- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْـًٔا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ
- عربى - نصوص الآيات : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ۚ يعبدونني لا يشركون بي شيئا ۚ ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون
- عربى - التفسير الميسر : وعد الله بالنصر الذين آمنوا منكم وعملوا الأعمال الصالحة، بأن يورثهم أرض المشركين، ويجعلهم خلفاء فيها، مثلما فعل مع أسلافهم من المؤمنين بالله ورسله، وأن يجعل دينهم الذي ارتضاه لهم- وهو الإسلام- دينًا عزيزًا مكينًا، وأن يبدل حالهم من الخوف إلى الأمن، إذا عبدوا الله وحده، واستقاموا على طاعته، ولم يشركوا معه شيئًا، ومن كفر بعد ذلك الاستخلاف والأمن والتمكين والسلطنة التامة، وجحد نِعَم الله، فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله.
- السعدى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
هذا من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغوا لهم الغوائل.
فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي، والأمن التام، بحيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئا، ولا يخافون أحدا إلا الله، فقام صدر هذه الأمة، من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكنهم من البلاد والعباد، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان، بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح.
{ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ْ} التمكين والسلطنة التامة لكم، يا معشر المسلمين، { فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ْ} الذين خرجوا عن طاعة الله، وفسدوا، فلم يصلحوا لصالح، ولم يكن فيهم أهلية للخير، لأن الذي يترك الإيمان في حال عزه وقهره، وعدم وجود الأسباب المانعة منه، يدل على فساد نيته، وخبث طويته، لأنه لا داعي له لترك الدين إلا ذلك. ودلت هذه الآية، أن الله قد مكن من قبلنا، واستخلفهم في الأرض، كما قال موسى لقومه: { وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ْ} وقال تعالى: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ }
- الوسيط لطنطاوي : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
ثم تركت السورة الكريمة الحديث عن المنافقين ، لتسوق وعد الله الذى لا يتخلف للمؤمنين الصادقين ، قال - تعالى - : ( وَعَدَ الله . . . ) .
قال الإمام ابن كثير : " هذا وعد من الله - تعالى - لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض أى : أئمة الناس والولاة عليهم ، وبهم تصلح البلاد ، وتخضع لهم العباد ، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك . . . فإنه لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح عليه مكة وخيبر والبحرين ، وسائر جزيرة العرب ، ولهذا ثبت فى الصحيح عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لى منها . . " .
وفى تصدير الآية الكريمة بقوله - تعالى - : ( وَعَدَ الله . . ) بشارة عظيمة للمؤمنين ، بتحقيق وعده - تعالى - ، إذ وعد الله لا يتخلف . كما قال - تعالى - : ( وَعْدَ الله لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ) والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، ومن بيانية ، والآية الكريمة مقررة لمضمون ما قبلها ، وهو قوله - تعالى - ( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ . . . ) أى : وعد الله - تعالى - بفضله وإحسانه ، الذين صدقوا فى إيمانهم من عباده ، والذين جمعوا مع الإيمان الصادق ، العمل الصالح ، وعدهم ليستخلفهم فى الأرض ، أى : ليجعلنهم فيها خلفاء يتصرفون فيها تصرف أصحاب العزة والسلطان والغلبة ، بدلا من أعدائهم الكفار .
قال الآلوسى : واللام فى قوله "
ليستخلفنهم " واقعة فى جواب القسم المحذوف . ومفعول وعد الثانى محذوف دل عليه الجواب . أى : وعد الله الذين آمنوا استخلافهم ، وأقسم ليستخلفنهم . . . و " ما " فى قوله " كما استخلف " مصدرية والجار والمجرور متعلق بمحذوف . وقع صفة لمصدر محذوف ، أى : ليستخلفنهم استخلافا كائنا كاستخلافه " الذين من قبلهم " من الأمم المؤمنة ، الذين أسكنهم الله - تعالى - فى الأرض بعد إهلاك أعدائهم من الكفرة الظالمين .هذا هو الوعد الأول للمؤمنين : أن يجعلهم - سبحانه - خلفاءه فى الأرض . كما جعل عباده الصالحين من قبلهم خلفاءه ، وأورثهم أرض الكفار وديارهم .
وأما الوعد الثانى فيتجلى فى قوله - تعالى - ( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الذي ارتضى لَهُمْ ) .
والتمكين : التثبيت والتوطيد والتمليك . يقال : تمكن فلان من الشىء ، إذا حازه وقدر عليه .
أى : وعد الله المؤمنين بأن يجعلهم خلفاءه فى أرضه ، وبأن يجعل دينهم وهو دين الإسلام الذى ارتضاه لهم . ثابتا فى القلوب ، راسخا فى النفوس . باسطا سلطانه على أعدائه ، له الكلمة العليا فى هذه الحياة ، ولمخالفيه الكلمة السفلى .
وأما الوعد الثالث فهو قوله - سبحانه - : "
وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا " .أى : وعدهم الله - تعالى - بالاستخلاف فى الأرض ، وبتمكين دينهم . وبأن يجعل لهم بدلا من الخوف الذى كانوا يعيشون فيه ، أمنا واطمئنانا ، وراحة فى البال ، وهدوءا فى الحال .
قال الربيع بن أنس عن أبى العالية فى هذه الآية : "
كان النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين . يدعون إلى الله وحده . . . وهم خائفون ، فلما قدموا المدينة أمرهم الله بالقتال ، فكانوا بها خائفين ، يمسون فى السلاح ويصبحون فى السلاح . فصبروا على ذلك ما شاء الله . ثم إن رجلا من الصحابة قال : يا رسول الله : " أبد الدهر نحن خائفون هكذا؟ أما يأتى علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فقال صلى الله عليه وسلم لن تَغْبَرُوا - أى : لن تمكثوا - إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم فى الملأ العظيم محتبيا ليست فيهم حديدة " " .وأنزل الله هذه الآية فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فآمنوا ووضعوا السلاح . . .
ولكن هذا الاستخلاف والتمكين والأمان متى يتحقق منه - سبحانه - لعباده؟
لقد بين الله - تعالى - الطريق إلى تحققه فقال ( يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) فهذه الجملة الكريمة يصح أن تكون مستأنفة ، أى : جوابا لسؤال تقديره متى يتحقق هذا الاستخلاف والتمكين والأمان بعد الخوف للمؤمنين؟ فكان الجواب : يعبدوننى عبادة خالصة تامة مستكملة لكل شروطها وآدابها وأركانها ، دون أن يشركوا معى فى هذه العبادة أحدا كائنا من كان .
كما يصح أن تكون حالا من الذين آمنوا ، فيكون المعنى : وعد الله - تعالى - عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، بالاستخلاف فى الأرض ، وبتمكين دينهم فيها . وبتبديل خوفهم أمنا ، فى حال عبادتهم له - سبحانه - عبادة لا يشوبها شرك أو رياء أو نقص .
وروى الإمام أحمد عن أبى بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة ، والدين والنصر والتمكين فى الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا ، لم يكن له فى الآخرة نصيب " . ذلك هو وعد الله - تعالى - لعباده الذين أخلصوا له العبادة والطاعة ، وأدوا ما أمرهم به ، واجتنبوا ما نهاهم عنه ، أما الذين انحرفوا عن طريق الحق . وجحدوا نعمه - سبحانه - عليهم ، فقد بين عاقبتهم فقال : ( وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك فأولئك هُمُ الفاسقون ) .أى : ومن كفر بعد كل هذه النعم التى وعدت بها عبادى الصالحين ، واستعمل هذه النعم فى غير ما خلقت له ، فأولئك الكافرون الجاحدون هم الفاسقون عن أمرى ، الخارجون عن وعدى ، الناكبون عن صراطى .
وهكذا نرى الآية الكريمة قد جمعت أطراف الحكمة من كل جوانبها ، فقد رغبت المؤمنين فى إخلاص العبادة لله - تعالى - بأسمى ألوان الترغيب ، حيث بينت لهم أن هذه العبادة سيترتب عليها الاستخلاف والتمكين والأمان . ثم رهبت من الكفر والجحود ، وبينت أن عاقبتهما الفسوق والحرمان من نعم الله - تعالى - .
- البغوى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
قوله - عز وجل - : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ) قال أبو العالية في هذه الآية : مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة بعد الوحي عشر سنين مع أصحابه ، وأمروا بالصبر على أذى الكفار ، وكانوا يصبحون ويمسون خائفين ، ثم أمروا بالهجرة إلى المدينة ، وأمروا بالقتال وهم على خوفهم لا يفارق أحد منهم سلاحه ، فقال رجل منهم : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فأنزل الله هذه الآية وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم ) أدخل اللام لجواب اليمين المضمرة ، يعني : والله ليستخلفنهم ، أي : ليورثنهم أرض الكفار من العرب والعجم ، فيجعلهم ملوكها وساستها وسكانها ، ( كما استخلف الذين من قبلهم ) قرأ أبو بكر عن عاصم : " كما استخلف " بضم التاء وكسر اللام على ما لم يسم فاعله ، وقرأ الآخرون بفتح التاء واللام لقوله تعالى : " وعد الله " . قال قتادة : ) ( كما استخلف ) داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء . وقيل : " كما استخلف الذين من قبلهم " أي : بني إسرائيل حيث أهلك الجبابرة بمصر والشام وأورثهم أرضهم وديارهم ، ( وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ) أي : اختار ، قال ابن عباس : يوسع لهم في البلاد حتى يملكوها ويظهر دينهم على سائر الأديان ، ) ( وليبدلنهم ) قرأ ابن كثير وأبو بكر ويعقوب بالتخفيف من الإبدال ، وقرأ الآخرون بالتشديد من التبديل ، وهما لغتان ، وقال بعضهم : التبديل تغيير حال إلى حال ، والإبدال رفع الشيء وجعل غيره مكانه ، ( من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ) آمنين ، ( لا يشركون بي شيئا ) فأنجز الله وعده ، وأظهر دينه ، ونصر أولياءه ، وأبدلهم بعد الخوف أمنا وبسطا في الأرض .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن الحكم ، أخبرنا النضر ، أخبرنا إسرائيل ، أخبرنا سعيد الطاهري ، أخبرنا محمد بن خليفة ، عن عدي بن حاتم قال : بينا أنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتاه رجل فشكى إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكى إليه قطع السبيل ، فقال : " يا عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها " ، قال : " فإن طالت بك حياة فلترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله " ، قلت فيما بيني وبين نفسي : فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد ؟ ، " ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى " قلت : كسرى بن هرمز ؟ قال : " كسرى بن هرمز ، لئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب وفضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه ، وليلقين الله أحدكم يوم القيامة وليس بينه وبينه ترجمان يترجم فليقولن له : ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك ؟ فيقول : بلى ، فيقول : ألم أعطك مالا وأفضل عليك ؟ فيقول : بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم ، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم " ، قال عدي : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة " ، قال عدي : فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ، وكنت ممن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - يخرج ملء كفه
وفي الآية دلالة على خلافة الصديق وإمامة الخلفاء الراشدين . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرني حماد هو ابن مسلمة بن دينار ، عن سعيد بن جمهان ، عن سفينة قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ، ملكا " . ثم قال : أمسك خلافة أبي بكر سنتين ، وخلافة عمر عشرا ، وعثمان اثنتا عشر ، وعلي ستة . قال علي : قلت لحماد : سفينة ، القائل ، لسعيد أمسك ؟ قال : نعم . قوله - عز وجل - : ( ومن كفر بعد ذلك ) أراد به كفران النعمة ، ولم يرد الكفر بالله ، ( فأولئك هم الفاسقون ) العاصون لله . قال أهل التفسير : أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه ، فلما قتلوه غير الله ما بهم وأدخل عليهم الخوف حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانا .
أخبرنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم المعروف بابن أبي نصر ، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة المعروف بالطرابلسي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن حميد بن هلال قال : قال عبد الله بن سلام في عثمان : إن الملائكة لم تزل محيطة بمدينتكم هذه منذ قدمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى اليوم ، فوالله لئن قتلتموه ليذهبون ثم لا يعودون أبدا ، فوالله لا يقتله رجل منكم إلا لقي الله أجذم لا يد له ، وإن سيف الله لم يزل مغمودا عنكم ، والله لئن قتلتموه ليسلنه الله ثم لا يغمده عنكم ، إما قال : أبدا ، وإما قال : إلى يوم القيامة ، فما قتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفا ، ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا
- ابن كثير : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
هذا وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم . بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض ، أي : أئمة الناس والولاة عليهم ، وبهم تصلح البلاد ، وتخضع لهم العباد ، وليبدلن بعد خوفهم من الناس أمنا وحكما فيهم ، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك . وله الحمد والمنة ، فإنه لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين ، وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها . وأخذ الجزية من مجوس هجر ، ومن بعض أطراف الشام ، وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر والإسكندرية - وهو المقوقس - وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة ، الذي تملك بعد أصحمة ، رحمه الله وأكرمه .
ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم واختار الله له ما عنده من الكرامة ، قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق ، فلم شعث ما وهى عند موته ، عليه الصلاة والسلام وأطد جزيرة العرب ومهدها ، وبعث الجيوش الإسلامية إلى بلاد فارس صحبة خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، ففتحوا طرفا منها ، وقتلوا خلقا من أهلها . وجيشا آخر صحبة أبي عبيدة ، رضي الله عنه ، ومن معه من الأمراء إلى أرض الشام ، وثالثا صحبة عمرو بن العاص ، رضي الله عنه ، إلى بلاد مصر ، ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها ، وتوفاه الله عز وجل ، واختار له ما عنده من الكرامة . ومن على الإسلام وأهله بأن ألهم الصديق أن استخلف عمر الفاروق ، فقام في الأمر بعده قياما تاما ، لم يدر الفلك بعد الأنبياء [ عليهم السلام ] على مثله ، في قوة سيرته وكمال عدله . وتم في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها ، وديار مصر إلى آخرها ، وأكثر إقليم فارس ، وكسر كسرى وأهانه غاية الهوان ، وتقهقر إلى أقصى مملكته ، وقصر قيصر ، وانتزع يده عن بلاد الشام فانحاز إلى قسطنطينة ، وأنفق أموالهما في سبيل الله ، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله ، عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة .
ثم لما كانت الدولة العثمانية ، امتدت المماليك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها ، ففتحتبلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك : الأندلس ، وقبرص ، وبلاد القيروان ، وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط ، ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين ، وقتل كسرى ، وباد ملكه بالكلية . وفتحت مدائن العراق ، وخراسان ، والأهواز ، وقتل المسلمون من الترك مقتلة عظيمة جدا ، وخذل الله ملكهم الأعظم خاقان ، وجبي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه . وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن; ولهذا ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، فنسأل الله الإيمان به ، وبرسوله ، والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا .
قال الإمام مسلم بن الحجاج : حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا " . ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت عني فسألت أبي : ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : " كلهم من قريش " .
ورواه البخاري من حديث شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، به
وفي رواية لمسلم أنه قال ذلك عشية رجم ماعز بن مالك ، وذكر معه أحاديث أخر
وهذا الحديث فيه دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادلا وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر فإن كثيرا من أولئك لم يكن إليهم من الأمر شيء ، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش ، يلون فيعدلون . وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة ، ثم لا يشترط أن يكون متتابعين ، بل يكون وجودهم في الأمة متتابعا ومتفرقا ، وقد وجد منهم أربعة على الولاء ، وهم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عنهم . ثم كانت بعدهم فترة ، ثم وجد منهم ما شاء الله ، ثم قد يوجد منهم من بقي في وقت يعلمه الله . ومنهم المهدي الذي يطابق اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنيته كنيته ، يملأ الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت جورا وظلما .
وقد روى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث سعيد بن جمهان ، عن سفينة - مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم يكون ملكا عضوضا " .
وقال الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) الآية ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين ، يدعون إلى الله وحده ، وعبادته وحده لا شريك له سرا وهم خائفون ، لا يؤمرون بالقتال ، حتى أمروا بعد بالهجرة إلى المدينة ، فقدموا المدينة ، فأمرهم الله بالقتال ، فكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح ، فغبروا بذلك ما شاء الله . ثم إن رجلا من أصحابه قال : يا رسول الله ، أبد الدهر نحن خائفون هكذا؟ أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا [ فيه ] السلاح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
لن تغبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليست فيهم حديدة " . وأنزل الله هذه الآية ، فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب ، فأمنوا ووضعوا السلاح . ثم إن الله ، عز وجل ، قبض نبيه صلى الله عليه وسلم فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا ، فأدخل [ الله ] عليهم الخوف فاتخذوا الحجزة والشرط وغيروا ، فغير بهم .وقال بعض السلف : خلافة أبي بكر وعمر ، رضي الله عنهما ، حق في كتابه ، ثم تلا هذه الآية .
وقال البراء بن عازب : نزلت هذه الآية ، ونحن في خوف شديد .
وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى : ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون ) [ الأنفال : 26 ] .
وقوله : ( كما استخلف الذين من قبلهم ) كما قال تعالى عن موسى ، عليه السلام ، أنه قال لقومه : ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ) [ الأعراف : 129 ] ، وقال تعالى : ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) [ القصص : 5 ، 6 ] .
وقوله : ( وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم ، حين وفد عليه : "
أتعرف الحيرة ؟ " قال : لم أعرفها ، ولكن قد سمعت بها . قال : " فوالذي نفسي بيده ، ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد ، ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز " . قلت : كسرى بن هرمز ؟ قال : " نعم ، كسرى بن هرمز ، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد " . قال عدي بن حاتم : فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار أحد ، ولقد كنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ، والذي نفسي بيده ، لتكونن الثالثة; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن أبي سلمة ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة ، والدين والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا ، لم يكن له في الآخرة نصيب " .وقوله : ( يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) قال الإمام أحمد :
حدثنا عفان ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة عن أنس ، أن معاذ بن جبل حدثه قال : بينا أنا رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل ، قال : "
يا معاذ " ، قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : ثم سار ساعة ، ثم قال : " يا معاذ بن جبل " ، قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك . [ ثم سار ساعة ، ثم قال : " يا معاذ بن جبل " ، قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك " ] . قال : " هل تدري ما حق الله على العباد " ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " [ فإن ] حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا " . قال : ثم سار ساعة . ثم قال : " يا معاذ بن جبل " ، قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : " فهل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك " ؟ ، قال : قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن حق العباد على الله أن لا يعذبهم " .أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة .
وقوله : ( ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) أي : فمن خرج عن طاعتي بعد ذلك ، فقد فسق عن أمر ربه وكفى بذلك ذنبا عظيما . فالصحابة ، رضي الله عنهم ، لما كانوا أقوم الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأوامر الله عز وجل ، وأطوعهم لله - كان نصرهم بحسبهم ، وأظهروا كلمة الله في المشارق والمغارب ، وأيدهم تأييدا عظيما ، وتحكموا في سائر العباد والبلاد . ولما قصر الناس بعدهم في بعض الأوامر ، نقص ظهورهم بحسبهم ، ولكن قد ثبت في الصحيحين ، من غير وجه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى يوم القيامة " وفي رواية : " حتى يأتي أمر الله ، وهم كذلك " . وفي رواية : " حتى يقاتلوا الدجال " . وفي رواية : " حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم ظاهرون " . وكل هذه الروايات صحيحة ، ولا تعارض بينها .
- القرطبى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون
نزلت في أبي بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - ؛ قاله مالك . وقيل : إن سبب هذه الآية أن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - شكا جهد مكافحة العدو ، وما كانوا فيه من الخوف على أنفسهم ، وأنهم لا يضعون أسلحتهم ؛ فنزلت الآية . وقال أبو العالية : مكث رسول - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين بعدما أوحي إليه خائفا هو وأصحابه ، يدعون إلى الله سرا وجهرا ، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة ، وكانوا فيها خائفين يصبحون ويمسون في السلاح . فقال رجل : يا رسول الله ، أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فقال : عليه السلام - : لا تلبثون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس عليه حديدة . ونزلت هذه الآية ، وأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فوضعوا السلاح وأمنوا . قال النحاس : فكان في هذه الآية دلالة على نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن الله جل وعز أنجز ذلك الوعد . قال الضحاك في كتاب النقاش : هذه تتضمن خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ؛ لأنهم أهل الإيمان وعملوا الصالحات . وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الخلافة بعدي ثلاثون . وإلى هذا القول ذهب ابن العربي في أحكامه ، واختاره وقال : قال علماؤنا هذه الآية دليل على خلافة الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم - ، وأن الله استخلفهم ورضي أمانتهم ، وكانوا على الدين الذي ارتضى لهم ، لأنهم لم يتقدمهم أحد في الفضيلة إلى يومنا هذا ، فاستقر الأمر لهم ، وقاموا بسياسة المسلمين ، وذبوا عن حوزة الدين ؛ فنفذ الوعد فيهم ، وإذا لم يكن هذا الوعد لهم نجز ، وفيهم نفذ ، وعليهم ورد ، ففيمن يكون إذا ، وليس بعدهم مثلهم إلى يومنا هذا ، ولا يكون فيما بعده . - رضي الله عنهم - . وحكى هذا القول القشيري ، عن ابن عباس . واحتجوا بما رواه سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا . قال سفينة : أمسك عليك : خلافة أبي بكر سنتين ، وخلافة عمر عشرا ، وخلافة عثمان ثنتي عشرة سنة ، وخلافة علي ستا . وقال قوم : هذا وعد لجميع الأمة في ملك الأرض كلها تحت كلمة الإسلام ؛ كما قال : عليه الصلاة والسلام - : زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها . واختار هذا القول ابن عطية في تفسيره حيث قال : والصحيح في الآية أنها في استخلاف الجمهور ، واستخلافهم هو أن يملكهم البلاد ويجعلهم أهلها ؛ كالذي جرى في الشام ، والعراق ، وخراسان ، والمغرب . قال ابن العربي : قلنا لهم هذا وعد عام في النبوة والخلافة وإقامة الدعوة وعموم الشريعة ، فنفذ الوعد في كل أحد بقدره وعلى حاله ؛ حتى في المفتين والقضاة والأئمة ، وليس للخلافة محل تنفذ فيه الموعدة الكريمة إلا من تقدم من الخلفاء . ثم ذكر اعتراضا وانفصالا معناه : فإن قيل هذا الأمر لا يصح إلا في أبي بكر وحده ، فأما عمر وعثمان فقتلا غيلة ، وعلي قد نوزع في الخلافة . قلنا : ليس في ضمن الأمن السلامة من الموت بأي وجه كان ، وأما علي فلم يكن نزاله في الحرب مذهبا للأمن ، وليس من شرط الأمن رفع الحرب إنما شرطه ملك الإنسان لنفسه باختياره ، لا كما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة . ثم قال في آخر كلامه : وحقيقة الحال أنهم كانوا مقهورين فصاروا قاهرين ، وكانوا مطلوبين فصاروا طالبين ؛ فهذا نهاية الأمن والعز . قلت : هذه الحال لم تختص بالخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم - حتى يخصوا بها من عموم الآية ، بل شاركهم في ذلك جميع المهاجرين بل وغيرهم . ألا ترى إلى إغزاء قريش المسلمين في أحد وغيرها وخاصة الخندق ، حتى أخبر الله تعالى عن جميعهم فقال : إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا . ثم إن الله رد الكافرين لم ينالوا خيرا ، وأمن المؤمنين وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم ، وهو المراد بقوله : ليستخلفنهم في الأرض . وقوله : كما استخلف الذين من قبلهم يعني بني إسرائيل ، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر ، وأورثهم أرضهم وديارهم فقال : وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها . وهكذا كان الصحابة مستضعفين خائفين ، ثم إن الله تعالى أمنهم ومكنهم وملكهم ، فصح أن الآية عامة لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - غير مخصوصة ؛ إذ التخصيص لا يكون إلا بخبر ممن يجب التسليم ، ومن الأصل المعلوم التمسك بالعموم . وجاء في معنى تبديل خوفهم بالأمن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال أصحابه : أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فقال : عليه السلام - : لا تلبثون إلا قليلا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس عليه حديدة . وقال : صلى الله عليه وسلم - : والله ليتمن الله هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون . خرجه مسلم في صحيحه ؛ فكان كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - . فالآية معجزة النبوة ؛ لأنها إخبار عما سيكون فكان .
قوله تعالى : ليستخلفنهم في الأرض فيه قولان : أحدهما : يعني أرض مكة ؛ لأن المهاجرين سألوا الله تعالى ذلك فوعدوا كما وعدت بنو إسرائيل ؛ قال معناه النقاش . الثاني : بلاد العرب والعجم . قال ابن العربي : وهو الصحيح ؛ لأن أرض مكة محرمة على المهاجرين ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لكن البائس سعد بن خولة . يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة . وقال في الصحيح أيضا : يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا . واللام في ليستخلفنهم جواب قسم مضمر ؛ لأن الوعد قول ، مجازها : قال الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات والله ليستخلفنهم في الأرض فيجعلهم ملوكها وسكانها . كما استخلف الذين من قبلهم يعني بني إسرائيل ، أهلك الجبابرة بمصر والشام وأورثهم أرضهم وديارهم . وقراءة العامة كما استخلف بفتح التاء واللام ؛ لقوله : ( وعد ) . وقوله : ( ليستخلفنهم ) . وقرأ عيسى بن عمر ، وأبو بكر ، والمفضل ، عن عاصم ( استخلف ) بضم التاء وكسر اللام على الفعل المجهول . وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وهو الإسلام ؛ كما قال تعالى : ورضيت لكم الإسلام دينا وقد تقدم . وروى سليم بن عامر ، عن المقداد بن الأسود قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما على ظهر الأرض بيت حجر ولا مدر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز ، أو ذل ذليل أما بعزهم فيجعلهم من أهلها ، وأما بذلهم فيدينون بها . ذكره الماوردي حجة لمن قال : إن المراد بالأرض بلاد العرب والعجم ؛ وهو القول الثاني : على ما تقدم آنفا . ( وليبدلنهم ) قرأ ابن محيصن ، وابن كثير ، ويعقوب ، وأبو بكر بالتخفيف ؛ من أبدل ، وهي قراءة الحسن ، واختيار أبي حاتم . الباقون بالتشديد ؛ من بدل ، وهي اختيار أبي عبيد ؛ لأنها أكثر ما في القرآن ، قال الله تعالى : لا تبديل لكلمات الله . وقال : وإذا بدلنا آية ونحوه ، وهما لغتان . قال النحاس : وحكى محمد بن الجهم ، عن الفراء قال : قرأ عاصم ، والأعمش وليبدلنهم مشددة ، وهذا غلط على عاصم ؛ وقد ذكر بعده غلطا أشد منه ، وهو أنه حكى عن سائر الناس التخفيف . قال النحاس : وزعم أحمد بن يحيى أن بين التثقيل والتخفيف فرقا ، وأنه يقال : بدلته أي غيرته ، وأبدلته أزلته وجعلت غيره . قال النحاس : وهذا القول صحيح ؛ كما تقول : أبدل لي هذا الدرهم ، أي أزله وأعطني غيره . وتقول : قد بدلت بعدنا ، أي غيرت ؛ غير أنه قد يستعمل أحدهما موضع الآخر ؛ والذي ذكره أكثر . وقد مضى هذا في ( النساء ) والحمد لله ، وذكرنا في سورة ( إبراهيم ) الدليل من السنة على أن بدل معناه إزالة العين ؛ فتأمله هناك . وقرئ ( عسى ربنا أن يبدلنا ) مخففا ومثقلا . ( يعبدونني ) هو في موضع الحال ؛ أي في حال عبادتهم الله بالإخلاص . ويجوز أن يكون استئنافا على طريق الثناء عليهم . لا يشركون بي شيئا فيه أربعة أقوال : لا يعبدون إلها غيري ؛ حكاه النقاش . لا يراءون بعبادتي أحدا . لا يخافون غيري ؛ قاله ابن عباس . لا يحبون غيري ؛ قاله مجاهد . ومن كفر بعد ذلك أي بهذه النعم . والمراد كفران النعمة لأنه قال تعالى فأولئك هم الفاسقون والكافر بالله فاسق بعد هذا الإنعام وقبله .
- الطبرى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
يقول تعالى ذكره: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ منكم ) أيها الناس، ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول: وأطاعوا الله ورسوله فيما أمراه ونهياه ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ ) يقول: ليورثنهم الله أرض المشركين من العرب والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها( كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول: كما فعل منْ قبلهم ذلك ببني إسرائيل، إذ أهلك الجبابرة بالشأم، وجعلهم ملوكها وسكانها( وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ) يقول: وليوطئنّ لهم دينهم، يعني: ملتهم التي ارتضاها لهم، فأمرهم بها. وقيل: وعد الله الذين آمنوا، ثم تلقى ذلك بجواب اليمين بقوله: ( ليستخلفنهم ) لأن الوعد قول يصلح فيه " أن "، وجواب اليمين كقوله: وعدتك أن أكرمك، ووعدتك لأكرمنك.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: ( كَمَا اسْتَخْلَفَ ) فقرأته عامة القرّاء ( كَمَا اسْتَخْلَفَ ) بفتح التاء واللام، بمعنى: كما استخلف الله الذين من قبلهم من الأمم. وقرأ ذلك عاصم " كَما اسْتُخْلِفَ" بضم التاء وكسر اللام، على مذهب ما لم يسمّ فاعله.
واختلفوا أيضا في قراءة قوله: ( وليبدلنهم ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار سوى عاصم ( وليبدلنهم ) بتشديد الدال، بمعنى: وليغيرنّ حالهم عما هي عليه من الخوف إلى الأمن، والعرب تقول: قد بدّل فلان إذا غيرت حاله، ولم يأت مكان غيره، وكذلك كلّ مغير عن حاله، فهو عندهم مبدل بالتشديد. وربما قيل بالتخفيف، وليس بالفصيح، فأما إذا جعل مكان الشيء المبدل غيره، فذلك بالتخفيف أبدلته فهو مبدل. وذلك كقولهم: أبدل هذا الثوب: أي جُعل مكانه آخر غيره، وقد يقال بالتشديد غير أن الفصيح من الكلام ما وصفت. وكان عاصم يقرؤه " وَلَيُبْدِلَنَّهُمْ" بتخفيف الدال.
والصواب من القراءة في ذلك التشديد، على المعنى الذي وصفت قبلُ، لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه، وأن ذاك تغيير حال الخوف إلى الأمن، وأرى عاصما ذهب إلى أن الأمن لما كان خلاف الخوف وجَّه المعنى إلى أنه ذهب بحال الخوف، وجاء بحال الأمن، فخفف ذلك.
ومن الدليل على ما قلنا، من أن التخفيف إنما هو ما كان في إبدال شيء مكان آخر، قول أبي النجم:
عَزْلُ الأمير للأمِيرِ المبْدَل (3)
وقوله: ( يعبدونني ) يقول: يخضعون لي بالطاعة ويتذللون لأمري ونهيي ( لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) يقول: لا يشركون في عبادتهم إياي الأوثان والأصنام ولا شيئا غيرها، بل يخلصون لي العبادة فيفردونها إليَّ دون كل ما عبد من شيء غيري، وذُكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل شكاية بعض أصحابه إليه في بعض الأوقات التي كانوا فيها من العدوّ في خوف شديد مما هم فيه من الرعب والخوف، وما يلقون بسبب ذلك من الأذى والمكروه.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قوله: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ... الآية، قال: فمكث النبيّ صلى الله عليه وسلم عشر سنين خائفا يدعو إلى الله سرّا وعلانية، قال: ثم أُمر بالهجرة إلى المدينة. قال: فمكث بها هو وأصحابه خائفون، يصبحون في السلاح، ويمسون فيه، فقال رجل: ما يأتي علينا يوم نأمن فيه، ونضع عنا السلاح ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لا تَغْبُرُونَ إلا يَسيرًا حتى يجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي الملإ العَظيمِ مُحْتَبِيًا فِيه، لَيْسَ فِيهِ حَدِيدَةٌ". (4) فأنـزل الله هذه الآية ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ) ... إلى قوله: ( فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ) " قال: يقول: من كفر بهذه النعمة ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) وليس يعني الكفر بالله. قال: فأظهره الله على جزيرة العرب فآمنوا، ثم تجبروا، فغيرَ الله ما بهم، وكفروا بهذه النعمة، فأدخل الله عليهم الخوف الذي كان رفعه عنهم، قال القاسم: قال أبو علي: بقتلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه.
واختلف أهل التأويل في معنى الكفر الذي ذكره الله في قوله: ( فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ) فقال أبو العالية (5) ما ذكرنا عنه من أنه كفر بالنعمة لا كفر بالله.
ورُوي عن حُذيفة في ذلك ما حدثنا به ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي الشعثاء، قال: كنت جالسا مع حُذيفة وعبد الله بن مسعود، فقال حُذيفة: ذهب النفاق، وإنما كان النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو الكفر بعد الإيمان ، قال: فضحك عبد الله، فقال: لم تقول ذلك؟ قال: علمت ذلك، قال: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ ) ... حتى بلغ آخرها.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، قال: ثنا شعبة، عن أبي الشعثاء، قال: قعدت إلى ابن مسعود وحُذيفة، فقال حذيفة: ذهب النفاق فلا نفاق، وإنما هو الكفر بعد الإيمان ، فقال عبد الله: تعلم ما تقول؟ قال: فتلا هذه الآية إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ ... حتى بلغ: ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) قال: فضحك عبد الله، قال: فلقيت أبا الشعثاء بعد ذلك بأيام، فقلت: من أي شيء ضحك عبد الله؟ قال: لا أدري، إن الرجل ربما ضحك من الشيء الذي يعجبه، وربما ضحك من الشيء الذي لا يعجبه، فمن أي شيء ضحك؟ لا أدري. والذي قاله أبو العالية من التأويل أشبه بتأويل الآية، وذلك أن الله وعد الإنعام على هذه الأمة بما أخبر في هذه الآية، أنه منعم به عليهم، ثم قال عقيب ذلك: فمن كفر هذه النعمة بعد ذلك ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ).
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: ( يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) قال: تلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) قال: لا يخافون غيري.
------------------------
الهوامش:
(3) البيت من مشطور الرجز ، لأبي النجم العجلي الراجز ( اللسان : بدل ) قال : قال أبو العباس ( يعني ثعلبًا ) وحقيقته : أن التبديل تغيير الصورة إلى صورة أخرى ، والجوهرة بعينها ؛ والإبدال : تنحية الجوهرة ، واستئناف جوهرة أخرى . منه قول أبي النجم :
* عـزل الأمـير للأمـير المبـدل *
ألا ترى أنه نحى جسمًا ، وجعل مكانه جسمًا غيره ؟ .
(4) في فتح القدير للشوكاني ( 4 : 47 ) ليست فيهم جديدة . ولعلها رواية أخرى
(5) لعله أبو العالية ، راوي الحديث .
- ابن عاشور : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)
الأشبه أن هذا الكلام استئناف ابتدائي انتقل إليه بمناسبة التعرض إلى أحوال المنافقين الذين أبقاهم على النفاق تردّدُهم في عاقبة أمر المسلمين ، وخشيتُهم أن لا يستقر بالمسلمين المُقام بالمدينة حتى يغزوَهم المشركون ، أو يخرجهم المنافقون حين يجدون الفرصة لذلك كما حكى الله تعالى من قول عبد الله بن أبَيّ : { لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعزّ منها الأذَلّ } [ المنافقون : 8 ] ، فكانوا يظهرون الإسلام اتقاء من تمام أمر الإسلام ويبطنون الكفر ممالاة لأهل الشرك حتى إذا ظهروا على المسلمين لم يلمزوا المنافقين بأنهم قد بدّلوا دينهم ، مع ما لهذا الكلام من المناسبة مع قوله : { وإن تطيعوه تهتدوا } [ النور : 54 ] ، فيكون المعنى : وإن تطيعوه تهتدوا وتُنصروا وتأمنوا . ومع ما روي من حوادث تخوف المسلمين ضُعفهم أمام أعدائهم فكانوا مشفقين عن غزو أهل الشرك ومن كيد المنافقين ودلالتهم المشركين على عورات المسلمين فقيل كانت تلك الحوادث سبباً لنزول هذه الآية .
قال أبو العالية : مكث رسول الله بمكة عشر سنين بعد ما أوحي إليه خائفاً هو وأصحابه ثم أمر بالهجرة إلى المدينة وكانوا فيها خائفين يصبحون ويُمسون في السلاح . فقال رجل : يا رسول الله أمَا يأتي علينَا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فقال رسول الله : « لا تَغْبُرون ( أي لا تمكثون) إلا قليلاً حتى يجلس الرجل منكم في المَلإ العظيم محتبياً ليس عليه حديدة » . ونزلت هذه الآية .
فكان اجتماع هذه المناسبات سبباً لنزول هذه الآية في موقعها هذا بما اشتملت عليه من الموعود به الذي لم يكن مقتصراً على إبدال خوفهم أمناً كما اقتضاه أثر أبي العالية ، ولكنه كان من جملة الموعود كما كان سببه من عِداد الأسباب .
وقد كان المسلمون واثقين بالأمن ولكن الله قدم على وَعْدهم بالأمن أن وَعَدهم بالاستخلاف في الأرض وتمكين الدين والشريعة فيهم تنبيهاً لهم بأن سنة الله أنه لا تأمن أمة بأس غيرها حتى تكون قوية مكينة مهيمنة على أصقاعها . ففي الوعد بالاستخلاف والتمكين وتبديل الخوف أمناً إيماء إلى التهيُّؤ لتحصيل أسبابه مع ضمان التوفيق لهم والنجاح إن هم أخذوا في ذلك ، وأنّ ملاك ذلك هو طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم { وإن تطيعوه تهتدوا } [ النور : 54 ] ، وإذا حلّ الاهتداء في النفوس نشأت الصالحات فأقبلت مسبباتها تنهال على الأمة ، فالأسباب هي الإيمان وعمل الصالحات .
والموصول عام لا يختص بمعيّن ، وعُمُومه عُرفي ، أي غالب فلا يناكده ما يكون في الأمة من مقصرين في عمل الصالحات فإن تلك المنافع عائدة على مجموع الأمة .
والخطاب في { منكم } لأمة الدعوة بمشركيها ومنافقيها بأن الفريق الذي يتحقق فيه الإيمان وعمل الصالحات هو الموعود بهذا الوعد .
والتعريف في { الصالحات } للاستغراق ، أي عملوا جميع الصالحات ، وهي الأعْمال التي وصفها الشرع بأنها صلاح ، وترك الأعمال التي وصفها الشرع بأنها فساد لأن إبطال الفساد صلاح .
فالصالحات جمع صالحة : وهي الخصلة والفَعلة ذات الصلاح ، أي التي شهد الشرع بأنها صالحة . وقد تقدم في أول البقرة .
واستغراق { الصالحات } استغراق عرفي ، أي عَمِل معظم الصالحات ومهماتها ومراجعها مما يعود إلى تحقيق كليات الشريعة وجري حالة مجتمع الأمة على مسلك الاستقامة ، وذلك يحصل بالاستقامة في الخويصَّة وبحسن التصرف في العلاقة المدنية بين الأمة على حسب ما أمر به الدين أفراد الأمة كل فيما هو من عمل أمثاله الخليفة فمن دونه ، وذلك في غالب أحوال تصرفاتهم ، ولا التفات إلى الفلتات المناقضة فإنها معفو عنها إذا لم يُسترسل عليها وإذا ما وقع السعي في تداركها .
والاستقامة في الخُويصَّة هي موجب هذا الوعد وهي الإيمان وقواعد الإسلام ، والاستقامة في المعاملة هي التي بها تيسير سبب الموعود به .
وقد بين الله تعالى أصول انتظام أمور الأمة في تضاعيف كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مثل قوله تعالى : { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي } [ النحل : 90 ] وقوله : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضضٍ منكم ولا تقتلوا أنفسكم } [ النساء : 29 ] وقوله في سياق الذم : { وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } [ البقرة : 205 ] وقوله : { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } [ محمّد : 22 ] . وبين الرسول عليه الصلاة والسلام تصرفات ولاة الأمور في شؤون الرعية ومع أهل الذمة ومع الأعداء في الغزو والصلح والمهادنة والمعاهدة ، وبين أصول المعاملات بين الناس .
فمتى اهتم ولاة الأمور وعموم الأمة باتباع ما وضّح لهم الشرع تحقق وعد الله إياهم بهذا الوعد الجليل .
وهذه التكاليف التي جعلها الله قِواماً لصلاح أمور الأمة ووعد عليها بإعطاء الخلافة والتمكين والأمن صارت بترتيب تلك الموعدة عليها أسباباً لها . وكانت الموعدة كالمسبب عليها فشابهت من هذه الحالة خطاب الوضع ، وجُعل الإيمان عمودها وشرطاً للخروج من عهدة التكليف بها وتوثيقاً لحصول آثارها بأن جعله جالب رضاه وعنايته . فبه يتيسر للأمة تناول أسباب النجاح ، وبه يحف اللطف الإلهي بالأمة في أطوار مزاولتها واستجلابها بحيث يدفع عنهم العراقيل والموانع ، وربما حف بهم اللطف والعناية عند تقصيرهم في القيام بها . وعند تخليطهم الصلاح بالفساد فرفق بهم ولم يعجّل لهم الشر وتلوّم لهم في إنزال العقوبة . وقد أشار إلى هذا قوله تعالى : { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 105 107 ] يريد بذلك كله المسلمين . وقد مضى الكلام على ذلك في سورة الأنبياء وقوله :
{ إن الله يدافع عن الذين آمنوا } في سورة الحج ( 38) .
فلو أن قوماً غير مسلمين عملوا في سيرتهم وشؤون رعيتهم بمثل ما أمر الله به المسلمين من الصالحات بحيث لم يعوزهم إلا الإيمان بالله ورسوله لاجتنوا من سيرتهم صوراً تشبه الحقائق التي يجتنيها المسلمون لأن تلك الأعمال صارت أسباباً وسنناً تترتب عليها آثارها التي جعلها الله سنناً وقوانين عمرانية سوى أنهم لسوء معاملتهم ربهم بجحوده أو بالإشراك به أو بعدم تصديق رسوله يكونون بمنأى عن كفالته وتأييده إياهم ودفع العوادي عنهم ، بل يكلهم إلى أعمالهم وجهودهم على حسب المعتاد . ألا ترى أن القادة الأروبيين بعد أن اقتبسوا من الإسلام قوانينه ونظامه بما مارسوه من شؤون المسلمين في خلال الحروب الصليبية ثم بما اكتسبوه من ممارسة كتب التاريخ الإسلامي والفقه الإسلامي والسيرة النبوية قد نظموا ممالكهم على قواعد العدل والإحسان والمواساة وكراهة البغي والعدوان فعظمت دولهم واستقامت أمورهم . ولا عجب في ذلك فقد سلط الله الأشوريين وهم مشركون على بني إسرائيل لفسادهم فقال : { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلُنّ علوّاً كبيراً فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً } وقد تقدم في سورة الإسراء ( 4 ، 5) .
والاستخلاف : جعلهم خلفاء ، أي عن الله في تدبير شؤون عباده كما قال : { إني جاعل في الأرض خليفة } وقد تقدم في سورة البقرة ( 30) . والسين والتاء للتأكيد . وأصله : ليخلفنهم في الأرض .
وتعليق فعل الاستخلاف بمجموع الذين آمنوا وعملوا الصالحات وإن كان تدبير شؤون الأمة منوطاً بولاة الأمور لا بمجموع الأمة من حيث إن لمجموع الأمة انتفاعاً بذلك وإعانة عليه كل بحسب مقامه في المجتمع ، كما حكى تعالى قولَ موسى لبني إسرائيل : { وجعلكم ملوكاً } كما تقدم في سورة العقود ( 20) .
ولهذا فالوجه أن المراد من الأرض جميعُها ، وأن الظرفية المدلولة بحرف ( في) ظاهرة في جزء من الأرض وهو موطن حكومة الأمة وحيث تنال أحكامُها سكانه . والأصل في الظرفية عدم استيعاب المظروف الظرف كقوله تعالى : { واستعمركم فيها } [ هود : 61 ] .
وإنما صيغ الكلام في هذا النظم ولم يقتصر على قوله : { ليستخلفنهم } دون تقييد بقوله : { في الأرض } ل { ليستخلفنهم } للإيماء إلى أن الاستخلاف يحصل في معظم الأرض . وذلك يقبل الامتداد والانقباض كما كان الحال يوم خروج بلاد الأندلس من حكم الإسلام . ولكن حرمة الأمة واتقاء بأسها ينتشر في المعمورة كلها بحيث يخافهم من عداهم من الأمم في الأرض التي لم تدخل تحت حكمهم ويسعون الجهد في مرضاتهم ومسالمتهم . وهذا اسخلاف كامل ولذلك نظّر بتشبيهه باستخلاف الذين من قبلهم يعني الأمم التي حكمت معظم العالم وأخافت جميعه مثل الأشوريين والمصريين والفنيقيين واليهود زمن سليمان ، والفرس ، واليونان ، والرومان .
وعن مالك : أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر فيكون موصول الجمع مستعملاً في معنى المثنى .
وعن الضحاك : هذه الآية تتضمن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي . ولعل هذا مراد مالك . وعلى هذا فالمراد بالذين من قبلهم صلحاء الملوك مثل : يوسف ، وداود ، وسليمان ، وأنوشروان ، وأصحمة النجاشي ، ومُلكي صادق الذي كان في زمن إبراهيم ويدعى حمورابي ، وذي القرنين ، وإسكندر المقدوني ، وبعض من ولي جمهورية اليونان .
وفي الآية دلالة واضحة على أن خلفاء الأمة مثل : أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن ومعاوية كانوا بمحل الرضى من الله تعالى لأنه استخلفهم استخلافاً كاملاً كما استخلف الذين من قبلهم وفتح لهم البلاد من المشرق إلى المغرب وأخاف منهم الأكاسرة والقياصرة .
وجملة : { ليستخلفنهم } بيان لجملة : { وعد } لأنها عين الموعود به . ولما كانت جملةَ قسم وهو من قبيل القول كانت إحداهما بياناً للأخرى .
وقرأ الجمهور : { كما استخلف } بالبناء للفاعل ، أي كما استخلف الله الذين من قبلهم . وقرأه أبو بكر عن عاصم بالبناء للنائب فيكون { الذين } نائب فاعل .
وتمكين الدين : انتشاره في القبائل والأمم وكثرة متبعيه . استعير التمكين الذي حقيقته التثبيت والترسيخ لمعنى الشيوع والانتشار لأنه إذا انتشر لم يخش عليه الانعدام فكان كالشيء المثبَّت المرسّخ ، وإذا كان متَّبعوه في قلة كان كالشيء المضطرب المتزلزل . وهذا الوعد هو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها حديث الحديبية إذ جاء فيه قوله : « وإن هم أبوا ( أي إلا القتال) فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ( أي ينفصل مقدم العنق عن الجسد) ولينفذنَّ الله أمره » .
وقوله : { لهم } مقتضى الظاهر فيه أن يكون بعد قوله : { دينهم } لأن المجرور بالحرف أضعف تعلقاً من مفعول الفعل ، فقدم { لهم } عليه للإيماء إلى العناية بهم ، أي بكون التمكين لأجلهم ، كتقديم المجرور على المفعولين في قوله : { ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك } [ الشرح : 1 ، 2 ] .
وإضافة الدين إلى ضميرهم لتشريفهم به لأنه دين الله كما دل عليه قوله عقبه : { الذي ارتضى لهم } ، أي الذي اختاره ليكون دينهم ، فيقتضي ذلك أنه اختارهم أيضاً ليكونوا أتباع هذا الدين . وفيه إشارة إلى أن الموصوفين بهذه الصلة هم الذين ينشرون هذا الدين في الأمم لأنه دينهم فيكون تمكنه في الناس بواسطتهم .
وإنما قال : { وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً } ولم يقل : وليؤمننهم ، كما قال في سابقَيْه لأنهم ما كانوا يطمحون يومئذٍ إلا إلى الأمن ، كما ورد في حديث أبي العالية المتقدم آنفاً ، فكانوا في حالة هي ضد الأمن ولو أعطوا الأمن دون أن يكونوا في حالة خوف لكان الأمن منة واحدة . وإضافة الخوف إلى ضميرهم للإشارة إلى أنه خوف معروف مقرر .
وتنكير { أمناً } للتعظيم بقرينة كونه مبدّلاً من بعد خوفهم المعروف بالشدة . والمقصود : الأمن من أعدائهم المشركين والمنافقين .
وفيه بشارة بأن الله مزيل الشرك والنفاق من الأمة . وليس هذا الوعد بمقتض أن لا تحدث حوادث خوف في الأمة في بعض الأقطار كالخوف الذي اعترى أهل المدينة من ثورة أهل مصر الذين قادهم الضالّ مالك الأشتر النخعي ، ومثل الخوف الذي حدث في المدينة يوم الحرّة وغير ذلك من الحوادث وإنما كانت تلك مسببات عن أسباب بشرية وإلى الله إيابهم وعلى الله حسابهم .
وقرأ الجمهور : { وليَبُدّلنهم } بفتح الموحدة وتشديد الدال . وقرأه ابن كثير وأبو بكر عن عاصم ويعقوب بسكون الموحدة وتخفيف الدال والمعنى واحد .
وجملة : { يعبدونني } حال من ضمائر الغيبة المتقدمة ، أي هذا الوعد جرى في حال عبادتهم إياي . وفي هذه الحال إيذان بأن ذلك الوعد جزاء لهم ، أي وعدتُّهم هذا الوعد الشامل لهم والباقي في خلفهم لأنهم يعبدونني عبادة خالصة عن الإشراك .
وعبر بالمضارع لإفادة استمرارهم على ذلك تعريضاً بالمنافقين إذ كانوا يؤمنون ثم ينقلبون .
وجملة : { لا يشركون بي شيئاً } حال من ضمير الرفع في { يعبدونني } تقييداً للعبادة بهذه الحالة لأن المشركين قد يعبدون الله ولكنهم يشركون معه غيره . وفي هاتين الجملتين ما يؤيد ما قدمناه آنفاً من كون الإيمان هو الشريطة في كفالة الله للأمة هذا الوعد .
وجملة : { ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } تحذير بعد البشارة على عادة القرآن في تعقيب البشارة بالنذارة والعكس دفعاً للاتكال .
والإشارة في قوله : { بعد ذلك } إلى الإيمان المعبر عنه هنا ب { يعبدونني لا يشركون بي شيئاً } والمعبر عنه في أول الآيات بقوله : { وعد الله الذين آمنوا } ، أي ومن كفر بعد الإيمان وما حصل له من البشارة عليه فهم الفاسقون عن الحق .
وصيغة الحصر المأخوذة من تعريف المسند بلام الجنس مستعملة مبالغة للدلالة على أنه الفسق الكامل .
ووصف الفاسقين له رشيق الموقع ، لأن مادة الفسق تدل على الخروج من المكان من منفذ ضيق .
- إعراب القرآن : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ» ماض ولفظ الجلالة فاعله واسم الموصول مفعوله «آمَنُوا» ماض وفاعله والجملة صلة «وَعَمِلُوا» معطوف على آمنوا «الصَّالِحاتِ» مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم «لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ» اللام واقعة قي جواب قسم محذوف ومضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والهاء مفعوله وفاعله مستتر والجملة لا محل لها لأنها جواب قسم «فِي الْأَرْضِ» متعلقان بالفعل السابق «كَمَا» الكاف حرف جر وما مصدرية «اسْتَخْلَفَ» ماض فاعله مستتر «الَّذِينَ» اسم موصول مفعول به وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالكاف ومتعلقان بصفة لمفعول مطلق محذوف «مِنْ قَبْلِهِمْ» متعلقان بمحذوف صلة والهاء مضاف اليه. «وَلَيُمَكِّنَنَّ» معطوف على ليستخلفنهم وإعرابه مثله «لَهُمْ» متعلقان بيمكنن «دِينَهُمُ» مفعول به والهاء مضاف اليه «الَّذِي» اسم موصول صفة لدين «ارْتَضى » ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر وفاعله مستتر والجملة صلة «لَهُمْ» متعلقان بارتضى «وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ» معطوف على ليمكنن وإعرابه مثله والهاء مفعول به أول والجملة معطوفة «مِنْ بَعْدِ» متعلقان بالفعل السابق «خَوْفِهِمْ» مضاف اليه والهاء مضاف اليه «أَمْناً» مفعول به ثان «يَعْبُدُونَنِي» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والياء مفعوله والجملة مستأنفة «و لا» الواو استئنافية ولا نافية «يُشْرِكُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة مستأنفة «بِي» متعلقان بيشركون «شَيْئاً» مفعول به «وَمَنْ» الواو استئنافية من شرطية مبتدأ والجملة مستأنفة «كَفَرَ» ماض فاعله مستتر «بَعْدِ» ظرف مكان متعلق بكفر «ذلِكَ» اسم إشارة في محل جر واللام للبعد والكاف للخطاب «فَأُولئِكَ» الفاء رابطة للجواب وأولاء اسم الإشارة مبتدأ والكاف للخطاب «هُمُ» ضمير فصل «الْفاسِقُونَ» خبر أولئك والجملة في محل جزم جواب الشرط.
- English - Sahih International : Allah has promised those who have believed among you and done righteous deeds that He will surely grant them succession [to authority] upon the earth just as He granted it to those before them and that He will surely establish for them [therein] their religion which He has preferred for them and that He will surely substitute for them after their fear security [for] they worship Me not associating anything with Me But whoever disbelieves after that - then those are the defiantly disobedient
- English - Tafheem -Maududi : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(24:55) Allah has promised to those among you who believe and do righteous deeds, that He will make them successors in the land just as He made those who passed away before them, and that He will establish their religion, which He has approved for them, on strong foundations and will change their (present) state of fear into peace and security. Let them worship Me and associate none with Me; *83 and the one who disbelieves after this," *84 shall be of those who are perverse transgressors.
- Français - Hamidullah : Allah a promis à ceux d'entre vous qui ont cru et fait les bonnes œuvres qu'Il leur donnerait la succession sur terre comme Il l'a donnée à ceux qui les ont précédés Il donnerait force et suprématie à leur religion qu'Il a agréée pour eux Il leur changerait leur ancienne peur en sécurité Ils M'adorent et ne M'associent rien et celui qui mécroit par la suite ce sont ceux-là les pervers
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Allah hat denjenigen von euch die glauben und rechtschaffene Werke tun versprochen daß Er sie ganz gewiß als Statthalter auf der Erde einsetzen wird so wie Er diejenigen die vor ihnen waren als Statthalter einsetzte daß Er für sie ihrer Religion der Er für sie zugestimmt hat ganz gewiß eine feste Stellung verleihen wird und daß Er ihnen nach ihrer Angst in der sie gelebt haben statt dessen ganz gewiß Sicherheit gewähren wird Sie dienen Mir und gesellen Mir nichts bei Wer aber danach ungläubig ist jene sind die wahren Frevler
- Spanish - Cortes : A quienes de vosotros crean y obren bien Alá les ha prometido que ha de hacerles sucesores en la tierra como ya había hecho con sus antecesores Y que ha de consolidar la religión que le plugo profesaran Y que ha de trocar su temor en seguridad Me servirán sin asociarme nada Quienes después de esto no crean ésos son los perversos
- Português - El Hayek : Deus prometeu àqueles dentre vós que crêem e praticam o bem fazêlos herdeiros da terra como fez com os seusantepassados; consolidarlhes a religião que escolheu para eles e trocar a sua apreensão por tranqüilidade Que Meadorem e não Me associem a ninguém Mas aqueles que depois disto renegarem serão depravados
- Россию - Кулиев : Аллах обещал тем из вас которые уверовали и совершали праведные деяния что Он непременно сделает их наместниками на земле подобно тому как Он сделал наместниками тех кто был до них Он непременно одарит их возможностью исповедовать их религию которую Он одобрил для них и сменит их страх на безопасность Они поклоняются Мне и не приобщают сотоварищей ко Мне Те же которые после этого откажутся уверовать являются нечестивцами
- Кулиев -ас-Саади : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
Аллах обещал тем из вас, которые уверовали и совершали праведные деяния, что Он непременно сделает их наместниками на земле, подобно тому, как Он сделал наместниками тех, кто был до них. Он непременно одарит их возможностью исповедовать их религию, которую Он одобрил для них, и сменит их страх на безопасность. Они поклоняются Мне и не приобщают сотоварищей ко Мне. Те же, которые после этого откажутся уверовать, являются нечестивцами.Это - одно из обещаний Аллаха, в правдивости и истинности которого можно легко убедиться. Он обещал мусульманам, которые уверовали и совершают праведные деяния, что они непременно станут наместниками на земле и будут править на ней. Они также смогут исповедовать исламскую религию, которой Аллах остался доволен и которой суждено восторжествовать над всеми другими вероисповеданиями. Аллах почтил мусульман этой религией и одарил их возможностью исповедовать ее душой и телом, и это обстоятельство свидетельствует о превосходстве мусульман и милости Аллаха по отношению к ним. Правоверные не только сами исповедуют религию Аллаха, но и проповедуют ее среди остальных людей, тогда как неверующим и приверженцам других вероисповеданий суждено оставаться униженными и поверженными. А наряду с этим Аллах обещал мусульманам одарить их спокойствием и безопасностью после того, как они испытали страх. Было время, когда правоверные не могли открыто исповедовать исламскую религию, потому что мусульман было намного меньше, чем неверных, и потому что неверные причиняли им мучительные страдания. Враги Аллаха со всех концов земли единым фронтом выступали против мусульман. Именно в этот тяжелый период Аллах ниспослал Своим рабам это славное обещание. Тогда еще никто не мог предположить, что мусульмане будут господствовать на земле, править странами и народами, иметь возможность открыто выполнять предписания исламской религии, жить в безопасности и спокойствии, поклоняться Аллаху, не приобщая к Нему сотоварищей и не опасаясь никого, кроме одного Аллаха. Однако первые поколения мусульман не отказались от веры и праведных деяний и превзошли своих противников. И поэтому Аллах одарил их властью над целыми странами и народами, благодаря чему мусульмане покорили земли на востоке и западе, установили на земле мир и безопасность и получили возможность открыто исповедовать религию своего Господа. Воистину, это было и остается одним из удивительных знамений Аллаха. Всякий раз, когда мусульмане обращаются к вере и праведным деяниям, они становятся свидетелями того, как исполняется обещание Аллаха. И так будет продолжаться до тех пор, пока не наступит Судный час. Но стоит мусульманам пренебречь верой и праведными деяниями, как Аллах позволяет неверующим и лицемерам одержать над ними верх и господствовать над ними некоторое время. О мусульмане! Если после того, как вам будет дарована власть на земле и предоставлена возможность открыто поклоняться Аллаху, вы отдадите предпочтение неверию, то вы станете великими грешниками, которые уклоняются от повиновения Аллаху, распространяют на земле нечестие и не способны на добрые дела. Если человек отказывается от веры, когда обладает властью и когда ничто не мешает ему исповедовать религию Аллаха, то это свидетельствует о порочности его намерений, поскольку при таких обстоятельствах ничто другое не подталкивает его к вероотступничеству. Из этого откровения следует, что предыдущие поколения правоверных Аллах также сделал наместниками на земле и одарил возможностью беспрепятственно исповедовать Его религию. Всевышний поведал о том, что пророк Муса сказал своему народу: «Быть может, ваш Господь погубит вашего врага и сделает вас их преемниками на земле, а затем посмотрит, как вы будете поступать» (7:129). В Коране также сказано: «Мы пожелали оказать милость тем, кто был унижен на земле, сделать их предводителями и наследниками, даровать им власть на земле и показать Фараону, Хаману и их воинам то, чего они остерегались» (28:5–6).
- Turkish - Diyanet Isleri : Allah içinizden inanıp yararlı iş işleyenlere onlardan öncekileri halef kıldığı gibi onları da yeryüzüne halef kılacağına onlar için beğendiği dini temelli yerleştireceğine korkularını güvene çevireceğine dair söz vermiştir Çünkü onlar Bana kulluk eder hiçbir şeyi Bana ortak koşmazlar Bundan sonra inkar eden kimseler işte onlar artık yoldan çıkmış olanlardır
- Italiano - Piccardo : Allah ha promesso a coloro che credono e compiono il bene di farne [Suoi] vicari sulla terra come già fu per quelli che li precedettero di rafforzarli nella religione che Gli piacque dar loro e di trasformare in sicurezza il loro timore Mi adoreranno senza associarMi alcunché Quanto a colui che dopo di ciò ancora sarà miscredente Ecco quelli che sono iniqui
- كوردى - برهان محمد أمين : خوا بهڵێنی دڵنیابهخش و تهواوی داوه بهوانهی باوهڕیان هێناوه له ئێوهو کارو کردهوه چاکهکانیان ئهنجامداوه به ڕاستی له ئایندهیهکی نزیکدا جێنشین و پایهداریان دهکات له وڵاتدا ههروهك چۆن ئیماندارانی پێش ئهمانی جێنشین کردووهو ئهو دین و ئاینهیان بۆ دهچهسپێنێت خوا خۆی پێی ڕازیه ههروهها ترس و بیمیان بۆ دهگۆڕێت به ئارامی و هێمنی ئهو کاته ئیتر به تهواوی ههر من دهپهرستن و ههرگیز هیچ جۆره هاوهڵ و شهریکێکم بۆ بڕیار نادهن ئهوسا ئهوهی دوای ئهو پایهداریه بێباوهڕ بێت ئا ئهو جۆره کهسانه تاوانبارو له سنوور دهرچوون
- اردو - جالندربرى : جو لوگ تم میں سے ایمان لائے اور نیک کام کرتے رہے ان سے خدا کا وعدہ ہے کہ ان کو ملک کا حاکم بنادے گا جیسا ان سے پہلے لوگوں کو حاکم بنایا تھا اور ان کے دین کو جسے اس نے ان کے لئے پسند کیا ہے مستحکم وپائیدار کرے گا اور خوف کے بعد ان کو امن بخشے گا۔ وہ میری عبادت کریں گے اور میرے ساتھ کسی چیز کو شریک نہ بنائیں گے۔ اور جو اس کے بعد کفر کرے تو ایسے لوگ بدکردار ہیں
- Bosanski - Korkut : Allah obećava da će one među vama koji budu vjerovali i dobra djela činili sigurno namjesnicima na Zemlji postaviti kao što je postavio namjesnicima one prije njih i da će im zacijelo vjeru njihovu učvrstiti onu koju im On želi i da će im sigurno strah sigurnošću zamijeniti; oni će se samo Meni klanjati i neće druge Meni ravnim smatrati A oni koji i poslije toga budu nezahvalni – oni su pravi grješnici
- Swedish - Bernström : Gud har lovat dem bland er som tror och lever rättskaffens att Han skall göra dem till ställföreträdare på jorden liksom Han gjorde dem till Sina ställföreträdare som levde före dem och ge fasthet och styrka åt den religion som Han har godkänt för dem och att Han i stället för den fruktan som de förut levde under skall skänka dem trygghet [på villkor att] de ägnar Mig sin dyrkan och inte sätter något vid Min sida Men de som efter detta återfaller i förnekelse av sanningen har förhärdats i synd och trots
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan Allah telah berjanji kepada orangorang yang beriman di antara kamu dan mengerjakan amalamal yang saleh bahwa Dia sungguhsungguh akan menjadikan mereka berkuasa dimuka bumi sebagaimana Dia telah menjadikan orangorang sebelum mereka berkuasa dan sungguh Dia akan meneguhkan bagi mereka agama yang telah diridhaiNya untuk mereka dan Dia benarbenar akan menukar keadaan mereka sesudah mereka dalam ketakutan menjadi aman sentausa Mereka tetap menyembahkuKu dengan tiada mempersekutukan sesuatu apapun dengan Aku Dan barangsiapa yang tetap kafir sesudah janji itu maka mereka itulah orangorang yang fasik
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
(Dan Allah telah menjanjikan kepada orang-orang yang beriman di antara kalian dan mengerjakan amal-amal yang saleh, bahwa Dia sungguh-sungguh akan menjadikan mereka berkuasa di bumi) sebagai ganti dari orang-orang kafir (sebagaimana Dia telah menjadikan berkuasa) dapat dibaca Kamastakhlafa dan Kamastukhlifa (orang-orang yang sebelum mereka) sebagaimana yang dialami oleh kaum Bani Israel sebagai pengganti dari orang-orang yang lalim dan angkara murka (dan sungguh Dia akan meneguhkan bagi mereka agama yang telah diridai-Nya untuk mereka) yaitu agama Islam; seumpamanya Dia akan memenangkannya di atas agama-agama yang lain, kemudian Dia meluaskan bagi mereka daerah-daerah mereka dan mereka menjadi para pemiliknya (dan Dia benar-benar akan menukar keadaan mereka) dapat dibaca Takhfif yaitu menjadi walayubdilannahum, dapat pula dibaca Tasydid yaitu menjadi Walayubaddilannahum (sesudah mereka berada dalam ketakutan) dari perlakuan orang-orang kafir (menjadi aman sentosa) dan Allah telah menunaikan janji-Nya kepada mereka, yaitu memberikan kepada mereka apa yang telah disebutkan tadi, kemudian Dia memuji mereka melalui firman-Nya, (Mereka tetap menyembah-Ku dengan tiada mempersekutukan sesuatu apa pun dengan Aku) ayat ini merupakan jumlah Isti'naf atau kalimat baru, akan tetapi statusnya disamakan sebagai Illat. (Dan barang siapa yang tetap kafir sesudah janji itu) sesudah pemberian nikmat kepada mereka, yaitu keamanan tadi (maka mereka itulah orang-orang yang fasik) dan orang-orang yang mula-mula kafir sesudah itu adalah para pembunuh Khalifah Usman r.a. kemudian mereka menjadi orang-orang yang saling membunuh padahal sebelumnya mereka berteman.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তোমাদের মধ্যে যারা বিশ্বাস স্থাপন করে ও সৎকর্ম করে আল্লাহ তাদেরকে ওয়াদা দিয়েছেন যে তাদেরকে অবশ্যই পৃথিবীতে শাসনকর্তৃত্ব দান করবেন। যেমন তিনি শাসনকতৃꦣ2468;্ব দান করেছেন তাদের পূর্ববতীদেরকে এবং তিনি অবশ্যই সুদৃঢ় করবেন তাদের ধর্মকে যা তিনি তাদের জন্যে পছন্দ করেছেন এবং তাদের ভয়ভীতির পরিবর্তে অবশ্যই তাদেরকে শান্তি দান করবেন। তারা আমার এবাদত করবে এবং আমার সাথে কাউকে শরীক করবে না। এরপর যারা অকৃতজ্ঞ হবে তারাই অবাধ্য।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : உங்களில் எவர் ஈமான் கொண்டு ஸாலிஹான நற்செயல்கள் புரிகிறார்களோ அவர்களை அவர்களுக்கு முன்னிருந்தோரைப் பூமிக்கு ஆட்சியாளர்களாக்கியது போல் பூமிக்கு நிச்சயமாக ஆட்சியாளர்களாக்கி வைப்பதாகவும் இன்னும் அவன் அவர்களுக்காக பொருந்திக் கொண்ட மார்க்கத்தில் அவர்களை நிச்சயமாக நிலைப்படுத்துவதாகவும் அவர்களுடைய அச்சத்தைத் திட்டமாக அமைதியைக் கொண்டு மாற்றி விடுவதாகவும் அல்லாஹ் வாக்களித்திருக்கிறான்; "அவர்கள் என்னோடு எதையும் எவரையும் இணைவைக்காது அவர்கள் என்னையே வணங்குவார்கள்;" இதன் பின்னர் உங்களில் எவர் மாறு செய்து நிராகரிக்கிறாரோ அவர்கள் பாவிகள்தாம்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : อัลลอฮ์ทรงสัญญากับบรรดาผู้ศรัทธาในหมู่พวกเจ้า และบรรดาผู้กระทำความดีทั้งหลายว่า แน่นอนพระองค์จะทรงให้พวกเขาเป็นตัวแทนสืบช่วงในแผ่นดิน เสมือนดังที่พระองค์ทรงให้บรรดาชนก่อนพวกเขา เป็นตัวแทนสืบช่วงมาก่อนแล้ว และพระองค์จะทรงทำให้ศาสนาของพวกเขาซึ่งพระองค์ทรงโปรดปราน เป็นที่มั่นคงเป็นเกียรติแก่พวกเขา และแน่นอนพระองค์จะทรงเปลี่ยนแปลงให้พวกเขาได้รับความปลอดภัย หลังจากความกลัวของพวกเขา โดยที่พวกเขาจะต้องเคารพภักดีข้าไม่ตั้งภาคีอื่นใดต่อข้า และผู้ใดปฏิเสธศรัทธาหลังจากนั้น ชนเหล่านั้นพวกเขาคือผู้ฝ่าฝืน
- Uzbek - Мухаммад Содик : Аллоҳ сизлардан иймон келтириб солиҳ амалларни қилганларга уларни ер юзида худди улардан олдин ўтганларни халифа қилганидек халифа қилишни улар учун Ўзи рози бўлган динни мустаҳкамлашни ва уларнинг хавфхатарларидан сўнг омонликни бадал қилиб беришни ваъда қилди Менгагина ибодат қилурлар ва Менга ҳеч нарсани ширк келтирмаслар Шундан кейин ҳам ким куфр келтирса бас ана ўшалар ўзлари фосиқлардир Олдинги ўтган умматлардан қайси бири Аллоҳ таолога иймон келтирган ва бу иймони ҳақиқий бўлиб бутун вужудини қамраб олган ҳамда ўша ҳақиқий иймонлари тақозоси ила солиҳ амаллар қилиб ҳаёт кечирган бўлса Аллоҳ таоло уларни ер юзига Ўзининг халифаси этиб тайинлаб қўйган эди Ер юзида ҳукми юритилиши учун уларни Ўзига ўринбосар қилиб қўйган эди Энди ўшалар каби ер юзида халифа бўлиш имконияти фақат Муҳаммаднинг с а в умматларида бордир Уларнинг мазкур халифаликка эришишлари учун асосий шарт–иймон келтириб амали солиҳ қилишдир Ислом уммати қачон ушбу шартни бажарганида Аллоҳ таоло ваъдасининг устидан чиққан
- 中国语文 - Ma Jian : 真主应许你们中信道而且行善者(说):他必使他们代他治理大地, 正如他使在他们之前逝去者代他治理大地一样;他必为他们而巩固他所为他们嘉纳的宗教;他必以真主代替他们的恐怖。他们崇拜我而不以任何物配我。此后,凡不信道的,都是罪人。
- Melayu - Basmeih : Allah menjanjikan orangorang yang beriman dan beramal soleh dari kalangan kamu wahai umat Muhammad bahawa Ia akan menjadikan mereka khalifahkhalifah yang memegang kuasa pemerintahan di bumi sebagaimana Ia telah menjadikan orangorang yang sebelum mereka khalifahkhalifah yang berkuasa; dan Ia akan menguatkan dan mengembangkan ugama mereka ugama Islam yang telah diredhaiNya untuk mereka; dan Ia juga akan menggantikan bagi mereka keamanan setelah mereka mengalami ketakutan dari ancaman musuh Mereka terus beribadat kepadaKu dengan tidak mempersekutukan sesuatu yang lain denganKu Dan ingatlah sesiapa yang kufur ingkar sesudah itu maka mereka itulah orangorang yang derhaka
- Somali - Abduh : Wuxuu u Yaboohay Eebe kuwa Rumeeyay Xaqa oo Camal Fiican Falay inuu u Reebo Dhulka siduu ugu Reebay kuwii ka Horreeyay wuxuuna Makanin Diintooda uu uga Raalli Noqday wuxuuna ugu Badali Cabsidooda ka Dib Nabadgalyo wayna I cabudi Ilamana Wadaajiyaan waxba Ciddii Gaalowda intaas Ka Dibna kuwaasu waa uun Faasiqiin
- Hausa - Gumi : Allah Ya yi wa'adi ga waɗanda suka yi ĩmãni daga gare Ku kuma suka aikata ayyukan ƙwarai lalle zai shugabantar da su a cikin ƙasa kamar yadda Ya shugabantar da waɗanda suke daga gabãninsu kuma lalle ne zai tabbatar musu da addininsu wanda Ya yardar musu kuma lalle ne Yanã musanya musu daga bãyan tsõronsu da aminci sunã bauta Mini bã su haɗa kõme da Nĩ Kuma wanda ya kãfirta a bãyan wannan to waɗancan su ne fãsiƙai
- Swahili - Al-Barwani : Mwenyezi Mungu amewaahidi wale walio amini miongoni mwenu na wakatenda mema ya kwamba atawafanya makhalifa katika ardhi kama alivyo wafanya makhalifa wa kabla yao na kwa yakini atawasimamishia Dini yao aliyo wapendelea na atawabadilishia amani baada ya khofu yao Wawe wananiabudu Mimi wala wasinishirikishe na chochote Na watao kufuru baada ya hayo basi hao ndio wapotovu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndia u ka premtuar disave prej jush që kanë besuar dhe që punojnë vepra të mira – se do t’i bëjë sundimtarë në Tokë ashtu si i ka bërë ata para tyre dhe që do t’ua forcojë fenë e tyre me të cilën Ai është i kënaqur dhe që do t’ua shndërrojë atyre – pas frikës sigurinë Ata më adhurojnë Mua e nuk më bëjnë shok asgjë E kush bën mohim pas kësaj ata janë ngatërrestarë të vërtetë
- فارسى - آیتی : خدا به كسانى از شما كه ايمان آوردهاند و كارهاى شايسته كردهاند وعده داد كه در روى زمين جانشين ديگرانشان كند، همچنان كه مردمى را كه پيش از آنها بودند جانشين ديگران كرد. و دينشان را -كه خود برايشان پسنديده است- استوار سازد. و وحشتشان را به ايمنى بدل كند. مرا مىپرستند و هيچ چيزى را با من شريك نمىكنند. و آنها كه از اين پس ناسپاسى كنند، نافرمانند.
- tajeki - Оятӣ : Худо ба касоне аз шумо, ки имон овардаанд ва корҳое шоиста кардаанд, ваъда дод, ки дар рӯи замин ҷонишини дигаронашон кунад, ҳамчунон, ки мардумеро, ки пеш аз онҳо буданд, ҷонишини дигарон кард, Ва динашонро, ки худ барояшон писандида аст, устувор созад. Ва ваҳшаташонро ба тинҷи иваз кунад. Маро мепарастанд ва ҳеҷ чизеро бо Ман шарик намекунанд. Ва онҳо, ки аз ин пас ношукрӣ кунанд, нофармонанд!
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ ئىچىڭلاردىكى ئىمان ئېيتقان ۋە ياخشى ئەمەللەرنى قىلغان كىشىلەرگە، ئۇلاردىن بۇرۇن ئۆتكەنلەرنى زېمىندا ھۆكۈمران قىلغاندەك، ئۇلارنىمۇ چوقۇم ھۆكۈمران قىلىشىنى، ئۇلار ئۈچۈن تاللىغان دىنىنى چوقۇم مۇستەھكەم قىلىپ بېرىشنى ۋە ئۇلارنىڭ قورقۇنچىسىنى ئامانلىققا ئايلاندۇرۇپ بېرىشنى ۋەدە قىلدى، ئۇلار ماڭا ئىبادەت قىلىدۇ، ماڭا ھېچ نەرسىنى شېرىك كەلتۈرمەيدۇ، شۇ ۋەدىدىن كېيىن كاپىر بولغانلار اﷲ نىڭ ئىتائىتىدىن چىققۇچىلاردۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിങ്ങളില് നിന്ന് സത്യവിശ്വാസം സ്വീകരിക്കുകയും സല്ക്കര്മങ്ങള് പ്രവര്ത്തിക്കുകയും ചെയ്തവരോട് അല്ലാഹു വാഗ്ദാനം ചെയ്തിരിക്കുന്നു: "അവന് അവരെ ഭൂമിയിലെ പ്രതിനിധികളാക്കും. അവരുടെ മുമ്പുള്ളവരെ പ്രതിനിധികളാക്കിയപോലെത്തന്നെ. അവര്ക്കായി അല്ലാഹു തൃപ്തിപ്പെട്ടേകിയ അവരുടെ ജീവിത വ്യവസ്ഥ സ്ഥാപിച്ചുകൊടുക്കും. നിലവിലുള്ള അവരുടെ ഭയാവസ്ഥക്കുപകരം നിര്ഭയാവസ്ഥ ഉണ്ടാക്കിക്കൊടുക്കും.” അവര് എനിക്കു മാത്രമാണ് വഴിപ്പെടുക. എന്നിലൊന്നിനെയും പങ്കുചേര്ക്കുകയില്ല. അതിനുശേഷം ആരെങ്കിലും സത്യത്തെ നിഷേധിക്കുന്നുവെങ്കില് അവര് തന്നെയാണ് ധിക്കാരികള്.
- عربى - التفسير الميسر : وعد الله بالنصر الذين امنوا منكم وعملوا الاعمال الصالحه بان يورثهم ارض المشركين ويجعلهم خلفاء فيها مثلما فعل مع اسلافهم من المومنين بالله ورسله وان يجعل دينهم الذي ارتضاه لهم وهو الاسلام دينا عزيزا مكينا وان يبدل حالهم من الخوف الى الامن اذا عبدوا الله وحده واستقاموا على طاعته ولم يشركوا معه شيئا ومن كفر بعد ذلك الاستخلاف والامن والتمكين والسلطنه التامه وجحد نعم الله فاولئك هم الخارجون عن طاعه الله
*83) As has been hinted in the beginning of this discourse, this means to warn the hypocrites that the promise of Allah to bestow successorship in the land is not meant for those people who are Muslims only in name, but for those who are true in faith, pious in character, sincere in devotion and who follow Allah's religion in letter and spirit eschewing every tinge of shirk. Those who lack these qualities and pay mere lip service to Islam are neither worthy of this promise nor its addressees. Therefore they should entertain no hope of having any share in it.
Some people interpret Khilafat (successorship in the land) to mean political power and authority, and conversely conclude that whosoever possesses power and authority in the land is necessarily a true believer and a follower of Allah's approved religion and His devotee, free from all traces of shirk. Then in order to get support for their wrong conclusion, they even change the very meanings of Faith, virtue, Divine Creed, Allah's worship, idolatry, etc. to suit their interpretation. This is the worst distortion of the meaning of the Qur'an, even worse than what the Jews and Christians did with their Scriptures. This interpretation of the verse tends to destroy the very message of the Qur'an. If `successorship in the land' were to mean mere power and authority in the land; then all those people who wielded power and authority in the world, or wield it today., would fit in with the description contained in the verse, even if they denied Allah, Revelations, Prophethood, life in the Hereafter, and were involved in alI kinds of major sins like usury, adultery, drinking and gambling. Now if all such people are regarded as pious believers and considered worthy of holding the high offices because of their qualities as such, then `Faith' would imply simple obedience to physical laws and `Virtue' would mean making use of those laws effectively and successfully. Allah's approved religion would mean making maximum progress -in the fields of industry and trade, commerce and politics by achieving excellence in the physical sciences; devotion to Allah would mean abiding by the rules and procedures which are naturally useful and essential for success in individual and collective enterprises; and shirk would mean adopting a few harmful methods also along with the useful procedures and rules. But the question is: Would a person who has studied the Qur'an with an open heart and mind ever believe that the terms `Faith', 'Righteous deeds', `True Religion', `Devotion to Allah', Tauhid and Shirk as used in the Qur'an really mean this ? As a matter of fact, such a meaning can be understood either by the one who has never made an intelligent study of the Qur'an as a whole, but has picked up verses from here and there and given them his own biased meaning according to preconceived notions and theories, or by the one who has read the Qur'an through but has alI along been holding all those verses as wrong and absurd, which invite people to accept Allah as the One and only Lord, His Revelations as the only source of Guidance, His Messengers as the only true Guides worthy of absolute obedience, and which demand not only belief in the life-after-death, but also state that the people who would consider success in the worldly life as their sole and ultimate objective, without any idea of their accountability in the Hereafter, would be deprived of real success. The Qur'an has repeated these themes so frequently in diverse ways and in such clear and plain language that it is difficult to believe that anybody who studies it honestly can ever be involved in those misunderstandings in which the modern interpreters of this verse have been involved. The fact is that they have misconstrued Khilafat and Istikhlaf (successorship) after their own notions, which cannot be held as correct by anybody who has some knowledge of the Qur'an.
The Qur'an has used Khilafat and Istikhlaf in the following three meanings and the context determines in which particular meaning it has been used in a particular place:
(a) "To bear the authority delegated by Allah". The whole human race is Allah's Khalifah (successor) on the earth in this sense.
(b) "To acknowledge Allah as the Supreme Sovereign and to use His delegated powers and authority in accordance with His Law." In this sense only a pious and righteous believer can be a Khalifah, because he alone can discharge the responsibilities of Khilafat truly. On the other hand, a disbeliever and sinner cannot be Khalifah: he is rather a rebel against AIlah, because he abuses the power and authority delegated by Allah in disobedience to Him in the land bestowed by Him.
(c) "The succession of one ruling nation in the land after the fall of another nation." The meanings (a) and (b) imply vicegerency while (c) implies successorship. Both these meanings of Khilafat are well known and recognised in the Arabic lexicon.
Now anybody who reads this verse in this context cannot have any doubt that the word Khilafat has been used here for the government which discharges the responsibilities of Allah's Vicegerency strictly in accordance with Allah's Law, and not in accordance with mere physical laws of the world. That is why, not to speak of the disbelievers, even the hypocrites, who professed faith in Islam, are being excluded from the purview of Allah's promise. That is why it is being stated that true and righteous believers only are worthy of this promise. That is why it is being averred that the establishment of Khilafat will result in the establishment of Islam, Allah's approved religion, on strong foundations; and that is why the condition being put forward for earning this favour is that the believers should remain steadfast in their faith and devotion to Allah avoiding every tinge of shirk. To remove this promise from its right context and apply it on the international scene to the case of America and Russia, or any other power that be, is sheer absurdity and nonsense. (For further details, see E. N. 99 of AI-Anbiya' also).
Another thing that needs to be mentioned here is that the direct addressees of this promise were the Muslims living in the time of the Holy Prophet though indirectly it applies to the future generations of Muslims as well. When in the beginning this promise was held out by Allah, the Muslims were living in a state of fear and Islam had not yet taken firm roots even in Hejaz. A few years later this state of fear not only gave way to peace and equanimity but Islam also spread outside Arabia to large parts of Africa and Asia, and it became firmly established not only in its own land of birth but outside it as well. This is a historical proof of the fact that AIIah fulfilled His promise in the times of Hadrat Abu Bakr, 'Umar and 'Uthman (may Allah he pleased with them all). No right thinking person, therefore, can have any doubt that the Khilafat of the first three Caliphs has been authenticated by the Qur'an itself and Allah Himself has testified to their being pious Believers. If anybody still has a doubt, he should read the address of Hadrat 'AIi in Nahjal Balaghah, which was meant to dissuade Hadrat 'Umar from going personally to tight against the Iranians. He said:
"Our success in this work is not dependent on numerical strength; it is the religion of Allah for which He Himself has opened ways. We are grateful to Him for His help and succour which has enabled us to serve its cause till it has been raised to its present glory Allah Himself has said: `AIlah has promised to those among you, who believe and do righteous deeds that He will make them successors in the land .... ' Allah will certainly fulfil this promise and will help the armies of Islam. The position of the Caliph in Islam is like that of the string in a necklace of pearls. If the string breaks, the pearls scatter away and the order is destroyed. Once scattered and dispersed, it becomes difficult to collect them again. No doubt the Arabs are small in number, but they have been increased by lslam and strengthened by unity. You should therefore stick to Madinah like the pivot and make the grindstone of Arabia rotate about you and guide the war-machine from here. Once you leave this place, your entire organisation will begin to crumble, then you will start feeling more worried about the dangers behind than the enemies in front. Moreover, the Iranians will concentrate their whole attention on you, and will like to exterminate you, taking you as the main and only hurdle in their way to victory. As for your apprehension that they have come out in much greater strength, I would say that hitherto we have been fighting them not merely on the strength of numbers, but have been putting them to rout on the strength of Allah's help and succour." Any discerning reader can see for himself as to which side is being held by Hadrat `Ali as worthy of Allah's promise with regard to successorship in the land.
*84) Kufr (disbelief ) here may also mean ingratitude or denial of the truth. In the first case, the verse will refer to those people who deviate from the ri path after Allah has favoured them with successorship, and in the second, to the hypocrites, who do not give up their hypocritical attitude even after hearing this promise of Allah.