- عربي - نصوص الآيات عثماني : هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْىَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُۥ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَٰتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَـُٔوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌۢ بِغَيْرِ عِلْمٍۢ ۖ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِى رَحْمَتِهِۦ مَن يَشَآءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
- عربى - نصوص الآيات : هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ۚ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ۖ ليدخل الله في رحمته من يشاء ۚ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما
- عربى - التفسير الميسر : كفار قريش هم الذين جحدوا توحيد الله، وصدُّوكم يوم "الحديبية" عن دخول المسجد الحرام، ومنعوا الهدي، وحبسوه أن يبلغ محل نحره، وهو الحرم. ولولا رجال مؤمنون مستضعفون ونساء مؤمنات بين أظهر هؤلاء الكافرين بـ "مكة"، يكتمون إيمانهم خيفة على أنفسهم لم تعرفوهم؛ خشية أن تطؤوهم بجيشكم فتقتلوهم، فيصيبكم بذلك القتل إثم وعيب وغرامة بغير علم، لكنَّا سلَّطناكم عليهم؛ ليدخل الله في رحمته من يشاء فيَمُنَّ عليهم بالإيمان بعد الكفر، لو تميَّز هؤلاء المؤمنون والمؤمنات عن مشركي "مكة" وخرجوا من بينهم، لعذَّبنا الذين كفروا وكذَّبوا منهم عذابًا مؤلمًا موجعًا.
- السعدى : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
ثم ذكر تعالى الأمور المهيجة على قتال المشركين، وهي كفرهم بالله ورسوله، وصدهم رسول الله ومن معه من المؤمنين، أن يأتوا للبيت الحرام زائرين معظمين له بالحج والعمرة، وهم الذين أيضا صدوا { الهدي مَعْكُوفًا } أي: محبوسا { أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } وهو محل ذبحه وهو مكة، فمنعوه من الوصول إليه ظلما وعدوانا، وكل هذه أمور موجبة وداعية إلى قتالهم، ولكن ثم مانع وهو: وجود رجال ونساء من أهل الإيمان بين أظهر المشركين، وليسوا متميزين بمحلة أو مكان يمكن أن لا ينالهم أذى، فلولا هؤلاء الرجال المؤمنون، والنساء المؤمنات، الذين لا يعلمهم المسلمون أن تطأوهم، أي: خشية أن تطأوهم { فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ } والمعرة: ما يدخل تحت قتالهم، من نيلهم بالأذى والمكروه، وفائدة أخروية، وهو: أنه ليدخل في رحمته من يشاء فيمن عليهم بالإيمان بعد الكفر، وبالهدى بعد الضلال، فيمنعكم من قتالهم لهذا السبب.
{ لَوْ تَزَيَّلُوا } أي: لو زالوا من بين أظهرهم { لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } بأن نبيح لكم قتالهم، ونأذن فيه، وننصركم عليهم.
- الوسيط لطنطاوي : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
ثم ذكرهم - سبحانه - بنعمة أخرى من نعمه عليهم ، وكشف لهم عن جانب من حكمته فى منع القتال بينهم وبين مشركى مكة ، وفى هدايتهم إلى هذا الصلح فقال : ( هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ . . . بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) .
والمراد بالذين كفروا فى قوله - تعالى - : ( هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ ) مشركو قريش ، الذين منعوا النبى - صلى الله عليه وسلم - من دخول مكة ، ومن الطواف بالبيت الحرام .
والهدى : مصدر بمعنى المفعول ، أى : المهدى ، والمقصود به ما يهدى إلى بيت الله الحرام من الإِبل والبقر والغنم ، ليذبح تقربا إلى الله - تعالى - وكان مع المسلمين فى رحلتهم هذه التى تم فيها صلح الحديبية سبعين بدنة - على المشهور - ولفظ الهدى قرأ الجمهور بالنصب عطفا على الضمير المنصوب فى قوله : ( صدوكم ) وقرأ أبو عمرو بالجر عطفا على المسجد . .
وقوله : ( مَعْكُوفاً ) أى : محبوسا . يقال : عكفه يعكفه عكفا ، إذا حبسه ومنه الاعتكاف فى المسجد ، بمعنى الاحتباس فيه ، وهو حال من الهدى .
وقوله : ( أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) منصوب بنزع الخافض ، أى : عن أن يبلغ محله ، أى : مكانه الذى يذبح فيه وهو منى .
والتعبير بقوله : ( هُمُ الذين كَفَرُواْ ) تصريح بذمهم وتوبيخهم على موقفهم المشين من المؤمنين ، الذين لم يأتوا إلى مكة لحرب ، وإنما اتوا لأداء شعيرة من شعائر الله .
أى : هم فى ميزان الله واعتباره الكافرون حقا . لأنهم صدوكم ومنعوكم - أيها المؤمنون - عن دخول المسجد الحرام ، وعن الطواف به ، ولم يكتفوا بذلك ، بل منعوا الهدى المحبوس من أجل ذبحه على سبيل التقرب به إلى الله - من الوصول إلى محله الذى يذحب فيه فى العادة وهو منى .
قال القرطبى ما ملخصه : " قوله : ( والهدي مَعْكُوفاً ) أى : محبوسا . . ( أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) أى : منحره . . والمحل - بالكسر - غاية الشئ ، وبالفتح : هو الموضع الذى يحله الناس ، وكان الهدى سبعين بدنه ، ولكن الله - تعالى - بفضله جعل ذلك الموضع - وهو الحديبية - له محلا .
وفى صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال : نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . .
وفى البخارى عن ابن عمر قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمرين ، فحال كفار قريش دون البيت فنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدنة وحلق رأسه .
وقوله - تعالى - : ( وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ . . ) بيان لحكمة الله - تعالى - فى منع الحرب بين الفريقين .
وجواب "
لولا " محذوف لدلالة الكلام عليه . والمراد بالرجال المؤمنين وبالنساء المؤمنات : سبع رجال وأمرأتان كانوا بمكة .قال الآلوسى : "
وكانوا على ما اخرج أبو نعيم بسند جيد وغيره عن أبى جمعة جنبذ بن سبع - تسعة نفر : سبعة رجال - وهم منهم - وامرأتين .وجملة ( لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ ) صفة رجال ونساء على تغليب المذكر على المؤنث .
وقوله ( أَن تَطَئُوهُمْ ) بدل اشتمال من رجال ونساء ، والوطء الدَّرْس ، والمراد به هنا الإِهلاك . وقوله : ( مَّعَرَّةٌ ) أى : مكروه وأذى يقال عَرَّه يُعره عَرًّا ، إذا أصابه بمكروه ، وأصله من العُرِّ وهو الجرب .
والمراد به هنا : تعبير الكفار للمؤمنين بقولهم : لقد قتلتم من هم على دينكم .
والمعنى : ولولا كراهة أن تهلكوا - أيها المؤمنين - أناسا مؤمنين موجودين فى مكة بين كفارها ، وأنتم لا تعرفونهم ، فيصيبكم بسبب إهلاكهم مكروه ، لولا كل ذلك لما كف أيديكم عن كفار مكة ، بل لسلطكم عليهم لكى تقتلوهم .
واللام فى قوله - سبحانه - : ( لِّيُدْخِلَ الله فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ ) متعلقة بما يدل عليه جواب لولا المقدر .
أى : لولا ذلك لما كف أيديكم عن كفار مكة ، ولكنه - سبحانه - كف أيديكم عنهم ، ليدخل فى رحمته بسبب هذا الكف من يشاء من عباده ، وعلى رأس هؤلاء العباد ، المؤمنون والمؤمنات الذين كانوا فى مكة ، والذين اقتضت رحمته أن يتمم لهم أجورهم بإخرادهم من بين ظهرانى الكفار ، ويفك أسرهم ، ويرفع ما كان ينزل بهم من العذاب . .
كذلك قد شملت رحمته - تعالى - بعض كفار مكة ، الذين تركوا بعد ذلك الكفر ودخلوا فى الإِسلام ، كأبى سفيان وغيره من الذين أسلموا بعد فتح مكة أو بعد صلح الحديبية .
وقوله - سبحانه - : ( لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) تأكيد لما دل عليه الكلام السابق ، من أن حكمته - تعالى - قد اقتضت كف أيدى المؤمنين عن الكفار ، رحمة بالمؤمنين الذين يعيشون فى مكة مع هؤلاء الكافرين .
وقوله ( تَزَيَّلُواْ ) أى : تميزَّوا . يقال : زِلْتُه زَيْلاً ، أى : مِزْتُه ، وزيله فتزيل أى : فرقة فتفرق أى : لو تميز هؤلاء المؤمنون والمؤمنات الذين يعيشون فى مكة عن كفارها وفارقوهم وخرجوا منها ، وانعزلوا عنهم ، لعدبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ، تارة عن طريق إهلاكهم ، وتارة عن طريق إذلالهم وأخذهم أسرى ، و " من " فى قوله ( مِنْهُمْ ) للبيان لا للبتعيض .
- البغوى : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
قوله - عز وجل - : ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام ) الآية . روى الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه ، يريدون زيارة البيت ، لا يريد قتالا وساق معه سبعين بدنة ، والناس سبعمائة رجل ، وكانت كل بدنة عن عشرة نفر ، فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة ، وبعث عينا له من خزاعة يخبره عن قريش ، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان ، أتاه عينة الخزاعي وقال : إن قريشا قد جمعوا لك جموعا ، وقد جمعوا لك الأحابيش ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أشيروا علي أيها الناس ، أترون أن أميل على ذراري هؤلاء الذين عاونوهم فنصيبهم ؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين ، وإن نجوا تكن عنقا قطعها الله ؟ أو ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ؟ " .
فقال أبو بكر : يا رسول الله إنما خرجت عامدا لهذا البيت لا تريد قتال أحد ولا حربا ، فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه .
فقال : " امضوا على اسم الله " ، فنفروا ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة ، فخذوا ذات اليمين " ، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش ، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته ، فقال الناس : حل حل ، فألحت ، فقالوا : " خلأت القصواء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل " ، ثم قال : " والذي نفسي بيده لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يعظمون فيها حرمات الله وفيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياه ، ثم زجرها فوثبت .
قال : فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضا ، فلم يلبث الناس أن نزحوه ، وشكا الناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العطش ، فنزع سهما من كنانته وأعطاه رجلا من أصحابه يقال له ناجية بن عمير ، وهو سائق بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنزل في البئر فغرزه في جوفه ، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه ، فبينما هم كذلك إذ جاءه بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل تهامة ، فقال : إني تركت كعب بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
إنا لم نجئ لقتال أحد ، ولكنا جئنا معتمرين ، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم ، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس ، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ، أو لينفذن الله أمره " .فقال بديل : سأبلغهم ما تقول ، فانطلق حتى أتى قريشا ، قال : إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل ، وسمعناه يقول قولا فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا ، قال : فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء ، وقال ذو الرأي منهم : هات ما سمعته يقول .
قال : سمعته يقول كذا وكذا ، فحدثهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - . فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال : أي قوم ألستم بالوالد ؟ قالوا : بلى ، قال : أولست بالولد ؟ قالوا : بلى ، قال : فهل تتهموني ؟ قالوا : لا قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا : بلى ، قال : فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته ، قالوا : ائته . فأتاه فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوا من قوله لبديل . فقال عروة عند ذلك : يا محمد أرأيت إن استأصلت قومك فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى ، فإني والله لأرى وجوها وأشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك .
فقال له أبو بكر الصديق : امصص بظر اللات ، أنحن نفر عنه وندعه ؟ .
فقال : من ذا ؟ قالوا : أبو بكر ، فقال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك .
قال : وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكلما كلمه أخذ بلحيته ، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر ، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنعل السيف ، وقال : أخر يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرفع عروة رأسه فقال : من هذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة ، فقال : أي غدر ألست أسعى في غدرتك .
وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه في شيء " .ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فوالله - ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له ، فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظرة تعظيما له ، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها .
فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته ، فقالوا : ائته ، فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها له " ، فبعثت له واستقبله الناس يلبون ، فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ؟فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدوا عن البيت .
ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة وكان يومئذ سيد الأحابيش ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا بالهدي في وجهه حتى يراه ، فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس ، رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعظاما لما رأى فقال : يا معشر قريش إني قد رأيت ما لا يحل ، صد الهدي في قلائده ، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله ، فقالوا له : اجلس إنما أنت رجل أعرابي لا علم لك ، فغضب الحليس عند ذلك ، فقال : يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم ، أن تصدوا عن بيت الله من جاءه معظما له ، والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له ، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد ، فقالوا له : مه ، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا بما نرضى به .
فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص ، فقال : دعوني آته ، فقالوا : ائته ، فلما أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا مكرز وهو رجل فاجر ، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو ، وقال عكرمة : فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قد سهل لكم من أمركم .
قال الزهري في حديثه : فجاء سهيل بن عمرو ، فقال : هات نكتب بيننا وبينكم كتابا ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال له : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال سهيل : أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب باسمك اللهم ، كما كنت تكتب .
فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي : "
اكتب باسمك اللهم ، ثم قال : اكتب : هذا ما قضى عليه محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمد بن عبد الله .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ، اكتب يا علي : محمد بن عبد الله .
قال الزهري : وذلك لقوله : لا يسألون خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ، فكتب : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، واصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين ، يأمن فيه الناس ويكف بعضهم عن بعض ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : وعلى أن تخلوا بيننا وبين البيت ، فنطوف به ، فقال سهيل : والله لا تتحدث العرب إنا أخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل ، فكتب ، فقال سهيل : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا ، فقال المسلمون : سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما ؟
وروى أبو إسحاق عن البراء قصة الصلح وفيه قالوا : لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا ولكن أنت محمد بن عبد الله ، قال : أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ، ثم قال لعلي - رضي الله عنه - : امح رسول الله ، قال : لا والله لا أمحوك أبدا ، قال : "
فأرنيه " ، فأراه إياه ، فمحاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده ، وفي روايته : فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب وليس يحسن أن يكتب ، فكتب : هذا ما قضى محمد بن عبد الله .قال البراء : صالح على ثلاثة أشياء : على أن من أتاه من المشركين رده إليهم ، ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه ، وعلى أن يدخلها من قابل ، ويقيم بها ثلاثة أيام ، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه .
وروى ثابت عن أنس : أن قريشا صالحوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشترطوا : أن من جاءنا منكم لم نرده عليكم ، ومن جاءكم منا رددتموه علينا ، فقالوا : يا رسول الله أنكتب هذا ؟ قال : "
نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا " .رجعنا إلى حديث الزهري قال : فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو ، يرسف في قيوده قد انفلت وخرج من أسفل مكة ، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي : إنا لم نقض الكتاب بعد ، قال : فوالله إذن لا أصالحك على شيء أبدا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأجره لي ، فقال : فما أنا بمجيره لك ، قال : بلى فافعل ، قال : ما أنا بفاعل ، ثم جعل سهيل يجره ليرده إلى قريش ، قال أبو جندل : أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما لقيت ؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله .
وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يا أبا جندل احتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم عقدا وصلحا ، وإنا لا نغدر ، فوثب عمر يمشي إلى جنب أبي جندل ، ويقول : اصبر فإنما هم المشركون ودم أحدهم كدم كلب ، ويدني قائم السيف منه ، قال عمر : رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه فضن الرجل بأبيه .
وقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجوا وهم لا يشكون في الفتح ، لرؤيا رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رأوا ذلك دخل الناس أمر عظيم حتى كادوا يهلكون ، وزادهم أمر أبي جندل شرا إلى ما بهم .
قال عمر : [ والله ] ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ .
قال الزهري في حديثه عن عروة عن [ مروان ] والمسور ، ورواه أبو وائل عن سهل بن حنيف قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : ألست نبي الله حقا ؟ قال : بلى ، قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قلت : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن ؟ قال : إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ، قلت : أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : بلى ، أفأخبرتك أنا نأتيه العام ؟ قلت : لا قال : فإنك آتيه ومطوف به ، قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت : يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى . قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى . قلت : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن ؟ قال : أيها الرجل إنه رسول الله ليس يعصي ربه وهو ناصره ، فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق ، قلت : أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : بلى ، أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا قال : فإنك آتيه ومطوف به .
قال الزهري : قال عمر : فعملت لذلك أعمالا .
قال : فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : قوموا فانحروا ، ثم احلقوا ، قال : فوالله ما قام رجل منهم ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما لم يقم منهم أحد ، قام فدخل على أم سلمة ، فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك ، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك ، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم أن يقتل بعضا غما .
قال ابن عمر وابن عباس : حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين ؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : يا رسول الله والمقصرين ؟ قال : والمقصرين ، قالوا : يا رسول الله فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين ؟ قال : لأنهم لم يشكوا . قال ابن عمر : وذلك لأنه تربص قوم وقالوا لعلنا نطوف بالبيت .
قال ابن عباس : وأهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل في رأسه برة من فضة ليغيظ المشركين بذلك .
وقال الزهري في حديثه : ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى "
ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات " ، حتى بلغ " بعصم الكوافر " ( الممتحنة - 10 ) ، فطلق عمر - رضي الله عنه - يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك ، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان ، والأخرى صفوان بن أمية ، قال : فنهاهم أن يردوا النساء وأمر برد الصداق .قال : ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، فجاءه أبو بصير عتبة بن أسيد ، رجل من قريش وهو مسلم ، وكان ممن حبس بمكة فكتب فيه أزهر بن عبد عوف والأخنس بن شريق الثقفي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعثا في طلبه رجلا من بني عامر بن لؤي ، ومعه مولى لهم ، فقدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالا العهد الذي جعلت لنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ، ولا يصح في ديننا الغدر ، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، ثم دفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا جيدا ، فاستله الآخر ، فقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت به ، فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه ، فأخذه وعلاه به فضربه حتى برد ، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه : لقد رأى هذا ذعرا ، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ويلك ما لك ؟ قال : قتل والله صاحبي وإني لمقتول ، فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف حتى وقف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا نبي الله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ويل أمه مسعر حرب ، لو كان معه أحد ، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، وبلغ المسلمين الذين كانوا حبسوا بمكة قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بصير : ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد ، فخرج عصابة منهم إليه ، وانفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير ، حتى اجتمع إليه قريب من سبعين رجلا فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه فهو آمن ، فأرسل إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقدموا عليه بالمدينة ، فأنزل الله تعالى : "
وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا " حتى بلغ " حمية الجاهلية " ، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينه وبين البيت .قال الله - عز وجل - : ( هم الذين كفروا ) يعني كفار مكة ( وصدوكم عن المسجد الحرام ) أن تطوفوا به ( والهدي ) أي : وصدوا الهدي ، وهي البدن التي ساقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت سبعين بدنة ( معكوفا ) محبوسا ، يقال : عكفته عكفا إذا حبسته وعكوفا لازم ، كما يقال : رجع رجعا ورجوعا ( أن يبلغ محله ) منحره وحيث يحل نحره يعني الحرم ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) يعني المستضعفين بمكة ( لم تعلموهم ) لم تعرفوهم ( أن تطئوهم ) بالقتل وتوقعوا بهم ( فتصيبكم منهم معرة بغير علم ) قال ابن زيد : معرة إثم . وقال ابن إسحاق : غرم الدية .
وقيل : الكفارة لأن الله - عز وجل - أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة دون الدية ، فقال : "
فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " ( النساء - 92 ) .وقيل : هو أن المشركين يعيبونكم ويقولون قتلوا أهل دينهم ، والمعرة : المشقة ، يقول : لولا أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم فيلزمكم بهم كفارة أو يلحقكم سبة . وجواب لولا محذوف ، تقديره : لأذن لكم في دخولها ولكنه حال بينكم وبين ذلك .
( ليدخل الله في رحمته من يشاء ) فاللام في "
ليدخل " متعلق بمحذوف دل عليه معنى الكلام ، يعني : حال بينكم وبين ذلك ليدخل الله في رحمته في دين الإسلام من يشاء من أهل مكة بعد الصلح قبل أن تدخلوها ( لو تزيلوا ) لو تميزوا يعني المؤمنين من الكفار ( لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) بالسبي والقتل بأيديكم .وقال بعض أهل العلم : "
لعذبنا " جواب لكلامين أحدهما : " لولا رجال " ، والثاني : " لو تزيلوا " ، ثم قال : ( ليدخل الله في رحمته من يشاء ) يعني المؤمنين والمؤمنات . - ابن كثير : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
يقول تعالى مخبرا عن الكفار من مشركي العرب من قريش ومن مالأهم على نصرتهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هم الذين كفروا ) أي : هم الكفار دون غيرهم ، ( وصدوكم عن المسجد الحرام ) أي : وأنتم أحق به ، وأنتم أهله في نفس الأمر ، ( والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) أي : وصدوا الهدي أن يصل إلى محله ، وهذا من بغيهم وعنادهم ، وكان الهدي سبعين بدنة ، كما سيأتي بيانه .
وقوله : ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) أي : بين أظهرهم ممن يكتم إيمانه ويخفيه منهم خيفة على أنفسهم من قومهم ، لكنا سلطناكم عليهم فقتلتموهم وأبدتم خضراءهم ، ولكن بين أفنائهم من المؤمنين والمؤمنات أقوام لا تعرفونهم حالة القتل ; ولهذا قال : ( لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة ) أي : إثم وغرامة ( بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء ) أي : يؤخر عقوبتهم ليخلص من بين أظهرهم المؤمنين ، وليرجع كثير منهم إلى الإسلام .
ثم قال : ( لو تزيلوا ) أي : لو تميز الكفار من المؤمنين الذين بين أظهرهم ( لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) أي : لسلطناكم عليهم فلقتلتموهم قتلا ذريعا .
قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج - حدثنا عبد الرحمن بن أبي عباد المكي ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد - مولى بني هاشم - حدثنا حجر بن خلف : سمعت عبد الله بن عوف يقول : سمعت جنيد بن سبع يقول : قاتلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول النهار كافرا ، وقاتلت معه آخر النهار مسلما ، وفينا نزلت : ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) قال : كنا تسعة نفر : سبعة رجال وامرأتين .
ثم رواه من طريق أخرى عن محمد بن عباد المكي به ، وقال فيه : عن أبي جمعة جنيد بن سبع ، فذكره والصواب أبو جعفر : حبيب بن سباع . ورواه ابن أبي حاتم من حديث حجر بن خلف ، به . وقال : كنا ثلاثة رجال وتسع نسوة ، وفينا نزلت : ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة ، عن أبي حمزة ، عن عطاء عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) يقول : لو تزيل الكفار من المؤمنين ، لعذبهم الله عذابا أليما بقتلهم إياهم .
- القرطبى : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
قوله تعالى : هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما .
قوله تعالى : هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : هم الذين كفروا يعني قريشا ، منعوكم دخول المسجد الحرام عام الحديبية حين أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه بعمرة ، ومنعوا الهدي وحبسوه عن أن يبلغ محله . وهذا كانوا لا يعتقدونه ، ولكنه حملتهم الأنفة ودعتهم حمية الجاهلية إلى أن يفعلوا ما لا يعتقدونه دينا ، فوبخهم الله على ذلك وتوعدهم عليه ، وأدخل الأنس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببيانه ووعده .
الثانية : قوله تعالى : والهدي معكوفا أي محبوسا . وقيل : موقوفا . وقال أبو عمرو بن العلاء : مجموعا . الجوهري : عكفه أي : حبسه ووقفه ، يعكفه ويعكفه عكفا ، ومنه قوله تعالى : والهدي معكوفا ، يقال ما عكفك عن كذا . ومنه الاعتكاف في المسجد وهو الاحتباس . أن يبلغ محله أي منحره ، قاله الفراء . وقال الشافعي - رضي الله عنه - : الحرم . وكذا قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - ، المحصر محل هديه الحرم . والمحل ( بكسر الحاء ) : غاية الشيء . ( وبالفتح ) : هو الموضع الذي يحله الناس . وكان الهدي سبعين بدنة ، ولكن الله بفضله جعل ذلك الموضع له محلا .
وقد اختلف العلماء في هذا على ما تقدم بيانه في ( البقرة ) عند قوله تعالى : فإن أحصرتم والصحيح ما ذكرناه .
وفي صحيح مسلم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . وعنه قال : اشتركنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة . فقال رجل لجابر : أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور ؟ قال : ما هي إلا من البدن . وحضر جابر الحديبية قال : ونحرنا يومئذ سبعين بدنة ، اشتركنا كل سبعة في بدنة . وفي البخاري عن ابن عمر قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمرين ، فحال كفار قريش دون البيت ، فنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدنة وحلق رأسه . قيل : إن الذي حلق رأسه يومئذ خراش بن أمية بن أبي العيص الخزاعي ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أن ينحروا ويحلوا ، ففعلوا بعد توقف كان منهم أغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقالت له أم سلمة : لو نحرت لنحروا ، فنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديه ونحروا بنحره ، وحلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه ودعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة . ورأى كعب بن عجرة والقمل يسقط على وجهه ، فقال : [ أيؤذيك هوامك ] ؟ قال نعم ، فأمره أن يحلق وهو بالحديبية . خرجه البخاري والدارقطني . وقد مضى في ( البقرة )
الثالثة : قوله تعالى : والهدي الهدي والهدي لغتان . وقرئ حتى يبلغ الهدي محله بالتخفيف والتشديد ، الواحدة هدية . وقد مضى في ( البقرة ) أيضا . وهو معطوف على الكاف والميم من صدوكم ومعكوفا حال ، وموضع أن من قوله : أن يبلغ محله نصب على تقدير الحمل على صدوكم أي : صدوكم وصدوا الهدي عن أن يبلغ . ويجوز أن يكون مفعولا له ، كأنه قال : وصدوا الهدي كراهية أن يبلغ محله . أبو علي : لا يصح حمله على العكف ، لأنا لا نعلم ( عكف ) جاء متعديا ، ومجيء معكوفا في الآية يجوز أن يكون محمولا على المعنى ، كأنه لما كان حبسا حمل المعنى على ذلك ، كما حمل الرفث على معنى الإفضاء فعدي بإلى ، فإن حمل على ذلك كان موضعه نصبا على قياس قول سيبويه ، وجرا على قياس قول الخليل . أو يكون مفعولا له ، كأنه قال : محبوسا كراهية أن يبلغ محله . ويجوز تقدير الجر في أن لأن عن تقدمت ، فكأنه قال : وصدوكم عن المسجد الحرام ، وصدوا الهدي ( عن ) أن يبلغ محله . ومثله ما حكاه سيبويه عن يونس : مررت برجل إن زيد وإن عمرو ، فأضمر الجار لتقدم ذكره .
قوله تعالى : ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : ولولا رجال مؤمنون يعني المستضعفين من المؤمنين بمكة وسط الكفار ، كسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة وأبي جندل بن سهيل ، وأشباههم . لم تعلموهم أي : تعرفوهم . وقيل : لم تعلموهم أنهم مؤمنون . أن تطئوهم بالقتل والإيقاع بهم ، يقال : وطئت القوم ، أي : أوقعت بهم . وأن يجوز أن يكون رفعا على البدل من رجال ، ونساء كأنه قال ولولا وطؤكم رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات . ويجوز أن يكون نصبا على البدل من الهاء والميم في تعلموهم ، فيكون التقدير : لم تعلموا وطأهم ، وهو في الوجهين بدل الاشتمال . لم تعلموهم نعت ل ( رجال ) و ( نساء ) ، وجواب لولا محذوف ، والتقدير : ولو أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة ، ولسلطكم عليهم ، ولكنا صنا من كان فيها يكتم إيمانه . وقال الضحاك : لولا من في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم من رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموا أن تطئوا آباءهم فتهلك أبناؤهم .
الثانية : قوله تعالى : فتصيبكم منهم معرة بغير علم المعرة العيب ، وهي مفعلة من العر وهو الجرب ، أي : يقول المشركون : قد قتلوا أهل دينهم . وقيل : المعنى يصيبكم من قتلهم ما يلزمكم من أجله كفارة قتل الخطأ ; لأن الله تعالى إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها ولم يعلم بإيمانه الكفارة دون الدية في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة قاله الكلبي ومقاتل وغيرهما . وقد مضى في ( النساء ) القول فيه . وقال ابن زيد : معرة : إثم . وقال الجوهري وابن إسحاق : غرم الدية . قطرب : شدة . وقيل : غم .
الثالثة : قوله تعالى : بغير علم تفضيل للصحابة وإخبار عن صفتهم الكريمة من العفة عن المعصية والعصمة عن التعدي ، حتى لو أنهم أصابوا من ذلك أحدا لكان عن غير قصد . وهذا كما وصفت النملة عن جند سليمان - عليه السلام - في قولها : لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون .
قوله تعالى : ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا فيه أربع مسائل : الأولى : قوله تعالى : ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا اللام في ليدخل متعلقة بمحذوف ، أي : لو قتلتموهم لأدخلهم الله في رحمته . ويجوز أن تتعلق بالإيمان . ولا تحمل على مؤمنين دون مؤمنات ولا على مؤمنات دون مؤمنين لأن الجميع يدخلون في الرحمة . وقيل : المعنى لم يأذن الله لكم في قتال المشركين ليسلم بعد الصلح من قضى أن يسلم من أهل مكة ، وكذلك كان ؛ أسلم الكثير منهم وحسن إسلامه ، ودخلوا في رحمته ، أي : جنته .
الثانية : قوله تعالى : لو تزيلوا أي تميزوا ، قاله القتبي . وقيل : لو تفرقوا ، قاله الكلبي . وقيل : لو زال المؤمنون من بين أظهر الكفار لعذب الكفار بالسيف ، قاله الضحاك ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار . وقال علي - رضي الله عنه - : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا فقال : [ هم المشركون من أجداد نبي الله ومن كان بعدهم وفي عصرهم كان في أصلابهم قوم مؤمنون فلو تزيل المؤمنون عن أصلاب الكافرين لعذب الله تعالى الكافرين عذابا أليما ] .
الثالثة : هذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن ، إذ لا يمكن أذية الكافر إلا بأذية المؤمن . قال أبو زيد قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن قوما من المشركين في حصن من حصونهم ، حصرهم أهل الإسلام وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم ، أيحرق هذا الحصن أم لا ؟ قال : سمعت مالكا وسئل عن قوم من المشركين في مراكبهم : أنرمي في مراكبهم بالنار ومعهم الأسارى في مراكبهم ؟ قال : فقال مالك لا أرى ذلك ، لقوله تعالى لأهل مكة : لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما وكذلك لو تترس كافر بمسلم لم يجز رميه . وإن فعل ذلك فاعل فأتلف أحدا من المسلمين فعليه الدية والكفارة . فإن لم يعلموا فلا دية ولا كفارة ، وذلك أنهم إذا علموا فليس لهم أن يرموا ، فإذا فعلوه صاروا قتلة خطأ والدية على عواقلهم . فإن لم يعلموا فلهم أن يرموا . وإذا أبيحوا الفعل لم يجز أن يبقى عليهم فيها تباعة . قال ابن العربي : وقد قال جماعة إن معناه لو تزيلوا عن بطون النساء وأصلاب الرجال . وهذا ضعيف ; لأن من في الصلب أو في البطن لا يوطأ ولا تصيب منه معرة . وهو سبحانه قد صرح فقال : ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم ، وذلك لا ينطلق على من في بطن المرأة وصلب الرجال ، وإنما ينطلق على مثل الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، وأبي جندل بن سهيل . وكذلك قال مالك : وقد حاصرنا مدينة الروم فحبس عنهم الماء ، فكانوا ينزلون الأسارى يستقون لهم الماء ، فلا يقدر أحد على رميهم بالنبل ، فيحصل لهم الماء بغير اختيارنا . وقد جوز أبو حنيفة وأصحابه والثوري الرمي في حصون المشركين وإن كان فيهم أسارى من المسلمين وأطفالهم . ولو تترس كافر بولد مسلم رمي المشرك ، وإن أصيب أحد من المسلمين فلا دية فيه ولا كفارة . وقال الثوري : فيه الكفارة ولا دية . وقال الشافعي بقولنا . وهذا ظاهر ، فإن التوصل إلى المباح بالمحظور لا يجوز ، سيما بروح المسلم ، فلا قول إلا ما قالهمالك - رضي الله عنه - . والله أعلم .
قلت : قد يجوز قتل الترس ، ولا يكون فيه اختلاف إن شاء الله ، وذلك إذا كانت المصلحة ضرورية كلية قطعية . فمعنى كونها ضرورية : أنها لا يحصل الوصول إلى الكفار إلا بقتل الترس . ومعنى أنها كلية : أنها قاطعة لكل الأمة ، حتى يحصل من قتل الترس مصلحة كل المسلمين ، فإن لم يفعل قتل الكفار الترس واستولوا على كل الأمة . ومعنى كونها قطعية : أن تلك المصلحة حاصلة من قتل الترس قطعا . قال علماؤنا : وهذه المصلحة بهذه القيود لا ينبغي أن يختلف في اعتبارها ; لأن الفرض أن الترس مقتول قطعا ، فإما بأيدي العدو فتحصل المفسدة العظيمة التي هي استيلاء العدو على كل المسلمين . وإما بأيدي المسلمين فيهلك العدو وينجو المسلمون أجمعون . ولا يتأتى لعاقل أن يقول : لا يقتل الترس في هذه الصورة بوجه ; لأنه يلزم منه ذهاب الترس والإسلام والمسلمين ، لكن لما كانت هذه المصلحة غير خالية من المفسدة ، نفرت منها نفس من لم يمعن النظر فيها ، فإن تلك المفسدة بالنسبة إلى ما يحصل منها عدم أو كالعدم . والله أعلم .
الرابعة : قراءة العامة لو تزيلوا إلا أبا حيوة فإنه قرأ ( تزايلوا ) وهو مثل تزيلوا في المعنى . والتزايل : التباين . وتزيلوا تفعلوا ، من زلت . وقيل : هي تفيعلوا . لعذبنا الذين كفروا قيل : اللام جواب لكلامين ، أحدهما : لولا رجال والثاني : لو تزيلوا وقيل : جواب لولا محذوف ، وقد تقدم . ولو تزيلوا ابتداء كلام .
- الطبرى : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
القول في تأويل قوله تعالى : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)
يقول تعالى ذكره: هؤلاء المشركون من قريش هم الذين جحدوا توحيد الله, وصدوكم أيها المؤمنون بالله عن دخول المسجد الحرام, وصدوا الهدي معكوفا: يقول: محبوسًا عن أن يبلغ محله. فموضع " أن " نصب لتعلقه إن شئت بمعكوف, وإن شئت بصدّوا. وكان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك: وصدّوا الهدي معكوفا كراهية أن يبلغ محله.
وعنى بقوله تعالى ذكره: ( أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) أن يبلغ محلّ نحره, وذلك دخول الحرم, والموضع الذي إذا صار إليه حلّ نحره, وكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ساق معه حين خرج إلى مكة في سَفرته تلك سبعين بدنة.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني محمد بن إسحاق, عن محمد بن مسلم الزهري, عن عروة بن الزبير, عن المِسْوَر بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدّثاه, قالا خرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عام الحُديبية يريد زيارة البيت, لا يريد قتالا وساق الهَدي معه سبعين بدنة وكان الناس سبعَمائة رجل, فكانت كلّ بدنة عن عشرة .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا ) : أي محبوسا( أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) وأقبل نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه معتمرين في ذي القعدة, ومعهم الهدي, حتى إذا كانوا بالحُديبية, صدّهم المشركون, فصالحهم نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على أن يرجع من عامه ذلك, ثم يرجع من العام المقبل, فيكون بمكة ثلاث ليال, ولا يدخلها إلا بسلاح الراكب, ولا يخرج بأحد من أهلها, فنحروا الهدي, وحلقوا, وقصَّروا, حتى إذا كان من العام المقبل, أقبل نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه حتى دخلوا مكة معتمرين في ذي القعدة, فأقام بها ثلاث ليال, وكان المشركون قد فجروا عليه حين ردّوه, فأقصه الله منهم فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردّوه فيه, فأنـزل الله الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ .
حدثني محمد بن عمارة الأسديّ وأحمد بن منصور الرمادي, واللفظ لابن عمارة, قالا حدثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا موسى بن عبيدة, عن إياس من سَلمة بن الأكوع, عن أبيه, قال: بعثت قريش سُهَيل بن عمرو, وحويطب بن عبد العُزَّى, وحفص بن فلان إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليصالحوه فلما رآهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيهم سُهَيل بن عمرو, قال: قد سهَّل الله لكم من أمركم, القوم ماتُّون إليكم بأرحامهم وسائلوكم الصلح, فابعثوا الهَدي, وأظهروا التلبية, لعلّ ذلك يلين قلوبهم, فلبوا من نواحي العسكر حتى ارتجَّت أصواتهم بالتَّلبية, فجاءوا فسألوه الصلح; قال: فبينما الناس قد توادعوا وفي المسلمين ناس من المشركين, قال: فقيل به أبو سفيان; قال: وإذا الوادي يسيل بالرجال; قال: قال إياس, قال سلمة: فجئت بستة من المشركين متسلحين أسوقهم, لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا, فأتيت بهم النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فلم يسلب ولم يقتل وعفا; قال: فشددنا على من في أيدي المشركين منا, فما تركنا في أيديهم منا رجلا إلا استنقذناه; قال: وغلبنا على من في أيدينا منهم; ثم إن قريشا بعثوا سُهَيل بن عمرو, وحويطبا, فولوا صلحهم, وبعث النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عليا في صلحه; فكتب عليّ بينهم: بسم الله الرحمن الرحيم, هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قريشا, صالحهم على أنه لا إهلال ولا امتلال, وعلى أنه من قَدِم مكة من أصحاب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حاجا أو معتمرا, أو يبتغي من فضل الله, فهو آمن على دمه وماله; ومن قدم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله, فهو آمن على دمه وماله; وعلى أنه من جاء محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من قريش فهو إليهم رُدّ, ومن جاءهم من أصحاب محمد فهو لهم. فاشتدّ ذلك على المسلمين, فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: مَنْ جَاءَهُمْ مِنَّا فأَبْعَدَهُ اللّهُ, وَمَنْ جاءنَا مِنْهُمْ فَرَدَدْناه إلَيْهِم فَعَلِم اللّهُ الإسْلامَ من نفسه, جَعَلَ لَهُ مَخْرَجا. فصالحوه على أنه يعتمر في عام قابل في هذا الشهر, لا يدخل علينا بخيل ولا سلاح, إلا ما يحمل المسافر في قِرابه, يثوي فينا ثلاث ليال, وعلى أن هذا الهَدْي حيثما حبسناه محلَّه لا يقدمه علينا. فقال لهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: نَحْن نَسُوقُهُ وأنْتُمْ تَرُدونَ وُجُوهَهُ, فسار رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مع الهدي وسار الناس ".
حدثني محمد بن عمارة, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا موسى, قال: أخبرني أبو مُرّة مولى أمّ هانئ, عن ابن عمر, قال: "
كان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية عرض له المشركون, فردُوا وجوهه; قال: فنحر النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الهدي حين حبسوه, وهي الحُديبية, وحلق, وتأسّى به أُناس حين رأوه حلق, وتربَّص آخرون, فقالوا: لعلنا نطوف بالبيت, فقال رسول الله: رَحِمَ اللّهُ المُحَلِّقِينَ, قيل: والمقصرين, قال: رَحِمَ اللّهُ المحَلِّقِينَ, قيل: والمقصرين, قال: والمُقَصِّرينَ" .حدثنا ابن حميد, قال: ثنا الحكم بن بشير, قال: ثنا عمر بن ذَرّ الهمداني, عن مجاهد "
أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اعتمر ثلاث عمر, كلها في ذي القعدة, يرجع في كلها إلى المدينة, منها العمرة التي صدّ فيها الهدي, فنحره في محله, عند الشجرة, وشارطوه أن يأتي في العام المقبل معتمرا, فيدخل مكة, فيطوف بالبيت ثلاثة أيام, ثم يخرج, ولا يحبسون عنه أحدا قدم معه, ولا يخرج من مكة بأحد كان فيها قبل قدومه من المسلمين; فلما كان من العام المقبل دخل مكة, فأقام بها ثلاثا يطوف بالبيت ; فلما كان اليوم الثالث قريبا من الظهر, أرسلوا إليه: إن قومك قد آذاهم مقامك, فنُودي في الناس: لا تغرب الشمس وفيها أحد من المسلمين قَدم مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ".حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الزهريّ, عن عروة بن الزبير, عن المسور بن مخرمة, قال: خرج النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زمن الحُديبية في بضع عشرة مئة من أصحابه, حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلَّد الهدي وأشعره, وأحرم بالعمرة, وبعث بين يديه عينا له من خُزاعة يخبره عن قريش, وسار النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من قُعَيقعان, أتاه عينه الخزاعيّ, فقال. إني تركت كعب بن لؤيّ وعامر بن لؤيّ قد جمعوا لك الأحابيش, وجمعوا لك جموعا, وهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت, فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أشيرُوا عَليَّ, أتَرَوْنَ أنْ نَمِيلَ على ذَرَارِي هَؤُلاءِ الَّذِينَ أعانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ, فإنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْزُونِينَ وإنْ لَحُّوا تَكُنْ عُنُقا قَطَعَها الله؟ أمْ تَرَوْنَ أنَّا نَؤُمُّ الْبَيْتَ, فَمنْ صَدّنا عَنْهُ قاتَلْناهُ؟ "
فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله: إنا لم نأتِ لقتال أحد, ولكن من حالَ بيننا وبين البيت قاتلناه ; فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فَروّحُوا إذًا; وكان أبو هريرة يقول: ما رأيت أحدا قطّ كان أكثر مُشاورة لأصحابه من النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق, قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنَّ خالدَ بنَ الوَلِيدِ بالغَمِيم في خَيْل لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً, فخُذُوا ذَاتَ الْيمِينِ, فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقُتْرة الجيش, فانطلق يركض نذيرا لقريش, وسار النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, حتى إذا كان بالثنية التي يُهْبط عليهم منها, بركت به راحلته; فقال الناس: حَلْ حَلْ, (2) فقال: ما حَلْ ؟ فقالوا: خَلأتِ القَصْواء, (3) فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ما خَلأتْ ومَا ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ, ولَكِنَّها حَبَسَها حابِسُ الفِيل, ثم قال: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَسألُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ بِها حُرُماتِ اللّهِ إلا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاها, ثم زُجِرت فوثبت فعدل عنهم حتى نـزل بأقصى الحُديبية على ثمد قليل الماء, إنما يتبرّضه الناس تبرّضا, فلم يلبث الناس أن نـزحوه, فشُكِي إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم العطش, فنـزع سهما من كنانته, ثم أمرهم أن يجعلوه فيه, فوالله ما زال يجيش لهم بالرِّيّ حتى صدروا عنه, فبينما هم كذلك جاء بُدَيل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خُزاعة, وكانوا عَيبة نصح رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من أهل تهامة, فقال: إني تركت كعب بن لُؤَيّ, وعامر بن لُؤَيّ, قد نـزلوا أعداد مياه الحُديبية معهم العوْذ المطافيل, وهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " إنَّا لَمْ نأْتِ لِقِتالِ أَحَدٍ, وَلَكِنَّا جِئْنا مُعْتَمِرِينَ, وَإنَّ قُرَيْشا قَدْ نَهَكَتْهُمُ الحَرْبُ, وأَضَرَّتْ بِهمْ, فإنْ شاءُوا مادَدْناهُمْ مُدَّةً, ويُخْلُوا بَيْنِي وَبَينَ النَّاسِ, فإنْ أظْهَرَ فإنْ شاءوا أنْ يَدْخُلُوا فيما دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا, وَإلا فَقَدْ جَمُّوا وَإنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لأقاتِلنَّهُمْ عَلى أمْرِي هَذَا حتى تَنْفَرِدَ سالِفَتي, أوْ لَيُنْفِذَن اللّه أمْرَهُ فقال بديل: سنبلغهم ما تقول, فانطلق حتى أتى قريشا, فقال: إنا جئناكم من عند هذا الرجل, وسمعناه يقول قولا فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا; قال سفهاؤهم: لا حاجة لنا في أن تحدّثنا عنه بشيء, وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته; يقول: قال سمعته يقول كذا وكذا, فحدثهم بما قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقام عُروة بن مسعود الثقفي, فقال: أيْ قوم, ألستم بالولد؟ قالوا: بلى; قال: أولست بالوالد؟ قالوا: بلى, قال: فهل أنتم تتهموني؟ قالوا: لا قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ, فلما بلحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا: بلى; قال: فإن هذا الرجل قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها, ودعوني آته; فقالوا: ائته, فأتاه, فجعل يكلم النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نحوا من مقالته لبُديل; فقال عروة عند ذلك: أي محمد, أرأيت إن استأصلت قومك, فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأوباشا من الناس خليقا أن يفرّوا ويدعوك, فقال أبو بكر: امصُصْ بظر اللات, واللاتُ: طاغية ثقيف الذي كانوا يعبدون, أنحن نفرّ وندعه؟ فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو بكر, فقال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك ; وجعل يكلم النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فكلما كلمه أخذ بلحيته, والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبيّ ومعه السيف, وعليه المغفر; فكلما أهوى عروة إلى لحية رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, ضرب يده بنصل السيف, وقال: أخِّر يدك عن لحيته, فرفع رأسه فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة, قال: أي غُدَرُ أولست أسعى في غدرتك. وكان المُغيرة بن شعبة صحب قوما في الجاهلية, فقتلهم وأخذ أموالهم, ثم جاء فأسلم, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أمَّا الإسْلامُ فَقَدْ قَبِلْناهُ, وأمَّا المَالُ فإنَّه مَالُ غَدْرٍ لا حاجَةَ لنَا فِيهِ. وإن عُروة جعل يرمق أصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعينه, فوالله إن تنخم النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم, فدلك بها وجهه وجلده, وإذا أمرهم ابتدروا أمره, وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه, وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده, وما يحدّون النظر إليه تعظيما له, فرجع عروة إلى أصحابه, فقال أي قوم, والله لقد وفدت على الملوك, ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشيّ, والله ما رأيت مَلِكا قطّ يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا ; والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده, وإذا أمرهم ابتدروا أمره, وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه, وإذا تكلموا عنده خفوا أصواتهم, وما يحدّون النظر إليه تعظيما له, وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.فقال رجل من كنانة: دعوني آته, فقالوا: ائته; فلما أشرف على النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه, قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "
هذا فلان, وهو من قوم يعظمون البدن, فابعثوها له, فبعثت له, واستقبله قوم يلبون; فلما رأى ذلك قال سبحان الله, ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت, فقام رجل منهم يقال له مِكْرز بن حفص, فقال: دعوني آته, فقالوا ائته, فلما أشرف على النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه, قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هَذَا مِكْرِز بْنُ حَفْصٍ, وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ؛ فجاء فجعل يكلم النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فبينما هو يكلمه, إذ جاء سُهَيل بن عمرو, قال أيوب, قال عكرِمة: إنه لما جاء سُهَيل, قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قد سهل لكم من أمركم. قال الزهري. فجاء سهيل بن عمرو, فقال: هات نكتب بيننا وبينك كتابا; فدعا الكاتب فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, فقال: ما الرحمن ؟ فوالله ما أدري ما هو, ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب, فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: اكْتُبْ: باسْمِكَ اللَّهُمَّ ثم قال: اكْتُبْ: هَذَا ما قاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ, فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت, ولا قاتلناك, ولكن اكتب: محمد بن عبد الله, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وَاللّهِ إنّي لَرَسُولُ اللّهِ وَإِنْ كَذَبْتُمُوني, وَلَكِن اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ; قال الزهري: وذلك لقوله: وَاللّهِ لا يَسألُوني خُطَّةً يُعَظِّمُونَ بِها حُرُماتِ اللهِ إلا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاها; فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: عَلى أنْ تُخَلُّوا بَيْنَنا وَبيْنَ البَيْتِ, فَنَطُوفُ بِهِ; قال سُهيل: والله لا تتحدّث العرب أنا أُخِذنا ضغطة, ولكن لك من العام المقبل, فكتب فقال سهيل, وعلى أنه لا يأتيك منا رجل إن كان على دينك إلا رددته إلينا, فقال المسلمون: سبحان الله, وكيف يُرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟ فبينما هم كذلك, إذا جاء أبو جَنْدل بن سُهيل بن عمرو يرسُف في قيوده, قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين, فقال سهيل: هذا يا محمد أوّل من أقاضيك عليه أن تردّه إلينا, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فَأَجِرْهُ لي, فقال: ما أنا بمجيره لك, قال: بلى فافعل, قال: ما أنا بفاعل; قال صاحبه مِكْرز وسهيل إلى جنبه: قد أجرناه لك; فقال أبو جندل أي معاشر المسلمين, أأُردّ إلى المشركين وقد جئتُ مسلما؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ كان قد عُذّب عذابا شديدا في الله.قال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ, فأتيت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل ؟ قال: بلى, قلت: فِلم نعطَى الدنية في ديننا إذا ؟ قال: إنّي رَسُولُ اللّهِ, وَلَسْتُ أَعْصِيه وَهُوَ ناصري, قلت: ألست تحدِّثنا أنا سنأتي البيت, فنطوف به؟ قال: بَلى, قال: فأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا قال: فإنِّكَ آتِيهِ وَمتطَوّفٌ به; قال: ثم أتيت أبا بكر, فقلت: أليس هذا نبيّ الله حقا؟ قال: بلى, قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل ؟ قال: بلى, قلت: فلِم نعطَى الدنية في ديننا إذا؟ قال أيها الرجل إنه رسول الله, وليس يعصِي ربه, فاستمسك بغرزه حتى تموت, فوالله إنه لعلى الحقّ; قلت: أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى, أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قال: لا قال: فإنك آتيه ومتطوّف به. قال الزُّهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا فلما فرغ من قصته, قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لأصحابه: قُومُوا فانحَروا ثم احْلِقُوا, قال: فوالله ما قام منا رجل حتى قال ذلك ثلاث مرّات ; فلما لم يقم منهم أحد, قام فدخل على أم سلمة, فذكر لها ما لقي من الناس, فقالت أُمُّ سلمة: يا رسول الله أتحبّ ذلك؟ اخرج, ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك, وتدعو حالقك فيحلقك, فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة, حتى نحر بدنه, ودعا حالقه فحلقه; فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا, وجعل بعضهم يحلق بعضا, حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما; ثم جاءه نسوة مؤمنات, فأنـزل الله عزّ وجلّ عليه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ حتى بلغ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ قال: فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك; قال: فنهاهم أن يردوهن, وأمرهم أن يردّوا الصداق حينئذ; قال رجل للزهريّ: أمن أجل الفروج؟ قال: نعم, فتزوّج إحداهما معاوية بن أبي سفيان, والأخرى صفوان بن أمية, ثم رجع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى المدينة, فجاءه أبو بصير, رجل من قريش, وهو مسلم, فأرسل في طلبه رجلان, فقالا العهد الذي جعلت لنا, فدفعه إلى الرجلين, فخرجا به, حتى إذا بلغا ذا الحليفة, فنـزلوا يأكلون من تمر لهم, فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا, فاستله الآخر فقال: والله إنه لجيد, لقد جربت به وجربت; فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه, فضربه به حتى برد وفرّ الآخر حتى أتى المدينة, فدخل المسجد يعدو, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: رأى هَذَا ذُعْرًا, فقال: والله قتل صاحبي, وإني والله لمقتول, فجاء أبو بصير فقال: قد والله أوفى الله ذمتك ورددتني إليهم, ثم أغاثني الله منهم, فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وَيْلُ أمِّهِ مِسْعَرُ حَرْب لَوْ كانَ لَهُ أحَدٌ؛ فلما سمع عرف أنه سيردّه إليهم; قال: فخَرج حتى أتى سيف البحر, وتفلَّت أبو جندل بن سهيل بن عمرو, فلحق بأبي بصير, فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير, حتى اجتمعت منهم عصابة, فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشأم إلا اعترضوا لهم فقتلوهم, وأخذوا أموالهم, فأرسلت قريش إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يناشدونه الله والرحم لما أرسل إليهم, فمن أتاه فهو آمن فأنـزل الله ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ ) حتى بلغ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وكانت حميتهم أنهم لم يقرّوا أنه نبيّ, ولم يقرّوا ببسم الله الرحمن الرحيم, وحالوا بينهم وبين البيت ".
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا يحيى بن سعيد, قال: ثنا عبد الله بن المبارك, قال: أخبرنا معمر, عن الزهريّ, عن عروة, عن المسور بن مخرمة, ومروان بن الحكم, قالا خرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زمن الحُديبية في بضع عشرة مئة, ثم ذكر نحوه, إلا أنه قال في حديثه, قال الزهريّ, فحدثني القاسم بن محمد, أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: فأتيت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقلت: ألست برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ؟ قال: بَلى, قال أيضا: وخرج أبو بصير والذين أسلموا من الذين رَدّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى لحقوا بالساحل على طريق عير قريش, فقتلوا من فيها من الكفار وتغنَّموها; فلما رأى ذلك كفار قريش, ركب نفر منهم إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقالوا له: إنها لا تغني مدتك شيئا, ونحن نقتل وتُنهب أمولنا, وإنا نسألك أن تدخل هؤلاء في الذين أسلموا منا في صلحك وتمنعهم, وتحجز عنا قتالهم, ففعل ذلك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأنـزل الله: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ , ثم ساق الحديث إلى آخره ", نحو حديث ابن عبد الأعلى.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهريّ, عن عروة بن الزبير, عن المسور بن مخرمة, ومروان بن الحكم أنهما حدّثاه, قالا " خرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عام الحُديبية, يريد زيارة البيت, لا يريد قتالا وساق معه هديه سبعين بدنة, حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي, فقال له: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك, فخرجوا معهم العوذُ المطافيلُ قد لبسوا جلود النمور, ونـزلوا بذي طوى يعاهدون الله, لا تدخلها عليهم أبدا, وهذا خالد بن الوليد في خيلهم, قد قدموها إلى كراع الغميم; قال: فقال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: يا وَيْحَ قُرَيْشٍ لَقَدْ أهْلَكَتْهُمُ الحَرْبُ, ماذَا عَلَيْهمْ لَوْ خَلُّوا بَيْنِي وَبَينَ سائِرِ العَرب فإنْ هُمْ أصابُونِي كانَ ذلكَ الَّذِي أرَادُوا, وَإنْ أظْهَرَنِي اللّهُ عَلَيْهِم دَخَلُوا فِي الإسْلامِ دَاخِرِينَ" ثم ذكر نحو حديث معمر بزيادات فيه كثيرة, على حديث معمر تركت ذكرها.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) قال: كان الهدي بذي طوى, والحُديبية خارجة من الحرم, نـزلها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حين غِوَّرت قريش عليه الماء.
وقوله ( وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يقول تعالى ذكره: ولولا رجال من أهل الإيمان ونساء منهم أيها المؤمنون بالله أن تطئوهم بخيلكم ورجلكم لم تعلموهم بمكة, وقد حبسهم المشركون بها عنكم, فلا يستطيعون من أجل ذلك الخروج إليكم فتقتلوهم.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ )... حتى بلغ ( بِغَيْرِ عِلْمٍ ) هذا حين رد محمد وأصحابه أن يدخلوا مكة, فكان بها رجال مؤمنون ونساء مؤمنات, فكره الله أن يؤذوا أو يوطئوا بغير علم, فتصيبكم منهم معرّة بغير علم.
واختلف أهل التأويل في المعرّة التي عناها الله في هذا الموضع, فقال بعضهم: عني بها الإثم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) قال: إثم بغير علم.
وقال آخرون: عني بها غرم الدية.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) فتخرجوا ديته, فأما إثم فلم يحسبه عليهم. والمعرّة: هي المفعلة من العرّ, وهو الجرب وإنما المعنى: فتصيبكم من قبلهم معرّة تعرّون بها, يلزمكم من أجلها كفَّارة قتل الخطأ, وذلك عتق رقبة مؤمنة, من أطاق ذلك, ومن لم يطق فصيام شهرين .
وإنما اخترت هذا القول دون القول الذي قاله ابن إسحاق, لأن الله إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها, ولم يكن قاتله علم إيمانه الكفارة دون الدية, فقال فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لم يوجب على قاتله خطأ ديته, فلذلك قلنا: عني بالمعرّة في هذا الموضع الكفارة, و ( أن ) من قوله ( أَنْ تَطَئُوهُمْ ) في موضع رفع ردًا على الرجال, لأن معنى الكلام: ولولا أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم, فتصيبكم منهم معرّة بغير علم لأذن الله لكم أيها المؤمنون في دخول مكة, ولكنه حال بينكم وبين ذلك ( لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ) يقول: ليدخل الله في الإسلام من أهل مكة من يشاء قبل أن تدخلوها, وحذف جواب لولا استغناء بدلالة الكلام عليه.
وقوله ( لَوْ تَزَيَّلُوا ) يقول: لو تميز الذين في مشركي مكة من الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات الذين لم تعلموهم منهم, ففارقوهم وخرجوا من بين أظهرهم ( لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) يقول: لقتلنا من بقي فيها بالسيف, أو لأهلكناهم ببعض ما يؤلمهم من عذابنا العاجل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( لَوْ تَزَيَّلُوا )... الآية, إن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمع الضحاك يقول في قوله ( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ ) يعني أهل مكة كان فيهم مؤمنون مستضعفون: يقول الله لولا أولئك المستضعفون لو قد تزيَّلوا, لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما.
حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( لَوْ تَزَيَّلُوا ) لو تفرّقوا, فتفرّق المؤمن من الكافر, لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما.
- ابن عاشور : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25(
{ بَصِيراً * هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام والهدى مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مؤمنات لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ } .
استئناف انتقل به من مقام الثناء على المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اكتسبوا بتلك البيعة من رضى الله تعالى وجزائه ثواب الآخرة وخير الدنيا عاجله وآجله ، وضمان النصر لهم في قتال المشركين ، ومَا هَيَّأ لهم من أسباب النصر إلى تعيير المشركين بالمذمة التي أتوا بها وهي صد المسلمين عن المسجد الحرام وصد الهدْي عن أن يبلغ به إلى أهله ، فإنها سبة لهم بين العرب وهم أولى الناس بالحفاوة بمن يعتمرون ، وهم يزعمون أنهم أهل حرم الله زواره ومعظّميه ، وقد كان من عادتهم قبول كل زائر للكعبة من جميع أهل الأديان ، فلا عذر لهم في منع المسلمين ولكنهم حملتهم عليه الحمية .
وضمير الغيبة المفتتح به عائد إلى الذين كفروا من قوله : { ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار } [ الفتح : 22 ] الآية . والمقصود بالافتتاح بضميرهم هنا لاسترعاء السمع لما يرد بعده من الخبر كما إذا جره حديث عن بطل في يوم من أيام العرب ثم قال قائل عثرة هو البطن المحامي .
والمقصود من الصلة هو جملة { صدوكم عن المسجد الحرام } وذكر { الذين كفروا } إدماج للنداء عليهم بوصف الكفر ولهذا الإدماج نكتة أيضاً ، وهي أن وصف الذين كفروا بمنزلة الجنس صار الموصول في قوة المعرف بلام الجنس فتفيد جملة { هم الذين كفروا } قصر جنس الكفر على هذا الضمير لقصد المبالغة لكمالهم في الكفر بصدهم المعتمرين عن المسجد الحرام وصد الهدي عن أن يبلغ محله .
والهديُ : ما يهدى إلى الكعبة من الأنعام ، وهو من التسمية باسم المصدر ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع كحكم المصدر قال تعالى : { والهَدْي والقلائد } [ المائدة : 97 ] أي الأنعام المهدية وقلائدها وهو هنا الجمع .
والمعكوفُ : اسم مفعول عَكَفه ، إذ ألزمَه المكث في مكان ، يقال : عكفه فعكَف فيستعمل قاصراً ومتعدياً عن ابن سِيده وغيره كما يقال : رجَعه فرجَع وجَبره فجَبر . وقال أبو علي الفارسي : لا أعرف عكف متعدياً ، وتأول صيغة المفعول في قوله تعالى : { معكوفاً } على أنها لتضمين عكَف معنى حبس . وفائدة ذكر هذا الحال التشنيع على الذين كفروا في صدهم المسلمين عن البيت بأنهم صدوا الهدايا أن تبلغ محلها حيث اضطّر المسلمون أن ينحروا هداياهم في الحديبية فقد عطلوا بفعلهم ذلك شعيرة من شعائر الله ، ففي ذكر الحال تصوير لهيئة الهدايا وهي محبوسة .
ومعنى صدهم الهدي : أنهم صدوا أهل الهدي عن الوصول إلى المنحر من منى . وليس المراد : أنهم صدوا الهدايا مباشرة لأنه لم ينقل أن المسلمين عرضوا على المشركين تخلية من يذهب بهداياهم إلى مكة لِتُنحر بها .
وقوله : { أن يبلغ محله } أن يكون بدل اشتمال من { الهدي } ويجوز أن يكون معمولاً لِحرف جر محذوف وهو ( عن ( ، أي عن أن يبلغ محله .
والمحِلّ بكسر الحاء : محلّ الحِل مشتق من فعل حَلّ ضد حرُم ، أي المكان الذي يحِلّ فيه نحر الهدي ، وهو الذي لا يُجزىءُ غيره ، وذلك بمكة بالمروة بالنسبة للمعتمر ، ولذلك لما أُحصروا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحروا هديهم في مكانهم إذ تعذر إبلاغه إلى مكة لأن المشركين منعوهم من ذلك . ولم يثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بتوخّي جهة معينة للنحر من أرض الحديبية ، وذلك من سماحة الدين فلا طائل من وراء الخوض في اشتراط النحر في أرض الحرم للمحصرَ .
{ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مؤمنات لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ الله فِى رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً } .
أتبع النعي على المشركين سُوءَ فعلهم من الكفر والصد عن المسجد الحرام وتعطيل شعائر الله وَعْدَهُ المسلمين بفتح قريب ومغانم كثيرة ، بما يدفع غرور المشركين بقوتهم ، ويسكن تطلع المسلمين لتعجيل الفتح ، فبيّن أن الله كف أيدي المسلمين عن المشركين مع ما قرره آنفاً من قوله : { ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً } [ الفتح : 22 ] أنه إنما لم يأمر المسلمين بقتال عدوهم لمّا صدوهم عن البيت لأنه أراد رحمة جمع من المؤمنين والمؤمنات كانوا في خلال أهل الشرك لا يَعلمونهم ، وعصم المسلمين من الوقوع في مصائب من جراء إتلاف إخوانهم ، فالجملة معطوفة على جملة { ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار } أو على جملة { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم } [ الفتح : 24 ] الخ . وأيًّا مَّا كان فهي كلام معترض بين جملة { هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام } الخ وبين جملة { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية } [ الفتح : 26 ] . ونظم هذه الآية بديع في أسلوبي الإطناب والإيجاز والتفنن في الانتقال ورشاقة كلماته .
و { لولا } دالة على امتناععٍ لوجودٍ ، أي امتنع تعذيبُنا الكافرين لأجل وجود رجال مؤمنين ونساء مؤمنات بينهم . وما بعد { لولا } مبتدأ وخبره محذوف على الطريقة المستعملة في حذفه مع { لولا } إذا كان تعليق امتناع جوابها على وجود شرطها وجوداً مطلقاً غير مقيد بحال ، فالتقدير : ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات موجودون ، كما يدل عليه قوله بعده { لو تزيَّلوا } ، أي لو لم يكونوا موجودين بينهم ، أي أن وجود هؤلاء هو الذي لأجله امتنع حصول مضمون جواب { لولا } .
وإجراء الوصف على رجال ونساء بالإيمان مشير إلى أن وجودهم المانع من حصول مضمون الجواب هو الوجود الموصوف بإيمان أصحابه ، ولكن الامتناع ليس معلقاً على وجود الإيمان بل على وجود ذوات المؤمنين والمؤمنات بينهم .
وكذلك قوله : { لم تعلموهم } ليس هو خبراً بل وصفاً ثانياً إذ ليس محط الفائدة .
ووجه عطف { نساء مؤمنات } مع أن وجود { رجال مؤمنون } كاف في ربط امتناع الجواب بالشرط ومع التمكن من أن يقول : ولولا المؤمنُون ، فإن جمع المذكر في اصطلاح القرآن يتناول النساء غالباً ، أن تخصيص النساء بالذكر أنسب بمعنى انتفاء المعرة بقتلهن وبمعنى تعلق رحمة الله بهن .
ومعنى { لم تعلموهم } لم تعملوا إيمانهم إذ كانوا قد آمنوا بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً .
فعن جُنْبُذٍ بجيم مضمومة ونون ساكنة وموحدة مضمومة وذال معجمة بن سَبُع بسين مهملة مفتوحة وموحدة مضمومة ، ويقال : سِباع بكسر السين يقال : إنه أنصاري ، ويقال : قاري صاحبي قال : هم سبعة رجال سمي منهم الوليد بن الوليد بن المغيرة ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة وأبو جندل بن سُهيل وأبو بَصِير القرشي ولم أقف على اسم السابع وعُدَّتْ أمّ الفضل زوجُ العباس بن عبد المطلب ، وأحسب أن ثانيتهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط التي لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع إلى المدينة . وعن حَجَر بن خلف : ثلاثة رجال وتسع نسوة ، ولفظ الآية يقتضي أن النساء أكثر من اثنتين . والظاهر أن المراد بقوله : { لم تعلموهم } ما يشمل معنى نفي معرفة أشخاصهم ومعنى نفي العلم بما في قلوبهم ، فيفيد الأول أنهم لا يعلمهم كثير منكم ممن كان في الحديبيّة من أهل المدينة ومن معهم من الأعراب فهم لا يعرفون أشخاصهم فلا يعرفون من كان منهم مؤمناً إن كان يعرفهم المهاجرون ، ويفيد الثاني أنهم لا يعلمون ما في قلوبهم من الإيمان أو ما أحدثوه بعد مفارقتهم من الإيمان ، أي لا يعلم ذلك كله الجيش من المهاجرين والأنصار .
و { أن تطأوهم } بدل اشتمال من { رجال } ومعطوفه ، أو من الضمير المنصوب في { لم تعلموهم } أي لولا أن تطئوهم .
والوطء : الدوس بالرِجل ، ويستعار للإبادة والإهلاك ، وقد جمعهما الحارث بن وعْلَة الذُهلي في قوله :
ووطِئْتَنا وَطْأَ على حَنَق ... وَطْءَ المقيَّدِ نَابتَ الهِرْم
والإصابة : لحاق ما يصيب .
و ( مِن ( في قوله : { منهم } للابتداء المجازي الراجع إلى معنى التسبب ، أي فتلحقكم من جرائهم ومن أجلهم مَعرة كنتم تتقون لحاقها لو كنتم تعلمونهم .
والمعرة : مصدر ميمي من عَرّه ، إذا دهاه ، أي أصابه بما يكرهه ويشق عليه من ضر أو غرم أو سوء قالة ، فهي هنا تجمع ما يلحقهم إذا ألحقوا أضراراً بالمسلمين من دِيَاتتِ قتْلَى ، وغُرم أضرار ، ومن إثم يلحق القاتلين إذا لم يتثبَّتوا فيمن يقتلونه ، ومن سوء قالة يقولها المشركون ويشيعونها في القبائل أن محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ينج أهل دينهم من ضرهم لِيُكَرِّهُوا العرب في الإسلام وأهله .
والباء في { بغير علم } للملابسة ، أي ملابسين لانتفاء العلم .
والمجرور بها متعلق ب { تصيبكم } ، أي فتلحقكم من جرّائهم مَكاره لا تعلمونها حتى تَقعوا فيها . وهذا نفي علم آخر غير العلم المنفي في قوله : { لم تعلموهم } لأن العلم المنفي في قوله : { لم تعلموهم } هو العلم بأنهم مؤمنون بالذي انتفاؤه سبب إهلاك غير المعلومين الذي تسبب عليه لحاق المعرة . والعلم المنفي ثانياً في قوله : { بغير علم } هو العلم بلحاق المعرة من وطأتهم التابع لعدم العلم بإيمان القوم المهلَكين وهو العلم الذي انتفاؤه يكون سبباً في الإقدام على إهلاكهم .
واللام في قوله : { ليدخل اللَّه في رحمته من يشاء } للتعليل والمعلل واقع لا مفروض ، فهو وجود شرط { لولا } الذي تسبب عليه امتناع جوابها فالمعلل هو ربط الجواب بالشرط ، أي لولا وجود رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لعذبنا الذين كفروا وأن هذا الربط لأجل رحمة الله من يشاء من عباده إذ رحم بهذا الامتناع جيش المسلمين بأن سلمهم من معرة تلحقهم وأن أبقى لهم قوتهم في النفوس والعدة إلى أمد معلوم ، ورحم المؤمنين والمؤمنات بنجاتهم من الإهلاك ، ورحم المشركين بأن استبقاهم لعلهم يسلمون أو يسلم أكثرهم كما حصل بعد فتح مكة ، ورحم من أسلموا منهم بعد ذلك بثواب الآخرة ، فالرحمة هنا شاملة لرحمة الدنيا ورحمة الآخرة .
و { من يشاء } يعمّ كل من أراد الله من هذه الحالة رحمته في الدنيا والآخرة أو فيهما معاً . وعبر ب { من يشاء } لما فيه من شمول أصناف كثيرة ولما فيه من الإيجاز ولما فيه من الإشارة إلى الحكمة التي اقتضت مشيئة الله رحمة أولئك .
وجواب { لولا } يجوز اعتباره محذوفاً دل عليه جواب { لو } المعطوفة على { لولا } في قوله : { لو تزيلوا } ، ويجوز اعتبار جواب { لو } مرتبطاً على وجه تشبيه التنازع بين شرطي { لولا } و { لو } لمرجع الشرطين إلى معنى واحد وهو الامتناع فإن { لولا } حرف امتناع لوجود أي تدلّ على امتناع جوابها لوجود شرطها . و { لو } حرف امتناع لامتناع ، أي تدل على امتناع جوابها لامتناع شرطها فحكم جوابيهما واحد ، وهو الامتناع ، وإنما يَختلف شرطاهما فشرط { لو } منتف وشرط { لولا } مثبت .
وضمير { تزيلوا } عائد إلى ما دل عليه قوله : { ولولا رجال مؤمنون } الخ من جمع مختلط فيه المؤمنون والمؤمنات مع المشركين كما دل عليه قوله : { لم تعلموهم } .
والتزيَّل : مطاوع زيَّله إذا أبعده عن مكان ، وزيلهم ، أي أبعد بعضهم عن بعض ، أي فرقهم قال تعالى : { فزيلنا بينهم } [ يونس : 28 ] وهو هنا بمعنى التفرق والتميز من غير مراعاة مطاوعة لفعل فاعل لأن أفعال المطاوعة كثيراً ما تطلق لإرادة المبالغة لدلالة زيادة المبنى على زيادة المعنى وذلك أصل من أصول اللغة .
والمعنى : لو تفرق المؤمنون والمؤمنات عن أهل الشرك لسلَّطنْا المسلمين على المشركين فعذّبوا الذين كفروا عذاب السيف . فإسناد التعذيب إلى الله تعالى لأنه يأمر به ويقدر النصر للمسلمين كما قال تعالى : { قاتلوهم يعذبْهم بأيديكم } في سورة براءة ( 14 ( .
و ( مِن ( في قوله : منهم } للتبعيض ، أي لعذبنا الذين كفروا من ذلك الجمع المتفرق المتميز مؤمنهم عن كافرهم ، أي حين يصير الجمع مشركين خلّصا وحدهم .
وجملة { لو تزيلوا } إلى آخرها بيان لجملة { ولولا رجال مؤمنون } إلى آخرها ، أي لولا وجود رجال مؤمنين الخ مندمجين في جماعة المشركين غير مفترقين لو افترقوا لعذبنا الكافرين منهم .
وعدل عن ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم في قوله : { لعذبنا الذين كفروا } على طريقة الالتفات .
- إعراب القرآن : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
«هُمُ الَّذِينَ» مبتدأ وخبره والجملة مستأنفة «كَفَرُوا» ماض وفاعله والجملة صلة «وَصَدُّوكُمْ» معطوف على كفروا «عَنِ الْمَسْجِدِ» متعلقان بالفعل «الْحَرامِ» صفة المسجد «وَالْهَدْيَ» مفعول معه والواو للمعية «مَعْكُوفاً» حال «أَنْ يَبْلُغَ» مضارع منصوب بأن وفاعله مستتر «مَحِلَّهُ» مفعول به والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب بنزع الخافض «وَلَوْ لا» الواو حرف عطف ولولا حرف شرط غير جازم «رِجالٌ» مبتدأ خبره محذوف «مُؤْمِنُونَ» صفة «وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ» معطوف على رجال مؤمنون «لَمْ تَعْلَمُوهُمْ» مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعله والهاء مفعول به «أَنْ تَطَؤُهُمْ» مضارع منصوب بأن والواو فاعله والهاء مفعوله والمصدر المؤول من أن والفعل بدل من الهاء في تعلموهم «فَتُصِيبَكُمْ» الفاء حرف عطف ومضارع معطوف على ما قبله والكاف مفعوله «مِنْهُمْ» متعلقان بالفعل «مَعَرَّةٌ» فاعل «بِغَيْرِ» متعلقان بمحذوف حال من مفعول يصيبكم «عِلْمٍ» مضاف إليه «لِيُدْخِلَ» مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعله «فِي رَحْمَتِهِ» متعلقان بالفعل «مَنْ» مفعول به والمصدر المؤول من أن وما بعدها في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بمحذوف مقدر «يَشاءُ» مضارع فاعله مستتر والجملة صلة «لَوْ» شرطية غير جازمة «تَزَيَّلُوا» ماض وفاعله والجملة ابتدائية لا محل لها «لَعَذَّبْنَا» اللام واقعة في جواب الشرط وماض وفاعله والجملة جواب لو لا محل لها «الَّذِينَ» مفعول به «كَفَرُوا» ماض وفاعله والجملة صلة «مِنْهُمْ» متعلقان بمحذوف حال «عَذاباً» مفعول مطلق «أَلِيماً» صفة.
- English - Sahih International : They are the ones who disbelieved and obstructed you from al-Masjid al-Haram while the offering was prevented from reaching its place of sacrifice And if not for believing men and believing women whom you did not know - that you might trample them and there would befall you because of them dishonor without [your] knowledge - [you would have been permitted to enter Makkah] [This was so] that Allah might admit to His mercy whom He willed If they had been apart [from them] We would have punished those who disbelieved among them with painful punishment
- English - Tafheem -Maududi : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا(48:25) They are the ones who disbelieved and barred you from the Inviolable Mosque and prevented the animals you had designated for sacrifice from reaching the place of their offering. *43 If it had not been for the believing men and believing women (who lived in Makkah and) whom you did not know, and had there not been the fear that you might trample on them and unwittingly incur blame on their account, (then fighting would not have been put to a stop. It was stopped so that) Allah may admit to His Mercy whomsoever He pleases. Had those believers been separated from the rest, We would certainly have inflicted a grievous chastise-ment on those of them [i.e. the Makkans) who disbelieved. *44
- Français - Hamidullah : Ce sont eux qui ont mécru et qui vous ont obstrué le chemin de la Mosquée Sacrée [et ont empêché] que les offrandes entravées parvinssent à leur lieu d'immolation S'il n'y avait pas eu des hommes croyants et des femmes croyantes parmi les Mecquois que vous ne connaissiez pas et que vous auriez pu piétiner sans le savoir vous rendant ainsi coupables d'une action répréhensible [Tout cela s'est fait] pour qu'Allah fasse entrer qui Il veut dans Sa miséricorde Et s'ils [les croyants] s'étaient signalés Nous aurions certes châtié d'un châtiment douloureux ceux qui avaient mécru parmi [les Mecquois]
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Sie sind es die ungläubig gewesen sind und euch von der geschützten Gebetsstätte abgehalten und die Opfertiere aufgehalten haben daß sie nicht ihren Schlachtort erreichen Und wenn es dort nicht gläubige Männer und gläubige Frauen gegeben hätte die ihr nicht kanntet und damit ihr sie nicht niedertretet und damit euch nicht dadurch Schande ohne Wissen trifft haben Wir Dies damit Allah in Seine Barmherzigkeit eingehen läßt wen Er will Wenn diese sich von den Un gläubigen deutlich getrennt hätten hätten Wir diejenigen von ihnen die ungläubig sind wahrlich mit schmerzhafter Strafe gestraft
- Spanish - Cortes : Son ellos los infieles que os apartaron de la Mezquita Sagrada e impidieron que la víctima llegara al lugar del sacrificio Y si no llega a ser por hombres creyentes y por mujeres creyentes a quienes no podíais reconocer y que os exponíais sin querer a pisotear provocando represalias por su parte Para que Alá introduzca en Su misericordia a quien Él quiere Si hubiera sido posible distinguirles habríamos infligido un doloroso castigo a los infieles que entre ellos había
- Português - El Hayek : Foram eles os incrédulos os que vos impediram de entrar na Mesquita Sagrada e impediram que a oferenda chegasse aoseu destino E se não houvesse sido por uns homens e mulheres fiéis que não podíeis distinguir e que poderíeis ter mortosem o saber incorrendo assim inconscientemente num crime hediondo Tervosíamos facultado combatêlo; foi assimestabelecido para que Deus pudesse agraciar com a Sua misericórdia quem Lhe aprouvesse Se vos tivesse sido possívelseparálos teríamos afrontado os incrédulos com um doloroso castigo
- Россию - Кулиев : Они - те которые не уверовали не впустили вас в Заповедную мечеть и задержали жертвенных животных не позволив им достичь места заклания И если бы в Мекке не было верующих мужчин и верующих женщин которых вы не знали и могли затоптать по незнанию так что они поставили бы вас в затруднительное положение или вы бы оказались опозорены перед ними; или вы совершили бы грех перед ними то Аллах позволил бы вам вторгнуться в Мекку но Он не сделал этого чтобы ввести в Свою милость тех кого пожелает Но если бы они отделились друг от друга то Мы подвергли бы неверующих из них мучительным страданиям
- Кулиев -ас-Саади : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
Они - те, которые не уверовали, не впустили вас в Заповедную мечеть и задержали жертвенных животных, не позволив им достичь места заклания. И если бы в Мекке не было верующих мужчин и верующих женщин, которых вы не знали и могли затоптать по незнанию так, что они поставили бы вас в затруднительное положение (или вы бы оказались опозорены перед ними; или вы совершили бы грех перед ними), то Аллах позволил бы вам вторгнуться в Мекку, но Он не сделал этого, чтобы ввести в Свою милость тех, кого пожелает. Но если бы они отделились друг от друга, то Мы подвергли бы неверующих из них мучительным страданиям.Всевышний перечислил факторы, которые побуждают мусульман сражаться с язычниками. Они отказались уверовать в Аллаха и Его посланника и не пустили Пророка и верующих совершить паломничество, чтобы выразить свое почтение Дому Аллаха. Они задержали жертвенных животных и не позволили довести их до места заклания, то есть до Мекки, где по окончании малого паломничества совершается обряд жертвоприношения. Курейшиты стремились показать всю свою несправедливость и враждебность по отношению к правоверным и провоцировали мусульман на войну с ними. Но у мусульман были причины воздержаться от кровавого сражения. Во-первых, среди жителей Мекки были верующие мужчины и женщины. Они жили бок о бок с многобожниками и могли пострадать в результате сражения. Некоторых из них мусульмане не знали и могли бы затоптать и тем самым совершить грех, не ведая об этом. Во-вторых, Аллах решил спасти некоторых из многобожников от неверия и заблуждения и вывести их на прямой путь. Это было еще одной причиной, в связи с которой Всевышний удержал мусульман от битвы. Но если бы неверующие отделились от верующих, то Аллах разрешил бы правоверным вступить с ними в кровавую схватку, а затем помог бы им разгромить язычников.
- Turkish - Diyanet Isleri : Onlar inkar edenlerdir sizi Mescidi Haram'ı ziyaretten ve bağlı kurbanları yerlerine gitmekten alıkoyanlardır Eğer oradaki henüz tanımadığınız inanmış erkeklerle inanmış kadınları bilmeyerek ezmek suretiyle üzüntüye kapılmanız ihtimali olmasaydı Allah savaşı önlemezdi Allah dilediklerine rahmet etmek için böyle yapmıştır Eğer inananlarla inkarcılar birbirinden ayrılmış olsalardı inkar edenleri can yakıcı bir azaba uğratırdık
- Italiano - Piccardo : Sono i miscredenti che hanno ostruito la via [per raggiungere] la Santa Moschea e hanno impedito che le vittime sacrificali giungessero al luogo del sacrificio Se non ci fossero stati uomini credenti e donne credenti che voi non conoscevate e che avreste potuto calpestar inconsapevolmente rendendovi così colpevoli di una guerra contro di loro Così Allah farà entrare chi vuole nella Sua misericordia Se [i credenti] si fossero fatti riconoscere certamente avremmo colpito con doloroso castigo coloro che non credevano
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهو خراپهکارانهئهوانهن کهبێ باوهڕ بوون و ڕێگهشیان لێ گرتن بگهنهکهعبهی پیرۆزو نهیانهێشت ئهو مهڕوماڵاتهی کهگل درابوونهوهبۆ قوربانی بگاتهجێی خۆی خۆ ئهگهر لهبهر ئهو پیاوو ئافرهتانهموسوڵمانانه نهبوایه کهنهتاندهناسین پێشێلتان دهکردن لهناو شاری مهککهدا بوون و هێشتا کۆچیان نهکردبوو بههۆی ئهوهوهعهیب و عارو باری گرانتان تووش دهبوو لێیانهوه بێ ئهوهی بزانن ئهگهر لهبهر ئهوهنهبووایه مۆڵهتی ئێوهمان دهدا بۆ کوشتنیان ئهمهش بۆ ئهوهی خوای پهروهردیگار ئهو کهسانهی دهیهوێت و شایستهن بخاتهژێر سایهی سۆزو بهزهیی خۆیهوه خۆ ئهگهر موسڵمان لهکافران جیابوونایه لهمهککهدا بێگومان ئێمه بهدهستی ئێوه سزای بهسۆی بێ باوهڕانمان دهدا
- اردو - جالندربرى : یہ وہی لوگ ہیں جنہوں نے کفر کیا اور تم کو مسجد حرام سے روک دیا اور قربانیوں کو بھی کہ اپنی جگہ پہنچنے سے رکی رہیں۔ اور اگر ایسے مسلمان مرد اور مسلمان عورتیں نہ ہوتیں جن کو تم جانتے نہ تھے کہ اگر تم ان کو پامال کر دیتے تو تم کو ان کی طرف سے بےخبری میں نقصان پہنچ جاتا۔ تو بھی تمہارے ہاتھ سے فتح ہوجاتی مگر تاخیر اس لئے ہوئی کہ خدا اپنی رحمت میں جس کو چاہے داخل کرلے۔ اور اگر دونوں فریق الگ الگ ہوجاتے تو جو ان میں کافر تھے ان ہم دکھ دینے والا عذاب دیتے
- Bosanski - Korkut : Oni ne vjeruju i brane vam da pristupite Časnom hramu i da kurbani koje vodite sa sobom do mjesta svojih stignu I da nije bilo bojazni da ćete pobiti vjernike muškarce i žene koje ne poznajete pa tako i ne znajući zbog njih sramotu doživjeti – Mi bismo vam ih prepustili A nismo ih prepustili ni zato da bi Allah u milost Svoju uveo onoga koga hoće A da su oni bili odvojeni doista bismo bolnom kaznom kaznili one među njima koji nisu vjerovali
- Swedish - Bernström : Det var dessa förnekare av sanningen som utestängde er från den heliga Moskén och inte lät [era] offerdjur nå sin bestämmelse Om det inte [i Mekka] hade funnits troende män och kvinnor som ni inte känner och därför kunde ha dödat och ofrivilligt ha gjort er skyldiga till en brottslig och syndig handling [skulle Han ha låtit er storma staden med våld]; men Gud visar den Han vill Sin nåd Om de hade varit avskilda [från de troende] skulle Vi ha låtit förnekarna utstå ett plågsamt straff
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Merekalah orangorang yang kafir yang menghalangi kamu dari masuk Masjidil Haram dan menghalangi hewan korban sampai ke tempat penyembelihannya Dan kalau tidaklah karena lakilaki yang mukmin dan perempuanperempuan yang mukmin yang tiada kamu ketahui bahwa kamu akan membunuh mereka yang menyebabkan kamu ditimpa kesusahan tanpa pengetahuanmu tentulah Allah tidak akan menahan tanganmu dari membinasakan mereka Supaya Allah memasukkan siapa yang dikehendakiNya ke dalam rahmatNya Sekiranya mereka tidak bercampurbaur tentulah Kami akan mengazab orangorang yag kafir di antara mereka dengan azab yang pedih
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ۚ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
(Merekalah orang-orang yang kafir yang menghalangi kalian dari Masjidilharam) yakni menghalangi kalian untuk memasukinya (dan hewan kurban) diathafkan kepada Dhamir Kum yang ada pada lafal Washadduukum (dalam keadaan tertahan) yakni terhenti, lafal ini menjadi Hal atau kata keterangan keadaan (tidak dapat mencapai tempatnya) yaitu tempat penyembelihannya sebagaimana biasanya, lafal ayat ini berkedudukan menjadi Badal Isytimal. (Dan kalau tidaklah karena laki-laki yang mukmin dan perempuan-perempuan yang mukmin) yang masih ada tinggal bersama dengan orang-orang kafir di Mekah (yang tiada kalian ketahui) keimanan mereka (bahwa kalian akan membunuh mereka) kalian akan membunuh mereka bersama dengan orang-orang kafir, sekiranya kalian diizinkan-Nya untuk melakukan penaklukan. Lafal ayat ini menjadi Badal Isytimal dari Dhamir Hum yang terdapat pada lafal Lam Ta'lamuuhum (yang menyebabkan kalian berdosa) yakni perbuatan yang berdosa (tanpa pengetahuan) kalian tentangnya. Semua Dhamir Ghaibah yang ada menunjukkan makna untuk kedua jenis, yaitu jenis lelaki dan perempuan, hal tersebut hanya memprioritaskan Mudzakkar. Jawab dari lafal Laulaa tidak disebutkan, yakni tentulah Allah mengizinkan kalian untuk melakukan penaklukan, tetapi ketika itu Dia ternyata tidak mengizinkan kalian melakukan hal itu. (Supaya Allah memasukkan siapa yang dikehendaki-Nya ke dalam rahmat-Nya) seperti orang-orang mukmin yang telah disebutkan tadi. (Sekiranya mereka tidak bercampur-baur) seandainya mereka membedakan dari orang-orang kafir (tentulah Kami akan mengazab orang-orang kafir di antara mereka) yakni di antara penduduk Mekah pada saat itu juga, seumpamanya Kami memberikan izin kepada kalian untuk melakukan penaklukan (dengan azab yang pedih) azab yang menyakitkan.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তারাই তো কুফরী করেছে এবং বাধা দিয়েছে তোমাদেরকে মসজিদে হারাম থেকে এবং অবস্থানরত কোরবানীর জন্তুদেরকে যথাস্থানে পৌছতে। যদি মক্কায় কিছুসংখ্যক ঈমানদার পুরুষ ও ঈমানদার নারী না থাকত যাদেরকে তোমরা জানতে না। অর্থাৎ তাদের পিষ্ট হয়ে যাওয়ার আশংকা না থাকত অতঃপর তাদের কারণে তোমরা অজ্ঞাতসারে ক্ষতিগ্রস্ত হতে তবে সব কিছু চুকিয়ে দেয়া হত; কিন্তু এ কারণে চুকানো হয়নি যাতে আল্লাহ তা’আলা যাকে ইচ্ছা স্বীয় রহমতে দাখিল করে নেন। যদি তারা সরে যেত তবে আমি অবশ্যই তাদের মধ্যে যারা কাফের তাদেরকে যন্ত্রনাদায়ক শস্তি দিতাম।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : "மஸ்ஜிதுல் ஹராமை விட்டு உங்களையும் தடுத்து குர்பானி பிராணியை அதற்குரிய இடத்திற்கு செல்லமுடியாத படியும் தடுத்து காஃபிர்கள் அவர்கள்தான் மக்காவில் ஈமானை மறைத்துக் கொண்ட முஃமினான ஆண்களும் முஃமினான பெண்களும் இல்லாதிருந்தால் அவர்களை நீங்கள் அறிந்து கொள்ளாமலேயே உங்கள் கால்களால் அவர்களை மிதித்திருப்பீர்கள்; அவ்வாறே அவர்கள் அறியாத நிலையில் அவர்கள் மூலம் உங்களுக்கு தீங்கு ஏற்பட்டிருக்கும் தான் நாடியவர்களை தனது அருளில் அல்லாஹ் நுழையச் செய்வதற்காகவே அவன் மக்காவில் பிரவேசிக்க உங்களை அனுமதிக்கவில்லை அங்கு இருக்கும் முஃமின்கள் காஃபிர்களை விட்டும் விலகியிருந்தால் அவர்களில் காஃபிர்களை மட்டும் கடும் வேதனையாக வேதனை செய்திருப்போம்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : พวกเขาคือบรรดาผู้ปฏิเสธศรัทธาและปิดกั้นพวกเจ้าให้หันห่างจากมัสยิดอัลฮะรอม และการเชือดสัตว์พลีที่ถูกกักกันไว้มิให้บรรลุสู่ที่เชือดของมัน และหากมิใช่เพราะมีบรรดาผู้ศรัทธาชายและบรรดาผู้ศรัทธาหญิงซึ่งพวกเจ้าไม่รู้จักพวกเขา พวกเจ้าก็จะฆ่าพวกเขา แล้วก็จะก่อให้เกิดโทษแก่พวกเจ้าเพราะพวกเขาโดยไม่รู้ตัว ทั้งนี้เพื่ออัลลอฮฺจะทรงให้ผู้ที่พระองค์ทรงประสงค์เข้าอยู่ในความเมตตาของพระองค์ หากพวกเขาแยกออกจากกัน แน่นอนเราก็จะลงโทษบรรดาผู้ปฏิเสธศรัทธาในหมู่พวกเขาซึ่งการลงโทษอันเจ็บปวด
- Uzbek - Мухаммад Содик : Улар куфр келтирган сизларни Масжидул Ҳаромга қурбонликларни эса ушланиб ўз жойига етишидан ман қилган кишилардир агар сиз билмайдиган мўмин эркаклар ва мўмина аёллар бўлмаганида сизга билмасдан уларни ҳалок қилганингиз туфайли гуноҳ етиши бўлмаганида эди Аллоҳ кимни хоҳласа Ўз раҳматига киритиши учун агар ажраб турганларида эди улардан кофирларини аламли азоб ила азоблар эдик Маккаи Мукаррамада кофирлардан қўрқиб иймонини яшириб юрган мўмин ва мўминалар бор Агар урушга рухсат берилганда мусулмонлар билмасдан ўша дин қардошларини ҳам ўлдириб юборишлари мумкин Айни чоқда кофирларнинг ичида ҳам кейинчалик Исломга келиб ҳидоят йўлига кириши мумкин бўлган кишилар кўпчилик эдилар
- 中国语文 - Ma Jian : 他们不信道,并阻碍你们入禁寺,且阻止被扣留的牺牲达到它的已定的位置。若不为厌恶你们蹂躏你们所未认识的许多信道的男子和女子,而你们因此无知地犯罪,那末,他不制止你们。真主制止你们,以便他使他所意欲者入于他的恩惠之中。假若他们是散居的,我必使他们中不信道的人们受痛苦的刑罚。
- Melayu - Basmeih : Mereka itulah orangorang yang kafir dan menghalang kamu daripada masuk ke masjid AlHaraam Makkah AlMukarramah serta menyebabkan binatangbinatang korban yang kamu bawa tertahan dari sampai ke tempat sembelihannya Dan kalaulah tidak kerana kemungkinan kamu akan melakukan pembunuhan yang tidak sengaja terhadap beberapa orang yang beriman lelaki dan perempuan yang ada di antara orangorang kafir itu pada hal kamu tidak mengetahui mereka beriman yang akibatnya kamu akan menanggung kesusahan dan dukacita disebabkan pembunuhan mereka tentulah diizinkan kamu menyerang kaum musyrik yang mengancam kamu itu Tetapi tidak diizinkan kerana Allah hendak memasukkan sesiapa yang dikehendakiNya ke dalam rahmatNya Kalaulah mereka penduduk Makkah yang beriman dan yang musyrik itu berpisahan di antara satu puak dengan yang lain tentulah Kami menyeksa orangorang yang kafir dari mereka dengan seksa di dunia yang tidak terperi sakitnya
- Somali - Abduh : Gaaladii makaad waa kuwii masaadjidka xurmaysan idinka reebay iyadooy hadyadii darbantahay inaygaadho halkii lagu xalaalaynlahaa haddaynan jirin Rag iyo Haween mu'miniin ah oo la nool idinna aydaan ogayn marka aad baabi'neeysaan ayna mashaqo idin haleesho Eebe waa idiin fasixi lahaa Si uu u galiyo naxariistiisa cidduu doono yuu saas u yeelay Hadday mu'miniintu ka soocmi lahaayeen gaalada wuxuu Eebe caddibi lahaa gaalada caddibaad daran
- Hausa - Gumi : Sũ ne waɗanda suka kãfirta kuma suka kange ku daga Masallacin Harami da hadaya tanã tsare sun hana ta ta isa ga wurinta Kuma bã dõmin waɗansu maza mũminai da waɗansu mãtã mũminai ba ba ku sansu ba ku tãkã su har wani aibi ya sãme ku daga gare su bã da sani ba dã Allah Yã yi muku iznin yãƙi dõmin Allah Ya shigar da wanda Yake so a cikin rahamarSa Da mũminai sun tsabbace dã Mun azabtar da waɗanda suka kãfirta daga gare su da azãba mai raɗiɗi
- Swahili - Al-Barwani : Hao ndio walio kufuru na wakakuzuieni msiingie Msikiti Mtakatifu na wakawazuilia dhabihu kufika mahala pao Na lau si wanaume Waumini na wanawake Waumini msio wajua mkawasaga na mkaingia makosani kutokana nao bila ya kujua Mwenyezi Mungu amefanya haya ili amuingize amtakaye katika rehema yake Lau wangeli tengana bila ya shaka tungeli waadhibu walio kufuru kwa adhabu chungu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Ata të cilët nuk kanë besuar dhe ju pengojnë nga MesxhidilHarami Qabja dhe pengojnë të përgjëruarin – kurbanin e caktuar që të arrijë në vend E sikur të mos kishte besimtarë dhe besimtare që ju nuk i dini e do t’i merrnit nëpër këmbë ata e juve do t’ju godiste një hidhërim duke mos ditur do t’ju kisha lejuar të pushtoni Mekken Kjo është ngase Perëndia e shpie në mëshirën e Vet kë të dojë Sikur të ishin të veçuar ata Ne do t’i ndëshkonim ata në mes tyre të cilët nuk kanë besuar – me dënim të dhembshëm
- فارسى - آیتی : ايشان همانهايند كه كفر ورزيدند و شما را از مسجد الحرام بازداشتند و نگذاشتند كه قربانى به قربانگاهش برسد. اگر مردان مسلمان و زنان مسلمانى كه آنها را نمىشناسيد در ميان آنها نبودند و بيم آن نبود كه آنها را زير پاى درنورديد و نادانسته مرتكب گناه شويد، خدا دست شما را از آنها بازنمىداشت. و خدا هر كه را بخواهد مشمول رحمت خود گرداند. اگر از يكديگر جدا مىبودند، كافرانشان را به عذابى دردآور عذاب مىكرديم.
- tajeki - Оятӣ : Инҳо ҳамонҳоянд, ки кофир шуданд ва шуморо аз масҷидулҳаром боздоштанд ва нагузоштанд, ки қурбонӣ ба қурбонгоҳаш бирасад. Агар мардони мусалмону занони мусалмоне, ки онҳоро намешиносед, дар миёни онҳо набуданд ва бими он набуд, ки онҳоро зери пой кунед ва нодониста гуноҳ содир кунед, Худо дасти шуморо аз онҳо бознамедошт. Ва Худо ҳар киро бихоҳад, шомили раҳмати Худ гардонад. Агар аз якдигар ҷудо мебуданд, кофиронашонро ба азобе дардовар азоб мекардем.
- Uyghur - محمد صالح : ئۇلار كاپىر بولدى، سىلەر مەسجىدى ھەرەمدىن ۋە تۇتۇپ تۇرۇلغان قۇربانلىقنىڭ ئۆز جايىغا يېتىشىدىن توستى، (مەككىدە) سىلەر بىلمەيدىغان ئەر - ئايال مۆمىنلەر بولۇپ، سىلەر بىلمەستىن ئۇلارنى ئۆلتۈرۈپ قويۇش بىلەن گۇناھقا گىرىپتار بولۇشۇڭلارنىڭ خەۋپى بولمىسا ئىدى (ئەلۋەتتە اﷲ مەككىگە كىرىشىڭلارغا رۇخسەت قىلاتتى ۋە سىلەرنى كاپىرلارغا مۇسەللەت قىلاتتى)، اﷲ خالىغان ئادەمنى رەھمىتى (دائىرىسىگە) كىرگۈزۈش ئۈچۈن (سىلەرنى مەككىنى پەتھى قىلىشتىن توستى)، ئەگەر ئۇلار ئايرىلسا (يەنى مۆمىنلەر كاپىرلاردىن ئايرىلسا)، ئۇلارنىڭ ئارىسىدىكى كاپىرلارنى قاتتىق ئازاب بىلەن ئازابلايتتۇق
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : മക്കയിലുണ്ടായിരുന്നവര് സത്യത്തെ തള്ളിപ്പറഞ്ഞവരായിരുന്നു; നിങ്ങളെ മസ്ജിദുല് ഹറാമില്നിന്ന് വിലക്കിയവരും ബലിമൃഗങ്ങളെ നിശ്ചിത സ്ഥലത്തെത്താനനുവദിക്കാതെ തടഞ്ഞു നിര്ത്തിയവരും. സത്യവിശ്വാസികളെന്ന് നിങ്ങള് തിരിച്ചറിഞ്ഞിട്ടില്ലാത്ത ചില സ്ത്രീ പുരുഷന്മാരെ നിങ്ങള് ചവിട്ടിമെതിക്കാനും അങ്ങനെ കാര്യമറിയാതെ അവര് കാരണമായി നിങ്ങള് തെറ്റിലകപ്പെടാനും സാധ്യതയില്ലായിരുന്നുവെങ്കില് അല്ലാഹു അങ്ങനെ ചെയ്യുമായിരുന്നില്ല. അല്ലാഹു താനിഛിക്കുന്നവരെ തന്റെ അനുഗ്രഹത്തിലുള്പ്പെടുത്താനാണിത്. അവര് വെവ്വേറെയാണ് വസിച്ചിരുന്നതെങ്കില് അവരിലെ സത്യനിഷേധികള്ക്കു നാം നോവേറിയ ശിക്ഷ നല്കുമായിരുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : كفار قريش هم الذين جحدوا توحيد الله وصدوكم يوم "الحديبيه" عن دخول المسجد الحرام ومنعوا الهدي وحبسوه ان يبلغ محل نحره وهو الحرم ولولا رجال مومنون مستضعفون ونساء مومنات بين اظهر هولاء الكافرين بـ "مكه" يكتمون ايمانهم خيفه على انفسهم لم تعرفوهم خشيه ان تطووهم بجيشكم فتقتلوهم فيصيبكم بذلك القتل اثم وعيب وغرامه بغير علم لكنا سلطناكم عليهم ليدخل الله في رحمته من يشاء فيمن عليهم بالايمان بعد الكفر لو تميز هولاء المومنون والمومنات عن مشركي "مكه" وخرجوا من بينهم لعذبنا الذين كفروا وكذبوا منهم عذابا مولما موجعا
*43) That is, "Allah was seeing the sincerity and the selfless devotion with which you had become ready to lay down your lives in the cause of the true Faith and were obeying the Prophet without any question. Allah was also seeing that the disbelievers were being unfair and high-handed. The demand of this situation was that they should have been punished there and then through you, but in spite of that. AIIah restrained your hands from them and their hands from you."
*44) This was the reason why Allah did not allow fighting to take place at Hudaibiyah. This has two aspects: (I) That at that time there were quite a number of the Muslim men and women living in Makkah, who were either hiding their faith, or were being persecuted because of their faith as they had no means to emigrate. Had there been fighting and the Muslims had pushed back the disbelievers and entered Makkah, these Muslims also would have been killed in ignorance along with the disbelievers. This would not only have grieved the Muslims but the Arab polytheists also would have got an opportunity to say that the Muslims did not even spare their own brethren in faith during wartime. Therefore, Allah took pity on the helpless Muslims and averted the war in order to save the Companions from grief and infamy. The other aspect of the expedience was that Allah did not will that Makkah should fall to the Muslims as a result of the defeat of the Quraish after a bloody clash but He willed that they should be encircled from all sides so that within two years or so they should become absolutely helpless and subdued without offering any resistance, and then the whole tribe should accept Islam and enter Allah's mercy as it actually happened on the Conquest of Makkah. Here the juristic dispute has arisen that if during a war between the Muslims and the disbelievers, the disbelievers should bring out some Muslim men and women, children and old men, in their possession and put them in the forefront as a shield for themselves, or if there is some Muslim population also in the non-Muslim city under attack by the Muslim forces, or if in a warship of the disbelievers, which is within our gun-fire, the disbelievers have taken some Muslims also on board, can the Muslim army open fire on it? In answer to it the nulings given by different jurists are as follows: Imam Malik says that in such a case fire should not be opened, and for this he cites this very verse as an argument. He contends that Allah prevented the war at Hudaibiyah only in order to save the Muslims. (Ibn al-`Arabi, Ahkam al Qur'an). But this in fact is a weak argument. There is no word in the verse which may support the view that launching an attack on the enemy in this case is unlawful and forbidden. At the most what one can say on the basis of this verse is that the launching of an sttack in such a case should be avoided in order to save the Muslims, provided that it does not put the disbelievers in an advantageous position against the Muslims militarily, or does not diminish the Muslims' chances of gaining an upper hand in the conflict. Imam Abu Hanifah, Imam Abu Yusuf, Imam Zufar and Imam Muhammad saythat it is lawful to open fire in such a case; so much so that even if the disbelievers use the children of the Muslims as a shield by putting them in the forefront, there is no harm in shooting at them, and it is not obligatory for the Muslims to expiate and pay any blood-money for the Muslims thus killed, (AIJassas, Ahkam al-Qur'an; Imam Muhammad, :Kitab as-Siyar). Imam Sufyan Thauri also in this case regards opening of the fire as lawful, but he says that although the Muslims will not pay the blood-money of the Muslims thus killed, it is obligatory for them to expiate the sin. (AI-Jassas, Ahkam al-Qur an). Imam Auza`i and Laith bin Sa`d say that if the disbelievers use the Muslims as a shield, fire should not be opened on them. Likewise, if it is known that in their warship ow own prisoners also are on board, it should not be sunk. But if we attack a city of theirs and we know that there are Muslims also in the city, it is lawful to open fire on the city, for it is not certain that our shells will only hit the Muslims, and if a Muslim becomes a victim of this shelling, it will not be wilful murder of a Muslim but an inadvertant accident. (Al-Jassas, Ahkam alQur an). Imam Shafe`i holds the view that in such a case if it is not inevitable to open fire it is better to try to save the Muslims from destruction; although it is not unlawful to open fire in this case, it is undesirable. But if it is really necessary and it is feared that in case fire is not opened it will put the disbelievers in a better position militarily against the Muslims, it is lawful to resort to shelling, but even then every effort should be made to save the Muslims as far as possible. Furthermore, Imam Shafe'i also says that if during a conflict the disbelievers put a Muslim in front as a shield and a Muslim kills him, there can be two possible alternatives: either the killer knew that the murdered person was a Muslim, or he did not know that he was a Muslim. In the first case, he will be under obligation to pay compensation for manslaughter as well as do expiation; in the second case he will only do expiation. (Mughni al-Muhtaj).