- عربي - نصوص الآيات عثماني : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ ۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَىٰهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنًا ۖ سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِى ٱلْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًۢا
- عربى - نصوص الآيات : محمد رسول الله ۚ والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ۖ تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ۖ سيماهم في وجوههم من أثر السجود ۚ ذلك مثلهم في التوراة ۚ ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ۗ وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما
- عربى - التفسير الميسر : محمد رسول الله، والذين معه على دينه أشداء على الكفار، رحماء فيما بينهم، تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم، يرجون ربهم أن يتفضل عليهم، فيدخلهم الجنة، ويرضى عنهم، علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجوههم من أثر السجود والعبادة، هذه صفتهم في التوراة. وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه، ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك، وشدت الزرع، فقوي واستوى قائمًا على سيقانه جميلا منظره، يعجب الزُّرَّاع؛ ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار. وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة -رضي الله عنهم-؛ لأن من غاظه الله بالصحابة، فقد وُجد في حقه موجِب ذاك، وهو الكفر. وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به، واجتنبوا ما نهاهم عنه، مغفرة لذنوبهم، وثوابًا جزيلا لا ينقطع، وهو الجنة. (ووعد الله حق مصدَّق لا يُخْلَف، وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم في استحقاق المغفرة والأجر العظيم، ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة، رضي الله عنهم وأرضاهم).
- السعدى : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون، { رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق، وأما معاملتهم مع الخالق فإنك { تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا } أي: وصفهم كثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود.
{ يَبْتَغُونَ } بتلك العبادة { فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } أي: هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم، والوصول إلى ثوابه.
{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } أي: قد أثرت العبادة -من كثرتها وحسنها- في وجوههم، حتى استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت [بالجلال] ظواهرهم.
{ ذَلِكَ } المذكور { مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ } أي: هذا وصفهم الذي وصفهم الله به، مذكور بالتوراة هكذا.
وأما مثلهم في الإنجيل، فإنهم موصوفون بوصف آخر، وأنهم في كمالهم وتعاونهم { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ } أي: أخرج فراخه، فوازرته فراخه في الشباب والاستواء.
{ فَاسْتَغْلَظَ } ذلك الزرع أي: قوي وغلظ { فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ } جمع ساق، { يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ } من كماله واستوائه، وحسنه واعتداله، كذلك الصحابة رضي الله عنهم، هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه، كالزرع الذي أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ، ولهذا قال: { لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } حين يرون اجتماعهم وشدتهم على دينهم، وحين يتصادمون هم وهم في معارك النزال، ومعامع القتال.
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } فالصحابة رضي الله عنهم، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، قد جمع الله لهم بين المغفرة، التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة، والأجر العظيم في الدنيا والآخرة.
ولنسق قصة الحديبية بطولها، كما ساقها الإمام شمس الدين ابن القيم في { الهدي النبوي } فإن فيها إعانة على فهم هذه السورة، وتكلم على معانيها وأسرارها، قال -رحمه الله تعالى:-
فصل في قصة الحديبية
قال نافع: كانت سنة ست في ذي القعدة، وهذا هو الصحيح، وهو قول الزهري، وقتادة، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق وغيرهم.
وقال هشام بن عروة، عن أبيه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية في رمضان، وكانت في شوال، وهذا وهم، وإنما كانت غزاة الفتح في رمضان. قال أبو الأسود عن عروة: إنها كانت في ذي القعدة على الصواب.
وفي الصحيحين عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، فذكر منهن عمرة الحديبية، وكان معه ألف وخمسمائة، هكذا في الصحيحين عن جابر، وعنه فيهما: كانوا ألفا وأربعمائة، وفيهما، عن عبد الله بن أبي أوفى: كنا ألفا وثلاثمائة، قال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الجماعة الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قال: خمس عشرة مائة، قال: قلت: فإن جابر بن عبد الله قال: كانوا أربع عشرة مائة، قال: يرحمه الله وهم، وهو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة، قلت: وقد صح عن جابر القولان، وصح عنه أنهم نحروا عام الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن سبعة، فقيل له: كم كنتم؟ قال: ألفا وأربعمائة، بخيلنا ورجلنا، يعني: فارسهم وراجلهم.
والقلب إلى هذا أميل، وهو قول البراء بن عازب، ومعقل بن يسار، وسلمة بن الأكوع، في أصح الروايتين، وقول المسيب بن حزن، قال شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة، وغلط غلطا بينا من قال: كانوا سبعمائة، وعذره أنهم نحروا يومئذ سبعين بدنة، والبدنة قد جاء إجزاؤها عن سبعة أو عشرة، وهذا لا يدل على ما قاله هذا القائل، فإنه قد صرح بأن البدنة كانت في هذه الغزوة عن سبعة، فلو كانت السبعون عن جميعهم، لكانوا أربعمائة وتسعين رجلا، وقد قال بتمام الحديث بعينه، أنهم كانوا ألفا وأربعمائة.
فصل
فلما كانوا بذي الحليفة، قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره، وأحرم بالعمرة، وبعث عينا له بين يديه من خزاعة، يخبره عن قريش، حتى إذا كانوا قريبا من عسفان، أتاه عينه، فقال: إني قد تركت كعب بن لؤي، قد جمعوا لك الأحابيش، وجمعوا لك جموعا، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت.
واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين، وإن نجوا تكن عنقا قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت؟ فمن صدنا عنه قاتلناه؟ قال أبو بكر: الله ورسوله أعلم، إنما جئنا معتمرين، ولم نجئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فروحوا إذا" فراحوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش، فخذوا ذات اليمين" ، فوالله ما شعر بهم خالد، حتى إذا هو بغبرة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش.
وسار النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل" ثم قال: "والذي نفسي بيده، لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتموها" ثم زجرها، فوثبت به، فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية، على ثمد قليل الماء، إنما يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبث الناس أن نزحوه، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش.
فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوها فيه، قال: فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنها، وفزعت قريش لنزوله عليهم، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إليهم، فقال: يا رسول الله، ليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي، إن أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فإن عشيرته بها، وإنه مبلغ ما أردت.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، فأرسله إلى قريش، وقال: "أخبرهم أنا لم نأت لقتال، إنما جئنا عمارا، وادعهم إلى الإسلام"
وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين، ونساء مؤمنات، فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة، حتى لا يستخفى فيها بالإيمان، فانطلق عثمان، فمر على قريش ببلدح، فقالوا: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، ونخبركم أنا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، قالوا: قد سمعنا ما تقول، فانفذ لحاجتك.
وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص، فرحب به، وأسرج فرسه، فحمل عثمان على الفرس، فأجاره، وأردفه أبان حتى جاء مكة، وقال المسلمون قبل أن يرجع عثمان: خلص عثمان قبلنا إلى البيت وطاف به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون" فقالوا: وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص؟ قال: "ذاك ظني به، أن لا يطوف بالكعبة حتى نطوف معه" واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح، فرمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر، وكانت معركة، وتراموا بالنبل والحجارة، وصاح الفريقان كلاهما، وارتهن كل واحد من الفريقين بمن فيهم، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل، فدعا إلى البيعة.
فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أن لا يفروا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد نفسه، وقال: "هذه عن عثمان" ولما تمت البيعة، رجع عثمان، فقال له المسلمون: اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت، فقال: بئسما ظننتم بي، والذي نفسي بيده، لو مكثت بها سنة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، مقيم بالحديبية، ما طفت بها حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت، فقال المسلمون: رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أعلمنا بالله، وأحسننا ظنا.
وكان عمر أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة تحت الشجرة، فبايعه المسلمون كلهم إلا الجد ابن قيس، وكان معقل بن يسار، أخذ بغصنها يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أول من بايعه، أبو سنان الأسدي، وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات، في أول الناس، وأوسطهم، وآخرهم.
فبينما هم كذلك، إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي، في نفر من خزاعة، وكانوا عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا أماددهم ويخلوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن أبوا إلا القتال، فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذن الله أمره" قال بديل: سأبلغهم ما تقول.
فانطلق حتى أتى قريشا، فقال: إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولا، فإن شئتم عرضته عليكم، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي: منهم: هات ما سمعته، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فقال عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها، ودعوني آته، فقالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل، فقال له عروة عند ذلك: أي: محمد، أرأيت لو استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فوالله إني لأرى وجوها، وأرى أوباشا من الناس، خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ قال: من ذا؟ قال: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها، لأجبتك.
وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف، وعليه المغفر فكلما أهوى عروة إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، ضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، وقال: من ذا؟ قال: المغيرة بن شعبة، فقال: أي: غدر، أولست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء"
ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله إن تنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة، إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها جلده ووجهه.
وإذا أمرهم ابتدروا إلى أمره، وإذا توضأ، كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم، خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر، تعظيما له.
فرجع عروة إلى أصحابه، فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على كسرى، وقيصر، والنجاشي، والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه، ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم، خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.
فقال رجل من بني كنانة: دعوني آته، فقالوا: ائته.
فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له" فبعثوها فاستقبله القوم يلبون، فلما رأى ذلك، قال: سبحان الله، لا ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت.
فرجع إلى أصحابه، فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، وما أرى أن يصدوا عن البيت فقام مكرز بن حفص، وقال: دعوني آته، فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا مكرز بن حفص، وهو رجل فاجر" فجعل يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو يكلمه، إذ جاء سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سهل لكم من أمركم" فقال: هات، اكتب بيننا وبينك كتابا، فدعا الكاتب، فقال: "اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم" فقال سهيل: أما الرحمن، فوالله ما ندري ما هو، ولكن اكتب: "باسمك اللهم" كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكتب باسمك اللهم"
ثم قال: "اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " فقال سهيل: فوالله لو نعلم أنك رسول الله، ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني رسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به" فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن لك من العام المقبل، فكتب.
فقال سهيل: على أن لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك، إلا رددته علينا.
فقال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟
فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده، قد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما قاضيتك عليه، أن ترده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نقض الكتاب بعد" فقال: فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي" فقال: ما أنا بمجيزه، فقال: "بلى فافعل" قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: قد أجزناه.
فقال أبو جندل: يا معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما لقيت؟ وكان قد عذب في الله عذابا شديدا.
قال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ألست نبي الله؟ قال: "بلى" قلت: ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى" فقلت: علام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا؟ فقال: "إني رسول الله، وهو ناصري، ولست أعصيه" قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: "بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟" قلت: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به"
قال: فأتيت أبا بكر، فقلت له كما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورد عليه أبو بكر كما رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء، وزاد: فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق، قال عمر: فعملت لذلك أعمالا.
فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا وانحروا، ثم احلقوا" فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلق لك، فقام فخرج، فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما، ثم جاءت نسوة مؤمنات، فأنزل الله عز وجل: { إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ } حتى بلغ { بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع إلى المدينة.
وفي مرجعه أنزل الله عليه: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } إلى آخرها، فقال عمر: أفتح هو يا رسول الله؟ فقال: "نعم" فقال الصحابة: هنيئا لك يا رسول الله، فما لنا؟
فأنزل الله عز وجل: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ }
الآية. انتهى.
وهذا آخر تفسير سورة الفتح ولله الحمد والمنة
[وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، نقلته من خط المفسر رحمه الله وعفا عنه، وكان الفراغ من كتابته في 13 ذي الحجة 1345 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين آمين.
بقلم الفقير إلى ربه سليمان بن حمد العبد الله البسام. غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات]
- الوسيط لطنطاوي : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذه الآية التى فيها ما فيها من الثناء على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى أصحابه ، الذين رضى عنهم وأرضاهم فقال : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ . . . ) .
وقوله - تعالى - : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله ) مبتدأ وخبر ، أو ( مُّحَمَّدٌ ) خبر لمتبدأ محذوف ، و ( رَّسُولُ الله ) بدل أو عطف بيان من الاسم الشريف . أى : هذا الرسول الذى أرسله الله - تعالى - بالهدى ودين الحق ، هو محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ( والذين مَعَهُ ) وهم أصحابه - وعلى رأسهم من شهد معه صلح الحديبية ، وبايعه تحت الشجرة - من صفاتهم أنهم ( أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار ) أى : غلاظ عليهم ، وأنهم ( رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ) .
أى : أنهم مع إخوانهم المؤمنين يتوادون ويتعاطفون ويتعاونون على البر والتقوى . .
وقوله - تعالى - ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله ) فيه أسمى التكريم للرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث شهد له - سبحانه - بهذه الصفة ، وكفى بشهادته - عز وجل - شهادة ، وحيث قدم الحديث عنه بأنه أرسله بالهدى ودين الحق ، ثم أخر اسمه الشريف على سبيل التنويه بفضله ، والتشويق إلى اسمه .
وفى وصف أصحابه بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم ، مدح عظيم لهم ، وجمع بين الوصفين على سبيل الاحتراس ، فهم ليسوا أشداء مطلقا ، ولا رحماء مطلقا ، وإنما شدتهم على أعدائهم ، ورحمتهم لإِخوانكم فى العقيدة ، وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - ( ياأيها الذين آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائم . . . ) قال صاحب الكشاف : " وعن الحسن أنه قال : " بلغ من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم ، ومن أبدانهم أن تمس أبدانهم ، وبلغ من تراحمهم فيما بينهم ، أنه كان لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صافحه . .
وأسمى من هذا كله فى بيان تراحمهم قوله - تعالى - : ( وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ . . ) ثم وصفهم بوصف آخر فقال : ( تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَاناً ) .
أى : تراهم وتشاهدهم - أيها العاقل - راكعين ساجدين محافظين على الصلاة ولا يريدون من وراء ذلك إلا التقرب إلى الله - تعالى - والظفر برضاه وثوابه . .
ثم وصفهم بوصف ثالث فقال : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السجود . . ) أى : علامتهم وهو نور يجعله الله - تعالى - فى وجوههم يوم القيامة ، وحسن سمت يعلو وجوههم وجباهم فى الدنيا ، من أثر كثرة سجودهم وطاعتهم لله رب العالمين .
فالمقصود بهذه الجملة بيان أن الوضاءة والإِشراق والصفاء . . يعلو وجوههم من كثرة الصلاة والعبادة لله ، وليس المقصود أن هناك علامة معينة - كالنكتة التى تكون فى الوجه - كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان .
واختار - سبحانه - لفظ السجود ، لأنه يمثل أعلى درجات العبودية والإِخلاص لله - تعالى - .
قال الآلوسى : " أخرج من مردويه بسند حسن عن أَبَىِّ بن كعب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فى قوله - تعالى - : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السجود ) النور يوم القيامة " .
ثم قال الآلوسى : ولا يبعد أن يكون النور علامة على وجوههم فى الدنيا والآخرة - للآثار السابقة - لكنه لما كان فى الآخرة أظهر وأتم خصه النبى - صلى الله عليه وسلم - بالذكر . .
واسم الإِشارة فى قوله - تعالى - : ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التوراة ) يعود إلى جميع أوصافهم الجليلة السابقة ، والمثل هو الصفة العجيبة والقصة ذات الشأن . أى : ذلك الذى ذكرناه عن هؤلاء المؤمنين الصادقين من صفات كريمة تجرى مجرى الأمثال ، صفتهم فى التوراة التى أنزلها الله - تعالى - على نبيه موسى - عليه السلام - .
ثم بين - سبحانه - صفتهم فى الإِنجيل فقال : ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فاستغلظ فاستوى على سُوقِهِ يُعْجِبُ الزراع . . ) .
وقوله : ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل ) معطوف على ما قبله وهو مثلهم فى التوراة ، والإِنجيل : هو الكتاب الذى أنزله الله - تعالى - على نبيه عيسى - عليه السلام - .
والشط : فروع الزرع ، وهو ما خرج منه وتفرغ على شاطئيه . أى : جانبيه . وجمعه : أشطاء ، وشطوء ، يقال : شطأ الزرع وأشطأ ، إذا أخرج فروعه التى تتولد عن الأصل .
وقوله ( فَآزَرَهُ ) أى : فقوت تلك الفروع أصولها ، وآزرتها ، وجعلتها مكينة ثابتة فى الأرض . وأصله من شد الإِزار . تقول أزَّرْت فلانا ، إذا شددت إزاره عليه . وتقول آزرت البناء - بالمد والقصر - إذا قويت أساسه وقواعده .
ومنه قوله - تعالى - حكاية عن موسى - عليه السلام - : ( واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشدد بِهِ أَزْرِي ) .
وقوله : ( فاستغلظ ) أى : فصار الزرع غليظا بعد أن كان رقيقا .
وقوله : ( فاستوى على سُوقِهِ ) أى : فاستقم وتكامل على سيقانه التى يعلو عليها .
وقوله : ( يُعْجِبُ الزراع ) أى : يعجب الخبراء بالزراعة لقوته وحسن هيئته .
والمعنى : أن صفة المؤمنين فى الإِنجيل ، أنهم كالزرع ، يظهر فى أول أمره رقيقا ضعيفا متفرقا ، ثم ينبت بعضه حول بعض ، ويغلظ ويتكامل حتى يقوى ويشتد ، وتعجب جودته أصحاب الزراعة ، العارفين بها .
فكذلك النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، كانوا فى أول الأمر فى قلة وضعف ، ثم لم يزالوا يكثرون ويزدادون قوة ، حتى بلغوا فى ذلك .
وصدق الله إذا يقول : ( واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأرض تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطيبات لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) قال صاحب الكشاف : "
وهذا مثل ضربه الله - تعالى - لبدء أمر الإِسلام وترقيه فى الزيادة إلى أن قوى واستحكم . لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قام وحده ، ثم قواه الله - تعالى - بمن معه .كما يقوى الطاقة الأولى من الزرع ما يحتف بها ما يتولد منها ، حتى يعجب الزراع .
وعلى هذا التفسير الذى سرنا عليه يكون وصفهم فى التوراة ، هو المعبر عنه بقوله - تعالى - : ( أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ) ويكون وصفهم فى الإِنجيل هو المعبر عنه بقوله - سبحانه - : ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) .
ولا شك أن هذه الأوصاف كانت موجودة فى الكتابين قبل أن يحرفا ويبدلا ، بل بعض هذه الأوصاف موجودة فى الكتابين ، حتى بعد تحريفهما .
فقد أخرج ابن جرير وعبد بن حميد عن قتادة قال : " مكتوب فى الإِنجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " .
ويرى بعض المفسرين أن المذكور فى التوراة والإِنجيل شئ واحد ، وهو الوصف المذكور إلى نهاية قوله : ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل ) وعلى هذا الرأى يكون الوقف تاما على هذه الجملة ، وما بعدها وهو قوله : ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ . . . ) كلام مستأنف .
قال القرطبى : " قوله - تعالى - : ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التوراة وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل . . ) قال الفراء : فيه وجهان : إن شئت قلت : المعنى ذلك مثلهم فى التوراة وفى الإِنجيل أيضا ، كمثلهم فى القرآن ، فيكون الوقف على " الإِنجيل " .
وإن شئت قلت : تمام الكلام : ذلك مثلهم فى التوارة . ثم أبتدأ فقال : ومثلهم فى الإِنجيل .
وكذا قال ابن عباس وغيره : هما مثلان ، أحدهما فى التوارة ، والآخر فى الإِنجيل . . .
والذى نراه أن ما ذهب إليه ابن عباس من كونهما مثلين ، أحدهما مذكور فى التوراة والآخر فى الإِنجيل ، هو الرأى الراجح ، لأن ظاهر الآية يشهد له .
وفى هذه الصفات ما فيها من رسم صورة مشرقة مضيئة لهؤلاء المؤمنين الصادقين .
وقوله - تعالى - : ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفار ) تعليل لما يعرب عنه الكلام ، من إيجاده - تعالى - لهم على هذه الصفات الكريمة .
أى : جعلهم - سبحانه - كذلك بأن وفقهم لأن يكونوا أشداء على الكفار ، ولأن يكونوا رحماء فيما بينهم ، ولأن يكونوا مواظبين على أداء الطاعات . . لكى يغيظ بهم الكفار ، فيعيشوا وفى قلوبهم حسرة مما يرونه من صفات سامية للمؤمنين .
ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذا الوعد الجميل ، فقال : ( وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) .
و " من " فى قوله ( مِنْهُم ) الراجح أنها للبيان والتفسير ، كما فى قوله - تعالى - ( فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان . . ) أى : وعد الله - تعالى - بفضله وإحسانه ، الذين آمنوا وعملوا الصالحات . وهم أهل بيعة الرضوان ، ومن كان على شاكلتهم فى قوة الإِيمان . . وعدهم جميعا مغفرة لذنوبهم ، وأجرا عظيما لا يعلم مقداره إلا هو - سبحانه - .
ويجوز أن تكون من هنا للتبعيض ، لكى يخرج من هيلاء الموعودين بالمغفرة والأجر العظيم أولئك الذين أظهروا الإِسلام وأخفوا الكفر ، وهم المنافقون الذين أبوا مبايغة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبوا الخروج معه للجهاد ، والذين من صفاتهم أنهم كانوا إذا لقوا المؤمنين قالوا آمنا ،
( وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) هذا ، وقد أخذ العلماء من هذه الآية وأمثالها : وجوب احترام الصحابة وتوقيرهم ، والثناء عليهم ، لأن الله - تعالى - قد مدحهم ووعدهم بالمغفرة وبالأجر العظيم .
قال القرطبى : " روى أبو عروة الزبيرى من ولد الزبير أنه قال : كنا عند مالك بن أنس ، فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ مالك هذه الآية : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ) . فقال مالك : من أصبح من الناس فى قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أصابته هذه الآية . ثم قال الإِمام القرطبى - رحمه الله - : قلت : لقد أحسن مالك فى مقالته وأصاب فى تأويله ، فمن نقص واحد منهم أو طعن عليه فى روايته ، فقد رد على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين .
وبعد : فهذا تفسير لسورة " الفتح " تلك السورة التى بشرت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بألوان من البشارات العالية ، وأدبتهم بأنواع من الآداب السامية ، وعرفتهم بأعدائهم من المنافقين والكافرين ، وحكت الكثير من مظاهر فضل الله - تعالى - ورحمته بعباده المؤمنين . .
نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . .
- البغوى : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
( محمد رسول الله ) تم الكلام هاهنا ، قاله ابن عباس ، شهد له بالرسالة ، ثم قال مبتدئا : ( والذين معه ) فالواو فيه للاستئناف ، أي : والذين معه من المؤمنين ( أشداء على الكفار ) غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة ( رحماء بينهم ) متعاطفون متوادون بعضهم لبعض ، كالولد مع الوالد ، كما قال : " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " : ( المائدة - 54 ) : ( تراهم ركعا سجدا ) أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها ( يبتغون فضلا من الله ) أن يدخلهم الجنة ( ورضوانا ) أن يرضى عنهم ( سيماهم ) أي علامتهم ( في وجوههم من أثر السجود ) اختلفوا في هذه السيما : فقال قوم : هو نور وبياض في وجوههم يوم القيامة يعرفون به أنهم سجدوا في الدنيا ، وهو رواية عطية العوفي عن ابن عباس ، قال عطاء بن أبي رباح والربيع بن أنس : استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا . وقال شهر بن حوشب : تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر .
وقال آخرون : هو السمت الحسن والخشوع والتواضع . وهو رواية الوالبي عن ابن عباس قال : ليس بالذي ترون لكنه سيماء الإسلام وسجيته وسمته وخشوعه . وهو قول مجاهد ، والمعنى : أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن الذي يعرفون به .
وقال الضحاك : هو صفرة الوجه من السهر .
وقال الحسن : إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى .
قال عكرمة وسعيد بن جبير : هو أثر التراب على الجباه .
قال أبو العالية : إنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب .
وقال عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس .
( ذلك ) الذي ذكرت ( مثلهم ) صفتهم ( في التوراة ) هاهنا تم الكلام ، ثم ذكر نعتهم في الإنجيل ، فقال : ( ومثلهم ) صفتهم ( في الإنجيل كزرع أخرج شطأه ) قرأ ابن كثير ، وابن عامر : " شطأه " بفتح الطاء ، وقرأ الآخرون بسكونها ، وهما لغتان كالنهر والنهر ، وأراد أفراخه ، يقال : أشطأ الزرع فهو مشطئ ، إذا أفرخ ، قال مقاتل : هو نبت واحد ، فإذا خرج ما بعده فهو شطؤه .
وقال السدي : هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى .
قوله : ( فآزره ) قرأ ابن عامر : " فأزره " بالقصر والباقون بالمد ، أي : قواه وأعانه وشد أزره ( فاستغلظ ) غلظ ذلك الزرع ( فاستوى ) أي تم وتلاحق نباته وقام ( على سوقه ) أصوله ( يعجب الزراع ) أعجب ذلك زراعه .
هذا مثل ضربه الله - عز وجل - لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل [ أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون .
قال قتادة : مثل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل ]
مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .وقيل : " الزرع " محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و " الشطء " : أصحابه والمؤمنون .
وروي عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال : " محمد رسول الله والذين معه " : أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ، " أشداء على الكفار " عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، " رحماء بينهم " عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، " تراهم ركعا سجدا " علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، " يبتغون فضلا من الله " بقية العشرة المبشرين بالجنة .
وقيل : " كمثل زرع " محمد ، " أخرج شطأه " أبو بكر " فآزره " عمر " فاستغلظ " عثمان ، للإسلام " فاستوى على سوقه " علي بن أبي طالب استقام الإسلام بسيفه ، " يعجب الزراع " قال : هم المؤمنون .
( ليغيظ بهم الكفار ) قول عمر لأهل مكة بعدما أسلم : لا تعبدوا الله سرا بعد اليوم .
حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي السرخسي إملاء ، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن أحمد القفال ، حدثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد الفضل السمرقندي ، حدثنا شيخي أبو عبد الله محمد بن الفضل البلخي ، حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن عبد الرحمن بن حميد ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة " .
حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن قاسم حدثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، حدثنا أحمد بن هاشم الأنطاكي ، حدثنا قطبة بن العلاء ، حدثنا سفيان الثوري ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأفرضهم زيد ، وأقرؤهم أبي ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " .
ورواه معمر عن قتادة مرسلا وفيه : " وأقضاهم علي " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا معلى بن أسد ، حدثنا عبد العزيز المختار قال خالد الحذاء ، حدثنا عن أبي عثمان قال حدثني عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة ، فقلت : من الرجال ؟ فقال : أبوها ، قلت : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم .
أخبرنا أبو منصور عبد الملك وأبو الفتح نصر ، ابنا علي بن أحمد بن منصور ومحمد بن الحسين بن شاذويه الطوسي بها قالا حدثنا أبو الحسن محمد بن يعقوب ، أخبرنا الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك الأسدي ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل هو ابن يحيى بن سلمة بن كهيل ، حدثنا أبي عن أبيه عن سلمة عن أبي الزعراء عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد عبد الله بن مسعود " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن أحدا ارتج وعليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعثمان ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اثبت أحد ما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " .
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، حدثنا أبو سعيد الأشج ، أخبرنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن علي قال : عهد إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق .
حدثنا أبو المظفر التميمي ، أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان ، أخبرنا خيثمة بن سليمان ، حدثنا محمد بن عيسى بن حيان المدائني ، حدثنا محمد بن الفضل بن عطية ، عن عبد الله بن مسلم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة " .
قوله - عز وجل - : ( ليغيظ بهم الكفار ) أي إنما كثرهم وقواهم ليكونوا غيظا للكافرين .
قال مالك بن أنس : من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أصابته هذه الآية .
أخبرنا أبو الطيب طاهر بن محمد بن العلاء البغوي ، حدثنا أبو معمر الفضل بن إسماعيل بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرنا جدي أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرني الهيثم بن خلف الدوري ، حدثنا المفضل بن غسان بن المفضل العلائي ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا عبيدة بن أبي رابطة عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن مغفل المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه " .
حدثنا أبو المظفر بن محمد بن أحمد بن حامد التميمي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار بالكوفة ، أخبرنا وكيع بن الجراح ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن عروة ، حدثنا محمد بن الحسين بن محمد بن إشكاب ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا فضيل بن مرزوق عن أبي خباب عن أبي سليم الهمداني ، عن أبيه ، عن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن سرك أن تكون من أهل الجنة فإن قوما يتنحلون حبك يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، نبزهم الرافضة ، فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون " ، في إسناد هذا الحديث نظر .
قول الله - عز وجل - : ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ) قال ابن جرير : يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع ، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة ، ورد الهاء والميم على معنى الشطء لا على لفظه ، ولذلك لم يقل : " منه " ( مغفرة وأجرا عظيما ) يعني الجنة .
- ابن كثير : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
يخبر تعالى عن محمد صلوات الله عليه ، أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب ، فقال : ( محمد رسول الله ) ، وهذا مبتدأ وخبر ، وهو مشتمل على كل وصف جميل ، ثم ثنى بالثناء على أصحابه فقال : ( والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) ، كما قال تعالى : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) [ المائدة : 54 ] وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكفار ، رحيما برا بالأخيار ، غضوبا عبوسا في وجه الكافر ، ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة ) [ التوبة : 123 ] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " ، وقال : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه كلا الحديثين في الصحيح .
وقوله : ( تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) : وصفهم بكثرة العمل وكثرة الصلاة ، وهي خير الأعمال ، ووصفهم بالإخلاص فيها لله - عز وجل - والاحتساب عند الله جزيل الثواب ، وهو الجنة المشتملة على فضل الله ، وهو سعة الرزق عليهم ، ورضاه تعالى ، عنهم وهو أكبر من الأول ، كما قال : ( ورضوان من الله أكبر ) [ التوبة : 72 ] .
وقوله : ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( سيماهم في وجوههم ) يعني : السمت الحسن .
وقال مجاهد وغير واحد : يعني الخشوع والتواضع .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن منصور عن مجاهد : ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) قال : الخشوع ، قلت : ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه ، فقال : ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون .
وقال السدي : الصلاة تحسن وجوههم .
وقال بعض السلف : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار .
وقد أسنده ابن ماجه في سننه ، عن إسماعيل بن محمد الطلحي ، عن ثابت بن موسى ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " والصحيح أنه موقوف .
وقال بعضهم : إن للحسنة نورا في القلب ، وضياء في الوجه ، وسعة في الرزق ، ومحبة في قلوب الناس .
وقال أمير المؤمنين عثمان : ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه ، وفلتات لسانه .
والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه ، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله أصلح الله ظاهره للناس ، كما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : من أصلح سريرته أصلح الله علانيته .
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمود بن محمد المروزي ، حدثنا حامد بن آدم المروزي ، حدثنا الفضل بن موسى ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن سلمة بن كهيل ، عن جندب بن سفيان البجلي قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله رداءها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر " ، العرزمي متروك .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة ، لخرج عمله للناس كائنا ما كان " .
وقال الإمام أحمد [ أيضا ] : حدثنا حسن ، حدثنا زهير ، حدثنا قابوس بن أبي ظبيان : أن أباه حدثه عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الهدي الصالح ، والسمت الصالح ، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " ورواه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي ، عن زهير ، به .
فالصحابة [ رضي الله عنهم ] خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم ، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم .
وقال مالك ، رحمه الله : بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام يقولون : " والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا " . وصدقوا في ذلك ، فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة ، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نوه الله بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة ; ولهذا قال هاهنا : ( ذلك مثلهم في التوراة ) ، ثم قال : ( ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه [ فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه ) : ( أخرج شطأه ] ) أي : فراخه ، ( فآزره ) أي : شده ( فاستغلظ ) أي : شب وطال ، ( فاستوى على سوقه يعجب الزراع ) أي : فكذلك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطء مع الزرع ، ( ليغيظ بهم الكفار ) .
ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك - رحمه الله ، في رواية عنه - بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة ، قال : لأنهم يغيظونهم ، ومن غاظ الصحابة فهو كافر لهذه الآية . ووافقه طائفة من العلماء على ذلك . والأحاديث في فضائل الصحابة والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة ، ويكفيهم ثناء الله عليهم ، ورضاه عنهم .
ثم قال : ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ) من " هذه لبيان الجنس ، ( مغفرة ) أي : لذنوبهم . ( وأجرا عظيما ) أي : ثوابا جزيلا ورزقا كريما ، ووعد الله حق وصدق ، لا يخلف ولا يبدل ، وكل من اقتفى أثر الصحابة فهو في حكمهم ، ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم ، وجعل جنات الفردوس مأواهم ، وقد فعل .
قال مسلم في صحيحه : حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " .آخر تفسير سورة الفتح ، ولله الحمد والمنة .
- القرطبى : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
قوله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما .
فيه خمس مسائل : الأولى : قوله تعالى : محمد رسول الله محمد مبتدأ و ( رسول ) خبره . وقيل : محمد ابتداء و ( رسول ) الله نعته .
والذين معه عطف على المبتدأ ، والخبر فيما بعده ، فلا يوقف على هذا التقدير على رسول الله وعلى الأول يوقف على رسول الله ; لأن صفاته - عليه السلام - تزيد على ما وصف أصحابه ، فيكون محمد ابتداء ورسول الله الخبر والذين معه ابتداء ثان . وأشداء خبره ورحماء خبر ثان . وكون الصفات في جملة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الأشبه . وقيل : المراد بالذين معه جميع المؤمنين .
رحماء بينهم أي يرحم بعضهم بعضا . وقيل : متعاطفون متوادون . وقرأ الحسن أشداء على الكفار رحماء بينهم بالنصب على الحال ، كأنه قال : والذين معه في حال شدتهم على الكفار وتراحمهم بينهم . تراهم ركعا سجدا إخبار عن كثرة صلاتهم . يبتغون فضلا من الله ورضوانا أي يطلبون الجنة ورضا الله تعالى .
الثانية : قوله تعالى : سيماهم في وجوههم من أثر السجود السيما العلامة ، وفيها لغتان : المد والقصر ، أي : لاحت علامات التهجد بالليل وأمارات السهر . وفي سنن ابن ماجه قال : حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي قال حدثنا ثابت بن موسى أبو يزيد عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار . وقال ابن العربي : ودسه قوم في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه الغلط ، وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه ذكر بحرف . وقد روى ابن وهب عن مالك سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود ، وبه قال سعيد بن جبير . وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : صلى صبيحة إحدى وعشرين من رمضان وقد وكف المسجد وكان على عريش ، فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته وعلى جبهته وأرنبته أثر الماء والطين . وقال الحسن : هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة . وقاله سعيد بن جبير أيضا ، ورواه العوفي عن ابن عباس ، قاله الزهري . وفي الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة ، وفيه : [ حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ] . وقال شهر بن حوشب : يكون موضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر . وقال ابن عباس ومجاهد : السيما في الدنيا وهو السمت الحسن . وعن مجاهد أيضا : هو الخشوع والتواضع . قال منصور : سألت مجاهدا عن قوله تعالى : سيماهم في وجوههم أهو أثر يكون بين عيني الرجل ؟ قال لا ، ربما يكون بين عيني الرجل مثل ركبة العنز وهو أقسى قلبا من الحجارة ولكنه نور في وجوههم من الخشوع . وقال ابن جريج : هو الوقار والبهاء . وقال شمر بن عطية : هو صفرة الوجه من قيام الليل . قال الحسن : إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى . وقال الضحاك : أما إنه ليس بالندب في وجوههم ولكنه الصفرة . وقال سفيان الثوري : يصلون بالليل فإذا أصبحوا رئي ذلك في وجوههم ، بيانه قوله - صلى الله عليه وسلم - : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار . وقد مضى القول فيه آنفا . وقال عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس .
الثالثة : قوله تعالى : ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل قال الفراء : فيه وجهان ، إن شئت قلت المعنى ذلك مثلهم في التوراة وفي الإنجيل أيضا ، كمثلهم في القرآن ، فيكون الوقف على الإنجيل وإن شئت قلت : تمام الكلام ذلك مثلهم في التوراة ، ثم ابتدأ فقال : ومثلهم في الإنجيل . وكذا قال ابن عباس وغيره : هما مثلان ، أحدهما في التوراة والآخر في الإنجيل ، فيوقف على هذا على التوراة وقال مجاهد : هو مثل واحد ، يعني أن هذه صفتهم في التوراة والإنجيل ، فلا يوقف على التوراة على هذا ، ويوقف على الإنجيل ويبتدئ كزرع أخرج شطأه على معنى وهم كزرع . وشطأه يعني فراخه وأولاده ، قاله ابن زيد وغيره . وقال مقاتل : هو نبت واحد ، فإذا خرج ما بعده فقد شطأه . قال الجوهري : شطء الزرع والنبات فراخه ، والجمع أشطاء . وقد أشطأ الزرع خرج شطؤه . قال الأخفش في قوله : أخرج شطأه أي : طرفه . وحكاه الثعلبي عن الكسائي . وقال الفراء : أشطأ الزرع فهو مشطئ إذا خرج . قال الشاعر :
أخرج الشطء على وجه الثرى ومن الأشجار أفنان الثمر
الزجاج : أخرج شطأه أي : نباته . وقيل : إن الشطء شوك السنبل ، والعرب أيضا تسميه : السفا ، وهو شوك البهمى ، قاله قطرب . وقيل : إنه السنبل ، فيخرج من الحبة عشر سنبلات وتسع وثمان ، قال الفراء ، حكاه الماوردي . وقرأ ابن كثير وابن ذكوان ( شطأه ) بفتح الطاء ، وأسكن الباقون . وقرأ أنس ونصر بن عاصم وابن وثاب ( شطاه ) مثل عصاه . وقرأ الجحدري وابن أبي إسحاق ( شطه ) بغير همز ، وكلها لغات فيها .
وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، يعني أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفا فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوي أمره ، كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفا فيقوى حالا بعد حال حتى يغلظ نباته وأفراخه . فكان هذا من أصح مثل وأقوى بيان . وقال قتادة : مثل أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من قوم ينبتون نبات الزرع ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
فآزره أي قواه وأعانه وشده ، أي : قوى الشطء الزرع . وقيل : بالعكس ، أي : قوى الزرع الشطء . وقراءة العامة آزره بالمد . وقرأ ابن ذكوان وأبو حيوة وحميد بن قيس ( فأزره ) مقصورة ، مثل فعله . والمعروف المد . قال امرؤ القيس :
بمحنية قد آزر الضال نبتها مجر جيوش غانمين وخيب
فاستوى على سوقه على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقا له . والسوق : جمع الساق . يعجب الزراع أي يعجب هذا الزرع زراعه . وهو مثل كما بينا ، فالزرع محمد - صلى الله عليه وسلم - ، والشطء أصحابه ، كانوا قليلا فكثروا ، وضعفاء فقووا ، قاله الضحاك وغيره . ليغيظ بهم الكفار اللام متعلقة بمحذوف ، أي : فعل الله هذا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ليغيظ بهم الكفار .
الرابعة : قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا أي وعد الله هؤلاء الذين مع محمد ، وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة . و ( من ) في قوله : منهم مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم ، ولكنها عامة مجنسة ، مثل قوله تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان لا يقصد للتبعيض لكنه يذهب إلى الجنس ، أي : فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان ، إذ كان الرجس يقع من أجناس شتى ، منها الزنى والربا وشرب الخمر والكذب ، فأدخل ( من ) يفيد بها الجنس وكذا منهم ، أي : من هذا الجنس ، يعني جنس الصحابة . ويقال : أنفق نفقتك من الدراهم ، أي : اجعل نفقتك هذا الجنس . وقد يخصص أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بوعد المغفرة تفضيلا لهم ، وإن وعد الله جميع المؤمنين المغفرة . وفي الآية جواب آخر : وهو أن ( من ) مؤكدة للكلام ، والمعنى وعدهم الله كلهم مغفرة وأجرا عظيما . فجرى مجرى قول العربي : قطعت من الثوب قميصا ، يريد قطعت الثوب كله قميصا . و ( من ) لم يبعض شيئا . وشاهد هذا من القرآن وننزل من القرآن ما هو شفاء معناه وننزل القرآن شفاء ; لأن كل حرف منه يشفي ، وليس الشفاء مختصا به بعضه دون بعض . على أن من اللغويين من يقول : ( من ) مجنسة ، تقديرها ننزل الشفاء من جنس القرآن ، ومن جهة القرآن ، ومن ناحية القرآن . قال زهير :
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
أراد من ناحية أم أوفى دمنة ، أم من منازلها دمنة . وقال الآخر [ الأعشى ] :
أخو رغائب يعطيها ويسألها يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
ف ( من ) لم تبعض شيئا ، إذ كان المقصد يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر . والنوفل : الكثير العطاء . والزفر : حامل الأثقال والمؤن عن الناس .
الخامسة : روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير : كنا عند مالك بن أنس ، فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقرأ مالك هذه الآية محمد رسول الله والذين معه حتى بلغ يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار فقال مالك : من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أصابته هذه الآية ، ذكره الخطيب أبو بكر .
قلت : لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله . فمن نقص واحدا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين ، قال الله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار الآية . وقال : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة إلى غير ذلك من الآي التي تضمنت الثناء عليهم ، والشهادة لهم بالصدق والفلاح ، قال الله تعالى : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقال : للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا إلى قوله أولئك هم الصادقون ، ثم قال عز من قائل : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم إلى قوله فأولئك هم المفلحون . وهذا كله مع علمه تبارك وتعالى بحالهم ومآل أمرهم ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خير الناس قرني ثم الذين يلونهم وقال : لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه خرجهما البخاري . وفي حديث آخر : فلو أن أحدكم أنفق ما في الأرض لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه .
قال أبو عبيد : معناه لم يدرك مد أحدهم إذا تصدق به ولا نصف المد ، فالنصيف هو النصف هنا . وكذلك يقال للعشر عشير ، وللخمس خميس ، وللتسع تسيع ، وللثمن ثمين ، وللسبع سبيع ، وللسدس سديس ، وللربع ربيع . ولم تقل العرب للثلث ثليث . وفي البزار عن جابر مرفوعا صحيحا : [ إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لي من أصحابي أربعة - يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - فجعلهم أصحابي ] . وقال : [ في أصحابي كلهم خير ] . وروى عويم بن ساعدة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ إن الله - عز وجل - اختارني واختار لي أصحابي فجعل لي منهم وزراء وأختانا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ] . والأحاديث بهذا المعنى كثيرة ، فحذار من الوقوع في أحد منهم ، كما فعل من طعن في الدين فقال : إن المعوذتين ليستا من القرآن ، وما صح حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تثبيتهما ودخولهما في جملة التنزيل إلا عن عقبة بن عامر ، وعقبة بن عامر ضعيف لم يوافقه غيره عليها ، فروايته مطرحة . وهذا رد لما ذكرناه من الكتاب والسنة ، وإبطال لما نقلته لنا الصحابة من الملة . فإن عقبة بن عامر بن عيسى الجهني ممن روى لنا الشريعة في الصحيحين البخاري ومسلم وغيرهما ، فهو ممن مدحهم الله ووصفهم وأثنى عليهم ووعدهم مغفرة وأجرا عظيما . فمن نسبه أو واحدا من الصحابة إلى كذب فهو خارج عن الشريعة ، مبطل للقرآن طاعن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ومتى ألحق واحد منهم تكذيبا فقد سب ; لأنه لا عار ولا عيب بعد الكفر بالله أعظم من الكذب ، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سب أصحابه ، فالمكذب لأصغرهم - ولا صغير فيهم - داخل في لعنة الله التي شهد بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وألزمها كل من سب واحدا من أصحابه أو طعن عليه . وعن عمر بن حبيب قال : حضرت مجلس هارون الرشيد فجرت مسألة تنازعها الحضور وعلت أصواتهم ، فاحتج بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرفع بعضهم الحديث وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم : لا يقبل هذا الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لأن أبا هريرة متهم فيما يرويه ، وصرحوا بتكذيبه ، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ونصر قولهم فقلت أنا : الحديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأبو هريرة صحيح النقل صدوق فيما يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره ، فنظر إلي الرشيد نظر مغضب ، وقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي ، فلم ألبث حتى قيل : صاحب البريد بالباب ، فدخل فقال لي : أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول ، وتحنط وتكفن فقلت : اللهم إنك تعلم أني دافعت عن صاحب نبيك ، وأجللت نبيك أن يطعن على أصحابه ، فسلمني منه . فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسي من ذهب ، حاسر عن ذراعيه ، بيده السيف وبين يديه النطع ، فلما بصر بي قال لي : يا عمر بن حبيب ما تلقاني أحد من الرد والدفع لقولي بمثل ما تلقيتني به ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن الذي قلته وجادلت عنه فيه ازدراء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى ما جاء به ، إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة ، والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كله مردود غير مقبول فرجع إلى نفسه ثم قال : أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله ، وأمر لي بعشرة آلاف درهم .
قلت : فالصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله . هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة . وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم . ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال : إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء ، فلا بد من البحث . وهذا مردود ، فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم - رضي الله عنهم - ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى : مغفرة وأجرا عظيما وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخباره لهم بذلك . وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم ، إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ، وكل مجتهد مصيب . وسيأتي الكلام في تلك الأمور في سورة ( الحجرات ) مبينة إن شاء الله تعالى :
تم تفسير سورة ( الفتح ) والحمد لله .
- الطبرى : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
القول في تأويل قوله تعالى : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)
وقوله ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) يقول تعالى ذكره: محمد رسول الله وأتباعه من أصحابه الذين هم معه على دينه,( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) , غليظة عليهم قلوبهم, قليلة بهم رحمتهم ( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) يقول: رقيقة قلوب بعضهم لبعض, لينة أنفسهم لهم, هينة عليهم لهم.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) ألقى الله في قلوبهم الرحمة, بعضهم لبعض ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ) يقول: تراهم ركعا أحيانا لله في صلاتهم سجدا أحيانا( يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ ) يقول: يلتمسون بركوعهم وسجودهم وشدّتهم على الكفار ورحمة بعضهم بعضا, فضلا من الله, وذلك رحمته إياهم, بأن يتفضل عليهم, فيُدخلهم جنته ( وَرِضْوَانًا )يقول: وأن يرضى عنهم ربهم.
وقوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) يقول: علامتهم في وجوههم من أثر السجود في صلاتهم.
ثم اختلف أهل التأويل في السيما الذي عناه الله في هذا الموضع, فقال بعضهم: ذلك علامة يجعلها الله في وجوه المؤمنين يوم القيامة, يعرفون بها لما كان من سجودهم له في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا عبيد الله العتكي, عن خالد الحنفي, قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: يعرف ذلك يوم القيامة في وجوههم من أثر سجودهم في الدنيا, وهو كقوله تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ .
حدثني عبيد بن أسباط بن محمد, قال: ثنا أبي, عن فضيل بن مروزق, عن عطية, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: مواضع السجود من وجوههم يوم القيامة أشد وجوههم بياضا.
حدثنا محمد بن عمارة, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا ابن فضيل, عن فضيل, عن عطية, بنحوه.
حدثني أبو السائب, قال: ثنا ابن فضيل, عن فضيل, عن عطية, بنحوه.
حدثنا مجاهد بن موسى, قال: ثنا يزيد, قال: أخبرنا فضيل, عن عطية, مثله.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر, قال: سمعت شبيبا يقول عن مقاتل بن حيان, قال : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: النور يوم القيامة.
حدثنا ابن سنان القزاز, قال: ثنا هارون بن إسماعيل, قال: قال عليّ بن المبارك: سمعت غير واحد عن الحسن, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: بياضا في وجوههم يوم القيامة.
وقال آخرون: بل ذلك سيما الإسلام وَسمْته وخشوعه, وعنى بذلك أنه يرى من ذلك عليهم في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) قال: السَّمْت الحَسَن.
قال: ثنا مجاهد, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا الحسن بن معاوية, عن الحكم, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: أما إنه ليس بالذي ترون, ولكنه سيما الإسلام وسَحْنته وسَمته وخشوعه.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عامر, قال: ثنا سفيان, عن حميد الأعرج, عن مجاهد ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: الخشوع والتواضع.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن حميد الأعرج, عن مجاهد, مثله.
قال: ثنا أبو عامر, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: الخشوع.
حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, عن شعبة, عن الحكم, عن مجاهد, في هذه الآية ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: السَّحْنة.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: هو الخشوع, فقلت: هو أثر السجود, فقال: إنه يكون بين عينيه مثل ركبة العنـز وهو كما شاء الله.
وقال آخرون: ذلك أثر يكون في وجوه المصلين, مثل أثر السهر, الذي يظهر في الوجه مثل الكلف والتهيج والصفرة, وأشبه ذلك مما يظهره السهر والتعب في الوجه, ووجهوا التأويل في ذلك إلى أنه سيما في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن رجل, عن الحسن ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: الصفرة.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر, عن أبيه, قال: زعم الشيخ الذي كان يقصّ في عُسر, وقرأ ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) فزعم أنه السهر يرى في وجوههم.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا يعقوب القمِّيُّ, عن حفص, عن شَمِر بن عَطية, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) قال: تهيج في الوجه من سهر الليل.
وقال آخرون: ذلك آثار ترى في الوجه من ثرى الأرض, أو نَدَى الطَّهُور.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا حوثرة بن محمد المنقري, قال: ثنا حماد بن مسعدة; وحدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حرير جميعا عن ثعلبة بن سهيل, عن جعفر بن أبي المُغيرة, عن سعيد بن جُبير, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: ثرى الأرض, وندى الطَّهُور.
حدثنا ابن سنان القزّاز, قال: ثنا هارون بن إسماعيل, قال: ثنا عليّ بن المبارك, قال: ثنا مالك بن دينار, قال: سمعت عكرِمة يقول ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال: هو أثر التراب.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبرنا أن سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود, ولم يخصّ ذلك على وقت دون وقت. وإذ كان ذلك كذلك, فذلك على كلّ الأوقات, فكان سيماهم الذي كانوا يعرفون به في الدنيا أثر الإسلام, وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته, وآثار أداء فرائضه وتطوّعِه, وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به, وذلك الغرّة في الوجه والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء, وبياض الوجوه من أثر السجود.
وبنحو الذي قلنا في معنى السيما قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) يقول: علامتهم أو أعلمتهم الصلاة.
وقوله ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) يقول: هذه الصفة التي وصفت لكم من صفة أتباع محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الذين معه صفتهم في التوراة.
وقوله ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) يقول: وصفتهم في إنجيل عيسى صفة زرع أخرج شطأه, وهو فراخه, يقال منه: قد أشطأ الزرع: إذا فرَّخ فهو يشطّي إشطاء, وإنما مثلهم بالزرع المشطئ, لأنهم ابتدءوا في الدخول في الإسلام, وهم عدد قليلون, ثم جعلوا يتزايدون, ويدخل فيه الجماعة بعدهم, ثم الجماعة بعد الجماعة, حتى كثر عددهم, كما يحدث في أصل الزرع الفرخ منه, ثم الفرخ بعده حتى يكثر وينمي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) أصحابه مثلهم, يعني نعتهم مكتوبا في التوراة والإنجيل قبل أن يخلق السموات والأرض.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قالة: ثنا عبيد, عن الضحاك ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ )... إلى قوله ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) ثم قال ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ )... الآية.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ذلك ( مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) : أي هذا المثل في التوراة ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) فهذا مثل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الإنجيل.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ).
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) يعني السيما في الوجوه مثلهم في التوراة, وليس بمثلهم في الإنجيل, ثم قال عزّ وجلّ : ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ )... الآية, هذا مثلهم في الإنجيل.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ).
حدثني عمرو بن عبد الحميد, قال: ثنا مروان بن معاوية, عن جُويبر, عن الضحاك في قول الله : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ )... الآية, قال: هذا مثلهم في التوراة, ومثل آخر في الإنجيل ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ ) الآية.
وقال آخرون: هذان المَثَلان في التوراة والإنجيل مثلهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) والإنجيل واحد.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: مثلهم في التوراة, غير مثَلهم في الإنجيل, وإن الخبر عن مثلهم في التوراة متناه عند قوله ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) وذلك أن القول لو كان كما قال مجاهد من أن مثلهم في التوراة والإنجيل واحد, لكان التنـزيل: ومثلهم في الإنجيل, وكزرع أخرج شطأه, فكان تمثيلهم بالزرع معطوفا على قوله ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) حتى يكون ذلك خبرا عن أن ذلك مَثلهم في التوراة والإنجيل, وفي مجيء الكلام بغير واو في قوله ( كَزَرْعٍ ) دليل بَيِّن على صحة ما قُلْنا, وأن قولهم ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ ) خبر مبتدأ عن صفتهم التي هي في الإنجيل دون ما في التوراة منها.
وبنحو الذي قلنا في قوله ( أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ, قال: ثنا أبي, عن أبيه, عن جدّه, عن الأعمش, عن خيثمة, قال: بينا عبد الله يقرئ رجلا عند غروب الشمس, إذ مرّ بهذه الآية ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) قال: أنتم الزرع, وقد دنا حصادكم.
قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن حُمَيد الطويل, قال: قرأ أنس بن مالك : ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ ) قال: تدرون ما شطأه ؟ قال: نباته.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) قال: سنبله حين يتسلع نباته عن حباته.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) قال: هذا مثل أصحاب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الإنجيل, قيل لهم: إنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع, منهم قوم يأمرون بالمعروف, وينهوْن عن المنكر.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة والزهريّ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) قالا أخرج نباته.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) يعني: أصحاب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون ويستغلظون.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) أولاده, ثم كثرت أولاده.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) قال: ما يخرج بجنب الحقلة فيتمّ وينمي.
وقوله ( فَآزَرَهُ ) يقول: فقوّاه: أي قوى الزرعَ شطأه وأعانه, وهو من الموازرة التي بمعنى المعاونة ( فَاسْتَغْلَظَ ) يقول: فغلظ الزرع ( فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ ) والسوق: جمع ساق, وساق الزرع والشجر: حاملته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فآزَرَهُ ) يقول: نباته مع التفافه حين يسنبل ( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ ) فهو مثل ضربه لأهل الكتاب إذا خرج قوم ينبتون كما ينبت الزرع فيبلغ فيهم رجال يأمرون بالمعروف, وينهون عن المنكر, ثم يغلظون, فهم أولئك الذين كانوا معهم. وهو مَثل ضربه الله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: بعث الله النبيّ وحده, ثم اجتمع إليه ناس قليل يؤمنون به, ثم يكون القليل كثيرا, ويستغلظون, ويغيظ الله بهم الكفار.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( فَآزَرَهُ ) قال: فشدّه وأعانه.
وقوله ( عَلَى سُوقِهِ ) قال: أصوله.
حدثني ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة والزهري ( فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ ) يقول: فتلاحق.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَآزَرَهُ ) اجتمع ذلك فالتفتّ; قال: وكذلك المؤمنون خرجوا وهم قليل ضعفاء, فلم يزل الله يزيد فيهم, ويؤيدهم بالإسلام, كما أيَّد هذا الزرع بأولاده, فآزره, فكان مثلا للمؤمنين.
حدثني عمرو بن عبد الحميد, قال: ثنا مروان بن معاوية, عن جُوَيبر, عن الضحاك ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ ) يقول: حبّ برّ نثر متفرّقا, فتنبت كلّ حبة واحدة, ثم أنبتت كل واحدة منها, حتى استغلظ فاستوى على سوقه; قال: يقول: كان أصحاب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قليلا ثم كثروا, ثم استغلظوا( لِيَغِيظَ ) الله ( بِهِمُ الْكُفَّارَ ).
وقوله ( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) يقول تعالى ذكره: يعجب هذا الزرعُ الذي استغلظ فاستوى على سوقه في تمامه وحُسن نباته, وبلوغه وانتهائه الذين زرعوه ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) يقول: فكذلك مثل محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه, واجتماع عددهم حتى كثروا ونموا, وغلظ أمرهم كهذا الزرع الذي وصف جلّ ثناؤه صفته, ثم قال ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) فدلّ ذلك على متروك من الكلام, وهو أن الله تعالى فعل ذلك بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه ليغيظ بهم الكفار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) يقول الله: مثلهم كمثل زرع أخرج شطأه فآزَره, فاستغلظ, فاستوى على سوقه, حتى بلغ أحسن النبات, يُعْجِب الزرّاع من كثرته, وحُسن نباته.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ) قال: يعجب الزرّاع حُسنه ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) بالمؤمنين, لكثرتهم, فهذا مثلهم في الإنجيل.
وقوله ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) يقول تعالى ذكره: وعد الله الذين صدّقوا الله ورسوله ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول: وعملوا بما أمرهم الله به من فرائضه التي أوجبها عليهم.
وقوله ( مِنْهُمْ ) يعني: من الشطء الذي أخرجه الزرع, وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع الذي وصف ربنا تبارك وتعالى صفته. والهاء والميم في قوله ( مِنْهُمْ ) عائد على معنى الشطء لا على لفظه, ولذلك جمع فقيل: " منهم ", ولم يقل " منه ". وإنما جمع الشطء لأنه أريد به من يدخل في دين محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى يوم القيامة بعد الجماعة الذين وصف الله صفتهم بقوله ( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ).
وقوله ( وَمَغْفِرَةً ) يعني: عفوا عما مضى من ذنوبهم, وسيئ أعمالهم بحسنها. وقوله ( وَأَجْرًا عَظِيمًا ) يعني: وثوابا جزيلا وذلك الجنة.
آخر تفسير سورة الفتح
- ابن عاشور : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29(
{ شَهِيداً * مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ }
لما بيّن صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في رؤياه واطمأنت نفوس المؤمنين أعقب ذلك بتنويه شأن الرسول صلى الله عليه وسلم والثناء على المؤمنين الذين معه .
و { محمد } خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هو محمد يعود هذا الضمير المحذوف على قوله : { رسوله } [ الفتح : 28 ] في الآية قبلها . وهذا من حذف المسند الذي وصفه السكاكي بالحذف الذي الاستعمال وارد على ترك المسند إليه وترك نظائره . قال التفتازاني في «المطول» «ومنه قولهم بعد أن يذكروا رجلاً : فتى من شأنه كذا وكذا ، وهو أن يذكروا الديار أو المنازل ربع كذا وكذا» . ومن أمثلة «المفتاح» لذاك قوله : ( فراجعهما ( أي العقل السليم والطبع المستقيم في مثل : قوله
سأشكر عمراً إن تراخَتْ منيتي ... أياديَ لم تُمنن وإنْ هيَ جلّت
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت
إذ لم يقل : هو فتى .
وهذا المعنى هو الأظهر هنا إذ ليس المقصود إفادة أن محمداً رسول الله وإنما المقصود بيان رسول الله من هو بعد أن أجرى عليه من الأخبار من قوله : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } [ الفتح : 27 ] إلى قوله : { ليظهره على الدين كله } [ الفتح : 28 ] فيعتبر السامع كالمشتاق إلى بيان : مَنْ هذا المتحدث عنه بهذه الأخبار؟ فيقال له : محمد رسول الله ، أي هو محمد رسول الله . وهذا من العناية والاهتمام بذكر مناقبه صلى الله عليه وسلم فتعتبر الجملةُ المحذوفُ مبتدؤها مستأنفةً استئنافاً بيانياً . وفيه وجوه أخر لا تخفى ، والأحسن منها هذا .
وفي هذا نداء على إبطال جحود المشركين رسالته حين امتنعوا من أن يكتب في صحيفة الصلح «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله . وقالوا : لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت» .
وقوله : { والذين معه } يجوز أن يكون مبتدأ و { أشداء } خبراً عنه وما بعده إخبار . والمقصود الثناء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى { معه } : المصاحَبة الكاملة بالطاعة والتأييد كقوله تعالى : { وقال الله إني معكم } . والمراد : أصحابه كلهم لا خصوص أهل الحديبية .
وإن كانوا هم المقصود ابتداء فقد عُرفوا بصدق ما عاهدوا عليه الله ، ولذلك لما انهزم المسلمون يوم حنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب نادِ يا أصل السَّمُرة . ويجوز أن يكون { والذين معه } عطفاً على { رسولَه } من قوله : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق } [ التوبة : 33 ] . والتقدير : وأرسل الذين معه ، أي أصحابه على أن المراد بالإرسال ما يشمل الإذن لهم بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى : { إذ أرسلنا إليهم اثنين } [ يس : 14 ] الآية فإن المرسلين إلى أهل أنطاكية كانوا من الحواريين ، أمرهم عيسى بنشر الهدى والتوحيد .
فيكون الإرسال البعث له في قوله تعالى : { بعثنا عليكم عبادا لَنَا } وعلى هذا يكون { أرسلنا } في هذه الآية مستعملاً في حقيقته ومجازه .
و { أشداء } : جمع شديد ، وهو الموصوف بالشدة المعنوية وهي صلابة المعاملة وقساوتها ، قال تعالى في وصف النار { عليها ملائكة غلاظٌ شداد } [ التحريم : 6 ] .
والشدة على الكفار : هي الشدة في قتالهم وإظهار العداوة لهم ، وهذا وصف مدح لأن المؤمنين الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا هم فئة الحق ونشر الإسلام فلا يليق بهم إلا إظهار الغضب لله والحب في الله والبغض في الله من الإيمان ، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أقوى المؤمنين إيماناً من أجْل إشراق أنوار النبوءة على قلوبهم فلا جرم أن يكونوا أشد على الكفار فإن بين نفوس الفريقين تمام المضادة وما كانت كراهيتهم للصلح مع الكفار يوم الحديبية ورغبتهم في قتل أسراهم الذين ثقفوهم يوم الحديبية وعفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم إلا من آثار شدتهم على الكفار ولم تكن لاحت لهم المصلحة الراجحة على القتال وعلى القتل التي آثرها النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كان أكثرهم محاورة في إباء الصلح يومئذٍ أشد أشدّائهم على الكفار وهو عمر بن الخطاب وكان أفهمهم للمصلحة التي توخاها النبي صلى الله عليه وسلم في إبرام الصلح أبا بكر . وقد قال سهل بن حنيف يوم صفين : أيها الناس اتهموا الرأي فلقد رأيتنا يوم أبي جندل ، ولو نستطيع أن نرد على رسول الله فعله لرددناه . والله ورسوله أعلم .
ثم تكون أحكام الشدة على الكفار من وجوب وندب وإباحة وأحكام صحبتهم ومعاملتهم جارية على مختلف الأحوال ولعلماء الإسلام فيها مقال ، وقد تقدم كثير من ذلك في سورة آل عمران وفي سورة براءة . والشدة على الكفار اقتبسوها من شدة النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين قال تعالى { بالمؤمنين رؤوف رحيم } [ التوبة : 128 ] .
وأما كونهم رحماء بينهم فذلك من رسوخ أخوة الإيمان بينهم في نفوسهم . وقد وردت أخبار أخوتهم وتراحمهم في مواضع كثيرة من القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم
وفي الجمع لهم بين هاتين الخلتين المتضادتين الشدّةِ والرحمة إيماء إلى أصالة آرائهم وحكمة عقولهم ، وأنهم يتصرفون في أخلاقهم وأعمالهم تصرف الحكمة والرشد فلا تغلب على نفوسهم محمدة دون أخرى ولا يندفعون إلى العمل بالجبلة وعدم الرؤية . وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعِزّة على الكافرين } في سورة العقود ( 54 ( .
وفي تعليق رحماء } مع ظرف ( بين ( المفيد للمكان الداخل وسط ما يضاف هو إليه تنبيه على انبثاث التراحم فيهم جميعاً قال النبي صلى الله عليه وسلم « تجد المسلمين في توادِّهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو اشتكى له جميع الجسد بالسهر والحمى »
والخطاب في { تراهم } لغير معين بل لكل من تتأتى رؤيته إياهم ، أي يراهم الرائي .
وإيثار صيغة المضارع للدلالة على تكرر ذلك ، أي تراهم كلما شئت أن تراهم ركعاً سجداً . وهذا ثناء عليهم بشدة إقبالهم على أفضل الأعمال المزكية للنفس ، وهي الصلوات مفروضُها ونافلتها وأنهم يتطلبون بذلك رضى الله ورضوانه . وفي سوق هذا في مساق الثناء إيماء إلى أن الله حقق لهم ما يبتغونه .
والسيما : العلامة ، وتقدم عند قوله تعالى : { تعرفهم بسيماهم } في البقرة ( 273 ( وهذه سيما خاصة هي من أثر السجود .
واختلف في المراد من السيما التي وصفت بأنها من أثر السجود } على ثلاثة أنحاء الأول : أنها أثر محسوس للسجود ، الثاني أنها من الأثر النفسي للسجود ، الثالث أنها أثر يظهر في وجوههم يوم القيامة . فبالأول فسر مالك بن أنس وعكرمة وأبو العالية قال مالك : السيما هي ما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود مثل ما تعلق بجبهة النبي صلى الله عليه وسلم من أثر الطين والماء لما وَكَف المسجد صبيحة إحدى وعشرين من رمضان . وقال السعيد وعكرمة : الأثر كالغدة يكون في جبهة الرجل .
وليس المراد أنهم يتكلفون حدوث ذلك في وجوههم ولكنه يحصل من غير قصد بسبب تكرر مباشرة الجبهة للأرض وبشرات الناس مختلفة في التأثر بذلك فلا حرج على من حصل له ذلك إذا لم يتكلفه ولم يقصد به رياء .
وقال أبو العالية : يسجدون على التراب لا على الأثواب .
وإلى النحو الثاني فسر الأعمش والحسن وعطاء والربيع ومجاهد عن ابن عباس وابن جزء والضحاك . فقال الأعمش : مَن كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار . وقريب منه عن عطاء والربيع بن سليمان . وقال ابن عباس : هو حسن السمت . وقال مجاهد : هو نور من الخشوع والتواضع . وقال الحسن والضحاك : بياض وصفرة وتهيج يعتري الوجوه من السهر . وإلى النحو الثالث فسر سعيد بن جبير أيضاً والزهري وابن عباس في رواية العوفي والحسن أيضاً وخالد الحنفي وعطية وشهر بن حوشب : أنها سِيما تكون لهم يوم القيامة ، وقالوا : هي بياض يكون في الوجه يوم القيامة كالقمر ليلة البدر يجعله الله كرامة لهم . وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أُبيّ بن كعب قال : قال رسول الله في قوله تعالى : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } [ الفتح : 29 ] : النور يوم القيامة ، قيل وسنده حسن وهو لا يقتضي تعطيل بقية الاحتمالات إذ كل ذلك من السيما المحمودة ولكنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذَكر أعلاها .
وضمائر الغيبة في قوله : { تراهم } و { يبتغون } و { سيماهم في وجوههم } عائدة إلى { الذين معه } على الوجه الأول ، وإلى كل من { محمد رسول اللَّه والذين معه } على الوجه الثاني .
{ السجود ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى } .
الإشارة ب { ذلك } إلى المذكور من صفات الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم لأن السابق في الذكر بمنزلة الحاضر فيشار إليه بهذا الاعتبار فاسم الإشارة مبتدأ و { مثلهم } خبره .
والمَثل يطلق على الحالة العجيبة ، ويطلق على النظير ، أي المُشابه فإن كان هنا محمولاً على الحالة العجيبة فالمعنى : أن الصفات المذكورة هي حالهم الموصوف في «التوراة» . وقوله : { في التوراة } متعلق ب { مثلهم } أو حال منه . فيحتمل أن في «التوراة» وصف قوم سيأتون ووصفوا بهذه الصفات ، فبيّن الله بهذه الآية أن الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم هم المقصود بتلك الصفة العجيبة التي في «التوراة» ، أي أن «التوراة» قد جاءت فيها بشارة بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم ووصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والذي وقفنا عليه في «التوراة» مما يصلح لتطبيق هذه الآية هو البشارة الرمزية التي في الإصحاح الثالث والثلاثين من «سفر التثنية» من قول موسى عليه السلام : «جاء الربُ من سينا وأشرقَ لهم من سَعير وتلألأ من جبل فاران ، وأتى من ربوات القُدُس وعن يمينه نار شريعة لهم فأحبّ الشعب جميع قديسيه وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك» فإن جبل فاران هو حِيال الحجاز . وقوله : «فأحب الشعب جميع قديسيه» يشير إليه قوله : { رحماءُ بينهم } [ الفتح : 29 ] ، وقد تقدم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ما ينطبق على هذا من سورة الفتح وقوله : قديسيه يفيد معنى { تراهم رُكَّعا سُجَّدا } [ الفتح : 29 ] ومعنى { سِيماهم في وجوههم من أثر السجود } [ الفتح : 29 ] . وقوله في «التوراة» «جالسون عند قدمك» يفيد معنى قوله تعالى : { يبتغون فضلاً من الله ورضوانا } [ الحشر : 8 ] . ويكون قوله تعالى : { ذلك } إشارة إلى ما ذكر من الوصف .
{ التوراة وَمَثَلُهُمْ فِى الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فاستغلظ فاستوى على سُوقِهِ يُعْجِبُ } .
ابتداء كلام مبتدأ . ويكون الوقف على قوله : { في التوراة } والتشبيه في قوله : { كزرع } خبره ، وهو المثَل . وهذا هو الظاهر من سياق الآية فيكون مشيراً إلى نحو قوله في «إنجيل متى» الإصحاح 13 فقرة 3 «هو ذا الزَارع قد خرج ليزرع يعني عيسى عليه السّلام وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجاءت الطيور وأكلته» إلى أن قال «وسقط الآخر على الأرض الجيدة فأعطى ثمره بعض مائة وآخر ستين وآخر ثلاثين» . قال فقرة ، ثم قال : «وأما المزروع على الأرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم ، وهو الذي يأتي بثَمر فيصنع بعضٌ مائةً وبعضٌ ستين وآخر ثلاثين» . وهذا يتضمن نماء الإيمان في قلوبهم وبأنهم يدعون الناس إلى الدين حتى يكثر المؤمنون كما تنبت الحبة مائة سنبلة وكما تنبت من النواة الشجرة العظيمة .
وفي قوله : { أخرج شطأه } استعارة الإخراج إلى تفرع الفراخ من الحبة لمشابهة التفرع بالخروج ومشابهة الأصل المتفرع عنه بالذي يخرج شيئاً من مكان .
والشطْءُ بهمزة في آخره وسكون الطاء : فراخ الزرع وفروع الحبّة .
ويقال : أشطأ الزرع ، إذا أخرج فروعا . وقرأه الجمهور بسكون الطاء وبالهمز وقرأه ابن كثير { شَطأه } بفتح الطاء بعدها ألف على تخفيف الهمزة ألفا .
و { آزره } قوّاه ، وهو من المؤازرة بالهمز وهي المعاونة وهو مشتق من اسم الإزار لأنه يشد ظهر المتّزر به ويعينه شدهُ على العمل والحَمل كذا قيل . والأظهر عندي عكس ذلك وهو أن يكون الإزار مشتقاً اسمه من : آزر ، لأن الاشتقاق من الأسماء الجامدة نادر لا يصار إلى ادعائه إلا إذا تعين . وصيغة المفاعلة في { آزره } مستعارة لقوة الفعل مثل قولهم : عافاك الله ، وقوله تعالى : { وبارك فيها } [ فصلت : 10 ] .
والضمير المرفوع في { آزره } للشطء ، والضمير المنصوب للزرع ، أي قوًى الشطء أصله .
وقرأ الجمهور { فآزره } . وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر { فأزَّره } بدون ألف بعد الهمزة والمعنى واحد .
ومعنى { استغلظ } غلظ غلظاً شديداً في نوعه ، فالسين والتاء للمبالغة مثل : استجاب . والضميران المرفوعان في { استغلظ } و { استوى } عائدان إلى الزرع .
والسُوق : جمع ساق على غير قياس لأن ساقا ليس بوصف وهو اسم على زِنة فَعَل بفتحتين . وقراءة الجميع { على سوقه } بالواو بعد الضمة . وقال ابن عطية : قرأ ابن كثير { سُؤقه } بالهمزة أي همزة ساكنة بعد السين المضمومة وهي لغة ضعيفة يهْمزون الواو التي قبلها ضمة ومنه قول الشاعر :
لحب المؤقِدان إلى مؤسى
وتنسب لقنبل عن ابن كثير ولم يذكرها المفسّرون ولم يذكرها في «حرز الأماني» وذكرها النوري في كتاب «غيث النفع» وكلامه غير واضح في صحة نسبة هذه القراءة إلى قنبل .
وساق الزرع والشجرة : الأصل الذي تخرج فيه السنبل والأغصان . ومعنى هذا التمثيل تشبيه حال بدء المسلمين ونمائهم حتى كثروا وذلك يتضمن تشبيه بدء دين الإسلام ضعيفاً وتقويه يوماً فيوماً حتى استحكم أمره وتغلب على أعدائه . وهذا التمثيل قابل لاعتبار تجزئة التشبيه في أجزائه بأن يشبه محمد صلى الله عليه وسلم بالزارع كما مثل عيسى غلب الإسلام في الإنجيل ، ويشبه المؤمنون الأولون بحبات الزرع التي يبذرها في الأرض مثل : أبي بكر وخديجة وعلي وبلال وعمّار ، والشطْء : من أيدوا المسلمين فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى الله وحده وانضم إليه نفر قليل ثم قواه الله بمن ضامن معه كما يقوي الطاقة الأولى من الزرع ما يحتف بها مما يتولد منها حتى يعجب الزرّاع . وقوله : { يعجب الزراع } تحسين للمشبّه به ليفيد تحسين المشبه .
{ الزراع لِيَغِيظَ بِهِمُ } .
تعليل لما تضمنه تمثيلهم بالزرع الموصوف من نمائهم وترقيهم في الزيادة والقوة لأن كونهم بتلك الحالة من تقدير الله لهم أن يكونوا عليها فمثل بأنه فعل ذلك ليغيظ بهم الكفار .
قال القرطبي : قال أبو عروة الزبيري : كنا عند مالك بن أنس فذكروا عنده رجلاً ينتقص أصحاب رسول الله فقرأ مالك هذه الآية { محمد رسول الله } إلى أن بلغ قوله : { ليغيظ بهم الكفار } فقال مالك : من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية .
وقلت : رحم الله مالك بن أنس ورضي عنه ما أدق استنباطه .
{ الكفار وَعَدَ الله الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً } .
أعقب تنويه شأنهم والثناء عليهم بوعدهم بالجزاء على ما اتصفوا به من الصفات التي لها الأثر المتين في نشر ونصر هذا الدين .
وقوله : { منهم } يجوز أن تكون ( من ( للبيان كقوله { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } [ الحج : 30 ] وهو استعمال كثير ، ويجوز إبقاؤه على ظاهر المعنى من التبعيض لأنه وعد لكل من يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحاضر والمستقبل فيكون ذكر ( من ( تحذيراً وهو لا ينافي المغفرة لجميعهم لأن جميعهم آمنوا وعملوا الصالحات وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هم خيرة المؤمنين .
- إعراب القرآن : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
«مُحَمَّدٌ رَسُولُ» مبتدأ وخبره «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مستأنفة «وَالَّذِينَ» مبتدأ «مَعَهُ» ظرف مكان «أَشِدَّاءُ» خبر والجملة معطوفة على ما قبلها «عَلَى الْكُفَّارِ» متعلقان بأشداء «رُحَماءُ» خبر ثان «بَيْنَهُمْ» ظرف مكان متعلق برحماء «تَراهُمْ» مضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة حال «رُكَّعاً سُجَّداً» حالان «يَبْتَغُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والجملة مستأنفة «فَضْلًا» مفعول به «مِنَ اللَّهِ» متعلقان بفضلا «وَرِضْواناً» معطوف على فضلا «سِيماهُمْ» مبتدأ «فِي وُجُوهِهِمْ» متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ والجملة حال «مِنْ أَثَرِ» متعلقان بالخبر المحذوف «السُّجُودِ» مضاف إليه «ذلِكَ مَثَلُهُمْ» مبتدأ وخبره «فِي التَّوْراةِ» حال والجملة مستأنفة «وَمَثَلُهُمْ» مبتدأ «فِي الْإِنْجِيلِ» حال «كَزَرْعٍ» جار ومجرور خبر والجملة معطوفة على ما قبلها «أَخْرَجَ شَطْأَهُ» ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صفة زرع «فَآزَرَهُ» ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة معطوفة على أخرج «فَاسْتَغْلَظَ» عطف على ما قبله «فَاسْتَوى » معطوف على ما قبله أيضا «عَلى سُوقِهِ» متعلقان باستوى «يُعْجِبُ» مضارع «الزُّرَّاعَ» مفعول به «لِيَغِيظَ» مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والفاعل مستتر «بِهِمُ» متعلقان بالفعل «الْكُفَّارِ» مفعول به والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بوعد «وَعَدَ اللَّهُ» ماض وفاعله «الَّذِينَ» مفعول به «آمَنُوا»
ماض وفاعله والجملة صلة وجملة وعد مستأنفة «وَعَمِلُوا» معطوف على آمنوا «الصَّالِحاتِ» مفعول به «مِنْهُمْ» متعلقان بمحذوف حال «مَغْفِرَةً» مفعول به ثان لوعد «وَأَجْراً» معطوف على مغفرة «عَظِيماً» صفة.
- English - Sahih International : Muhammad is the Messenger of Allah; and those with him are forceful against the disbelievers merciful among themselves You see them bowing and prostrating [in prayer] seeking bounty from Allah and [His] pleasure Their mark is on their faces from the trace of prostration That is their description in the Torah And their description in the Gospel is as a plant which produces its offshoots and strengthens them so they grow firm and stand upon their stalks delighting the sowers - so that Allah may enrage by them the disbelievers Allah has promised those who believe and do righteous deeds among them forgiveness and a great reward
- English - Tafheem -Maududi : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(48:29) Muhammad is Allah's Messenger, and those who are with him are firm with the unbelievers *52 but compassionate with one another. *53 You see them occupied in bowing and prostrating and in seeking Allah's bounty and good pleasure. They are distinguished *54 from others by the marks of prostration on their faces. Thus are they described in the Torah. *55 And their parable in the Gospel is that of *56 a tilth that puts forth its shoot, then strengthens it so that it becomes stout and stands firmly on its stem. This is a sight pleasing to the sowers and one by which the unbelievers will be enraged. As for those who believe and do righteous deeds, Allah has promised them forgiveness and a great reward. *57
- Français - Hamidullah : Muhammad est le Messager d'Allah Et ceux qui sont avec lui sont durs envers les mécréants miséricordieux entre eux Tu les vois inclinés prosternés recherchant d'Allah grâce et agrément Leurs visages sont marqués par la trace laissée par la prosternation Telle est leur image dans la Thora Et l'image que l'on donne d'eux dans l'Evangile est celle d'une semence qui sort sa pousse puis se raffermit s'épaissit et ensuite se dresse sur sa tige à l'émerveillement des semeurs [Allah] par eux [les croyants] remplit de dépit les mécréants Allah promet à ceux d'entre eux qui croient et font de bonnes œuvres un pardon et une énorme récompense
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Muhammad ist Allahs Gesandter Und diejenigen die mit ihm sind sind den Ungläubigen gegenüber hart zueinander aber barmherzig Du siehst sie sich verbeugen und niederwerfen indem sie nach Huld von Allah und Wohlgefallen trachten Ihr Merkmal steht auf ihren Gesichtern durch die Niederwerfung Das ist ihr Gleichnis in der Tora Und ihr Gleichnis im Evangelium ist das eines Getreidefeldes das seine Triebe hervorbringt und dann stärker werden läßt so daß sie verdicken und ebenmäßig auf ihren Halmen stehen so daß es den Anbauern gefällt Dies damit Er die Ungläubigen durch sie ergrimmen lasse Allah hat denjenigen von ihnen die glauben und rechtschaffene Werke tun Vergebung und großartigen Lohn versprochen
- Spanish - Cortes : Mahoma es el Enviado de Alá Quienes están con él son severos con los infieles y cariñosos entre sí Se les ve inclinados o prosternados buscando favor de Alá y satisfacerle Se les nota en el rostro que se prosternan Tal es su imagen en la Tora Y en el Evangelio se les compara con la semilla que habiendo germinado fortifica su brote y éste crece y se yergue en el tallo constituyendo la alegría del sembrador para terminar irritando a los infieles por su medio A quienes de ellos crean y obren bien Alá les ha prometido perdón y una magnífica recompensa
- Português - El Hayek : Mohammad é o Mensageiro de Deus e aqueles que estão com ele são severos para com os incrédulos porémcompassivos entre si Vêlosás genuflexos prostrados anelando a graça de eus e a Sua complacência Seus rostos estarãomarcados com os traços da prostração Tal é o seu exemplo na tora e no Evangelho como a semente que brota sedesenvolve e se robustece e se firma em seus talos compraz aos semeadores para irritar os incrédulos Deus prometeu aosfiéis que praticam o bem indulgência e uma magnifica recompensa
- Россию - Кулиев : Мухаммад - Посланник Аллаха Те которые вместе с ним суровы к неверующим и милостивы между собой Ты видишь как они кланяются и падают ниц стремясь к милости от Аллаха и довольству Их признаком являются следы от земных поклонов на их лицах Так они представлены в Таурате Торе В Инджиле Евангелии же они представлены посевом на котором вырос росток Он укрепил его и тот стал толстым и выпрямился на своем стебле восхищая сеятелей Аллах привел эту притчу для того чтобы привести ими в ярость неверующих Аллах обещал тем из них которые уверовали и совершали праведные деяния прощение и великую награду
- Кулиев -ас-Саади : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
Мухаммад - посланник Аллаха. Те, которые вместе с ним, суровы к неверующим и милостивы между собой. Ты видишь, как они кланяются и падают ниц, стремясь к милости от Аллаха и довольству. Их признаком являются следы от земных поклонов на их лицах. Так они представлены в Таурате (Торе). В Инджиле (Евангелии) же они представлены посевом, на котором вырос росток. Он укрепил его, и тот стал толстым и выпрямился на своем стебле, восхищая сеятелей. Аллах привел эту притчу для того, чтобы привести ими в ярость неверующих. Аллах обещал тем из них, которые уверовали и совершали праведные деяния, прощение и великую награду.Мухаммад - посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует. А мухаджиры и ансары, которые окружают его, - истинные верующие. Они обладают самыми прекрасными качествами, усердно сражаются с многобожниками и прикладывают все силы для уничтожения неверия. Они беспощадны к врагам Аллаха, и потому неверующие униженны и бессильны перед ними. Но в то же время они любят своих верующих братьев и сестер, снисходительны и добры к ним. Вместе они подобны единому организму, и каждый из них желает для своего брата того же, что и для себя. Так они строят свои взаимоотношения с людьми, а что касается их отношений с Аллахом, то они совершают много молитв, и поэтому ты видишь их преклоняющимися и падающими ниц. Тем самым они ищут милости и благоволения Аллаха. Довольство Аллаха и Его щедрая награда - вот их единственная цель. Благодаря частому, усердному и прекрасному поклонению их лица стали излучать свет, и на них появились следы от земных поклонов. Искренние молитвы сделали их души светлыми, а лица - величественными. Так их описал Всевышний в Торе, которая была ниспослана пророку Мусе. А в Евангелии они представлены в образе посева, на котором вырос росток и укрепил его. Он все крепнет и выпрямляется на своем стебле, приводя в восхищение сеятелей своим совершенством, красотой и прямотой. Всевышний сравнил сподвижников с посевом. Они приносят пользу людям, и люди нуждаются в них. Их сильная вера и решительные поступки подобны стеблю и ветвям посева. А новообращенные мусульмане подобны молодым побегам. Они растут и догоняют своих предшественников и помогают им продолжать начатое дело, надлежащим образом исповедовать религию Аллаха и нести ее остальному человечеству. Они вызывают гнев у неверующих, которые вступают в схватки и сражения с мусульманами и становятся свидетелями их единства и непреклонности перед врагом. Затем Аллах поведал о том, что сподвижники воплотили в себе два превосходных качества: веру и праведные деяния. А Всевышний Аллах приготовил для них две радости: прощение, которое принесло им избавление от зла в этой жизни и после смерти, и великое вознаграждение в обоих мирах. А теперь я хочу более подробно описать некоторые события Худейбийского похода, ссылаясь на главы «Пророческий путь» из книги имама Шамс ад-Дина Ибн аль-Каййима. Это поможет читателю лучше понять смысл этой суры и проникнуть в некоторые из ее тайн. {ХУДЕЙБИЙСКИЙ МИР} Нафи рассказывал, что Худейбийский мир был заключен в 6 году после хиджры в месяце зуль-каада. Это мнение является достоверным, и с ним были согласны аз-Зухри, Катада, Муса б. Укба, Мухаммад б. Исхак и многие другие. Хишам б. Урва рассказывал, что его отец поведал ему, что посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, отправился в Худейбию в рамадане, а мирный договор был заключен в шаввале, но это мнение ошибочно. В рамадане посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, покорил Мекку. В сборниках хадисов «ас-Сахих» имамов аль-Бухари и Муслима приводится достоверный хадис Анаса б. Малика о том, что посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, четыре раза отправлялся в малое паломничество, и каждый раз это было в месяце зуль-каада. Одним из этих четырех паломничеств было прерванное паломничество в тот год, когда был подписан Худейбийский мир. Анас сообщил, что Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, в тот год сопровождало полторы тысячи человек. В тех же сборниках хадисов приводятся хадисы Джабира и Абдуллаха б. Абу Ауфа, в которых сообщается, что Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, сопровождали соответственно тысяча четыреста и тысяча триста человек. Катада рассказывал, что он спросил Саида б. аль-Мусайиба: «Сколько человек присутствовало во время присяги довольства». Он ответил: «Тысяча пятьсот человек». Тогда Катада сказал: «Джабир б. Абдуллах рассказывал, что их было тысяча четыреста человек». Саид возразил ему: «Да смилостивится над ним Аллах, ибо он ошибся. Он сам рассказывал мне, что их было тысяча пятьсот человек». Действительно, от Джабира до нас дошло два достоверных сообщения по этому вопросу. В одном из таких сообщений говорится, что Джабир рассказывал, что сподвижники в тот год закололи семьдесят верблюдиц: каждую верблюдицу от имени семи человек. А когда его спросили, сколько же их было, то он сказал: «Тысяча четыреста пеших и всадников». В хадисе Шубы сообщается, что Катада рассказывал, как Саид б. аль-Мусайиб говорил от имени своего отца, что вместе с посланником Аллаха под деревом собралось тысяча четыреста человек. Из двух мнений я больше склоняюсь к этому. Оно опирается также на высказывания аль-Бары б. Азиба, Макиля б. Йасара, аль-Мусайиба б. Хузна и на наиболее достоверное сообщение от имени Саламы б. аль-Аква. Согласно одному из мнений, в этом походе приняло участие всего семьсот человек. Это - очевидное заблуждение. Сподвижники были вынуждены заколоть всего семьдесят верблюдиц: каждую - от имени семи или, скажем, десяти человек. Это никоим образом не свидетельствует в пользу такого мнения. В хадисе совершенно ясно сказано, что семеро мусульман приносили в жертву одну верблюдицу и что всего было заколото семьдесят животных. Допустим, что в жертвоприношении приняли участие все мусульмане. Тогда получается, что их было всего четыреста девяносто человек, а не семьсот. Но лучше всего не делать ненужных расчетов, а обратиться к самому хадису, в котором однозначно сказано, что их было тысяча четыреста человек. Дойдя до Зуль-Хулейфы, посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, велел пометить жертвенных животных и повязать их шеи веревками и облачился в ихрам, произнеся намерение совершить умру - малое паломничество. Затем он послал вперед соглядатая из племени хузаитов, чтобы тот разузнал, что предпринимают курейшиты. Когда мусульмане приблизились к местечку Усфан, соглядатай вернулся к Пророку, да благословит его Аллах и приветствует, и сказал: «Только что я видел Кааба б. Луейа. Они взяли с собой ахабишей и собрали огромное войско. Они готовы сразиться с тобой, чтобы помешать тебе вступить в Мекку». Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, посоветовался со сподвижниками: «Не напасть ли нам на поселения ахабишей, которые отправились помогать курейшитам, чтобы захватить их женщин и детей? В этом случае, даже если они станут воевать, то будут думать о мести и скорбеть. Или лучше продолжить путь в Мекку и сразиться с теми, кто попытается остановить нас?» Абу Бакр сказал: «Аллах и Его посланник лучше знают, как поступить. Мы же пришли, чтобы совершить паломничество и не хотим воевать. Но если кто-нибудь встанет на нашем пути, то мы готовы сразиться с ним». Выслушав его, Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Тогда вперед!» Сподвижники продолжили путь, и через некоторое время Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Халид б. аль-Валид с отрядом курейшитской конницы остановился в местечке аль-Гамим. Обойдем их справа». Халид не заметил мусульман, а когда понял, что они обошли его, то галопом устремился в Мекку, чтобы предупредить курейшитов. Когда Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, дошел до местечка Саният аль-Марар, его верблюдица по кличке Касва опустилась на колени. Люди стали прикрикивать на нее, чтобы она продолжила путь, но верблюдица не двигалась с места. Сподвижники стали говорить: «Касва заупрямилась». Пророк же, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Она не заупрямилась. У нее нет такого норова. Ее удерживает Тот, Кто удержал слона». Затем он сказал: «Клянусь Тем, в Чьей Длани моя душа! Я соглашусь на любое их предложение, если они сделают его из уважения к запретам Аллаха». Затем посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, прикрикнул на верблюдицу, и она тотчас поднялась. Наконец, мусульмане дошли до Худейбии. Там они нашли колодец, в котором почти не было воды. Сподвижники стали понемногу пить из него, но быстро осушили его. Они пожаловались посланнику Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, и он, вынув из своего колчана стрелу, велел им вставить ее в дно колодца. Вода стала прибывать и прибывала до тех пор, пока сподвижники не ушли оттуда. Курейшиты опасались, что посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, нападет на них, и тогда он решил отправить к ним одного из своих сподвижников и подозвал к себе для этого Умара б. аль-Хаттаба. Умар сказал: «О посланник Аллаха! В роду Каба в Мекке нет такого человека, который поддержит меня, если курейшиты причинят мне зло. Пошли лучше Усмана б. Аффана. Его родственники там, и он передаст им все, что ты пожелаешь». Тогда посланник Аллах, да благословит его Аллах и приветствует, подозвал Усмана и велел ему отправиться к курейшитам, сказав: «Сообщи им, что я не пришел сражаться с ними, а пришел совершить паломничество, а также предложи им принять ислам». Пророк также велел ему встретиться с верующими мужчинами и женщинами, которые остались в Мекке, обрадовать их вестью о скорой победе и сообщить им, что Могущественный и Великий Аллах непременно поможет своей религии одержать верх в Мекке, дабы они не прятались и не скрывали то, что уверовали. Усман отправился в путь и встретился с курейшитами в местечке Балдах. Язычники спросили его: «Куда ты идешь?» Он сказал: «Посланник Аллаха послал меня для того, чтобы я призвал вас уверовать в Аллаха и обратиться в ислам и сообщил вам, что мы пришли совершить паломничество, а не сражаться с вами». Они ответили: «Мы уже слышали это. Делай то, зачем ты пришел». Абан б. Саид подошел к Усману и поздоровался с ним. Затем Абан взял его под свое покровительство, оседлал свою лошадь и усадил Усмана позади себя. Так они приехали в Мекку. Мусульмане, не дождавшись возвращения Усмана, стали говорить: «Усман раньше нас добрался до Каабы и уже совершил обход вокруг нее». Посланник Аллаха сказал: «Я не думаю, что он совершил обход вокруг Каабы, пока мы находимся в осаде». Люди сказали: «О посланник Аллаха, что же мешает ему сделать это? Он же уже добрался до Дома Аллаха». Он ответил: «Просто я думаю, что он не станет совершать обход вокруг Каабы без нас». Пока продолжались переговоры мусульмане находились недалеко от язычников. В это время между ними завязалась ссора, и произошло небольшое сражение. Противники кричали друг на друга, обстреливали друг друга стрелами и забрасывали камнями, но в конце концов успокоились. Тут до посланника Аллаха дошел слух о том, что убит Усман. Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, призвал правоверных присягнуть ему на верность, и взволнованные мусульмане собрались вокруг него под деревом, присягнули ему на верность и поклялись ни при каких обстоятельствах не бросать его. Принимая присягу, Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, пожал сам себе руку и сказал: «Это - за Усмана». Тут вернулся и сам Усман, и люди сказали ему: «Абу Абдуллах, остался ли ты доволен обходом вокруг Каабы?» Он сказал: «Плохо же вы обо мне подумали! Клянусь Тем, в Чьей Длани моя душа, если бы я пробыл там год, а посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, все это время оставался бы в Худейбии, я не стал бы совершать обход до тех пор, пока его не совершил бы посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует. Курейшиты предложили мне совершить обход, но я отказался». Тогда люди сказали: «Воистину, посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, лучше нас осведомлен об Аллахе, да и помыслы его чище». Когда мусульмане приносили присягу под деревом, Умар держал посланника Аллаха за руку, а Макиль б. Йасар удерживал ветку, которая мешала Пророку. На верность присягнули все, кроме аль-Джудда б. Кайса. Первым пожал руку Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, Абу Синан аль-Асади. А Салама б. аль-Аква пожал ему руку трижды: в начале, в середине и в конце. Одним из первых к посланнику Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, прибыл Будейл б. Варка из рода хузаитов вместе с несколькими своими сородичами. Они были наперсниками посланника Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, в Тухаме. Будейл сказал: «Я пришел от Каба б. Луейа и Амира б. Луейа. С огромным войском они спустились к водам Худейбии. Они взяли с собой даже молодых верблюжат с их матерями. Они собираются сразиться с тобой и не желают впускать тебя в Мекку». Посланник Аллаха сказал: «Мы не пришли сражаться, а пришли для того, чтобы совершить паломничество. Курейшиты и без того изнурены войной, которая принесла им много горя. Если они пожелают, то я заключу с ними временное перемирие, и тогда они оставят меня в покое. Если они пожелают, то могут принять ислам, как это делают другие. Если же они непременно хотят сразиться с нами, то они уже собрали все свои силы. Клянусь Тем, в Чьей Длани моя душа! Мы будем сражаться с ними за наше дело, пока не погибнем все как один или пока Аллах не завершит начатое им дело». Будейл выслушал его и сказал: «Я передам им твои слова». Он пришел к курейшитам и сказал: «Я был у этого человека и слышал то, что он говорит. Если хотите, я передам вам его слова». Глупые невежды стали кричать: «Нам не нужно, чтобы ты рассказывал нам о нем». Но мудрые старейшины сказали: «Говори, что услышал». Когда Будейл закончил, Урва б. Масуд из племени Сакиф сказал: «Он сделал вам разумное предложение. Примите его и позвольте мне отправиться к Мухаммаду». Они сказали: «Ступай к нему». Урва пришел к Пророку, да благословит его Аллах и приветствует, и начал с ним переговоры. Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал ему то же, что и Будейлу. Тогда Урва сказал: «О Мухаммад! Может быть, ты сможешь уничтожить свой народ. Но слышал ли ты, чтобы до тебя кто-либо из арабов губил своих близких? Но может случиться, что все обернется иначе, и мне кажется, что тогда очень многие из твоих людей побегут и бросят тебя». Тут вмешался Абу Бакр и сказал: «Пососи у Лат! Это мы-то побежим и бросим его?!» Урва спросил: «Кто это сказал?» Абу Бакр назвал себя. Тогда Урва сказал: «Клянусь Тем, в чьей длани моя душа! Если бы не то добро, которое ты мне сделал и за которое я тебя до сих пор так и не отблагодарил, то я бы ответил тебе». Он продолжал беседовать с Пророком и время от времени брал его за бороду. Рядом с Пророком с мечом в ножнах стоял аль-Мугира б. Шуба со шлемом на голове. Когда Урва в очередной раз протянул руку к бороде Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, аль-Мугира ударил его по руке концом ножен и сказал: «Убери руку от бороды посланника Аллаха!» Урва поднял голову и спросил: «Кто ты?» Он ответил: «Аль-Мугира б. Шуба». Он сказал: «Не ты ли оказался самым вероломным среди нас?» Дело в том, что перед тем, как принять ислам, аль-Мугира убил в дороге всех своих спутников, забрал их имущество и пришел к Пророку, да благословит его Аллах и приветствует. Он сказал ему: «Я принимаю то, что ты обратился в ислам, но не возьму ничего из твоего богатства». Затем Урва начал наблюдать за сподвижниками посланника Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, и увидел, что стоило ему отхаркнуться, как один из мусульман подставлял руку, а затем начинал растирать слизь по коже и по лицу. Когда он отдавал какое-либо распоряжение, они тотчас выполняли его, а когда он совершал омовение, они боролись друг с другом за воду, которой он умылся. Стоило ему заговорить, как они притихали. Из уважения к Пророку, да благословит его Аллах и приветствует, они даже не осмеливались пристально смотреть на него. Урва вернулся к курейшитам и сказал: «О мои соплеменники! Клянусь Аллахом, я побывал у многих царей. Я был у хосроя, цезаря и негуса. Но - клянусь Аллахом! - я не видел, чтобы окружение этих царей почитало их так, как сподвижники Мухаммада почитают его. Клянусь Аллахом, стоит ему отхаркнуться, как один из них подставляет свою руку, а затем начинает растирать слизь по коже и лицу. Стоит ему отдать распоряжение, как они тотчас выполняют его. Когда он умывается, они почти дерутся за воду, которая остается после него. А когда он разговаривает, они притихают. Из уважения к нему они даже не осмеливаются пристально посмотреть на него. Он сделал вам разумное предложение. Примите его». Некий человек из рода Кинана сказал: «Разрешите и мне отправиться к Мухаммаду». Ему позволили сделать, и когда он подходил к Пророку, да благословит его Аллах и приветствует, тот сказал: «Это - такой-то. Его народ почитает жертвенных животных. Проводите его к ним». Мусульмане встретили его восклицаниями паломников и показали ему жертвенных животных. Тогда он сказал: «Пречист Аллах! Этим людям не следует мешать совершить паломничество». Затем он вернулся к мекканцам и сказал: «Я видел, что жертвенные животные обстрижены и украшены ожерельями. Я считаю, что мы не должны мешать им совершить паломничество». Тут Микраз б. Хафс поднялся на ноги и сказал: «Позвольте и мне отправиться к нему». Завидев его, Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Это - Микраз б. Хафс. Он - человек нечестивый». Пока посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, беседовал с ним, к мусульманам прибыл Сухейл б. Амр. Тут Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Аллах облегчил вашу участь». Сухейл предложил ему заключить с курейшитами договор, и он подозвал писца, а затем велел ему: «Пиши: “Во имя Аллаха, Милостивого, Милосердного”». Сухейл возразил: «Клянусь Аллахом, мы не знаем никакого милосердного. Напиши лучше: “Во имя Аллаха”». Мусульмане воскликнули: «Клянемся Аллахом, мы начнем договор только словами “Во имя Аллаха, Милостивого, Милосердного”». Но Пророк сказал: «Пиши: “Во имя Аллаха”». Затем он сказал: «Пиши дальше: “К нижеизложенному соглашению пришли посланник Аллаха Мухаммад…”» Тут Сухейл вновь вмешался и сказал: «Клянусь Аллахом, если бы мы были уверены в том, что ты действительно посланник Аллаха, то не мешали бы тебе совершить паломничество и не сражались бы с тобой. Пиши лучше: “Мухаммад б. Абдуллах”». Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Я все равно остаюсь посланником Аллаха, даже если вы и не верите мне. Пиши: “Мухаммад б. Абдуллах”». Затем Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, потребовал, чтобы курейшиты освободили путь к Каабе и позволили мусульманам совершить обход вокруг нее, но Сухейл сказал: «Клянусь Аллахом, арабы не будут говорить, что мы уступили вам под давлением. Ты совершишь паломничество в следующем году». Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, согласился и на это. Сухейл также потребовал, чтобы Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, возвращал курейшитам любого сбежавшего в Медину мекканца, даже если тот окажется мусульманином. Мусульмане сказали: «Пречист Аллах! Как мы можем возвратить язычникам того, кто стал мусульманином?» В это время со стороны нижней части Мекки в лагерь мусульман пришел закованный в кандалы сын Сухейла - Абу Джандал. Он бросился к мусульманам, но в это время Сухейл сказал: «Мухаммад! Вот первый из тех, кого ты вернешь нам». Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Но мы еще не подписали договор». Сухейл же сказал: «Тогда я ни за что не заключу с тобой договора». Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Позволь ему остаться ради меня». Он ответил: «Я не позволю». Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Давай, сделай это». Но Сухейл был непреклонен и сказал: «Я не сделаю этого». В это время Абу Джандал закричал: «О мусульмане! Неужели вы вернете меня после того, как я стал мусульманином и сумел добраться до вас? Неужели вы не видите, что они со мной сделали?!» Джандал действительно вынес много страданий на пути Аллаха, и это не давало мусульманам покоя. Позднее Умар б. аль-Хаттаб рассказывал: «Клянусь Аллахом, с того дня, как я принял ислам, сомнения никогда не терзали меня так, как в тот день. Я пришел к Пророку, да благословит его Аллах и приветствует, и сказал: «О посланник Аллаха! Разве ты не пророк?» Он ответил: «Конечно, пророк». Я сказал: «И мы правы, а наши враги заблуждаются?» Он ответил: «Конечно». Я сказал: «Зачем же мы унижаем свою религию и возвращаемся домой. Почему Аллах не рассудит между нами и нашими врагами?» Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Я - посланник Аллаха. Он помогает мне во всем, и я не собираюсь ослушаться Его». Тогда я спросил: «Разве ты не говорил, что мы войдем в мечеть и совершим обход вокруг Каабы?» Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Да, говорил. Но разве я сказал тебе, что ты сделаешь это в этом году?» «Нет», - ответил я. А он добавил: «Ты непременно войдешь в нее и совершишь обход». Затем я пошел к Абу Бакру и сказал ему то же, что и посланнику Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует. В ответ он сказал мне то же самое, но добавил: «Крепче держись за него. Клянусь Аллахом, он прав». С тех пор я делаю все, чтобы искупить содеянное». Когда договор был подписан, посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Встаньте и заколите животных, а затем побрейте головы». Он трижды повторил это, но ни один из сподвижников не поднялся с места. Тогда он вошел в шатер Умм Саламы и рассказал ей о случившемся. Мать правоверных сказала: «Как тебе это понравится, посланник Аллаха? Ступай и ни с кем не разговаривай, пока не заколешь верблюдицу, а затем позови цирюльника, и пусть он побреет твою голову». Посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, вышел и не стал ни с кем разговаривать. Он заколол верблюдицу, и цирюльник побрил ему голову. Увидев это, сподвижники отправились закалывать животных и брить головы друг другу. От сильной печали они почти резали друг друга. Затем в мусульманский лагерь пришли несколько верующих женщин, и Всемогущий и Великий Аллах ниспослал аят: «О те, которые уверовали! Когда к вам прибывают переселившиеся верующие женщины, то подвергайте их испытанию. Аллаху лучше знать об их вере. Если вы узнаете, что они являются верующими, то не возвращайте их неверующим, ибо им не дозволено жениться на них, а им не дозволено выходить замуж за них. Возвращайте им (неверующим) то, что они потратили на брачный дар. На вас не будет греха, если вы женитесь на них после уплаты их вознаграждения (брачного дара). Не держитесь за узы с неверующими женами» (60:10). Умар в тот день развелся с двумя из своих жен, которые не отреклись от язычества, и только после этого вернулся в Медину. На одной из них женился Муавийа, а на другой - Сафван б. Умейя. На обратном пути посланнику Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, было ниспослано откровение: «Воистину, Мы даровали тебе явную победу». Умар спросил его: «Посланник Аллаха, так, значит, это победа?» Он ответил: «Да». Сподвижники стали поздравлять Посланника, да благословит его Аллах и приветствует, и спросили: «А что же для нас?» Тогда были ниспосланы последующие аяты: «Он - Тот, Кто ниспослал покой в сердца верующих…»
- Turkish - Diyanet Isleri : Muhammed Allah'ın elçisidir Onun beraberinde bulunanlar inkarcılara karşı sert birbirlerine merhametlidirler Onları rükua varırken secde ederken Allah'tan lütuf ve hoşnudluk dilerken görürsün Onlar yüzlerindeki secde izi ile tanınırlar İşte bu onların Tevrat'ta anlatılan vasıflarıdır İncil'de de şöyle vasıflandırılmışlardı Filizini çıkarmış onu kuvvetlendirmiş kalınlaşmış gövdesi üzerine dikilmiş ekincilerin hoşuna giden ekin gibidirler Allah böylece bunları çoğaltıp kuvvetlendirmekle inkarcıları öfkelendirir Allah inanıp yararlı işler işleyenlere bağışlama ve büyük ecir vadetmiştir
- Italiano - Piccardo : Muhammad è il Messaggero di Allah e quanti sono con lui sono duri con i miscredenti e compassionevoli fra loro Li vedrai inchinarsi e prosternarsi bramando la grazia di Allah e il Suo compiacimento Il loro segno è sui loro volti la traccia della prosternazione ecco l'immagine che ne dà di loro la Torâh L'immagine che invece ne dà il Vangelo è quella di un seme che fa uscire il suo germoglio poi lo rafforza e lo ingrossa ed esso si erge sul suo stelo nell'ammirazione dei seminatori Tramite loro Allah fa corrucciare i miscredenti Allah promette perdono e immensa ricompensa a coloro che credono e compiono il bene
- كوردى - برهان محمد أمين : محمد صلى الله عليه وسلم ڕهوانهکراوی خوایه ئهوانهش کهلهخزمهتیدان و شوێنی کهوتوون توند و تیژن بهرامبهر بێ باوهڕان و بهبهزهیی و میهرهبانن لهنێوان خۆیاندا دهیانبینیت سهرگهرمی نوێژ و خواپهرستین کڕنۆش و سوژدهدهبهن ههردهم ئاواتیان بهدهست هێنانی ڕهزامهندی و پایه بهرزی یه لهلای خوا نیشانهی چاکی و پاکییان لهناوچهوانیاندا دیاریهو دهدرهوشێتهوه لهئهنجامی سوژدهبردن و خوا پهرستییاندا جا ئهو بهڕێزانه ئهوهنموونهو پێناسهیانه لهتهوراتدا نموونهو پێناسهشیان لهئینجیلیشدا وهک ڕوهکێک وایه کهلهسهرهتاوهچهکهرهبکات جا چهکهرهکهی بههێز کردبێت پاشان ئهستوور ببێت و ڕابوهستێت لهسهر قهدهکهی ئهوهندهزوو پێ بگات کشتیارهکان سهرسام بکات و پێیان سهیر بێت چۆن وا پێگهیی چۆن ئاوا خۆی گرت ئهم پێناسهیه بۆ ئهوهیه خوا کافران داخ لهدڵ بکات جا خوای بهدهسهڵات بهڵێنی بهوانهداوهکهباوهڕیان هێناوه و کردهوهچاکهکانیان ئهنجام داوهلهوان کهلێخۆشبوون و پاداشتی گهورهو بێ سنووریان پێببهخشێت
- اردو - جالندربرى : محمدﷺ خدا کے پیغمبر ہیں اور جو لوگ ان کے ساتھ ہیں وہ کافروں کے حق میں سخت ہیں اور اپس میں رحم دل اے دیکھنے والے تو ان کو دیکھتا ہے کہ خدا کے اگے جھکے ہوئے سر بسجود ہیں اور خدا کا فضل اور اس کی خوشنودی طلب کر رہے ہیں۔ کثرت سجود کے اثر سے ان کی پیشانیوں پر نشان پڑے ہوئے ہیں۔ ان کے یہی اوصاف تورات میں مرقوم ہیں۔ اور یہی اوصاف انجیل میں ہیں۔ وہ گویا ایک کھیتی ہیں جس نے پہلے زمین سے اپنی سوئی نکالی پھر اس کو مضبوط کیا پھر موٹی ہوئی اور پھر اپنی نال پر سیدھی کھڑی ہوگئی اور لگی کھیتی والوں کو خوش کرنے تاکہ کافروں کا جی جلائے۔ جو لوگ ان میں سے ایمان لائے اور نیک عمل کرتے رہے ان سے خدا نے گناہوں کی بخشش اور اجر عظیم کا وعدہ کیا ہے
- Bosanski - Korkut : Muhammed je Allahov poslanik a njegovi sljedbenici su strogi prema nevjernicima a samilosni među sobom; vidiš ih kako se klanjaju i licem na tle padaju želeći Allahovu nagradu i zadovoljstvo – na licima su im znaci tragovi od padanja licem na tle Tako su opisani u Tevratu A u Indžilu oni su kao biljka kad izdanak svoj izbaci pa ga onda učvrsti i on ojača i ispravi se na svojoj stabljici izazivajući divljenje sijačā – da bi On s vjernicima najedio nevjernike A onima koji vjeruju i dobra djela čine Allah obećava oprost i nagradu veliku
- Swedish - Bernström : MUHAMMAD är Guds Sändebud De som följer honom är oböjligt fasta gentemot dem som förnekar sanningen men sinsemellan fulla av värme och vänskap Du ser hur de böjer ryggen och faller ned inför Gud i tillbedjan och söker Hans nåd och Hans välbehag; i sina ansikten bär de spåren av [de många] nedfallen under bönen De liknas både i Tora och i Evangeliet vid frön som skjuter skott varefter [Gud] ger skotten kraft så att de växer sig starka och reser sina raka stjälkar till glädje för såningsmännen men för förnekarna är de en orsak till förargelse Gud har lovat dem av dessa [förnekare] som antar tron och lever ett rättskaffens liv förlåtelse och en rik belöning
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Muhammad itu adalah utusan Allah dan orangorang yang bersama dengan dia adalah keras terhadap orangorang kafir tetapi berkasih sayang sesama mereka Kamu lihat mereka ruku' dan sujud mencari karunia Allah dan keridhaanNya tandatanda mereka tampak pada muka mereka dari bekas sujud Demikianlah sifatsifat mereka dalam Taurat dan sifatsifat mereka dalam Injil yaitu seperti tanaman yang mengeluarkan tunasnya maka tunas itu menjadikan tanaman itu kuat lalu menjadi besarlah dia dan tegak lurus di atas pokoknya; tanaman itu menyenangkan hati penanampenanamnya karena Allah hendak menjengkelkan hati orangorang kafir dengan kekuatan orangorang mukmin Allah menjanjikan kepada orangorang yang beriman dan mengerjakan amal yang saleh di antara mereka ampunan dan pahala yang besar
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
(Muhammad itu) lafal ayat ini berkedudukan menjadi Mubtada (adalah utusan Allah) menjadi Khabar dari Mubtada (dan orang-orang yang bersama dengan dia) yakni para sahabatnya yang terdiri dari kaum mukminin. Lafal ayat ini menjadi Mubtada sedangkan Khabarnya ialah (adalah keras) yakni mereka adalah orang-orang yang bersikap keras (terhadap orang-orang kafir) mereka tidak mengasihaninya (tetapi berkasih sayang sesama mereka) menjadi Khabar yang kedua; yakni mereka saling kasih-mengasihi di antara sesama mukmin bagaikan kasih orang tua kepada anaknya (kamu lihat mereka) kamu perhatikan mereka (rukuk dan sujud) keduanya merupakan Hal atau kata keterangan keadaan (mencari) lafal ayat ini merupakan jumlah Isti`naf, yakni mereka melakukan demikian dalam rangka mencari (karunia Allah dan keridaan-Nya, tanda-tanda mereka) ciri-ciri mereka, lafal ayat ini menjadi Mubtada (tampak pada muka mereka) menjadi Khabar dari Mubtada. Tanda-tanda tersebut berupa nur dan sinar yang putih bersih yang menjadi ciri khas mereka kelak di akhirat, sebagai pertanda bahwa mereka orang-orang yang gemar bersujud sewaktu di dunia (dari bekas sujud.) Lafal ayat ini berta'alluq kepada lafal yang menjadi Ta'alluq atau gantungan bagi Khabar, yaitu lafal Kaainatan. Kemudian dii'rabkan sebagai Hal karena mengingat Dhamirnya yang dipindahkan kepada Khabar. (Demikianlah) sifat-sifat yang telah disebutkan tadi (sifat-sifat mereka) yakni gambaran tentang mereka, kalimat ayat ini menjadi Mubtada (di dalam kitab Taurat) menjadi Khabarnya (dan sifat-sifat mereka dalam kitab Injil) menjadi Mubtada, sedangkan Khabarnya adalah (yaitu seperti tanaman yang mengeluarkan tunasnya) dapat dibaca Syath`ahu atau Syatha`ahu, yakni tunasnya (maka tunas itu menjadikan tanaman itu kuat) dapat dibaca Fa`aazarahuu atau Fa`azarahu, yakni tunas itu membuat tanaman menjadi kuat (lalu menjadi besarlah dia) membesarlah dia (dan tegak lurus) yakni kuat dan tegak lurus (di atas pokoknya) lafal Suuq ini adalah bentuk jamak dari lafal Saaqun (tanaman itu menyenangkan hati penanam-penanamnya) karena keindahannya. Perumpamaan ini merupakan gambaran tentang keadaan para sahabat karena mereka pada mulanya berjumlah sedikit lagi masih lemah, kemudian jumlah mereka makin bertambah banyak dan bertambah kuat dengan sistem yang sangat rapi (karena Allah hendak menjengkelkan hati orang-orang kafir dengan kekuatan orang-orang mukmin) lafal ayat ini berta'alluq kepada lafal yang tidak disebutkan yang disimpulkan dari kalimat sebelumnya, yakni mereka diserupakan demikian karena Allah hendak menjengkelkan hati orang-orang kafir (Allah menjanjikan kepada orang-orang yang beriman dan mengerjakan amal yang saleh dari kalangan mereka) yakni para sahabat; huruf Min di sini menunjukkan makna Bayanul Jinsi atau untuk menjelaskan jenis, bukan untuk menunjukkan makna Tab'idh atau sebagian, demikian itu karena para sahabat semuanya memiliki sifat-sifat tersebut (ampunan dan pahala yang besar) yakni surga; kedua pahala itu berlaku pula bagi orang-orang sesudah mereka, sebagaimana yang telah dijelaskan dalam berbagai ayat lainnya
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : মুহাম্মদ আল্লাহর রসূল এবং তাঁর সহচরগণ কাফেরদের প্রতি কঠোর নিজেদের মধ্যে পরস্পর সহানুভূতিশীল। আল্লাহর অনুগ্রহ ও সন্তুষ্টি কামনায় আপনি তাদেরকে রুকু ও সেজদারত দেখবেন। তাদের মুখমন্ডলে রয়েছে সেজদার চিহ্ন । তওরাতে তাদের অবস্থা এরূপ এবং ইঞ্জিলে তাদের অবস্থা যেমন একটি চারা গাছ যা থেকে নির্গত হয় কিশলয় অতঃপর তা শক্ত ও মজবুত হয় এবং কান্ডের উপর দাঁড়ায় দৃঢ়ভাবেচাষীকে আনন্দে অভিভুত করেযাতে আল্লাহ তাদের দ্বারা কাফেরদের অন্তর্জালা সৃষ্টি করেন। তাদের মধ্যে যারা বিশ্বাস স্থাপন করে এবং সৎকর্ম করে আল্লাহ তাদেরকে ক্ষমা ও মহাপুরস্কারের ওয়াদা দিয়েছেন।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : முஹம்மதுஸல் அல்லாஹ்வின் தூதராகவே இருக்கின்றார்; அவருடன் இருப்பவர்கள் காஃபிர்களிடம் கண்டிப்பானவர்கள் தங்களுக்கிடையே இரக்கமிக்கவர்கள் ருகூஃ செய்பவர்களாகவும் ஸுஜூது செய்பவர்களாகவும்; அல்லாஹ்விடமிருந்து அவன் அருளையும் அவனுடைய திருப்பொருத்தத்தையும் விரும்பி வேண்டுபவர்களாகவும் அவர்களை நீர் காண்பீர்; அவர்களுடைய அடையாளமாவது அவர்களுடைய முகங்களில் நெற்றியில் ஸுஜூதுடைய அடையாளமிருக்கும்; இதுவெ தவ்றாத்திலுள்ள அவர்களின் உதாரணமாகும் இன்ஜீலுள்ள அவர்கள் உதாரணமாவது ஒரு பயிரைப் போன்றது அது தன் முளையைக் கிளப்பிய பின் அதை பலப்படுத்துகிறது பின்னர் அது பருத்துக் கனமாகி பிறகு விவாசியிகளை மகிழ்வடையச் செய்யும் விதத்தில் அது தன் அடித்தண்டின் மீது நிமிர்ந்து செவ்வையாக நிற்கிறது இவற்றைக் கொண்டு நிராகரிப்பவர்களை அவன் கோப மூட்டுகிறான் ஆனால் அவர்களில் எவர்கள் ஈமான் கொண்டு ஸாலிஹான நல்ல அமல்கள் செய்கிறார்களோ அவர்களுக்கு அல்லாஹ் மன்னிப்பையும் மகத்தான கூலியையும் வாக்களிக்கின்றான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : มุฮัมมัดเป็นร่อซูลของอัลลอฮฺ และบรรดาผู้ที่อยู่ร่วมกับเขา เป็นผู้เข้มแข็งกล้าหาญต่อพวกปฏิเสธศรัทธา เป็นผู้เมตตาสงสารระหว่างพวกเขาเอง เจ้าจะเห็นพวกเขาเป็นผู้รูกั๊วะ ผู้สุญูด โดยแสวงหาคุณความดีจากอัลลอฮฺและความโปรดปราน ของพระองค์ เครื่องหมายของพวกเขาอยู่บนใบหน้าของพวกเขาเนื่องจากร่องรอยแห่งการสุญูด นั่นคืออุปมาของพวกเขาที่มีอยู่ในอัตเตารอต และอุปมาของพวกเขาที่มีอยู่ในอัลอินญีล ประหนึ่งเมล็ดพืชที่งอกหน่อหรือกิ่งก้านของมันออกมาแล้วทำให้มันงอกงาม แล้วมันก็เติบโตแข็งแรงและทรงตัวอยู่ได้บนลำต้นของมัน นำความปลื้มปิติมาให้แก่ผู้หว่าน เพื่อที่พระองค์จะก่อความโกรธแค้นแก่พวกปฏิเสธศรัทธา เพราะพวกเขา มุสลิมีน และอัลลอฮฺทรงสัญญาบรรดาผู้ศรัทธาและกระทำความดีทั้งหลายในหมู่พวกเขาว่าจะได้รับการอภัยโทษและรางวัลอันใหญ่หลวง
- Uzbek - Мухаммад Содик : Муҳаммад Аллоҳнинг Расулидир У билан бирга бўлганлар кофирларга шиддатли ўзаро раҳимдилдирлар Уларни Аллоҳдан фазл ва розилик тилаб рукуъ ва сажда қилган ҳолларини кўрурсан Уларнинг сиймоси сажда асаридан юзларида балқийдир Ана ўша уларнинг Таврот ва Инжилдаги мисолларидир Бу худди уруғини ёриб чиқариб қувватланиб йўғонлашиб поясида тик туриб деҳқонларни ажаблантирган бир экинга ўхшайдир Кофирларнинг ғазабини қўзиш учун Аллоҳ улардан иймон келтириб ва солиҳ амалларни қилганларга мағфират ва улуғ ажрни ваъда қилди Саҳобалар оталари ёки болалари кофирлар сафида бўлсалар уларга қарши ҳам қаттиққўл бўлганлар Аммо ким бўлишидан қаттий назар мусулмонга меҳрибон бўлишган Уларнинг асосий сифатларидан бири — ҳамма ишни Аллоҳнинг фазли ва розилиги учун қилишлари Яна бир сифатлари — улар доим рукуъ ва сажда холатида яъни ибодат холатида бўладилар
- 中国语文 - Ma Jian : 穆罕默德是真主的使者,在他左右的人,对外道是庄严的,对教胞是慈祥的。你看他们鞠躬叩头,要求真主的恩惠和喜悦,他们的标记就在他们的脸上,那是叩头的效果。那是他们在《讨拉特》中的譬喻。他们在《引支勒》中的譬喻,是他们象一棵庄稼,发出支条,而他助它长大,而那支条渐渐茁壮,终于固定在苗本上,使农夫欣赏。他将他们造成那样,以便他借他们激怒外道。真主应许他们这等信道而且行善者,将蒙赦宥和重大的报酬。
- Melayu - Basmeih : Nabi Muhammad saw ialah Rasul Allah; dan orangorang yang bersama dengannya bersikap keras dan tegas terhadap orangorang kafir yang memusuhi Islam dan sebaiknya bersikap kasih sayang serta belas kasihan kasihan sesama sendiri umat Islam Engkau melihat mereka tetap beribadat rukuk dan sujud dengan mengharapkan limpah kurnia pahala dari Tuhan mereka serta mengharapkan keredaanNya Tanda yang menunjukkan mereka sebagai orangorang yang soleh terdapat muka mereka dari kesan sujud dan ibadat mereka yang ikhlas Demikianlah sifat mereka yang tersebut di dalam Kitab Taurat; dan sifat mereka di dalam Kitab Injil pula ialah bahawa mereka diibaratkan sebagai pokok tanaman yang mengeluarkan anak dan tunasnya lalu anak dan tunasnya itu menyuburkannya sehingga ia menjadi kuat lalu ia tegap berdiri di atas pangkal batangnya dengan keadaan yang mengkagumkan orangorang yang menanamnya Allah menjadikan sahabatsahabat Nabi Muhammad saw dan pengikutpengikutnya kembang biak serta kuat gagah sedemikian itu kerana Ia hendak menjadikan orangorang kafir merana dengan perasaan marah dan hasad dengki dengan kembang biaknya umat Islam itu Dan selain itu Allah telah menjanjikan orangorang yang beriman dan beramal soleh dari mereka keampunan dan pahala yang besar
- Somali - Abduh : Muxammad waa Rasuulkii Eebe kuwa la jirana waa ku daranyihiin gaalada dhexdoodana way isu naxariistaant waxaad arkaysaa iyagoo rukuucsan oo sujuudsan oo dalbi Deeqda Eebe iyo raalli ahaanshihiisa Calaamadooduna wajigooday ka muuqataa Sujuudda raadkeeda darteed saasaana iagu tilmaamay Tawreed Tilmaantooda injiilna waxay lamid yihiin Beer soo bixisay fiidda oo xoogaysatay oo si fiican u istaagtay layaabna galisay beertaha si uu Eebe ugu Cadho galiyo gaalada Eebe wuxuu u yaboohay kuwa xaqa rumeeyay
- Hausa - Gumi : Muhammadu Manron Allah ne Kuma waɗannan da ke tãre da shi mãsu tsanani ne a kan kãfirai mãsu rahama ne a tsakãninsu kanã ganin su sunã mãsu rukũ'i mãsu sujada sunã nẽman falala daga Ubangijinsu da yardarSa Alãmarsu tanã a cikin fuskõkinsu daga kufan sujuda Wannan shĩ ne siffarsu a cikin Attaura Kuma siffarsu a cikin Injĩla ita ce kamar tsiron shũka wanda ya fitar da rẽshensa sa'an nan ya ƙarfafa shi ya yi kauri sa'an nan ya daidaita a kan ƙafãfunsa yanã bãyar da sha'awa ga mãsu shũkar' dõmin Allah Ya fusãtar da kãfirai game da su Kuma Allah Ya yi wa'adi ga waɗanda suka yi ĩmãni kuma suka aikata ayyukan ƙwarai daga cikinsu da gãfara da ijãra mai girma
- Swahili - Al-Barwani : Muhammad ni Mtume wa Mwenyezi Mungu Na walio pamoja naye wana nguvu mbele ya makafiri na wanahurumiana wao kwa wao Utawaona wakiinama na kusujudu wakitafuta fadhila na radhi za Mwenyezi Mungu Alama zao zi katika nyuso zao kwa athari ya kusujudu Huu ndio mfano wao katika Taurati Na mfano wao katika Injili ni kama mmea ulio toa chipukizi lake kisha ukalitia nguvu ukawa mnene ukasimama sawa juu ya ubuwa wake ukawafurahisha wakulima ili kuwakasirisha kwa ajili yao makafiri Mwenyezi Mungu amewaahidi walio amini na wakatenda mema katika wao msamaha na ujira mkubwa
- Shqiptar - Efendi Nahi : Muhammedi është Pejgamber i Perëndisë E ata që janë me të shokët e tij janë të ashpër ndaj mohuesve e të mëshirshëm në mes tyre I sheh ata si bëjnë ruqu dhe sexhde duke kërkuar dhuntinë dhe kënaqësinë e Perëndisë Në fytyrat e tyre shihen shenjat e sexhdes Ky është përshkrimi i tyre në Tevrat E përshkrimi i tyre në Ungjill është ata janë si fara e mbjellur që lëshon filizat e vogla të cilat e forcojnë atë e bëhet e trashë e pastaj drejtohet vertikalisht në trungun e vet; kështu që e entusiazmon atë që e ka mbjellë që për këtë gjë t’i zemrojë mohuesit Perëndia u ka premtuar atyre që besojnë dhe punojnë vepra të mira të gjithë atyre – falje të mëkateve dhe shpërblim të madh
- فارسى - آیتی : محمد پيامبر خدا، و كسانى كه با او هستند بر كافران سختگيرند و با يكديگر مهربان. آنان را بينى كه ركوع مىكنند، به سجده مىآيند و جوياى فضل و خشنودى خدا هستند. نشانشان اثر سجدهاى است كه بر چهره آنهاست. اين است وصفشان در تورات و در انجيل، كه چون كشتهاى هستند كه جوانه بزند و آن جوانه محكم شود و بر پاهاى خود بايستد و كشاورزان را به شگفتى وادارد، تا آنجا كه كافران را به خشم آورد. خدا از ميان آنها كسانى را كه ايمان آوردهاند و كارهاى شايسته كردهاند به آمرزش و پاداشى بزرگ وعده داده است.
- tajeki - Оятӣ : Муҳаммад — паёмбари Худо ва касоне, ки бо ӯ ҳастанд, бар кофирон сахтгиранд ва бо якдигар меҳрубон. Ононро бинӣ, ки руқӯъ мекунанд, ба саҷда меоянд ва талабкунандаи фазлу хушнудии Худо ҳастанд. Нишонашон асари саҷдаест, ки бар чеҳраи онҳост. Ин аст васфашон дар Таврот ва дар Инҷил, мисли зироате ҳастанд, ки гиёҳ барорад ва он ҷавона маҳкам шавад ва бар поҳои худ биистад ва деҳқононро ба ҳайрат водорад, то он ҷо ки кофиронро ба хашм оварад. Худо аз миёни онҳо касонеро, ки имон овардаанд, ва корҳои шоиста кардаанд, бахшоиш ва мукофоте бузург ваъда додааст!
- Uyghur - محمد صالح : مۇھەممەد اﷲ نىڭ رەسۇلىدۇر، ئۇنىڭ بىلەن بىرگە بولغان مۆمىنلەر كۇففارلارغا قاتتىقتۇر، ئۆزئارا كۆيۈمچاندۇر، ئۇلارنى رۇكۇ قىلغان، سەجدە قىلغان ھالدا كۆرىسەن. ئۇلار اﷲ نىڭ پەزلىنى ۋە رازىلىقىنى تىلەيدۇ، ئۇلارنىڭ يۈزلىرىدە سەجدىنىڭ ئەسىرىدىن نىشانلار بار، ئەنە شۇ ئۇلارنىڭ تەۋراتتىكى سۈپىتىدۇر، ئۇلارنىڭ ئىنجىلدىكى سۈپىتى بولسا (ئۇلار) شاخ چىقارغان، كۈچلىنىپ چوڭايغان، ئاندىن ئۆز غولى بىلەن ئۆرە تۇرغان، بولۇقلۇقى ۋە كۆركەم كۆرۈنۈشى بىلەن، دېھقانلارنى مەمنۇن قىلغان بىر زىرائەتكە ئوخشايدۇ، (مۆمىنلەرنى مۇنداق زىرائەتكە ئوخشىتىش) كۇففارلارنى خاپا قىلىش ئۈچۈندۇر، اﷲ ئۇلارنىڭ ئىچىدىن ئىمان ئېيتقان ۋە ياخشى ئەمەللەرنى قىلغانلارغا مەغپىرەت ۋە كاتتا ئەجىر ۋەدە قىلدى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : മുഹമ്മദ് ദൈവദൂതനാണ്. അവനോടൊപ്പമുള്ളവര് സത്യനിഷേധികളോട് കാര്ക്കശ്യം കാണിക്കുന്നവരാണ്; പരസ്പരം കാരുണ്യത്തോടെ പെരുമാറുന്നവരും. അല്ലാഹുവിന്റെ അനുഗ്രഹവും പ്രീതിയും പ്രതീക്ഷിച്ച് അവര് നമിക്കുന്നതും സാഷ്ടാംഗം പ്രണമിക്കുന്നതും നിനക്കു കാണാം. പ്രണാമത്തിന്റെ പാടുകള് അവരുടെ മുഖങ്ങളിലുണ്ട്. ഇതാണ് തൌറാതില് അവരുടെ വര്ണന. ഇന്ജീലിലെ അവരുടെ ഉപമയോ, അത് ഇവ്വിധമത്രെ: ഒരു വിള. അത് അതിന്റെ കൂമ്പ് വെളിവാക്കി. പിന്നെ അതിനെ പുഷ്ടിപ്പെടുത്തി. അങ്ങനെ അത് കരുത്തുനേടി. അത് കര്ഷകരില് കൌതുകമുണര്ത്തി അതിന്റെ കാണ്ഡത്തില് നിവര്ന്നുനില്ക്കുന്നു. ഇതേപോലെ വിശ്വാസികളുടെ വളര്ച്ച സത്യനിഷേധികളെ രോഷം കൊള്ളിക്കുന്നു. അവരിലെ വിശ്വസിക്കുകയും സല്ക്കര്മങ്ങള് പ്രവര്ത്തിക്കുകയും ചെയ്തവര്ക്ക് അല്ലാഹു പാപമോചനവും മഹത്തായ പ്രതിഫലവും വാഗ്ദാനം നല്കിയിരിക്കുന്നു.
- عربى - التفسير الميسر : محمد رسول الله والذين معه على دينه اشداء على الكفار رحماء فيما بينهم تراهم ركعا سجدا لله في صلاتهم يرجون ربهم ان يتفضل عليهم فيدخلهم الجنه ويرضى عنهم علامه طاعتهم لله ظاهره في وجوههم من اثر السجود والعباده هذه صفتهم في التوراه وصفتهم في الانجيل كصفه زرع اخرج ساقه وفرعه ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك وشدت الزرع فقوي واستوى قائما على سيقانه جميلا منظره يعجب الزراع ليغيظ بهولاء المومنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار وفي هذا دليل على كفر من ابغض الصحابه رضي الله عنهم لان من غاظه الله بالصحابه فقد وجد في حقه موجب ذاك وهو الكفر وعد الله الذين امنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما امرهم الله به واجتنبوا ما نهاهم عنه مغفره لذنوبهم وثوابا جزيلا لا ينقطع وهو الجنه ووعد الله حق مصدق لا يخلف وكل من اقتفى اثر الصحابه رضي الله عنهم فهو في حكمهم في استحقاق المغفره والاجر العظيم ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه احد من هذه الامه رضي الله عنهم وارضاهم
*52) "The Companions (of the Holy Prophet) are hard on the disbelievers" : they are not "wax that the disbelievers may mould them as they like; they can neither be cowed nor. purchased by any inducement. The disbelievers have no power to turn them away from the great objective for the sake of which they have joined and followed the Holy Prophet even at the cost of their lives."
*53) That is, "Whatever their hardness and severity, it is only for the disbelievers, not for the believers. As regards the believers they are soft, merciful, affectionate, sympathetic and compassionate. Their unity of aim and object has produced in them love and harmony and complete accord among themselves."
*54) This does not imply the mark that appears on the forehead of some people on account of prostrations, but it implies the marks and traces of the fear of God, munificence, nobility and goodness of manner that naturally appears on the face of a person on account of bowing down before God. Man's face is an open book on the pages of which different states of a man's self can be seen easily. A vain and arrogant person's face is different from the face of a humble, modest and unassuming person; an immoral person's face is clearly distinguished from the face of a righteous and well-mannered person; and there is a marked difference between the facial appearance of a wicked man and of a noble and virtuous man. What AIlah means to say is: "The Companions of Muhammad (upon whom be Allah's peace) are such that one can recognize them on first sight to be the best of mankind, because their faces shine forth with the light of God-worship and God -consciousness." This is the same thing about which Imam Malik has said that when the armies of the Companions entered Syria, the Syrian Christians remarked: "These people possess the very same qualities and characteristics of the disciples of the Prophet Jesus Christ."
*55) The allusion probably is to Deuteronorny, 33: 2-3, in which the Holy Prophet's advent has been foretold and the word "saints" has been used for his Companions. Apart from this, if some other quality of the Companions has been mentioned in the Torah, it is not found in the existing, corrupted Torah.
*56) This parable is found in a sermon of the Prophet Jesus that has been reported in the New Testament, thus: "And he said, So is the kingdom of God, as if a man should east seed into the ground: And should sleep, and rise night and day, and the seed should spring and grow up, he knoweth not how. For the earth bringeth forth fruit of herself; first the blade, then the ear, after that the full corn in the ear. But when the fruit is brought forth, immediately he putteth in the sickle, because the harvest is come. And he said, Whereunto shall we liken the kingdom of God? or with what comparison shall we compare it? It is like a grain of mustard seed, which, when it is sewn in the earth, is less than all the seeds that be in the earth: Hut when it is sown, it groweth up, and becometh greater than all herbs, and shouted out great branches; so that the fowls of the air may lodge under the shadow of it." The last portion of this sermon is also found in Matthew, 13: 31-32.
*57) A section of the Muslims translates this verse, thus: "Allah has promised forgiveness and a great reward to those from among these people who have believed and done good works." Thus, they invent a way to vilify and slander the Companions, and claim that according to this verse many people among the Companions were not believers and righteous. But this commentary goes against vv. 4, 5, 18 and 26 of this very Sarah, and dces not even accord with the initial sentences of this verse itself. In vv. 4-5, Allah has made mention of sending down sakinat (tranquillity) and of effecting increase in the Faith of all those Companions who were present with the Holy Prophet at Hudaibiyah, and given them without any exception the good news of admission into Paradise. In verse 18, AIIah has expressed His good pleasure for aII those who took the pledge to the Holy Prophet under the Tra, and in this also there is no exception. In verse 26 also AIIah has used the word mu 'minin (believers) for aII the Companions, has made mention of sending down His sakinat to there, and obliged them to be righteous and pious, for they were most worthy and deserving of aII mankind. Here also it was not said that the news was being given only abut those who were believers among them. Then in the initial sentences also of this verse itself the characteristics mentioned arc of alI those people who were with the Holy Prophet Muhammad (upon whom be Allah's peace and blessings). The words are to the effect that aII the people who are with him have this and this quality and characteristic. After this, suddenly in the last sentence there could be no excuse to say that some of them were the believers and others were not.