- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلْأَصْوَٰتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ
- عربى - نصوص الآيات : واقصد في مشيك واغضض من صوتك ۚ إن أنكر الأصوات لصوت الحمير
- عربى - التفسير الميسر : وتواضع في مشيك، واخفض من صوتك فلا ترفعه، إن أقبح الأصوات وأبغضها لصوت الحمير المعروفة ببلادتها وأصواتها المرتفعة.
- السعدى : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
{ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ } أي: امش متواضعا مستكينا، لا مَشْيَ البطر والتكبر، ولا مشي التماوت.
{ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ } أدبا مع الناس ومع اللّه، { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ } أي أفظعها وأبشعها { لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } فلو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة، لما اختص بذلك الحمار، الذي قد علمت خسته وبلادته.
وهذه الوصايا، التي وصى بها لقمان لابنه، تجمع أمهات الحكم، وتستلزم ما لم يذكر منها، وكل وصية يقرن بها ما يدعو إلى فعلها، إن كانت أمرا، وإلى تركها إن كانت نهيا.
وهذا يدل على ما ذكرنا في تفسير الحكمة، أنها العلم بالأحكام، وحِكَمِها ومناسباتها، فأمره بأصل الدين، وهو التوحيد، ونهاه عن الشرك، وبيَّن له الموجب لتركه، وأمره ببر الوالدين، وبين له السبب الموجب لبرهما، وأمره بشكره وشكرهما، ثم احترز بأن محل برهما وامتثال أوامرهما، ما لم يأمرا بمعصية، ومع ذلك فلا يعقهما، بل يحسن إليهما، وإن كان لا يطيعهما إذا جاهداه على الشرك. وأمره بمراقبة اللّه، وخوَّفه القدوم عليه، وأنه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من الخير والشر، إلا أتى بها.
ونهاه عن التكبر، وأمره بالتواضع، ونهاه عن البطر والأشر، والمرح، وأمره بالسكون في الحركات والأصوات، ونهاه عن ضد ذلك.
وأمره بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة، وبالصبر اللذين يسهل بهما كل أمر، كما قال تعالى: فحقيق بمن أوصى بهذه الوصايا، أن يكون مخصوصا بالحكمة، مشهورا بها. ولهذا من منة اللّه عليه وعلى سائر عباده، أن قص عليهم من حكمته، ما يكون لهم به أسوة حسنة.
- الوسيط لطنطاوي : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
ثم أمر بالقصد والاعتدال فى كل أموره فقال : ( واقصد فِي مَشْيِكَ ) أى وكن معتدلا فى مشيك ، بحيث لا تطبئ ولا تسرع . من القصد وهو التوسط فى الأمور .
( واغضض مِن صَوْتِكَ ) واخفض من صوتك فلا ترفعه إلا إذا استدعى الأمر رفعه ، فإن غض الصوت عند المحادثة فيه أدب وثقة بالنفس ، واطمئنان إلى صدق الحديث واستقامته .
وكان أهل الجاهلية يتفاخرون بجهارة الصوت وارتفاعه ، فنهى المؤمنون عن ذلك ، ومدح - سبحانه - الذين يخفضون أصواتهم فى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إِنَّ الذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ الله أولئك الذين امتحن الله قُلُوبَهُمْ للتقوى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) وقوله - تعالى - ( إِنَّ أَنكَرَ الأصوات لَصَوْتُ الحمير ) تعليل للأمر بخفض الصوت ، وللنهى عن رفعه بدون موجب .
أى : إن أقبح الأصوت وأبشعها لهو صوت الحمير ، فالجملة الكريمة حض على غض الصوت بأبلغ وجه وآكده ، حيث شبه - سبحانه الرافعين لأصواتهم فى غير حاجة إلى ذلك ، بأصوات الحمير التى هى مثار السخرية مع النفور منها .
وهكذا نجد أن لقمان قد أوصى ابنه بجملة من الوصايا السامية النافعة ، فقد أمره - أولا - بإخلاص العبادة لله - تعالى - ثم غرس فى قلبه الخوف من الله - عز وجل - ، ثم حضه على إقامة الصلاة ، وعلى الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، وعلى الصبر على الأذى ، ثم نهاه عن الغرور والتكبر والافتخار ، وعن رفع الصوت بدون مقتض لذلك . وبتفيذ هذه الوصايا ، يسعد الأفراد ، وترقى المجتمعات .
- البغوى : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
( واقصد في مشيك ) أي : ليكن مشيك قصدا لا تخيلا ولا إسراعا . وقال عطاء : امش بالوقار والسكينة ، كقوله : " يمشون على الأرض هونا " ( الفرقان - 63 ) ( واغضض من صوتك ) انقص من صوتك ، وقال مقاتل : اخفض صوتك ( إن أنكر الأصوات ) أقبح الأصوات ( لصوت الحمير ) أوله زفير وآخره شهيق ، وهما صوت أهل النار .
وقال موسى بن أعين : سمعت سفيان الثوري يقول في قوله : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) قال : صياح كل شيء تسبيح لله إلا الحمار . وقال جعفر الصادق في قوله : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) قال : هي العطسة القبيحة المنكرة . قال وهب : تكلم لقمان باثنى عشر ألف باب من الحكمة ، أدخلها الناس في كلامهم وقضاياهم وحكمهم : قال خالد الربعي : كان لقمان عبدا حبشيا فدفع مولاه إليه شاة وقال : اذبحها وائتني بأطيب مضغتين منها ، فأتاه باللسان والقلب ، ثم دفع إليه شاة أخرى ، وقال : اذبحها وائتني بأخبث مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب ، فسأله مولاه ، فقال : ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا .
- ابن كثير : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
وقوله : ( واقصد في مشيك ) أي : امش مشيا مقتصدا ليس بالبطيء المتثبط ، ولا بالسريع المفرط ، بل عدلا وسطا بين بين .
وقوله : ( واغضض من صوتك ) أي : لا تبالغ في الكلام ، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه; ولهذا قال تعالى : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) قال مجاهد وغير واحد : إن أقبح الأصوات لصوت الحمير ، أي : غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه ، ومع هذا هو بغيض إلى الله تعالى . وهذا التشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه " .
وقال النسائي عند تفسير هذه الآية : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ] قال : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطانا " .
وقد أخرجه بقية الجماعة سوى ابن ماجه ، من طرق ، عن جعفر بن ربيعة به ، وفي بعض الألفاظ : " بالليل " ، فالله أعلم .
فهذه وصايا نافعة جدا ، وهي من قصص القرآن العظيم عن لقمان الحكيم . وقد روي عنه من الحكم والمواعظ أشياء كثيرة ، فلنذكر منها أنموذجا ودستورا إلى ذلك .
قال الإمام أحمد : حدثنا ابن إسحاق ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا سفيان ، أخبرني نهشل بن مجمع الضبي عن قزعة ، عن ابن عمر رضي الله عنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لقمان الحكيم كان يقول : إن الله إذا استودع شيئا حفظه " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن موسى بن سليمان ، عن القاسم [ بن مخيمرة يحدث عن أبي موسى الأشعري ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال لقمان لابنه وهو يعظه : يا بني ، إياك والتقنع فإنه مخوفة بالليل ، مذمة بالنهار " .
وقال : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن عثمان ، عن ضمرة ، حدثنا السري بن يحيى قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك .
وقال : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، أخبرنا ابن المبارك ، حدثنا عبد الرحمن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، إذا أتيت نادي قوم فارمهم بسهم الإسلام - يعني السلام - ثم اجلس في ناحيتهم ، فلا تنطق حتى تراهم قد نطقوا ، فإن أفاضوا في ذكر الله فأجل سهمك معهم ، وإن أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم إلى غيرهم .
وحدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، حدثنا ضمرة ، عن حفص بن عمر ، رضي الله عنه ، قال : وضع لقمان جرابا من خردل إلى جانبه ، وجعل يعظ ابنه وعظة ويخرج خردلة ، حتى نفذ الخردل ، فقال : يا بني ، لقد وعظتك موعظة لو وعظها جبل لتفطر . قال : فتفطر ابنه .
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا يحيى بن عبد الباقي المصيصي ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الحراني ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ، حدثنا أبين بن سفيان المقدسي ، عن خليفة بن سلام ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة : لقمان الحكيم ، والنجاشي ، وبلال المؤذن " .
قال أبو القاسم الطبراني : أراد الحبش .
فصل في الخمول والتواضع
وذلك متعلق بوصية لقمان ، عليه السلام ، لابنه ، وقد جمع في ذلك الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا كتابا مفردا [ و ] نحن ، نذكر منه مقاصده ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا عبد الله بن موسى المدني ، عن أسامة بن زيد ، عن حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " رب أشعث ذي طمرين يصفح عن أبواب الناس ، إذا أقسم على الله لأبره " .
ثم رواه من حديث جعفر بن سليمان ، عن ثابت وعلي بن زيد ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ، وزاد منهم البراء بن مالك .
[ وروي أيضا عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طوبى للأتقياء الأثرياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، أولئك مصابيح مجردون من كل فتنة غبراء مشينة " ] . وقال أبو بكر بن سهل التميمي : حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا نافع بن يزيد ، عن عياش بن عباس ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر ، رضي الله عنه ، أنه دخل المسجد فإذا هو بمعاذ بن جبل يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : ما يبكيك يا معاذ ؟ قال : حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول : " إن اليسير من الرياء شرك ، وإن الله يحب الأتقياء الأخفياء الأثرياء ، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا حضروا لم يعرفوا ، قلوبهم مصابيح الهدى ، ينجون من كل غبراء مظلمة " .
حدثنا الوليد بن شجاع ، حدثنا عثام بن علي ، عن حميد بن عطاء الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رب ذي طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره ، لو قال : اللهم إني أسألك الجنة لأعطاه الجنة ، ولم يعطه من الدنيا شيئا " .
وقال أيضا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم يسأله دينارا أو درهما أو فلسا لم يعطه ، ولو سأل الله الجنة لأعطاه إياها ، ولو سأله الدنيا لم يعطه إياها ، ولم يمنعها إياه لهوانه عليه ، ذو طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره " .
وهذا مرسل من هذا الوجه .
وقال أيضا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا جعفر بن سليمان ، حدثنا عوف قال : قال أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من ملوك الجنة من هو أشعث أغبر ذو طمرين لا يؤبه له ، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإذا خطبوا النساء لم ينكحوا ، وإذا قالوا لم ينصت لهم ، حوائج أحدهم تتجلجل في صدره ، لو قسم نوره يوم القيامة بين الناس لوسعهم " . قال : وأنشدني عمر بن شبة ، عن ابن عائشة قال : قال عبد الله بن المبارك :
ألا رب ذي طمرين في منزل غدا زرابيه مبثوثة ونمارقه قد اطردت أنهاره حول قصره
وأشرق والتفت عليه حدائقه
وروي - أيضا - من حديث عبيد الله بن زحر ، عن علي بن زيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة مرفوعا : " قال الله : من أغبط أوليائي عندي : مؤمن خفيف الحاذ ، ذو حظ من صلاة ، أحسن عبادة ربه ، وأطاعه في السر ، وكان غامضا في الناس ، لا يشار إليه بالأصابع . إن صبر على ذلك " . قال : ثم نقد رسول الله بيده وقال : " عجلت منيته ، وقل تراثه ، وقلت بواكيه " .
وعن عبد الله بن عمرو قال : أحب عباد الله إلى الله الغرباء . قيل : ومن الغرباء ؟ قال : الفرارون بدينهم ، يجمعون يوم القيامة إلى عيسى بن مريم .
وقال الفضيل بن عياض : بلغني أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : ألم أنعم عليك ؟ ألم أعطك ؟ ألم أسترك ؟ ألم . . ؟ ألم . . ؟ ألم أخمل ذكرك ؟ ثم قال الفضيل : إن استطعت ألا تعرف فافعل ، وما عليك ألا يثنى عليك ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس محمودا عند الله .
وكان ابن محيريز يقول : اللهم إني أسألك ذكرا خاملا .
وكان الخليل بن أحمد يقول : اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك ، واجعلني في نفسي من أوضع خلقك ، وعند الناس من أوسط خلقك . ثم قال :
باب ما جاء في الشهرة
حدثنا أحمد بن عيسى المصري ، حدثنا ابن وهب ، عن عمر بن الحارث وابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " حسب امرئ من الشر - إلا من عصم الله - أن يشير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه ، وإن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم " .
وروي مثله عن إسحاق بن البهلول ، عن ابن أبي فديك ، عن محمد بن عبد الواحد الأخنسي ، عن عبد الواحد بن أبي كثير ، عن جابر بن عبد الله مرفوعا ، مثله .
وروي عن الحسن مرسلا نحوه ، فقيل للحسن : فإنه يشار إليك بالأصابع ؟ فقال : إنما المراد من يشار إليه في دينه بالبدعة وفي دنياه بالفسق .
وعن علي ، رضي الله عنه ، قال : لا تبدأ لأن تشتهر ، ولا ترفع شخصك لتذكر ، وتعلم واكتم ،
واصمت تسلم ، تسر الأبرار ، وتغيظ الفجار .
وقال إبراهيم بن أدهم ، رحمه الله : ما صدق الله من أحب الشهرة .
وقال أيوب : ما صدق الله عبده إلا سره ألا يشعر بمكانه .
وقال محمد بن العلاء : من أحب الله أحب ألا يعرفه الناس .
وقال سماك بن سلمة : إياك وكثرة الأخلاء .
وقال أبان بن عثمان : إن أحببت أن يسلم لك دينك فأقل من المعارف; كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة نهض وتركهم .
وقال : حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن عوف ، عن أبي رجاء قال : رأى طلحة قوما يمشون معه ، فقال : ذباب طمع ، وفراش النار .
وقال ابن إدريس ، عن هارون بن عنترة ، عن سليم بن حنظلة قال : بينا نحن حول أبي إذ علاه عمر بن الخطاب بالدرة وقال : إنها مذلة للتابع ، وفتنة للمتبوع .
وقال ابن عون ، عن الحسن : خرج ابن مسعود فاتبعه أناس ، فقال : والله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ، ما اتبعني منكم رجلان .
وقال حماد بن زيد : كنا إذا مررنا على المجلس ، ومعنا أيوب ، فسلم ، ردوا ردا شديدا ، فكان ذلك يغمه .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر : كان أيوب يطيل قميصه ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن الشهرة فيما مضى كانت في طول القميص ، واليوم في تشميره . واصطنع مرة نعلين على حذو نعلي النبي صلى الله عليه وسلم ، فلبسهما أياما ثم خلعهما ، وقال : لم أر الناس يلبسونهما .
وقال إبراهيم النخعي : لا تلبس من الثياب ما يشهر في الفقهاء ، ولا ما يزدريك السفهاء .
وقال الثوري : كانوا يكرهون من الثياب الجياد ، التي يشتهر بها ، ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم . والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ، ويستذل دينه .
وحدثنا خالد بن خداش : حدثنا حماد ، عن أبي حسنة - صاحب الزيادي - قال : كنا عند أبي قلابة إذ دخل عليه رجل عليه أكسية ، فقال : إياكم وهذا الحمار النهاق .
وقال الحسن ، رحمه الله : إن قوما جعلوا الكبر في قلوبهم ، والتواضع في ثيابهم ، فصاحب الكساء بكسائه أعجب من صاحب المطرف بمطرفه ، ما لهم تفاقدوا .
وفي بعض الأخبار أن موسى ، عليه السلام ، قال لبني إسرائيل : ما لكم تأتوني عليكم ثياب الرهبان ، وقلوبكم قلوب الذئاب ، البسوا ثياب الملوك ، وألينوا قلوبكم بالخشية .
فصل في حسن الخلق
قال أبو التياح : عن أنس ، رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا .
وعن عطاء ، عن ابن عمر : قيل : يا رسول الله ، أي المؤمنين أفضل ؟ قال : " أحسنهم خلقا " .
وعن نوح بن عباد ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعا : " إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجات الآخرة وشرف المنازل ، وإنه لضعيف العبادة . وإنه ليبلغ بسوء خلقه درك جهنم وهو عابد " . وعن سنان بن هارون ، عن حميد ، عن أنس مرفوعا : " ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " . وعن عائشة مرفوعا : " إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار " .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، أخبرني أبي وعمي ، عن جدي ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ، فقال : " تقوى الله وحسن الخلق " . وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ، فقال : " الأجوفان : الفم والفرج " .
وقال أسامة بن شريك : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءته الأعراب من كل مكان ، فقالوا : يا رسول الله ، ما خير ما أعطي الإنسان ؟ قال : " حسن الخلق " .
وقال يعلى بن مملك : عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء - يبلغ به - قال : " ما [ من ] شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق " ، وكذا رواه عطاء ، عن أم الدرداء ، به .
وعن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا " .
حدثنا عبد الله بن أبي بدر ، حدثنا محمد بن عبيد ، عن محمد بن أبي سارة ، عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق ، كما يعطي المجاهد في سبيل الله ، يغدو عليه الأجر ويروح " .
وعن مكحول ، عن أبي ثعلبة مرفوعا : " إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا ، أحاسنكم أخلاقا ، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني منزلا في الجنة مساويكم أخلاقا ، الثرثارون المتشدقون المتفيهقون " .
وعن أبي أويس ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر مرفوعا : " ألا أخبركم بأكملكم إيمانا ، أحاسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا ، الذين يؤلفون ويألفون " .
وقال الليث ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة ، عن بكر بن أبي الفرات قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما حسن الله خلق رجل وخلقه فتطعمه النار " .
وعن عبد الله بن غالب الحداني ، عن أبي سعيد مرفوعا : " خصلتان لا يجتمعان في مؤمن : البخل ، وسوء الخلق " ، وقال ميمون بن مهران ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أعظم عند الله من سوء الخلق; وذلك أن صاحبه لا يخرج من ذنب إلا وقع في آخر " .
حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا أبو المغيرة الأحمسي ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن رجل من قريش قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أعظم عند الله من سوء الخلق; إن الخلق الحسن ليذيب الذنوب كما تذيب الشمس الجليد ، وإن الخلق السيئ ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل " .
وقال عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي هريرة مرفوعا : " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسط وجوه وحسن خلق " .
وقال محمد بن سيرين : حسن الخلق عون على الدين .
فصل في ذم الكبر
قال علقمة ، عن ابن مسعود - رفعه - : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر ، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال حبة من إيمان " .
وقال إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر أكبه الله على وجهه في النار " .
حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا أبو معاوية ، عن عمر بن راشد ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه مرفوعا : " لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب عند الله من الجبارين ، فيصيبه ما أصابهم من العذاب " .
وقال مالك بن دينار : ركب سليمان بن داود ، عليهما السلام ، ذات يوم البساط في مائتي ألف من الإنس ، ومائتي ألف من الجن ، فرفع حتى سمع تسبيح الملائكة في السماء ، ثم خفضوه حتى مست قدمه ماء البحر ، فسمعوا صوتا : لو كان في قلب صاحبكم مثقال ذرة من كبر لخسف به أبعد مما رفع .
حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان أبو بكر يخطبنا فيذكر بدء خلق الإنسان ، حتى إن أحدنا ليقذر نفسه ، يقول : خرج من مجرى البول مرتين .
وقال الشعبي : من قتل اثنين فهو جبار ، ثم تلا أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ) [ القصص : 19 ] وقال الحسن : عجبا لابن آدم ، يغسل الخرء بيده في اليوم مرتين ثم يتكبر! يعارض جبار السماوات ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد ، عن علي بن الحسن ، عن الضحاك بن سفيان ، فذكر الحديث . ضرب مثل الدنيا بما يخرج من ابن آدم .
وقال الحسن ، عن يحيى ، عن أبي قال : إن مطعم ابن آدم ضرب مثل للدنيا وإن قزحه وملحه .
وقال محمد بن الحسين بن علي - من ولد علي رضي الله عنه - : ما دخل قلب رجل شيء من الكبر إلا نقص من عقله بقدر ذلك .
وقال يونس بن عبيد : ليس مع السجود كبر ، ولا مع التوحيد نفاق .
ونظر طاوس إلى عمر بن عبد العزيز وهو يختال في مشيته ، وذلك قبل أن يستخلف ، فطعنه طاوس في جنبه بأصبعه ، وقال : ليس هذا شأن من في بطنه خرء ؟ فقال له كالمعتذر إليه : يا عم ، لقد ضرب كل عضو مني على هذه المشية حتى تعلمتها .
قال أبو بكر بن أبي الدنيا : كانت بنو أمية يضربون أولادهم حتى يتعلموا هذه المشية .
فصل في الاختيال
عن أبي ليلى ، عن ابن بريدة ، عن أبيه مرفوعا : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه " .
ورواه عن إسحاق بن إسماعيل ، عن سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر مرفوعا مثله . وحدثنا محمد بن بكار ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره " . و " بينما رجل يتبختر في برديه ، أعجبته نفسه ، خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " .
وروى الزهري عن سالم ، عن أبيه : " بينما رجل . . . " إلى آخره .
- القرطبى : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
قوله تعالى : واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير .
فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى : واقصد في مشيك لما نهاه عن الخلق الذميم رسم له الخلق الكريم الذي ينبغي أن يستعمله فقال : واقصد في مشيك أي توسط فيه . والقصد : ما بين الإسراع والبطء ; أي لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب وثب الشطار ; وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن . فأما ما روي عنه عليه السلام أنه كان إذا مشى أسرع ، وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما : كان إذا مشى أسرع - فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت ; والله أعلم . وقد مدح الله سبحانه من هذه صفته حسبما تقدم بيانه في ( الفرقان ) .
الثانية : واغضض من صوتك أي انقص منه ; أي لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه ; فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي . والمراد بذلك كله التواضع ; وقد قال عمر لمؤذن تكلف رفع الأذان بأكثر من طاقته : لقد خشيت أن ينشق مريطاؤك ! والمؤذن هو أبو محذورة سمرة بن معير . والمريطاء : ما بين السرة إلى العانة .
الثالثة : إن أنكر الأصوات لصوت الحمير أي أقبحها وأوحشها ; ومنه أتانا بوجه منكر . والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة ، وكذلك نهاقه ; ومن استفحاشهم لذكره مجردا أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح فيقولون : الطويل الأذنين ; كما يكنى عن الأشياء المستقذرة . وقد عد في مساوئ الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة . ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافا وإن بلغت منه الرجلة . وكان عليه الصلاة والسلام يركبه تواضعا وتذللا لله تبارك وتعالى .
الرابعة : في الآية دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة بقبح أصوات الحمير ; لأنها عالية . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا . وقد روي : أنه ما صاح حمار ولا نبح كلب إلا أن يرى شيطانا . وقال سفيان الثوري : صياح كل شيء تسبيح إلا نهيق الحمير . ، وقال عطاء : نهيق الحمير دعاء على الظلمة .
الخامسة : وهذه الآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم ، أو بترك الصياح جملة ; وكانت العرب تفخر بجهارة الصوت الجهير وغير ذلك ، فمن كان منهم أشد صوتا كان أعز ، ومن كان أخفض كان أذل ، حتى قال شاعرهم :
جهير الكلام جهير العطاس جهير الرواء جهير النعم ويعدو على الأين عدوى الظليم
ويعلو الرجال بخلق عمم
فنهى الله سبحانه وتعالى عن هذه الخلق الجاهلية بقوله : إن أنكر الأصوات لصوت الحمير أي لو أن شيئا يهاب لصوته لكان الحمار ; فجعلهم في المثل سواء .
السادسة : قوله تعالى : لصوت الحمير اللام للتأكيد ، ووحد الصوت وإن كان مضافا إلى الجماعة لأنه مصدر والمصدر يدل على الكثرة ، وهو مصدر صات يصوت صوتا فهو صائت . ويقال : صوت تصويتا فهو مصوت . ورجل صات أي شديد الصوت بمعنى صائت ; كقولهم : رجل مال ونال ; أي كثير المال والنوال .
- الطبرى : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
القول في تأويل قوله تعالى : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)
يقول: وتواضع في مشيك إذا مشيت، ولا تستكبر، ولا تستعجل، ولكن اتئد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، غير أن منهم من قال: أمره بالتواضع في مشيه، ومنهم من قال: أمره بترك السرعة فيه.
ذكر من قال: أمره بالتواضع في مشيه:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو حمزة، عن جابر، عن مجاهد (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) قال: التواضع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) قال: نهاه عن الخيلاء.
ذكر من قال نهاه عن السرعة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن عبد الله بن عقبة، عن يزيد بن أبي حبيب، في قوله: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) قال: من السرعة. قوله: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) يقول: واخفض من صوتك، فاجعله قصدا إذا تكلمت.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) قال: أمره بالاقتصاد في صوته.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) قال: اخفض من صوتك.
واختلف أهل التأويل قوله: ( إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) فقال بعضهم: معناه: إن أقبح الأصوات.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة وأبان بن تغلب، قالا ثنا أبو معاوية عن جُوَيبر، عن الضحاك (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ) قال: إن أقبح الأصوات (لَصَوْتُ الحَمِيرِ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ) أي: أقبح الأصوات لصوت الحمير، أوّله زفير، وآخره شهيق، أمره بالاقتصاد في صوته.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: سمعت الأعمش يقول: (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ) (4) صوت الحمير.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن أشرّ الأصوات.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن يحيى بن واضح، عن أبي حمزة، عن جابر عن عكرِمة والحكم بن عُتيبة (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ) قال: أشرّ الأصوات.
قال جابر: وقال الحسن بن مسلم: أشدّ الأصوات.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) قال: لو كان رفع الصوت هو خيرا ما جعله للحمير.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: إن أقبح أو أشرّ الأصوات، وذلك نظير قولهم: إذا رأوا وجها قبيحا، أو منظرا شنيعا، ما أنكر وجه فلان، وما أنكر منظره.
وأما قوله: (لَصَوْتُ الحَمِيرِ) فأضيف الصوت، وهو واحد، إلى الحمير وهي جماعة، فإن ذلك لوجهين: إن شئت، قلت: الصوت بمعنى الجمع، كما قيل: لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وإن شئت قلت: معنى الحمير: معنى الواحد، لأن الواحد في مثل هذا الموضع يؤدّي عما يؤدي عنه الجمع.
------------------------
الهوامش:
(4) لعل فيه سقطًا، والأصل: أي أقبح الأصوات صوت ... إلخ .
- ابن عاشور : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)
بعد أن بيّن له آداب حسن المعاملة مع الناس قفَّاها بحسن الآداب في حالته الخاصة ، وتلك حالتا المشي والتكلم ، وهما أظهر ما يلوح على المرء من آدابه .
والقصد : الوسط العَدل بين طرفين ، فالقصد في المشي هو أن يكون بين طرف التبختر وطرف الدبيب ويقال : قصد في مشيه . فمعنى { اقْصِدْ في مشيك } : ارتكب القصد .
والغَضُّ : نقص قوة استعمال الشيء . يقال : غَضَّ بصره ، إذا خفَّض نظره فلم يحدّق . وتقدم قوله تعالى { قل للمؤمنين يغُضُّوا من أبصارهم } في سورة النور ( 30 ) . فغض الصوت : جعله دون الجهر . وجيء ب { مِن } الدالة على التبعيض لإفادة أنه يغض بعضه ، أي بعضَ جهره ، أي ينقص من جُهُورته ولكنه لا يبلغ به إلى التخافت والسرار .
وجملة { إن أنكر الأصوات لصوتُ الحمير } تعليل علل به الأمر بالغض من صوته باعتبارها متضمنة تشبيهاً بليغاً ، أي لأن صوت الحمير أنكر الأصوات . ورفع الصوت في الكلام يشبه نهيق الحمير فله حظ من النكارة .
و { أنكَر : } اسم تفضيل في كون الصوت منكوراً ، فهو تفضيل مشتق من الفعل المبني للمجهول ومثله سماعي وغيرُ شاذ ، ومنه قولهم في المثل : «أشغل من ذات النِّحْيَيْنِ» أي أشد مشغولية من المرأة التي أُريدت في هذا المثل .
وإنما جمع { الحمير } في نظم القرآن مع أن { صوت } مفرداً ولم يقل الحمار لأن المعرف بلام الجنس يستوي مفرده وجمعُه . ولذلك يقال : إن لام الجنس إذا دخلتْ على جَمع أبطلت منه معنى الجَمْعِيَّة . وإنما أوثر لفظ الجمع لأن كلمة الحمير أسعد بالفواصل لأن من محاسن الفواصل والأسجاع أن تجري على أحكام القوافي ، والقافية المؤسسة بالواو أو الياء لا يجوز أن يرد معها ألف تأسيس فإن الفواصل المتقدمة من قوله { ولقد ءاتينا لقمان الحكمة } [ لقمان : 12 ] هي : حميد ، عظيم ، المصير ، خبير ، الأمور ، فخور ، الحمير . وفواصل القرآن تعتمد كثيراً على الحركات والمُدود والصيغ دون تماثل الحروف وبذلك تخالف قوافي القصائد . وهذا وفاء بما وعدتُ به عند الكلام على قوله تعالى { ولقد ءاتينا لقمان الحكمة } من ذكر ما انتهى إليه تتبعي لما أُثِر من حِكمة لقمان غير ما في هذه السورة وقد ذكر الألوسي في «تفسيره» منها ثمانياً وعشرين حكمة وهي :
قوله لابنه : أي بني ، إن الدنيا بحر عميق ، وقد غرق فيها أناس كثير فاجعل سفينتك فيها تقوى الله تعالى ، وحِشوها الإيمان ، وشراعها التوكل على الله تعالى لعلك أن تنجو ولا أراك ناجياً .
وقوله : من كان له من نفسه واعظ كان له من الله عز وجل حافظ ، ومن أنصف الناس من نفسه زاده الله تعالى بذلك عزاً ، والذل في طاعة الله تعالى أقرب من التعزز بالمعصية .
وقوله : ضَرْبُ الوالد لولده كالسماد للزرع .
وقوله : يا بني إياك والدَّين فإنه ذل النهار وَهَمُّ الليل .
وقوله : يا بني ارجُ الله عز وجل رجاء لا يجرِّئك على معصيته تعالى ، وخَففِ الله سبحانه خوفاً لا يؤيسك من رحمته تعالى شأنه .
وقوله : من كَذب ذهب ماء وجهه ، ومَن ساء خلُقُه كثُر غمُّه ، ونقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم .
وقوله : يا بني حَملْتُ الجندل والحديد وكلَّ شيء ثقيل فلم أحمل شيئاً هو أثقل من جار السوء ، وذقت المِرار فلم أذق شيئاً هو أمرّ من الفقر .
يا بني لا تُرسِلْ رسولك جاهلاً فإن لم تجد حكيماً فكن رسولَ نفسك .
يا بني ، إياك والكذب ، فإنه شَهي كلحم العصفور عما قليل يغلي صاحبه .
يا بني ، احضر الجنائز ولا تحضر العرس فإن الجنائز تذكرك الآخرة والعرس يشهيك الدنيا .
يا بني ، لا تأكل شِبَعاً على شِبَع فإن إلقاءك إياه للكلب خير من أن تأكله .
يا بني ، لا تكُن حُلواً فتُبلَعَ ولا تكن مُرّاً فتُلْفَظ .
وقوله لابنه : لا يأكل طعامك إلاَّ الأتقياء ، وشاور في أمرك العلماء .
وقوله : لا خير لك في أن تتعلمَ ما لم تَعْلَم ولَمّا تعملْ بما قد علمت فإن مثل ذلك مثل رجل احتطب حطباً فحمل حُزْمَة وذهب يحملها فعجز عنها فضم إليها أخرى .
وقوله : يا بني ، إذا أردت أن تواخي رجلاً فأغضبه قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه وإلا فاحذَره .
وقوله : لتكن كلمتك طيبة ، وليكن وجهك بسطاً تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء .
وقوله : يا بني ، أنْزِل نفسك من صاحبك منزلة من لا حاجة له بك ولا بدّ لك منه .
يا بنيّ ، كن كمن لا يبتغي محمدَة الناس ولا يكسب ذمهم فنفسه منه في عناء والناس منه في راحة .
وقوله : يا بني ، امتنع بما يخرج من فيك فإنك ما سكتَّ سالم ، وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك .
وأنا أقفّي عليها ما لم يذكره الألوسي . فمن ذلك ما في «الموطأ» فيما جاء في طلب العلم من كتاب «الجامع» : مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال : يا بني ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور العلم كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء . وفيه فيما جاء في الصدق والكذب من كتاب وفيه فيما جاء في الصدق والكذب من كتاب «الجامع» أنه بلغه أنه قيل للقمان : ما بلغ بك ما نرى يريدون الفضل؟ فقال : صدقُ الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعْنيني .
وفي «جامع المستخرجة» للعتبي قال مالك : بلغني أن لقمان قال لابنه : يا بُني ليكنْ أول ما تفيد من الدنيا بعد خليل صالح امرأةً صالحة . وفي «أحكام القرآن» لابن العربي عن مالك : أن لقمان قال لابنه : يا بني إن الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون وهم إلى الآخرة سراعاً يذهبون ، وإنك قد استدبرت الدنيا منذ كنتَ واستقبلتَ الآخرة ، وإن داراً تسير إليها أقرب إليك من دار تخرج عنها .
وقال : ليس غنى كصحة ، ولا نعمة كطِيب نفْس . وقال : يا بني لا تجالس الفجار ولا تماشهم اتق أن ينزل عليهم عذاب من السماء فيصيبَك معهم ، وقال : يا بني ، جالس العلماء ومَاشِهِم عسى أن تنزل عليهم رحمة فتصيبك معهم . وفي «الكشاف» : أنه قال لرجل ينظر إليه : إن كنتَ تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق ، وإن كنتَ تراني أسود فقلبي أبيض . وأن مولاه أمره بذبححِ شاة وأن يأتيه بأطيب مضغتين فأتاه باللسان والقلب ، ثم أمره بذبح أخرى وأنْ ألْققِ منها أخبث مضغتين ، فألقى اللسان والقلب؛ فسأله عن ذلك ، فقال : هما أطيب ما فيها إذا طابا وأخبث ما فيها إذا خبثا .
ودخل على داود وهو يسرد الدروع فأراد أن يسأله عماذا يصنع ، فأدركته الحكمة فسكت ، فلما أتمها داود لَبِسها وقال : نِعم لَبُوس الحرب أنتتِ . فقال لقمان : الصمتُ حكمة وقليل فاعله . وفي «تفسير ابن عطية» : قيل للقمان : أيّ الناس شرّ؟ فقال : الذي لا يبالي أن يراه الناس سيِّئاً أو مسيئاً .
وفي «تفسير القرطبي» : كان لقمان يفتي قبل مبعث داود فلما بعث داود قطع الفتوى . فقيل له ، فقال : ألا أكتفِي إذا كُفِيتُ . وفيه : إن الحاكم بأشدّ المنازل وكدرها يغشاه المظلوم من كل مكان إنْ يصبْ فبالحريِّ أن ينجو وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة . ومن يكن في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً . ومن يختر الدنيا على الآخرة تفتْه الدنيا ولا يُصب الآخرة . وفي «تفسير البيضاوي» : أن داود سأل لقمان : كيف أصبحتَ؟ فقال : أصبحت في يَديْ غيري . وفي «درة التنزيل» المنسوب لفخر الدين الرازي : قال لقمان لابنه : إن الله رَضيني لك فلم يُوصني بكَ ولم يرضَك لي فأوصاك بي . وفي «الشفاء» لعياض : قال لقمان لابنه : إذا امتلأتْ المَعِدة نامت الفِكْرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة .
وفي كتاب «آداب النكاح» لقاسم بن يأمون التليدي الأخماسي : أن من وصية لقمان : يا بني إنما مَثَل المرأة الصالحة كمثَل الدهن في الرأس يُليِّن العروق ويحسن الشعر ، ومَثَلها كمثل التاج على رأس الملك ، ومثلها كمثَل اللؤلؤ والجوهر لا يدري أحد ما قيمته . ومثَل المرأة السوء كمثل السَّيْل لا ينتهي حتى يبلغ منتهاه : إذا تكلمتْ أسمعت ، وإذا مشت أسرعت ، وإذا قعدت رفعت ، وإذا غضبت أسمعت . وكل داء يبرأ إلاَّ داء امرأة السوء .
يا بني ، لأن تساكن الأسد والأسْوَد خير من أن تساكنها : تبكي وهي الظالمة ، وتحكم وهي الجائرة ، وتنطق وهي الجاهلة وهي أفعى بلدغها .
وفي «مجمع البيان» للطبرسي : يا بني ، سافر بسيفك وخُفّك وعمامتك وخبائك وسِقائك وخيوطك ومخرزك ، وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك ، وكن لأصحابك موافقاً إلا في معصية الله عز وجل .
يا بني ، إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريماً على زادك بينهم ، فإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعِنْهم ، واستعمِل طول الصمت وكثرة الصلاة ، وسَخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد ، وإذا استشهدوك على الحق فاشهَد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ، ولا تُجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورته ، فإن من لم يمحض النصيحة من استشارة سلبه الله رأيه ، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، فإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك سنّاً . وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئاً فقل نعم ولا تقل ( لا ) فإن ( لا ) عِيٌّ ولؤم ، وإذا تحيرتم في الطريق فأنزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا ، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الفلاة مُريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم . واحذروا الشخصين أيضاً إلا أن تروا ما لا أرى لأن العاقِل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب .
يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء ، صلِّها واسترح منها فإنها دَين ، وصلِّ في جماعة ولو على رأس زَجّ . وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً وألينها تربة وأكثرها عشباً . وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجتك فأبْعِد المذهب في الأرض . وإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثم ودّع الأرض التي حللتَ بها وسلّم على أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتى تبتدىء فتتصدق منه فافعل . وعليك بقراءة كتاب الله لعله يعني الزبور ما دمت راكباً ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً عملاً ، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً . وإياك والسير في أول الليل إلى آخره . وإياك ورفع الصوت في مسيرك . فقد استقصينا ما وجدنا من حكمة لقمان مما يقارب سبعين حكمة .
- إعراب القرآن : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
«وَاقْصِدْ» الواو حرف عطف وأمر فاعله مستتر «فِي مَشْيِكَ» متعلقان بالفعل والجملة معطوفة على ما قبلها «وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ» معطوف على ما قبله «إِنَّ أَنْكَرَ» إن واسمها «الْأَصْواتِ» مضاف إليه «لَصَوْتُ» اللام المزحلقة «صوت الْحَمِيرِ» خبر إن المضاف إلى الحمير والجملة الاسمية تعليل.
- English - Sahih International : And be moderate in your pace and lower your voice; indeed the most disagreeable of sounds is the voice of donkeys"
- English - Tafheem -Maududi : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ(31:19) Be moderate in your stride *33 and lower your voice. Verily the most disgusting of all voices is the braying of the donkey.' *34
- Français - Hamidullah : Sois modeste dans ta démarche et baisse ta voix car la plus détestée des voix c'est bien la voix des ânes
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Halte das rechte Maß in deinem Gang und dämpfe deine Stimme denn die widerwärtigste der Stimmen ist wahrlich die Stimme der Esel"
- Spanish - Cortes : ¡Sé modesto en tus andares ¡Habla en voz baja ¡La voz más desagradable es ciertamente la del asno
- Português - El Hayek : E modera o teu andar e baixa a tua voz porque o mais desagradável dos sons é o zurro dos asnos
- Россию - Кулиев : Ступай размеренной поступью и понижай свой голос ибо самый неприятный голос - это рев осла
- Кулиев -ас-Саади : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
Ступай размеренной поступью и понижай свой голос, ибо самый неприятный голос - это рев осла.Ступай скромной и спокойной поступью. Не ходи так, как ходят кичливые гордецы или нерадивые простецы. Не повышай голос, проявляя уважение к людям и почтение к Аллаху. Воистину, самый неприятный и отвратительный голос - это рев осла. И если бы громкий голос приносил бы пользу, то он не был бы отличительной особенностью ослов, которые известны своей глупостью и низостью. Заповеди, которые мудрец Лукман оставил своему сыну, объединяют в себе важнейшие религиозные предписания, из которых вытекают многие другие заповеди. Любые религиозные заповеди имеют тесное отношение к заповедям Лукмана, потому что они учат мусульман творить добро и избегать зла. Все это подтверждает сделанное нами ранее заявление о том, что мудрость складывается из знания о религиозных предписаниях и пользе этих предписаний. Именно поэтому мудрец Лукман повелел исповедовать единобожие, которое представляет собой основу религии, запретил приобщать к Аллаху сотоварищей и разъяснил, что именно должно удерживать людей от многобожия и идолопоклонства. Он также повелел делать добро родителям, и разъяснил причину, по которой человек должен почтительно относиться к своим родителям. Он также повелел благодарить Аллаха и выражать признательность родителям, но подчеркнул, что повиноваться им следует только тогда, когда они не призывают человека к ослушанию Аллаха. Если же они побуждают человека приобщать к Аллаху сотоварищей, то он не имеет права повиноваться им в этом, но обязан проявлять к ним уважение и делать им добро. Он также повелел помнить о том, что Аллах наблюдает за своими рабами и что человеку предстоит предстать перед своим Господом и получить воздаяние за каждое доброе и злое, а также малое и великое деяние. Он также запретил проявлять надменность и высокомерие и повелел соблюдать скромность. Он также призвал соблюдать спокойствие при ходьбе и при разговоре и запретил нарушать эту прекрасную заповедь. Он повелел призывать людей к одобряемому и удерживать их от порицаемого, совершать намаз и проявлять терпение, которое облегчает человеку выполнение даже самых тяжелых предписаний. Именно поэтому Всевышний сказал: «Обратитесь за помощью к терпению и намазу» (2:45). Что же касается заповедей Лукмана, то они свидетельствуют о том, что он действительно был достоин называться мудрецом. По Своей милости Всевышний Аллах поведал рабам о его мудрости, дабы они следовали его прекрасному примеру.
- Turkish - Diyanet Isleri : "Yürüyüşünde tabii ol; sesini kıs Seslerin en çirkini şüphesiz merkeblerin sesidir"
- Italiano - Piccardo : Sii modesto nel camminare e abbassa la tua voce invero la più sgradevole delle voci è quella dell'asino”
- كوردى - برهان محمد أمين : ههوڵ بده له ڕۆیشتنتدا مام ناوهندیانه بڕۆ بهرهو ئامانجێکی چاک ههنگا و بنێ بهدهنگی هێواش و لهبار گفتوگۆ بکه و بدوێ چونکه بهڕاستی بێزارترین و ناخۆشترینی دهنگهکان دهنگی گوێ درێژهکانه
- اردو - جالندربرى : اور اپنی چال میں اعتدال کئے رہنا اور بولتے وقت اواز نیچی رکھنا کیونکہ اونچی اواز گدھوں کی ہے اور کچھ شک نہیں کہ سب اوازوں سے بری اواز گدھوں کی ہے
- Bosanski - Korkut : U hodu budi odmjeren a u govoru ne budi grlat; ta najneprijatniji glas je revanje magarca"
- Swedish - Bernström : Var måttfull i ditt beteende och dämpa din röst Finns det något fulare än åsnans skriande"
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan sederhanalah kamu dalam berjalan dan lunakkanlah suaramu Sesungguhnya seburukburuk suara ialah suara keledai
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
(Dan sederhanalah kamu dalam berjalan) ambillah sikap pertengahan dalam berjalan, yaitu antara pelan-pelan dan berjalan cepat, kamu harus tenang dan anggun (dan lunakkanlah) rendahkanlah (suaramu. Sesungguhnya seburuk-buruk suara) suara yang paling jelek itu (ialah suara keledai.") Yakni pada permulaannya adalah ringkikan kemudian disusul oleh lengkingan-lengkingan yang sangat tidak enak didengar.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : পদচারণায় মধ্যবর্তিতা অবলম্বন কর এবং কন্ঠস্বর নীচু কর। নিঃসন্দেহে গাধার স্বরই সর্বাপেক্ষা অপ্রীতিকর।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : "உன் நடையில் மிக வேகமோ அதிக சாவதானமோ இல்லாமல் நடுத்தரத்தை மேற்கொள்; உன் குரலையும் தாழ்த்திக் கொள்; குரல்களிலெல்லாம் வெறுக்கத்தக்கது நிச்சயமாக கழுதையின் குரலேயாகும்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “และเจ้าจงก้าวเท้าของเจ้าพอประมาณ และจงลดเสียงของเจ้าลง แท้จริง เสียงที่น่าเกลียดยิ่งคือเสียงร้อง ของลา”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Юришингда мўътадил бўл ва овозингни пасайтир Чунки овозларнинг энг ёмони эшакнинг овозидир Яъни юришинг ўртача ва мақсадли бўлсин Бекорчи сохта ҳаракатлар билан кучқувватни исроф қилиб кибру ҳаво билан ҳам юрма жуда лапашанг бўлиб судралма ҳам эшак бекорданбекорга бор овози билан ҳанграб туради Ҳеч бир сабабсиз баланд кўтарилган овознинг эшакникига ўхшатилишининг ўзи етарли Оятда бу овоз энг ёмон эканлиги ҳам таъкидланмоқда
- 中国语文 - Ma Jian : 你应当节制你的步伐,你应当抑制你的声音;最讨厌的声音,确是驴子的声音。
- Melayu - Basmeih : "Dan sederhanakanlah langkahmu semasa berjalan juga rendahkanlah suaramu semasa berkatakata sesungguhnya seburukburuk suara ialah suara keldai"
- Somali - Abduh : socodkaagana ku dhexdhexayso hoosna u dhig Codkaaga Cod waxaa ugu xun Codka Dameerahee
- Hausa - Gumi : "Kuma ka tsakaita a tafiyarka kuma ka runtse ga sautinka Lalle mafi mũnin sautuka haƙĩƙa shĩ ne sautin jãkuna "
- Swahili - Al-Barwani : Na ushike mwendo wa katikati na teremsha sauti yako Hakika katika sauti mbaya zote bila ya shaka iliyo zidi ni sauti ya punda
- Shqiptar - Efendi Nahi : Ec me kujdes e modesti e fol me zë të ulët; se zëri më i vrazhdë është zëri pallja e i gomarit”
- فارسى - آیتی : در رفتارت راه ميانه را برگزين و آوازت را فرود آر، زيرا ناخوشترين بانگها بانگ خران است.
- tajeki - Оятӣ : Дар рафторат роҳи миёнаро баргузин ва овозатро фуруд ор, яъне баланди беҳад накун, зеро нохуштарини овозҳо овози харон аст.
- Uyghur - محمد صالح : ئوتتۇراھال ماڭغىن، ئاۋازىڭنى پەسلەتكىن، ئاۋازلارنىڭ ئەڭ زېرىكەرلىكى ھەقىقەتەن ئېشەكلەرنىڭ ئاۋازىدۇر»
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : "നീ നിന്റെ നടത്തത്തില് മിതത്വം പുലര്ത്തുക. ശബ്ദത്തില് ഒതുക്കം പാലിക്കുക. തീര്ച്ചയായും ഒച്ചകളിലേറ്റം അരോചകം കഴുതയുടെ ശബ്ദം തന്നെ!"
- عربى - التفسير الميسر : وتواضع في مشيك واخفض من صوتك فلا ترفعه ان اقبح الاصوات وابغضها لصوت الحمير المعروفه ببلادتها واصواتها المرتفعه
*33) According to some commentators it means this: 'Walk neither fast nor slow but at a moderate pace :" but the context shows that here the pace or the rate of walking is not the question. There is nothing morally wrong with a fast or a slow pace in itself, nor can there be a rule made for it. When a man is in a hurry. he has to walk fast, and there is nothing wrong if one walks slow when walking for pleasure. Even if there is a standard for the moderate pace, it cannot be made a law for every person at aII times. What is actually meant by this is to reform the state of the self under which a person walks haughtily. The haughtiness and arrogance of a person inevitably manifests itself in his gait and style of walking, which shows the state of his mind and also the cause of his pride and haughtiness. Wealth, authority, beauty. knowledge, power and such other things cause a man to became proud and vain, and each of these gives him a special style of gait. Contrary to this, manifestation of humility in the gait is also the result of one or the other morbid mental state. Sometimes the hidden conceit of the self of a man takes on the form of ostentatious humility, piety and godliness and this is shown by his gait; and sometimes man really feels so embittered by the frustrations of the world that he adopts a sick man's gait. What Luqman means to say is this: "Avoid these states of the mind and self and walk the gait of a simple, honest and noble person, which neither shows any vanity and haughtiness nor weakness nor ostentatious piety and humility."
The taste of the Holy Prophet's great Companions in this regard can be judged from a few instances. When Hadrat Umar once saw a man walking with his head hung down, he shouted out to him, saying, "walk with your head raised up. Islam is not sick. "He saw another person walking like a weak, sick man, and said, wretch! Do not sully our religion! " Both these incidents show that in the sight of Hadrat 'Umar religious piety did not at aII require that one should walk cautiously. like the sick man and show undue humility by one's gait. Whenever he saw a Muslim walking such a gait, he would have the apprehension that it would misrepresent Islam and would depress the other Muslims. A similar incident was once met with by Hadrat 'A'ishah. She saw a person walking as if run down and exhausted. She asked what was the matter. It was said, 'He is one of the reciters of the Qur'an (i e a person who remains engaged in reciting and teaching the Qur'an and in worship)." At this she said, 'Umar was the chief of the reciters of the Qur'an, but as it was he would walk with a firm foot, and he would speak with force and strength, and he would give a good beating if he had to." (For further explanation. see E.N. 43 of Bani Isra'il and E.N. 79 of AI-Furqan).
*34) This does not mean that one should always speak in a low voice and should never raise one's voice. By citing the braying of the asses, it has been clearly indicated what son of the tone and voice in speech is meant to be discouraged. One kind of lowness and loudness'roughness and softness, of the rove and voice is that which is needed under natural and genuine requirements. For example, when speaking to a man close at hand, or to a small group of the people, one would speak in a low voice, and when speaking to a man at a distance or to a large number of the people, one would inevitably have to speak loudly. Similar is inevitably the difference in tones depending on the occasion and situation. The tone of praise has to be different from the tone of condemnation. and of the expression of goodwill from that of indignation. This thing is in no way objectionable. Nor does the admonition of Luqman imply that one should always speak in a soft and low voice and tone regardless of the occasion and requirement. What is objectionable is that one should shout oneself hoarse and produce a voice like the ass's braying in order to bully and debase and browbeat the other person.