- عربي - نصوص الآيات عثماني : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِۦٓ إِلَّا دَآبَّةُ ٱلْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُۥ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ
- عربى - نصوص الآيات : فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ۖ فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين
- عربى - التفسير الميسر : فلما قضينا على سليمان بالموت ما دلَّ الجن على موته إلا الأرَضَةُ تأكل عصاه التي كان متكئًا عليها، فوقع سليمان على الأرض، عند ذلك علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما أقاموا في العذاب المذلِّ والعمل الشاق لسليمان؛ ظنا منهم أنه من الأحياء. وفي الآية إبطال لاعتقاد بعض الناس أن الجن يعلمون الغيب؛ إذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاة سليمان عليه السلام، ولما أقاموا في العذاب المهين.
- السعدى : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
فلم يزل الشياطين يعملون لسليمان, عليه الصلاة والسلام, كل بناء، وكانوا قد موهوا على الإنس, وأخبروهم أنهم يعلمون الغيب, ويطلعون على المكنونات، فأراد اللّه تعالى أن يُرِيَ العباد كذبهم في هذه الدعوى, فمكثوا يعملون على عملهم، وقضى اللّه الموت على سليمان عليه السلام, واتَّكأ على عصاه, وهي المنسأة، فصاروا إذا مروا به وهو متكئ عليها, ظنوه حيا, وهابوه.
فغدوا على عملهم كذلك سنة كاملة على ما قيل, حتى سلطت دابة الأرض على عصاه, فلم تزل ترعاها, حتى باد وسقط فسقط سليمان عليه السلام وتفرقت الشياطين وتبينت الإنس أن الجن { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } وهو العمل الشاق عليهم، فلو علموا الغيب, لعلموا موت سليمان, الذي هم أحرص شيء عليه, ليسلموا مما هم فيه.
- الوسيط لطنطاوي : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
ثم ختم - سبحانه - النعم التى أنعم بها على داود وسليمان ، ببيان مشهد وفاة سليمان ، فقال : ( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الموت مَا دَلَّهُمْ على مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ) .
والمراد بدابة الأرضة : قيل هى الأَرَضَة التى تأكل الخشب وتتغذى به ، يقال : أرضتا لدابة الخشب أرضا - من باب ضرب - ، إذا أكلته . فإضافة الدابة إلى الأرض - بمعنى الأكل والقطع - من إضافة الشئ إلى فعله .
و ( مِنسَأَتَهُ ) أى : عصاه التى كان مستندا عليها . وسميت العصا بذلك لأنها تزجر بها الأغنام إذا جاوزت مرعاها . من نسأ البعير - كنع - إذا زجره وساقه ، أو إذا أخره ودفعه .
والمعنى : فلما حكنا على سليمان - عليه السلام - بالموت ، وأنفذناه فيه ، وأوقعناه عليه ، ( مَا دَلَّهُمْ ) أى : الجن الذين كانوا فى خدمته ( على مَوْتِهِ ) بعد أن مات وظل واقفا متكئا على عصاه ( إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ) .
أى : انهم لم يدركوا أنه مات ، واستمروا فى أعمالهم الشاقة التى كلفهم بها ، حتى جاءت الدابة التى تفعل الأرْضَ - أى الأكل والقطع - فأكلت شيئا من عصاه التى كان متكئا عليها ، فصقط واقعا عبد أن كان واقفا .
( فَلَمَّا خَرَّ ) أى : فلما سقط سليمان على الأرض ( تَبَيَّنَتِ الجن ) أى : ظهر لهم ظهورا جليا ( أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الغيب ) كما يزعم بعضهم .
( مَا لَبِثُواْ فِي العذاب المهين ) أى : ما بقوا فى الأعمال الشاقة التى كلفهم بها سليمان .
وذلك أن الجن استمروا فيما كلفهم به سليمان من اعمال شاقة ، ولم يدركوا أنه قد مات ، حتى جاءت الأرضة فأكلت شيئا من عصاه ، فسقط على الأرض وهنا فقط علموا انه قد مات .
قال ابن كثير : يذكر - تعالى - فى هذه الآية كيفية موت سليمان - عليه السلام - وكيف عمَّى الله موته على الجان المسخرين له فى الأعمال الشاقة ، فإنه مكث متوكئا على عصاه ، وهى منسأته - مدة طويلة نحواً من سنة ، فلما أكلتها دابة الأرض ، - وهى الأرضة - ضعف وسقط إلى الأرض ، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة - تبينت الجن والإِنس أيضاً - أن الجن لا يعلمون الغيب ، كما كانوا يتوهمون ويواهمون الناس ذلك .
هذا هو النموذج الأول الذى ساقه الله - تعالى - للشاكرين ، متمثلا فى موقف داود وسليمان - عليهما السلام - مما أعطاهما - سبحانه - من نعم جزيله . .
- البغوى : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
(فلما قضينا عليه الموت ) أي : على سليمان .
قال أهل العلم : كان سليمان عليه السلام يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين ، والشهر والشهرين ، وأقل من ذلك وأكثر يدخل فيه طعامه وشرابه ، فأدخله في المرة التي مات فيها ، وكان بدء ذلك أنه كان لا يصبح يوما إلا نبتت في محراب بيت المقدس شجرة ، فيسألها : ما اسمك ؟ فتقول : اسمي كذا ، فيقول : لأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا وكذا ، فيأمر بها فتقطع ، فإن كانت نبتت لغرس غرسها ، وإن كانت لدواء كتب ، حتى نبتت الخروبة ، فقال لها : ما أنت ؟ قالت : الخروبة ، قال : لأي شيء نبت ؟ قالت : لخراب مسجدك ، فقال سليمان : ما كان الله ليخربه وأنا حي ، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس ! فنزعها وغرسها في حائط له ، ثم قال : اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب ، وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء ويعلمون ما في غد ، ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه فمات قائما وكان للمحراب كوى بين يديه وخلفه ، فكانت الجن يعملون تلك الأعمال الشاقة التي كانوا يعملون في حياته ، وينظرون إليه يحسبون أنه حي ، ولا ينكرون احتباسه عن الخروج إلى الناس لطول صلاته قبل ذلك ، فمكثوا يدأبون له بعد موته حولا كاملا حتى أكلت الأرضة عصا سليمان ، فخر ميتا فعلموا بموته .
قال ابن عباس : فشكرت الجن الأرضة فهم يأتونها بالماء والطين في جوف الخشب ، فذلك قوله : ( ما دلهم على موته إلا دابة الأرض ) وهي الأرضة ( تأكل منسأته ) يعني : عصاه ، قرأ أهل المدينة ، وأبو عمرو : " منساته " بغير همز ، وقرأ الباقون بالهمز ، وهما لغتان ، ويسكن ابن عامر الهمز ، وأصلها من : نسأت الغنم ، أي : زجرتها وسقتها ، ومنه : نسأ الله في أجله ، أي : أخره .
( فلما خر ) أي : سقط على الأرض ( تبينت الجن ) أي : علمت الجن وأيقنت ( أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) أي : في التعب والشقاء مسخرين لسليمان وهو ميت يظنونه حيا ، أراد الله بذلك أن يعلم الجن أنهم لا يعلمون الغيب ، لأنهم كانوا يظنون أنهم يعلمون الغيب ، لغلبة الجهل . وذكر الأزهري : أن معنى " تبينت الجن " ، أي : ظهرت وانكشفت الجن للإنس ، أي : ظهر أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب ، لأنهم كانوا قد شبهوا على الإنس ذلك ، وفي قراءة ابن مسعود ، وابن عباس : تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ، أي : علمت الإنس وأيقنت ذلك .
وقرأ يعقوب : " تبينت " بضم التاء وكسر الياء [ أي : أعلمت الإنس الجن ، ذكر بلفظ ما لم يسم فاعله ، " وتبين " لازم ومتعد .
وذكر أهل التاريخ أن سليمان كان عمره ثلاثا وخمسين سنة ، ومدة ملكه أربعون سنة ، وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وابتدأ في بناء بيت المقدس لأربع سنين مضين من ملكه .
- ابن كثير : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
يذكر تعالى كيفية موت سليمان ، عليه السلام ، وكيف عمى الله موته على الجان المسخرين له في الأعمال الشاقة ، فإنه مكث متوكئا على عصاه - وهي منسأته - كما قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة وغير واحد - مدة طويلة نحوا من سنة ، فلما أكلتها دابة الأرض ، وهي الأرضة ، ضعفت وسقط إلى الأرض ، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة - تبينت الجن والإنس أيضا أن الجن لا يعلمون الغيب ، كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك .
قد ورد في ذلك حديث مرفوع غريب ، وفي صحته نظر ، قال ابن جرير :
حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا موسى بن مسعود أبو حذيفة ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن عطاء ، عن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان سليمان نبي الله ، عليه السلام ، إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما اسمك ؟ فتقول : كذا . فيقول : لأي شيء أنت ؟ فإن كانت لغرس غرست ، وإن كانت لدواء كتبت . فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه ، فقال لها : ما اسمك ؟ قالت : الخروب . قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا البيت . فقال سليمان : اللهم ، عم على الجن موتتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب . فنحتها عصا ، فتوكأ عليها حولا ميتا ، والجن تعمل . فأكلتها الأرضة ، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا [ حولا ] في العذاب المهين " .
قال : وكان ابن عباس يقرؤها كذلك قال : " فشكرت الجن الأرضة ، فكانت تأتيها بالماء " .
وهكذا رواه ابن أبي حاتم ، من حديث إبراهيم بن طهمان ، به . وفي رفعه غرابة ونكارة ، والأقرب أن يكون موقوفا ، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني له غرابات ، وفي بعض حديثه نكارة .
وقال السدي ، في حديث ذكره عن أبي مالك عن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كان سليمان يتحرر في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين ، وأقل من ذلك وأكثر ، يدخل طعامه وشرابه ، فأدخله في المرة التي توفي فيها ، وكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة ، فيأتيها فيسألها ، فيقول : ما اسمك ؟ فتقول : اسمي كذا وكذا . فإن كانت لغرس غرسها ، وإن كانت نبت دواء قالت : نبت دواء لكذا وكذا . فيجعلها كذلك ، حتى نبتت شجرة يقال لها : الخروبة ، فسألها : ما اسمك ؟ فقالت : أنا الخروبة . قال : ولأي شيء نبت ؟ قالت : نبت لخراب هذا المسجد . قال سليمان : ما كان الله ليخربه وأنا حي ؟ أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس . فنزعها وغرسها في حائط له ، ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه ، فمات ولم تعلم به الشياطين ، وهم في ذلك يعملون له ، يخافون أن يخرج فيعاقبهم . وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب ، وكان المحراب له كوى بين يديه وخلفه ، فكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقول : ألست جلدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب ؟ فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر ، فدخل شيطان من أولئك فمر ، ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان في المحراب إلا احترق . فمر ولم يسمع صوت سليمان ، ثم رجع فلم يسمع ، ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق . ونظر إلى سليمان ، عليه السلام قد سقط ميتا . فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات . ففتحوا عنه فأخرجوه . ووجدوا منسأته - وهي : العصا بلسان الحبشة - قد أكلتها الأرضة ، ولم يعلموا منذ كم مات ؟ فوضعوا الأرضة على العصا ، فأكلت منها يوما وليلة ، ثم حسبوا على ذلك النحو ، فوجدوه قد مات منذ سنة . وهي في قراءة ابن مسعود : فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا ، فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبونهم ولو أنهم علموا الغيب ، لعلموا بموت سليمان ولم يلبثوا في العذاب يعملون له سنة ، وذلك قول الله عز وجل : ( ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) . يقول : تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم ، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة : لو كنت تأكلين الطعام أتيناك بأطيب الطعام ، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب ، ولكنا سننقل إليك الماء والطين - قال : فهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت - قال : ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب ؟ فهو ما تأتيها به الشياطين ، شكرا لها .
وهذا الأثر - والله أعلم - إنما هو مما تلقي من علماء أهل الكتاب ، وهي وقف ، لا يصدق منها إلا ما وافق الحق ، ولا يكذب منها إلا ما خالف الحق ، والباقي لا يصدق ولا يكذب .
وقال ابن وهب وأصبغ بن الفرج ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ) قال : قال سليمان عليه السلام لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني . فأتاه فقال : يا سليمان ، قد أمرت بك ، قد بقيت لك سويعة . فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ، وليس له باب ، فقام يصلي فاتكأ على عصاه ، قال : فدخل عليه ملك الموت ، فقبض روحه وهو متكئ على عصاه ، ولم يصنع ذلك فرارا من ملك الموت . قال : والجن يعملون بين يديه وينظرون إليه ، يحسبون أنه حي . قال : فبعث الله ، عز وجل دابة الأرض . قال : والدابة تأكل العيدان - يقال لها : القادح - فدخلت فيها فأكلتها ، حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت ، وثقل عليها فخر ميتا ، فلما رأت ذلك الجن انفضوا وذهبوا . قال : فذلك قوله : ( ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ) . قال أصبغ : بلغني عن غيره أنها قامت سنة تأكل منها قبل أن يخر . وقد ذكر غير واحد من السلف نحوا من هذا ، والله أعلم .
- القرطبى : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
قوله تعالى : فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين .
قوله تعالى : فلما قضينا عليه الموت أي فلما حكمنا على سليمان بالموت حتى صار كالأمر المفروغ منه ووقع به الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته وذلك أنه كان متكئا على المنسأة ( وهي العصا بلسان الحبشة في قول السدي . وقيل : هي بلغة اليمن ، ذكره القشيري ) فمات كذلك وبقي خافي الحال إلى أن سقط ميتا لانكسار العصا لأكل الأرضة إياها ، فعلم موته بذلك ، فكانت الأرضة دالة على موته ، أي سببا لظهور موته ، وكان سأل الله تعالى ألا يعلموا بموته حتى تمضي عليه سنة . واختلفوا في سبب سؤاله لذلك على قولين : أحدهما ما قاله قتادة وغيره ، قال : كانت الجن تدعي علم الغيب ، فلما مات سليمان عليه السلام وخفي موته عليهم تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ابن مسعود : أقام حولا والجن تعمل بين يديه حتى أكلت الأرضة منسأته فسقط . ويروى أنه لما سقط لم يعلم منذ مات ; فوضعت الأرضة على العصا فأكلت منها يوما وليلة ثم حسبوا على ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة . وقيل : كان رؤساء الجن سبعة ، وكانوا منقادين لسليمان عليه السلام ، وكان داود عليه السلام أسس بيت المقدس فلما مات أوصى إلى سليمان في إتمام مسجد بيت المقدس ، فأمر سليمان الجن به ; فلما دنا وفاته قال لأهله : لا تخبروهم بموتي حتى يتموا بناء المسجد ، وكان بقي لإتمامه سنة . وفي الخبر أن ملك الموت كان صديقه فسأله عن آية موته فقال : أن تخرج من موضع سجودك شجرة يقال لها الخرنوبة ، فلم يكن يوم يصبح فيه إلا تنبت في بيت المقدس شجرة فيسألها : ما اسمك ؟ فتقول الشجرة : اسمي كذا وكذا ; فيقول : ولأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا ولكذا ; فيأمر بها فتقطع ، ويغرسها في بستان له ، ويأمر بكتب منافعها ومضارها واسمها وما تصلح له في الطب ; فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة نبتت بين يديه فقال لها : ما اسمك ؟ قالت : الخرنوبة ; قال : ولأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا المسجد ، فقال سليمان : ما كان الله ليخربه وأنا حي ، أنت التي على وجهك هلاكي وهلاك بيت المقدس ! فنزعها وغرسها في حائطه ثم قال : اللهم عم عن الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب . وكانت الجن تخبر أنهم يعلمون من الغيب أشياء ، وأنهم يعلمون ما في غد ; ثم لبس كفنه وتحنط ودخل المحراب وقام يصلي واتكأ على عصاه على كرسيه ، فمات ولم تعلم الجن إلى أن مضت سنة وتم بناء المسجد .
قال أبو جعفر النحاس : وهذا أحسن ما قيل في الآية ، ويدل على صحته الحديث المرفوع ، روى إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كان نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيسألها ما اسمك ؟ فإن كانت لغرس غرست وإن كانت لدواء كتبت ; فبينما هو يصلي ذات يوم إذا شجرة نابتة بين يديه قال : ما اسمك ؟ قالت : الخرنوبة ; فقال : لأي شيء أنت ؟ فقالت : لخراب هذا البيت ; فقال : اللهم عم الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب ; فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا لا يعلمون فسقطت ، فعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب فنظروا مقدار ذلك فوجدوه سنة ) . وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس ( تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ) . وقرأ يعقوب في رواية رويس ( تبينت الجن ) غير مسمى الفاعل . ونافع وأبو عمرو ( تأكل منساته ) بألف بين السين والتاء من غير همز . والباقون بهمزة مفتوحة موضع الألف ، لغتان ، إلا أن ابن ذكوان أسكن الهمزة تخفيفا ، قال الشاعر في ترك الهمزة :
إذا دببت على المنساة من كبر فقد تباعد عنك اللهو والغزل
وقال آخر فهمز وفتح :
ضربنا بمنسأة وجهه فصار بذاك مهينا ذليلا
وقال آخر :
أمن أجل حبل لا أباك ضربته بمنسأة قد جر حبلك أحبلا
وقال آخر فسكن همزها :
وقائم قد قام من تكأته كقومة الشيخ إلى منسأته
وأصلها من : نسأت الغنم أي زجرتها وسقتها ، فسميت العصا بذلك لأنه يزجر بها الشيء ويساق . وقال طرفة :
أمون كألواح الإران نسأتها على لاحب كأنه ظهر برجد
فسكن همزها . قال النحاس : واشتقاقها يدل على أنها مهموزة ; لأنها مشتقة من نسأته أي أخرته ودفعته فقيل لها منسأة لأنها يدفع بها الشيء ويؤخر . وقال مجاهد وعكرمة : هي العصا ، ثم قرأ ( منساته ) أبدل من الهمزة ألفا ، فإن قيل : البدل من الهمزة قبيح جدا وإنما يجوز في الشعر على بعد وشذوذ ، وأبو عمرو بن العلاء لا يغيب عنه مثل هذا لا سيما وأهل المدينة على هذه القراءة . فالجواب على هذا أن العرب استعملت في هذه الكلمة البدل ونطقوا بها هكذا كما يقع البدل في غير هذا ولا يقاس عليه حتى قال أبو عمرو : ولست أدري ممن هو إلا أنها غير مهموزة لأن ما كان مهموزا فقد يترك همزه وما لم يكن مهموزا لم يجز همزه بوجه . المهدوي : ومن قرأ بهمزة ساكنة فهو شاذ بعيد ; لأن هاء التأنيث لا يكون ما قبلها إلا متحركا أو ألفا ، لكنه يجوز أن يكون ما سكن من المفتوح استخفافا ، ويجوز أن يكون لما أبدل الهمزة ألفا على غير قياس قلب الألف همزة كما قلبوها في قولهم العألم والخأتم ، وروي عن سعيد بن جبير ( من ) مفصولة ( سأته ) مهموزة مكسورة التاء ; فقيل : إنه من سئة القوس في لغة من همزها ، وقد روي همز سية القوس عن رؤبة . قال الجوهري : سية القوس ما عطف من طرفيها ، والجمع سيات ، والهاء عوض عن الواو ، والنسبة إليها سيوي . قال أبو عبيدة : كان رؤبة يهمز ( سية القوس ) وسائر العرب لا يهمزونها . وفي دابة الأرض قولان : أحدهما : أنها الأرضة ; قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما . وقد قرئ ( دابة الأرض ) بفتح الراء ، وهو جمع الأرضة ; ذكره الماوردي . الثاني : أنها دابة تأكل العيدان . قال الجوهري : والأرضة ( بالتحريك ) : دويبة تأكل الخشب ; يقال : أرضت الخشبة تؤرض أرضا ( بالتسكين ) فهي مأروضة إذا أكلتها .
قوله تعالى : فلما خر أي سقط تبينت الجن قال الزجاج : أي تبينت الجن موته .
وقال غيره : المعنى تبين أمر الجن ; مثل : واسأل القرية . وفي التفسير بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس قال : أقام سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام حولا لا يعلم بموته وهو متكئ على عصاه ، والجن منصرفة فيما كان أمرها به ، ثم سقط بعد حول ; فلما خر تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين . وهذه القراءة من ابن عباس على جهة التفسير . وفي الخبر : أن الجن شكرت ذلك للأرضة فأينما كانت يأتونها بالماء . قال السدي : والطين ، ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فإنه مما يأتيها به الشياطين شكرا ; وقالت : لو كنت تأكلين الطعام والشراب لأتيناك بهما . و ( أن ) في موضع رفع على البدل من الجن ، والتقدير : تبين أمر الجن ، فحذف المضاف ، أي تبين وظهر للإنس وانكشف لهم أمر الجن أنهم لا يعلمون الغيب . وهذا بدل الاشتمال . ويجوز أن تكون في موضع نصب على تقدير حذف اللام . ( ما لبثوا ) أقاموا . في العذاب المهين السخرة والحمل والبنيان وغير ذلك .
وعمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة ، ومدة ملكه أربعون سنة ; فملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وابتدأ في بنيان بيت المقدس وهو ابن سبع عشرة سنة . وقال السدي وغيره : كان عمر سليمان سبعا وستين سنة ، وملك وهو ابن سبع عشرة سنة . وابتدأ في بنيان بيت المقدس وهو ابن عشرين سنة ، وكان ملكه خمسين سنة . وحكي أن سليمان عليه السلام ابتدأ بنيان بيت المقدس في السنة الرابعة من ملكه ، وقرب بعد فراغه منه اثني عشر ألف ثور ومائة وعشرين ألف شاة ، واتخذ اليوم الذي فرغ فيه من بنائه عيدا ، وقام على الصخرة رافعا يديه إلى الله تعالى بالدعاء فقال : اللهم أنت وهبت لي هذا السلطان وقويتني على بناء هذا المسجد ، اللهم فأوزعني شكرك على ما أنعمت علي وتوفني على ملتك ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، اللهم إني أسألك لمن دخل هذا المسجد خمس خصال : لا يدخله مذنب دخل للتوبة إلا غفرت له وتبت عليه . ولا خائف إلا أمنته . ولا سقيم إلا شفيته . ولا فقير إلا أغنيته . والخامسة : ألا تصرف نظرك عمن دخله حتى يخرج منه ; إلا من أراد إلحادا أو ظلما ، يا رب العالمين ; ذكره الماوردي .
قلت : وهذا أصح مما تقدم أنه لم يفرغ بناؤه إلا بعد موته بسنة ، والدليل على صحة هذا ما خرج النسائي وغيره بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالا ثلاثة : حكما يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله تعالى ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه ، وسأل الله تعالى حين فرغ من بنائه المسجد ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرج من خطيئته كيوم ولدته أمه وقد ذكرنا هذا الحديث في ( آل عمران ) وذكرنا بناءه في ( سبحان ) .
- الطبرى : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)
يقول تعالى ذكره: فلما أمضينا قضاءنا على سليمان بالموت فمات (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ) يقول: لم يدل الجن على موت سليمان (إِلا دَابَّةُ الأرْضِ) وهي الأرضة وقعت في عصاه التي كان متكئًا عليها فأكلتها، فذلك قول الله عز وجل (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني ابن المثنى وعلي قالا ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ) يقول: الأرضة تأكل عصاه.
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قال: عصاه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (إِلا دَابَّةُ الأرْضِ) قال: الأرضة (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قال: عصاه.
حدثني محمد بن عمارة قال ثنا عبد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أَبي يحيى عن مجاهد (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قال: عصاه.
حدثنا ابن بشار قال ثنا ابن عثمة قال ثنا سعيد بن بشير عن قتادة في قوله (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) أكلت عصاه حتى خرَّ.
حدثنا موسى بن هارون قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط عن السدي المنسأة: العصا بلسان الحبشة.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: المنسأة العصا.
واختلفت القراء في قراءة قوله (مِنْسَأَتَهُ) فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل البصرة (مِنْسَاتَهُ) غير مهموزة، وزعم من اعتل لقارىء ذلك كذلك من أهل البصرة أن المنساة: العصا، وأن أصلها من نسأت بها الغنم، قال: وهي من الهمز الذي تركته العرب، كما تركوا همز النبي والبرية والخابية، وأنشد لترك الهمز في ذلك بيتا لبعض الشعراء:
إذا دَبَبْـتَ عـلى المِنسـاةِ مـن هَـرَمٍ
فقــدْ تَبَـاعَد عنـكَ اللَّهـوُ والغَـزَلُ (11)
وذكر الفراء عن أَبي جعفر الرَّوَاسي أنه سأل عنها أبا عمرو فقال: (مِنْسَاتَهُ) بغير همز.
وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة (مِنْسَأَتَهُ) بالهمز، وكأنهم وجهوا ذلك إلى أنها مِفْعَلة من نسأت البعير: إذا زجرته ليزداد سيره، كما يقال نسأت اللبن: إذا صببت (12) عليه الماء وهو النسيء، وكما يقال: نسأ الله في أجلك أي أدام (13) الله في أيام حياتك.
قال أَبو جعفر: وهما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، وإن كنت أختار الهمز فيها لأنه الأصل.
وقوله (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ) يقول عز وجل: فلما خر سليمان ساقطًا بانكسار منسأته تبينت الجن (أنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) الذي يدعون علمه (مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) المذل حولا كاملا بعد موت سليمان، وهم يحسبون أن سليمان حي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن منصور قال ثنا موسى بن مسعود أَبو حذيفة قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " كَانَ سُلَيمانُ نبيُّ اللهِ إذَا صَلَّى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها ما اسمك؟ فتقول كذا، فيقول لأي شيء أنت؟ فإن كانت تُغْرَسُ غُرسَت، وإن كان لدواءٍ كُتبتْ، فبينما هو يصلي ذاتَ يَومٍ إذ رأى شجرةً بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخروب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، فقال سليمان: اللهم عمِّ على الجن موتي؛ حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنَحَتَها عصا فتوكَّأ عليها حولا ميتًا، والجن تعمل، فأكلتها الأرضة، فسقط، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ". قال: وكان ابن عباس يقرؤها كذلك، قال: فشكرت الجن للأرضة فكانت تأتيها بالماء.
حدثنا موسى بن هارون قال ثنا عمرو قال ثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أَبي مالك وعن أَبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " كان سليمان يتجرد (14) في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، يَدخل طعامه (15) وشرابه، فدخله في المرة التي مات فيها، وذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه، إلا تنبت فيه شجرة، فيسألها: ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا، فيقول لها: لأي شيء نبت، فتقول: نبت لكذا وكذا. فيأمر بها فتقطع؛ فإن كانت نبتت لغرس غرسها، وإن كانت نبتت لدواء قالت: نبت دواء لكذا وكذا، فيجعلها كذلك، حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة، فسألها ما اسمك؟ فقالت له: أنا الخروبة، فقال: لأي شيء نبتِّ، قالت: لخراب هذا المسجد، قال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حي، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس، فنـزعها وغرسها في حائط له ثم دخل المحراب، فقام يصلي متكئًا على عصاه، فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك، وهم يعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم، وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وكان المحراب له كُوىً بين يديه وخلفه، وكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقول: ألست جلدًا إن دخلت، فخرجت من الجانب الآخر، فدخل شيطان من أولئك فمر، ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان في المحراب إلا احترق، فمر ولم يسمع صوت سليمان عليه السلام ، ثم رجع فلم يسمع، ثم رجع فوقع في البيت فلم يحترق، ونظر إلى سليمان قد سقط فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه ووجدوا منسأته، وهي العصا بلسان الحبشة قد أكلتها الأرضة، ولم يعلموا منذ كم مات، فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت منها يومًا وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد مات منذ سنة ". وهي في قراءة ابن مسعود: فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا كاملا فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبونهم، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان ولم يلبثوا في العذاب سنة يعملون له، وذلك قول الله ( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) يقول: تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة: لو كنت تأكلين الطعام أتيناك بأطيب الطعام، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب، ولكنا سننقل إليك الماء والطين، فالذي يكون في جوف الخشب فهو ما تأتيها به الشياطين شكرًا لها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كانت الجن تخبر الإنس أنهم كانوا يعلمون من الغيب أشياء، وأنهم يعلمون ما في غد، فابتلوا بموت سليمان، فمات فلبث سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته، وهم مسخرون تلك السنة يعملون دائبين ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) ولقد لبثوا يدأبون، ويعملون له حولا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ) قال: قال سليمان لملك الموت: يا ملك الموت إذا أمرت بي فأعلمني، قال: فأتاه فقال: يا سليمان قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحًا من قوارير، ليس له باب فقام يصلي واتكأ على عصاه، قال: فدخل عليه ملك الموت فقبض روحه وهو متكىء على عصاه، ولم يصنع ذلك فرارًا من ملك الموت، قال: والجن تعمل بين يديه وينظرون إليه يحسبون أنه حي، قال: فبعث الله دابة الأرض، قال: دابة تأكل العيدان يقال لها القادح، فدخلت فيها فأكلتها، حتى إذا أكلت جوف العصا، ضعفت وثقل عليها فخر ميتًا، قال: فلما رأت الجن ذلك انفضوا وذهبوا، قال: فذلك قوله ( مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ) قال: والمنسأة: العصا.
حدثنا ابن حميد قال ثنا جرير عن عطاء قال: كان سليمان بن داود يصلي، فمات وهو قائم يصلي والجن يعملون لا يعلمون بموته، حتى أكلت الأرضة عصاه فخر وأن في قوله (أَنْ لَوْ كَانُوا) في موضع رفع بـ" تَبَيَّن "، لأن معنى الكلام: فلما خر تبين وانكشف، أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
وأما على التأويل الذي تأوله ابن عباس من أن معناه: تبينت الإنس الجن، فإنه ينبغي أن يكون في موضع نصب بتكريرها على الجن، وكذلك يجب على هذه القراءة أن تكون الجن منصوبة، غير أني لا أعلم أحدًا من قراء الأمصار يقرأ ذلك بنصب الجن، ولو نصب كان في قوله (تَبَيَّنتِ) ضمير من ذكر الإنس.
------------------------
الهوامش:
(11) البيت من شواهد أَبي عبيدة في (مجاز القرآن، الورقة 198 - ب) والرواية فيه "حبيت" في موضع "دببب". وفي هامشه بخط الناسخ: (رواية: دببب). قال أبو عبيدة: (تأكل منسأته): وهي العصا: من نسأت بها الغنم. وهو من المهموز الذي تركت العرب الهمزة من أسمائها، ويهمزون الفعل منها، كما تركوا همزة النبي والبرية والخالية، وهو من أنبأت، ومن برأت، وخبأت. قال: "إذا حببت على المنساة ..." البيت. وبعضهم يهمزها فيقول: منسأة. ا . هـ. والبيت في (اللسان: نسأ) وروايته: "إذا دببب ..." البيت. وقال قبل ذلك: والمنسأة: العصا؛ يهمز، ولا يهمز. ينسأ بها. وأبدلوا إبدالا كليا، فقالوا منساة. وأصلها الهمز، ولكنها بدل لازم حكاه سيبويه. وقد قرئ بهما جميعا. قال الفراء في قوله عز وجل: (تأكل منسأته) وهي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي. أخذت من نسأت البعير إذا زجرته ليزداد سيره. كما يقال نسأت اللبن إذا صببت عليه الماء. وهو النسئ.
(12) كذا في (معاني القرآن للفراء الورقة 261) وفي الأصل: صدرت بتحريف.
(13) لعله: أطال.
(14) في العرائس للثعلبي (طبعة الحلبي 326) قال ابن عباس وغيره: كان سليمان يحتجب في بيت المقدس ... إلخ.
(15) في العرائس: يدخل فيه بطعامه ... إلخ.
- ابن عاشور : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)
تفريع على قوله : { ومن الجن من يعمل بين يديه } إلى قوله : { وقدور راسيات } [ سبأ : 12 ، 13 ] أي دام عملهم له حتى مات { فلما قضينا عليه الموت } إلى آخره . ولا شك أن ذلك لم يطل وقتُه لأن مثله في عظمةِ ملكه لا بد أن يفتقده أتباعُه ، فجملة { ما دلهم على موته } الخ جواب «لمَّا قضينا عليه الموت» .
وضمير { دلهم } يعود إلى معلوم من المقام ، أي أهلَ بَلاطه .
والدلالة : الإِشْعار بأمر خفيّ . وتقدم ذلك عند قوله تعالى : { وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل } [ سبأ : 7 ] .
و { دابة الأرض } هي الأَرَضَة ( بفتحات ثلاث ) وهي السُّرْفة بضم السين وسكون الراء وفتح الفاء لا محالة وهاء تأنيث : سوس ينخر الخشب . فالمراد من الأرض مصدرُ أَرَضَت السُّرفَة الخَشَبَ من باب ضَرب ، وقد سخر الله لمنساة سليمان كثيراً من السُرْف فتعَجَّل لها النخر .
وجملة { فلما خر } مفرعة على جملة { ما دلهم على موته } . وجملة { تبينت الجن } جواب «لمّا خرّ» . والمِنساة بكسر الميم وفتحها وبهمزة بعد السين ، وتخفَّفُ الهمزة فتصير ألفاً هي العَصا العظيمة ، قيل : هي كلمة من لغة الحبشة .
وقرأ نافع وأبو عَمرو بألف بعد السين . وقرأه ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف وهشام عن ابن عامر بهمزة مفتوحة بعد السين . وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر بهمزة ساكنة بعد السين تخفيفاً وهو تخفيف نادر .
وقرأ الجمهور : { تبينت الجن } بفتح الفوقية والموحدة والتحتية . وقرأه رُويس عن يعقوب بضم الفوقية والموحدة وكسر التحتية بالبناء للمفعول ، أي تبين الناس الجنّ . و { أن لو كانوا يعلمون } بدل اشتمال من الجن على كلتا القراءتين .
وقوله : { تبينت الجن } إسنادُ مُبهم فصَّله قوله : { أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين } ف { أَن } مصدرية والمصدر المنسبك منها بدل من { الجن } بدلَ اشتمال ، أي تبينت الجنُّ للناس ، أي تبين أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب ، أي تبين عدم علمهم الغيب ، ودليل المحذوف هو جملة الشرط والجواب .
و { العذاب المهين } : المذل ، أي المؤلم المتعب فإنهم لو علموا الغيب لكان علمهم بالحاصل أزَليًّا ، وهذا إبطال لاعتقاد العامة يومئذٍ وما يعتقده المشركون أن الجن يعلمون الغيب فلذلك كان المشركون يستعلِمون المغيبات من الكهان ، ويزعمون أن لكل كاهن جِنِّيًّا يأتيه بأخبار الغيب ، ويسمونه رَئيًّا إذ لو كانوا يعلمون الغيب لكان أن يعلموا وفاة سليمان أهونَ عليهم .
- إعراب القرآن : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
«فَلَمَّا» الفاء استئنافية ولما ظرفية «قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ» ماض وفاعله ومفعوله والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما والجملة مستأنفة «ما» نافية «دَلَّهُمْ» ماض ومفعوله والجملة لا محل لها لأنها جواب لما «عَلى مَوْتِهِ» متعلقان بالفعل «إِلَّا» أداة حصر «دَابَّةُ» فاعل دلهم «الْأَرْضِ» مضاف إليه «تَأْكُلُ» مضارع فاعله مستتر والجملة في محل نصب على الحال «مِنْسَأَتَهُ» مفعول به والمنسأة العصا التي يساق بها «فَلَمَّا» عاطفة ولما ظرف زمان أداة شرط غير جازمة «خَرَّ» ماض فاعله مستتر والجملة مضاف إليه «تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ» ماض وفاعله والتاء للتأنيث والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم «أَنْ» مخففة من أن واسمها محذوف «لَوْ» حرف شرط غير جازم «كانُوا» كان واسمها والجملة خبر أن «يَعْلَمُونَ» الجملة خبر كان «الْغَيْبَ» مفعول به «ما» نافية «لَبِثُوا» ماض وفاعله والجملة لا محل لها لأنها جواب لو غير الجازمة «فِي الْعَذابِ» متعلقان بلبثوا «الْمُهِينِ» صفة ، وهذه الآية دليل عظيم على أن الغيب لا يعلمه إلا اللّه وفيها رد على الدجالين والعرافين
الذين يزعمون أنهم يعرفون الغيب وهم يستعينون بالشياطين والشياطين محجوبون عن الغيب فلو كانوا يعلمون بموت سليمان عليه السلام لما استمروا في خدمته.
- English - Sahih International : And when We decreed for Solomon death nothing indicated to the jinn his death except a creature of the earth eating his staff But when he fell it became clear to the jinn that if they had known the unseen they would not have remained in humiliating punishment
- English - Tafheem -Maududi : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ(34:14) When We executed Our decree of death on Solomon, nothing indicated to the jinn that he was dead except a worm eating away his staff. So when Solomon fell down, the jinn realised *23 that had they known what lies in the realm beyond perception, they would not have continued to be in this humiliating chastisement. *24
- Français - Hamidullah : Puis quand Nous décidâmes sa mort il n'y eut pour les avertir de sa mort que la bête de terre qui rongea sa canne Puis lorsqu'il s'écroula il apparut de toute évidence aux djinns que s'ils savaient vraiment l'inconnu ils ne seraient pas restés dans le supplice humiliant [de la servitude]
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und als Wir für ihn den Tod bestimmt hatten wies sie auf sein Ableben nur das Tier der Erde hin das seinen Stab fraß Als er dann niederstürzte wurde den Ginn klar daß sie wenn sie das Verborgene gewußt nicht weiter in der schmachvollen Strafe verweilt hätten
- Spanish - Cortes : Y cuando decretamos su muerte no tuvieron más indicio de ella que la carcoma que se puso a roer su cayado Y cuando se desplomó vieron claramente los genios que si hubieran conocido lo oculto no habrían permanecido tanto tiempo en el humillante castigo
- Português - El Hayek : E quando dispusemos sobre sua morte de Salomão só se aperceberam dela em virtude dos cupins que lhe roíam ocajado; e quando tombou os gênios souberam que se estivessem de posse do incognoscível não permaneceriam noafrontoso castigo
- Россию - Кулиев : Когда же Мы предписали ему умереть они узнали об этом лишь благодаря земляному червю который источил его посох Когда же он упал джинны уяснили что если бы они знали сокровенное то не оставались бы в унизительных мучениях
- Кулиев -ас-Саади : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
Когда же Мы предписали ему умереть, они узнали об этом лишь благодаря земляному червю, который источил его посох. Когда же он упал, джинны уяснили, что если бы они знали сокровенное, то не оставались бы в унизительных мучениях.Джинны обманывали людей и убеждали их в том, что им ведомо все незримое и сокровенное. Всевышний Аллах решил разъяснить людям истину и изобличить лживость утверждений бесов и дьяволов. Джинны продолжали отстраивать царство Сулеймана, когда Аллах пожелал забрать его душу. В этот момент Сулейман сидел, опираясь на свой посох, и после того, как он скончался, его тело осталось в таком же положении. Джинны со страхом и трепетом проходили мимо его тела и даже не предполагали, что Сулейман уже умер. Говорят, что это продолжалось в течение целого года. В конце концов, земляной червь источил посох Сулеймана, и его безжизненное тело упало наземь. Джинны разошлись, а людям стало ясно, что если бы им было ведомо сокровенное, то они не пребывали бы в унизительных мучениях. Воистину, джинны прислуживали Сулейману вопреки своему желанию, и если бы они ведали о сокровенном, то поняли бы, что он уже скончался, тем более что они более всего на свете жаждали его смерти, чтобы освободиться от унизительного рабства.
- Turkish - Diyanet Isleri : Süleyman'ın ölümüne hükmettiğimiz zaman ancak değneğini yiyen kurt onun ölümünü cinlere farkettirdi O ölü olarak yere düşünce ortaya çıktı ki şayet cinler görülmeyeni bilmiş olsalardı alçak düşüren bir azap içinde kalmazlardı
- Italiano - Piccardo : Quando poi decidemmo che morisse fu solo la “bestia della terra” che li avvertì della sua morte rosicchiando il suo bastone Poi quando cadde ebbero la prova i dèmoni che se avessero conosciuto l'invisibile non sarebbero rimasti nel castigo avvilente
- كوردى - برهان محمد أمين : کاتێ که بریاری مردنی سولهیمانماندا پهرییهکان نهیانزانی که مردووه تا مۆرانه گۆچانهکهی کلۆر کرد کاتێ که کهوت ئهوسا پهرییهکان بۆیان دهرکهوت که ئهگهر غهیب زان و نهێنیزان بوونانیه ئاوا له کارو فرمانی ناخۆشدا بهردهوام نهدهبوون ههر که زانیان سولهیمان وهفاتی کردووه دهستیان له کار ههڵدهگرت
- اردو - جالندربرى : پھر جب ہم نے ان کے لئے موت کا حکم صادر کیا تو کسی چیز سے ان کا مرنا معلوم نہ ہوا مگر گھن کے کیڑے سے جو ان کے عصا کو کھاتا رہا۔ جب عصا گر پڑا تب جنوں کو معلوم ہوا اور کہنے لگے کہ اگر وہ غیب جانتے ہوتے تو ذلت کی تکلیف میں نہ رہتے
- Bosanski - Korkut : A kad smo odredili da umre crv koji je bio rastočio štap njegov – upozorio ih je da je umro i kad se on srušio džini shvatiše da ne bi na muci sramnoj ostali da su budućnost prozreti mogli
- Swedish - Bernström : När Vi hade beslutat om [Salomos] död antydde ingenting för dem att han var död utom det att en mask gnagde sönder hans stav Och [först] när han föll till marken insåg de osynliga väsendena att om de hade vetat det som är dolt för [alla] skapade varelser hade de inte [behövt] fortsätta sitt förödmjukande straffarbete
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Maka tatkala Kami telah menetapkan kematian Sulaiman tidak ada yang menunjukkan kepada mereka kematiannya itu kecuali rayap yang memakan tongkatnya Maka tatkala ia telah tersungkur tahulah jin itu bahwa kalau sekiranya mereka mengetahui yang ghaib tentulah mereka tidak akan tetap dalam siksa yang menghinakan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
(Maka tatkala Kami telah menetapkan terhadapnya) terhadap Sulaiman (kematian) ia mati dalam keadaan diam berdiri bertopang pada tongkatnya selama setahun penuh. Para jin masih tetap melakukan pekerjaan-pekerjaan yang berat sebagaimana biasanya, karena mereka tidak menduga bahwa Nabi Sulaiman telah mati. Ketika rayap menggerogoti tongkatnya lalu tongkat itu patah, kemudian Nabi Sulaiman jatuh terjungkal maka menjadi nyatalah kematiannya di mata para jin itu (tidak ada yang menunjukkan kepada mereka kematiannya itu kecuali rayap) lafal Al Ardhu adalah bentuk Mashdar dari lafal Uridhatul Khasyabatu, artinya kayu itu digerogoti oleh rayap (yang memakan tongkatnya) lafal Minsa-atahuu dapat pula dibaca Minsaatahuu, yakni tongkatnya, dinamakan demikian karena tongkat itu dipakai untuk mengusir dan menghardik. (Maka, tatkala ia telah tersungkur) dalam keadaan telah mati (tahulah jin itu) yakni jelaslah bagi mereka (bahwa) "an" berasal dari Anna yang kemudian ditakhfifkan, asalnya Annahum (kalau sekiranya mereka mengetahui yang gaib) antara lain ialah apa yang gaib di mata mereka tentang kematian Nabi Sulaiman (tentulah mereka tidak akan tetap dalam siksa yang menghinakan) kerja berat yang selama ini mereka lakukan, karena mereka menduga bahwa Nabi Sulaiman masih tetap hidup, berbeda halnya jika mereka mengetahui ilmu gaib. Mereka baru mengetahui kematiannya setelah satu tahun berdasarkan perhitungan masa yang diperkirakan jika sebuah tongkat dimakan rayap, sejak sehari semalam sesudah kematiannya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : যখন আমি সোলায়মানের মৃত্যু ঘটালাম তখন ঘুণ পোকাই জিনদেরকে তাঁর মৃত্যু সম্পর্কে অবহিত করল। সোলায়মানের লাঠি খেয়ে যাচ্ছিল। যখন তিনি মাটিতে পড়ে গেলেন তখন জিনেরা বুঝতে পারল যে অদৃশ্য বিষয়ের জ্ঞান থাকলে তারা এই লাঞ্ছনাপূর্ণ শাস্তিতে আবদ্ধ থাকতো না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அவர் ஸுலைமான் மீது நாம் மரணத்தை விதித்த போது அவர் இறந்து விட்டார் என்பதை அவர் சாய்ந்திருந்த தடியை அரித்து விட்ட நிலத்தின் பூச்சி கரையானைத் தவிர வேறெதுவும் அந்த ஜின்களுக்கு அறிவிக்கவில்லை அவர் கீழே விழவே "தாங்கள் மறைவான விஷயங்களை அறிந்திருக்கக் கூடுமானால் கடின உழைப்பாகிய இழிவுதரும் வேதனையில் தாங்கள் தரி பட்டிந்திருக்க வேண்டியதில்லை" என்று ஜின்களுக்கு தெளிவாக தெரிந்தது
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : ครั้นเมื่อเราได้กำหนดความตายแก่เขา มิได้มีสิ่งใดบ่งชี้แก่พวกเขาถึงความตายของเขา นอกจากปลวกใต้ดินแทะกินไม้เท้าของเขา ดังนั้น เมื่อเขาล้มลงพวกญินก็รู้อย่างชัดแจ้งว่า หากพวกเขารู้ในสิ่งพ้นญาณวิสัยแล้ว พวกเขาจะไม่ต้องมาทนทุกข์ทรมานที่น่าอดสูเช่นนี้
- Uzbek - Мухаммад Содик : Қачонки Биз уСулаймонга ўлимни ҳукм этганимизда уларга унинг ўлими ҳақида асосини еяётган ёғоч қуртидан бошқа ҳеч бир нарса далолат қилмади Қачонки у йиқилганда жинларга агар улар ғайбни билганларида хорловчи азобда қолмаган бўлишлари аён бўлди Аллоҳ таоло Сулаймон алайҳиссаломнинг жонларини у киши жинларни ишлатиб қўйиб асоларига суяниб турганларида олган Жинлар эса Сулаймон кузатиб турибди деб ишларида давом этаверганлар Аллоҳ таолонинг иродаси билан бир ёғоч қурти Сулаймон алайҳиссалом суяниб турган асони маълум миқдорда еганидан кейин асо жойидан сурилган ва Сулаймоннинг алайҳиссалом жуссалари ерга йиқилган Жинлар шундагина ўз даъволарига қарши ўлароқ ғайб илмини билмасликларини тушуниб етганлар
- 中国语文 - Ma Jian : 我决定他死亡的时候,只有持他的手杖的柱虫,指示他们他已经死了。当他倒下的时候,精灵们恍然大悟:假若他们能知幽玄,那末,他们未曾逗留在凌辱的刑罚中。
- Melayu - Basmeih : Setelah Kami tetapkan berlakunya kematian Nabi Sulaiman tidak ada yang menunjukkan kepada mereka tentang kematiannya melainkan semut putih anaianai yang telah memakan tongkatnya Maka apabila ia tumbang ternyatalah kepada golongan jin itu bahawa kalaulah mereka sedia mengetahui perkara yang ghaib nescaya mereka tidak tinggal sedemikian lamanya di dalam azab kerja berat yang menghina
- Somali - Abduh : Markaan geerida ku xukunay Nabi suleymaan wax tusiyey geeridiisa ma jiro oon ahayn aboorka cunay ushiisa markuu dhacay yaa waxaa u cadaaday jinigii hadey waxa maqan ogyihiin ineyna ku nagaadeen cadaab wax duleeya shaqadiisa darteed
- Hausa - Gumi : Sa'an nan a lõkacin da Muka hukunta mutuwa a kansa bãbu abin da ya ja hankalinsu a kan mutuwarsa fãce dabbar ƙasa gara wadda take cin sandarsa To a lõkacin da ya fãɗi sai aljannu suka bayyana ga mutãne cẽwa dã sun kasance sun san gaibi dã ba su zauna ba a cikin azãba mai wulãkantarwa
- Swahili - Al-Barwani : Na tulipo mhukumia kufa hapana aliye wajuulisha kufa kwake ila mnyama wa ardhi aliye kula fimbo yake Na alipo anguka majini walitambua lau kuwa wangeli jua ya ghaibu wasingeli kaa katika adhabu hiyo ya kufedhehesha
- Shqiptar - Efendi Nahi : E kur Ne atij ia caktuam vdekjen atyre nuk u dha shenjë askush për vdekjen e tij pos krimbit të drurit i cili ia brejti shkopin Dhe pasi u rrëzua Sulejmani iu shkatërrua shkopi u bë e qartë se xhindët – sikur ta dinin të padukshmen vdekjen e tij nuk do të mbetnin në dënimin e poshtëruar
- فارسى - آیتی : چون حكم مرگ را بر او رانديم حشرهاى از حشرات زمين مردم را بر مرگش آگاه كرد: عصايش را جويد. چون فرو افتاد، ديوها دريافتند كه اگر علم غيب مىدانستند، در آن عذاب خواركننده نمىماندند.
- tajeki - Оятӣ : Чун ҳукми маргро бар ӯ рондем, ҳашарае аз ҳашароти замин мардумро бар маргаш огоҳ кард, асояшро (як сол) хоид. Чун фурӯ афтод, дегҳо дарёфтанд, ки агар илми ғайб медонистанд, дар он азоби хоркунанда намемонданд.
- Uyghur - محمد صالح : سۇلەيماننىڭ ۋاپاتىنى ھۆكۈم قىلغىنىمىزدا (يەنى ئۇنى ۋاپات قىلدۇرغىنىمىزدا) سۇلەيماننىڭ ئۆلگەنلىكىدىن جىنلارنى پەقەت ئۇنىڭ ھاسىسىنى يېگەن قۇرۇتلار خەۋەردار قىلدى. سۇلەيمان (ھاسىسىنى قۇرۇت يەپ) يىقىلغان چاغدا جىنلارغا ئېنىق بولدىكى، ئەگەر ئۇلار غەيبنى بىلىدىغان بولسا ئىدى، خار قىلغۇچى ئازابتا (يەنى شۇنچە ئۇزاق ۋاقىت ئېغىر ئەمگەكتە) قالمىغان بولاتتى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : പിന്നീട് സുലൈമാന്ന് നാം മരണം വിധിച്ചു. അപ്പോള് ആരും ആ മരണം ജിന്നുകളെ അറിയിച്ചില്ല. അദ്ദേഹത്തിന്റെ ഊന്നുവടി തിന്നുകൊണ്ടിരുന്ന ചിതലുകളൊഴികെ. അങ്ങനെ സുലൈമാന് നിലം പതിച്ചപ്പോള് ജിന്നുകള്ക്ക് ബോധ്യമായി; തങ്ങള്ക്ക് അഭൌതിക കാര്യങ്ങള് അറിയുമായിരുന്നെങ്കില് അപമാനകരമായ ഈ ദുരവസ്ഥയില് കഴിഞ്ഞുകൂടേണ്ടിവരില്ലായിരുന്നുവെന്ന്.
- عربى - التفسير الميسر : فلما قضينا على سليمان بالموت ما دل الجن على موته الا الارضه تاكل عصاه التي كان متكئا عليها فوقع سليمان على الارض عند ذلك علمت الجن انهم لو كانوا يعلمون الغيب ما اقاموا في العذاب المذل والعمل الشاق لسليمان ظنا منهم انه من الاحياء وفي الايه ابطال لاعتقاد بعض الناس ان الجن يعلمون الغيب اذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاه سليمان عليه السلام ولما اقاموا في العذاب المهين
*23) Another meaning of the sentence can be: "The true state and condition of the jinns became clear and exposed. " According to the first meaning, it will mean: "The jinns realized that their claim to havc the knowledge of the unseen was wrong. " According to the second, it will mean: "The people who thought that the jinns possessed the knowledge of the unseen, came to know that they had no such knowledge. "
*24) Some modern commentators havc interpreted it as follows: As the Prophet Solomon's son, Rehoboam, was unworthy and given to luxurious living and surrounded by flatterers, he could not sustain the heavy burden of responsibility that fell on his shoulders after the death of his great father. A short time after his succession, the kingdom collapsed, and the frontier` tribes (i. e. , of the jinns) whom the Prophet Solomon had subdued by his mighty power, rebelled and broke away. But this interpretation does not at all conform to the words of the Qur'an. The scene depicted by the words of the Qur'an is somewhat like this: Death came to the Prophet Solomon in a state when he was standing or sitting with-the support of a staff. His body stood in place due to the staff, and the jinns continued to perform their duties and services, thinking that he was living. At last, when the wood-louse started eating away the staff and it became hollow from within, the Prophet Solomon's body fell down; then the jinns realized that he had died. After all, why should this clear and unambiguous description of the event be construed to mean that the wood-louse implied the unworthiness of the Prophet Solomon's son, and the staff implied his power and authority and the falling down of his body implied the disintegration of his kingdom? Had Allah meant to say all this, there was no dearth of the words in the vast Arabic language. The Qur'an, in fact, has nowhere used such enigmatic language. How could the common Arabs, who were its first addressees, have solved this riddle?
Then, the most absurd part of this interpretation is that according to it the jinns imply the people of the frontier tribes whom the Prophet Solomon had subdued to perform certain services under him. The question is, which of these tribes had claimed to have the knowledge of the unseen, and whom did the mushriks regard as the knower of the unseen? A person who reads the last words of the verse with open eyes can himself see that jinn here necessarily implies a group of beings who either had themselves made a claim to have the knowledge of the unseen, or who, the people believed, had the knowledge of the unseen; and the secret of this group's being ignorant and unaware of the unseen became disclosed when they continued to serve the Prophet Solomon under the impression that he was living, whereas he had died. This statement of the Qur'an was enough to induce an honest person to revise his this opinion that the jinn imply the frontier tribes, but the people who feel shy of admitting the existence of the hidden creation called the jinn before the materialistic world stilt insist on this interpretation of theirs in spite of the plain meaning of the Qur'an.
At several places in the Qur'an Allah tells that the mushriks of Arabia regarded the jinns as the associates of Allah, and as His children, and used to seek their refuge: "They set up the jinns as partners with AIlah. whereas He has created them. " (Al-An'am:100). "And they have invented a blood-relationship between Allah and the jinns." (As-Saffat: 1S8). "And that, some people from among the men used to seek refuge with some people from among the jinns." (AI-Jinn: 6).
One of their beliefs was that they regarded the jinns as the knowers of the unseen and hidden. and used to turn to them to obtain knowledge of the hidden things. Allah has related this event here in order to repudiate this belief and to make the Arabs realize that they are following the false creeds of ignorance without any valid reason, whereas the fact is that chest beliefs are absolutely baseless. (For further explanation, see E.N. 63 below).