- عربي - نصوص الآيات عثماني : ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَٰبًا مُّتَشَٰبِهًا مَّثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِى بِهِۦ مَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنْ هَادٍ
- عربى - نصوص الآيات : الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ۚ ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ۚ ومن يضلل الله فما له من هاد
- عربى - التفسير الميسر : الله تعالى هو الذي نزل أحسن الحديث، وهو القرآن العظيم، متشابهًا في حسنه وإحكامه وعدم اختلافه، تثنى فيه القصص والأحكام، والحجج والبينات، تقشعر من سماعه، وتضطرب جلود الذين يخافون ربهم؛ تأثرًا بما فيه مِن ترهيب ووعيد، ثم تلين جلودهم وقلوبهم؛ استبشارًا بما فيه من وعد وترغيب، ذلك التأثر بالقرآن هداية من الله لعباده. والله يهدي بالقرآن من يشاء مِن عباده. ومن يضلله الله عن الإيمان بهذا القرآن؛ لكفره وعناده، فما له مِن هاد يهديه ويوفقه.
- السعدى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
يخبر تعالى عن كتابه الذي نزله أنه { أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } على الإطلاق، فأحسن الحديث كلام اللّه، وأحسن الكتب المنزلة من كلام اللّه هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن، علم أن ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها، وأن معانيه، أجل المعاني، لأنه أحسن الحديث في لفظه ومعناه، متشابها في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف، بوجه من الوجوه. حتى إنه كلما تدبره المتدبر، وتفكر فيه المتفكر، رأى من اتفاقه، حتى في معانيه الغامضة، ما يبهر الناظرين، ويجزم بأنه لا يصدر إلا من حكيم عليم، هذا المراد بالتشابه في هذا الموضع.
وأما في قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } فالمراد بها، التي تشتبه على فهوم كثير من الناس، ولا يزول هذا الاشتباه إلا بردها إلى المحكم، ولهذا قال: { مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } فجعل التشابه لبعضه، وهنا جعله كله متشابها، أي: في حسنه، لأنه قال: { أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } وهو سور وآيات، والجميع يشبه بعضه بعضا كما ذكرنا.
{ مَثَانِيَ } أي: تثنى فيه القصص والأحكام، والوعد والوعيد، وصفات أهل الخير، وصفات أهل الشر، وتثنى فيه أسماء اللّه وصفاته، وهذا من جلالته، وحسنه، فإنه تعالى، لما علم احتياج الخلق إلى معانيه المزكية للقلوب، المكملة للأخلاق، وأن تلك المعاني للقلوب، بمنزلة الماء لسقي الأشجار، فكما أن الأشجار كلما بعد عهدها بسقي الماء نقصت، بل ربما تلفت، وكلما تكرر سقيها حسنت وأثمرت أنواع الثمار النافعة، فكذلك القلب يحتاج دائما إلى تكرر معاني كلام اللّه تعالى عليه، وأنه لو تكرر عليه المعنى مرة واحدة في جميع القرآن، لم يقع منه موقعا، ولم تحصل النتيجة منه، ولهذا سلكت في هذا التفسير هذا المسلك الكريم، اقتداء بما هو تفسير له، فلا تجد فيه الحوالة على موضع من المواضع، بل كل موضع تجد تفسيره كامل المعنى، غير مراع لما مضى مما يشبهه، وإن كان بعض المواضع يكون أبسط من بعض وأكثر فائدة، وهكذا ينبغي للقارئ للقرآن، المتدبر لمعانيه، أن لا يدع التدبر في جميع المواضع منه، فإنه يحصل له بسبب ذلك خير كثير، ونفع غزير.
ولما كان القرآن العظيم بهذه الجلالة والعظمة، أثَّر في قلوب أولي الألباب المهتدين، فلهذا قال تعالى: { تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } لما فيه من التخويف والترهيب المزعج، { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } أي: عند ذكر الرجاء والترغيب، فهو تارة يرغبهم لعمل الخير، وتارة يرهبهم من عمل الشر.
{ ذَلِكَ } الذي ذكره اللّه من تأثير القرآن فيهم { هُدَى اللَّهِ } أي: هداية منه لعباده، وهو من جملة فضله وإحسانه عليهم، { يَهْدِي بِهِ } أي: بسبب ذلك { مَنْ يَشَاءُ } من عباده. ويحتمل أن المراد بقوله: { ذَلِكَ } أي: القرآن الذي وصفناه لكم.
{ هُدَى اللَّهِ } الذي لا طريق يوصل إلى اللّه إلا منه { يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } ممن حسن قصده، كما قال تعالى { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ }
{ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } لأنه لا طريق يوصل إليه إلا توفيقه والتوفيق للإقبال على كتابه، فإذا لم يحصل هذا، فلا سبيل إلى الهدى، وما هو إلا الضلال المبين والشقاء.
- الوسيط لطنطاوي : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
ثم مدح - سبحانه - كتابه مدحا يليق به ، وبين حال المؤمنين الصادقين عند سماعه ، وسلى نبيه صلى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه . فقال - تعالى - :
( الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً . . . ) .
قوله - تعالى - : " مثانى " جمع مثنى من التثنية بمعنى التكرار والإِعادة ولذا سميت سورة الفاتحة بالسبع المثانى ، لأنها تكرر وتعاد مع كل صلاة .
أى : الله - تعالى - نزل بفضله ورحمته عليك - يا محمد - أحسن الحديث ( كِتَاباً مُّتَشَابِهاً ) أى : يشبه بعضه بعضا فى فصاحته وبلاغته ، وفى نظمه وإعجازه ، وفى صحة معانيه وأحكامه ، وفى صدقه وهداياته وإرشاداته إلى ما يسعد الناس فى دنياهم وآخرتهم . . .
" مثانى " أى : تثنى وتكرر فيه القصص والمواعظ ، والأمثال والأحكام والوعد والوعيد ، كما تثنى وتكرر قراءاته فلا تمل على كثرة الترداد ، وإنما يزداد المؤمنون حبا وتعلقا بتلاوته كلما أكثروا من هذه التلاوة .
وسمى - سبحانه - كتابه حديثا ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحدث به قومه ، ويخبرهم بما كان ينزل عليه منه . فلفظ الحديث هنا بمعنى المحدث به لا بمعنى كونه مقابلا للقديم .
ولفظ ( كتابا ) بدل من قوله ( أَحْسَنَ الحديث ) وقوله : ( مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ ) صفتان للكتاب .
ووصف بهما وهو مفرد وكلمة ( مثانى ) جمع ، باعتبار اشتماله على الكثير من السور والآيات والقصص والمواعظ والأحكام .
أى : الله - تعالى - أنزل أحسن الحديث كتابا مشتملا على السور والآيات والمواعظ . . . التى يشبه بعضها فى الإِعجاز . . والتى تثنى وتكرر فلا تمل على كثرة التكرار . .
ورحم الله صاحب الكشاف فقد أجاد عند تفسيره لهذه الآية فقال له ما ملخصه : " وإيقاع اسم مبتدأ ، وبناء ( نزل ) عليه ، فيه تفخيم لأحسن الحديث ورفع منه ، واستشهاد على حسنه ، وتأكيد لاستناده إلى الله ، وأنه من عنده ، وأن مثله لا يجوز أن يصدر إلا عنه ، وتنبيه على أنه وحى معجز مباين لسائر الأحاديث .
فإن قلت : كيف وصف الواحد بالجمع؟ قلت : إنما صح ذلك لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل ، وتفاصيل الشئ هى جملته لا غير ، ألا تراك تقول : القرآن سور وآيات . . . كما تقول الإِنسان عظام وعروق ، فإن قلت : ما فائدة التثنية والتكرير؟ قلت : النفوس أنفر شئ عن حديث الوعظ والنصيحة ، فما لم يكرر عليها عودا عن بدء لم يرسخ فيها ، ولم يعمل عمله ، ومن ثم كانت عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح ثلاث مرات ، ليركزه فى قلوبهم ، كى يغرسه فى صدورهم . . .
وقوله - تعالى - : ( تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله . . . ) .
استئناف مسوق لبيان آثار هذا القرآن الكريم فى نفوس قارئيه وسامعيه بعد بيان أوصافه فى ذاته .
وقوله "
تقشعر " من الاقشعرار ، وهو الانقياض الشديد للبدن . يقال : اقشعر جسد فلان ، إذا انقبض جلده واهتز . . . وهو هنا كناية عن الخوف الشديد من الله - تعالى - .أى : أن هذا الكتاب العظيم عندما يقرؤه أو يسمعه المؤمنون الصادقون الذين يخشون ربهم تقشعر جلودهم من شدة ما اشتمل عليه من زواجر ونذر . ثم تلين جلودهم وقلوبهم إذا ما قرأوا أو استمعوا إلى آيات الرحمة والمغفرة .
قال الجمل : "
فإن قلت : لم ذكرت الجلود وحدها أولا ثم قرنت القلوب بها ثانيا؟ .قلت : ذكر الخشية التى تحملها القلوب مستلزم لذكر القلوب ، فكأنه قيل : تقشعر جلودهم وتخشى قلوبهم فى أول الأمر ، فإذا ذكروا الله - تعالى - وذكروا رحمته وسعتها ، استبدلوا بالخشية رجاء فى قلوبهم ، وبالقشعريرة لينا فى جلودهم . .
والخلاصة أن من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين ، أنهم يجمعون عند قراءتهم أو سماعهم للقرآن الكريم بين الخوف والرجاء ، الخوف من عذاب الله - تعالى - والرجاء فى رحمته ومغفرته ، إذ أن إقشعرار الجلود كناية عن الخوف الشديد ، ولين الجلود والقلوب كناية عن السرور والارتياح ، وعدى الفعل " تلين " بإلى لتضمينه معنى تسكن وتطمئن .
ومفعول ( ذِكْرِ الله ) محذوف للعلم به ، أى : ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله رحمته وثوابه وجنته .
قال ابن كثير ما ملخصه : هؤلاء المؤمنون يخالفون غيرهم من وجوه :
أحدها : أن سماع هؤلاء تلاوة الآيات ، وسماع أولئك نغمات الأبيات .
الثانى : أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ، بأدب وخشية ورجاء ومحبة وفهم وعلم ، ولم يكونوا - كغيرهم - متشاغلين لاهين عنها .
الثالث : أنهم يلزمون الأدب عند سماعها . . . . ولم يكونوا يتصارخون ويتكلفون ما ليس فيهم .
قال قتادة عند قراءة لهذه الآية : هذا نعت أولياء الله ، نعتهم الله بأنهم تقشعر جلودهم وتبكى أعينهم ، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم ، والغشيان عليهم ، إنما هذا فى أهل البدع ، وهذا من الشيطان . . .
واسم الإِشارة فى قوله - تعالى - : ( ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) يعود إلى الكتاب الذى مرت أوصافه ، وأوصاف القارئين له والمستمعين إليه .
أى : ذلك الكتاب العظيم المشتمل على أحسن الإرشادات وأحكمها ، هدى الله الذى يهدى بسببه من يشاء من عباده إلى الصراط المستقيم ، ومن يضلله - سبحانه - عن طريق الحق ، فماله من هاد يهديه إلى هذا الطريق القويم .
- البغوى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
قوله عز وجل : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها ) يشبه بعضه بعضا في الحسن ، ويصدق بعضه بعضا ليس فيه تناقض ولا اختلاف . ) ( مثاني ) يثنى فيه ذكر الوعد والوعيد ، والأمر والنهي ، والأخبار والأحكام ، ) ( تقشعر ) تضطرب وتشمئز ، ( منه جلود الذين يخشون ربهم ) والاقشعرار تغير في جلد الإنسان عند الوجل والخوف ، وقيل : المراد من الجلود القلوب ، أي : قلوب الذين يخشون ربهم . ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) أي : لذكر الله ، أي : إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرت جلود الخائفين لله ، وإذا ذكرت آيات الرحمة لانت وسكنت قلوبهم ، كما قال الله تعالى : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ( الرعد - 28 ) .
وحقيقة المعنى : أن قلوبهم تقشعر من الخوف ، وتلين عند الرجاء .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد ، حدثنا موسى بن محمد بن علي ، حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أم كلثوم بنت العباس ، عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها " .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد ، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا الليث بن سعد ، حدثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد بهذا الإسناد ، وقال : " إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله حرمه الله على النار " .
قال قتادة : هذا نعت أولياء الله نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم وتطمئن قلوبهم بذكر الله ، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم ، إنما ذلك في أهل البدع ، وهو من الشيطان .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، ثنا ابن شيبة ، حدثنا حمدان بن داود ، حدثنا سلمة بن شيبة ، حدثنا خلف بن سلمة ، حدثنا هشيم عن حصين عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر : كيف كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن ؟ قالت : كانوا كما نعتهم الله - عز وجل - تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم ، قال : فقلت لها : إن ناسا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خر أحدهم مغشيا عليه ، فقالت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
وبه عن سليمان بن سلمة ثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنا ابن عمر : مر برجل من أهل العراق ساقطا فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : إنه إذا قرئ عليه القرآن أو سمع ذكر الله سقط ، قال ابن عمر : إنا لنخشى الله وما نسقط !
وقال ابن عمر : إن الشيطان ليدخل في جوف أحدهم ، ما كان هذا صنيع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - .
وذكر عن ابن سيرين : الذين يصرعون إذ قرئ عليهم القرآن ؟ فقال : بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطا رجليه ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره ، فإن رمى بنفسه فهو صادق .
) ( ذلك ) يعني : أحسن الحديث ، ( هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد ) .
- ابن كثير : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
هذا مدح من الله - عز وجل - لكتابه القرآن العظيم المنزل على رسوله الكريم ، قال الله تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ) قال مجاهد : يعني القرآن كله متشابه مثاني .
وقال قتادة : الآية تشبه الآية ، والحرف يشبه الحرف .
وقال الضحاك : ( مثاني ) ترديد القول ليفهموا عن ربهم - عز وجل - .
وقال عكرمة ، والحسن : ثنى الله فيه القضاء - زاد الحسن : تكون السورة فيها آية ، وفي السورة الأخرى آية تشبهها .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( مثاني ) مردد ، ردد موسى في القرآن ، وصالح وهود والأنبياء ، عليهم السلام ، في أمكنة كثيرة .
وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( مثاني ) قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ، ويرد بعضه على بعض .
وقال بعض العلماء : ويروى عن سفيان بن عيينة معنى قوله : ( متشابها مثاني ) أن سياقات القرآن تارة تكون في معنى واحد ، فهذا من المتشابه ، وتارة تكون بذكر الشيء وضده ، كذكر المؤمنين ثم الكافرين ، وكصفة الجنة ثم صفة النار ، وما أشبه هذا ، فهذا من المثاني ، كقوله تعالى : ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) [ الانفطار : 14 ، 13 ] ، وكقوله ( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ) [ المطففين : 7 ] ، إلى أن قال : ( كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ) [ المطففين : 18 ] ، ( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب ) ، إلى أن قال : ( هذا وإن للطاغين لشر مآب ) ، ونحو هذا من السياقات فهذا كله من المثاني ، أي : في معنيين اثنين ، وأما إذا كان السياق كله في معنى واحد يشبه بعضه بعضا ، فهو المتشابه وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) [ آل عمران : 7 ] ، ذاك معنى آخر .
وقوله : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) أي هذه صفة الأبرار ، عند سماع كلام الجبار ، المهيمن العزيز الغفار ، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد . والتخويف والتهديد ، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف ، ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه ، فهم مخالفون لغيرهم من الكفار من وجوه :
أحدها : أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات ، وسماع أولئك نغمات لأبيات ، من أصوات القينات .
الثاني : أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ، بأدب وخشية ، ورجاء ومحبة ، وفهم وعلم ، كما قال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) [ الأنفال : 2 - 4 ] وقال تعالى : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) [ الفرقان : 73 ] أي : لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها ، بل مصغين إليها ، فاهمين بصيرين بمعانيها ; فلهذا إنما يعملون بها ، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم [ أي يرون غيرهم قد سجد فيسجدون تبعا له ] . .
الثالث : أنهم يلزمون الأدب عند سماعها ، كما كان الصحابة ، رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقشعر جلودهم ، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله . لم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم ، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك ; ولهذا فازوا بالقدح المعلى في الدنيا والآخرة .
قال عبد الرزاق : حدثنا معمر قال : تلا قتادة ، رحمه الله : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) قال : هذا نعت أولياء الله ، نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم ، وتبكي أعينهم ، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم ، إنما هذا في أهل البدع ، وهذا من الشيطان .
وقال السدي : ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) أي : إلى وعد الله . وقوله : ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ) أي : هذه صفة من هداه الله ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ممن أضله الله ، ( ومن يضلل الله فما له من هاد ) [ الرعد : 33 ] .
- القرطبى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
قوله تعالى : الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد .
فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : الله نزل أحسن الحديث يعني القرآن . لما قال : " فيتبعون أحسنه " بين أن أحسن ما يسمع ما أنزله الله وهو القرآن . قال سعد بن أبي وقاص قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو حدثتنا ، فأنزل الله - عز وجل - : الله نزل أحسن الحديث فقالوا : لو قصصت علينا ، فنزل : " نحن نقص عليك أحسن القصص " فقالوا : لو ذكرتنا ، فنزل : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله الآية . وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملوا ملة فقالوا له : حدثنا فنزلت . والحديث ما يحدث به المحدث . وسمي القرآن حديثا ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحدث به أصحابه وقومه ، وهو كقوله : فبأي حديث بعده يؤمنون وقوله : " أفمن هذا الحديث تعجبون " وقوله : إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا وقوله : ومن أصدق من الله حديثا وقوله : فذرني ومن يكذب بهذا الحديث قال القشيري : وتوهم قوم أن الحديث من الحدوث ، فيدل على أن كلامه محدث ، وهو وهم ; لأنه لا يريد لفظ الحديث على ما في قوله : " ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث " وقد قالوا : إن الحدوث يرجع إلى التلاوة لا إلى المتلو ، وهو كالذكر مع المذكور إذا ذكرنا أسماء الرب تعالى .
" كتابا " نصب على البدل من " أحسن الحديث " ويحتمل أن يكون حالا منه . " متشابها " يشبه بعضه بعضا في الحسن والحكمة ويصدق بعضه بعضا ، ليس فيه تناقض ولا اختلاف . وقال قتادة : يشبه بعضه بعضا في الآي والحروف . وقيل : يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه ، لما يتضمنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب ، وإن كان أعم وأعجز .
ثم وصفه فقال : " مثاني " تثنى فيه القصص والمواعظ والأحكام ، وثني للتلاوة فلا يمل . " تقشعر " تضطرب وتتحرك بالخوف مما فيه من الوعيد . " ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " أي عند آية الرحمة . وقيل : إلى العمل بكتاب الله والتصديق به . وقيل : إلى ذكر الله يعني الإسلام .
الثانية : عن أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما قالت : كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم الله ، تدمع أعينهم ، وتقشعر جلودهم . قيل لها : فإن أناسا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خر أحدهم مغشيا عليه . فقالت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . وقال سعيد بن عبد الرحمن الجمحي : مر ابن عمر برجل من أهل القرآن ساقط ، فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : إنه إذا قرئ عليه القرآن وسمع ذكر الله سقط . فقال ابن عمر : إنا لنخشى الله وما نسقط . ثم قال : إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم ، ما كان هذا صنيع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . وقال عمر بن عبد العزيز : ذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن ، فقال : بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطا رجليه ، ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره فإن رمى بنفسه فهو صادق . وقال أبو عمران الجوني : وعظ موسى - عليه السلام - بني إسرائيل ذات يوم فشق رجل قميصه ، فأوحى الله إلى موسى : قل لصاحب القميص لا يشق قميصه ؛ فإني لا أحب المبذرين ، يشرح لي عن قلبه .
الثالثة : قال زيد بن أسلم : قرأ أبي بن كعب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أصحابه فرقوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة . وعن العباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا اقشعر جلد المؤمن من مخافة الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة البالية ورقها . وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما اقشعر جلد عبد من خشية الله إلا حرمه الله على النار . وعن شهر بن حوشب عن أم الدرداء قالت : إنما الوجل في قلب الرجل كاحتراق السعفة ، أما تجد إلا قشعريرة ؟ قلت : بلى ، قالت : فادع الله ؛ فإن الدعاء عند ذلك مستجاب . وعن ثابت البناني قال : قال فلان : إني لأعلم متى يستجاب لي . قالوا : ومن أين تعلم ذلك ؟ قال : إذا اقشعر جلدي ، ووجل قلبي ، وفاضت عيناي ، فذلك حين يستجاب لي . يقال : اقشعر جلد الرجل اقشعرارا فهو مقشعر والجمع قشاعر ، فتحذف الميم لأنها زائدة ، يقال أخذته قشعريرة . قال امرؤ القيس :
فبت أكابد ليل التما م والقلب من خشية مقشعر
وقيل : إن القرآن لما كان في غاية الجزالة والبلاغة ، فكانوا إذا رأوا عجزهم عن معارضته ، اقشعرت الجلود منه إعظاما له ، وتعجبا من حسن ترصيعه وتهيبا لما فيه ، وهو كقوله تعالى : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله فالتصدع قريب من الاقشعرار ، والخشوع قريب من قوله : ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ومعنى لين القلب رقته وطمأنينته وسكونه .
ذلك هدى الله أي القرآن هدى الله . وقيل : أي : الذي وهبه الله لهؤلاء من خشية عقابه ورجاء ثوابه هدى الله .
ومن يضلل الله فما له من هاد أي من خذله فلا مرشد له . وهو يرد على القدرية وغيرهم . وقد مضى معنى هذا كله مستوفى في غير موضع والحمد لله . ووقف ابن كثير وابن محيصن على قوله : " هاد " في الموضعين بالياء ، الباقون بغير ياء .
- الطبرى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)
يقول تعالى ذكره: ( اللَّهُ نـزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا ) يعني به القرآن ( مُتَشَابِهًا ) يقول: يشبه بعضه بعضا, لا اختلاف فيه, ولا تضادّ.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( اللَّهُ نـزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا ) الآية تشبه الآية, والحرف يشبه الحرف.
حدثنا محمَّد قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( كِتَابًا مُتَشَابِهًا ) قال: المتشابه: يشبه بعضه بعضا.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جُبَير, في قوله: ( كِتَابًا مُتَشَابِهًا ) قال: يشبه بعضه بعضا, ويصدّق بعضه بعضا, ويدلّ بعضه على بعض.
وقوله: ( مَثَانِيَ ) يقول: تُثنى فيه الأنباء والأخبار والقضاء والأحكام والحجج.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله: ( اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ) قال: ثنى الله فيه القضاء, تكون السورة فيها الآية في سورة أخرى آية تشبهها, وسئل عنها عكرمة (1) .
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ) قال: في القرآن كله.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( مَثَانِيَ ) قال: ثَنَى الله فيه الفرائض, والقضاء, والحدود.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( مَثَانِيَ ) قال: كتاب الله مثاني, ثنى فيه الأمر مرارا.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, فى قوله: ( مَثَانِيَ ) قال: كتاب الله مثاني, ثَنى فيه الأمر مرارا.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( مَثَانِيَ ) ثنى في غير مكان.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( مَثَانِيَ ) مردّد, رُدِّد موسى في القرآن وصالح وهود والأنبياء في أمكنة كثيرة.
وقوله: ( تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) يقول تعالى ذكره: تقشعرّ من سَماعه إذا تلي عليهم جلود الذين يخافون ربهم ( ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) يعني إلى العمل بما في كتاب الله, والتصديق به.
وذُكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من أجل أن أصحابه سألوه الحديث.
ذكر الرواية بذلك:
حدثنا نصر بن عبد الرحمن الأودي, قال: ثنا حكام بن سلم, عن أيوب بن موسى, عن عمرو الملئي عن ابن عباس, قالوا: يا رسول الله لو حدثتنا؟ قال: فنـزلت: ( اللَّهُ نـزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ).
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن, عن عمرو بن قيس, قال: قالوا: يا نبي الله, فذكر مثله.
( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي يصيب هؤلاء القوم الذين وصفت صفتهم عند سماعهم القرآن من اقشعرار جلودهم, &; 21-281 &; ثم لينها ولين قلوبهم إلى ذكر الله من بعد ذلك,( هُدَى اللَّهِ ) يعني: توفيق الله إياهم وفَّقهم له ( يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ) يقول: يهدي تبارك وتعالى بالقرآن من يشاء من عباده.
وقد يتوجَّه معنى قوله: ( ذَلِكَ هُدَى ) إلى أن يكون ذلك من ذكر القرآن, فيكون معنى الكلام: هذا القرآن بيان الله يهدي به من يشاء, يوفق للإيمان به من يشاء.
وقوله: ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) يقول تعالى ذكره: ومن يخذله الله عن الإيمان بهذا القرآن والتصديق بما فيه, فيضله عنه, فما له من هاد، يقول: فما له من مُوَفِّق له, ومسدد يسدده في اتباعه.
------------------
الهوامش :
(1) الذي في الدر: وسئل عنها عكرمة، فقال: ثنى الله فيه القضاء.
- ابن عاشور : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)
{ الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كتابا متشابها مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله } .
استئناف بياني نشأ بمناسبة المضادة بين مضمون جملة { فَوَيْلٌ للقاسِيةِ قُلوبهم من ذِكر الله } [ الزمر : 22 ] . ومضمون هذه الجملة وهو أن القرآن يُلين قلوب الذين يخشون ربهم لأن مضمون الجملة السابقة يثير سؤال سائل عن وجه قسوة قلوب الضالين من ذكر الله فكانت جملة { الله نَزَّلَ أحْسَنَ الحدِيثِ } إلى قوله : { مِنْ هَادٍ } مُبينة أن قساوة قلوب الضالّين من سماع القرآن إنما هي لرَيْن في قلوبهم وعقولهم لا لنقص في هدايته . وهذا كما قال تعالى في سورة البقرة { هدى للمتقين } ثم قال : { إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم } [ البقرة : 6 7 ] .
وهذه الجملة تكميل للتنويه بالقرآن المفتتح به غرض السورة وسيقفى بثناء آخر عند قوله : { ولقد ضربْنَا للنَّاسسِ في هذا القُرءَاننِ من كل مَثَل لعلَّهُم يتذَكَّرُونَ } [ الزمر : 27 ] الآية ، ثم بقوله : { إنَّا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق } [ الزمر : 41 ] ثم بقولِه : { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } [ الزمر : 55 ] .
وافتتاح الجملة باسم الجلالة يؤذن بتفخيم أحسن الحديث المنزل بأن منزّله هو أعظم عظيم ، ثم الإِخبار عن اسم الجلالة بالخبر الفعلي يدل على تقوية الحُكم وتحقيقه على نحو قولهم : هو يعطي الجزيل ، ويفيد مع التقوية دلالة على الاختصاص ، أي اختصاص تنزيل الكتاب بالله تعالى ، والمعنى : الله نزّل الكتاب لا غيرُه وضَعه ، ففيه إثبات أنه منزّل من عالم القدس ، وذلك أيضاً كناية عن كونه وحياً من عند الله لا من وضع البشر . فدلت الجملة على تقوَ واختصاص بالصراحة ، وعلى اختصاص بالكناية ، وإذ أخذ مفهوم القصْر ومفهوم الكناية وهو المغاير لمنطوقهما كذلك يؤخذ مغاير التنزيل فعلاً يليق بوضع البشر ، فالتقدير : لا غير الله وضَعه ، ردّاً لقول المشركين : هو أساطير الأولين .
والتحقيق الذي درج عليه صاحب «الكشاف» في قوله تعالى : { اللَّه يستهزىء بهم } [ البقرة : 15 ] هو أن التقوى والاختصاص يجتمعان في إسناد الخبر الفعلي إلى المسند إليه ، ووافقه على ذلك شرّاح «الكشاف» .
ومفاد هذا التقديم على الخبر الفعلي فيه تحقيقٌ لما تضمنته الإِضافة من التعظيم لشأن المضاف في قوله تعالى : { مِن ذِكرِ الله } [ الزمر : 22 ] كما علمتَه آنفاً ، فالمراد ب { أحْسَنَ الحدِيثِ } عين المراد ب { ذِكرِ الله } وهو القرآن ، عدل عن ذكر ضميره لقصد إجراء الأوصاف الثلاثة عليه . وهي قوله : { كِتاباً مُتشابِهاً مثَاني تَقْشَعر منه جلودُ الذين يخشونَ ربَّهُم } الخ ، فانتصب { كِتاباً } على الحال من { أحْسَنَ الحدِيثِ } أو على البدلية من { أحْسَنَ الحدِيثِ } ، وانتصب { مُتَشَابهاً } على أنه نعتُ { كِتَاباً } .
الوصف الأول : أنه أحسن الحديث . أي أحسن الخبر ، والتعريف للجنس ، والحديث : الخبر ، سمي حديثاً لأن شأن الإِخبار أن يكون عن أمر حدث وجدّ .
سمي القرآن حديثاً باسم بعض ما اشتمل عليه من أخبار الأمم والوعد والوعيد . وأما ما فيه من الإِنشاء من أمر ونهي ونحوهما فإنه لما كان النبي صلى الله عليه وسلم مبلغَه للناس آل إلى أنه إخبار عن أمر الله ونهيه .
وقد سُمي القرآن حديثاً في مواضع كثيرة كقوله تعالى : { فبأي حديث بعده يؤمنون } في سورة [ الأعراف : 185 ] ، وقوله : { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } في سورة [ الكهف : 6 ] .
ومعنى كون القرآن أحسن الحديث أنه أفضل الأخبار لأنه اشتمل على أفضل ما تشتمل عليه الأخبار من المعاني النافعة والجامعة لأصول الإِيمان ، والتشريع ، والاستدلال ، والتنبيه على عظم العوالم والكائنات ، وعجائب تكوين الإِنسان ، والعقل ، وبثّ الآداب ، واستدعاء العقول للنظر والاستدلال الحق ، ومن فصاحة ألفاظه وبلاغة معانيه البالغَيْن حدّ الإعجاز ، ومن كونه مصدقاً لما تقدمه من كتب الله ومهيمناً عليها . وفي إسناد إنزاله إلى الله استشهاد على حسنه حيث نزّله العليم بنهاية محاسن الأخبار والذكر .
الوصف الثاني : أنه كتاب ، أي مجموع كلام مراد قراءته وتلاوته والاستفادة منه ، مأمور بكتابته ليبقى حجة على مرّ الزمان فإنّ جعل الكلام كتاباً يقتضي أهمية ذلك الكلام والعناية بتنسيقه والاهتمام بحفظه على حالته . ولما سمّى الله القرآن كتاباً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر كتَّاب الوحي من أصحابه أن يكتبوا كل آية تنزل من الوحي في الموضع المعيّن لها بَين أخواتها استناداً إلى أمر من الله ، لأن الله أشار إلى الأمر بكتابته في مواضع كثيرة من أولها قوله : { بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } [ البروج : 21 22 ] وقوله : { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون } [ الواقعة : 77 78 ] .
الصفة الثالثة : أنه متشابه ، أي متشابهة أجزاؤه متماثلة في فصاحة ألفاظها وشرف معانيها ، فهي متكافئة في الشرف والحسن ( وهذا كما قالوا : امرأة متناصفة الحسن ، أي أنصفَتْ صفاتُها بعضُها بعضاً فلم يزد بعضها على بعض ، قال ابن هرمة
إني غَرِضْتُ إلى تناصف وجهها ... غَرَض المحب إلى الحبيب الغائب
ومنه : قولهم وجه مقسّم ، أي متماثل الحسن ، كأن أجزاءه تقاسمت الحسن وتعادلته ، قال أرقم بن عِلباء اليَشكُري
: ... ويوماً توافينا بوجه مقسَّم
كأنْ ظبيةٌ تعطو إلى وَارِق السَّلَمْ ... أي بوجه قسّم الحسن على أجزائه أقساماً .
فمعانيه متشابهة في صحتها وأحكامها وابتنائها على الحق والصدق ومصادفة المحزّ من الحجة وتبكيت الخصوم وكونها صلاحاً للناس وهدى . وألفاظه متماثلة في الشرف والفصاحة والإِصابة للأغراض من المعاني بحيث تبلغ ألفاظه ومعانيه أقصى ما تحتمله أشرف لغة للبشر وهي اللغة العربية مفردات ونظماً ، وبذلك كان معجزاً لكل بليغ عن أن يأتي بمثله ، وفي هذا إشارة إلى أن جميع آيات القرآن بالغ الطرف الأعلى من البلاغة وأنها متساوية في ذلك بحسب ما يقتضيه حال كل آية منها ، وأما تفاوتها في كثرة الخصوصيات وقلتها فذلك تابع لاختلاف المقامات ومقتضيات الأحوال ، فإن بلاغة الكلام مطابقته لمقتضى الحال ، والطرف الأعلى من البلاغة هو مطابقة الكلام لجميع ما يقتضيه الحال ، فآيات القرآن متماثلة متشابهة في الحسن لدى أهل الذوق من البلغاء بالسليقة أو بالعِلم وهو في هذا مخالف لغيره من الكلام البليغ فإن ذلك لا يخلو عن تفاوت ربما بلغ بعضُه مبلغَ أن لا يشبه بقيته ، وهذا المعنى مما يدخل في قوله تعالى :
{ أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير اللَّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } [ النساء : 82 ] ، فالكاتب البليغ والشاعر المجيد لا يخلو كلام أحد منهما من ضعف في بعضه ، وأيضاً لا تتشابه أقوال أحد منهما بل تجد لكل منهما قِطعاً متفاوتة في الحسن والبلاغة وصحة المعاني . وبما قررنا تعلم أن المتشابه هنا مراد به معنى غير المراد في قوله تعالى : { وأُخر متشابهات } [ آل عمران : 7 ] لاختلاف ما فيه التشابه .
الصفة الرابعة : كونه مثاني ، ومثاني : جمع مُثَنَّى بضم الميم وبتشديد النون جمعاً على غير قياس ، أو اسم جمع . ويجوز كونه جمع مَثْنى بفتح الميم وتخفيف النون وهو اسم لِجعل المعدود أزواجاً اثنين ، اثنين ، وكلا الاحتمالين يطلق على معنى التكرير . كُنِّي عن معنى التكرير بمادة التثنية لأن التثنية أول مراتب التكرير ، كما كُني بصيغة التثنية عن التكرير في قوله تعالى : { ثم ارجع البصر كرتين } [ الملك : 4 ] ، وقول العرب : لَبَّيْك وسَعْديك ، أي إجابات كثيرة ومساعدات كثيرة .
وقد تقدم بيان معنى { مثاني } في قوله تعالى : { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني } في سورة [ الحجر : 87 ] ، فالقرآن مثاني لأنه مكرر الأغراض .
وهذا يتضمن امتناناً على الأمة بأن أغراض كتابها مكررة فيه لتكون مقاصده أرسخ في نفوسها ، وليسمعها من فاته سماع أمثالها من قبلُ . ويتضمن أيضاً تنبيهاً على ناحية من نواحي إعجازه ، وهي عدم المَلل من سماعه وأنه كلما تكرر غرض من أغراضه زاده تكرره قبولاً وحَلاوة في نفوس السامعين . فكأنه الوجه الحسن الذي قال في مثله أبو نواس
: ... يزيدك وجهه حُسناً
إذا ما زدته نظَرا ... وقد عدّ عياض في كتاب «الشفاء» من وجوه إعجاز القرآن : أن قارئه لا يَمَلّه وسامعه لا يمجه ، بل الإِكباب على تلاوته يزيده حلاوة ، وترديده يوجب له محبة ، لا يزال غضاً طرياً ، وغيره من الكلام ولو بلغ من الحسن والبلاغة مبلغاً عظيماً يُمَل مع الترديد ويُعادى إذا أعيد ، ولذا وَصف رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن : " بأنه لا يخلق على كثرة الرد " رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعاً .
وذكر عياض أن الوليد بن المغيرة سمِع من النبي صلى الله عليه وسلم { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } [ النحل : 90 ] الآية فقال : «والله إن له لحلاوة وإن عليه لطَلاوة» .
وبهذا تعلم أن وصف القرآن هنا بكونه مثاني هو غير الوصف الذي في قوله :
{ ولقد أتيناك سبعاً من المثاني } [ الحجر : 78 ] لاختلاف ما أريد فيه بالتثنية وإن كان اشتقاق الوصف متّحداً .
ووصَف { كِتاباً } وهو مفرد بوصف { مثاني } وهو مقتض التعدد يعيّن أن هذا الوصف جرى عليه باعتبار أجزائه ، أي سوره أو آياته باعتبار أن كل غرض منه يكرر ، أي باعتبار تباعيضه .
الصفة الخامسة : أنه تقشعر منه جلود الذين يخشَون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم ، وهذا الوصف مرتب على الوصف قبله وهو كون القرآن مثاني ، أي مثنَّى الأغراض ، وهو مشتمل على ثلاث جهات :
أولاها : وصف القرآن بالجلالة والروعة في قلوب سامعيه ، وذلك لما في آياته الكثيرة من الموعظة التي تَوْجَل منها القلوب ، وهو وصف كمال لأنه من آثار قوة تأثير كلامه في النفوس ، ولم يزل شأن أهل الخطابة والحكمة الحرصَ على تحصيل المقصود من كلامهم لأن الكلام إنما يواجه به السامعون لحصول فوائد مرْجوة من العمل به ، وما تبارى الخطباء والبلغاء في ميادين القول إلا للتسابق إلى غايات الإِقناع ، كما قال قيس بن خارجة ، وقد قيل له : ما عندك؟ «عندي قِرى كللِ نازل ، ورضى كل سَاخط ، وخُطبةٌ من لدن تطلع الشمس إلى أن تغرب ، آمر فيها بالتواصل وأنهى عن التقاطع» . وقد ذكر أرسطو في الغرض من الخطابة أنه إثارة الأهواء وقال : «إنها انفعالات في النفس تثير فيها حزناً أو مسرة» .
وقد اقتضى قوله : { تَقْشَعر منه جُلُودُ الذين يخشَونَ ربَّهُم } أن القرآن يشتمل على معان تقشعر منها الجلود وهي المعاني الموسومة بالجَزالة التي تثير في النفوس روعة وجلالة ورهبة تبعث على امتثال السامعين له وعملهم بما يتلقونه من قوارع القرآن وزواجره ، وكنّي عن ذلك بحالةٍ تقارِنُ انفعال الخشية والرهبة في النفس لأن الإِنسان إذا ارتاع وخشي اقشعرّ جِلده من أثر الانفعال الرهبني ، فمعنى { تَقْشَعِرُّ مِنْهُ } تقشعر من سماعه وفهمه ، فإن السماع والفهم يومئذٍ متقارنان لأن السامعين أهل اللسان . يقال : اقشعر الجلد ، إذا تقبض تقبضاً شديداً كالذي يحصل عند شدة برد الجسد ورعدته . يقال : اقشعر جلده ، إذا سمع أو رأى مَا يثير انزعاجه ورَوعه ، فاقشعرار الجلود كناية عن وجل القلوب الذي تلزمه قشعريرة في الجلد غالباً .
وقد عدّ عياض في «الشفاء» من وجوه إعجاز القرآن : الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعه والهيبةَ التي تعتريهم عند تلاوته لعلوّ مرتبته على كل كلام من شأنه أن يهابه سامعه ، قال تعالى : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية اللَّه وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } [ الحشر : 21 ] .
وعن أسماء بنت أبي بكر كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرىء عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمَع أعينهم وتقشعرّ جلودهم . وخص القشعريرة بالذين يخشون ربهم باعتبار ما سيردف به من قوله : { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهم } كما يأتي ، قال عياض : «وهي ، أي الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعه ، على المكذبين به أعظم حتى كانوا يستثقلون سماعه كما قال تعالى :
{ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولَّوا على أدبارهم نفوراً } [ الإسراء : 46 ] .
وهذه الروعة قد اعْترت جماعة قبل الإِسلام ، فمنهم من أسلم لها لأوللِ وهلة . حُكي في الحديث الصحيح عن جبير بن مطعم قال : «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ قوله تعالى : { أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } إلى قوله : { المصيطرون } [ الطور : 35 37 ] كاد قلبي أن يطير وذلك أول ما وُقر الإِسلام في قلبي» .
ومنهم من لم يسلم ، روي عن محمد بن كعب القرظي قال : «أخبرت أن عتبة بن ربيعة كلّم النبي صلى الله عليه وسلم في كفّه عن سبِّ أصنامهم وتضليلهم ، وعرض عليه أموراً والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلما فرغ قال له النبي صلى الله عليه وسلم اسمع ما أقول ، وقَرأ عليه { حم } [ فصلت : 1 ] حتى بلغ قوله : { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } [ فصلت : 13 ] فأمسك عتبة على فم النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الرحِم أن يكفّ» أي عن القراءة .
وأما المؤمن فلا تزال روعته وهيبته إياه مع تلاوته توليه انجذاباً وتكسبه هشاشة لميل قلبه إليه ، قال تعالى : { تَقْشَعِرُّ منه جُلُود الذين يخشَونَ ربَّهُم ثمَّ تَلِينُ جلودُهم وقُلُوبهم إلى ذِكرِ الله } .
الجهة الثانية من جهات هذا الوصف : لين قلوب المؤمنين عند سماعه أيضاً عقب وجَلها العارض من سماعه قبلُ .
واللين : مستعار للقبول والسرور ، وهو ضد للقساوة التي في قوله : { فويَلٌ للقاسِيَةِ قلوبُهُم من ذِكرِ الله } ، فإن المؤمن إذا سمع آيات الوعيد والتهديد يخشى ربه ويتجنب ما حذر منه فيقشعرّ جلده فإذا عقب ذلك بآيات البشارة والوعد استبشر وفرِح وعرض أعماله على تلك الآيات فرأى نفسه متحلية بالعمل الذي وعد الله عليه بالثواب فاطمأنت نفسه وانقلب الوجل والخوف رجاءً وترقباً ، فذلك معنى لين القلوب .
وإنما يبعث هذا اللينَ في القلوب ما في القرآن من معاني الرحمة وذلك في الآيات الموصوفةِ معانيها بالسهولة نحو قوله تعالى : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنَّه هو الغفُورُ الرَّحِيمُ } [ الزمر : 53 ] ، والموصوفةِ معانيها بالرقة نحو : { يا عبادِ لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين } [ الزخرف : 68 69 ] ، وقد علم في فن الخطابة أن للجزالة مقاماتها وللسهولة والرقة مقاماتهما .
الجهة الثالثة من جهات هذا الوصف : أعجوبة جمعه بين التأثيريْن المتضادَّيْن : مرةً بتأثير الرهبة ، ومرة بتأثير الرغبة ، ليكون المسلمون في معاملة ربهم جارِين على ما يَقتضيه جلالُه وما يقتضيه حلمه ورحمته . وهذه الجهة اقتضاها الجمع بين الجهتين المصرح بهما وهما جهة القشعريرة وجهة اللين ، مع كون الموصوف بالأمرين فريقاً واحداً وهم الذين يخشون ربهم ، والمقصود وصفهم بالتأثريْن عند تعاقب آيات الرحمة بعد آيات الرهبة .
قال الفخر : إن المحققين من أهل الكمال قالوا : «السائرون في مبدأ جلال الله إن نظروا إلى عالم الجلال طاشُوا ، وإن لاح لهم أثر من عالم الجمال عاشوا» ا ه . فالآية هنا ذكرتْ لهم الحالتين لوقوعها بعد قوله : { مَثَانِيَ } كما أشرنا إليه آنفاً ، وإلا فقد اقتصر على وصف الله المؤمنين بالوجل في قوله تعالى : { إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِرَ اللَّه وَجلت قلوبهم في سورة } [ الأنفال : 2 ] ، فالمقام هنا لبيان تأثر المؤمنين بالقرآن ، والمقام هنالك للثناء على المؤمنين بالخشية من الله في غير حالة قراءة القرآن .
وإنما جُمع بين الجلود والقلوب في قوله تعالى : { ثم تَلِينُ جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } ولم يُكتف بأحد الأمرين عن الآخر كما اكتُفي في قوله : { تَقْشعر منه جلودُ الذين يخشونَ ربهم } لأن اقشعرار الجلود حالة طارئة عليها لا يكون إلا من وجل القلوب وروعتها فكنّي به عن تلك الروعة .
وأما لين الجُلود عقب تلك القشعريرة فهو رجوع الجلود إلى حالتها السابقة قبل اقشعرارها ، وذلك قد يحصل عن تناسسٍ أو تشاغل بعد تلك الروعة ، فعطف عليه لين القلوب ليعلم أنه لين خاص ناشىء عن اطمئنان القلوب بالذكر كما قال تعالى : { ألا بذكر اللَّه تطمئن القلوب } [ الرعد : 28 ] وليس مجرد رجوع الجلود إلى حالتها التي كانت قبل القشعريرة . ولم يُكتف بذكر لين القلوب عن لين الجلود لأنه قصد أن لين القلوب أفعمها حتى ظهر أثره على ظاهر الجلود .
و { ذِكْرِ الله } وهو أحسن الحديث ، وعُدل عن ضميره لبعد المعاد ، وعدل عن إعادة اسمه السابق لمدحه بأنه ذكر من الله بعد أن مُدِح بأنه أحسن الحديث والمراد ب { ذِكْرِ الله } ما في آياته من ذكر الرحمة والبشارة ، وذلك أن القرآن ما ذَكَر موعظة وترهيباً إلا أعقبه بترغيب وبشارة .
وعُدّي فعل { تَلِينُ } بحرف { إلى } لتضمين { تَلِينُ } معنى : تطمئن وتسكن .
{ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ }
استئناف بياني فإن إجراء تلك الصفات الغُرّ على القرآن الدالةِ على أنه قد استكمل أقصى ما يوصف به كلام بالغ في نفوس المخاطبين كيف سلكت آثاره إلى نفوس الذين يخشون ربهم مما يثير سؤالاً يهجس في نفس السامع أن يقول : كيف لم تتأثر به نفوس فريق المصرِّين على الكفر وهو يقرع أسماعهم يوماً فيوماً ، فتقع جملة { ذلك هُدَى الله يَهْدِي بهِ من يَشَاءُ } جواباً عن هذا السؤال الهاجس .
فالإِشارة إلى مضمون صفات القرآن المذكورة وتأثر المؤمنين بهديه ، أي ذلك المذكورُ هدى الله ، أي جعله الله سبَباً كاملاً جامعاً لوسائل الهدى ، فمن فطر الله عقله ونفسَه على الصلاحية لقبول الهدى سريعاً أو بطيئاً اهتدى به ، كذلك ومَن فطر الله قلبه على المكابرة ، أو على فساد الفهم ضلّ فلم يهتد حتى يموت على ضلاله ، فأطلق على هذا الفَطْر اسم الهُدى واسم الضلال ، وأسند كلاهما إلى الله لأنه هو جبَّار القلوب على فطرتها وخالق وسائل ذلك ومدبر نواميسه وأنظمته .
فمعنى إضافة الهدى إلى الله في قوله : { ذلك هُدَى الله } راجع إلى ما هيّأه الله للهدى من صفات القرآن فإضافته إليه بأنه أنزله لذلك . ومعنى إسناد الهدى والإضلال إلى الله راجع إلى مراتب تأثر المخاطبين بالقرآن وعدم تأثرهم بحيث كان القرآن مستوفياً لأسباب اهتداء الناس به فكانوا منهم من اهتدى به ومنهم من ضل عنه .
ويجوز أن تكون الإِشارة إلى { أحْسَنَ الحَدِيثِ } وهو الكتاب ، أي ذلك القرآن هدى الله ، أي دليل هدى الله . ومقصده : اهتدى به من شاء الله اهتداءه ، وكفر به من شاء الله ضلاله .
فجملة { ومَن يُضْلِل الله فما لهُ من هَادٍ } تذييل للاستئناف البياني .
ومعنى { مَن يشَاءُ } على تقدير : من يشاء هديه ، أي من تعلّقت مشيئته ، وهي إرادته بأنه يهتدي فخلقه متأثراً بتلك المشيئة فقدّر له الاهتداء ، وفهم من قوله { مَنْ يَشَاء } أنه لا يهدي به من لم يشأ هديَه وهو ما دلت عليه المقابلة بقوله : { ومَن يُضْلِل الله فما لهُ من هَادٍ } ، أي من لم يشأ هديه فلم يقلع عن ضلاله فلا سبيل لهديه .
والمعنى : إن ذلك لنقص في الضالّ لا في الكتاب الذي من شأنه الهدى .
- إعراب القرآن : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
«اللَّهُ» لفظ الجلالة مبتدأ «نَزَّلَ» ماض فاعله مستتر «أَحْسَنَ» مفعول به والجملة الاسمية ابتدائية لا محل لها «الْحَدِيثِ» مضاف إليه «كِتاباً» بدل من أحسن «مُتَشابِهاً» صفة أولى «مَثانِيَ» صفة ثانية «تَقْشَعِرُّ» مضارع مرفوع «مِنْهُ» متعلقان بالفعل «جُلُودُ» فاعل مؤخر «الَّذِينَ» مضاف إليه «يَخْشَوْنَ» مضارع مرفوع بثبوت النون وفاعله «رَبَّهُمْ» مفعول به والجملة صلة «ثُمَّ» حرف عطف «تَلِينُ» مضارع مرفوع «جُلُودُهُمْ» فاعل «وَقُلُوبُهُمْ» معطوف على جلودهم «إِلى ذِكْرِ» متعلقان بتلين «اللَّهُ» لفظ الجلالة مضاف إليه «ذلِكَ» مبتدأ «هُدَى» خبره «اللَّهُ» لفظ الجلالة مضاف إليه «يَهْدِي» مضارع فاعله مستتر والجملة صلة وجملة تقشعر حال «بِهِ» متعلقان بيهدي «مَنْ» مفعول به «يَشاءُ» الجملة صلة «وَمَنْ» الواو حرف استئناف ومن اسم شرط جازم مفعول مقدم «يُضْلِلِ اللَّهُ» مضارع ولفظ الجلالة فاعل «فَما» الفاء واقعة في جواب الشرط وما نافية «لَهُ» جار ومجرور خبر مقدم «مَنْ» حرف جر زائد «هادٍ» مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط والجملة الشرطية مستأنفة
- English - Sahih International : Allah has sent down the best statement a consistent Book wherein is reiteration The skins shiver therefrom of those who fear their Lord; then their skins and their hearts relax at the remembrance of Allah That is the guidance of Allah by which He guides whom He wills And one whom Allah leaves astray - for him there is no guide
- English - Tafheem -Maududi : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(39:23) Allah has revealed the best teaching, a self-consistent Book *43 which repeats its contents in manifold forms whereat shiver the skins of those that hold their Lord in awe, and then their skins and their hearts soften for Allah's remembrance. That is Allah's Guidance wherewith He guides whosoever He pleases. And he whom Allah does not guide to the Right Path has none to guide him.
- Français - Hamidullah : Allah a fait descendre le plus beau des récits un Livre dont [certains versets] se ressemblent et se répètent Les peaux de ceux qui redoutent leur Seigneur frissonnent à l'entendre; puis leurs peaux et leurs cœurs s'apaisent au rappel d'Allah Voilà le [Livre] guide d'Allah par lequel Il guide qui Il veut Mais quiconque Allah égare n'a point de guide
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Allah hat die beste Botschaft offenbart ein Buch mit gleichartigen sich wiederholenden Versen vor dem die Haut derjenigen die ihren Herrn fürchten erschauert Hierauf werden ihre Haut und ihr Herz weich und neigen sich zu Allahs Gedenken hin Das ist Allahs Rechtleitung Er leitet damit recht wen Er will Und wen Allah in die Irre gehen läßt der hat niemanden der ihn rechtleitet
- Spanish - Cortes : Alá ha revelado el más bello relato una Escritura cuyas aleyas armonizan y se reiteran Al oírla se estremecen quienes tienen miedo de su Señor; luego se calman en cuerpo y en espíritu al recuerdo de Alá Ésa es la dirección de Alá por la que dirige a quien Él quiere En cambio aquél a quien Alá extravía no podrá encontrar quien le dirija
- Português - El Hayek : Deus revelou a mais bela Mensagem um Livro homogêneo com estilo e eloqüência e reiterativo Por ele arrepiamseas peles daqueles que temem seu Senhor; logo suas peles e seus corações se apaziguam ante a recordação de Deus Tal é aorientação de Deus com a qual encaminha quem Lhe apraz Por outra quem Deus desviar não terá orientar algum
- Россию - Кулиев : Аллах ниспослал наилучшее повествование - Писание аяты которого сходны и повторяются У тех кто страшится своего Господа от него по коже проходит дрожь А потом их кожа и сердца смягчаются при поминании Аллаха Это - верное руководство Аллаха посредством которого Он ведет прямым путем того кого пожелает А кого Аллах введет в заблуждение тому не будет наставника
- Кулиев -ас-Саади : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
Аллах ниспослал наилучшее повествование - Писание, аяты которого сходны и повторяются. У тех, кто страшится своего Господа, от него по коже проходит дрожь. А потом их кожа и сердца смягчаются при поминании Аллаха. Это - верное руководство Аллаха, посредством которого Он ведет прямым путем того, кого пожелает. А кого Аллах введет в заблуждение, тому не будет наставника.Аллах упомянул о Своем последнем откровении - наилучшем из всех существующих и когда-либо существовавших повествований. Несомненно, самой лучшей речью является речь Аллаха, а самым лучшим Писанием - Священный Коран. Следовательно, коранические откровения должны быть самыми ясными и красноречивыми, а их смысл - самым славным. Наилучшее повествование, которое отличается прекрасным слогом и великим смыслом, не должно содержать даже самых незначительных противоречий. Именно это качество присуще Священному Корану, и поэтому Всевышний Аллах сообщил, что его аяты сходны по смыслу и форме. Если человек задумается над их божественным смыслом, то ему непременно откроются совершенство и безупречность Корана. Конечно, смысл некоторых откровений вначале будет неясен, но это не помешает ему осознать, что Священный Коран ниспослан Мудрым и Всеведущим Аллахом. Арабское слово муташабих переводится не только как ‘сходный’, ‘похожий’, но и как ‘иносказательный’. Здесь уместно вспомнить, что Всевышний Аллах сказал: «Он - Тот, Кто ниспослал тебе Писание, в котором есть ясно изложенные аяты, составляющие мать Писания, а также другие аяты, являющиеся иносказательными» (3:7). Иносказательные аяты нуждаются в толковании, и многие люди не способны сразу уяснить для себя их истинное значение. Тем не менее, любые неясности исчезают, когда они обращаются за толкованием иносказательных аятов к ясно изложенным аятам. Именно поэтому Аллах подчеркнул, что лишь часть Корана носит иносказательный характер. В этой суре слово муташабих имеет иной смысл, и на этот раз Аллах охарактеризовал этим эпитетом весь Священный Коран. Однако, как мы уже сказали, речь здесь идет о том, что коранические откровения являются прекрасными и похожими по форме и содержанию. Затем Господь поведал о том, что аяты Корана повторяются. Повторяются сказания и религиозные предписания, обещания о вознаграждении и предупреждения о наказании, напоминания о качествах праведников и злодеев, а также об именах и качествах Аллаха. Все это также свидетельствует о величии и великолепии последнего Небесного Писания. Всевышний прекрасно знал о том, как сильно люди нуждаются в его мудрых аятах, которые способны облагораживать человеческую душу и пробуждать в ней высокие нравственные качества. Человеческие сердца нуждаются в них так же, как деревья нуждаются в живительной влаге. Если дерево долгое время не поливать водой, то оно начнет увядать и даже может погибнуть. Если же его периодически поливать, то оно будет приносить много полезных плодов. Человеческие сердца также нуждаются в частом напоминании об истинном смысле божественного откровения. Если бы одна и та же мысль не повторялась в Священном Коране несколько раз, то человек не придал бы ей должного внимания, а это значит, что божественное назидание не принесло бы желаемого результата. В этом и кроется смысл того, что коранические аяты часто повторяются. Я тоже решил воспользоваться этим мудрым стилем и положил его в основу своего толкования. Несмотря на частые повторения, между кораническими аятами нет никаких противоречий. Более того, каждый из повторяющихся аятов имеет свой особый смысл, который отличается от смысла других аятов с похожим значением. Конечно, некоторые из повторяющихся аятов могут быть более понятны и полезны при тех или иных обстоятельствах, но это отнюдь не означает, что читатель должен ограничиться размышлениями лишь над частью Священного Корана, ведь размышления над другими аятами тоже принесут ему великую пользу. Затем Всевышний сообщил о том, что Священный Коран производит сильное впечатление на каждого обладающего разумом правоверного. Когда они читают устрашающие аяты о наказании и возмездии, у них по коже проходит дрожь. Но стоит им прочесть аяты о милости Господа и щедром вознаграждении, как дрожь проходит, и их сердца смягчаются от поминания Аллаха. Они пребывают в таком состоянии на протяжении всего чтения Корана, потому что Всевышний Аллах то призывает Своих рабов совершать добрые дела, то устрашает их для того, чтобы отдалить их от грехов и злодеяний. Таков прямой путь Аллаха. Эти слова означают, что сильное впечатление от коранических откровений является знамением Аллаха, Который наставляет Своих рабов на прямой путь. Это - одна из многочисленных милостей и добродетелей Господа. Вот так Всевышний Аллах наставляет на прямой путь того из Своих рабов, кого пожелает. Это - одно из толкований этих слов. Согласно другому толкованию, речь идет о Священном Коране, который является единственным путем, ведущим к Аллаху. Он помогает пройти этим путем только тем, кто имеет чистые намерения. Это толкование созвучно со словами Всевышнего: «Посредством его Аллах ведет по путям мира тех, кто стремится снискать Его довольство. Он выводит их по Своему соизволению из мраков к свету и наставляет их на прямой путь» (5:16). Кого Аллах ввел в заблуждение, того никто не наставит на прямой путь, потому что только божественное руководство помогает человеку встать на прямой путь. А свет этого руководства изливается только тем, кто принимает писание Аллаха целиком. Если же человек отказывается уверовать и повиноваться Корану, то он лишается верного наставления и обрекает себя на явное заблуждение и жалкое существование.
- Turkish - Diyanet Isleri : Allah ayetleri birbirine benzeyen ve yer yer tekrar eden Kitap'ı sözlerin en güzeli olarak indirmiştir Rablerinden korkanların bu Kitap'tan tüyleri ürperir sonra hem derileri ve hem de kalbleri Allah'ın zikrine yumuşar ve yatışır İşte bu Kitap Allah'ın doğruluk rehberidir onunla istediğini doğru yola eriştirir Allah kimi de saptırırsa artık ona yol gösteren bulunmaz
- Italiano - Piccardo : Allah ha fatto scendere il più bello dei racconti un Libro coerente e reiterante [alla lettura del quale] rabbrividisce la pelle di coloro che temono il loro Signore e poi si distende la pelle insieme coi cuori al Ricordo di Allah Questa è la Guida di Allah con cui Egli guida chi vuole E coloro che Allah svia non avranno direzione
- كوردى - برهان محمد أمين : خوا جل جلا له جوانترین و پیرۆزترین فهرمایشتی ناردۆته خوارهوه که ئهم قورئانهیه له جوانی داڕشتندا بابهتهکانی له یهك دهچن ههندێك باسیشی بهشێوازی جیاواز تیادا دووباره بۆتهوه جا کارکردی ئهم قورئانه ئهوهیه که تهزوو دههێنێت به گیان و پێستی ئهوکهسانهدا که ترسی پهروهردگاریان له دڵ و دهرووندا ههیه پاشان گیان و پێست و دڵیان نهرم و ئاماده و چالاك دهبێت بۆ یادی خواو خواپهرستی ئا ئهوه هیدایهت و ڕێنموویی خوایه که ههر کهس شایسته بێت هیدایهت و ڕێنموویی دهکات بۆ پلهو پایه بهرزانه ئهوهش که ڕێبازی خوا ون بکات کهس نیه ڕێنموویی بکات
- اردو - جالندربرى : خدا نے نہایت اچھی باتیں نازل فرمائی ہیں یعنی کتاب جس کی ایتیں باہم ملتی جلتی ہیں اور دہرائی جاتی ہیں جو لوگ اپنے پروردگار سے ڈرتے ہیں ان کے بدن کے اس سے رونگٹے کھڑے ہوجاتے ہیں۔ پھر ان کے بدن اور دل نرم ہو کر خدا کی یاد کی طرف متوجہ ہوجاتے ہیں۔ یہی خدا کی ہدایت ہے وہ اس سے جس کو چاہتا ہے ہدایت دیتا ہے۔ اور جس کو خدا گمراہ کرے اس کو کوئی ہدایت دینے والا نہیں
- Bosanski - Korkut : Allah objavljuje najljepši govor Knjigu sličnu po smislu čije se poruke ponavljaju zbog kojih podilazi jeza one koji se Gospodara svoga boje a kada spomene ime Allahovo kože njihove i srca njihova se smiruju Ona je Allahov Pravi put na koji On ukazuje onome kome On hoće; a onoga koga Allah ostavi u zabludi niko na Pravi put neće moći uputiti
- Swedish - Bernström : Gud har [steg för steg] uppenbarat det skönaste budskap en Skrift vars olika delar [binds samman av] inre överensstämmelse och där sanningarna framställs i motsatspar [Dess högstämda ordalag] framkallar rysningar i huden hos dem som fruktar sin Herre; men därefter mjuknar den och deras hjärtan [öppnar sig] för påminnelsen om Gud Med denna [Skrift] vägleder Gud den Han vill; men den som Gud låter gå vilse finner ingen som leder honom på rätt väg
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Allah telah menurunkan perkataan yang paling baik yaitu Al Quran yang serupa mutu ayatayatnya lagi berulangulang gemetar karenanya kulit orangorang yang takut kepada Tuhannya kemudian menjadi tenang kulit dan hati mereka di waktu mengingat Allah Itulah petunjuk Allah dengan kitab itu Dia menunjuki siapa yang dikehendakiNya Dan barangsiapa yang disesatkan Allah niscaya tak ada baginya seorang pemimpinpun
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
(Allah telah menurunkan perkataan yang paling baik yaitu Kitab) Alquran; lafal Kitaaban menjadi Badal lafal Ahsanal Hadiitsi (yang serupa) satu sama lainnya sama dalam hal Nuzhum dan hal-hal lainnya (lagi berulang-ulang) diulang-ulang di dalamnya janji dan ancaman serta hal-hal lainnya (gemetarlah karenanya) yakni gemetar karena takut di kala disebutkan ancaman-Nya (kulit orang-orang yang takut) yang merasa takut (kepada Rabbnya, kemudian menjadi tenang kulit dan kalbu mereka di waktu mengingat Allah) sewaktu ingat akan janji-Nya. (Itulah) kitab Alquran itu (petunjuk Allah, dengan Kitab itu Dia menunjuki siapa yang dikehendaki-Nya. Dan barang siapa yang disesatkan Allah, niscaya tak ada baginya seorang pemberi petunjuk.)
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আল্লাহ উত্তম বাণী তথা কিতাব নাযিল করেছেন যা সামঞ্জস্যপূর্ণ পূনঃ পূনঃ পঠিত। এতে তাদের লোম কাঁটা দিয়ে উঠে চামড়ার উপর যারা তাদের পালনকর্তাকে ভয় করে এরপর তাদের চামড়া ও অন্তর আল্লাহর স্মরণে বিনম্র হয়। এটাই আল্লাহর পথ নির্দেশ এর মাধ্যমে আল্লাহ যাকে ইচ্ছা পথ প্রদর্শন করেন। আর আল্লাহ যাকে গোমরাহ করেন তার কোন পথপ্রদর্শক নেই।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அல்லாஹ் மிக அழகான விஷயங்களை வேதமாக இறக்கியருளினான்; இவை முரண்பாடில்லாமல் ஒன்றுகொன்று ஒப்பான முதஷாபிஹ் ஆனதாகவும் மனதில் பதியுமாறு திரும்பத் திரும்பக் கூறப்படுவதாகவும் இருக்கின்றன தங்கள் இறைவனுக்கு எவர்கள் அஞ்சுகிறார்களோ அவர்களுடைய தொலிகளின் உரோமக்கால்கள் இவற்றை கேட்கும் போது சிலிர்த்து விடுகின்றன பிறகு அவர்களுடைய தொலிகளும் இருதயங்களும் அல்லாஹ்வின் தியானத்தில் இளகுகின்றன இதுவே அல்லாஹ்வின் நேர்வழியாகும் இதன் மூலம் தான் நாடியவர்களை அவன் நேர்வழியில் செலுத்துகிறான் ஆனால் எவனை அல்லாஹ் வழிகேட்டில் விட்டுவிடுகிறானோ அவனை நேர்வழியில் நடத்துவோர் எவருமில்லை
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : อัลลอฮฺได้ทรงประทานคำกล่าวที่ดียิ่งลงมาเป็นคัมภีร์คล้องจองกันกล่าวซ้ำกัน ผิวหนังของบรรดาผู้ที่เกรงกลัวพระเจ้าของพวกเขาจะลุกชันขึ้น แล้วผิวหนังของพวกเขาและหัวใจของพวกเขาจะสงบลงเพื่อรำลึกถึงอัลลอฮฺ นั่นคือการชี้นำทางของอัลลอฮฺ พระองค์จะทรงชี้นำทางแก่ผู้ที่พระองค์ทรงประสงค์และผู้ใดที่อัลลอฮฺทรงให้เขาหลงทาง ดังนั้นสำหรับเขาจะไม่มีผู้ชี้นำทาง
- Uzbek - Мухаммад Содик : Аллоҳ энг гўзал сўзни ўхшаш ва такрорланган китоб этиб туширар Ундан Роббиларидан қўрқадиганларнинг терилари титрар Сўнгра уларнинг терилари ва қалблари Аллоҳнинг зикрига юмшар Ана шу Аллоҳнинг ҳидоятидир У ила Аллоҳ хоҳлаган кимсани ҳидоят қилур Кимни Аллоҳ залолатига кетказса бас унинг учун ҳидоят қилгувчи йўқ Қуръони Карим энг гўзал сўздир Унинг оятлари гўзалликда пурмаъноликда ҳикматда тўғриликда ва ҳукмда бирбирига ўхшашдир Такрорланадиган бўлиши эса ҳукмлари такрортакрор келади ҳикматлари такрортаркор келади ваъзлари огоҳлантиришлари ваъдаю таҳдидлари ҳам такрортакрор келади Шунингдек суралари оятлари такрортакрор ўқилади ёд олинади ўрганилади Бу сифат Аллоҳ таолонинг аброр бандаларининг сифатидир Улар Қуръон тиловатидан ундаги маънолардан жуда қаттиқ таъсирланадилар Огоҳлантирувчи таҳдид қилувчи оятлар келганида хавфдан қўрқинчдан баданлари титрайди яхши ваъда ва раҳмат оятлари келганида умидворликдан баданлари ва қалблари юмшайди Аллоҳнинг зикрига яна ҳам кўпроқ бериладилар Бундай бўлиши яхшилик аломатидир
- 中国语文 - Ma Jian : 真主曾降示最美的训辞,就是前后一律、反复叮咛的经典;畏惧主的人,为他而战栗,然后,为记忆真主而安静。那是真主的正道,他用来引导他所意欲引导者,真主使谁迷误,谁就没有向导。
- Melayu - Basmeih : Allah telah menurunkan sebaikbaik perkataan iaitu Kitab Suci AlQuran yang bersamaan isi kandungannya antara satu dengan yang lain tentang benarnya dan indahnya yang berulangulang keterangannya dengan berbagai cara; yang oleh kerana mendengarnya atau membacanya kulit badan orangorang yang takut kepada Tuhan mereka menjadi seram; kemudian kulit badan mereka menjadi lembut serta tenang tenteram hati mereka menerima ajaran dan rahmat Allah Kitab Suci itulah hidayah petunjuk Allah; Allah memberi hidayah petunjuk dengan AlQuran itu kepada sesiapa yang dikehendakiNya menurut undangundang peraturanNya; dan ingatlah sesiapa yang disesatkan Allah disebabkan pilihannya yang salah maka tidak ada sesiapa pun yang dapat memberi hidayah petunjuk kepadanya
- Somali - Abduh : Eebaa soo dejiyey kan ugu fiican hadal kitaabuu soo dajiyey isu eg oo soo noqnoqda ay lana qamandhacyooto Jidhka kuwa ka yaaba Eebahood markaasay la jilci jidhkoodu iyo quluubtoodu xusuusta Eebe arrintaasuna waa hanuunka Eebe uu ku hanuuniyo cidduu doono ruuxuu Eebe dhumiyana ma jiro cid hanuunin
- Hausa - Gumi : Allah Ya sassaukar da mafi kyaun lãbãri Littãfi mai kama da jũna wanda ake konkoma karãtunsa fãtun waɗanda ke tsõron Ubangijinsu sunã tãƙura sabõda Shi sa'an nan fãtunsu da zukãtansu su yi laushi zuwa ga ambaton Allah Waccan ita ce shiryarwar Allah Yanã shiryar da wanda Ya so game da ita Kuma wanda Allah Ya ɓatar to bã shi da wani mai shiryarwa
- Swahili - Al-Barwani : Mwenyezi Mungu ameteremsha hadithi nzuri kabisa Kitabu chenye kufanana na kukaririwa; husisimua kwacho ngozi za wenye kumkhofu Mola wao Mlezi Kisha ngozi zao na nyoyo zao hulainika kwa kumkumbuka Mwenyezi Mungu Huo ndio uwongofu wa Mwenyezi Mungu na kwa huo humwongoa amtakaye Na ambaye ameachwa na Mwenyezi Mungu kupotea basi hapana wa kumwongoa
- Shqiptar - Efendi Nahi : Perëndia e ka shpallur fjalën më të bukur – Librin Kur’anin pjesët e të cilit i gjasojnë njëratjetrës dhe përsëriten Prej tij u rrënqethet lëkura atyre që frikohen prej Zotit të tyre e mandej qetësohen dhe kënaqen lëkurat dhe zemrat e tyre kur përmendet Perëndia dhe premtimi i Tij Ky Libër është udhëzim i Perëndisë me të Perëndia e udhëzon kë të dojë e kë Perëndia e shpie në humbje s’ka kush që mund ta udhëzojë
- فارسى - آیتی : خدا بهترين سخن را نازل كرده است. كتابى متشابه و دوتا دوتا، كه از تلاوت آن كسانى را كه از پروردگارشان مىترسند از خوف تن بلرزد. سپس تن و جانشان به ياد خدا بيارامد. اين راه خداست كه هر كه را بخواهد بدان راهنمايى مىكند، و هر كه را خدا گمراه كند او را هيچ راهنمايى نخواهد بود.
- tajeki - Оятӣ : Худо беҳтарин суханро нозил кардааст. Китобе муташобеҳ ва дуто-дуто, ки аз тиловати он касонеро, ки аз Парвардигорашон метарсанд, аз тарс тан биларзад. Сипас тану ҷонашон ба ёди Худо биёромад. Ин роҳи Худост, ки ҳар киро бихоҳад, ба он роҳнамоӣ мекунад ва ҳар киро Худо гумроҳ кунад, ӯро ҳеҷ роҳнамое нахоҳад буд!
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ سۆزلەرنىڭ ئەڭ چىرايلىقى بولغان قۇرئاننى نازىل قىلدى. (پاساھەتتە، بالاغەتتە) ئۇنىڭ بەزىسى بەزىسىگە ئوخشاپ كېتىدۇ، (ۋەز - نەسىھەتلەر، ئەھكاملار، قىسسىلەر ئۇنىڭدا) تەكرارلىنىدۇ، (قۇرئاندىكى ئازاب ئايەتلىرى تىلاۋەت قىلىنغان چاغدا) پەرۋەردىگارىدىن قورقىدىغان كىشىلەرنىڭ بەدەنلىرى تىترەيدۇ، ئاندىن اﷲ نىڭ زىكرى ئۈچۈن (يەنى اﷲ نىڭ رەھمىتى، مەغپىرىتىگە دائىر ئايەتلەر تىلاۋەت قىلىنغان چاغدا)، ئۇلارنىڭ بەدەنلىرى ۋە دىللىرى يۇمشاپ (ئارام تاپىدۇ)، ئەنە شۇ (يەنى قۇرئان) اﷲ نىڭ ھىدايىتىدۇركى، ئۇنىڭ بىلەن (اﷲ) خالىغان ئادەمنى ھىدايەت قىلىدۇ، اﷲ ئازدۇرغان ئادەمگە ھېچ ھىدايەت قىلغۇچى بولمايدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ഏറ്റവും വിശിഷ്ടമായ വര്ത്തമാനമാണ് അല്ലാഹു ഇറക്കിത്തന്നത്. വചനങ്ങളില് പരസ്പര ചേര്ച്ചയും ആവര്ത്തനവുമുള്ള ഗ്രന്ഥമാണിത്. അതു കേള്ക്കുമ്പോള് തങ്ങളുടെ നാഥനെ ഭയപ്പെടുന്നവരുടെ ചര്മങ്ങള് രോമാഞ്ചമണിയുന്നു. പിന്നീട് അവരുടെ ചര്മങ്ങളും ഹൃദയങ്ങളും അല്ലാഹുവെ ഓര്ക്കാന് പാകത്തില് വിനീതമാകുന്നു. ഇതാണ് അല്ലാഹുവിന്റെ മാര്ഗദര്ശനം. അതുവഴി അവനിച്ഛിക്കുന്നവരെ അവന് നേര്വഴിയിലാക്കുന്നു. അല്ലാഹു വഴികേടിലാക്കുന്നവരെ നേര്വഴിയിലാക്കാന് ആര്ക്കുമാവില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : الله تعالى هو الذي نزل احسن الحديث وهو القران العظيم متشابها في حسنه واحكامه وعدم اختلافه تثنى فيه القصص والاحكام والحجج والبينات تقشعر من سماعه وتضطرب جلود الذين يخافون ربهم تاثرا بما فيه من ترهيب ووعيد ثم تلين جلودهم وقلوبهم استبشارا بما فيه من وعد وترغيب ذلك التاثر بالقران هدايه من الله لعباده والله يهدي بالقران من يشاء من عباده ومن يضلله الله عن الايمان بهذا القران لكفره وعناده فما له من هاد يهديه ويوفقه
*43) That is, there is no contradiction and disagreement between them. The whole Book, from the beginning to the end, projects one and the same aim, one and the same belief, and one and the same system of thought and action. Each of its parts confirms and supports and explains the other themes; and there is perfect consistency in it both in meaning and in style.