى هذه الأقوال في معنى ذلك عندي قول من قال: معناه فكاتبوهم إن علمتم فيهم قوة على الاحتراف والاكتساب، ووفاء بما أوجب على نفسه وألزمها وصدق لهجة. وذلك أن هذه المعاني هي الأسباب التي بمولى العبد الحاجة إليها إذا كاتب عبده مما يكون في العبد.
فأما المال وإن كان من الخير، فإنه لا يكون في العبد وإنما يكون عنده أو له لا فيه، والله إنما أوجب علينا مكاتبة العبد إذا علمنا فيه خيرا، لا إذا علمنا عنده أو له، فلذلك لم نقل: إن الخير في هذا الموضع معنيّ به المال.
وقوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) يقول تعالى ذكره: وأعطوهم من مال الله الذي أعطاكم.
ثم اختلف أهل التأويل في المأمور بإعطائه من مال الله الذي أعطاه، من هو؟ وفي المال، أيّ الأموال هو؟ فقال: بعضهم: الذي أمر الله بإعطاء المكاتب من مال الله: هو مولى العبد المكاتب، ومال الله الذي أمر بإعطائه منه هو مال الكتابة، والقدر الذي أمر أن يعطيه منه الربع.
وقال آخرون: بل ما شاء من ذلك المولى.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عمرو بن عليّ، قال: ثنا عمران بن عيينة، قال: ثنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليّ في قول الله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: ربع المكاتبة.
حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليّ، في قوله الله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: ربع الكتابة يحطها عنه.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ليث بن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن عليّ رضي الله عنه ، في قول الله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: الربع من أوّل نجومه.
قال: أخبرنا ابن علية، قال عطاء بن السائب: عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليّ، في قوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: الربع من مكاتبته.
حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثني عبد الملك بن أبي سليمان، عن عبد الملك بن أعين، قال: كاتب أبو عبد الرحمن غلاما في أربعة آلاف درهم، ثم وضع له الربع، ثم قال: لولا أني رأيت عليا، رضوان الله عليه كاتب غلاما له، ثم وضع له الربع ، ما وضعت لك شيئا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي: أنه كاتب غلاما له على ألف ومئتين، فترك الربع وأشهدني، فقال لي: كان صديقك يفعل هذا، يعني عليا رضوان الله عليه يتأوّل ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ).
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان ،عن عبد الملك، قال: ثني فضالة بن أبي أمية، عن أبيه، قال: كاتبني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فاستقرض لي من حفصة مئتي درهم. قلت: ألا تجعلها في مكاتبتي؟ قال: إني لا أدري أدرك ذاك أم لا.
قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، بلغني أنه كاتبه على مئة أوقية، قال: ثنا سفيان، عن عبد الملك، قال: ذكرت ذلك لعكرمة، فقال: هو قول الله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ).
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قول الله ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) يقول: ضعوا عنهم من مكاتبتهم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي،قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) يقول: ضعوا عنهم مما قاطعتموهم عليه.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، في قوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: مما أخرج الله لكم منهم.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: آتِهمْ مما في يديك.
حدثني الحسين بن عمرو العنقزي، قال: ثني أبي، عن أسباط، عن السديّ، عن أبيه، قال: كاتبتني زينب بنت قيس، بن مخرمة من بني المطلب بن عبد مناف على عشرة آلاف، فتركت لي ألفا وكانت زينب قد صلَّت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين جميعا.
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا ابن مسعود الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، مولى أبي أسيد، قال: كاتبني أبو أسيد، على ثنتي عشرة مئة، فجئته بها، فأخذ منها ألفا، وردّ عليّ مئتين.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون بن المغيرة، عن عنبسة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، قال: كان ابن عمر إذا كاتب مكاتبه لم يضع عنه شيئا من أوّل نجومه؛ مخافة أن يعجز فترجع إليه صدقته، ولكنه إذا كان في آخر مكاتبته وضع عنه ما أحبّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه، عن نافع، قال: كاتب عبد الله بن عمر غلامًا له يقال له: شرف، على خمسة وثلاثين ألف درهم، فوضع من آخر كتابته خمسة آلاف ولم يذكر نافع أنه أعطاه شيئا غير الذي وضع له.
قال أخبرنا ابن وهب، قال: قال مالك: سمعت بعض أهل العلم يقول: إن ذلك أن يكاتب الرجل غلامه، ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئا مسمى، قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت، وعلى ذلك أهل العلم، وعمل الناس عندنا.
حدثني عليّ، قال: ثنا زيد، قال: ثنا سفيان: أحبّ إليّ أن يعطيه الربع، أو أقلّ منه شيئا، وليس بواجب، وأن يفعل ذلك حسن.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن عبد الله بن حبيب أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليّ رضي الله عنه ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: هو ربع المكاتبة.
وقال آخرون: بل ذلك حضّ من الله أهل الأموال على أن يعطوهم سهمهم، الذي جعله لهم من الصدقات المفروضة لهم في أموالهم، بقوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ قال: فالرقاب التي جعل فيها أحد سُهمان الصدقة الثمانية هم المكاتبون، قال: وإياه عنى جلّ ثناؤه بقوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) : أي سهمهم من الصدقة.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثني يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن ابن زيد، عن أبيه، قوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: يحث الله عليه يعطونه.
حدثني يعقوب، قال: ثني ابن علية، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: حثّ الناس عليه، مولاه وغيره.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم في قوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: يعطي مكاتبه وغيره حثّ الناس عليه.
حدثني يعقوب قال: ثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم أنه قال في قوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: أمر مولاه والناس جميعا أن يعينوه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: أمر المسلمين أن يعطوهم مما آتاهم الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني ابن زيد، عن أبيه ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: ذلك في الزكاة على الولاة، يعطونهم من الزكاة، يقول الله وَفِي الرِّقَابِ .
قال: ثني ابن زيد، عن أبيه ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) قال: الفيء والصدقات. وقرأ قول الله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ، وقرأ حتى بلغ: وَفِي الرِّقَابِ فأمر الله أن يوفوها منه، فليس ذلك من الكتابة، قال: وكان أبي يقول: ما له وللكتابة؟! هو من مال الله الذي فرض له فيه نصيبا.
وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي القول الثاني، وهو قول من قال: عنى به إيتاءهم سهمهم من الصدقة المفروضة.
وإنما قلنا ذلك أولى القولين، لأن قوله: ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) أمر من الله تعالى ذكره بإيتاء المكاتبين من ماله الذي آتى أهل الأموال، وأمر الله فرض على عباده الانتهاء إليه، ما لم يخبرهم أن مراده الندب، لما قد بيَّنا في غير موضع من كتابنا، فإذ كان ذلك كذلك ولم يكن أخبرنا في كتابه، ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أنه ندب، ففرض واجب. وإذ كان ذلك كذلك، وكانت الحجة قد قامت أن لا حق لأحد في مال أحد غيره من المسلمين، إلا ما أوجبه الله لأهل سهمان الصدقة في أموال الأغنياء منهم، وكانت الكتابة التي يقتضيها سيد المكاتب من مكاتبه مالا من مال سيد المكاتب، فيفاد أن الحقّ الذي أوجب الله له على المؤمنين أن يؤتوه من أموالهم، هو ما فرض على الأغنياء في أموالهم له من الصدقة المفروضة، إذ كان لا حقّ في أموالهم لأحد سواها.
القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ
يقول تعالى ذكره: زوّجوا الصالحين من عبادكم وإمائكم ولا تكرهوا إماءكم على البغاء، وهو الزنا( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ) يقول: إن أردن تعففا عن الزنا.
( لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يقول: لتلتمسوا بإكراهكم إياهنّ على الزنا عرض الحياة الدنيا وذلك ما تعرض لهم إليه الحاجة من رياشها وزينتها وأموالها، ( وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ ) يقول: ومن يكره فتياته على البغاء، فإن الله من بعد إكراهه إياهنّ على ذلك، لهن ( غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، ووزر ما كان من ذلك عليهم دونهن.
وذُكر أن هذه الآية أنـزلت في عبد الله بن أُبي ابن سلول، حين أكره أمته مسيكة على الزنا.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن الصباح، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جُرَيج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: جاءت مسيكة لبعض الأنصار فقالت: إن سيدي يكرهني على الزنا، فنـزلت في ذلك: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ).
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر قال: كانت جارية لعبد الله بن أبي ابن سلول، يقال لها مسيكة، فآجرها أو أكرهها " الطبري شكّ" فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فشكت ذلك إليه، فأنـزل الله ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يعني بهنّ.
حدثنا أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن الشعبي، في قوله: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ) قال: رجل كانت له جارية تفجر، فلما أسلمت نـزلت هذه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: أخبرني أبو الزبير، عن جابر، قال: جاءت جارية لبعض الأنصار، فقالت: إن سيدي أكرهني على البغاء، فأنـزل الله في ذلك ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ )قال ابن جُرَيج: وأخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة قال: أمة لعبد الله بن أُبَيّ، أمرها فزنت، فجاءت ببرد، فقال لها: ارجعي فازني، قالت: والله لا أفعل، إن يك هذا خيرا فقد استكثرت منه، وإن يك شرّا فقد آن لي أن أدعه. قال ابن جُرَيج، وقال مجاهد نحو ذلك، وزاد قال: البغاء الزنا، ( وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) قال: للمكرهات على الزنا، وفيها نـزلت هذه الآية.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري أن رجلا من قريش أُسر يوم بدر، وكان عبد الله بن أُبي أسره، وكان لعبد الله جارية يقال: لها معاذة، فكان القرشيّ الأسير يريدها على نفسها، وكانت مسلمة، فكانت تمتنع منه لإسلامها، وكان ابن أُبي يُكرهها على ذلك، ويضربها رجاء أن تحمل للقرشيّ، فيطلب فداء ولده، فقال الله: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ) قال الزهري: ( وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يقول: غفور لهنّ ما أكرهن عليه.
حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جُبير، أنه كان يقرأ: فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ لهن غَفُورٌ رَحِيمٌ .
حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ) يقول: ولا تكرهوا إماءكم على الزنا، فإن فعلتم فإن الله سبحانه لهنّ غفور رحيم، وإثمهنّ على من أكرههنّ.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ) ... إلى آخر الآية، قال: كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا، يأخذون أجورهن، فقال الله: لا تكرهوهنّ على الزنا من أجل المنالة في الدنيا، ( وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) لهنّ يعني إذا أكرهن.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ) على الزنا، قال: عبد الله بن أُبي ابن سلول أمر أمة له بالزنا، فجاءته بدينار أو ببرد " شكّ أبو عاصم " فأعطته، فقال: ارجعي فازني بآخر، فقالت: والله ما أنا براجعة، فالله غفور رحيم للمكرهات على الزنا ، ففي هذا أنـزلت هذه الآية.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه. إلا أنه قال في حديثه: أمر أمة له بالزنا، فزنت فجاءته ببرد فأعطته، فلم يشك.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ) يقول: على الزنا( فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يقول: غفور لهنّ، للمكرهات على الزنا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال: ابن زيد، في قوله: ( وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) قال: غفور رحيم لهنّ حين أكرهن وقسرن على ذلك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قال: كانوا يأمرون ولائدهم يباغين يفعلن ذلك، فيصبن، فيأتينهم بكسبهنّ، فكانت لعبد الله بن أُبي ابن سلول جارية، فكانت تباغي. فكرهت وحلفت أن لا تفعله، فأكرهها أهلها، فانطلقت فباغت ببرد أخضر، فأتتهم به، فأنـزل الله تبارك وتعالى: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ) ... الآية.
- ابن عاشور : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)
{ وَلْيَسْتَعْفِفِ الذين لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حتى يُغْنِيَهُمُ الله مِن فَضْلِهِ } .
أمِر كل من تعلق به الأمر بالإنكاح بأن يلازموا العفاف في مدة انتظارهم تيسير النكاح لهم بأنفسهم أو بإذن أوليائهم ومواليهم . والسين والتاء للمبالغة في الفعل ، أي وليعف الذين لا يجدون نكاحاً . ووجه دلالته على المبالغة أنه في الأصل استعارة . جعل طلب الفعل بمنزلة طلب السعي فيه ليدل على بذل الوسع .
ومعنى { لا يجدون نكاحاً } لا يجدون قدرة على النكاح ففيه حذف مضاف . وقيل النكاح هنا اسم ما هو سبب تحصيل النكاح كاللباس واللحاف . فالمراد المهر الذي يبذل للمرأة .
والإغناء هنا هو إغناؤهم بالزواج . والفضل : زيادة العطاء .
{ والذين يَبْتَغُونَ الكتاب مِمَّا مَلَكَتْ أيمانكم فكاتبوهم إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَءَاتُوهُمْ مِّن مَّالِ الله الذى ءاتاكم } .
لما ذُكر وعد الله مَن يزوج من العبيد الفقراء بالغنى وكان من وسائل غناه أن يذهب يكتسب بعمله وكان ذلك لا يستقل به العبد لأنه في خدمة سيده جعل الله للعبيد حقاً في الاكتساب لتحرير أنفسهم من الرق ويكون في ذلك غنى للعبد إن كان من ذوي الأزواج . أمر الله السادة بإجابة من يبتغي الكتابة من عبيدهم تحقيقاً لمقصد الشريعة من بث الحرية في الأمة ، ولمقصدها من إكثار النسل في الأمة ، ولمقصدها من تزكية الأمة واستقامة دينها .
{ والذين } مرفوع بالابتداء أو منصوب بفعل مضمر يفسره { فكاتبوهم } وهذا الثاني هو اختيار سيبويه والخليل .
ودخول الفاء في { فكاتبوهم } لتضمين الموصول معنى الشرطية كأنه قيل : إن ابتغى الكتاب ما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ، تأكيداً لترتب الخير على تحقق مضمون صلة الموصول بأن يكون كترتب الشروط على الشرط .
والكتاب : مصدر كاتب إذا عاقد على تحصيل الحرية من الرق على قدر معين من المال يُدفع لسيد العبد منجماً ، أي موزعاً على مواقيت معينة ، كانوا في الغالب يوقتونها بمطالع نجوم المنازل مثل الثريا فلذلك سموا توقيت دفعها نجماً وسموا توزيعها تنجيماً ، ثم غلب ذلك في كل توقيت فيقال فيه : تنجيم . وكذلك الديات والحمالات كانوا يجعلونها موزعة على مواقيت فيسمون ذلك تنجيماً وكان تنجيم الدية في ثلاث سنين على السواء ، قال زهير
: ... تُعَفّى الكلوم بالمئين فأصبحت
يُنجِّمها من ليس فيها بمُجرم ... وسموا ذلك كتابة لأن السيد وعبده كانا يسجلان عقد تنجيم عوض الحرية بصك يكتبه كاتب بينهما ، فلما كان في الكتب حفظ لحق كليهما أطلق على ذلك التسجيل كتابة لأن ما يتضمنه هو عقد من جانبين ، وإن كان الكاتب واحداً والكتب واحداً . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف : كاتبت أمية بن خلف كتاباً بأن يحفظني في صاغيتي بمكة وأحفظه في صاغيته بالمدينة .
ومعنى { إن علمتم فيهم خيراً } إن ظننتم أنهم لا يبتغون بذلك إلا تحرير أنفسهم ولا يبتغون بذلك تمكناً من الإباق ، وذلك الخير بالقدرة على الاكتساب وبصفة الأمانة ولا يلزم أن يتحقق دوام ذلك لأنه إن عجز عن إكمال ما عليه رجع عبداً كما كان .
وكانت الكتابة معروفة من عهد الجاهلية ولكنها كانت على خيار السيد فجاءت هذه الآية تأمر السادة بذلك إن رغبه العبد أو لحثه على ذلك على اختلاف بين الأئمة في محمل الأمر من قوله تعالى : { فكاتبوهم } . فعن عمر بن الخطاب ومسروق وعمرو بن دينار وابن عباس والضحاك وعطاء وعكرمة والظاهرية أن الكتابة واجبة على السيد إذا علم خيراً في عبده وقد وكله الله في ذلك إلى علمه ودينه ، واختاره الطبري وهو الراجح لأنه يجمع بين مقصد الشريعة وبين حفظ حق السادة في أموالهم فإذا عرض العبد اشتراء نفسه من سيده وجب عليه إجابته . وقد هم عمر بن الخطاب أن يضرب أنس بن مالك بالدرّة لما سأله سيرين عبدُه أن يكاتبه فأبى أنس . وذهب الجمهور إلى حمل الأمر على الندب .
وقد ورد في السنة حديث كتابة بريرة مع سادتها وكيف أدت عنها عائشة أم المؤمنين مال الكتابة كله . وذكر ابن عطية عن النقاش ومكي بن أبي طالب أن سبب نزول هذه الآية : أن غلاماً لحويطب بن عبد العزى أو لحاطب بن أبي بلتعة اسمه صبيح القبطي أو صُبْح سأل مولاه الكتابة فأبى عليه فأنزل الله هذه الآية فكاتبه مولاه . وفي «الكشاف» أن عمر بن الخطاب كاتب عبداً له يكنى أبا أمية وهو أول عبد كوتب في الإسلام .
والظاهر أن الخطاب في قوله : { وآتوهم من مال الله الذي ءاتاكم } موجه إلى سادة العبيد ليتناسق الخطابان وهو أمر للسادة بإعانة مكاتبيهم بالمال الذي أنعم الله به عليهم فيكون ذلك بالتخفيف عنهم من مقدار المال الذي وقع التكاتب عليه . وكذلك قال مالك : يوضع عن المكاتب من آخر كتابته ما تسمح به نفس السيد . وحدده بعض السلف بالربع وبعضهم بالثلث وبعضهم بالعشر .
وهذا التخفيف أطلق عليه لفظ ( الإيتاء) وليس ثمة إيتاء ولكنه لما كان إسقاطاً لما وجب على المكاتب كان ذلك بمنزلة الإعطاء كما سمي إكمال المطلِّق قبل البناء لمطلقته جميعَ الصداق عفواً في قوله تعالى : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } [ البقرة : 237 ] في قول جماعة في محمل { الذي بيده عقدة النكاح } منهم الشافعي .
وقال بعض المفسرين : الخطاب في قوله : { وءاتوهم } للمسلمين . أمرهم الله بإعانة المكاتبين .
والأمر محمول على الندب عند أكثر العلماء وحمله الشافعي على الوجوب . وقال إسماعيل بن حماد القاضي : وجعل الشافعي الكتابة غير واجبة وجعل الأمر بالإعطاء للوجوب فجعل الأصل غير واجب والفرع واجباً وهذا لا نظير له ا ه . وفيه نظر .
وإضافة المال إلى الله لأنه ميسر أسباب تحصيله .
وفيه إيماء إلى أن الإعطاء من ذلك المال شكر والإمساك جحد للنعمة قد يتعرض به الممسك لتسلب النعمة عنه .
والموصول في قوله { الذي آتاكم } يجوز أن يكون وصفاً ل { مال الله } ويكون العائد محذوفاً تقديره : آتاكموه . ويجوز أن يكون وصفاً لاسم الجلالة فيكون امتناناً وحثاً على الامتثال بتذكير أنه ولي النعمة ويكون مفعول { ءاتاكم } محذوفاً للعموم ، أي ءاتاكم على الامتثال بتذكير أنه ولي النعمة . ويكون مفعول { ءاتاكم } محذوفاً للعموم ، أي ءاتاكم نعماً كثيرة كقوله : { وءاتاكم من كل ما سألتموه } [ إبراهيم : 34 ] .
وأحكام الكتابة وعجز المكاتَب عن أداء نجومه ورجوعه مملوكاً وموت المكاتب وميراث الكتابة وأداء أبناء المكاتب نجوم كتابته مبسوطة في كتب الفروع .
{ وَلاَ تُكْرِهُواْ فتياتكم عَلَى البغآء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ الحياة الدنيا وَمَن يُكْرِههُنَّ فِإِنَّ الله مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .
انتقال إلى تشريع من شؤون المعاملات بين الرجال والنساء التي لها أثر في الأنساب ومن شؤون حقوق الموالي والعبيد ، وهذا الانتقال لمناسبة ما سبق من حكم الاكتساب المنجر من العبيد لمواليهم وهو الكتابة فانتقل إلى حكم البغاء .
والبغاء مصدر : باغت الجارية ، إذا تعاطت الزنى بالأجر حرفة لها ، فالبغاء الزنى بأجرة . واشتقاق صيغة المفاعلة فيه للمبالغة والتكرير ولذلك لا يقال إلا : باغت الأمة . ولا يقال : بغَتْ . وهو مشتق من البَغي بمعنى الطلب كما قال عياض في «المشارق» لأن سيد الأَمَة بغى بها كسباً . وتسمى المرأة المحترفة به بَغياً بوزن فعول بمعنى فاعل ولذلك لا تقترن به هاء التأنيث . فأصل بَغيّ بغوي فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقُلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء .
وقد كان هذا البغاء مشروعاً في الشرائع السالفة فقد جاء في سفر التكوين في الإصحاح 38 : «فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت وجلست في مدخل ( عينائم) التي على الطريق» ثم قال فنظرها يهوذا وحسبها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها فمال إليها على الطريق وقال : هاتي أدخل عليك . فقالت : ماذا تعطيني؟ فقال : أرسل لك جدي معزى من الغنم . . ثم قال ودخل عليها فحبلت منه» .
وقد كانت في المدينة إماء بغايا منهن ست إماء لعبد الله بن أُبَي بن سلول وهن : مُعاذة ومُسيكة وأمَيْمَةُ وَعمرَةُ وأرْوَى وقتيلة ، وكان يُكرههن على البغاء بعد الإسلام . قال ابن العربي : روى مالك عن الزهري أن رجلاً من أسرى قريش في يوم بدر قد جُعل عند عبد الله بن أبي وكان هذا الأسير يريد معاذة على نفسها وكانت تمتنع منه لأنها أسلمت وكان عبد الله بن أُبي يضربها على امتناعها منه رجاء أن تحمل منه ( أي من الأسير القرشي) فيطلب فداء ولده ، أي فداء رقه من ابن أُبَيّ . ولعل هذا الأسير كان مؤسراً له مال بمكة وكان الزاني بالأمة يفتدي ولده بمائة من الإبل يدفعها لسيد الأمة ، وأنها شكته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية .
وقالوا إن عبد الله بن أُبَيّ كان قد أعد معاذة لإكرام ضيوفه فإذا نزل عليه ضيف أرسلها إليه ليواقعها إرادة الكرامة له . فأقبلت معاذة إلى أبي بكر فشكت ذلك إليه فذكر أبو بكر ذلك للنبيء صلى الله عليه وسلم فأمر النبي أبا بكر بقبضها فصاح عبد الله بن أُبَيّ : مَنْ يعذِرنا من محمد يغلبنا على مماليكنا . فأنزل الله هذه الآية ، أي وذلك قبل أن يتظاهر عبد الله بن أُبَيّ بالإسلام . وجميع هذه الآثار متظافرة على أن هذه الآية كان بها تحريم البغاء على المسلمين والمسلمات المالكات أمر أنفسهن .
وكان بمكة تسع بغايا شهيرات يجعلن على بيوتهن رايات مثل رايات البيطار ليعرفهن الرجال ، وهن كما ذكر الواحدي : أم مهزول جارية السائب المخزومي ، وأم غليظ جارية صفوان بن أمية ، وحية القبطية جارية العاصي بن وائل ، ومزنة جَارية مالك بن عميلة بن السباق ، وجَلالة جارية سهيل بن عمرة ، وأم سُويد جارية عمرو بن عثمان المخزومي ، وشريفة جارية ربيعة بن أسود . وقرينة أو قريبة جارية هشام بن ربيعة ، وقرينة جارية هلال بن أنس . وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية المواخير .
قلت : وتقدم أن من البغايا عَناق ولعلها هي أم مهزول كما يقتضيه كلام القرطبي في تفسير قوله تعالى : { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } [ النور : 3 ] . ولم أقف على أن واحدة من هؤلاء اللاتي كنّ بمكة أسلمت وأما اللائي كنّ بالمدينة فقد أسلمت منهن معاذة ومسيكة وأميمة ، ولم أقف على أسماء الثلاث الأخر في الصحابة فلعلهن هلكن قبل أن يسلمن .
والبغاء في الجاهلية كان معدوداً من أصناف النكاح . ففي الصحيح من حديث عائشة أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء :
فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيُصدقها ثم ينكحها .
ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب . وإنما يُفعل ذلك رغبة في نجابة الولد فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع .
ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت ووضعت ومر عليها الليالي بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدتُّ فهو ابنك يا فلان . تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها .
ونكاح رابع يجتمع الناس فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها ، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن الرايات تكون علماً ، فمن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ووضعت جُمعوا لها ودعوا لهم القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط به ودُعي ابنَه ، فلما بُعث محمد بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم اه .
فكان البغاء في الحرائر باختيارهن إياه للارتزاق . وكانت عَنَاقُ صاحبة مرثد بن أبي مرثد التي تقدم ذكرها عند قوله تعالى : { الزاني لا ينكح إلازانية أو مشركة } [ النور : 3 ] . وكان في الإماء من يلزمهن سادتهن عليه لاكتساب أجور بغائهن فكما كانوا يتخذون الإماء للخدمة وللتسري كانوا يتخذون بعضهن للاكتساب وكانوا يسمون أجرهن مهراً كما جاء في حديث أبي مسعود أن رسول الله نهى عن مهر البغي ولأجل هذا اقتصرت الآية على ذكر الفتيات جمع فتاة بمعنى الأمة ، كما قالوا للعبد : غلام .
واعلم أن تفسير هذه الآية معضل وأن المفسرين ما وفَّوها حق البيان وما أتوا إلا إطناباً في تكرير مختلف الروايات في سبب نزولها وأسماء من وردت أسماؤهم في قضيتها دون إفصاح عما يستخلصه الناظر من معانيها وأحكامها .
ولا ريب أن الخطاب بقوله تعالى : { ولا تُكرهوا فتياتكم على البغاء } موجه إلى المسلمين ، فإن كانت قصة أمة ابن أُبَيّ حدثت بعد أن أظهر سيدها الإسلام كان هو سبب النزول فشمله العموم لا محالة ، وإن كانت حدثت قبل أن يُظهر الإسلام فهو سبب ولا يشمله الحكم لأنه لم يكن من المسلمين يومئذٍ وإنما كان تذمر أمته منه داعياً لنهي المسلمين عن إكراه فتياتهم على البغاء . وأيّاً مَّا كان فالفتيات مسلمات لأن المشركات لا يخاطبن بفروع الشريعة .
وقد كان إظهار عبد الله بن أبيّ الإسلام في أثناء السنة الثانية من الهجرة فإنه تردد زمناً في الإسلام ولما رأى قومه دخلوا في الإسلام دخل فيه كارهاً مصرّاً على النفاق . ويظهر أن قصة أمته حدثت في مدة صراحة كفره لما علمت مما روي عن الزهري من قول ابن أبيّ حين نزلت : مَنْ يعذِرنا من محمد يغلِبنا على مماليكنا ، ونزول سورة النور كان في حدود السنة الثانية كما علمت في أول الكلام عليها فلا شك أن البغاء الذي هو من عمل الجاهلية استمر زمناً بعد الهجرة بنحو سنة .
ولا شك أن البغاء يمت إلى الزنى بشبه لما فيه من تعريض الأنساب للاختلاط وإن كان لا يبلغ مبلغ الزنى في خرم كلية حفظ النسب من حيث كان الزنى سراً لا يطلع عليه إلا من اقترفه وكان البغاء علناً ، وكانوا يرجعون في إلحاق الأبناء الذين تلدهم البغايا بآبائهم إلى إقرار البغيّ بأن الحمل ممن تعيّنه . واصطلحوا على الأخذ بذلك في النسب فكان شبيهاً بالاستلحاق على أنه قد يكون من البغايا من لا ضبط لها في هذا الشأن فيفضي الأمر إلى عدم التحاق الولد بأحد .
ولا شك في أن الزنى كان محرماً تحريماً شديداً على المسلم من مبدإ ظهور الإسلام . وكانت عقوبته فرضت في حدود السنة الأولى بعد الهجرة بنزول سورة النور كما تقدم في أولها . وقد أثبتت عائشة أن الإسلام هدم أنكحة الجاهلية الثلاثة وأبقى النكاح المعروف ولكنها لم تعين ضبط زمان ذلك الهدم .
ولا يعقل أن يكون البغاء محرماً قبل نزول هذه الآية إذ لم يعرف قبلها شيء في الكتاب والسنة يدل على تحريم البغاء ، ولأنه لو كان كذلك لم يتصور حدوث تلك الحوادث التي كانت سبب نزول الآية إذ لا سبيل للإقدام على محرّم بين المسلمين أمثالهم .
ولذلك فالآية نزلت توطئة لإبطاله كما نزل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } [ النساء : 43 ] توطئة لتحريم الخمر البتة . وهو الذي جرى عليه المفسرون مثل الزمخشري والفخر بظاهر عباراتهم دون صراحة بل بما تأولوا به معاني الآية إذ تأولوا قوله : { إن أردن تحصناً } بأن الشرط لا يراد به عدم النهي عن الإكراه على البغاء إذا انتفت إرادتهن التحصن بل كان الشرط خرج مخرج الغالب لأن إرادة التحصن هي غالب أحوال الإماء البغايا المؤمنات إذ كن يحببن التعفف ، أو لأن القصة التي كانت سبب نزول الآية كانت معها إرادة التحصن .
والداعي إلى ذكر القيد تشنيع حالة البغاء في الإسلام بأنه عن إكراه وعن منع من التحصن . ففي ذكر القيدين إيماء إلى حكمة تحريمه وفساده وخباثة الاكتساب به .
وذكر { إن أردن تحصناً } لحالة الإكراه إذ إكراههم إياهن لا يتصور إلا وهن يأبين وغالب الإباء أن يكون عن إرادة التحصن . هذا تأويل الجمهور ورجعوا في الحامل على التأويل إلى حصول إجماع الأمة على حرمة البغاء سواء كان الإجماع لهذه الآية أو بدليل آخر انعقد الإجماع على مقتضاه فلا نزاع في أن الإجماع على تحريم البغاء ولكن النظر في أن تحريمه هل كان بهذه الآية .
وأنا أقول : إن ذكر الإكراه جرى على النظر لحال القضية التي كانت سبب النزول .
والذي يظهر من كلام ابن العربي أنه قد نحا بعض العلماء إلى اعتبار الشرط في الآية دليلاً على تحريم الإكراه على البغاء بقيد إرادة الإماء التحصن . فقد تكون الآية توطئة لتحريم البغاء تحريماً باتاً . فحرم على المسلمين أن يكرهوا إماءهم على البغاء لأن الإماء المسلمات يكرهن ذلك ولا فائدة لهن فيه ، ثم لم يلبث أن حرم تحريماً مطلقاً كما دل عليه حديث أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن مهر البغيّ ، فإن النهي عن أكله يقتضي إبطال البغاء .
وقد يكون هذا الاحتمال معضوداً بقوله تعالى بعده : { ومن يكرههنّ فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم } كما يأتي .
وفي «تفسير الأصفهاني» : «وقيل إنما جاء النهي عن الإكراه لا عن البغاء لأن حد الزنا نزل بعد هذا» .
وهذا يقتضي أن صاحب هذا القول يجعل أول السورة نزل بعد هذه الآيات ولا يعرف هذا .
وقوله : { لتبتغوا عرض الحياة الدنيا } متعلق ب { تكرهوا } أي لا تكرهوهن لهذه العلة . ذكر هذه العلة لزيادة التبشيع كذكر { إن أردن تحصناً } .
و { عرض الحياة } هو الأجر الذي يكتسبه الموالي من إمائهم وهو ما يسمى بالمهر أيضاً .
وأما قوله : { ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم } فهو صريح في أنه حكم متعلق بالمستقبل لأنه مضارع في حيّز الشرط ، وهو صريح في أنه عَفْو عن إكراه .
والذي يشتمل عليه الخبر جانبان : جانب المُكرِهين وجانب المُكرَهات ( بفتح الراء) ، فأما جانب المكرهين فلا يخطر بالبال أن الله غفور رحيم لهم بعد أن نهاهم عن الإكراه إذ ليس لمثل هذا التبشير نظير في القرآن .
وأما الإماء المُكرَهات فإن الله غفور رحيم لهن . وقد قرأ بهذا المقدر عبد الله بن مسعود وابن عباس فيما يروى عنهما وعن الحسن أنه كان يقول : «غفور رحيم لهن والله لهن والله» . وجعلوا فائدة هذا الخبر أن الله عذرالمُكرَهات لأجل الإكراه ، وأنه من قبيل قوله : { فمن اضطرّ غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم } [ البقرة : 173 ] . 5 وعلى هذا فهو تعريض بالوعيد للذين يُكرِهون الإماء على البغاء .
ومن المفسرين من قدر المحذوف ضمير ( مَن) الشرطية ، أي غفور رحيم له ، وتأولوا ذلك بأنه بعد أن يقلع ويتوب وهو تأويل بعيد .
وقوله : { فإن الله غفور رحيم } دليل جواب الشرط إذ حذف الجواب إيجازاً واستغني عن ذكره بذكر علته التي تشمله وغيره . والتقدير : فلا إثم عليهن فإن الله غفور رحيم لأمثالهن ممن أكره على فعل جريمة . والفاء رابطة الجواب .
وحرف ( إنّ) في هذا المقام يفيد التعليل ويغني غناء لام التعليل .
- إعراب القرآن : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
«وَلْيَسْتَعْفِفِ» الواو استئنافية واللام لام الأمر ومضارع مجزوم باللام «الَّذِينَ» اسم موصول فاعل «لا يَجِدُونَ» لا نافية ومضارع مرفوع والواو فاعل والجملة صلة «نِكاحاً» مفعول به «حَتَّى» حرف غاية وجر «يُغْنِيَهُمُ» مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل «مِنْ فَضْلِهِ» متعلقان بيغنيهم «وَالَّذِينَ» اسم الموصول مبتدأ والجملة معطوفة «يَبْتَغُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة «الْكِتابَ» مفعول به «مِمَّا» من حرف جر وما موصولية متعلقان بمحذوف حال «مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ» ماض وفاعله والتاء للتأنيث. والكاف مضاف اليه والجملة صلة «فَكاتِبُوهُمْ» الفاء زائدة وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله والهاء مفعول به والجملة خبر الذين «إِنْ» حرف شرط جازم «عَلِمْتُمْ» ماض وفاعله والجملة فعل الشرط لا محل لها لأنها ابتدائية «فِيهِمْ» متعلقان بعلمتم «خَيْراً» مفعول به وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله «وَآتُوهُمْ» الواو عاطفة وأمر وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة «مِنْ مالِ» متعلقان بآتوهم «اللَّهُ» لفظ الجلالة مضاف إليه «الَّذِي» اسم موصول في محل جر صفة «آتاكُمْ» ماض ومفعوله وفاعله مستتر والجملة صلة «وَلا» الواو عاطفة ولا ناهية «تُكْرِهُوا» مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة «فَتَياتِكُمْ» مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم والكاف مضاف إليه «عَلَى الْبِغاءِ» متعلقان بتكرهوا «إِنْ» حرف شرط جازم «أَرَدْنَ» ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون فاعل والجملة لا محل لها لأنها ابتدائية «تَحَصُّناً» مفعول به وجملة الجواب محذوفة دل عليها ما قبلها «لِتَبْتَغُوا» اللام لام التعليل ومضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والواو فاعل وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر باللام ومتعلقان بتكرهوا. «عَرَضَ» مفعول به «الْحَياةِ» مضاف إليه «الدُّنْيا» صفة مجرورة بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر «وَمَنْ» الواو عاطفة ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ والجملة معطوفة «يُكْرِهْهُنَّ» مضارع مجزوم فاعله مستتر والهاء مفعول به وهو فعل الشرط والجملة ابتدائية. «فَإِنَّ اللَّهَ» الفاء رابطة للجواب وإن واسمها والجملة في محل جزم جواب الشرط «مِنْ بَعْدِ» متعلقان بحال محذوفة «إِكْراهِهِنَّ» مضاف إليه والهاء مضاف اليه والنون علامة جمع الإناث «غَفُورٌ رَحِيمٌ» خبران لإنّ.
- English - Sahih International : But let them who find not [the means for] marriage abstain [from sexual relations] until Allah enriches them from His bounty And those who seek a contract [for eventual emancipation] from among whom your right hands possess - then make a contract with them if you know there is within them goodness and give them from the wealth of Allah which He has given you And do not compel your slave girls to prostitution if they desire chastity to seek [thereby] the temporary interests of worldly life And if someone should compel them then indeed Allah is [to them] after their compulsion Forgiving and Merciful
- English - Tafheem -Maududi : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(24:33) And those, who cannot find a match, should observe continence till Allah provides them with means out of His bounty *54 And if those who are in your possession, ask for a deed of emancipation, execute the deed of emancipation *55 with them, *56 provided that you find some good in them ; *57 and give them something out of the means Allah has given you. *58 And do not force your slave-girls into prostitution for your own worldly gains when they themselves want to keep chaste; *59 and if anyone forces them into it, after such a compulsion Allah will be forgiving and merciful for them.
- Français - Hamidullah : Et que ceux qui n'ont pas de quoi se marier cherchent à rester chastes jusqu'à ce qu'Allah les enrichisse par Sa grâce Ceux de vos esclaves qui cherchent un contrat d'affranchissement concluez ce contrat avec eux si vous reconnaissez du bien en eux; et donnez-leur des biens d'Allah qu'Il vous a accordés Et dans votre recherche des profits passagers de la vie présente ne contraignez pas vos femmes esclaves à la prostitution si elles veulent rester chastes Si on les y contraint Allah leur accorde après qu'elles aient été contraintes Son pardon et Sa miséricorde
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Diejenigen die keine Möglichkeit zum Heiraten finden sollen keusch bleiben bis Allah sie durch Seine Huld reich macht Und denjenigen von denen die eure rechte Hand besitzt die einen Freibrief begehren sollt ihr einen Freibrief ausstellen wenn ihr an ihnen etwas Gutes wißt Und gebt ihnen etwas vom Besitz Allahs den Er euch gegeben hat Und zwingt nicht eure Sklavinnen wo sie ehrbar sein wollen zur Hurerei im Trachten nach den Glücksgütern des diesseitigen Le bens Wenn aber einer sie dazu zwingt so ist Allah nachdem sie gezwungen wor den sind Allvergebend und Barmherzig
- Spanish - Cortes : Que los que no puedan casarse observen la continencia hasta que Alá les enriquezca con Su favor Extended la escritura a los esclavos que lo deseen si reconocéis en ellos bien y dadles de la hacienda que Alá os ha concedido Si vuestras esclavas prefieren vivir castamente no les obliguéis a prostituirse para procuraros los bienes de la vida de acá Si alguien les obliga luego de haber sido obligadas Alá se mostrará indulgente misericordioso
- Português - El Hayek : Aqueles que não possuem recursos para casarse que se mantenham castos até que Deus os enriqueça com a Sua graça Quanto àqueles dentre vossos escravos e escravas que vos peçam a liberdade por escrito concedeilha desde que osconsidereis dignos dela e gratificaios com uma parte dos bens com que Deus vos agraciou Não inciteis as vossas escravasà prostituição para proporcionarvos o gozo transitório da vida terrena sendo que elas querem viver castamente Mas sealguém as compelir Deus as perdoará por terem sido compelidas porque é Indulgente Misericordiosíssimo
- Россию - Кулиев : Пусть соблюдают целомудрие те которые не находят возможности вступить в брак пока Аллах не обогатит их из Своей милости Если невольники которыми овладели ваши десницы хотят получить письмо о сумме выкупа то дайте им такое письмо если вы нашли в них добрые качества и одарите их из имущества Аллаха которое Он даровал вам Не принуждайте своих невольниц к блуду ради обретения тленных благ мирской жизни если они желают блюсти целомудрие Если же кто-либо принудит их к этому то Аллах после принуждения их будет Прощающим Милосердным
- Кулиев -ас-Саади : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
Пусть соблюдают целомудрие те, которые не находят возможности вступить в брак, пока Аллах не обогатит их из Своей милости. Если невольники, которыми овладели ваши десницы, хотят получить письмо о сумме выкупа, то дайте им такое письмо, если вы нашли в них добрые качества, и одарите их из имущества Аллаха, которое Он даровал вам. Не принуждайте своих невольниц к блуду ради обретения тленных благ мирской жизни, если они желают блюсти целомудрие. Если же кто-либо принудит их к этому, то Аллах после принуждения их будет Прощающим, Милосердным.Мусульмане, которые не в состоянии сочетаться браком, обязаны соблюдать целомудрие, то есть воздерживаться от греха и делать все возможное для того, чтобы не погрязнуть в ослушании. Для этого нужно воздерживаться от размышлений, которые подталкивают человека к совершению греха, и руководствоваться наставления Пророка Мухаммада, да благословит его Аллах и приветствует, который сказал: «О молодежь! Кто из вас в состоянии вести супружескую жизнь, пусть женится. А кто не в состоянии сделать это, пусть постится, ибо пост для него подобен оскоплению». Это предписание распространяется на тех, кто не в состоянии сочетаться браком по причине собственной бедности или бедности своих попечителей и хозяев. Оно также распространяется на те случаи, когда попечители молодых людей или хозяева рабов не желают сочетать их браком, а молодые люди не способны побудить их к этому. Такой комментарий лучше другого толкования, согласно которому здесь речь идет о тех, у кого нет возможности выплатить брачный дар. Если слово ‘брак’ никах действительно использовано вместо выражения ‘брачный дар’ махр ан-никах, то получается, что зависимое слово в словосочетании замещает главное слово. Это толкование имеет два недостатка. Во-первых, оно подразумевает опущение слова, которое нуждается в доказательстве, потому что за основу принимается отсутствие каких-либо опущений в кораническом тексте. Во-вторых, смысл аята ограничивается теми, кто обладает материальным достатком, и теми, кто лишен материального достатка. В этом случае обсуждаемый нами аят не распространяется на рабов, рабынь и молодых людей, ответственность за бракосочетание которых лежит на их попечителях, о чем мы уже говорили ранее. Далее Аллах обещал по Своей милости обеспечить достатком тех, кто соблюдает целомудрие, и облегчить им решение этого вопроса. Тем самым Он предписал им ожидать облегчения и поддержки и не тяготиться этим ожиданием. Аллах также упомянул о невольниках, которые хотят выкупить у своих хозяев собственную свободу. Если раб или рабыня просят своего хозяина об этом, то ему следует согласиться и назначить сумму выкупа только в том случае, если он находит в этих рабах доброе начало. Под этим подразумевается способность рабов зарабатывать себе на жизнь и их праведность в религии. Отпущение рабов на волю за выкуп приносит двойную пользу. Во-первых, раб получает свободу. Во-вторых, он выплачивает выкуп и возмещает хозяину его потерю. Может случиться, что раб, которому обещано отпущение на волю за выкуп, будет усердно трудиться и за то время, которое определено для выплаты выкупа, принесет своему хозяину больше пользы, чем он приносил прежде. Таким образом, отпущение раба на волю за выкуп не причиняет ущерба хозяину и приносит огромную пользу самому рабу. Поэтому Аллах велел мусульманам соглашаться на освобождение рабов за выкуп. Согласно очевидному смыслу откровения, это повеление подчеркивает обязательный характер предписания. Согласно другому мнению, оно является желательным. Затем Всевышний повелел хозяевам помогать рабам выплатить оговоренную сумму выкупа, потому что те действительно нуждаются в помощи и потому что они не имеют своей собственности. Хозяину следует помочь рабу материально или уменьшить оговоренную сумму выкупа. Наряду с этим, Аллах повелел окружающим помогать рабам, которые договорились со своими хозяевами о сумме выкупа. Аллах также постановил раздавать таким рабам долю собранных в качестве закята средств. О правоверные! Одаряйте Своих рабов из дарованного вам имущества. Ваше богатство является милостью Аллаха. Будьте же добродетельны к Его рабам так же, как Он был добродетелен к вам! Из этого аята следует, что если раб не просит хозяина отпустить его на волю за выкуп, то хозяин не обязан предлагать рабу выкупить себя. Хозяин также имеет право не отпустить раба за выкуп, если считает, что это предпочтительнее для последнего. Это возможно в том случае, если раб не в состоянии самостоятельно зарабатывать себе на жизнь, и после освобождения может стать обузой для окружающих, а также в том случае, если после отпущения на волю раб станет совершать грехи. При таких обстоятельствах хозяин не только может, но и обязан отказать рабу в прошении. Затем Всевышний Аллах запретил владельцам рабов принуждать рабынь предаваться распутству, если те склонны к целомудрию. В противном случае не было бы необходимости принуждать их к этому. Но если рабыня не склонна к целомудрию и является блудницей, то хозяин обязан удержать ее от этого. Всевышний ниспослал это предписание, потому что во времена невежества хозяева принуждали рабынь предаваться распутству и присваивали плату, которую те получали за свои «услуги». Хозяевам не подобает быть менее порядочными и менее целомудренными, чем их рабыни. О люди! Неужели, если ваши невольницы стремятся избежать распутства, вы станете принуждать их к этому? Неужели вы поступите так только для того, чтобы обрести ничтожные, тленные мирские блага?! Если вы очиститесь от скверны, проявите благородство и задумаетесь над вознаграждением и наказанием после смерти, это принесет вам намного больше пользы, чем жалкие мирские блага, обрекающие вас на низость и унижение. Затем Всевышний призвал к покаянию тех, кто принуждал своих невольниц к распутству. Если они покаются и отрекутся от деяний, которые вызывают Его гнев, то Он простит им грехи и смилостивится над ними. Они могут заслужить это, если проявят сострадание к самим себе, избавив себя от наказания, и если они будут милосердны к своим невольницам, избавив их от того, что может навредить им.
- Turkish - Diyanet Isleri : Evlenemeyenler Allah kendilerini lütfü ile zenginleştirene kadar iffetli davransınlar Kölelerinizden hür olmak için bedel vermek isteyenlerin onlarda bir iyilik görürseniz bedel vermelerini kabul edin Onlara Allah'ın size verdiği maldan verin Dünya hayatının geçici menfaatini elde etmek için iffetli olmak isteyen cariyelerinizi fuhşa zorlamayın Kim onları buna zorlarsa bilsin ki Allah hiç şüphesiz onu değil zorlanan kadınları bağışlar ve merhamet eder
- Italiano - Piccardo : E coloro che non hanno [i mezzi] per sposarsi cerchino la castità finché Allah non li arricchisca con la Sua Grazia Ai vostri schiavi che ve lo chiedano concedete l'affrancamento contrattuale se sapete che in essi c'è del bene e date loro parte dei beni che Allah ha dato a voi Per brama dei beni di questa vita non costringete a prostituirsi le vostre schiave che vogliono mantenersi caste E se vi sono costrette ebbene a causa di tale costrizione Allah concederà il Suo perdono e la Sua misericordia
- كوردى - برهان محمد أمين : دهبا ئهوانهی هاوسهریان دهست ناکهوێت ههوڵ بدهن داوێنی خۆیان پاك ڕابگرن ههتا خوا له فهزڵی خۆی دهوڵهمهندو بێ نیازیان دهکات ئهو کهسانهش که دهیانهوێت خۆیان ڕزگار بکهن له بهندهکانتان و خۆیان بکڕنهوه ئهوه ئێوه لهگهڵیاندا ڕێك بکهون و ڕێگهی ئازادییان بۆ ئاسان بکهن ئهگهر خێرتان تێدا بهدی دهکردن و لهو ماڵ و سامانهی که خوا پێی بهخشیوون بهشیان بدهن و بهزۆر کهنیزهکهکانتان هانمهدهن بۆ داوێن پیسی ئهگهر ئهوان پاك داوێنیان دهویست دهبێت پیاوی ئازاد زیاتر پاکداوێنی مهبهست بێت بۆ ئهوهی لهو ڕێگه چهوتهوه ماڵ و سامانی ژیانی دنیا بهدهست بهێنن جا ئهوهی بهزۆر ئهو گوناههیان پێ بکات ئهوه بهڕاستی خوا دوای ئهو زۆر بۆ هێنانهیان لێخۆش بوو میهرهبانهو چاوپۆشیان لێ دهکات
- اردو - جالندربرى : اور جن کو بیاہ کا مقدور نہ ہو وہ پاک دامنی کو اختیار کئے رہیں یہاں تک کہ خدا ان کو اپنے فضل سے غنی کردے۔ اور جو غلام تم سے مکاتبت چاہیں اگر تم ان میں صلاحیت اور نیکی پاو تو ان سے مکاتبت کرلو۔ اور خدا نے جو مال تم کو بخشا ہے اس میں سے ان کو بھی دو۔ اور اپنی لونڈیوں کو اگر وہ پاک دامن رہنا چاہیں تو بےشرمی سے دنیاوی زندگی کے فوائد حاصل کرنے کے لئے بدکاری پر مجبور نہ کرنا۔ اور جو ان کو مجبور کرے گا تو ان بیچاریوں کے مجبور کئے جانے کے بعد خدا بخشنے والا مہربان ہے
- Bosanski - Korkut : I neka se suzdrže oni koji se nemaju mogućnosti oženiti dok im Allah iz obilja Svoga ne pomogne A s onima u posjedu vašem koji se žele otkupiti ako su u stanju to učiniti o otkupu se dogovorite I dajte im nešto od imetka koji je Allah vama dao I ne nagonite robinje svoje da se bludom bave – a one žele biti čestite – da biste stekli prolazna dobra ovoga svijeta; a ako ih neko na to prisili Allah će im zato što su bile primorane oprostiti i prema njima samilostan biti
- Swedish - Bernström : Och låt dem som inte har möjlighet att ingå äktenskap leva i avhållsamhet till dess Gud i Sin nåd drar försorg om dem Och när de som ni rättmätigt besitter önskar sin frihet upprätta då frihetsbrev för dem om ni vet att de är friska [till kropp och själ] och dela med er åt de [frigivna] av det som Gud har gett er för er försörjning Och tvinga inte era unga slavinnor till lösaktighet för att därmed uppnå en flyktig vinst om de önskar ingå äktenskap Men om de tvingas [till detta] skall Gud sedan de har utsatts för [sådant] tvång [visa dem att] Han är förlåtande barmhärtig
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan orangorang yang tidak mampu kawin hendaklah menjaga kesucian dirinya sehingga Allah memampukan mereka dengan karuniaNya Dan budakbudak yang kamu miliki yang memginginkan perjanjian hendaklah kamu buat perjanjian dengan mereka jika kamu mengetahui ada kebaikan pada mereka dan berikanlah kepada mereka sebahagian dari harta Allah yang dikaruniakanNya kepadamu Dan janganlah kamu paksa budakbudak wanitamu untuk melakukan pelacuran sedang mereka sendiri mengingini kesucian karena kamu hendak mencari keuntungan duniawi Dan barangsiapa yang memaksa mereka maka sesungguhnya Allah adalah Maha Pengampun lagi Maha Penyayang kepada mereka sesudah mereka dipaksa itu
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(Dan orang-orang yang tidak mampu kawin hendaklah menjaga kesuciannya) maksudnya mereka yang tidak mempunyai mahar dan nafkah untuk kawin, hendaklah mereka memelihara kesuciannya dari perbuatan zina (sehingga Allah memampukan mereka) memberikan kemudahan kepada mereka (dengan karunia-Nya) hingga mereka mampu kawin. (Dan orang-orang yang menginginkan perjanjian) lafal Al Kitaaba bermakna Al Mukaatabah, yaitu perjanjian untuk memerdekakan diri (di antara budak-budak yang kalian miliki) baik hamba sahaya laki-laki maupun perempuan (maka hendaklah kalian buat perjanjian dengan mereka jika kalian mengetahui ada kebaikan pada mereka) artinya dapat dipercaya dan memiliki kemampuan untuk berusaha yang hasilnya kelak dapat membayar perjanjian kemerdekaan dirinya. Shighat atau teks perjanjian ini, misalnya seorang pemilik budak berkata kepada budaknya, "Aku memukatabahkan kamu dengan imbalan dua ribu dirham, selama jangka waktu dua bulan. Jika kamu mampu membayarnya, berarti kamu menjadi orang yang merdeka." Kemudian budak yang bersangkutan menjawab, "Saya menyanggupi dan mau menerimanya" (dan berikanlah kepada mereka) perintah di sini ditujukan kepada para pemilik budak (sebagian dari harta Allah yang dikaruniakan-Nya kepada kalian) berupa apa-apa yang dapat membantu mereka untuk menunaikan apa yang mereka harus bayarkan kepada kalian. Di dalam lafal Al-Iitaa terkandung pengertian meringankan sebagian dari apa yang harus mereka bayarkan kepada kalian, yaitu dengan menganggapnya lunas. (Dan janganlah kalian paksakan budak-budak wanita kalian) yaitu sahaya wanita milik kalian (untuk melakukan pelacuran) berbuat zina (sedangkan mereka sendiri menginginkan kesucian) memelihara kehormatannya dari perbuatan zina. Adanya keinginan untuk memelihara kehormatan inilah yang menyebabkan dilarang memaksa, sedangkan syarath di sini tidak berfungsi sebagaimana mestinya lagi (karena kalian hendak mencari) melalui paksaan itu (keuntungan duniawi) ayat ini diturunkan berkenaan dengan Abdullah bin Ubay, karena dia memaksakan hamba-hamba sahaya perempuannya untuk berpraktek sebagai pelacur demi mencari keuntungan bagi dirinya. (Dan barang siapa memaksa mereka, maka sesungguhnya Allah kepada mereka yang telah dipaksa itu adalah Maha Pengampun) (lagi Maha Penyayang).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : যারা বিবাহে সামর্থ নয় তারা যেন সংযম অবলম্বন করে যে পর্যন্ত না আল্লাহ নিজ অনুগ্রহে তাদেরকে অভাবমুক্ত করে দেন। তোমাদের অধিকারভুক্তদের মধ্যে যারা মুক্তির জন্য লিখিত চুক্তি করতে চায় তাদের সাথে তোমরা লিখিত চুক্তি কর যদি জান যে তাদের মধ্যে কল্যাণ আছে। আল্লাহ তোমাদেরকে যে অর্থকড়ি দিয়েছেন তা থেকে তাদেরকে দান কর। তোমাদের দাসীরা নিজেদের পবিত্রতা রক্ষা করতে চাইলে তোমরা পার্থিব জীবনের সম্পদের লালসায় তাদেরকে ব্যভিচারে বাধ্য কারো না। যদি কেহ তাদের উপর জোরজবরদস্তি করে তবে তাদের উপর জোরজবরদস্তির পর আল্লাহ তাদের প্রতি ক্ষমাশীল পরম দয়ালু।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : விவாகம் செய்வதற்கு உரிய வசதிகளைப் பெற்றுக் கொள்ளாதவர்கள் அவர்களை அல்லாஹ் தம் நல்லருளினால் சீமான்களாக்கும் வரை அவர்கள் ஒழுக்கம் பேணட்டும் இன்னும் உங்கல் வலக்கரங்கள் சொந்தமாக்கிக் கொண்டவர்களில் அடிமைகளில் உரிய தொகையைக் கொடுத்தோ அல்லது முறையாக சம்பாதித்துத் தருவதாக வாக்குக் கொடுத்தோ எவரேனும் சுதந்திரமாவதற்கான உரிமைப் பத்திரம் விரும்பினால் அதற்குரிய நன்மையான தகுதியை நீங்கள் அவ்வடிமையிடம் இருப்பது பற்றி அறிவீர்களாயின் அவர்களுக்கு உரிமை பத்திரம் எழுதிக் கொடுங்கள் இன்னும் அதற்கான பொருளை அல்லாஹ் உங்களுக்கு தந்திருக்கும் பொருளிலிருந்து அவர்களுக்குக் கொடுப்பீர்களாக மேலும் தங்கள் கற்பைப் பேணிக் கொள்ள விரும்பும் உங்கள் அடிமைப் பெண்களை அற்பமான உலக வாழ்க்கை வசதிகளைத் தேடியவர்களாக விபசாரத்திற்கு அவர்களை நிர்ப்பந்திக்காதீர்கள்; அப்படி எவனேனும் அந்தப் பெண்களை நிர்ப்பந்தித்தால் அவர்கள் நிர்ப்பந்திக்கப்பட்ட பின் நிச்சயமாக அல்லாஹ் மன்னிப்பவனாகவும் கிருபையுடையவனாகவும் இருக்கிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และบรรดาผู้ที่ยังไม่มีโอกาสแต่งงานก็จงให้เขาข่มความใคร่ จนกว่าอัลลอฮฺจะทรงให้พวกเขาร่ำรวยขึ้นจากความโปรดปรานของพระองค์ และบรรดาผู้ที่ต้องการจะไถ่ตัวให้เป็นอิสระจากผู้ที่มือขวาของพวกเจ้าครอบครอง พวกเจ้าจงทำสัญญากับพวกเขา หากพวกเจ้ารู้ว่าเป็นการดีกับพวกเขา และจงบริจาคแก่พวกเขาซึ่งทรัพย์สมบัติของอัลลอฮฺ ที่พระองค์ทรงประทานแก่พวกเจ้า และพวกเจ้าอย่าบังคับบรรดาทาสีของพวกเจ้าให้ผิดประเวณี หากนางประสงค์จะอยู่อย่างบริสุทธิ์ แต่พวกเจ้าต้องการผลประโยชน์แห่งการดำรงชีวิตในโลกนี้ และผู้ใดบังคับพวกนางเช่นนั้น ดังนั้นหลังจากการบังคับพวกนาง แท้จริงอัลลอฮฺเป็นผู้ทรงอภัย ผู้ทรงเมตตาเสมอ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Никоҳ имконини топа олмаганлар то Аллоҳ уларни Ўз фазлидан бой қилгунича иффатларини сақласинлар Қўлларингизда мулк бўлганлардан озодлик васиқасини истайдиганлари бўлса бас уларда яхшилик борлигини билсангиз улар ила васиқа ёзинг ва Аллоҳнинг сизга берган молидан уларга беринг Ҳаёти дунёнинг ўткинчи матоҳини истаб покликни ирода қилган чўриларингизни фоҳишаликка мажбур қилманг Ким уларни мажбур қилган бўлса бас албатта Аллоҳ улар мажбур қилганларидан кейин ўта мағфиратли ва раҳмли зотдир Ушбу ояти каримада учта муҳим масала–никоҳга қодир бўлмаганлар нима қилишлиги озод бўлишни истаб ўз хожаси билан шартнома тузган маълум маблағ эвазига озод бўлишга ҳаракат қилаётган қулу чўрилар ва фоҳишабозлик яъни баъзи аёлларни зинога мажбурлаб пул топишга уриниш масалалари муолажа этилмоқда
- 中国语文 - Ma Jian : 不能娶妻者,叫他们极力保持贞操,直到真主以他的恩惠而使他们富足。你们的奴婢中要求订约赎身者,如果你们知道他们是忠实的,你们就应当与他们订约,并且把真主赐予你们的财产的一部分给他们。如果你们的婢女,要保守贞操, 你们就不要为了今世生活的浮利而强迫她们卖淫。如果有人强迫她们,那末,在被迫之后,真主确是至赦的,确是至慈的。
- Melayu - Basmeih : Dan orangorang yang tidak mempunyai kemampuan berkahwin hendaklah mereka menjaga kehormatannya sehingga Allah memberi kekayaan kepada mereka dari limpah kurniaNya; dan hambahamba kamu lelaki dan perempuan yang hendak membuat surat perjanjian untuk memerdekakan dirinya dengan jumlah bayaran yang tertentu hendaklah kamu melaksanakan perjanjian itu dengan mereka jika kamu mengetahui ada sifatsifat yang baik pada diri mereka yang melayakkannya berbuat demikian; dan berilah kepada mereka dari harta Allah yang telah dikurniakan kepada kamu Dan janganlah kamu paksakan hambahamba perempuan kamu melacurkan diri manakala mereka mahu menjaga kehormatannya kerana kamu berkehendakkan kesenangan hidup di dunia Dan sesiapa yang memaksa mereka maka sesungguhnya Allah sesudah paksaan yang dilakukan kepada mereka Maha Pengampun lagi Maha Mengasihani
- Somali - Abduh : Hase Dhawrsadeen Kuwaan Helayn awood Guur inta Eebe kaga Hodmin Fadligiisa kuwa Dooni Inay Isfurtaan oo Hanatay Gacantiinnu Kitaabeeya Ka Ogolaada Haddaad ku Ogtihiin Khayr wax ka Siiyana Xoolaha Eebe ee uu Idin Siiyey hana ku Qasbina Gabdhihiinna aad Ilanataan Zino Hadday Doonaan Dhawrsooni Idinkoo Dooni Sadka Nolosha Adduunyada Ciddii Qasabta Eebe Qasabkaas ka Dib waa Dambi Dhaafe Naxariista
- Hausa - Gumi : Kuma waɗannan da ba su sãmi aure ba su kãme kansu har Allah Ya wadãtar da su daga falalarsa Kuma waɗanda ke nẽman fansa daga abin da hannuwanku na dãma suka mallaka to ku ɗaura musu fansã idan kun san akwai wani alhẽri a cikinsu kuma ku bã su wani abu daga dũkiyar Allah wannan da Ya bã ku Kuma kada ku tĩlasta kuyanginku a kan yin zina idan sun yi nufin tsaron kansu dõmin ku nẽmi rãyuwar dũniya kuma wanda ya tĩlasta su to lalle Allah a bãyan tĩlasta su Mai gãfara ne Mai jin ƙai
- Swahili - Al-Barwani : Na wajizuilie na machafu wale wasio pata cha kuolea mpaka Mwenyezi Mungu awatajirishe kwa fadhila yake Na wanao taka kuandikiwa uhuru katika wale ambao mikono yenu ya kulia imewamiliki basi waandikieni kama mkiona wema kwao Na wapeni katika mali ya Mwenyezi Mungu aliyo kupeni Wala msiwashurutishe vijakazi vyenu kufanya zina kwa ajili ya kutafuta pato la maisha ya dunia ilhali wao wanataka kujihishimu Na atakaye walazimisha basi Mwenyezi Mungu baada ya kulazimishwa kwao huko atawasamehe kwani Mwenyezi Mungu ni Mwenye kusamehe Mwenye kurehemu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dhe le të frenojnë veten ata që nuk gjejnë mundësi për martesë përderisa Perëndia të mos i begatojë ata me dhuntinë e Tij E ata që gjenden në pushtetin tuaj skllavët dhe skllavet që kërkojnë të lirohen duke e kompensuar veten shkruani lidhni kontratën nëse dini që janë të mirë Dhe epjuni diçka nga pasuria juaj me të cilën ju ka dhuruar Perëndia juve Dhe mos i detyroni skllavet tuaja në kurvëri nëse ato dëshirojnë jetë të ndershme – për të arritur ju dobi të përkohshme të kësaj bote E kush i detyron ato – me të vërtetë Perëndia pasi janë detyruar ato e janë penduar është falës dhe mëshirues
- فارسى - آیتی : آنان كه استطاعت زناشويى ندارند، بايد پاكدامنى پيشه كنند تا خدا از كرم خويش توانگرشان گرداند. و از بندگانتان آنان كه خواهان بازخريدن خويشند، اگر در آنها خيرى يافتيد، بازخريدنشان را بپذيريد. و از آن مال كه خدا به شما ارزانى داشته است به آنان بدهيد. و كنيزان خود را اگر خواهند كه پرهيزگار باشند به خاطر ثروت دنيوى به زنا وادار مكنيد. هر كس كه آنان را به زنا وادارد، خدا براى آن كنيزان كه به اكراه بدان كار وادار گشتهاند آمرزنده و مهربان است.
- tajeki - Оятӣ : Онон, ки тавоноии заношӯӣ надоранд, бояд покДоманӣ пеша кунанд, то Худо аз карами худ тавонгарашон гардонад. Ва аз бандагонатон онон, ки хоҳони бозхаридани худанд, агар дар онҳо хайре ёфтед, бозхариданашонро бипазиред. Ва аз он мол, ки Худо ба шумо арзонӣ доштааст, ба онон бидиҳед. Ва канизони худро агар хоҳанд, ки парҳезгор бошанд, ба хотири сарвати дунявӣ ба зино маҷбур накунед. Ҳар кас, ки ононро ба зино водорад, Худо барои он канизон, ки ба маҷбурӣ ба он кор водор гаштаанд, бахшояндаву меҳрубон аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئۆيلىنەلمەيدىغانلار اﷲ ئۇلارنى ئۆز كەرىمى بىلەن باي قىلغۇچە، ئۆزلىرىنى ئىپپەتلىك تۇتسۇن، قۇللىرىڭلاردىن توختام تۈزۈشنى تىلەيدىغانلار (يەنى خوجىسىغا مۇئەييەن پۇل - مال تۆلەش شەرتى بىلەن ئۆزىنىڭ ئازاد قىلىنىشىنى تىلەيدىغانلار) بىلەن، ئەگەر ئۇلارنىڭ ساداقىتىنى بايقىساڭلار، توختام تۈزۈڭلار، سىلەرگە اﷲ ئاتا قىلغان مال - مۈلۈكنىڭ بىر قىسمىنى (ئۆزلىرىنى ئازاد قىلىشقا ياردەم تەرىقىسىدە) ئۇلارغا بېرىڭلار، ئەگەر سىلەرنىڭ چۆرىلىرىڭلار ئىپپەتلىك بولۇشنى خالىسا، بۇ دۇنيانىڭ ئازغىنا مېلىنى دەپ ئۇلارنى پاھىشىغا مەجبۇرلىماڭلار، كىمكى ئۇلارنى پاھىشىغا مەجبۇرلايدىكەن، مەجبۇرلانغاندىن كېيىن اﷲ ئۇلارنى مەغپىرەت قىلغۇچىدۇر، (ئۇلارغا) رەھىم قىلغۇچىدۇر (يەنى پاھىشىغا مەجبۇرلانغانلىقى ئۈچۈن، اﷲ ئۇلارنى جاۋابكارلىققا تارتمايدۇ، مەجبۇرلىغۇچىلارنى قاتتىق جازالايدۇ)
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിവാഹം കഴിക്കാന് കഴിവില്ലാത്തവര് അല്ലാഹു തന്റെ ഔദാര്യത്താല് അവരെ സ്വന്തം കാലില് നില്ക്കാന് കരുത്തുറ്റവരാക്കുംവരെ സദാചാരനിഷ്ഠ പാലിക്കണം. നിങ്ങളുടെ അടിമകളില് മോചനക്കരാറിലേര്പ്പെടാന് ആഗ്രഹിക്കുന്നവരുമായി നിങ്ങള് മോചനക്കരാറുണ്ടാക്കുക. അവരില് നന്മയുള്ളതായി നിങ്ങള്ക്കു ബോധ്യമുണ്ടെങ്കില്! അല്ലാഹു നിങ്ങള്ക്കേകിയ അവന്റെ ധനത്തില്നിന്ന് അവര്ക്ക് കൊടുക്കുകയും ചെയ്യുക. ഭൌതികനേട്ടം കൊതിച്ച്, നിങ്ങളുടെ അടിമസ്ത്രീകളെ- അവര് ചാരിത്രവതികളായി ജീവിക്കാനാഗ്രഹിക്കുമ്പോള്- നിങ്ങള് വേശ്യാവൃത്തിക്ക് നിര്ബന്ധിക്കരുത്. ആരെങ്കിലുമവരെ അതിനു നിര്ബന്ധിക്കുകയാണെങ്കില് ആ നിര്ബന്ധിതരോട് അല്ലാഹു ഏറെ പൊറുക്കുന്നവനും പരമകാരുണികനുമല്ലോ.
- عربى - التفسير الميسر : والذين لا يستطيعون الزواج لفقرهم او غيره فليطلبوا العفه عما حرم الله حتى يغنيهم الله من فضله وييسر لهم الزواج والذين يريدون ان يتحرروا من العبيد والاماء بمكاتبه اسيادهم على بعض المال يودونه اليهم فعلى مالكيهم ان يكاتبوهم على ذلك ان علموا فيهم خيرا من رشد وقدره على الكسب وصلاح في الدين وعليهم ان يعطوهم شيئا من المال او ان يحطوا عنهم مما كوتبوا عليه ولا يجوز لكم اكراه جواريكم على الزنى طلبا للمال وكيف يقع منكم ذلك وهن يردن العفه وانتم تابونها وفي هذا غايه التشنيع لفعلهم القبيح ومن يكرههن على الزنى فان الله تعالى من بعد اكراههن غفور لهن رحيم بهن والاثم على من اكرههن
*54) The best commentary on these verses are the Traditions which have been reported from the Holy Prophet in this connection. Hadrat 'Abdullah bin Mas'ud has related that the Holy Prophet once said: "O young men, whoso among you can afford to marry, he should marry, because this will be a means of restraining the eyes from casting the evil look and of keeping one pure and chaste, and the one who cannot afford, should fast, because fasting helps cool down the passions." (Bukhari, Muslim). According to Hadrat Abu Hurairah, the Holy Prophet said: "Allah has taken upon Himself to succour three men: (a) the one who marries with a view to guarding his chastity, (b) the slave who works to earn his freedom, and (c) the one who goes out to fight in the way of AIlah." (Tirmizi, Nasa'i, Ibn Majah, Ahmad) For further explanation, see Surah An-Nisa: 25.
*55) Mukatabat as a term means a deed of emancipation between the owner and the slave entitling the latter to earn his or her freedom after payment of an agreed sum of money in a certain period. This is one of the methods laid down i' Islam for the slaves to attain their freedom. It is not essential that the slave must always pay in cash; he can also earn his freedom by rendering some special service to the owner, provided that both the parties agree. Once the agreement is signed, the owner is not entitled to put any obstacles in the way of the slave's freedom. He will have to provide opportunities to enable him to earn for his emancipation and shall have to free him when the agreed amount has been paid in time. In the time of Hadrat 'Umar, a slave entered into such an agreement with his lady owner, but managed to collect the amount in advance of the time limit. When the amount was offered to the lady, she refused to accept it on the ground that she would like to have it in monthly and yearly instalments. The slave complained to Hadrat 'Umar who ordered that the amount be deposited in the state treasury and the slave be sec free. The lady was informed that her money lay in the treasury and she had the option to take it in a lump sum or in yearly or monthly instalments. (Daraqutni).
*56) A group of jurists have interpreted the words "execute the deed of emancipation with them" to mean that it is obligatory for the owner to accept the offer of a slave to earn his emancipation This is the view of 'Ata', 'Amr bin Dinar Ibn Sirin, Masruq, Dahhak, `Ikrimah, the Zahiriyyah and Ibn Jarir Tabari, and Imam Shafi'i 'also favoured it in the beginning. The other group holds that it .is not obligatory but only recommendatory and commendable. This group includes jurists like Sha'bi, Muqatil bin Hayyan, Hasan Basri, 'Abdul Rahman bin Zaid, Sufyan Thauri, Abu Hanifah and Malik bin Anas and Imam Shafi`i later on also had adopted this view. The first view is supported by two things:
(a) The imperative mood of the verb in "execute the deed...,' suggests that it is a Command front Allah.
(b) Authentic Traditions contain the incident that when Sirin, father of Hadrat Muhammad bin Sirin, the great jurist and traditionalist, made a request to his master, Hadrat Anas, for a deed of emancipation, the latter refused to accept it. Sirin took he matter before Hadrat `Umar, who whip in hand turned on Anas, saying: "Allah's Command is that you execute the deed." (Bukhari). From this it has been argued that it was not a discretionary and personal decision of Hadrat 'Umar but it was taken in the presence of the Companions and none expressed any difference of opinion. This therefore should be taken as an authentic interpretation of the verse.
The other group argues that Allah does not merely say: "Execute the deed of emancipation with them", but adds: ". . . provided that you trod some good in them." This condition of finding some good in them" lies entirely on the owner, and there is no fixed standard or means by which the question of "finding good in them" be got adjudicated through a court. Legal injunctions are never couched in such language. As such this injunction can only be regarded as recommendatory and not as legally mandatory. As regards the precedent of the case of Sirin, the jurists say that there was not one slave who asked for a deed of emancipation but thousands of them in the time of the Holy Prophet and the rightly-guided Caliphs, and a large number of them earned their freedom in that way. But apart from Sirin's there is no case where an owner was forced by a judicial verdict to execute a deed of emancipation. Accordingly this decision of Hadrat 'Umar cannot be taken as a judicial decision. All that can be said is that Hadrat `Umar, apart from his position of a judge, was like a father to the Muslims and might have used his paternal authority in a matter where he could not intervene as a judge.
*57) "Good" implies three things:
(a) The slave must be capable of earning his emancipation money through hard work and labour. The Holy Prophet has said: "Execute the deed when you are sure that the slave can earn the required amount of money; do not let him go about begging the people for it." (Ibn Kathir).
(b) He should be honest, truthful and reliable for the purposes of the agreement. He should nuke the best of the opportunities and should not waste his earnings.
(c) The owner should make sure that the slave has no immoral trends and does not harbour feelings of enmity against Islam or the Muslims, nor should there be any apprehension that his freedom might prove harmful to the interests of the Muslim society. In other words, he should prove to be a loyal and faithful member of the Muslim society and not a fifth columnist. It should be noted that such precautions were absolutely necessary in the case of the prisoners of war taken as slaves.
*58) This Command is general and is addressed to the owners, the common Muslims and the Islamic government.
(a) The owner is instructed that he should remit a part of the emancipation money. There are traditions to confirm that the Companions used to remit a sizeable amount of the emancipation money to their slaves. Hadrat 'Ali used to remit a quarter of the amount and exhorted others also to do the same. (lbn Jarir).
(b) The common Muslim is instructed that he should extend liberal help to all such slaves who asked for help in this regard. One of the heads of Zakat expenditure as laid down in the Qur'an is "the ransoming of slaves". (IX:60) In the sight of Allah "freeing of slaves" is a great act of virtue. (XC :13). According to a Tradition, a Bedouin came to the Holy Prophet and requested him to instruct him what he should do to earn Paradise. The Holy Prophet replied "You have asked about the most important thing in a most concise way. You should free the slaves and help them to earn their freedom, If you present a head of cattle to somebody, present such a one as gives plenty of milk. Treat your relatives kindly even if they treat you unjustly. If you cannot do all this, you should feed the poor, give water to the thirsty, exhort the people to do good and forbid them to do evil. If you cannot do even this, you should restrain your tongue: if you have to speak, speak something good, otherwise keep quiet"'. (Baihaqi).
(c) The Islamic government is advised to spend a part of the Zakat collections on the emancipation of slaves.
Here it should be noted that slaves in the ancient tunes were of three kinds: (i) Prisoners of war, (ii) Free men who were captured and traded as slaves, (iii) Hereditary slaves who did not know when their ancestors became slaves and to which of the above categories they originally belonged. Before the advent of Islam, Arabia as well as the outside world abounded in all kinds of slaves. The entire social and economic structure of society depended more on slave labour than on servants and wage-earners. The first question before Islam was to tackle the problem of the hereditary slaves, and secondly, to find a solution to the entire problem of slavery for all times to come. In tackling the first problem, Islam did not abruptly abrogate the ownership rights in respect of the hereditary slaves as it would have completely paralysed the entire social and economic system, and involved Arabia in a far more destructive civil war than the one fought in America, leaving the problem where it was as it is in America, where the Negroes are still facing humiliation and disgrace. Islam did not follow any such foolhardy policy of reform. Instead it generated a great moral movement for the emancipation of slaves and employed inducements, persuasions, religious injunctions and legal enactments to educate and motivate the people to free the slaves voluntarily for earning their salvation in the Hereafter, or as expiation of their sins as enjoined by Islam, or by accepting monetary compensation. To set the pace the Holy Prophet himself freed 63 slaves. One of his wives, Hadrat 'A'ishah, alone treed 67 slaves. The Holy Prophet's uncle, Hadrat `Abbas, freed 70 slaves. Among others, Hakim bin Hizam freed 100 slaves, 'Abdullah bin 'Umar 1,000, Zulkal'a Himyari 8,000, and 'Abdur Rehman bin 'Auf 30,000. The other Companions among whom Hadrat Abu Bakr and Hadrat 'Uthman were prominent also set a large number of slaves free. The people, in order to win Allah's favour, not only emancipated their own slaves, but also bought them from others and then set them free. The result was that in so far as hereditary slaves were concerned, almost aII of them had been freed even before the righteous Caliphate came to an end.
As for the future, Islam completely prohibited free men from being kidnapped and traded as slaves. As for the prisoners of war, it was permitted (not commanded) that they might be kept as slaves so long as they were not exchanged for Muslim prisoners of war, or freed on payment of ransom. Then, on the one hand, the slaves were aIso allowed to earn their freedom through written agreements with their masters, and on the other, the masters were exhorted to set them free just like the hereditary slaves, as an act of virtue, to win Allah's approval, or as expiation of sins, or by willing that a slave would automatically gain his freedom on the master's death, or that a slave girl would be free on the master's death if she had borne him children, whether he had left a will or not. This is how Islam solved the problem of slavery. Ignorant people raise objections without trying to understand this solution, and the apologists offer aII sorts of apologies and have even to deny the fact that Islam had prohibited slavery absolutely.
*59) This does not mean that if the slave girls do not want to lead a chaste and virtuous life they can be forced into prostitution. It only means this that if a slave girl commits an immoral act of her own free will, she herself is responsible for it and the law will be applied against her alone. But if the owner forces her into it, it will be entirely his responsibility, and the law will proceed against him. Obviously the question of force arises only when someone is compelled to act against his own will. As for the words "for your own worldly gains", these have not been used in a conditional or restrictive sense that if the owner is not sharing the immoral earnings of the slave girl, he is not an offender if he forces her into prostitution. The intention is to declare all such money unlawful as has been earned through illegal and immoral ways.
It is, however, not possible to comprehend the full import of this injunction merely from the words of the text. For this it is necessary to understand the entire background and circumstances prevalent at the time of its revelation. Prostitution in Arabia existed in two forms: Domestic prostitution and open prostitution in the brothel.
(a) 'Domestic' prostitution was carried out by freed slave girls who had no guardians, or by free women who had no family or tribal support. They would take residence in a house and enter into an agreement with a number of men simultaneously for financial help in return for sexual gratification. Whenever a child was born, the mother would name whomsoever she liked as its father and the man was accepted in society as the father of the child. This was an established custom in the pre-Islamic days, which was considered almost analogous to "marriage". When Islam came, it recognised only that contract as legal marriage where a woman had only one husband. Thus all other forms of sexual gratification came to be regarded as adultery and punishable offences as such. (Abu Da'ud).
(b) Open prostitution which was carried out entirely through slave girls was of two kinds. First, the slave girls were obliged to pay a fixed heavy amount every month to the owner, which they could only earn through prostitution. The owner knew fully well how the money was earned, and in fact there was no other object of imposing a heavy demand on the poor slave girl, especially when it was much higher than the usual wages for work or labour. Secondly, beautiful and young slave girls were made to stay in the brothel and a flag was put at the door to indicate that a "needy person" could satisfy his lust there. Such women were called "qaliqiyat" and their houses were well known as, "mawakhir"'. AlI prominent men of the 'day owned and maintained such houses of prostitution. `Abdullah bin Ubayy (the chief of the hypocrites of Madinah, who had been nominated as king of Madinah before the Holy Prophet's arrival there and who was in the forefront of the campaign to slander Hadrat `A'ishah) himself owned a regular house of prostitution in Madinah, which had six beautiful slave girls. Not only did he earn money through them but also used them to entertain his respectable and important guests who came to see him from different parts of Arabia. He employed the illegitimate children thus born to enhance the splendour and strength of his army of slaves. When one of these prostitutes, named Mu'azah, accepted Islam and wanted to offer repentance for her past sins, Ibn Ubayy subjected her to torture. She complained of it to Hadrat Abu Bakr, who brought it to the notice of the Holy Prophet. The Holy Prophet ordered that the woman be taken away from the cruel man. (Ibn Jarir, Vol. XVIII, pp. 55 -58, and 103-104; AlIsti`ab Vol 11, p. 762; p. 762; Ibn Kathir, Vol. III, pp. 288-289). Such were the conditions when this verse was revealed. If these conditions are kept in view, it will become obvious that the real object was not merely to stop the slave girls from being forced into prostitution but to ban prostitution itself as illegal within the boundaries of the Islamic state. Simultaneously there was a declaration of general pardon for those who had been forced into this business in the past.
After the revelation of this Divine Command the Holy Prophet declared: "There is no place for prostitution in Islam." (Abu Da'ud). The second Command that he gave was that the earnings made through adultery were unlawful, impure and absolutely forbidden. According to a tradition reported by Rafi` bin Khadij, the Holy Prophet described such earnings as impure, product of the worst profession and most filthy income. (Abu Da'ud, Tirmizi, Nasa'i). According to Abu Huzaifah, he termed the money earned through prostitution as unlawful. (Bukhari, Muslim, Ahmad). Abu Mas`ud `Uqbah bin `Amr says that the Holy Prophet forbade the people to take prostitution earnings. (Sihah Sitta and Ahmad). The third Command was that the slave girl could be employed for lawful manual labour, but the owner had no right to impose or receive any money from her about which he was not sure how it had been earned. According to Rafi` bin Khadij, he prohibited accepting any earnings from the slave girl unless it was known how she had earned it. (Abu Da'ud). Rafi` bin Rifa`ah Ansari has reported the same Command in clearer words. He says: "The Prophet of Allah prohibited us from accepting anything from the earnings of a slave girl except that which she earned through manual labour, such as (and he indicated this with his hand) baking bread, spinning cotton or carding wool or cotton." (Musnad Ahmad, Abu Da'ud). Another tradition quoted from Hadrat Abu Hurairah in Abu Da'ud and Musnad Ahmad says that taking of money earned by a slave girl through unlawful means is prohibited. Thus the Holy Prophet in accordance with the intention of this verse, banned by religious injunction and law all kinds of prostitution prevalent in Arabia in those days. Over and above this, the decision he gave in the case of Mu'azah, the slave girl of `Abdullah bin Ubayy, shows that an owner who forces his slave girl into prostitution loses his rights of ownership over her. This is a tradition from Imam Zuhri, which Ibn Kathir has quoted on the authority of Musnad `Abdur Razzaq.