- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلْأَقْرَبِينَ
- عربى - نصوص الآيات : وأنذر عشيرتك الأقربين
- عربى - التفسير الميسر : وحذِّر - أيها الرسول - الأقرب فالأقرب مِن قومك، مِن عذابنا، أن ينزل بهم.
- السعدى : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
ولما أمره بما فيه كمال نفسه, أمره بتكميل غيره فقال: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ).
الذين هم أقرب الناس إليك, وأحقهم بإحسانك الديني والدنيوي, وهذا لا ينافي أمره بإنذار جميع الناس، كما إذا أمر الإنسان بعموم الإحسان, ثم قيل له " أحسن إلى قرابتك "فيكون هذا خصوصا دالا على التأكيد, وزيادة الحق، فامتثل صلى الله عليه وسلم, هذا الأمر الإلهي, فدعا سائر بطون قريش, فعمم وخصص, وذكرهم ووعظهم, ولم يُبْق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئا, من نصحهم, وهدايتهم, إلا فعله, فاهتدى من اهتدى, وأعرض من أعرض.
- الوسيط لطنطاوي : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر أقرب الناس إليه ، ليكونوا قدوة لغيرهم . وليعلموا أن قرابتهم للرسول صلى الله عليه وسلم لن تنجيهم من عذاب الله ، ما استمروا على شركهم ، فقال - تعالى - : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين ) .
والعشيرة : أهل الرجل الذين يتكثر بهم ، و ( الأقربين ) هم أصحاب القرابة القريبة كالآباء والأبناء والإخوة والأخوات ، والأعمام والعمات وما يشبه ذلك .
وقد ذكر المفسرون أحاديث متعددة ، فيما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ، منها : ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس قال : لما أنزل الله - تعالى - هذه الآية : " أتى النبى صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى : يا صباحاه ، وهى كلمة يقوله المستغيث أو المنذر لقومه - فاجتمع الناس إليهن بين رجل يجئ إليه ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بنى عبد المطلب ، يا بنى فهر ، يا بنى لؤى ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح الجبل تريد أن تغير عليكم ، أكنتم مصدقى؟ قالوا : نعم . قال : " فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد " .
فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ، وأنزل الله : ( تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) "
.قال الآلوسى : ووجه تخصيص عشيرته الأقربين بالذكر مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم : دفع توهم المحاباة ، وأن الاهتمام بشأنهم أهم ، وأن البداءة تكون بمن يلى ثم من بعده . .
أى : أن هذه الآية الكريمة ، لا تتعارض مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للناس جميعا ، لأن المقصود بها : البدء بإنذار عشيرته الأقربين ، ليكونوا أسوة لغيرهم .
- البغوى : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
( وأنذر عشيرتك الأقربين ) روى محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب . قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا علي إن الله يأمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره ، فصمت عليها جاءني جبريل ، فقال لي : يا محمد إلا تفعل ما تؤمر يعذبك ربك ، فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم ما أمرت به " . قال علي رضي الله عنه : ففعلت ما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم دعوتهم له ، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه ، فيهم أعمامه أبو طالب ، وحمزة ، والعباس ، وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جذبة من اللحم ، فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ، ثم قال : " خذوا باسم الله " فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة ، وايم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم ، ثم قال : " اسق القوم " فجئتهم بذلك العس ، فشربوا حتى رووا جميعا ، وايم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله . فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلمهم بدره أبو لهب فقال : سحركم صاحبكم ، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال الغد : " يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القوم فتفرق القوم قبل أن أكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم " ، ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته ، ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا وشربوا ثم تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة . وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيكم يوازرني على أمري هذا ؟ ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأحجم القوم عنها جميعا ، فقلت - وأنا أحدثهم سنا - أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه . قال : فأخذ برقبتي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا " ، فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا الأعمش ، حدثنا عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : لما نزلت : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) " ورهطك منهم المخلصين " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صعد الصفا ، فهتف يا صاحباه ، فقالوا : من هذا ؟ فاجتمعوا إليه فقال : " أرأيتكم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من صفح هذا الجبل أكنتم مصدقي " ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ، ثم قام : فنزلت " تبت يدا أبي لهب وقد تب " هكذا قرأ الأعمش يومئذ .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثني عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت ) ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) صعد النبي على الصفا فجعل ينادي : " يا بني فهر ، يا بني عدي - لبطون قريش - حتى اجتمعوا ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش ، فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقا ، قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت : تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب
- ابن كثير : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
ثم قال تعالى آمرا لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه أن ينذر عشيرته الأقربين ، أي : الأدنين إليه ، وأنه لا يخلص أحدا منهم إلا إيمانه بربه عز وجل ، وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين . ومن عصاه من خلق الله كائنا من كان فليتبرأ منه ; ولهذا قال : ( فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ) . وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة ، بل هي فرد من أجزائها ، كما قال : ( لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ) [ يس : 6 ] ، وقال : ( لتنذر أم القرى ومن حولها ) [ الشورى : 7 ] ، وقال : ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ) [ الأنعام : 51 ] ، وقال : ( لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ) [ مريم : 97 ] ، وقال : ( لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ] ، كما قال : ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) [ هود : 17 ] .
وفي صحيح مسلم : " والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار " .
وقد وردت أحاديث كثيرة في نزول هذه الآية الكريمة ، فلنذكرها :
الحديث الأول :
قال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله ، عز وجل : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصفا فصعد عليه ، ثم نادى : " يا صباحاه " . فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل ، تريد أن تغير عليكم ، صدقتموني ؟ " . قالوا : نعم . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " . فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ؟ وأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) [ المسد : 1 ] .
ورواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي ، من طرق ، عن الأعمش ، به .
الحديث الثاني :
قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : لما نزلت : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا فاطمة ابنة محمد ، يا صفية ابنة عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب ، لا أملك لكم من الله شيئا ، سلوني من مالي ما شئتم " . انفرد بإخراجه مسلم .
الحديث الثالث :
قال أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ قريشا ] ، فعم وخص ، فقال : " يا معشر قريش ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني كعب ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني عبد مناف ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا معشر بني عبد المطلب ، أنقذوا أنفسكم من النار . [ يا فاطمة بنت محمد ، أنقذي نفسك من النار ] ، فإني - والله - ما أملك لكم من الله شيئا ، إلا أن لكم رحما سأبلها ببلالها " .
ورواه مسلم والترمذي ، من حديث عبد الملك بن عمير ، به . وقال الترمذي : غريب من هذا الوجه . ورواه النسائي من حديث موسى بن طلحة مرسلا لم يذكر فيه أبا هريرة . والموصول هو الصحيح . وأخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا محمد - يعني ابن إسحاق - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني عبد المطلب ، اشتروا أنفسكم من الله . يا صفية عمة رسول الله ، ويا فاطمة بنت رسول الله ، اشتريا أنفسكما من الله ، لا أغني عنكما من الله شيئا ، سلاني من مالي ما شئتما " .
تفرد به من هذا الوجه . وتفرد به أيضا ، عن معاوية ، عن زائدة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه . ورواه أيضا عن حسن ، ثنا ابن لهيعة ، عن الأعرج : سمعت أبا هريرة مرفوعا .
وقال أبو يعلى : حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا ضمام بن إسماعيل ، عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني قصي ، يا بني هاشم ، يا بني عبد مناف . أنا النذير . والموت المغير . والساعة الموعد " .
الحديث الرابع :
قال أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا التيمي ، عن أبي عثمان ، عن قبيصة بن مخارق وزهير بن عمرو قالا لما نزلت : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضمة من جبل على أعلاها حجر ، فجعل ينادي : " يا بني عبد مناف ، إنما أنا نذير ، إنما مثلي ومثلكم كرجل رأى العدو ، فذهب يربأ أهله ، يخشى أن يسبقوه ، فجعل ينادي ويهتف : يا صباحاه " .
ورواه مسلم والنسائي ، من حديث سليمان بن طرخان التيمي ، عن أبي عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي ، عن قبيصة وزهير بن عمرو الهلالي ، به .
الحديث الخامس :
قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا شريك عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا قال : وقال لهم : " من يضمن عني ديني ومواعيدي ، ويكون معي في الجنة ، ويكون خليفتي في أهلي ؟ " . فقال رجل - لم يسمه شريك - يا رسول الله ، أنت كنت بحرا من يقوم بهذا ؟ قال : ثم قال الآخر ، قال : فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال علي : أنا .
طريق أخرى بأبسط من هذا السياق : قال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبو عوانة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجذ ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني عبد المطلب ، وهم رهط ، كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق - قال : وصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا - قال : وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس . ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا ، وبقي الشراب كأنه لم يمس - أو لم يشرب - وقال : " يا بني عبد المطلب ، إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة ، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم ، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ؟ " . قال : فلم يقم إليه أحد . قال : فقمت إليه - وكنت أصغر القوم - قال : فقال : " اجلس " . ثم قال ثلاث مرات ، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي : " اجلس " . حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي .
طريق أخرى أغرب وأبسط من هذا السياق بزيادات أخر : قال الحافظ أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " : أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : فحدثني من سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل - واستكتمني اسمه - عن ابن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عرفت أني إن بادأت بها قومي ، رأيت منهم ما أكره ، فصمت . فجاءني جبريل ، عليه السلام ، فقال : يا محمد ، إن لم تفعل ما أمرك به ربك عذبك ربك " . قال علي ، رضي الله عنه : فدعاني فقال : " يا علي ، إن الله قد أمرني [ أن ] أنذر عشيرتي الأقربين ، فعرفت أني إن بادأتهم بذلك رأيت منهم ما أكره ، فصمت عن ذلك ، ثم جاءني جبريل فقال : يا محمد ، إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك . فاصنع لنا يا علي شاة على صاع من طعام ، وأعد لنا عس لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطلب " . ففعلت فاجتمعوا له ، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا . فيهم أعمامه : أبو طالب ، وحمزة ، والعباس ، وأبو لهب الكافر الخبيث . فقدمت إليهم تلك الجفنة ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها حذية فشقها بأسنانه ثم رمى بها في نواحيها ، وقال : " كلوا بسم الله " . فأكل القوم حتى نهلوا عنه ما يرى إلا آثار أصابعهم ، والله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اسقهم يا علي " . فجئت بذلك القعب فشربوا منه حتى نهلوا جميعا ، وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله . فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلمهم ، بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لهد ما سحركم صاحبكم . فتفرقوا ولم يكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما كان الغد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا علي ، عد لنا بمثل الذي كنت صنعت بالأمس من الطعام والشراب ; فإن هذا الرجل قد بدرني إلى ما سمعت قبل أن أكلم القوم " . ففعلت ، ثم جمعتهم له ، فصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صنع بالأمس ، فأكلوا حتى نهلوا عنه ، وايم الله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اسقهم يا علي " . فجئت بذلك القعب فشربوا منه حتى نهلوا جميعا . وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله . فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلمهم بدره أبو لهب بالكلام فقال : لهد ما سحركم صاحبكم . فتفرقوا ولم يكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما كان الغد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا علي ، عد لنا بمثل الذي كنت صنعت لنا بالأمس من الطعام والشراب ; فإن هذا الرجل قد بدرني إلى ما سمعت قبل أن أكلم القوم " . ففعلت ، ثم جمعتهم له فصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ كما صنع ] بالأمس ، فأكلوا حتى نهلوا عنه ، ثم سقيتهم من ذلك القعب حتى نهلوا عنه ، وايم الله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها ويشرب مثلها ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني عبد المطلب ، إني - والله - ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة " .
قال أحمد بن عبد الجبار : بلغني أن ابن إسحاق إنما سمعه من عبد الغفار بن القاسم أبي مريم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث .
وقد رواه أبو جعفر بن جرير ، عن ابن حميد ، عن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، فذكر مثله ، وزاد بعد قوله : " إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة " . " وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ، وكذا وكذا " ؟ قال : فأحجم القوم عنها جميعا ، وقلت - وإني لأحدثهم سنا ، وأرمصهم عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم ساقا . أنا يا نبي الله ، أكون وزيرك عليه ، فأخذ يرقبني ثم قال : " إن هذا أخي ، وكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا " . قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع .
تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبي مريم ، وهو متروك كذاب شيعي ، اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث ، وضعفه الأئمة رحمهم الله .
طريق أخرى : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثي ، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث قال : قال علي رضي الله عنه : لما نزلت هذه الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام وإناء لبنا " . قال : ففعلت ، ثم قال : " ادع بني هاشم " . قال : فدعوتهم وإنهم يومئذ لأربعون غير رجل - أو : أربعون ورجل - قال : وفيهم عشرة كلهم يأكل الجذعة بإدامها . قال : فلما أتوا بالقصعة أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذروتها ثم قال : " كلوا " ، فأكلوا حتى شبعوا ، وهي على هيئتها لم يرزءوا منها إلا يسيرا ، قال : ثم أتيتهم بالإناء فشربوا حتى رووا . قال : وفضل فضل ، فلما فرغوا أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتكلم ، فبدروه الكلام ، فقالوا : ما رأينا كاليوم في السحر . فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : " اصنع [ لي ] رجل شاة بصاع من طعام " . فصنعت ، قال : فدعاهم ، فلما أكلوا وشربوا ، قال : فبدروه فقالوا مثل مقالتهم الأولى ، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال لي : " اصنع [ لي ] رجل شاة بصاع من طعام . فصنعت ، قال : فجمعتهم ، فلما أكلوا وشربوا بدرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكلام فقال : " أيكم يقضي عني ديني ويكون خليفتي في أهلي ؟ " . قال : فسكتوا وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك بماله ، قال : وسكت أنا لسن العباس . ثم قالها مرة أخرى فسكت العباس ، فلما رأيت ذلك قلت : أنا يا رسول الله . [ فقال : " أنت " ] قال : وإني يومئذ لأسوأهم هيئة ، وإني لأعمش العينين ، ضخم البطن ، حمش الساقين .
فهذه طرق متعددة لهذا الحديث عن علي ، رضي الله عنه . ومعنى سؤاله ، عليه الصلاة والسلام لأعمامه وأولادهم أن يقضوا عنه دينه ، ويخلفوه في أهله ، يعني إن قتل في سبيل الله ، كأنه خشي إذا قام بأعباء الإنذار أن يقتل ، ولما أنزل الله عز وجل : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ المائدة : 67 ] ، فعند ذلك أمن .
وكان أولا يحرس حتى نزلت هذه الآية : ( والله يعصمك من الناس ) . ولم يكن في بني هاشم إذ ذاك أشد إيمانا وإيقانا وتصديقا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علي ، رضي الله عنه ; ولهذا بدرهم إلى التزام ما طلب منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم كان بعد هذا - والله أعلم - دعاؤه الناس جهرة على الصفا ، وإنذاره لبطون قريش عموما وخصوصا ، حتى سمى من سمى من أعمامه وعماته وبناته ، لينبه بالأدنى على الأعلى ، أي : إنما أنا نذير ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الواحد الدمشقي - غير منسوب - من طريق عمرو بن سمرة ، عن محمد بن سوقة ، عن عبد الواحد الدمشقي قال : رأيت أبا الدرداء ، رضي الله عنه ، يحدث الناس ويفتيهم ، وولده إلى جنبه ، وأهل بيته جلوس في جانب المسجد يتحدثون ، فقيل له : ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم ، وأهل بيتك جلوس لاهين ؟ فقال : لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
أزهد الناس في الدنيا الأنبياء ، وأشدهم عليهم الأقربون " . وذلك فيما أنزل الله ، عز وجل : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، ثم قال : " إن أزهد الناس في العالم أهله حتى يفارقهم " . ولهذا قال [ الله تعالى ] : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) - القرطبى : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين خص عشيرته الأقربين بالإنذار لتنحسم أطماع سائر عشيرته وأطماع الأجانب في مفارقته إياهم على الشرك . وعشيرته الأقربون قريش . وقيل : بنو عبد مناف . ووقع في صحيح مسلم : وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين . وظاهر هذا أنه كان قرآنا يتلى وأنه نسخ ; إذ لم يثبت نقله في المصحف ولا تواتر . ويلزم على ثبوته إشكال ; وهو أنه كان يلزم عليه ألا ينذر إلا من آمن من عشيرته ; فإن المؤمنين هم الذين يوصفون بالإخلاص في دين الإسلام وفي حب النبي صلى الله عليه وسلم لا المشركون ; لأنهم ليسوا على شيء من ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم دعا عشيرته كلهم مؤمنهم وكافرهم ، وأنذر جميعهم ومن معهم ومن يأتي بعدهم صلى الله عليه وسلم ; فلم يثبت ذلك نقلا ولا معنى . وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال : يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها .
الثانية : في هذا الحديث والآية دليل على أن القرب في الأنساب لا ينفع مع البعد في الأسباب ، ودليل على جواز صلة المؤمن الكافر وإرشاده ونصيحته ; لقوله : إن لكم رحما سأبلها ببلالها وقوله عز وجل : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الآية ، على ما يأتي بيانه هناك إن شاء الله .
- الطبرى : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
وقوله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأنذر عشيرتك من قومك الأقربين إليك قرابة, وحذّرهم من عذابنا أن ينـزل بهم بكفرهم.
وذُكر أن هذه الآية لما نـزلت, بدأ ببني جده عبد المطلب وولده, فحذّرهم وأنذرهم.
*ذكر الرواية بذلك:
حدثني أحمد بن المقدام, قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن, قال: ثنا هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة قالت: لما نـزلت هذه الآية: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا صَفِيَّةُ بِنْتَ عِبْدِ المُطَّلِبِ, يا فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ إنِّي لا أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئا, سَلُوني مِنْ مالي ما شِئْتُمْ".
حدثنا ابن وكيع, قال: ثني أبي ويونس بن بكير, عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, بنحوه.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عنبسة, عن هشام بن عروة, عن أبيه, قال: لما نـزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قام النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: " يا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ, ويا صَفِيَّةُ ابْنَةَ عَبْدِ المُطَّلِبِ" ثم ذكر نحو حديث ابن المقدام.
حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: ثنا سلامة, قال: قال عقيل: ثني الزهري, قال: قال سعيد بن المسيب, وأبو سلمة بن عبد الرحمن: إن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنـزل عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ): " يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ الله, لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئًا, يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئًا, يا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ الله شَيْئًا, يا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ الله لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئًا, سَلِينِي ما شِئْتِ, لا أُغْني عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا ".
حدثني محمد بن عبد الملك, قال: ثنا أبو اليمان, قال: أخبرنا شعيب عن الزهري, قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنـزل عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال: " يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ الله " ثم ذكر نحو حديث يونس, عن سلامة; غير أنه زاد فيه " يا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ الله لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا " ولم يذكر في حديثه فاطمة.
حدثني يونس, قال: ثنا سلامة بن روح, قال: قال عقيل: ثني ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أنـزل عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) جمع قريشا, ثم أتاهم, فقال لهم: " هَلْ فِيكُمْ غرِيبٌ؟ " فقالوا: لا إلا ابن أخت لنا لا نراه إلا منا, قال: " إنَّهُ منْكُمْ", فوعظهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم قال لهم في آخر كلامه: " لا أعْرِفَنَّ مَا وَرَدَ عليَّ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَسُوقُونَ الآخِرَةَ, وجِئْتُمْ إليَّ تَسُوقُونَ الدُّنْيا ".
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني يونس, عن ابن شهاب, أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن, أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُنـزل عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) : " يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ الله لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئًا, يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئًا, يا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ الله شَيْئًا, يا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رسُولِ الله لا أغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئًا, يا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي ما شِئْتِ لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئًا ".
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر, قال: سمعت الحجاج يحدث, عن عبد الملك بن عمير, عن موسى بن طلحة, عن أبي هريرة, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: لما أنـزل الله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أنْقِذُوا أنفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ, يا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ أنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ, ألا إنَّ لَكُمْ رَحِمًا سأبلُّها ببلالها ".
حدثنا أبو كريب, قال: ثنا أبو أسامة, عن زائدة, عن عبد الملك بن عمير, عن موسى بن طلحة, عن أبي هريرة, قال: لما نـزلت هذه الآية: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا, فعم وخصّ, فقال: " يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ الله, يا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ, يا مَعْشَرَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ, يا مَعْشَرَ بِنِي هاشم, يا مَعْشَرَ بني عَبْدِ المُطَّلِبِ", يقول لكلهم: " أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ, يا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ أنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ, فإني وَاللهِ ما أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ الله شَيْئًا, ألا إنَّ لَكُمْ رَحِمًا سأبلُّها بِبلالها ".
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر, عن أبيه, قال: ثنا أبو عثمان, عن زهير بن عمرو وقبيصة بن مخارق: أنهما قالا أنـزل الله على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ), فحدثنا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه علا صخرة من جبل, فعلا أعلاها حجرا, ثم قال: " يا آل عَبْدِ مَنافاه, يا صَباحاه, إنّي نَذِيرٌ, إنَّ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ مَثَل رَجُلٍ أتى الجَيْشُ, فَخَشِيَهُمْ على أهْلِهِ, فَذَهَبَ يَرْبَؤُهم (2) فَخَشِيَ أنْ يَسْبِقُوهُ إلى أهْلِهِ, فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِهِمْ: يا صَبَاحَاهُ"! أو كما قال.
حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الوهاب ومحمد بن جعفر, عن عوف, عن قسامة بن زهير, قال: بلغني أنه لما نـزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) جاء فوضع أصبعه في أذنه, ورفع من صوته, وقال: " يا بَنِي عَبْدِ مَناف وَاصَبَاحَاهُ"!
قال: ثني أبو عاصم, قال: ثنا عوف, عن قسامة بن زهير, قال: أظنه عن الأشعري, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, بنحوه.
حدثني عبد الله بن أبي زياد, قال: ثنا أبو زيد الأنصاري سعد بن أوس, عن عوف, قال: قال قسامة بن زهير, حدثني الأشعري, قال: لما نـزلت, ثم ذكر نحوه; إلا أنه قال: وضع أصبعيه في أذنيه.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن نُمير, عن الأعمش, عن عمرو بن مرّة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لما نـزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا, ثم نادى: " يا صَباحاهُ", فاجتمع الناس إليه, فبين رجل يجيء, وبين آخر يبعث رسوله, فقال: " يا بَنِي هَاشِمٍ, يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, يا بَنِي فِهْرٍ, يا بَنِي يا بَنِي, أرَأَيْتَكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ صَدَّقْتُمُونِي؟ " قالوا: نعم, قال: " فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ" فقال أبو لهب: تبا لكم سائر اليوم, ما دعوتموني إلا لهذا؟ فنـزلت: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ .
حدثنا أبو كُرَيب وأبو السائب, قالا ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن عمرو بن مرّة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا, فقال: " يا صباحاهُ!" فاجتمعت إليه قريش, فقالوا له: مالك؟ فقال: " أرَأَيْتَكُمْ إنْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أوْ مُمُسِّيكُمْ ألا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟ " قالوا: بلى, قال: " فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَاب شَدِيد ". قال أبو لهب: تبا لك, ألهذا دعوتنا أو جمعتنا!, فأنـزل الله: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ... إلى آخر السورة.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو أسامة, عن الأعمش, عن عمرو بن مرّة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لما نـزلت هذه الآية: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) ورهطك منهم المخلصين, خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا, فهتف: " يا صَباحاهُ!" فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ فقالوا: محمد, فاجتمعوا إليه, فقال: " يا بَنِي فُلان, يا بَنِي فُلان, يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, يا بَنِي عَبْدِ مَنَاف ", فاجتمعوا إليه, فقال: " أرَأَيْتَكُمْ إنْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا تَخْرُج بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيّ؟ " قالوا: ما جربنا عليك كذبا, قال: " فإنّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَاب شَدِيدٍ", فقال أبو لهب: تبا لك, ما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام فنـزلت هذه السورة: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ و قد تب, كذا قرأ الأعمش, إلى آخر السورة.
حدثنا أبو كريب, قال: ثنا أبو معاوية بن هشام, عن سفيان, عن حبيب, عن سعيد, عن ابن عباس, قال: لما نـزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقام على الصفا, فقال: " يا صَباحاهُ"!
قال ثنا خالد بن عمرو, قال: ثنا سفيان الثوري, عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لما نـزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ), قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا, فقال: " يا صباحاه !" فجعل يعددهم: " يا بَنِي فُلان, وَيا بَنِي فُلان, ويا بَنِي عَبْدِ مَنَاف ".
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن عمرو بن مرّة الجَمَليّ, قال: لما نـزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال: أتى جبلا فجعل يهتف: " يا صَباحاهُ", فأتاه من خف من الناس, وأرسل إليه المتثاقلون من الناس رسلا فجعلوا يجيئون يتبعون الصوت ; فلما انتهوا إليه قال: " إنَّ مِنْكُمْ مَنْ جَاءَ لِيَنْظُرَ, وَمِنكُمْ مَنْ أرْسَلَ لينظر مَنِ الهاتف ", فلما اجتمعوا وكثروا قال: " أرَأيتَْكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلا مُصَبِّحَتُكُمْ مِنْ هَذَا الجَبَلِ, أكُنْتُمْ مُصَدِّقيّ؟ " قالوا: نعم, ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا, فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الآيَاتِ التي أُنـزلْنَ, وأنذرهم كما أمر, فَجَعَلَ ينادي: " يا قُرَيْشُ, يا بَنِي هاشِمٍ" حتى قالَ: " يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, إنّي نَذِيرٌ لَكُمْ بينَ يَدَيْ عَذَاب شَدَيد ".
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن عمرو: أنه كان يقرأ: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) ورهطك المخلصين.
قال: ثنا سلمة, قال: ثني محمد بن إسحاق, عن عبد الغفار بن القاسم, عن المنهال بن عمرو, عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب, عن عبد الله بن عباس, عن عليّ بن أبي طالب: لما نـزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال لي: " يا عليُّ, إنَّ الله أمَرَنِي أنْ أُنْذِرْ عَشِيرَتِي الأقْرَبِين ", قال: " فضقت بذلك ذرعا, وعرفت أنى متى ما أنادهم بهذا الأمر أَرَ منهم ما أكره, فصمتُّ حتى جاء جبرائيل, فقال: يا محمد, إنك إلا تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربك. فاصنع لنا صاعا من طعام, واجعل عليه رجل شاة, واملأ لنا عسا من لبن, ثم اجمع لي بني عبد المطلب, حتى أكلمهم, وأبلغهم ما أمرت به ", ففعلت ما أمرني به, ثم دعوتهم له, وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه, فيهم أعمامه: أبو طالب, وحمزة, والعباس, وأبو لهب; فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم, فجئت به. فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم حِذْية من اللحم (3) فشقها بأسنانه, ثم ألقاها في نواحي الصحفة, قال: " خذوا باسم الله ", فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة, وما أرى إلا مواضع أيديهم; وايم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم, ثم قال: " اسْقِ النَّاسَ", فجِئْتُهُمْ بذلك العس, فشربوا حتى رووا منه جميعا, وايم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله; فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم, بدره أبو لهب إلى الكلام, فقال: لَهَدَّ (4) ما سحركم به صاحبكم, فتفرّق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: " الغد يا عليّ, إن هَذَا الرَّجُل قدْ سَبَقَنِي إلى ما قَدْ سَمِعْتَ مِنَ القَوْلِ, فَتفرّق القوم قبلَ أنْ أُكَلِّمَهُمْ فأعِدَّ لَنا مِنَ الطَّعَامِ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ, ثُمَّ اجْمَعْهُمْ لِي", قال: ففعلت ثم جمعتهم, ثم دعاني بالطعام, فقرّبته لهم, ففعل كما فعل بالأمس, فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة, قال: " اسقهم ", فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعًا, ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: " يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, إنِّي والله ما أعْلَمُ شابا فِي العَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بأفْضَلَ ممَّا جئْتُكُمْ بِهِ, إنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ, وَقَدْ أمَرَنِي الله أنْ أدْعُوكُمْ إلَيْهِ, فَأيُّكُمْ يُؤَازِرُني عَلى هَذَا الأمْرِ, عَلى أنْ يَكُونَ أخِي" وكَذَا وكَذَا؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا, وقلت وإني لأحدثهم سنا, وأرمصهم عينا, وأعظمهم بطنا, وأخمشهم ساقا. أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك, فأخذ برقبتي, ثم قال: " إن هذا أخي" وكذا وكذا, " فاسمعوا له وأطيعوا ", قال: فقام القوم يضحكون, ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني إسحاق, عن عمرو بن عبيد, عن الحسن بن أبي الحسن, قال: لما نـزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح, ثم قال: " يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, يا بَنِي عَبْدِ مَناف, يا بَنِي قُصَيّ", قال: ثم فخَّذ قريشا قبيلة قبيلة, حتى مرّ على آخرهم," إنّي أدْعُوكُمْ إلى اللهِ, وأُنْذِرُكُمْ عَذَابَهُ".
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال: أمر محمد أن ينذر قومه, ويبدأ بأهل بيته وفصيلته, قال: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ .
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن هشام بن عروة, عن أبيه, قال: ولما نـزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " يا فاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ, يا صَفِيَّهُ بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ, اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ".
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) بدأ بأهل بيته وفصيلته.
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, قال: لما نـزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) جمع النبيّ صلى الله عليه وسلم بني هاشم, فقال: " يا بني هاشم, ألا لا ألْفِيَنَّكُمْ تأْتُونِي تَحْمِلُونَ الدُّنْيَا, ويأتي النَّاسُ يَحْمِلُونَ الآخِرَةَ, ألا إنَّ أوْليائي مِنْكُمْ المُتَّقُونَ, فاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ".
------------------------
الهوامش :
(2) يقال ربأ القوم يربؤهم، وربأ لهم إذا وقف على مكان عال، ونظر بعيدًا، يرقب عدوا أو جيشًا مغيرًا، أو نحو ذلك
(3) في (اللسان: حذا): أعطيته حذية من لحم، وحذة وفلذة، كل هذا إذا قطع طولا. ا ه. وقيل: هي القطعة الصغيرة.
(4) في (اللسان: هد) وفي الحديث "أن أبا لهب قال: لهد ما سحركم صاحبكم" قال لهد: كلمة يتعجب بها، يقال: لهد الرجل: أي ما أجلده. قلت: وهو كقولنا لشد ما قال فلان، أي ما أشد .
- ابن عاشور : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)
عطف على قوله : { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين } [ الشعراء : 193 - 194 ] ، فهو تخصيص بعد تعميم للاهتمام بهذا الخاص . ووجه الاهتمام أنهم أولى الناس بقبول نصحه وتعزيز جانبه ولئلا يسبق إلى أذهانهم أن ما يلقيه الرسول من الغلظة في الإنذار وأهوال الوعيد لا يقع عليهم لأنهم قرابة هذا المنذر وخاصته . ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم في ندائه لهم : " لا أغني عنكم من الله شيئاً " ، وأن فيه تعريضاً بقلة رعي كثير منهم حق القرابة إذ آذاه كثير منهم وعصَوْه مثل أبي لهب فلا يحسبوا أنهم ناجون في الحالتين وأن يعلموا أنهم لا يكتفَى من مؤمنهم بإيمانه حتى يضم إليه العمل الصالح؛ فهذا مما يدخل في النذارة ، ولذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه الآية قرابتَه مؤمنين وكافرين .
ففي حديث عائشة وابن عباس وأبي هريرة في «صحيحي البخاري ومسلم» يجمعها قولهم : «لمّا نزلت { وأنذر عشيرتك الأقربين } قام رسول الله على الصَّفا فدعا قريشاً فجعل ينادي : يا بني فهر يا بني عديّ ، لبطون قريش حتى اجتمعوا ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو ، فقال : يا معشر قريش ، فعَمَّ وخص ، يا بني كعب بننِ لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مُرَّة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، اشتروا أنفسكم من الله لا أُغني عنكم من الله شيئاً ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً ، يا صفيةُ عمةَ رسول الله لا أغني عنككِ من الله شيئاً ، يا فاطمة بنت رسول الله سليني من مالي ما شئتتِ لا أُغني عنك من الله شيئاً ، غيرَ أنَّ لكم رَحِماً سأبُلُّها ببلاَلها» وكانت صفية وفاطمة من المؤمنين وكان إنذارهما إعمالاً لفعل الأمر في معانيه كلها من الدعوة إلى الإيمان وإلى صالح الأعمال؛ فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الإنذار من الشرك والإنذار من المعاصي لأنه أنذر صفية وفاطمة وكانتا مسلمتين .
وفي «صحيح البخاري» عن ابن عباس قال : لما نزلت : { وأنذر عشيرتك الأقربين } صعد النبي ( صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي : يا بني فهر يا بني عديّ ، لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش فقال : أرأيتكُم لو أخبرتُكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تُغير عليكم أكنتم مصدّقِيَّ؟ قالوا : نعم ما جربنا عليك إلا صدقاً .
قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب : تبّاً لك سائرَ اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت { تبت يَدا أبي لهب وتبَّ ما أغنى عنه ماله وما كسب } [ المسد : 1 - 2 ] .
وهذا الحديث يقتضي أن سورة الشعراء نزلت قبل سورة أبي لهب مع أن سورة أبي لهب عُدّت السادسة في عداد نزول السور ، وسورة الشعراء عُدّت السابعة والأربعين . فالظاهر أن قوله : { وأنذر عشيرتك الأقربين } نزل قبل سورة الشعراء مفرداً ، فقد جاء في بعض الروايات عن ابن عباس في «صحيح مسلم» : لمّا نزلت «وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطَك منهم المخلصين» وأن ذلك نسخ . فلعل الآية نزلت أول مرة ثم نسخت تلاوتها ثم أعيد نزول بعضها في جملة بسورة الشعراء .
والعشيرة : الأدْنَوْن من القبيلة ، فوصف { الأقربين } تأكيد لمعنى العشيرة واجتلاب لقلوبهم إلى إجابة ما دعاهم إليه وتعريض بأهل الإدانة منهم .
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة على المرء من وقع الحسام المهنّد .
وإلى هذا يشير قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم في آخر الدعوة المتقدمة «غير أن لكم رحماً سأبُلُّها ببلالها» أي ذلك منتهى ما أملك لكم حين لا أملك لكم من الله شيئاً ، فيحق عليكم أن تبُلُّوا لي رحمي مما تملكون ، فإنكم تملكون أن تستجيبوا لي .
وتقدم ذكر العشيرة في قوله تعالى : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم } في سورة [ براءة : 24 ] .
- إعراب القرآن : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
«وَأَنْذِرْ» الواو عاطفة وفعل أمر فاعله مستتر «عَشِيرَتَكَ» مفعول به والكاف مضاف إليه والجملة معطوفة «الْأَقْرَبِينَ» صفة
- English - Sahih International : And warn [O Muhammad] your closest kindred
- English - Tafheem -Maududi : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(26:214) Warn your nearest kinsfolk *135
- Français - Hamidullah : Et avertis les gens qui te sont les plus proches
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und warne die Nächsten deiner Sippe
- Spanish - Cortes : Advierte a los miembros más allegados de tu tribu
- Português - El Hayek : E admoesta os teus parentes mais próximos
- Россию - Кулиев : Предостереги своих ближайших родственников
- Кулиев -ас-Саади : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
Предостереги своих ближайших родственников!После того как Аллах повелел Пророку Мухаммаду, да благословит его Аллах и приветствует, стремиться к совершенствованию своей веры, Он призвал его заботиться о совершенствовании веры окружающих. Ему было приказано предостеречь ближайших родственников, потому что они более кого бы то ни было заслуживают доброго отношения в мирских и религиозных делах. Это совершенно не противоречит тому, что посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, был отправлен ко всему человечеству. Если человеку приказывают делать добро всем людям, а затем говорят: «Будь добр к своим родственникам», - то это всего лишь подчеркивает важность доброго отношения к близким. Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, покорился Божьему повелению и начал проповедовать ислам среди всех курейшитских семей. Он увещевал и предостерегал, давал полезные наставления и указывал на прямой путь. Он делал все для того, чтобы его соплеменники уверовали в Единого Аллаха. Однако лишь часть курейшитов обратилась в ислам, тогда как другая их часть предпочла неверие.
- Turkish - Diyanet Isleri : Önce en yakın hısımlarını uyar
- Italiano - Piccardo : Danne l'annuncio ai tuoi parenti più stretti
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی محمد صلی الله علیه وسلم سهرهتا عهشرهت و تایهفه و کهس و کاری نزیکت بێدار بکهرهوه و بترسێنه
- اردو - جالندربرى : اور اپنے قریب کے رشتہ داروں کو ڈر سنا دو
- Bosanski - Korkut : I opominji rodbinu svoju najbližu
- Swedish - Bernström : Och varna dem som står dig närmast [för Guds straff]
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan berilah peringatan kepada kerabatkerabatmu yang terdekat
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
(Dan berilah peringatan kepada kerabat-kerabatmu yang terdekat) mereka adalah Bani Hasyim dan Bani Mutalib, lalu Nabi saw. memberikan peringatan kepada mereka secara terang-terangan; demikianlah menurut keterangan hadis yang telah dikemukakan oleh Imam Bukhari dan Imam Muslim.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আপনি নিকটতম আত্মীয়দেরকে সতর্ক করে দিন।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இன்னும் உம்முடைய நெருங்கிய உறவினர்களுக்கு அச்சமூட்டி எச்சரிக்கை செய்வீராக
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : จงตักเตือนวงศาคณาญาติของเจ้าที่ใกล้ชิด
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ва яқин қариндошларингни огоҳлантир
- 中国语文 - Ma Jian : 你应当警告你的亲戚。
- Melayu - Basmeih : Dan berilah peringatan serta amaran kepada kaum kerabatmu yang dekat
- Somali - Abduh : Una Dig Qaraabadaada Kuu sii Dhaw
- Hausa - Gumi : Kuma ka yi gargaɗi ga danginka mafiya kusanci
- Swahili - Al-Barwani : Na uwaonye jamaa zako walio karibu nawe
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dhe paralajmëroje farefisin tënd më të afërm
- فارسى - آیتی : خويشاوندان نزديكت را بترسان.
- tajeki - Оятӣ : Хешовандони наздикатро битарсон.
- Uyghur - محمد صالح : يېقىن خىش – ئەقرىبالىرىڭنى ئاگاھلاندۇغىن
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നീ നിന്റെ അടുത്തബന്ധുക്കള്ക്ക് മുന്നറിയിപ്പ് നല്കുക.
- عربى - التفسير الميسر : وحذر ايها الرسول الاقرب فالاقرب من قومك من عذابنا ان ينزل بهم
*135) Just as there could be no concession or favour for the person of the Prophet in a matter concerning Allah's religion, so there could be no question of a favour being shown to the Prophet's family or his nearest kinsfolk. Here the case of everybody will be judged on merit, and nobody will be shown any favour on account of his ancestry or relation with somebody else. The accountability of the Hereafter and punishment for deviation and misdeeds are the same for everybody and even the Prophet's nearest kinsfolk are no exception. Therefore, the Holy Prophet was commanded to warn his relatives and kindred to attain the right belief and to act righteously because they would not escape punishment only by virtue of being his relations.
There are authentic Traditions to show that after the revelation of this verse, the Holy Prophet first of aII addressed the sons and daughters of his grandfather. Calling each one of them by name, he said: "O children of 'Abdul Muttalib, O 'Abbas, O Safiah, paternal aunt of Allah's Messenger, O Fatimah, daughter of Muhammad! You are warned to beware and save yourselves from the torment of the Hell-Fire: I cannot protect you from Allah's punishment; you may, however, demand whatever you like from my worldly property." Then as was the custom in Arabia, to warn the people of an impending calamity, he stood on top of Mount Safa one morning and called out: "O people of Quraish, O children of Ka`b bin Luayy, O children of Murrah, O children of Qasayy, O children of 'Abd Manaf, O children of 'Abd Shams, O children of Hashim, O children of `Abdul Muttalib....", and in this way he called out each branch and clan of the Quraish by name. When all the people had got together, he said, "O People, if 1 tell you that on the other side of this hill, there is a huge army ready to attack you, will you believe my word?" With one voice they replied in the affirmative, saying that they had never heard a lie from him in the past. Thereupon the Holy Prophet said, "Well, I warn you of the impending scourge of AIlah: save yourselves from His punishment: I cannot be of any help to you against Him. On the Day of Resurrection, the righteous only will be nearest to me. Let it not happen that others should corm forth with good deeds and you should appear with the burden of sins on your heads. Then you will call me for help, but I shall be constrained to turn my face away from you. Of course, here in this world, I am bound to you by blood relations, and I shall treat you with all possible politeness as a good relation should." (Several Traditions on this subject have been reported in Bukhari, Muslim, Musnad Ahmad, Tirmizi, Ibn Jarir on the authority of Hadrat 'A'ishah, Hadrat Abu Hurairah, Hadrat 'Abdullah bin 'Abbas, Hadrat Zubair bin 'Amr and Hadrat Qabisah bin Makhariq).
The matter was not simply this that on receipt of the Command to "warn your nearest kinsfolk", the Holy Prophet called together aII his relatives and complied with it. In fact, the principle it meant to stress was that in the matter of religion the Prophet and his relations enjoyed no special privilege of which the other people might be deprived. What was harmful for one man, was harmful for everybody. The Prophet was supposed to first protect himself from this and then warn his nearest kinsfolk and the common people of its fatal consequences. On the other hand, what was good and beneficial for one man, 'was good and beneficial for aII. As. such, the Prophet should first adopt it himself and then exhort his relatives also to adopt it, so that everybody may see that the Prophet dces not only preach his message to others but practises it himself also sincerely. The Holy Prophet followed this principle throughout his life. On the conquest of Makkah, when he entered the city, he declared: "Every kind of interest payable from the people during the age of ignorance, is trampled under my feet, and first of all, I remit the interest payable to my uncle `Abbas." (It should be noted that before the prohibition of interest, Hadrat 'Abbas traded money on interest, and a substantial amount of interest payable to him at that time was outstanding against the people). Once the Holy Prophet ordered cutting off of the hand of a Quraishite woman, named Fatimah, on the charge of theft. Hadrat Usamah bin Zaid came to intercede for her, whereupon the Holy Prophet said: "By God, even if Fatimah, daughter of Muhammad, had committed the theft, I would have ordered amputation of her hand, too."